بداية أعمال مشروع مختبر الخرطوم المسرحي
مدونة مجلة الفنون المسرحية
يواصل مختبر الخرطوم المسرحي أعماله، وذلك ضمن مشروع مدعوم من الصندوق العربي لدعم الثقافة والفنون (آفاق)، حيث سيعرض في مسرح الفنون الشعبية بأمدرمان مسرحية «الموت والعذراء» للمسرحي التشيلي آربيل دورفمان في الفترة من 20 – 22 كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
وابتدأ المختبر أعماله بمسرحية «يوم من زماننا» للكاتب المسرحي السوري سعد الله ونوس، إخراج المسرحي السوداني ياسر عبد اللطيف، على خشبة المسرح القومي السوداني، في يوم السبت الماضي. يعتمد المختبر على ثلاثة مشاريع بالتزامن والتتابع ويسعى هذا المختبر لتأسيس عمل مسرحي مستمر ومستقل تحت مسمى «أشغال مشروع مختبر الخرطوم المسرحي» وهو عبارة عن مشروع ارتجال وكتابة مشهدية، ويتناول قضايا لها أبعاد مختلفة، خاصة بعد تقسيم البلاد وانفصال الجنوب كأكبر حدث تراجيدي في تاريخ السودانالمعاصر.
يقول الناقد والمخرج المسرحي ربيع يوسف، إن المختبر يقوم على اقتصاد كثيف في الحركة، وكرم بديع في المشاعر والانفعالات النفسية والصوتية، وهما أمران يضعانك مباشرة في مواجهة حالة و(قول) مسرحي مفارق لما هو يومي.
ويواصل حديثه قائلا:» والأهم من ذلك مفارقة ما ظلت تكرسه الممارسة المسرحية السائدة التي يتوهم صناعها أن كثافة جماهيرها جواز لأصالتها وإبداعيتها، ويرى أن هذه الممارسة
ردت الاعتبار لتقاليد مهنتنا «التدريب والتجويد «، ثم ردت الاعتبار لسلطة النص والمخرج أي أنها هزيمة لسلطة القاموس البائس للممثل الذي ظل مهيمنا».
ويرى أن أولى المسائل اللافتة للنظر في العرض هي الإدارة لفضاء التمثيل والتلقي، إذ عمل المخرج على جمع الفضائين في مكان واحد، هو خشبة المسرح، حيث أجلس الجمهور على يمين ويسار وأعلى خشبة المسرح وترك مقدمة المسرح ومنتصفه فضاء للتمثيل.
ويقول إن ّهذه الطريقة ضمنت للعرض، منذ الوهلة الأولى، حميمية بائنة ما بين طرفيه، الجميع في ورطة منتجه ومتلقيه، ثم دخلنا جميعا في مقاربة سؤال المسرحة، وبالتالي قللت من حدية التورط السلبي للمشاهد تجاه ما يشاهد، بل على العكس جعلته يقظا إن لم أقل متوترا بسبب توريطه في فعل واضح أنه جزء منه.
ويقول إنّ هذا الأمر لو أضيفت إليه حركة واشتغال عدد كبير ممن هم جالسون بين الجمهور بتغيير الديكور وتحضير أغراض لوحاته أثناء سير العرض، فسوف يؤكد على مكر صانع العرض الرامي إلى أن ما يتم هنا وفي هذه اللحظة نحن جميعنا شركاء فيه.
ويرى أن هذه الملاحظة تكتسب أهميتها من وجود القائمين عليها بين الجمهور، وسعيهم للتدخل في سير العرض، فهم لا يعلنون عن أنهم من ضمن فريق العمل وليس هناك ما يميزهم عن الجمهور على مستوى الزي أو خلافه، وأنهم ليسوا من المسرحيين. وبرأيه أن اختيارهم هذا سيدفع بأحد/ إحدى المتلقين ليبادر مساعدا في سير العرض وهو ما أظنه أحد طموحات مكر صانع العرض.
ويرى المخرج المسرحي حاتم محمد علي، أن أشغال المختبر تقوم على ثلاثة نماذج تشكل تواصلا للحركة المسرحية في أجيالها المختلفة، ويعتبر أن المخرج ياسر عبد اللطيف راهن في هذه التجربة على عودة المسرح لطبيعته، بعد أن تأثر كثيرا في الآونة الأخيرة، وفي كل العالم، بالأداء التلفزيوني والسينمائي والوسائط الحديثة .
ويقول إن هذه التجربة تشهد عودة لخصوصية العمل المسرحي من حيث الكادر الثابت، الحكاية، الحوار، وبمعنى آخر استعادة الملامح التي فقدها المسرح في العقدين الأخيرين، ويقول إن تطور الوسائط الفنية والإبداعية جعل المسرح «يلهث» للحاق بها، الأمر الذي أفقده الكثير من المزايا التي كان يتمتع بها.
ويرى أن المسرح يجب ألا يجاري ما يحدث في السينما والتلفزيون، لأن لكل وسيلة إبداعية خصوصيتها، وفي اعتقاده أن هذا الاتجاه هو ما يريد المخرج ياسر عبد اللطيف قوله في هذا المختبر.
«هذه أيضا ليست مسرحية» هذا اسم العرض الأخير في المختبر وهو عرض ارتجالي وكتابة مشهدية لياسر عبد اللطيف، وتقدم في يوم 27 ديسمبر في مسرح الفنون الشعبية بأمدرمان في ختام هذه الورشة.
صاحب هذه التجربة الفنان ياسر عبد اللطيف تخرج عام 1993 في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق وأقام سنوات طويلة في سوريا وقدم العديد من الأعمال الدرامية منها «المارقون، الحور العين، تل الرماد، بقعة ضوء، مرايا، ذكريات الزمن القادم، المحروس، صلاح الدين، الزير سالم، رمح النار، سحر الشرق وغيرها».
وهو ممثل شارك في المسلسل المصري «الخواجة عبد القادر» مع الفنان يحيى الفخراني في أول تجربة له في الدراما المصرية.
الخرطوم - صلاح الدين مصطفى
القدس العربي
0 التعليقات:
إرسال تعليق