أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

السبت، 14 يناير 2017

فنون الفرجة الشعبية بتافيلالت: مقاربة أنثروبولوجية

مجلة الفنون المسرحية

فنون الفرجة الشعبية بتافيلالت: مقاربة أنثروبولوجية

الصديق الصادقي العماري

إن الحديث والخوض في التراث الثقافي للفرجات الفيلالية يرتبط باستحضار «تافيلالت»العريقة بوصفها فضاء ثقافيا رحبا له امتداداته التاريخية والجغرافية الضاربة في عمق التخوم الجنوبية الشرقية للمغرب. فالفرجات الفيلالية، مثلها مثل الفرجات الإنسانية بشكل عام، تتخذ أشكالا وصيغامتنوعة، وتتمظهر في شكل طقوس وشعائر أو احتفالات أو أعياد، كما يمتزج فيها الرقص بالغناء والإنشاد، وتعتمد اللغات والوسائل التعبيرية بما فيها الكلمة سواء كانت حكيا أو شعرا أو زجلا، إضافة إلى الإيقاع والجسد.
فالتراث الفيلالي يزخر بالعديد من الأشكال و المظاهر الفرجوية الشعبية، إذ أن لكل منطقة من تافيلالت لها شكلها الذي يميزها، حيث نجد أن هناك تشابه و تقاطع واختلاف في بعض المناطق. والمتمعن في حقيقة فنون الفرجة الشعبية بتافيلالت يجدها تخضع لإعداد و تنظيم وتسيير وتنسيق محكم وفق قواعد وقوانين مضبوطة متفق عليها من قبل الفرق و الجماعات التي تقدمها، من حيث النص المرتجل وطريقة العرض و نوع اللباس والتقنيات والوسائل، وكذلك الزمان والمكان.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الفنون الفرجوية تحمل في طياتها التسلية و المرح، و الجد والهزل والخرافة أحيانا، و أحيانا أخرى تثير الاندهاش والاستغراب، غير أننا نجد أن هذا الفن في مجمله بمنطقة تافيلالت يعرف التهميش والقدح أحيانا في ثقافة الحس المشترك عند البعض،مما يفتح المجال في هذه المناسبة العظيمة للدعوة إلى  ضرورة البحث والدراسة في خبايا هذا الفن العريق لاختراقه من قبل الباحثين والدارسين المتخصصين في الأدب و التراث وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا وغيرها من التخصصات، من أجل خلخلته وتصفيته وتحديد منطلقاته ورسم معالمه الجديدة بما يعود بالنفع على العنصر البشري الفيلالي وكذا الحفاظ على الموروث الثقافي بما يضمن استدامته.
مما يجعلنا أمام التساؤل حول بعض أنواع و أشكال ومظاهر الفنون الفرجوية الفيلالية؟ وكيفية تصنيف المتن الفرجوي الفيلالي؟ وما المبادئ التي يمكن اعتمادها في نمذجة الفرجات الفيلالية، لا سيما أنها تتقاطع مع الصيغ العامة للفرجات الإنسانية من حيث الوسائل والأشكال التعبيرية، وإن كانت تتميز عنها من حيث طرائق تمثلها لهذه الوسائل ولأبعادها الاجتماعية والأنثروبولوجية؟
قبلالتعريفبالفرجةلابدأننفرقبينمصطلحينيبدوأنأحدهمايعتبربديلاًعنالآخر عندالكثيرمنالباحثينوهما "فنالأداء" و"الفرجة" وأيهماأشملمنالآخر؟.
إنكلمة "أداء" متعددةالمظاهرومتشعبةالمعانيإلىدرجةيصعبحصركلمجالاتهاالدلالية وأوجهاستعمالاتها، وعليهيغدواستعمالنالكلمة  "فرجة"  كونهمرادفاوليسبديلا عن ″فنالأداء″ مع العلم أن الأداء يوحيبأحاديةالإنجاز،كأنالعرضالفني الفرجويينجزفقطمنلدنمؤدينلصالحجمهورسلبي،فالفرجةبالنسبةلناهيأشملمنالأداءلكونهاقدتشملالشعائر،والاحتفالات،والألعابالرياضية، والإيماءات...وغيرها.وبالتالياكتسبتكلمةفرجةالمعنىالذيتشيرإليهكلمة spectacle، والمتفرجspectateur.
كماتتضمنفيخلفيتها، حسب الدكتور خالد أمين، أن الفرجة تحمل معنىإحداثتأثيرفيالنفسوالآخرين، و انكشافالغمومشاهدةمايتسلىبه.  و يرى الدكتور حسن  يوسفي، في كتابه ″المسرح و الفرجات″ أن ″الفرجوي هو ما يثير الحواس، وما يثير اهتمام ذاك الذي يشاهد أو يسمع بسبب خاصية لا يومية...... أو مظهر خارق غير منتظر″. وقد توصل المؤلف إلى أن الفرجوي له خصائص تلازمه، وذكر من بينها: «الفرجوي يتميز ببعده التاريخي، فمحتوياته وأشكاله تتغير بتغير العصور، ذلك لأن له علاقة بالمعيش، بالسياق السياسي والاجتماعي، بتاريخ الذوق والأيديولوجيات.. والفرجوي غالبا ما يكون مرئيا، لكنه قد يكون مسموعا أيضا،........» (ص14-15). 
و من المعلوم أن التراث الفيلالي غني بأنواعه و أشكاله مما يجعلنا عاجزا في هذه الوقة عن حصره في مجمله، لكن يمكن تصنيف الفرجات الفيلالية إلى ثلاثة أصناف كبرى هي: فرجات طقوسية، وفرجات جسدية، وفرجات إيقاعية. و يقصد بالفرجات الطقوسية تلك التي تندرج في صلب الحدث الديني أو الاجتماعي المرتبط بالحياة اليومية أو بالفترات الزمنية الحاسمة في معيش الإنسان الفيلالي، وهي تقسم إلى فرجات ذات طابع روحي أو ديني، وتندرج ضمنها طقوس الزوايا، وهناك فرجات تتخذ طابعا سوسيولوجيا وتندرج في صلب بعض الأشغال الموسمية للإنسان الفيلالي في علاقته بأرضه وبمعيشته.
أما بخصوص طقوس الزواج والأعراس تتخذ في الغالب شكل احتفال منظم تتخلله لحظات فرجوية مسننة ومنظمة يتم تنفيذها عبر مراحل، كما أن الأعراس غالبا ما تكون مناسبة لانتعاش الفرجات الجسدية، لا سيما من خلال طبيعة الرقصات التي يتم تأديتها بشكل فردي أو جماعي، حيث تعرف كل منطقة من مناطق تافيلالت بفرجة جسدية خاصة لها سننها الخاصة وترتيباتها المميزة. ومن بين الفرجات التي تصنعها الكلمة بتافيلالت سواء كانت شعرا أو زجلا أو حكيا، يندرج ضمن هذا الإطار ما يعرف بالرباعيات، والتي هي عبارة عن أزجال تؤدى بكيفية فردية وجماعية في نفس الآن، وتعرف بها على وجه الخصوص منطقة «الجرف». وفي صلب هذه الأزجال يستشف السامع لها حكايات وفرجات ذهنية تعكس روح الفضاء الصحراوي الذي تنتمي إليه، بعاداته وتقاليده وطبائع أهله.
كذلكفن «البلدي» الذي يعد الفن الأكثر حضورا في فرجات الفيلاليين، خاصة خلال الأعراس والمناسبات العائلية، وهو مزيج من الزجل المحلي والطرب المعتمد على الإيقاع البطيء تارة والسريع تارة أخرى، و منأشتهر رواده المرحومان ″مولاي علي الفيلالي نواحي″ الريصاني، و″محمد باعوت″بمنطقة بمدغرة، وكذلك الجيل الذي تعلم بعدهما مثل ″الجبوري محمد″ المعروف ب ‘’ميح’’بمنطقة الزريقات نواحي أوفوس، الذين أضفوا طابعا فرجويا منقطع النظير على هذا الفن، و يتجلى ذلك في كونهم فنانون جمعوا بين الرقص والغناء والضرب على بعض الآلات الإيقاعية، ناهيك من كونهم أدخلوا إلى (البلدي) بعدا جديدا تمثل في ثقافة الجسد بكل ما تحمله هذه الثقافة من دلالات مختلفة على صعيد التزيين والزي، مما يحول العديد من هذه فرجات إلى فرجات بصرية وسمعية في نفس الآن.
دون أن ننسى الفرجة الأمازيغية المتجسدة في رقصة ″أحيدوس″التيتنعشالفرجات الجسدية و الطقوسية والإيقاعية في نفس الآن، تحمل في ثناياها التسلية والمرح واللعب والكلام الموزون المعبرعبرما يسمى ب ″إزلان″. كما يجسد صور جمالية عريقة من خلال أشكاله التعبيرية عن الأحاسيس و الأفكار و المشاعر باستعمالالحركاتو اللباس الأمازيغي الموحد للرجال وللنساء بتوظيف ألة الدف. وتختلف رقصة أحيدوس من حيث التنظيم واللباس و نوع إزلان بين قبائل ″أيت عطا″و″أيت مرغاد″و″إقبلين″. هذا النوع الذي يعرف حضورا كبيرا في القرى والمداشر الواقعة على ضفتي وادي زيز و غريس.
أما فيما يخص ″الفرجة الكناوية″ التي تتمركز بمنطقة مرزوكة الواقعة في صحراء تافيلالت على وجه الخصوص، وبمنطقة زاوية أوفوس ومناطق أخرى، والتي ارتبطت بنوع من القبائل الذين توافدوا على منطقة سجلماسة التي بدورها لعبت دورا طلائعيا كحلقة وصل ومنطقة لعبور القوافل التجارية بين إفريقيا جنوب الصحراء، والمغرب، و الغرب، والشرق الإسلامي و أيضا أوروبا. هاته التحركات التي كانت تحمل طابعا تجاريا حملت معها تلاقح الثقافات، وبالتالي قبائل كناوة، الذين كانوا في الأصل عبيد، الذين مروا من منطقة سجلماسة استقروا بمنطقة ″الخملية″ بنواحي مرزوكة بعد تحررهم.
فإن إيقاعاتهم الموسيقية ومضامين الأهازيج والأغاني التي يرددونها، هي عبارة عن مجموعة من صرخات استغاثة، كانت غالبا ما تتمحور حول التصوف ومدح الرسول صلى الله عليه والسلام مثل ″أيا رسول الله أيا حبيب الله″، وأيضا الحنين إلى الوطن الأم وهو السودان الغربي بشكل عام، ثم الاحتفال بذكرى الجد الأكبر ″بلال بن رباح″و أخرى ترتبط بأسماء بعض الأشخاص مثل ″ميمونة″ و ″فاطمة″ومختلف المواضيع التي تعبر عن الحنين إلى الأصل.
ومن أمثال الرواد الأوائل لفن كناوة بمنطقة ″الخملية″ نذكر المرحومين :″زايد اوبركة و ″حدى وزايد″ الذين أصلا لهذا الفن بمنطقة تافيلالت بواسطة أشكال و أنواع تعبيرية ممزوجة بالثقافة الفيلالية بما فيها الأمازيغية، من خلال تنظيم حفلة سنوية تسمى ″الصدقت″ في فصل الصيف عند نهاية كل موسم حصاد لمدة ثلاثة أيام.
تبدأ الاستعدادات لهذه الحفلة بالطواف والتجوال على السكان من خلال أشكال تعبيرية بالأغاني والموسيقى باعتماد الرقص والأهازيج بلباس موحد (جلباب أبيض، رزة بيضاء، الخنجر، البلغة الكناوية والحزام الجلدي..)، مستعملين في ذلك وسائل و أدوات مثل الطبل والقراقبأو القرابشو القيثارة الخشبية ...من أجل الدعاء للناس بالبركة والخير الكثير، حيث يقدم السكان للفرقة قدر من المال أو الزيت أو السكر أو الطحين....حسب الاستطاعة، بعد ذلك تعود الفرقة إلى إقامة الاحتفال الذي يجب أن يصادف أيام الخميس والجمعة والسبت، ولكل يوم طقوس احتفالية خاصة.
وتجدر الإشارة كذلك إلى أن هناك أشكال ومظاهر فرجوية فيلالية بمناطق أخرى، ونذكر على سبيل المثال ″الفقرة الصادقية″ التي تنتسب إلى زاوية ″سيدي أحمد بن عبد الصادق″ بالزاوية القديمة التابعة لجماعة الرتب، هذه الزاوية التي تعد أحد المعالم الدينية الثقافية بالمنطقة من خلال أشكالها الاحتفالية الدينية الصرفة عن طريق ما يسمى ب ″الجدبة″ تتخللها الأذكار و الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم مثل ″اللهم صلي عليك يا النبي″. وهذه الجدبة إما تكون فردية أو جماعية حسب نوع الأذكار وطريقة تأديتها. 
الزاوية الصادقية تعرفبطقس سنوي يقام في زاوية ″سيدي علي اكومي″ وهي الزاوية التي عاش فيها ″سيدي أحمد بن عبد الصادق″ من بين مريدي شيخ الزاوية ″سيدي علي أكومي″ مدة محدودة قبل قدومه للزاوية القديمة. هذا الطقس يعد ندرا قطعه سكان ″الزاوية القديمة″ على أنفسهم منذ أن قدم إليهم ″سيدي أحمد بن عبد الصادق″ ليستقر عندهم، وهو أن يقدموا كل سنة لشيخه ″سيدي علي اكومي″،في طقوس و أعراف وتقاليد احتفالية، قدرا من محصول الزرع كل سنة، على أن تذهب الفرقة الصادقية من ″قصر الزاوية القديمة″ إلى ″قصر سيدي علي أكومي″ مشيا على الأقدام بالأهازيج و الأذكار ومدح النبي صلى الله عليه وسلم و أشكال تعبيرية ب″الجدبة″، ليقدموا الندر لسكان ″سيدي علي اكومي″ و يقضون يوما أو نصف يوم بأشكالهم التعبيرية التي تجسد لحدث مهم يلتقي فيه الماضي بالحاضر، حيث يستقبلهم سكان ″سيدي علي أكومي″ بحفاوة عالية وكرم كبير، ولازال هذا الاحتفال موجودا إلى الأن.
إن فضاء تافيلالت غني بأشكاله الفرجوية الشعبية التي تجسد لهويته و أصالته وتجدره في عمق التاريخ، وهناك أشكال أخرى كثيرة تتوزع على جميع مناطق تافيلالت ربما نوردها في ورقات أخرى لاحقة بنوع من التفصيل. مما يدفعنا كمهتمين بهذا التراث، سواء من الناحية السوسيولوجية أو الأنثروبولوجية، إلى التأكيد على ضرورة دراسته وتحديد خلفياته و منطلقاته لخلخلته وتصفيته من أجل توجيهه وتقنينه....و هذه المهمة الجسيمة مطروحة على عاتق الباحثين والدارسين من أجل إدخال هذا التراث في حقول البحث العلمي من أجل الحفاظ عليه وضمان استدامته.
بيبليوغرافيا
خالد أمين، كتاب: رهاناتدراساتالفرجةبينالشرقوالغرب،مداخلةفيكتابالسردياتوفنونالأداء، وقائعالملتقىالعالمي : 18 و 19 و 20 أكتوبر، المهرجان الوطني للمسرح، الجزائر، 2010.
حسن يوسفي، المسرح والفرجات، المركز الدولي لدراسات الفرجة، 2012.

الكاتب علي عبد النبي الزيدي : ما يعنينا أن نقدم شيئا مهما يترك أثراً بالغاً عند المتلقي

مجلة الفنون المسرحية


الكاتب علي عبد النبي الزيدي : ما يعنينا أن نقدم شيئا مهما يترك أثراً بالغاً عند المتلقي

حاوره : عبد العليم البناء

ترشيح ( يا رب ) اضافة مهمة لمسرحنا العراقي ولدائرة السينما والمسرح وتتويج لفريق العرض مهرجان الهيئة العربية للمسرح وجائزة القاسمي لأفضل عرض الأكثر أهمية عربيا والابرز تنظيما لا تعنينا الجوائز على الاطلاق بقدر ما يعنينا أن نقدم شيئا مهما يترك أثراً بالغاً عند المتلقي العربي

لا يختلف إثنان على أن الكاتب علي عبد النبي الزيدي قد بات من أبرز أعضاء نادي كبار كتاب المسرح العراقي والعربي بماقدمه من منجز مهم ومؤثر ومغير للاسئد من النص المسرحي التقليدي بل وحتى تلك النصوص التي تدعي مقاربتها للواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي إذ لطالما أثارت نصوصه الجدل عبر تجاوزها للخطوط الحمر لاسيما تلك التي قارب فيها موضوعات عميقة في معالجاتها الفكرية والفلسفية التي جاءت ضمن مشروعه في الكتابة للمسرح الذي أطلق عليه ( نصوص الإلهيات ) ومنها نص (يارب) الذي أخرجه لحساب منتدى المسرح التجريبي في دائرة السينما والمسرح وسبق أن عرض في المسرح الوطني ببغداد بمعالجة إخراجية صاغها المخرج الشاب مصطفى ستار الركابي وتمثيلا الفنانون :د. سهى سالم وفلاح ابراهيم وبمعيتهما الشابة زمن الربيعي لتختارها اللجنة العربية في الهيئة العربية للمسرح لتنافس على جائزة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي لأفضل عرض مسرحي عربي للعام الحالي 2016 في الدورة التاسعة من مهرجان المسرح العربي التي تتواصل فعالياتها في وهران الجزائرية منذ العاشر من شهر يناير كانون الثاني الحالي حيث ستعرض غدا الجمعة الثالث عشر منه الساعة الثامنة مساءً فس المسرح الجهوي (عبد القادر بن علولة). مع كاتب هذا النص والعرض الاشكالي علي عبد النبي الزيدي كانت هذه الوقفة من الحوار الذي ابتدأناه بالسؤال الاتي:

*  كيف تنظر لإختيار مسرحية (يا رب) لدخول حلبة المنافسة على جائزة القاسمي لافضل عمل مسرحي عربي عام 2016 وهي أرفع جائزة مسرحية عربيا ؟

ـ  مهرجان الهيئة العربية للمسرح وجائزة القاسمي لأفضل عرض هو الأكثر أهمية عربيا والابرز تنظيما وقدرة على استيعاب المشهد المسرحي العربي في المهرجان ،وهو كما أسميه سوق مسرحي سنوي للتنظير من جهة والعروض من جهة أخرى. كل مبدع يضع بضاعته ويعرضها في هذا السوق الابداعي، وترشيح مسرحية ( يا رب ) إضافة مهمة لمسرحنا العراقي ودائرة السينما والمسرح أولا وتتويج لفريق العرض ثانيا . كنا على درجة كبيرة من الثقة أن هذه المسرحية ستأخذ استحقاقها الطبيعي في هذا المهرجان وتنال اعجاب لجنة التحكيم العربية، وتنافس أكثر من ( 337 ) عرضا مسرحياً عربياً ونكون ضمن ( 8 ) عروض رشحت للمهرجان ، هذا انجاز كبير نفتخر به

 * وهل ستتم المحافظة على شكل ومضمون المسرحية كما عرضت في بغداد دون تغيير ؟

–  بالتأكيد سنحافظ على روح العرض كاملا وهذا شرط مهم من شروط الهيئة العربية للمسرح ولجنة المهرجان ، سنقدم عرضاً عراقياً جريئاً يتجلى فيه الواقع العراقي والعربي بشكل كبير ، وهي قراءة للجحيم اليومي الذي نعيش تفاصيله الآن .وجهة نظرنا ستختلف عن وجهات النظر العربية بهذا السياق وهذا رهاننا الكبير ومع رهانات اخرى مهمة وهي وعي المخرج مصطفى الركابي بأننا أمام تحدٍ مسرحي يقف في صدارته كبار المخرجين العرب ، والرهان الاخر .. العرض يقوده نجوم المسرح العراقي بتأريخهم ومنجزهم الابداعي متمثلا بالدكتورة سهى سالم والاستاذ فلاح ابراهيم اضافة للممثلة زمن الربيعي ، وعندنا كادر تقني محترف أيضا سيكون له الدور المهم في العرض

* وما الذي يميّز هذا الاختيار عن منجزك الوافر وحصادك المميز في مسابقات الهيئة العربية للمسرح ؟

–  نص ( يا رب ) هو ضمن مشروعي في الكتابة للمسرح أطلقت عليه ( نصوص الإلهيات ) وهذه فرصة كبيرة أن أختبر هذا المشروع مع وجود نخبة من مفكري المسرح العربي ، وأرى عن كثب ردود أفعالهم أزاء هذه الافكار وآليات اشتغالي مع المقدس ، بمعنى أن النص والعرض معا سيخضع للمشهد المسرحي العربي الذي لم يعتد على هكذا افكار من جهة ، وآليات جديدة اشتغل عليها المخرج خاصة في الايقاع وعلاقته بالتلقي ، وأعتقد أن العرض في مهرجان الهيئة سيكون امتداداً لما قدمته سابقا في مسابقات التأليف المسرحي.

  * وما الذي تتوقعه في ظل هذا التأهل والاختيار ومراهنتك على قدرات وراءها المخرج الركابي والممثلين المشاركين؟

 ـ هناك ثقة كبيرة بهذا المخرج الشاب الذي سيشكل علامة مشرقة الآن ومستقبلا بمسرحنا العراقي يضاف الى ذلك أننا أمام عرض أبطاله نجوم المسرح والدراما في العراق كما قلت لك ، ويدركون جيدا أهمية هذا المحفل المسرحي وكيف يمكن لهم أن يقدموا الصورة الأبرز لتأريخ مسرحنا ، لا تعنينا الجوائز على الاطلاق بقدر ما يعنينا أن نقدم شيئا مهما يترك أثراً بالغاً عند المتلقي العربي ويعرف جيدا أننا جئنا لكي نختلف معهم ونستفزهم برؤانا وتصوراتنا وهذا هو المهم

  * كلمة أخيرة

ـ  شكرا لك استاذ عبد العليم البناء على اهتمامك ومتابعتك المستمرة لنا .. مع محبتي وامتناني.

االعدد الرابع للنشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة التاسعة – الجزائر – 2017

الجمعة، 13 يناير 2017

«الثلث الخالي» تحاكمها افتراضياً.. و«المجنون» تسترجع «القصة الأولى» هموم نسائية تتصدر اليوم الأول «المسرح العربي»

مجلة الفنون المسرحية


«الثلث الخالي» تحاكمها افتراضياً.. و«المجنون» تسترجع «القصة الأولى» هموم نسائية تتصدر اليوم الأول «المسرح العربي»

المصدر: محمد عبدالمقصود - الجزائر

لم تقصد اللجنة المنظمة لمهرجان المسرح العربي المنعقد بالجزائر، أن تخصص يوماً لإبداع المرأة العربية، كما لم تقم بأي توجيه بالضرورة باتجاه مناقشة أي من همومها، لكن بـ«المصادفة» تسيّدت المرأة اليوم الأول من المهرجان.

وضمن المسابقة الرئيسة الرسمية، التي تتنافس على جائزة صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، لأفضل عمل مسرحي، استقبل مسرح الشهيد عبدالقادر علولة، وسط مدينة وهران، للمخرجة الجزائرية تونس أيت علي، وتمثيل حورية بهلول، وأمال دلهوم، وديمة عطال، في حين هيمنت ثلاث نساء أيضاً على بطولة العرض التونسي «المجنون»، الذي استضافه مسرح «السعادة» بالمدينة نفسها، على هامش عروض المسابقة.

يعرض اليوم

تواصل فعاليات مهرجان المسرح العربي اليوم، بعرض خارج المسابقة الرسمية للمهرجان، وهو عرض «دوخة» التونسي. في المقابل تستمر الورش المسرحية، بما فيها ورش مخصصة للناشئين، والفعاليات المرتبطة بالندوة الفكرية الرئيسة، ما بين ولايتي وهران ومستغانم.

سهرة جزائرية

على شرف والي وهران، قضى ضيوف المهرجان، سهرة احتفائية جزائرية بامتياز، بدءاً من الفقرات الفنية التي نهلت من الفلكلور الجزائري، مروراً بمائدة الطعام التي حملت أشهر الأكلات الشعبية في الجزائر عموماً، وفي وهران بصفة خاصة.

وامتد الحفل، الذي استضافه فندق «شيراتون» في قلب وهران إلى وقت متأخر، احتاج بعده الضيوف، خصوصاً من يرتبط منهم ببروفات مسرحية في اليوم ذاته، العودة السريعة إلى مقر إقامة الوفود.

عودة الأسطورة

حالة من اللبس في ما يتعلق بموضوع مسرحية «الثلث الخالي»، أصابت جانباً من جمهور العرض عموماً، بسبب موضوع العرض. وتحيل عبارة «الثلث الخالي» إلى أسطورة شعبية جزائرية، تستبدل صحراء الربع الخالي بهذا الاسم، لتتداخل في الحكاية الشعبية ما يرتبط بـ«مثلث برمودا»، وما يشير إلى صعوبة هذه الصحراء، التي نُسجت حولها جزائرياً الكثير من الأساطير والغرائب.

وسيطر النساء بشكل شبه كامل على الخشبتين، خصوصاً في عرض «الثلث الخالي»، الذي لم يأت فيه أي ظهور للرجل، في مقابل الحضور الطاغي للمرأة، حتى على المستوى الموضوعي، حيث تطرّقت «المجنون» بإسدال فكري لقصة نشأة الخلق، وما أحيط بها من غواية، وحواء الأولى، في حين غاص «الثلث الخالي» في أعماق مأساة ثلاث نساء.

وتوجه اهتمام ضيوف المهرجان ولجنة التحكيم، بطبيعة الحال، للعمل الجزائري، باعتباره باكورة عروض الأعمال المشاركة في المسابقة الرسمية، وجاءت حميمية مسرح «السعادة» العتيق، في قلب وهران، وتكوينه المعماري، عنصراً أولياً مساعداً على معايشة تفاصيله.

ثلاث مشانق أسدلت من بداية العرض، وخلفية تحيل لرسوم مزركشة لواقعين في شرك اعدامات سابقة، وثلاث نساء يعتلين تكويناً مرتفعاً قليلاً، يتبادل بؤرة المشهد بتتالي، يتحدثن عن معاناتهن، وطموحاتهن، فيتشاركن في ملامحها، ليكون الاضطهاد الذكوري بطلها، وإن اختلفت التفاصيل.

وبأداء اعتمد على رشاقة الثلاثي وقدرتهن على تنويعه، مستثمراً السينوغرافيا، خصوصاً الإضاءة، في فضاء مسرحي مكشوف تقريباً، عرض «الثلث الخالي» قصة ثلاث نساء في مقتبل العمر يلتقين مصادفة، بينهن المتزوجة التي تجرعت المرارة الزوجية، والعاشقة التي مازالت تبحث عن الحبيب المنتظر، والمتمردة التي تريد أن تصنع لحياتها عالماً مثالياً، ثلاثتهن يحاكمن افتراضياً، لتطرح المسرحية النسائية بامتياز، السؤال الملحّ: «من المذنب؟ المرأة أم الرجل، من أجل الوصول إلى محاكمة عادلة.

ولم ينس العرض أن يستوعب في أحد التفاصيل قضية العصر المرتبطة بالإرهاب، ليجعل واحدة منهن أرملة شهيد، في دفاع ضمني غير مقصود، للرجل، الذي حاكمه «الثلث الخالي» من البداية بغيابه التام عن خشبة المسرح.

التوقيع على اتفاقية عمل بين الهيئة العربية للمسرح و الاتحادية الدولية للممثلين

مجلة الفنون المسرحية


التوقيع على اتفاقية عمل بين الهيئة العربية للمسرح و الاتحادية الدولية للممثلين


تم يوم الخميس بوهران التوقيع على اتفاقية عمل بين الهيئة العربية للمسرح و الاتحادية الدولية للممثلين  وذلك تحت إشراف مستشار الهيئة العربية للمسرح والأمين العام للاتحادية الدولية للممثلين على التوالي يوسف عايدابي و دومينيك ليكار.

وتهدف هذه الاتفاقية المبرمة بين الهيئتين خلال الطبعة التاسعة لفعاليات المهرجان العربي للمسرح (دورة عز الدين مجوبي ) الذي يتواصل فعالياته لليوم الثالث على التوالي بوهران الى تحسين وضعية المسرح  في مختلف البلدان العربية حسبما ذكره مستشار الهيئة العربية للمسرح.

وأوضح  يوسف عايدابي في تصريح لواج " أن هذه الاتفاقية ستسمح بالاستفادة من الخبرات المتنوعة و المتجددة لتحسين وضع المسرحي في الوطن العربي لافتا  أنها  تخص الممثلين المسرحين و التقنيين "للنهوض بمختلف مهن الفن ."

ومن جهته ذكر نائب الامين العام للاتحادية الدولية للممثلين دونيس فوكراي " أن هذه الاتفاقية تسمح بالعمل مع الهيئة العربية للمسرح لتبادل التجارب مع عالم المسرح العربي و تنظيم ورشات إعلامية وتكوينية و تعريف المسرحيين بمختلف حقوقهم منها حقوق التأليف الأدبية و الفنية و المجاورة و حقوقهم الاجتماعية على غرار التأمين وسلامة في العمل و غيرها لتحسين وضعهم ".

و اعتبر الكوميدي دونيس فوكراي وهو أحد المسئولين بالنقابة الفرنسية للفنانين الممثلين العروض التي تقدم في إطار المهرجان المسرح العربي الذي تحتضنه وهران "رائعة و وذات نوعية و مبدعة " مضيفا " انه سيتم  العمل للتعريف بهذا الزخم الإبداعي للمسرح العربي المتجدر في تاريخ المسرح العالمي" .

يذكر أن الاتحادية الدولية للممثلين الكائن مقرها ببلجيكا تأسست في 1952 تمثل عدة ألاف من الممثلين و الفنانين من خلال 90 منظمة نقابية و جمعيات مهنية ل60 دولة عبر العالم.

-----------------------------------------------------
المصدر : وكالة الأنباء الجزائرية 

مسرحية " الثلث الخالي " والوعي بالإداء المسرحي

الخميس، 12 يناير 2017

المسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي للشباب حتى سن ٣٥ تجني ثمارها الأبداعية

مجلة الفنون المسرحية


بدأت اليوم الخميس  النسخة الأولى من المسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي للشباب حتى سن ٣٥  لمهرجان المسرح العربي التاسع  المنعقد بالجزائر (10 ـ19 يناير 2017)  وأدار الجلسة كل من الباحثة الجزائرية د. جميلة مصطفى الزقاي والمخرج  و الأكاديمي المسرحي الجزائري د. لخضر منصوري و الباحث والناقد المسرحي الجزائري د. سعيد بوطاجين وبتنسيق د. سليم بركان. 
وأما لجنة التحكيم فكانت متكونة كل من المصري د. سامح مهران رئيسا  وعضوية  د. كريم عبودمن  العراق، د. مصطفى الرمضاني من  المغرب و د. محمد المديوني تونس
وبدأت لجنة التحكيم عملها بمناقشة البحث الأول والذي كان بعنوان " المسرح والحداثة المفقودة محاولة في التركيب " للباحثة الشابة أمل بنويس والتي أكدت بأن هذا البحث قد انجز في خمس سنوات وكانت غاية البحث العلمية والمعرفية تتحددا اسا سا كما تؤكد الباحثة في محاولة القبض على راهنية الوعي الجمالي بالمعاصرة من خلال الوقوف عند ابرز التجارب الرائدة والجديدة التي تمثل سمات ومكونات المسرح المضاد والمعاصر وتجارب مابعد الدراما وفحص مدى استفادة هولاء الممارسين الشباب من هذه المنجزات وقدرتهم على تمثلها على النحو الصحيح , ذلك ان معظم التجارب الجديدة كما تعتقد لم تحظ بعد بما يكفي من الدراسة والبحث سواء على مستوى الدراسات الجامعية أو المواكبة النقدية , أوحتى المواكبة الصحفية مقارنة بتجارب الرواد السابقين من أمثال الطيب الصديقي وأحمد الطيب العلج وعبد الكريم برشيد وعبد الحق الزوالي وثريا جبران وعبد الواحد عوزري وعبد القادر البدوي وغيرهم من رواد المسرح المغربي الحديث 
وكانت ىفرضية البحث تعالج الخورج منعصر التنظير الى واقع الممارسة الفعلية . توكد الباحثة بأن ذلك يؤدي بالضورة الى التحرر من القوقعة والأنفلات إلى أفاق كونية وهذا الأفتراض يتعزز من خلال قناعة مفادها ان الأبداع لاينمو في التربة المحلية وإنما من خلال ماأسماه "جيل دولوز" المغادرة الموطنية بمعنى الآنقلاع من التربة المحلية والأنغراس في أتربة أخرى ...
وأما البحث الثاني الذي تمت مناقشته فقد كان بعنوان " من الإقصاء الشمولي للآخر الى فضاء الهجنة " للباحث عادل القريب من المغرب 
وقد تناول في بحثه ثنائية الأنا والآخر التي اعتبرت محورا رئيسيا في كل الأبحاث والدراسات المسرحية العربية والتي تكاد معظمها تتفق حول مسألة جوهرية مفادها أن مسرحنا العربي بالرغم من كل الإنجازات الهامة التي حققها لحدود اليوم سواء على مستوى الممارسة المسرحية أو التنظير إلاانه مازال يبحث عن كينونته وماهيته , فمسرحنا العربي لم يحقق بعد ماهو مرجو منه مقارنة بباقي التجارب المسرحية العالمية إن صحت هذه المقارنة ..واكد الباحث بأن معظم إنتاجاتنا المسرحية , لاتعدو أن تتجاوز الاقتباس او الأعداد أو الأستنبات , سواء في الكتابة أو الإخراج أو طرائق الأداء, بل وحتى الخطابات النقدية المواكبة لتلك الأنتاجات وكل ذلك يفتح امامنا إمكانية لطرح السؤال حول قيمة الأخر أم مكتفية بذاتها ؟وتسائل الباحث هل نستكين الى مايروج له العديد من المسرحيين العرب القائلين بالبش في تراثنا العربي ومن ثم التأسيس لممارسة مسرحية ذات جذور عربية صرف أم يبقى التلاقح والأنفتاح ضرورين ..
هذه الأسئلة وغيرها كما يؤكد الباحث كانت محفزا له من خلال استغوار الإشكالية المطروحة متوسلين في ذلك بالنقد الثقافي كمنهج نقدي يسعفنا في طرح القضية بعمق أكبر وذلك بالوقوف عند الأنساق الثقافية الكبرى التي كانت دافعا لطرح هذا الإشكال في مسرحنا العربي اولا , ثم محاولة البحث عن جذور له في الثقافة العربية ثانيا ومن ثم تأصيله ..
وقد اشادت لجنة التحكيم بالمجهود الكبير للباحث .

وبعد ذلك تمت مناقشة البحث الثالث والذي كان بعنوان " المسرح الجديد : من تحلل نظرية الدراما إلى تشكيل جماليات مابعد الدراما " للباحث المغربي الشاب عبد المجيد أهري 
وقد كان الباحث متمكنا في طرحه  وانه اهدى بحثه أهداء لروح الباحثة د. نهاد صليحة وقد  تناول البحث المسرح الجديد بإشكالاته وأرتباطاته وملامحه ومواصفاته في ظل مابات يعرف بمسرح مابعد الدراما الذي يختزن العديد من التجارب والأفكار والأراء الفلسفية 
وعتبر الباحث بأن أنطونان ارتو , وبرتولد برشت قدما نظريتين دراميتين خلخلا من خلالهما الميتافيزيقا الغربية وزعزعاالمركزية الغربية واستشراقا معا لمسرح المستقبل وقدما بيانات وتعاليم المسرح الجديد 
وقد اشادت لجنة التحكيم اشادة كبيرة بالباحث وعلى مجوده المتميز ..

وبعد ذلك أعلنت قرارها حول البحوث الثلاثة المتنافسة :

ـ الجائزة الأولى للباحث عبد المجيد أهرى عن بحثه " المسرح الجديد من تحلل نظرية الدراما إلى تشكيل جماليات ما بعد الدراما"

ـ الجائزة الثانية للباحث د. عادل القريب " المسرح العربي من الإقصاء الشمولي للآخر إلى فضاء الهجنة"

ـ الجائزة الثالثة للباحثة د. أمل بنويس "المسرح و الحداثة المفقودة (محاولة في التركيب"

محسن النصار 

تواصل مهرجان المسرح العربي في يومه الثالث

مجلة الفنون المسرحية

تواصل مهرجان المسرح العربي في يومه الثالث

شهد اليوم الثالث لمهرجان المسرح العربي في طبعته التاسعة المنعقدة بمدينتي وهران و مستغانم عقد ندوة صحفية خاصة بالمسرحية التونسية ” الدوخة” نص و اخراج زهرة الزموري و الت كشفت خلال مداخلتها بان تأليف هده المسرحية أخد منها وقتا مطولا حيث كتبت على مراحل تماشت و ما شهدت الشقيقية تونس من تطورات و دالك بالرغم من كونها ترفض استعمال مصطلح ثورة على ما حدث بتونس موضحة بأن المسرحية و من خلال شخصياتها الأربعة تحاول ان تعالج فكرة المخفي و المرئي في حياة الانسان تحت تساءل هل أن ما يعانيه الانسان اليوم أو ما يوهم يه يمكن أن يصمد أمام ما يخفيه من تشدد و تشبت بقيم لا تحقق سعادته و لا رقيه و هي الجدلية التي حاولت المسرحية اسقاطها علة الشخصيات الأربعة في العرض.

و قد أكدت المخرجة على أن ما تعيشه تونس اليوم مرحلة انتقال نحو تحقيق المزيد من التألق من خلال ما تعيشه المواطن التونسي اليوم.

كما جاءت الندوة الصحفية الثانية لتصب في نفس الاطار من خلال المسرحية العراقية  “يا رب” تأليف علي عبد النبي الزيدي وإخراج الشاب مصطفى الركابي و انتاج منتدى المسرح التجريبي التابع لدائرة السينما والمسرح.

و العرض يحمل افكارا لم يتطرق لها المسرح العراقي و يعرض قصة أم لعدة شهداء عراقية يخولنها امهات الشهداء للتفاوض من اجل وقف القتل الذي يتعرض له الأبناء فتطرح شروطها بأن يوقف القتل لتحمل معها عذابات الشكوى لله الواحد الاحد للخلاص من آفة الموت والقتل التي تلاحق الحياة و دالك في تلميح لما تعيشه الشقيقية العراق من حروب و تقاتل أتى على الأخضر و اليابس و هي قصة ايحائية أخرى أكدت التأثر الكبير للمسرحيين العرب بما تعيشه الأوطان العربية.

و كشف مخرج العمل العرض اطلق عليه “العرض البارد” باعتبار ان العرض يأتي تكملة لعرض سينمائي وكذلك لا ضافة اخرى من خلال “قرص مضغوط” يتم توزيعه بين الجمهور فيه الكثير من التفاصيل التي كثفها العرض المسرحي، كما أن المخرج اشار الى ان وقت العرض الافتراضي 10 دقائق فيما سيكون العرض لأكثر من ساعة.  رضوان.ق

النشأة والتطور في المسرح العربي

مجلة الفنون المسرحية

النشأة والتطور في المسرح العربي

د. فاضل خليل 


1. بدايتان للمسرح العربي

قبل أن أتحدث عن النشأة والتطور لابد من القول أن للمسرح العربي المعاصر بدايتان ، البداية الأولى: هي المتصلة بالظواهر الدرامية الشعبية(1) ، والذي ظل قسم منها مستمراً حتى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ، وما زال جزء كبير منها يمارس حتى الآن مثل ( الكاولية – الغجر) ، (القراقوز ) (2) ، (خيال الظل) وكانت سببا لظهور أشكال مسرحية أخرى مثل : (الأخباري) (3) ، و(السماح) و(حفلات الذكر) و(المولوية) في الشرق العربي و(مسرح البساط) ، (صندوق العجائب) ، (المداح) ، (الحكواتي) ، (إسماعيل باشا)(4) ….هذا في المغرب العربي . أما البداية الثانية: فهي الأكثر جدية رغم نشأتها التي جاءت مقلدة للمسرح الأوربي في المضمون والشكل ، ورغم أنها كانت نقلاً يكاد يكون حرفياً ألا أن التلاقح مع نتاج الغرب لا يعتبر منقصة ، لأن ظاهرة المسرح في الوطن العربي ليست منقطعة عن التجربة العالمية في المسرح . لكن العيب في استمرارية التقليد تلك بعيداً عن البحث في الخصوصية إلى حدٍ ما . فالرائد ( مارون النقاش) وبقية من نقل عن المسرح الأوربي " قد شاهدوا في أوربا أن المسرح له ( أنوار أمامية ) وتقوم في مقدمته ( كمبوشة) للملقن توهموا أنها من لوازم المسرح الضرورية , فألصقوها حيث لا حاجة إليها "(5) . وقد امتاز الرواد بثقافتهم البرجوازية التي تبغي إرضاء طبقة معينه من المجتمع ليست هي الطبقة الشعبية . ذا لم يستطع هؤلاء الفنانون خلق مسرح أصيل"(6) . الا أن هذه البداية ورغم غرابتها على الطباع العربية ثبتت بداية المسرح العربي المعاصر ، أي منذ محاولة (مارون النقاش) 1847م ، لكني أميل إلى أن البداية الأولى الفطرية – والممتدة إلى القرن الرابع الهجري ، هي البداية الحقيقية للمسرح العربي ولو أن بدايات الرواد من النقاش وحتى يومنا هذا قد إتصلت معها لتطورت ولأصبح مسرحنا العربي خصوصية تميزه عن بقية المسارح العريقة . أما نقص التأليف ، وأزمة المؤلف المسرحي العربي ، الذي كان من الممكن أن يستفيد من تلك الأشكال الدرامية العربية الصميمة المتوارثة مثل ( خيال الظل ) ، ( السماجة) ، ( المقامات ) ، ( التعزية) …الخ ، أما الآن فلا يسعنا "إلا أن نأسف لعدم ولادة شكسبير عربي كان باستطاعته تجسيد طباع أبطاله وسلوكهم في الشكل الفني للتراجيديا الدموية – وتقد بها بوتيتسيفا عاشوراء ومقتل الحسين (ع) – إن في هذه المادة من المؤامرات والقسوة والتعسف والشر مالا يقل عما كانت عليه في مواضيع عصر حروب الوردة الحمراء والوردة البيضاء "(7) . 

وهنا يمكن أن نثبت بعض المؤشرات الضرورية الواضحة لهذه البداية المعاصرة التي بدأت في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر والتي كانت نقلاً واضحاً عن الحضارة الأوربية والتأثر بها فقد إنتعشت في ظل الإستعمار الذي حكم الوطن العربي (عثماني – إنكليزي – فرنسي – إيطالي) فتراوحت البداية بين الأعوام 1847م – و1970م ، والثابت أن المسرح العربي المعاصر بدأ في لبنان وسوريا وهذه البداية يمكن تلخيصها بأربعة مراحل منذ عام 1847 حتى 1917م : 

• المرحلة الأولى : محاولات النقاش منذ عام 1847م حين اقتبس (البخيل) عن مولير ، وقدمها عام 1848م بنفس الإسم .

• المرحلة الثانية: (الترجمات) ، حيث نقل (شبلي ملاط) مسرحية (الذخيرة ) عن الفرنسية ومسرحية (شرق العواطف) ، وكذلك ترجم (أديب إسحاق) مسرحية راسين ( آندرو ماك) . 

• المرحلة الثالثة : هي مرحلة بعث التأريخ الوطني العربي التي خلالها كتب (نجيب الحداد) مسرحية (حمدان) والتي استمدها من حياة (عبد الرحمن الداخل) . 

• المرحلة الرابعة : مرحلة الواقعية الإجتماعية ، وتمثلت في كتابات جبران خليل جبران الذي كتب مسرحية (إرم ذات العماد ) ومسرحية (الآباء والبنون) التي كتبها ميخائيل نعيمة سنة 1917م . وهذه المرحلة دخلت لبنان عن طريق حركة أُدباء المهجر في أمريكا . 

أما في سوريا فقد بدأ من تقديم فن ( الكراكوز) في المقاهي مع شيء من رقص (السماح) ، ومن أشهر لاعبي(الكراكوز) الفنان محمد حبيب . وقد كان في دمشق قبل الإنتداب عدة مقاهي ، مقهى (للحكواتي) ، وأخرى ( للكراكوز) وثالثة (للمصارعة) ورابعة ( للسيف والترس) وخامسة( للرقص ) …. وهكذا (8) ، وبعد وفاة (مارون النقاش) سنة 1875م(9) ، أي بعد ركود إستمر لعشرين عاماً ، فألف فرقة مسرحية مع زميله (أديب إسحق) وسافر بها إلى مصر وعمل على مسارح الإسكندرية وقدوم عدة مسرحيات على مسرح (زيزينيا) (10)من تلك المسرحيات (آندرو ماك) ل(راسين) أوبرا (عايدة) التي نقلها سليم النقاش عن الايطاليه , ثم تلتها دراما من خمسة فصول ألفها كذلك سليم النقاش بأسم (الطاغية) وقدمها على مسرح الأوبرا في القاهرة سنة 1878، وقدم أيضا مسرحيتي (الحسناء) و (الباريسية الحسناء)إلا انهما أي سليم النقاش وأديب اسحق لم يستمرا فتخليا عن مسرحهما الى يوسف الخياط ، واتجها الى الصحافة .

أما يعقوب صنوع ،الملقب بأبي نظاره فقد بدأ قبلهما سنة 1870 و"أقام دعائم المسرح العربي في وقت مبكر ، وسبق به أثار الفرق اللبنانية والسورية ،التي جاءت الى مصر لتنشر أصول هذا الفن في واديها "(11) . وقد ساعد في عمله هذا إتقانه لعدة لغات ، إضافة الى كونه كان شاعرا وصحفيا . لكن الذي طور موهبته التمثيلية ارتياده للعديد من المسارح التي كانت تزخر بها القاهرة والتي استضافت العديد من الفرق الأجنبية الكبيرة وتقدمت على مسارحها قمم الأعمال المسرحية . وكان لاحتكاكه بفناني تلك الفرق أثره الواضح في تكوينه الفني ، فكانت حصيلة عمله (32)مسرحية لم نعرف منها غير سبعة أعمال فقط 0

وفي ذات نفس ألسنه 1878 ، كان في سوريا الشيخ – أحمد أبو خليل القباني (1833-1903)يمارس نشاطه في المسرح مع زميله الممثل أسكندر فرح (1851-1916) ، وشكلا بتشجيع من الوالي فرقة مسرحية قدمت العديد من المسرحيات منها (عائده) و(الشاه محمود)(12) . وبمرور الزمن استطاعا استقطاب المثقفين وجلب اهتمامهم . في هذا الوقت ازدهر المسرح لولا وقوف البعض من رجال الدين بالضد منه ، مما جعل أبي خليل القباني يترك الشام باتجاه مصر بصحبة زميله اسكندر فرح ، ليشتغلا في الاسكندر يه – ويقدما على مسرح الأوبرا مسرحية ( الحاكم بأمر الله) وقد حضرها ( الخديوي توفيق) كان ذلك في 24/7/1884. واستمرا بالعمل على مسارح القاهرة كذلك حتى العام 1900 ، عادا بعدها الى دمشق وأعادا بنا مسرح أبي خليل القباني الذي باشر عمله ونجح نجاحا كبيرا ، لاسيما وأن مواهب القباني لم تقتصر على التمثيل فقط بل تعدت ذلك الى الموسيقى والتلحين والتأليف . واستمر يعمل حتى تفي في 21/كانون الثاني/1903 . كانت حصيلة عمله اكثر من 24 مسرحيه استمد معظمها مت التاريخ العربي ومن القصص الشعبي ومن حكايات (ألف ليلة وليلة) ومن كتاب (ألاغاني) لأبي فرج ألأصبهاني 0

في العراق بدأ العمل المسرحي من المدارس الدينية والأديرة منذ نهايات القرن قبل الماضي ، وقد ظهرت مسرحية (رواية لطيف وخوشابا) على المسرح في مدينة الموصل عام 1893والتي اقتبسها نعوم فتح الله السحار عن المسرحية الفرنسية (( fanfan et colas وهي أول مسرحية مطبوعة تصدر عن دير ألأباء الدومنيكين(13) في الموصل 0 استمرت الحركة المسرحية في العراق دينيه ’ نقلها القسس المسيحيون الذين درسوا في فرنسا وروما فاقتبسوا أو ترجموا المسرحيات التي شاهدوها وراقت لهم كونها تقدم الموعظة والنصح الديني . لكن هذه البدايات ظلت ضعيفة تفتقر الى الحرفة والابداع معا إضافة الى أنها ظلت أسيرة تلك الكنائس والأديرة الدينية . واستمرت هذه المحاولات المدرسية حتى عام 1926 عندما زارت فرقة جورج ابيض بغداد وقدمت مسرحية (أوديب)التي شارك فيها حقي الشبلي ،"وكان له الأثر الفاعل في وضع الأسس الفنية الاولى للمسرح العراقي وتغير نظرة الناس إلى هذا الفن ورفع مستوى الهواة العراقيين الذين عملوا في هذا المجال "(14)، فأسس أول فرقة مسرحية محترفة عام1927 بأسم (الفرقة التمثيلية الوطنية) . وفي عام 1929 تأسست فرقة أخرى بأسم ( الفرقة التمثيلية العصرية ) وثالثة في نفس العام بأسم (الفرقة التمثيلية الشرقية) ترأسها صبري شكري . وفرقة رابعة بأسم (جمعية أحياء الفن) ترأسها كمال عاكف ، وهو نفس العام الذي اتفق فيه حقي الشبلي على العمل مع فرقة فاطمة رشدي حيث سافر معها إلى مصر ، وعاد مع الفرقة إلى العراق ليقدم معها عروضا في بغداد والبصرة والموصل . لتعود بعدها الفرقة إلى مصر ليبقى الشبلي في بغداد ويؤسس فرقته المسماة ( فرقة حقي الشبلي ) التي استمرت حتى عام 1935 حيث سافر الشبلي بعدها موفدا إلى فرنسا للدراسة - ليكون أول الدارسين للمسرح في الخارج – 0

وهكذا شهدت الأعوام من 1928 حتى 1938 ظهور العديد من الفرق المسرحية التي قدمت العديد من العروض ولغاية العام 1940 العام الذي شهد عودة حقي الشبلي وتأسيس ( فرع التمثيل ) في معهد الفنون الجميلة ، الذي شكل انعطافة على الوضع المسرحي في العراق . فتبنى المعهد وفرع التمثيل " مهمة إعداد الممثلين والمخرجين وتقديم المواسم المسرحية التي أطلعت الجمهور العراقي على كثير من روائع المسرح العربي والعالمي "(15) 0

أما في بقية البلدان العربية ، فقد شهد الربع الأول من القرن العشرين نهضة مسرحية واضحة وكما يلي : السودان –1902 ، تونس – 1908 ، فلسطين – 1917 ، البحرين – 1919 ، الجزائر – 1921 ، المغرب – 1923 ، ليبيا – 1925 ، الكويت –1938 ، أما في قطر والأردن فتأسس المسرح لديهم في بداية السبعينات … وهكذا في بقية الأقطار 0 سأتناول بعض الأقطار وكيف بدأ المسرح فيها .

تونس : 

في العام1908 وبعد زيارات الفرقة المصرية الشعبية التي يترأسها محمد عبد القادر المغربي المعروف بأسم (كامل وزوز) التي قدمت المسرحية المقتبسة عن الإيطالية ( العاشق المتهم ) ، وفرقة سليمان القرداحي في نفس العام ، أثارت اهتمام التونسيين فأسسوا (الجوق المصري – التونسي) في العام 1909 . تبعه في العام 1911 تأسيس ( جماعة الآداب العربية ) وفي العام 1912 تأسست ( جماعة الشهامة العربية ) ، فقدموا العديد من العروض المسرحية من بينها : الانتقام – تأليف : الشيخ محمد مناشو . وبسبب التأثير الإيجابي من تكرار الزيارات للفرق المصرية إلى تونس وحتى العام 1932، ساعد في تأسيس فرق مسرحية أخرى منها : فرقة المستقبل التمثيلي ، وفرقة السعادة ، وفرقة الشيخ الأكودي ، وجمعية التمثيل العربي ، " وقد امتازت السنوات الباكرة من هذه الفترة بظهور أول ممثلة تونسية هي زبيده الجزائرية "(18) .

فلسطين :

كذلك كان لنشأة المسرح فيها نتيجة زيارات الفرق المصرية ( فرقة جورج أبيض) و ( فرقة سلامه حجازي ) عام 1914 وقدمتا فيا المسرحيات : لويس الحادي عشر، تاجر البندقية ، أوديب . التي حفزت الشباب الفلسطيني فأسسوا أول نادي للتمثيل في القدس أسموه ( نادي الإخاء الأرثوذكسي ) (19) الذي قدموا من خلاله المسرحيات المترجمة والتي شاركت بالتمثيل فيها الفنانة المعروفة بديعة مصابني (20) . وهكذا توالى تأسيس الفرق المسرحية ، ففي عام 1917 تأسس ( المنتدى الأدبي ) وكان من بين أعضاءه فخري النشاشيبي ، حسن صدقي الدجاني ، بندلي قرط ..وغيرهم . قدموا المسرحيات : السؤال ، صلاح الدين الأيوبي ، طارق بن زياد ..وغيرها . في العام 1920 تأسست جمعية الترقي والتمثيل العربي ، وشهد العام 1925 تأسس ( النادي السالسي ) وكان يقدم المسرحيات المترجمة عن الإيطالية والفرنسية . بعد ذلك تأسست فرقة ( نادي الشبيبة الأرثوذكسي ) برئاسة نصري الجوزي . في حين أسس جميل الجوزي ( الفرقة التمثيلية العربية لجمعية الشبان المسيحية ) ، أما العام 1940 تأسست ( نقابة الممثلين العربية ) . وتوالى تشكيل فرق أخرى مثل ( فرقة الأنصار ) و ( أضحك ) في العام 1943 . حتى بلغ عدد الفرق في القدس وحدها في العام 1944 ما يقرب من (20) فرقة مسرحية . هذا لعدد الكبير من الفرق كان سببا في تأسيس ( اتحاد الفنانين الفلسطينيين )(21) 0

البحرين :

بدأ المسرح فيها مع بداية التعليم النظامي سنة 1919 ، حيث كانت المسرحيات تقدم كفعاليات في المدارس . ومنها انتقل لنشاط إلى الأندية الرياضية حيث اصبح النشاط الفني جزء مهم من نشاطات الأندية مثل ( نادي الجزيرة ) . وفجأة توقف النشاط لأسباب ربما دينية أو اجتماعية ليعود في أواخر الخمسينات (22) . 

المغرب – الجزائر – ليبيا :

بدأ النشاط كما بدأ في غيرها نتيجة زيارات الفرق المصرية لها ( جورج أبيض ، محمد عز الدين ، فاطمة رشدي .. وغيرها ) . إضافة إلى تأثرها بعمل الفرق الإيطالية ، نتيجة عمل بعض فنانيها مع الفرق الوافدة . مثل الرائد الشاعر الليبي أحمد قنابة الذي عمل في فرقة ( الديولاكروا ) الإيطالية منذ عام 1925 حتى عام 1935 وكان اغلب أعضائها من الأجانب بينهم عدد قليل جدا من العرب الليبيين (23) . وفي مدينة (درنة) لا في بدأت أول فرقة هواة سنة 1928م في الوقت الذي تأسست نتيجة ً لتأثيرات الفرق المصرية ( الفرقة الوطنية الطرابلسية ) التي أسسها ( أحمد قنابة) سنة 1936م (24) ، وكذلك جاء تأسيس أول فرقة مغربية في مدينة (فاس) عام 1923م "ومن الحق أن نذكر بالفضل ما قام به في تلك الفترة وخاصة بين عام 1923- 1930م المثقفون وقدماء التلاميذ الناهضون في (فاس) و( سلا) و( الرباط) من الجهود المحمودة لتأسيس المسرح العربي وتركيزهُ " (25) ، أما العصر الذهبي للمسرح الجزائري فبدأ هكذا في الثلاثينات عندما أدخل ( رشيد قسنطيني) الأداء المرتجل إلى المسرح الجزائري ويذكر الدكتور علي الراعي عن الكتابة الفرنسية (آرلبت روت ) التي ذكرت في كتابها (المسرح الجزائري ) " إن رشيد قسنطيني ألّف أكثر من مائة مسرحية واستكش ، وقرابة ألّف أُغنية وكثيراً ما كان يرتجل التمثيل حسبما يلهمه الخيال " (27) ، حيث تناول الكثير من الشخصيات الشعبية بأسلوبه المتأثر ب(الكوميديا ديلارته) الإيطالية . ثم اعتمد المسرح الجزائري على المترجم من المسرحيات والمقتبس التي ظهرت بوضوح على أعمال (كاكي ولد عبد الرحمن ) حتى ظهرت المسرحية الجزائرية ، والتجارب الهامة ل( كاتب ياسين ) الذي بدأ الكتابة باللغة الفرنسية ، ثم انتقل إلى الكتابة بالعامية الجزائرية . 

أما في( الكويت) أيضاً نشأ المسرح في المدارس ، وتشكلت أول فرقة مسرحية سنة 1938م وهي ( فرقة المباركية) تلتها (فرقة الأحمدي) سنة 1940م ، ويعتبر (حمد الرجيب) رائد العمل التمثيلي الكويتي حفز زميلاً آخر هو ( محمد النشمي) الذي قدم في الأعوام ما بين (1956م – 1960م) عشرين مسرحية بينها واحدة ل( صقر الرشود ) (28) ، ولابد من الإشارة إلى " أن حمد الرجيب هو أول هاوٍ للمسرح في الكويت إذ أسهم في تمثيل مسرحية ( إسلام عمر ) التي قدمت عام 1938م ، وقام فيها بدورين ، دور إمرأة اسمها (فاطمة) ودور ( سراقة ) " (29) . 

الا أن المسرح في بقية أقطار الخليج العربي والأردن لا يعدو أكثر من محاولات مدرسية بسيطة ، وتجارب ليست ذات أهمية ، لكن ما تجدر الإشارة إليه أن في البعض من هذه الأقطار بدءوا بتأسيس مسارح أهلية أو مسارح دولة ، في (العربية السعودية ) ، (الأردن) ، ( قطر) ، (دولة الإمارات العربية ) ، (اليمن ) ….الخ ، وان الغالبية فيها يعتمد على جلب الخبراء من مصر ، والعراق ، وسوريا ، ولبنان ، وتونس . 

وهكذا فالبداية الجادة والمستمرة للمسرح العربي كانت منذ الثلث الأخير للقرن التاسع عشر ، وكما قلنا سابقاً كانت نقلاً عن الحضارة الأوربية وعلى الرغم من " أن تطور العقل هو نتيجة تملك الخبرة الإجتماعية المتراكمة تاريخياً عبر فعاليات عدد هائل من الأجيال يقف كل منها على أكتاف أسلافه ، فخواص وقدرات كل فرد هي نتاج للتطور التاريخي الإجتماعي للبشرية بأجمعها "(30) ولاضير من الاستفادة من التطور الذي وصل إليه المسرح الأوربي وبالذات (التكنولوجي ) على شرط أن تكون المواضيع والأفكار التي يتناولها الفنان العربي مأخوذة من تاريخه و تراثه وأصوله العربية . لكن المؤسف أن هذه التأثيرات الأجنبية ظلت ملازمة لتطور مسرحنا العربي حتى يومنا هذا ، عدا بعض المحاولات التي أرادت أن تتخلص بشكل أو بآخر من هذه التأثيرات ، مثل محاولات ( إبراهيم جلال – وقاسم محمد – ويوسف العاني – في العراق ) (الطيب الصديقي - المغرب ) ، (سعد الله ونوس – وممدوح عدوان – وفواز ساجر – من سوريا ) ، ( عبد الرحمن ولد كاكي – من الجزائر ) ، (المنصف السويسي – تونس ) (عبد الرحمن الشرقاوي ، الفريد فرج –مصر ) ، وغيرهم من دول عربية أخرى . في حين نجد ان الجيل الذي أعقب النقاش والقباني وصنوع ، أكدوا على ضرورة الالتزام بالتقاليد التي نقلوها من الأصول الأجنبية ، مما جعلهم يلتزمون إلى فترات طويلة بالنصوص المقتبسة والمترجمة أو المعدة عن الأصول الأجنبية – فرنسية ، إيطالية ، إنجليزية ، تركية . بل ان بعضهم راح يقدم تلك المسرحيات بلغاتها . فجورج أبيض قدم (طر طوف –موليير ) و ( مدرسة الأزواج ) باللغة الفرنسية . ويوسف وهبي ، أدخل الرطانة ودورة الفم وثقل اللسان أي ، النطق من سقف الحلق ، والموضوعات المفتعلة التي ترضي كل الطبقات . لقد "كانت كل هذه التجارب متأثرة بعاملين ، الأول : تقليد المسرح ألأوربي . والثاني : ارضاء طبقة معينة من المجتمع ، ليست هي الطبقة الشعبية ، لذا لم يستطع هؤلاء الفنانون خلق مسرح أصيل "(31) .

تلى هذا الجيل من الروا د تلامذتهم ، الذين استمروا على منوال أساتذتهم مقلدين لهم . والقسم ألآخر ، راح يجرب وفعلا توصلوا من خلال تجاربهم إلى مضامين وأشكال مختلفة بعض الشيء وكان طموحهم هو" أن يضيفوا إلى الثقافة العلمية شيئا يحمل سماتنا وجوهرنا ، وربما من خلال التراث أو من خلال التعامل مع الثقافة العالمية بمنظار عربي "(32) . وكانوا مصيبين في ذلك بعض الشيء . 

الاستنتاجات : 

1- للمسرح العربي بدايتان . الأولى : فطرية . والثانية : التي قلدت التجربة الأجنبية .

2- نشأ المسرح العربي في الأديرة والكنائس والمدارس الدينية .

3- لم يبدأ في ألعواصم بل بدأ في ألمدن الصغيرة ، مثلا : في العراق بدأ في الموصل . وفي المغرب بدأ في فاس … وهكذا .

4- اعتمد على الترجمة والنقل والاقتباس وألأعداد .

5- بدأ في المقاهي كما في الجزائر وسوريا . وفي الكابريهات كما في العراق .

6- كان الممثل الأول هو كاتب النص وهو المخرج .

7- كان للفرق المصرية التأثير الفاعل في انتقاله إلى بقية الدول العربية .

8- النصوص كانت إما : مرتجلة كما في نوع الأخباري . أو منقولة عن المسرح الغربي .

9- تعدد اللهجات في المسرحية الواحدة ضمن البلد الواحد .

10 – تتشابه في موضوعاتها ، وأزماتها . 



الهوامش والمصادر : 

1- المقصود بالدراما الشعبية ، هي : المقامات ، السماجة ، الكاولية ، المداح ، الكرج ، الاحتفالات الشعبية بأنواعها …وما إلى ذلك .

2- وتعني الكلمة ، قراقوز : ذو العيون السود .

3- الأخباري : وتعني المشاهد التمثيلية التي تدخل ضمن المفهوم السائد والذي يعنيه مصطلح ( فارس farce) : وهو الحوار الهزلي المتهكم الساخر القريب من الكوميديا دي لارتا .

4- إسماعيل باشا : هو نوع من مسرح الدمى الذي كان منتشرا في تونس . 

5- د. محمد يوسف نجم ، البحث عن المفهوم الدرامي في الثقافة العربية ، مجلة (آفاق عربية) ، بغداد، فبراير 1979 ، ص 36 .

6- د.سلمان قطاية ، المسرح العربي ..من أين إلى أين ، منشورات – اتحاد الكتاب العرب ، دمشق 1972 ، ص 23 .

7- تمارا الكسانروفا بوتنتسيفا ، ألف عام وعام على المسرح العربي ، ت : توفيق المؤذن ، دار الفارابي – بيروت ، الطبعة الأولى ، 1981 ، ص 43 .

8- عدنان بن ذريل ، المسرح السوري منذ أبو خليل القباني إلى اليوم .

9- توفي بمدينة طرطوس في تركيا وكان يقصدها لمهام تجارية .

10- د.محمد مندور ، ألفن التمثيلي ، سلسلة فنون الأدب العربي ، دار المعارف بمصر ، 1959 ، ص 30 .

11- د. محمد يوسف نجم ، المسرحية في الأدب العربي .

12- أدهم الجندي ، أعلام الأدب وألفن ، الجزء الأول ، مطبعة مجلة صوت سوريه ، دمشق 1954 ، ص 249 . 

13- دير الأباء الدومنيكين : يقع في منطقة الساعة في مدينة الموصل ، وهو دير قديم لعب دورا مؤثرا في نشر المعرفة ، وما زال هذا الدير يمتلك مكتبة كبيرة .

14- د. علي الزبيدي ، المسرحية العربية في العراق ، مطبعة الرسالة ، القاهرة 1966 ، ص 123 .

15- نفس المصدر السابق .

16- بدر الدين حسن علي ، (مجلة الأقلام) ، العدد 5 ، السنة الثالثة عشرة ، بغداد – مارس 1977 .

17- حيث زارت فرقة سلامه حجازي عام 1914 ، وفرقة جورج أبيض عام 1921 ، وفرقة يوسف وهبي عام 1927 .

18- د. علي الراعي ، المسرح في الوطن العربي ، ص 299 . 

19- محمد ألقيسي ، المسرح الفلسطيني ، مجلة (فنون) ، العدد 59 ، بغداد 15/11/1979 

20- بديعة مصابني : راقصة لبنانية ذاع صيتها في مصر . انتقلت من التمثيل لتؤسس مدرسة للرقص الشرقي .

21- محمد ألقيسي ، المسرح الفلسطيني .

22- د. علي الراعي ، المسرح في الوطن العربي ، ص 552 .

23- عبد الحميد ألمجراب ، قضايا مسرحية ، منشورات مكتبة ألفكر – طرابلس –ليبيا 1970 ، ص 32 وما بعدها .

24- عبد الله شقرون ، مجلة الفنون ، العدد 1 ، السنة 2 ، أكتوبر 1974 .

25- أديب السلاوي ، المسرح المغربي ، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي – دمشق 1975 ، ص 8 .

26- د. علي الراعي ، المسرح في الوطن العربي ، ص 545 .

27- المصدر السابق ، ص 545 .

28- يعتبر رائد المسرح الكويتي الحديث ، ومؤسس المسرح في دولة الإمارات العربية المتحدة ، توفي عام 1979 في حادث سير .

29- واجد الروماني ، الحركة المسرحية في الكويت ، مجلة (رسالة النفط) ، مارس 1961 .

30- قاسم حسن صالح ، جامعة بغداد – كلية الآداب / قسم علم النفس ، مقالة مطبوعة بالأستينسل ، بغداد 1962 .

31- د. سلمان قطاية ، المسرح العربي من أين والى أين ، ص 23 .

32- إبراهيم جلال ، عطيل يسترد عافيته ، حوار أجراه : عواد علي ، بغداد - مجلة (فنون) العدد 225 ، الاثنين 26/سبتمبر/1982 . 

33- الكتاب الجزائريون كانوا يكتبون بالفرنسية ، وأولى مسرحيات الكاتب (كاتب ياسين ) كتبها بالفرنسية ، وترجمت عنها إلى العربية . 

المسرح المعاصر والتقنيات الحديثة

مجلة الفنون المسرحية

المسرح المعاصر والتقنيات الحديثة 

د.فاضل الجاف

شهد المسرح الحديث في العقود الاخيرة تطورا كبيرا في مجال التكنولوجيا، وقد شمل هذا التطور ميادين معمار المسرح والسينيوغرافيا(الفضاء والمناظر المسرحية) والضؤ والصوت والازياء.
 ومما لاشك فيه ان هذا التطور أدى بشكل مباشرالى خلق آفاق جديدة امام المخرجين والمؤلفين والممثلين بإكتشاف سبل وأدوات وإمكانيات جديدة في التجسيد الإبداعي والخلق الفني، ناهيك عن تحسين ظروف التلقي، حيث أصبح بإمكان المتلقي أن يشاهد العرض في ظروف انسانية أفضل في ظل إمكانيات وتجهيزات حديثه على كل الاصعدة: الصوت والصورة والمسافة والراحة، مما يتناسب وروح العصر.

 وتجدر الاشارة الى ان هذا التطور لم ينبثق فجاءة في هذه المرحلة من تاريخ المسرح، فالتكنولوجيا المسرحية، كانت قائمة منذ العصر الاغريقي، بماكنتها البسيطة وحلولها السهلة في تجسيد مشاهد المسرحية، وقد تطورت هذه التكنولوجيا على مرّ العصور المسرحية.
 لكن التكنولوجيا المسرحية قديما كانت في مجملها سهل التنفيذ وذات وظيفة مجازية في معظم الأحيان.
 ويدرج بعض الباحثين التقنيات التكنولوجية التي شهدها المسرح في العصور الاولى من تطوره، ضمن التقنيات السهلة او البسيطة، اما ماجرى من تطور تكنولوجي للمسرح الحديث فيندرج ضمن النوع المعقد ذي سرعة وإيقاع شديدين، حتى انه بات من الصعب مواكبته من قبل المسارح ذات الامكانات المتواضعة.

فمثلا في مجال الصوت والمؤثرات الصوتية كان صوت الرعد ينفذ حتى الخمسينات من القرن المنصرم بإستخدام صفيحة معدنية، وصوت حافر الخيل كان ينفذ عن طريق إستخدام قشرة جوز الهند الجافة. وكانت ثمة ماكنة بسيطة تستخدم لإحداث صوت الرياح بفعل قماش من الخيش. أما صوت سقوط المطر فقد كان يتم عن طريق تحريك البازلاء الجافة في أنابيب. أما ما حدث من تطور في مجال الصوت والمؤثرات الصوتية في العقود الاخيرة، خصوصا بعد ظهور الكومبيوتر فتعد قفزة لم يشهدها تطور المسرح من قبل كما ونوعا وسرعة.

ومن الباحثين من يطلق على التطور الحاصل في مجال تقنيات المسرح ثورة داخل ثورة المسرح الحديث، ثورة مهّد لها روّاد المسرح الحديث من أمثال مييرهولد، كريغ، آبيا ونيهر ببدايات وإنجازات متمثلة بالخطوات الاولى في تغيير بنية المسرح معمارا وفضاء وأضاءة و تقنيات في الصوت. 
 كانت تصورات الرواد حول تغيير المسرح تغييرا جذريا تبدو حينها ضربا من الحلم والرؤى المستقبلية، لكن رؤى الرواد وتصوراتهم كشفت امام المسرح المعاصر عن آفاق وأفضية شاسعة ربما لم يكن تصورها سهلا إلا لمخيلة مبدعين من امثال مييرهولد وكريغ وآبيا.

ويمكن القول ان هذا التطور الهائل الذي بلغ أوجّه في المسرح الموسيقي والأوبرا وعروض الرقص، خلَقت لغة مسرحية جديدة لغة مسرح الحداثة وما بعد الحداثة، كما هي تتجلى واضحة في اعمال كبار مخرجي عصرنا، من أمثال جورجيو ستريهلر وروبرت ويلسون وروبرت ليباج. أعمال تحقق فيه الكثير من أحلام رواد المسرح الحديث الاوائل.
وكانت التكنولوجيا الأداة الرئيسة لتحقيق الحلم الفني، ومنفذا لرؤى مخيلة الفنان المسرحي.

ومما يجدر الإشارة اليه هو ان تطور التقنيات في المسرح الحديث إستمد دوافعه وجذوره أساسا من المخرج ومخيلته وسعيه الى تجسيد رؤاه وأحلامه. فالتصورات الجديدة لإستخدام التكنولوجيا في المسرح وتطويعه في مجالات مختلفة، برزت وتبلوّرت ببروز المخرج كصاحب مهنة مستقلة ومهمة في العملية الإبداعية.

 فالمخرجين الأوائل مييرهولد، كريغ، رينهاردت فعَلوا ونشَطوا دور السينوغراف والمصمم المعماري و مصصم الانارة ومهندس الصوت، وبدأ التقنيون يتبأون لأول مرة مكانة مهمة في ثورة المسرح. 
ولعل من الصواب القول بأن أول قفزة في سياق التطوّر التكنولوجي بعد اختراع قوة الكهرباء كانت البنائية، التي استوجبت هندسة أخرى في الفضاء المسرحي والمعمار والماكنة المسرحية. ان التطوّر الحاصل في هيكل التقنيات المسرحية لهي إمتداد لإنجازات البنائيين في مجال إستخدام البنى الكبيرة والماكنة المعقدة على المسرح وبتقنيات غاية في البراعة والإتقان. تقنيات دخلت كجزء حيوي ضمن هيكل العرض المسرحي  وليس بخاف فإن البنائية إنبثقت في المسرح كثمرة للجهد المشترك بين المخرج والفنان المعماري. وعليه فإن الأنجازات في مجال التكنولوجيا المسرحية ما هي إلا تحقيق لرؤى وتصورات الاوائل من المخرجين والرساميين والمهندسين وتعاونهم في عمل مشترك لتطوير مسرح العصر الحديث.

يقول كريستوفر بو في كتابه العرض المسرحي والتكنولوجيا كان كريغ يريد لمناظره المسرحية ان تتحرك كالصوت، مثلما الموسيقى تتحرك.
ويذكر ايضا ان احد مصصمي المناظر المسرحية في فرنسا كتب بعد لقائه كريغ في رسالة الى مدير مسرحه عام1910 يقول:
"إن كريغ يريد لمناظره ان تتطور مع سير المسرحية، لا أعرف كيف يمكن ان يتم تنفيذ مثل هذه الفكرة. ولكن الفكرة بحد ذاتها تعد من الدرجة الاولى. فلو تم تحقيق ذلك لغدا ثورة في مجال السينوغرافيا".

إن كريغ كان فنانا يدرك ضرورة الخيال وضرورة إدراك كون التكنولوجيا المسرحية  إمتدادا للخيال المسرحي ذاته. فأستخدامه عند مييرهولد وطرق الاستفادة منها كان جزء من العملية المسرحية والابداع الفني.
 ولعل المخرج البريطاني بيتر هول احسن من يعبّر عن الحذر من إستخدام الماكنة في المسرح من أجل الاستخدام فقط، فهو يقول: إن المسرح يحبّذ التناقض وعليه فإن الماكنة في المسرح تجب ان تستخدم كقيمة مجازية.

رؤى وأحلام دافينشي في المسرح البصري
كان اكبر الحالمين بالحلول التكنولوجية المبتكرة، هو الرسام والنحات الايطالي ليوناردو دافينشي الذي على يده حصل أهم تطوّر في تأريخ التقنيات المسرحية.

كان نموذج دافينشي لأوبرا أورفيوس تطورا هائلا في مجال الأوبرا. فقد صمم دافينشي العديد من الماكنات المسرحية في ميلانو. وكان أهم تصميم جديد له هو تصميمه خشبة مسرح تقدم عليها لأوبرا أسطورة أورفيوس 1518.

كان تصميم المنظر معقدا جدا في حينة، فقد أحتوى المنظر قبة تمثل قبة الكنيسة، تتفتح شيئا فشيئا على شكل جبل، لتكشف عن مشهد آخر، ثم تسحب الجبال عن المسرح من الجانبين. الى جانب هذا كان المشهد الأكثر غرابة هو المشهد الذي كان يرفع من تحت الارض كمصعد الى مستوى المسرح.
ماذا لو عاش دافينشي في عصر مييرهولد و كريغ!،لكانت إنجازاتة بلغت العصر الحديث بفاعلية خارقة.
 ففي الخمسينات من القرن المنصرم فقط بدأت المسارح تستخدم الاصوات المسجلة على الاسطوانات الكبيرة، وقد كان الاعتراض على أستخدام الصوت المسجّل شديدا في حينه.

إن المسرح البريطاني يعد من أهم المسارح الذي أختبر وحقق مختلف التقنيات الحديثة، وكان الى جانب المسرح الاميركي السبّاق في التجريب على كافة أنماط التقنيات الحديثة، فعروض الويست إيند وعروض برودواي حملت في مجال التقنيات الحديثة دهشة وانبهارا لمشاهدها لم يكن متاحا قبل ذلك. وكانت العروض الموسيقية لمسرحيات من أمثال الشعر 1957 و مسرحية يا لها من حياة حلوة 1963 السبَاقة في كشوفاتها التقنية.
وعلى الرغم من ان المسرح البريطاني لم يشهد نهضة تقنية تستحق الاشارة الى نهاية حرب العالمية الثانية، لكن بعد ذلك استمد كبار المصمين في المسرح والأوبرا الإلهام في خلق وإبتكار تقنيات جديدة أستخدمت من قبل المخرجين الشباب في الستينات من أمثال بيتر هول وتريفور نان وجون كاريد.

رواد التكنولوجيا في المسرح المعاصر


يوسف سفابودا:1920- 2002
المصمم التشيكي سفابودا صمّم و اخرج أكثر من 700 عمل مسرحي، منهدس معماري اصلا، مخترع المصباح السحري على المسرح، مؤسس الستائر المتعددة أو المضاعفة، إلى جانب عدد من التقنيات البصرية والسمعية.
نجح سفابودا في جعل الضؤ وسيلة مادية ملموسة، ذا قصد نحتي تجسيدي، وذلك بإستخدام العاكسات (بروجيكشن).
لقد نجح سفابودا في خلق تشكيلات مسرحية على شكل مونتاج مؤلف من الممثلين و الصورة المنبعثة من العاكسة، لينتج بذلك مشهدا ملئيا بالحيوية.
لم يكن هدف سفابودا في عمله يقتصر فقط على خلق صورة مسرحية كإنعكاس للضؤ المنبعث من العاكسة، بل كان نجح في خلق مشاهد نحتية مجسّدة، مفعمة بالحيوية والعنفوان الدرامي.

ومن التقنيات المهمة التي أبتكرها سفابودا إستخدام المكعبات في صف واحد، على شكل جدار، وفي كل مكعب كان ثمة بروجكتور يعكس الصورة على النظارة بهدف خلق عمل حي متحرك لفن العرض.
كان هدف سفابودا يتلخص في السينوغرافيا الحية والتي هي الاخرى الى جانب الضؤ والموسيقى يجب ان تشارك في الفعل المسرحي، أو أن تكون في حركة دائمة ولا ينبغي أن تقتصر الحركة على الممثلين فقط.
لعلنا لا نجانب الصواب إذا اعتبرنا سفابودا أهم مبدع ورائد ومطبق، بعد آبيا في مجال استخدام الضؤ وفي إبتكاره مفهوم السايكوبلاستيك وهو مفهوم يعتمد التقنيات العلمية الحديثة في تجسيد العلاقة بين الابعاد الثلاثة للفضاء المسرحي، وعلاقتها بالحالة النفسية والشعورية وبالنظارة في نفس الوقت. وفي رأيه ان مهمة السينوغراف تكمن في أستخدام هذه العناصر مجتمعة في وحدة واحدة، في بعد رابع يسميه الزمن- الفضاء، بما أن الحركة على المسرح تتطلب فضاء وزمنا.
إن منجزات سفابودا في مجال إستخدام التقنيات الحديثة في مجال ربط الفضاء الدرامي والزمن الدرامي والإيقاع الدرامي والضؤ الدرامي تعتبر من أهم إنجازات النصف الثاني من قرن العشرين.

روبرت ولسون

 إن المخرج الاميركي روبرت ولسون منهدس معماري ومصمم ديكور في المقام الأول، فهو عمله في الاخراج من التكوين المعماري والبصري للعرض قبل كل شيء ويساعده في تنفيذ ذلك خلفيته الثقافية كمعماري، ودرايته الواسعة في إستخدام التقنيات الحديثة، بالإضافة الى إعتماده على فريق كبير من أمهر التقنين في مختلف التقنيات المطلوبة في العرض المسرح … وإذا وضعنا جانب الانتقادات الموجهة إليه في هذا الصدد والتي تتلخص بطغيان الجانب البصري في عروضه على حساب النص والمضمون، فإن لروبرت ولسون طريقة متميزة ولغة فنية خاصة به فهو يقول : 
إنني أفكر في إعدادي الصور و التصاميم والرسوم البيانية، لكن ليس الهدف من الصور تصوير النص. وقد اعتاد ولسون على النقد المألوف الذي مفاده كيف يقوم المخرج برسم العرض قبل أن يلتقي بالممثلين، أو كيف يتم رسم الصورة والميزانسين دون وجود الممثل، وفي هذا الصدد يقول :

إنه مسألة تنظيم معماري في الزمن والفضاء، ولا يهم إن كان هناك ممثلون أو لا! فالضوء يتحرك، والأدوات المستعملة على المسرح تتحرك، إنها مسألة التوقيت، إنه البنيان (البناء) في الفضاء، لذلك أعتقد، إنه المعمار، أي بناء الشيء، سواء كان ذلك عند موزارت أو فاغنر أو شكسبير، باختصار إنه الأداء على أسس الرقص، دون الاكتراث بالبناء الأدبي للنص، فالقيمة البصرية تحل محل القيمة الأدبية دائماً. وعليه فإن الغرض القائم جمالياً لا يمس من قبل الجمهور، ولسون يحتفظ بخط البروسينيوم والمعمار التقليدي للمسرح ويسعى أن يقيم المتفرج علمه المسرحي هناك على مسافة.

 يبدأ ولسون عادة تمارينه بتنظيم ورشات عمل مع ممثليه لإلغاء المهمة الشفوية للعمل المسرحي، وغالباً ما تحدد متطلبات عمل الورشة باحتياجات الممثلين الفردية، لكن الورشة تحتوي دائماً على حركات جسدية عامة، يؤديها الجميع للعمل المسرحي.

وبرغم الخطوط العامة والسمات المشتركة لأسلوب ولسون، فإنه دائماً يبتكر شكلاً متميزا غير مألوف للعرض. ففي مسرحية "ماكنة هاملت" لهنري ميللر القصيرة، كان المؤلف قد خطط للعرض كي لا يتجاوز 15 دقيقة، لكن العرض في معالجة ولسون استغرق ساعتين ونصف، حيث وزع حوار المسرحية على الممثلين بشكل عشوائي، مما أعطى للعرض طابعاً سريالياً صرفاً. 
تشكل الموسيقى في الغالب عنصراً مهماً في العرض من البداية وحتى النهاية، ثم هناك الكلمات التي تدخل العرض بشكل متقطع.

إن السينوغرافيا في عرض ولسون المذكور تتضمن، بالإضافة إلى الهيكل المعماري، الصور المرسومة على الستائر، السلايدات المنفذة بدقة، بحيث تدخل البناء المعماري في إيقاع واحد مع الموسيقى والأداء المؤسلب المتأثر بروح المسرح المشرقي (نو الياباني).

روبرت ليباج
يتمتع المخرج الكندي روبرت ليباج، الملقب بساحر المسرح، بشهرة عالمية واسعة وحضور دائم في معظم المهرجانات المسرحية. ويحتل اسمه حالياً مكانة مرموقة بين أسماء أهم خمسة مخرجين مسرحيين بعد جيل بيتر بروك، وهم الأمريكي روبرت ويلسون، والألماني بيتر شتاين، والروسي ليف دودون، والفرنسية أريانا منوتشكين.
ويشارك هذا المخرج، الذي ولد في مدينة كوبيك عام 1957 ودرس المسرح فيها قبل أن ينتقل إلى فرنسا، الأمريكي روبرت ولسون في ريادة ما يسمى بالمسرح البصري.

ولعل الاستشهاد برأي المخرج الإنكليزي المعروف ريتشارد إر يساعدنا في الدخول إلى عالم ليباج المسرحي، وفهم أسلوبه الإخراجي، فهو يقول: "إن ليباج يحوّل المكان العام إلى مكان سحري، والمكان السحري إلى مكان واقعي سهل المنال، وليباج ممون أحلام، والأمر المحفّز بالنسبة إليّ أنه يعمل بلغة ومفردات تنتمي إلى لغة العرض".

 يقول ليباج ان التطور التقني جعل من المسرح يعيش عصر نهضة جديدة، فبالنسبة اليه ساعده هذا التطور في خلق الشكل المطلوب على المسرح، وفي تجسيد التصور الاخراجي بمساحة واسعة من الحرية.
تتسم أعمال ليباج المنجزة أسلوبه الإخراجي أفضل من تلك الأعمال التي يقدمها على المسارح الأوروبية كمخرج ضيف، حيث يعمل مع ممثلين من مدارس تأهيلية مختلفة، ضمن عقود مع مؤسسات مسرحية وتحت ظروف فنية مختلفة. 
وفي حين تتمتع "إكس ماشينا" بوحدة فنية في الأسلوب ومنهج صارم في التدريب والمران والعمل الدؤوب في الابتكار، يتم خلالها إنتاج أعمال مسرحية مدهشة بغية عرضها في المهرجانات العالمية وهي في أوج تكاملها. 

الصياغات السينوغرافية
في لعبة الحلم لأوغست سترندبرغ، تجري مشاهد المسرحية في مكعب مثبت على ركيزة، يدور المكعب لينتقل الممثلون من سطح إلى آخر حسب توالي المشاهد بطريقة مسرحية رشيقة، وكأنهم يعانون من ضغط هائل، ولا منفذ أمامهم سوى الحلم، بينما يتجلى البحر تحتهم على شكل مساحة مائية يشرف عليها المكعب المأهول بسكانه. وفي "حلم ليلة منتصف صيف" يحوّل ليباج الغابة الشكسبيرية إلى ساحة شاسعة من الوحل والمياه، تتمرغ فيها أجساد الممثلين ببدائية وعنفوان. 
ويهتم ليباج باللغة وأصواتها، ففي عروضه التي يعدها لفرقة "إكس ماشينا" يستخدم لغات عدة حسب انتقال المشاهد، ويكرر هذا الاهتمام في النصوص التي يكتبها بنفسه، حيث أن الجرس الموسيقي والتنويع الصوتي للغات المختلفة يضيفان على العرض شعراً إيقاعياً مثيراً، ويخلقان تأثيراً يضاهي التأثيرات البصرية.

الخلاصة

إن التتقينات الحديثة تمثل في جوهرها تحقيقا لخيالات ورؤى المسرحيين الاوائل ممن كانوا يسعون الى تجديد المسرح شكلا ومضمونا.
على المخرج ان يكون مطّلعا على المنجزات العملية في عصره، ويكون على وعي بانجازات الباحثين في مختلف مجالات العلوم. ان المخرج والتتقنين في عصرنا الحالي لايمكن أن يعيشوا بمعزل عن التطور العلمي والتكنولوجيا الذي غزت ميادين الحياة. وكلما كان إطلاع المخرج عميقا وشاملا كلما اصبح بمقدوره ان يجسّد أفكارة وتصوراته وحلوله الإخراجية بسهولة وبسبل فنية مدهشة و ساحرة. وكلما كان المسرح بمعزل عن التقنيات الحديثة أو غافلا عنها كلما أكتنفت لغة العرض صعوبات في التنفيذ والتحقيق.

ان لغة العرض شهدت تطورا كبير، لم يكن ليدور في خلد الرواد الاوائل من المجددين، فقد ادهشني عرض في الرقص على أحد مسارح ستوكهولم كان ينقل أجزاء مكملة من نفس العرض على مسرح في امستردام بتقنية بارعة و في مونتاج مبهر حيث ان المشهد الذي كان يجري أداءه على مسرح أمستردام، كان يشكَل جزاء حيا من عرض استوكهولم.

ولا يمكن إنكار حقيقة وجود مخرجين مبدعيين عملوا ويعملون بمنأى عن إستخدام التكنولوجيا المعقدة، الى هذا الصنف ينتمي على سبيل المثال، كروتوفسكي وبرووك في العصرالراهن، لكن تجاوز بعض المخرجين في اوربا التكنولوجيا والعمل بمبدأ الحد الادنى في العرض المسرحي لا يعني بالضرورة، الطلاق النهائي مع التكنولوجيا، فحتى في هذه الحال نرى ان كل شئ بإستثناء لغة العرض القائمة على الفضاء الفارغ عند برووك مثلا مرتبط إرتباطا وثيقا بالتطور التكنولوجي الحاصل في ميادين التقنيات المسموعة والمرئية، ناهيك عن مجالات التسويق والاتصال بالنظارة وبمختلف مسارح العالم وقطاعات الثقافة.
ففي آخر عرض شهدته لبيتر برووك في ستوكهولم في خريف عام المنصرم، شهدت كيف ان العرض البسيط العاري من كل التقنيات و باللغة الفرنسية، تصاحبه شاشة الترجمةـ فلم تعد اللغة حاجزا كبيرا أمام العرض المسرحي بفضل تقنيات الترجمة.

ومن الواضح ان الانتاج المسرحي بإعتماده على تقنيات الكومبيوتر قطع شوطا كبيرا في التنفيذ المتقن والسريع. في، حيث يتم برمجة المشاهد والضوء والموسيقى والصوت بطريقة يسيرة، مما يسهل إنتاج المسرحيات الطويلة الصعبة التنفيذ بأسابيع معدودة من المران والتدريب.
لعل إستخدام الكومبيوتر في مجالات الانتاج يعتبر اهم خطوة بعد اكتشاف الطاقة الكهربائية. فقد أصبح بإمكان فنان السينيوغرافيا ان يجسد نموذجه على شاشة الكومبيوتر وان يدخل عليه الممثلين وهم يتحركون وإختبار مدى إمكانية تغيير وتبديل المناظر عمليا،كي يصل الى نتيجة مضمونة قبل تنفيذ النموذج على الخشبة، والشئ نفسه ينطبق على الضؤ. اما بالنسبة لمصمم الازياء فقد حقق الكومبيوتر نجاحا في هذا المجال ايضا حيث يستخدم فنان الازياء صورة الممثل نفسه ليجرب معه مختلف أنواع الازياء وصولا الى الزي المناسب.

المسرح العربي والتكنولوجيا

وأمام هذا التطور الهائل الذي يشهده المسرح في الميدان التكنولوجي، نجد أن المسرح العربي يعاني قصورا كبيرا في استخدام التقنيات الحديثة وفي ندرة عدد تقنيين أكفاء، وان هذا القصور يشمل معظم ميادين المعمار والفضاء وهندسة الضؤ والصوت. ومما لاشك فيه ان القصور يشّكل أيضا نقطة مهمة في إنحسار المسرح العربي وتخلفه عن الركب المسرحي العالمي.

ان المسرح العربي بأمس الحاجة الى إعداد وتهيأة تقنيين أكفاء وجود التقنين في مختلف مجالات المسرح قبل إقناء الاجهزة والمعدات التقنية، فإن ذلك سيعطي للمسرح العربي زخما في طريق التطور والازدهار. ان الكليات ومعاهد المسرح في العالم العربي يجب ان تأخذ على عاتقها مهمة تدريس التكنولوجيا الحديثة في مناهج تدريس السينوغرافيا والضؤ والصوت والازياء

ومن جهة ثانية لا ينبغي أن نغفل دور التخلف التكنولوجي في المسرح العربي على إنحسار الجمهور الذي لا يمكن ان يعتاد على متابعة العرض المسرحي في صالات متهرئة وبتقنيات بالية.

يعيش المخرج في المسرح العربي في حالة تصادم دائم مع الخشبة، لكونها غير مجهزة بالتقنيات المطلوبة، وعليه فهي لا يمكن ان تستجيب لمتطلباته، وان كان مجهزا بالتقنيات فهناك غياب اوشحة في التقنين الاكفاء الذي بإمكانهم ان يقدموا للمخرج وللعرض ابعادا وجلولا إبداعية تضفي على العرض جوانب إضافات فنية لا تقل عن إبداع المخرج والممثل والمؤلف. 
 فإبداعات المخرج مهما كان بارعا، لايمكن ان تجسّد تجسيدا فنيا دقيقا متقنا الا بوجود الفنان التقني الذي بإمكانه ان يفتح بوجه المخرج أفاقا لا يمكن أن يتصوره أحيانا.

ان لغة العرض قائم في وظيفته ودلالاته في جزء كبير منه على العلاقة الابداعية والحرفية القائمة بين المخرج والتقنين، وهي علاقة مازالت ضعيفة في المسرح العربي، ان لم تكن معدومة في الكثير من العروض المسرحية.
 فالمخرج العربي مازال يجد نفسه وحيدا في العملية الابداعية و في إنتاج العرض، بينما نجد ان هذه العلاقة على درجة كبيرة من المتانة والحميمية في المسرح الغربي والشرقي معا، حيث ان فناني السينوغرافيا والضؤ والصوت يتفننون في خلق وتجسيد رؤى المخرج الفنية، بل فهم يعملون معا في انتاج العرض، إن الكلية في العمل الابداعي هي سمة المسرح المعاصر، هذه السمة مازالت ضعيفة، ان لم تكن معدومة في المسرح العربي.

ونتيجة لذلك نرى ان المخرج في المسرح العربي بشكل عام محروم من إبداعات الفنانين التقنيين، و لا يزال غير قادر على التعامل معهم  بلغة فنية قائمة على الحرفية وإحترام إبداع وعطاء الاخر، بغية الوصول الى عرض متكامل. وعليه فإن العروض المتكاملة تقنيا نادرة في المسرح العربي.

إن المسرح العربي لايزال يعتمد في لغة العرض على عطاءات المؤلف ثم المخرج وأخيرا الممثل. أما التقني فما زال دوره محدودا أو بعيدا عن الحرفية. بينما التكنولوجيا في المسرح المعاصر قطعت شوطا في كشف الحالة الانسانية في الدراما وتجسيد الدوافع الانسانية بأساليب حديثة، مسموعة ومرئية، فالتكنولوجيا الحديثة تمنح المؤلف المسرحي والممثل إمكانيات هائلة في تجسيد ما يدور في مخيلة المؤلف المسرحي شريطة ان يكون على دراية ووعي بذلك. وحتي في مجالات التجريب، فإن ما يسمى في المسرحي العربي تجريبا، خصوصا في مجال المسرح البصري على سبيل المثال، الذي هو اكثر المسارح اعتمادا على التقنيات الحديثة، فقد أكل الدهر عليه وشرب منذ الخمسينات في اوربا.
وأخيرا فان التكنولوجيا في المسرح لا يمكن ان يكتب لها النجاح من دون تقنيين مؤهلين تأهيلا تاما، ومن دون ممارستها بصورة مبدعة، ومن دون ان يتوفر لها المعمار المسرحي المناسب.

ملاحظة:
- استقيت معلوماتي عن سفابودا من كتاب العرض المسرحي والتكنولوجيا، كريستوفر بو. باللغة الانكليزية.
- المعلومات عن كريغ مستمدة من كتاب نهوض المسرح الحديث، غوستا بيرغمان، باللغة السويدية. 
- الفقرات الخاصة بالمخرجين ويلسون وليباج، مقتبس من كتاب المسرح السويدي، اراء وأفكار، د. فاضل الجاف، باللغة العربية
.

الأربعاء، 11 يناير 2017

الأمين العام للهيئة العربية للمسرح اسماعيل عبدالله : أنتم "القابضون على جمر الإبداع " فاجعلوا المسرح أجنحتكم و اجعلوه النور الذي يضيء كل طرقات الحياة ...

السبت، 7 يناير 2017

صدور العدد الجديد من مجلة كواليس المسرحية

مجلة الفنون المسرحية

صدور العدد الجديد من مجلة كواليس المسرحية

أصدرت جمعية المسرحيين في الإمارات، العدد الجديد من مجلة كواليس المسرحية، واشتمل على العديد من المقالات والدراسات والتغطيات لأهم المهرجانات والأحداث والفعاليات المسرحية محلياً وعربياً.
وقد صدر العدد الجديد من مجلة كواليس المسرحية، التي تصدر بصورة فصلية عن جمعية المسرحيين في الإمارات، حيث حوى العدد 40 الذي رأى النور قبل أيام، العديد من المقالات والدراسات والتغطيات لأهم المهرجانات والأحداث والفعاليات المسرحية، في الإمارات والعالم العربي.

واحتفى العدد الجديد بالمهرجانات المسرحية الإماراتية والعربية المتميزة، حيث خصص ملفاً كاملاً للعديد من التغطيات والقراءات المتنوعة في عروض مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي في دورته الأولى، ومهرجان المسرح العربي الذي أقيم في الكويت في دورته الثامنة، ومهرجان الفجيرة الدولي الأول للفنون، ومهرجان أيام الشارقة المسرحية في دورتها 26، ومهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة ومهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي وكذلك مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي والمعاصر ومهرجان أيام قرطاج المسرحية.

وكتب رئيس جمعية المسرحيين إسماعيل عبد الله مقالاً افتتاحياً للمجلة حمل عنوان "المعاصر والتجريبي"، منوهاً بأن عودة المهرجان هي من أهم الاحداث المسرحية العربية التي شهدها العام 2016، ومؤكداً على أهمية هذا المهرجان وحضوره الكبير في نفوس المسرحيين العرب وجاء فيه: "القاهرة التجريبي له مكانة خاصة في نفوس عشاق الخشبة، فيه الخطوات المسرحية الأولى، وواحد من أهم المنازل العربية التي سارت إليها قوافل المسرحيين".

 وكتب الدكتور مصطفى رمضاني من المغرب مقالاً تحت عنوان "بحثاً عن الحداثة المسرحية"، مشيراً فيه إلى أن الحداثة المسرحية ليست حداثة مضامين وأشكال، بقدر ما هي حداثة رؤية عالمية متناغمة".

 كذلك كتب المسرحيّ الأردني غنام غنام مقالاً تحت عنوان: "لماذا لم يدقوا جدران الخزان" معتبراً فيه أن المسرح تلخيص وتكثيف لما يعيشه الانسان وما يمر به من أحداث، مؤكداً على أن طرق الخزان وتحريك الراكد واجب كل مسرحي"، ومن الإمارات اختار عبد الله مسعود مقالاً حمل عنوان "ليس إلا" متطرقاً إلى موضوع الجوائز باعتبارها ليست مقياساً حقيقياً للإبداع.

كما تضمن العدد تغطيات وبحوث ودراسات مسرحية مهمة، واختار العدد صورة مميزة من العرض المسرحي الكويتي "صدى الصمت" الفائز بجائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، لأفضل عرض في مهرجان المسرحي العربي 2016 غلافاً للعدد.

-----------------------------------------
الشارقة 24
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption