أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الاثنين، 1 يونيو 2015

"الاستراحة من الحلم" كوميديا هزليّة على "مسرح مونتان"

مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني


كوميديا ترفيهية، بعيدة عن حقول مسرحٍ ملغومة شخصياته بالأحاسيس الجوّانية المشتعلة والانفعالات الدرامية القابلة للانفجار. فالانفجار في "الفودفيل" يستهل الحدث من بداياته، قائما بعبقرية كاتبه على عقد من الالتباسات وسوء التفاهم من الصعب حلّها أمام الأجواء المحتقنة قصدا، والمشتعلة عمدا. ففي "الفودفيل" ينبغي أن يظل التوتّر سيّد الموقف، والجلبة التي يخلقها اللبس تُضحك المشاهد ولا تغيظه، ترفّه عنه ولا تدعوه إلى المشاركة في تحليلات نفسية مبهمة. فلكم كان لوي جوفيه رجل المسرح الشهير على حق حين قال: "لا شيء أكثر تفاهة وزيفا وعبثا، ولا شيء أكثر حاجة وضرورة من المسرح".
على "مسرح مونتان" كانت الحوادث المتتالية في كوميديا "استراحة من الحلم" لكاتبها فرنسيس جوفو ومقتبسها ومخرجها جان بيار توتنجي، مفعمة بالمفاجآت المحرجة، المستحيلة، التي وحده "الفودفيل" باستطاعته استيعابها وإدخالها في عصب المسرح، بنيّات ترفيهية، لا جدل بعدها ولا تخمينات، تسدل الستارة ومعها هواة أم محترفون؟ في هذا الديكور الذي تأنّق بهندسته الداخلية ماغالي توتنجي وإيلي نبعة، للإيحاء بمنزل بورجوازي سياحي على شاطئ الريفييرا، يتفاجأ الزوجان دومينيك وجاك بأن المالك أجّر المنزل لغيرهما في الآن نفسه. هذا الالتباس الذي يضع دومينيك مدمنة المسكنات، في حال من خلط الأمور بعضها ببعض، كما خلط أوراق قراءة الغيب، لن يكون الأخير في هذا الفر والكر من أناس استباحوا المنزل الفارغ وأتوا يختبئون فيه، من مطلوب للعدالة، ومراهقين، إخفاء لحبهما.
على خشبة "مسرح مونتان" من بين تسعة ممثلين توزّعت عليهم شخصيات المسرحية، ثلاثة فقط، تخطّوا كياناتهم كهواة تمثيل ومسرح، ليدخلوا بشطارة وسلوك فني بارز في عصب الاحتراف. جان بيار توتنجي الذي اقتبس المسرحية واخرجها، كان له فيها دور جاك برتوي، زوج إمرأة تطرح ورق اللعب حين تشتد عليها الصعاب، لتقرأ على مفعول المسكّنات قدرها؛ جاك مخباط في دور الممرّض الذي طالما احببنا تمثيله في كل دور من مسرحيات ألان بليسون. أما الشخصية الحاضرة بامتياز في كل من لحظات المسرحية، فهي ريما حاجي توما الجميلة، الجذابة، في غاية الأناقة، والخيط الرابط بين حوادثها، تظنّها دومينيك حين تراها في وسط المنزل بحقائبها، الموظّفة المولجة التنظيف، ثم تراها في عناق مع زوجها فيجن جنونها، وأغاتا في كل ذلك هادئة، لا تنفعل، إذ تعلم في قرارة نفسها أن ابنتها بريجيت هي ثمرة علاقتها القديمة بجاك حين كانا شابين، قبل ان تفرّق الحياة بينهما.
في طبخة "الفودفيل" مفاجآت غريبة، كانت تشتعل شراراتها لتزيدها مذاقا بأداء أغاتا المسيطرة على الموقف من كل جوانبه. عشيقة من الأمس وحاضرة بعد خمس وثلاثين سنة لأن تبوح بسرّها أمام ابنتها وحفيدتها فيجد هذا المسكين نفسه من زوج اتهمته زوجته بأنه عاقر، اباً وجداً دفعة واحدة.
إنه سر "الفودفيل"، يركّب المستحيلات بعضها على بعضها لأجل قهقهات تتفجّر في الصالة.


مي منسى - لبنان - النهار 

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption