أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

السبت، 10 يونيو 2017

جحيم بول سارتر في مشرحة المسرح التونسي

مجلة الفنون المسرحية

جحيم بول سارتر في مشرحة المسرح التونسي

مصدق عبدالنبي


مسرحية 'بورقة' تتمرد على المعهود بنص موغل في التراجيديا حيث تعالج ثلاث قضايا تتلخص في العلاقة مع الآخرين والانغلاق على الذات والحرية.

تجرأ المخرج التونسي جمال ساسي وسط مشهد مسرحي سمته الأبرز الكوميديا و”الوان مان شو”، على نفض الغبار عن نص قديم لجون بول سارتر موغل في التراجيديا، وتقديمه على شكل عمل مسرحي عالج من خلاله جملة من القضايا الملحة، وفي ذلك مغامرة غير مضمونة العواقب ضمن السياق الثقافي التونسي الراهن.

في فضاء موحش مكوناته كراس ثلاثة وتمثال برونزي وباب موصد وأضواء خافتة وممثلون ثلاثة رابعهم سجان، تنتابهم جميعا موجات من الخشية والتوجس، تبدأ أحداث مسرحية “بورقة” (فوضى) لمخرجها الممثل التونسي جمال ساسي.

“بورقة” اقتباس تونسي من المسرحية الأصل “ويكلو” أو “الأبواب المغلقة” لصاحبها جون بول سارتر، وقد كتبت في العام 1943 إبان ظرف عالمي يتسم بالنزاعات والحروب، مما انعكس على طبيعة الكتابات آنذاك.

اختار جمال ساسي لتمثيل الشخصيات الأربع في مسرحيته كلا من جمال مداني، وليلى الشابي، وإيناس عبدالسلام، ولسعد الجلاصي، وتختلف كل الشخصيات عن بعضها البعض اختلافا جذريا، فالأول صحافي خرّب جسده برصاصات عشر أطلقت عليه، والثانية موظفة بالبريد، والثالثة شابة بورجوازية متمرّدة، والرابع سجان في شكل خادم بغيض.

استطاعت المسرحية جمع كل هذه المفارقات في فضاء واحد وهو الجحيم، فهذا مصيرهم جميعا بعد ترجلهم عن أعباء الحياة. ويتحتم عليهم البقاء في نفس المكان والزمــان معا إلى ما لا نهاية له، رغم اختلافهم.

المخرج جمال ساسي يحاول في “بورقة” أن يؤكد على ثنائية العلاقات الإنسانية، فقد تتسم بالانغلاق ورفض الآخر المختلف، أو أنها تنحو باتجاه الانفتاح على الغرباء
تبدأ المشاهد المتسارعة للمسرحية بلقاء جاف بين ثلاثة من سكان للجحيم، يقودهم خادم عبوس يكتفي فقط بالرد على أسئلة الوافدين الجدد باقتضاب، ثم ينسحب بهدوء وراء باب موصد بإحكام. يجد غسان الصحافي نفسه وجها لوجه مع إسمهان الشابة البورجوازية، وإيناس موظفة البريد، يجمعهم رابط وحيد هو الجحيم، أي الإطار المكاني.

وتبدأ قصة تعارف الشخصيات على بعضها البعض، فيميل كل طرف لتبرئة نفسه من التهم التي أدّت به إلى هذا المكان السحيق، محاولا الذود عن براءته، إلاّ أن طول الزمن والجو المشحون يؤدّيان بهم في نهاية المطاف إلى سرد اعترافاتهم دون إخفاء عناصرها المؤلمة.

أثناء العرض تتكون تحالفات وبعض التفاهم بين الشخصيات الثلاث، ويكون محور الصراع دائما موظفة البريد سليطة اللسان، التي تخطط باستمرار لإرباك أيّة محاولة للتقارب بينها وبين الطرفين الآخرين، أو بين الطرفين الآخرين بعيدا عنها، وفي هذا إشارات إلى عمق الصراعات وتداخل المصالح بين مختلف الفاعلين في المجتمع، والممثلون الثلاثة عينة مصغرة منه.

يحاول المخرج جمال ساسي في “بورقة” أن يؤكد على ثنائية العلاقات الإنسانية، فقد تتسم بالانغلاق ورفض الآخر المختلف، أو أنها تنحو باتجاه الانفتاح على الغرباء، والقبول بهم والتعايش معهم، أو التجلد أمام سيل انتقاداتهم ومواقف عدم رضاهم. تعالج المسرحية ثلاث قضايا على غاية من الأهمية، وتتلخص في العلاقة مع الآخرين والانغلاق على الذات والحرية.

النص الأصلي لمسرحية “بورقة” لكاتبه جون بول سارتر موغل في الوجودية، وينجز هذا النص لأول مرة في تاريخ المسرح التونسي، وبالرغم من ذلك حاول جمال ساسي إضفاء بعض المشاهد، التي نجحت في منحه بعضا من الإيحاءات على الواقع اليومي المعيش في تونس.

المسرحية استطاعت جمع كل هذه المفارقات في فضاء واحد وهو الجحيم، فهذا مصيرهم جميعا بعد ترجلهم عن أعباء الحياة
وينسحب جزء كبير من النص الأول لجون بول سارتر على واقع التونسيين، بكل ما يكتنفه من غموض وصراعات بين التيارات المجتمعية والسياسية على اختلاف مشاربها.

ولئن كانت أحداث العنف الجسدي أبرز سمات الأعمال المسرحية العالمية التي اقتبست نص سارتر، فإن المخرج جمال ساسي اختار العنف اللفظي مطية له، ليكشف المنسوب العالي من التجريح وعنف الكلمة، اللذين ميزا الحراك السياسي والاجتماعي في تونس بعد ثورة الرابع عشر من يناير، وطيلة المسار الانتقالي وفترة المخاض العسيرة التي عاشتها البلاد.

نجح ساسي في إيصال رسائل عديدة لجمهور تونسي يميل أكثر نحو العروض الكوميدية، أو إلى تلك الجدية الملتصقة كثيرا بالواقع السياسي والاجتماعي المحليين، حيث صفق الجمهور بحرارة خلال عدد من المشاهد التي أدّاها الممثلون الثلاثة بحرفية عالية.

رسائل جمال ساسي في المسرحية تلخصت في ضرورة إنهاء الاعتماد على نظرة الآخر لنا معيارا أساسيا لتقييم ذواتنا، ووجوب الانفتاح على الآخر مهما اختلف عنا، وتقبّل قناعاته على تنوّعها وتعدّدها.

------------------------------------------------------
المصدر : جريدة العرب 

الجمعة، 9 يونيو 2017

من فوق برج ايفل الفرنسيون يطلون على مسرح الشباب العراقي

مجلة الفنون المسرحية

من فوق برج ايفل الفرنسيون يطلون على مسرح الشباب العراقي


يزور هذه الايام وفد فني فرنسي متخصص بشؤون المسرح للاطلاع على واقع الحركة المسرحية الشبابية في العراق .وفي لقاء خاص مع موقع دائرة السسينما والمسرح  الرسمي تحدثت السيدة ياقوته بلقاسم مديرة الوفد الفرنسي ومديرة الاعمال الفنية في شركة (سيوا الفرنسية ) عن طبيعة الزيارة والغرض منها فاجابت : ان الهدف الاساس من الرزسارة هو ان الفرنسيين بعيدون عن الابداع المسرحي العراقيولهذا كان لديهم هدف بان يكتشفوا المنجز المسرحي الشبابي العراقي باكبر قدر ممكن وذلك بسبب الانعزال الاعلامي الدولي عن ابداع المسرح العراقي اضافة الى نقل تجربة هذه العروض وافكارها للدول المتطورة في مجال الفن المسرحي عالميا ً , واشارت بلقاسم الى ان زيارتنا هي ليست لتقييم العروض وانما هي مشاهدة ونقل هذه التجارب للعالم وهي بمثابة بحث استقصائي للتجارب المسرحية العراقية الشبابية . وفي سؤال اخر حول وجود بروتوكول مسبق لهذه الزيارة وهل يشمل نشاطات اخرى ؟قالت بلقاسم , بالاساس هناك مشروع تعاون بين المخرجين والمؤالفين والممثلين الفرنسيين مع مجموعة من امثالهم من الفنانين العراقيين وهي ايضا تلبية لدعوة الدكتورة اقبال نعيم مدير عام دائرة السينما والمسرح في العراق وحول الانطباع المسبق عن المسرح العراقي اجابت , ان المسرح العراقي له تاريخه الكبير في المنطقة وله حضور على المستوى العربي والاقليمي .ومما تجدر الاشارة اليه ان الوفد الفرنسي قد شاهد عرضين شبابيين هما ( امونيوم ) للمخرج علي دعيم والثاني مسرحية ( سيلفا ) اخراج امير ابو الهيل . علما ان هناك ثلاثة عروض مسرحية لهذا اليوم الخميس سيشاهدها الوفد الفرنسي وهي مسرحية (نويز) الساعة الرابعة عصرا على منتدى المسرح ومسرحية ( سرداب ) الساعه السادسة مساءا على مسرح الرافدين اما العرض الثالث فهو مسرحية توبيخ الساعة التاسعة مساءا ًعلى خشبة المسرح الوطني .

تصوير : أسامة صبري









خط شروع جديد لانطلاق ابداعات منتدى المسرح

مجلة الفنون المسرحية
الفنان المسرحي حيدر جمعة 

خط شروع جديد لانطلاق ابداعات منتدى المسرح

عبر الفنان الشاب حيدر جمعة عن سعادته لانه وجد المتنفس الذي ينطلق من خلاله الى فضاءات مسرحية ارحب... جاء ذلك خلال حديثه للموقع الاليكتروني لدائرة السينما والمسرح...مشيرآ الى اته منذ ثلاثة اشهر لاستلامه هذه المهمة ونحن نعمل انا وفريقي الشبابي المتطوع ضمن خطة عمل اعدت لهذا الغرض بالتأكيد على نقطتين مهمتين هما 1 - الاهتمام بالبنية التحتية وإعمار المكان 2 - نةاصلة تقديم المشاريع الفنية. حيث اعمل بشمل متواصل بعيدآ وقت العنل الوظيفي من الساعة التاسعة صباحآ وختى الساعة العاشرة ليلآ...وعن سبب الاصرار للعمل بعذه الطريقة..قال حيدر...لقد تربيت صح اسريآ وفنيآ لإن الفن عطاء اكثر مما هو أخذ إضافة الى ان الدمار كبير

وانا فرح بهذا الجيش الشبابي المسرحي من طلبة معهد الفنون الجميلة وكلية الفنون الذي يعنلون معي من دون مقابل ويدفعهم حبهم للمسرح..

وعن ما تم تقديمه خلال هذه الفترة الوجيزة.. قال الفنان حيدر ..قدمنا ستة مسرحيات هي (( امونيا / نويز / سلفة/ هاملت / اليوم العاشر للفنان الكبير سامي قفطان / ولستظافة عرض لجبار جودي..)) فضلآ عن اختفائنا بالفنانين الكبار سامي عبد الحميد/ فاضل خليل / جواد الاسدي وسنحتفي ايضآ بالفنان الكبير صلاح القصب ..بالإضافة الى ذلك والحديث للفنان حيدر جمعة اننا نعمل ايضآ مع الفنون المجاورة كالطلسات الموسيقية التراثية والمعارض الفوتوغرافية وآخرخرها مان معرضآ للمصور احمد الزيدي.

اما مشاريعنا القادمة متعددة وسنذكرها تباعآ حالما تكتمل وتنضج ..بالإضافة الى للتحضير لمهرجان منتدى المسرح الذي يحتاج الى جهود كبيرة للظهور بشكل افضل واجمل...ولدي خطة لمفاتحة جميع السفارات لاستقدام العروض العالمية مو بلدانهم الى العراق..

واتمنى ان تنتقل عدوى المحبة الى كل الوسط الفني مثلما هي في المنتدى بفضل تواصل وتشجيع الدكتورة اقبال نعيم ندير عام دائرة السينما والمسرح...

الوفد الثقافي الفرنسي .. يشاهد مسرحية الرقص التعبيري (نويس) في منتدى الشباب المسرحي

مجلة الفنون المسرحية

الوفد الثقافي الفرنسي .. يشاهد مسرحية الرقص التعبيري  (نويس) في منتدى الشباب  المسرحي

جمعة السوداني ـ قاسم الفوادي
تصوير/ محمد حران

تواصلت يوم الخميس 1/6/2017 العروض المسرحية الشبابية في يومها الثاني بمناسبة زيارة الوفد الثقافي الفرنسي الى بغداد الذي يضم العديد من الشخصيات الثقافية والفنية والادبية  للاطلاع على واقع المسرح العراقي  بما يمتلكه العراق من ارث وعمق فني ومسرحي كبير  فضلا عن اخر الاعمال الفنية  التي يقدمها الفنانين المسرحيين الشباب  وتعزيز التواصل الثقافي المستمر ما بين العراق ودول اوربا لتحقيق التلاقح الثقافي ونقل الصورة الحقيقية عن الواقع العراقي المحب للفن والسلام .
 فعلى خشبة منتدى المسرح قدمت مسرحية (نويس) وهي من تأليف واخراج الفنان الشاب رسول عباس وتمثيل مجموعة من الشباب والمسرحية تعكس الواقع الصعب الذي يعيشه الشعب العراقي من خلال القتل المستمر والدمار الذي تمارسه المجاميع الارهابية المتمثلة بداعش ، والتحدي الاكبر للشعب العراقي في التصدي لذلك الارهاب ، وقد انطلقت المسرحية عبر ثلاث ثيمات وهي ( القتل والضوضاء والاختناق ) والتي عبرت عنها من خلال الرقص التعبيري والموسيقي وهي العلامات التي يمكن التعرف من خلالها على فكرة المسرحية  .
من جانبه اشاد الوفد الثقافي الفرنسي بهذه العروض المتميزة التي قدمها هؤلاء الشباب من خلال المداخلات النقاشية والفنية والتي جرت بعد انتهاء العرض المسرحي  .
الجدير بالذكر ان العروض انطلقت يوم امس الاربعاء بعرضين مسرحيين ، الاول على خشبة منتدى المسرح بعنوان (امونيا) تأليف واخراج وتمثيل عبد علي دعيم ، والثاني كان مسرحية (سلفة) تأليف واخراج ماجد عبد جمعة .
وسيكون الختام يوم السبت الموافق 3/6 بعرض مسرحية (هاملت) تأليف وليم شكسبير ، واخراج فكرت فاضل .

القسم الاعلامي
دائرة العلاقات الثقافية العامة
1/6/2017

الخميس، 8 يونيو 2017

المسرح السوري في سنين الجمر: هل كتب السوريون تراجيديتهم؟

مجلة الفنون المسرحية

المسرح السوري في سنين الجمر: هل كتب السوريون تراجيديتهم؟

علاء الدين العالم

خير ما تسمى به الحالة السورية، هو "تراجيديا إنسانية"، تراجيديا بكامل عناصرها المأساوية، وضعت الجميع أمام أسئلة جذرية عن الهوية والمجتمع والحرية، وفرضت واقعاً مشتعلاً يكوي كل من يقاربه. من هنا، وكغيره من المجالات الاجتماعية، وجد الفن نفسه أمام واقعٍ قاسٍ وزاخر بالأحداث، هرولت السينما نحو توثيق اللحظة الراهنة، وفتحت السردية السورية الكبرى الأدب على مصراعيه أمام أناس متعطشين للبوح، ماتت فنون أو تكاد، وأحييت أخرى، ولكن، ماذا عن المسرح السوري في هذه التراجيديا؟ وقبل ذلك، علامَ يدلل تركيب "المسرح السوري"؟ هل يقتصر على المسرح المُقدم في سورية تحت ظروف قاسية جداً، أم أنه يتسع ليشمل المسرحيين السوريين المتفرقين في أصقاع الأرض؟ وإذا كان المسرح عامة ــ والسوري على وجه الخصوص ــ محكوماً قبل أعوام "بالأمل" فهل هو اليوم محكومٌ بالعمل؟

في ظل هذا التوسع لمفهوم المسرح السوري، لم يعد ممكناً لمقالٍ نظري ــ مهما اتسع ــ أن يحيط بحال المسرح السوري في ظل الانفجار الذي تشهده سورية اليوم، لذلك سعت "ضفة ثالثة" إلى نقل حال المسرح السوري اليوم على لسان فاعليه الذين تحدثوا عن أثر الحالة السورية على المسرح، هل عاد الزخم الحاصل بالإيجاب على المسرح السوري أم لا؟ وكيف تم ذلك؟

هنا هذه المقاربات:



د.ماري الياس:

لم يكتب السوريون تراجيديتهم

كانت الناقدة والمترجمة د.ماري الياس، وهي المدرسة العريقة في المعهد العالي للفنون المسرحية، من أوائل الفاعلين الثقافيين الذين سعوا إلى خلق مسرح مستقل في سورية، عبر عمل مؤسساتي تطور حتى استحال إلى مؤسسة "مواطنون.فنانون" المستقلة التي تقدم كل عام دعماً للمشاريع المسرحية السورية. عن التراجيديا السورية والمسرح قالت:

"بالفعل تحولت الحالة السورية إلى تراجيديا إنسانية، لكن لم ينعكس هذا في المسرح السوري إلا قليلا، بل وقليلاً جدا. ببساطة لم يكتب السوريون إلى الآن "تراجيديتهم"، لم يكتبوا إلى اليوم ما يعطي هذه التراجيديا حقها. لم أطّلع على كل ما كتب، لكن ما يلفت النظر هو ما يُقدم داخل سورية، ومحاولة تجاهل الحدث، وهي أحد الأسباب التي تستدعي دعم العروض المسرحية التي تقارب التراجيديا السورية، فالأغلب يقارب الحدث من مسافة بعيدة جداً، لذلك نرى جل العروض المسرحية المقدمة في سورية تطرح أفكاراً هامشية نسبة لزخم هذه التراجيديا الإنسانية، وإذا كانت الرقابة قد حالت دون تقديم عروض مسرحية تقارب الحدث فعلاً، فإن هذه الرقابة ليست حاضرة بذات الصورة في عملية الكتابة المسرحية التي عجزت هي الأخرى إلى اليوم عن كتابة ما يتسق مع التراجيديا التي نحياها.

أما المحاولات التي حصلت خارج سورية، فأغلبها اتجه إلى اللاجئين، لكن هل يكفي طرح موضوع اللاجئين مسرحيا لنقل المأساة السورية؟! فمثلا عمل كل من عمر أبو سعدة (مخرج) ومحمد العطار (كاتب) في عروض "بينما كنت أنتظر، الطرواديات، أنتيغونا" ، وقاربا الحالة السورية. وتجدر الإشارة إلى أن العطار كان أول من كتب للمسرح في هذا السياق، وحاول مع أبو سعدة الاستناد إلى التراجيديا اليونانية في مقاربة التراجيديا السورية، كما في عرضهما "الطرواديات" عن نص بالاسم ذاته للكاتب اليوناني يوربيدس. أعطى يوربيدس اليوناني الكلام فيه لنساء من طروادة يتكلمن عن مأساتهن، وهنا مكمن القوة في النص، الكاتب المنتصر (اليوناني) يتكلم بلسان العدو (الطروادي)، وللأسف في العرض السوري لم تستثمر نقطة القوة تلك، كونه أعطي الكلام لنساء لاجئات لم يستوعبن مأساتهن تماما، كونها مازالت حديثة العهد.

من جهة أخرى، حاول بعض الشباب الكتابة من خلال ورشات الكتابة المسرحية، أذكر منها اثنتين نظمتهما "مواطنون.فنانون" وورشة أقامتها "Royal court" و"Britsh counsl"، وأنتجت هذه الورشات بعض النصوص منها نص "عندما تبكي فرح" لمضر الحجي الذي تفاءلت به خيرا لما فيه من بادرة نقدية للثورة الحقيقية، الثورة على الذات قبل المجتمع. لكن رغم ذلك، لم نقرأ نصاً إلى اليوم يقدم نظرة أدبية شاملة على ما جرى، وقد يكون هذا منطقيا كوننا ما زلنا في عين العاصفة، وما زالت الصورة غير واضحة.




تدعم اليوم "مواطنون.فنانون" المشاريع المسرحية المستقلة، لكن هذا ليس وليد الثورة، بل من الخطأ الحديث عن نشوء مسرح سوري مستقل بعد الحراك فقط، فأنا عملت منتصف العقد الماضي مع المعهد المسرحي في استوكهولم على تمويل عروض مستقلة داخل سورية، وقدمت للسويديين حينها اقتراحا يُعنى بتشجيع الشباب على الكتابة والإخراج المسرحي، وبالفعل تم المشروع، وتم تمويل بعض العروض وتشجيع الشباب على تقديم مسرح مستقل، ومن جملة العروض التي دعمناها وشجعنا أصحابها عرض "الشريط الأخير" لأسامة غنم، وعرض "المرود والمكحلة" لعمر أبو سعدة، وعرض "قصة حديقة الحيوان" لرأفت الزاقوت.

استمر هذا العمل الثقافي المستقل، وتطور، وانبثق منه "مواطنون.فنانون" التي اتسع معها هامش المنح المسرحية، وورشات الكتابة، لكن ما حصل هو ارتباك الفنانين الشباب لهول ما حدث من جهة، وانكفاء المؤسسات الحكومية بعد 2011عن دعم المسرح المستقل من جهة أخرى، حيث أُجهضت العلاقة البناءة بين المسرح المستقل ممثلاً بصناديق الدعم والمسرح الحكومي ممثلا بمديرية المسارح والموسيقى، هذه العلاقة التي جاهدنا إلى بنائها وشد أواصرها منذ عام 2006.

 

د.سمير عثمان:

المسرح لا يتطور في زمن الحرب

 

لم يتوقف د.سمير عثمان عن العمل المسرحي الأكاديمي في أيام الحرب، فبعد أن كان أستاذاً في قسم التمثيل ورئيساً له، عاد إلى تطوير مشروعه "مدرسة الفن المسرحي"، عن المسرح والحرب قال عثمان:

المسرح لا يتطور في زمن الحرب. لقد شتت الصراع السوري كوادر البلد، وحطم المعايير، وأدى إلى تضييق الأفق الضيق أصلاً... المؤسسات الثقافية الرسمية استمرت بالإنتاج بالرغم من قلة الإمكانات المادية وندرة الكوادر، كي تثبت أنها لم تلفظ أنفاسها. ولتحقيق ذلك فسحت المجال للهواة ليصعدوا إلى خشبة المسرح المحترف. وطبلت لبعض المسرحيين المتواضعين فنياً وعلمياً والموثوق بانتمائهم كي يكونوا نجوم المرحلة... من جهة أخرى تلقفت المؤسسات المانحة في الخارج (وهي شكلانية ومشتتة وبيروقراطية) كل من قال من المسرحيين: أنا معارض... ومنحتهم فرص إقامة عروض مسرحية وأبحاث، لم ولن تؤثر لا بالقضية السورية ولا بتطوير المسرح السوري...

 إنّ مجرد انقسام المسرحيين السوريين في الأزمة إلى فريقين أحدهما يطبل والآخر يزمّر، لهو دليل قاطع على عدم وجود مسرح سوري حقيقي، عميق وفعّال. كما أنّ الحرب السورية ليست حدثا بدئياً للتراجيكوميديا السورية الحالية، بل هي الذروة في هذه المأساة الهزلية الممتدة. لذلك فإن الضحالة التي ظهرت في المسرح مثلا، هي نتيجة طبيعية للخط البياني الساقط منذ عقود، والذي يعكس فشل أمة كاملة في بناء دولة ومجتمع ومسرح..

 

 

د.سامر عمران:

 كيف كان حال المسرح قبل الحرب؟

قدم المخرج سامر عمران عروضاً مسرحية عدة قبل الحرب وبعدها، وكان عميداً للمعهد العالي للفنون المسرحية قبل الحرب وبعدها أيضا، عن المسرح وأثر الحرب عليه يقول:

في الحقيقة لا أعرف بدقة إن كان هناك أثر إيجابي أو سلبي على المسرح في فترة الحرب المدمرة التي نعيشها، السؤال مبدئيا كيف كان حال المسرح قبل الحرب؟ في الحقيقة لم يكن هناك مسرح محترف يولِّد تقاليد فرجة وإنما مجرد تجارب فردية يمكن أن تكون جيدة فنيا وفكريا هنا أو هناك بين فترة وأخرى، ولا يبدو لي أن هذا محض صدفة، وتحدثت أكثر من مرة أن هذا أيضاً واحد من مسببات ما يجري في البلد، إن نظرنا بموضوعية وبعين محايدة سنجد أن الكثير من فناني المسرح استطاعوا إيجاد صيغة ما لتكوين مجموعة تقدّم ما يمكن تقديمه على المسرح وهذا التحدي للموت والعنف وللتطرف، هذا من مميزات المسرح كمكان للإبداع الجماعي والذي يكتمل بحضور المتلقين للمشاركة بهذا "التحدي".. أما على المستوى الآخر فأظن - خصوصا في السنتين الأخيرتين - أن العروض أخذت صيغة مالت للتعبير الشعاراتي المباشر عن توجّه أصحابها إيديولوجياً، في حين أعتقد أن هذه لربما يمكن أن تكون من مهام الإعلام، ولعبت بعض الصحافة دورا سلبيا بتكريس هذا الجانب وذلك بتخوين أي عرض لا يتحدث بهذه الطريقة - ولو بصيغة مباشرة وساذجة - وكأنه شريط إخباري، نحن بحاجة لسؤال أعمق ولرؤية فكرية وفنية أبعد تُفضي إلى انفعال مؤثّر ومغيّر لدى المتلقي وهذا يتطلب الحد الأدنى من شرط الحرية المسؤولة عند فنان المسرح، والحد الأدنى من الشروط المادية والتقنية، وهذا غير متوفر حاليا ولا أظن أنه سيتوفر في المستقبل القريب.. والمشكلة ليست في الحرب بذاتها وإنما بانتهازها واستخدامها لمصالح محض شخصية من قبل المسؤولين المؤثرين على الحركة الثقافية عموما والمسرحية خصوصا.. يكفي أن تعقد مقارنة بسيطة بين إنتاج فيلم سينمائي مهما قلَّت تكاليفه وبين إنتاج عرض مسرحي مهما بلغت تكاليفه، لتعرف حال المسرح السوري، وطبعا نحن نتحدث الآن وهنا، في خضم الحرب.

 

عبد الله الكفري:

المهم أن يبقى العمل المسرحي جارياً

منحت مؤسسة اتجاهات دعماً للمشاريع المسرحية المستقلة، في سعيها لتأسيس ثقافة مستقلة، بحيث ساهمت في خلق المزيد من الفرص أمام شباب المسرح السوري. كيف تلتمس المؤسسات المستقلة أثر الحرب على المسرح، يجيب المسرحي عبد الله الكفري المدير التنفيذي لمؤسسة اتجاهات قائلاً: 

من منطلق مؤسساتي أكثر منه فردياً، أؤكد أن الحراك أثّر بالإيجاب على المسرح السوري. والأهم هو السؤال عن كيفية هذا التأثير، فالحراك أثر على مستويات عدة: هناك تغييرات جذرية أصابت المشهد الثقافي السوري عموما، والمشهد المسرحي على وجه الخصوص، أولها انتقال الفنانين، إذ انتقل جل الفنانين السوريين من بيئتهم إلى بيئات أخرى، عربية أو أوروبية، وبصورة خاصة لبنان، حيث انتقل العديد من الفنانين السوريين إليه، وقابلوا جمهوراً جديداً، وقدموا أعمالهم في كنف سياسة ثقافية مختلفة عن سورية. في سورية الفنان يفترض وجود مؤسسة رسمية تقوم بدعمه عبر أشكال متنوعة، سواء عن طريق تأمين مكان البروفات، أو بتأمين مكان العرض...إلخ، بينما في لبنان فلا وجود لمؤسسة رسمية بالمعنى السالف، لا يوجد مسرح قومي في لبنان، والدعم في مجال المسرح ينحصر في صورة مناسباتية، لكن في المقابل أتاح هذا الانتقال أمام الفنان المسرحي السوري فرصا متعددة، ما خلق حيوية وجرأة على التعاطي مع العمل المسرحي. ورغم أن هذه التجارب ما زالت في طور اكتشاف الأدوات واختبارها، إلا أن أهميتها تكمن في تحريكها الوسط المسرحي السوري.

أحد أكبر التحديات التي تواجه الفنان السوري اليوم هو أن الإنتاج المتاح له، متاح مرة واحدة، وهذا يؤدي بدوره إلى أسئلة حول ضرورة المراكمة، وصعوبتها في ظروف إنتاجية كهذه، حيث للفنان فرصة واحدة فقط. زد على ذلك، أن هناك التفاتاً إلى ثيمات معينة دون سواها من جهة الداعم، فغدت موضوعات الحرب والثورة والتهجير محددات لدعم المشاريع.

وهناك مستوى آخر من التحديات يخص الفنانين السوريين الذين انتقلوا إلى أوروبا، حيث البيئة جد مختلفة، وتنتصب أمام الفنان تحديات مختلفة انطلاقا من اللغة وانتهاءً بالسياق الثقافي، يضاف إليها عدم الاستقرار. لكن، وبالرغم مما سلف، أرى أن هناك حيوية في المسرح السوري اليوم، وظهرت تأثيرات جلية على المسرح السوري إبان الحراك، منها النص المسرحي السياسي على سبيل المثال، إذ يوجد اليوم كتاب مسرح سوريون يعبّرون صراحة أن نصهم سياسي، وبغض النظر عن فحوى الرأي السياسي، إلا أن هذه الحالة جديدة على المسرح السوري وتستحق الوقوف عندها ودراستها.

من جهة أخرى، يواجه المسرح السوري ــ وينطبق هذا على الفن السوري قاطبة ــ إشكال "استحالة المتخيَّل"، فإلى اليوم ما زلنا ننتج أعمالا فنية لصيقة بالواقع لا تتجاوز التوثيق والتفسير والقراءة، ولهذا أسباب تفسره منها هول ما حدث ويحدث في سورية اليوم، وبالطبع يبقى ذلك رهن مرور الزمن.

على المؤسسات الثقافية المعنية بالإنتاج الثقافي السوري ودعم الفنانين المستقلين مواصلة دعم الفنانين بعيدا عن التقييم. فمثلا في "اتجاهات" نعنى جدا بالمنتج الفني، والمعيار الوحيد الذي على أساسه نختار المشاريع هو جديّة العمل الفني، ولا نلتفت لمنطقة دون أخرى في دعم المشاريع، فالفنانون السوريون ورغم وجودهم في سورية تحت ظروف قاسية جداً لكنهم لا يزالون قادرين على المنافسة والعمل. لذلك تتوجه اتجاهات للفنانين السوريين، سواء في سورية أو خارجها، في لبنان أو في أوروبا، أينما كان، المهم أن يبقى العمل المسرحي جارياً في ظل الظروف الصعبة التي تمر على الجميع من دون استثناء.

 

 

مضر الحجي:

لماذا المسرح؟

في نصه "عندما تبكي فرح"، يسائل الكاتب المسرحي مضر الحجي المفاهيم الثورية التي نادت بها الثورة السورية، مختبراً أثرها على شخصياته، مثلما اختبر اللغة في نصه الجديد "حبك نار". يؤكد "الحجي" ضرورة التمهل قبل تقييم أثر سنين النار على المسرح السوري "لكننا نستطيع رصد إشارات معينة في طريقها إلى أن تغدو أكثر وضوحا مع الزمن، وبالتالي أكثر قابلية للتقييم، لكن واحدا من أهم المستجدات التي حضرت في المشهد المسرحي السوري –إن جاز لنا أن نسميه مشهدا- هو سؤال المعنى، لماذا المسرح؟ أعتقد أن السؤال حاضر في ذهن أي مسرحي سوري محترف وإن تباينت الأشكال في تمظهرات السؤال أو طرق الإجابة عنه، وبعد أن تجاوز معظمنا الجواب التقليدي: "أنا أعمل في المسرح لأنني فنان مسرحي، وهذه هي مهارتي أو حرفتي في الحياة" فقد بدأ البحث الجدي العميق في إجابات أخرى أكثر عمقاً وأكثر أثراً على الشكل المسرحي وعلى المضمون أيضاً. وهنا تكمن أهمية سؤال من هذا النوع، إذ إنه ينعكس بالضرورة على المنتج المسرحي، خاصة أنه يحيل في بعض جوانبه إلى حضور المتلقي في العملية المسرحية كعنصر بات اليوم أكثر وعياً وذكاء وقدرة على قراءة المنتج المسرحي، وربما كان التحول في شخصية المتلقي المحرك الأكبر لكل التحولات في ما سميناه المشهد المسرحي السوري، متلقٍ لا يكتفي اليوم بالذهاب إلى المسرح، إنه أكثر قدرة على طرح سؤال، لماذا أذهب إلى المسرح؟ ما الذي انتظره منه؟ ما الذي يمكن أن أجده على الخشبة لا أستطيع أن أجده على شاشة التلفزيون أو في وسائل التواصل الاجتماعي؟ ومن هذا المنطلق أعتقد أننا بدأنا بالتفكير بالمتلقي بطريقة مختلفة عما كانت عليه من قبل، وربما التفكير بمكان مختلف كليا للمسرح في حياتنا.

في كل مرة أفكر فيها في موضوع تحولات المسرح السوري، أجد نفسي وبشكل تلقائي أفكر في إشكالية اللغة في المسرح- على سبيل المثال- كنت لفترة طويلة مضت أكتب نصوصي باللغة العربية الفصحى، وكنت أعزو الأمر إلى قدرة الفصحى الأعلى على التعبير، لكن مجمل ما ذكرته مسبقاً دفعني للتفكير بشكل مختلف باللغة، وربما ارتبط الأمر بالعلاقة مع المتلقي الذي غدا بالنسبة لي أكثر أهمية، وخضت تجربة اللغة العامية في نصي الأخير "حبك نار" بالنسبة لي كان الأمر بمثابة التحدي الفني الذي أستطيع القول إنني سعيد بخوض غماره، كيف للغة العامية أن تكون حاملاً للدراما وأن تحافظ على التوازن بين الواقعية والشعرية وأن تتفادى الوقوع في الثرثرة في الوقت ذاته. أعتقد أن سؤال اللغة وإن كان يتعاطى مع الشكل المسرحي، إلا أنه أثر بشكل كبير وعميق في المحتوى، وأتحدث هنا أيضاً عن تجربتي في نص "حبك نار".

خير ما تسمى به الحالة السورية، هو "تراجيديا إنسانية"، تراجيديا بكامل عناصرها المأساوية، وضعت الجميع أمام أسئلة جذرية عن الهوية والمجتمع والحرية، وفرضت واقعاً مشتعلاً يكوي كل من يقاربه. من هنا، وكغيره من المجالات الاجتماعية، وجد الفن نفسه أمام واقعٍ قاسٍ وزاخر بالأحداث، هرولت السينما نحو توثيق اللحظة الراهنة، وفتحت السردية السورية الكبرى الأدب على مصراعيه أمام أناس متعطشين للبوح، ماتت فنون أو تكاد، وأحييت أخرى، ولكن، ماذا عن المسرح السوري في هذه التراجيديا؟ وقبل ذلك، علامَ يدلل تركيب "المسرح السوري"؟ هل يقتصر على المسرح المُقدم في سورية تحت ظروف قاسية جداً، أم أنه يتسع ليشمل المسرحيين السوريين المتفرقين في أصقاع الأرض؟ وإذا كان المسرح عامة ــ والسوري على وجه الخصوص ــ محكوماً قبل أعوام "بالأمل" فهل هو اليوم محكومٌ بالعمل؟

في ظل هذا التوسع لمفهوم المسرح السوري، لم يعد ممكناً لمقالٍ نظري ــ مهما اتسع ــ أن يحيط بحال المسرح السوري في ظل الانفجار الذي تشهده سورية اليوم، لذلك سعت "ضفة ثالثة" إلى نقل حال المسرح السوري اليوم على لسان فاعليه الذين تحدثوا عن أثر الحالة السورية على المسرح، هل عاد الزخم الحاصل بالإيجاب على المسرح السوري أم لا؟ وكيف تم ذلك؟

هنا الحلقة الثانية والأخيرة:



وسيم الشرقي:
المسرح فن جماعي يتطلب بدءاً أمناً واستقراراً

عمل وسيم الشرقي كدرامتورغ لأكثر من عرض مسرحي، وقدم في دمشق سابقاً قراءات مسرحية من مسرحيات سورية معاصرة، عن الانفجار السوري وأثره على المسرح يقول:

بداية لا بدّ من التذكّر أنّ المسرح فنّ يحمل الجانب الإنتاجي منه أهميّة أساسيّة، فهو فنّ جماعي يتطلّب بدءاً أمناً واستقراراً وبنية تحتيّة تؤمّن اجتماع الناس وتقديم العرض المسرحي لهم، باعتبار أن العرض المسرحي بحضور الجمهور هو الهدف الأعلى لأيّ عمليّة مسرحيّة. بناءً على ذلك لا يمكن القول إنّ النتائج المترتّبة على الثورة السوريّة قد أحدثت نقلة إيجابيّة على المسرح داخل سورية من جهة ازدهار عروض المسرح وازديادها كمياً، ذلك لأنّ الغالبية العظمى من المناطق تعيش انعداماً للأمن والاستقرار، وأساسيّات الحياة المدنيّة.

ولكن لا بدّ أيضاً من استيعاب الحقيقة الجديدة المشكّلة لعالم السوريّين اليوم، والمتمثّلة في توزّع عدد كبير من السوريّين على دول اللّجوء، وأينما حلّ السوريّون بكثافة اليوم فإنّ وجودهم يشكّل حاجة لتعبير ثقافي عنهم بالعلاقة مع المجتمعات الأخرى، ويقدّم متعة ومحاولة لفهم العالم بالعلاقة مع السوريّين أنفسهم. في تلك المساحة، من الممكن القول إنّ عدداً لا بأس به من المحاولات المسرحيّة السوريّة، أو السوريّة-الأجنبيّة المشتركة قد قامت لتستهدف مجتمعات اللاجئين السوريّين، أو لتستهدف جمهور الدول المضيفة للتعريف بالوضع السوري، ووضع اللاجئين...إلخ.

على المستوى الشخصي أستطيع القول إنّ العلاقة مع المسرح بعد انطلاقة الثورة السوريّة كانت من موقع "مرن" ومتأقلم مع الظرف المتاح. فكانت علاقة إنتاج مسرحي مباشر وتقديم للعروض أمام الجمهور الحي من خلال مساحة الدراماتورجيا حين كان الأمر متاحاً، أي حين كنت مقيماً في دمشق التي تسمح توازنات آليات الإنتاج المسرحي فيها بخلق نوع من المسرح المستقل الذي لا يمثّل التطلّع السلطوي ويحاول أن يشذّ عنه.

أمّا اليوم نتيجة إقامتي في تركيّا فإنّ مساحة إنتاج مسرح سوري، أو سوري-تركيّ مشترك هي أكثر تعقيداً وتتطلّب الإجابة على عدد أكبر من الأسئلة السياسيّة والثقافيّة واللوجستيّة قبل القدرة على إنجاز أيّ مشروع جدّي ومحترم، ناهيك عن الكون جزءاً من المشهد المسرحي التركي الذي يعاني مشاكله الذاتيّة أيضاً. محاولة إنتاج مسرح ممتع ومجد هنا تبدو أكثر تعقيداً وإن كانت غير مستحيلة بالتأكيد.

بالعودة إلى الموقع الشخصي "المرن" أنهيت مؤخراً العمل على نص مسرحي سينشر قريباً كجزء من ورشة "الكتابة للخشبة" مع مؤسّسة "مواطنون فنّانون" وهي تجربتي الأولى للكتابة المسرحيّة خارج سورية، والتي تحمل بالنسبة لي كلّ تعقيدات وأسئلة الجدوى من الكتابة أو النشاط المسرحي مع كلّ هذا البعد عن البلاد، ومع تعاسة ما تعانيه البلاد نفسها. والأمر ذاته (أي كتابة نص مسرحي) ينطبق أيضاً على الكتابة النقديّة، أو الترجمة، أو أيّ عمل مسرحي آخر. يحاول أن يشكّل جزءاً من المشهد المسرحي السوري، في لحظة ضبابية لا يمكن التكهّن معها بشكل أي شيء سوري في المستقبل القريب، أو البعيد.

بالمحصّلة أشعر بأنّ الحراك السوري أثّر بشكل إيجابي على جرأتنا وفهمنا لأنفسنا وبلدنا والعالم المحيط بنا. كما أثّر بشكل سلبي على حياتنا وقدرتنا على الإنتاج والمراكمة. لكنّ قناعتي الشخصيّة أنّه أياً كانت النتائج الماديّة للحراك، لا يجب أن تكون المقاربة له متعلّقة بالندم وتقييم الأمور بالسلب والإيجاب. المحاكمة والوقوف مع الذات مهمّة بالتأكيد، ولكن فقط لفهم الوضع الجديد والتأقلم معه، والمراكمة عليه بعيداً عن اليأس، أو العدميّة.


وائل قدور:
 أين تكمن القيمة المضافة للفن؟

قُدّم نص وائل قدور "خارج السيطرة" كمشروع تخرج لطلاب السنة الرابعة تمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية 2014، ويعمل اليوم على نص جديد تحت عنوان "وقائع مدينة لا نعرفها"، بالإضافة لعمله على عرض مسرحي بعنوان "الاعتراف". يقول قدور عن حال المسرح السوري اليوم:

لا أدعي اطلاعي على كامل الإنتاجات المسرحية السورية التي واكبت حدث الثورة السورية. تسنّى لي حضور بعض العروض بصورة مباشرة في الأردن وفرنسا، فضلاً عن قراءة بعض النصوص المسرحية التي كُتبت خلال السنوات الست الماضية. إضافة إلى انخراطي في مشاريع كتابة وإخراج متفرقة، وبالتالي أضع رأيي في إطار مجتزأ ومحصور بحالتي الشخصية.

اتسمت بعض النصوص والعروض المسرحية التي واكبت الحدث السوري بالمباشرة والانفعالية، مما أدى إلى عروض عابرة سريعة النسيان. تجارب أخرى حاولت تجنّب المعالجة السياسية وركّزت على الجانب الإنساني من الحالة السورية فتناولت موضوعات عامة حول الغياب، الرحيل والذاكرة. وهناك بعض العروض تجاهلت الوضع الراهن كلياً.

برز لدي سؤال هام: كيف يمكن كتابة وإخراج أعمال مسرحية معاصرة ذات قيمة فنية عالية وقريبة من الحدث اليومي المُعاش؟ عروضٌ تلامس الحدث اليومي المُعاش من جهة وتدرك الشرط الاجتماعي والسياسي العام للبلد وللمنطقة ككل من جهة ثانية. عروضٌ لا تقع في فخ المباشرة ولكنها لا تبتعد عن نبض الشارع. عروضٌ تعي السياقات الثقافية والاجتماعية الكبرى ولكنها في الوقت نفسه لا تتعالى على المتلقي وتحلّق بعيداً عن اهتمامات الناس.

كشفت العروض والنصوص المسرحية المرافقة لأحداث الثورة في سورية عن حجم الاحتياج إلى الرؤية الإخراجية الشاملة المصحوبة بالاشتغال الدراماتورجي العميق.

قد لا يمكننا اليوم امتلاك إجابة شافية وشاملة تفيد بحجم استفادة أو عدم استفادة الإنتاجات المسرحية السورية، نصاً وعرضاً، من الثورة. ربما يمكننا الحديث اليوم عن ملامح عامة قد تقودنا، عبر البحث والمراقبة، إلى تحديد سمات أو توجهات أكثر وضوحاً.

أعتقد أن بعض المسرحيين أعادوا استخدام أدواتهم القديمة بمحتوى جديد، الأمر الذي قد لا يفضي في الوقت الراهن إلى نتاجات ذات جودة عالية، ولكنه يضعنا بالضرورة في سياق إعادة اختبار وتجريب ومساءلة الأدوات والقوالب السابقة.

يرفد هذه المسألة الانخراط المحدود حيناً والواسع أحياناً للمسرحيين السوريين في تجارب البلدان المجاورة وأوروبا سواء من خلال العمل مع فنانين مختلفي التجارب والسياقات ضمن إنتاجات فنية جديدة أو من خلال التحاق عدد من المسرحيين بجامعات ومدارس أكاديمية، وفي كلا الحالتين ينبغي للنتائج القادمة أن تكون إيجابية.

ولكن، في الوقت نفسه، عانى المسرحي السوري، ولا يزال، من شروط اللجوء القاسية خارج سورية، ومن شروط المعيشة التي لا تقل قسوة داخل سورية. وهو ما يحول دون تطور مهني أو ممارسة تراكمية أو هامش واسع في الخيارات.

تفعيل الشاهد كوثيقة درامية بات حاضراً في بعض التجارب المسرحية. الأمر الذي يُعد إيجابياً ولكنه يفتح باب النقاش واسعاً أمام شروط ومعايير استخدام الشهادات الحية في المسرح. كيف نتجنب نسخ الواقع عبر الشاهد؟ ما هي حدود الخصوصية؟ وأين تكمن القيمة المضافة للفن؟ (النقاش نفسه يتكرر في السينما الوثائقية السورية)". 


أسامة حلال:
ما هو دوري كمسرحي تجاه ما يحدث؟

أصبح لفرقة "كون" المسرحية السورية مكاناً ثابتاً لها في بيروت، حيث دأب مديرها المخرج أسامة حلال على تأمين مساحة يعمل فيها وفرقته، يؤكد حلال أن السؤال لأهم هو: "لماذا أعمل في المسرح، ما الجدوى من ذلك قبل الحراك وبعد الحراك؟"، قبل الحراك كان بحثي في المسرح جمالياً، عملت مع المراكز الثقافية الأجنبية في سورية كي أتمكن من العرض في الشارع أو خارج الأماكن والبنى التقليدية للمسرح في سورية، وقدمت معهم عروضاً على سطح بناء، وفي نفق مشاة، وكان همي آنذاك هو أنني لا أريد التعامل المباشر مع المؤسسات الحكومية السورية عموماً، ومديرية المسرح والموسيقى خصوصاً، وربما أنا من القلائل الذين لم تنتج لهم مديرية المسارح أي عمل، ولكن بالطبع عرضت على خشبات المسارح لكن دون الإنتاج. قبل الحراك، لم يكن ممكنا التفكير في الحرية السياسية والفكرية في المسرح، لذلك التفتّ وقتها للشكل الجمالي للعرض المسرحي، ورفضت كل الأشكال المسرحية السورية المكرسة آنذاك، وهي التي تنحصر في ثنائية (الممثل والنص)، ونشدت أشكال فرجة مسرحية جديدة تعنى بالشكل بقدر عنايتها بالمضمون.

أول الأسئلة الكبرى التي واجهتني مع بداية الثورة السورية هي: ما هو دوري كمسرحي تجاه ما يحدث؟ أحيانا شعرت أن المسرح ترف في الزخم المحيط به، لكن فيما بعد استنتجت أهمية المسرح كفن فاعل في المجتمع، قيمته تأتي من قدرته على تقديم أفعال رمزية تحمل اعتراضات على الواقع. من هنا، أعدت تقديم عرض "جثة على الرصيف" في دار الأوبرا عام 2011، وهو ما أثار حينها قلقاً حقيقياً، وبعدها قدمت عرض "سيلوفان" إذ قيل لي بعد تقديمه أنه غير مرحب بي في العمل المسرحي في سورية، وذلك لأني حينما قدمت عرض سيلوفان كنت أقوم بفعل اعتراض حالي حال المتظاهر الرافض للظلم. لذلك، تابعت عملي المسرحي بالرغم من خروجي إلى لبنان، وعندما أجد أن هناك من يراهن بروحه من أجل عرض مسرحي، فذلك يعني أن المسرح فن ضروري وليس نافل اليوم.

اليوم في بيروت، حيث أصبح لفرفة كون مكان ثابت للتدريب، لم نصل إلى ما وصلنا إليه لولا الثورة السورية لأنها أكدت لنا أهمية وضرورة فعل المسرح، وذلك من خلال تجربتي وتجربة المجموعة. بعبارة أخرى، الثورة دفعتني لتحويل العملية الإبداعية الفنية لحالة جمعية أشاركها مع الجمهور، فلم يعد العرض رأياً فردياً، بل هو سؤال ونقاش بين الجمهور، وهذا لم نتعلمه بالدراسة الأكاديمية بل بالتجربة، وبتجربة المسرح في الثورة تحديداً، فالحراك حرك طاقات وأدمغة الشباب بغض النظر عن تقييم المنتج. اليوم في فرقة كون هناك السوري والفلسطيني واللبناني والفرنسي، ما الذي جمع هؤلاء؟ جمعهم حبهم وحاجتهم  للمسرح وأسئلة أعضائه المشتركة حول الهوية والحرية. لذلك أجد أن السؤال الحاضر اليوم هو سؤال جدوى "لماذا أشتغل في المسرح" وليس سؤال كيفية: "كيف سأعمل في المسرح؟".

رغم إمكانية العمل في التلفزيون وما يحمله من استقرار اقتصادي للممثل، بيد أني آثرت العمل في المسرح، راهنت على ذلك، قدمت عروضاً قبل الثورة وبعدها، منها ما قدمته كما هو لكن التلقي كان مختلف بين حقبتين، وأقصد بالحديث هنا عرض "جثة على الرصيف" الذي قدمته قبل الثورة وأعدت تقديمه بعدها. برأي الثورة رتبت أدواتي كمسرحي وطورتها وأعطتني المعنى لعملي كفنان  ــ كما حال باقي المهن التي تطورت مع الثورة ــ وأثارت لي كماً هائلاً من التساؤلات التي كانت غائبة عن كل بيئة محيطة بي قبل الثورة بداية بمنزلي ونهاية بمكان دراستي.

زبدة القول، الثورة لم تحطم أصناما سياسية وحسب بل حطمت أصناما فنية أيضاً وحركت الواقع العربي كاملاً بعد فترة سكون وسبات.


نغم ناعسة:
استطعنا أن نكثف آلامنا ومآسينا

تدير نغم ناعسة اليوم مركز "ستيج آرت" الفني في دمشق، وكانت قد أعدت قبلاً ورشات لإعداد الممثل، عن صعوبات العمل المسرحي في دمشق وهل أثرت الحرب على المسرح بالإيجاب تقول ناعسة:

لو كانت  إجابتي بنعم فقط فأنا أكذب، وبالمقابل لو كانت (لا) فانا أكذب أيضا، هي (نعم ولا) بنفس الوقت، نعم أثر الحراك: لأننا استطعنا أن نكثف آلامنا ومآسينا الحقيقية والتراجيدية في (موسيقانا ومسرحنا وأفلامنا) أي بفننا بشكل عام، عبر تراكم سنين الحرب من خلال أعيننا التي هي (معرفة) الحياة.. وإذا قلت لك إننا نحن الأفلام والأساطير بحد ذاتها لمجرد النظر إلى وجوهنا فردا فردا.. فحتما ستكون الإجابة  بـ نعم وله أثر كبير جدا.

المسارح اليوم في كل بقاع البلاد تضررت، مما أثر على التواصل الفني والمسرحي بين الشباب فلا مهرجانات ولا احتفالات ولا تبادل ثقافي من خلال محاضرات وورشات عمل، وغدت دمشق المدينة الوحيدة التي تنتج عروضا خلال العام ولو كانت أقل من عدد أصابع يديك.. وبقيه المحافظات كما تعرف بحرب وبدونها (لا مسرح لمن ينادي)، وأصبح الاعتماد على الاجتهاد الشخصي أو التمويل من قبل جمعيات وجهات تعنى بالمسرح.. مما ساعد الكثير من الشباب السوريين على إنتاج مسرحيات لها قيمه فنيه خلال الحرب خلقت لديهم شعورا بالبقاء لمجرد إحساسهم بالإنتاج.

أما عن إجابتي بـ( لا) فلم تؤثر فلأن طاقات الشباب مهدورة بحرب وبدونها، وكان الدعم محصورا بفلان وعلتان، مخرج واحد ،عدة ممثلين، وهكذا، وأنا من الأشخاص الذين لم يعملوا كثيرا  بسبب هذه الفكرة(سيطرة الشللية على كل مجالات الفن قبل الحرب) فما بالك بعدها.

لذلك اخترت عزلتي في مركز ستيج أرت أنا وشركائي وفريق العمل الذي يرى الفن من جانبه الإنساني والفكري.. والذين يعملون بضمير وينتجون بضمير.. لذلك النتائج التي حققناها خلال فتره قصيرة كانت مبهرة على الصعيد الفني والأكاديمي رغم كل الصعوبات.. وهذا إن كان له أثر كبير.. فالأهم أثره على الناس الذين ليس لديهم القدرة على مغادره البلاد.. ولهم الحق في أن نكون.. ويكونوا.. ليكون هناك وطن..

أثر أي مركز ثقافي اليوم في معمعة هذه الحرب هو وصول هذه المراكز إلى تغيير عقلية الناس وكسر روتينهم والأهم تعليمهم الفن الراقي والهادف.. وتغيير وجهة نظرهم تجاه الفن.


عمر جباعي:
المسرح وسيلة رائعة للتعبير عن الذات

قدم المخرج المسرحي عمر جباعي عروضاً عدة في دمشق وبيروت، لم يجب جباعي بالفصحى، بل اختار العامية للتعبير عن حال المسرح السوري اليوم، فقال:

أنا ضد السؤال من أساس، شو أساسو السؤال؟ هاد كمان سؤال، بعدين بدنا نقرر هل هو: انفجار سوري عاد على الفن والأدب وغيره بالزخم؟ ولا حراك سوري أثر بالإيجاب... إلخ؟ إنفجار ولا حراك؟

طيب الحالة السورية شو يعني؟ رح افترض إني بعرف شو يعني، إيه ساعتها بصير بدي إسألك وإسأل حالي إنو هي كانت فودفيل واستحالت لتراجيديا؟ ولا هي تراجيديا أصلاً بس الآن لقلع أوديب عيونه؟

مسرح سوري؟!! هي بدعة! ممكن يكون في غول وعنقاء وخل وفي، بس مسرح سوري؟!! مسرح الحمرا مثلاً؟ الأوبرا؟ ولا مسرح المركز الثقافي العربي بجوبر قصدك؟ مسرح سوري متل مثلاً لما نقول المسرح الأوروبي أو هيك شي قصدك؟ فهمت، بس ما في مسرح سوري متل هيك. في هالكم واحد اللي ممتهنين المسرح، ويلي قلال ومشرذمين جغرافياً وفكرياً وفنياً ونفسياً لدرجة إنو ما في تراكم مسرحي بهالبقعة من العالم يخلينا نقول عنو: مسرح سوري، وهاد التشرذم كان قبل الحراك/الانفجار/الأزمة/المنعطف وزاد بعدها. الحكي بالسياسة لا بل الحكي عن حافظ الأسد شخصياً ما بخوف قد الحكي بهالقصة. لأنو متل يلي عم يفرك الجرح بالملح..

ليش عم اشتغل مسرح؟ ليش مصر اشتغل مسرح؟ بيغلط الإنسان، هيك طبيعتو، وما في مهنة تانية بين إيديي، هي من جهة، من جهة تانية، في حلم قديم كان يداعب شغلات فيني إنو المسرح يجي لعند الجمهور بدل ما الجمهور يجي عالمسرح، إني أعمل مسرح جماهيري، يعني الصالة تكون كومبليه كل الوقت، والمسرح يصير جزء من حياة الناس، هاد الحلم وحدة من الشغلات القليلة جداً اللي بتعطي معنى لحياتي، وكتير صعب _ويمكن مدعاة للانتحار حتى_ إني صير بلا حلم، مع إنو الله وكيلك ما عم إشتغل عليه بليرة. وطبعاً كمان صعب كتير إبتكار حلم بديل، خاصة إنو المسرح وسيلة رائعة للتعبير عن الذات، ما بتشبه أي وسيلة تعبير أخرى.

-------------------------------------------------
المصدر : ضفة ثالثة 

المسرح البودليري

مجلة الفنون المسرحية

المسرح البودليري

رولان بارت 


لا تكمنُ قيمة المسرح البودليري في محتواه الدرامي، بل في صفته المُتحوِّلة : وليس دور النقد هنا معالجة هذه المحاولات بُغية تشكيل صورة من خلالها عن مسرح مكتمل ؛ بالعكس إنما هو السعي للوقوف على موهبة الإخفاق.

طبعًا إنه بلا جدوى ؛- بل وكم سيكون ذلك فظيعًا لو قلنا أنه بمناسبة أحياء ذكرى بودلير- أن نأمل شيئا من هذه البذور،  فكما إنه ليس من الممكن التساؤل عن الدوافع الحقيقية التي شدَّت بودلير إلى مثل هذه الحال الإبداعية غير المنقوصة والتي لا تشبه في شيء جمالية "أزهار الشرِّ"؛ عرف جيدًا أن غير المكتمل خيار كما هو الأمر عند سارتر وعند كل كاتب، وإن تصوَّر مسرحًا من دون كتابته القبلية هو بودلير شكل له دلالته لما سوف ينتهي إليه العمل.
ثمَّة فكرة جوهرية يقوم عليها ذكاء المسرح البودليري ألا وهي : المسرحة؟ ما معنى المسرحة؟


هو المسرح ينقصه نص؛ وكثافة العلامات والأحاسيس التي يتم تشييدها على الركح من خلال دليل مكتوب ؛ هو هذا الإدراك الشعوري المسكون بالزخارف الحسية، الحركات، الأصوات، المسافات، المواد، الأضواء التي تغمر النص من تحت تدفق لغته البرانية.

طبعًا، لا بدّ أن تكون هذه المسرحة حاضرة منذ البذرة الأولى المكتوبة في العمل. ليس هناك مسرح عظيم بدون مسرحة مفترسة، كما الأمر عند إسخيليوس أو شكسبير أو بريشت. النص المكتوب مأخوذ مسبقًا بالأجساد والأشياء والموقف البراني، بما يجعل الفظ يتفجر موادًا. أما ما يلفت النظر في السيناريوهات الثلاث التي نعرفها لبودلير (ولن أولي أهمية لإيديوليس Ideolus عمل بالكاد يكون بودليريًا) هي سيناريوهات سردية بالأساس حيث حضور المسرحية حتى ولو كان افتراضيًا، ضعيف جدًا. من الضروري الحذر من الوقوع في فخاخ بعض الإشارات الساذجة لبودلير من نوع : "إخراج حيوي جدًا، متحرك جدًا، أبَّهة عسكرية ضخمة، ديكور ذو تأثير شعوري، تمثال فانتاستيكي، ملابس شعبية متنوعة، الخ ...".

هذا الهوس بكل ما هو إجرائي خارجي يتعمد ضربات متدافعة، كما لو أنه ندم متعجل، لا يعبر عن أي مسرحة معمَّقة، إنما هو في المقابل ذلك الانطباع البودليري في شموليته غريب عن المسرح ؛ فبودلير كعادته في مواضع أخرى ذكي جدًا، يبدِّل مفهومه في كل مرة حسب ما تتاح له الفرصة : الفكرة في الحانة الريفية لـ "السكير" ؛ المكان ؛ مادية الرايات أو الأزياء ؛ التصوُّر السطحي للأبهة العسكرية ... وعلى النقيض من ذلك لا شيء يُثبت فعلاً العجز أمام المسرح أثر من هذا التعامل الشمولي معه، الشبيه بالرومنطيقي والذي أقل ما يقال عنه غرائبي في رؤياه. ففي كل مرَّة يلمِّح فيها بودلير للإخراج، يؤكد إنه يراه بعفوية عيني المتفرج ؛ مكتملاً، غير قابل للتعديل، نظيفًا جدًا، مُهيَّأً يشبه أكلاً تم إعداده بشكل جيد، مستعرضًا كذبة مشتركة أسعفها الوقت لمحو آثار خدعتها. ولنأخذ مثالاً على ذلك "لون الجريمة" لقد كان ضروريا في الفصل الأخير من "السكير" وهو حقيقة نقدية وليس دراماتورجية.

لا يمكن أن يتأسس الإخراج في لحظته الأولى، إلا على تعددية الأشياء وأدبيتها مرفوقة بحلمها المزدوج، متوفرة على موهبة ذهنية روحية، كافية ؛ منتشرة بغاية تجميعها بشكل جيد وفي نفس الوقت تشتيتها.

إذًا، لا شيء يمكن أن يتعارض مع الدراماتوجيا أكثر من الحلم، ولأن بذور المسرح الحقيقي كانت دائمًا حركات تهتم بالأخذ والإبعاد : سريالية أشياء المسرح : حواسه وليست حلمية ذهنية. فحين يتحدث بودلير عن الإخراج، فذلك لا يعني بالضرورة إنه الأقرب الى المسرح الحسي. ربما أمكننا الحديث عن التعبير الجسماني الذي قد يُزعج الممثل، عن الإحساس، عن الاضطراب. فذلك هو ما ينتمي للمسرح الأصيل عند بودلير، الذي اقترح أن تؤدي دور ابن الدون جوان،  فتاة حيث لا يبدو البطل محاطًا بمجموعة من النسوة الجميلات المكلفات بمهن خدمية ؛ بينما تكشف زوجة السكير من خلال تعاملها مع جسدها عن ميل إلى الطاعة والهشاشة بما يجعلها عرضة للاغتصاب ثم للقتل. يشترط بودلير في الممثل، الدعارة (ففي النهاية كُلٌّ يتلذَّذ بشيء ما سواء في عرض مسرحي أو حفل راقص) لن يمكن الاحساس بـ "فينوسيتها" كما لو أنها سلوك طارئ، ديكوري (عكس الإخراج "المتحرك" عكس حرمات البوهيمين وأجواء الحانات الريفية) ولكنها ضرورية كما لو أنها تجل لشكل أوَّلي من أشكال الكون البودليري ألا وهو : المكر.

جسد الممثل مصطنع، غير أن ازدواجيته هذه أعمق من إزدواجية الديكورات المصنوعة أو ألأثاث المُركّب للمسرحية : التمويه، استعارات الحركات أو النبرات، جاهزية الأشياء للعرض؛ كل هذا احتيالي لكنه غير مزيف أو مختلق، بما يجعله يعزِّز ذلك التجاوز الشفاف ذي المذاق الشهي، الأساسي والذي يحدد بودلير من خلاله تأثير الفردوس المصطنع : يحمل الممثل في داخله الدقة العالية للعالم المتتالي، كما هوة الشأن في عوالم "الحشيش" حيث لا شيء مُبتكر، كل شيء موجود من خلال التطثُّف المتضاعف.

بإمكاننا ومن خلال ما تقدم، التكهن أن بودلير كان لديه ذلك الإحساس الحاد بالمسرحة، الأكثر سرية بل والأشد قلقًا ؛ تلك المسرحة التي تضع الممثل في قلب المعجزة المسرحية، وتحدده باعتباره مكانًا للتجسيد القصووي، حيث الجسد مزجوج، جسد حي أنتجه طبع مبتذل وهو في نفس الوقت جسد أنيق مصقول من خلال وظيفته كشيء مصطنع.

لاشيء آخر غير هذي المسرحة النافذة والتي ظلت مجرد إشارة محبوسة في المشاريع المسرحية لبودلير.

بينما هي تتدفق منهمرة في بقية أعماله ؛ هكذا عادة ما تحدث الأمور كما لو أن بودلير ضمَّن "المسرحة" في كل شيء عدا وتحديدًا أن تكون متواجدة في مشاريعه المسرحية. بيْد أن هذا التنامي الهامشي لمكونات جنس داخل أجناس أخرى : رواية، شعر، مسرح هي في الأصل لا تنتمي إليها وغير مهيأة لاحتضانها إنما هي صفة الابداع عمومًا.

المسرحة عند بودلير مدفوعة بنفس هذي القوة للإفلات ؛ تتفجر في كل مكان هناك حيث لا تكون مُنتظرة أولاً وخاصة في "الفراديس المصطنعة"، يصف فيها بودلير تحولاً حواسيًا من نفس كنه الإدراك الممسرح، بما أن الحقيقة وكيفما كانت عيب متأثرة بمغالاة حادة ؛ هي نفسها مثالية الأشياء ؛ ثانيًا في شعره حين يقوم بتجميع الأشياء في شكل إدراك إشعاعي للمادة متكدسة، متكثفة كما لو أنها على ركح ملتهب بالألوان والأضواء بالتمويهات موسومة هنا أو هناك بفخامة الاصطناعي بجميع أوصاف اللوحات التشكيلية وأخيرًا بفضاء مأهول بالأداء التيوقراطي للرسام بنفس الأسلوب في المسرح (سوف تتكاثر اللوحات في مسرحية "ماركيز هوزار الأول" ويبدو كما لو أن كل شيء فيها مصبوغ بأعمال Gros او Delacroix تمامًا كمسرحية "نهاية الدون جوان" أو مسرحية "السكير" اللتين بدتا شبيهتين بتمرينات صلب مخطط شعري أكثر منه تصميمًا مسرحيًا بأتم معنى الكلمة).

هكذا انتقلت المسرحية عند بودلير من عالمها المسرحي لتمتد في بقية أعماله عبر اتجاه معاكس لكن في نفس الوقت فاضح يصب عناصر فوق درامية في مشاريع هذه المسرحيات، بما يشير أن المسرح ينشغل في تدمير نفسه من خلال حركة إفلات وتسمم مزدوجة.

غير أن ما لم يتم إدراكه هو إن الأصناف الروائية تغزو السيناريو البودليري : "نهاية الدون جوان وعلى الأقل الشذرة التي تم إيصالها إلينا تنتهي بمزيج ستاندالي غريب ؟ فالدون جوان يتحدث شبيهًا بموسكا، في الكلمات القليلة التي يتبادلها الدون جوان مع خادمه يسيطر مناخ عام هو نفسه مناخ الحوار في الرواية أين يحافظ كلام الشخصيات على هذا التلميح وهذي الشفافية المهذبة التي عادة ما نعرف أن بودلير يكسو بها كل أشياء إبداعه. الأكيد أن الأمر يتعلق هنا بمسوَّدة أولى، ومن الممكن أن بودلير قد صبغ حواره بهذه الأدبية المطلقة على اعتبار إنها اللغة الأساسية للمسرح. غير إننا هنا بصد تحليل موهبة الإخفاق لا غير معنيين بافتراضية مشروع ما. على أن الشيء الدال في هذه المرحلة من المخاض هو أن السيناريو يتخذ صفة الأدبية مصقولاً بلا حلق ولا أمعاء. 


في كل مرة تتم فيها الإشارة للأزمنة والأمكنة فذلك إثبات على رعب المسرح، ذلك المسرح الذي يمكننا تخيله على الأقل في عصر بودلير. الفصل، المنظر هي وحدات يتخلص بودلير منها بكل سرعة، يتجاوزها دائمًا ويؤجل النظر فيها لوقت آخر حتى يستطيع من السيطرة عليها، فتارة يشعر أن هذا الفصل قصير جدًا وطورًا يراه طويلاً جدًا. ففي مسرحية "الماركيو هوزارالأول، الفصل الثالث" يستخدم الفلاش باك وهي تقنية لا تستعملها اليوم إلا السينما، وفي "نهاية الدون جوان" المكان متجول غير ثابت، هو عبارة على مسلك بين المدينة والريف فاقد الحس شبيه بالمسرح المجرد (فاوست). يتفجر عمومًا هذا النوع من المسرح من خلال بذرته الأولى، يتلولب كما لو أنه عنصر كيميائي في الموضع الخطأ، يتجزأ إلى لوحات (بالمعنى التصويري للكلمة) أو إلى حكايات. ذلك أن بودلير بخلاف رجل المسرح المختص عوض إن ينطلق من الركح يتخيَّل قصة سردية بأكملها. من وجهة نظر جينية ليس المسرح إلا هذا التكثيف الذي ينتج عن تخييل مداره مُعطى أولى دائمًا ما يكون ذا طابع حركي (لا طقسي عند إسخيليوس، إدارة ممثلين عند موليار) : هذا المسرح مُفكر فيه كما لو أنه تحوُّل ٌ قطعي، مفروض بحكم مبدأ الإبداع ذي الطابع الرمزي "ماركيز هوزار الأول" أو الطابع الوجودي "السكير".

ذات مرة قال بودلير :
"أعترف إنني لم أفكر إطلاقًا في الإخراج".

هذا شكل من السذاجة الذي لا يمكن أن يفصح عنه أقل دراماتورجي خبرة، وهو ما لا يعني إن سيناريوهات بودلير غريبة تمامًا عن جماليات العرض، لكن بالنظر إلى ما تنتمي إليه من عوالم تخييلية فليس ذلك هو المسرح، بل هي السينما التي بإمكانها أن تحقق نجاحها، ذلك إن السينما تعتمد على الرواية وليس على المسرح، الأماكن المتجولة والفلاش باك، غرائبية اللوحات، التفاوت الزمني في المقاطع، باختصار هذا الاضطراب في عرض السرد والذي يشهد به ما قبل المسرح عند بودلير، هذا بالضبط ما تحتاجه السينما لتخصيبها بشكل نقي تمامًا.

إذًا، ودون أي شك فـ "الماركيز هوزار الأول" هي سيناريو متكامل. وهو ما ليس في استطاعة ممثلي هذي الدراما غير المطلعين على التيبولجية الكلاسيكية في استعمالات السينما. 

ذلك أن الممثل في حقيقته هو نتاج شخصية روائية وليس حلمًا جسديًا (كما حدث لابن الدون جوان الذي لعبت دوره فتاة أو زوجة السكير التي هي موضوع سادية) لم يكن في حاجة على الإطلاق إلى عمق الخشبة ليكون فهو جزء من بنية شعورية أو اجتماعية لا صلة لها إطلاقًا بعلم التشكل، هو علامة سردية خالصة كما تستوجبه الرواية أو السينما. 

الذي يتبقى من المسرحة الحقيقية في مشاريع بودلير؟ لا شيء .. سوى ما يمكن اعتباره لجوءًا للمسرح، فكل شيء حدث كما لو أن مجرد نية كتابة شيء من الدراما أرضت شغف بودلير وأعفته من تغذية مشاريعه بمادة مسرحية حقيقية ممتدة عبر العمل، لكنها غير مقبولة في المواضع الوحيدة التي يمكن أن تزدهر فيها وتكتمل نهائيًا.

ذلك أن هذا المسرح الذي اعتقد بودلير لوهلة، أنه أمسك به فإنما عجَّل بمنحه الخطوط الأكثر وضوحا للإفلات منه مما أحدث بعد ذلك، بذاءة ما، تعددية ما (وهو أمر مستغرب نظرًا لأناقة بودلير الرفيعة) تبدو في الظاهر مجلوبة من الرغائب المنسوبة للعامة ؛ خداع (أوديوني) للوحات الضخمة (حرب، مرور إمبراطور، حفل في حانة ريفية، مُخيم للغجر، جريمة معقدة) كل ما يُحيل على جمالية اللفظ، مقطوعًا عن حوافزه الدرامية أو هو شكلية اللحظة المسرحية مُدرَكة من خلال تأثيراتها الأكثر تمجيدًا لحساسية البورجوزاية الصغرى.

وطالما المسرح هو بهذا الشكل، سوف يعمل بودلير من أجل تحصين المسرحة، فلديه شعور أن التحايل الجميل مهدد بالأسلوب الغوغائي ؛ لقد أخفاها (المسرحة) بعيدًا عن الركح، منحها لجوءا في عزلة أدبه، في أشعاره، في محاولاته النقدية، في صالوناته الأدبية. لم يبق من هذا المسرح التخييلي غير دعارة الممثل وشهوة الجمهور للأكاذيب (وليس المكر) وللإخراج المفخَّم للكلام. مُبتذل هذا المسرح ؛ غير أنه ابتذال متمزق في حدود إنه مراقب في تسييره، مبتور عن قصد من كل ما هو عمق شعري أو درامي ؛ مقطوع عن كل تخيًّل يمكن أن يحققه؛ مًصوِّرًا هذا الوضع المسرحي بكل دقة بنى بودلير مشاريعه وإخفاقاته إلى أن اكتمل هذاالقتل الخالص للأدب، ونعلم جيدًا أن هذا القتل كان ومنذ زمن مالارميه قلق الكاتب الحديث ومبرره. 

إذًا... وقد تخلَّت عن المسرح المسرحة فشرع يبحث له عن ملاذ في كل مكان، وإذا به يتحول إلى شكل اجتماعي وقح وهو ما سماه بودلير ذات يوم التذبذب كدلالة على ما نسميه اليوم الالتزام.

وفق هذي الحركة الخالصة (هي خالصة لأنها لا تعبر سوى عن نية وإن هذا المسرح البودليري لا يحيا إلا بوصفه مشروعًا) يلتحق بودلير مجددًا بهذي الاجتماعية على الصعيد الإبداعي بغاية تثبيتها ثم الإفلات منها وفق جدلية اختيار كان سارتر فقد توسع في تحليلها بشكل دقيق ونهائي.

تقديم دراما لـ "هوستين" مدير مسرح la Gaité كان تمش باعث للارتياح في نفس بودلير أفضل من تمجيد سانت بوف أو الطمع في الالتحاق بالأكاديمية أو انتظار وسام جوقة الشرف.

من هنا تمسُّنا مشاريع هذا المسرح بعمق. انها جزء من بودلير، من داخله، من هذه السلسلة المتعددة والتي من خلالها يتجدد نجاح "أزهارالشر" كفصل لا مزية للموهبة عليه أقصد الادب طبعًا.

كان لا بد من الجنرال Aupick Ancelle وكان لابد من تيوفيل غوتييه، سانت بوف، الأكاديمية والمسرح الأوديوني، كان لا بد من كل هذه المجاملات والتي هي في حقيقتها ملعونة، مهملة وبالكاد يمكن التفطن إليها. كان لا بد من كل هذا ليكتمل عمل بودلير لهذا كان الخيار مسؤولًا على اعتبار أنه قدر ذو شان.

سوف نحب "أزهار الشر" أقل إذا لم ندمج في قصة مبدعها هذي الهواية الفظيعة للفظاظة.


* هامش بقلم رولان بارت
• نعرف أن لبودلير 4 مشاريع مسرحية الأول ايديوليس أو (مانوال) موزون وغير مكتمل كتبه بودلير رسنة 1843 (حين كان عمره 22 سنة) بالتعاون مع إرنست برارون. بقية المشاريع الثلاثة الأخرى كانت سيناريوهات وهي (نهاية الدون جوان) لم يكن سوى بداية لفكرة و(الماركيز هوزار الأول) وهو عبارة عن دراما تاريخية كان بودلير يتحدث فيها عن دراما لأحد أبناء المهاجرين، وولفانغ دي كادول ممزق بين مبادئ الوسط الذي عاش فيه وطموحاته نحو الإمبراطور وأخيرًا "السكير" وهو العمل الأكثر بودليرية من الأعمال الأخرى، وهو حكاية جريمة، عامل سكير متكاسل يقتل زوجته ويرمي بها في بئر ثم يردم البئر بالحجارة.  وتعتبر دراما "السكير" توسعة للفكرة المُشار إليها في قصيدة "خمر المجرم" الواردة في "أزهار الشر". نُشرت هذه المشاريع المسرحية في طبعة كريبيه والبلياد والأعمال الكاملة لبودلير ونادي أفضل كتاب .


مقتطف من كتاب "كتابات حول المسرح" لرولان بارت.
المترجم: ترجمة عبد الوهاب الملوح

---------------------------------------------------
المصدر : ضفة ثالثة 


دراسة في "الاعداد التربوي والفني للممثل عند المخرج بدري حسون فريد "

الأربعاء، 7 يونيو 2017

عرض مونودراما " روح الأنفال "

مجلة الفنون المسرحية

عرض مونودراما " روح الأنفال "
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption