المسرحي أنور الشعافي : نحتاج إلى ميثاق شرف مسرحي حتى نعانق «المسرح النبيل»
مجلة الفنون المسرحية
المسرحي أنور الشعافي : نحتاج إلى ميثاق شرف مسرحي حتى نعانق «المسرح النبيل»
ليلى بورقعة - المغرب
المسرحي أنور الشعافي : نحتاج إلى ميثاق شرف مسرحي حتى نعانق «المسرح النبيل»
بعيدا عن السائد والمألوف ينزع المسرحي أنور الشعافي إلى التجديد وابتكار جماليات متطورة ومرجعيات معاصرة تخلق عوالم مختلفة ومناخات مسرحية جديدة وطريفة. وبعد مغامرة مسرح التجريب يطمح المدير السابق للمسرح الوطني إلى معانقة المسرح المعاصر بحثا عن التفرد وتجاوز الموجود في طموح مشروع
إلى خلق لون جديد في فسيفساء المسرح التونسي.
وهو مثقل بالأفكار الخلاّقة والأحلام الوّقادة بواقع أجمل وأفق أرحب للمسرح التونسي تحدّث رجل المسرح أنور الشعافي فكان الحوار التالي:
• لو كنت مغني راب لاستقبلني رئيس الجمهورية... لكنني مسرحي «غروتفسكوي» لا تنفد تذاكر مسرحياته قبل أيام من العرض ... نحن في بلد «الكيتش» ولا عزاء لمن يقدم فنّا راقيا... ما الذي دفع بك إلى كتابة هذه التدوينة التي وشت بخيبة مشوبة بعتاب؟
هي «تدوينة ألم» نابعة من إحساس بالقهر والظلم والجحود... في زمن يعربد فيه أشباه المثقفين ويبّجل فيه الفنانون المزيفون... إنها صرخة في وجه ثقافة العروض الاستهلاكية و المسرحيات التجارية بحثا عن طيف المسرح النبيل!
• ما مدى صحة خبر رفض وزير الشؤون الثقافية لمقابلتك على إثر أزمة صحية ألمت بك ؟
في الحقيقة راسلت سابقا الوزير إلكترونيا في مناسبتين على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي «فايس بوك» ...دون جدوى ! لكنه اتصل بي في الساعات الأخيرة ليعلمني عن استعداده لمقابلتي صباح اليوم معربا عن إحاطته بالمبدعين وانشغاله بالوضعيات الاجتماعية للفنانين... ولكني في كل مرة أتساءل:»لماذا ينهمر الحب بيننا - نحن المسرحيون- أنهارا إلا عند المرض ولماذا لا تنساب عبارات المديح إلا عند تأبين من يغادرنا من الفنانين والمبدعين؟»
• تعيش تونس على وقع المهرجانات الصيفية، لماذا تراجع حضور المسرح على هذه الأركاح؟
للأسف غالبا ما تتولى الوزارة اقتراح عروض مسرحية مدعومة على مديري المهرجانات الصيفية إلا أنهم كثيرا ما يرفضون هذه المسرحيات ويهرعون إلى استبدالها بعروض «مضحكة» تجلب الجمهور حسب منطقهم ! وهو ما أدى إلى انحسار حضور المسرح في المهرجانات الصيفية حيث أصبح مهرجان قرطاج يبرمج عروض «الوان مان شو»، وحاد مهرجان الحمامات عن عراقة تاريخه في استضافة العروض المسرحية على ركحه... وهذا التوصيف ينسحب على كل المهرجانات مما يجعل الحاجة ملحة إلى إرساء أسس مشروع ثقافي متأن ومتكامل يحدث ثورة في قطاع المسرح.
• وما هي ملامح هذه الثورة المسرحية وماذا عن شروطها ورهاناتها ؟
هي ثورة تنطلق أولا وأساسا من المبدع في حدّ ذاته بإعادة التفكير والنظر في الفن الذي يقدمه في مساءلة نزيهة للذات عن مدى جودة ورقي أعماله ومدى احترامه لمرجعيات المسرح وطقوسه وجمهوره ...فللأسف يتعامل البعض على الركح بعقلية «العمل السريع بغاية الربح السريع» مما أضر كثيرا بالفن الرابع في تونس.لهذا علينا - نحن الفنانين- أن نكنس أمام منازلنا أوّلا...
• هل تعتبر أن المسرح التونسي يعيش انتعاشة أم يمرّ بانتكاسة؟
أعتقد أن المسرح التونسي يمرّ بأتعس فتراته على كل المستويات.. والسبب الأكبر هو أن الهياكل من نقابات واتحادات المفترض أن تدافع على المهنة وتعمل على تطويرها انصرفت إلى الدفاع عن مصالحها الخاصة وحساباتها الضيقة بعيدا عن احتياجات القطاع ونداء الواجب...
• وهل من وصفة علاج لأمراض الفن الرابع ؟
أوّلا وقبل كل شيء على تنسيقية المسرح التونسي أن تهتم على رأس أولوياتها بوضع ميثاق شرف للمسرحي حتى يعمّ المسرح النبيل الأركاح والمسارح وينتصر المسرحي النبيل للجمال والإبداع والرقيّ ...
• ماذا تقصد بالمسرح النبيل أو المسرحي النبيل ؟
إنه ذاك المسرحي المتمكن من عمله والحرفي في مهنته والمحترم لأخلاقيات المهنة والمنضبط بالطقوس المسرحية والمنتصر للقضايا الجادة والعميقة وطبعا الرافع للواء الطرافة والتجديد.
وللأسف أصبح المسرح التونسي يشبه بعضه البعض لاعتماده المرجعيات المسرحية نفسها والمنطلقات الجمالية ذاتها في غياب لروح المغامرة ...حتى صار المسرحيون القدامى يكرّرون أنفسهم كما لم يخرج المسرحيون الشباب من جلباب القدامى!
• وهل تجنّدت وزارة الشؤون الثقافية لإصلاح العطب أم اكتفت بموقع المتفرج ؟
حتى لو كانت رغبة الإصلاح ونيّة التغيير موجودة لدى سلطة الإشراف فإنها حتما ستتحطم على صخرة الواقع طالما أن المشهد المسرحي يسوده التشاحن والتباغض والصراع وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة...
لابد للمسرحيين من ترتيب بيتهم الداخلي أوّلا ليكون صوتهم مسموعا وطلبهم مستجابا...
• سبق وأن تقلدت مهام إدارة مؤسسة المسرح الوطني، كيف تقيّم أداءها اليوم ؟
بكل نزاهة، أعتبر أن مدير المسرح الوطني الحالي المسرحي فاضل الجعايبي قد نجح في سن أسس تنظيم إداري محكم لهذه المؤسسة إلا أن بعض الخيارات المسرحية كانت دون المأمول ولم ترتق إلى ما يجب أن تكون عليه انتاجات المسرح الوطني.
• وجهت سابقا أصابع الاتهام بالفساد إلى مركز الفنون الدرامية والركحية بمدنين، ولكن لا شيء تغيّر إلى الآن؟
لا أبالغ في القول بأن كل المسرحيين في مدنين على علم بالتجاوزات المالية والإدارية بمركز الفنون الدرامية والركحية بمدنين وقد صرحت علنا بالتفاصيل الدقيقة لهذا الفساد. ولكني أستغرب من صمت وزارة الشؤون الثقافية أمام هذا الملف في حكومة ترفع شعار مكافحة الفساد؟
• قريبا تستقبل بلادنا أيام قرطاج المسرحية، هل تتكهن بدورة جديدة في مستوى عراقة هذا المهرجان ؟
أشفق على صديقنا الفنان حاتم دربال من جسامة المهمة وثقل المسؤولية بعد أن تسلّم بصفة متأخرة إدارة مهرجان أيام قرطاج المسرحية. وأمام ضيق الوقت وحصار الزمن يكون من التجنّي المطالبة بمهرجان ناجح وعروض قيّمة باعتبار أن المسرحيات الجيّدة تكون مطلوبة ومحجوزة منذ أشهر طويلة تمتد لسنوات فلا يتبقى أمام مهرجانات اللحظة الأخيرة سوى المسرحيات الرديئة أو الأقل جودة وتلك هي ضريبة برمجة الدقيقة التسعين.
• بعد مسرحيتك الأخيرة «أولا تكون» هل من ملامح مشروع مسرحي جديد في الأفق؟
أخصّ صحيفتكم بخبر استعدادي لعمل مسرحي جديد اخترت له اسم «شظايا» كعنوان أولي. وقد كانت كتابة النص بإمضاء المؤلف «بوكثير دومة» الذي سبق له أن صاغ نص مسرحيتي «أو لا تكون». كما سيكون إخراجي لهذا العمل المسرحي الجديد بالتعاون مع مخرج بلجيكي. أما جهة الإنتاج فستكون تونسية.
«شظايا» وإن كان ظاهرها عبارة عن سيرة ذاتية لمسيرتي الفنية التي بلغت سنواتها الثلاثين فإن باطنها هو التعريج على معاناة المهنة ...
وطبعا سيكون التجديد على مستوى التقنيات والمضامين حاضرا في هذه المسرحية، كما سيكتشفني الجمهور ممثلا على الركح ألعب الدور بكثير من الصدق إلى حد انتفاء الخيط الفاصل بين التمثيل والحياة !
أنور الشعافي في سطور
انطلقت مسيرة أنور الشعافي المسرحية سنة 1988 بتخرجه من المعهد العالي للفن المسرحي بتونس ليقترن اسمه بالتجديد ورفض السائد والمألوف. أسس فرقة مسرح التجريب بمدنين سنة 1889.قام ببعث المهرجان الوطني لمسرح التجريب سنة 1992. كان أول مدير مؤسس لمركز الفنون الركحية والدرامية بمدنين سنة 2011.تقلد منصب مدير عام لمؤسسة المسرح الوطني من 2011 إلى 2014. في رصيده أكثر من 20 مسرحية اشتهرت بمنحاها التجريبي بالخصوص ومن آخر هذه المسرحيات»أولا تكون».
0 التعليقات:
إرسال تعليق