مسرحية "رحلة إلى الرب " تأليف ضرغام الجابري
مجلة الفنون المسرحية
.... ظلام ....
ستار
الشخصيات : ( بأداء ساخر نوعا ما )
- شاب1 ( يمثل دور الجدار1)
- شاب2 (يمثل دور الجدار2)
- الأب (الباحث عن ولده الشهيد)
المنظر :
- المسرح عباره عن جدران والوان جدارية وطابوق .
- أشياء وملابس عسكرية معلقة وثياب نساء وشعر نساء ايضاً.
- أبواب وشبابيك نوافذها رسم عليها وجوه ضاحكة وباكية .
- وأيضا هناك أشياء للجلوس عليها , وايضا هناك جداران مرميان على الارض .
الأزياء :
- الشابان يرتديان أزياء عليها رسم حائط .
- الاب يرتدي ملابس عادية .
( البداية ملابسهم عليها رسم وكأنهم يرتدون قطع جدار )
البداية :
رقصة أيمائية تستمر لبعض الدقائق ,أستهلال ومقدمة للدخول
يؤدي الرقصة الشابان وعند انتهائها يبدأ الحوار .
شاب1: أيُعقل أن الأرض تأكل البشر ؟ أم أن هذه خرافةُ قالها جدي لينام أبي ؟
شاب2: نعم يا صديقي , أنه الموت , يأخذ دور البزاز في حياتنا , عندما يأتي يملئ مدننا قطع قماش سوداء .
شاب1: الموت!!! لماذا لا يغادرنا هذا الشيء ؟ ويصنع لنفسه تأريخاً بعيداً عنا , بعيداً عن مدننا وبعيداً عن أحبائنا , لماذا لا يدع الضوء يخرج من مسامات الوطن ؟ لماذا يدفن جلودنا تحت الأرض .
شاب2: نحن في منفى ياصديقي قادمون إلى وجودنا ونحن مكتوب علينا خطأ الهي كما قالها ( نيتشه )
شاب1: سأبحث في قبور الفلاسفة والعظماء عن حرف قد دفن معهم.
شاب2: لن تجد لا حاء ولا راء ولا فاء
شاب1: فعلا لن أجد الحرف , فالحروف تتحول لمعاول أحياناً تخرج صاحبها من أي ضيق يقع فيه .
شاب2: صديقي اللذيذ دع طراوتك للدود وروحك للمعبود.
شاب1: أخاف إن يأكلني الدود وانأ أسير في أحد شوارعنا.
شاب2: وإنا أخاف إن تصعد روحي للسماء وأنا أتحاور معك ألان .
شاب1: لا تخف ( يسرع ويحمل الجدار ويقف خلفه ) لا تخف فلا يوجد في القاعة مفخخات .
شاب2: إلاغبياء ( يسرع ويحمل الجدار ويقف خلفه ) الأغبياء أشد إزهاق للروح من المفخخات .
( هنا يُخرج كلا منهما رأسه ويداه وقدماه من الجدارن وكأنه ثوب يرتديان )
شاب1: نواقيس الكنائس , ستسافر مع كل شهيد دافع عن جارها المسلم , فالموجودات لديها كل شيء ينبض فهو من البشر وكل متحاوراً معها فهو أنسأن , وحتى نحن الجدران نؤمن بأن مملكة الظل لا يدخلها ألا من كان معارضاً للشمس .
شاب2: أذا لماذا لا تخرج من حائطك للضوء؟
شاب1 : ( يصرخ من وراء الجدار ) ما الضوء غير مقبرةً للذباب والبعوض , أن الضوء بسلاح وسامته يجذب أنوثة الفراشات , ولكن من أجل أن يستمر نهر النور بالتدفق, كل ربيع تشيع آلاف الجنائز للفراشات .
شاب2: قل لي ياصديقي الجدار, هل الجهاد الذي فرض على الفراشات لتموت من أجل أن تبقى الساعة السادسة صباحا مستمرة على طوال اليوم , سيشملنا هذا الجهاد نحن الجدران ؟
شاب1: تعال ياصديقي الجدار العزيز ( يقتربان من بعضهما ) أتعلم أن حياتنا كلها جهاد ؟؟
شاب2: وكيف ذالك ؟
شاب1: أننا أفضل بكثير من بعض البشر , لأننا نتستر على عفة نسائهم ونحافظ على ممتلكاتهم , أيوجد أكبر من هذا الجهاد ؟
شاب2: الجدران تشارك في الجهاد!!!!!!
شاب1: نعم,من شارك الناس أربعين ( سافاً ) كان منهم .
شاب2: الحمد لله , أن الحروب لا تشمل الجدارن.
شاب1: كلا أيها الغبي , نحن ألبنا التحتية للبلدان ,وسنكون أول من يستشهد مع أول صاروخ تطلقه طائرة طياروها يمارسون فيها اليأس .
شاب2: ما رأيك أن نخرج بمظاهرة , ونبين فيها أننا مظلومون ؟
شاب1: نعم, ونستنكر ضرب الفؤوس للجدران بغير ذنب , ونطالب بإخراج كل أساسات البناء من معتقلاتها , لن ندفن بعد اليوم ..لن ندفن بعد اليوم .
شاب2: هل سينصتون ألينا ؟ أم سوف نُنسى كما عادت البشر أن يلوننا يومياً لكي يبدو مظهرنا مقنعاً لنا .
شاب1: سنحرض الجماد أن كان البشر نائمون , سنقتلع جذورنا وأبنائنا الذين هم على أسوار المدن ,
سنأخذ كل جدار(كون كريتي) سنأخذ أبنائنا من السيطرات, ونترك البلد يتثاءب دون أن يجد وسادة لينام عليها.
شاب2: سيحول دون ذلك نبضك المتجذر .
شاب1: لا تنسى أننا جدران , الرب لم يعطي لأحدنا ميزة النبض , ولكن أعطاها لأناسً قيدوا الذات وباعوا ربهم في الأسواق .
شاب2: أن كنت تؤمن بالرب لماذا لا تصلِي ؟
شاب1: أخاف عندما أنحني للركوع يُكشف البيت الذي عبادتي أن أقوم بستر من فيه.
شاب2: أسمع صوت أقدام آتية نحونا .
شاب1: لنأخذ أماكننا خوفا لأن يكون صاحب البيت .
( يأخذ كلا مكانه في منتصف المسرح واحد بجانب الاخر ويختبئون )
( يدخل الأب)
الاب: ياااويلي .. يااااويلي على ولدي ... خرج من البيت على اقدامه جسدا كاملا تملئه سيماء النضوج وعاد على اكتاف أصدقائه.
( يصمت برهه ويعود )
بيتٌ متجمد, الدفئ الذي كان يملئُ كُلَ زواياه قد أستشهد , وصلاتي تجمدت ,وعروق أجنحت الدعاء تجمدت وجفت , فدعائي لايكاد يصل الى نهاية يدي ,ياالله , ياخالق التوابيت والورود أرجوك أن يعود لي ولدي , بأي شكل , أن كان فالسماء فاليهطل لي مطراً , وأن كان في الأرض فاليخرج لي نخلاً يتخطى رأسه أفقية الضوء , وأن كان ولدي بينهما سيختلط حتماً مع الهواء , سأجده لابد أنه يسكن رأتي الان أستنشق عطره يومياً , أو انه هنا في بيتي يملئني ويملئ المكان , أسمعه مع كل لحن يخرج عندما يعصف الهواء في الشباك , الى أي انوف آثمةً سافر عطرك ياولدي , سأبحث عنك حتى يمتطي الخيط الابيض أخوه الاسود ليقول ها أنا موجود , أقلب صفحات رأسي منقباً عنك , وأتصفح شوارعنا لعلي أجدك بين طياتها نائماً او واقفاً أو ميتاً , سأدخل بعين مدينتنا التي كنت مائها لأسألها :هل جفت رؤيتها ؟هل مدينتنا لازالت تبصر؟ أم كل شبابها أستشهدوا ,ماتوا ,قتلوا, رباه , آخر قراري سأبحث عن ولدي في بيتي بين أشيائه واشيائي لعله عاد عند نومي !!!
أنا لماذا لم أبحث في الجدار ؟نعم, جدران البيت لابد أن يكون له عطر فيها , الجدران ..الجدران ...
الجدران: ( تتكلم مع الاب ) لاتبحث هنا ولدك قد مات .
الاب: من أين هذا الصوت ؟
جدار1: من الجمادات المعتوهه .
جدار2: من نزيف الصمت قطرات صوتنا خرجت .
الأب: من يكلمني بحق السماء ؟ من أنتم ؟
الجداران: نحن جدران بيتك أيها الاب الحزين .
الأب: أتعتقدون بأنني جننت بسبب فقدان ولدي , لا أنتم واهمون وان عقلي لازال يرقص في ملهاه الذي في رأسي .
جدار1: نحن جدران بيتك تكلمك .
جدار2: لقد ضاقت صدورنا ونفذ صبرنا .
الأب: سأأمن أنكم الجدارين , ولكن ماسبب نفاذ صبركما ودفعكما للتكلم ؟
جدار1: تفاهت المجتمع وأستغلال الاخر.
جدار2: نجاسة من يولد قرب الجامع وطهارة الحيض.
الأب: بحق الرب , من أكلم ؟
الجدارين: قلنا لك , نحن جدارين , ننتمي للجماد ,
ألأب: المنازل تملئ بالبشر وما أكثر الصامتون , ومنزلي سكت حتى تكلمة الجدران .
( يخرجان للأب)
جدار 1 : لاتخف ياخالقنا ولاتحزن , سأذهب لأخذ الثأر لبنك , لولاك لما وجدنا انا واخي على هذه الارض .
الاب وجدار2 : هل صحيح هذا ؟
جدار1 : نعم سأحارب وأنتفض لك ولولدك , مادام الدابون على هذه الارض يرقدون في احضان الغباء المجتمعي .
الاب : ( يبتسم قليلا ) شكرا لك شكرا لشعورك وأنسانيتك .
جدار 2 : عن أي أنسانية تتحدث نحن جدران ليس الأ , نحن الذين نحمل بأجسادنا رصاصكم وشظايا حروبكم ولطخات من دماء الجنود , والدخان يعبث بسواده ببهاء ألواننا , والان تريد ان يزج أخي ويحطم تراصفه من أجلكم , أي شعور هذا الذي انتم فيه , أي نشوة تلك التي تغريكم الى هدم حائط وهتك حرمات الراقدين بين رجفات شفاههم خوفا من أزيز حافلة تقل جنود من البشر .
جدار1 : لقد أسرفت في غضبك يا أخي .
جدار 2 : لاتذهب ( يمسك بيده ) أرجوك لا داعي لذهابك , فالجرارات هناك لاترحم ستزيل كل شيء .
جدار1 : دعني أثأر للأحياء ....
الأب : أنا أنتظر أخبار ولدي منك او اخبار الثأر لدماء هذه المدينة ( يخرج الأب )
جدار2 : ( يصرخ ورائه ) أي مزحة طريفة تلك التي تقولها ..(يضع جدار1 يده على فم اخيه ليسكته حياء من الاب )
جدار1 : أصمت مسكين هذا الرجل لا تثقل جراحه , دعني أثأر للأحياء بدل ان نقف هامدين مهمشين هكذا .
(((( صراع ))))
جدار2 : ( بتوسل ) لا يا أخي لا تذهب .
جدار1 : سأذهب.
جدار2: لا تذهب .
جدار1 : سأذهب , واقف بدل السواتر الترابية هناك .
جدار2 : لا تذهب , فليس لنا دماء .
جدار 1 : ( يتوقف عن الصراع ) ماذا ؟
جدار2 : نعم , هل تناسيت أننا ليس سوى جدارين ؟
جدار1 : ( في حيرة من أمره ) نعم هذا صحيح , ولكن لعلي انفع في شيء هناك في الجبهه .
جدار2 : لاشيء سوى طعم للجارفات التي لاترحم , ويبدو انك تناسيت ان الجبهات هي فم كبير جائع لا يملئه غير الدم وجلود الجنود المحترقة .
جدار1 : ( يقترب من اخيه ويحتضنه بالحظة ادراك وتعاطف )
( يجلسان على الارض )
جدار1 : أنا شديد الحرص عليك وعلى دورنا في حماية هذا البيت, هذا هوه واقعنا , أنسيت أننا أموات واقفون.
جدار1 :ولكن يا أخي سمعت من الفلاسفة والعلماء والعظماء , أن لم أذهب للجهاد سيهرب اللون الأبيض من بين الألوان.
جدار2 : ليطبقوها هم أذاً.
ستار
0 التعليقات:
إرسال تعليق