أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الثلاثاء، 30 مايو 2017

صامتٌ وصائتٌ: صباح الأنباري وأديب كمال الدّين؛ قراءةٌ في تجربتهِما الإبداعيّة

مجلة الفنون المسرحية

صامتٌ وصائتٌ: صباح الأنباري وأديب كمال الدّين؛ قراءةٌ في تجربتهِما الإبداعيّة

د. أسماء غريب


(1)
باب السّؤال

       لا أحبُّ هذا الشّيخَ "غوغل"؛ لمْ يَتْرُكْ شيئاً إلَّا وكشفَ عنهُ، وكلُّ ما يُكْشَفُ يَفقِدُ شهيّةَ السّؤالِ ومُتعَةَ الجوابِ، ويُصبحُ باهتاً لا معنى لهُ. والعقلُ منذُ ظهور هذا العمِّ "عارفاً" في حياتنَا أصبحَ في سباتٍ عميق، لأنّ ما يُفصِحُ عنهُ، يُلْهِي عنِ المعرفة الحقّة بلْ يُلْغِيها، وأقصِدُ المعرفةَ التي مركزُها القلبُ؛ هذه المشكاةُ الكبيرة التي فقدَ الإنسانُ التواصلَ معَهَا وبِها منذ زمن بعيدٍ. لذا، فإنّهُ حينما طرقَ حرفُ الأنباريّ بابَ أبجديّتي، نأيتُ بنفسِي عن هذا العَمّ، وعُدتُ إليَّ أتحسَّسُ سراديبَ الرّوح، وأسألُها مَن يكونُ هذا الحرفُ يا ترى؟ وأذكرُ آنذاكَ أنّهُ لمْ يَكُنْ في حَوْزَتِي سِوى كتابٍ واحدٍ منْ تأليفهِ، وأعني بهِ ((إشكالية الغياب في حروفيّة أديب كمال الدّين)) (1). وهذا وحده لمْ يكنْ كافياً للانطلاق في رحلة البحث الحقّة. أيْ نعم، ظهرَ لي الرّجل فيهِ بِاسْمِ النّاقد وحاولتُ ما أمكنَ أنْ ألتقطَ العديدَ من الإشاراتِ المتناثرةِ هنا وهناك بين الصّفحاتِ من الغلاف إلى الغلاف، بما فيها تلكَ التي لها علاقة وشيجةٌ بمُثلّث الصّداقة المتينة التي تجمع بين كلٍّ من كاتب الدّراسة، وسعد محمد رحيم المُقدِّمِ لهَا بحرف المحبّة، ثمّ أديب كمال الدّين؛ الحرفَ موضوع الدّرس والتحليل. وهُو المثلّث الذي رأيتُ فيه التّزاوُجَ بين مثلثاث أخَرَ، هي مثلثُ الوطن بكلّ تجليّاته المتشظّية بين الحلّة وبعقوبة وبغداد واستراليا، ومثلّث الحرب والحصار والموت، ثم مثلثُ الشّتات والهجرة. وهي وحدها هذه المثلّثات كانت كفيلةً بأن تُشْعِلَ بين جوانحي فتيلَ السّؤال: من هو حقّاً صباح الأنباري ضمنَ كلِّ هذا؟ أهُو النّاقدُ فقط، أمْ ثمّةَ أشياء أخرى يجبُ إضافتها إلى حصيلة ما باحَ لي بهِ كتابُه النّقدي عن أديب كمال الدّين.
إنَّ طريقةَ كتابتهِ النّقدية عن أديب هي أقربُ إلى عيْنِ مُصوّرٍ فوتوغرافيّ تتقصّى التفاصيلَ الدقيقةَ في كلِّ مشهد من مشاهد حياته، لا سيما مشهد الموت بكلّ مافيه من حركةٍ وشخصيّات متعددة الظّهور بأشكال وصور مختلفةٍ ومتنوعة، فهلْ كانَ صباح الأنباريّ مصوّراً في حياته؟ ثم ما قصّةُ هذا اللّقب، هل هو منَ الأنبار مثلاً؟ ليس في الكتاب شيءٌ يدلّني على ذلكَ، وليس أمامي سوى أن أبحث عن ماهو صورة فيه، وهنا لا تطالعُني سوى صورةِ أديب كمال الدّين في الوجه الأماميّ للغلاف، وصورة صباح الأنباري في الغلافِ الخلفيِّ.

(2)
الغلاف كعتبةٍ نصّية

قلّة هُم أولئك الّذين يتوقّفون عندَ العتبات، وقلّة أولئك الّذين يرون فيها المفتاحَ الرئيسَ لكلِّ شيءٍ. أجل، الغلافُ كما باب المنزل، إذا لم تقفْ أمامهُ وتعرِف كيفَ تحاذيه أو تطرقهُ، فلا شيء يمكنُ أن يظهر لكَ منهُ. وقديماً كانتْ دور الطّباعة تولي عنايةً واهتماماً بالِغيْن بالأغلفةِ، وتحرصُ على صناعتها بشكلٍ بديعٍ وراقٍ، واليوم وإنِ اختلفتْ معايير المقاربة، إلّا أنهُ مازالت هناك إمكانية للاعتمادِ على الغلافِ كعتبة رئيسةٍ لقراءة نصّ ما كيفَما كان جنسُهُ الأدبيّ أو العلميّ. وبما أنّنِي دخلتُ تجربةَ صباح الأنباريّ من كتابه عن حروفيّة الشّاعر أديب كمال الدين، فإنّي أرى أنهُ من الحصافة بما كان العودة إلى صورتَي الغلافِ؛ الأماميّ والخلفيّ منه:
-      صورة أديب كمال الدّين
هذه الصّورة أعرفُها جيّداً؛ لقد أخِذَتْ في 17 آذار 2012 بهولندا على قاعة جامعة لاهاي، حينما استدعتْ مؤسسةُ (أوطان) الشّاعرَ ونظّمتْ من أجله أمسيةً ثقافيّةً أدراها الروائيُّ محمود النّجار، قرأ فيها أديب مختاراتٍ من قصائدِه باللُّغَتين العربيّة والإنجليزيّة، وأذكرُ أنّها كانتْ (بغداد بثياب الدّم)، و(اذهبوا للجحيم)، ثم (شجرة الثّعابين)، و(محاولة في أنا النقطة)، وغيرها من القصائد. لكنّ ما يُلْفِتُ النّظرَ في الصّورة هو الجديد الّذي أدخلهُ عليها الشّاعرُ نفسه: لقد حوّلها إلى صورة فنّية تشكيليّة عبر تقنيات الفوتوشوب، ثم حرصَ على أنْ تأتي بشكلٍ متشظٍّ، وتعمّدَ شَطْرَ الجُزْءِ الأعلى من الرّأسِ، مع التّركيز على حركةِ اليدِ الّتِي تحملُ الوجهَ، ونظرةِ العين الممتلئةِ أسىً وحسرةً، والممزوجة في الوقت ذاته ببُعْدِ رؤيةٍ يسبرُ أغوار الآخر الجالسِ قبالةَ الشّاعر.
إنني أمام العنصر الرئيس إذن في هذه الصورة: التشظّي، وأقولُ الرئيس لأنه هو ذاته العنصر الّذي رأيتُه أيضاً في صورة الأنباريّ. كيف ذلك؟ هذا ما سأسعى لشرحه بعد لحظاتٍ.
-      صورة الأنباريّ
هناك خلفية مائيّة لمنظر طبيعيّ يوجدُ على الأرجح في مكان إقامته الحالية وأعني به استراليا، ثمّ هناكَ جسدُ الشّاعر الذي يطغى على الصورة ويغطّيها، ولعل أوّل ما يثير الانتباه هو حركةُ الرأس الملتفتةِ إلى الجهةِ الأخرى مع الإبقاء على الجسدِ (الصّدر) ثابتاً. وبما أننِي هنا بصدد الحديث عن جسد هذا المبدع فإنّ الّذي ظهر لي منهُ في الصّورة يوحي بجسدٍ قدْ يكونُ لرجلٍ عسكريّ أوْ لراقصِ باليه، أو لهُمَا معاً، وإنْ كانَ الأمرُ يبدو فيه مُفارقة غريبة، ولكن لا ضير، فالأنباريّ كما الحرف والحياة، يجمعُ الشّيءَ وضدّهُ. أمّا عن عنصر التشظّي فهو موجودٌ في نظرته الموجَّهَة إلى ما يدور في رأسهِ أثناء لحظاتِ التقاط الصّورة: تبقى استراليا خلفَ ظهره، ويبقى العراقُ بكلّ حمولاته الحياتيّة أمام عينيهِ يستمدُّ منهُ قوتَ القلبِ والقدرة على المضيّ قدماً في الحياة.
من يعملُ في حقل الكتابة يعلمُ جيّداً أنَّ صُور الأغلفة ولوحاتها لا تُختارُ بشكلٍ عبثيّ، ولا تُتْرَكُ للصّدفة أبداً، إنّها الحبلى دائماً بالخطابات والإشاراتِ والمفاتيح، وهذا الغلافُ الذي بين يديّ يقول لي: ثمة علاقةٌ وشيجة بين الدّارسِ والمدروس، ثمّة ماضٍ، وحاضر ومستقبل، وثمة وئامٌ وتفاهم وانسجام لأنّهُمَا معاً يحاولان أن يجمعا أجزاءَ الزّمن المتشظّية، وخلقَ لوحةٍ فسيفسائيّةٍ جديدة قوامُها الحرفُ والإبداعُ الملتزمُ الرّصينُ.
ما من شكٍّ أنّ ثيمةَ أو موضوعةَ الانشطار هذه والتشظّي قد شدّتني إلى أبعد الحدود، لدرجة أنني لمْ أشأ التّوقفَ فقط عند الجانب النّقدي من شخصيّة الأنباريّ، وإنّما حاولتُ الغوصَ في جوانب أخرى من حياته الفكريّة معتمدةً على ما تلقّيْتُ من إشارات سابقةٍ عن الموت والموتى، وعنِ الحرب والحصار وما إليهمَا، وقبل أنْ أبادر إلى فتح باب السّؤال مرّة أخرى، جاءني الجوابُ من الأنباريّ نفسه حينما أرسلَ لي كتاباً كان قد سبق ونشرَهُ في دمشق وأعني به ((كتاب الصّوامت)) (2)، وأذكر أنّ النّسخة آنذاك كانت رقميّةً، أدخلتُهاَ إلى قارئيّ الإلكترونيّ، وقبل أن أبدأ في قراءَتها انتبهتُ إلى أنّها كانت بدون غلافٍ، فطلبتُ بعد ذلك الحصول على النّسخة الورقيّة، وما هي إلّا أشهر قليلة جدّا من الانتظار أو ربّما أقلّ، حتّى كان بين يديّ الكتابُ، وفقط في تلكَ اللّحْظَةِ عرفتُ سببَ ذاك الهاتفِ الذي كان يحثُّنِي على طلبِ النّسْخَةِ الورقيّةِ!
استقبلتُ الكتابَ بكلِّ محبّةٍ وبهجة، وأذكرُ أنّ أوّل ما شدّ انتباهي كانَ لونُ العنوان وطريقة نقشِه فوق الغلاف بشكلٍ بارز، لدرجة أنّني بتُّ أكرّرُ عملية تمرير أصابعِي فوق أحرفه المرّةَ تلو الأخرى لأتحسّسَ هذا النتوءَ متسائلةً عن سببه قائلةً: أيّ خطاب أحمر هذا الّذي يريدُ إيصاله الأنباريّ لنا؟ وبينما أحرفُ السّؤال ترنّ بداخلي بقوّة وعمقٍ، إذا بعينيَّ تقعانِ على لوحة الغلاف لأجدَني أدخل في دوّامة جديدة من الأسئلة المتلاحقة: ماهذهِ الدّوائرُ والأشكال الهندسيّة المتداخلة؟ لكأنّ الأمرَ فيه ما يشبهُ الحلم، أو الرّؤيا: نعم، هذا كتاب للرؤيا والرّؤى، ولن أفتحهُ الآنَ، فمازالت ثمة العديدُ من الأشياء التي تستمرُّ في التّوارد على قلبي من هذا الغلاف، وإنني أسمع فوقَه وقعَ خطوات رجال قادمين منهُ إليّ، رجال أعرفُ أسماءهم جيّداً، وأخصّ بالذّكر أبا حيّان التوحيديّ، وكذلك فاسيلي كانديسكي! آه يا إلهي، ما هذه الحمولات الثقيلة الوزن وكيفَ سأقاربها؟ أليسَ عليّ أن أعرف أوّلا لماذا هي هذه الأسماءُ هنا، وما الذي جعلها تلتقي فوق سطح هذا الغلاف العجيب الغريب؟
       إنّه السّؤالُ الّذي ظلَّ معلّقا لثلاثِ سنوات تقريباً، ذلك لأنني لمْ أُرِدْ فتحَ الكتاب كي أجد الجوابَ مباشرةً، ولمْ أشأ أنْ أضع أيّ اسم من هذين الاسمين في محرّك "غوغل" كي أبحث عنهمَا، فما زلتُ أعتبر هذا الماردَ سببَ كَسَلِ وركودِ عقل البحّاثة والنّقاد؛ لقد أصبحَ كلّ شيء في متناول اليد، يكفي أنْ تفركَ بأصابعكَ ظهر فأرة الحاسوب، ليأتيك "غوغل" هاتفاً: ((لبّيكَ وسعديْكَ، كلُّ شيءٍ بين يديكَ)). ولأنّني مستغنية عن خدمة هذا المارد العنكبوتيّ، أحببتُ أنْ أصلَ إلى الأجوبة بنفسي، وأحفّزَ ذهني على العمل والبحثِ أكثر وأكثر، لذا حرصتُ على أنْ أضع ((كتاب الصّوامت)) فوق طاولة مكتبي حتّى لا تغادراهُ عينيّ، ويا لجمالِ ما ظلّ يصلُ منه إليّ!
(3)
ما بعد الامتلاء
وبعدَ أن بلغ الامتلاءُ ذروتَهُ، قرَّرْتُ أن أحملَ قلمي وأكتب عنهُ، فكانتِ البدايةُ من خلال جوابي عن كلّ ما سبقَ وطرحتُهُ من أسئلةٍ سأجردُ بعضها كما يلي:
-       الأنباريّ والتّوحيديّ أيّة علاقةٍ هذه؟
هذا السّؤالُ نبعَ بداخلي من طبيعةِ عنوان الكتاب، وطريقةِ صياغته. لقد وجدتُ فيهما معاً مسحةً تراثية ذكّرتْنِي بكتاب آخر هو لأبي حيّان التوحيديّ ومسكويه، وأعني بهِ (الهوامل والشوامل) (3)، إذْ ليسَ التشابُهُ في صيغة الجمعِ فقط (صوامت / هوامل / شوامل) وإنما أيضا في تركيبة العنوان؛ ففي الوقتِ الّذي كان من الممكن أن يكتفيَ الأنباريُّ بكلمة (الصوامت) فقط كعنوان لنتاجهِ هذا، نجده أضاف إليها مُصطلحَ (كتاب)، ممّا أضفى عليها موسيقى لفظيّة تُذكِّرُ بكتُب الأجداد وتراثهم. لكن ماذا إذا فتحنا الكتابيْن معاً، هوامل وشواملَ التوحيدي، وصوامتَ الأنباريّ؟
لا يساورني شكٌّ في أنّ هناك نقاط مشتركة بين الاثنين كثيرة، أوّلها خفّة ورشاقة اللّفظ والتّعبير، وثانيهَا وحدة الهدفِ والمطلب، فإذا كان التوحيديّ في كتابه طبيباً للرّوح يدلُّ القارئَ عبر مسائله على مواطن الخلل، ويُجيبهُ وصاحبَه مسكويه عن العديدِ من الأسئلة التي تهمُّ سلوكياتِ النّفس البشرية، فإنّ الأنباريّ أيضا كرّس حرفَهُ للغوصِ في خبايا النّفس، والسّعي ما أمكنَ إلى تحريرها من قيودها وأحزانها وآلامِها عبر قوّةِ البوح والتّعبير الجسديّ والحروفيّ فوق خشبة الحياة. ويبقى هناكَ عنصر ثالثٌ يجمع بين الكاتبين لا أعتقد أنّهُ أقلّ أهمية عن سابقيْه، وأعني به مدى التّشابُه في السيرة الحياتيّة لكلاهُما، فذاك تجرّع منْ مرارة التجارب والأوجاع ما لا يطيق قلبٌ ولا صدر على تحمّلها، والأنباريّ كذلكَ (4) فهُوَ الّذي عملَ جاهداً مثل صاحبه في المنشأ والموطن على أنْ يستمدّ من ويلات الحياة غذاءاً للرّوح، ومادّةً للكفاح والتفكير بهدف الوصول إلى نوع من توازن النّفسِ في دنيا اللّامعقولُ فيها والعبثُ هُما عينُ العقلِ ومنطقُه الأكبر!
لكنْ هناك شيء لا بدّ من إضافتهِ عن علاقة هذينِ المفكّرين ببعضهما البعض، وأقصدُ تأثُّرَ اللّاحق بالسّابق، أو بمعنى آخر نهلَ الابن مِنْ معين الجدِّ، وهذا لاحظته بشكلٍ أوضح في نصّ مسرحيّ صامتٍ سأتحدّثُ عنهُ لاحقاً، وقدْ أهداه الأنباريّ إلى صديقه الشّاعر أديب كمال الدّين، التّوحيديَ النّفسِ والرّوح هُو الآخر.
-      لماذا فاسيلي كانديسكي؟
لأنه بكلّ بساطة كما الأنباريّ أمير الرّوح، هو مجدّدٌ والأنباريّ أيضاً، هُو أتى بنظريات غيّرتْ نظرةَ العالم إلى الفنّ التشكيليّ، والأنباريّ كذلك طرق أبواباً لم يطرقها قبله أحد في مجال المسرح والإخراج والتصوير، والأهمُّ في هذا وذاكَ أنّ الأنباريّ أفادَ كثيرا من تجربة فاسيلي كانديسكي، وهذا ظهرَ جليّا منذ أول عتبة لكتاب الصّوامت حينما اعتمدَ كصورة للغلاف واحدة من لوحات عديدة أبدعها هذا الفنان التجريديّ الروسيّ، الشيء الذي جعلني أشعرُ بأنّ ألوان الغلاف مجتمعةً أصبحتْ ذات طعم ورائحةٍ وصوتٍ، فلونُ العنوان الأحمر مثلاً أيقظ فيّ الإحساس بالدّفئ والألم في الآن ذاته، ليس لأنه مرتبط بلون الدّم، ولكن لخصائصه المتعلقة بما يُحْدِثُهُ داخلَ القلبِ من حديثٍ داخليّ له صوت وإيقاع عميقيْن يجعلانِ من الغلاف برمّته آلة بيانو صاخبة؛ الألوانُ فيها هي المفاتيح، وعينُ المُتلقّي هي المطرقةُ الّتِي تضربُ على أوتار الرّوح فتجعلهَا ترى في اللون الرّملي الفاتح (أرضية الغلاف) إشراقاً وإشعاعاً، وفي الأزرق (اسم الكاتب) هدوءاً وغوصاً والتفافاً حول النّفس، وفي لوحة فاسيلي مسرحاً قائماً بذاته، تتحركُ فيه الألوان كما تتحرّكُ الشخصياتُ فوق خشبة الحياة.

(4)
ودخلتُ بيتَ الصّوامت

لستُ أدري لليوم كمْ من الشّهور والأيّام مرّت بالتّحديد وأنا غارقة في قراءة الأنباريّ من خلال عناصر خارجية و"عتباتيّة" دلّتني عليه كناقد أولا، ثمّ كرجلٍ متعمّق في أسرار اللّون وموسيقاهُ ثانيا، لكنّي أعلمُ جيّداً كمْ كانت مهمّةً تلك اللحظةُ التي فتحتُ فيها (كتاب الصّوامتِ) بعد سفرٍ مضنٍ طويل لأكتشفَ صحّة ما توصّلتُ إليه من نتائج قبل أن يظهر لي الأنباريّ بصورةٍ كاملةٍ ومكتملةٍ: فهو في كتابه هذا رجل المسرح المُجدّد بامتياز: إنه صاحبُ "الصّوامت" التي هي بصمتُه المميّزة في الكتابة المسرحيّة من خلال تفعيل جنس أدبيّ جديد يستمدُّ قوّتَهُ من فن البانتومايم، مع الحرص على أن يتضمّن هذا النّوع من الكتابة مزيجاً بين فنَّي القصة والمسرح، وبين عنصرَي الأسطورة والثرات، ثم الحكاية المعاصِرة، دون إهمال إشكاليّة الانفتاح على رؤى إخراجيّة مختلفة تتيحُ التخاطبَ مع العالم بلغة كونيّة يفهمها الجميع بعد أن يصبحَ النصّ المكتوبُ منقولاً على خشبة المسرح.
ما من شكٍّ أنّ المسرحية الصّامتة لها لغتُها، لغة على الممثل المسرحيّ أن يؤدّيها بجسده بشكل خلّاق يعتمدُ على إتقان كلّ أنواع الأداء الإيمائيّ والحركيّ الجسديّ حتّى يحدثَ الامتلاءُ، ويصبحَ الصّامتُ ناطقاً. ولعلّ هذا هو ما لاحظتُه بالضّبط، وأنا أقرأ نصوصَ الأنباري الّتي رصّها الواحدة تلو الأخرى بعنايةٍ شديدة في كتابه بعد أن أفاضَ جمعٌ من النّقَدة في الحديث عن تجربته التجديديّة والتعريف بها (5)، بشكل عَمَّقَ وطوّرَ نظرتي وفكرتي عن أدب الأنباريّ المسرحيّ، الشّيء الّذي دفعني إلى مغادرتها والمضيّ قدماً في البحث عن نصوص أخرى، أجدُ فيها بعضا من آثار أبي حيّان التوحيدي، ولم أتوقّف إلّا بعد أن وجدتُ ضالّتي أمام عتبة الباب نفسه الذي قادني إلى صباح الأنباري، وأعني به باب أديب كمال الدّين!




(5)
ما بعد (كتاب الصّوامت)؛
قراءة في مسرحية (الموت بين يديّ القصيدة)

إنّني هنا أمام حرفيْنِ؛ أحدهما أراهُ صامتاً وهو صباح الأنباريّ، والثاني صائتاً هو أديب كمال الدين، وبينهما حرفٌ ثالث ينطقُ تارة ويصمتُ تارات أُخَرَ، وأعني به أبا حيّان التوحيديّ، وهو الأصلُ والنّبع والمصدر، وأقول هذا لأنّني أراه اللحظةَ يقودني إلى إشاراته الإلهية لأقرأَ على ضوئها كلمةَ الإهداء التي افتتح بها الأنباريُّ نصّ (الموت بين يديّ القصيدة) قائلاً: ((مسرحية صامتة مهداة لصديقي الشاعر أديب كمال الدين بمناسبة إشاراته الصائتة))، فعن أيّة إشارات يتحدثُ صباح؟ ولماذا نعتها يا ترى بالصّائتة؟
هذان السُّؤالان لا يمكنُ الإجابة عنهُما إلّا عبر تتبُّع تواريخ إصدارات كِلا المُبدعيْن، فإذا كانَ صباح قد كتبَ نصّه الصّامت هذا سنة 2014، ونشرهُ على صفحات العدد 61 من جريدة تاتو (6)، فإن أديب كمال الدّين نشرَ في السنة ذاتها ديوانا بعنوان (إشارات الألف)، وعليه فإنّ الإشارات التي يتحدّثُ عنها صباح الأنباريّ في إهدائه هي نفسُها إشارات الألف، وهي نفسها التي ستقودني إلى ديوان آخر للشّاعر، وأعني به (جيم) الّذي صدر سنة 1989 (7)، وأوّل نصّ فيه يحملُ عنوانَ (إشارات التّوحيدي). سؤالي الآن: ما الّذي جعل الشّاعرَ يعودُ للتوحيديّ من جديد بعد خمس وعشرين سنة مضت، وما الّذي دفع بالأنباريّ إلى إحياء فكر هذا الفيلسوف العارف في نصوصه الصّامتة، وبالذّات في نصّ (الموت بين يديّ القصيدة)؟
إنّ من يتصفّح ديوانيْ (جيم) و(إشارات الألف)، سيجدُ ولا حتمَ الجواب: فالأمر فيه إعادةُ قراءة لفكر التوحيديّ بحرف التّجديد، مع الحفاظ على بعض الموضوعات التي طُرحت سابقاً في (جيم) مع صياغتها بشكلٍ جديد في ديوان (إشارات الألف)، وهي الموضوعات أو الثّيمات التي أجردها كما يلي:





يظهُر أديب كمال الدّين في مختلف إشاراته كعارف مستغرق بالكلّية في المطلق، ولأنه يصلُ في تجلّياته إلى حالة يصعبُ معها التعبير عن كشوفات الحُجُب، فإنه يحاوُل أن يُوصلَ خطابَهُ بلغة مخصوصة، هي لغة الإشارة والرمز الموجّهة للخاصّة، وخاصّة الخاصّة، والبعيدة بالتالي عن فضول الجهلاء، ولأنّ إشاراته فيها الكثيرُ من التّلويح والإيماءات إلى أسرار معيّنة عبر الإخبار من غير الاستعانة بتعبير اللّسان للطافة المعاني، فإنه يبدو أمراً طبيعيا أن يكون صباح الأنباري أوّل الملتقطين لإشارات صاحبه في الحرف، وكيف لا يكون أوّلهم وهو المُنَظِّر التجديديّ لما سأسمّيه بمسرح الإشارة القائمِ على أسس الإبداع الأدبيّ الصّامت، والذي في إطاره ومن خلاله، حاول أن يجعلَ من إشارات أديب كمال الدين نصّا مسرحيّاً صامتاً قابلاً للعرض بكلّ ما يحويه من عناصر مسرحية كاملة بدءاً من فعلِ الكتابة ووصولاً إلى إخراجه وأدائه فوق الخشبة.
وصباح الأنباريّ في كتابته لنصّه (الموت بين يدي القصيدة)، استخدمَ تقنية التناصّ الإشاريّ منطلقاً من النصّ الأديبيّ (8) وهي التقنية نفسها التي لجأ إليها أديب كمال الدّين فجاءت بعض قصائد (إشارات الألف) متناصّة مع بعض نصوص ديوان (جيم) (9)، وكذا مع نصوص أبي حيّان التّوحيدي، والتي جاء التناصّ فيها ضِدّياً.
ومن يتأمّلُ إشارات الفجر والشّكوى والموت سيجدُ ما يؤكّد هذا القول، ذلك أنّ أديب كمال الدين لا ينتقلُ من سؤالٍ ما في إشارة معيّنة، إلّا وتجدُ الجواب عنه في إشارات أخرى متوزّعة بين الدّيوانين سواء أتعلّق الأمر بديوان (جيم) أو بديوان (إشارات الألف).
أمّا فيما يتعلّقُ بالتناصّ الضِدّي مع إشارات التوحيديّ، فإنّي أعني به ذاكَ العملَ الحفرّيَّ الذي قام به أديب كمال الدّين حينما كان في شبابه مرابضاً أمام عتبة الحرف التوحيديّ، والذي أسفر في سنوات متقدّمة من عمره عن قصائدَ حبلى بردود تابثة عمّا سبقَ وطرحَهُ أبو حيّان من أسئلة أو إشكاليات في كتابه (الإشارات الإلهية).
فإذا كان التوحيديّ يقولُ على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: ((مطرت السّماء فلم تبتلّ بقطرةٍ من قطراتها، وهبّت ريح الولاية فلم تعبق بنسيم من نسماتها، وغنّت ضمائر الحكمة فلم تطرب على لحن من ألحانها، وجليت عرائس الهدى فلم تتشبّث بذيل من أذيال واحدة منها، فيا جافي الطّبع ويا قاسي القلب، ويا سيّء الاختيار: كيف يطمعُ الطّامعُ في رشدكَ وهذا نظرُكَ لنفسِكَ؟)) (10) فإنّ أديب كمال الدين يجيبهُ قائلاً في إشارته التالية:
((إلهي،
انهمرَ مطرُكَ وبرقُك
فبلّلا ثيابي وجسدي وروحي.
ونظرتُ إلى غيمتِكَ التي ملأت السماء
بعينين تفيضان دمعاً.
نعم،
أردتُ أنْ أجيبَ على مطرِكَ بدموعي،
وعلى رسالتِكَ المبلّلةِ برسالةٍ أكثر بَلَلاً،
وعلى إشارتِكَ المليئةِ ببرقِكَ الهائل
بإشارتي المليئةِ بظلامي العظيم)) (11).
وهي ذاتها الإشارةُ التي انطلق منها صباح الأنباريّ من أجل تأسيس صرح نصّه المسرحيّ الصامت الموسوم بـ (الموت بين يدي القصيدة)، مستخدماً في عمله هذا عدّة تقنيات فنّية أذكرُ منها على التوالي: الضوآنية، التشظّي المرآتيّ (12)، ثمّ تقنية الصّوت الموسيقيّ. وهي كلّها تقنيات مرتبطة ببعضها البعض، ولا يمكنها أن تعمل أبدا في البعد عن النصّ الأصليّ، الذي هو ديوان (إشارات الألف) باعتباره المادّة الخامّ التي منها تخلّقَ نصّ الأنباريّ كما هو واضح في مصامت النصّ الخمسة والتي تجلّت فيها العديد من قصائد أديب وإشاراته (13).
أمّا فيما يتعلّقُ بالضوآنية، فقد استخدمها الأنباريّ بشكل شلّاليّ تدفقيّ بحيثُ يتوقّفُ كلّ عنصر من عناصر الضّوء على باقي العناصر الأخرى، حتى تكونَ هناك أسبقية للكلّ على أجزائه، أيْ أنّ كلّ عنصر من عناصر الضّوء لا يتّخذُ معناه الحقيقيّ إلّا بالوضع الّذي يؤدّيه داخل المجموعة، التي هي هنا حزمة من أضواء مختلفة متدفّقة وهّاجة بشتّى الألوان، مع قدرتها على التوالد والتبرعم إلى حزمات ضوئية جديدة تتخلّقُ وتتحوّلُ إلى كائنات تستمدُّ حياتَها من الطّبيعة بكافّة عناصرها المُزهرة، مما جعل المكانَ الذي رسمه الأنباريّ في نصّه يبدو كأنّه حلقة وصل بين الفضائين؛ الدّاخليّ والخارجيّ، وبين العناصر المكوّنة لهما وذلك بغرض تحويل الكلمة إلى رؤيا سارية المفعول في المكان والزمان.
وأمّا فيما يتعلّقُ بتقنية التشظّي المرآتيّ، فهذا أمرٌ له علاقة بالإشارة الأديبيّة نفسها التي ترىَ أنّ الوجوهَ لا تتعدّدُ إلّا بتعدّد المرايا، ولا تتجعّدُ إلا بتجعّدها ولا تُظلِمُ إلّا إذا أظلمتِ المرآةُ نفسها (14). ولمّا كانت مرآةُ العارفِ غير محدّبة ولا مقعّرة، ولا مُظلمة ولا صدئة، فإنها تُعَدُّ أقدرَ المرايا على أنْ تعْكِسَ جمالَ باطنِ الإنسان، ولمّا أرادَ صباح الأنباريّ أنْ يُعبِّرَ عنْ هذا الفعل الانعكاسيّ، حتّى يُظهرَ للقارئ والمتلقّي بشكل عامّ الكيفيةَ التي يحْدُثُ بها الوعيُ في السّلوكِ الصوفيّ، فإنهُ لمْ يجِدْ من وسيلةٍ لتحقيقِ ذلك سوى اللّجوء إلى عنصر المماثلة، لأنّ سبيلَ المغايرة مسدودٌ عليه في هذا الإطار، وعليهِ تُصْبحُ القصيدة هي المُجسِّدَةُ لحضورِ الضدّية الجنسانيّة في التّجربة الأديبيّة، حتى أنّها قد تُصْبِحُ بديلاً للضدّيّة الجنسانيّة المتعارف عليها عند أهل العرفان، والتي هي المرأة.
لا شيء عفويّ في نصّ الأنباريّ الصّامت، بل حتّى الموسيقى المستخدمة كتقنيّة بالغة العمق والتطوّر هي متشكّلة من جدلية الحركة والصّوت التي يقوم العرضُ بالجمع بين مختلف أطرافها من أجلِ تحقيق نوع من الحضور الجماليّ الجديد عبر علاقة جدلية مع حدود الخشبة، والمنظر المسرحيّ الذي يُجَسّدُ فعلَ ولادة القصيدة. ولادة لم يكُنْ للمتلقي أنْ يطَّلِعَ على تفاصيل إشاراتها، ومواطن الجمال فيها لو لم يجتمعْ في محراب الإبداعِ، هذا الصّامتُ وذاكَ الصّائتُ: صباح الأنباريّ، وأديب كمال الدّين.


الهوامش:
(1)            صباح الأنباري، إشكالية الغياب في حروفية أديب كمال الدّين، منشورات ضفاف، ط1، بيروت، لبنان، 2014.
(2)            صباح الأنباري، كتاب الصوامت، دار التكوين، ط1، دمشق، سورية، 2012.
(3)            أبو حيان التوحيدي ومسكويه، الهوامل والشوامل، الذخائر، القاهرة، مصر، 2001.
(4)            صالح الرزوق، سيرة كاتب ومدينة (لقاء مع صباح الأنباري)، تاريخ النشر والدار (لا يوجدان)، صص 13 /15.
(5)            أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر؛ عبد الفتاح رواس قلعة جي، ثم سعد محمد رحيم وتحسين كرمياني وعلي مزاحم عبّاس.
(6)            صباح الأنباريّ، الموت بين يديّ القصيدة، جريدة تاتو، العدد 61، السنة الخامسة، تمّوز 2014، صص 14/15.
انظر أيضا: صباح الأنباريّ، المجموعة المسرحية الكاملة، المجلّد الأول، المسرحيات الصّوامت، منشورات ضفاف، بيروت، لبنان، 2017، ص 225.
(7)            أديب كمال الدين، جيم، دار الشؤون الثقافية العامة ، ط 1، بغداد – 1989.
(8)            نسبة إلى أديب كمال الدّين.
(9)            انظر في ديوان (جيم): إشارة الشكوى، وفي ديوان (إشارات الألف)؛ إشارة لماذا؟.
وانظر في (إشارات الألف) إلى كلّ من (إشارة الحرمان) واربطها بـ (إشارة الشكوى) في الدّيوان نفسه.
(10)      أبو حيّان التوحيدي، الإشارات الإلهية، تحقيق د. وداد القاضي دار الثقافة، بيروت، لبنان، 1982، ص4.
(11)      أديب كمال الدين، إشارات الألف (إشارة الجواب)، ط1، منشورات ضفاف، بيروت، لبنان، 2014، ص 41.
(12)      نسبة إلى المرآة.
(13)      المصمت الأوّل، الإشارات التالية:
-       إشارة لا ولا ؛
-       إشارة الجواب؛
-       إشارة المرآة؛
-       إشارة أصابع الشّاعر؛
-       ثمّ إشارة من أنا.
المصمت الثاني ظهرت فيه:
-       إشارة نوح؛
-       وإشارة القاعة.
المصمَت الثالث:
-       إشارة رقصة الوحوش
المصمت الرّابع:
-        إشارة الموت.
المِصْمَتْ الخامس:
-       إشارة نهاية الحرب؛
-       وإشارة الشّمعة.
(14)      انظر غلاف كتاب صباح الأنباريّ (إشكالية الغياب في حروفية أديب كمال الدّين، منشورات ضفاف، ط1، بيروت، لبنان، 2014.

النقد المسرحي المغربي ورهان تجدد أسئلة النقد -خالد أمين نموذجا-

مجلة الفنون المسرحية

النقد المسرحي المغربي ورهان تجدد أسئلة النقد "خالد أمين نموذجا"

فاطمة اكنفر

اعتاد الباحثون تقسيم مراحل النقد المسرحي بالمغرب إلى ثلاثة مراحل: المرحلة الجنينية، المرحلة التأسيسية، مرحلة الترشيد العلمي، حيث كانت المرحلة الأولى مرحلة "بدايات النقد المسرحي الشفوي أو المكتوب في صحافة في عهد الاستعمار، وكانت المرحلة التالية مرحلة بروز رواد أسسوا المسرح في المغرب تأسيسا علميا أمثال حسن لمنيعي، وحسن لمريني، ومحمد الكغاط"، أما المرحلة الأخيرة فقد تميزت بتحول كبير في الممارسة النقدية المسرحية من خلال تطعيمها بمناهج التحليل العلمي من جهة، وانفتاحها على المسرح العالمي والنظريات والمناهج العالمية من جهة أخرى، حيث كان من الطبيعي بروز نقاد جدد في الساحة النقدية المسرحية متمكنين من آليات تحليل الخطاب المسرحي وجمالياته عبر تمرسهم في البحث العلمي الجامعي والأكاديمي الذي كان نقطة انطلاقة الممارسة المسرحية الجادة والمسلحة بآليات جديدة تأليفا وإخراجا وتمثيلا.
وهكذا ظهرت العديد من الدراسات التي تناولت موضوع المسرح في العصر الحديث وتناولت جوانبه المختلفة والمتعددة، حيث بدأنا نستشعر في نسيج تفكيرنا النقدي مؤخرا توجه الخطاب النقدي المسرحي نحو مفاهيم جديدة من صنف آخر، من خلال انفتاح الخطاب المسرحي على توجهات معرفية جديدة ومتنوعة.
إن تصفح ما كتب من دراسات نقدية وأبحاث أكاديمية حول المسرح يجعلنا لا نتردد في الحكم على أن هذه التراكمات كانت وراء التحولات التي عرفتها الحركة المسرحية في المغرب، وهي دراسات كانت ولا تزال من العوامل التي ساعدت على معرفة تجارب مسرحية عربية أو عالمية، حفزت الممارسين للمسرح والكتابة الدرامية على نقد الذات من جهة ونقد الآخر من جهة أخرى، ولعل مشروع خالد أمين من أهم المنجزات النقدية التي أبان فيها الناقد عن وعيه وتمثله لمرجعيات وأطروحات النقد الثقافي في دراسة المنجز المسرحي الغربي والعربي، مستعيرا أجهزته المفاهيمية من عمق الثقافة الغربية مطوعا إياها لما يستجيب لخصوصية النصوص والأنساق التي يهدف إلى استنطاقها، حيث تعد كتاباته حدثا ثقافيا وفكريا متميزا مؤسسا على تنوع معرفي ومنهجي رصين، فهي تتسم بعدة مميزات جعلتها تجربة رائدة في إطار النقد المسرحي المغربي، وذلك من حيث إسهامها في بلورة مشروع ثقافي جديد يروم مساءلة المسرح الغربي وتفكيك أطروحاته من جهة، وإعادة النظر في المسرح العربي والمغربي من جهة أخرى.
وفي هذا الإطار قدم خالد أمين للساحة النقدية المغربية أهم النظريات التي أدت دورا أساسيا في قلب المفاهيم المختلفة التي تحكمت في مسار المسرح الغربي، وخلخلة المسلمات المؤطرة للفعل المسرحي الذي بات يتأرجح بين الداخل والخارج، والانا والآخر، والمستعمر والمستعمر، والاحتكاك بالثقافة العالمية من خلال الترجمة وتفاعل الايجابي المباشر والغير المباشر، حيث كان الخطاب النقدي عند خالد أمين مسكونا بهاجس السؤال وإعادة النظر في العديد من المفاهيم والمسلمات التي كانت رائجة بشكل عام في المسرح العالمي والعربي/المغربي على حد سواء.
والمتتبع لمشروع خالد أمين يلحظ فيه مبدأ الثبات المنهجي بالإضافة إلى المرونة والانفتاح على نظريات ومفاهيم إجرائية متعددة ومتنوعة، تنم عن ثقافته الموسوعية ومدى إطلاعه على النظريات المعاصرة التي تسعى إلى تفكيك وتقويض التمركز الثقافي الغربي، بالإضافة إلى انفتاحه على الثقافات المسرحية المختلفة، حيث تأثر باطروحات المسرحيين الغربيين أمثال (بريخت وأنطونان أرطو وبيكيت وباربا) وغيرهم ممن سعوا إلى تفكيك الثقافة الغربية وتوجيه أنظارها إلى الثقافات المسرحية الأخرى، فــ"منذ إصداره لكتابه الأول ما بعد بريشت الذي دشن به خالد أمين انخراطه العميق والوازن في الدراسات المسرحية عامة والمغربية خاصة وهو يبلور مشروعا نقديا مفتوحا على آفاق معرفية جديدة بوأه مكانة علمية متميزة في المشهد النقدي المسرحي وطنيا وعربيا ودوليا ".
إن المتأمل لأعماله النقدية يلمس مبدأ التناسلية والنمو بالإضافة إلى مبدأ الحوارية والتبادل بين آرائه واطروحاته، حيث يرى حسن اليوسفي في مقدمة الكتاب (المسرح ودراسات الفرجة)، أن انفتاح مشروع خالد أمين جعله ينخرط في مرحلة جديدة قوامها إعادة النظر في الترسانة النقدية المستعملة سلفا في كتابه (الفن المسرحي وأسطورة الأصل)، واقتراح مشروع آخر في كتابه (المسرح ودراسات الفرجة) "من خلال تأسيس مفاهيم ثرية ومقولات جديدة. وبلورة خطاب نظري غني بالمفاهيم الجديدة في المجال النقدي من قبيل: "الهجنة المسرحية، المثاقفة المسرحية، مابعد الدراما، وتناسج الثقافات الفرجوية، ويقوم بأجرأتها من اجل صياغة مقاربة جديدة ومغايرة في السياقين العربي والمغربي".
وعليه يتميز مشروع خالد أمين بالتنوع المعرفي والمنهجي وهو تنوع يوحد بين عناصر ومقومات البحث لديه، كما يوظف مناهج مختلفة بالشكل الذي يضيف إلى معنى الممارسة النقدية وفرة في المصطلحات والمفاهيم وثراء في الأدوات، حيث "ينهض خالد أمين على قراءة واعية للتنظيرات المسرحية المغربية في علاقتها بالممارسة الركحية وكذا في علاقتها بما أفرزته التنطيرات الغربية من صيغ فنية، اعتمادا على البحث المخبري الذي يراعي غاية المسرح وتطور أساليبه، أي تجدد نظرياته بفعل صيرورة التفكيك وإعادة البناء حسب متطلبات وحاجيات المرحلة".
إن رؤيته النقدية قائمة على الجدلية بين العام والخاص، والعلاقة بين المحلي والكوني، كما أفصحت تجربته عن مدى وعيه وسعة إطلاعه على مختلف تضاريس العمل الدرامي على المستوى العالمي وعلى المستوى المحلي، كما عبرت اطروحاته عن مدى إلمامه الواسع بمكونات العمل المسرحي وشروط قيامه.
تظهر كتابات خالد أمين في تشكيلة نظرية واحدة وفي نسق نظري متكامل، يمكن أن نشير من خلال الملاحظات التالية إلى بعض تجليات المشروعه النقدي:
- يساير باستمرار كل الممارسات والاتجاهات المسرحية سواء الغربية أو العربية أو المغربية، وهذا ما جعل مشروعه النقدي متجددا ومتطورا.
- تشكل جميع كتاباته حلقة متسلسلة ومتواصلة يطبعها الكثير من الانسجام والتكامل هدفها تحقيق ثقافة مسرحية موسوعية يربط فيها النظري بالتطبيقي والنص بالعرض والمحلي بالعالمي.
-لا يقتصر خالد أمين على طرح مواضيع ومناقشتها بل يتجاوز ذلك إلى تقديم اقتراحات تساهم في عملية تطوير المسرح، وضرورة تكثيف جهود المسرحيين العرب وتبادل الخبرات فيما بينهم ومناقشة المشاكل وإيجاد الحلول، يقول: "حيث علينا أن ندرك جميعا إن مستقبل المسرح المغربي رهين بالتفاعل الايجابي بين الفاعلين المسرحيين من مختلف الاجيال والدروب، وذلك التفاعل هو السبيل الأوحد للمصالحة مع الجسد المسرحي والارتقاء به، والتنظير لهذا المسرح لا يمكن أن يتأسس إلا من خلال تقعيد الأسس المهنية والانفتاح على الجامعة بوحدات للبحث فيها، ومختبرات المسرحية وأبحاثها وأطاريحها التي تشكل ذاكرة المسرح المغربي بحق، لا يمكن ان يستقيم هذا المسرح بتنضيراته وانجازاته في غياب علاقته تفاعلية بالجامعة المنفتحة والفاعلة".
يمكن أن نلخص اشتغال خالد أمين في مسارين متشابهين في العمق رغم اختلافهما في الظاهر، ولكن قبل الحديث عن هذين المسارين لابد أن نتحدث عن الموقع الذي إنطلق منه وهو تحديدا موقع المابينية. إلى جانب بحثه الأكاديمي ينتمي الناقد إلى حقل الدراسات الإنجليزية، وهذا راجع لطبيعة عمله كأستاذ باحث فيها، بيد أن عشقه للمسرح المغربي ورغبته في المساهمة في النهوض بأحواله جعلا الناقد يركز بحثه في الاشتغال على المسرح بلغة شكسبير. فمنذ أن التحق بجامعة "إسكس" ببريطانيا سنة 1990 بهدف الدراسات العليا، توجه خالد امين بسؤال (لروجر هاورد) رئيس قسم المسرح في تلك الجامعة العريقة (ماذا عن المسرح المغربي؟)، حينها أدرك أنه من واجبه الإشتغال على الذات في حدود علاقتها بآخرها، فكانت الإنطلاقة من شكسبير في المسرح المغربي رفقة حسن المنيعي والأستاذ محمد العميري، وحاول قدر الإمكان أن يساهم في مد جسور التواصل بين الذات والآخر في إطار تفاعل إيجابي يسمح بالتعرف على الذات واكتشاف الآخر.
لذلك أصبح خالد أمين يكتب بالإنجليزية حول موضوعات المسرح المغربي، وبالعربية حول ما يروج في الساحة الأنجلو أمريكية تفاديا للوساطات المشرقية. أما الأسباب فكانت كثيرة ولعل أبرزها هو شبه غياب المسرح المغاربي من الكتابات الإنجليزية المركزة على المشرق العربي فقط. ومن هنا كان إحساسه بالمسؤولية الجسيمة والدور المنوط الذي ألحق به، والمتجلي في إحياء المسرح المغربي الذي ظل غائبا في الأوساط المسرحية الغربية من خلال التعريف به وبمختلف مظاهره الفرجوية عن طريق الوسيط الترجمي.
ينتمي إذن النقد المسرحي عند خالد أمين ضمن النقد الأكاديمي "وهو نقد تحليلي يروم الموضوعية ويسعى إلى تفكيك وفهم الظواهر المسرحية، ويتجاوز العملية النقدية السطحية التي تروم التعليق والتلخيص وتتأسس على الضبط المنهجي المتماسك، وتستند على أدوات منهجية وإجرائية رصينة"، فإن هذا النقد أرسى ممارسة نقدية جديدة تأسست في رحاب الجامعة المغربية نظرا لانفتاح المسرح المغربي الجامعي على المناهج الغربية المحكومة بخصوصياتها العلمية وطابعها الموضوعي.
1. - أسس ومبادئ مشروع خالد أمين
إن المتأمل والمتفحص لكتابات خالد أمين النقدية يتضح له أنها تقوم على مجموعة من المبادئ والأسس والمميزات ويمكن أن نوجز هذه المبادئ في مبدأين:
أ- مبدأ التناسل والنمو:
عندما نستعرض مؤلفات خالد أمين فإننا نلاحظ أنها تتخذ في مسارها وثيرة منتظمة ومتناسلة حيث نجد مؤلفاته ظهرت على الشكل التالي:
- ما بعد برشت، منشورات السندي، مكناس، 1996.
- المسرح المغربي بين الشرق والغرب Moroccan Theatre Between East and West -باللغة الأنجليزية- منشورات نادي الكتاب، كلية الآداب تطوان، 2000
- الفن المسرحي وأسطورة الأصل ، منشورات كلية الآداب تطوان، 2002
- الفرجة بين المسرح والأنثروبولوجيا، منشورات مجموعة البحث في المسرح والدراما التابعة لجامعة عبد مالك السعدي، 2002
- المرتجلة في المسرح الخطاب والمكونات، منشورات مجموعة البحث في المسرح والدراما التابعة لجامعة عبد المالك السعدي، تطوان، 2003
- مساحات الصمت -غواية المابينية في متخيلنا المسرحي-، منشورات اتحاد كتاب المغرب، الرباط، 2004
- المسرح المغربي بين التنظير والمهنية، منشورات مجموعة البحث في المسرح والدراما التابعة لجامعة عبد المالك السعدي، بتطوان، 2004.
- خالد امين، دراسات الفرجة، ط.1، منشورات المركز الدولى لدراسات الفرجة، طنجة، 2011.
والهدف من هذا الجرد توضيح مبدأ التناسل الذي يتسم به مشروعه، والمقصود بالتناسل هنا هو خروج أعمال المؤلف الواحدة من صلب الأخرى بما يعطيها نوعا من الوحدة والتكامل، بدءا بمفهوم الهجنة المسرحية الذي شكل موضوع الاشتغال في عمله (الفن المسرحي وأسطورة الأصل) و(مساحات الصمت وغواية المابينية)، ثم إعادة النظر في هذا المشروع مبرزا بعض نواقصه ومقترحا في الآن نفسه مشروعا جديدا ينطلق من رؤية جديدة ومن زاوية نظر مختلفة في كتابه (المسرح ودراسات الفرجة).
يمكن القول إن مؤلفات خالد أمين تقوم على فرضية مركزية كبرى هي نواة النظرية التي يعمل عليها مشروعه في مختلف مراحله من خلال البرهنة والتدليل عليها، بمناهج ومفاهيم متنوعة ومقاربات متعددة، ويتضمنها هاجسا واحدا رغم تنوع الأسئلة وتعدد القضايا والمرجعيات بكل ما تقتضيه الأسئلة من جرأة في الطرح ودقة في التناول، كما توضح تفاعل الناقد مع "نظريات غربية حديثة تحولت لديه إلى أداة تفكيك وتحليل، كما مكنته من تأسيس خطاب نقدي يقوم على الحوار مع هذه النظريات وتطويع مفاهيمها في جل كتاباته".
وبالتالي تدل قائمة الكتب السابقة على تنوع اهتمامات خالد أمين ونشاطه الفكري الخلاق، ولقد صدرت رؤيته النقدية وعمله المعرفي عن تصور يرفض النظريات الكلاسيكية أي تلك التي ترى في الأصل الغربي الأوروبي مصدر إشعاع، يغمر بضيائه الثقافات الأخرى.
إن مشروع خالد أمين يقوم على نسف فرضية المركزية وتفكيك أسطورة الأصل الدرامي، وتعد هذه الفكرة نواة عمله النقدي، كما يقوم مشروعه على فرضيات فرعية صغرى كروافد تعزز وتغذي الرافد الأصلي وبهذا تعطي هذه الفرضيات الفرعية للمشروع إمكانية النمو والتوسع واستيعاب مختلف الخطابات والمقولات والمفاهيم بالإضافة إلى الانفتاح على ممارسات فكرية ونقدية مختلفة عالمية ومحلية.
ب‌- مبدأي التركيب والتوليف:
يتسم مشروع خالد أمين بالطابع المركب سواء على مستوى رصد الظواهر المختلفة التي يتم الاشتغال عليها، أو على مستوى المناهج والنظريات والمفاهيم التي يتعامل معها، ومن هنا يتضح البعد التركيبي المرفق بالسمات التوليفية في أعماله النقدية حيث تظل كتابات خالد أمين عارفة بشروطها العلمية الواعية ومراعية لطبيعة الإرغامات التي يتطلبها التركيب بين مرجعيات مختلفة ومتباينة، خاصة وأن الناقد ينهل من خلفيات متعددة ومتنوعة ويستعير أجهزته المفاهيمية من المنجز الثقافي الغربي، فهو ملم بالنسق الثقافي الغربي وبنياته الذهنية وطبيعة تركيبته السياسية والاقتصادية والثقافية.
كما يستند الناقد إلى معرفة دقيقة بالنظريات ومناهج التحليل الغربية الجديدة التي كشفت فضيحة العقل الغربي في مرحلة الحداثة وبداية التفكير في دول العالم الثالث وعلاقة المستعمر بالمستعمر وعلاقة الذات بالآخر، والنتيجة هي إعادة قراءة المنجز المسرحي وفق هذه الآليات والأطروحات المابعد حداثية والمابعد استعمارية، والبحث عن الأنساق الثقافية الثاوية خلف الخطاب الغربي الأديولوجي الذي يعمل على إقصاء الثقافات الفرجوية المنتجة والحكم عليها بالدونية واللاعقلانية.
لقد استطاع خالد أمين بفعل بصيرته النافذة وعقله التركيبي البحث في الأنساق المضمرة التي تؤطر علاقة الأنا بالآخر، المستعمر بالمستعمر، الشرق بالغرب، الداخل والخارج، وهي ثنائيات تترد في مختلف كتاباته، وتنم عن سعة الرؤية والسعي إلى تجاوز هذه الثنائيات التي يرسخها الفكر الغربي المهيمن.
إن كافة كتابات خالد أمين النقدية تفصح بجلاء عن ميله إلى تطبيق أجهزة مفاهيمية مختلفة تتبادل عناصرها التأثيرات بشكل جدلي، حيث جاء بأدوات نقدية ما بعد حداثية ذات مولد غربي وبحث بها في المسرح المغربي، واستطاع أن يستقدم جملة من المفاهيم والنظريات والمناهج العلمية محاولا تطبيقها واستثمارها عمليا في قراءة المنجز المسرحي الغربي والعربي /المغربي.
2. - خالد أمين ومرجعية النقد الثقافي.
ارتكز خالد أمين على أدوات إجرائية ومفاهيم نقدية واليات منهجية تفك مغالق الفعل المسرحي، وتقبض في نفس الوقت على جوهر الممارسة الدرامية في الثقافات العالمية والمحلية، وهكذا تتعالق المعطيات الفلسفية والخطابات الفكرية في تشكيل وصوغ الخطاب النقدي عنده، وبالتالي تجاوز الناقد المقاربات السطحية للظاهرة المسرحية وصاغ تصور منهجي يحاصر الفعل المسرحي في أبعاده الشاملة والمختلفة.
حاول خالد أمين الانفلات من دوامة المناهج النقدية التقليدية الناهضة على تصور تبسيطي الذي أدى في "المراحل الأولى من تاريخ التجربة النقدية إلى انزلاق النقد المسرحي المغربي إلى التعميم الذي يعكس فقرا في الثقافة المسرحية".
اكتسب النقد المسرحي خصوصيته وملامحه في خطابات خالد أمين من خلال الارتباط بنظريات حداثية وما بعد حداثية، والانفتاح على التجربة المسرحية الغربية، والنزوع إلى ابتكار صيغة مسرحية جديدة منفتحة على ثقافات الفرجوية المختلفة والمتنوعة.
والجدير بالذكر أن "دينامية الحركة النقدية بالمغرب انسلخت عن ثوبها التقليدي لتعانق الحداثة النقدية"، وهكذا تشكلت الحركة النقدية عند خالد أمين على ثوابت أهمها:
- الانفتاح على مكونات الفعل المسرحي وفهم آليات اشتغاله ومكوناته وأنساقه الداخلية.
- الارتكاز على وعي قائم على معرفة عميقة بالاتجاهات المسرحية وخاصة النظرية البريختية، وارث ارطو وانفتاحه على الثقافات الفرجوية غير أوروبية، مما أدى إلى إثراء الحقل الاصطلاحي في كتاباته، بالإضافة إلى انفتاحه على مقولات نقاد ما بعد الاستعمار خاصة ادوارد سعيد، فرانز فانون، هومي بابا، غياتري سبيفاك وغيرهم.
- انتقاء مفاهيم وتصورات جديدة خاصة أطروحات النقد الثقافي وفلسفة الاختلاف، محاولا معالجة وضعية المسرح في ضوء الإشكالات الكبرى منها: الأنا والأخر، الاستعمار وما بعد الاستعمار، الشرق والغرب، الهجنة والأصل، وغير ذلك من الأجهزة المفاهيمية التي تنم عن انفتاح الناقد على الاتجاهات المابعد حداثية والمابعد استعمارية، والإطلاع على ما أفرزته الثقافة الغربية من تصورات ومقولات.
إن الخطاب النقدي عند خالد أمين يتأسس على رؤية تحليلية تركيبية تروم الموضوعية، وتسعى إلى تفكيك وفهم الظواهر المسرحية عبر مستوياتها المختلفة والمتعددة النصية والمرجعية، وقد نتج عن انفتاحه على المناهج النقدية والنظريات المختلفة:
أولا: محاولة صوغ منهج يراعي خصوصية المسرح العربي والمغربي، مما أدى إلى الارتقاء بالعملية النقدية من التلخيص إلى التفكيك والتقويض.
ثانيا: مساءلة المسرح الغربي من جهة ومساءلة واقع المسرح العربي والمغربي من جهة أخرى.
وهكذا أرسى خالد أمين ممارسة نقدية واعية تقوم على التجديد وإماطة اللثام عن الخطاب المسرحي الغربي والمغربي، حيث قام الناقد بمحاسبة الأخر ومحاسبة الذات لأن المسؤولية لا تقع فقط على الأخر الغربي بل تقع كذلك على الذات.
وبالتالي يعد خطاب النقد الثقافي وممارسته منهجيا من الأمور المعلنة في مشروع خالد أمين، إذ يتيح هذا النشاط إمكانية تغيير زاوية النظر إلى المسرح من وصفه شكلا جماليا إلى اعتباره حادثة ثقافية وسياسية، وهكذا "فإن الخطاب المسرحي استطاع أن يمتلك مقومات الكتابة الناضجة من خلال الانفتاح على الاتجاهات والطرائق المنهجية الغربية من جهة، وعبر البحث المستمر عن ملامح الخصوصية المحلية من جهة أخرى".
انفتح الناقد على نظريات عديدة خاصة اتجاه النقد الثقافي الذي يذهب إلى أبعد مما ذهبت إليه البنيوية حين نظرت إلى النص من الداخل وركزت على وحداته وأنساقه الداخلية، منصرفة عن باقي الجوانب الأخرى التي شكلت بنية النص، لذلك حاولت هذه النظريات توسيع أفاق النص الأدبي، كما استفاد من استراتيجية التفكيك وما تقدمه من مفاهيم في دراسة النصوص الأدبية، فالقراءة التفكيكية "تبحث عن اللبنة القلقة غير المستقرة، تحركها حتى ينهار البنيان من أساسه ويعاد تركيبه من جديد، وفي كل عملية هدم وبناء يتغير مركز النص، وتكتسب العناصر المقهورة أهمية جديدة، يحددها أفق القارىء الجديد، وهكذا يصبح ما هو هامشي مركزيا، وما هو غير جوهري جوهريا".
كما أتاح له هذا الاتجاه خلخلة جملة من الوثوقيات التي روج لها الفكر الغربي في سبيل إضفاء طابع الكونية على تقاليده الفرجوية، واحتواء وإقبار ما عداه من الثقافات الفرجوية الأخرى، حيث نجد أن كتاباته ظلت وفية لنفس الخلفيات الفكرية والمعرفية التي تشربها الناقد خاصة النقد الثقافي والمفاهيم التي تشتغل تحت مظلته: ما بعد الاستعمار، الاستشراق، مفهوم الهجنة، المركزية الغربية، التابع، ما بعد الحداثة وغيرها من المفاهيم التي تنسجم وطبيعة المناهج النقدية والنظريات التي يتوسل بها الباحث في قراءة المنجز المسرحي.
إن هذا المنظور الذي ينطلق منه الناقد كشف عن زيف الفرضيات الاستعمارية المتمركزة فنيا حول ذاتها، عبر والوعي الشديد بالسياق الثقافي المحلي في تكوين التفكير، وفهم النصوص الإبداعية، وفي ذلك إعادة الاعتبار للذات المحلية التي شيئت، ونظر إليها كذات لا فنية، وإعادة النظر في المركزية المسرحية الغربية الرافضة لفكرة الاختلاف الفني.
وبالتالي قام خالد أمين بتفكيك أسطورة الأصل من خلال العودة إلى الثقافات الفرجوية العربية الإسلامية من قبيل: طقس التعزية، خيال الظل...، والتقاليد الفرجوية المغربية: الحلقة، البساط، سلطان الطلبة...، وهي أشكال قام الآخر الغربي بحجبها وطمسها وإخراس صوتها، بفعل لقاء الذات العربية بالآخر الغربي، والانسياق وراء المؤثر الغربي، وهو انسياق فرض بالقوة لاسيما عندما تعثرت عمليات التحديث في مجتمعاتنا العربية الحديثة.
وفي ظل هيمنة النموذج الغربي نزعت العديد من التجارب المسرحية العربية نحو تأصيل الممارسة المسرحية من خلال ربطها بجذورها التراثية، وانفتاحها على الظواهر والأشكال الفرجوية التي يزخر بها المجتمع العربي مثل: السامر والحكواتي والمداح وخيال الظل... وغير ذلك من الأشكال الفرجوية، وفي هذا الصدد كشف خالد أمين عن واقع المسرح المغربي الذي يتأرجح بين الأنا والآخر، الشرق والغرب، المستعمر والمستعمر، وموزع بين موقفين: موقف يستلهم من الجماليات الفرجوية التراثية ويرفض كل ما يمت للآخر بصلة، وموقف آخر يسعى إلى تبني النموذج المسرحي الوافد من الغرب، في حين طرح الناقد مفهوم الهجنة للمصالحة مع وجدان الفرجة المغربية، انطلاقا من الحوار الإيجابي بين الأنا والآخر، الداخل والخارج، المستعمر والمستعمر، لأن تحديث الفرجة المغربية لا يمكن أن يتحقق في فعل الانغلاق والانطواء على التراث، واستحضاره بوصفه نموذجا مقاوما ومضادا للنموذج المسرحي الغربي، ولا في تبني الممارسة المسرحية الغربية وإعادة إنتاج فكرة الأصل، بل عن طريق إنتاج مسرح يقوم على أساس الهجنة من خلال الاستلهام الجماليات الفرجوية التراثية من جهة، والاستفادة من النماذج المسرحية الغربية من جهة أخرى لإنتاج نموذج جديد يحمل البصمة المحلية ويسمح بالتفاوض مع الآخر المستعمر.
إن تحديث الفرجة المغربية من منظور الناقد لا يمكن أن يتحقق في فعل الانغلاق والانطواء على التراث، واستحضاره بوصفه نموذجا مقاوما ومضادا للنموذج المسرحي الغربي، ولا في تبني الممارسة المسرحية الغربية وإعادة إنتاج فكرة الأصل، إن التحديث لا يمكن أن يتم دوما عن طريق اجترار أساليب جاهزة سبق التعامل معها تنظيرا وممارسة، بل عن طريق إنتاج مسرح يقوم على أساس الهجنة من خلال الاستلهام الجماليات الفرجوية التراثية من جهة، والاستفادة من النماذج المسرحية الغربية من جهة أخرى لإنتاج نموذج جديد يحمل البصمة المحلية ويسمح بالتفاوض مع الآخر المستعمر.
طرح الناقد مفهوم الهجنة للمصالحة مع وجدان الفرجة المغربية، انطلاقا من الحوار الإيجابي بين الأنا والآخر، الداخل والخارج، المستعمر والمستعمر، لذا يدعو خالد أمين إلى عدم الارتكاز على ثقافة ماضوية، ولا الانكفاء، لأن إنكار الثقافة الغربية لا يشكل بحد ذاته ثقافة، والرقص المسعور حول التراث المفقود، كما يذكرنا المفكر المغربي (عبد الله العروي) لن يجعله ينبعث من رماده فالمطلوب أن نتواجد وأن يكون لنا حضور كوني، ولا ينبغي أن نكتفي بذلك، بل علينا أن نصحح السرد الأحادي الذي ابتدعه الغرب، وأراده أن يكون سردا كونيا لصالحه، ولكل الأزمنة.
لهذا أضحى المسرح يتأرجح بين الأنية والغيرية والهوية والاختلاف، وفي الحد "الفاصل بين السردين: السرد الغربي والسرد المحلي/ السرد العربي الاسلامي، هكذا تسوق المسرح المغربي مع شرط الهجنة"، حيث يؤكد خالد أمين على ضرورة التهجين بين الفكر الأوروبي والذات العربية، والتحرر من الفكر الماضوي السكوني واستقبال الآخر بروح التكامل.
استطاع خالد أمين أن يستفيد من أطروحات النقد الثقافي ونظرية ما بعد الاستعمار في تحليله للظاهرة المسرحية، كما استمد مفاهيمه ومقولاته من أطروحات النقاد ما بعد الاستعمار ولعل أبرزهم ادوارد سعيد، فرانز فانون، هومي بابا، غياتر سبيفاك...، وهذه الخاصية تميز جميع كتابات خالد أمين النقدية، أي قدرته على التركيب بين مناهج ومفاهيم واطروحات متنوعة ومتعددة، التي أسعفته في الكشف عن الأنساق المضمرة التي تحكمت في العلاقة بين الشرق والغرب، الأنا والآخر، المستعمر والمستعمر، الداخل والخارج.

المراجع:
- حسن المنيعي، النقد المسرحي العربي (إطلالة على بدايته وتطوره)، المركز الدولي لدراسات الفرجة، ط.1،2011.
- حسن يوسفي، المسرح والانثربوولجيا، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، ط.1، نوفمبر،2002.
- حسن يوسفي، المسرح والفرجات، المركز الدولي لدراسات الفرجة، ط.1، اكتوبر، 2012.
- خالد أمين، مساحات الصمت غواية المابينية في المتخيل المسرحي، منشورات اتحاد كتاب العرب، ط.1، 2004.
- خالد أمين، "الفن المسرحي واسطورة الاصل"، منشورات الطوبريس، ط.1، 2002.
- خالد أمين، الفن المسرحي وأسطورة الأصل، منشورات الطوبريس، ط.1، 2002.
- خالد أمين يتحدث عن مساراته، مجلة مغرس، بيان اليوم نشر في بيان اليوم يوم 06 - 06 - 2011 .
- خالد امين، المسرح ودراسات الفرجة، منشورات المركز الدولى لدراسات الفرجة، ط.1، طنجة، 2011.
- عبد الرحمان بن زيدان، خطاب التجريب في المسرح المغربي، مطبعة ساندي، ط.1، مكناس،1997.
- عبد العزيز حمودة ، المرايا المحدبة من البنيوية إلى التفكيك، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1998.
- محمد محبوب، المسرح المغربي اسئلة ورهانات، ط.1، 2011.
- عبد الكبير لخطيبي، النقد المزدوج، منشورات الجمل، ط.1، بيروت، 2009.
- هومي بابا، "موقع الثقافة"، ترجمة: ثائر ديب، ط.1، المركز الثقافي العربي، الدار بيضاء، 2006.

-----------------------------------------------
المصدر : الحوار المتمدن

الاثنين، 29 مايو 2017

مسابقة للعروض المسرحية باللغة الفرنسية على مسرح الزهراوي بحمص

مجلة الفنون المسرحية

مسابقة للعروض المسرحية باللغة الفرنسية على مسرح الزهراوي بحمص


أقامت مديرية التربية بحمص بالتعاون مع دائرة المسرح المدرسي اليوم مسابقة للعروض المسرحية باللغة الفرنسية على مسرح الزهراوي شارك فيها طلاب من عدة مدارس “ثانوية عبد الحميد الزهراوي.. ثانوية الجولان.. سكينة .. ثانوية الجلاء .. رضا صافي.. فائق محمد.. صفوان الصباغ.. بدر حرفوش”.

وتضمنت المسابقة ستة عروض باللغة الفرنسية حملت عناوين “النضال ضد التدخين.. العصفور والطفل.. حماية الطبيعة..غطاء والدي.. حفلة عيد الميلاد ..بياض الثلج”.

وأشار الياس حاصود الموجه الأول للغة الفرنسية بوزارة التربية في تصريح لمراسلة سانا إلى ان مسابقة العروض المسرحية باللغة الفرنسية هي مسابقة على مستوى سورية حيث أجريت العروض في ريف دمشق والسويداء ودمشق وطرطوس واللاذقية وحماة وحلب وستصدر التقييمات في الأسبوع الأول من الشهر المقبل ليتم اختيار عرض واحد من كل محافظة وتتنافس العروض في دمشق.

ولفت حاصود إلى أهمية الخروج من إطار الغرفة الصفية وتفعيل المهارات الشفوية عند الطلاب وتشجيعهم على ممارسة اللغة والشعور بأهميتها إضافة إلى المهارات الحياتية التي يصدرها المسرح فهو يمكن الطالب من الوقوف أمام مجموعة من الأشخاص والتعبير عن رأيه وامتلاك قوة الشخصية.

بدوره أشار مدير التربية بحمص أحمد الإبراهيم إلى أهمية تعلم اللغات الأخرى منوها بالجهود التي يبذلها الموجهون الاختصاصيون لتحويل هذه اللغات إلى عمل حي كون تعلم اللغات يمكننا من التواصل مع باقي الحضارات وتبادل الخبرات لافتا إلى سعي مديرية التربية لدعم النشاط اللاصفي من خلال تشجيع المسرحيات الهادفة التي تعزز القيم الأخلاقية والوطنية.

كما أوضحت المدرسة مروة سعد ان الهدف من تنظيم هذه العروض هو التشجيع على تعلم اللغة الفرنسية وتجاوز عقبة الخوف أو القلق منها وإظهار حيويتها وبساطتها مبينة أن تفاعل الطلاب كان كبيرا حيث تم العمل منذ أول العام الدراسي على الرغم من جميع الصعوبات.

بدورها أوضحت الطفلة آية اسماعيل ان مشاركتها في أحد العروض المسرحية يعود لحبها للغة الفرنسية وهي تجربة رائعة وجديدة بالنسبة لها.

---------------------------------------
المصدر : وكالة سانا 

مسرح الشارع ظاهرة ثقافية يمكن تطويرها

مجلة الفنون المسرحية

مسرح الشارع ظاهرة ثقافية يمكن تطويرها

سامي عبد الحميد

بمبادرة من (تجمع فنانو العراق) وبتنظيم من كريم جنجر، أقيم مهرجان مسرح الشارع في المركز الثقافي البغدادي يوم 31/3/2017 وشاركت في المهرجان مجاميع شبابية من مختلف محافظات العراق وبرغم بدائية تلك العروض وخلوها من الحرفية العالية وتواضع طروحاتها الفكرية، إلا انها مثلت بدايات طموحة يمكن أن تتطور في المستقبل. ومما يؤخذ على منظمي هذه التظاهرة الفنية، انهم اكتفوا بمكان واحد لتقديم العروض وابتعدوا عن بيئة مسرح الشارع، وهي بيئة متنقلة بمعنى أن العروض تقدم في اماكن مختلفة غير المباني التقليدية للفن المسرحي، وأن تتحول العروض بين الشوارع والساحات العامة. لقد كانت بيئة المركز الثقافي البغدادي غير مناسبة لتقديم عروض مسرح الشارع، وذلك بسبب تداخل اصوات أخرى مع أحداث الممثلين العارضين مما ضيّع على الجمهور الملتقي حول منصة التمثيل، الكثير من الحوارات والجمل، ومن تلك الأحداث المتداخلة ضجيج الموجودين في باحة المركز من غير جمهور المسرح، وكذلك اصوات الاغاني الصادرة من إحدى القاعات القريبة من مكان العرض. 
ولعلَّ من المفيد أن نطلع القارئ الكريم على نبذة مختصرة عن تاريخ مسرح الشارع في العالم العربي والشرقي وطبيعة عروضه المسرحية وفنون الأداء.
الكثير من تسليات الشارع أصولها على أكثر من احتمال في مهارات ألعاب الشعوذة والألعاب السحرية أو الاكروبات، والتي تبعد الجمهور عن مشاغل الحياة اليومية بوسائل بسيطة، ومسرح الشارع قديم، قدم مفترق الطرق القديمة. ويرتبط مسرح الشارع بالمهرجانات والكرنفالات والمرح الصاخب ومجاميع الشغب والاجتماعات الشعبية التي تربك الروتين بالأفعال غير المهذبة والوحشية. وإدخال ما هو خارق في ماهو دنيوي وتحدي السلطة بالنكسات الرخيصة وتقوية الطعن بالبصر. 
كان التمثيل الصامت وما سمّي (المنسترل) في اميركا، والحكواتي، والذي قالوا شعبية في المعارض والأسواق في اوروبا في القرون الوسطى جانباً واحداً من شبكة واسعة من الثقافة الانتقالية والتي تبحث المسرة في نفوس الملايين من البشر الموجودين في الشوارع، ويمكن أن يكون مسرح الشارع مضحكاً ومتسامياً في آن واحد وأن يكون متكلفاً ومصقولاً ومحرضاً أحياناً.
أمنت الحضرية المتعجلة في المجتمعات القريبة في القرنين الأخيرين للألفية الماضية، بأن مسرح الشارع مهنة اعتيادية واسعة الانتشار، ولها ابعاد مخيفة في الإعدامات أمام العامة والاعمال العنيفة في كل مكان، وانعكست في انكلترا خلال القرن التاسع عشر في (القروتسك البشاعة المضحكة) وفي عروض الدمى لما سمي (بنج وجودي) وفي اميركا في الخدع التي تقدمها فرق (المنسترل) الزنجية. وفي أواسط القرن العشرين كان لها اغراض متسعة ومتعددة ابتداءً من التسلية والتي تدّعي البراءة البدائية في عروض التهريج الايماني في المدن الساحلية الانكليزية ومشاركة مكثفة للصراع السياسي والتمرد في مجاميع التمريض للثلاثينيات والحركات التحريضية المتحررة خلال الستينيات لأجل الحقوق المدنية في اميركا والاحتجاجات ضد الحرب الفيتنامية، وهنا اتذكر مسرحية الكاتبة (ميغان تيدي) الموسومة (فيت روك) والتي قدمها في العراق الراحل (جعفر علي) وتشير إلى عروض فرقة مسرح الخبز والدمى لبيتر شومان وهي الفرقة الاميركية التي كانت تتحول بعروضها المسرحية بين اماكن مختلفة، حيث التجمعات السكانية ويعبر عن احتجاجها على الظروف الاقتصادية والسياسية السيئة في بلادها.


---------------------------------------
المصدر : جريدة المدى 

عرض مسرحية «النمرود» لسلطان القاسمي .. في مالمو السويد

مجلة الفنون المسرحية

عرض مسرحية   «النمرود» لسلطان القاسمي  ..  في مالمو  السويد


تحطّ مسرحية «النمرود»، التي ألفها صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في مدينة مالمو السويدية، في 14 أغسطس المقبل، تلبية لدعوة فرقة مسرح بلا حدود في السويد على مسرح بالاديوم.

وقال رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، عبدالله بن محمد العويس، إن «دعوة عرض (النمرود) في السويد تعزّز التبادل الثقافي كأحدى مفردات الحوار الحضاري، الذي يدعو له صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي»، مشيراً إلى أن «دعم صاحب السموّ حاكم الشارقة للمشاركة، يأتي استمراراً لدعمه المتواصل لكل نشاط ثقافي، الذي تتضح نتائجه الإيجابية أثناء تنظيم الأنشطة الخارجية، وأبرز تجلياته الحالية تلبية هذه الدعوة».

وأضاف العويس أن «اختيار (النمرود) للعرض مرده إلى أنها أحد الأعمال المسرحية المهمة لصاحب السموّ حاكم الشارقة، ونموذج يمكنه أن يعطي صورة عن الحركة المسرحية في دولة الإمارات، كما أن المسرحية تشكل بوابة للتبادل المسرحي بين الثقافات، إذ عرضت المسرحية من قبل في أكثر من بلد عربي وأجنبي». من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة مسرح الشارقة الوطني وبطل عرض مسرحية «النمرود»، أحمد الجسمي، إن «المسرحية صاغها صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، لتكون صالحة لكل زمان ومكان، فهي عرض متجدّد ومستمر، نظراً لضخامة الإنتاج، وتنقّل المسرحية من مكان إلى آخر في دول مختلفة من العالم»، مضيفاً أن «عرض المسرحية أمام الجمهور السويدي سيسهم في تعميق الحضور الثقافي العربي في المشهد العالمي». وأشار الجسمي إلى أن «العرض يحمل قضايا إنسانية تلامس الواقع الصاخب الذي يشهده العالم اليوم، وتمنح المشاهد السويدي الفرصة للاطلاع على تجربة المسرح الإماراتي».

يذكر أن النصوص المسرحية لصاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، تتميز بطرح القضايا العربية في إطار مسرحي، ويحرص سموّه على الدعم الدائم والمتواصل للحركة المسرحية العربية، إيماناً منه بدور فن المسرح في المجتمع، وفي التغيير الإنساني للارتقاء في مداركه ووعيه الثقافي.

عبدالله العويس : (النمرود) أحد الأعمال المسرحية المهمة لحاكم الشارقة.. ونموذج يعطي صورة عن الحركة المسرحية في دولة الإمارات.

أحمد الجسمي : العرض يحمل قضايا إنسانية تلامس الواقع الصاخب، وتمنح المشاهد السويدي فرصة الاطلاع على تجربة المسرح الإماراتي.

--------------------------------------------
المصدر : الأمرات اليوم 

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption