أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

السبت، 29 أبريل 2017

مسرحية "محاكمة الحمير " كوميديا تأليف محمود القليني

مجلة الفنون المسرحية




الشـــــــــــــــــــــــــــــــــــخــــصيــــــــــــــــــــــــــــــات 
1- الحمار الشاب .
2- الحمار العجوز .
3- الحمار الحكيم .
4- الوزير .
5- قاضي القضاة .
6- رئيس الشرطة .
7- رئيس ديوان الأشغال .
8- صاحب البريد .
9- كبير الأطباء
10- كبير البصاصين .
11- كبير الحرس .
12- الجني . 
13- الجنية . 
14- أبوالسيد .
15- أم السيد .
16- أم نوال .
17- حاجب المحكمة .
18- كاتب سر المحكمة 
19- أعداد من الحمًارين .
20- أعداد من الحمير . 
الزمان : الماضي – الحاضر .
المكان : هنا – هناك .


الفصل الأول :


المشهد الأول :

في حارة من الأحياء الشعبية ،أغلب جدران البيوت متصدعة ،النوافذ والأبواب مغلقة  وعدد من عربات الكارو في الأركان ،وأمام العربات يوجد حمار نائم على الأرض يحدق في الظلام ، يحرك راسه يمينا ويسارا ، ينهض يسير خطوات ، ثم يرجع ، إلى حالته الأولى ممددا على الأرض ،  الظلام والسكون مطبق على المكان ، جدار متصدع في جانب المكان يطل على خرابة يجلس فوقه جني وجنية  يتحدثان :
الجني  : ( متضايقا.. يشير إلى الحمار ( كل ليلة في نفس المكان يقوم بنفس الحركات ...وبعد شويه ح يجي صديقه الحمار الشاب ، يقعدوا يتكلموا وكل واحد يشكي للتاني ، وبعد كده الحمار العجوز ينام على روحه ، ويقوم الحمار الفرحان بشبابه مروح في الحارة اللي جانبنا . 
الجنيه)            : تهز قدميها ( وأنت مالك بيه ماتسيبه في حاله .
الجني :   (ينهض يذهب ويجيء ، يجلس ( دي  حاجة تنرفز مش ممكن يكون فيه مخلوقات بالشكل ده .إزاي قادرين يستحملوا الحياة دية .
الجنيه)           : تنزل من على الجدار ( يا عم هما أحرار يعملوا اللي عازينه ...وبعدين دا منتظر          
                   صاحبه اللي بيحبه .
الجني :         (يقفز من على الجدران يقف بجوارها ( وتفتكري الكائنات ديه يعرفوا حاجة اسمها   
                 حرية ولا عندهم مشاعر وأحاسيس .
الجنيه : طبعا يا بني يعرفوا الحرية وعندهم مشاعر وأحاسيس .
الجني)            : يلتقط قطعة من الطوب يقذف بها الحمار ( دول حمير .
الجنيه: (تذهب وتقترب من الحمار ( أنت ح تفكر  زي البني آدمين ولا إيه .
الجني:  (يقترب منها ( مش فاهم تقصدي إيه ؟ 
الجنيه : يعني البني آدمين بيعتبروا الحمير مخلوقات لا عندها مشاعر ولا احاسيس وما بتفكرش وما عندهاش عقل أصلا . 
الجني : (يلتقط عودا وينخس به الحمار ( طاب ما البني آدميين معاهم حق في موقفهم ده .
الجنيه : (تأخذ منه العود الذي نخس به الحمار ، تبعد الجني عن الحمار (  ولا معاهم حق ولا حاجة ، دول واخدين الموقف ده علشان ده بيحقق مصلحتهم ، طبعا أن شايف الحمير شالين إيه عن البني آدمين ، وكل اللي بياخدوه شوية تبن وحزمة برسيم ، ولما الواحد يكبر يرموه للكلاب تاكله بعدما يكون أفنى عمره في خدمتهم . 
الجنى           : (يسرع يعتلي ظهر الحمار ، يعبث في أذنيه ، ويجذب ذيله ، تجذبه الجنيه وتبعده      
                   عن الحمار) لا والنبي آدمين اليومين دول بيدبحوا الحمير ويأكلوها لبعضهم .
الجنيه: (مندهشة ( معقولة دية ....هو لحم الحمير طعم ولا إيه؟!
الجني: (يتشقلب في الهواء) لا رخيص ...هما بيبعوه على أنه لحم بقري ناس شاطرة       
                    وجدعان .
الجنيه : واللي بيأكل ما بيعرفش أن ده لحم حمير؟!
الجني: ماهي الشطارة بقى في الطبخ والتوابل والبهارات ...أنا في يوم ح أعزمك على مطعم بيشوى لحم حمير ، إنما إيه عمرك ما ح تنسي طعمها .       
الجنيه : (تقترب من الحمار تمس علي رأسه(  دي مخلوقات مسكينة فعلا ..أتعس مخلوقات على وجه الأرض . 
الجني : (يجذب الجنيه بعيدا عن الحمار ، ويضرب بقدمه الحمار في بطنه( أنت لسة صغيرة ما تعرفيش حاجة دول جنس نمرود يستاهل أكتر من كده .
الجنيه : وأنت يعني عاجبك عمايل النبي آدمين واللي بيعملوه في الحمير .
الجني : والبني أدمين جنس جبار ، ويستاهلوا اللي بيعملوه في بعض ..دول يستحقوا القتل                     والحرق .
الجنيه : وتفتكر الحمير راضية على الوضع ده .
الجني : راضية إزاي يا بنتي ...أنت ما بتسمعيش الحمار الشاب ..كل ليلة بيصدع دماغ       
                   صديقه العجوز بالشكوى لحد ما ينام منه ....ومافيش ليلة عدت إلا بالشكوى . ..والحمار العجوز بيشكي هو كمان .
الجنيه:  طاب وإيه اللي مصبرهم على كده ؟
الجني : (ضاحكا ( إيه اللي مصبرهم على كده ؟! أمال عايزاهم يعملوا إيه ؟
الجنية : (تقترب من الحمار ( يثوروا يتمردوا يحاولوا يغيروا الوضع المهين ده . 
الجني : (يسير في أنحاء المكان واضعا إصبعه على رأسه ، يقترب من الحمار يقف أمامه ، يستأنف سيره في المكان ) ...........................
الجنيه : (تعترض طريقه ( أنت بتفكر في إيه ؟
الجني : (يضع يده على كتفها ، يمسكها من يدها ويدور بها في أنحاء المكان ( ثورة .. .تمرد ...تغيير  و ضع ...شقلبة اللي فوق تحت واللي تحت فوق ، دم ..قتل ....سجن . .ضحايا ...ضحايا في كل مكان ..خراب دمار ...
الجنيه : (تستوقفه وتجذب يدها من يده ..تبتعد عنه ( فيه إيه يا عم ...أنت واخدني ورايح على فين ؟!
الجني : أنت قلتي كلمة رائعة ..دايما الثورة بتحصل بين البني آدميين بعضهم وبعض .
الجنية : أمال ح تحصل بين مين ومين يعني ؟
الجني : إيه المانع أنها تحصل المرة دية بين الحمير والبني آدمين .
الجنيه : (تشير إلى رأسه ( أنت أتعبط ولا جرى لعقلك حاجة ...إزاي ده يحصل .
الجني : هو الحمار الشاب لما بيجي عند صاحبه الحمار العجوز ده ...طول الليل بيصدع     
                     دماغنا بأيه ؟
الجنية :   بالشكوى من ظلم وسوء معاملة صاحبه ،وأنه طول النهار بيشغله ، وما     
                    بيريحوش ولا بيأكله .
الجني : وأظن أن فيه ألاف من الحمير في المملكة  بيعانوا اللي هو بيعانيه .
الجنيه:  طبعا ...وأكتر كمان .
الجني : خلاص وده المطلوب .
الجنيه : (مندهشه ( هو إيه اللي ده المطلوب ؟!
الجني ظلم وقهر وحرمان واستبداد في جانب الحمير ...واستبداد وجبروت واضطهاد في جانب الإنسان ، وأظن أي ثورة وتمرد مش عايزة أكتر من كدة .
الجنية أيوة ...بس أنت بتتكلم على الحمير ...الحمير ما بينظروش إلى الوضع بالنظرة دية ...يعني بيعتبروا أن ده الشيء العادي إن ده الوضع الطبيعي وأجداد جدودهم عاشوا على كدة ..بدليل ما حصلش قبل كده أن ثورة حصلت من الحمار على البني آدمين . 
الجني : ما هو مش معنى أن ده ما حصلش قبل كدة أنه ما يحصلش .
الجنيه : (تتقصع في سيرها  تضع يديها حول خاصرتيها(  وإيه اللي ح يخليه يحصل يا دلعدي .
الجني : لالأ ....أنت كلامك بقى بيئة خالص ...انت البني آدمين ح يخسروكي ...يا خسارة تربيتي فيك 
الجنيه : المهم قولي إيه اللي ح يخلي اللي ما حصلش على طول التاريخ يحصل دلوقت .
الجني : (يسير متباهيا في ارجاء المكان ، يشير إلى نفسه ( أنا ...أنا .
الجنيه : إزاي .؟!
الجني : الحمار الشاب ..مادة خصبة ...هو بيشكي وزهقان وقرفان ومحبط ..كل ما في الأمر ح حاول أن أزود قرفة وزهقة وأنت عارفه أنه مندفع ومتهور وأهبل وعبيط ، أنا ح استغل كل ده .
الجنية : طاب دا حمار واحد ..ح يعمل إيه ...وبقية حمير المملكة ؟!
الجني : (يقترب منها ويمس على رأسها ( ما هو علشان أنت ما بتقريش زي عادة البنات كل اهتمامك الفيس بوك والمبايل واللبس والزينة والدردشة ...التاريخ بيقول أن كل الثورات بدأت بكلمة ..وبدأت بفرد واحد ...بالك الحمار ده لو تمرد وثار حمير العالم كلها ح تمشي وراه زي ظله . 
الجنيه : فكرة برضة .
الجني : لا دي تجربة .
الجنيه : بس كل تجربة ممكن تنجح أو تفشل .
الجني : وإحنا ورانا إيه ...أهه نتسلى بدل الفراغ الممل اللي إحنا عايشين فيه .
الجنية : طاب تفتكر مين اللي ح يفوز في النهاية النهاية ...أظنك ح تقول البني آدمين هم اللي يفوزوا .
الجني : ما أتمناش أن البني آدمين يفوزوا .
الجنيه : على كده بتتمنى الحمير هم اللي يفوزوا .
الجني : ولا الحمير .
الجنيه : أمال تتمنى إيه ؟
الجني : إن الاتنين يخسروا يخرب بيت البني آدمين على الحمير .
                                           
                                              (ستار)


المشهد الثاني: 

نفس المكان ، الحمار العجوز يذهب ويجيء في المكان ، يحدق في الظلام . يجلس ويتمدد ، ينظر في صندوق خشبي ، يمد عنقه يمينا ويسارا . يدخل حمار يقترب منه ويجلس بجواره . 
الحمار العجوز : أنت أتأخرت ليه ....أنا قلت أنت مش ح تيجي الليلة دية ؟ 
الحمار الشاب :  (يمد رجليه ، يتحسس جسده ( من كتر تعبي رحت في النوم ...دا أنا رجليا مش قادرة تشلني .
الحمار العجوز : (يهز أذنيه ، وينكس رأسه ( إحنا ما تخلقناش إلا للتعب والشقى يا بني . 
الحمار الشاب : أنت رجعت أمتى ؟ ...أنا ما شفتكش النهاردة في الشوارع والحوارى    
                              اللي كنت بامشي فيها . 
الحمار العجوز : (يرفع رأسه ، يبتسم ( الرجل اللي بأشتغل عنده رحمنى النهاردة وشغلني نص يوم .
الحمار الشاب : دا مش زي الرجل اللي باشتغل عنده ..هاين عليه يشغلني ليل ونهار ، وإيده طويلة ولسانه زفر يا بختك بصاحبك الرجل الطيب .
الحمار العجوز:  (يضحك بصوت عال ..ينهق .. يستلقى على ظهره ، رافعا قوائمه لأعلى ، ثم يعود إلى هيئته الأولى ( أنت حمار طيب وابن حلال ...لسه قدامك كتير علشان تفهم البني آدمين ...أنا يا بني عشت عمرى وتنقلت من إيد ده لإيد ده ...وعرفت طباع الني آدمين ...أنت فاكر أن صاحبي رأف بحالي وعطف عليا وعلشان كدة شغلني نص يوم ...هو ما عملش كدة علشان سواد عيوني ...هو خايف اموت منه في السكة ..قبل ما يدبر حاله علشان يشترى حمار تاني ....هو عمال يستلف من هنا وهنا ...بس لحد دلوقت ما جمعش تمن حمار صغير يتحمل التعب والشغل ...وأنا زي ما أنت شايف ..حمار عجوز ومريض ما عدش قادر أجر العربية ...وعلى كدة خسارة انه يديني شوية فول أو شعير .  
الحمار الشاب : (حزينا  (تموت ! 
الحمار العجوز : (يربت على قدم الحمار الشاب ( ده هو مصيرنا يا بني ...النبي آدمين ياكلوا صحتنا وعافيتنا ...طول ما إحنا عايشيين ..والكلاب ياكلوا لحمنا لما نموت .
الحمار الشاب : (ينتفض واقفا يرفس الصندوق الخشبي ،بتعبثر الفول في أنحاء المكان )أحنا اللي السبب في اللي بيحصلنا .
الحمار العجوز : (يعيد الصندوق إلى مكانه ويجمع حبات الفول ( إزاي إحنا السبب ؟! 
الحمار الشاب : فيه حد من الحيوانات بيحصل زي اللي بيحصل لنا ...يا ريت بعد كدة إحنا مشكورين شايلين البني آدمين على دهرنا ومستحملين ، يا ريت يعامولنا زي ما بيعاملوا الكلاب والقطط .
الحمار العجوز : (ينهض ويتقدم من الحمار الشاب ، يربت على ظهره( وإيه وصلنا للأجناس الراقية ديه يا صاحبي .
الحمار الشاب : لا ...وبعد دا كله ببتعبرونا أغبي وأحط الكائنات ، ولو حد منهم حب يشتم واحد شتيمة جامدة يقولوه يا حمار .بذمتك حد بيخدم البني آدمين زينا ؟
الحمار العجوز : يجلس يتناول قليل من حبات الفول ) لا ..الواحد مننا ما بيكلف البني آدم منهم غير شوية فول وحزمة برسيم دبلانة .
الحمار الشاب : (يطنط في المكان ويطوح برأسه ويدق يقوائمه الأرض ( لا دا ظلم ...دا مش قادر أتحمل  دا ظلم .
الحمار العجوز : (يبعد الصندوق الخشبي ويهدئ من غضب الحمار الشاب ( لا ما مش ح ترفس الصندوق وانا ينكسر ضهري علشان ألم شوية الفول ...أهدأ يا صاحبي .
الحمار الشاب : أنا عايز أعرف ليه فيه مخلوقات ما بتشتغلش ربع اللي بنشتغله ومع كدة عايشة أحسن مننا وبتتعامل معاملة كويسة . 
الحمار العجوز : ما هو يا بني الحال على كدة ...ومش علينا إحنا بس .
الحمار الشاب : إزاي يعني ؟
الحمار العجوز : يعني يا صاحبي الحال ده على البني آدمين كمان ...فيه منهم بيشتغل وبيطفح وبتطلع روحه في الشغل ومع كدة ما بيلقيش ياكل ...وفيه ناس ما بيشتغلوش ومع كدة مش عارفين يودوا الفلوس فين .
الحمار الشاب : (يدور حول نفسه . يدق الأرض بقوائمه ( انا ما ليش دعوة بمشاكلهم ... أنا لابد اتعامل زي بقية الحيوانات .
الحمار العجوز : (يقترب من الحمار الشاب ( هو انت عايز تساوي  نفسك ببقية الحيوانات 
الحمار الشاب : (يبتعد عن الحمار العجوز ( أنا ما قلتش بحكاية المساواة دية .
الحمار العجوز : أمال عايز إيه يا صاحبي .
الحمار الشاب : (يقترب من الحمار العجوز ( العدل ....العدل 
الحمار العجوز : (يجلس ، يتناول قبضة من الفول ( كلمة غريبة أول مرة أسمعها من حمار ....أنت عايز إيه بالضبط .
الحمار الشاب : إننا ناخد على قد ما ندي .
الحمار العجوز : (ساخرا  ) معلش يا بني ...الظاهر زي ما جسمي عجز وضعف عقلي كمان عجز وضعف أنت تقصد إيه ؟ إيه اللي انت عايز تخده ?.
الحمار الشاب : ناخد تقدير ورعاية واهتمام يتناسب مع اللي بنقدمه .
الحمار العجوز : ومين اللي ح يديك اللي انت عايزه ؟
الحمار الشاب : البني آدمين 
الحمار العجوز: :ومين اللي ح يجبرهم على كده ؟
الحمار الشاب : إحنا ...
الحمار العجوز : أنتم مين ؟
الحمار العجوز : إحنا الحمير .
الحمار العجوز : إزاي يا صاحبي ؟
الحمار الشاب : بالثورة .
الحمار العجوز : (يتألم ،يدور حول نفسه ( أه ....أه ..
الحمار الشاب : (يقترب منه ويتحسس رأسه ( فيه إيه ؟ حصلك حاجة ؟
الحمار العجوز : (يهز رأسه( الظاهر إني أكلت حصوة افتكرتها حبة فول .
الحمار الشاب : مش عارف تفرق بين الاتنين .
الحمار العجوز : أنا ما عدش أشوف في النور ...ح أشوف في الضلمة ...المهم انت كنت بتقول إيه ؟ 
الحمار الشاب : بأقول أننا لابد نثور .
الحمار العجوز : ( يقترب منه ويحدق فيه مليا ) أنت اتعشيت إيه الليلة دية ؟
الحمار الشاب : عيش ناشف وشوية فول ...ليه بتسأل ؟
الحمار العجوز : أصل انا شايفك بتخرف في الكلام ..فقلت يمكن الأكل اللي أنت اكلته أثر على عقلك ولا حاجة . 
الحمار الشاب : كلام إيه اللي أنا بنخرف فيه .
الحمار العجوز : الكلام اللي انت بتقوله ..عدل ..ومساواة ...وثورة ...ناقص تقولي عدل وحرية وكرامة اجتماعية ....أنت نسيت حاجة مهمة يا صاحبي .
الحمار الشاب : إيه هية ؟
الحمار العجوز : أنا وأنت وبقية الحمير ملك لبني أدم ...يا بني إحنا سخرة لهم .
الحمار الشاب : ( يتركه ويذهب بعيدا ) كنا ..
الحمار العجوز : ( ينهض ويقترب منه ) أنت بتقصد بكنا إيه ؟
الحمار الشاب : كنا مسخرين للأنسان لما كان إنسان .
الحمار العجوز : ( مندهشا ) ودولقت ؟ 
الحمار الشاب : ما عدش إنسان .
الحمار العجوز : إزي ده ؟ !
الحمار الشاب : أنت ما بتشوفش الكذب والخيانة والخداع والقتل والسرقة والنهب .
الحمار العجوز : يوه خد من ده يامه .
الحمار الشاب : بذمتك حصل أن حمار كذب على حمار ولا خانة ولا خدعه ولا سرقه ولا حاول يقتله ....ده بيحصل بينا ؟
الحمار العجوز : الحاجات دية ما نعرفش نعملها ، ولا عمرها حصلت بينا .
الحمار الشاب : ( يقف على قدميه الخلفيتين ، بيرفع قدميه الأماميتين ) على كدة إحنا لو رضينا أننا نستمر أننا نكون تحت سيطرة الإنسان نستاهل القتل مش الإهانة والظلم بس .
الحمار العجوز : ( يحك رأسه في كتفه ، يحرك ذيله ، ) أول مرة أسمع الكلام ده من حمار ...بس تصدق أن كلامك مقنع ومعقول رغم أنه غريب وعجيب  
الحمار الشاب : ( يطنطط في المكان ن يحرك رأسه يمينا ويسارا ) ودي حاجة تبشر بنجاح الثورة ...أنك اقتنعت بكلامي .
الحمار العجوز : ( يستلقي على الأرض ويرفع قوائمه لأعلى ) إيوه ، دا علشان أنا سمعت كلامك ، جايز مش ح تلاقي حمار مجنون زي يسمع كلام حمار أهبل زيك . 
الحمار الشاب : حمير المملكة كلها تعبانة وشقيانة ، وقلبها مليان من الغيظ بسبب ظلم وجبروت بني آدم ...وأنا متأكد أن الحمير كلها مستنية البداية والشرارة ...وانا قررت أني أكون الشرارة اللي ح تولع في البرسيم ...قصدي في الهشيم .
الحمار العجوز : ( ينهض ، يسيرخطوات إلى أول الحارة ، ثم يستدير ويسير خطوات إلى اول الحارة ، يرفع رأسه متأملا النوافذ والأبواب المغلقة ) بس انت ازاي ح تفاتح الحمير في الموضوع ده .
الحمار الشاب : ( يقترب منه واضعا رأسه على كتف الحمار العجوز ) الشوارع والحواري والزقايق مليانة بالحمير ...طول ما انا ماشي ح أكلمهم وأفاتحهم في الموضوع ده .
الحمار العجوز : ( يتململ من وضع رأس الحمار الشاب ) مش ح ينفع الكلام ده . 
الحمار الشاب : ليه ؟
الحمار العجوز : الحمار منا ما بيشغلش عقله وهو بيشتغل .
الحمار الشاب : ( ساخرا ) هو إحنا بنشغل عقلنا في أي وقت . 
الحمار العجوز : ودي مهمتك ...إزاي تخلي الحمير تشغل عقلها ، وتفكر ...بس الكلام ده يحصل إمتى وفين ....أه ..أفتكرت يا ولد يا حمار ....أنت عارف في اخر النزلة على الشمال جنب سوق الخضار ...فيه وكالة كبيرة بينزل فيها الغرباء والمسافرين والتجار من الممالك اللي جنب مملكتنا ...جنبها حوش واسع وكبير بيجمعوا فيه الحمير وبيتوهم ...عليك أنت أنك تتدخل هناك من غير حد ما يحس بيك ...وهناك ح تلاقي حمير وبغال ...أعرض عليهم الأمر ...طبعا اللي ح تقوله غريب وعجيب ...وطبعا ح يقولوا عليك أنك حمار أهبل وعبيط وبتخرف ...المهم ده اللي ح يخلي الحمير تتكلم عنك .
الحمار الشاب : ( نكس رأسه ..واخذ يحرك بعض الحصى برجليه في الأرض ) .....
الحمار العجوز : فيه إيه ..أنت رجعت في كلامك ولا إيه ؟
الحمار الشاب : لا ..بس انا خايف يعني ..يضحكوا علي ...ويسخروا مني .
الجني : ( يهبط من على الجدار ومعه الجنيه ، يقتربان من الحمارين ، يضحكان ) أنا مش قلتلك أن المملكة دية مليانة بالمهازل .
الجنية : ومأسي كمان ..
الجني : ( يدور حول الحمار الشاب ، يجذبه تارة من أذنيه واخرى من ذيله ، وينخسه في ظهره ) عشنا وشفنا الحمير ...تصوري الحمير تفكر وتعترض ..وبسلامته ناوي يعمل فيها زعيم ويخلي الحمير يعترضوا ويحتجوا ويعملوا ثورة ....أل يعني المملكة ناقصة الحمير .
الجنية : ( تحاول تعتلي ظهر الحمار الشاب ، يبتعد عنها ) تصور العالم بلا حمير .
الجني : ( بعد مناورات ينجح الجني في إعتلاء ظهر الحمار الشاب ) أو تخيلي الحمير بلا عالم.
الجنية : بس أنت تفتكر أن الحمار ده ح ينجح في المحاولة اللي ناوي يقوم بيها 
الجني : ( يدور في المكان ضاحكا ) أنا كل ما أفكر أن الحمار ده بيتقدم الحمير وهما وراه ، وكل واحد واقف على رجليه الخلفيتين ، ورافعين الشاعرات ويهتفوا قصدي ينهقوا : لا مذلة ولا استعباد بعد اليوم ، وواحد تاني يبرتع ويدوس على البردعة ويقول ماحدش ح يركب ظهورنا بعد اليوم ،وتالت بيقول مش ح ناكل فول ولا شعير بعد اليوم ، ورابع يطالب الحمير أنها تعمل إضراب عن العمل . ..لما بأتخيل كل ده بأموت من الضحك . 
الجنية : ( تذهب نحو الحمار العجوز ، تحاول أن تأخذ صندوق الحبوب ، يسرع بوضع قدمه فيه ) وتفتكر أن الحمار ح ينجح في محاولته أنه يقنع الحمير بفكرته .
الجني : ( يجذب الحمار الشاب من أذنيه ، يدور حوله ) دا حمار ...أفهمي ...يعني فاشل في كل حاجة بيعلمها ، أنت ما بتسمعيش البني آدميين بيقولوا عليهم إيه ...ثم ان جدود جدوده كانوا حمير ، وإش ح تخدي من الحمير .
الحمار العجوز : (يسرع ويقف بين الجني والجنية والحمار الشاب ) ما تخليش كلامهم يأثر فيك ..هما ما وراهمش شغلانة إلا انهم طول الليل يعاكسوا في الخلق .
الحمار الشاب : ما فيش حد يقدر يمنعني على على تنفيذ اللي أنا عاوزة .
الجني : ما أنا عارفكم يا جنس الحمير ، وبالأخص الشباب منكم ، مشهورين بالعند ودماغكم وقباقيب البلد ( يقترب منه ويمس على عنقه ) بس انا عايز مصلحتك ..دا أنت ح تبأ مسخة بين حمير البلد كلها ، دا غير الضرب والإهانة اللي ح تخدها من البني آدميين ، العيال الصغيرة ح يزألوك الطوب وح تفوا وينفوا عليك ..شوف يا حمار عيش زي ما عاش اجدادك قبل كدة ، وقضى أيام عمرك في أمان ..وكل عيش وبرسيم وفول ، وأنت شاب قوي ، يمكن صاحبك يجوزك أتانة حلوة مربربة ، واهه تقضي وقت كويس .
الحمار الشاب : ( ينهق ويدق الأرض بقوائمه ويدور في المكان غاضبا ) أنت قبل ما تقولي الكلام ده كان يمكن أغير رأيي ..بس بعدما كلامك الخايب ده أنا صممت على اللي في دماغي وح اثبتلك أننا جنس الحمير مش بالصورة المهينة والتافهة .
الحمار العجوز : ( يقترب من الحمار العجوز ) برافو عليك ...دا اللي أنا كنت متوقعه منك ..أنت حمار شاب ..وانا لو كنت أقدر ما كنتش ح أسيبك في مهمتك العظيمة دية .
الجني : ( يقترب من الجنية ويسر في اذنيها ) شوفي قدرت استغل عنده دماغه الناشفة إزاي ...أهه دلوقت عمره ما ح يتراجع عن اللي في دماغه ...حضري نفسك علشان تتفرجي على أكبر مهزلة ...أو على رأيك أكبر مأساة في التاريخ البشري .
الجنية : ( ضاحكة ) قصدك في التاريخ الحميري . 
الحمار العجوز : ( يستوقف الحمار الشاب ) أنت رايح فين دلوقت .
الحمار الشاب : رايح الوكالة اللي بتتجمع فيها الحمير .
الحمار العجوز : بس انت مش شايف أن الوقت متأخر .
الحمار الشاب : دا أنسب وقت الشوارع والحواري ما فيهاش حد ..وانت عارف ان البني آدميين ما يصدقوا يشوفوا حمار ماشي لوحده بيعملوا فيه إيه .
الحمار العجوز : طاب لو حد من البني آدميين اللي بيمشوا آخر الليل حب يعاكسك ؟
الحمار الشاب : ح أرفس وأعض ...حيقتكروني حمار مجنون ...
الحمار العجوز: ( يضحك ) أنت بالفعل اجن حمار شفته في حياتي ...واللي انت ناوي تعمله أكبر جنون .
الحمار الشاب : وإحنا أخدنا إيه من العقل يا صاحبي ...
                                         ( ستار ) 



المشهد الثالث :

ساحة واسعة ،عربات كارو وصناديق خشبية مكومة فوق بعضها ،برادع وأسرجة معلقة على الحائط ، جوالات بها بضائع التجار في جانب ،  بجوار الحائط يوجد صناديق خشبية بها طعام الحمير ، وعدد من الأواني بها ماء ، أعداد كثيرة من الحمير متفرقة ما بين نائم أو مضجع أو مستلقي، أو يأكل ، والبعض يذهب ويجئ في أرجاء المكان ، وهناك فتحات في الجدران ، عدد من الحمير يطل منها يشاهد ما يحدث في خارج المكان .
الحمار الشاب : ( يدخل غاضبا يدق الأرض بقوائمه ينظر إلى الباب الذي دخل منه وأغلق بعد دخوله ) من هنا ورايح مش ح تشوفوا منى إلى العض والرفس يا ولاد آدم .
حمار 1: ( مندهشا يتقدم منه ويدور حوله متأملا ملامحه  ) تعالى هنا يا أخينا ...أنا متابعك من مدة ومراقبك ، وأنت بدور في الضلمة حوالين المكان ،ولما الرجل المكاري شافك افتكرك واحد مننا خرجت برة مخزن الوكالة ،والغريب لما حاول يمسكك ويضربك ويدخلك رفسته وعضيته ، أنا كنت فاكرك ح تجري بعيد ، ومع كدة دخلت المخزن .
الحمار الشاب : ( يتقدم خطوات إلى الداخل ، يتأمل ما حوله ) أنت كنت بتراقبني ولا إيه ؟ 
حمار 2 : ( يعترض طريقه ) أنا كمان شفت اللي حصل بينك وبين المكاري ...أنت إيه حكايتك وجاي هنا نص الليل ليه وعايز إيه ؟ 
الحمار الشاب : ( يبعد الحمارين عن طريقه ) أوعى انت وهو خلينا ندخل .
الحمار 1: ( يمد عنقه ويرفع رجله لأعلى ) أنت واخد الدنيا في صدرك كده ليه ...أنت ناوي تضربنا زي ما ضربت المكاري ولا إيه  ؟ 
الحمار الشاب : كويس أنكم شفتم اللي حصل .
الحمار 2: ( يقف بين الحمار الشاب والحمار 1) إحنا يا عم مش ح نتعارك ...إحنا بس مستغربين من تصرفاتك ، ومن دخولك هنا في نص الليل ، مع انك كان ممكن تهرب لأي مكان بعد ما رفست وعضيت المكاري ...وبعدين إحنا حمير زي بعض ، والمكان واسع والأكل والشرب موجود .
الحمار الشاب : ( يشير إلى الحمارين ، فيقتربان منه ويرفعان إليه أذانهما ) أنا جاي في مهمة وح أمشي على طول .
الحمار 1 : وإيه هية المهمة دية ...؟
الحمار 2 : والمهمة دية في صالح مين يعني ؟.
الحمار الشاب : المهمة دية في صالحنا كلنا ..وأنا محتاج أنكم تساعدوني ...الأول انتم إيه رأيكم فيا ؟
الحمار 1: ما أخبيش عليك أنا لما شفتك رفست المكاري وعضيته أعجبت بيك ..حكم انا في قلبي دودة من جنس البني آدم ..دا صاحبي ذللني ومطفحني ومقرفني في عيشتي .
الحمار 2 : وأنا شرحه يا صاحبي دا الواحد نفسه يموت ويستريح من العيشة اللي كلها شقا وتعب وذل . 
الحمار الشاب : أهه ده اللي انا جاي علشانه .
الحمار 2 : ( مندهشا ) جاي تموتنا ؟!
الحمار الشاب : لا انا جاي أخلصكم من الشقا والتعب والذل .
الحمار 1: ( يحدق في ملامح الحمار الشاب ) أنا دلوقت عرفت أنت رفست وعضيت الرجل ليه ؟!
الحمار الشاب : يا أخينا انت وهو أنا مش مجنون ...أنا بأتكلم كلام جد .
الحمار 2 : بس كلامك ده ما فهوش ريحة العقل ..أول مرة نشوفك  ...ودخلت علينا غريبة ..ويتقول كلام غريب وعجيب .
الحمار الشاب : أنا طالب منكم تدوني فرصة وبعد كدة احكموا بنفسكم  .
الحمار  1 : إزاي يعني نديك فرصة ؟!
الحمار الشاب : ( يتفحص المكان ، يشير إلى مجموعة من أجولة البضائع المتراكمة فوق بعضها ) ساعدوني علشان اقف في المكان العالي ده علشان كل الحمير يشوفوني ويسمعوني .
الحمار 2: وده كمان طلب غريب ...وانت عايز الحمير يشفوك ويسمعوك ليه . 
الحمار الشاب : ( بنفاد صبر ) يا إخواني ....أدوني فرصة ..وح تعرفوا كل حاجة .
الحمار 1 : ( يدفع بالحمار الشاب أمامه ) يايلا يا عم ...خليك ورا الكداب لحد باب الدار ..أسند على كتفي واطلع علشان الحمير يشوفوك ويسمعوك 
الحمار الشاب : ( يصعد فوق جوالات البضائع ، يحرك رأسه يمينا ويسارا ) حي .....ححيي .
حمار 1: ( بنفاد صبر ) أنت ح تغني ...ماتنهق ...قصدي  تتكلم يا عم وخلصنا 
الحمار الشاب : ( يشب على قوائمه ) إخواني ...إخواني الحمير ...أسمعوني ..
الحمار 2 : ( ينقل بصره فيمن حوله ) ولا واحد سأل فيه ...دول نايمين في مية البطيخ 
الحمار 1 : ( يشير للحمار الشاب ) يا عم انت بتكلم حمير ...حاول مرة تانية .
الحمار الشاب : أيها السادة الحمير ....ممكن تدوني وداناتكم دقايق ...من فضلكم اسمعوني .
الحمار النائم : ( يرفع رأسه غاضبا )بطل رخامة يا أخينا ....وسبنا ننام قبل الصبح ما يطلع ...أنا عضمي مكسر . 
حمار النائم 2 : ( يتثائب ) هو ده وقت نوم ولا وقت سماع كلام ...روح نام وسبنا في حالنا .
الحمار الشاب : ( يقفز من مكانه ، يسير بين الحمير ) اصحوا يا حمير ..كفاية نوم ...نايمين طول ليلكم الأسود ، ومذلوليين طول نهاركم الأغبر ...اصحوا ... يا حمير ...
مجموعة الحمير : ( ترفع رأسها وفي صوت واحد ) حرام عليك ...إحنا طول النهار شقيانين .
حمار النائم : ( يسير مترنحا ) هو حد مسلطك علينا ولا إيه ؟!
بغل : ( يتقدم من الحمار الشاب ) أنت مش ح تسكت إلا لما نتلم كلنا عليك ونضربوك علقة ما يخدهاش حمار في مطلع . 
         [ ترتفع الأصوات من هناوهناك تؤيد رأي البغل ، يتجه مجموعة من الحمير نحو      
                        الحمار الشاب  ]
الحمار 1 : ( يقف بين الحمار الشاب ومجموعة الحمير ) وليه العنف والضرب       ...طاب ما نسمع الحمار ..ومش ح نخسر حاجة ..عجبنا كلامه أهلا وسهلا ..ما عجبناش أهه قال اللي نفسه فيه ، وبعد كده كل حمار ولا بغل يرجع لحاله .
البغل : ( يعود إلى مكانه ، يشير إلى بقية الحمير بالعودة إلى أماكنها ) قول يا        
                            سيدي اللي أنت عايز تقوله .
الحمار النائم 1 : ( يتثاءب ) سمعنا يا ريس حنتيرة بس يكون في علمك كلمتين وبس ..إحنا عايزين ننام ...ننام و رانا شغل يهد جبال .
الحمار الشاب : ( يتجه إلى الحمار النائم 1 يقف بجواره ) ايوه أنت قلت إيه ..سمعني تاني اللي قلته .  
الحمار النائم : ( ييتمايل برأسه يمينا ويسارا ) ورانا شغل يهد جبال ، عجبتك ديه ..أقولها كمان : ورانا شغل يهد جبال ( يشير إلى الحمير حوله ) قولي ورايا يا حمير ...ورانا شغل يهد جبال .
الحمير : ( في صوت واحد ) ورانا شغل يهد جبال . ..ورانا شغل يهد جبال . 
الحمار الشاب : ( يسير بين الحمير يرفع صوته عاليا ) ليه ؟   ليه ؟
الحمار النائم 1 : ( غاضبا ) ليه إيه ؟
الحمار الشاب : ليه تشتغلوا الشغل اللي يهد الجبال ؟ 
جحش : ( يخترق المجموع ويتقدم من الحمار الشاب ) ما إحنا لابد نشتغل    
                          علشان ناكل يا أبيه ...أمال ح ناكل من غير مانشتغل . 
الحمار الشاب : والأكل اللي بتكلوه بيساوي الشغل اللي بتشتغلوه ؟ 
الحمار1 : ولا نصه .
الحمار 2 : ولا ربعه . 
الحمار 3: دا صاحبي هاين عليه ياكلني طوب وزلط ..هيه وجبة فول واحدة ..وبعد كدة بيأكلني عيش ناشف من اللي بيفضل من أكل ولاده .بدل ما يرميه في الزبالة بيأكله ليا .
الحمار الشاب : وأنت بتاكله ليه ؟ 
الحمار 3 : أمال ما أكلش وأموت .
الحمار الشاب : عمر صاحبك ما يفرط فيك ويسيبك تموت ..كدة ولا لأ ؟ 
الحمار 1: طبعا لأن لو الحمار منا مات دا معناه خراب بيته ...أمال ح يأكل منين .
الحمار الشاب : أذن إحنا اصحاب فضل على البنى أدمين ..إحنا اللي بنأكلهم مش هما اللي بأكلونا ..ولولانا عليهم كانوا أكلوا طوب وزلط . 
الحمار 1 : ( ينقل بصره فيمن حوله ) كلامك صح ومعقول . 
الحمار 2 : يا ولاد الكلب يا بني آدميين... دول بيذلونا ويطفحوا مرايرنا علشان لقمة عيش ناشفة وشوية فول ومسوسين كمان . 
الحمار الشاب : والحكاية مش حكاية أكل وبس ..فيه حد منكم صاحبه خده ووداه المستشفي علشان يعالجه من الأمراض اللي بتهري في جتتنا ....فيه حد منكم صاحبه إداله اجازة كل أسبوع يوم أو حتى كل شهر يوم واحد يتمرغ فيه في التراب ويستجم ..فيه واحد منكم صاحبه في ليلة أخده وفسحه على الكورنيش وجاب له كوز بطاطة معسلة ولا حتى كوز درة مشوى ..في ليالي الشتى فيه حد صاحبه غطى دهره علشان يدفيه ..وفي في أيام الصيف الحر غطى دماغه بدل ما الدم كان بيغلي فيه ...
الحمار الضعيف : ( يسرع من آخر المكان ويخترق الصفوف حول الحمار الشاب ) وحياة أبوك ما تقلبش المواجع علينا ...انت خلتني أعيط على حالي ...خليني صابر لحد ما اموت وأستريح من الحياة دية ...حرام عليك أنت مش حاسس .انت لسه شاب وتقدر تستحمل . 
الحمار الشاب : ( يقترب منه ويمس على رأسه ) أهه اخونا الحمار ...زي ما أنتم شايفين مش قادر يقف على رجليه ..من كترة الشغل ..وبخل صاحبه لا اكل ولا علاج ولا راحة ..وعلى فكرة ..كلنا ح نلاقي نفس المصير ..لأننا فرطنا في حقوقنا ومستسلمين وخاضعين . 
الحمار النائم : أنت كلامك حلو وزي البرسيم الأخضر ...بس أنت ما قلتلناش ح ناخد حقوقنا دي إزاي ...
البغل : على رأيه ..إحنا ح ناخد حقوقنا من البني آدمين إزاي . 
الحمار الشاب : ( يدور حول الحمير ) بالثورة يا حمير ...بالثورة . 
[ يسود صمت وسكون عميق بين الحمير ، ثم ينفجر الحمير ، البعض ينهق    ، والأخر يقفز قفزات في الهواء ، والبعض يستلقي على ظهره رافعا قوائمه إلى أعلى ، والبعض يخبط رأسه في الحائط ]
الجحش:  ( يتقدم من الحمار الشاب ) أيوه يا ابيه ...أمتى ...وفين ...وإزاي ...وعلشان إيه ؟
الحمار 1: ( يدفع الجحش ليعود إلى مكانه ) أنت تايه من أهلك ولاإيه ...روح نام مالكش دعوة بكلام الناس الكبار . 
الجحش : ما أنا عايز أفهم برضة .
حمار 1 : لما تكبر ح أفهمك ...روح نام وأتغطى كويس . 
البغل : ( يقترب من الحمار الشا ب ) أنت كل كلامك كان جميل ..ونجحت أنك تعبر عن كل همومنا والآمنا بس لحدما جيت لحكاية الثورة دية أسمحلي أنت كدة بتخرف ..ويعني أنت سقت فيها وبرطعت . 
الحمار النائم : إحنا ح نعمل زي البني آدميين ولا إيه ...طاب هما بيثوروا ضد بعض ويعين فاهمين بعض وهرشين ملاعيب بعض ...إنما عمرك شفت ولا سمعت عن حمير تثور ضد الني آدميين .
الحمار الشاب : ما تفرقش .
البغل : لأ تفرق ...
الحمار الشاب : الحكاية مش ثورة من الحمير ضد البني آدميين ....
البغل : أمال  مين ضد مين ؟
الحمار الشاب : من المظلوم ضد الظالم ...من المقتول ضد القاتل ..أنسوا أن اللي قدامكم ده بني آدم ..ما تفكروش إلا في ظلمه وقهره واستبداده وأنانيته وقسوته ...أنت مش ح تثوروا ضد البني آدم انتم ح تثوروا ضد الظلم .
الحمار 1 : إحنا مش ح نضيع الليل كله نتكلم ...الموافق على كلام الحمار الزعيم يرفع رجله ..وخلونا ننتهي من الموال ده .
الحمير : ( في صوت واحد ، تقف على قائمتيها الخلفيتين وترفع رجليها للأعلى ) موافقين على الثورة ضد الظلم والقهر .
الحمار المعارض : ( يتقدم من بين الحمير رافعا رأسه لأعلى ) الثورة دية محكوم عليها بالفشل من قبل ما تبدأوها . 
[ اتجهت الحمير بانظارها نحو الحمار المعارض تتأملها وتفكر في كلامه ]
الحمار 1: ( يندفع نحو رافعا قدميه في وجهه ) دا حمار خايب عايز يكسر مجادفنا ..المجمع وافق على كلام الزعيم ...أنت حط لسانك في حنكك ونقطنا بسكوتك ..وإلا ح تاكل رفس وعض ما كلتهوش في حياتك . 
الحمار الزعيم : لا سيبوه ..ما حدش يعمله حاجة ...لازم يكون فيه الراي والرأي الآخر زي ما بنسمع عن البني آدمين ...وإذا كنا بنطالب أن الآخرين يحترمونا لابد نحترم ونقدر بعض ...مهما كنا مختلفين ...( يشير للحمار المعارض أن يتقدم منه ) أنت ليه قلت أن حركتنا ح تفشل ؟ اتكلم ما تخافش من حد .  
الحمار المعارض : لأننا إحنا  أغبياء ...وكل مشاريع الأغبياء مصيرها الفشل ...وانا خايف عليكم من الفشل .
البغل : ( غاضبا يرفس الحمار المعارض ) أنت بتقول اللي بيقوله البني أدمين علينا .
الحمار 1: ( يتناوب رفسه ) أنت مش معارض ..دا أنت خاين ...لأنك تردد كلام أعدائنا .
الحمار المعارض : ( ساخرا يهز رأسه ويحرك أذنيه  ) خلاص بسرعة كدة ....البني آدمين اعتبروتهم أعداء .
الحمار الزعيم : سيبونا من التصنيفات دية ...مش ح ترجع علينا بأي فايدة ...أنا متأكد أن الكل هنا عايز الخير لنا مهما اختلفت وجهة نظره ...ولابد أن نستفيد بأراء كل الحمير . 
الحمار المعارض : إذا كانت الحكاية كدة ...فأنتم نسيتم واحد مهم هنا وبنرجع له في كل المشاكل .
الحمار الزعيم : تقصد مين ؟
الحمار المعارض : الحمار الحكيم . 
الحمير : ( في صوت واحد ) اويوة ...إحنا نسينا الحمار الحكيم ...فين الحمار الحكيم .
الحمار الحكيم : ( ينهض من جانب المكان ويتقدم إلى الأمام ..يفسح له الحمير المكان ) أنا كنت قاعد بأسمعكم وأراقبكم من ساعة ما دخل الحمار الزعيم ...( يشير إلى الحمار المعارض ) كلام الحمار المعارض سليم ..وكلام الزعيم سليم برضة ...إحنا بالفعل أغبياء ...أو البشر بيقولوا عنا كدة ...بس ده علشان إحنا رضينا بالظلم والقهر والاستعباد ....ولو أصبحنا أحرار أكيد ح نفكر بعقولنا ..ح نغير الفكرة اللي البشر واخدنها عنا . 
الحمار المعارض : أنت قصدك مش ح نقدر نغير الفكرة عننا إلا بعد أننا نكون احرار .
الحمار الحكيم : ( يجلس على صندوق خشبي ) بالضبط ...فالحر هو اللي يقدر يقنع الآخرين بفكره .
الحمار المعارض : ويقنع العالم بحجته .
الحمار الحكيم : أهم حاجة دلوقت ..أزاي نجبر البشر علشان يعترفوا بيكم ..اظن ده مهمة الزعيم اللي أنتم رضيتم تمشوا وراه  
الحمار الزعيم :   أول حاجة إحنا عايزين ننشر دعوتنا ...لما يرجع كل حمار إلى قريته أو المكان اللي جاي منه يكلم كل حمار يقابله ..ويحاول يقنعه انه ينضم لنا ...وأنا ح احاول أني أروح للأي مكان يتجمع فيه الحمير ...وهنا كل كل أسبوع ح يكون مقر اجتماعنا ( يرفع إحدى قوائمه وبصوت جهوري حماري ) لنتعاهد على الكفاح والعمل حتى الموت .
الحمار الحكيم : بس انت ما قلتش على الإجراءات العملية اللي يمشي عليها الحمير .
الحمار الزعيم : زي ساعة الصفر مثلا . 
البغل :   يعني إيه ساعة الصفر دية ؟ 
الحمار الزعيم : ساعة الصفر اي الساعة اللي ح نتحرك فيها وننفذ الثورة .
البغل : إيوة ..طاب وح نعمل إيه يعني في ساعة الصفر دية ؟ 
الحمار الزعيم : ح نحدد وقت وح تعرفه كل الحمير ..اللي بيجر عربية يوقفها ..واللي شايل حمل يرميه من على ضهرة ، واللي راكب على بني آدم يعضه ويرفسه ..وما نبطلش نهيق بكل ما نقدر عليه .
الحمار 1: بس كدة يمكن يضبربونا ويعذبونا .
الحمار 2 : ويمكن يمنعوا الأكل والمية عننا .
الحمار المعارض : ويمكن يموتونا 
الجحش : دا إحنا ح نتبهدل وح يتمسح بوشنا الأرض . 
الحمار الزعيم : ( يدور حول الجميع ) هو أنتم فاكرين ح نحقق اهدافنا بدون تضحيات ..على أد عظمة الهدف ، على أد عظمة التضحيات . 
الحمار المعارض : بس يمكن نضحي وما نوصلش لحاجة . 
الحمار الزعيم : يكفينا شرف المحاولة .
الحمار المعارض : إحنا مش عايزين شرف ..إحنا عايزين حقوقنا 
الحمار الزعيم : خليك متفاءل ...المهم إيه رأيكم تكون كلمة السر بينا برسيم . 
البغل : طاب ما نخليها فول بدل برسيم . 
الحمار 1 : كلمة الفول كلمة  مشتركة بينا وبين البشر ...أنت مش واخد بالك انها على ألسنتهم ليل نهار . 
البغل : ياريت يقولها بس ..دول بيكلوا الفول ليل نهار .
الحمار 2 : وإيه اللي مضايقك في كدة .
البغل : الفول ده اكلنا ...ليه يشاركونا فيه ؟ 
الحمار الحكيم : الفول كتير يا ابني ...يكفي البني آدمين والحمير ...فأنت زعلان ليه ؟ 
الحمار 2: طالما إحنا الحمير ما بنشاركش البشر في الجاتوة والآيس كريم فالمفروض ما يشاركوناش في الفول .
البغل : ( يضحك ) تصور لو الحمير بتاكل جاتوة وآيس كريم .
الحمار : هو يعين إحنا طلناه وما اكلنهوش .
الحمار الحكيم : ( يربت على ظهر الحمار الزعيم ) افرح ياعم ...الحمير بدأت تتذمر على حياتها ...ودي أول أسباب نجاح الثورة . 
الحمار المعارض : بس فيه سؤال ...هو لما تبدأ ساعة الصفر ..ووكل واحد مننا مش ح يعمل الشغل المطلوب منه ...نسيب البني آدمين يضربونا ويعذبونا ولا يعني ح نعمل إيه ؟
الحمار الزعيم : شوفوا ..إحنا ح نقضيها شوية كدة مقاومة سلبية ..لحد لما أكبر عددمن الحمير في كل الممكلة توصلهم الدعوة وجماعتنا تقوى ...بعد كدة ح تيجي مرحلة المقاومة الإيجابية علشان فيه حمير ضعيفة ، وحمير عجوزة وحمير جبانة بتخاف ، وحمير ما عندهاش شخصية يعني ..ومع كدة اللي شايف في نفسه أنه يقدر يدخل على المرحلة الإيجابية فإيه المانع ؟ 
البغل : وإحنا ح نقاوم بإيه ؟ 
الحمار الزعيم : بالرفس ..بالعض ...بالإضراب عن الشغل ..بكل حاجة تقدر عليها . 
الحمار الحكيم : ( يخاطب كل الحمير ) يالا يا حمير بايعوا زعيمكم .
الحمير : ( يرفعون الحمار الزعيم على ظهورهم ويدورن به في ارجاء المكان وسط نهيقهم ) بالروح والدم والفول والبرسم نفديك يا زعيم .
                                  
                                                ( ستار )  


الفصل الثاني 


المشهد الأول   : 

الحمار العجوز متكئ بجوار الجدار يستمع للحمار الشاب ، وهذا يقف أمامه ، يأتي بحركات يُفهم منها أنه يحكي له ما يحدث بينه وبين الحمير وما اتفقوا عليه ، الجني والجنية يراقبان ما يدور بين الحمارين وهما جالسان على الجدار .  
الحمار العجوز : دا أنت فرحتني بالكلام اللي قلته ده ...وكل ده حصل معاك ...وخلوك زعيمهم ....يعني ح ييجي اليوم اللي الحمير ح يخدوا حقوقهم .
الجني : (  يقفز من على الجدار ومعه الجنية ) تعالي نبارك ونهني الحمار ..أهو مشى من هنا في أول الليل حمار من ضمن آلاف الحمير ما لهوش ذكر ورجع زعيم الحمير .كل حمير المملكة ماشية وراءه .
الجنية : ( تخطر في المكان ) الحمير دول أمرهم عجيب ...ما يصدقوا يسمعوا واحد يضحك عليهم بكلمتين إلا ويصدقوه ويجروا وراه بدون تفكير . 
الجني : ( يمسك بيدها ويرقص معها ) أنت نسيتي أنهم حمير .
الجنيه : ( تقترب من الحمار الزعيم وتحاول أن تعابثه من أذنيه وذيله ، يبتعد عنها ) لأ وإيه عملوه زعيم ...شوف ماشي مبسوط ومغرور .
الحمار العجوز : سيبك منهم دا جني وجنيه فاضين ما وراهمش حاجة غير انهم يعكننوا على الخلق . ..دا ياما أنا شفت منهم .
الجني : ( يجذب ذيل الحمار الزعيم ) يكنش صدق أنه زعيم ولا إيه ؟!
الحمار الزعيم : ( يقف بينهما يحرك رأسه ) وأنتم منغاظين ليه ...وأنتم إيه دخلكم في الموضوع . ...هو إني أكون زعميم دي حاجة تضركم ؟
الجنية  : لأ ما يضرناش في حاجة ...بس إحنا بنتعجب من أمرك وأمر الحمير .
الحمار الزعيم : وإيه العجب في كدة ؟!
الجني : ( يعود ويجلس على الجدار ) أصل اللي انت عملته ما حصلش قبل كدة . 
الحمار الزعيم : ( يذهب ويجلس بجوار الحمار العجوز الذي يغط في النوم  ) بس أهه حصل ( يوقظ الحمار العجوز ) أنت ح تنام وتسبني وأنا في حالة القلق دية ...أصحى أنا محتاجلك .
الحمار العجوز:         ( يتثاءب ) أنا تعبان وعايز أنام ..ما انت عارف صاحبي ما بيرحمش ...وأنت قلقان من إيه بس ؟
الحمار الزعيم :         ( ينكت الأرض بقوائمه ) يعني تفتكر أن الثورة بتاعتنا دية ح تنجح .
الحمار العجوز          (يحدق في الظلام ) ما أظنش .
الحمار الزعيم :          ( يتقافز في الهواء يذهب هنا وهنا ويعود مرة اخرى إلى الحمار العجوز ) إزاي تقول الكلام ده ؟! دا انت الوحيد اللي شجعتني وخلتني أمشي في الطريق ده ؟!
الحمار العجوز   :      ومش معنى أن عملت معاك كدة إني متوقع أنك تنجح .
الحمار الزعيم    :       إيه الكلام الغريب اللي انت بتقوله ده ؟!
الحمار العجوز :         ( يقف متثاقلا ويقترب من الحمار الزعيم ) اللي أنت عملته كان المفروض يتعمل من غير مانتوقع النتيجة ...في أفعال كتيرة بنعملها وما لهاش نتيجة بالمرة ...ومع كدة إحنا بنعملها ، وفي أعمال لها نتائج كارثية ومع كدة بنعملها غصب عننا .
الحمار الزعيم :            زي إيه ؟!
الحمار العجوز :         زي حياتنا دية ...
الحمار الزعيم  :         وأنا فين من ده ؟
الحمار العجوز :         الأعمال العظيمة هي اللي بتكون نابعة منك انت ...وأنت البادي بيها . وتعملها بكامل حريتك وده اللي انت دافع الحمير إليه .
الحمار الزعيم   :         إيوة ...بس الحمير عايزين نتيجة لعملهم ...وإلا اعتبروا اللي بأعمله كلام فاضي وتخلوا عني . 
الحمار العجوز :          هم فوضوا لك أنك تفكر لهم وتقودهم ...وعلى كدة ممكن يسامحوك ..حتى لو ودتهم في داهية ( يتمدد بجوار الجدار ) بنقولك إيه ...أنا دماغي صدعت وسبيني علشان أنام والصباح رباح .    
الجنية  : ( تقترب من الحمار الزعيم وتمس على رأسه ) ألا ما فكرتش أنك ربما تكون حمار مجنون ؟
الحمار الزعيم : العقل والجنون دا أمر نسبي   .. ...حتى ولو كنت مجنون ...أنا حر .
الجنيه : ( تقف امام الحمار الزعيم مندهشة ) الأمر ما يخصكش ...معنى انك زعيم مجنون ..ده معناه أنك ح تقود الحمير إلى الجنون . 
الحمار الزعيم : ( يستلقى على ظهره ويرفع قوائمه لأعلى ) وإيه الفرق بين حمار مجنون وحمار عاقل .
الجنيه : المجنون ممكن يضر نفسه ويضر اللي حواليه . 
الحمار الزعيم : ( يستوي جالسا ) المهم ان الواحد يقدر يعمل حاجة لنفسه وللي حواليه ..أما الحكم على الفعل ، فده مسألة تانية . 
الجني : ( يشير إلى السماء ضاحكا ) أتلقى وعدك يا مجنون ...صاحبك الآدمي بيدور عليك من ساعة الفجر ...وبيحلف إنه ح يكسر عضمك لما يشوفك .
الحمار الزعيم : ( ينتفض واقفا ناظرا إلى السماء ) هو الصبح طلع ولا إيه ؟!
الجنيه : ( تربت على ظهره ) قلبي معاك دا أنت ح تاخد علقة ما ياخدهاش حمار في مطلع . 
الحمار الزعيم : ( يسرع من أمامهما ) اطلعوا منها بس وهي تعمر 
                                             ( ستار )




المشهد الثاني  : 

امام مجموعة من الأبواب المغلقة لبيوت قديمة ومتداعية ، امامها حملولة من الصناديق الخشبية والجوالات المنتفخة ، وبجوارها عربة خشبية ، وفي جانب يقف الحمار الزعيم ثائرا متحفزا، يدق الأرض بقوائمه ، ويحرك رأسه يمينا ويسارا ، يحدق في صاحبه الملقى على الأرض بملابسه الداخلية وبجواره عصا غليظة ، يزحف على الأرض مبتعدا عن الحمار ، رافعا يده مشيرا إلى باب مفتوح .
أبوالسيد : ( مستنجدا ) ألحقيني يا يولية ...الحمار ح يقتلني ...يا واد ياسيد كل داه ماانت سمعني يا وولاد الكلب يا مجرمين ...ح أموت .  
أم السيد : ( تخرج من باب بيتها مسرعة نحو زوجها ) يا ندمتي !! مين عمل فيك كدة ..أنت أتعاركت مع حد على الصبح .
أبو السيد : ( يشير إلى الحمار ) الحمار نزل في عض ورفس وكان ح يموتني .
أم السيد : ( تجمع ملابسه من على الأرض ) ومين اللي قطعلك هدومك كدة .
أبو السيد : ( يمد يده لزوجته لتساعده ليقف ) بأقولك كان ح يموتني ..تسألى عن اللي قطع هدومي ..دا قطع لحمي يا ولية يا خربانة . 
أم السيد : ( تجثو بجواره تفحص جروحه ) طاب والحمار عمل فيك كده ليه يا خويا ؟!
أبو السيد :                ( يتناول ملابسه من يدها ) أهو عندك أسأليه . 
أم السيد :                  ( تضع يدها على رأسه ) هو يا خويا الحمار ضربك في دماغك ..اسم      
                             الله على عقلك ..هو أنا برضة ح أسأل الحمار .
أبو السيد :                 ( يستند إلى الجدار ) أنا خرجت الصبح بدرى علشان أحمل حمولة       
                            الفجر ..ما لقتهوش ...قعدت ساعة أدور عليه هنا وهناك ..وبعد كدة    
                            لقيته جاي من الحارة اللي جنبنا ، من غيظي مسكت العصايا وقبل ما    
                           أضربه ،هاج في عض ورفس .
أم نوال :                  ( تخرج من بيتها ، تتجه إلى أم السيد ) خير يا أم السيد ..هو أبو السيد    
                           اتعارك مع حد ..يا أختي انا صحيت على صريخه .
أم السيد :                 ( تشير إلى الحمار ) أل إيه يا أختي ...الحمار كان ح يموته من الرفس      
                            والعض .
أمو نوال :                ( مندهشة ) الله !! وأبو السيد ح يعض ويرفس الحمار ليه ؟ طاب ده     
                            يكون افترى من أبو السيد دا برضة بهيمة خرسا 
أم السيد :                    ( مندهشة ) يا أختي الحمار هو اللي بيرفس ويعض أبو السيد . 
أم نوال :                 وليه الحمار عمل كدة ؟
أم السيد :                كان أبو السيد ح يضربه .
أم نوال :                 يا أختي هو فيه حمير اليومين دول بتنضرب ..دا كان زمان ..على         
                          رأي المثل إذا كبر حمارك خاويه . 
ام السيد :                ( تشير إلى أبو السيد ) قوللي يا أختي ..أحسن دا نازل ضرب في     
                          الحمار ليل نهار .
أبو السيد :              ( يقف ويقترب من المرأتين ) نخاوي إيه يا ولية يا هبلة انت وهي     
                         ...الحمار ( يخفض من صوته ، ينظر نحو الحمار ) لازم ينضرب    
                         علشان يمشي ويشتغل كويس وإلا حيركبنا بدل ما نركبه .
أم نوال :                يا خويا دا كان زمان ...دلوقت أنا أول ما أبو نوال يرجع بالحمار ، بأكله    
                        وأشربه وأحميه ...دا أنا كمان بأكله من أكلنا  وأشربه شاي كمان .
أبو السيد :            ( ساخرا ) ليه طاب ما تنيوموه في السرير معاكم كمان وبالمرة .
أم نوال :              أنت بتقول فيها ..والنبي في ليالي الشتاء ما بينام إلا  مع الولاد في    
                        الأوضة .
أبو السيد :            ( متضايقا ) انتم حتقعدوا تتلكموا كدة ...أنا أتأخرت على توصيل الحمولة    
                       ، وزمان صاحبها بيدعي عليا .
أم السيد  :            ( متعجبة ) طاب ما تقوم يا رجل تحمل الحمولة على الحمار !
أبو السيد :            ( يبتعد عن الحمار ) هو أنا مستغني عن نفسي ..دا كان ح يموتني .
أم نوال :             ( تتقدم من الحمار ) أنا اللي ح أسرج الحمار بنفسي ....انتم فطرتوه ؟
ابو السيد :            لأ ..لسة ما أتسممش ...فطورة مرمي هناك في الصندوق روحي خديه    
                      وسمميه ، يارب يموت .
ام نوال :               ( تنظر في صندوق الطعام مندهشة ) هو فين الفطور ده ...معاه حق    
                         الحمار يعمل فيك أكتر من اللي عمله .
أم السيد :              ( تنظر في الصندوق ) امال يا أختي ح نأكله إيه .
أم نوال :              ادخلي يا مرة هاتي شوية فول وشعير ودوري على حزمة برسيم أخضر    
                        أو أي حاجة خضرة علشان الحمار يتقوت بيها 
أم السيد :              ( تدخل وتخرج وبيدها الصندوق ملئ بالطعام) خدي ...دول حبة الفول    
                         اللي كنت ح أدمسهم للعيال .
أم نوال :              (تأخذ الصندوق وتتجه نحو الحمار ) الحمار أهم من العيال ...دا هو اللي    
                       فاتح بيتكم .
أبو السيد :            ما تقربيش منه احسن يعضك ويرفسك .
أم نوال :            ( تضع الطعام للحمار وتمس على رأسه وظهره وأذنيه )  لا يا خويا 
                      ...الحمير عمرها ما تزعل اللي يحن عليها ..أنا ح اربط العربية على    
                      ضهره واديك شايف الرجل قصدي الحمار ما عمل حاجة وحشة أهه ..انت  
                     اللي غشيم مش عارف تتعامل مع الحمار . 
أم السيد :          هو بيعرف يتعامل مع البي آدمين علشان يتعامل مع الحمار ...هوطول عمره 
                    كده ..غشيم ومتعافي . ...دا انا ياما شفيت منه يا أختي . 
أبو السيد :         ( غاضبا ) شافك عزرائيل ...هو الحمار ده من بقية أهلك علشان تدخلي    
                    تجيبي له شوية الفول اللي ح ياكلوهم الولاد . 
أم السيد :         ( ترفع يدها متوعدة ) قطع لسانك يا أبو لسان زفر ...مالك وما اهلي ...هو 
                   مش كفاية متحملة عيشتك الضنك وشكلك وريحتك المنتنة ...انت حقك تبوس   
                   أيدك إني وافقت إني اتجوزك .
ابو السيد :         لأ ..لأ ..حوشي ..أل كان الخطاب مرصوصين على بابكم ...أنت كنت بايرة    
                   ولو ما كنتش اتجوزتك كنت لحد دلوقت عانس .
أم السيد :          ( تتجه إلى باب بيتها ) علشان قلة أدبك وطولة لسانك أنا مش ح أقعد دقيقة    
                     في البيت بعد كدة .
أبو السيد :          (غاضبا) وأنت لو خرجت من البيت ح أطلقك .
أم السيد :           ( تعود إليه وتمسك في خناقه ) لو أنت رجل طلقني كده .
أبو السيد :          ( يحاول أن يخلص نفسه منها ) طاب وانت ...
أم نوال :            ( تضع يدها على فم أبو السيد ) صلي على النبي يا خويا ..دي ساعة    
                      شيطان ...أنا علقت العربية على الحمار ..يالا حمل الحملة واتوكل على الله 
                    ..( تجذب ام السيد ) وأنت تعالي معايا ح نفطر سوا  ونشرب الشاي ..تعالي   
                     أمال ما تحرنيش زي الحمار .
                                   ( ستار ) 


المشهد الثالث :

مقر الوزارة  ، قاعة واسعة يجلس في صدرها الوزير على مقعد مرتفع ،في  جانب منها الكاتب وأمامه منضدة وعدد من اللفائف الورقية ،  يقف بجوار الوزير صاحب البريد ومعه العديد من الرسائل الورقية .
الوزير :              ( ينهض ويسير خطوات هنا وهناك ، يخاطب صاحب البريد) خلاص    
                        مشاكل المملكة كلها خلصت ، وماعدش غير مشاكل الحمير .. أنا مش    
                        فاضي ولا رايق للكلام الفارغ ده ...أقرأ بقية الرسايل يا قرطم .
قرطم :               ( يخفي بقية الرسائل خلف ظهره )خلاص يا سيدى الوزير ماعدش فيه    
                       رسايل .
الوزير :              ( مندهشا ) ما عدش فيه رسايل !! أمال إيه اللي أنت مخبيه ورا ضهرك    
                       ده ورق فاضي ولا إيه ؟
قرطم :               ( يظهر الرسائل أمام الوزير ، يخفيها وراء ظهره مرة أخرى ) لأ ..أه     
                      ..دي رسايل ..بس أنا مش فاضي ولا رايق للكلام الفارغ ده .
الوزير :              أنت اتجننت يا قرطم !
قرطم :               ( مضطربا ) لا يا سيدي الوزير أنا قصدي انك مش فاضي ولا رايق    
                      للرسايل الهايفة دية .
الوزير :            ليه ..هيه رسايل عن إيه ؟
قرطم :            بلاش يا سيدي ..أهة رسايل والسلام .
الوزير :          ( مهددا ) أنت الظاهر عايز تتسجن ولا تتجلد يا قرطم ...قول بسرعة الرسايل    
                   دية فيها إيه ؟!
قرطم :          ( مرتعشا ) حمار يا سيدى الوزير ...قصدي فيها حمير ..يوه ...قصدي كلها     
                   شكاوي من الحمير . 
الوزير :        ( يقترب من الباب  غاضبا ) يا حراس ...أرموا المدعو قرطم في السجن ..وبعد    
                 كدة أرموه في مستشفى المجانين .
قرطم :           ( متضرعا ) سيدي الوزير ..سيدي الوزير أنا ما عملتش حاجة علشان أترمي    
                  في السجن أو في مستشفى المجانين .
الوزير :         وتفتكر ح يكون ردي على واحد شايل كوم رسايل وبيقولي شكاوي الحمير    
                  ...هي الحمير دلوقت بتتقدم شكاوي يا قرطم .
قرطم :            يا سيدي أنا مانع عنك رسايل كتيرة ...أنا ح اتجنن من الرسايل ..إشي من    
                    الحمارة ..إشي من التجار ...ومن الشاهبندرات ...كلهم بيشكوا من الحمير ..
الوزير :           ( ساخرا ) نفس الشكوي إن الحمير بتعض وترفس ... ومهما يضربوها مش     
                    عايزة تشتغل .
قرطم :            بالضبط يا سيدي 
الوزير  :          بس كانت الشكوى من عدد محدود دلوقت أنت شايل رسايل كتيرة ...بتقولي    
                    التجار والشاهبندرات ...الحكاية لحقت تكبر بين يوم وليلة .
قرطم  :         سيدي الوزير أنت بقالك مدة بترفض  أن الرسايل تعرض عليك ..وبعدين انت     
                 في المدة الأخيرة ...يعني كنت مشغول .
الوزير :        ايوه كنت مشغول بالجواز ...يعني الواحد ما يشفوش نفسه شويه ولا إيه .
قرطم :         ( ساخرا ) يا سيدى دي سابع مرة تشوف نفسك .
الوزير :        وأنا مش ح أشوف نفسي علشان شوية حمير اتجنوا في المملكة .
قرطم :         لا ..ما هم ما عدوش شوية حمير ...دا حمير المملكة كلها زي ما تقول كدة الفرة    
                 ولا الشوطة جت في الحمير .
الوزير :        ( مندهشا ) حمير المملكة كلها ...على كدة دي قضية أمن قومي .  
قرطم :         لا ...دي بقت أخطر من كدة بكتير .
الوزير :        ( مندهشا )هو فيه أخطر من الأمن القومي .
قرطم :          ( يرفع الرسائل ) كل الممالك اللي بنتعامل معاها بعتت أنذار أنها ح تقطع 
                  العلاقات الدبلوماسية ، وبعض الممالك طالبة تعويض بسبب الخسارة اللي    
                  خسرتها ....وفيه مملكة أعلنت الحرب علينا .
الوزير :         ( منزعجا ) تعلن الحرب علينا ...ليه إيه اللي عملناه .
قرطم :          ما إحنا كنا بنورد لهم القمح ..وأنت عارف مدى أهمية القمح عند مملكة    
                 الغلبانين ..ولما تأخرنا في توريد القمح قالوا إنهم بيحضروا الجيوش وح ييجوا     
                 يخدوا القمح بنفسهم .
الوزير :        كل ده يحصل وما عنديش فكرة عنه .
قرطم :          ما انت كنت بتشوف نفسك بأة ...والمملكة وشعبها فدى الوزير .
الوزير :         ( يجذب قرطم نحوه ويقترب من أذنه ، يتلفت يمينا ويسارا) فيه حاجة من      
                 الأخبار دية وصلت لمولاتي الملكة يا قرطم .
قرطم :         ( ضاحكا ) لأ ...ما هي كانت بتشوف نفسها هي كمان ...حقنا نسمي المملكة دية    
                 ممكلة اللي شايفين نفسهم ...هو فاضل واحد بس المفروض يشوف نفسه .
الوزير :        هو مين ؟
قرطم :         الشعب يا مولاي .
الوزير :       ( يسوي العباءة حول كتفه ) طاب وإيه المانع إنه يشوف نفسه هو كمان ؟
قرطم :        هو انتم خليتوه يشوف اللي قدامه علشان يشوف نفسه .
الوزير :      ( يمد يده يمسك بأذن قرطم ) لا ما هو مش معني انك من بلدياتي وبأسامحك في    
                حاجات كتيرة ح أسمحلك ان تهفلط بالكلام ده ...إنت عارف مصير اللي يتكلم في     
                المواضيع دية . 
قرطم :       ( يضع يده على فمه ) عارف والله يا سيدي ...وأنا مكتوم في مرص قلبي وساكت   
                 على رأي المثل يا قلبي يا أبو الكتاكت يا ما أنت مليان وساكت . 
الوزير :     ( يجلس على المقعد ) أنا ح أمر بصرف علاوة استثنائية لك يا قرطم علشان     
              الأخبار المنيلة دي ما وصلتش لمولاتي الملكة . 
قرطم :      ( يقترب من الوزير يضربه بكتفه ) ما انا برضة محسوبك وما يخلصنيش أن     
            موقفك يكون مش ولابد .
الوزير :    ( غاضبا ) امشي بعيد انت نسيت نفسك ولا إيه ..أنت بتكلم مملكة الوزير ...قصدي        
             وزير الممكلة يا حمار .
قرطم :       متشكر يا سيدي .
الوزير :     ( مندهشا ) بتشكرني علشان بأقولك يا حمار .
قرطم :      هو الحمير حد زيهم  دلوقت يا سيدي .
الوزير :     إنما قوللي يا قرطم  إيه علاقة الحمير بكل المشاكل الللي بتواجه المملكة دية . 
قرطم :      ما تعرفش ياسيدي إيه اللي حصل للحمير ...بدأوا يرفسوا ويعضوا كل اللي يقرب       
              منه ويطيح تكسير وتدمير في كل حاجة تقف في طريقه وبعد كدة اضربوا وتوقفوا    
             عن العمل .
الوزير :      إزاي ده حصل .
قرطم :      أي حمار كان بيحمل حمل رماه من على ضهره . ..وطول النهار والليل ما      
              تسمعش في كل المملكة إلا تنهيق الحمير .. طبعا مصالح كل الناس توقفت ..وأنت    
             عارف أن كل مصالح الناس بتعتمد على الحمير والبضائع اللي إحنا بنصدرها 
              للممالك اللي حولنا مرمية في الميناء .
الوزير :    ( غاضبا ) وإيه اللي حصل للحمير يا قرطم .
قرطم :      ما عدش عارف حاجة ..إحنا كلنا مستنيين رأيك وفيه ناس كتيرة طالبين يقابلوك .
الوزير :     ناس مين يا قرطم ؟
قرطم :     الناس اللي بيوتهم اتخربت .
الوزير :    طاب وأنا ح اعمل إيه للحمير ...هم احرار مع حميرهم ..هي الدول ح تتدخل بين       
              الناس والحمير كمان .
قرطم :      ما هو فيه حاجة خطيرة حصلت إمبارح بس وأنا ما كنتش عايز أقولها .
الوزير :   هو فيه بعد مل المصايب دية مصيبة ما قلتهاش .
قرطم :    دي اكبر المصايب يا سيدي الوزير .
الوزير :   هات ما عندك يا قرطم المصايب .
قرطم :    حمير الحكومة .
الوزير :   ما لها دي كمان .
قرطم :    عملت زي حمير الأهالي .
الوزير :  ( ينهض ويتقدم من قرطم ، يمسك يديه ) أوعى تقول ...
قرطم :   ( يومئ إليه ) خرجت عن السيطرة ...مش كدة وبس معظمها أختفي من اسطبلات     
           الحكومة ومش لاقينها .
الوزير :  ( يصفق على يديه ، يدور في أنحاء المكان ) لا دي مؤامرة ...دي خيانة .....بسرعة     
            استدعى صاحب الشرطة ورئيس ديوان الاشغال وطبيب المملكة وكبار رجال 
            المملكة والمستشارين ...كله كوم وحمير الحكومة كوم . 
                                 

                                      ( ستار )



المشهد الرابع : 

الوزير مجتمع مع كبار رجال الدولة ، يجلس الوزير متصدرا المجلس وحوله وامامه رئيس الشرطة ورئيس ديوان الأشغال وكبير القضاة   والمسئول عن الصحة في الممكلة ورئيس جماعة البصاصين وشهبندر التجار .وعدد من قناصل الممالك المجاورة 
قرطم :            ( يتقدم من الوزير يضع أمامه عددا من الرسائل ) دي جاوبات لسة جاية عن 
                      الممالك اللي قطعت علاقتها معانا بسبب مشاكل الحمير .
الوزير :           ( يتناول الرسائل ويضعها جانبا ) يعملوها الحمير ويقع فيها البني آدمين .
قرطم :             ودي رسايل من ممالك بتحذر أنها ح تاخد إجراءات عدائية ضد رعايانا    
                     هناك 
الوزير :          ( يقف الوزير ويتقدم خطوات ، يشير إلى رئيس الشرطة ) إيه الحكاية يا    
                    رئيس الشرطة ..الحكاية خرجت عن سيطرتك ولا إيه ...وكل ما بسألك تمام    
                     ياأفندم تمام يا أفندم .
رئيس الشرطة :        ( ينهض ويتقدم )ما إحنا لو ما كناش معتمدين على الحمير في كل    
                          كبيرة وصغيرة ما كنش دا حصل .
رئيس ديوان الأشغال : إحنا مملكة الحمير ..قصدي طول عمرنا معتمدين على الحمير مش كدة  
                         وبس أحنا أكبر مملكة بتصدر الحمير كمان ...وتجارة الحمير اكبر مورد    
                        لخزانة المملكة .
الوزير :            ( مخاطبا رئيس الشرطة ) قولي بأة عن الإجراءات اللي أنت خدتها علشان 
                     المملكة تخرج من كل المصايب دية ...وما تقوليش أنا منتظر أوامرك    
                    وإقتراحاتك زي كل مرة ...لا يا حبيبي ( يتجه إلى من حوله ) كلنا مسئولين    
                    ومتحملين مسئولية اللي بيحصل .
رئيس ديوان الأشغال : ( مندهشا ) إجراءات إيه اللي حضرتك عايزيني أخدها  .
الوزير :                أنت ليه ما قبضتش على الحمير لحد دلوقت ؟ 
                       
                         [ ترتفع همهمات وترتسم إمارات الدهشة على وجوه الجميع ]
رئيس الشرطة :        ( متعجبا)إزاي أقبض على الحمير يا سيدي الوزير ؟!
الوزير :                 حصل في المملكة مشاكل وقلاقل ..والأمن المملكي اتعرض للخطر    
                          وممكن الممكلة اقتصادها يهتز وفيه ممالك قطعت علاقتها بينا ولا لأ ؟
رئيس الشرطة :       إيوه كل ده حصل .
الوزير :               بسبب مين ؟
رئيس الشرطة :      الحمير . 
الوزير :              وفي المادة خمسمية أربع وتلاتين البند العاشر تقسيم عشرة وأنت داخل كده    
                       على اليمين من الدستور الملكي كل من وما يعكر صفو الأمن في المملكة   
                        يقبض عليه ويحاكم ..ولا إيه رأيك يا قاضي القضاة .
قاضي القضاة :       (يقف رافعا يده ) أيوه دي المادة اللي أنا واضعها في الدستور ...ولأ دا    
                        في مادة أخطر رقم خمسمية أربع وتلاتين البند العاشر تقسيم عشرة ..بس    
                         المادة دية  وأنت داخل على الشمال ...بتقول كل من وما يفكر مجرد   
                         تفكير في تعكير صفو الأمن يقبض عليه ويحاكم .
رئيس الشرطة :      أيوه بس ماحصلش قبل كدة أن نقبض على الحمير .
الوزير :               ( يضع إصبعه نحو رأسه ) وما سبقش قبل كدة إن الحمير عملوا المشاكل    
                          دي كلها .
رئيس الشرطة :       ماشي يا سيدي الوزير كلامك وكلام قاضي القضاة على عيني وراسي   
                         ...وبعد ما أقبض عليهم ح أعمل فيهم إيه ؟
الوزير :                ( متعجبا ) أمرك عجيب ...بعدما تقبض عليهم نحاكمهم .
رئيس الشرطة :        ( يضرب يده ظاهرا لباطن متعجبا ) ح نحاكم الحمير !!
الوزير :                 ( يضحك ، يتقدم من رئيس الشرطة يضع يده على كتفه ) إيه الفرق بين   
                           واحد بيعكرصفو الأمن وحمار يفعل نفس الفعل ...أنت بتجرم الفعل ولا 
                            الفاعل 
رئيس الشرطة :          الفعل .
الوزير :            حلو قوي ..نفترض أن شوية شباب علموا اللي علموه الحمير ...كنت ح 
                     تعمل إيه يا حلاوة ؟
رئيس الشرطة :   أقبض عليهم وأقدمهم للمحاكمة .
الوزير :           ( يلتفت للقاضي ) وبم كنت ستحكم عليهم يا قاضي القضاة ؟
قاضي القضاة :   ( يقف يجمع أطراف العباءة حول جسده ) اللي يستحق الجلد يجلد ...واللي   
                     يستحق السجن يسجن ..واللي يستحق القتل يقتل .
رئيس الشرطة :   ( مندهشا ) الحمير ؟!
قاضي القضاة :    الشباب .
الوزير :           ونطبق على الحمير ما طبقناه على الشباب .
قاضي القضاة :   بس فيه حاجة أنت مش واخد بالك منها يا سيدي الوزير .
الوزير :          إيه هيه ؟
قاضي القضاة : هو القانون اللي وضعه بشر ...واللي ينفذه بشر ...بكدة محاكمة الحمير ممكن    
                  يكون فيها عوار دستوري ..أو مخالفة قانونية .
الوزير :         بس ما فيش قانون عند الحمير علشان نطبقه عليهم . 
قاضي القضاة : والقاعدة القانونية لا تجريم إلا بنص .
الوزير :         إزاي ده ؟
قاضي القضاة : يعني لازم الحمير تعرف نتيجة علمهم ده  وتوصيف القانون له وتعريفهم بيه   
                 ..ولو ثبت انهم ما يعرفوش حاجة عنه ما نقدرش نعاقبهم .
الوزير :         يا أخي نعتبر الحمير مغفلين ...والقاعدة القانونية الشعبية بتقول القانون لا     
                   يحمي المغفلين .
قاضي القضاة : حتى ولو كان القانون ده موجود ، فلابدان يطبقه وينفذه الحمير . 
الوزير :        وطبعا دا مستحيل .
رئيس ديوان الأشغال : ( يترقع أصابعه ) أنا جت لي فكرة يا سيدي الوزير .
الوزير :            إيه هية ؟
رئيس ديوان الأشغال : وليه ما نحاكمش أصحاب الحمير بدل ما نحاكم الحمير . 
قاضي القضاة :    بس أصحاب الحمير ما علموش حاجة ...دا الضرر واقع عليهم من الحمير .
رئيس ديوان الأشغال : هم يعتبروا في حكم الضامنين للحمير لأنهم أصحابهم ..وفي القانون    
                          الضامن غارم . 
قاضي القضاة :      ( يعبث في لحيته ) كلام محتاج إعادة نظر برضة .
الوزير :             على كدة ما فيش قدمنا غير حلين ...إما نحاكم الحمير أو نحاكم أصحاب    
                      الحمير .
قاضي القضاة :     لو حاكمنا الحمير دا غير قانوني ...ولو حاكمنا أصحاب الحمير دا محتاج    
                      تشريع  قانوني جديد .
الوزير :            ( غاضبا ) تشريع إيه اللي عايز وقت ...دا إحنا واقعين في مشكلة.... لأ دي     
                     مشاكل ومصايب وكل يوم بتزيد ..لأ... دي كل ساعة ( يشير إلى كبير    
                    البصاصين ) أنت قاعد ساكت ما بتتكلمش ليه يا كبير البصاصين ..ولآ       
                    البصاصين محتاجين نضارات نظر ؟!
كبير البصاصين : ( ينهض يتقدم من الوزير ، ينقل بصره بين الحاضرين ) أنا رفعت لك أكتر     
                     من تقرير عن بداية المشكلة دية وكان ممكن نعالج كل حاجة قبل ما نوصل   
                     للوصلتله .
الوزير :           أنا ما وصلنيش حاجة تخص الموضوع ده .
كبير البصاصين : ( يشير إلى قرطم ) وأنت ما رفعتش التقرير إلى الوزير . 
قرطم :            ( يرفع مجموعة الراسائل عاليا ) الوزير ح يقرأ إيه ولا إيه ...ويعدين الرجل    
                    كان بيشوف نفسه .
الوزير :          ( غاضبا ) لم نفسك يا قرطم وإلا انت عارف إيه اللي ح يحصلك ( يتجه إلى   
                   كبير البصاصين ) هات  اللي عندك يا كبير البصاصين ...بس اختصر وأدخل   
                   في الموضوع على طول .
كبير البصاصين : أم السيد وأم نوال وحمار أبو السيد وحمار أبو نوال و ...
الوزير :      ( مقاطعا ) أنا بأقولك اختصر وأدخل في الموضوع تقولي أم كوثر وأم انتصار !!
كبير البصاصين : ماهو الموضوع بدأ من عند أم كوثر وأم انتصار يا سيدي الوزير .
الوزير :        ( مندهشا ) مين ام كوثر وأم انتصار دول . 
كبير الباصاصين : سيدي الوزير انت لخبطني ...قصدي ام السيد وأم نوال .
الوزير :         طاب وكوثر وانتصار .
كبير البصاصين : ( غاضبا ) لا فيه كوثر ولا انتصار ...فيه أم السيد وأم نوال بس .
الوزير :         ماشي يا سيدي مالهم دول بأة . 
كبيرالبصاصين :ما هو انا لما لقيت الناس بدأوا يشتكوا من الحمير أننا بلد حمير ..قصدي بلد    
                     راس مالها الحمير والناس بيعتمدوا عليها في كل حاجة ...بعت الباصصين       
                   والباصاصات في كل حارة وفي كل زقاق فيه حمًارة .
الوزير :         بصاصين وعرفناها ...إنما إيه حكاية البصاصات ..إحنا عندنا جماعة     
                 للبصاصات ؟!
كبير البصاصين : ما أنا رفعتلك تقرير من مدة أقولك فيه أني ح اعمل جماعة للبصاصات .
الوزير :            ( مندهشا ، ينظر نحو قرطم ) يا قرطم ...
قرطم :           ( مقاطعا رافعا يديه لأعلى ) ما إحنا قلنا ان الوزير كان بيشوف نفسه ..هي    
                   البلد دية   
                   الواحد ما يعرفش يشوف نفسه ولا إيه ؟
الوزير :          ( مهددا ،يمس على لحيته ) ماشي يا قرطم أخلص من المشكلة دية وأفضالك     
                    (يلتفت إلى كبير البصاصين) وإيه لزمت جماعة الباصاصات ..هو مش فيه     
                     جماعة البصاصين يا حلاوة ؟!
كبير البصاصين : البصاصين بيبصوا على الرجالة ، اما الباصصات فبيبصوا على النسوان .
الوزير :          ( يشير إلى رأسه ) يا سلام هية الحكاية بقت تخصص ....المهم إيه اللي   
                   حصل ..وإيه  علاقة البصاصات بموضوعنا .
كبير البصاصين : الحكاية بدأت بحمار أبو السيد ...لما الحمار عض ورفس صاحبة وحرن   
                    على الشغل ..وأم نوال قالت لأم السيد أن حمارهم عمل نفس اللي عمله حمار   
                    أبو السيد بس لما كتروا له الأكل ويعني دلعوه شوية وهشتكوه وفرفشوه .
الوزير :           ( مندهشا ) دلعوا وهشتكوا وفرفشوا أبو السيد ...
كبير البصاصين : ( نافد الصبر ) الحمار يا سيدي الوزير . 
الوزير :          إزاي يعني يدلعوا ويهشتكوا ويفرفشوا الحمار ...
كبير البصاصين : يعني يأكلوه كويس ويحموه ويريحوه ويفسحوه ..
الوزير :         وبعدين إيه اللي حصل ؟
كبير البصاصين : الحمار ساق فيها .
الوزير :          يعني إيه ساق فيها ؟ 
كبير البصاصين : يعني ماعودش يقدروا يمشوا عليه كلمة ..الوقت اللي يحب يشاغل يشتغل فيه   
..واللي ما يحبش يشتغل ما يشتغلش ..وكان يخرج زي ماهو عايز ويرجع وقت ما هو عايز ...المصيبة الكبيرة أن حمير الممكلة كلها علموا زي حمار    أبو السيد ..
الوزير :           فين المشكلة في كل ده .
كبير البصا صين : طلبات الحمير كترت ..طبعا الحمارة رفعوا من تمن خدماتهم علشان يقدروا      
                      يصرفوا على الحمير ...والسلع كلها زادت .
رئيس الشرطة : ( مندهشا ) وهو ده سبب المظاهرات اللي الناس بيقوموا بها كل شوية .
الوزير :         ليه ؟
رئيس الشرطة : ما هما عايزين المملكة تزود في مرتباتهم .
رئيس ديوان الأشغال : ما فيش في خزينة المملكة فلوس علشان نزود المرتبات . 
كبير البصاصين : ياريت المشكلة وقفت عند كدة ؟
الوزير :         فيه إيه تاني ؟
كبير البصاصين : أغلب الحمير اختفت وهربت وتغيب يومين أو تلاتة وترجع تاني ..طبعا   
                     والحمارة في اليومين دول من غير شغل ..والمملكة حالة واقف . 
الوزير :           ( مشيرا إلى كبير الأطباء ) مش يمكن الحمير تفشى فيها مرض او وباء ؟
كبير الأطباء :     ( يقف ويتقدم ) أنا فكرت في ده ..وكشفت على عدد من الحمير ...لقيت     
                     صحتهم بتتقدم كتير عن الأول وفي أحسن حال .
الوزير :           طبعا مش بيدلعوا الحمير وإيه كمان ..
كبير البصاصين : ويهشتكوهم ويفرفشوهم ويحموهم . 
رئيس الشرطة :  المشكلة دولقت مش في الحمير .
الوزير :          أمال فين ؟ 
رئيس الشرطة :  الآف من الناس عاطلين عن العمل ..وأسعار كل حاجة زادت ..وحالة من    
                   الغضب والهيجان بتزيد كل يوم ..وانا اعتقلت وسجنت الكتير إنما مش ح أقدر  
                   اعمل أكتر من كدة . 
رئيس ديوان الشغال : ومصالح الحكومة كان أغلبها متعطل .
الوزير :              ليه ...هي حمير الحكومة حصلها للحصل لحمير الأهالي .
كبير البصاصين :    دول كانوا في مقدمة الحمير ...
الوزير :           يعني تشخيص الحالة بيقول ان البلد على وشك ثورة بسبب سوء الأحوال   
                    المعيشية وتفشي البطالة وزيادة الأسعار  
وزير :             والحل يا كبار رجال المملكة .
قاضي القضاة :    ما فيش أن المملكة تتدخل أنها ترفع المرتبات وتدي إعانة لأصحاب الحمير   
                    تعوضهم .
رئيس ديوان الأشغال : خزينة الدولة ما تتحملش ...ومنين يا حسرة اللي جاي على قد اللي رايح
الوزير:        ( يضع يديه خلف ظهره ويسيربين الجالسين ) والحل يا حلوين ...الحل إيه ؟
قرطم :         ( متهيبا ) نقتل الحمير . 
الجميع :        ( في صوت واحد ) نقتل الحمير !! 
الوزير :        إزاي يا قرطم نقتل الحمير أنت أتجننت ..دي المملكة كلها حمير 
رئيس ديوان الأشغال : إحنا كدة بنقضي على المملكة .
رئيس الشرطة :     ( يتقدم من قرطم ويربت على كتفه ) أبدا..إحنا لو عملنا اللي بيقول على    
                    قرطم يبأ بننقذ المملكة . 
الوزير :           أزاي يا عبقري أوانك وزمانك ؟   
رئيس الشرطة :  ( يتقدم إلى وسط المكان ) دلوقت مشكلتنا مع مين ؟
الوزير :          مع الحمير .
رئيس الشرطة : وبكرة ح تكون مشكلتنا مع مين ؟
الوزير :         مع الحمير والناس .
رئيس الشرطة : مع الناس اللي مش ح يطول صبرها على الأوضاع اللي بتسوء كل يوم .
                  وتفتكر إحنا نتعامل مع مين أسهل وأضمن .
الوزير :       مع الحمير طبعا 
قاضي القضاة : أيوة بس إيه المبرر القانوني لقتل الحمير في المملكة ؟
رئيس الشرطة : ( مفكرا ) نقول مثلا أن الحمير أصيبت بوباء 
الوزير :         ( مشيرا إلى كبير الأطباء )  إيه رأيك يا كبير الأطباء في الكلام ده ؟ 
كبير الأطباء :   ما هو ممكن يكون كلامه صحيح .
الوزير :          إزاي ؟
كبير الأطباء :   ان فعلا يكون فيه وباء انتشر بين الحمير ...وعلى كدة إحنا محتاجين نعالج   
                   الحمير .
الوزير :         ( نافد الصبر ) لسه ح تشخص المرض ..وبعدين تعالج ويايصحوا يا إما يتنوا   
                  عيانين ..إحنا في صراع مع الوقت ..المملكة حالها مقلوب ..أنا عايز حل سريع    
                   يخلصنا من المشكلة دي دلوقت حالا ...وعلى رأي رئيس الشرطة لو انتظرنا   
                   ح تكون المشكلة مع الحمير ومع الناس ....وأنت عارف لو فقدنا سيطرتنا على   
                   الناس إيه اللي ممكن يحصل ؟
رئيس الشرطة  : بس لو قتلنا الحمير ..ح تظهر مشكلة ؟
الوزير :          ( متضايقا ) وبعدين إحنا كل مانخرج من مشكلة تظهر مشكلة ...إيه هي    
                   المشكلة المرة دية ؟
رئيس الشرطة :   مين ح يقوم بشغل الحمير ...دي الممكلة كلها بتعتمد على الحمير ؟ 
رئيس ديوان الأشغال : بسيطة ..الناس يقوموا بشغل الحمير .
رئيس الشرطة :       إزاي ده 
رئيس ديوان الأشغال  : انت مش بتقول أن البطالة منتشرة ، والبلد حالة واقف والسجون مليانة    
                         والناس زهقانة وعلى وشك الثورة .
رئيس الشرطة :       أيوة .
رئيس ديوان الأشغال : من دلوقت خرج الناس من السجون ..وح نعلن عن حاجتنا لشغل    
                         الوظائف ..ح يتقدم الناس يشتغلوا مكان الحمير .
الوزير :             ودول ح ندبرهم الرواتب منين  ، وانت عارف خزينة المملكة ما تتحملش ؟
رئيس ديوان الأشغال : مش ح ح نحمل المملكة أي زيادة ..ما كانت الحكومة تصرفه على    
                          الحمير ح تصرفه على الموظفين .
قاضي القضاة : واللي كانت الحكومة تصرفه على الحمار ح يكفي الموظف ؟!
رئيس ديوان الأشغال : وإحنا مالنا يكفيه ولا ما يكفهوش ...إن شاء الله الفلوس اللي بنيدهاله ما     
                           تكفيش إلا عيش حاف ..إحنا مالنا .
القاضي :            (مندهشا ) هي مش الحكومة برضة مسئولة عن إعاشة الموظف .
رئيس ديوان الأشغال : ( ينهض ويتقدم إلى الوسط) من قال الكلام الفارغ ده ...الدولة مش   
                          مسئولة عن طعام وشراب وعلاج الموظف ...فيه عمل الموظف يؤديه ،    
                          ياخد أجرة عن العمل ..أما الأجر يكفيه ولا لأ ...دامش شغل الدولة .
قاضي القضاة :        ومين اللي ح يحدد الأجر اللي ح ياخده الموظف .
رئيس ديوان الأشغال : الحمار . 
قاضي القضاة :         ( مندهشا ) الحمار !!
رئيس ديوان الأشغال : أيوه اللي كانت الدولة بتصرفه على الحمار تديه للموظف .
قاضي القضاة :      ( متعجبا ) وده معقول ...بأة ندي للموظف المسئول عن أسره وله  
                       متطلبات نديله اللي كنا بننفقه على أكل الحمار .
رئيس ديوان الأشغال : أنا ماليش دعوة مين اللي يشتغل ..الحمار ولا الموظف ...أنا بأعطي   
                         أجر على العمل مش على العامل ...الحمار والبني آدم واحد طالما  
                         بيعملوا عمل واحد ما فيش فرق عندي .
الوزير :         على كدة ح يكون اعتمادنا كله على البني آدمين بعد ما كنا بنعتمد على الحمير 
رئيس ديوان الأشغال : ( مزهوا ) وبنفس التكلفة ويمكن أقل . 
الوزير :                إزاي أقل ؟!
رئيس ديوان الأشغال : لما الموظف ح يقوم بعمل الحمار ...هنا ممكن نفرض ضرايب اللي ما   
                          كناش نقدر نفرضها على الحمير .
الوزير :              ( مندهشا ) ودول ح يدفعوا ضرايب على إيه ؟!
رئيس ديوان الأشغال : عن الشوارع والحوارى والزقايق  اللي بيمشوا فيها .. عن الأحمال اللي   
                          بيحملوها فوق ضهرهم .
الوزير :              ( ضاحكا ، مقتربا من رئيس ديوان الأشغال ) برافوا ....عفارم عليك   
                       ...أنا مش عارف بتجيب الأفكار دية منين.
رئيس ديوان الأشغال : ( بمكر ) المهم أن كل حاجة نعملها بتكون في مصلحة الدولة .
رئيس الشرطة :       ( يتقدم ويقف بين الوزير ورئيس ديوان الأشغال ) بس إيه رأيكم لو البني  
                          آدمين اللي حلوا محل الحمير ..انهم يعملوا نفس اللي عمله الحمير ؟
الوزير :              أنت قصدك يعني يقوموا باللي قام به الحمير من تعكير صفو الأمن  العام .
رئيس الشرطة :       أيوة ؟
الوزير :                ليه ؟
رئيس الشرطة :      لأن نفس الظروف اللي تعرض لها الحمير هي هي اللي ح يتعرض لها    
                       البني آدمين .
قاضي القضاة :      على كدة لابد من معالجة الظروف دية . 
الوزير :              تقصد إيه ؟
قاضي القضاة :     أننا نحسن من ظروف الناس  ونخفف الأعباء عنهم .
الوزير :         ( متعجبا ) وإيه دخل الناس في الحكاية دية ؟! إن كنا ح نحسن من ظرف    
                  حد..فلنحسن من ظروف الحمير . 
قاضي القضاة :  ( مندهشا ) الحمير!!
الوزير :          هو مين اللي عكر صفو المملكة ..الناس ولا الحمير ؟
قاضي القضاة :   الحمير 
الوزير :         على كدة اللي علينا أننا نحسن أحوال الحمير ونخفف العبء عنهم ..ونعمل اللي    
                   عمله أبو كوثر .
كبير البصاصين  : ( غاضبا ) أبو السيد يا سيدي الوزير ...أبو السيد .
قاضي القضاة :    إزاي ده يعني ؟
الوزير :           أن نأمر أن الحمير تعمل من الساعة تامنية لحد الساعة أربعة مثلا ..وتاخد  
                    يوم أجازة مدفوع الأجر ..ونحدد أنواع الأطعمة على مدى الخمس أيام   
                   وكميتها... وتتمرغ كل يوم ساعة في الرمل ...وتستحمى في الأسبوع مرتين   
                   ...وتروح كل شهر عند البيطري ككشف دوري .
قاضي القضاة :   كدة الحمًارين حيرفعوا من أجرة النقل علشان يقدروا يصرفوا على الحمير .
الوزير :         هم أحرار . 
قاضي القضاة : التجار ح يرفعوا من سعر البضائع .
الوزير :        هم أحرار . 
قاضي القاضاة : الناس ح يتذمروا يشتكوا ويمكن يثوروا زي ما هو حاصل دلوقت .
قرطم :          رجعنا ما ترح ما كنا ...وكأنك يا أبو زيد ما غزيت ؟
الوزير :       ( مستفها ) مين أبو زيد ده يا قرطم ؟
قرطم :        دا واحد كان عنده حمارين ...حب يبيعهم ..حمار اتسرق منه ...والتاني هرب منه   
               ..وكانت مراته موصياه أنه يجيب وهوجاي فرختين على كم كيلوا بامية وبطيخة 
               ...طبعا رجع إيد ورا وإيد قدام ..فمراته قالت له : كأنك يا أبو زيد ما غزيت .
الوزير :       ( مهددا ) أخلص من المشاكل وأفضى لك يا حلاوة . 
رئيس الشرطة :   ( بنفاد صبر ) ما فيش قدمنا غير أننا نقتل الحمير ...على الأقل نقتل معاهم    
                    فكرة الثورة أو الاعتراض والاحتجاج ...وده يكون رادع لأي حد من الحمير   
                    أو البني آدمين أنه يفكر مجرد تفكير يعكر صفو البلد .
الوزير :           ( مفكرا ) لنقتل الحمير .
قاضي القضاة :    لايتم القتل إلا بعد المحاكمة . 
الوزير :            ما فيش مانع ..حاكم الحمير . 
قاضي القضاة :    أنتم عايزين أحاكمهم علشان بعد كدة تقتلهم .
الوزير :        أمرك عجيب يا أخي ...نقتل الحمير تقول لا....نحاكم الحمير تقول لا ...أنت إيه   
                  حكايتك ؟!
قاضي القضاة :  أنا أقصد أننا ما نتخذ أي قرار قبل ما نحاكمهم ...مش ممكن تكون الحمير     
                 بريئة وغير مذنبة .
الوزير :        وده ممكن ؟!
قاضي القضاة :  وليه لا .
الوزير :         ( يضع يده على رأسه ) هو انت مش قلت من شوية أن مش مفروض نحاكم   
                   الحمير بقانون البشر ...وما ينفعش البشر يحاكموا الحمير .
قاضي القضاة :  ( مترددا ) أنا فكرت كتير في الموضوع ده ...وشفت أن اللي ح يتحاكم عن     
                  الحمير هم أصحاب الحمير .
الوزير :        حلو قوي ...على كدة أصحاب الحمير هم اللي ح ينالوا العقاب عن الحمير   
                 ..كويس كدة يا قاضي القضاة .
قاضي القضاة : بس رجعت وفكرت وقلت أن ده ظلم ...لأن أصحاب الحمير ما علموش حاجة 
الوزير :        ( ينهض غاضبا ) حاكم الحمير إن حبيت ولا حاكم أصحاب الحمير ...ولا إن    
                 شالله تحاكم البلد كلها ..المهم عندي أنه لابد يكون فيه عقاب عن الجريمة اللي   
                حصلت ..ولابد يكون فيه مسئول ولابد يعاقب حتى يكون عبرة ...ولابد يكون  
                العقاب في غاية القسوة ...وبكرة تقدم لي المجرم وح يتعاقب في اكبر ميدان في   
                  المملكة ...وإلا سيبنا نعمل اللي إحنا شايفينه .
قاضي القضاة : حتى لو كان اللي ح تعاقبه مظلوم .
الوزير :        (محتدا ) مسألة الظلم والعدل دي تخصك أنت ككبير قضاة ...أما أنا فلابد من    
                  مجرم ولابد من عقابه وبمنتهى القسوة كمان ( ينظر إلى الجميع ، يتجه نحو    
                 الباب ) خلص الاجتماع يا سادة .

                                          ( ستار )  


المشهد الخامس  :

قاعة المحاكمة ، عدد من عامة الناس نساء ورجال وأطفال يجلسون في خلفية المكان ، وفي المقدمة يقف عدد من الحمارة مقيدين بسلاسل وبجوارهم عدد من الحراس يحملون الرماح والسيوف ، وفي جانب كرسي القاضي خاليا وأمامه منضدة . وبجواره كرسي اصغر ومنضدة أصغر لكاتب سر المحكمة .يقف بجوار الباب الجانبي حاجب المحكمة في انتظار قدوم القاضي يسمع صوت الهرج والمرج وصوت بكاء الأطفال ولغط النساء .

حاجب المحكمة : ( رافعا يديه لأعلى ) قاضي قضاة المملكة المبجل المحترم .  
حارس 1 :        ( يشير للجالسين أن يقفوا ) أقف أنت وهي يا ولاد الكلب أول ما يدخل قاضي   
                    القضاة ما تودناش في داهية ...واقطع النفس انت وهي ...النفس مش عايز      
                    أسمعه فاهم يا لمامة أنت وهي .
                            [ يدخل القاضي ، يتجه إلى مقعده ، يجلس ]
امرأة 1 :         ( تزغرد ) عشت وشفت قاضي القضاة ...والنبي دا وشة زي القمر المنور .
امرأة 2:          ( توكزها في جنبها ) أنت بزغردي ليه يا مرة ؟
امرأة 1:           إن شاء الله تشوفي ولد من ولادك زي قاضي القضاة شايفة ياختي الهيبة    
                     والحلاوة والنبي لو يرضى نروح اشتغل عنده خدامة . 
امرأة 2 :          يا نيلك يا مرة ...وجوزك يا بت ح يسيبك تشتغلي عند الغرب كدة .
امرأة 1:          هو قاضي القضاة غريب ....وبعدين هوفين جوزي ...دا من يوم ما الحمار     
                   طفش منه والظاهرهو كمان طفش .
امرأة 2 :       ( مندهشة ) وبتكلوا وبتشربوا منين ؟ 
امرأة 1:        (تخرج ثديها لترضع طفلها ) من الحمار .
امراة 2 :       ( مندهشة ) الحمار ...إزاي ده ؟!
امرأة 1 :       ما هو المتنيل على عينه جوزي كان محوش للحمار أكل لأسبوع قدام ..فول    
                  وشعير ..وأهو كل يوم أخد حفنة فول أدمسها للولاد وشوية شعير أطحنهم    
                  وأخبزهم وأهو على دا الحال لحد ما ربنا يعدلها .  
امرأة 2:       ( توكزها في فخذها ) يكونش يا بنت طفش وراح يتجوز عليك ....ما الرجالة    
                   عينهم زايغة اسأليني عنهم . 
امرأة :          ( تمصمص شفتيها ) هو بعد اللي بيحصلهم من الحمير والعيشة والعسس اللي    
                  ربنا ينتقم منهم عاد حد حاسس أنه رجل ...والنبي يا أختي أنا خايفة ليكون عمل  
                   في روحه حاجة من ساعة ماطفش يا رب يرجع .
امرأة 2:         الحمار ؟!
امرأة 1 :         لا اسم الله على مقامك ....جوزي يا أختي .
امرأة 2:           أنت عايزة الحمار يرجع ولا جوزك يا بت ؟
امرأة 1:           الاتنين ...هو جوزي له قيمة إلا بالحمار ...والحمار مما نهوش فايدة إلا   
                     بجوزي ...ربنا يرجعهم لي بالسلامة ...ندر عليا لو ده حصل لفرق فول   
                     نابت على الجيران وشعير على حمير الجيران .
قاضي القضاة :     ( يقلب نظرة إلى الجميع ويشير إلى المقعد الخالي ) فين كاتب سر المحكمة 
كبير الحراس :       ( يتقدم ) الظاهر أتأخر يا حضرة قاضي القضاة . 
قاضي القضاة :       واتأخر ليه ؟
كبير الحراس :        يمكن مش لاقي حمار يركبه علشان يحضر المحاكمة ...وانت عارف بيته   
                         بعيد عن هنا .
قاضي القضاة :       وأنت عملت إيه ؟
كبير الحراس :        ما أنا بعت له حارسين علشان ...بدل الحمار . 
كبير القضاة :          والحمارين ..قصدي الحارسين ما وصلوش ليه لحدد لوقت . 
كبير الحراس :         لو ما وصلش ح أبعت له حمارين تانيين .
كبير القضاة :            تقصد حارسين 
كبير الحراس :         ما تفرقش ...( يشير نحو الباب ) أهه جيه أهه .
الكاتب :                ( يجفف عرقه يتجه نحو المنضدة يضع السجلات على المنضدة ) لا 
                          مؤاخذة يا حضرة قاضي القضاة على تأخيري غصب عنى والله .
قاضي القضاة :       هو مش كبير الحراس بعت لك حارسين علشان ....بدل الحمار .
الكاتب :            إيوة ..بس وإحنا في نص السكة ..ظهر لنا حمارين ..فالحارسان سبوني    
                     وجروا وراء الحمارين ...بس كلوا ضرب لدرجة انهم كانوا ح يموتوا .
قاضي القضاة :     الحمارين ؟!
الكاتب :             لا...الحارسين ....
قاضي القضاة :     ( يشير لكبير الحراس ) يالا نبدأ المحاكمة ...فين المتهمين يا كبير الحراس 
كبير الحراس : ( يدفع الحمًارين المقيدين أمامه ) أهم المذنبين الخونة المجرمين ولاد الكلب يا     
                   حضرة قاضي القضاة .
حمًار1:        ( يسقط على وجهه ، يوكزه كبير الحراس في جنبه ) إيه الحكاية ..إحنا ح   
                  نلاقيها من كبير القضاة ولا من الحمير ولا من الناس ولا من العيشة الزفت   
                  ...الواحد يروح يدفن نفسه أحسن ...ليه كدة يا رب ...ليه كدة يا رب .
كبير الحراس :  أخرس يا مذنب ...أنت مش شايف كبير القضاة قدام ..
حمًار 1 :        لا مؤاخذة يا حضرة القاضي ...أنا أعمي ما بأشوفش .
قاضي القضاة :   أعمي ما بتشفش ...أمال قبضوا عليك ليه .
حمًار 1 :         كان عندي حمار وطفش .
قاضي القضاة :   ( مندهشا ) وإزاي بتشغل على حمار وأنت أعمي ؟!
حمًار1 :         أي نعم أنا أعمي ....بس الحمار اسم الله على مقامك مفتح وبيشوف وهو اللي   
                    بيسحبني 
قاضي القضاة :  ( مندهشا ) هو الحمار يعرف السكك يا رجل ؟!
حمًار 2:         دي الحمير بتفهم عننا يا قاضينا ...وتعرف السكك اكتر مننا ..بالك لما نتوهوا   
                    في السكك نسيب الحمار هو اللي يرجعنا للبيت ..
كبير الحراس : ( يوكزة في جنبه ) هو حد سمح لك تتكلم يا بجم ...ما تتكلمش يا مذنب إلا لما 
                   القاضي يقولك أتكلم . 
قاضي القضاة :  ( يشير إلى حمًار من المقيدين ) قرب هنا يا رجل أنت ليه وشك أصفر كدة   
                  وبتترعش أنت إيه حكايتك ؟ 
حمًار3 :         ( يقترب من القاضي ، يشير إلى فمه ) ..............
قاضي القضاة :      الحمًار الظاهر عطشان ومش قادر يتكلم ...أنت ما بتشربش الحمًارين ليه  
                        يا كبير الحراس .
كبير الحراس :       خسارة فيهم الميه يا قاضي القضاة .
قاضي القضاة :       ليه يا كبير الحراس ؟!
كبير الحراس :       علشان خونة ومجرمين ومذنبين وولاد كلب . 
قاضي القضاة :      ( ساخرا ) طاب ما تيجي تقعد مكاني وتحاكمهم أنت .
كبير الحراس :      ( خجلا) العفو يا قاضي القضاة ...أنت اللي بتحاكم .
قاضي القضاة :     هو انت بعد ما أصدرت حكمك أنهم خونة ومجرمين ومذنبين فيه بعد كدة   
                         حكم ؟! 
كبير الحراس :    وولاد كلب ..
قاضي القضاة :    لا ...خلي الحكم ده بعد الاستنئناف ....هات مية للحمًارين يا كبير الحراس .
قاضي القضاة :    ( يتفحص بقية الحمًارين ، يشير لواحد ) تعالي يا رجل ...اتحرك تعالي  
                       قدامي .
كبير الحراس :     ما يقدر ش يمشي أصل إحنا ربطينهم من رجليهم ..أصل حضرتك ما   
                      تعرفهمش دول خونة ومجرمين ومذنبين ...
قاضي القضاة :     ( ساخرا ) وولاد كلب .
كبير الحراس :     لا ...ما إحنا اتفقنا أن دية بعد الاستئناف .
قاضي القضاة :     أنت إيه حكاية يا رجل ؟
حمًار 4:           ( يمسح وجهه بكمة ..يبكي ) يا حضرة قاضي القضاة ...أنا عايش بالتيلة  
                    ...طول النهار سارح بالحمار علشان لقمة العيش وبنجري على الولاد وأمهم  
                     وأمي وأبويا ...وأخر النهار ارجع للبيت بازحف أنا والحمار من التعب  
                     ...أنام زي الحمار ..ومعاه في نفس المكان اللي بينام فيه وبقية ولادي ...وفي  
                      يوم طفش ...أنا عقلي شت ...الجنون شوية علي ...فوض أمري لله ..وبقيت  
                      أنزل السوق وأشيل الحمول على ضهري علشان أجيب لقمة عيش وأأكل     
               كوم اللحم اللي متعلق في رقبتي ...وقابلني الحراس وأنا شايل الحمول وسألوني     
                فين الرخصة ...قلتلهم رخصة إيه ..أتاري البني آدم ما يشتغلش مكان الحمار إلا   
                إذا عطوله  رخصة ...ربطوني من إيدي ورجلي وجروني على هنا . 
قاضي القضاة :   وحمارك راح فين ؟
حمًار 4 :      عرفت بعد كدة أن الحمير لموا بعضهم وطفشوا  
   امرأة 1:     ( تقف وابنها على كتفها ) والرجالة ياحضرة القاضي طفشوا ورا الحمير .
كبير الحراس : ( ملتفتا إليها ) ما تتكلميش يا حرمة إلا بعد إذن من قاضي القضاة .
قاضي القضاة : ( يشير للمرأة ) تعالي هنا قلوللي إيه حكايتك ..وليه رجلك طفش ورا الحمار ؟
امرأة 1 : ( تتقدم من قاض القضاة ) ما هو يا سيدي القاضي الرجل مالوش إي لازمة من غير   
              الحمار .
قاضي القضاة : ( مندهشا ) يعني لو مات الحمار يموت الرجل مافيش مشكلة عندك ...بس انت تتمني مين يرجع ..رجلك ولا الحمار ؟
امرأة 1:        الحمار يا سيدي القاضي ...هو ح يبأ موت وخراب ديار ...ما أنا ممكن برضة  
                  أخرج واشتغل على الحمار .
قاضي القضاة : بأ يا حرمة جوزك يموت والحمار لأ ..
امرأة 1:         هو أني بأيدي أموت حد يا سيدي القاضي ..
قاضي القضاة :   إنما هو طفش ليه ؟ 
امرأة 1 :       جوزي يا سيدي القاضي ؟
قاضي القضاة : لا ...الحمار .
الحمًار الكفيف : ( يتقدم ) انا أقولك ليه الحمير طفشت يا سيدي .
قاضي القضاة : ليه ؟
الحمًار الكفيف : من اللي شايفينه ...إحنا مش بنشغل الحمير ...إحنا بندبحها من الشغل ...من   
                   الفجر لحد الشمس ما تغيب ..وكمان بنستخسر فيها الأكل والراحة .
قاضي القضاة :  على كدة أنتم السبب في طفشان الحمير . 
حمًار 4 :       ليه يا سيدي القاضي ؟
قاضي القضاة :   مش لسه صاحبكم بيقول أنكم بتبخلوا عليها بالأكل والراحة . 
حمًار 3 :     إحنا ما بنبخلش على الحمير ...إحنا بنبخل على نفسنا كمان ...إحنا مش لاقين      
               هدمة نحطها على جسمنا ولا مداس في رجلنا ..معظمنا ما بيأكلش طول اليوم غير  
               لقمةعيش ناشف وشوية  فول وبصلة ناشفة ...ومع كل ده إحنا بنفضل الحمير   
                على نفسنا .
حمًار 3 :    أي والله يا سيدي القاضي أنا بأشتري العشا للحمار قبل ما أشتري العشا لأولادي  
               ...بس زي إحنا بنأكل من غير ما نشبع الحمار كمان بيأكل من غير ما يشبع   
               ..وزي ما بأستخسر ساعة راحة في نفسي ..هو كمان ما فيش راحة خالص  .
  الحمًار الكفيف : ( يتلمس طريقه ) أنت عارف يا سيدي القاضي ..إن الحمير دية إحسن مننا 
قاضي القضاة     : ليه ؟
الحمًار الكفيف : علشان إحنا اللي كان مفروض نطفش مش هيه .
قاضي القضاة : طاب وأنتم ما فكرتوش ترفعوا من أجرة النقل ؟
الحمًار 4:      ومين ح يوافقنا على كدة ...التاجر ممكن يعند ويسيب البضاعة على الرصيف  
                 أو في المخازن بالأسبوع  وممكن يقفل محله ...إنما إحنا ما نقدرش نصبر على   
                 الجوع يوم واحد .
الحمًار 3 :      حتى لو رفعنا أجرة النقل ..ما هو التجار ح يرفعوا سعر كل حاجة ...ورطل   
                   الفول اللي كنت بأشتريه بقرش ح أشتريه بعد كدة بقرشين ...وكدة ولا كدة   
                   الأسعار برضة بتزيد  
قاضي القضاة :   ( يشير إلى الكاتب ) اكتب يا بني ...قررنا نحن قاضي قضاة المملكة بعدما     
                  ثبت أن الحمًارين غير مذنبيين من التهم المنسوبة لهم ..وان لا يد لهم في 
                   طفشان الحمير ..وليسوا متسببين بأي وجه في تعكير صفو الأمن الحادث في  
                  المملكة والذي عرض الأمن القومي للخطر ..مما سبق قررنا إخلاء سبيل كل      
                 الحمًارة ( يلتفت إلى كبير الحرس ) فك الحبال من إيديهم ورجليهم يا كبير  
                  الحرس .
الحمارة :        ( في صوت واحد ) يحيا العدل ..يحيا العدل ...يحيا قاضي المملكة . 
قاضي القضاة : ( مخاطبا كبير الحراس ) أنت مستني  إيه ..مش قلتلك أخلي سبيلهم .
كبير الحراس : ( يجذب الحبال نحوه ) إزاي ياقاضي القضاة نخلي سبيلهم ..دول خونة   
                   ومجرمين ومذنبين  ..
كبير القضاة :   وولاد كلب .
كبير الحراس : أهو أنت قلت بنفسك أهه .
كبير القضاة :  لو ما أخليتش سبيلهم دلوقت حالا ح أرميك أنت في السجن .
كبير الحراس : ( يلتفت إلى الحراس ) فكوا الحبال يا حراس ...( بصوت منخفض ) وأوعو ا   
                    يغيبوا على عينكم وخلوا بالكم منهم دول خونة ومجرمين ومذنبين ..
حارس :         وولاد كلب يا كبير . 
الحاجب :       ( بصوت مرتفع ) اقعد منك ليه لحد ما قاضي القضاة يكمل منطوق الحكم .
قاضي القضاة :  وبالنسبة للحمير أثبتت التحقيقات أنهم مذنبين ، وأنهم سبب تعريض الأمن   
                  القومي في المملكة للخطر ..ولذلك حكمنا على كل حمير المملكة بالإعدام .
الحمًارين :      ( في صوت واحد ) تعدموا الحمير ...يا خراب بيتنا  
امرأة 1:        ( تصوت وتلطم ) ما كنش يومك يا أبو صابر ...دا أنت كنت مستيتني ومهنيني  
                 ..ح أوشوف الغلب والذل بعدك .
حارس 1:      مين ابو صابر ..دا جوزها ؟
حمًار 2:        لا ..دا حمارهم .
الحمًار الكفيف : ( يقترب من القاضي يتناول يده يقبلها ) إزي ح تقتلوا الحمار ..دا عيني اللي   
                   بأشوف بيها يا سيدي القاضي ...أنتم مش بتقتلوا الحمير دا انتم بتقتلونا .
حمًار 3:          أيوة يا سيدي القاضي ...أقتلونا إحنا بدل ما تقتلوا الحمير .
حمًار 1:         على الأقل الولاد ح يلاقوا اللي يجري على لقمة عيشهم . 
قاضي القضاة :  ما تخافوش على لقمة عيشكم ...الحكومة ح توظفكم عندها .
حمار 4 :       هي الحكومة لقيا تاكل علشان توظفنا . 
حمًار 3:         إذا كانت بتقاسمنا في لقمة عيشنا الناشفة .
حمًار 2 :        دي بتاخد إتاوة حتى على برادع الحمير .
حمًار 1:          وإن شاء الله الحكومة ح تدينيا رواتب ولا ح تشغلنا مجانا عندها ...ما إحنا    
                   عمرنا ما اخدنا حاجة من الحكومة .
حمًار 4 :        وإش ياخد الريح من البلاط يا ولداه .
قاضي القضاة :   ما الحكومة ح تديكم اللي كانت بتديه للحمير اللي بتشتغل عندها . 
حمًار 1 :          ( ساخرا ) ح تدينا في نهاية النهار شوية فول وشعير .
حمًار 2 :         يعني أنا أرجع للولاد وشايل على ضهري حزمة برسيم وفي حجري شوية   
                    شعير .
حمًار 3:         وأنا وانا خارج الصبح شايل تحت باطي البردعة وفي إيدي الحبل 
حمًار 4:         (  ضاحكا ) ومراتك تصرلك شويه فول في منديل تتقوت بيهم لحد ما ترجع .
حمًار 1:         ولا وأنت الصادق مراتك تقولك ما تنساش تحود على السوق وتجبلنا حزمة    
                   برسيم خضرة وطرية علشان اطبخها على شوية درة .
قاضي القضاة : ( يقف غاضبا ) ما تحترم نفسك انت وهو ..أنتم نسيتم نفسكم إنكم في محكمة      
                  وقدام قاضي القضاة .
كبير الحراس : ( يتقدم ) انا مش قلتلك أنهم مذنبين وخونة ومجرمين وولاد كلب ....( يلتفت  
                  إلى الحمًارين ) المرة دية ح أسلسلكم في الحديد  يا سفلة يا لمامة يا بتوع 
                   الحمير .
قاضي القضاة :  ( يتأمل الأوراق أمامه . ينظر إلى الحمارين حوله ) أنتم مش عايزين الحمير  
                  تتعدم ليه ...هو انتم واخدين منها حاجة دلوقت ...هم مش طفشوا منكم ، ومش  
                عارفين أراضيهم فين .
الحمًار الكفيف : ما إحنا كان عندنا أمل يعني أن حكومتنا الرشيدة الطيبة أنها تتدخل وتصلح ما  
                    بينا وبين حميرنا .
قاضي القضاة :  إذا كان حمير الحكومة كمان طفشت .
حمًار 1 :      هو انت ح تساوي بين حميرنا وحمير الحكومة ...حمير الحكومة تعمل اللي هية   
               عايزاه ...دي حمير مدلعة وعايشة على الغالي 
حمًار 2 :     دا كفاية أنه بياكل في اليوم تلت طاقات وبياخد يوم راحة في الأسبوع 
حمًار 3 :    لا ...وبيشتغل نص يوم .
قاضي القضاة : انا احترت معاكم ...ما هو يا انتم المذنبين يا الحمير .
كبير الحراس : لا ..هم المذنبين المجرمين الخونة .......ولاد ال......
حمًار 4 :    ( يقترب من قاضي القضاة ) خلاص يا سيدي القاضي ..هو كل حمار ح يرجع   
               ويبيع حاجة من بيته علشان يدبر قرشين ... وإن شاء الله تتحل المشكلة . 
كبير القضاة : وح تعلموا إيه بالقرشين .
حمًار 4 :    رجل طيب ما يتخيرش عنك شيخ مبارك ...قال لنا ان الحمير معملوها عمل 
             ...حيقوم يفك العمل ..ويعمل عمل تاني علشان الحمير ترجع لنا ...بس هو طالب  
              مبلغ كبير حبتين وإحنا ح ندبر المبلغ إن شاء الله ..
حمًار 3 :   وإن كان ممكن يعني تساعدنا بقرشين وولادنا ومراتتنا يدعولك أن ربنا يعلى  
              مراتبك وتكون شيخ حارة .
قاضي القضاة : ( ضاحكا ) انت مش شايف أن شيخ حارة كتيرة على شويتين .
حمًار 2 :      ( متحمسا) لا والله دا انت تستحقها ويارب تكون من قسمتك ونصيبك . 
حمًار 4 :     والله انت تستاهل كل خير ..
قاضي القضاة :  والرجل اللي ح يفك العمل ويعمل لكم عمل علشان الحمير ترجع ..انتم يعني  
                   واثقين فيه .
حمًار 1 :  ما هو اللي عمل عمل ورجع أبو نفيسه لأم نفيسة ...
حمًار 2 :  ورجع أم زليخة لأبو زليخة ..بعد ما كانت راكبة دماغة وقباقيب البلد ما ترجعله .
قاضي القضاة : بس انا شايف كدة ان تخصصه إن يرجع الرجالة الطفشانة والنسوان ما له      
                  ومال  الحمير ؟ 
حمًار 3 :    لا ...ما هوه شيخ مبروك بتاع كله... دا رجع الديك الرومي للولد أبو حسين بعد ما   
                   كان طفشان منه. 
قاضي القضاة :  يعني انتم بتطلبوا مدة لحدما تعلموا محاولة فك العمل اللي اتعمل  للحمير  
               ...طاب لومانفعش الكلام ده وتنت الحمير راكبها دماغه وطفشانه .
حمًار 4 :      ما إحنا كمان ح نطلق منادين في حواري وزقايق للحمير يرجعوا وإحنا ح  
                نعاملهم زي ما بنعامل ولادنا ويمكن أكتر ح نديلهم أكل كتير وح نريحهم ومش ح  
               نتعبهم ونديلهم أجازة 
حمًار 3 :   وح نخدوهم يصيفوا ..ونجبلهم بطيخ .  
قاضي القضاة : ( مندهشا ) وهي الحمير بتسمع .
حمًار 1 : يوه يا سيدي القاضي ...بتسمع دا الحمار ذكي قوي يا سيدي .
حمًار2 :      أنت عارف يا سيدي القاضي ...ساعات بأفكر أن بنى آدم ده أصله ..أصله حمار 
حمًار 4 :      هي لو ما كنتش بتفهم كانت طفشت .
حمًار 3 :       تصدق يا سيدي القاضي أن بأكلم الحمار .
قاضي القضاة : ( مندهشا ) وبيكلمك !!
حمًار 3 :      ( متعجبا ) هو فيه حمار بيتكلم يا سيدي القاضي ...اسم الله على مقامك !!
قاضي القضاة : يعني أنت بتكلمه بس هو ما بيتكلمش .
حمًار3 : طبعا .
قاضي القضاة : وبيفهمك وأنت بتكلمه .
حمًار 3 :( متعجبا ) هو فيه حمار بيفهم يا سيدي القاضي ...اسم الله على مقامك . 
قاضي القضاة : ( يجمع الأوراق التي امامه ) يوقف تنفيذ حكم إعدام حمير إلى الأجل الذي   
                  تحدده المحكمة غدا ...ترفع الجلسة .
                              ( ستار )


   الفصل الثالث


المشهد الأول :

الجنية والجني يجلسان على الجدار ، يدخل الحمار الزعيم يسير ببطء وتمل  باحثا عن صديقه العجوز ، يقف حيث كان يجلس صديقه ينظر هنا وهناك منتظرا إياه . 
الجني :       مين كان يصدق أن الحمار ده يقلب حال المملكة بالشكل ده ؟ 
الجنيه :      ( تربت على رأسه ) ما أنت السبب ...مش أنت اللي لعبت في ودانه واستفزيته     
               ومليت دماغه بحقوق الحمير والثورة ومش عارف إيه . 
الجني  :     أنا كنت بأتسلى مش أكتر ...أتاري الحكاية انقلبت بجد ، وإزاي الحمير يصدقوا    
              حكاية الثورة ..هم نسوا نفسهم ولا إيه ؟!
الجنية :    ( تقف وتسير على السور تحاول ان تحفظ توازنها ) أنت أتكلمت مع حمار  
           ...واقنعته أو هو كان مستعد يقتنع ...وبعدين هو اتكلم مع حمير زيه ..وقدر أنه يقنعهم  
           ..وما صدقوا يلاقوا واحد يقودهم .
الجني :     ( يقف ويسير ورائها على الجدار محاولا ان يحفظ توازنه ) هي حكاية الثورة     
              عندهم  سهل بالدرجة دي ...يعني واحد يقول لواحد اعمل ثورة على طول يبرطع      
             ويجي عامل ثورة وواخد الناس معاه .
الجنية :    ( تستدير له وتكون في مواجهته ) لا  ..الحكاية استغلال ظروف مش أكتر مع  
              تضخيم مساويء وعيوب وبعدين حمارك ده مشى على مبدأ ضربوا الأعور على  
             عينه قال لهم خسرانه خسرانه .
الجني :     ( يمسك يدها ) أنت جبتي المبدأ دا منين ؟
الجنية :    من كتاب الأمير لمكيافيلي .
الجني :   ( يهرش في رأسه ) أنا حافظ الكتاب ده كويس ..ما فهوش المبدأ ده ...وبعدين المبدأ     
             دا ما بيتسقش مع عقلية مكيافيلي ...إنت بتذاكري من ورايا يا بنت يا جنيه ..وإحنا    
             متفقين ان كل حاجة نعملها مع بعض .
الجنية :     سيبك من المبدأ ومكيافيلي ....أنت ناوي تعمل إيه مع الحمار بعدما ورطته الورطة  
              السودة دية . ..وقلبت حال المملكة .
الجني :    ( يتراقص فوق الجدار ) هو انا ضربته على إيده ...ما ينحرق هو والمملكة وكل  
                الحمير . 
الجنية :     دا يمكن اللي عمله الحمار يتسبب في أن الحمير كلها تتعدم . 
الجني :     طاب وانا مالي .
الجنيه :    ( تمسك يدها وتهزها ) لا يا حبيبي أن فاهم لو الحمير اتعدمت الوضع ح يكون إزاي 
الجني :   ح يكون إزاي يعني ؟
الجنيه :   مش ح يكون في المملكة غيرنا والبني آدمين ؟
الجني :   مش فاهم .
الجنية :   يعني ممكن البني آدمين يدوروا على حد يقوم بعمل الحمير اللي اتعدمت .
الجني :   ( يحذب يده من يدها ويشير إلي صدره وإليها وإلى ظهره وظهرها  ) تقصدي يعني  
            ...إحنا ..نبأ مكان ال...
الجنية :    ما انت عارف جنس البي آدمين مش حصل قبل كدة وسخروا أجداد جدودنا 
 الجني :   ودا ممكن يحصل .
الجنيه :   هو مستيعد طبعا ...بس دا وارد ...المهم يا حبيبي لابد نشوف نهاية للي اللعبة دية .
الجني :   ( يشير للحمار الزعيم )  الحقي الحمار العجوز خرج من البيت ...تعالي نشوف  
            بيقولوا إيه .
الحمار الزعيم :( مندهشا ) انا بقالي مدة واقف هنا ..هو انت غيرت مكانك ولا إيه ....وبعدين  
                 انت بتاكل إيه ؟! أنت تخنت قوي . 
الحمار العجوز : ( ضاحكا ) ماهو على رأي المثل أكل ومرعة وقلت صنعه ..يا خوياالرجل  
                   أول ما سمع بحكاية طفشانكم وبقى بيخاف عليا وبينيمني جنبه في الأوضة اللي  
                   بينام فيها وبناكل معاهم وبيحميني  ...وبيشغلني نص يوم .
الحمار الزعيم :  بس أنت تحنت قوي .
الحمار العجوز : يا خويا بيأكلوني حاجات عمري كلتها أل إيه مكرونة بالفشمل ورز بالكبسة  
                  وتصور بيعصروا لي البرسيم في الخلاط ..وبعد ده كله فيه الحلو .
الحمار الزعيم : إيه الحلو ده .
الحمار العجوز : حاجات كدة بياكلوها بعد الأكل .
الحمار الزعيم : هم بياكلوا بعد الأكل ؟!! 
الحمار العجوز : أمال إيه ؟ حاجة كدة أسمها كيكة ...وأم مصطفي ولا مش عارف أم على   
                     والعيال الصغيرة بيجبولي آيس كريم وشيبسي ..أما الفواكهة بقى فما نقلقش  
                      طول النهار والليل ما بنبطلش أكل . ..( ينفجر في نوبة ضحك هيستيري  
                       يوشك أن يقع فيسنده الحمار الزعيم ) مش ح تصدق اللي ح أقول هولك 
الحمار الزعيم :  ( مندهشا ) فيه إيه ...دا انت مش قادر تتنفس من الضحك .
الحمار العجوز :  دول عايزين يجوزوني ....
الحمار الزعيم :  ومالوا يا صاحبي ...
الحمار العجوز : ومالوا إيه يا أخي ..دا أنا ما بفرقش بين حبة الفول والزلطة ....دا لولا اللي 
                    أنت عملته ومعاك بقية الحمير  كنت زماني مرمي وبيستخسروا فيا شوية فول 
الحمار الزعيم :  ( يجلس بجوار الجدار مطرقا ) أنا مش مبسوط يا صاحبي .
الحمار العجوز : ليه ...إيه اللي حصل ...ما كل حاجة ماشية زي البرسيم الأخضر الطري .
الحمار الزعيم : ( يقلب وجهه هنا وهناك في الظلام ) الحمير عايزين يرجعوا 
الحمار العجوز : ( متعجبا ) يرجعوا فين ؟!
الحمار الزعيم : يرجعوا لأصحابهم .
الحمار العجوز : طاب ماهو لازم يرجعوا .
الحمار الزعيم : ( ينهض غاضبا ويدق الأرض بقوائمه ) بعد كل اللي عملته ..وجاهدت  
                  وكافحت وبقالنا قيمة تقولي يرجعوا ...يعني كل اللي عملته يضيع .
الحمار العجوز : ما انت حققت مكاسب كتيرة للحمير ...أديك شايف أنا أهو كنت إيه وبقيت إيه 
                   الحمير ماكنوش يحلموا أنهم يحققوا  كل ده ( يقترب منه ) أنت نسيت حالنا   
                   قبل كدة كان إيه .
الحمار الزعيم  : أنا ما عملتش اللي عملته علشان شوية فول زيادة ولا علشان يريحوا الحمير  
                   يوم في الأسبوع ولا علشان يعاملوهم كويس . 
الحمار العجوز : ماهي دية كل مطالب الحمير ...وتحققت وزيادة كمان ..وبعدين اللي انت  
                   نجحت أنك تعلمه دا ح نسيك أنك في البداية والنهاية حمار ...إحنا ما كناش  
                 عايزين أكتر من أن البني آدمين يدونا حقوقنا كحمير إحنا ما كناش بنتعامل   
                 كحمير . 
الحمار الزعيم : ( يذهب ويجيء ) انا ما ثرتش علشان أرجع تاني زي ما كنت حمار .
الحمار العجوز : ( مندهشا ) أمال انت عاوز تكون إيه ؟
الحمار الزعيم : وليه ما أكنش حر زي الحيوانات الحرة 
الحمار العجوز : مش فاهم يعني إيه تعيش حر .
الحمار الزعيم : يعني أعيش على مزاجي أنام زي ما انا عايز أصحى وقت ما أحب أروح أي   
                  مكان ..يعني كدة .
الحمار العجوز : ودي حرية يا صاحبي دي صياعه وقلة أدب ..انا ما أفهمش يعني إيه حمار ما  
                   يشتغلش ...ولو ما اشتغلتش يبأ لازمتك إيه .
الحمار الزعيم : هو يعني الواحد ما يكنش له لازمة إلا إذا اندبح من الشغل والتعب .
الحمار العجوز : طبعا يا صاحبي .
الجني :         ( يقترب من الزعيم ويشد أذنيه ) الظاهر الحمار الزعيم استحلى الزعامة ومش  
                  هاين عليه يسيبها ...يا حبيبي الليلة خلصت فينتو ...والولد انفض خلاص 
                ...الحمير لو مارجعوش إلى أصحابها الحكومة ح تعدمهم حمار حمار .
الحمار العجوز : بحق الكلام اللي بيقوله ده صحيح ...ح يعدموا الحمير لو ما رجعوش ؟!
الجني :         مش كدة وبس ..الناس ناوين يعاملوا الحمير كويس  ..وكل واحد عنده حمار 
                  بيعاملوا أحسن معاملة ..زي الحال معاك 
الحمار العجوز : ( مندهشا ) طاب والحمير ما رجعوش ليه لحد دلوقت .
الجنية :           ( تركب ظهر الحمار الزعيم ) صاحبك مانعهم يرجعوا 
الحمار العجوز:  ليه مانعهم يرجعوا .
الجني :           أصله استحلى حكاية الزعامة ...ولو رجعوا خسر زعامته ومكانته بين الحمير 
الجنيه :     وح يكون مجرد حمار عادي خالص .
الجني :     ( ضاحكا ) أو حمار بدرجة زعيم سابقا . 
الحمار العجوز : ( يقترب من الحمار الزعيم ) أنت دلوقت حالا تقول للحمير كل واحد يرجع 
                    لصاحبه .
الحمار الزعيم :  ( يدير رأسه في الجهة الأخرى ) ما أقدرش أتحمل نتيجة القرار ده . 
الحمار العجوز : أمال قدرت تتحمل نتيجة قرار الثورة والتمرد ...الحمير بيسمعوا كلامك ..مين 
                    غيرك ح يقولهم.
الجني :          أنت بتطلب منه قرار التنازل عن زعامته ...وهومستحيل يتنازل عن زعامته .
الحمار العجوز : لا ....ممكن يتنازل عن زعامته إن كان ده فيه مصلحة للحمير .
الجني :          ومعنى انه ما يتنازلش عن زعامته كدة الحمير ح تتعدم . 
الحمار العجوز : ما تضيعش كل اللي كاسبناه بنشافة مخك . 
الحمار الزعيم : انا خلتهم يثوروا ويتمردوا ...مستحيل نرجعهم تاني للعبودية والسخرية والذل .
                 عايزين يرجعوا هم احرار يرجعوا أو واحد تاني يقولهم أرجعوا .
الحمار العجوز : بس انت كدة بتتخلى عن مسئوليتك .
الجني :          مش كدة وبس دا كمان بيخون الحمير .
الحمار الزعيم : ( مندهشا ) أخون الحمير ؟! إزاي ده ؟!
الجني :          لأنهم وضعوا مصيرهم ومصلحتهم بين إيديك ..ومنحوك شرف القيادة 
                ..والمفروض تنكر ذاتك وماتفكرش إلا في مصلحتهم ...
الحمار الزعيم : ومصلحتهم أنهم يرجعوا تاني زي ماكانوا .
الجني :       هو انت خليتهم يثوروا ويتمردوا ليه ؟ علشان يحققوا مكاسب وياخدوا حقوقهم ولا 
                علشان تخرجهم من جلدهم وتخليهم مخلوقات تانية ..
الجنية :       أنت وهم اتخلقتوا حمير وح تموتوا حمير ..ومش معنى انكم ثورتوا وتمردوا انكم  
               بقيتوا حاجة تانية ولا جنس تاني .
الحمار الزعيم : ( يدق الأرض بقوائمه ) ما أقدرش .
الجنيه : تقدر 
الحمار الزعيم : ما أقدرش .
الجني : لا تقدر .
الحمار الزعيم : ما أقدرش .
الحمار العجوز : حاول ...حاول ..يمكن تقدر .
الحمار الزعيم : ( ينكس رأسه ) ح أحاول .
                                        


                                      ( ستار )


المشهد الثاني :

الوزير يتصدر المكان ، وعلى يمينه رئيس ديوان الأشغال ، وعلى يساره رئيس الشرطة وفي ركن يجلس ( قرطم ) إلى منضدة منهمكا في كتابة بعض الرسائل .
الوزير :           ( يشير إلى رئيس ديوان الأشغال ) إيه الأحوال المالية للملكة .
رئيس ديوان الأشغال : مية وعشرة ...في أحسن حال ...إنما ليه ؟
الوزير :           أصل لما قلت ح نشغل الناس مكان حمير الحكومة إمبارح ..فهمت منك ان  
                    الوضع المالي مش تمام يعني .
رئيس ديوان الأشغال : ( يقترب اكثر من الوزير ) ماهو لابد نقول كدة واكتر من كدة ...ولابد 
                          أن نقول أن فيه عجز في ميزان المدفوعات وفيه تضخم والمملكة عليها  
                          ديون متلتلة ..وإننا مش لاقين اللضى ، والحكومة تصعب على الناس  
                         ..قوم لما نفرض ضرايب ما حدش يتكلم ،قوم لما الحكومة ترفع الأسعار   
                          ما حدش يتنفس ، قوم لما الحكومة يعني ما تعملش مشاريع أو تبني   
                          مستشفيات أو مدارس أو مصانع ماحدش يتكلم ..وعلى رأي المثل العين 
                          بصيرة والإيد قصيرة
الوزير:               (ضاحكا ) قوم من جنبي دا أنت شيطان ...أنا مش عارف من غيرك كنت  
                       ح أعمل إيه .
رئيس ديوان الأشغال : ( بمكر ) ما كنتش ح تشوف نفسك كويس يا ....يا وزير .
الوزير :                ( يتلفت حوله ) هوما فيش حد بيشوف نفسه في المملكة دية إلا أنا ...ما  
                         كلكلم بتشوفوا نفسكم ...
رئيس ديوان الأشغال : ( بخبث ) معاك حق بس اللي منا بيشوف نفسه مرة ولا مرتين إنما مش 
                           سبع مرات يا وزير .
الوزير :                ( يرفع أربعة أصابع يده ) دول أربع بس يا نصاب يا ضلالي ...حسب  
                          الشرع 
رئيس ديوان الأشغال : ( يرفع ثلاثة أصابع يده ) ماهو كان فيه تلاتة قبل كدة وانت فلسعتهم 
                     ..وأنت بتنكر ليه ..ما هو لابد وزير المملكة يشوف نفسه علشان يعرف يدبر  
                         شئون الممكلة كويس ...وبعدين أنت لسه شباب وانا عارف انك لسة ح  
                         تشوف نفسك كمان وكمان .
الوزير :              مش عايز رطرطة كتير في الموضوع ده .
رئيس ديوان الأشغال : اطمئن دي من الأسرار العليا للمملكة      
رئيس ديوان الشرطة  : ( يقترب منهما ) هو فيه حاجة بتسرروا فيها .
رئيس ديوان الأشغال : ( يعود إلى مقعده ) دا الوزير كان بيسأل هو قاضي القضاة أتاخر ليه .
الوزير :               ( مخاطبا رئيس ديوان الأشغال بصوت عال ) إنما مش شايف أننا ندي 
                         للموظف اللي ح يحل مكان حمار الحكومة اللي إحنا كنا بنديه للحمار  
                         مش شايف ان ده يعني مش تمام ...برضة البني آدم غير الحمار ...إحنا  
                          نقول اللي لنا واللي علينا ...الحق أحق  أن يتبع ..ولا إيه إحنا برضة 
                          لابد نعدل وما نظلمش حد .
رئيس ديوان الأشغال : خلاص ح نخلي البني آدم بحمارين .
الوزير :               إزاي ده ؟
رئيس ديوان الأشغال : يعني ح نصرف على الموظف اللي كنا بنصرفه لحمارين .
الوزير :                 ( متحمسا ) أيوه كدة ....إحنا مش عايزين نكون سبب في ظلم حد  أنت  
                           عارف دعوة المظلوم .
رئيس ديوان الاشغال : ( يقف ويخرج السبحة من جيبه ) إلا الظلم ...إلا الظلم يا وزير ..دا  
                         الظلم ظلمات . 
الوزير :               أنا كدة استريحت ...( يشير إلى قرطم ) يا قرطم ..أرسل إلى قاضي 
                        القضاة هو أتاخر ليه النهاردة . ..وإن شاء الله يكون خلصنا من حكاية 
                        الحمير اللي معكرة مزاجي .
رئيس الشرطة :      إنما انا عايزأسألك سؤال يا وزير . 
الوزير :               اسأل سؤال اتنين تلاتة ..إحنا ورانا إيه .
رئيس الشرطة :      هو إحنا ح نعدم الحمير ليه ؟
 الوزير :               (مندهشا ) مش عارف والله !! هو إحنا ناويين نعدم الحمير ؟!
رئيس الشرطة :        أيوة ناويين نعدم الحمير ومستنيين قاضي القضاة يحكم بكدة .
الوزير :                ( واضعا يده على رأسه ) فعلا ...مضبوط ...وإيه المشكلة في كدة .
رئيس الشرطة :        أنا عملت إحصاء في المملكة لقيت أكتر حاجة في المملكة هي الحمير 
                         ...وعددهم كبير جدا دول أكتر من البني آدمين ...وح نقتل مين ولا مين 
                         ..فيه حمير موجودة لسة وبتشتغل زي الفل ..وبعدين لو فيه حكم ح يكون 
                        على الحمير ...طاب والبغال والجحشة والآتان موقفهم إيه ؟ 
الوزير :              ( ينهض ..يسيرمفكرا ...يعود يمسك يد رئيس الشرطة )  بأقولك إيه ...ما 
                        بلاش حكاية قتل الحمير وتسجنهم .
رئيس الشرطة :        ( مندهشا ) أسجن مين ...الحمير ؟!
الوزير :                 مش أحسن ما نقتلهم .
رئيس الشرطة :       ودول ح أجيبلهم سجون منين ...؟!
رئيس ديوان الأشغال : وأنت همك على السجون ....ما سألتش ح نألكهم منين . ..وإحنا قادرين 
                           نأكل البني آدمين لما ح نأكل الحمير !!
الوزير :             ( يقف بين الاثنين ) لا يا حبيبي أنت وهو ...ماهو ماترمليش الكرة في 
                      ملعبي وكل واحد يجري برة الملعب دا أنا برضة الحكم وممكن أجيبلك أنذار  
                       وأخرجك برة اللعب خالص ...مش كدة وبس دا انا ممكن أشطب اسمكم من 
                      سجلات الفيفا كمان ...طبعا انتم فاهميني أقصد إيه ...براحة كدة كل واحد  
                     منكم يفكر إزاي نحل المشكلة دية ( يشير إلى قرطم ) وأنت يا خويا يالي  
                    هربان وغرقان في شوية الورق اللي معاك تعالي معاهم شوف المشكلة دية .
قرطم :           ( يقترب ) بس أنا ما كنتش بألعب معاكم ...وما جتش ناحية الكرة خالص انا   
                     قاعد في مدرج المتفرجين . 
الوزير :           (مهددا ) بسيطة ...يبأ أنت سبب الشغب وأعمال التخريب اللي بتحصل في  
                     المدرجات ...وإن شاء الله ح تتدخل السجن يا لا يا حلاوة . ..لا ..دا انتم  
                     ماتعرفنيش لما أتنرفز شوفوا بأة لما الوزير بجلالة قدره يتنرفز ، وبعدبن أنا  
                    وزير متلطم ..يعني وزير مخلة واخدها من اول ما كنت عسكري درك .  
قرطم :              ( مفكرا )انا جتلي فكرة ...إحنا لا نقتل الحمير ولا ح نسجنها ...
رئيس ديوان الأشغال : أمال ح نعمل بيها إيه ؟
قرطم :            أنتم عارفين أن ممكلتنا مشهورة بجودة وأصالة وحلاوة حميرها 
الوزير :            طبعا والدليل موجود قدامي أهه .
قرطم :            إيه رأيكم لو نصدر كل حمير المملكة للمالك اللي حاولينا ؟  
رئيس ديوان الأشغال : والله فكرة بكدة استريحنا من قلق ومشاكل الحمير ...وبرضة ح يدخل  
                        خزينة المملكة قرشين حلوين ..اهو برضة المملكة تشبرق نفسها والوزير 
                      يشوف نفسه .
رئيس الشرطة :    أيوة ...بس ح نقول للناس إيه ...يعني إحنا كنا حنقول أن الحمير انتشر فيها   
                    وباء علشان كدة ح نعدمها ...طاب دلوقت ح نقولهم إيه علشان نصدرها ..أو    
                   حتى نبعتها برة لسنة ولا اتنين .
قرطم :           ( يدور حول نفسه مفكرا ) بعثة علمية ما ينفعش ....إعارة خارجية برضة ما   
                  ينفعش ...نطلعهم برة علشان يحضروا دكتوراة برضة ما ينفعش ....بس ...بس 
                  وصلتلها .
الوزير :       هي إيه ؟!
قرطم :        فكرة ...بس أنا عاوز تصرفلي علاوة استثنائية .
الوزير :       إيه هي الفكرة ...ما كل أفكارك مهببة بهباب .
قرطم :         إحنا ح ننشر في المملكة ونقول إن فيه مؤتمر عالمي على مستوى القمة لحمير 
                 العالم ..وإن المملكة ح تساهم بكل حمير الممكلة ..ونجيب سفينة كبيرة نشحن 
                 فيها كل الحمير المشاغبة والشقية ...ونزود الحملة على الآخر ...طبعا في وسط 
                البحر ..سلم لي على الحصان .
الوزير :       ولما تعرف المنظمة العالمية للرفق بالحيوان ...وطبعا العالم كله ح يعرف .
قرطم :        ولا حاجة ح نقول أنهم كانوا مهاجرين غير شرعيين ..وإن صاحب السفينة     
                 استغل سذاجتهم وكان واعدهم أنه ح يشغلهم برة بعقود . 
                      [ الحارس يعلن عن وصول قاضي القضاة ] 
الوزير :      خير يا قاضي القضاة ...مين اللي طلع مذنب .....الحمًارة ؟
قاضي القضاة : ( يجلس إلى مقعدة ينظر إلى الجالسين أمامه ) لا ...الحمًارة مش مذنبين .
الوزير :        يبأ الحمير هم المذنبين .
قاضي القضاة : ولا الحمير مذنبين . 
الوزير :        ( مندهشا ) لما الحمًارة طلعوا مش مذنبين والحمير كمان طلعوا مش مذنبين   
                  أمال أنت كنت بتعمل إيه ؟ 
قاضي القضاة : كنت بحاكم الحمير والحمًارة .
الوزير :    أمال ما طلعتهمش مذنبين ليه ؟ 
قاضي القضاة : هو أنا علشان بأحاكمهم لابد أطلعهم مذنبين ؟!
الوزير :      ( مندهشا )أمال بتحاكمهم ليه ؟ يعني تقام المحكمة والقاضي رايح والقاضي جاي    
               والحرس ورئيس الحرس والمتهمين ومصاريف بتتصرف وبعدين تقولوا بح   
               مافيش مذنب ولا فيه عقاب . 
قاضي القضاة : يعني أحكم بالظلم و ...
الوزير :       ( ينهض يتقدم من القاضي مقاطعا ) أنا مش شغلتي حكاية الظلم والعدل ...أنا  
                 شغلتي أمسك مذنب وأعاقبه ..
قاضي القضاة : ( يقف يشير إلى رئيس الحرس  ) على كدة أنت مش محتاج قاضي انت محتاج 
                  جلاد .
الوزير :       ماهو الجلاد ح يجلد بأمرك أنت ..لما تحكم أن ده مذنب .
قاضي القضاة : ومين قالك إن لابد للمذنب أنه ينجلد .
الوزير :       ( يسير ويقف أمام القاضي في مواجهته ساخرا  ) يعني مش برأت الحمير     
               والحمًارة ...دا  كمان المذنب ممكن لا يعاقب في رأيك ...أنت بتشتغل بأي قانون   
                  يا مولانا ؟! 
قاضي القضاة :  قانون الطبيعة .
الوزير :       ( مندهشا ) يعني إيه قانون الطبيعة ...دا قانون جديد دا ولا إيه ؟!
قاضي القضاة : لما تحط غزالة وديعة قدام أسد جعان ويفترسها ....اللي عمله الأسد دا ذنب 
                 ممكن نعاقبه عليه ؟
الوزير :       لا طبعا .
قاضي القضاة : ليه ؟
الوزير :        لأنه اللي عمله الأسد شيء طبيعي ..أمال يعني الأسد ح يقعد يتغزل في جمال    
                 عينيها ماهو لابد يأكلها وبعدين دا كان جعان .
قاضي القضاة : وإيه رأيك هو واحد جيه وقالك إن الأسد مذنب ولابد أننا نعاقبه ؟
الوزير :         يبأه لا مؤاخذة حمار ...وحمار كبير كمان .
الجميع :          ( يضحكون . يحاولون أن يكظموا الضحك ) ......
قرطم :          ( يخفي وجهه ، يحرك مجموعة من الرسائل أمام وجهه ) الدنيا حر بشكل مش  
                  ممكن أتحمل الحر ده . 
رئيس ديوان الأشغال : ( يمسك بطنه ويتلوى ) بطني بتوجعني ...الظاهر اني أكلت حاجة  
                        مشمومة .
رئيس الشرطة :     (يقف على المقعد ويتأمل في الجدران خلفه ) فيه شرخ كبير في الجدار  
                     لازم نرممه .
الوزير :     ( يقترب من القضاة ) وأنت مش عايز تتحجج بحاجة زيهم علشان تخفي ضحكك    
                ...طبعا أنت قاضي     القضاة محترم ...بس هم ( يشير لهم ) فشة أبوهم عايمه 
              ...( مهددا ) ماشي انا ح اخليكم تعرفوا تضحكوا كويس ...انا ح اوريكم الوش  
               التاني ..ما انا أصلي بوشين ..أصبروا عليا ...وأنت يا قرطم حسابك تقل قوي .
قرطم :       يا سيدي إحنا ما عملناش حاجة ( يكظم ضحكه ) أحنا يا يدوبك ضحكنا ...حتى    
              يعني ماكملناش الضحك .
الوزير :       ماهي ممكلة حالها بزرميط ....دا حتى الحمير مش قادرين عليها  وعاملة مشكلة      
                ( يلتفت إلى قاضي القضاة ) إذا كان الحمير مش مذنبه ..والحمارة مش مذنبين   
               أمال مين بأة المذنب ؟
قاضي القضاة : ( يشير إلى نفسه وإلى من حوله ) إحنا كلنا مذنبين .
الوزير :          ( متعجبا ) دا أنت بتحاكمنا بأة .
قاضي القضاة :    أنت عارف يا وزير ...أنا اكتشفت حاجة خطيرة وأنا في المحكمة ...
الوزير :           إيه هية ؟
قاضي القضاة :    إن الشيء الطبيعي أن الناس هما اللي يثوروا ويتمردوا أو يعني يعملوا إي    
                     حاجة ....هم ما عملوش ...الحمير اللي عملت ....لأن إحنا بظلمنا وجبروتنا  
                     مسخنا طبيعة الناس قتلنا جواهم إنسانيتهم ..محينا إرادتهم ..حطمنا كرامتهم 
                   ...شوهنا شرفهم ...عملنا كل ده مع البني آدمين ...بس ما قدرناش نعمله مع 
                   الحمير ...أو إن الحمير رفضت اللي ما قدرش يرفضه الإنسان ....بس كل 
                  اللي بنذرعه جو الإنسان بنحصده    وكل الظلم اللي في العالم من غرور وطمع   
                 وشره الإنسان .
الوزير :        المهم ح نعمل إيه في مشكلة الحمير ؟
قاضي القضاة : الحمير راجعه تاني ...وما أظنش فيه مشكلة .
الوزير :        إزاي ده ؟
قاضي القضاة : لأن الحمير اتعلمت من الإنسان إزاي ترضى بالظلم وتعيش معاه . 
الوزير :        المهم المملكة ترجع زي ما كانت ولا يعكر صفو الأمن شيء .
قاضي القضاء : دي ح ترجع أحسن من الأول لأن الحمير اتعلمت الدرس من الإنسان .

                                    ( ستار )
                                       ( تمــت )    



0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption