أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

السبت، 17 يناير 2015

«المسرح العــــربي» يحتفي بـ «طقوس الأبيض»

مدونة مجلة الفنون المسرحية


شهد عرض مسرحية «طقوس الأبيض» التي تمثل باسم الإمارات في المسابقة الرسمية لمهرجان المسرح العربي، عشية عرضه ، على مسرح محمد الخامس بالعاصمة المغربية الرباط، احتفاءً جماهيرياً ملحوظاً، عبر مسرح كامل العدد، شغله جمهور عربي متنوع، كان غالبيته من البلد المضيف.
وحرص على حضور العمل الشيخ مروان بن راشد المعلا الذي كان على تواصل دائم مع الوفد الإماراتي طيلة فترة إقامته بالرباط، وكذلك السفير الإماراتي في المغرب، العصري الظاهري، الذي وصف نخبة الفنانين الإماراتيين بسفراء الثقافة والفنون الإماراتية، ورئيس دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، عبدالله العويس، إلى جانب الأمين العام للهيئة العربية للمسرح الفنان إسماعيل عبدالله.
أحمد الجسمي: راضون مقدّماً عن النتيجة
تلقى الفنان أحمد الجسمي توقعات البعض بحصول «طقوس الأبيض» على جائزة أفضل عمل متكامل في المهرجان بحذر شديد، مضيفاً لـ«الإمارات اليوم»: «الفرق الإماراتية اعتادت أن تحترم دوماً قرارات لجنة التحكيم، لذلك، فنحن راضون مسبقاً وفي كل الأحوال عن تلك القرارات».
وتابع: «كنا قريبين جداً من الجائزة في دورتين مختلفتين، ولم نحصل عليها، وهو أمر يظل وارداً في المجال الفني، وإشادات الكثيرين ممن تابعوا (طقوس الأبيض) تجعلنا متفائلين، لكن التجربتين السابقتين، علّمتانا أن تفاؤلنا يجب أن يظل حذراً، وفي كل الأحوال، فنحن كفرقة تفخر بتمثيلها الإمارات في هذا المحفل العربي، سعداء بما لمسناه من تقدير واحتفاء بالعمل».

العامري: الآن أستعد لعمل آخر
كشف الفنان محمد العامري مخرج «طقوس الأبيض»، أنه سيبدأ من اليوم، وفور أن يفرغ من عرض العمل المشارك باسم الإمارات في مهرجان المسرح العربي، للاستعداد لعمل جديد.
وتابع : «أجهز لعمل يشارك في مهرجان المسرح الخليجي الذي ستستضيفه الشارقة، الشهر المقبل، ما يعني أنني سأكون في سباق جديد مع الزمن». وأكد العامري رضاه عن المستوى الفني للعرض، والجاهزية التي ظهر عليها الفنانون، وتابع: «خبرة الجسمي ومحمود أبوالعباس، وحرص أسرة العمل، بمن فيهم أعضاء الجوقة على تقديم عمل يليق باسم الإمارات، وما تشهده من اهتمام بالإبداع المسرحي، ذلّل الكثير من الصعوبات، التي واجهتنا، وكانت كفيلة بالتأثير على السوية الفنية للعرض».

وظهر العرض الإماراتي، الذي سبق عرضه في مهرجان أيام الشارقة المسرحية، قوياً ومتماسكاً، وبدا الانسجام والتفاهم بين الممثلين، أبعد من العرض التحضيري أيضاً الذي استضافه مسرح مؤسسة العويس الثقافية، قبيل التوجه إلى المغرب، بل إن مخرج العمل محمد العامري قام بإدخال بعض التعديلات التي لم تمس جوهر العمل، فاجأ بها من تصادفت متابعته للعمل بالإمارات.
العمل الذي ضم، إلى جانب العامري وكاتبه محمود أبوالعباس الذي يشارك بدور محوري أيضاً في التمثيل، كلاً من الفنانين أحمد الجسمي، وملاك الخالدي، وحميد سمبيج، وأشجان، وهيفاء العلي، ورانيا العلي، حظي نجومه بتهاني «مباشرة» فور انتهاء العرض، وقبل أن يغادروا خشبتها، من العديد من الفنانين المنافسين للعرض على جائزة المسابقة الرسمية، وهي جائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي تمنح لأفضل عمل متكامل، من وجهة نظر لجنة التحكيم.
ثنائية الحياة والموت بمعالجة درامية تتكئ على جماليات الفرجة والسينوغرافيا، والغوص في ثنايا التكوينات النفسية للشخوص، والوصول إلى الفلسفة العميقة من خلال مقولات توحي ظاهرياً بالبساطة كانت بعضاً من ملامح العمل، الذي اتكأ على إمكانات مميزة للممثلين، وسلاسة في تطويع اللغة، التي مالت إلى الصوفية في رمزيتها وإيحاءاتها في بعض الأحيان.
وما بين حفار القبور، الذي يؤدي دوره الفنان أحمد الجسمي، وزوجته القابلة التي تؤدي دورها الفنانة ملاك الخالدي، تدور رحى هذه الثنائية، وبينها الكثير من الخيوط التي تعضد قطبي تنافرهما، لكنهما رغم ذلك يلتقيان ليؤكدا أنهما الحقيقة الأبرز في مصائر البشر، ما بين ميلاد على يد قابلة، وموت، فدفن من خلال حفار القبور.
حالات ولادة وحالات موت تتجاور لتشكل ذات الثنائية، دون ان يغيب الواقع عن هذه الصورة الفلسفية من خلال توجيه الجوقة المسرحية، والاشتغال على اكثر من قضية معاصرة، منها استغلال الدين لتحقيق مآرب شخصية، وهي الظاهرة التي تطرّق لها المخرج بحذر شديد، كي لا يربك السياق الأكثر عمومية لجدلية «الثنائية».
وأشار محمود أبوالعباس إلى أن «العرض مستلهم من قصيدة للشاعر المصري محمد الجياب تتحدث عن الحياة والموت، قمت بكتابته بأسلوب الخشبة بالتعاون مع المخرج محمد العامري، وكنا نتبادل الأفكار أثناء الكتابة، ونناقش ونتفق على الخطوط العامة، وأردت من خلال ذلك طرح قضية الحياة والموت التي هي ثنائية كبيرة لم تستوعب الآداب والفلسفة التفكير فيها، وبقيت مصدراً للعطاء والتفكير والإبداع، لأنها منفتحة على اللانهائي، وقد كنا أثناء الكتابة نناقش كل خطوة وحتى أثناء التدريبات، وهي إحدى العادات التي درج عليها مسرح الشارقة أن يقيم حواراً بين المؤلف والمخرج والممثلين حول العرض، لكي يصلوا إلى أقصى درجات الإتقان والجودة».
وأضاف أبوالعباس «أثناء تفكيرنا في حكاية العرض رأينا أن نجعلها تدور حول حفار قبور يدفن الأموات وزوجته القابلة التي تستقبل المواليد، لكن ليس بالصورة التقليدية العادية التي تجعل الحفار كئيباً متجهماً، والقابلة فرحة، بل قلبنا الآية فجعلنا الحفار مقبلاً على الحياة متفائلاً، والقابلة حاقدة على الحياة لا تريد للمواليد أن يعيشوا لأنها عانت موت أولادها هي، وقدمنا ثلاثة نماذج من النساء اللواتي في حالة مخاض لإعطاء وجهات نظر عدة عن الموت والحياة وعلاقة الناس بها».
ووجه الجسمي شكره لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على دعمه اللا محدود لمسرح الشارقة الوطني، مشيراً إلى أن دعم سموه ليس مادياً أو حتى معنوياً تقليدياً فقط، بل كذلك دعم بالنصوص المسرحية.
وأضاف «سبق لفرقتنا أن مثلت مسرحيات عدة لصاحب السمو حاكم الشارقة، مثل (عودة هولاكو)، و(النمرود)، و(الحجر الأسود)، وغيرها، وقد فتحت لنا تلك المسرحيات باب العرض في دول كثيرة في العالم، خصوصاً الدول الغربية، واكتسبنا من تلك السفرات تواصلاً مع المسرحيين العالميين واطلاعاً على ما يقومون به، ما فتح لنا الباب لآفاق جديدة من العمل، وأصبحنا منفتحين على التجارب الجديدة وعلى النقاشات الجارية حول العروض نستفيد منها، ونسعى لأن تكون عروضنا في الريادة».
أحد أكثر المخرجين الإماراتيين مشاركة باسم الدولة في الفترة الأخيرة كان الفنان محمد العامري، وهي المشاركة الثالثة له في «المسرح العربي»، حيث سبق أن مثل الإمارات بعملين في دورتين مختلفتين في كل من الدوحة والعاصمة الأردنية، أكد من جانبه أنه في كل مرة يشارك في هذا المهرجان، يعود إلى الإمارات وفي خاطره مزيد من الحماسة لعمل جديد، يأمل أن يصل إلى منصة عرض المهرجان التالي، من أجل أن يكون معايشاً لكل هذا الألق الفني الذي يزخر به «المسرح العربي».
وأعرب العامري عن سعادته بالحالة الفنية التي ظهر عليها العرض، مؤكداً أن العمل هو ثمرة جهد جماعي، وتعاون مثمر بين جميع أسرته، خصوصاً الفنانين أحمد الجسمي ومحمود أبوالعباس اللذين جمعهما به ما يشبه ورشة فنية، وهو الأسلوب الذي اعتاد عليه مسرح الشارقة في معظم إنتاجاته.
العرض الآخر في ليلة أول من أمس، ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان كان بعنوان «ليلة إعدام» التي كتبها وأخرجها لفرقة «تعاونية كانفا» المسرحية الجزائرية، سفيان العطية، وضم ممثلين رئيسين اثنين، هما إدريس بن شرنين وسليم العربي.
وعبر ثنائية أخرى تختلف عن ثنائية «الحياة والموت» في العمل الإماراتي، وهي ثنائية «السجين والسجان»، غاص العطية في تطلع النفس البشرية إلى الحرية، والانعتاق من طغيان القهر والاستبداد، قبل أن يصل إلى حقيقة أن كل ظالم هو مظلوم بالأخير، وأن دائرة الظلم وكذلك التطلع إلى الخلاص لا تستثني أحداً.
وينفتح الحوار في «ليلة إعدام» ليكشف المزيد من الأسرار في حياة السجين والسجان، اللذين يكتشفان أن كلاً منهما في النهاية امتداد للآخر، لكنه اكتشاف يأتي بعد فوات الأوان، وحتمية تنفيذ قرار الإعدام، وحينما يستغيث السجين: «وا معتصماه»، وهو مؤمن بأنه لا خلاص له، يؤكد له السجان أن من ينشده لن يأتي.
وجاءت عناصر السينوغرافيا رغم ذلك غير مساعدة لتعميق المغزى الدلالي والفلسفي للفكرة، ولم يكن هناك اشتغال كبير على جماليات الإضاءة وكذلك الإكسسوارات، على الرغم من الالتحام الوجداني الذي نسجه المحتوى الدرامي مع الجمهور.
رؤية إخراجية
كشف العطية أنه عندما كتب المسرحية لم يكن ينوي أن يخرجها، حيث لم يكن في نيته أن يكون مخرجاً، لكنه وجد نفسه مدفوعاً إلى ذلك، نظراً لأنه رأى أنه امتلك رؤية إخراجية تسمح له بتقديم عرض مختلف عن النص الذي كتبه، ولذلك فإنه عندما بدأ التفكير الجاد ودخل في عملية الإخراج تعامل مع النص كأنه ليس هو كاتبه، وكانت النتيجة أن العرض يقدم فضاء يختلف عن فضاء النص.
وأضاف: «الأساس في الكتابة والإخراج عندي هو تقديم متعة للمتفرج، ولا أضع في اعتباري أنني يجب أن أوصل رسالة لأن الإنسان مهما كان جهله أو قلة وعيه فلديه أفكار وهو يريد أن يوصلها لغيره، وهذا يعني أن الرسالة متضمنة في العمل بشكل دائم، لكن الغائب الذي ينبغي التركيز عليه هو تقنيات العرض، وكيف يمكن للمسرحي أن يقدم فرجة حقيقية تمتع الجمهور، ولهذا فإنني أعمل مع محترفين في مجال تقنيات العرض، مثل سينوغرافيين ومصممين متخصصين».
وأكد مخرج «ليلة إعدام» أنه حاول إعطاء صيغة عمومية للعمل بكل ما فيه من مواقف وصراعات يمكن أن تحدث في أي مكان من العالم، مبرراً إقحام مغني وموسيقي وبعض المشاهد الفكاهية في العرض ليقول بالصوت والنغم ما لا يقوله الحوار بين السجين وسجانه.


محمد عبدالمقصود ـــ الرباط
الأمارات اليوم

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption