أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الجمعة، 18 يونيو 2021

الطبيعية والواقعية والرمزية وتدرجها في النصوص المسرحية / جوزيف الفارس

مجلة الفنون المسرحية


الطبيعية والواقعية والرمزية وتدرجها  في  النصوص المسرحية  

قبل ان نتناول المدرسة الواقعية والتعرف على هذه المدرسة ونشأتها وخصوصية الكتابة باسلوب عرفت من خلالها معظم النصوص المسرحية العالمية , والاطلاع على الاساليب التي انتهجها معظم الكتاب الذين يميلون في كتابات نصوصهم بالاسلوب الواقعي , لنطلع على المدرسة الطبيعية وما يحيطها من الخصوصية التي انفرد بها كتابها ووجهة نظرتهم وانطباعاتهم وفق ماتمليه عليهم نظرتهم وارائهم وتاثرهم بما يحيطهم من جمال الطبيعة وخصوصيتها بعيدين عن المؤثرات الظرفية من الحالة الثقافية والاجتماعية والسياسية اذا ما علمنا بان الطبيعية هي شكل من اشكال البعد الحقيقي الجذري للطبيعة وعلاقة الانسان معها , ونشأت هذا الانسان على التطبع  بما يحيطه من عالم الطبيعة وبعيدا عن المؤثرات التاثيرية والمؤثرة في خصوصية الانسان الطبيعي من سلوكيته وعاداته وتقاليد المجتمع الذي ترعرع فيه ليجد من خلال هذه الطبيعية اصالة في تطبعه على ما تعود عليه من العادات والتقاليد والحياة الاجتماعية والمكيفة وفق الاجواء الطبيعية وجغرافيتها والتأقلم عليها  .
فاتباع المذهب الطبيعي تاثروا بالاجواء الطبيعية ووجدوا من خلالها تنفيسا وتطهيرا لذاتهم وقت ما تخلو الاجواء المناسبة للتمتع باجوائها الجمالية المتناسقة والمتبعثرة , وما يلحقها من تاثيرات التضاريس والمتفقة مع هندسة الطبيعة في كينونتها , من خصوصية توصيف الاجرام السماوية من النجوم والقمر والشمس والفصول الاربعة وخصوصية كل منهم وتاثيراتهم الطبيعية وفق العوامل التي تساعد على وجودها الطبيعي , فاتباع المذهب الطبيعي يفضلون نقل ماهو طبيعي في قصصهم ورواياتهم ونصوصهم المسرحية كما هي في الواقع الطبيعي , ومن دون المساس بطبيعة كينونتها , وبعيدا عن التصوير الفوتغرافي والخاضع للرتوش الفنية , ويفظلون نقل الطبيعة بواقعيتها وتوصيف شخوص رواياتهم ونصوصهم المسرحية بطبيعة كل منهم بعيدا عن المستجدات الثقافية والتطور الاجتماعي  وتصوير ايقاعات تحركاتهم الطبيعية ومن دون تغيير في كينونة اي شخصية يجسدونها في نصوصهم المسرحية ,  اضافة الى هذا هم يفضلون نقل المناظر المسرحية كما هي في الواقع الطبيعي والتعامل مع هذا المنظر الطبيعي  بخلق علاقة طبيعية  بشيىء من الواقعية الطبيعية و بعيدة عن الزخرفة والتصاميم والتي لا تمت للطبيعة باية صلة حياتية , اضافة الى هذا هم يفضلون التصرف الطبيعي فوق المسرح مع عدم مراعات الحركات الممسرحة والوقفات للممثلين حتى لو ادى ذالك الى الوقوف وظهرهم الى  الجمهور , يفضل اصحاب المذهب الطبيعي خلق علاقة طبيعية وتصرفات طبيعية ناتجة من الحالة الطبيعية للانسان , وكثيرا ما يتعرضون الممثلين في المدرسة الطبيعية  لمواقف محرجة في بعض المشاهد لمثل هذه المدرسة والتي تشجع الممثلين على فعل بعض الحركات الطبيعية للانسان  والغير اللائقة لفعلها على خشبة المسرح , الا ان مسرحهم يسمح لهم باداء مثل هذه الحركات  , متخيلين ان هناك جدارا   يفصلهم عن الجمهور المشاهد مما  تخلق ردود افعال انعكاسية ترتسم على وجوه المشاهدين لمثل هذه  المشاهد المسرحية من  علامات النرفزة والتقزز من بعض  الحركات التي يؤديها  الممثلين وبما تملي عليهم شخوصهم من حركة طبيعية  قد تكون غير لائقة وليست مهذبة في بعض هذه  المشاهد , وبهذا هم يؤمنون بانهم  لا ينقلون على خشبة المسرح الا الصفات الحقيقية للطبيعة البشرية ومن خلال عواملها التي تؤثر في خصوصية تغيير بعض المكونات الطبيعية للانسان وتعمل على  تغيرها الطبيعي وتحولها  الى اشكال طبيعية جديدة  يستمتع من خلالها اصحاب المدرسة الطبيعية لهذا التغيير الطبيعي , هذه المدرسة لم تلقى رواجا شاسعا ولا ترحيبا جماهيريا لعدم مراعاتها للمستجدات الظرفية للفرد او للمجتمع من التطور الحاصل نتيجة العوامل الظرفية كالحروب والظروف الاقتصادية المتردية والحياة الثقافية التي لا ترتقي الى المستوى المطلوب , ولا سيما عند الطبقات المتدنية ثقافيا واجتماعيا والتي لا تحبذ تكييف نفسها على الواقع الجديد والابتعاد عن الواقع الحقيقي للطبيعة , الا اجبارا وذاتيا حينما تؤثر بعض العوامل الخارجة عن قوى  الطبيعة   لتؤثر على جغرافيتها مبتدئة في محاولة لتغيير شكلها الطبيعي وتكييف هذه الحالة الجديدة لخدمة الفرد والمجتمع والذي يجبر الانسان على ان يكيف نفسه على العيش ضمن هذه الاجواء الطبيعية الجديدة ووفق ماتمليه عليه ظروف الحالة الطبيعية الجديدة وفق مايراه مناسبا ومنطقيا , هذه الحالة التي تفرضها عوامل القوة التي تقهر الانسان  بمقاومتها والتي تلعب دورا  حيويا واساسيا في عالم الفرد , وتجعله يبحث عن عالم بعيد كل البعد عن الواقع , ولهذا كان لمشاعر الانسان واحاسيسه واسلوب تفكيره وارادته باتجاه هذا التغيير لخدمته وعلى مراحل الزمن , ليأتي اللاحقون ويواصلون لاستحداث هذه المستجدات والتي يرونها من الضروريات الحياتية لخدمة الفرد والمجتمع وعلى اساس هذه المستجدات والتي تدخل  في تغيير الطبيعة وتحدث تغييرات جغرافية في تكويناتها تخدم الفرد والمجتمع وتغير من نمط حياته , عالما فيه شيئا من محاولة للتطوير والتغيير والتي تدخل في هذا التغيير قوة الانسان الطبيعية اضافة الى بعض التقنيات والتي تساعد على تغيير الطبيعة الى عالم جديد واقعي جاء نتيجة تحصيل مايحسه الفرد بانه من الضروريات الحياة الواقعية ليعيش الانسان عالمه الجديد والتي جائت نتيجة تدخل الانسان في تغيير معالم الطبيعة ومن خلال عقله ومنطق الواقع الذي يعيشه وفق الاحاسيس والمشاعر والتي تستجيب لمثل هذه التغييرات , وهكذا يصبح الفرد ملزما ان يواجه هذه التغييرات والتحول من عالم الطبيعة النمطية الى عالم الواقع ومن ثم تاتي مرحلة هي الاخرى لتلعب دورا مهما واساسيا في مفاضلة العيش لواقع جديد يراه الفرد مناسبا وصالحا من جراء عوامل التغيير الحياتية ليخرج الفرد عن النمطية الطبيعية والتقليد الكلاسيكي الجامد باتجاه عالم افضل من الواقع الطبيعي , واول من يتاثر بهذا التغيير هم شريحة المثقفين من الكتاب والشعراء والادباء الذين يترجمون ارائهم ومشاعرهم من جراء هذا التغيير وعن طريق اساليبهم التعبيرية ومذاهبهم الجديدة تنسب من خلالها  اسماء لهذا التحول والتغيير , وكما كان في المرحلة الرومانسية والطبيعية والواقعية , اضافة الى التحولات والمستجدات في عالم الرومانسية وغيرها من المدارس والمذاهب العالمية التي تستحدثها اراء وعقول ومشاعر مثقفي وادباء تلك المرحلة من المراحل الحياتية والتي تاتي نتيجة في تغيير المستجدات وعلى ضوء مايطرأ على واقعية تلك المرحلة نفسها لتئثر في نشأة حياة الفرد المثقف وتجعله يتجه بالتفكير الى استحداث حالة من حالات التكييف لعالم جديد بكل حلته يتفق مع مشاعرهم وحالاتهم النفسية والفكرية والمنطقية بثورة عارمة على تهديم كل المراحل الماضية من واقعية طبيعتها وانشاء مرحلة جديدة متغيرة تتجه باتجاه الحداثة والتغيير لواقع جديد يخدم حرية الفرد ويخلق سعادة لحياة مجتمع عاش مرحلة البؤس والتخلف , وهذا التغيير بالطبع لا ياتي الا بمنهجية او ايديولوجية تسلكها جماعة التغيير في نشر ثقافتهم .
التغيير والمدرسة الرمزية 
 وقد لا تتفق افكار الادباء والمفكرين والمثقفين  مع الانظمة والطغمة المتنفذة والسلطة الحاكمة ضمن هذه المرحلة التي يمر بها المجتمع من بؤس وشقاء ومعانات اقتصادية وتدني ثقافي لا يرتقي مع الحضارات الانسانية العالمية ,  ولهذا يلجأ دعاة التغيير من المثقفين الى التعبير  عن افكارهم التحريضية ويمررونها من خلال اسلوب وطرح غير مباشر يتضمن بعض الدلالات والايماءات وتقريب الطرح من خلال رموز يفهمها المتلقي ويتفاعل معها ومن خلال انتاجات الادباء الشعرية والروائية والنصوص المسرحية والقصص القصيرة , وهذا الاسلوب يتحدد وبموجب ما تقتضيه سلامة الداعين لهذا التغيير لمرحلة افضل مما كان عليه واقع الحال للفرد او المجتمع وعن طريق دعاة التغيير بالثورة على الواقع المتردي والمتدني واصلاح مايحيط من الاوضاع السيئة لواقع المجتمع والخروج بنتائج ايجابية تخدم مصلحة الفرد والمجتمع , وهكذا نرى اننا نتحول وعبر مراحلنا الظرفية بطرح افكارنا وافكار مثقفينا باساليب متغيرة يفرضها واقع الحال من الطبيعية والى الواقعية والى الرمزية , والخ من الاساليب والمدارس المستحدثة وكل منها وبموجب تاثيرات المرحلة الظرفية التي يمر بها الفرد او المجتمع ويعيش اجوائها .
الطبيعيون وتطبيق ارائهم الطبيعية على المسرح  
فعلى سبيل المثال , لو اننا تناولنا اي نص مسرحي يترجم الطبيعية فسنلاحظ ان هناك صعوبة مابين نقل الواقع كواقع حياتي طرأ عليه تاثيرات ثقافية واستجدت على طبيعة الحياة البشرية بعض المتغيرات من ثقافة في الافكار والمعتقدات وجمالية الحديث في التعامل الاجتماعي من لباقة في الكلام واتكيت في جمالية حركة جسم الانسان , في الوقت ان الطبيعية لا تعترف بكل هذه المستجدات بقدر ما تحب ان تعيش الحالة الطبيعية للانسان ومن دون تغيير في  سلوكيته على المسرح  , ونحن في فترة ما من حياتنا شاهدنا قوما يسلكون مثل هذا السلوك اسمهم الهيبز ( في فترة الستينات وبداية السبعينات انتشرت ظاهرة اجتماعية مناهظة للقيم الراسمالية في الولايات المتحدة ثم مالبثت ان انتشرت في باقي دول الغرب بين الاوساط الشبابية محتجين على الواقع الذي يعيشونه مفضلين الحياة الطبيعية للانسان ------ الخ ) ولهذا يرتئي الطبيعيون في المسرح ان الكاتب حينما يرسم شخصية لاي دور مسرحي في المسرح الطبيعي يجب على الممثل ان يجسد واقع الشخصية بطبيعتها ومن دون المساس بمزاجها وحركاتها الطبيعية والتي قد لا ترتقي الى العالم المتمدن وانما الى واقع حال طبيعة الانسان بافعاله وعاداته وتقاليده والتي قد لا تسر محاكاتها من قبل الانسان المتلقي , وانما ما يعرض من خلال هذه المدرسة ماهو الا حقيقة تجسيد الحياة الطبيعية للفرد في الحياة الطبيعية كوقوف الممثل وظهره الى الجمهور , او انه يمارس حالة من الحالات الطبيعية والنابعة من غرائزه وشهواته على خشبة المسرح , وقد ظهرت مثل هذه المسحة من الطبيعية عند برتولد برشت في مسرحية مبادرات عمالية والتي اخرجها الفنان المخرج الراحل د . عوني كرومي وقت ذاك كنت احد الممثلين فيها مع الاستاذ طه سالم ولفيف من طلبة اكاديمية الفنون الجميلة في مشهد يحاول احد الممثلين مجسدا دوره في التبول على قطعة الزبدة وهو يلعن الحالة التي يمر بها  وامام الجمهور المشاهد , وهذا المشهد كان من المشاهد الطبيعية التي كانت تحصل للانسان في ساعة غضبه في حياته اليومية الطبيعية , ومثل هذه العروض لم تلقى ترحيبا لدى الجمهور المشاهد ولم يشجعه .
كتاب النصوص الطبيعية  
كان كتاب نصوص المدرسة الطبيعية لا يفضلون نقل مشاهد احداث عروضهم بتقنيات فنية على خشبة المسرح , وانما يفضلون بنقل المشاهد الحقيقية والطبيعية ومن دون اجراء مسرحة فنية او تقنية جمالية بقدر ما يفضلون الطبيعيون بنقل الواقع الطبيعي بحذافيره مفضلين ان يعيش الممثل مع حالته الطبيعية بصدق وايمان ومن دون حرج في الاداء فيما اذا تخيل ان هناك جدارا يعزله عن الجمهور ليساعده وجود مثل هذا الجدار الوهمي بالتصرف وفق الحالة الطبيعية لمتطلبات رغبة الانسان بالتصرف وعلى سجيته مثلما يحلو له التصرف  بعيدا عن الخجل والاتكيت الجمالي في ممارسة الحركات للانسان في تلبية حاجاته واحتياجاته في الحياة الطبيعية , لانه يؤمن بان الطبيعية كالواقعية قد امنت بنظرية التفسير المادي للحياة المتمثلة في نظرية الوراثة والبيئة ونظرية النشىء والارتقاء ,  ولهذا يحرصون انصار المدرسة الطبيعية في المسرح على نقل الواقع ومن دون المساس بالشكل من خلال اضافة بعض التحويرات الفنية وتهذيبها وخلق خدعة للمتلقي يعيش اجواء مايشاهده بعيدا عن الواقع والطبيعة ومن ثم ينصدم عندما يجابه الواقع الطبيعي لنفس المنظر الحقيقي قبل نقله تقليديا على خشبة المسرح , وهذا مايستدعي بالممثل ان يمثل بطبيعته وعلى ضوء احساسه ومشاعره في الحياة الطبيعية , لا مثلما موجود في حوار رومانسي يعكس اجواءا على غير حقيقتها , فمثلا : عند نقل واقع من الحياة الطبيعية لمتجر او لمعمل على خشبة المسرح وجب ان ينقل بتفاصيل الواقعية الطبيعية الحقيقية وكما هو عليه الحال , والتعامل مع هذا المنظر وكما هو الحال في الحياة الطبيعية كي تخلق المصداقية في النقل والتجسيد ,  ولهذا لم يستحسنه بعض الذين يبدأون بكتابة نصوصهم  بالعرض الاستهلالي ولا بالعقدة ولا بالحل , وانما يكتفي بنقل الحالة الطبيعية وابقائها على مثل ماكانت في الحياة الواقعية الطبيعية ليستنتج المتلقي النهاية الحقيقية والتي يتكهنها في نهاية العرض المسرحي والتي قد تتفق مع احاسيسه ومشاعره , او قد يرفضها ولا يقبلها وكما هو الحال في بعض المسلسلات التركية والتي تنسب الى المدرسة للامعقول لمجتمعنا والطبيعية للمجتمع التركي  لتخلفها عن المنطق والواقع الذي يعيشه .
المدرسة الواقعية وكيفية نشاتها 
وهذه المدرسة الطبيعية ,  بالطبع  لم تلقى ترحابا ولا اعجابا من قبل المشاهدين لتخلفها عن الواقع الذي يعيشونه من تقدم تكنولوجي وثقافة راقية وحضارة لا تستوي ونظرة دعاة المدرسة الطبيعية , ولهذا حاول بعض الكتاب من اصحاب هذه المدرسة ان يتحولوا عن مذهبهم الطبيعي في اسلوب تناول نصوصهم بشيىء من الواقعية  , حيث اخذوا بالتعامل مع الطبيعة بشيىء من الواقعية , باضفاء بعض التقنيات الفنية اثناء عرضها  على المسرح فيها شيئا من جمالية خيال الانسان بعد ان يضفي عليها  من جمالية الحالات الرومانسية والاجواء التي فيها تاثيرات تمخضت عن عادات وتقاليد بعض الطبقات الراقية المثقفة  ونبذ الحالة الطبيعية  والتي كان يمارسها معظم افراد الطبقات المتدنية ثقافية واجتماعية في الحياة الواقعية , ومن هنا برز كتاب عالميون دعوا الى المسرح الواقعي في نصوصهم الروائية والقصة القصيرة والنصوص المسرحية ,  انما لم يتجردوا في كتاباتهم عن الطبيعية الا بقدر  ماكانوا يرون فيها  انها محاكات لا زمت طبيعة الفرد والمجتمع وعبر مراحل حياته مع معالجة لمثل هذه الحالات بايجاد البدائل والمستمدة من الواقع الحياتي للفرد ,  وهكذا برزت المدرسة الواقعية وانتشرت بنصوصها التي عالجت العديد من المشاكل الاجتماعية والسياسية وانتقادات السلطات التنفيذية والاحتجاج على الاوضاع المتردية والمناهضة لخدمة الانسان والمجتمع , هذه المدرسة اختلفت جوهريا مع المدرسة الطبيعية بمدرستها والتي حاولت تقديم الواقع الحياتي ومن خلال العديد من المشاكل الاجتماعية الواقعية خضعت لمختبرات تجريبية علمية , حاول من خلالها انصار هذه المدرسة  الواقعية  في المسرح , ايجاد النظريات  والمستمدة من المختبرات التجريبية وعلى ضوء  الواقع الذي يعيشه الفرد ان كان في الكتابة او التمثيل او الاخراج المسرحي وبقية التقنيات الفنية والتي ساعدت  على تجسيد الاحداث  بعرض جمالي فني ساهمت هذه التقنيات ( الاضاءة والديكور والملابس والموسيقى التصويرية ) في خلق عنصري التشويق والشد لما  يعرض من على خشبة المسرح  , فتغير اسلوب التمثيل , وكذالك شمل هذا التغيير النصوص المسرحية ولا سيما في روسيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا ومن خلال كتابها العظام والتي نالت كتابتهم شهرة عالمية واحدثت ثورة ادبية مع بداية القرن العشرين , سنتناولها في المستقبل انشاء الله .
ادبنا المسرحي واصداء نتاجاته
قد يستغرب العديد من المهتمين بالادب القصصي والمسرحي اننا في بعض الحالات حينما نتكلم عن تجاربنا ومسيرتنا الادبية العراقية والعربية ولا سيما في عصر الخمسينيات ومالحقها من الفترات الزمنية من مراحل تاريخنا الادبي , اننا نهمل تجربتنا وريادتنا في فن كتابة القصة القصيرة والادب المسرحي والشعر ولا نرجع بالاستشهاد بتجربتهم والتي اغنوا الساحة العراقية والعربية بروائعهم الادبية والفنية  حيث انهم سبقونا تجربة وخبرة واحترافا في مسيرة فنية كان طابعها الابداع والابتكار والتالق ,  ونحن نعلم علم اليقين بان كتابنا وادبائنا ومخرجينا المسرحيين ,  هذا الرعيل من الاسماء التي ساهمت في تحريك عجلة الادب والفن , هؤلاء ليسوا  بمسودة طبق الاصل لكتاب ومخرجين عالميون والذن تتلمذوا على ايديهم في الخارج اثناء زمالاتهم الدراسية وكما شاع عنهم بتهم ( يتسوقون اعمالهم من الخارج ليطبقوها علينا ) انما منهم المنظرين والمجددين استناروا من تجارب اساتذتهم في الخارج وجاؤوا ليكيفوها وفق ما ينسجم منها مع المرحلة التي يعيشها مجتمعنا ويتقبلها ليستمتعوا بها ويتاثروا بها , هؤلاء المبدعين من الادباء والفنانين العراقيين والعرب لهم انطباعاتهم ورؤياهم والتي قد لا تنسجم مع ماشاهدوه في الخارج , وانما حاولوا جاهدين استحداث مدارس واساليب جديدة نابعة من تجاربهم ونظرتهم الحياتية والتي تنسجم مع متطلبات المرحلة الظرفية التي يمر بها مجتمعنا وينسجم معها , وعليه قد تكون وجهة نظر كتابنا وادبائنا وفنانينا هي غير وجهة نظر الادباء في اوربا والعالم الغربي ولا سيما  ادباء وفناني القرن التاسع عشر , ولا يمكن اعتبار الاطلاع على تجارب وثقافة الاخرين هي نفسها التي تصلح لتطبيقها في اقطارنا ,  وذالك لاختلاف المجتمع بكل ما يشمل حياته الاجتماعية والثقافية والسياسية وهنا تبرز عوامل المشاعر الانسانية والاحاسيس الذاتية من مجتمع يختلف عن المجتمع الاخر , ولهذا مايرونه صحيحا في العالم الغربي الاوربي نراه لا يتناسب مع مجتمعنا ولا يتفق مع عاداتنا وتقاليد مجتمعنا , وعليه فليس الصحيح ان نطبق مانراه سائدا في المجتمع الاوربي قبل تاكدنا من صلاحية تطبيقه في مجتمعنا ليساهم في خدمة مسيرتنا  وفي حل مشاكلنا الاجتماعية بالشكل الذي نراه مناسبا ان كان في الادب او في الفن , ومما يؤسف له ان معظم الباحثين حينما يتطرقون على تناول الثقافة الادبية والفنية يستشهدون بالكتاب العالميين ولا يستشهدون  بتجارب كتابنا ومثقفينا , علما ان معضم نصوصهم تترجم الى اللغات العالمية لدراستها والاطلاع عليها , مع العلم قسما من مثقفينا لم يتتلمذوا على الدراسات الاوربية بقدر ماكانوا عصاميين في اكتساب ثقافتهم وتجاربهم , ونحن بحقيقة واقع ثقافتنا نملك من الخبرة والتجارب ما يضاهي تجارب الاخرين , لا بل لدينا الريادة في خوض التجارب الثقافية والفنية ومن الاسماء الكثيرة التي رزت في مسيرتنا الادبية والفنية ان كانت على نطاق القطري او العربي  من امثال الكتاب عادل كاظم وطه سالم وعلي حسن البياتي ومحي الدين زنكنه وادمون صبري وعبد الوهاب الدايني , ومن الشعراء الزهاوي والرصافي والجواهري  ---- الخ .
وانما نحن من المهملين لتناول سيرة مثقفينا وادبائنا وعدم التطرق الى تجاربهم ودعمهم الدعم المعنوي ,  والاتجاه الى دعم الكتاب العالميين من اوربا والعالم اجمع وكأن كتاباتهم وبحوثهم هي كتب سماوية انزلت من السماء وحرم على كتابنا ومثقفينا من التطرق الى افضل ماكتبوا ,  وكثيرة هي الاسماء العراقية والعربية تطرقوا في كتاباتهم الى العديد من المذاهب والمدارس الحديثة معالجين من خلالها مشاكلنا في قصص وحكايات ابهرت كتاب العالم اجمع , وكذالك من الفنانين والادباء العرب والعراقيين تناولوا العديد من انتاجاتهم الادبية والفنية بمدارس منها الطبيعية والواقعية والرمزية والرومانسية , وهذا لم ياتي من فراغ وانما من تاثرهم بالظروف المرحلية التي اوحت اليهم كوسائل واسلوب يتخذونه منهجا في ترجمة انتاجاتهم الادبية والفنية لما لهم من رؤية معاصرة في الابداع والابتكار .
ومما يؤسف له من ان النقاد والباحثين العراقيين كانوا او العرب منهم ,  حينما يتطرقون الى دراسة الادب والفن بكل مذاهبه , لا يبحثون في مسيرتنا الادبية والفنية للاطلاع على تجارب كتابنا , وانما يحلو لهم دائما بالرجوع الى الاسماء العالمية وكأنهم انبياء مرسلين من العليين وكأن هم فقط  ينفردون في اساليب الحداثة والتطوير .
نحن لسنا ضد الاطلاع على تجارب المبدعين من الاسماء العالمية , ولكن لكل تجربة لها ظرفها الخاص ضمن مرحلة من مراحل اي مجتمع تتاثر بتاثيرات الحالة الثقافية والتطور الاجتماعي والتقدم العلمي و ونحن كمجتمع عربي و مشهود له بالمسيرة الثقافية والحضارية , فهل من المنطق والتاريخ يشهد على مسيرتنا اللغوية والثقافية والادبية , لم يبرز من بينهم من استحدث مدرسة وا مذهب ابتكر من خلاله اساليب فيها من الحداثة والتطوير ؟؟؟؟؟ وتاريخنا حافل باحداث وحكايات ووقائع واسماء لمثقفين عرب استأثر يحكاياتهم وماثرهم العديد من كتاب العالم وكيفوها وفق مايخدم مرحلتهم الظرفية من ظروف حالتهم الاجتماعية , وهكذا خرجت للعالم وكأنها تجربة  رائدة جديدة خاصة بهم , علما ان معظم التاثيرات التي اثرت في المسيرة الثقافية ما جائت الا من خلال الظروف السياسية والاقتصادية والمشابهة لظروفنا والتي حلت بنا وعشناها  .
والعجب في تسائلنا ! ان طيلة تلك المرحلة , الم يبرز من كتابنا ومثقفينا ما يجعلنا ان نفتخر باساليبهم ومدارسهم ليكونوا عبرة لنا وللعالم كي نفتخر بهم ونتكلم عنهم كما نحن نتكلم عن ستانسلافسكي وبرنادشو وتشيخوف وموليير وبرشت وغيرهم من اصحابي التجارب الرائدة في اوطانهم ؟؟؟؟؟ عجيب غريب امور قضية !!!!!! .

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption