عودة فؤاد نعيم: «الملك يموت»... عاش المسرح في «المدينة»
مجلة الفنون المسرحية
عودة فؤاد نعيم: «الملك يموت»... عاش المسرح في «المدينة»
عودة فؤاد نعيم: «الملك يموت»... عاش المسرح في «المدينة»
بدءاً من اليوم، تنطلق على خشبة «مسرح المدينة» أربعة أنشطة تقام في مناسبة شهر رمضان. أعمال مسرحية وسينمائية وموسيقية تقارب السلطة والموت والشيخوخة والقضية الفلسطينية مع فؤاد نعيم، وسيمون شاهين، وكارول منصور، ونضال الأشقر
يعود المسرحي والفنان التشكيلي والإعلامي فؤاد نعيم إلى مملكته ولو عبر ملكٍ يموت. هكذا يمكن رسم الحدث، لكن لا يمكن إختصار الفعل المسرحي الذي يقوم به الرجل ذو التسريحة المميزة والنظارات الطبية حين يقدّم عمله «الملك يموت» بدءاً من الليلة على خشبة «مسرح المدينة». هو الصحافي القادم من مؤسسات كبيرة وجهدٍ متواصل (أنشأ القسم العربي في وكالة الصحافة الفرنسية، وكان مديراً لأكثر من مؤسسةٍ إعلامية كبيرة كـ «تلفزيون لبنان») والمسرحي الذي قدّم أعمالاً مميزةً (الثلاثية المعروفة «المتمرّدة، «البكرة، و«الحلبة، مع زوجته الفنانة القديرة نضال الأشقر).
وها نحن أمام عملٍ لا يمكن حصره في إطارٍ زمنيٍ محدد. نحن أمام «ملك» يمكن استحضار قصّته الخاصة كي تصبح عامةً ترسم حكايا جميع الملوك/ القادة. إنها لعبةٍ مسرحية شبه «واقعية/ حقيقية» أرادها الروماني الفرنسي يوجين يونسكو الذي أنجزها عام 1962، وقد عرّبها نعيم نفسه بعامية بيضاء. علماً أنّه قدّمها ـ ليومٍ واحدٍ فقط ــ خلال الاحتفالات بالعيد العشرين لـ «مسرح المدينة» (الأخبار 8/10/2016).
الفرح هو محرّك فؤاد نعيم للاشتغال بالمسرح ـ أو الفن عموماً- فـ «الفرح في التركيب، الفرح في صناعة العمل، هذا هو الفرح الحقيقي». التشكيلي الذي غاب طويلاً عن المسرح، يشرح سبب تقديمه هذا النصّ: «المسرحية تتطابق مع ما يمرّ به العالم العربي حالياً. كما تتطابق مع المرحلة التي أمرّ بها أنا شخصياً. إنها حكاية أي ملك متمسّك بالسلطة، ينهار البلد حوله، وهو لا يقتنع بأنّ عليه ترك السلطة. من جانب آخر، هي مرحلة في حياة الإنسان حين يعرف أنه على وشك الموت، فيستيقظ فجأة على أشياءٍ آيلة إلى الذهاب وكان متمسكاً بها. هو لا يستطيع التفلّت منها».
حلّت يارا بو نصّار مكان برناديت حديب في العمل
إذاً إنّها حكاية الموت من خلال سيرة ملكٍ متمسّكٍ بالحياة: «يمكننا القول إنَّ السلطوي لا يموت، المسؤول لا يموت، هو متمسك دائماً بما تبقى من مملكته ومن مكاسب الحياة التي يملكها على حساب الآخرين» يشير نعيم. أما لماذا اختار يونسكو، فيجيب: «لقد قرأت يونسكو قبل أربعين عاماً، وقد أعدت قراءته قبل المسرحية. تبيّن لي بأن فهمي ومقاربتي له يختلفان عما كانا عليه في السابق، ولأنَّ نصّه يتناسب مع الحالة العربية عموماً، واللبنانية خصوصاً».
التدريب على النص استمر شهراً كاملاً مع طاقم العمل. يشير نعيم إلى أنّه بعدما ترجم النص، أعطاه لممثليه كي «أترك لهم فسحةً للتفاعل مع الدور. أعتقد أنّ نصف مهمة المخرج هو أن يأخذ ما يجده مناسباً من الممثل ليضيفه إلى العمل، ثم إننا نتحدّث هنا عن واقعٍ نحياه. بالتالي، فإن لكل مشارك مقاربته وجملته الخاصة وأسلوبه». يشارك في المسرحية خليطٌ جميلٌ من المسرحيين، فيحضر جورج خبّاز المعطاء والخلّاق (شارك في صناعة موسيقى المسرحية كونه عازف بيانو) «الذي يحمل كل الدراما وعكس الدراما في شخصيته. لديه القدرة على إبكائك وإضحاكك في الوقت عينه» بحسب نعيم. كما تشارك يارا بونصّار (حلّت مكان برناديت حديب المرتبطة بعملٍ آخر) فـ «أعدنا التدريبات في المسرحية لأجلها، لأن كل شخص جديد يضيف إلى طبيعة العمل ميزاته وشخصيته، وهذا أمر متوقع وجميل» وفق نعيم، إلى جانب مشاركة باتريسيا سميرا (عرفناها سابقاً في إنطلاقتها القوية في مسرحية «علاقات خطرة» للماهر جو قديح). بدورها، تشارك مي أوغدن سميث (عرفناها أيضاً مع «آب بيت بيوت» مع النشيطة سحر عسّاف) المميزة وصاحبة «الحوار الطبقي والمميز» بينها وبين الملك، برفقة موريس معلوف «ذي الوجود القوي»، ووليد جابر مؤدياً دور الحرس. تضاف إلى كل هؤلاء فرقةٌ موسيقية ثلاثية تتكوّن من محمد عقيل، نبيل الأحمر، وعماد حشيشو الذين «أسموا أنفسهم قلب العمل النابض» يشير نعيم ضاحكاً. يظهر نعيم إرتياحه التام في العمل مع المجموعة الحالية. هنا يحضر السؤال المعتاد: هل الممثل اللبناني في مستوى نظرائه العرب؟ (خصوصاً السوريين والمصريين). بحرفته يدرك نعيم تماماً بأن الممثل اللبناني قد يكون ضحيةً لاستعجال المنتجين (سواء في التلفزيون أو سواه). يعلّق: «الإستعجال يعني عدم التركيز على النص، أو العمل، أو عدم تدريب الممثل». ويكمل ضاحكاً: «كان الراحل شوشو يقول بأنّ التلفزيون يصوّر 13 ساعة تلفزيونية بأقل من 10 ساعات، ربما هذه الجملة توضح الفكرة بأكملها».
«الملك يموت» لفؤاد نعيم: بدءاً من اليوم حتى 15 حزيران ــ «مسرح المدينة» (بيروت). للاستعلام: 01/753010.
البرنامج
سيمون شاهين والأصدقاء
12/6 ــ س: 21:30 «مسرح المدينة»
في مناسبة منحه الدكتوراه الفخرية في «الجامعة الأميركية في بيروت»، يحط العازف والمؤلف الموسيقي الفلسطيني سيمون شاهين (1955 ــ الصورة) في «مسرح المدينة»، ليقدّم حفلة موسيقية برفقة أصدقائه. ابن ترشيحا (الجليل المحتل) المتميّز في مجال الارتجال الذي يفيض أداؤه حساسية ورخامة، يُعدّ مرجعاً موثوقاً للموسيقى العربية في بلاد العم سام. إلى جانب أسطواناته وعمله التدريسي، حصل شاهين على جوائز عدّة منها «جائزة التراث الوطني» في البيت الأبيض (1994)، كما عُيّن في اللجنة الرئاسية الاستشارية للفنون في «مركز جون فيتزجيرالد كينيدي».
«خيوط السرد» لكارول منصور
19/6 ــ س: 21:30 «مسرح المدينة»
في وثائقي «خيوط السرد» (كتابة: سحر مندور) تدخل كارول منصور فلسطين من خلال أحلام 12 إمرأة فلسطينية، وحيواتهن قبل الشتات. تقابل المخرجة اللبنانية محاميات، وفنانات، وربات منازل، وناشطات، ومعماريات، وسياسيات. ما يجمع سردياتهن عن بلادهن المسلوبة هو فن التطريز التقليدي الفلسطيني، حيث تدرز كل واحدة منهن قصّتها ليقدمن لنا حكاية نسوية جماعية عن فلسطين المحتلة. من بين النسوة نذكر: سعاد العامري، وليلى عطشان، وأمل كعوش، وليلى خالد، وماري نزال بطاينة، ودينا ناصر ورائدة طه، وسلمى الأسير، وملاك الحسيني عبد الرحيم، ونظمية سالم، وسيما طوقان غندور، وغيرهن.
«مش من زمان» لنضال الأشقر
20 و21/6 ــ س: 21:30 «مسرح المدينة»
لمرّتين فقط، تقدّم نضال الأشقر عرض «مش من زمان» (ساعة واحدة)، الذي أعدّته ونفذّته بنفسها. إنّها سيرتها الذاتية، وعبارة عن مذكّرات مغناة وممسرحة عن طفولة «سيّدة المسرح اللبناني». ستخبر «الست نضال» الحضور عن سياسيين وطنيين لطالما هربوا من الفرنسيين وغيرهم. أشخاص لا شك في أنّهم ساهموا في تجسيد المخيّلة الخصبة لهذه الفنانة الرائدة، سيّما أنّهم كانوا توّاقين إلى الحرية المطلقة. لن تكون بطلة «زنوبيا» وحيدة في هذين الموعدين، بل سيرافقها الموسيقيون: خالد العبد الله، ومحمد عقيل، ونبيل الأحمر، وإبراهيم عقيل.
----------------------------------------------------
المصدر : عبدالرحمن جاسم - الأخبار
0 التعليقات:
إرسال تعليق