كركلا.. مجنون بالإبداع ولغة الجسد
مجلة الفنون المسرحية
كركلا.. مجنون بالإبداع ولغة الجسد
حمزة عليان - القبس
أهمية «كركلا» تأتي من كونه من أهم الفرق المسرحية العالمية التي تتعاطى لغة الجسد، مثل فرقتي البولشوي (الروسية) وبيجار (الفرنسية). واختياره {وجهاً في الأحداث} لأنه، وللمرة الأولى، سيقدم عرض «إبحار في الزمن على طريق الحرير» على مسرح مركز جابر الأحمد الثقافي.
■ رغم عالمية فرقة عبدالحليم كركلا ورؤيته للفن من منظور الجسد ورسالته في أن يتعرف العالم على ثقافة أهل الشرق (من منطلق أننا نسير معكم ولسنا خلفكم)، فإنه ما زال يحرص على أن يصطحب معه «كنزين» حيث يحط رحاله: «الربعة» (أي الخيمة ذات الــ12 عموداً)، و«العباءة» (بما ترمز إليه من قيم الولاء).
■ عندما يقف عبدالحليم كركلا على المسرح ويرمي على الضيف «عباءته»، فهذا تقليد سار عليه، ويعني به عباءة الولاء للضيف وللشرف العربي والضيافة، فقد أمضى حياته بحثاً عن القيم الإنسانية ذات الأبعاد الجمالية لإحياء مسرح عربي معاصر.
■ هذا الرجل «مجنون بالإبداع» وصف أطلقه عليه أحد معاصريه، فلا خليفة له؛ يسبق الآخرين برؤيته، وعلى المسرح يطير بثلاثة أجنحة: نجله (ايفان)، وابنته (أليسار)، وشقيقه عميد الفرقة (عمر).
■ دخل في منافسة الكبار عبر استخدام التكنولوجيا البصرية وما يعرف بــ«الكوريغرافيا»، إيفان، أدخل الحداثة إلى المسرح وطور في العمل، استعان بالمنهج المعتمد في الغرب، فالعمل عنده لا يقتصر على مهارة الراقصين وعظمة اللحن انما هو مجموعة متكاملة، تبدأ من المسمار إلى الاضاءة باعتبارها جزءاً أساسياً من لعبة المسرح، حيث يقضي قبل وقوفه امام الجمهور مدة ستة أشهر ليرسم كل شيء على الكمبيوتر، أما «أليسار» فتتولى مهمة تدريب الراقصين وبتوجيهات «الاستاذ» في حين ان عمر، وهو الأخ الأكبر لعبدالحليم «عميد الفرقة» يبقى الراقص الأساسي على المسرح وصاحب الباع الطويل في العلاقات الاجتماعية.
■ يرى الجسد بحركته، يقضي 3 سنوات يرسم عمله بعقله. يتدخل مع الملحنين بكل نوتة، هو من يطلب ادخال النوتة مع حركة هذا الجسد أو ذاك يكتب النوتات الموسيقية، يرسم الثياب التي يختارها وشكل الأزرار والألوان ونوعية القماش… قبل أن يخرج العمل إلى العلن.
■ كانت القاعدة ان كل من ظهر على مسرح الرحابنة يوظف كديكور للفنانة الكبيرة فيروز، فعندما تذهب لمشاهدة اي مسرحية للكبار، أمثال صباح او فيروز، لا ترى غيرهما المغني بالصف الاول والراقص في آخر المسرح، غير مرئي باستثناء اصوات الحركة التي يؤديها. جاء عبدالحليم كركلا وقلب الصورة والمشهد معاً، اخذ على عاتقه تغيير هذا المفهوم، وصار في كل مسرحياته الجسد وحركاته في المقدمة.
■ أعطى عبدالحليم كركلا اهمية للبعد العربي، وعينه على منافسة المسرح العالمي، فقد نجح بتعريف الغرب على الثقافة الشرقية، حمل التراث العربي والجسد العربي وتكلم بلغة لندن ونيويورك وسيدني.
■ صارت فرقته التي تحمل اسمه، مقرونة بثقافة الجسد العربي Oriental dance اي انه وضع مسرح كركلا في مصاف الفرق الاولى التي تتكلم تلك اللغة، اراد ان يوصل إلى العالم انه باستطاعتنا ان ننافسه بالثقافة التي نمتلكها، ثقافة اهل الشرق، فهنا جسد يتحرك على انواع الموسيقى.
■ أمين على تراث الرحابنة، فقد عمل معهم في الستينات، وبعد وفاة عاصي بقي محافظاً على صلته بهم ومشاركته في رقصاتهم، ولغاية اليوم يبدي حرصاً شديداً على إشراك هدى وجوزيف عازار وايلي شويري بأعماله الاستعراضية، لكنه طور هذا المسرح الذي نشأ فيه وبدل الكثير من مفاهيمه وأدواته.
■ في مسرحه خصوصية عبدالحليم كركلا… اينما يذهب ينقل الديكور الخاص به، تقوم الفرقة بتغيير الثياب التي ترتديها بواقع خمس الى سبع مرات اثناء العرض، يذهب بنفسه الى الجزائر والهند وافغانستان ليختار القماش الذي يناسبه، لديه بصمة اصبع كما يقال، يعرف نوع القماش، وعيناه على كيفية ترتيب الالوان وتجانسها.. وفي احد اعماله ألبس سيمون عبيد عباءة وزنها 20 كيلوغراما، وكانت حدثاً متفرداً!
السيرة الذاتية
● عبدالحليم كركلا.
● مؤسس مسرح وفرقة كركلا.
● مواليد «بعلبك» – لبنان، عمره فوق الـ85 سنة.
● بدأ حياته أستاذ رياضة بدنية بعد تخرجه من دار المعلمين في بيروت، ونال بطولة لبنان في لعبة الزانة (القفز فوق حاجز مرتفع بواسطة العصا) كما نال بطولات في سباق الـ100 و400 متر وفي القفز العالي.
● درس علوم المسرح الراقص وتاريخه في لندن وباريس بين عامي 1962 و1966 وتابع دراسة علم الفولكلور العالمي في فرنسا.
● عام 1968 أسس فرقة كركلا اللبنانية وضمت في بداياتها 14 عضواً لتصبح اليوم 150 راقصاً وراقصة.
● مسرحية «اليوم بكرا ومبارح» كانت أولى أعماله الفنية عام 1972، ووصلت الى أكثر من 20 عملاً فنياً خاصاً به.
● متزوج ولديه إيفان وأليسار.
● نال وفرقته عدة أوسمة ونياشين من ملوك ورؤساء عرب، ومن مؤسسات ثقافية عالمية.
كيف يقضي يومه
مازال يمارس الرياضة اليومية، مشي وركض لمدة 3 ساعات، يتناول وجبته الرئيسية من الجوز واللوز والبندق والفستق النيء والمشمش المجفف والشاي البعلبكي بدون سكر، ثم يكمل يومه بالذهاب الى مسرحه لتدريب الفرقة على الرقص واعمال اخرى.
مصممة الرقصات
أليسار كركلا، تعمل على تصميم الرقصات، حائزة شهادة الماجستير في الفن المسرحي الراقص من جامعة كاليفورنيا، أسست فرقتها الراقصة الحديثة للتدريب.
الانطلاقة والتأسيس
جمع تراث بادية الشام وبعلبك، حيث مسقط رأسه، وخروجه الى الدنيا وسط تلك الهياكل العظيمة وفي بيئة شاعرية استمدها من والده الذي كان شاعراً شعبياً، لينشئ فرقة تتألف من مجموعة اشخاص بأواخر الخمسينيات، ثم يؤسس مسرح كركلا ويعمل على تطوير الدبكة اللبنانية الى جسد يتكلم لغة عالمية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق