أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الخميس، 27 فبراير 2020

الكاتب والمخرج المسرحي الفنان القدير فهد ردة الحارثي من السعودية لابدّ من الارتقاء بأي مشروع مسرحي

مجلة الفنون المسرحية

الكاتب والمخرج المسرحي الفنان القدير فهد ردة الحارثي من السعودية  لابدّ من الارتقاء بأي مشروع مسرحي

لخشبة تتطلّب لغة رفيعة المستوى ولابدّ من احترام شريك رسمي وهو المتلقّي

حواره : كنعان محيميد البني سوريا - و عباسية مدوني  - الـجزائـر



   دائما و ضمن فعاليات مهرجان المسرح العربي بالأردن في دورته الثانية عشرة (12) والمنظم من طرف الهيئة العربية للمسرح ، وتحت شعار " المسرح مشغل التجديد ومعمل الأسئلة " نجد أنفسنا أمام شخصيات مسرحية عربية فاعلة وذات عطاء مسرحي واعد ، وتحديدا كان جسر تواصلنا والمسرح السعودي – مسرح الطائف ، لإضاءة مسيرة فرقة مسرح الطائف ، حيث  تمّ التعرّف على المسرح السعودي من خلال مشاركة هذه الفرقة بمسرحية "حالة قلق " بمهرجان دمشق الدولي بعد عودته للحياة ،  وكانت المفاجأة أننا كنا أمام عرض رائع بكل مقومات العرض المسرحي ومباشرة نشأت العلاقة مع الفرقة المجتهدة والتي تركت بصمتها المميزة في المسرح السعودي .

   فكان لنا شرف لقاء الفنان  والكاتب والمخرج المسرحي "عرّاب" المسرح السعودي الصديق والأخ المبدع "فهد ردة الحارثي " الذي تحدّث عن سمات المسرح بالسعودية ، ومشواره الفني والكثير من القضايا على مستوى الساحة المسرحية الإبداعية العربية .

•      فما أهمّ  السمات التي تميز بها المسرح السعودي ومن خلاله التعريف بأهم المحطات بتجربتكم المسرحية إخراجا وكتابة ؟

فهد ردة الحارثي : بداية اسمحوا لي أن أعبر عن سعادتي بلقائي بكم  وبكافة الأخوة المسرحيين المشاركين بالمهرجان المسرح العربي بالتأكيد أن المهرجانات المسرحية لها الدور هام جدا في حالة التلاقي والتعارف والتشاكس  والبحث والتفكير والنقاش والحوار وبالتالي تنبع منها أشياء جديدة ، وسعادتي الأخرى تذهب للحياة المسرحية أيضا ،  ونحن من المهتمين بمجلة الحياة المسرحية التي تصدر عن وزارة الثقافة بالجمهورية العربية السورية ، المجلة التي تربيت عليها ونمّت ثقافتي منذ تلك الأيام ولا أزال أملك  أعدادا قديمة منها ، منذ أيام سعد الله ونوس وكنت أتابعها بشغف شديد ، مهتمّا بما تطرحه من مواضيع فكرية ومسرحية ساهمت في تكويني بموضوع الإخراج ، وعودة إلى  السؤال أجد أنه من الصعب أن يعرّف الإنسان بنفسه ، ولكن في مختصر التجربة خاصّتي ككاتب ومخرج تبنيت مشروعا مسرحيا بمشاركة مجموعة من المهتمين الشباب بالمسرح  في مدينة الطائف في السعودية بالوقت الذي لم يكن فيه مشاريع ، طبعا كان ثمّة عروض وحراك مسرحي ،ولكن من وجهة نظري أن تبني المشروع هو الحالة المثلى ، وأنّه على من يعمل ويسعى في المسرح أن يتوجّه نحو  المشروع .

ومشروعي ابتدأ  من ورشة عمل مسرحي مستدامة تنمي قدرات الشباب ومواهبهم ، وتسعى لإيجاد جيل مسرحي واعي فاهم ومتفهم بأدواته ومستوعب لمشروعه بالشكل الذي نستطيع أن نكون من خلاله سمة خاصة في المسرح السعودي ، وننطلق من هذه السمة لتنمو عبر تجارب متلاحقة و نصل لأفق أبعد من المحلية إلى العربية وأن نعرض في أربعين مدينة عربية وبما يتجاوز المئة وعشرين مهرجاناً مسرحياً ونحقق الكثير من الجوائز على مستوى الوطن العربي ، والتي تجاوزت الـ 73 جائـزة  ولا تزال الفرقة تعمل بنفس الطموح رغم تغير الاسم من "ورشة العمل المسرحي "إلى "فرقة مسرح الطائف" ، و طبعا الفرقة صارت لها أجنحة الورشة والمختبر والمعمل في داخل هذه الفرقة .

أمّا تجربتي الشخصية انطلقت أيضا من هذا المشروع ،ولم أبتعد عن المشروع كثيرا وانطلقت من  مشروع مسرح الحركة وحركة المسرح مع الأستاذ "أحمد الأحمري" كمخرج ورفيق درب طويل واستمرت لعدة أعمال ، ثم انطلقنا إلى حالة مقاربة بين لغة السرد بالقصة ولغة الفعل في المسرح ، مع التطبيق  عليها عبر مجموعة من الأعمال حتى وصلنا إلى نتيجة ،  ثم انطلقنا إلى مسرح اليوميات ، ثم إلى مسرح التواصل الاجتماعي ، وهكذا تبدو العملية أنها ليست خاضعة فقط لحالة العرض ،لحالة المهرجان ،لحالة البحث وإنّماهي حالة بحثية مستمرة نطرح فيها ومن خلالها  مشروعا نتناقش حوله وننطلق منه ، ومن خلاله  ننطلق لترسيخ قيم هذا المشروع وفي النهاية الوصول إلى نتائج .

•      طرح جميل للبدايات الرائعة ، لو تكرمتم  بالعودة إلى بدايات " فهد ردة الحارثي" كمخرج ماهي الرؤية التي انطلقت منها؟ و ماهي الرؤية المستقبلية عند " الحارثي" ككاتب مسرحي ليس على الصعيد المحلي بل على الصعيد العربي؟



فهد ردة الـحارثـي : الحقيقة مشواري لم يبتدئ بالإخراج بل بالإعلام ضمن مشواري الذي دام خمسة عشرة ( 15) سنة إعلاميا ،  ثم انطلقت لكتابة النص المسرحي الذي قدمت له خمسين نصاً مسرحياً حتى الأن ودفعت بعدها دفعا للإخراج ولم أختره ، أخرجت ما يقارب الست أو السبع أعمال وكانت ناجحة ولكن الحقيقة  كان يسيطر عليَّ الكاتب أكثر من المخرج وقد عملت على الخشبة منذ بداية المشروع وبكل تفاصيله ،عملت في الإدارة المسرحية ، و بالمؤثرات الصوتية  والمؤثرات الضوئية ، مسحت المسرح وكنسته ، فقد عملت بكل شيء يتطلّبه الفن الرابع ، فكل تفاصيل الركح ملمّ بها ، وحينما أكتب لا أكون كاتبا بقدر ما أكون ابن الخشبة التي أنتمي إليها ، متمرسا بكل تفاصيل العمل لذلك من المآخذ التي تؤخذ عليّ سلباً أو إيجاباً أن أعمالي مكتوبة وهي مخرجه ، أي مشحونة بتفاصيل الإخراج وفق ما أتصور ، ولكن غير ملزمة للمخرج دون شك ، بل هي  ملزمة ليَّ شخصيا ، لأنّه عندما أكتب يكون المسرح أمامي وأرى الجمهور وأرى حسه ، وألامس  تفاصيل هذه الأشياء ،الكاتب يسيطر كثيرا طبعا ولكن بوجود مخرجين جيدين بقربي جعلني أنحاز للكاتب المخرج أو المخرج الكاتب ،فأنت هنا تضيف الطاقة على النص بينما بوجود مخرج يكون الوضع أفضل ومساحة الرؤية أوسع ، كل هؤلاء مجتمعين يصنعون لك أفقا جديدا ، بعكس أن تكون أنت المخرج وأنت الكاتب ، الأمر الذي  يضيق الرؤية بالنسبة للعرض المسرحي .

وفخور جدا  أنه عندنا عدد طيب من المخرجين الجيدين وعلى رأسهم المخرج المبدع "أحمد الأحمري" و "سامي الزهراني" و"مساعد الزهراني" و"عبد العزيز العسيري" وجمعان الذويبي وعدد وفير من الأصدقاء والأحباء الذين تناولوا أعمالي ، كما تناول أعمالي الكثيرين من المخرجين في الوطن العربي حيث وصل عدد المخرجين إلى خمس وعشرين ( 25)  مخرجا حتى الآن ،بعضهم لأكثر من مرة ،وأنا أُسعد معهم بأن العرض الواحد يقرأه أكثر من مخرج وهذا شيء يسعدني جدا ،وأستفيد من ذلك بفتح رؤى عديدة للنص ،فأسعد اللحظات للكاتب المسرحي أن يرى شخصياته الميتة بالورق تنمو وتتحرك وتتكلم يشعر بسعادة لا مثيل لها هذه الشخصية الميتة والتي كتبها ورقيا حرفا حرفا يجدها أمامه تتجول على خشبة المسرح .

•      عودة  للكاتب لك مشاركات عدّة تمت في مهرجانات سورية ومسرحية "حالة قلق" كانت البداية ، ثمّ تلتها مسرحية "كنا صديقين" ثم المشاركة  بمهرجان اللاذقية بمسرحيتين "عندما يأتي المساء" و " يا ورد مين يشتريك" ، ولكن مهرجان دمشق الدولي يعني الشيء الكثير، فقد كانت المفاجأة بهذا القبول الجميل الرائع من الجمهور والمهتمين بالمسرح بشكل عام ، فلتحدّث الجمهور من القرّاء سبب هذه المفاجأة فمسرحية "حالة قلق" كانت عرضا  استحوذ وأسر الجمهور الذي صفق واقفا ومطولا للعرض المسرحي ، فما هو السر وراء ذلك ؟


فـهد ردة الـحارثـي : الحقيقة ليس هو المهرجان الأول الذي تشارك به فرق مسرحية من السعودية ، حيث كانت ثمّة مشاركة بالتجريبي بالقاهرة، وبقرطاج التونسي، ومهرجان بغداد ولكن مهرجان دمشق للفنون المسرحية يعني ليَّ الشيء الكثير ، قلت لك الأثر الذي تركته لديَّ مجلة الحياة المسرحية بمواضيعها ومقالاتها وكتابها ،  وكان المهرجان من أهم المهرجانات على مستوى الوطن العربي ..تقاليد صارمة باختيار العروض المسرحية المشاركة بالمهرجان من حيث اختيار الضيوف ، انتقاء الندوات الفكرية ، دمشق كانت تعني الشيء الكثير بالنسبة لكل مسرحي عربي بالتأكيد ،لم آت  لدمشق بوصفي أحمل العرض السعودي الأول ، فقد سبقتني إلى ذلك  عروض كثيرة بعضها نجح بشكل جيد والبعض فشل وللأسف ، ولكني كنت أحمل إرثا عظيما ومهما بالنسبة إليّ ،  كيف أستطيع أن أقدم الجمال الذي تسعى له الفرقة لنقدمه من خلال هذا المهرجان ،هذا المهرجان العتيد الذي لا شك أنه يثير الرعب في نفس كل مسرحي يشارك به ،هذا المهرجان الذي قُدّمت  من خلاله أهم العروض المسرحية العربية لأسماء كبيرة وكبيرة جدا جدا ، تعطي لهذه الفرقة الشابة أن تقول كلمتها ، ربما الكثير لا يعرفون عن المسرح السعودي الشيء الكثير ،  ولم تكن من الفرق المهمة على خارطة المسرح العربي ، كان مسرحا ناشئا والمعلومات عنه قليلة وشحيحة ،والجمهور لايعرف عنه شيء ، وكان السؤال ماذا سيقدم لنا  المسرح السعودي؟؟؟ ، لاشك سبقتنا تجارب لم توفق في  خلق التصور المطلوب عن المسرح السعودي ، العمل كان معدا مسبقا ولكن لم يكن تتاح له الفرصة للمشاركة ، وكان العمل الأول "حالة قلق" ثم كانت "كنا صديقين " اللذين حققا صدى جيدا ، عرّف بمسرحنا وعرّفت بشبابنا وفكرنا ومشروعنا المسرحي وكانت منطلقا لنا أيضا ، وفي التعاون مع الكثيرين من الكتّاب والنقّاد ،  وما قيل حول العمل المسرحي الأمر الذي عزز كبريائنا بأننا عملنا بصورة جيدة ، وهذا يجعلنا نقف للحظة ولحظتين من الضروري أن يكون لديك مشروع تعمل عليه ومن خلاله ومشكلتنا في العالم العربي أننا نفتقد للمشروع ،  فالغالبية يعمل على العرض، يعمل للمهرجان، للندوة، للورشة، لا يعمل على مشروع ، فحينما لا تعمل على مشروع يعني لن تصل و لن تستمر ، المشروع يعني الاستدامة والاستمرار فكريا وعمليا يعني أن تصل إلى هدفك الذي تعمل عليه ومن أجله.


•      يقال بأن هناك أزمة نص مسرحي، وأنت المخرج والكاتب المسرحي، بل دعني أقول أنك المسرحي بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، فما هو  قولك بهذا الطرح؟

فهد ردة الحـارثـي : منذ خمسين سنة وهذا القول يطفو على السطح ، في تصوري أن هناك أزمة كسل في البحث عن النص الجيد ه ، "سعد الله ونوس " تقدّم له أعماله حتى الأن ، " نجيب سرور" تقدم له أعمال حتى الأن  وغيرهم كثر وهناك طاقات كتابيه رائعة في عالمنا العربي، المشكلة في اختيار النص ، ففي العالم العربي يوجد الكثير من الكتاب المسرحيين ، ولديهم أفكار ومواضيع ، ولكن كسل المخرجين في البحث عن النص الجيد ، في البحث عن النص الجيد ، لذا يذهبون لمقولة أزمة نص، لا يوجد نصوص ، وقد توضح ذلك في الآونة الأخيرة عندما ذهبت مصطلحات مسرح ما بعد الحداثة ومسرح ما بعد الدراما وكل ذلك تبرير للمخرج لكي يذهب إلى عرض لا يعتمد به على نص مسرحي ، بل يعتمد على تقطيعات معينة حتى يوصل قدراته الإخراجية والسينوغرافية ، فالمسرح بالنهاية كلمة أولا وثانيا وثالثا ، يأتي الإخراج وتأتي العناصر الأخرى المتممة لهذه الكلمة التي تستطيع أن تضعها بمكانها اللائق ، ولكن نحن في العالم العربي لدينا إشكاليات عنيفة في المصطلح وفي النظرية ، نتلقف كل شيء بلا وعي ونبدأ بالشغل عليها ، لذا نجد هذه المشكلات في العالم العربي وهي مشكلة الاختيار ، مشكلة المخرج الذي يريد أن يبعد نفسه عن النص المسرحي ، لذا بدأ استخدام كلمة الدراماتورج الذي يذهب لكل زاوية بهدف تمرير عرضه البصري ، دون احترام الكلمة الموجودة بالنص المسرحي ، وأعود للقول  أن هناك كتاب مسرحيون في الوطن العربي ولا توجد مشكلة نص مسرحي ، وأن المشكلة فيمن يطرح السؤال وليس في السؤال نفسه .

•      انطلاقا مما تفضلت به حول أزمة النص، هناك مقولة موت المؤلف؟  ما قولك وأنت كاتب مسرحي ؟

فـهـد ردة الـحـارثـي : المؤلف موجود هو لايموت حرفه باق ونبضه باق وحسه باق ، المؤلف موجود حتى في المكان الذي لا حوار فيه ، كل هذا تأليف حتى ولو لا يوجد نص إنه تأليف نحن لا نستطيع فصل الحركة عن المقولة ، عن الجملة الحوارية ، فهذه اللغة تحتاج لمن يبرزها على المسرح ، والخشبة مساحة مرتفعة ، وارتفاعها يجبرنا على اختيار الكلمة ، لذا نختار الأجمل في الكلمة ، نختار الأجمل بالفكرة ، ونبحث عنها وعن جمالياتها ، فالمسرح كتلة من الجماليات ، جمالية النص ، جمالية الممثل، جمالية الحركة ، كل هذه الجماليات تختلط ببعضها البعض وتعطينا بناء من القيم الجميلة ، إذن في وطننا العربي لدينا الكثير من المشاكل والقضايا العويصة وكما أشرت لمسرح ما بعد الدراما حيث المخرج يحصل على أي شيء متشظي ويبني عليه تحت مقولة مسرح ما بعد الدراما ، أو ليس من الأولى أن نعرف الدراما أولاً ؟ مشكلتنا في الوعي ، لازلنا مغرمين بالكلاسيكيات ولازال المتلقي مستمتعا بهذه الكلاسيكيات ،في العالم العربي وفي العالم بشكل عام  من الضروري الذهاب نحو الجمال في النص ،وفي رأيي من الضروري البحث عن الجماليات في النص، والجماليات في الفكرة، وفي الحركة، وفي الممثل، وفي السينوغراف، وفي جماليات التلقي ، كل ذلك من الضروري العمل عليه وبشكل خاص المتلقي ، حيث أن متلقي اليوم ليس كمتلقي الغد ، يجب أن نتعاون على هذه المتغيرات وفق الأدبيات التي من الواجب الحفاظ عليها ، ومن العيب القفز على المصطلحات ، بل علينا أن نكون على وعي تامّ بها ،  وامتلاكنا القدرة على استيعابها بشكل يرتقي بقيمنا وذائقتنا الفنية الجمالية.

•      بوصفك مخرجا وكاتبا مسرحيا ، والنص لديك يكتب مخرجا ، ما مدى التزامك بالقاعدة الأرسطية المقدمة والمتن والخاتمة، وآلية تجلي العاطفة لدى الممثل في سياق الحوار كمنطوق له أبعاد سمعية وبصرية وحركية؟

فـهـد ردة الـحـارثـي : هناك في المسرح قوالب وأساليب عديدة في الكتابة وفي الإخراج ، وفي كسر الإيهام ،أو المسرح الملحمي أو مسرح القسوة عند أرتو في المسرح داخل مسرح في العبث ، وحتى إن تتبّعنا ذلك عربيا  في الاحتفالية والسامر والحكواتي  والحلقة، كلها مختلفة عن بعضها    البعض ، وفي تجربتي المسرحية لم أذهب نـحو السائد والموجود ولكن حاولت بعد تجاربي الأولى أن أحمل المشروع المتضمن خطا حقيقيا دراميا ، بمعنى أن أبتكر طريقة جديدة حيث الحوار يتبع الحوار يدفع الحوار ليشكل خطاً وهمياً لتصاعد البناء الدرامي  بحيث يكون هناك خط درامي واضح لكنه  ساكن ضمني يتحرك بواسطة الحوار الذي هو الأساس ، أي المادة الحوارية هي الأساس ، حتى الفكرة  ، دعونا نبني بطريقة جديدة ، وكيف تدفع الحوارات بعضها بعضاً لتصنع حالتها  ،هكذا انطلقت في تجربتي وأنا أتصور أني نجحت كثيرا في هذا الجانب وفي إيجاد شاعرية عالية في هذا الحوار المسرحي حتى يصل لأعلى القيم ، أنا في رأيي المسرح مصنع للجمال ، اللغة مهمة للغاية ،واللغة الشاعرية التي تصل القلب مباشرة ، فنحن أمة الشعر نسمع الشعر ونطرب له ، وهذا ما سعيت له بكل تجاربي أن أصل للمتلقي بمساعدة المخرجين والممثلين والسينوغرافيين كي نخلق الابداع الذي يذهب من القلب إلى القلب من الجمال للجمال من الابداع للإبداع .

•      من خلال هذا التوصيف الجميل .. اللغة والبلاغة ..وهل الكاتب يتعمد الصور البلاغية ويذهب بالمتلقي والمخرج لبوابات التأويل والذهاب بالمخيلة لحدود الإدهاش الذي هو هدف الكاتب والمخرج في النهاية؟



-      فهــد ردة الـحـارثـي :  لا شك في ذلك ، ولكن عليك أن تكون متمكنا من نفسك في البداية ، وأن لاتتصنع الأمور ولاتصنعها بل تمضي نحوها بصدق وحب ومغامرات شقية خفيفة ومثيرة وموحية حتى تستطيع أن ترتقي بمشروعك الأساس ، إذ سيذهب ذلك للمخرج ، وينطلق منه لمنطلقات كثيرة، وسيذهب للمتلقي كي يذهب به أيضا إلى الإدهاش ..

   في فترة من الفترات كنا نقدم عروضا متميزة باللغة الشعرية العالية والتي ليست بالبعيدة عن الجمهور ذات قيم جمالية يستمتع بها المتلقي ، وبعد ست أو سبع عروض حاولت أن أغير وأستخدم لغة بسيطة مفهومة ذات بعد يومي ، وقف الجمهور معاتبا لأنه تعود على سماع الكاتب الشاعر ، لذلك لم يتقبله عندما أصبح عاديا عاميا ويقف  متصديا لهذا التغيير ، فهو يريد لغة جمالية ترتقي لذائقته الجمالية  الفنية ، جمهورنا شاعري يحب الشعر حقيقة ، يذهب للمغنى للطرب بقيم جمالية شفافة تصل للقلب قادمة من القلب ،هذه قضية مهمة جدا أراهن عليها في تجربتي المسرحية ،سأذهب للساحة الجماهيرية وسأقدم هذا العمل مراهنا على ذائقة الجمهور الجمالية العالية ،الجمهور ذواق ويستوعب القيم الجمالية ولكن تحتاج للطريقة والوسيلة التي توصل بها هذا الجمال الذي يقع في قلب المتلقي بالعموم،  وكنت أنجح في هذا التحدي وهذه المراهنة .

•      الفنان المبدع فهد ردة الحارثي إلى أي مدى يلعب الممثل دورا أساسيا في توصيل كل ما تفضلت به؟



فــهـد ردة الـحارثـي :  برأيي دون ممثل لن تصل لعرض   مسرحي ،النص كلام وجمل مرصوفة، المخرج يصنع صورة لذلك ، الممثل هو الأساس هو قيمة العرض المسرحي ، وأنا أنطلق من مقولة الممثل الشريك ،بمعنى أن الممثل ليس جهاز ينفذ ما يطلبه منه المخرج بل هو شريك أساس ، وأناقش معه كل شيء بوصفه قيمة ، وثمة عدة أمثلة منها  :عندما اختلفنا مرة من مرات النقاش في من هو الأكثر قيمة الكاتب أم المخرج أم الممثل ، في اليوم الأول حضرنا البروفة حضر المخرج والمؤلف، حضر الفني، حضر الجميع وغاب الممثل ،لم نستطيع أن نعمل أي شئ ،  في اليوم التالي غاب الجميع وحضر الممثل دوننا ووقف على الخشبة يؤدي عمله  ، الممثل هو القيمة الأساس في العرض المسرحي ، كل هذه العناصر تتظافر ولكن هو القيمة الأساس كما  أسلفت ، ولذلك تزيد قيمة الممثل الواعي الذي نشركه في اللعبة منذ البداية وحتى النهاية .

•      من أية بيئة يستوحي الكاتب لغته الشعرية سواء كان في السعودية أو في أي مكان من الوطن العربي؟



فــهـد ردة الـحـارثي : أنا أتصور أن الإنسان كونيّ ، يستمد الصفات الإنسانية من العالم أجمع وخصوصا عبر وسائل التواصل الكثيرة والتي توفر لنا معرفة كل التفاصيل وحتى الصغيرة منها ،ونشترك بهذه الهموم جميعا،  باستثناء بعض الحالات المجتمعية التي تميز مجتمعا عن الآخر و تميز شخصا عن الآخر ،وبالتالي أنت تقدم رؤياك وفهمك ومعرفتك الجمالية نصيا نثرا أم شعرا مقفى.

•      من هذه الحالات لمن تنتصر؟

فــهـد ردة الـحـارثي : لا شك أنتصر للإنسان مهما كانت البيئة بالنهاية أنا أنتصر لهذا الإنسان في كل زمان ومكان المبحث الأساس هو الإنسان .



•      من أين بدأت من القصة أم من الشعر؟



فــهـد ردة الـحـارثي : أنا بدأت من الشعر ، ثم من القصة ، ثم الاعلام ثم تركت هذا الشاعر وهذا القاص والإعلامي والفنان التشكيلي والموسيقي وذهبت للكاتب المسرحي وانتصرت له

•      هل هذا التخصص يشتته أم يثري امكاناته؟



فــهـد ردة الـحـارثي : هذا يثري تجربته بعيدا عن التشتت وهذا يتوقف

                          على قدرات شخص دون الآخر .

•      برأيك من سيصمد أكثر النص النثري أم الشعري؟



فــهـد ردة الـحـارثي : سيبقى الشعر ديوان العرب ،لا شك القصة والرواية فيها مساحات واسعة من البوح والسرد ولكن الشعر يبقى له خاصية لدينا لأننا تربينا على الشعر .



•      لوتحدثنا عن نصوصك المسرحية هل هي شعرية أم نثرية أم سردية؟

فــهـد ردة الـحـارثي : أكتب باللغة العربية لأن الخشبة تتطلب منك لغة رفيعة  راقية ، لذلك كتبت النص المسرحي الراقي بنبض شاعري يستطيع أن يصل إلى قيم الجمال والتي تصل للقلب مباشرة بلغة ليست بالبسيطة الساذجة بل باللغة ذات القيمة الجمالية بالصورة البلاغية في الجملة الحوارية.

•      كم نصا مسرحيا منجزك حتى اليوم؟

فــهـد ردة الـحـارثي : خمسون نصا مسرحيا ،ومجموعات قصصية وشعرية.



•      أراك تنتصر للنص الدرامي المسرحي ولكن في ظل العولمة وما يسمى بالحداثة وموجاتها التي تقول بموت المؤلف وتغيّب هذا المؤلف المسرحي كيف لك أن تنتصر لهذه القضية وأنت من أشد القائلين بضرورة الكلمة والنص المسرحي؟

فــهـد ردة الـحـارثي : هذه المؤثرات التي  تمّ حصرها فيما بعد الحداثة وما بعد الدراما ، أنا استوعبت هذه المصطلحات وأرى أن النص وأن الكلمة التي كانت منذ سنوات ليست نفس الكلمة الآن ، وعلى الكاتب المسرحي ألاّ يستسهل الأمور ويذهب تّجاه الجديد بدون وعي للواقع ،الآن نحن أمام تحديات ليست بالسهلة وهناك تجارب كثيرة بالوطن العربي بالرقص التعبيري وتأثير السينما وما إلى ذلك ، رغم هذا التطور في كل شيء بقي المسرح المعبر الأجمل عن الإنسان ، فقد ظهر المذياع ولم يغب المسرح وظهرت السينما والتلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي وبقي المسرح ولم يغب  بفعل هذه التطورات بل استوعبها المسرح في معدته الواسعه واستطاع توظيفها ،سيظل الكاتب وسيظل المخرج والممثل من قيم العرض الأساسية ، وهذه التقنيات الحديثة من الضروري أن تخدم قضيتنا بالدرجة الأولى لا أن تلغي المسرح ، والخلل يكمن بالمشروع ، حيث بات من الضروري أن تكون لدينا مشاريع حقيقية وألاّ نستسهل الأمور ، وألاّ نقلّد الغرب ونأخذ القشور ونبني عليها بنيانا سرعان ما سيتهدم فوق رؤوسنا ،وأعتقد أن الهيئة العربية للمسرح قادرة على لمّ هذا الشتات من خلال المهرجانات والندوات التي تدرس هذه الظواهر وتضع الحلول المناسبة لها لتأكيد سمة المسرح العربي.

•      ما قولك عن الهوة بين الممارس والأكاديمي؟

فــهـد ردة الـحـارثي : هذه ظاهرة ومشكلة من المشاكل التي تواجه المسرح وهي الذهاب لمناطق غير منطقته ، الباحث باحث والأكاديمي أكاديمي في مجاله ، ويعطي لنفسه التسميات ويمارس بوصفه العالم بكل شيء ،لا يعرف النقد ولم ير عرضا مسرحيا لمجرد أنّه تحصل على اللقب العلمي في بحث ما منح لنفسه ترخيص ممارسة كل شيء ، وهذه الظاهرة تتجلى بالمهرجانات حيث يدعى الدكتور فلان والدكتورة فلانة ولا واحد منهم متخصص بالنقد المسرحي نهائيا ويحرجون أنفسهم  كباحثين مهمين في مجالهم ولكنهم ليسوا نقاداً فالنقد حالة أخرى غير حالة البحث وعلينا أن لانخلط بين الحالات هذا ناقد وذاك باحث ولكل منهما دور وحالة ومهمة ، وهنا أتمنى أن نضع الأمور في نصابها الحقيقي ،وأن نعطي كل ذي حق حقه .

•      حول ظاهرة السينوغراف الذي طغى على حساب الممثل بما نسميه البهرجة التي نابت عن النص وعن المخرج وعن الممثل؟


فــهـد ردة الـحـارثي : معك تماما في هذا التوصيف الدقيق ،وهذه من المشاكل الكبيرة على مستوى الوطن العربي ، وهذا هو التجريب غير المدروس فقد تنجح تجربة وتفشل الأخرى ،وذلك دونما وعي أيضا ، لقد أصبح السينوغرافي من يحرك المخرج ، مادة بصرية وجميلة وهي تشغل الفضاء المسرحي بينما  يغلب شيء على شيء آخر ، نحن معها ولكن لسنا مع الإفراط بها على حساب أشياء أساسية وهامة ، هذه مشكلتنا ، مشكلة الاستسهال والاستسلام للسينوغراف بالصورة الجميلة التي جاءت آنية وتذهب بعد العرض لأنها غيبت النص والحوار والمخرج والممثل قدمت المتعة البصرية ولكن غابت الروح والحياة في العرض المسرحي.

•      ثمة موضوعة تطرقت لها من خلال الحوار وهو المتلقي والذي يعتبر جزء هاما وأساسا في العرض المسرحي ..وهل توصلنا لعلاقة صحيحة في فهمه ومعرفة حاجته الإنسانية والاجتماعية؟


فــهـد ردة الـحـارثي : هو لا يريد شيئا ،  بل نحن الذين نريد منه كل شيء وأهم شيء لأننا نحضّر العرض المسرحي له ، لذلك هذا المتلقي الشريك الأساس منذ اللحظة الأولى لانطلاقة العمل المسرحي بمختلف مستوياته الثقافية والمعرفية والعلمية والفكرية ، ومتى آمّنا بأنه شريك لنا ويجب أن نتعرف على هذا المتلقي وأن ندرس هذا المتلقي ، ونظريات التلقي كثيرة ويجب أن نستفيد من هذه القضية ونحترم هذا الشريك،  ونقدر حاجته الروحية والنفسية عندها نحقق النجاح.

صفوة القول، أن الفنان " فهد ردة الحارثي" مبدع حامل لهموم وطنه والوطن العربي على الصعيد الفني ، والمسرح عنده بحر لا قرار له ، حيث لابدّ أن نجازف ونغامر لاستكشاف أغواره ، فالفن الرابع سحر لا نظير له .




الأربعاء، 26 فبراير 2020

مسرحية "الغبي والمدينة " تأليف هشام شبر

الثلاثاء، 25 فبراير 2020

الصراع ما بين الماضي المقطوع وحواضر التكلنوجيا المعاصرة في مسرحية المشهد الواحد للكاتب العراقي عبد السادة جبار

الاثنين، 24 فبراير 2020

رابطة أهل المسرح تبدأ عملها بالدعم والمساندةصندوق الرعاية الاجتماعية للفنانين العرب مطلع مارس

مجلة الفنون المسرحية
رابطة أهل المسرح تبدأ عملها بالدعم والمساندة
صندوق الرعاية الاجتماعية للفنانين العرب مطلع مارس

الشارقة : الخليج 

 تنطلق أولى أعمال رابطة أهل المسرح في مطلع شهر مارس المقبل، من خلال «صندوق الرعاية الاجتماعية للمسرحيين العرب». وكان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، قد أعلن في ختام الدورة السابقة من أيام الشارقة المسرحية عن تأسيس الرابطة.

في اليوم العربي للمسرح، 10 يناير/‏‏كانون ثاني الماضي، أعلن إسماعيل عبد الله الأمين العام للهيئة العربية للمسرح عن انطلاق الرابطة كمؤسسة منبثقة عن الهيئة، تعمل بتوجيهات رئيسها الأعلى صاحب السمو حاكم الشارقة، كمشروع متعدد الأغراض والمهمات، ليكون شاملاً للعديد من الجوانب الحياتية التي تهم أهل المسرح. ووضعت الهيئة خطة شاملة لتفعيل هذه الرابطة، لتسهم في رعاية احتياجات المسرحيين العرب الاجتماعية، كما تعمل على تنمية الوعي المهني والحقوقي لديهم. وتتأسس رؤية الرابطة على رعاية الفنانين، وتمثل رسالة في إشاعة روح التعاضد والتضامن وترسيخ حق الفنان المسرحي وعائلته في حياة كريمة.

ولرابطة أهل المسرح عدة أهداف، منها: المساهمة في توفير أسباب الحفاظ على كرامة الفنان المسرحي من ناحية الرعاية الاجتماعية في حالات العجز التي تحول دون ممارسته لمهنته المسرحية.

والمساهمة في رفع مستوى الوعي الحقوقي لدى الفنانين المسرحيين لضمان حقهم في العيش الكريم.

أما صندوق الرعاية الاجتماعية للمسرحيين العرب، فهو أول مشاريع الرابطة، ويسهم في رعاية الاحتياجات الاجتماعية للفنانين العرب، ضمن الضوابط التي يحددها نظام عمل الهيئة باعتبارها المسؤولة عن عمل الرابطة.

 أوجه المساعدة والتعاضد التي يقدمها صندوق الرعاية الاجتماعية:

 أولاً: فئة المساعدة الاجتماعية للفنان المسرحي خلال مرحلة المرض الذي يقعد الفنان عن العمل لفترة قصيرة المدى.

يستفيد الفنان المسرحي من المساعدة الاجتماعية التي تسهم في استقراره العائلي خلال المرض الذي يُقعده عن ممارسة مهنته الفنية، لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة.

– تمنح المساعدة الاجتماعية الشهرية للمستفيد لمدة لا تزيد على سنة ولمرة واحدة.

– يتم تقدير قيمة المساعدة الشهرية من طرف إدارة الرابطة ومستشاريها، وتتناسب مع خط العيش الكريم المقدر رسمياً في بلد المستفيد.

– يتوقف منح المساعدة بانتفاء أسباب العجز أو توفر جهة أو أفراد من عائلته ومحيطه يقومون بتوفير متطلباته الاجتماعية.

يتوقف منح المساعدة للمستفيد في حالة الوفاة.

 ثانياً: فئة المساعدة الاجتماعية للفنان المسرحي خلال مرحلة المرض الذي يُقعد الفنان عن العمل لفترة طويلة المدى.

– يستفيد المسرحي من المساعدة التي تسهم في استقراره العائلي خلال المرض الذي يقعده عن ممارسة مهنته الفنية لفترة تزيد على سنة.

– تمنح المساعدة الشهرية للمستفيد لمدة تقدرها الرابطة، على ألا تزيد على ثلاث سنوات.

– تقوم الرابطة بدراسة التقارير المقدمة إليها.

– يتم تقدير قيمة المساعدة الشهرية من طرف إدارة الرابطة ومستشاريها، وتتناسب مع العيش الكريم المقدر رسمياً في بلد المستفيد.

– يتوقف منح المساعدة بانتفاء أسباب العجز أو توفر جهة أو أفراد من عائلته ومحيطه يقومون بتوفير متطلباته الاجتماعية.

يتوقف منح المساعدة للمستفيد في حالة الوفاة.

 ثالثاً: المساعدة الاجتماعية الطارئة للفنان المسرحي:

الفئة الأولى، فئة المساعدة الاجتماعية في حالة وفاة الفنان المسرحي:

– تمنح الرابطة مساعدة للورثة لمرة واحدة وقدرها 5000 دولار، بعد تقديم المستندات القانونية الخاصة بحقوق الورثة أو تفويضهم لطرف أو شخص منهم لاستلام المساعدة.

الفئة الثانية: فئة المساعدة الاجتماعية للمسرحي في الحالات الحرجة:

– تقوم إدارة الرابطة بالتثبت والاستشارة وتقدير حجم المساعدة الخاصة بالحالة المحددة، على ألا تتجاوز المساعدة مبلغ 10آلاف دولار، تدفع لمرة واحدة.

ومقر الرابطة ضمن مقر الأمانة العامة ل»الهيئة العربية» بالشارقة ويمثلها الأمين العام للهيئة بصفته الاعتبارية، ويحق لإدارة الرابطة طلب كل الوثائق التي تلزم للتحقق والدراسة.وقال إسماعيل عبد الله: «أعلن امتناني لصاحب السمو حاكم الشارقة الذي شرفنا بتكليف الهيئة بالعمل على تأسيس رابطة أهل المسرح التي ستكون واحدة من مشاريع عمل الهيئة في خدمة المسرحيين على امتداد الوطن العربي، وقد أعلنا في اليوم العربي للمسرح عن تحوّل الحلم إلى حقيقة، وأطلقنا رابطة أهل المسرح من خلال تأسيس أولى مراحل عملها وأقسامها (صندوق الرعاية الاجتماعية للمسرحيين)؛ رابطة تتطور بتطور وعينا وجهدنا، لتكون عوناً لكل أهل المسرح المؤمنين به خلاصاً والمخلصين له؛ رابطة تهدف إلى المساهمة في حفظ كرامة المسرحيين خلاصة العصر والأوان».

وتابع: «لقد جاء تكليف صاحب السمو حاكم الشارقة للهيئة بتنفيذ هذه المبادرة الكريمة وتأسيس هذه الرابطة، عاملاً جديداً يزيد من إيماننا بأهمية المشاريع الاستراتيجية التي يطلقها سموه، ويزيد من تصميمنا على أن يتم الأمر بما يليق بهذه الثقة الغالية، إن رابطة أهل المسرح تؤكد أن كرامتنا وكرامة الفنان المسرحي العربي كل واحد، وصاحب السمو حاكم الشارقة راعيها».


مسرحيون عرب يتحدثون عن طموحاتهم في تجديد المسرح العربي بمهرجان الفجيرة

مجلة الفنون المسرحية

مسرحيون عرب يتحدثون عن طموحاتهم في تجديد المسرح العربي بمهرجان الفجيرة 

منة الله الأبيض  - الأهرام 

طرح عدد من المسرحيين المصريين والعرب ضمن فعاليات مهرجان الفجيرة الدولي للفنون، آراءهم حول كيفية تطوير المسرح العربي، و مهرجان الفجيرة للمونودراما، إذ أبدوا طموحاتهم وتوصياتهم كي يراعيها منظمي المهرجان في الدورات المقبلة، وذلك جلسة حوارية عُقدت منذ قليل بأحد فنادق الفجيرة، شارك فيها المسرحيون؛ عبدالإله السناني (السعودية)، جميلة مصطفى (الجزائر)، عزة القصابي (عمان)، محمد الشعشاعه (فلسطين)، جبار خماط (العراق)، عمر نقرش (الأردن)، إيهاب زاهدة (فلسطين)، عزيز خيون (العراق).

قال الكاتب السعودي عبدالإله السناني، إن هذا المهرجان وضع إمارة الفجيرة على خريطة العالم الثقافية، إذ قدم ال مهرجان الفجيرة الإمارة كهوية ثقافية، كذلك استطاع أن يؤسس قاعدة جماهيرية على مستوى الناس العاديين وليس المتخصصين فحسب، له قبول لدي الجمهور العادي وليس المتخصصين، وتمنى "السناني" أن يستضيف المهرجان في الدورات المقبلة طلبة كليات الفنون بالإمارات المتحدة العربية ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام حتى يستطيع أن يلتحم الدارسون بأصحاب الخبرة المشاركين في المهرجان.

وقالت الدكتورة جميلة مصطفى ، عضو المجلس الوطني للفنون والآداب في وزارة ال ثقافة الجزائرية، إن هذا المهرجان له دور في تحريك الراكد فيما يتعلق بهذا الفن علي الخصوص، "المونودراما"، مضيفة أن المهرجان يقطع أشواطا الشوط تلو الأخر، فمن أبو الفنون (المسرح) تخرج كل الفنون في توأمة شاملة في هذا المهرجان، وهذا سبق وفرصة سانحة لا تعوض.
وتحدث محمد الشعشاعة من فلسطين، عن فلسلفة شعار المهرجان "الفجيرة تجمعنا"، إذ استطاعت الفجيرة أن تجمع الأصدقاء من كافة أنحاء العالم، وخاصة من فلسطين في الخليل والقدس حيث صعوبة المجيء بسبب الاجراءات السفر الصعبة على الفلسطينين.

ودعا "الشعشاعة" إلى تأسيس شبكة دولية بالفجيرة للمونودراما، وهي شبكة تُكّون علاقات إلكترونية مع كل الكُتّاب والمؤلفين والمخرجين والموسيقين والأكاديمين تحت إطار هذه الشبكة، حتى يستفيدوا من خبرات بعضهم البعض.

وتطرق الدكتور جمال ياقوت، رئيس مهرجان "مسرح بلا إنتاج"، في حديثه إلى مسرح المونودراما باعتباره فنًا صعبًا في عالمنا العربي يحتاج إلى أسس وقواعد مسرحية من خلال الاعتماد على ممثل واحد، مشيرًا إلى أن المهرجان يقع عليه مسئوليات كثيرة كونه يمنح المجتمع المسرحي فرصة التعرف علي كُتّاب جدد عن طريق ورش تدريبية ونشر النصوص العربية التي تفتقدها المكتبة العربية.

ومن العراق، قال عزيز خيون، إن جميع المهرجانات الفنية والمسرحية يقع عليها عبء ودور كبير التذكير والتحذير مما يخطط لنا، ومما تطبخه كواليس السياسة، كذلك يجب على هذا المهرجان وكل مهرجان آخر أن يكون نافذة للإطلالة على هذا العالم وهذه التحديات، وينبغي علينا كفنانين في هذه الدورة أن يكون لنا صوت يجيب علي أسئلة محرقة ومدمرة بما يتهدد من أخطار.

وقال الدكتور جبار الخماط (العراق)، إن مهرجان الفجيرة للفنون، استطاع أن يضع رؤية منفتحة على الآخر، كما أوصى بتدشين قناة على اليوتيوب باعتبار أن المهرجان يمثل رئة ثقافية كبرى، وأبدى "الخماط" تصورًا حول نقد العروض المسرحية، وقال: "النقد جزء مهم في العملية الفنية" موصيًا بتدشين رابطة نقاد للمسرح حتى يستطيع المسرحيون والجمهور الاستفادة من نقد العروض فنيًا.

في نهاية الندوة، كرم المهندس محمد الأفخم، مدير مهرجان الفجيرة للفنون، الضيوف العرب المشاركين في الندوة.















الأحد، 23 فبراير 2020

قراءة نقدية لمسرحية "أبحر في العينين " تأليف : د.عواطف نعيم

مجلة الفنون المسرحية
الكاتبة عواطف نعيم


السبت، 22 فبراير 2020

حنين حار... انتصار النص على العرض المسرحي

مجلة الفنون المسرحية
حنين حار... انتصار النص على العرض المسرحي

منتهى طارق المهناوي :

    سابدأ من النص وامارس الحنين الى اللغة السردية التي تكاد ان تكون قد تضاءلت على خشبة المسرح، لهيمنة الصورة المسرحية مؤخرا، من خلال فعل التذكر واستعادة الماضي بحنين لهذا الزمن عبر عبارات وكلمات متناسقة بين اللغة الفصحى واللهجة العامية (العراقية)، ببنى سردية كثيقة الدلالة همها الكشف عن العمق الرؤيوي للأحداث ضمن تجسيد ابطالها لحنين حار للماضي بالاسترجاع والتذكر عبر بنائية درامية سردية قام عليها العرض المسرحي بتصاعدية لغوية ضمن تلاعب حركي بالزمن بين الحاضر والماضي ليخلق لنا مؤلف النص تنوع حكائي ممتد عبر تواصلية الحاضر بالماضي مستعينا بأفعال الذاكرة و منطلقا من فلسفة البيئة المحلية متجها بها بحكي مستقبلي وأني بذات الوقت.حين يشتغل المؤلف على فعل التذكر فأن ذلك يوسع من نطاق السرد الذي تجاوزه المؤلف بـ (فعل متقن وايقاع منضبط) للممثلين الأقطاب الثلاثة للعرض الذي عمل على إتصاله وانفصاله وكأنه يحكي ويسرد الحوار العليم للمؤلف الضمني الذي يتصل وينفصل ضمن انية الحدث الماضي وآنية الان وهنا من خلال التنقل بين الوجع والحب لتعميق حدة الإحساس بين مفارقة الموت والحياه في اختيارات لغوية مقصودة وظفها المؤلف لتمرير رؤاه بعيدا عن المجاز مزخرفا بها صورا حكائيه تتحدث عن الواقع ضمن صياغات مكثفة ومفارقات متلاحقة بتجليات للأغاني التراثية التي صمدت في ذاكرة المؤلف و ليبثها ضمن نصه وعرضه المسرحي ولتظفي دفقا طقوسيا ممتدا برمزية عالية وبتواصلية جمالية خبيثة مقترننا بها بالحاضر وما يحدث الان مثل ( هذا مو انصاف منك)...؟! (الف حيف والف وسفة) ...؟! . ليحولها لصورة ماكرة ضمن صياغة مكثفة ليوميات عراقية بوعي مؤلف حاذق بشفرات قادرة على ارسال رسائل تثير الدهشة لتلقي واعي لما يحدث على خشبة المسرح، والتي صورها المخرج ببوابة تتوسط ارضة اشبه ببوابة الجحيم، بوابة الفصل بين الموت والحياة، خط للمقابر، خط النار، خط الاعلام الحر، خط لساحات التظاهر. قصد به برمز تعويضي لإفضاء التعبير اللافت للمنظر التقليدي الذي تكرر لدى المخرج ( الاسدي) باستخدامه المفرط للديكور وفخامته ضمن منظور استرجاعي للصورة التي تجسدت برزم الجرائد المتراكمة على يمين المسرح زمن تهرء مضى وذهب لم يبقى منه سوى الورق و استذكارات للأحداث، وضعت على المناضد والرفوف ونسيت، يحيلنا في صورة أخرى الى شراشف بيضاء تسحب من وسط اسفل المسرح الى خارجه ليخبرنا برمزية الزمن ومرور السنين التي ترحل ببطء لتحل بعدها سنين اخر ومازال البحث عن الاب الذي سيطر على ذاكرة (شفيقة) ابنته، هذه الشخصية العابثة بمهارة التجسيد، رمز اخر للمرأة العراقية الزوجة والعاشقة والصابرة التي تمثل الوجع فيها بكل اركانه وجع مفقود بسقوط جنينها رغبة عالية للحفاظ عليه بواسطة الموت نفسه مفارقة ساخرة تنسج بغائية مقصودة يكشف بها عن مفردات وجع الحياة العراقية والمرأة بالذات، وليقع الاختيار في تجسيد هذه الشخصية الفنانة( الاء نجم) التي كانت تثير الدهشة بأدائية إتقانيه برؤيا سردية عالية للمخرج ضمن اتباع إيقاع منضبط وانسجام متواصل لشخصية الزوج الرسام التشكيلي صاحب الألوان المختلفة استعارة لتنوع الحياة بألوانها المفرح والحزين، الفنان (مناضل داود) الذي أسس زخرفية أخرى تضاف للعرض ضمن أداء ايقاعي متقن رغم ثقل الجسد الذي احسه المتلقي واتعبه بأحيان عدة الا انه حاول ان يزخرف الخشبة بإدائه وخبرته اللافتة وتاريخه وحنكته في التمثيل، منسجما ومتراشقا معهم الكمان الذي اتحف العرض بمقطوعاته الموسيقية هذه المفردة المتكررة في عروض الاسدي اداها العازف الممثل (امين مقداد) بأداء موسيقي ناجح وتمثيل اتجه الى سقوط إيقاع العرض لقلة خبرته في عالم المسرح هذا الشاب بذل الجهد الكبير كي يصل للقطبين المرافقين له الا ان برودة تعابيره منعته من الوصول الى قمة الأداء.
  هذا العرض الذي لون ساحات التظاهر بكل اماكنها بجماليات اللغة التي وضعته بصلب الحدث الان واغدقت علينا من الوجع الذي نعيشه لمسة جمالية للنص الذي انتصر انتصارا باهرا على الإخراج الذي صعد كفة اللعبة للنص تحت طائلة السرد المحكم بانزياح تام للمثل وهذا لا ننكره في عروض الاسدي الذي عودنا في مسرحه ان نرى ممثل مبدع مبتكر اذا ماقارنا ذلك بالاخراج الذي ارتكز بشكل تام على اقطاب التمثيل دون عناصر العرض الأخرى.
لقد قدم لنا الاسدي حنين لمسرح سرديا تقليديا حارا اوشكنا على فقدان الامل برجوعه ليضفي به ضمن دائرة الألوان التي فرشت ساحات التظاهر بوجع عراقي يعلوه كل الوان الكون واطيافه.
حنين حار للتصفيق، حنين حار للسرد، حنين حار للمثل المبتكر المبدع، حنين حار لمخرج متقن، حنين حار لمسرح عراقي اصيل.

الخميس، 20 فبراير 2020

وفد الهيئة العربية للمسرح يلتقي في نواكشط بوزير الثقافة الموريتاني

مجلة الفنون المسرحية 

بلاغ حول لقاء وفد العربية للمسرح بوزير الثقافة الموريتاني

السيد الوزير : نؤكد على استمرار التعاون بين وزارة الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان الموريتانية والهيئة العربية للمسرح، بخصوص المهرجان الوطني للمسرح والمركز العربي للفنون الأدائية ومجمل الأنشطة التي تهم المسرح.

بمبادرة من الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح قام وفد من الهيئة يوم الثلاثاء 18 فبراير 2020 بزيارة للجمهورية الإسلامية الموريتانية للقاء وزير الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان يتكون من الأستاذين غنام غنام مدير إدارة التكوين والتأهيل والمسرح المدرسي، والحسن النفالي مدير إدارة المهرجانات.
وقد استقبل وفد الهيئة السيد الوزير الدكتور سيدي أحمد قابر بحضور الدكتورة خديجة بنت هنون رئيسة اللجنة العليا للدورة الثانية للمهرجان الوطني للمسرح الموريتاني والسيد التاقي ولد عبد الحي عضو اللجنة العليا المدير التنفيذي للمركز العربي للفنون الأدائية بموريتانيا والسيد بابا ولد ميني عضو اللجنة العليا مدير المهرجان، بالإضافة إلى السيد محمود عبد العزيز سكرتير اللجنة العليا.
وبعد أن قدم ممثلا الهيئة نظرة تعريفية عن الهيئة العربية للمسرح وما يوليه رئيسها الأعلى الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى لاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة حاكم الشارقة، من اهتمام لموريتانيا وكذا أمينها العام الأستاذ إسماعيل عبد الله، طرحا أما م الوزير مختلف الأنشطة والفعاليات التي تم إنجازها بين الطرفين منذ سنة 2009 وأبرزها إحداث مهرجان للمسرح المدرسي الذي بلغ دورته التاسعة سنة 2018 والمهرجان الوطني للمسرح الموريتاني الذي انطلق سنة 2018 ونظم في دورتين وإحداث المركز العربي للفنون الأدائية بموريتانيا سنة 2019، بالإضافة إلى العديد من الورشات التكوينية في مختلف بقاع الجمهورية ومشاركة العديد من الفنانين الموريتانيين في التظاهرات التي تنظمها الهيئة بالوطن العربي.
وبعد ذلك تم التداول في مجريات الدورة الثانية للمهرجان الوطني للمسرح الموريتاني والمركز العربي للفنون الأدائية حيث تم التركيز على التعثرات التي يعرفها هذان الملفان وخاصة على مستوى تدبيرهما، و أوضح الأستاذين غنام غنام والحسن النفالي بهذا الخصوص الرغبة الكبيرة للهيئة العربية للمسرح لاستمرار هذين المشروعين وتطويرهما والعمل على تجاوز كل المعيقات من خلال التنفيذ الأمثل لاتفاقيتي الشراكة اللتين تجمعان بين الهيئة ووزارة الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان بموريتانيا وأطلعا المتدخلين السيد الوزير على مجمل التفاصيل.
وعبر الإخوة الموريتانيين، أعضاء اللجنة العليا، من جانبهم عن اعتزازهم بهذه الشراكة بين الوزارة والهيئة التي تؤسس لفعل مسرحي حقيقي بموريتانيا يستفيد منه المسرحيون بالأساس، مؤكدين على كل ما جاء في تدخل أعضاء الهيئة والسعي إلى تجاوز كل العقبات لتطوير المهرجان وتجويد أداء المركز العربي للفنون الأدائية.
ومن جانبه عبر السيد الوزير عن شكره للهيئة العربية للمسرح وتقديره لجهودها في تطوير المسرح بالوطن العربي عامة وبموريتانيا خصوصا وأكد على الإرادة السياسية لبلده في دعم مثل هذه المبادرات الهادفة إلى تمثين العلاقات الثقافية والفنية مع الدول والمنظمات الجادة من جهة، وإلى تمكين الطاقات الشابة من الوسائل والأدوات الكفيلة بصقل مواهبها وانفتاحها على التجارب العربية الأخرى والدولية من جهة أخرى.
واتفق الطرفان في نهاية الاجتماع على تمكين الوزارة من كل الملفات والمقترحات والمشاريع التي تنوي الهيئة العربية للمسرح مواصلة إنجازها أو إحداثها بموريتانيا لإغنائها بالأفكار والمقترحات من الجانب الموريتاني ووضع الأطر الإدارية والقانونية والفنية الكفيلة بتفيذها، كل في دائرة اختصاصه، مع العمل على تطوير هذه المشاريع وإنجاز الإتفاقيات المؤطرة لها بالوضوح الشفافية المطلوبين من الطرفين، على أساس أن يتم توقيع اتفاقية الدورة الثالثة لتنظيم المهرجان الوطني للمسرح الموريتاني في أقرب الآجال وإعداد مركز العربي للفنون الأدائية بما يتطلبه من تجهيزات ليستقبل في أقرب الأوقات الأطر العربية المتخصصة للإشراف على الورشات التكوينية لفائدة الشباب الموريتان.

-----------------------------------------------
المصدر :إعلام الهيئة العربية للمسرح

“جي بي أس” تفتح أيام الشارقة المسرحية

مجلة الفنون المسرحية 


“جي بي أس” تفتح أيام الشارقة المسرحية

صبرينة كركوبة - الجزائر 

يرتقب أن تفتتح مسرحية “جي بي أس” افتتاح تظاهرة  أيام الشارقة المسرحية في طبعته الثلاثين بالامارات العربية، المزمع تنظيمها ابتداء من 29 فيفري الجاري وإلى غاية 14 مارس المقبل، حيث ستعرض المسرحية يوم 29 فيفري الجاري، حسب ما كشفه المخرج محمد شرشال.

وقد كانت مسرحية “جي بي أس” خير سفير للمسرح الجزائري، حيث افتكت جائزة الكبرى سلطان بن محمد القاسمي لأحسن عرض مسرحي، وذلك في اختتام مهرجان المسرح العربي بالمملكة الأردنية الذي تنظمه كل عام الهيئة العربية للمسرح، كما حظي طاقمها بتكريم خاص من وزيرة الثقافة مليكة بن دودة مباشرة بعد العودة من الأردن.

ونال العرض الذي أنتجه المسرح الوطني الجزائري “محي الدين بشطارزي”، إعجاب النقاد والجمهور الحاضر في مهرجان المسرح العربي في طبعته الثانية عشرة، ذلك أنه يدخل ضمن المسرح الصامت، ويعالج مشكلات الإنسان المعاصر، وهو نوع جديد أبدع فيه شرشال في التظاهرة -حسب عديد المختصين-.

وتمزج “جي بي أس” بين تقنيات السينما والمسرح، والإيماءات والحركة لتمرير رسائل وأفكار تنتقد الانصياع والتيه، حيث عالجت ضياع الإنسان المعاصر بين الأفكار والمبادئ وموقفه من الوقت وإدمانه الانتظار دون الوصول ، بل يقدم صورة للإنسان المسخ الذي يتحول ويفقد حتى حقيقته، سواء بفعل فاعل أو بإرادته.

فالأبطال ينتظرون منذ مولده الخلاص دون جدوى، والقطار الذي هو رمز الخلاص يمر في كل مرة دون أن يستقله أي أحد ، وبينما هم ينتظرون ينشغلون ببعضهم، ولا ينتبهون إلى الوقت ولا إلى عبور القطار حتى بلوغهم الشيخوخة.

شارك في التمثيل مجموعة من الممثلين الذين حققوا بروزا في السنوات الخيرة على غرار محمد لحواس، عديلة سوالم، صبرينة بوقرية، سارة غربي، عبد النور يسعد، مراد مجرام، محمود بوحموم وياسين براهمي، واشتغل على موسيقى العرض عادل لعمامرة بينما أنجز السينوغرافيا عبد المالك يحي ونفذ الإضاءة شوقي المسافي..

يذكر أن أيام الشارقة المسرحية تأسست سنة 1984، وهي مكرسة لعروض الفرق المسرحية الإماراتية المشهرة رسميا، حيث تعد تظاهرة مسرحية ثقافية تقام سنويا برعاية من  الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تشارك فيها  فرق مسرحية. وتمنح الأيام جوائز فنية للفرق، الممثلين والفنيين باحتفال ختامي يتخلله تكريم  فنان عربي فائز بجائزة  الشارقة للإبداع المسرحي العربي، إضافة لتكريم  أحد رواد الحركة المسرحية المحلية. .

الأربعاء، 19 فبراير 2020

في المسرح وجمالياته / د. عقيل مهدي

مجلة الفنون المسرحية



في المسرح وجمالياته /  د. عقيل مهدي

( الرهان الإخراجي ) 

يراهن بعض المخرجين على طبيعة العرض الفنية والأدائية المتكاملة وعلى تنوع شرائح الجمهور وفئاته المختلفة :

مثلاً :- مخاطبة المتفرج طفلاً كان ، شاباً أو شيخاً، أمرأة أو رجلاً أذ تمتد مروحة العرض لتغطي مسافة ممتدة من رياض الأطفال وحتى المدرسة والجامعة والمجتمع العام لأنها كلها روافد تغني عالم المسرح وتتكفل بتحقيق ديمومته وتجتذبه مبتعدة عما ينفر منه المتفرج أو يخدش الخلق السويّ للجمهور العام .

ويتحصل التقويم على سلامة معاييره وصلاحياتها بإعطاء ( حكم ) جاد عن العرض حتى إن اقتضى رصد وقياس عدد المتفرجين وتفاوت عددهم بين الكثرة أو النقصان ، ومعرفة الأسباب الكامنة وراء هذا التفاوت بحيادية تامة قدر المستطاع عند تطبيق (الوسائل ) المنهجية ، وتقدير أثرها الحقيقي .. ومن خصائص التقويم الإخراجي هو مدى التزام المخرجين بخططهم الإخراجية وبمرونة خلاقة متفاعلة مع ظروف العرض الفنية، والجماهيرية.

(مهارات المخرج) 

ينبغي أن يتحلى المخرج بمهارات إبداعية وتحصيل وتمرس في الحقل المسرحي وإطلاعه على طبيعة اتجاهات الجمهور وما يتمثل به من قيم وطرق تفكير فيما يخص طبيعة النصوص والعروض التي جرى تقديمها في مواسم مسرحية سابقة . ومن المفضل أن يحتوي التقويم الخاص بالنشاط المسرحي على طبيعة ( الأهداف ) المتوخاة من هذه العروض ومحتوياتها أو مضامينها وموضوعاتها وبالأخص طبيعة المعالجة الإخراجية التي تخص أسلوبية شكلها الفني ببعده التصميمي وتفرده الإبداعي وعلاقة العناصر الفنية المشتركة في تجانسها وهارمونيتها المتكاملة ، ومما يشكل أهمية ( داخلية ) خاصة بالتقويم الجاد ، فتح الحوار الصريح بين المؤلف والمخرج والممثل والتقني والناقد مع نخبة ممثلة للجمهور لمناقشة قضايا المسرح الراهنة والمقترحات الخاصة بتطوير الظاهرة المسرحية .

(مشكلات منهجية ) 

إن الحرص على (منهجية ) التقويم بغرض حل مشكلات العرض الفنية الداخلية او أبعادها التشويقية الخارجية للتعامل مع الجمهور هي التي تمكّن المخرج من وضع الحلول التي تتناسب وطبيعة ( المشكلات) الإخراجية وفي حرصه على توفر :-

الصدق والثبات والموضوعية ، سواء عند نجاح العرض ، او عند اخفاقه في تحقيق (الأهداف ) التي أراد تحقيقها . فالصدق قادر على قياس ما أراد قياسه والثبات يظهر في الاختبار المنسجم مع نفسه لقياس الجديد في الظاهرة المسرحية .. وتتجسد الموضوعية في الابتعاد عن الأهواء والميول الفردية أو الانحياز الذاتي لأن المهم هو النتائج المتحققة فعلاّ على أرض الواقع المسرحي! .

( أهداف العرض ) 

يمكن أن يكون للعرض المسرحي هدف رئيس وأهداف أخرى فرعية متنوعة . وكذلك بالإمكان قياس البعد الثقافي والفني والمعرفي ( للمخرج ) أو ( الممثل ) أو ( التقني ) وحتى (الناقد ) المسرحي و( المتفرج ) الذكي ، وكذلك الاهتمام بالنمو الجسمي ، والانفعالي والاجتماعي سواء ( للطفل ) أو للجمهور الذي يصطحب الطفل ( من عائلته ) لحضور العروض واستبيان مواقف أطفالهم واتجاهاتهم من (المسرح )وأنواعه المفضلة لديهم . ومن الجدير بالذكر إن نتائج التقويم وجدت ، بهدف استخدامها وتوظيفها في ترصين العروض واستدامتها وليس لمجرد ( المسح الميداني ) الشكلي والذي يركن في ملفات و أدراج مقفلة!

-------------------------------------
المصدر : المدى

الثلاثاء، 18 فبراير 2020

الخال فانيا على مسرح الأوديون عندما تكون اللغة ساطعة، تصبح الكلمات، حتى الداكنة منها، نابضة بالحياة.

مجلة الفنون المسرحية 
الخال فانيا على مسرح الأوديون 
عندما تكون اللغة ساطعة، تصبح الكلمات، حتى الداكنة منها، نابضة بالحياة

محمد سيف/باريس

تدير سونيا ابنة البروفسور من زوجته الأولى، المزرعة مع خالها فانيا، الذي يعيش في الريف مع والدته وابنة أخيه وبعض الأصدقاء. سونيا فتاة قبيحة تميل إلى الوحدة. تحب سراً ودون أمل الطبيب أستروف، الذي يحب بدوره زوجة البروفسور المتقاعد، الشابة الجميلة إيلينا. خلال صيف حار جدا، يصل صهر الخال فانيا وزوجته الشابة الجديدة إيلينا، وفجأة، تتغير حياتهم اليومية، وتنقلب رأسا على عقب. تتفجر المشادات الأسرية، والأحقاد القديمة واليأس المرير الذي سوف يتفكك أمامنا على خلفية الزنا ومحاولة القتل في مسرحية أراد لها مؤلفها، تشيكوف أن تكون كوميديا. لا أحد هنا لديه أية أوهام حول مشاعره الخاصة أو حول من يحب. فالكل عالق في طريق مسدود بين المأساة والكوميديا البرجوازية. 
يستأنف المخرج الفرنسي ستيفان براونشفايغ في هذا العرض، حالة الاختناق الموجودة في النص بشكل رائع. ويصور من خلاله الضحك والدراما بسمات بيكيتيه حيث الجميع يعيش في مستنقع الحياة القذرة، الرتيبة، وغير المثيرة للاهتمام. تصاحب ذلك دراما بيئية حديثة إلى حد غريب. في النهاية، إننا أمام نوع من التشظي العاطفي والنفسي المفاجئ، الذي يخلق مناخا سوداويا، يعري الشخصيات إلى أقصى حد، ويقول من خلاله كل شيء تقريبا: الشكوك، الضحك، الخوف، عطش الحب الذي لا يرتوي، الشعور بالخسارة المؤلمة، الحزن الرزين، والغضب الذي ينفجر في بعض الأحيان. 
في تجربته الرابعة المستلهمة من المسرح الدرامي الروسي - بعد بستان الكرز، طائر البحر، والأخوات الثلاثة، اختار ستيفان براونشفايغ، مجموعة من الممثلين الخبراء، من مسرح موسكو للأمم، الذين بدت طريقتهم في التقاط النص، خالية من الالتباس والغموض. انهم نجحوا في تتبع جميع خطوط القوة التي تشكل أساس مسرح تشيخوف، والحزن بشكل معين، ولكنه، في الوقت نفسه، تشتعل به سخرية قوية. لم يسع المخرج في قيادته للممثلين، بكل دقة، إلى إغراق رأسيِّ فانيا وصوفيا تحت الماء، في الحوض الكبير الذي نصبه في وسط المسرح، لتدفق حالة الرثاء، ولدعم الكارثة الموجودة في المسرحية، بل اختار بدلاً من ذلك نوعاً من التحيز المدروس الذي لا يخفي أي شيء عن معاناة هاتين الشخصيتين، ولم يحاول جعلنا نتأسف على مصيرهما أيضا. وهذا ما شكل خطَ ذروة سمح للعرض بأن يكتسب قوة، وعاطفة، مع تقدمه.
قدم ستيفان براونشفايغ، مع فرقة الممثلين الروس، عرضًا يكاد ان يكون عصبيًا نوعا ما، مستوحى من مسرحية تشيخوف التي بقدر ما تهتم بتدمير الطبيعة، تهتم أيضا، بالمُثُل العليا وتحطم القلوب بشكل اكثر. ففي هذا العرض، أحيانًا ما تكون كرة الأوهام الضائعة مأساوية، وفي أحيان أخرى هزلية، أو في تأرجح كامل، حتى يتم قبول حقيقة الهزيمة، التي يجب هضمها واستيعابها وهي في انتظار الموت. في هذه " الخال فانيا" الفرنسية الروسية، تتقطع القلوب مثل أشجار الغابة. فقد خلط ستيفان براونشفايغ بين الدراما الكارثية التي لحقت بالحياة وبين التصيد الحتمي والتقدمي للبشر. استخلص من نص تشيخوف المقاطع المزعجة التي تشهد على هيجان الطبيعة بسبب البشر. بحيث يصبح الطبيب أستروف في عرضه عالمًا إيكولوجيًا ملتزمًا. ولكي يبرهن على ذلك، أعطى الموضوع التشيكوفي تصورا وبعدًا جديدًا، نبوئيًا تقريبًا، ووضعه في مستوى ثاني كخلفية، لكنه جعل منه، في ذات الوقت، مرتبطا مباشرة في عالمنا الحاضر، وهذا بحد ذاته، ما برهن على أن تشيكوف في الواقع كاتب مسرحي معاصر. فالطبيب استروف يتحدث باستمرار عن تغير المناخ، وإزالة الغابات، واختفاء التنوع البيولوجي، وتدمير الطبيعة من قبل البشر. بالنسبة لجيلنا (...) قد تبدو كلمات أستروف ذات رؤية وبصير، كما لو أنه كان يتحدث إلينا - على بعد أكثر من قرن من الزمان - وحول عالم اليوم "، مثلما يقول ستيفان براونشفايغ.
 إن العرض بمثابة قراءة جديدة سمحت لنا بالدخول إلى المسرحية بشكل مختلف، والتعامل معها من زاوية أكثر حداثة وقربا من اهتماماتنا. ومع ذلك، فإن هذه الرؤية ليست مجرد نتيجة من نتائج التأثير البيئي الناجم عن النشاط البشري، وإنما عن طبيعة العلاقة بين "تدمير الطبيعة والإنسان". ويبدو خطابها المسرحي، في هذه المرحلة، ينبثق من أطر واقعية للمناقشة حول هذه المشكلة ويتجه أو يتحول إلى تفسير فلسفي. ووفقًا للمخرج، فإن العلاقات بين الإنسانية والطبيعة التي أثارتها المسرحية قبل 100 عام نجد صداها في العالم الحديث، لأن الإنسان لم يتوقف عن تدميرها: (لقد قام الإنسان بتعويض نقاط ضعفه بذكائه، وقدرته على الخلق، وقدرته على صنع آلات تعوضه عن هشاشته. والمشكلة أن كل هذه الآلات تدمر اليوم. لذلك، ربما يمكننا أن نأمل أن يقوم الإنسان باختراع آلات لا تدمر وأن يكون هناك تقدم، وأن نتمكن من إعادة توجيه هذا الأخير والبحث العلمي في اتجاه حماية البيئة). يرسم المخرج بالتوازي بين تصوره لهذه الفكرة في العالم المعاصر وبين المجموعة الصغيرة لشخصيات مسرحية (الخال فانيا). فهو يُشبهُ من خلالها إلى حد ما، بين الخطابات البيئية اليوم وردود أفعال بعض الأشخاص الذين يواجهونها بالرد: " عن ماذا تتحدث هذه الخطب؟".
الخال فانيا، كوميديا مثيرة، اكثر الآمال فيها تكاد ان تكون موضع خيبة، معظم شخصياتها تنتمي إلى نفس العائلة، تحمل وزور الكسل أو اليأس، سيرياكوف الكاتب الأناني الذي تبجله أمه، يعيش كطفيلي، ويقضي حياته في التذمر والشكوى، مثل زوجته الشابة، إيلينا، التي لا تفعل شيئًا سوى البكاء. يوجد إلى جانبهما، سونيا وفانيا اللذان يديران شؤون أملاك سيرياكوف دون كلل أو أمل. وأخيرًا، هناك الطبيب أستروف، الذي لا ينفك عن القيام بملاحظات ساخرة حول تصرف الإنسان إزاء بيئته، والبحث عن نسيان ذلك في استغراقه بتناول الكحول. كون مأهول بمعرض من الشخصيات التي ابتلت بعذاب الحياة. من هم هؤلاء الرجال والنساء الذين يبحثون بيأس عن معنى يعطونه لوجودهم؟ أولاً، هناك الأكبر، الأستاذ القديم، الشخص الذي سيطلق شرارة دوامة الغضب التي تجتاح هذا العالم الصغير للعائلة. شعار المعرفة الخيالية التي كرس لها الخال فانيا وابنة أخيه سونيا وجودهما بشكل غير مباشر من خلال عنايتهما بعقاراته، وهو، المفكر، الذي يعود إلى منزل زوجته الأولى، والكبير في السن والمريض، لكنه لا يزال يتمتع بغرور أولئك الذين يدعون معرفة كل شيء. إلى جانبه، إيلينا الجميلة التي تزوجها في حفل زفاف ثاني؛ اسم مليء بالإثارة، يحيلنا صداه إلى تلك الفتاة التي تسببت في ويلات حرب طروادة في الماضي. هي أيضا، من خلال إثارتها ورغبتها في أن تكون محبوبة عن غير قصد، سوف تربك الرجال الحاضرين حولها، وتجعل حياة بعضهم تضطرب. لذا فإن الخال فانيا، الذي يتشبث برغبة قادرة على ملء الفراغ الرهيب لوجوده المهجور، ووهمه ببعض النجاح، سوف يشتعل من أجلها حبا. ولكن، ألم يُخدع مرتين وبشكل مخيف؟ أولا، لأن البروفسور، الذي أحبه، أجبره على دفن نفسه في هذا الريف لرعاية عقاراته- والذي يقدره علاوة على ذلك، وهنا يكمن الغموض في البطل التشيكوفي- في حين أن الآخر يتبختر في المدينة منغمسا بالأوسمة والتكريم المرتبط بمكانته الفكرية. وثانيا، لأن "هذا الرجل العجوز"، الذي اتخذ لنفسه زوجة شابة، كان لديه الشجاعة لانتزاع هذه المرأة المرغوبة إلى حد كبير منه. وهذا ما سيطلق شياطين الغيرة في داخله." عندما لا تكون لدينا حياة حقيقية، فإننا نستبدلها بالسراب"، يقول فانيا، السراب الذي سوف يتعين دفع ثمنه باهظا... وبعد ان يفاجأ فانيا، بالقبلة بين الطبيب أستروف وإيلينا، يقوم بقطع رأس باقة الزهور التي كان على وشك تقديمها إلى المخلوقة التي كان يعتبرها الوحيدة القادرة على ملأ الفراغ الذي هو فيه. هذه هي الطريقة التي تسير بها الحياة لدى تشيخوف: عندما تستخرج الشخصية نفسها من الرغبات التي انخرطت فيها حياتها المتواضعة، 

وعندما تبدأ أخيرا في افتراض أن رغبة الحب وحدها القادرة على تجاوزها، فإن عقوبة الواقع موجودة هنا، لتخبره أنه إذا كان النضال جيدًا، فإن النتيجة ستكون كارثية. لذا فمن منطلق اقتناعه بالفشل الجوهري الذي تمثله هذه الواقعة، حيث كان يؤمن، ولو للحظة، في إمكانية تغيير مسار مصيره، يحاول وضع حد لحياته. إنه يصرخ ألما، ينهار بالبكاء، تتدفق آهاته مثل النزيف الذي لا يمكن أن يحتويه أي شيء. في حين أن منافسهُ، الطبيب أستروف، مختلف تماما، فهو ساخر ومليء بشغف حماية البيئة قبل أوانه، ولكنه أيضا سكير عتيد يجد في الفودكا بديلا للحياة. وبحضور إيلينا، التي تستسلم لإغراء الأفق الذي يسكن هذا الرجل، (فهو الوحيد الذي لديه رؤية للمستقبل، رؤية تتجاوز أفق الحياة اليومية)، سوف تشعر باندفاع عاطفي نحوه: (ما نحب في الآخر، هو رغبتنا الخاصة). لكن إذا كانت إيلينا قد منحته قبلة، فهي غير مستعدة أبدًا للتخلي عن الراحة الطقسية لوجودها. ثم هناك سونيا، ابنة اخ فانيا، من زوجة البروفيسور الأولى. إنها قبيحة وذكية وحنون، وتحترق بشغف وحب عميق للطبيب أستروف، ولكن هل يمكننا أن نعيش بدون هذا الشغف؟ كلمات سونيا الأخيرة - يجب أن نعيش!  يجب أن نعيش! – تتكرر مثل فكرة مهوسة تغزو ميدان أوهام الحب المدمّر قبل أن يكون، وتتردد كترنيمة لمجد ذلك الذي تخلى عنهما، هي وفانيا، (الحياة، ببساطة شديدة، الحياة) ... الحياة التي تحميهم من الموت الرمزي الذي سيشكل من الآن فصاعدا وجودهما، الخالي إلى الأبد من أمل الحب، إن كلماتها هنا، تأخذ لهجة خطبة جنائزية موجهة لها بقدر ما لخالها الذي، بعد أن توقف عن البكاء، وقبل بمصيريه، وتخلى عن المقاومة، اعلن: في السن الذي أنا فيه... دعونا نقول إنني سأعيش 15 سنة أخرى. هذا وقت طويل! كيف سأعيش هذه السنوات الخمسة عشر؟ وكيف يمكنني ملئها؟
لقد صمم المخرج ستيفان براونشفايغ سينوغرافيا حبس داخلها الشخصيات، والألم الملازم لها، مثل خطر يتربص بها. في بداية العرض، نشاهد سياجا خشبيا عاليا للغاية يحيط بمساحة اللعب، يسمح لنا برؤية رؤوس أشجار البتولا التي تملأ الغابة من مسافة بعيدة، سرعان ما يتحول هذا السياج إلى حاجز عملاق يمنع أي هروب نحو الأفق. في الفصل الأخير، يختفي الجزء السفلي من هذا التصميم، ليكشف لنا عن مجال للعزلة والخراب. حيث نشاهد أشجار البتولا المقفرة، والأشجار المدمّرة، مثل تلال القش، التي تنتشر على الأرض، على مد البصر. في الواقع ان المشهد الأخير من الخال فانيا كان ضاربا بقوته المتنافرة، خاصة عندما نشاهد في لحظاته الأخيرة، تداخل جسدي سونيا وفانيا، وهما فوق بعضهما البعض، عند ارتفاع الخشب المقطوع، وتبدو اذرعهما العاجزة بمثابة صدى مأساوي لموت معلن. السينوغرافيا الأفقية التي ابتدعها ستيفان براونشفايغ، من الخشب الرمادي الفاتح، والغابة التي تقف شاهقة في البداية ثم تنهار في النهاية، إلى جانب الإضاءة الجميلة، والموسيقى، والتمثيل البارع، أعطت الحركة والإخراج نبرة مختلفة عن جميع القراءات المسرحية التي سبقتها. كانت الشخصيات مسكونة بها، ومخربة عاطفيا. والتيار الحسي الشديد الذي يمر عبرها يعبر عن إحباطها وعدم الرضا الوجودي الذي يقودها إلى الحلم بالحب المستحيل. إنها تغرق، وتسقط في ماء الحوض الكبير وسط الخشبة، وهي تدفع بعضها البعض فيه، وترش نفسها بمائه في محاولة لاستعادة روحها ولكنها تغرق في سوء حظها من جديد. في النهاية يخرج الجميع، بعد أن تتلاشى الآمال، ولا يتغير شيء. تختم سونيا الصغيرة المسرحية بكلماتها الرهيبة: (ينبغي علينا أن نعيش بشكل جيد). وفي الختام نقول: عندما تكون اللغة ساطعة، تصبح الكلمات، حتى الداكنة منها، نابضة بالحياة.

الهيئة العربية للمسرح تصدر أربعة نصوص مسرحية من تأليف عبد الفتاح قلعه جي

مجلة الفنون المسرحية 




الهيئة العربية للمسرح تصدر أربعة نصوص مسرحية من تأليف عبد الفتاح قلعه جي

صدر عن منشورات الهيئة العربية للمسرح، ضمن سلسلة نصوص، الكتاب رقم (17) والذي حمل عنوان (4 نصوص مسرحية: فانتازيا الجنون – سيد الوقت – كفر سلام – سيرة مدينة)، لمؤلفه المسرحي السوري عبد الفتاح رواس قلعه جي. وقد جاء الكتاب في 340 صفحة من القطع المتوسط.
في هذا الكتاب من فضاءات “عبد الفتاح قلعه جي”  الذي يهتم بالمضمون واللغة والكثافة الدرامية وتقنية الكتابة المشهدية، أربع من عوالمه الساحرات.. حيث لا يكف عن تحويل مجرى الماضي ليكون حاضرا ونبوءة مستقبل. ولا يتردد في إعادة إنتاج شخصيات استقرت في وجدان النصوص المكتوبة والشفاهية، ليدخلها أسراً إلى عوالمه.
من حوارات “كفر سالم”:
أبو العز: زما الذي يسر القلب في هذه الأيام. لقد جبت القفاتر، وطفت في الأقطار وأنا أحمل هذا الصندوق على ظهري، أروي حكاياتي، وها قد جئت حاملا إليك السلام من أهليك وجيرانك لعل السلام يمنحك شيئا من السعادة والإطمئنان.
صوت كفر سلام: أهلي ألهاهم التكاثر والتناحر، وجيراني ولغوا في دمي، والابعدون بآلامي يتندرون، والأقربون بلحمي يتاجرون، وها أنت تقف شاهدا على لحدي. فماذا ينفع السلام ولم يبق مني غير الذكريات؟
أبو العز: بقي الصوت والصدى وهذه الخطوط على جبهة عمرها آلاف السنين. أيتها الروح الناطقة التي لا تموت، انبعثي من رمادك وحدثيني.
صوت كفر سلام: كانت ليلة تم قمرها، وعزمت نجزمها لأطفالي وهميثرثرون على أسطحة البيوتالعتيقة موسيقا الهدوءوالنعاس وأنا أغني لهم.. أتذكر تلك الأغنية التي كنت أغنيها لك وانت صغير؟
أبو العز:
نام يا إبني نام   []   لأذبح لك طير الجمام
ويا حمامات لا تخافوا      []  عم بهدي لابني حتى ينام

 عبد الفتاح رواس قلعه جي

    

       ولد عام 1938 في حلب، وتخرج من جامعة دمشق، كلية الآداب.

– رئيس فرقة المسرح الشعبي في حلب (1968 – 1969)

– منح جائزة مجلس مدينة حلب للإبداع للإبداع الفكري 1998.

– منح جائزة الباسل ( يمنحها مجلس مدينة حلب ) للإبداع الفكري عام 1998.

– تم تكريمه ودراسة أعماله المسرحية في تشرين 1999 من قبل جمعية المسرح – اتحاد الكتاب العرب, بالتعاون مع مديرية الثقافة بحلب.

– منح جائزة الدولة التقديرية في المسرح والآداب عام 2015

له كتب غزيرة حول الفكر والمسرح وتراجم الأعلام والرواية وأدب الطفل…وغيرها. شارك في العديد من الندوات الفكرية والثقافية والمهرجانات المسرحية في سوريا والوطن العربي… وذلك بصفته باحثا ومفكرا محكّما.

من كتاباته وكتبه:

– ما يناهز 80 نصا مسرحياً، طبع منها حوالي 63 نصاً… وفي مسرح الطفل كتب عدة أوبريتات، فضلا عن كتب فكرية وثقافية وابداعية مختلفة.

– مسرحيات : (دفاتر نايا.. ثلاثة نصوص مسرحية: وليمة الشيطان، دفاتر نايا، يوتوبيا) – (سندباد في جزيرة الأنغام.. ثلاث مسرحيات : سندباد، ميشو ومارد الغابة، الشجرة المسحورة) – (هو الذي رأى الطريق.. ثلاث مسرحيات: النسيمي هو الذي رأى الطريق، بوح القصب جلال الدين الرومي، شيخوخة مبكرة) – (ليال مسرحية.. صعود العاشق والقناصة – مسرحيتان) – (ليلة الحجاج الأخيرة.. أربع مسرحيات: ليلة الحجاج، الفصل الأخير، أحلام الموتى، ليلة عاصفة) – (صناعة الأعداد وهبوط تيمورلنك “مسرحيتان”) – (نصوص من الميسرح التجريبي الحديث.. ثلاث مسرحيات: طفل زائد عن الحاجة،باب الفرج، اللحاد) – (أوبريت الإسكافي وحوار ديموقراطي جدا “مسرحيتان”)  السهروردي – مولد النور – ثلاث صرخات – السيد – القيامة – – عرس حلبي – حكايات من سفر برلك –  اختفاء – سقوط شهريار – مدينة من قش – فانتازيا الجنون…

– من بحوثه المسرحية: – مسرح الريادة – سحر المسرح: هوامش على منصة العرض المسرحي – المسرح الحديث الخطاب المعرفي وجماليات التشكيل…

– صدر له رواية بعنوان “معراج الطير الحبيس”

– ومجموعات قصص للأطفال، منها: – حكايات البراعم – الطفل السعيد – أحسن القصص…

– نشر العديد من التراجم والدراسات الفكرية والموسوعية في سائر الأجناس الأدبية والفكرية… منها: علم الجمال الإسلامي – أمير الموشحات عمر البطش… 

– كتب عديدا من المسلسلات التلفازية والإذاعية منها : (عرس حلبي) (جسر البيت) (ليلة الأخيلية) (الصعاليك).

---------------------------------

المصدر: إعلام الهيئة العربية للمسرح
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption