اختتام الندوة الفكرية حول ” موقع النقد المسرحي من الحياة المسرحية اليوم وغَدًا” بأيام قرطاج المسرحية - بــــــــدعم مـــــــــــــــن الهيئـــــــــة العــــــــــربية للــمسرح
مجلة الفنون المسرحية
اختتام الندوة الفكرية حول ” موقع النقد المسرحي من الحياة المسرحية اليوم وغَدًا” بأيام قرطاج المسرحية - بــــــــدعم مـــــــــــــــن الهيئـــــــــة العــــــــــربية للــمسرح
بشرى عمور
اختتمت صباح اليوم أعمال الندوة الفكرية حول: ” موقع النقد المسرحي من الحياة المسرحية اليوم وغَدًا” والتي تندرج في إطار فعاليات الدورة 19 لأيام قرطاج المسرحية بدعم من الهيئة العربية للمسرح. على مدى ثلاثة أيام بمشاركة ثلة من المسرحيين والأكاديميين وذلك بإصدار بيان ختامي الذي أكد على إنشاء مرصد عربي يعنى بالنقد المسرحي، يكون بمثابة هيئة عربية مختصة في هذا الشأن وتتألف من أكاديميين ونقاد، بالتعاون مع المعاهد والكليات المسرحية والهيئات الإعلامية الثقافية.
وقبل الجلسة الختامية، تم انعقاد الجلسة الأخيرة من الندوة والتي احتوت على أربع مداخلات، برئاسة الإعلامي التونسي (لطفي العربي السنوسي) وبمساهمة: الباحث المسرحي العراقي (د.بشار عليوي) بورقة حول:”النقد المسرحي الجديد، مقترح لقراءة ميديولوجية للمشهد المسرحي المعاصر”، والناقد التونسي (حاتم التليلي السنوسي) بمداخلة حول:“ماهية الناقد الأخير: أو في مشروعية وساطة الفلسفة” التي تتحدث عن “ما يدعو إليه المبدع المسرحيّ اليوم، نتيجة وقوعه طريدة سهلة في طور “صناعة الثقافة” بعبارة “أدورنو” ووعيه السلبي بمقولة “أفول هالة الفن” بعبارة “والتر بنيامين”، هو معاملة الناقد كما لو أنّه بوق دعاية لأعماله، ولذلك فهو يحاول في كلّ مرّة الاجهاز عليه بطرق مختلفة، بعد أن صار يحتكم إلى بدائل جديدة في التسويق إلى أعماله دون أدنى تصحيح نقدي أو نظري، ما أعطى مشروعيّة استنبات الانحطاط المسرحيّ والإعلان عن عزاء ميتافيزيقيّ كان النّاقد قربانه. ربّما يصحّ الحديث -أمام عدميّة الرّاهن في أزمنة سرديات الموت وحالة “النزاع اللاانساني” بعبارة “ليوتار”-، عن موت الناقد المسرحي مثلما مات قرينه المؤلّف مع “رولان بارت”، ولكن التسليم بذلك لن يفضي إلا إلى نوع من السّبي المعرفي داخل معادلة الرّاهن عينه، لذلك صار يتوجّب البحث عن ثقب داخل تلك المعادلة منه يبدأ التفكير من جديد، وهي مهمّة قد تحرّض الفلاسفة على التدخّل في شؤوننا الحياتية والثقافية والمسرحيّة من جديد، حتّى إذا ما فعلت ذلك صار ممكنا التنبّؤ بمولد “الناقد الأخير”، ذلك الرّؤيوي الذي تكون من مهمّاته زراعة المستقبل”. أما الناقد و الأكاديمي السوري (د. سليم عجاج) فقد تناول في موضوع:”حول مناهج وآليات إعداد وتكوين الناقد المسرحي” مبرزا الخلاف المستمر منذ زمن بعيد بين المبدع والناقد خلافاً أزليا ,دون وجود منافذ للخروج من هذه الدائرة المغلقة التي هي بالأصل خط متصل تكمل بعضها البعض… ولابد لكل منهما أن يعترف بالآخر. ويرى أن المشكلة الرئيسة البادية للعيان هي مسألة الاعتراف المتبادل بالقيمة الفنية ..يسبقها الاعتراف الديموقراطي بأنني دون الآخر ذاهب نحو العدم. أنا هنا هي الذات المبدعة سواء كان الفنان (ممثل – مخرج – مؤلف…تقني..) أو (ناقد فني ..)
وشرح (د عجاج) في ورقته “أن النتاج الإبداعي يفرض واقع حضور الفنان.فإن المسألة التي تسحق النقاش بشكل موسع أكثر هي. من هو الناقد المؤهل لأن يعيد تقييم الإبداع ..والجهد الإنساني المتميز للفنان.. ويحظى بالاعتراف الذي تختصره كلمات بسيطة, هي عبارة عن الاعتراف بكل ما كتب أو بعضه..؟ وكيف للإبداع الذي سبق النقد…أن يسلم ( وهو مركز العالم ؟؟ ) ,ودون تكرار ما نعرفه جميعا عن مواصفات الناقد. .أعتقد أن مسألة التكوين الأكاديمي النقدي الصحيح واحدة من أهم وسائل إعداد الناقد الذي سيحظى بثقة المبدع..ولكن ومع وجود الكثير من التنافر والاضطراب في العلاقة بين النقاد والمبدعين… لا بد من الاعتراف بأن هناك مشكلة واضحة في سياق إعداد الناقد في المعاهد والجامعات.. وأيضا هناك الكثير من الاقتراحات التي تعزز دور الناقد والثقة بما يطرح على طريق تخفيف التوتر الطبيعي بين مبدعين ..فنان وناقد.
أما الورقة التي كانت حسن الختام، فكانت للباحث والناقد المسرحي الأردني (د. مخلد الزيودي) بعنوان:” فض الاشتباك وإزالة الحواجز” والتي قربنا من خلالها برأي الكثير من صُنًاع العرض المسرحي في الوطن العربي أن النقد ألأكاديمي لا ينشأ ضمن مناخ مسرحي بل في محيط المعاهد والكليات الجامعية التي تدرّس الفنون المسرحية ضمن الخطط الدراسية والمناهج المقررة كإطار نظري لابد منه، وما يرافقه من نماذج تطبيقية مستمدة من التجارب المحلية والعربية والعالمية إن توفًرت كعرض حي أو كعرض مسجل على قرص مدمج أو ما كتبه النقاد عن هذه التجربة أو تلك في مختلف وسائل الاتصال. يُدرك الأكاديمي أن العرض المسرحي الحيّ شيء آخر، كيف لنا أن نفض الاشتباك ونزيل الحواجز الوهمية بين “الأكاديمي” الجامعات والمعاهد ومناهجها الدراسية وبين صُنّاع العرض المسرحي حتى يستفيد النقد من الجهد الأكاديمي، ويتمكن هذا الجهد في الوقت نفسه من الاستفادة من الحياة المسرحية الحقيقية؟ إذ ما علمنا أن النقد المسرحي الذي رافق التجارب الأولى للمسرحيين الإغريق كان نقداً تعليمياً ذو وظيفة توجيهية بطبيعته، فهو الدليل الذي يوجه المتلقي إلى ما يجوز أن يتناوله أو يتركه، وان كتاب أرسطو “فن الشعر” الذي تعتمده المعاهد والأكاديميات مصدر أساسي لتعليم النقد ذو طبيعة وصفية لا إرشادية، استند إلى مشاهدة أرسطو الشخصية لعروض التراجيديا تلك التي كتبها سوفوكليس. وعليه فأن النقد عمل إبداعي في أساسه وتاريخه وهو يؤسس للمنجز الإبداعي ويعيد إنتاجه وينحت مصطلحاته وهو لا يتبع بل يبدع نصه ويشكل ماهيته ويقوم بقراءة تأويليه للمنجز الإبداعي. وأكيد أن الثقافة الأكاديمية ضرورة في هذا المجال ، لأن الموهبة لا تكفي ، كما لا تكفي الخبرة الميدانية وحدها . فالموهبة والخبرة منطلق لفهم الظاهرة المسرحية . أما العامل الأكاديمي، فيعمق ذلك الفهم ويحصنه بالمعرفة العالمة التي تقربنا من منبع الحقيقة أكثر. ستناقش هذه الورقة أسس التلاقي بين النقد الأكاديمي القائم على التنظير والنقد الفني الميداني من اجل فض الاشتباك وإزالة الحواجز بينهما من خلال تقديم نماذج تطبيقية.
تصوير : سعد - ع
0 التعليقات:
إرسال تعليق