أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 10 أبريل 2016

بشاعة الحرب وآثرها على التركيبة الإنسانية فى سينوغرافيا" الأم شجاعة " / راندا طه

مجلة الفنون المسرحية



أقيم العرض الملحمى " الأم شجاعة" فى عام 2001م فى شيكاغو ،واستمد المؤلف المسرحى "برتولد بريخت Bertolt Brecht" ( 1898- 1956م) موضوع المسرحية من أحداث حرب الثلاثين عاماً التى اشتعلت منذ بداية القرن السابع عشر حتى منتصفه بسبب سيطرة الكنيسة الايطالية على أمور الحياه، وذلك من خلال شخصية أم تتكسب من التجارة والحرب إلا فى لحظات ضعفها النادرة التى تلعن الحرب وتتوق للسلام وتخسر خلال تجارتها أبناءها الثلاثة فى الحرب.
تحكى الام شجاعة عن الأم البائعة المتجولة التى تكسب قوتها من الحرب فتبيع المأكل والملبس إلى الجيش السويدي من خلال عربتها المغطّاة -بمساعدة أبنائها وإبنتها الخرساء- خلف الجنود فتشتري منهم ما يغنموه وتبيعهم الطعام، وعندما يُقتل الحصان يقوم الأبناء بجر العربة ، وتفقد الأم طوال العرض واحد من أبناءها تلو الآخر،وتقوم بسحب عربتها فى نهاية العرض لوحدها للبحث عن ابنها "إيليف Eilif ". و جاء مسرح بريخت كردة فعل على الحروب وما رافقها من فاشية ونازية ، من خلال قطع سيل الواقع للكشف عن غرابته الضرورية لإيقاظ الجمهور وإشراكه في نقد الواقع. و"شجاعة" هى سخرية من شخصية الأم غليظة القلب ، وفكرة "بريخت" عنها هى أن صفات الأم الدنيئة هى صفات اكتسبتها من الحرب ، فتغيرت الأم –دون أن تدرى –
من خلال تعاملها مع الواقع الجديد. [1] العرض المسرحى للمخرج " إيريك سيمونسونEric Simonson" [2]و للمصمم المناظر"ألين موير Allen Moyer[3]" ويبدأ العرض بمقدمة يظهر فيها موكب رسمى للجنود على ضوء الفحم الخافت، و يبدأ العرض مصاحباً لصوت بوق و ستار يغطى الخشبة بكاملها، وأثناء العرض يبدل الممثلون المشاهد وهم يؤدون أدوارهم ، وظهر بالعرض قرصاً دواراً، وعندما يبدأ فى الدوران يرتفع صوت لُهاث، وكان استخدام القرص الدوار اختياراً عملياً للغاية بالنسبة للممثلين لتسهيل شد العربة والحركة فى المكان ، ولإعطاء الإحساس بالحركة خلال الرحلة.،و يظهر المشهد حال البلد التي مزّقتها الحرب من خلال العربة،السيكلوراما والاسقاط .

تصميم مصمم الإضاءة" كين بوسنرKen Posner" إيحائي بشكل يلائم تقلبات الحرب والسلام ،و تتراوح مابين ضوء الفحم الضبابي للمقدّمة إلى الضوء اللامع لمعسكر الجيش إلى الضوء الكئيب أثناء أجواء السلام والحرب. [4]وتم التأكيد على حالة الاحباط التى تمر بها الشخصيات من خلال زيادة قوة الإضاءة ، فعُلقت اجهزة الاضاءة فى شبكات على جوانب الخشبة ،وتم التحكم فى حركتهم بواسطة عدد من المحركات الأليه ، كما استخدم عدد من أجهزة الإضاءة ذات المؤثرات الوهاجة القوية للضوء والتى ساعدت على خلق إحساس بانورامى بالحرب ،و ثلاث خلفيات رقمية مضاءة بحيث يبدو النصف السفلى من حائط مقدمة المسرح فى بعض الأحيان كما لو كان يشبه تربة لأرض وعرة ، وفى بعض الأحيان كما لو كان مسطحاً من الماء.
ينتهى العرض بوقوف الأم على الخشبة بمفردها وهى تقوم بجرعربتها ببطء فى اتجاه معاكس للخشبة الدوارة خارج المسرح ،أثناء قيام الجنود بالزحف والغناء [5] ، والحركة اللانهائية طوال العرض تُصدر حكماً على شخصية الأم من خلال مواقفها السلبية ، ودلالة على دوام حال الأم -دون تغير- من الطمع والجشع ، أما الموسيقى فاستخدمت كأداه فى المسرح الملحمي؛ فهى لا تساعد فقط على توضيح العمل المسرحيّ أمام الجمهور، وانما تقطع تدفق الأحداث على المسرح لإعطاء الجمهور فرصة للتفاعل.[6]
عبرت السينوغرافيا فى العرض المسرحى عن نقد اجتماعى وسخرية من شخوص العرض ، وعكست تصورات "بريخت" عن بشاعة الحرب وآثارها على التركيبة الانسانية ، فالحرب فى نظره طريقة من طرق مواصلة التجارة التى تقضى على كل فصيلة انسانية، وتوحدت سينوغرافيا العرض مع رؤية المخرج والنص من خلال تأثرها بنظرية التغريب في المسرح الملحمي لبرتولت بريخت وصولاً إلى خلق حالة الدهشة الإدراكية ، التي يعمد فيها إلى إصابة متلقي فنه لها من خلال تشوه شخوص العرض وتصارعها من أجل البقاء.

الهوامش

[1] - أحمد سخسوخ.برت بريشت :النظرية والتطبيق .. مسرحياً وسنيمائياً. اكاديمية الفنون .القاهرة.2006
[2] - ايريك سيمونسون (1960- ) كاتب مسرحى و مخرج امريكى لعدد من الافلام والمسرحيات والاوبرا أخرج عروض مسرحية مثلMagic/Bird و Lombardi ( http://en.wikipedia.org/wiki/Eric_Simonson)
[3] -مصمم مسرحى أمريكى لعدد من العروض المسرحية مثل Oblivion Postponed و The Little Dog Laughed و Grey Gardens http://www.ibdb.com/person.asp?ID=26393)).
[4]- http://www.artscope.net/PAREVIEWS/mothercourage101801.shtml
[5]- http://livedesignonline.com/mag/show_business_mother_production/index.html
[6]-http://www.artscope.net/PAREVIEWS/mothercourage101801.shtm
l

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption