مسرح المرأة / ترجمة : أ.م.د. انتظار علي جبر

يُفهم هذا النوع المسرحي غالبًا على أنه المسرح الذي تُنتجه النساء أو يُوجَّه إلى النساء، وهو ما يُشار إليه بمصطلح "المسرح النسوي" أو "المسرح الفيمينستي"، الذي يحمل دلالة نضالية واضحة، أو يُستخدم للدلالة على نوع أدبي معيّن. ومع ذلك، نُفضّل اعتماد تعبير أكثر حيادية وعمومية من "مسرح المرأة". فالمسرح النسوي، بمعناه الذي يُنتجه النساء ويتناول موضوعات تتصل بالخصوصية الأنثوية، يبدو أكثر ملاءمة لروح العصر الراهن، الذي شهد خلال العقود الثلاثة الماضية تحوّلًا من حركة نسوية فاعلة ذات طابع نضالي إلى حركة أكثر انتشارًا وتنوعًا في الأشكال والمضامين.

ومع ذلك، يبقى التساؤل قائمًا:

هل يمكننا تحديد معايير خاصة بالكتابة الدرامية أو الأداء المسرحي النسائي تحديدًا؟

في الواقع، إن أي محاولة للتعميم في هذا السياق، قد تكون عرضة للرفض السريع أو الوقوع في التبسيط المفرط.

الكتابة الدرامية النسوية

هل يُفضي الاختلاف بين الجنسين إلى تباين في طريقة التفكير، والشعور، والقراءة، واختيار المواضيع، أو في هيكلة العمل، أو في إضفاء غاية محددة على فعل الكتابة؟

إن الإجابة عن هذا السؤال تنطوي على قدر من الغموض، وتكاد تشبه ما يُعرف بـ"الإجابة النورماندية": نعم، ثم لا.

فمن ناحية، هناك بالفعل اختلافات، لكنها تظل دقيقة يصعب إدراكها أو تعميمها. ترى سيغيلد بوغوميل أن هناك طريقة متميزة في إدراك الأشياء، تنعكس في تحول معين داخل الكتابة ذاتها. ومع ذلك، فإن هذه الفروقات لا تسمح برسم حدود فاصلة وواضحة بين ما يُسمّى بالكتابة الأنثوية والكتابة الذكورية.

وانطلاقًا من هذه الملاحظة الصادقة والمتواضعة بشأن صعوبة التمييز بين الصوت الأنثوي والصوت الذكوري في الكتابة، لا يسعنا إلا أن نصوغ بعض الفرضيات غير مؤكدة بشكل كبير.

1. تبدو مواضيع المسرح النسائي أكثر تحديدًا ووضوحًا وخصوصية، وأقل تجريدًا وعمومية وعالمية، مقارنةً بما يطرحه "المفكرون" الذكور.

2. أن البنية الدرامية تبدو أقرب إلى الشكل القصصي المجزأ، والتجربة المعاشة، والإحساس الشعوري. ويبدو أن الهدف المنسوب إلى الكتابة لدى الكاتبات أكثر تحديدًا وتواضعًا من ذلك الذي يسعى إليه الكُتّاب الذين يطمحون إلى توليفات كبرى وعالمية.

إلا أن هذه الفرضيات تبقى هشة للغاية عند الحديث عن العديد من الكاتبات اللواتي يعتبرن السياق التاريخي والسياسي والاجتماعي سمةً "أكثر صلة"، كما يقول اللغويون، من مسألة الجنس

.فبالنسبة إلى كثيرات، تُعدّ الكتابة أمرًا أكثر حسمًا من التصنيفات الجنسية، سواء كانت ذكرًا أو أنثى: "عندما أكتب، لا أكون رجلًا، ولا امرأة، ولا كلبًا، ولا قطة" .

الأخراج النسائي

لعلّ الأسلوب النسائي في صناعة المسرح يتجلّى بوضوح في العمل الملموس، سواء في التحضير للعرض، أو توجيه الممثلين، أو في عملية الإخراج نفسها. وتنعكس العلاقة بين الجنسين بطريقة مغايرة، سواء من حيث السلطة أو القانون أو المفاهيم الميتافيزيقية مثل "العبقرية" و"الإلهام"، ويُعزى ذلك إلى تقاليد قديمة في تقسيم الأدوار.

إن توجيه الممثلين، ضمن الحدود التي يقبل بها الممثلون الذكور أن تُوجّههم امرأة، يمنح المخرجة المسرحية فرصة لإعادة النظر في الأدوار التقليدية، وعلى رأسها العلاقة بين مخرج المسرح (بيجماليون) ومخلوقته (الممثلة/التمثال).

وربما كانت بريجيت جاك، في مسرحية إلفير-جوفيه 40، وحدها قادرة على إدراك طبيعة العلاقة السادية-المازوشية الغريبة، والمشحونة في الوقت نفسه بالكمال والسخاء، التي تربط بين المخرج وممثلاته. كذلك، تمكّنت فقط حساسية أنثوية كحس "إيا سولا" لدى جيلبرت تساي من إعادة اكتشاف الإيماءات اليومية والشاعرية للمرأة الفيتنامية أو الصينية.

كما نجحت كلٌّ من هيلين سيكسوس وأريان منوشكين في التعبير عن الأجواء الأنثوية التي تمزج بين العذوبة والتضحية بالنفس، والتي كانت سائدة في بلاط سيهانوك الخميري أو في حكومة غاندي ونهرو الهندية.

لكن، إلى أيّ مدى يمكن تأطير هذه العلاقة المهنية وتحويلها إلى مسألة تتعلّق بتوزيع الأدوار بين الجنسين؟ من غير المُقنع، في هذا السياق، الاكتفاء بالتمييز بين علاقة "أبوية" أو "أمومية"، أو إعادة توزيع الأدوار استنادًا إلى الصور النمطية التقليدية لكل جنس.

لذا، يبدو من الأجدى دراسة تمثّل المرأة والرجل وصورتهما من خلال النصوص، والإخراج، وأساليب عمل الفنانين، رجالًا ونساءً على حدّ سواء.

Pavis, Patrice. Diccionario del teatro: Dramaturgia, estética, semiología. Edición Paidós: Barcelona, 2008 (المصدر كتاب بافيس، باتريس. معجم المسرح: الدراماتورجيا، الجماليات، السيميولوجيا. ترجمة: برشلونة: دار نشر بايدوس، 2008.