بيار جعجع ينقل إلى المسرح «لغته الأم» وعالمه الصامت
مجلة الفنون المسرحية
شكّل مصمّم الرقص بيار جعجع، حالة استثنائية على مسرح المدينة في بيروت حيث افتتح عرضه الخاص الرسمي الأول بعنوان «اللغة الأم» (تنفيذ وإضاءة وديكور محمد فرحات). فالشاب (36 سنة) الذي بدأ تدريباته على الباليه الكلاسيكي والباليه جاز وهو في الثانية عشرة من عمره، كانت الإشارة لغته الأم اذ ولد أصمّ.
اتجه الى لغة الرقص في المراهقة حيث وجد ضالته، وبعد الباليه دخل معترك الرقص المعاصر حيث وجد فسحة أرحب للحرية الفنية الإبداعية. ثم رقص مع فرق فولكلورية محلية كبيرة من بينها «كركلا» التي أسسها الراقص اللبناني عبد الحليم كركلا عام 1968. كما شارك في استعراضات غنائية راقصة للمغنية اللبنانية هبة طوجي.
وأصبح اليوم مدرباً للرقص المعاصر في مدارس محلية عدة ناقلاً موهبته الفريدة إلى أشخاص من مختلف الأعمار.
هذه الرحلة الصعبة في حياة الشاب الطموح الذي يعيش في بلدّ يهمّش الى حدّ كبير ذوي الحاجات الخاصة، سواء من قبل المجتمع أو من قبل الدولة، أراد بيار جعجع تجسيده عبر جسده المرِن في «اللغة الأم».
العرض المنفرد الذي أمتع الحضور، يقدم رسم صورة راقص أصمّ، استطاع أن يطوّر تدريجاً قدرة جزئيّة على السّمع، وقد وجد في الرقص المعاني الجوهريّة للتعبير. وفيه حقق جعجع حلماً كبيراً راوده منذ الصغر بالوقوف منفرداً أمام جمهور كبير في بيروت. العرض الذي صمّمه جعجع وكتبه وأداه منفرداً، يدمج بين لغة الإشارة والرقص المعاصر تدخل فيه الموسيقى الحية لتروي علاقة جعجع مع الإيقاع والكلمة والإشارة. تتداخل حركات الرقص النابضة مع الخطاب الإيمائي، ومع الألعاب البهلوانية على خشبة المسرح، وعروض فيديوات سردية (فيديو جاد طنوس)، والموسيقى التجريبية التي يؤديها كل من شريف صحناوي (الغيتار الكهربائي) وطوني عليّة (الباص).
على رغم بدئه رحلة الراقص باكراً، بيد أنه لم يكن قادراً على سماع الموسيقى بسبب ولادته أصمّ أبكم. ولكنه كان يشعر بها وكان في تلك الفترة يستخدم جهازاً بدائياً يوضع في الأذن ويجعل الأصوات أكثر وضوحاً. وفي مدرسة متخصصة للصمّ (وهي من المدارس القلة في لبنان) تعلم كيف يطور حاسة السمع ليصبح أيضاً أكثر قدرة على الكلام والنطق بجمل مفهومة.
العرض المؤثّر والحميم، صفّق له الجمهور طويلاً لقدرة الراقص على اختراق عالمه الصامت وإخراج كواليسه إلى الناس عبر الفن بإتقان، خلال ساعة من الوقت.
------------------------------------------
المصدر : الحياة
0 التعليقات:
إرسال تعليق