مسرحية توبيخ نموذج للميتا مسرح
مجلة الفنون المسرحية
مسرحية توبيخ نموذج للميتا مسرح
ظفار المفرجي
المسرحية من تأليف و اخراج و سينوغرافيا انس عبد الصمد
فريق العمل حسب اخر عرض في بغداد
محمد عمر ايوب علا علاء اليسار الربيعي ايمان الربيعي هشام الكناني ياسر فاضل المعموري صائب حداد ناظم حسن شجر ضرغام قاسم مظلوم صادق عبد الرضا مناتي حيدر محمد حمدي احمد نزار راسم كريم مسعود يوسف عبد الرحيم هامل حسنين فاضل راشد مرتضى هاشم زعيج ياسين ضياء ياسين مصطفى علاء صاحب مرتجى ابراهيم رحمة محمد تحسين ابو الحسن علي همام قاسم مظلوم منتظر الشواك صباح سنفور احمد سنفور ليث نعمة علي رسول ياسين مشتاق هشام الكناني
عرضت في بغداد على خشبة المسرح الوطني يوم الأحد المصادف 28 / 10 / 2013 ضمن مهرجان بغداد الدولي الأول للمسرح
عرضت على مسرح دار الثقافة في مدينة بجاية في الجزائر يوم الأثنين المصادف 31 / 10 / 2016 ضمن مهرجان بجاية الدولي الثامن للمسرح .
عرضت يوم الخميس المصادف 4 / 5 / 2017 على مسرح دار الثقافة الشيخ ادريس بمدينة بنزرت في تونس ضمن مهرجان الجيلاني الكبير الثالث للمسرح
عرضت على مسرح سوماتو في مدينة ازمير في تركيا يوم السبت المصادف 28 / 10 / 2017 ضمن مهرجان سوكاتا الخامس و الثلاثين
عرضت في بغداد يوم السبت المصادف 25 / 3 / 2018 على خشبة المسرح الوطني ضمن الأحتفال بيوم المسرح العالمي
عرضت في بغداد يوم الجمعة المصادف 30 / 3 / 2018 على خشبة المسرح الوطني ضمن الأيام الثقافية العراقية التونسية .
يستند التلقي في هذا العرض إلى أحكام مسبقة حول تجربة المخرج و الممثل العراقي ( انس عبد الصمد ) التي اختزلها في مسرحه الذي اسماه (الميتا مسرح ) ، و يستمد العرض ( توبيخ ) أهميته من تجربة العرض المستمر التي فرضها هو ، بخروجه عن دائرة العرض المعتاد ( لمرة او مرتين خلال سنين ، أو عدة عروض خلال مدة زمنية قصيرة ) الى نظام عرض مستمر منذ 2013 سنة انتاج هذا العرض و لا زال مستمرا ، و هو يعلن انه سيتصدى لعروض اخرى و في دول اخرى حول العالم . و هو بهذا ينتج ربتوار متنقل يقدم فيه ( توبيخ ) و الـ ( ميتا مسرح ) بوصفه عرض و منهج / طريقة تلازمه ، ان القول بجرأته نابع من اشتغاله على العرض العالمي الأقليمي و خارج الأقليمي رغم كونه يسكن العراق و لا يحمل جنسية اخرى و هو بهذا يعد نموذج حي للمسرحي المستمر بالعمل من داخل العراق و المتنقل خارجه عكس المتوقع .
و المتابع لتطور المخرج ( انس عبد الصمد ) يعرف انه ابتدأ ممثلا للتمثيل الصامت قبل ان يتوقف عند تجربة العرض في العاصمة اليابانية ( طوكيو) التي شكلت نقطة تحول غيرت مساره لأنه ابتدأ بدمج اساليب جديدة مع الفن الصامت و سرعان ما تحول الى ( الميتا مسرح) ثم اعلن القطيعة من مدينة ( الديوانية ) العراقية بالمسرح الصامت . و هو يقدم نفسه مختصا في عروض ( الميتا مسرح) . و لكن ما هو ( الميتا مسرح) ؟ اذ لم تذكر فرقة المستحيل ، و هي فرقته التي انشأها منذ سنين بيانا منهجيا بهذا الخصوص ، و على مواقع التواصل الخاصة بالمخرج او بالفرقة .
و في اطار بحثي ايضا لم اجد اي دراسات عربية متداولة عن هذا المصطلح ، كما زاد ما كتبه المعلم ( د . سامي عبد الحميد ) من حيرتي حول بطلان هذا المفهوم لأنه اعتبره غير موجود (
) ، كما ان اخرين اكدوا وجود المصطلح ، مثل دراسة ادبية لـ الأستاذة العراقية ( د . نهى الدرويش ) ( ) و كتابا للباحث المغربي ( د . حسن يوسفي ) ( ) و هي دراسة متخصصة في النص و ليست في اجراءات العرض المسرحي ، كما وجدت دراسة ماجستير تم تقديمها الى مجلس جامعة بابل من قبل الباحث( احمد ضياء هادي ) بعنوان ( الميتا مسرح و تمثلاتها في العرض المسرحي العراقي المعاصر ) للعام الدراسي 2016 و لم احصل عليها لظروف حالت دون ذلك و لم يتبق لي الا ان اتصدى لها بنفسي اعتمادا على المتوفر على شبكة الأنترنت العالمية و استنتاجاتي الشخصية .
و الـ ( ميتا ) " هي كلمة يونانية الأصل تعني (بعد) أو (وراء) ، وهي بادئة لفظية تستخدم في تكوين اشتقاقات وتعني بعد شيء ما ، أو انتقال إلى شيء آخر" ( ) ينتمي الى مجموعة مصطلحات هي موضوع جدل دائم لأنها تتعلق بما بعد الحداثة مثل ( ما بعد الرواية ، ما بعد الشعر ، ما بعد النص ، ما بعد الرسم ، ما بعد النحت ، ما بعد المسرح ) و ارتبطت في الفلسفة بفكرة الموت ( موت النص ، موت الشعر ، موت الفن .. الخ ) .
يعتقد الباحث المغربي ( د . حسن يوسفي ) " ان الميتامسرح - كمصطلح ظهر مع بداية الستينات في النقد الأنكلو- أمريكي " ( ) و يرى ان أن كتاب " الميتا مسرح : نظرة جديدة للشكل الدرامي لليونيل أبيل ، الذي ظهر في نيويورك سنة 1963هو صاحب الفضل في إثارة الإنتباه إلى ظاهرة ( الميتامسرح) " ذاكرا فيه ان الميتا مسرح هو المسرح الذي يقدم نصوصا ذات بنيات متعددة بنيتين متضاربتين او اكثر . و عارضه الناقد الفرنسي ( باتريك بافيس ) عند تعريفه لـ ( الميتا مسرح ) ، في معجمه المسرحي على انه " مسرح تتمركز إشكاليته حول المسرح، أي مسرح «يتحدث» عن نفسه: ويعرض ذاته" ( )
و تذكر الأستاذة المصرية ( د . نهاد صليحة ) ان مسرحية ( ست شخصيات تبحث عن مؤلف ) للكاتب الأيطالي ( لويجي بيراندلو ) هي نموذج واضح للمسرح التكعيبي ( الذي ينتمي للمدرسة التكعيبية ) ، كما يعتقد الناقد الأمريكي ( ليونيل ابيل ) صاحب كتاب ( الميتا مسرح ) ان نفس المسرحية هي نموذج للمصطلح .
و يتضح بالفعل التقارب ما بين نموذج ( ابيل ) ( الذي يمثل النص ) و نموذج التكعيبية ( الذي يمثل العرض الفني ) ، اذ يذكر الباحث المغربي ( د. حسن يوسفي ) ان الناقد ( ليونيل ابيل ) ركز في كتابه على البعد الميتافيزيقي لظاهرة الميتا مسرح و فكرة انها تتضمن بنيات متعددة في النص مثل المسرح داخل المسرح والمسرح الملحمي و الوثائقي و كل مسرح فيه بنيات متعددة او يحتمل تضمين بنيات اخرى و هو غير المسرح الأرسطي المعتاد ، ما يعني عدم وجود التراجيديا و الكوميديا بسبب حمل المسرحيات بنيتين متضاربتين معا ما يعني موتهما و حضور نسق جديد و قد انتقد الناقد ( باتريك بافيس ) هذه الفكرة بقوله "إن هذه الأطروحة .. لا تعمل سوى على توسيع نظرية المسرح داخل المسرح القديمة " ( ) و هو رأي الأستاذ ( د . سامي عبد الحميد ) على جريدة المدى . و يعد اعتبار ( الميتا مسرح ) مسرح لا يتفق مع البنية الأرسطية الواحدة هو امر يبيح اعتبار العروض التي لا بنية واضحة لها جزءا من ( الميتا مسرح ) مثل العروض الصامتة والعروض الممسرحة القادمة من الفن التشكيلي لأنها جميعا لا تخضع للتقييم الأرسطي .
و في نموذج ( التكعيبية ) للعرض نراها تحرض فيه على التجزئة و النظر الى الموضوع من عدة جهات و على تفسير العمل الفني على انه كولاج ، و هي اساس الحداثة التي فجرت بعدها التقاليد الفنية في ( المستقبلية و الدادائية و السريالية ) على وجه الخصوص و كلها مدارس عملت على ذات المفاهيم بالأضافة الى التجريد و التجميع و التداعي الحر ( الأنية ) و الأرتجال الحسي و التركيب و تدمير السائد من الفنون ، هذه المفاهيم التي تطورت في ما بعد الحداثة الى مفاهيم القطيعة و استبدال الفنون المعروفة بأساليب و فنون جديدة اكثر تداولا و سهولة خارج مفهوم العمل الفني المعتاد ، خارج اللوحة و خارج الخشبة و خارج الشاشة .. الخ الأمر الذي ادى الى ظهور فنون جديدة دعيت بفنون ما بعد الحداثة و كانت جلها غريبة و غير مفهومة مثل ، فن الحدث( الحدوث ) ( ) ، فن الجسد ، فن الأداء ( ) ، فن التنصيب ، فن التجهيز ( ) ، الفن المفهومي ، فن المنيمال .. الخ . و كلها فنون لا تحتوي على بنية واضحة و مفهومة و اغلبها اجزاء او اجزاء الأجزاء جرى تجميعها لعمل كولاج قابل للتأمل و قد لا يحمل بنية او فكرة او هدف .
كما يجب الأنتباه الى ان هذه الفنون المذكورة و مصطلحات ( الميتا ) بما فيها ( الميتا مسرح ) كلها ظهرت خلال ستينيات القرن الماضي حتى السبعينات منه .
و يمكن فهم المقصود من هذا الجدول البسيط
النص في الميتا مسرح العرض في الميتا مسرح
البنى المتعددة في النصوص الناطقة التجزئة - التجميع – التداعي الحر - الأنية
اللابنية في النصوص الصامتة الأرتجال الحسي – التركيب
و من هذا كل يتضح ان ( الميتا مسرح ) هو منهج يعتمد التضمين و الأضافة المستمرة الى بنيته الأساسية .
و في نصوص العروض الصامتة التي ينتمي اليها المخرج ( انس عبد الصمد ) يكفي اضافة فكرة عامة بوصفها بنية مجزئة غير واضحة او اجزاء ( بنى ) مضافة للفكرة ، و كما نعلم ان نصوص العروض الصامتة هي ورقة عمل تبيح البحث عن الحركة الجميلة و الممكن تنفيذها و التي تخدم البنية ، لذا تكتب اغلب نصوصه بعد العرض ، اي ان نصوص المسرح الصامت هي نصوص عرض . رغم انني اعتقد شخصيا ان كل نصوص ( الميتا مسرح ) هي نصوص عرض ولا تعتمد على نص مسرحي مكتوب مسبقا كنص ، بل على ورقة عمل مختلفة كليا ربما تحتوي على المفهوم و اليات تنفيذه او ما يمكن وصفه بأنه افكار اولية للمخرج
لذا فـ( الميتا مسرح ) هو اسلوب عرض ما بعد حداثي حر لا محاذير في استخدامه المفردات استنادا الى الحدود الحرة التي وضعها لنفسه الا انه بالمجمل يكون اسلوب سهل ممتنع .
و البنية على هذا الأساس بنية مركبة من بنيات متعددة صغيرة داخلها قد لا تنتهي و لا تهدف الى غاية كبيرة بل عدة غايات في ان واحد تتضاعف اعتمادا على توليد مكرر لأحاسيس بشرية ، و يؤدي هذا التكرار الى اللعب المتداخل وهذا الأسلوب يدفع المتلقي ليتساءل حول الغاية من هذا المسرح و حول قربة من الحياة و بين الوهم و الحقيقة بحثا عن معنى . او ما يمكن تسميته بالتأمل .
و العنوان توبيخ هو ( التهديد و التأنيب ) ( ) و هي ايضا ( لامه و هدده و عيره ) ( ) اي ان تهديدا و تأنيبا جرى لهذا الواقع المؤلم كما اعتقد .. لأنه اكثر من يستحق التوبيخ .
و يمكن القول ان العرض توبيخ يتكون من مقاطع تتركب على خط الزمن خلال البروفات هي : -
1- صور مسرحية : - و هي مشاهد مسرحية تبدأ من المخرج او يطورها بنفسه و تنفذ على اساس التوازن و الحركة المسرحية مثل
أ- صورة البداية او استهلال العرض ، صورة تقديم للشخوص كما استهلال ساكن ، يجلس احدهم و بيده كاميرا ( اداة للتوثيق ) يرتدي زيا قديما ، قصير القامة . ثم تفتح الستارة على الممثل ( د . محمد عمر) واقفا بالزي الرسمي ( شخص رسمي ) و بيده ملفات و في بقعة ثانية هناك ممثلة الفتاة ( في كل عرض مختلفة تقريبا ) ترتدي الملابس السوداء لسبب ما رغم ان داخلها مختلف في كل مرة ترتدي لونا . و بقعة ثالثة فيها كومة ملابس على السايكلوراما تنعكس صورة لمكتب رسمي اداري كبير على خلفية ( منضدة ) ، و يظهر الممثل ( انس عبد الصمد ) بشخصية البطل شبه عاري قادم من المؤخرة ، هو يرتدي الملابس يحصل على هيئة جديدة ، و الفتاة ترمي ملابسها تتعرى من بعضها، تكشف نفسها
ب- صورة الممثلين يجلسون في صالة انتظار بأنتظار مقابلة وظيفة او دورهم في اجراء المعاملة .. الخ
ت- الصورة التي التقطها لهم الرجل القصير تظهر حال التقاطها في الواقع على الشاشة على خلفية ( السايكلوراما ) مع صوت الذبابة الذي يزداد و يرتفع
ث- الصورة بليغة الفتاة ترمي بسطلها الماء و الرسمي يستنسخ الاشياء و البطل و المجموعة يرقصون على أساس من تفسير الحالة على الطريقة الأمريكية
ج- الرسمي يفرغ الملفات بطريقة متوالية في حاوية في الأعلى ، هل يموت اصحاب الملفات ، هل تهمل ملفاتهم ، ما الذي يقصده العرض من هذه العملية . و لماذا مكان مرتفع .. يعبر المكان المرتفع على ما يتمتع به كل ما هو فوق إنساني القدر ، الإلهة ، الحاكم .. الخ ، هل الملفات هي لأناس اندثروا قصصا مختلفة لأناس ، فتاتان تساعدان الرسمي لاحقا على تصعيد الملفات الى الحاوية في الأعلى
ح- الرسمي تستعبده الفتاة الشقراء و تضع سلسلة على رقبته و تأخذه ككلب
خ- هناك من كيس ازبال يخرج شخص عاري اخر يمشي كمسخ
د- صورة بليغة حدثت في العرض الثاني حول استنساخ اشكال البشر و التي تتحول الى صور مجرمي داعش على الشاشات ، و تحمل هذه الصورة معنى بليغ ، يتمحور حول تحول اطراف من المجتمع الى داعش
2- حيل ادائية : مجموعة الحيل الأدائية و الحركات التي يبرع بها كل ممثل سواء امتلكها لوحده او علمها لغيره ، و يمكن تسميتها بحيل ( باربا ) (
3- ) لأن المخرج الأيطالي الأصل ابتكر هذا الطريقة وفق نظام ( المقايضة ) فكان العرض لديه مجموعة متوالية من الحيل ، بينما هي في ( الميتا مسرح) جزء من كل متنوع ، و يمتلك الممثل ( انس عبد الصمد ) قدرات ادائية في التمثيل خصوصا تعابير الوجه استخدمها في توبيخ ، كما يمتلك لمسات ادائية في جسده لم يرينا اياها في توبيخ رغم انها كانت واضحة في عروض اخرى له من قبل في ( حلم في بغداد ) مثلا ، و هو هنا يمثل شخصية حائرة حركيا غير واثقة مرتبكة لأنها خاضعة لاحتمالات الواقع و ضغطه ، و من امثلة تلك الحيل : -
أ- تحول الفتاة الى آلة
ب- الممثلين يسيرون بطريقة مكسورة الركبة
4- رقص تعبيري : رقص يستبدل المعنى بالحركة ، و قد يعني شيئا او يسعى الى الحركة المتناسقة مع الموسيقى مثل : -
أ- حركات راقصة يؤديها البطل لوحده و مع القناع
ب- الفتاة الأولى ترقص مع القناع و تتمرغ بالأرض
ت- البطل يرقص رقصة موحدة مع واحد من المجموعة
ث- رقصة المجموعة على انغام الأغنية ان هناك رابط جماعي بينهم و بين البطل
5- حدوث : و هي احداث تبدأ بموعد معلوم ، تمارين خيال تعتمد على اطلاق فرضية و يترك للخيال و الأرتجال الحسي اتمام الحدث ( و هي تمارين مشابهة لتمارين درس الأبتكار و الصامت في المعاهد و الكليات المسرحية ، درس ابتكر فيه كثيرا المرحوم عدنان نعمة في الثمانينات في معهد الفنون الجميلة بغداد ، او معهد البنين الكرخ اليوم ) و بهذا لا نعلم وجهة الحدوث الا بعد اتمام الحدوث ، فكرة هي اساس الهابننج الذي ابتكره الان كابرو ، طورت في عروض المسرح الحركي و الميتا مسرح الصامت و عروض الأداء بعد استحسان الحدوث ليعاد تقديمه عدة مرات حتى يتحول الى نص ابتدع ارتجالا و هو يتحول الى مسرح بفعل التكرار اصله حدوث . كما في بروفات المسرح كلها التي تعتمد على الحدوث دون ان ينتبه المسرحيون .
أ- يبحث البطل عن الذبابة و الفتاة الأولى بدورها تبحث عنها يتحركان حركة مزدوجة متناسقة ليلتقط لهم الرجل القصير صورة من زاوية حركية تصورهما في وضعية حميمة تحيل الى الجنس و هو بهذا يقدم دليلا على حدوث اتهام لهما بأمر لم يقترفاه فعلا .. انهما مذنبين بأمر لم يفعلاه
ب- الرجل القصير يحدد منطقته بشريط لاصق ثم يضع لاصق على فمه
ت- الفتاة الأولى تحمل سطلا تفرغ الماء من المكان و هو رمز الغرق و انها تحاول انقاذ شيء ما بتقليل الماء منه
ث- تنظيف البراد شيء كمالي من الرسمي
ج- الفتاة الأولى تدخل جهاز الأستنساخ
ح- الفتاة الثانية و حملها الجنين بيدها
6- تجيز الفراغ :- بيئة ارتجالية من التأثيث حسب المواد و الخامات و الأشياء التي يتم العثور عليها و تجميعها بالصدفة ثم توزيعها حسب تركيب حسي على المكان و اعادة تعديلها بتعميق التباين بين الأشياء بوصفها قطع اللوحة الفنية التي تتركب من مواد مجمعة في فضاءها و هي نفس اليات البناء في الكولاج ما يجعل فن التجهيز كولاج من الأدوات المجمعة ( كولاج بالأثاث و المكان ) و يختلف ذلك في كل مرة حسب مكان العرض و الأشياء التي يتم الحصول عليها
أ- اكوام من الأشياء حول الدوار كومة بشر كومة ملابس كومة ملفات
7- الموسيقى التصويرية : - توفر الموسيقى جوا من التأمل و الأنتباه و تشتيت الأنتباه حسب توجيهها .. و هي حجر الأساس في هذا النوع من العروض بسبب عدم استخدام الحوار و بالأضافة الى الموسيقى التصويرية التي هي مستعارة من موسيقى تصويرية لأفلام ، استخدمت هنا اغنية غربية انكليزية . و رقص الممثلون على ايقاعها بالأضافة الى مؤثرات صوتية مثل صوت الذبابة
8- التقنيات المعتادة للمسرح : -
أ- الهيرسات انزلت في نهاية العرض الأول لتجلب ملابس لوليد كيس الأزبال المسخ العاري
ب- الخشبة الدوارة : و عليها تكومت اكوام من الملفات و الأجساد البشرية و الملابس
ت- الأضاءة : المعتادة لأي عرض
ث- السايكلوراما : الستارة الخلفية الثابتة التي تستر الخلفية و التي استخدمت ايضا كشاشة لعكس الصور في العرض الأول، التي ترتفع كحاجز ما بين الخلف و الامام
ج- الغرفة الخلفية العلوية : و هي غرفة سيطرة في التصميم الأصلي للمسرح على الأضاءة و التقنيات ، استخدمت ووظفت في مشهد مفترض داخل العرض
ح- الجدران الخارجية للمسرح الوطني التي استخدمت في العرض الثاني كشاشات لعكس الصور و الأفلام
و من الملاحظ ان هذه التقنيات لم تكن لتتوفر على مسرح الرافدين مثلا ، و هكذا يختلف كل عرض عن الأخر في تجوال توبيخ في المهرجانات و الدول . بسبب من اختلاف بناء و تقنيات قاعات العرض .
9- الأزياء و الباروكة و الأقنعة : -
أ- الشعر المستعار يتحول الى ممسحة ارض
ب- قناع انسان ابيض بلاستك خفيف ، يرتديه البطل بقدمه و بخلفية وجهه و يرفعه بيده ليظهره
ت- قناع حمار في العرض الثاني ترتديه الفتاة و يرتديه البطل
ث- يرتدي البطل القميص الأبيض و البنطلون الأسود و هو نموذج للمجموعة التي ترتدي نفس الزي و للوليد المسخ الذي يخرج من كيس الأزبال
ج- الزي الرسمي يرتديه الممثل ( د . محمد عمر)
ح- الفتاة الرئيسية ترتدي زيا اسود خارجي و تحته في العرض الأول اسود و في الثاني احمر
خ- بقية النساء يرتدين ازياء عادية
د- شاب قصير يرتدي ملابس طرازية قديمة
ذ- الزي العاري الذي لا يحمل صفة و ( العاري ) لا يملك شيئا ، عادي ، من العامة فقير ، واضح ، مكشوف
ر- البطل يرتدي زيا ابيضا و قناع خلف ظهر رأسه فيظهر برأسين
10- صور منعكسة :
أ- صورة لمكتب رسمي اداري كبير على خلفية ( منضدة ) و المنضدة وظيفتها نابع من استخدامها منضدة مكتب ، طعام ، حاسبة .. الخ
ب- الذباب
ت- الجنين و مراحل نموه
و اختلف مكان انعكاس الصور في العرض الأول على السايكلوراما و الثاني على الجدران الخارجية للمسرح الوطني و لم يعرض الجنين في العرض الأول بل في الثاني فقط .
11- اظهار الرموز بالأداء : عن طريق رفع القناع و الملف و الأشارة اليهما باليد الأخرى بأصبع الأشارة او تحريك الرمز بطريقة توضحه .. او حمل اداة طيلة العرض
أ- حمل ( اناء للزراعة ، زراعة ، امل ، حلم ( من زرع حصد )
ب- الذبابة لأنها رمز ثابت بالصورة و الصوت و تفاعل الأداء و رغم صغر الذبابة فأنها يمكن ان تغير مزاجنا و تعكره ففي اللحظة التي تحتاج فيها الى التركيز مثلا او القراءة ، فأن الذبابة تشتت انتباهك بسبب حركتها على الجسد و سرعة هروبها
ت- اضافة ممثل طفل في العرض الأخير اكد رمز استمرار المشكلة و رحلها الى المستقبل المظلم .
ث- الشقراء ليست غربية و هي تتشبه بالشقراء لأن شعرها اسود و هي شرقية على ذلك
ج- الحمار الذي يعتلي الكرسي ويظل ينهق في اليمين وفي الشمال دون جدوى .. اشارة الى من إعتلوا الكراسي .
ح- البطل يرتدي قناع الحمارلأمداد فكرة الفراغ الفكري والجهل
خ- سطل البطل الذي زرع فيه نبتته اخضر
12- الصمت : بلا موسيقى طبعا و بلا حوار .. حركة في الصمت ، حركة الأموات السائرين ، في هذا العرض للموسيقى مسار و متى تنقطع الموسيقى يعم الصمت ، و الصمت يؤدي الى التأمل ، الصمت لا يعطي تلميحا و لا يقدم اي اشارة لغوية او صوتية بل اشارات تعبيرية تحيل الى الأستنتاج الفلسفي الخيالي و هو امر يعقد التلقي ما يجعل من كل هذا امرا مقصودا ، كما انه يفضل التحالف مع الموسيقى لكبح الوضوح و تحويل الحدوث الى جزء من ملحمة بأثارة الموسيقى .
13- الأرتجال : - فعل يقوم به الممثل عن وعي اثناء العرض بفعل وجود فراغات بين المتسلسلات اعلاه و يؤديه ممثل العرض الواحد بطريقة تختلف عن الممثل القديم مع المنهج ، و الذي قدم اكثر من عرض .
و العرض على هذا متجه مع الزمن حال بدء التنفيذ و كل ممثل يعرف مهمته و موقع مهمته المتفق عليه ، و يمضي العرض في تتابع مهام .
و يدعم هذا التفصيل ما ذهبت إليه أعلاه و يمكن استخلاص الأتي منه : -
1- اختفاء نص المؤلف تماما و سيادة نص المخرج ( نص العرض )
2- إن نص العرض الصامت متشعب و فيه بنى مرمزة و اجزاء لبنى و اجزاء الأجزاء اي افكار متوالدة
3- سيادة التشاركية الطقسية منذ تمارين الحدوث في الورشة التي تتطور الى مناسبة طقسية مفردة و منها الى التشاركية
4- الحدوث يعني تداعي حر ، و الأرتجال ، و الأبتكار بالصدفة ، و الأنية ، و بهذا ينفذ العرض بالتداعي الحر و ما يجعله مسرحا هو التمرين الذي يؤدي الى استحسان التداعي الحر و اعادته و ما ان يعاد يتحول الى نص
5- ابقاء الأرتجال الحسي حاضرا في العرض
6- استخدام التكرار الحركي للتأكيد من جهة و لتدعيم مفهوم العبث ايضا ، و احيانا لا معنى منه سوى التكوين الجمالي
7- تركيب الممكن من ( الصور و الأفلام و مواد و تكوينات )
8- الأهتمام بالملابس و طرازها و الأكسسوارات على نحو واضح
9- سيادة الرمز المقصود و غير المقصود
و اعتقد
ان مسار الزمن لديه يتكون من ( حدوث حركي ارتجالي + تجهيز اثاث + رقص + ما تيسر من تكنولوجيا ( صور و افلام منعكسة ) + موسيقى + صمت + ازياء و اكسسوار + تمثيل بدون حوار + بعض الأصوات ) + صور مسرحية = عرض ( الميتا مسرح) ( توبيخ )
منطقة النص في ( الميتا مسرح ) = بحث ( ورشة ) + منطقة تمرين تكرار ما توصل اليه في المرحلة الأولى + انجاز بروفة يومية من كل هذا و تثبيت العمل و الحركات المناسبة = نص عرض ( الميتا مسرح )
و التمارين تبدأ على تمارين الحدوث التي يحفزها الأثاث اولا ثم اشياء اخرى مثل كلمة ما ، ( ذبابة ) مثلا و يتطور الموضوع للوصول الى تكوين حركي . وصولا الى نظام مقطعي ، يتكرر في كل مرة بنفس الطريقة و مع فكرة مختلفة ثم نظام البناء الذي يعتمد على التجميع من ما تم بناءه خلال البروفات من الأفكار
و يتضح هنا ان قراءة المعنى هي ايضا متعددة و مجزئة و لا يمكن ان يجري في ( الميتا مسرح) اي قراءة متعالية مكتملة لأن ما يقدم مجزء و يتم تلقيه مجزء ، و لا يمكن الربط بين الرموز ففي النهاية كل منها يحمل معنى مختلف تماما عن الرمز الأخر .
كما ان المرتجلات و الحدوثات و الصدف ليس شرطا ان تفسر لأن التأمل غاية ايضا ، بمعنى ان العرض ( توبيخ ) و عروض ( الميتا مسرح ) يتم تلقيها و تكون الحصيلة هي التأمل و الأسترجاع و اختيار المعنى الأنطباعي الفردي ، و اعتقد ان العرض ( توبيخ ) ايضا يحتاج الى بيئة من الأبهار لأنه يفتقد لها ، لكنه محمل بالمعاني لكل جزء منه .
اي ان كل متلقي يفهم ما يراه استنادا الى الجزء الذي علق بذاكرته و ما يجعله فهما متعددا و مختلفا بين كل متلقي و اخر و في هذا السياق نفسه يقول المخرج ( انس عبد الصمد ) نفسه ان ( ان المسرح منشور سري ) و هو بهذا لا يعلن ما يقصده و كيف يعلن و عروضه بلا حوار ، الا انه يزيد من تشفيرها و لا يمارس الأظهار الا في حالات معينة اي انه يتقصد تقديم عروضه بطريقة صامتة مشفرة .
و انا مثلا كنت قد توصلت الى فكرة مفادها ان هذه الشخصيات الشيزوفرينية التي تمثلنا بطريقة ما ، تمثل اخطائنا بصفتنا المجتمع و هي و النظام بحاجة الى ( توبيخ ) ، لأن نتائج افعالنا ادت الى فوضى عارمة . عبث ، و حياة غير معقولة .
و لا يمكن القول ان انجاز ( توبيخ) بناءا على ما تقدم هو الربتوار و اعادة العروض في بقاع مختلفة فقط ، انما في نظام معقد سهل في اصله ، صعب في تكوينه يؤدي الى منظومة متكاملة اخترقها هذا المخرج العراقي و تمكن من نحت اسمه و بقوة على الساحة العراقية ، في قلب المسرح العراقي تماما .
و كل عرض و ( توبيخ ) بخير
الهوامش :
- سامي عبد الحميد ، ماذا عن الميتا مسرح ؟ جريدة المدى ، العدد 3616 ، السنة الثالثة عشر ، الثلاثاء / 5 / نيسان /2016
- نهى الدرويش ، الميتا مسرح : بين مردانية المسرح و ابداع الفنان و ذائقة الناس الشبكة العالمية للأنترنت ، الموقع الشخصي
- المسرح و المرايا : شعرية الميتا مسرح ، و اشتغالها على النص المسرحي العربي و الغربي ، اتحاد كتاب المغرب
- الموسوعة الفلسفية, وضع لجنة من العلماء السوفياتيين, ترجمة سمير كرم, طبعة دار الطليعة, بيروت, ص 425.
- حسن يوسفي ، المسرح و المرايا ، اتحاد كتاب المغرب ، ص 7
- باتريس بافي ، معجم المسرح ، تر : ميشال ف . خطار . مراجعة : نبيل ابو مراد ، المنظمة العربية للترجمة ، بيروت ، لبنان ، شباط ( فبراير ) ، 2015 ، ص 326
- حسن يوسفي ، المسرح و المرايا ، اتحاد كتاب المغرب ، ص 18
- فن الحدث happening، ( الحدوث ) ابتكره الرسام الأمريكي ( الان كابرو ) فن يقوم على مفاجئة الموعد بوصفه نقطة معلومة ، و حدث مجهول يجري ارتجالا ، من الفنون التي قدمت بديلا للمكان و الحدث و الرسم و النحت ، محولة اياها الى نشاط انساني و صار الفراغ هو مكان العرض بدلا من اللوحات و الأطر . اعتبره البعض مسرحا و قدمه ( كابرو) على انه فن تشكيلي . الكاتب
- فن الأداء Performance، حدث مشهدي عابر ، تتحالف معه شتى الفنون التوليفية (مؤثرات صوتية، وضوئية، إلى السينوغرافي، والكوليغرافي، والرقص، والحركات الإيمائية، والديكورات المسرحية، والتصوير الجداري وإسقاطات الفيديو إلخ…) هو وليد التعبير الدادائي المشهدي (الاحتفائي)و يمكن اداءه في الشارع أو السوق وغيرها ، أسعدعرابي ، مقال بعنوان "اتجاهات ما بعد الحداثة"، مجلة "الحياة التشكيليّة" /فصلية/ تصدرها وزارة الثقافة- دمشق، العدد 55-56، 1994.
- فن التجهيز : و اسمه الكامل ( فن التجهيز في الفراغ ) عمل فني تشكيلي مركب ، يتكون من تكوينات من المواد الحقيقية (الخامات المعروفة ، والأجهزة و المصنوعات ) بوصفها مواد اولية و تجميعها في اي فراغ متوفر و على نحو ارتجالي لأيصال فكرة مفهومية
- محمد بن ابي بكر عبد القادر الرازي ، مختار الصحاح ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، لبنان ، ص 706
- المنجد في اللغة و الأعلام ، الطبعة الثالثة و الأربعون ، دار المشرق ، بيروت ، 2008
- يوجين باربا : مخرج مسرحي ايطالي الأصل ، عمل لفترة مع غروتوفسكي ، و انشأ نظام متداخل من التدريب المتواصل على الحركات ، حرض الممثل على ان تكون له قدراته الخاصة و حركاته ، دعاها بالحيل ، انشأ نظام المقايضة بين الممثلين كل ممثل يقدم حيله و يقايضها . ( ينظر سامي عبد الحميد ، ابتكارات المسرحيين في القرن العشرين ، الناشر بلقيس الدوسكي .
0 التعليقات:
إرسال تعليق