ابتعاد النص عن تجسيد الواقع
مجلة الفنون المسرحية
ابتعاد النص عن تجسيد الواقع
علاء كريم - الصباح
المتعة الجمالية تركيبة معقدة من الاحاسيس التي يعاني منها الإنسان وبقوة، لذا لن يستطيع الكاتب أثارتها اذا لم يكن متعمقا في واقع الإنسان الاجتماعي والنفسي، كما لا يمكنه التأثير في ذاكرة المتلقي التي لا تختلف عن أي ذاكرة معرضة للفقدان، بسبب تراكمات الحياة المتشابكة. السؤال هو: هل ابتعد النص عن واقعنا الحقيقي؟ قد يجادل البعض بالإجابة عبر النفي، ويؤكدوا على أن ما يعرض هو جزء من واقعنا وأحداثه المتجددة، والدليل على ذلك بما يقدم سنويا من عروض. المجموعة المسرحية ( ثامن ايام الأسبوع) للمؤلف المسرحي العراقي علي الزيدي والتي تضم الى المسرحية التي حملت عنوان المجموعة، ثلاث مسرحيات أخرى هي: (العد التنازلي لمكبث) و (كوميديا الأيام السبعة) و (خروج بإتجاه الدخول)، كتبها المؤلف بشجاعة عبر نقله وقائع ترتبط بالفرد وواقعه الاجتماعي، والشارع العراقي بكل تحولاته، وذلك من خلال كشفه ثنائية القسوة الخوف وتعرية الفاسدين واعلاء صوت المطالبين بالحق والعدالة.
تناولت النصوص مضامين إنسانية متعددة معتمدا بذلك على التراث الانساني العراقي، وربطه بالتراث المسرحي العالمي، بشكل يتيح للمتلقي استقبال النص. مسرحية(كوميديا الايام السبعة) بطل المسرحية طاهي يتهم هو وحفيده بقتل كلبه، مما فرض عليهما هذا الحدث الامتناع عن الاكل لمدة أسبوع حداداً على كلبه، فقد الطاهي وحفيده انسانيتهم، الاول بسبب فعل الشر المتلبس به، والآخر بسبب خوفه وضعف شخصيته، أجاد المؤلف في رسم خطوط الشخصيات وربطها بحرفة بالواقع المتصل مباشرة بالناس، فضلا عن تحوله من الماضي إلى الحاضر وبالعكس. النص قريب للواقع العراقي وجانبه الاجتماعي، والسايكولوجي، لذا أرى انه يجب على المجتمع أن يعطي للكاتب مساحة حتى يكتب ما يشاء وينقل صورا واحداث الواقع بحرية مطلقة على شكل مشاهد درامية، ومن ثمة يعالجها كيفما يشاء دون ضوابط أو قيود مجتمعية
، هذا الأسلوب في الكتابة يعطي حرية بعيدة عن المثالية، لان النص الممتع هو الذي يظهر بشكل فني ناضج، كما أنه حامل لافعال إنسانية تبعث شعورا للمتلقي على انه يعيش الحدث ويتفاعل معه وكأنه واقعه الذي يصارع من اجله، وهذا يعطي ايضا استمرارية للمتعة أن تؤدي ما عليها من واجب، كما انها تعطي للمتلقي عنصر (التشاركية) وتبعده عن الشد خلال فترة العرض اذا كان (مسرحيا) او ( دراما تلفزيونية).
لا بد أن يجمع الكاتب عند كتابته النص صورا من الذاكرة، لانها ستضيف الكثير الى جمالية المشهد، لما تحمله من عمق في المعنى وألم الحياة ومأساتها التي رسم لها الموت، والجوع، فضلا عن الحروب شكلا آخر في مجتمعنا المغاير لطبيعة حياته، كما أن التواصل الى فحوى المغايرة وآليات اشتغالها لابد أن يسبقه كشف بسيط لأهم ملامح ذلك الاشتغال الذي ينتج النص على شكل كائن يحيا ويعيش، هذا ما ينطبق على نص مسرحية (ثامن أيام الأسبوع)، من مجموعة المؤلف “علي الزيدي” الذي بث عبر هذا النص شكلا مختلفا لعمق المأساة التي يعيشها المجتمع، وشبح الموت الذي حكم به الإنسان، رغم شدة الصراع من أجل الحياة، وصعوبة التغلب على عامل المقبرة (الدفّان)
، إلاّ إن هذا الصراع لن ينتهي إلا بوضع الدفان داخل القبر ورمي التراب عليه. يتميز هذا النص بمقاربته ثنائي الوجود، عالم واقعي، وآخر افتراضي، بالتزامن مع إرادة الموت، واثبات الوجود من أجل استمرارية الحياة كما تفرضه البيئة. يجب أن يبحث الكاتب عن احداث الحياة اليومية، والابتعاد بعض الشيء عن المنجز الادبي، كالرواية، والشعر، والقصة، لان غالبا ما يكون النص الأدبي وطريقة اعداده سبب الرتابة التي يشعر بها المتلقي، وذلك نتيجة التجارب الدرامية التي تحمل أخطاء في الطرح والصياغة، ليس على مستوى الفكرة الدرامية فحسب، بل على مستوى التأويل الإخراجي أيضا، بما فيه من معالجات بصرية، باعتبار أن النص يبنى على أصول الكتابة الواقعية لأنها تنقل وتجسد الحدث، وقادرة على حماية المعالجات الإخراجية من السقوط في مثل تلك الأخطاء.
بالمقابل يرى المخرجون أن النصوص الهادفة حاليا قليلة وغير متوفرة، وأغلبها لا يقدم رؤى إبداعية جديدة، ولا يجد فيها المخرج ما يحفز أفكاره في تجسيد الفعل، ويستدعيه لمعالجته، حيث يعتقد المخرجون أن أكثر النصوص تستعيد نفس الأفكار والرؤى التي عولجت سابقا، في حين أن طبيعة الحياة هي التجدد، والبحث عن مقاربات إبداعية جديدة، رغم ان هذا الغياب يؤدي الى المقاربة في خلق الجمال، وهذا ما يستدعي الى إيجادصيغ جديدة للمعالجة الدرامية. من المؤكد أن هناك أزمة في النص الدرامي
، لذلك يأمل أن يجد الكاتب مُخرجاً يأخذ نصه إلى الخشبة أو حتى الدراما التلفزيونية، وهذا يعتمد على حرفته وكيفية انتقاء الفكرة التي تعطيه دعما للولوج إلى مايريد، لذا عليه البحث عن تجارب إنسانية جديدة تعطيه استمرارية لخلق
الجمال.
المتعة الجمالية تركيبة معقدة من الاحاسيس التي يعاني منها الإنسان وبقوة، لذا لن يستطيع الكاتب أثارتها اذا لم يكن متعمقا في واقع الإنسان الاجتماعي والنفسي، كما لا يمكنه التأثير في ذاكرة المتلقي التي لا تختلف عن أي ذاكرة معرضة للفقدان، بسبب تراكمات الحياة المتشابكة. السؤال هو: هل ابتعد النص عن واقعنا الحقيقي؟ قد يجادل البعض بالإجابة عبر النفي، ويؤكدوا على أن ما يعرض هو جزء من واقعنا وأحداثه المتجددة، والدليل على ذلك بما يقدم سنويا من عروض. المجموعة المسرحية ( ثامن ايام الأسبوع) للمؤلف المسرحي العراقي علي الزيدي والتي تضم الى المسرحية التي حملت عنوان المجموعة، ثلاث مسرحيات أخرى هي: (العد التنازلي لمكبث) و (كوميديا الأيام السبعة) و (خروج بإتجاه الدخول)، كتبها المؤلف بشجاعة عبر نقله وقائع ترتبط بالفرد وواقعه الاجتماعي، والشارع العراقي بكل تحولاته، وذلك من خلال كشفه ثنائية القسوة الخوف وتعرية الفاسدين واعلاء صوت المطالبين بالحق والعدالة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق