"الشقيقات الثلاث" تضفيرة انسانية لمسرح جورجيا بافتتاح مهرجان المعاصر والتجريبي في القاهرة
مجلة الفنون المسرحية
في تاريخ المسرح والدراما وحتى الإبداع الأدبي، لا يطول عمر الأعمال التي تنخرط في الرصد المباشر والقضايا السياسية أو الدينية الآنية، لكن الأعمال التي كان محورها "الإنسان" تبقى أبد الدهر ، وهذا ما يُمكن أن نجده في مسرحية " الأخوات الثلاث "، التي قدمتها الفرقة الجورجية المشاركة في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي، أمس الثلاثاء في عرض الافتتاح المهيب.
تضفيرة إنسانية مُحكمة نسجتها مسرحية " الأخوات الثلاث "، للكاتب والمسرحي الروسي أنطون تشيخوف، وهي مسرحية مر على كتابتها ما يقرب من الـ117 عاما، إلا أن الصراع الإنساني الذي ترويه المسرحية بين الواقع والمأمول، صراع طويل الأمد، وخالد ، بدأ منذ نشأة الخليقة، مُنذ صراع آدم وحواء وقصة الشجرة المحرمة.
العرض من إخراج؛ قسطنطين بورتسيلادزي، تمثيل: أندري بروزوروي، جيجي كارسيلازدي، ناتاليا إيانوفا، آنا أليكسيسشفيلي، إيكا ديميترادزي، أولجا بروزوريا، نانكا كالاتزيشفيلي، ماريا كوليجينا، آنا تسيريتيلي، إيرينا بروزوريا، نوتسا فويدور، إيليتش كوليجن، تاتو آليكساندر، إيجناتييتش، جورجي نيكولاي، ليوييتش توزينباتش، ليفان كاخليي، ستاف سيوليوني، آرتشيل آن سا، آنا جاياخايشفيلي.
سينوغرافيا: جورجي اوستياشفيلي، مصمم الملابس: آنانو موسيدزي، مصمم إضاءة: إيا ناديراشفيلي، صوت: ايمزار بيجياشفيلي.
تحدث تشيخوف في مسرحية "الأخوات الثلاث"، عن حيوات ثلاث أخوات جمعهن اللاهدف وحلم العودة إلى موسكو للإقامة في بيت الأسرة هناك، وفرقتهما الظروف الشخصية لكل أخت على حدة، فالأخت الأولى لم تتزوج وأصبحت عانسا وتعاني من حرمان المشاعر والعاطفة ، والوسطى مقبلة على العنوسة ويتقدم لخطبتها شابان غير مناسبين، أما الصغرى فهي متزوجة من رجل لا يكترث لها ولمشاعرها.
تحرر ممثلو العرض الجورجي من لغة الكلام، وبددوا حاجز اللغة بالصمت، وبأداء حركي ولغة جسد بليغة، استطاعوا أن يحفروا فكرة العرض داخل وعي المشاهد، وهو صراع أيضًا من نوع آخر، صراع الحضارات، وهو على العكس من المحاولات السابقة لتقديم المسرحية مع الاحتفاظ بلغة تشيخوف المتمكنة، لكن الأداء الحركي ولغة الجسد كانا بطلي العرض بديلًا عن لغة تشيخوف.
صراع أولجا وماشا وإيريني (الشقيقات الثلاث)، الدائر بين طموحاتهن بحياة أكثر جمالًا وبين الواقع الصادم البائس، لا يُمكن تأويله في مضمونه فقط، أو قراءته في ضوء المسرحية فحسب، إنما هو بمثابة انطلاقة لتجسيد أوجه وأشكال الصراعات المتعددة، الصراع بين الشرق والغرب، الصراع بين الخير والشر، بين القلب والعقل.. إذ قدمت الفرقة الجورجية ظلًا للحكاية من خلال رجل (الواقع المظلم)، وامرأة (الطموح البهي).
لكن هل حقًا يوجد صراع بين الواقع والمأمول؟ هل يُمكن أن نستبدل تحقيق أهدافنا بصراعات معطلة؟ أو أن الرغبة في التغيير تعيقنا أحيانًا عن إصلاح واقعنا والتعايش الإيجابي معه؟ ربما. فالواقع أحيانًا كثيرة يكون أرضية خصبة لبناء ما نصبو إليه، فالواقع ليس طرفًا في القضية بقدر ما أنه وسيلة لا غاية، فإما أن يكون وسيلة دفع للأمام أو عودة مئات السنين للخلف.
-------------------------------------------------------
المصدر : فريق الموقع الإلكتروني للمهرجان
0 التعليقات:
إرسال تعليق