أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الجمعة، 6 أبريل 2018

مسرحية "مصرع الخرساني " تأليف : محمود القليني

مجلة الفنون المسرحية
الكاتب محمود القليني


شخصيات المسرحية 
أولا :الشخصيات العربية :
1- أبو جعفر المنصور    ................................ الخليفة العباسي  .
2- أبو أيوب المورياني ...................................وزير أبي جعفر المنصور .
3- قثم بن العباس .
4- عيسى بن على .
5- عيسى بن موسى .          ]> بعض أفراد البيت العباسي 
6- صالح بن على .
7- يقطين بن موسى .
8- إسماعيل بن على 
9- أبو دلامة        ..........................................شاعر المنصور .
10- الحسن بن قحطبة .
11- حميد بن قحطبة .           ]> من قواد المنصور .
12- خازم بن خزيمة 
13- جعفر بن حنظلة 

14- سالم بن قتيبة ]> منمستشاري المنصور .
15- أبو حميد المروروزي.
16- المسيب بن زهير ...............................والي الشرطة .
17- سهل بن نوبخت ................................منجم المنصور .
18- جورجيوس بن يختيشوع ........................طبيب المنصور .
19- أبو داود .......................................خليفة أبي مسلم على خراسان 
20- أبو إسحاق ...................................رئيس حرس أبي مسلم .
21- أبونصر مالكبن الهيثم ......................صديق أبي مسلم الخرساني .

ثانيا : الشخصيات الفارسية :
1- أبو مسلم الخراساني ......................................قائد الجيوش العباسية .
2- زوجة أبي مسلم 
3- فاطمة ..................................................ابنة أبي مسلم.
4- بهرام شوس .
5- أسفنديار .
6- رستم .]>سادة خراسان وأصدقاء أبي مسلم.
7- نيزك .
8- سنباذ .
9- بهلوان .
10- منوشهر ................................ قائد عسكري .
11- بازان ...................................منجم فارسي .
بعض المغنيات والراقصات .
زمان المسرحية :   من سنة 136- 137هجرية .
مكان المسرحية : ما بين خراسان وبغداد . 


الفصــــــل الأول 


المشهد الأول :
في قاعة فسيحة يجلس ( بهرام شوس ) وحوله بعض أصدقائه تتدلى من السقف ثريات عظيمة الحجم ، تضفي ضوء أخاذا على الستائر الحمراء التي تغطي جدران القاعة ، لوحات كبيرة الحجم معلقة على الحائط تصور بعض عقائدهم الفارسية ، تفترش الأرض بالأبسطة الفاخرة ، عددمن المناضد وضع فوقها الكؤوس الزجاجية الممتلئة بالخمر ،وفي وسط القاعة منضدة كبيرة عليها رقعة من الشطرنج تحيط بها بعض الشمعدانات الذهبية ، في ركن في أقصى القاعة تجلس العديد من الجواري الحسناوات ، وبيدهن الالآت الموسيقية يعبثن بها :
بهرام : لا...دع عنك هذا الحديث المسرف في القنوط ..لقدكسبنا الجولة الأولى بعدما تخلصنا من أبي سلمة الخلال ( يمد صولجانه الخشبي ويخرج قطعة من قطع الشطرنج ) ولم يعد في الميدان إلا وزير ( يشير إلى وزير الشطرنج وينحني له ) بل وزير الوزراء 
...أبو مسلم الخراساني .
رستم : ( ضاحكا )إنه الجواد الذي سنصل به إلى مآربنا ، وقضاء أوطارنا .
بهلوان : أخشى ما أخشاه أن نكون أخطأنا بقتل أبي سلمة الخلال .
أسفنديار: ( ينحي جانبا بعض الوريقات كان يطالعها ) هذا دأبك ...كثير الحذر والتردد  نحن 
لم نصب في شيء قدر إصابتنا في قتلالخلال .
بهلوان :يا صاح ..إن وزيرين يعضد كل منهما الآخر خير من وزير واحد...إن الأمرالذي نرومه لا يقدر عليه أولو القوة من الرجال ...فكيف برجل واحد ؟!
بهرام :(ينهض ويتقدم من رقعة الشطرنج يلتقط قطعة الملك ويرفعها عاليا ) ومن قال لك أن أبا مسلم رجل واحد ؟! ..لقد جسدنا آمال وتطلعات أمة آل ساسان بتاريخها وحضارتها ومجدها فيه .
رستم : وليس أبومسلم بالرجل المنفرد ...فقدحقق كل ما حققه بفضلنا بعدما أمددناه بالمال 
والرجال والحيلة .
أسفنديار: أما وقد صارت مقاليد الأمور في يد أبي مسلم بعد قتل الخلال ..والأمر كله في 
خراسان بجندها ومالها في يده ..فليس ما عملناه خطأ ..بل الصواب كله ..وإلا 
فأخبرني أين الخطأ ؟
بهلوان : لا أدري أين الخطأ ...ولكني لست بالمستريح بعد قتله .
بهرام : لا تنس أنه خالف تدبيرنا بميله للعلويين .
بهلوان : ولكنه تاب وأصلح بعد ذلك ...وعفا عنه الخليفة .
بهرام: للخليفة أن يعفو عمن يشاء ويغضب عمن يشاء ..الأهم هورضانا نحن ..فمن هنا 
تتحرك كل الأمور في دولتهم ، وقبل أن يحدث أي شيء يكون الإعداد والتدبير له 
هنا ..أليس كذلك يا إسفنديار ؟
إسفنديار : ( يرفع الوريقات عاليا ) كل شيء مخطط له هنا ومن داخل تلك القاعة .
بهلوان: أوتظن بهذه الأمور يمكن أن نزيل العرب عن أمرهم  بعدما صاروا إليه ؟
بهرام : ( يتقدم ويضع يده فوق كتف بهلوان ) لقد أثر مقامك بين ظهرانيهم على تفكيرك 
...ألم نقضي بالأمس القريب على الأمويين ...وأطحنا بدولتهم وجئنا بدولة أخرى ؟ فنحنقادرون على الإطاحة بدولة آل العباس ..ولكن لن نستبدل عربا آخرين كما فعلنا مع الأمويين ..بل سيحل آل ساسان مكان آل العباس في الحكم والسلطان ( يلتقط تفاحة
ويقضم منها ويسير مختالا إلى وسط القاعة )وبذلك نصل إلى ما كنا نرومه منذ أمد 
بعيد . 
بهلوان : أوتظن أن أبا مسلمونحن من ورائه قادرون على ذلك ؟ أيرضى العرب عن أبناء 
ساسان حاكمين لهم ؟
بهرام : وما في ذلك ؟!
بهلوان : أنسيت أن أمرهم أمر عقيدة ودين ؟
بهرام : ويحك ! ألم يساو الإسلام بين العرب والأعاجم ؟ وألسنا مسلمين ...لا نشرب الخمر (يضحك ويلتقط الكأس ويفرغه في جوفه ) ولا نزني ( يشير إلى الحسان في طرف القاعة ) ولا نفعل شيئا يغضب الله ( يقهقه بصوت عال .ثم يتوقف وينظر بقوة إلى بهلوان ..يقترب منه ) أم أنك لا تود أن يصير الأمر إلينا ؟ 
بهلوان : ( ينقل بصره بين الجالسين ) أنا أكثركم تطلعا وأملا أن يصير الأمر إلينا ...ولكن 
على الحقيقة وليس ( ينظر إلى رقعة الشطرنج مشيرا إليها ساخرا ) على رقعة 
الشطرنج .
أسفنديار: أشعر أننا قد اقتربنامن الوصول إلى ما نطمح إليه ..فها هو القدر يلوي أعنة الأمور 
لتطيع رغباتنا وتحقق أهدافنا ...ولم يبق سوى القليل لنحقق كل ما خططنا لأجله .
بهلوان : قد يتبدد كل ما خططنا لأجله .
أسفنديار : ( مندهشا ) كيف ؟!
بهلوان : أنت لا تعلم عما يسفر عنه الغد من جديد الأمور.
رستم : (متدخلا في الحوار ) بل نعلم ( يلتفت إلى بهرام ) إين منجمك ..فهذا المنجم شيطان ..ألم ينبؤنا من قبل عما حدث ..وكأن الغيب كتاب مفتوح أمام ناظريه ؟ 
بلهوان : ( غاضبا ) رجما بالغيب . 
رستم : وما علينا ..أدع لنا ( باذان )ليمثل بين أيدينا ويخبرنا بما لديه .
[ يدعى المنجم ، يدخل رجل بلغ من الكبر عتيا يرتدي عباءة سوداء ، يضع يديه على صدره ]
بازان : (ينحني أمام الجميع ) طاب مساؤكم أيها السادة .
رستم : أيها الرجل الموقر ..نريدك أن تطلعنا على ما تخبئه الأقدار لتلك الدولة التي قضت على أمجادنا وتاريخنا العريق .
بازان : ( يتقدم منهم خطوات ) لا يعلم الغيب إلا الله .
رستم : ( مندهشا ) عجبا لك ...وماذا تعمل هنا ؟!
بازان : ( يحدق في وجوه الجالسين ) كل ما أفعله أن استخبر النجوم؛ ولأنها تمضي الليل ساهرة مطلعة على العالم كله من عل ..تعرف مجريات الأمور ...وتصاريف القدر .
رستم : وهل أخبرتك بشيء ؟
بازان : لكم هي ضنينة بما تعلمه عن أمور الورى ، ولا تمنح إلا لمن يستحقون ، وقليلون هم ، وما أكثر مانتكبده لنظفر منها بظن .
رستم : لابد أن تروي شوقنا  للمعرفة والعلم .
بازان : ( يستدير ويسير حتى منتصف القاعة تطفيء الأنوار ما عدا الضوء المسلط على المنجم )حدث جلل يتزلزل له العالم ...تتبدل أحوال ..تتغير أمور ..يولد رجال ويدفن آخرون ..ثورات تثور ، نيران تشتعل وتشتعل ، لتأكل كل ما يقف في طريقها ...وبعد ذلك تهدأ الأمور ويستقر كل شيء( تضاء الأنوار ،ينسحب المنجم ببطيء من القاعة )
رستم : ( يقف ويلوح بيديه ) مرحى ...مرحى ...ألم أقل لكم ...حدث جلل ..تتبدل أحوال وتتغير أمور ..سيعود مجد آل ساسان إلى الوجود ..وتدفن تلك الدولة .
أسفنديار:نعم ، لقد صدق (بازان ) كل شيء سيصيرإلينا ، ويومئذ نشفي غليلنا من هؤلاء 
الحفاة العراة ذوي الشفاة الغليظة والعقول المتحجرة ..سنردهم إلى صحرائهم مرة أخرى .بل سندفنهم في رمالها المحرقة ، يومئذ لن يجدوامن يجأرون إليه . 
بهرام : ( يقف وويضرب يديه ببعضهما ويسير بخيلاء ) ستكلل جهودنا بالنجاح ..وستعود 
النيران لتشتعل مرة أخرى في إيوان كسرى لتضيء العالم كله ، سنحقق ذلك الحلم الذي كان يؤرقني في ليلي ويطاردني في نهاري ...
بهلوان : ( مقاطعا ) لا تعلقوا أمالا على تخرصات رجل مجنون ..إنه لم يقل شيئا سوى بعض الترهات الفارغة ..أنتم لا تدرون شيئا عن هؤلاء العرب ... إنهم ليسوا هؤلاء الحفاة العراة التائهين في الصحراء كما تقولون ..لقدخلقهم قرآنهم خلقا آخر ...وكل ما تفعلونه لن يجدى فتيلا . 
رستم :( يتقدم من بلهوان ويشوح له بيديه )هذا دأبك يا صاح ...لا نأخذ منك شيئا سوى تسفيه أرائنا والاستخفاف بعقولنا ...ومع ذلك لا تقول لنا ما يجب أن نعمله ...فأنت أعجزنا عن فعل شيء .
بهلوان : ( يقف غاضبا ) صه ...لست بأعجزكم ...ولكنني أبصركم بهم ..ولست بالأهوج الذي تضلله أماني جوفاء أو ترهات رجل مخرف ( يتجه نحو الباب ) وإلى ان تهتدوا إلى الطريق الذي يصل بكم ويحق أمنية آل ساسان ابعثوا إلى . 
 [ يصطدم أثناء انصرافه بالمنضدة فتسقط ويسقط ما عليها من كؤوس وفواكه]
بهرام : ( مشيرا إلى رستم ) لقد أغضبته لدرجة أنه لم ير ما في طريقه .
رستم : كيف لا أغضبه وهو ينظر إلينا باستخفاف ويسخر ويستهزئ بأحلامنا وأمانينا؟!
أسفنديار: من العسير فهم ( بهلوان )هذا .
بهرام : المدة التي قضاها بين العرب غيرت الكثير من طباعه ...ولكنها لم تغير من غيرته على مجد آل ساسان . 
الحارس: ( يدخل مسرعا يقف أمام بهرام محنيا ،ثم يمد يده برسالة ) سيدي لقد وصلت تلك 
الرسالة في التو .
بهرام : ( يتناول الرسالة يقرأها في صمت ، يقف ويتقدم إلى منتصف القاعة يرفع يده عاليا بالرسالة ) أبشروا  لقدمات الخليفة أبو العباس السفاح .
رستم : أين ( بهلوان) ليسمع ، لقد صدق ( بازان ) ..بداية الانهيار ...حدث جلل يتزلزل له العالم .
أسفنديار: حقا ...مثلما قال (بازان ) تتبدل أمور ...يصعدرجال ويدفن رجال ...ها هي الرياح 
تأتي وفق ما نشتهي .
رستم : أرسل إلى ( بهلوان ) لينزل الخبر على قلبه نزول الماء على ذي الغلة الصادي ...ولكن 
من تولى الخلافة بعده ؟
أسفنديار: أظن ( عبدالله بن على ) عم ابن العباس السفاح ...فهذا ما قطعه السفاح على نفسه 
منذ مدة .
بهرام : ( يحرك الرسالة امام وجهه ) لا .
رستم : ( مندهشا ) لا ....كيف ؟!
أسفنديار: ماذا تقصد يا بهرام ؟
بهرام : الرسالة تقول إن السفاح عدل عما قطعه على نفسه في آخر لحظة ،وأوصى لشخص آخر ، وأخذ البيعة له .
أسفنديار: ما اسمه ؟
رستم : أبو جعفر المنصور ..ألا تعرفه ؟ إنه أخو الخليفة أبو العباس السفاح  ..ولكنه ليس في بأس أخيه .
أسفنديار: ولكن لم عدل السفاح عن عمه إلى أخيه ؟ 
بهرام : لقد فعل خيرا إذ عدل عن عمه . 
أسفنديار: لا أفهم ما تقصد ...زذني فهما .
بهرام : أمور الدولة لن تنتقل من السفاح إلى أخيه أبي جعفر المنصور ..ولكن من السفاح إلى أبي مسلم ، ومن أبي مسلم إلى أيدينا ...ومن السهل السيطرة على رجل حدث مثل أبي جعفر المنصور ..فهو شاب لا خبرة له بأمور السياسة والحكم ...ثم بعدم ما نوطد الأمر..سنطيح به .
رستم : وهل نحن الذي سنفعل ذلك ؟ 
بهرام : لسنا الذي سنفعل ذلك .
اسفنديار : ( مندهشا ) إذن من ؟!
بهرام : ( يمد يده ويأخذ كأس الخمر من يده ) يالك من أحمق ...كف عن الشرب إن الخمر توشك أن تطير بعقلك . 
أسفنديار: لقد تعقدت الأمور حتى أنني لا أستطيع أن أفهمها .
بهرام : (يقترب من أسفنديار ، يضع يده على كتفه )كان الخليفة أبو عبد الله السفاح قد أوصى 
لعمه ..ثم بعد ذلك أوصى لأخيه أبي جعفر المنصور .
أسفنديار: ( واضعا يده فوق رأسه مفكرا ) وهل سيأخذونها مناصفة ...أم من الذي سيتولى 
            الخلافة ؟
رستم : ( ضاحكا ) أتستطيع أن تجيب عن سؤالك هذا ؟ 
أسفنديار: (يقف ويسير خطوات في القاعة مطرقا ، يلفت ويعود إليهما ) لابد أن يتولاها 
            أحدهما ، ولن يتأتى هذا إلا بأن يقضي أحدهما على الآخر . 
بهرام : وبذلك يتصدع البيت العباسي وتضعف الخلافة ..ولا يبقى بعد ذلك إلا أبو مسلم الخراساني ...لا يبقى إلا مجد آل ساسان .
أسفنديار: ( يمس بيده على جبينه ) الآن فقط فهمتُ ...إذن لنحتفل ببداية زوال وتصدع 
الخلافة العباسية ( يقهقه ويدور حول نفسه ) مر الحسناوات والقيان أن يدرن أقداح الخمر ويرقصن وينشدن ويشعلن النار المقدسة .
بهرام : تلك البداية فقط ..وستسمع لما يطرب له قلبك وينشرح له صدرك ( يتجه إلى رستم ) وأنت جهز أوراقك  واحضر قلمك لنرسل تلك الأخبار لأتباعنا في جميع أنحاء الدولة العباسية وما سوف يفعلونه .
رستم : وأصدقائنا في البيت العباسي نفسه ..أنسيتهم ؟
بهرام : لا ، ولكن لم يأت دورهم بعد ...هيا ليذهب كل منكم إلى مضجعه فلدينا غدا عمل شاق ...( يقترب من النار في جانب القاعة ) ستعودين أيتها النار المقدسة لتشتعلين بعد أن نقضى عليهم .

( ستار ) 


المشهد الثاني :
في قصر أبي مسلم الخراساني ، القاعة الرئيسية ، بيضاوية الشكل ، تتوسط جدرانها الراية العباسية السوداء ، وأسفل منها مقعد كبير الحجم ، مرتفع عن مستوى المقاعد الأقل ارتفاعا المحيطة به  ،وفرش أمامالمقعد سماط  أحمر اللون ، يجلس على المقاعد أصدقاء أبي مسلم الخراساني في انتظار دخوله عليهم .أمام الجالسين مناضد عليها العديد من كؤوس الخمر وأطباق الفاكة:
نيزك : متى حضر أبو مسلم من عند أمير المؤمنين ؟
أبو نصر :بالأمس .
نيزك : وكيف حاله ؟ 
أبو نصر: بخير ، ولكنه كان مرهقا من وعثاء السفر فأوى إلى فراشه مبكرا .
نيزك : أدام الله عليه الصحة والعافية . 
الجميع : ( في صوت واحد ) آمين .
أبو نصر : أبو مسلم رجل قلما يجود الدهر بمثله .
نيزك : لا عجب أن أعتمد عليه آل العباسفي كل أمورهم .
سنباذ : ( يقف ، يتقدم من المنضدة  ويأخذ كأس خمر وتفاحة ، يشرب ويأكل 
ويومئ إلى أبي نصر ) كثيرا ما أجلس بيني وبين نفسي و ..
أبو نصر : ( يقاطعه ضاحكا ) ألا تجد من تجلس إليه حتى تجلس بينك وبين نفسك ؟
سنباذ : ( يعود إلى مقعده ،يستأنف كلامه ) وأفكر...ماذا لو لم يكن أبو مسلم ؟
نيزك : لكان الأمر غير الأمر ، والرجال غير الرجال . 
بهرام : ( يدخل ويحي الجميع ) سلام الله عليكم .
نيزك : ( يقف ، يرحب به ) أين أنت أيها الدهقان ...لم نألف فيك هذا البخل والشح 
..أتحتجب عنا هكذا .
أبونصر : أحبب به من بخل وشح ...
بهرام : ( ضاحكا ) ألا يروق لك أن تطالع وجهي أيها الظالم الماجن ؟ 
أبو نصر : ( يقف ويمد إليه يديه معانقا ) ألا ترى البشر والسرور الذي ينضح من 
وجوهنا لرؤياك ؟
بهرام : ( ضاحكا ) أنا لا أرى إلا وجوها عليها غبرة ترهقها قترة .
أبونصر : ( مقهقها ) أولئك هم الكفرة الفجرة .
نيزك : هذا من أثر رؤياك أيها الدهقان المبجل ...وعن قريب سنفقد الرشد ..احتجب 
عنا أيها الدهقان ..فنحن لا نطاول بهاء وسناء وجهك .
أبو إسحاق : ( يتقدم رئيس حرس إبي مسلم الخراساني  إلى وسط القاعة وخلفه عدد من 
الحراس رافعين سيوفهم) قائد جيوش الدولة والخلافة وحامي حمى خراسان 
مولاي القائد المظفر أبو مسلم الخراساني 
الخرساني : ( ينظر إلى وجوه الواقفين مبتسما ويشير إليهم فيجلسون ) لقد اشتقت كثيرا 
إلى رؤياكم يا رجال خراسان .
سنباذ : ليس مثل شوقنا إلى محادثتك ومجالستك أيها القائد العظيم .
الخراساني : ( ضاحكا ) اللسان أداة مرواغة في التعبير عما في القلب .
سنباذ : أيخالج قائدنا شك في مدى إخلاصنا وتفانينا في خدمته ؟
الخراساني : لا أبا لك ... وهل أشك في سيفي أو في ذراعي ؟!( يسترخي في مقعده ) أنا    
               لا أشعر بالراحة إلا بوجودي هنا في خراسان ..حتى إذا ابتعدت أجدني 
مشدودا إليها دونا عن بقية البلدان .
أبو نصر : هذا لأنك عمادها ومقوم أمرها .
بهرام : وكيف حال الخليفة الجديد ؟
الخراساني : ( واضعا يده على مقبض سيفه ) بخير مادمنا بجانبه .
بهرام : هل هناك كبير اختلاف بين أميرالمؤمنين رحمه الله وبين ال...
الخراساني : ( ينهض ويسير إلى منتصف القاعة ) لقد فقد عرش الخلافة خير من يجلس 
عليه ، وفقدت أزًمة الأمور أقدر من يقودها ويوجهها وفق مشيئته ..وعدم 
الأبطال الصناديد أجل من يزجيهم إلى ميادين الوغى ، فُقد العماد الأكبر عبد 
الله بن عم رسول الله .
( يستدير إلى الرجال ) ولكن ما كان للحزن أن يعرف طريقا إلى قلوبنا ، ليمت 
الرجال ، ولتبق أعمالهم جذورا تمد ذكراهم بالحياة فوق أرض الخلود ..فالحياة 
سجل فارغ وعلى الإنسان أن يملأه بجلائل الأعمال .
أبو نصر : ولد ملأتم سجلكم بعظيم الأعمال أيها القائد العظيم . ..وأديت ما عليك وأكثر .
الخراساني : لا يا أبا نصر ...فكل يوم جديد بمثابة صفحة بيضاء تضاف إلى السجل 
تنتظر من صاحبها أن يسطرها بعمل عظيم .
سنباذ : ولقد سطرتم كل صفحاتكم بسطور من نور . 
الخرساني : (يعود إلى مقعده ) لو كنت أؤمن بما يقطره اللسان لأثلجت كلماتكم صدري .
بهرام : نريد أن تشرفنا بزيارة قصرنا ..فقد مضت مدة طويلة على آخر زيارة لك لنا.
الخراساني : إن الأحداث تمضي سراعا ، وتلهيني عنكم ، بل عن نفسي ، ولو كنت تركت 
نفسي طوع الأحداث ما أتيت إلى هنا ...فأبو جعفر المنصور في مسيس 
الحاجة إلى ، فأنتم تعلمون ما للخلافة من وزر وعبء ..( ضاحكا ) والرجل لا 
دراية ولا دربة له بالأمر . 
نيزك : لكم نشفق على أبي جعفر من ثقل هذا الأمر عليه .
بهرام : لا يخاف على رجل أبو مسلم عونٌ ومساعد له . 
أبو نصر : نعم ، فالخطر محدق بالرجل من كل فج ، ولكن إذا كان في مسيس الحاجة إليك 
فلم تركت الكوفة وأتيتإلى هنا ؟ 
سنباذ : ألم يخبرك أنه لا يستطيع أن يغيب طويلا عن خراسان ؟
نيزك : ( يشير إلى الخراساني ) دمت ودامت خراسان لك .
بهرام : ولكن هناك أمرا يحيرني ، ولا أجدله جوابا شافيا .
الخراساني : ( مندهشا ) أي امر هذا ؟ 
بهرام : لم عدل أبو العباس عن عمه إلى أخيه ؟ 
الخراساني : له أن يولي من يشاء .
بهرام : ولكن ألن يحدث هذا صدعا هناك ؟
الخراساني : ( يقبض على مقبض سيفه بتوتر ) وهذا ما جعلني أترك الكوفة وأحضر إلى 
هنا . 
نيزك : ( مندهشا ) عجبا !! أتترك الكوفة وأمر الخلافة على شفا جرف هار 
...وتوشك الخلافة أن تتردى في هوة النزاع بين الرجلين ؟!
الخرساني : لم يحدث شيء من هذا بعد .
نيزك : ولكن الأمر صائر إليه .
الخراساني : ( حائرا ) حتى لو حدث هذا ..فماذا أنا فاعل ؟ كنت فيما مضى أقاتل لنصرة 
آل العباس ..أما الآن والأمر بين العباسيين أنفسهم ..فمن أنصر ومن أخذل  ؟ 
أبو نصر : إن ما فعلتموه هو عين الصواب والحق .
نيزك : نعم ، ولكنني لم أر القائدالعظيم يترك الأمور تسير كيفما تهوى من قبل .
الخرساني : ( ينهض غاضبا  قابضا على مقبض سيفه ) من قال لك هذا ؟ إن عيني 
ساهرة ، ويدي قابضة ، وقدمي راسخة ..( يتقدم إلى وسط القاعة مشيرا إلى 
قائد حرسه ) يا أبا إسحاق .
أبو إسحاق : ( يتقدم وينحنى أمامه ) سمعا وطاعة مولاي .
أبو مسلم : عليك بالجيش ..لا أريد أن يركنوا إلى الدعة ...أريد كل جندي سيفه في 
نطاقه وزمام فرسه في يده ، متاهبا لأي نبأ ..ما كان لرجل أن تسول له نفسه 
فعل شيء طالما سيفي في يدي وجنود خراسان طوع إرادتي . 
سنباذ : قد لا يحدث ما نتوجس منه ، ويصبح أمر الرجلين على رأي واحد ، وما لنا 
نستبق الأمور قبل حدوثها .
بهرام : هذا الأمر إذا علق بين اثنين فمآله الفساد 
سنباذ : دعنا من افتراضاتك ..فما نخشاه لم يحدث ...وإن حدث فقائدنا العظيم بعيد 
عن التورط فيه .
الخراساني : ( يعود إلى مقعده ) نعم ، أدعوا لي ألا أتورط فيه إن حدث ..فالأمر جد 
خطير ..فلا أستطيع أن أعصى لأيهما أمرا ...كما أنني لا أستطيع أن أطيع أيا 
منهما في معصية الآخر .
سنباذ : وما لنا نجهد عقولنا ولم يحدث شيء بعد ....( يشير إلى الخادم ) ألن نروح 
عن نفوسنا أيها الخادم ...إلينا بشيء نرطب به جوفنا ...وبشيء من الغناء 
والرقص نروح به عن أرواحنا .
أبو نصر : ( ضاحكا ) يالك من فاجر ...ألا تستحي يا رجل ....شراب وغناء ورقص 
في حضرة القائد العظيم .
الخراساني : ( ضاحكا ) اتركه ...فما جئت بكم إلا لأسعد بكم ...وما حضرت لأضيق 
عليكم .
[ تدخل القيان والراقصات وحاملات أقداح الشراب وتسري أصوات 
الموسيقى في جو القاعة ]
الخراساني : ( مشيرا لرئيس حرسه ) يا أبا إسحاق ....تعال .
[ يخرج أبو مسلم ويتبعه رئيس حرسه إلى القاعة المجاورة ]
أبو نصر: أبومسلم هذا لا يلهيه شيء عن جلائل الأعمال ..هاهو يترك المجلس 
والشراب والطرب ليتناقش ورئيس حرسه في أمر من الأمور .
بهرام : بهذا أصبح الرجل الوحيد الذي قامت على أكتافه دولة بني العباس .
أبونصر : فنعم الرجل .


( ستار ) 



المشهد الثالث :
في قاعة الطعام ، يجلس أبو مسلم وزوجته وابنته حول المائدة  ، يتناولون عشاءهم ، الخدم يذهبون ويجيئون حاملين الأطباق وأكواب العصير ، تتبادل الزوجة والأم النظرات ، ثم تنظران إلى أبي مسلم المنهمك في إلتهام عشائه . 
الزوجة : ( تدق على سطح المائدة ) حتى في هذا الوقت القصير الذي تقضيه معنا لا 
نظفر منك إلا بالصمت والشرود !
فاطمة : ( تربت على يد أبيها ) منذ أتى من الكوفة وهو في تفكير دائم .
أبو مسلم : ( متوقفا على الأكل ) ومن أين عرفت أني أفكر ؟!
فاطمة : صمتك وشرودك .
أبو مسلم : ( ينهض من على المائدة ، يتجه إلى مقعد وثير يجلس عليه ) أنا لا أفكر ، 
وإذا فكرت فتفكيري بيدي وسيفي ،( تتقدم الخادمة ، تقدم له كوبا من 
الشراب) أبوك ليس في حاجة إلى التفكير ، فالضعفاء وحدهم يدفعهم ضعفهم 
إلى إهدار وقتهم في التفكير .
الزوجة : ( تقدم له طبق الفاكهة ) لماذا لم تأكل فاكهة ؟
أبو مسلم : ( مندهشا ) لم أنتبه إلى وجودها !
الزوجة : ( ساخرة ) هنا أشياء كثيرة لم تعد تتنبه لوجودها .
فاطمة : ( تنهض وتجلس بجوار والدها وتمس بيدها على رأسه ) إنها تفتقدك كثيرا
ياأبي .
الخراساني : ( ضاحكا )هذا دأب النساء ، يردن الرجال أن يجلسوا معهن قواعد في 
البيوت ؛ ليستأنسوا الرجل ويقيدوه بأغلال يدهنونها بدهان الحب تارة ، 
والخوف تارة أخرى ، ( يجذب ابنته ويجلسها  بجواره ويحتضنها ، 
يضحك ) وبعض ناقصي العقول من الرجال يخدعون بهذا الطلاء ، وهم 
معذرون ، فالنساء ماهرات حاذقات ماكرات ، فهن أحبولة نصبت للرجل .
الزوجة : ( غاضبة ) يالك من رجل لا تقر العين في حضورك أو غيابك ( تستدير إلى 
ابنتها ) ومن أخبرك أني أفتقده أيتها الماكرة ...هه ...من أخبرك بذلك 
...أطابت نفسك بقوله هذا الذي هو أحد من السيف ؟!
فاطمة : ( تنهض وتقف خلف والدها وتطوق عنقه بذراعيها وتقبله ) ولكن ألم يخدع 
أبو فاطمة ولو مرة واحدة من امراة ؟
أبو مسلم : ( ضاحكا ) مرة واحدة فقط ولا أرجعها الله ...وقاتل الله من كان سببا في ذلك 
...وذلك حين تزوجت أمك . 
الزوجة : ( محتدة ) كفاعن هذا الحديث ، وإلا تركت لكما القاعة .
فاطمة : ماذا يا أمي ؟! تلك لك ..فليس بالهين على امرأة أن توقع بأبي مسلم ، فلابد  
               أن يكون لها من الصفات ما جعل أبي مسلم ينزل من عليائه ليوافق على 
الزواج منها .
الزوجة : لك أن تقولي ذلك ..ألست بابنته ؟!
فاطمة : ( تقترب من وجهه وتقبله ) ولكن بعد مرور كل تلك السنين على زواجكما 
..أما زلت تحب أم فاطمة يا أبي ؟
أبو مسلم : ( يشير إلى زوجته ) كيف لا أحبها وقد أهدتني قرة عيني وبهجة روحي 
..فاطمة ...ولو استطعت أن انزلها منازل الفردوس لفعلت ( متكلفا الغضب ) 
ولم تلك الأسئلة ؟ أتريدين الإيقاع بيني وبين زوجتي ( ناظرا إليها ) مصدر 
سعادتي .
الزوجة : ( تقاوم ابتسامة ،تنهض وتأخذ تفاحة وتقدمها لزوجها ) أنت تستحقها 
لكلامك الجميل يا أبا فاطمة .
أبو مسلم : ( يتناول التفاحة ويقدمها لابنته ) إليك يا فاطمة بأجمل تفاحة من أجمل 
زوجة على وجه الأرض.
الزوجة : ( متكلفة الغضب ) أأعطيها لك كي تعطيها لها ؟!
فاطمة : ( تعيدها إلى والدها ) لا أضحي بما بيني وبين أمي من أجل  تفاحة .
أبو مسلم : وهل ترفضين تفاحة من أبيك ؟!
فاطمة :( تأخذ التفاحة وتقطعها نصفين ) إليك نصفها وسأخذ النصف الآخر كي لا 
تغضب أمي .
أبو مسلم : أأنت حريصة على رضاها أم على رضاي ؟
فاطمة : على رضاكما أنتما الاثنين ..وإن كنت على رضاها أحرص ؛ لأنك سترضى 
إذا رضيت ...ثم إنك لن تمكث معنا إلا بضعة أيام وتأخذك أعباؤك منا .
أبو مسلم : ( شاردا ) وما أكثر تلك الأعباء ..ولكن اطمئني ولتطمئن أمك ..فعن قريب 
سأمكث هنا ولا أفارق خراسان . 
فاطمة : (مندهشة ) لم ؟! أحدث شيء بينك وبين أمير المؤمنين ؟!
الخراساني : وهل يقدر أحد منهم على إغضاب أبي مسلم وله ما له من أياد عليهم ، ولكن 
الرجل الذي كنت أكن له الكثير من الحب والاحترام مات .. ولم يعد هناك 
الكثير لأقوم به ...وآن للشراع أن يطوى وللسفينة أن ترسو .
فاطمة : ( مندهشة ) أحقا ما تقول ؟!
أبومسلم : ( يقف ويسير بضع خطوات مشبكا يديه خلف ظهره ) في بعض الأحيان 
                أشعر أنني غريب عن نفسي ..ففي يوم أحب الخلود إلى الراحة والدعة 
...ولكن ما تكاد تشرق شمس اليوم التالي حتى أشعر في كياني ثورة وطاقة 
حتى أنني أطير إلى المعامع طيرا ..تفكيري كله ينحصر في الحرب ..أعيش 
لأظفر بلحظات النصر ...تلك لحظات خالدة ..كل شيء يتوقف ..كل شيء 
يتضاءل ..ولا يبقى إلا عظمة النصر ...يكبرويكبر ويملأ العالم ..ويعلو بك 
وترين كل شيء تحت قدميك ....لذلك فأنا ظمآن لا يرويني إلا النصر 
...جوعان لا يطعمني إلا الظفر . 
فاطمة : ( تتعلق في عنقه وتقبله وتقبل يديه ) لكم أتيه فخرا على أترابي بك ...وأن 
لي أبا في مثل عظمتك ...بوأك الله ماتصبو إليه ...ورد كيد أعدائك في 
نحورهم . 
أبو مسلم : ( معتزا ) ما أهون شأنهم ..فليس هناك من يجرأ على معاداة أبي مسلم ( 
يلتفت إلى زوجته ) ما أصابك يا امرأة ؟! ما هذا الشرود ؟ ما يشغلك ومعك 
زوجك وابنتك ؟!
الزوجة :( منتبهة )كلما علت منزلتك ازداد خوفي وقلقي عليك ..فحينما تأتي العاصفة 
لا تقتلع إلا كل مرتفع من الشجر .
فاطمة : ( مندهشة )ما هذا الذي تقولينه يا أمي  ؟ 
أبو مسلم : عجبا لك يا امرأة ( يسير متشامخا إلى منتصف القاعة ثم يستدير 
وينظرإليها بقوة )أبعد ما صارت كل الأمور فيتلك الدولة بيدي وصنعت ما صنعت تخافين على ؟!
الزوجة : ( تواجهه ) أنت كأجير يزرع في غير أرضه ، تزرع والحصاد لغيرك ، وقد 
يطردك صاحب الأرض إذا ما توجس خيفة من أن تمتلك الأرض دونه ، 
فهي ليس دولتك ، ولا أنت أحد أبنائها .
أبو مسلم : ( محتدا) لقد جننت يا امرأة ..إن كبرك قد أثر على عقلك وجعلك تخرفين 
               حتى إنك لا تعين ما تقولينه .
الزوجة : ( تدق على سطح المائدة بقبضة يدها ) هذا دأبك ...إذا سمعت أحدا لا 
يرضيك كلامه تصفه بالجنون ..ولكن ليس هذا صوتي ...إنه صوتالحقيقة 
التي تأبى أن تستمع إليها .
أبومسلم : أية حقيقة تلك التي تدعين قولها ( ينصرف من أمامها ويجلس بثبات بعض 
الوقت ، ثم ينهض ناحية النافذة ويزيح الستار ، تظهر بعض رؤوس الشجار 
المتمايلة ، ثم يستدير إليها ويرفع ذراعيه إلى فاطمة ) اخبريها يا فاطمة 
أني لست أجيرا عند أحد ، وأن فضلي عظيم على كل من في تلك الدولة
كبيرها وصغيرها ، ولولاي ما صارت الأمور إلى ما صارت إليه ...أنا 
...أنا  ( يرتج عليه ) أنا حصادهذا الأمر كله .
الزوجة : ( تتقدم منه بكل جرأة وثقة ) وما الخليفة الجديد بجانبك ؟ أو ما مركزك الآن 
بعد ما مات أمير المؤمنين ؟
الخرساني : ( يتجنب نظراتها المقتحمة ) ........................
الزوجة :(تتقدم منه .تجثو أمامه تتناول يديه بين يديها ) ألم أقل لك ..إنك كلما 
ارتفعت زاد خوفي عليك .
الخرساني : ( يخلص يديه من يدها ويبتعد عنها )كفي ....كفي عن تلك الترهات التي 
تتلفظين بها .
الزوجة : ( تلاحقه ) لن أكف حتى تكف أنت عن غيك وتماديك الذي قد يوردك موارد 
التهلكة .
أبو مسلم : (منفجرا غيظا وغضبا  )  ما هذا الذي يمجه جوفك تلك الليلة ..أبعد أن 
محوت الظلم والخسف الذي كان قد ران على قلوبكم والذي أفقدكم آدميتكم 
..وبددت الذل والضعة اللذين كنتم تعيشون فيهما وكنتم تعاملون كالحيوانات 
الجرباء ،تدفعون الضرائب عن يد وأنتم صاغرون ، والبعض كان يبيت ليلة 
على الطوى ، لا يملك قوت يومه ، كنتم لا تملكون من أمر أنفسكم شيئا ...بعد 
كل هذا جعلتكم تملكون زمام أنفسكم ..بل أزمة الأمور في تلك الدولة ، ما من 
ديوان في الدولة إلا وبه فارسي ..قائد الجيوش فارسي ..جنودها سيوفها 
رجالها  ..( رافعا يديه ) أنا وبسيفي قد أحييت مجد آل ساسان بعد أن كان جثة 
هامدة ...إن كل ما ترينه في الدولة ظاهرة عربي ...ولكن باطنه فارسي ..( 
يشير إلى سيفه المعلق على الحائط ) انظري إلى هذا السيف قد رد المجد 
للآل ساسان .
الزوجة : المجد والسؤدد متأصلان في أمة آل ساسان منذ الأزل وإلى الأبد .
أبومسلم : ( ساخرا ) مجد وسؤدد !! تلك الأشباح الهزيلة التي تتراءى لعبيد أحلامهم 
المريضة وأمانيهم الكسيحة ...أين ما كان تتحدثين عنه وقت أن شربنا من 
أجاجالذل وأكلنا حنظل الضيم ؟ إن مجد العالم كله لعاجز أن يدفع قطرة دم 
واحدة في عروقي ، أو يحرك عضلة في كياني ..إن أكثر الأمجاد شموخا في 
سماء الخلود لأهون أن تبني إنسانا ...أنا لا يشغلني أمس وماضي آل ساسان 
، وإنما كلما يشغلني ويورقني يومي وغدي ، ولسوف أقطعهما من صخر 
الزمان لأحيا رافعا رأسي .
الزوجة : ( ساخرة ) تعيش كعربي أم فارسي ؟ّ!
أبو مسلم : لا يهمني لمن انتمي ..ولكن من ينتمي إلى .. ولن أهتم بشيء في الوجود إلا 
بكوني أبا مسلم الخرساني لقد حققت كل أحلامي ... العالم كله يشهد لي 
...خراسان  بل فارس كلها والعراق ..حقيقة واحدة تصرخ وتقف شامخة 
متحدية كل من يحاول أن يمحوها ..تلك الحقيقة هي أنا ...أنا وحدي . 
فاطمة : ( متضرعة لأمها ) بالله عليك كفي عن هذا الحديث الذي يستفزه هكذا ...( 
تتجه إلى أبيها ) وأنت يا قبلة روحي ..ما ظني بك تؤثر فيك بضع كلمات 
منزوجة محبة لك تود لو أن تمضي كل لحظة من لحظات عمرها بجانبك 
..ولا أستطيع أن أصف لك كيف تمر عليها الليالي الطوال وأنت بعيد عنها 
في ميادين القتال .
أبو مسلم : تلك التي تنكر على ما أنا فيه كانت تساعدني وتعضدني وتبث روح الكفاح 
في كياني ..وقت أن كنت مغمورا لا قيمة لي ...فما لها تدأب على أن تسك 
مسامعي كلما جلست إليها بهذا الحديث بعد أن أصبحت وزير آل العباس الأول 
؟!
الزوجة : ( تكفكف بعض قطرات الدمع وبصوت متقطع ) لم أكن أدري أنك ستصير 
إلى ما صرت إليه .
فاطمة : إنها تخشى عليك المؤامرات والفتن من كثرة الذين قتلوا وكانوا معك 
ويحيطون بك ...فهي ترتعش هلعا كلما سمعت باسم أحدهم . 
أبو مسلم : ألم تسأل نفسها ...لم بقيت أنا وقتل هؤلاء ؟ لأنهم غيري ..بقاء تلك الدولة 
مرهون ببقائي ...وذهابي يعنيذهابها ....أمك يا فاطمة عاجزة أن تفهم 
مركزي في تلك الدولة ...أنا الدولة . 
فاطمة : ( تجلس بجانب أمها ، تحيطها بذراعيها وتحتضنها ) من كانت لأبي مسلم 
زوجة فلا تحزن ولا تخشى شيئا ، بل تنظم السعادة عقدا تحيط به عنقها 
،وبالفخر والاعتزاز تصنع تاجا تضعه فوق رأسها ( تحاول الزوجة أن تجذب
يدها من يد ابنتها ولكن فاطمة تستبقي يد أمها ) فلتعلمي يا أمي أن نجم أبي 
مسلم لا يعرف طريقا سوى الصعود ، ولن يهوي أبدا ..فقري عينا ( تترك 
                 يدها وتنهض إلى أبيها ) نحن نفخر بالانتساب إليك ..أنت سماؤنا التي 
تظللنا..وأرضنا التي تقلنا ..وملجئنا الذي نلجأ إليه ، ورجلنا الذي نحتمي به 
                 .دمت لنا ولكل من اتخذك حصنا وملجأ .
أبو مسلم : ( يضمها إليه ويقبل جبينها ) لكم أنت راجحة العقل ...ولكم أنا سعيد بك 
..فخير ما يسمعه الأب من ابنته سمعته منك ، وأجمل ما تقع عين الأب على 
ابنته وقعت عيني منك ..دمت لي
فاطمة : ( تومئ بعينيها لوالدها ليطيب خاطر والدتها ) وهناك من يستحق كلمة طيبة 
منك يا أبي .
أبو مسلم : ( يذهب إلى زوجته ويقف أمامها مترددا ) لا تغضبي ...فمعذرة .
الزوجة : (تشيح عنه بوجهها ) لست بالغاضبة ...ولن أتحدث إليك بعد ذلك . 
أبو مسلم : ( ينظر إلى ابنته فتشير إليه أن يواصل محاولته لاسترضائها ) ألم أقل لك 
معذرة ( متكلفا الغضب ، ثم يبتسم لها فلا تملك إلا أن تبادله الابتسام ) 
فاطمة : ( تجمع بين والديها وتقبلهما ) هكذا عاد آل الخرساني إلى سابق عهدهم من 
الوئام والانسجام . 
أبو مسلم : ( ضاحكا ) هيا نأوي إلى فراشنا فقدتقدم بنا الليل ، وأوشكالفجر على البزوغ . 
                                            ( ستار ) 


المشهد الرابع 
قصر ( بهرام شوس ) يجلس هو وأصدقاؤه في بهو القصر انتظارا لأبي مسلم الخراساني ، أعد القصر إعدادا يتناسب وزيارة الزائر الكبير ذي المقام الرفيع في ركن البهو الموائد مفروشة وعليها أطباق الفاكهة وأواني الزهور من كل لون ونوع .  
رستم : ( متجها نحو النافذة يزيح الستائر ، يتطلع من النافذة ) ألم يتأخرأبو مسلم عن موعده ؟
أسفنديار : لم يحن ميعاده بعد ، فهو يتحرى الدقة في كل شيء ولكن لم أنت قلق هكذا ؟!
رستم : ( يعود ويجلس إلى مقعده ) لا أدري ...إن هذا الرجل يهزني من الأعماق وأعماله الجليلة تبوأه مكانة لا يسمو إليها أحد مطلقا .
بهلوان : لا تسرف في أمانيك أيها الصديق العزيز ، ولا تنس أن هناك عقبات تقف أمام قائدنا لتضعله حدا لا يمكن تجاوزه .
رستم : ( متعجبا ) كيف ؟!
أسفنديار : أوتظن أن هناك شيئا يستعصى على أبي مسلم ؟!
بهلوان : بل أشياء .
بهرام :(يقترب من بهلوان ويضع يده فوق كتفه ) إن لك لذكاء وسعة أفق لا يجتمعان لأحد من الجالسين ، وأيضا تعلم ما يفكر فيه العرب وما يجيش في صدروهم من عواطف ونوازع ، لذلك تجدنا مجبرين على أن نسمع لك ، ونضع رأيك في منزلة خاصة ( يشير إلى الجالسين ) رغم أن البعض هنا لا يطيب له الإقرار بذلك ، ولكن إذا كنا نعمل لعودة مجد أمة آل ساسان فينبغي أن نروض أذاننا لنسمع من نشعر نحو بالضيق والحسد وعلينا أيضا ألا نجعل هوانا يؤثر على أحكامنا ، فقد خاب من جعل هواه له حكما وأسلس نفسه لعاطفته ( يقبل على بهلوان ويربت على كتفه ) إذن أخبرنا بما تجود به قريحتك ..ما هذا الشيء الذي يقف في طريق أبي مسلم ؟
بهلوان : ( ينظر بشماته إلى من حوله ، يقف يسير بينهم واضعا يده خلف ظهره ) إن أبا مسلم ليس بعربي ،وليس من بيت النبوة ، ولا ينتسب إليه لا من قريب ولا من بعيد .
                          [ يسود صمت عميق بين الجميع ]
أسفنديار : ( مطرقا ، يعبث في لحيته ) لقد أسرفنا في أمانينا ...فلم نفكر في هذا من قبل 
رستم : ( مندهشا ) ألم نكن نعرف هذا ؟!
بهلوان : كنتم تعرفون كل شيء ، ولكن الإنسان في العادة ليس مغرما بالتفكير في العقبات التي تقف في طريق أبي مسلم ؛ لأن من شأنها أن تثبطه .
رستم : تلك ليست بالعقبات التي تقف في طريق أبي مسلم .
بهلوان : ( ضاحكا ) بل قل في طريقنا .
رستم : انا لا أؤمنبما تقوله .
بهلوان :إذن أخبرني بربك كيف نزيل هاتين العقبتين ؟ 
رستم : لا أدري ...ولكن أبعد كل مافعلناه نقف عاجزين ..لابد أن يكون هناك حل ...أما ماهو فلا أدري . 
بهرام : ( ينهض فجأة منعلى مقعده ، يتجه نحو بهلوان يمسك بيديه) بهلوان ..اخبرني لو أن بثوبك بعض الفتوق ماذا ستفعل ؟
بهلوان : (مندهشا ) استبدله بآخر خالي من الفتوق!
بهوام    :وإن لم يكن لديك آخر .
بهلوان :أقوم بفريه !
بهرام : ( يعود إلى مقعده والأنظار كلها معلقة به ) وهذا ما سنفعله مع أبي مسلم .
أسفنديار : ( ساخرا ) أيرتدي أبومسلم ثيابا ممزقة ؟!
رستم : زد كلامك وضوحا أيها الدهقان . 
بهرام :من ناحية نسب أبي مسلم فمن السهل أن نأتي له بنسب عربي لاسيما وأنه أمضى حياته كلها بين بني العباس ، أما فيما يخص نسبه النبوي فمن السهل الانتساب إليه بأن يتزوج بامرأة من بني العباس  وإذا ما طلب أبومسلم ذلك فليس أبو مسلم من السهل أن يرد أو يرفض طلبه وله ما له من آياد بيضاء عند آل العباس . 
أسفنديار : ( ينهض ويذهب إلى بهرام شوس ويقبل رأسه ) إذا كان كان بيننا من يفكر هكذا فلا أظن أن شيئا سيقف في طريقنا 
بهرام  : قبل كل شيء لنثق بقدراتنا ..فتلك الثقة هي الجواد الذي سنصل به إلى 
أهدافنا 
بهلوان: أرى أنه جواد جموح قد يوردصاحبه موارد الهلاك .
[ الجميع ينظر إليه بإزدراء ونفاد صبر ] 
رستم : أهناك شيء آخر لم نكن فكرنا فيه أولم نحسب حسابه يا بهلوان ؟
بهلوان : إذا ما سعينا في إيجاد نسب عربي لأبي مسلم ، وأظهر نية الزواج من امرأة من بني العباس ..ألا يثير هذا الأمر الشك عند البعض ..لاسيما في هذا الوقت بالذات ؟
بهرام : ما رأيك أنت ؟
بهلوان: أرى أن نجاح مساعينا متوقف على ذكاء الخليفة الجديد ..وإن كنت لا أشك في مقدار ذكائه .
بهرام : خير من يحكم على الخليفة الجديد هو أبو مسلم نفسه . 
بهلوان : ولكن كيف ستقنعون أبا مسلم بالزواج من امرأة من البيت العباسي ؟
بهرام  : ( يطلب منهم أن يقتربوا منه ويسر إليهم بصوت خفيض ) أبو مسلم أطوع 
من خاتم في إصبعنا ..أما من التي سيتزوجها ؟
 [ يدخل الحارس ويعلن عن قدوم أبي مسلم ، فتحدث حركة غير عادية في البهو ، ويسرع بهرام شوس إلى الخارج لاستقباله ، ثم يدخل أبو مسلم ووراءه بهرام شوس وأبو داود خليفة أبي مسلم على خراسان وأبو إسحاق رئيس الحرس وأصدقاء أبي مسلم نيزك ومالك بن الهيثم وسنباذ]
أبومسلم :( يسير في خيلاء ويده على مقبض سيفه ) مرحى بالرفاق ..لقد آثرت أن أسعد برفقتكم بعض الوقت قبل أن أترك خراسان إلى الكوفة .
رستم : ( يتقدم نحوه مصافحا ومنحنيا ) نحن أكثر سعادة وسرورا برؤيتك أيها القائد العظيم .
بهرام : ( يشير إلى الكرسي الكبير في البهو ) نحن ممتنون أن تفضلت بزيارة 
قصرنا ، وهذا اليوم من الأيام المشهودة في تاريخ القصر أن وطأت أرضه قدم القائد المظفر .
أبو مسلم : ( ضاحكا مبتعدا عن الكرسي) ولكن هذا الكرسي لصاحب القصر .
بهرام: ( يشير إلي الكرسي ، يدفع أبا مسلم برفق نحو الكرسي ) الأولى 
بالكرسي وبالقصر صاحب خراسان كلها ..تفضل أيها الضيف الكريم .
أبومسلم : ( يجلس على الكرسي ويشير إلى من حوله ) إذن تفضلوا أيها الرفاق .
بهلوان :لقد أخبرتنا أنك ستعود إلى الكوفة مع أنك لم تمض سوى وقت قليل في خراسان ...أهناك شيء جعلكم تقررون العودة إلى الكوفة بتلك السرعة ؟ 
أسفنديار : لابد وأن يكون قد حدث أمر جلل يستدعي وجودك هناك ؟ 
رستم : ( مشيرا إلى أبي مسلم ) ومن للأحداث الجليلة غير أبي مسلم .
أبو مسلم : ( متباهيا ) كنت أود أن أمكث وقتا أطول ..ولكن وصلتني رسالة من أبي 
جعفر يستقدمني على وجه السرعة .
                     [ يثور جدل ونقاش بصوتخفيض بين الجالسين ]
بهرام : نتمنى أن يكون خيرا ما استدعيتم لأجله .
أبو مسلم : ليس بالخير ..فقد حدث ما كنت أخشاه ...وما صارحتكمبه وقت كنتم بزيارتي ...لقد خرج عبد الله بن محمد بن على على ابن أخيه أبي جعفر المنصور .
بهلوان : ليس بالعجيب ، فقد كان هذا متوقعا حدوثه ، فقد خير أبو العباس أعمامه وإخوانه للخروج للإتيان برأس مروان بن محمد الأموي وقطع على نفسه عهدا أن من ينفذ هذا سيكون ولي عهده . 
أبو داود : وقدنفذ عبد الله بن محمد هذا الأمر وأتي برأس محمد بن مروان .
بهلوان : ويفاجئ عبدالله بعد ذلك أن الأمر خرج من يده بعد موت العباس إلى ابن أخيه أبي جعفر وفي لحظة يصبح أبو جعفر المنصور هو الخليفة 
أبو مسلم : وجن جنون عبد الله وجمع جيشا ونزل به ( حران ) شاقا العصا على الخليفة الجديد مطالبا بحقه في الخلافة .
أسفنديار : ( مستفسرا ) ولكن ..ألم يوص أبو العباس قبل موته لأخيه أبي جعفر المنصور ؟
أبو مسلم : بلى ولكنه أوصى من قبل لمن يقضي على مروان الأموي ، وبمقتضى تلك الوصية فأبو جعفر معتد على حق عمه عبد الله .
بهلوان : وبمقتضى وصية أبي العباس قبل موته فعبد الله يريد أن يغتصب حق ابن أخيه 
أسفنديار :ولكن لمفعل أبو العباس ذلك ؟ فإن هذا قد يصدع البيت العباسي ؟ 
بهلوان : ربما لم يكن يريد أن تخرج الخلافة عن أبناء أبيه محمد إلى أعمامه أو أبناء عمومته .
أبو داواد : أو أن أبا العباس رأى أن أبا جعفر أصلح من عمه .
أبو مسلم : ( ناظرا إليه بقوة ) لا ...لا أظن ذلك . 
بهلوان : كيف ؟
                 [ لا يجيب أبو مسلم ..يسود الصمت بين الجالسين ]
بهرام : ولكن أي الرجلين على حق ؟ 
أبو مسلم : ( يرفع قبضته في وجوه الجالسين ) الأقوى .
رستم : ألا يمكن أن يصلا إلى اتفاق وإلا فسيقع ضرر خطير على البيت العباسي ..وسيقع الناس في حيرة ..فإلى من سينحازون ، فقد كانوا مع العباسيين ، أما الآن فمع من سيكونون وإلى أي جانب سينحازون ؟!
أبو مسلم : وهذا ما جعلني أفكر إلا ألبي دعوة أبي جعفر وأبقى هنا حتى يقضي أحدهما على الآخر بدون أن أتورط بينهما . 
رستم : نعم الرأي رأيك .
أبو داود : تمكث هنا في خراسان ،حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا ثم تذهب مبايعا المنتصر .
أسفنديار : وبذلك تكون بعيدا عن ساحة الصراع . 
بهرام :( ينهض ويتجه نحو منضدة وسط البهو يتناول كأسا  يتجه إلى الجالسين) 
ولكن هذا ليس العهد بأبي مسلم أن تخلو الساحة منه ، وإن خلت فهناك شيء في الأمر . 
أبو مسلم :( يقف غاضبا ) هذا الأمر بين العم وابن أخيه ..فما شأني أنا ؟ وكفى ما قدمته لهم .
أبونصر : إني استصوب رأي أبي مسلم في الابتعاد عنهما حتى يصير الأمر لأحدهما ..وهذا لن يضير مكانة أبي مسلم ..فكل ركن من أركان تلك الدولة يشهد له .  
بهرام : كل ما فعله أبو مسلم لن يعدل ما يجب أن يفعله الآن .
أبو مسلم : ( متعجبا ) كيف هذا ؟!
بهرام : ألا تجيب دعوة أبي جعفر فهذا خذلان لصاحب الأمر في الدولة ، وسيكون 
في نفسه شيء منك .
أبو مسلم: ليفعل ما يفعله فلن يقدر على شيء .
    [ تسود فترة صمت ]
بهرام  : أنا لا أنظر إلى الأمر هذه النظرة (يقف ويقترب من أبي مسلم ، يقف أمامه 
بعض الوقت ، ثميستدير إلى أبي نصر ) اخبرني من سيحارب مع أبي عبد الله بن محمد ؟
أبو نصر:جيشه بالطبع .
بهرام : ومم يتكون ؟
أبو نصر : من العرب .
بهرام  : ومم يتكون جيش أبي مسلم ؟ 
أبونصر :من الخراسانيين إن لم يكن كله فمعظمه .
بهرام  : وإذا انتصر عبد الله على أبي جعفر فإلى من يعود فخار النصر وإلى من 
يؤول الأمر ؟
أبو نصر : إلى العرب .
بهرام  : إذا كان النصر في جانب أبي جعفر المنصور فإلى من يعود فخار النصر .
أبونصر: إلى قائد الجيش إبي مسلم وإلى الخراسانيين .
بهرام  : إذن فالمعركة ليست بين عبدالله وبين أبي جعفر ، بل بين العرب ومعهم عبد 
الله ، وبين الفرس ومعهم المنصور ( يقترب من أبي مسلم ويشد من يده ) أرأيت أنك لابد أن تتواجد في الساحة بل أن  تكون المنتصر .
[ يعتدل الجميع في مقاعدهم ، وقد علت وجوههم ابتسامة عريضة وذايل الغضب أبا مسلم ] 

نيزك: ثكلتك أمك يا بهرام ...من أين لك بتلك القريحة العبقرية ؟!
أبو نصر : أين كان غائبا عنا كل هذا ؟!
أبو مسلم : إن بهرام خير من يعتمد عليه ( مخاطبا رئيس حرسه ) يا أبا إسحاق ..لتصدر الأوامر إلى الجيش ليستعد ويأخذ أهبته على الفور ...فسننفذ السير غدا إلى الكوفة 
أبو أسحاق : ( منحنيا ) سمعا وطاعة يا سيدي القائد ...( يقترب منه ) ولكن هناك بعض الألوية متفرقة في بخارى وسمرقند .
أبو مسلم : لترسل إلى كل جندي في فارس ليكون على أهبة الاستعداد غدا ومن يتأخر ليلحق بنا ، فأمامنا معركة ولا نود أن نكون الخاسرين فيها .
نيزك : ها هي صفحة جديدة تضاف إلى سجل أبي مسلم لترفعه في سلم المجد.
أبو مسلم : ( ضاحكا ) لا تصدر حكمك حتى ترى علام ستسفر المعركة .
نيزك : إن النصر يسير أينما سرت ، ويحط رحاله أينما حللت . 
أبو مسلم : بارك الله فيكم .
بهرام  : ولكن يبدو وإنك ستطيل المقام هنالك  .
أبو مسلم: نعم فتلك معركة وقد تستغرق وقتا طويلا . 
بهرام  : ( ينهص ويشير لرئيس الخدم ) أين العشاء والشراب والموسيقى والغناء 
أيها الرجل ألا ترى أن الأصدقاء حلوقهم قد جفت ..ولا تنس نحن في ضيافة 
القائد العظيم .
أبو مسلم : بل أنا الضيف وأنت صاحب المكان .
[ يدخل الخدم حاملين اطباق الطعام والفاكهة والشراب وتعزف الموسيقى وتمتلئ القاعة بالحسان والراقصات وينهض من بالبهو إلى موائد الطعام والشراب وينهمك الجميع في الأكل والشراب والحديث ]
بهرام  : ( يقترب منه ويسر إليه ) ألا ينبغي أن يكون لكبيت تسترح فيه مما تجده 
في ساحة القتال .
أبو مسلم: ( متعجبا ) إن بيتي هنا ..ولا يمكن أن آخذ أهل معي هناك .
رستم : ( ينضم إليهما ) ولم لا يكون لك بيت هناك كما لك بيت هنا ؟
أبو مسلم: تقصد أن أتزوج ؟ 
بهرام : ( يعصر يديه ويغمز بعيينه لأبي مسلم ) ليس زواجا للزواج ولكن لأشياء 
أخرى . 
أبو مسلم: لا أفهم مما تقوله شيئا ! 
بهرام : ( يزداد قربا من أبي مسلم ) نريد أن تكون الأواصر التي تربطك بالبيت 
العباسي أواصر وطيدة ، ليست مثل تلك الأواصر التي تربط بينهم وبين قائد عظيم يجلب لهم النصر ويوطد لهم الأمر ، نريد أن تكون فردا من البيت العباسي .
رستم : لك ما لهم وعليك ما عليهم .
بهرام  : ولن يتأتى ذلك إلا بزواجك منهم .
أبو مسلم: ( مرتاعا ) أجننتما  ؟! أتزوج ومن البيت العباسي ؟!
بهرام  : الجنون ألا تفعل ذلك . 
أبو مسلم: أنسيتما من أنا ومن هم ؟! أنا فارسي ..وهم من بيت النبوة !!
بهرام  : ومن أجل هذا يجب أن تتزوج و منهم بصفة خاصة  .
أبومسلم : ( يدير يده حول مقبض سيفه بتوتر ثم يقف مفكرا) لا أظن أن رجال البيت العباسي يوافقون على زواج نسائهم من رجال من خارج بيتهم ..فما بلك إذا كان من يطلب ذلك فارسي أو غير عربي .
بهرام : ( يقدم له كأسا مترعا بالشراب ) ومن قال لك إنك غير عربي ؟
أبو مسلم: ( متعجبا ) من قال إني غير عربي ؟! 
بهرام : أنت عربي وأبوك عربي ..ولو شئت جدك أيضا .
أبو مسلم : ( يتناول الكأس من يد بهرام ) كيف هذا ؟!
بهرام  : من الغد سيسري وينتشر ويملأ الأفاق خبر أن أبا مسلم من ولد ( سليط ) .
أبو مسلم: ( يتجرع الكأس وينظر في قاعه مفكرا ) يا لك من خبيث ماكر ولكن أوتظن أن هذا يكفي ليقبل بنو العباس زواجي من إحدى نسائهم ؟
بهرام  : ( يقدم له كأسا أخرى ) لا ..لن يكفي بالطبع ..ولكن انتصارك على عبد الله 
سيكون أكبر مقنع لهم ليوافقوا على زواجك من إحدى نسائهم . 
أبو مسلم: ( يبعد الكأس ) لا ..اضرب صفحا عن هذا الأمر ، فإنه قد يضر أكثر مما ينفع 
بهرام :فلنضرب صفحا عن كل ما قلناه إذا أردت ذلك ، ولكن فكر في الأمر ..إنك 
رغم كل ما قدمته لهم ما زلت عنهم غريبا ، ومثلك ينبغي أن يشرك في الأمر .
أبو مسلم: ( يشير إلى نفسه ) أكثر من هذا ! إن خراسان كلها بيدي ..والجيش .
بهرام  : ( يقدم له الكأس ثانية ) اليوم ..ولكن غدا ستكون بيد من ؟  وهل أمنت 
رضاهم عنك ، فقدمات من شهد معك الكثير من المعارك...والكثيرون ماتوا ..وأتى آخر قد يجحدك ويغبنك ...ولم تضع نفسك في مهب الريح وفي يد الأقدار ، والكيس من عمل لغده .
أبو مسلم : ( يتناول الكأس ويشربه مرة واحدة ) الأمر  خطير وفي حاجة إلى تفكير .
بهرام  : ( يقدم له كأسا أخرى ) أتشك في إخلاصنا لك والعمل على مصلحتك 
ومصلحة أمتنا  وتفانينا كلنا في خدمتك ؟
أبو مسلم : ( يشرب من الكأس بتمهل ) لا أشك في ذلك ..ولكن ..
بهرام  : ( مقاطعا ويأخذ بيده نحو الموائد ) لتترك تدبير هذا الأمر لنا ...فلنا من 
الأصدقاء داخل البيت العباسي نفسه ومن رجالهم من سيوطد لنا الأمر  عندهم ، ما عليك سوى أن تنفذ ما سنشير به عليك ...والآن دعنا نعيش دقائق من الأنس والإنسجام ..الطعام والشراب والموسيقى والحسان .فالليلة ليلتك يا مظفر يا عظيم .
( ستار )



الفصـــــــل الثاني 


المشهد الأول :
في قصر ( الهاشمية ) بين الكوفة والحيرة ،الذي بناه الخليفة ( أبو جعفر المنصور )  يجلس في البهو بعض أفراد البيت العباسي : عيسى بن موسى وعيسى بن على عم أبو جعفر المنصور وقثم بن العباس وصالح بن وكبار رجال الدولة العباسية  .ومعهم شاعر المنصور  أبو دلامة ( زيد بن الجون ) .
أبو دلامة : ( مضطرب في ملابسه الفضفاضة والقلنسوة الكبيرة الحجم على رأسه وحمالة السيف التي يرفعها دائما حتى لا تلامس الأرض ) لا أدري ما الداعي إلى تلك الثياب ؟! فما ضر أمير المؤمنين لو أعفاني منها ؟
عيسى بن على : ( ضاحكا ) وما الذي يضايقك منها أيها الشاعر الماجن ؟
أبو دلامة : ( متعجبا ) ماذا يضايقني منها ؟! عجبا لك وكأنك سعيد بها ، إني أسير واضعا أحد ذراعي فوق رأسي خوفا من سقوط القلنسوة والآخر على حمالة سيفي كي لا أتعثر به ، وإذا ما دخلت على زوجتي أصابها الفزع مما ترى فإنها تظنني عفريتا من الجن تسربل بسرابيل مدهونة بالسواد ، ولكن لا حيلة لنا في الأمر ، فما يأمر به أمير المؤمنين مطاع ، ولو أراد ان نغير جلودنا لغيرناها .
إسماعيل بن على : ( يمس على لحيته ) حقا ..لقد تغيرت أمور كثيرة منذ أن تولى أبو جعفر الخلافة من مدة وجيزة .
عيسى بن موسى : نعم وما حدث لا نفقه له سببا . 
قثم بن العباس : ( يشير إلى رأسه ) أي تلك الأمور التي لم تفقه لها سببا ؟ 
عيسى بن موسى :(ينهض ويسير خطوات في القاعة مفكرا  يقف أمام قثم بن العباس )تخلص أبو جعفر من ابن الجهم وإبعادة للربيع بن يونس والحرب الدائرة بينه وبين عمه عبد الله ، وتلك الشدة التي يأخذ بها الولاة في جميع الأقطار ، والهوة التي إزدات إتساعا بيننا وبين العلويين .
قثم بن العباس : ( ينهض ويمسك بيده ) عجبا لك ! وكأنك تريد أن تفعهم ما يحدث حولك .
عيسى بن موسى : ( يجذب يده غاضا ) وما تظنني ؟
قثم بن العباس : لا تغضب ..ولكن لتعلم أن كل أمر اتخذه أبوجعفر وسيتخذه له ما يبرره ،وفكر قليلا فيمااتخذه إزاء هؤلاء الذين ذكرتهم ستجد أنه أصاب عين الحقيقة .
عيسى بن موسى : لقد عمل ابن الجهم مع أبى العباس رحمه الله..وكان شديد الإخلاص لنا ...هلى رأى أبو جعفر ما يريبه منه .
قثم بن العباس : نعم ...فقد كان هواه مع الخراساني . 
عيسى بن موسى : ( متعجبا ) وما في ذلك ؟! ألم يتفان الخرساني في خدمتنا منذ زمن بعيد ؟
سالم بن قتيبة : ( متدخلا في الحديث ) بلي ..ولكن الولاء والطاعة لأمير المؤمنين وليس لأحد غيره .
عيسى بن موسى : عجبا ! لأن يكون الرجل على هوى الخرساني يستوجب ذلك التخلص منه ؟!
جعفر بن حنظلة : ( ينهض ، يلملم أطراف العباءة حوله ويعاود الجلوس ) هناك أمر يحوك في صدري وإنه ليقض مضجعي ..أليس فيكم من يريحني منه ؟
أبو دلامة : ( ينهض ويسير متعثرا في ثيابه متجها نحو الباب ) لقد سئمت من الجلوس سأذهب لأتجول في أرجاء القصر .
أبو حميد : ( ضاحكا ) نعم ، فليس في القصر إلا الماء القراح ..وتريد أن تقضي وطرك من الخمر أيها الفاسق الماجن .
أبودلامة : ( يسير واضعا أحد زراعيه على القلنسوة والآخر على حمالة سيفه)  يا رباه ..ألا يكفي أمير المؤمنين حتى تلومني وتبكتني أنت أيضا .
سالم بن قتيبة : ( متحدثا إلى جعفر بن حنظلة ) ما الأمر الذي يقض مضجعك يا بن حنظلة ؟
جعفر بن حنظلة : أتدرون أن في نفس أمير المؤمنين شيئا من الخراساني ؟ 
عيسى بن على :  إن  الصدور تخفي الكثير ، وقد تجد لها مخرجاإن عاجلا أو آجلا في كلمة عتاب أو لوم ، فلا يخلو الأمر من هذا حتى بين أشد الناس قربة واتصالا .
جعفر بن حنظلة : لا . إن ما في صدر أمير المؤمنين شيء لا يمحوه العتاب ، إني أستشف في صوته إذا تحدث عنه نبرة غريبة لم أألفها منه ، وألمح في عينيه ظلالا كثيفة تزداد يوما بعد يوم .
سالم بن قتيبة : ( ينهض ويسير إلى منتصف القاعة مفكرا ) إن ما يقوله جعفر فيه الكثير من الحق ، لقد علا نجم الخراساني حتى أصبح ما في يده من أمور الدولة أكثر مما بأيدينا ..وإن النفس لأمارة بالسوء .
عيسى بن موسى : ( يقف ضاحكا ) ما الذي اسمعه ! إن أمير المؤمنين لم ير هناك أفضل ولا أصلح من الخرساني ليقود الحرب ضد عبد الله ..فإذا كان هناك شيء مما تتخيلانه ..أكان أنفذه إلى عبد الله . 
سالم بن قتيبة : أتدري أن ما تقوله أنت يدعم ويقوي ما نقوله .
عيسى بن موسى : ( مندهشا ) كيف ؟!
سالم بين قتيبة : لم اختار أمير المؤمنين الخراساني دونا عن بقية قواده ؟
عيسة بن موسى : لأنه أقواهم وأفضلهم وأمهرهم و... .
سالم بن قتيبة :  ( مقاطعا ) أليس هذا بكاف أن يعكر صفو أبي جعفر من ناحية الخراساني ؟
عيسى بن موسى : ( متعجبا ) كيف بربك هذا ؟! ألأنه أفضل القادة ، واستخدم مهارته في خدمة البيت العباسي والدولة أهذا يعكر صفو أبى جعفر ؟!
سالم بن قتيبة : ( ينقل بصره بين الجالسين ويخلل بأصابعه لحيته ) استخدم عبقريته ومهارته في خدمة البيت العباسي بالأمس ويستخدمها اليوم أيضا ، أما ماذا يفعل غدا بعبقريته وبهذا الجيش الجرار الذي يطيعه كخاتم في إصبعه ؟ فلا أحد يستطيع أن يتنبأ عما يسفر عنه الغد . 
عيسى بن موسى : ( ضاحكا ويضرب كفا بكف ) لا أدري كيف تفكرون ؟! الرجل لم يحدث منه ما يريب و ...
أبو حميد : ( مقاطعا ) إن الأمور تتضح شيئا فشيئا ...إن ما تقولانه صواب .. لقدتكررت زيارتي لبلاد فارس في الأونة الأخيرة وما لاحظته أن الرجل اغتر بما صار إليه ، ولا أخفيكم سرا أنه لا ينظر إلى أبي جعفر المنصور كما كان ينظر إلى الخليفة  أبي العباس رحمه الله ، وإنه ليتجرأ في بعض الأحيان بالقول على أمير المؤمنين . 
صالح بن على : ( متدخلا في الحوار ) لا يشغلنكم أمر الخراساني بقدر ما يشغلكم عصيان عبد الله وشقه العصا على أبي جعفر المنصور ..فإذا فرغتم من عبد الله فتجادلوا ما شئتم في أمر الخراساني . 
قثم بن العباس : نبتة غريبة زرعناها في أرضنا ورويناها حتى استغلظت واستوت على سوقها ، وإنها ستفرغ على المدى الطويل وتستوطن ..وقد يؤول لها الأمر ونصبح نحن الغرباء . 
إسماعيل بن على : ألم نعاد كل ما هو عربي ، ونحتضن كل ما هو أعجمي لا سيما إذا كان فارسيا ...واتخذناهم سيوفا على رقاب أبناء عمومتنا من العرب ؟!
عيسى بن موسى : نعم ، ولكن بدون ذلك السيف ما قامت قائمة لبني العباس ..وكان لابد من قطع تلك الرقاب التي كانت تنفرد بالأمر دوننا . 
[ تسمع أصوات صادرة من الخارج ،يدخل الحارس معلنا عنقدوم أمير المؤمنين ، يدخل أبوجعفر المنصور بقامته المديدة يرفل في ثيابه الموشاة  وخلفه وزيره ( أبو أيوب المورياني ) ورئيس الشرطة ( المسيب بن زهير ) وكبير الحرس ( عثمان بن نهيك ) والحاجب ( الربيع بن يونس ).
أمير المؤمنين : ( متجها إلى كرسي العرش رافعا يده اليمنى ) سلام الله عليكم بني العباس .
الجميع : ( يقفون وفي صوت واحد ) سلام الله على أمير المؤمنين .
قثم بن العباس : ( متقدما إليه ) أصلح الله حال أمير المؤمنين ...ألم يصل البريدبأخبار من ميدان المعركة بعد ؟
أمير المؤمنين : ( يشير لهم بالجلوس ، يضع سبابته على جانب رأسه ، ومستندا بمرفقه على زراع كرسي العرش ، تجلل محياه ابتسامه هادئة ، وبنظرات ثاقبة يقلب وجهه بينهم ) اطمئنوا ...فما قدر سيكون .
عيسى بن موسى : أما آن لعبد الله أن يعود ويقلع عن غيه ؟ أكان يظن أحد أن نقاتل ونحارب فردا منا ، وما ضره أن تكون أنت الأمير أو أنا أو هذا أو ذاك ؟ !ما ضره ..أليست الخلافة عربية ؟أليست الخلافة بيد بني العباس ؟ ألم يجاهد كل فرد منا ويضحي كي نظفر بها  فإذااستقرت في فناء بيتنا يحدث ما يحدث ؟ إن ما أقدم عليه عبد الله لخطير حقا ..إنه قمين أن يجعل الأمر في أيدينا متذبذبا .
أمير المؤمنين : (يرفع يمينه ويمئ برأسه) اطمئن فستظل عربية ..وستظل بأيدينا لا بيد غيرنا .
أبو دلامة : ( يدخل مترنحا حتى يصل إلى منتصف القاعة فيتعثر في ثيابه وتسقط قلنسوته فينحني ويمد يده ليأخذها ) 
وكنا نرجو من إمام زيادة ..فجاء بطول زاده في القلانس 
                      تراها على هام الرجال كأنها ::  دنان يهود جللت بالبرانس .
( ينهض ويضع قلنسوته على رأسه ) هذا ما أخذته من أمير المؤمنين.
عيسى بن موسى : ( ضاحكا ) قاتلك الله أيها الفاسق ( ملتفتا إلى أمير المؤمنين)اعف عنه ياأمير المؤمنين .
أبو دلامة : ( يقفز من على الأرض حينما سمع بأمير المؤمنين يسير خطوات ويسقط ثانيا وينهض وقد تحول سيفه إلى دبره ) أأميرنا هنا ( ينحني ناحيته وهو يمسك القلنسوة ) عفوا ...عفوا ...ومغفرة ...حفظ الله المير ورعاه ...حفظ الله الأمير ورعاه .
أمير المؤمنين : ( ضاحكا ) اقترب يا أبو دلامة .
أبو دلامة :( ينحني ) حاشا لله يا مولاي .حاشا لله يا مولاي .
أمير المؤمنين :مم تخاف ؟
أبو دلامة : لا أستطيع أن أطاول بهاءكم وسناءكم يا مولاي .
أمير المؤمنين :وكيف حالك ؟ 
أبو دلامة : لا يسر عدوا ولا حبيب .
أمير المؤمنين : ( متعجبا ) كيف هذا ؟!
أبو دلامة : ( مشيرا إلى نفسه ) كما ترى يا مولاي أصبح وجهي في وسطي ، وسيفي على ردفي ،ونبذت كتاب الله وراء ظهري وصبغت بالسواد ثيابي وبنيت برجافوق رأسي . 
أمير المؤمنين : ( ضاحكا ) ولم كل هذا ؟ 
أبو دلامة : ( ينحني ) طاعة لأمير المؤمنين ...ولا يشقى أحد بطاعته . 
أمير المؤمنين : وما تعمل الآن ؟ 
أبو دلامة : أحتبي بفنائكم يا مولاي . 
أمير المؤمنين : إذن ينبغي أن نبحث لك عن عمل ( مشيرا إلى رئيس الشرطة ) يا (مسيب )عليك بأبي دلامة فأرسله إلى ميدان المعركة ولينضم إلى المحاربين .
أبو دلامة : ( جحظت عيناه ، وفغر فاه ، ولوى عنقه ) ميدان ..وقتل ..ودم ..وموت ..وأشلاء ..مولاي ( يقترب ويجثو على ركبتيه ) ناشدتك الله ...إني أشقى بحمل السيف ( يبحث عنه فلا يجده ،فيدور حول نفسه حتى يمسك بمقبضه ) فكيف بي باستعماله ..لا يا مولاي كل شئ إلا هذا .
الجميع : ( يضحكون ) 
أمير المؤمنين : لن أعفيك من هذا . 
أبو دلامة : ( يقترب منه ويسر إليه ) إذن لا مناص بمكاشفتك بالسر الذي كنت أود ألا يعرفه أحد ...مولاي . إني مشؤم ( يتجه إلى الجالسين حول أمير المؤمنين وبصوت مرتفع  ) نعم ، لا يظن ظان أني أخشى على نفسي ..لا والله ...ولكنني أخشى على جيش أمير المؤمنين أن يحل عليه شؤمي ( يتجه إلى أمير المؤمنين ) لم أكن أود أن أجهر بهذا السر ولكنك أجبرتني على هذا . 
أمير المؤمنين : لا تقلق  ( مشيرا إلى رئيس الشرطة ) خذه يا ( مسيب ) 
مسيب : ( يخطو نحو أبي دلامة ويمسكه من مخنقه ) تعال يا أبو دلامة فالجيش ينتظرك .
أبو دلامة : ( يتخلص منه بجهد ) اتركني يا هذا ...أتسعد دائما بإلقاء الناس في الهلاك ( يتجه نحو أمير المؤمنين ) يا أمير المؤمنين أني مشفق على هذا العدد الكبير من الجند أن يحل عليهم شؤمي وإني والله لواثق أن شؤمي يغلب يمنك ..وعلى كل فإني سأذهب إلى الميدان ، ولكن لتعرف أولا أني اشتركت مع تسعة عشر جيشا هزموا كلهم ، وكانوا يبحثون عن سبب هذا ، ولم يعرفوا ،ولكنني كنت أعرف لأني أنا السبب ، فإن رأي الأمير أن يكون جيشه هو العشرين فليفعل ..فإني لست بممانع . 
أمير المؤمنين : ولكن بماذا ستقابل عفوي عنك . 
أبو دلامة : ( يعتدل في وقفته ، ويسوى من ملابسه ، يخطو في القاعة مفكرا، يرفع ذراعيه متجها نحو أمير المؤمنين ) بأجمل وأبدع القول ...بالشعر يا مولاي :
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم .قوم لقيل اقعدوا يا آل عباس .
ثم ارتقوا في شعاع الشمس كلكم إلى السماء فأنتم أطهر الناس .
القائم المنصور رأسكم فالعين والأنف والأذنان في الرأس . 
[ تتعالى أصوات الاستحسان]
عيسى بن موسى : قاتلك الله من شاعر ! إنك لتستحق العفو حقا .
عيسى بن على : ( مخاطبا أبا جعفر )لقد كثر شرود وتفكير أمير المؤمنين في الأونة الأخيرة .
قثم أبوالعباس : ( مشيرا إلى ما حوله ) أعباء الخلافة ..إنها لتنوء بالعصبة أولو القوة .
أمير المؤمنين : ( واضعا يده على بطنه ) لعن الله هذا الألم ..لا يتركني إلا حالما يعود إلى مرة أخرى 
قثم بن العابس :ترفق بنفسك أيها الأمير .
أبو أيوب : لقد أرسلنا في استقدام طبيب من نيسابور ..يقال أنه أمهر الأطباء .
أمير المؤمنين : ( ممتعضا ) ماذا سيفعل غير ما فعله الذين قبله 
الحاجب : ( يدخل القاعة ) القائد خازم بن خزيمة يطلب الإذن بالمثول بين يدي أمير المؤمنين . 
أمير المؤمنين : ( يشير له بالإذن ) فليتفضل .
عيسى بن موسى : لا شك أنه قادم بخبر من ميدان المعركة .
خازم بن خزيمة : ( يرتدي عدة الحرب وعليه طبقة من الغبار من أثر السفر ) سلام الله على أمير المؤمنين .
أمير المؤمنين : ( واضعا سبابته على جانب رأسه ) ما وراءك يا خازم .
خازم بن خزيمة : ( يتنفس بصعوبة وقد بلل العرق جبينه ) مولاي ...لقد انتصر 
جيشك 
عيسى بن موسى : ( واقفا رافعا يديه ) وما النصر إلا من عند الله .
صالح بن على :إن ينصركم الله فلا غالب لكم .
[ حالة من الابتهاج تعم القاعة ، ويهنئ بعضهم بعضا ، بينما ابو جعفر جالس لا يتحرك ، وحينما رأى الجالسون ذلك خلد كل منهم إلى الصمت والسكون .]
أمير المؤمنين : اجلس يا خازم وقص علينا ما حدث .
خازم : لقد انتصرنا بفضل قائدنا أبي مسلم الخراساني .
جعفر بن حنظلة : ( يقف غاضبا)بل قل بفضل أمير المؤمنين ...وما أبو مسلم إلا سيف من سيوف أمير المؤمنين .
خازم : ( مضطربا ، يقف وينحني أمام أمير المؤمنين ) عفوك يا مولاي .
أمير المؤمنين : لا تراع يا خازم ...تحدث وأخبرنا بما حدث .
خازم : لقد دارت المعركة بيننا وبينهم سجالا ، ولم نستطع الظفر بهم  حينئذ لجأ أبومسلم إلى الخديعة ، فأشاع أنه يريد الشام ، ولما كان معظم جيش عبد الله من الشام ، فقد تفرقوا عنه حينما سمعوا بنية أبي مسلم ، وذهبوا مسارعين إلى الشام ؛ ليدافعوا عنها إذا ما هاجمها ، وبذلك ضعف جيش عبدالله وأستطعنا الظفر بهم . 
عيسى بن موسى : ( مبتهجا ) لا ثلم الله سيفك يا أبا مسلم ،نعم القائد .
خازم : ( متحمسا )إن الجيش كله ليهتف بحياة أبي مسلم ، وإنهم ليحمدون الله أن حباهم بمثل هذا القائد و ...
أمير المؤمنين : ( مقاطعا ) اذهب واسترح من وعثاء السفر يا خازم .
خازم : ( منصرفا ) سمعا وطاعة يا مولاي .
الحسن بن قحطبة : فليهنأ أمير المؤمنين بهذا النصر العظيم ...فقد أزيلت تلك العقبة من طريقكم .
سالم بن قتيبة : بل لقد وضعت عقبة أكبر وأشد .
أمير المؤمنين : ( واضعا سبابته على جانب رأسه ) إن الأمر أيسر مما تظن يا سالم. 
سالم بن قتيبة : إن عظائم الأمور في نظر أمير المؤمنين  صغائر .
أمير المؤمنين : لكل منا نظرته للأمور ..ولكن يجب ألا تكون تلك النظرة خادعة ، بل يجب أن نقدر الأمور حق قدرها ، فعلى صواب ودقة النظرة يتوقف نجاح طريقتنا في معالجة الأمور ، ثم تأتي بعد ذلك الجرأة في الإقدام على المعالجة . 
قثم بن العباس : الكثير من الأمور حولنا أصبحت في مسيس الحاجة إلى إخراجها عن مسارها ؛ لأنها إن سارت إلى المنتهى ...
أمير المؤمنين : ( متأهبا للانصراف) أحمد لكم حسن المشورة ، وكما تعلمون فأنا في حاجة إلى رأيكم ، فما خاب من استشار ...والآن حان أن انصرف .
[يخرج ووراءه وزيره ورئيس حرسه ورئيس الشرطة ]
سالم بن قتيبة :(مخاطبا قثم ) ماتظن أمير المؤمنين فاعلا ؟
قثم بن العباس : ( يقترب من أذنه )نحن مقبلون على شر مستطير ...دعنا نبتهل إلى الله أن يقينا منه .
جعفر بن حنظلة : ( عاضا على نواجذه ) ليتني أعرف ما يفكر فيه أمير المؤمنين.
إسماعيل بن على : لولم يكن صموتا هكذا لعرفنا كل شيء ، إنه يفاجئنا بالإجراء يتخذه ، فليس لديه فاصل بين الفكرة وتنفيذها ، حتى لنخال أن تنفيذها نوع من التفكير عنده .
أبو حميد : من يعرف حقيقة أبي جعفر لا يقلق من شيء ولا على شيء ، إنه لا يفتأ يفكر في كل كبيرة وصغيرة وفي كل ساعة من ليل ونهار ، إني أخاله لا ينام ، وإن ينم  فلكي يفكر بطريقة أفضل .
قثم بن العباس : ( ضاحكا ) لقد صدقت لا أنسىتلك الليلة ،وكانت باردة عاصفة ..وكنت لا أظن أحدا مستيقظا ، فإذا بالحارس يطرق بابي ليخبرني أن أمير المؤمنين يريدني ، وذهبت فإذا به يسألني عن امر من الأمور 
أبو حميد : ( مستفسرا ) أي أمر ؟
قثم بن العباس : ( مفكرا ) لقد نسيت ماهو ...فقد كان النوم يملأ العين والأذن ...أما هو فلا أخال أنه نام تلك الليلة .
جعفر بن حنظلة : من اليوم ينبغي ألا تغفل عيناه .
قثم بن العباس : ادعوا معي أن يحفظ الله كيان تلك الدولة ويقيها دائرة الأيام .
                                        ( ستار ) 

المشهد الثاني  : 
قاعة متوسطة الحجمفي قصر الهاشمية ، يختلط فيها الطراز العربي بالفارسي ، وإن كان الفارسي طاغيا على العربي ،الأبسطة الفاخرة تفترش الأرض والستائر منسدلة على الجدران، والأرائك فوقها الوسائد والطنافس ذات الألوان البهيجة وفي كل جانب من جوانب  قاعة مبخرة يتصاعد منها رائحة البخور المجلوب من الهند، يجلس أبوجعفر المنصور على أريكة وبجانبه زوجته .
الزوجة : ( محتدة ) إن ذلك الطاهي العجوز الأخرق لا أستطيع أن أتفاهم معه 
أمير المؤمنين : ( مبتسما ) لم ؟
الزوجة : إذا طلبت منه إعداد لون من الطعام يعد لونا آخر ، وإذا ما سألته عن سبب هذا يدعي الصمم أذهب الله سمعه ( تذهب وتجئ ) وهؤلاء الخدم الذي لا يطيعون أوامري وأولئك الجواري الائي يمضين سحابة نهارهن يتحدثن عن هذه وتلك ولا يفعلن شيئا بالمرة و ...
أمير المؤمنين : ( ضاحكا ) لولاكن لأكل العالم بعضه بعضا .
الزوجة : ( مندهشة ) ما تقصد ؟
أمير المؤمنين: ( مشيرا إليها ) اجلسي ..فإني أريد أن أحدثك في أمر مهم .
الزوجة     : ( مندهشة ) أمر مهم !!
أمير المؤمنين: اغفري لي هذا ..فأنت لم تعتادي التحدث في الأمور المهمة ..ولم العتاب 
إن لم أتحدث معك في تلك الأمور فهذا خير لك ولي .
الزوجة : ( تنهض من جانبة غاضبة ) سأذهب إلى حال سبيلي .
أمير المؤمنين : ( يمسك بيدها فتجلس ) اجلسي ياامرأة .
الزوجة : ( مستفسرة ) ما الأمر ؟!
أمير المؤمنين : لقدجاء خاطب لأمينة بنت على .
الزوجة : أحقا ما تقول ؟ 
أمير المؤمنين : نعم .
الزوجة : من ؟
أمير المؤمنين : من تظنين ؟
الزوجة : ( تعبث بأطراف وشاحها) لابد وأنه يتناسب وحسب ونسب أمينة 
أمير المؤمنين : ومن تظنين يتناسب ونسب وحسب أمينة ؟ 
الزوجة : ( تمد يديها لتسوي من رداء أمير المؤمنين ) لا أدري ولكن هناك الكثيرين
( تنهض وتبتعد عنه ، ثم تعود إليه ) أأحد من آل على ؟ 
أمير المؤمنين : ( ينهض غاضبا ) أبعد ما حدث منهم تظنين أن نزوجهم أو نتزوج منهم 
..لقدقطعوا كل الأواصر والوشائج . 
الزوجة : ( تهدئ من غضبه وتجذبه من يده ليجلس ) إذا من ؟ 
أمير المؤمنين : ( يسير ويديه خلف ظهره يتجه إلى المنضدة ويلتقط نصلا من عليها..يتأمله 
طويلا ) إنه الخراساني ؟
الزوجة : ( مندهشة ) من ؟!
أمير المؤمنين : ( مشيرا لها بالنصل ) أبو مسلم الخراساني قائد الجيوش ..لقد أرسل إلى منذ 
يومين خاطبا أمينة بنت على .
الزوجة : ولكنكم دأبتم ألا تزوجوا أو تتزوجوا من أحد من خارج البيت .
أمير المؤمنين: والخراساني .
الزوجة : ( متعجبة ) أليس بفارسي ؟!
أمير المؤمنين: نعم .
الزوجة : كيف ؟!
أمير المؤمنين : إنه من ولد سليط  .
الزوجة : ولا أحد يعرف !
أمير المؤمنين : لم يبق أحدمن العرب إلا وقد عرف هذا .
الزوجة : محال هذا !
أمير المؤمنين : ولم لا ..(سليط)  كان بيمينه الكثير من النساء ..فربما كان الخراساني أحد أبناء 
أولئك النسوة . 
الزوجة : ( متعجبة ) ولمنعرف هذا سوى الآن ! 
أمير المؤمنين : ( يعبث بالنصل ) لم يكن لهذا قيمة فيما مضى ..أما الآن فهذا وقتها .
الزوجة : وما رأيك ؟ 
أمير المؤمنين : ( واضعا طرف النصل بجانب رأسه ) الأمر في حاجة إلى التفكير . 
الزوجة : ( منصرفة ) لأنهض حتى أرى ما أعد ذلك الطاهي  العجوز ، والله لأعنفنه 
لو خالفني هذه المرة .
أمير المؤمنين : ( يتجه نحو الباب ) ياربيع ...يا ربيع .
الحاجب : ( يدخل وينحنى ) سمعا وطاعة يا أمير المؤمنين .
أمير المؤمنين: ليمثل  سهل بن نوبخت الآن .
الحاجب : إنه ينتظر يا أمير المؤمنين أمرك .
سهل : ( يدخل منجم الأمير ، رجل في العقد الخامس ، أشيبشعر اللحية ، يرتدي 
طيلسان أسود وبيده بعض اللفائف الورقية يتقدم وينحني ) سلام الله على أمير المؤمنين .
أمير المؤمنين : ( يشير إليه ) اجلس يا (سهل) ..ما الذي تخبرك به أوراقك ونجومك ؟
سهل : ولكنك لا تهتم كثيرا بما تقوله أوراقي ونجومي يا مولاي !
أمير المؤمنين : لأنها لا تقول الحق يا هذا .
سهل : ( متعجبا ) إذن لماذا السؤال ؟ !
أمير المؤمنين : يا (سهل) من بيده أمور الناس فهو في حاجة أن يستخبر كل المحيطين به ، 
العالموالجاهل ..الكبيروالصغير ..رجلا كان أم امرأة خادما كان أم سيدا ...فلا تدري من أين تأتينا الحقيقة ، والأمر معك نوع من البصيرة النافذة قد لا تتوافر عند الآخرين ...أو أنك قد ترى الأمور من جانب لا ينظر إليه الآخرون . 
سهل : أشكر لكم هذا الثناء الجميل .
أمير المؤمنين : دعنا من هذا ...فقد رأيت رؤيا بالأمس وأريدك أن تؤولها لي . 
سهل : تفضل يا مولاي . 
أمير المؤمنين : ( يقف ويسير بعض خطوات مفكرا ثم يعود ويجلس ويدقق النظر سقف 
القاعة ) رأيتني أسير في صحراء شاسعة حتى وصلت إلى طريق ضيق وإذا بصخرة عظيمة تسد الطريق أمامي ، ويستند إلى تلك الصخرة بيت ، وبداخل البيت من يهيب بي لأفعل شيئا ، ولا أدري ما الذي كان يريده ، وهو ليس بالغريب على ، وإذ بشاب قوي يمتطي صهوة جواد ينزل من على الجواد ويتجه نحوي  يريد أن يأخذ ثوبي الذي أرتديه، وأنا أحاول أن أدفعه عن نفسي وكل شاغلي أن أحافظ على الثوب خوفا من التمزق وهو لا يهتم بأمر الثوب ...أتفهم من كل هذا شيئا يا ( سهل ) 
سهل : إن الأمر واضح يا مولاي .
أمير المؤمنين: كيف ؟
سهل : أما البيت فهو الدولة ، والصخرة شخصية قوية تريد أنت أن تقتلعها ، ولكن حذار فلو فعلت لأنهدم البيت ، أما الجلباب فهي الخلافة ..والشاب القوي خصم لك يريد أن يأخذها منك بالباطل وليس بالحق ...لأنه يريدها حتى ولو ممزقة ومشتتة .
أمير المؤمنين : وما أفعل بالصخرة وهذا الشاب ؟
سهل : هذا لم يرد ذكره في الرؤيا يا مولاي .
أمير المؤمنين : ( محتدا ) أعلم ذلك ...ولكن لو امتدت بي الرؤيا ماذا تظن أني فاعل ؟
سهل : ( مفكرا طويلا ) أن تبقي على الصخرة كي لا ينهدم البيت ، وأن ترضي الشاب ؛ لأنه إن لم يظفر بالجلباب لن يسلم الجلباب من التمزق .
أمير المؤمنين : ( يسر مطرقا ، تتخلل أصابعه شعر لحيته ) أحافظ على الصخرة ، وأتصالح 
مع الشاب ...عجبا !!
الحاجب : ( يدخل وينحني ) عفوا يا مولاي ...الطبيب يريد المثول بين يديكم .
أمير المؤمين: فليتفضل .
ابن بختيشوع: ( يدخل وبيد قارورة ) سلام الله على أمير المؤمنين .
أمير المؤمنين : ( ناظرا إلى القارورة ) هل أتيت بالدواء أيها الطبيب ؟
ابن بختيشوع : ( يمد يده بالقارورة ) هو ذا يا مولاي ...ولكنه لا يكفي وحده لشفائك .
أمير المؤمنين : ( متعجبا ) لا يكفي ...أليس بدواء ؟!
ابن بختيشوع : بلى ...ولكن لا تعتمد عليه كل الاعتماد .
أمير المؤمنين : ما تقصد ؟!
ابن بختيشوع : يا مولاي ...جسد الإنسان كالدابة إن أرهقتها بالعمل فلن تنهض بعملها ، وقصرت بك دون بلوغ غايتك ، أما إذا رفقت بها فستصح وتبلغ بك القصد ...وما أراه يا مولاي منذ أن أتيت إلى هنا إنك تحمل نفسك فوق طاقتها من العمل والتفكير ليل نهار . 
أمير المؤمنين : ( محتدا ) يا هذا ما أشكو منه هو معدتي ( يضع يده على بطنه ) لا أهنأبأي 
نوع من الطعام حتى أصبحت أعافه ، فما علاقة العمل والتفكير بألم البطن ؟
ابن بختيشوع : يا مولاي ...
أمير المؤمنين : ( مقاطعا ) إن كنت عاجزا عن الإتيان بالدواء كالذين سبقوك فأخبرني كي 
أعفيك من هذا . 
ابن بختيشوع : ( يتقدم من الأمير ) إذا اذنت لي بسؤال يا مولاي .
أمير المؤمنين : ( نافد الصبر ) تفضل .
ابن بختيشوع : هل نمت بالأمس ؟
أمير المؤمنين : نعم .
ابن بختيشوع : وأول أمس ؟ 
أمير المؤمنين : ( مفكرا ) أول أمس ...لا لم أنم  .
ابن بختيشوع : طوال الليل ؟ 
أمير المؤمنين : نعم ، لم أنم طوال الليل . 
ابن بختيشوع : لم ؟ 
أمير المؤمنين : شغلني أمر من الأمور . 
ابن بختيشوع : ألم تحاول النوم ؟ 
أمير المؤمنين : بلى ...ولكنني لم أستطع . 
ابن بختيشوع : لقد استعصى النوم على عينيك طوال الليل لأنك مشغول الفكر ألا يستعصى الطعام على المعدة وتشقى به كما شقيت العين بالسهاد ؟!
سهل : إن كلامه لهو الحق يا مولاي . 
أمير المؤمنين  : وماذا تقترح أيها الطبيب ؟ 
ابن بختيشوع: أن تستريح بعض الوقت ..فلا ترهق نفسك لا بالعمل ولا التفكير .
أمير المؤمنين : أما العمل ففي طوق الإنسان أن يريح نفسه منه ..أما التفكير فلا نملكه ..وأرى أن ليس هناك ضرر كبير منه .
ابن بختيشوع : ( مندهشا ) كيف ذلك ؟! إن أشق وأثقل الأعمال على النفس هو الفكر والهم .
أمير المؤمنين : ( ينهض ويسير خطوات ثم يلتفت إلى الطبيب )أما وقد قلت ذلك فلا أظن أن الشفاء سيعرف طريقه إلى ...إن الأقدار وضعتني في مكان لا أستطيع أن أنام فيه ، وإن نمت فأنا اليقظ القلب والفكر ..كيف أنام وأمور المسلمين كلها بيدى ، دينهم ودنياهم ، وأنا المسئول أمام  ربي عن تلك الأمانة أضيعتها أم صنتها ...( يلتقط النصل ويشير به ) شياطين الأرض ، ثعالب المكر ، أفاعي السم ، نسور الكيد ، ذئاب الغدر، أقنعة الزيف ألسنة الكذب ...كلهم محاطون بي ..أشعر بهم في كل وقت ، أراهم وقدتسربلوا بالظلام... تترقب تترصد لتنقض ..تنتظر مني الغفلة ..( يلتفت إليهما ويحدق في وجوههما ) ولكن وحق الله الذي كرم تلك الأمة بالإسلام ، وحق محمد الذي جاهد حتى رفعها عالية ..وحق كل نفس بذلت تحت راياتها لن ينال منها أحدما دمت حيا ( يعود ويجلس إلى كرسيه) الناس في تلك الحياة صنفان : صنف أحلت له الراحةفهو يعيش سعيدا هادئا ناعما ، وصنف حرمت عليه ، ولست بالحزين أن جعلني ربي من الصنف الثاني ، عسى أن أعود إليه وقد قمت بواجبي نحو هذه الأمة 
سهل : حفظك الله ورعاك وقيض للأمة الكثيرين أمثالك يحفظون لها مجدها ويرفعون راياتها .
أمير المؤمنين : ( يتأمل ما بيد الطبيب ) وأتظن أن هذا الدواء سيشفينني ؟
ابن بختيشوع : ( رافعا يده بالقارورة ) نعم يا مولاي  ...ولكن حذار فهو لا يخلو من الضرر 
أمير المؤمنين :( متعجبا ) دواء وضرر !!
ابن بختيشوع : ما من دواء إلا ويكون فيه ضرر .
أمير المؤمنين : كيف ؟ 
ابن بختيشوع : كل شيء لابد وأن يكون بقدر ..فإن استرحت على هذا الدواء فلا تدأب عليه ، فنحن نعلم أثره الطيب على الجسد ، أما ضرره فهذا ما نجهله .
أمير المؤمنين : ( يتحسس بطنه ) إلى به .
ابن بختيشوع : ( يلتقط كوبا ويصب فيه قليلا من الدواء ويسكب بعض ما في القارورة ويقدمها للأمير ) يجعل الله فيه الشفاء إن شاء الله .
أمير المؤمنين : ( يتناول الكوب ) إنه شديد المرارة .
ابن بختيشوع : ما من دواء إلا وهو مر يا مولاي .
أمير المؤمنين : ( يناوله الكوب فارغا ) نعم ،ولكنه أخف من مرارة الألم .
ابن بختيشوع : تكتمل فائدة الدواء إن صاحبته راحة للجسد والنفس .
أمير المؤمنين : ( ينهض )لأحاول ..وإن كنت أعلم أني أجشم نفسي الكثير إذا حاولت أن 
أستريح ...طابت ليتكما .

( ستار ) 


المشهد الثالث :
في منزل من منازل الجزيرة يجلس أبو مسلم الخراساني في إحدى القاعات الواسعة ، ومعه أصدقاؤه يتبادلون أطراف الحديث .
أبومسلم : ( واضعا إصبعه على شفتيه ) لم أندم على عمل في حياتي بقدر ما ندمت على إرسالي تلك الرسالة إلى أبي جعفر المنصور .
أبو نصر : ( متعجبا ) تندم !! خائرو العزيمة وحدهم هم من يندمون ،( يقف ويتقدم منه ويشير إليه ) أما مثلك فالندم لا يجد مكانا له في صدرك ؛ لأن كل ما تفعله هو الحق والصواب .
أبو مسلم : ( يحك صدره بيده ) إذا أراد الله معاقبة إنسان سلط عليه سياط الندم تلهب قلبه ليل نهار .
نيزك : وعلام تندم ؟ إنك لم تطلب إلا حقك ..إن لك عليهم دينا لا يستطيعون توفيته مهما أسدوا إليك .
أبو نصر : إن انتصارك على عبد الله وضع كل أزمًة الأمور ومقاليدها في يدك بعدما أصبح الجيش المنتصر يأتمر بأمرك وحدك ..إن الجيش لا يعرف سواك قائدا مظفرا .
أبو مسلم : ( يذهب ويجيء في القاعة ) نعم ، ولكن زواجي هذا سيعكر الصفو بيني وبين زوجتي وابنتي ، وهذا العش الهادئ الدافئ الذي ألجأ إليه لأجد فيه الحب والسلام...أتظن سيظل هادئا ؟!
نيزك : للرجل أن يتزوج ما يشاء ...وهذا حقه . 
أبو مسلم : ولكني لم أعرف طوال عمري امرأة سوى زوجتي ...لو كانت عهدت مني هذا الأمر لأصبح الأمر ميسورا ...ولكن يداي  لم تلمسا سوى زوجتى طوال عمري .
أبو نصر : لا أفهم ! أتخشى زوجتك أم أبا جعفر ؟
أبو مسلم : ( مشبكا أصابع يديه في بعضهما  مطرقا ) الاثنين ...لقد فرطت في جنب هذا الرجل ظنا منى أنه ضعيف ، ولكنه يتسلح بسلاح الصبر معي ، وليس هذا من شيم الضعفاء ....القوي وحده هوالذي يستطيع أن يصبر حتى إذا نفد صبره دمر ما أمامه وأطاح به ...وما أرى إلا أنني أخطات في تقدير قدر الرجل ..وأخشى أن أكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ...ما الذي أنا مقبل عليه ، وما الذي يدخره القدر لي ؟ لقد أعطتني الدنيا الكثير والكثير ...وليس هذا العهد بالدنيا .
نيزك : ( يقف وسط القاعة يضرب كفا بكف ) ما هذا الذي أسمعه وما هذا الذي أراه ؟!إني لا أسمع صوت أبي مسلم الذي تتزلزل له الجيوش ، ولا أرى أبا مسلم الذي تتصدع له المعامع ...ايكون سيفك قد فل حده من كثرة ما خضت من معارك ؟ أيكون الخور والضعف قد تسرب إلى جسدك من كثرة ما خضت من حروب ؟ إم انك زهدت وأعرضت عن هذا المجد العظيم الذي بنيته بعرقك ودمك لتقدمه لغيرك راضيا بما يلقى إليك من فتات الموائد ، قانعا بتلك النظرة المتعالية جزاء لك على ما قدمت ، أتريد أن تظل الخادم الذي يؤمر فيطيع ، والتابع الذي ينحني للآخرين ؟ ويقبل أردان شرازم الصحراء ...أنسيت أنك ربيب قوم بنوا صروح المجد وكانوا سادة العالم أجمع وقت أن كان هؤلاء العرب يفترشون الصحراء القاحلة ويلتحفون السماء لا حول لهم ولا قوة .
أبو نصر : لسنا بالحاقدين عليهم ، ولا نريد أن نوغر صدرك ضدهم ، ولكن نريد أن يكون 
جزاؤك على قدر عملك ... أن لا تغبن ولا تهضم ؛ لأن هذا سيكون ظلما لنا ، فكلنا الخرساني ، نريد أن يكون مكانك في تلك الدولة يتناسب وما قدمت ، فما قدمت لم يقدمه أحد لا من قبل ولا من بعد . 
نيزك : وإلا فلينقلب هذا السيف الذي أسس بنيان دولتهم وهذه اليد ( يمسك بيد أبي مسلم) التي أرست قواعدها إلى معول ليحطم كل شيء ، ويشدخ تلك الرؤوس التي قد تمكر بك كما مكرت بغيرك .
أبو مسلم : ( ينهض غاضبا ويداه على مقبض سيفه ) لا والله ما فل سيفي ولا ثلم ، ولا زحف الخور والضعف إلى جسدي ، ولا أنا بالزاهد بما في يدي ، وما أنا بالمضيع حقي وحقكم ، ولأخذنه بسيفي ولو من بين أنياب الأسد ، ولن أرضى بالدنية ، فإني شريك لهم في الأمر ومكانتي ومكانتهم سواء .
نيزك  : ( يضع يده على كتف أبي مسلم ) مرحى ...مرحى ..ها قد عاد أبو مسلم الذي 
نعرفه .
[ يدخل الحارس ويعلن عن وصول القائدين ( الحسن بن قحطبة ) و ( حميد بن قحطبة ) يدخل القائدان وعليهما عدة الحرب ، وبعد إلقاء التحية يجلسان بالقرب من أبي مسلم ] 
أبو نصر: ( يتأملهما)  لقدنالت الحرب منكما .. لعنها الله فالرجال لها وقود . 
حميد بن قحطبة : لقد خلقنا لها وخلقت لنا ..حتى إننا لا نتصور كيف نعيش بعيدا عنها ..
أبو نصر : نعم القائدان أنتما ...( ناظرا إلى أبي مسلم ) إن حقاعلى أبي مسلم أن يكافئ قواده ويجزيهم أحسن الجزاء .
الحسن بن قحطبة: ( يسوي من حمالة سيفه ) نحن نقدم أرواحنا راضين طائعين لإعزاز 
ونصرة أمير المؤمنين ، والله إن هذا الهدف لهو الذي يهون علينا مرارة الحرب وقسوتها .
حميد بن قحطبة: ( مخاطبا الخراساني ) هناك أمر  نريد أن نتحدث معك فيه إن أذنت لنا 
أبو مسلم : تفضلا .
حميد بن قحطبة:لقد أمرتَ بإعدام بعض الأسرى من جيش عبد الله .
أبو مسلم : ( واضعا يده على مقبض سيفه ) نعم أمرت بذلك .
حميد : أرى أن نأخذ معهم أمرا آخر .
أبو مسلم : ( متعجبا )كيف ؟!
حميد : أن نعفو عنهم أو نفاديهم ...وهذا خير لنا ولهم . 
أبومسلم : ( محتدا ) أو ترى لو أنهم المنتصرون ...أيسلكون مع جنودنا هذا المسلك الذي تريده؟
حميد : لا أدري ...ولكن الله أنعم علينا بالنصر ...وأرى أن لا داعي لقتلهم . 
أبو مسلم : ( ينظر بقوة إلى القائدين ويرفع يده ) لا أرى رأيكما..والأمر سينفذ بالقتل واليوم .
الحسن بن قحطبة : ولكن ....
أبو مسلم : ( مقاطعا بحدة ) لقد أمرت وما أأمر به ينفذ ، ولم أعهد في قوادي أن يعارضوا أوامري ( يقف ويتقدم إلى منتصف القاعة ) أنسيتما من تحدثان ..لقد قضي الأمر ( يتقدم منهما مهددا ) وخير لكل قائد ألا يتجاوز قدره . 
[ يدخل الحارس ويعلن عن وصول رسول أمير المؤمنين ]
أبو مسلم : ( مخاطبا الحارس )وماذا يريد هذا ؟
الحارس : معه رسالة من أمير المؤمنين .
أبومسلم : ( بدون اكتراث ) فلتأت بالرسالة منه ، وليبق بالباب أو فلينصرف .
الحارس : ( يخرج ويعودحاملا الرسالة ) تفضل يا سيدي .
أبو مسلم : ( يلتفت إلى نيزك ) خذها منه يا نيزك .
نيزك : ( يأخذ الرسالة ) ألن تقرأها؟
أبو مسلم : ( يلوح بيده ) ليس الآن .
أبو نصر : إن أمير المؤمنين قد أكثر من إرسال الرسائل في الأونة الأخيرة ...ولكنك كأنك تعلم ما بالرسالة ؟
أبو مسلم : ( يعبث في شعر لحيته ) أعلم أو لا أعلم فلن تغير الرسائل شيئا .
نيزك : لقد أنعم الله على أمير المؤمنين برجل يتكفل بأعدائه وخصومه .
أبو مسالم : ( ضاحكا ) لقد قسمها الله بيننا ، نحن نحارب ونقاتل وننتصر ..وهم هنالك جالسون على الأرائك تحت الظلال ينعمون ...ولا يكتفون بذلك بل يثقلون علينا بتلك الرسائل . 
أبو نصر : ( ضاحكا ) لعمري والله ...إن تلك قسمة ضيزى . 
الحسن بن قحطبة : ( ينهض  مستأذنا ) إن أذنت لنا بالإنصراف ..فهناك بعض المهام نود 
القيام بها . 
أبو مسلم : ولكنكما لم تمكثا .
حميد : لقد كنا نأمل أن تعدل عن رأيك أو ترجئه .
أبومسلم : ( يرفع يده في وجهيهما ) تعلما ..حينما أصدر أمرا لاتناقشاه ..بل عليكما السمع والطاعة ..أفهمتما ..
حميد : سمعا وطاعة أيها القائد .

( ستار ) 


المشهد الرابع :
في قصر الهاشمية ، وفي القاعة الرئيسية يدخل أمير المؤمنين ووراءه وزيره ( أبو أيوب المورياني ) وبيده رسالة 
أبوأيوب : ( مترددا ) معي رسالة لم أعرضها عليكم .
أمير المؤمنين :( ملتفتا إليه ) ألم تعرض علي كل ما أتى به البريد من رسائل ؟
أبو أيوب : ( يرفع بيده الرسالة ) نعم ، ولكن تلك لم أعرضها عليك .
أمير المؤمنين  : (يستأنف سيره ، ويجلس على كرسيه ) ما جعلناك وزيرا لتعرض بعض 
الرسائل وتحجب البعض الآخر . 
أبو أيوب : ( مطرقا) ما قصدت أن أحجبها ولكنني أردت تخير الوقت المناسب .
أمير المؤمنين : ( متعجبا ) لم أدر أن لكل رسالة وقتا لتعرض على فيه ! لتعلمن أنني لو لم أعرف كل مايحدث في تلك الدولة من الأمور جليلها وصغيرها فلست أهلا بالجلوس هنا ( متهكما ) وما تلك الرسالة التي أقتضت منك أن تتخير لها وقتا .
أبو أيوب : ( يقدم الرسالة ) إنها من القائد الحسن بن قحطبة .
أمير المؤمنين : ( مندهشا ) الحسن بن قحطبة ! وما بها .
أبو أيوب : ( يمد يده بالرسالة) أفضل أن تقرأها بنفسكيا مولاي .
أمير المؤمنين : ( يفض الرسالة ويقرأها ، ثم يطويها ويضعها جانبا ) وما رأيك أيها الوزير 
أبو أيوب : لم يعد يصلح أبا مسلم إلا شيء واحد .
أمير المؤمنين : ( مفكرا ) أترى أن في هذا أيضا صلاحا للدولة ؟ 
أبو أيوب : ( منفعلا ) مولاي ..ليس الأمر أمر دولة ..ولكنه شخصكم ...لقد تجرأ عليكم اليوم بالقول ...فبم يتجرأ غدا ؟!
أمير المؤمنين : ( ينهض ..يذهب ويجئ ..يلتقط الرسالة ويقرأها للمرة الثانية ثم يطويها) إن كان هذا الكلام صدقا ولم تكن وشاية ..فقدتجرأ على الخلافة  وليس على شخصي . 
أبو أيوب : لقد تجاوز حده ، ألم يكتف بإدعاء النسب إلى ( سليط ) وذلك الخطاب الذي أرسله لكم خاطبا السيدة ( أمينة ) حتى يتهكم ويسخر منكم على مرأى ومسمع من البعض ؟!
أمير المؤمنين : ( شاردا ) إنها لرؤيا صادقة حقا .
أبو أيوب : ( مستفسرا ) أي رؤيا يا مولاي ؟
أمير المؤمنين : ( منتبها ) وما تظنني فاعلا ؟ 
أبو أيوب : الأمر إليك يا مولاي ...وإن كنت أرى أن الأمر في حاجة إلى علاج حاسم .
أمير المؤمنين : ( مفكرا ) ألم تدر إلام صار إليه الخرساني بعد انتصاره على عبد الله ؟ ..لقد أصبح الجيش في غمد سيفه ، ولم يتجرأ هكذا إلا وهو يعلم أنه قادر ...لقد جذب الحبل ..وما علينا إلا أن نتركه على غاربه . 
أبو أيوب : قد يجمح مننا . 
أمير المؤمنين : ( بثقة ) منفردا وبنفسه . 
أبو أيوب : أعلم أن التخلص منه على أي صورة من الصور الآن محال و..
أمير المؤمنين : ( مقاطعا ومشيرا بسبابته) وهذا ما يوجب التخلص منه الآن وليس غدا . 
أبو أيوب :(متعجبا ) وهل صعوبة التخلص منه، تحتم عليه القضاء عليه ؟!
أمير المؤمنين : ( ينهض ويقف خلف كرسي العرش ممسكا إياه بكلتا يديه ) نعم ،ولكن كيف ؟ كنت أرجو ألا أعمل عملا أكون مضطرا إليه ، ولكن أي الأعمال التي يزاولها الإنسان حرا ؟أصبح الأمر الآن : إما أنا أو هو ...ولا خيار آخر وعلى أن أختار ( ضاحكا ) ألم تر ...الأقدار تضع أمامي أمرا واحدا وعلى أن أختار وعلى هذا الاختيار العجيب يتعلق مصير الخلافة ومصيري ، ومصير أشياء كثيرة ما زالت في طي الغيب ( يلتقط الرسالة ويعطيها لوزيره ) لقد أخطأنا وعلى وحدي تصحيح هذا الخطأ ، ولا أرى أني سأوفق إلا بعون من الله 
أبو أيوب : ( يتناول الرسالة ) إنه كمارد وأنتم أطلقتموه من قمقمه ، لكم يخدع الإنسان بمظهر الآخرين  .
أمير المؤمنين : والله ما خُدعتُ، فقدكان باطنه ظاهرا لي كمظهره منذ أن كلفناه بالدعوة لآل 
العباس ، وما نظرت فيه عينيه مرة إلا ورأيتُأسوار التحدي وما من فرصة إلا وانتهزها ليظهر لي قوته ، وقدكنتُ أعجب به إعجابا شديدا وأعتبره إحدى دعائم دولتنا ..ولكن وأسفاه لقد قهر هذا الإعجاب في صدري ليحل محله الكره والمرارة ...وإذا نجح رجل في زرع هذينفي صدرك فلا تنتظر منه خيرا بعد ذلك . 
أبوأيوب : ولكن كيف والجيش كله في يده الآن ؟ وأنت تعلم بأسه وقوته...أم ننتظر بعض الوقت .
أمير المؤمنين : الانتظار لن يجدي في هذا الأمر ...بل كلما عجلنا كان أفضل ..أما كيف فيجب أن نفكر وبعمق فنحن مقبلون على شيء خطير غاية الخطورة ...شيء يحدد مصير تلك الأمة ، فإما ثبتنا دعائمها وأحطناها بسياج من القوة والعقيدة وإما أطحنا بها مقوضين دعائمها لتذهب بعد ذلك ريحها . ...( يجلس إلى كرسيه ) يا أبا أيوب ...إن كان لديك نصيحة فلا تضن بها علينا . 
أبو أيوب : حاشا لله ياأمير المؤمنين ...نحن نأتمر بأمرك ونهتدي ببصيرتك . 
أمير المؤمنين : ( ينهض لينصرف ، يتوقف ويلتفت إلى وزيره) أرسل إلى يقطين بن موسى ليأتي غدا .
أبو أيوب : ( مندهشا ) يقطين بن موسى !! وما شأنه بالخرساني ؟
أمير المؤمنين : ( مغادرا القاعة ) ستعرف كل شيء في حينه .

                                          ( ستار )  



الفصــــل الثالث

المشهد الأول 
في منزل ( حلوان ) بالجزيرة ، يجلس أبو مسلم وحوله قواد جيشه المنتصر وأصدقاؤه يتجاذبون أطراف الحديث .
[ يدخل الحارس ليعلن عن رغبة رسل أمير المؤمنين للمثول بين يدي إبي مسلم     
                    الخرساني ]
أبومسلم : ( ضاربا يده بجبينه متعجبا  ) أمازلوا هنا ؟! ..كدت أنساهم  أنهم هنا من أول أمس . 
نيزك : إن أعباءك تجعلك تنسى حتى نفسك .
أبو مسلم : ( مخاطبا الحارس ) دعهم يدخلون .
                     [ يدخل يقطين بن موسى وجعفر بن حنظلة وسالم بن قتيبة ] 
يقطين : ( محييا الجميع ) سلام الله عليكم .
أبو مسلم : ( مشيرا لهم بالجلوس ) مرحبا بكم ..تفضلوا ..معذرة أن جعلتكم تنتظرون .
يقطين : ( يحدق في عينيه ) لقد أرسلنا أمير المؤمنين في مهمة وكنا نود ألا نمكث إلا بقدر ما تستغرق من وقت ..ولكن كرمكم أبى إلا أن نمضي طوال أول أمس وأمس قبل أن نشرع في المهمة أو نخبركم بها .
أبو مسلم : ( ينقل نظره بين الجالسين حوله وأمامه ) لا شك أنها في غاية الأهمية ..وأرجو ألا نكون أبطأنا في السماح لكم بالمثول بين أيدينا ( مستفسرا ) ما الأمر ؟ 
يقطين : ( يقف ويتقدم من أبي مسلم ويوجه حديثه للجميع بصوت مرتفع وحازم ) إن أمير المؤمنين إذ يبارك انتصار جيشه تحت قيادتكم على جيش عمه عبدالله يأمر بإجراء حصر شامل لأموال وغنائم عبد الله وجيشه ...ونرجوا أن تيسر وتساعدنا في تأدية تلك المهمة على وجه السرعة .
[ يثور لغط وضوضاء بين الجالسين من قواد جيش الخراساني ]
أبومسلم : ( واقفا وقد انتفخت أوداجة غضبا ) ما ألفنا هذا من أمير المؤمنين ..أأمناء على الأرواح خائنون على الأموال ...إن هذا لم يحدث من قبل أن يرسل أمير المؤمنينرقباء يحصون علينا ويسجلون ...( يعاود الجلوس على كرسيه غاضبا ويشير إلى صدره) لست أنا ممن يرسل أمير المؤمنين إليه رقباء و ..
يقطين : ( مقاطعا ) ما نحن إلا رسل أمير المؤمنين إليك ( يخرج رسالة من جيبه ) وهاك رسالة أمير المؤمنين مختومة بخاتمه .
أبومسلم : (يتناول الرسالة منفعلا ، ثم يلقي بها إلى نيزك فتسقط على الأرض) إن هذا لهو الأمر العجاب حقا ...ثم أن الشطر الأكبر من تلك الأموال من حق الجيش والقواد ...والغنائم أيضا من حق الجيش .
يقطين : نعم ، ولكن عبد الله لم يكن عدوا ...وماله لم يكن مال عدو ..إنه من آل العباس وماله مال آل العباس . 
أبو مسلم : ( متجها إلى قواد جيشه ) اسمعوا ما يقول رسول أمير المؤمنين ...أنتم يا من حاربتم وبذلتم دماءكم وأرواحكم  ...ما كنتم تقاتلونه لم يكن عدوا لكم ، والجيش الذي انتصرتم عليه لم يكن خصما لكم ( يتجه إلى يقطين ) ماذا يريد أمير المؤمنين ؟! ( يشير إلى قواد الجيش ) أيريد أن يسلب هذا الجيش حقه ..وأن يمحو انتصاره ويسفه فخره ، أليس هو الآمر بمقاتلة عبدالله ؟ وألسنا المطيعين ما أمر به ، والمنتصرين بسيوفنا ..ماذا يريد أمير المؤمنين ؟! أأخرج إلى الجيش معتذرا لهم طالبا أخذ حقهم ، مبديا أسفي لهم قائلا إن عبدالله لم يكن عدوا ؟!
سالم بن قتيبة : ( يتقدم وينقل نظره بين الجالسين ، يشير إلى الرسالة الملقاة على الأرض ) ما على الرسول إلا البلاغ ...وإن شئت أن نرجع إلى أمير المؤمنين برد منك على رسالته .
أبو مسلم : ( يعود إلى مقعده ، وقد وطأ رسالة أمير المؤمنين أثناء سيره ) ليس لدي رد ..فما أنا ممن ترسل إليه تلك الرسائل ...هاهو الجيش وهاهم قواده فليأت وليطالبهم بما يشاء .
جعفر بن حنظلة: ( يومئ إلى يقطين وسالم ) إذن لتسمح لنا بالانصراف فقد أدينا ما طلب منا 
أبو مسلم : ( يلوح لهم بيده ) تفضلوا .
نيزك : ( يتقدم من أبي مسلم ، ويلتفت إلى قواد الجيش ) عجبا ! أبعد كل ما قدمت يرسل لك في رد بعض الأسلاب والغنائم ...أم أن أمير المؤمنين يقصد شيئا آخر.
أبو مسلم : ( متعجبا ) شيئا ! ماذا تقصد ؟ 
نيزك : ( يلتفت إلى أبي مسلم ويومئ له بعينه ثم يلتفت إلى قود الجيش مرة أخرى ) ها قد سمعتم ما دار بين قائدكم أبي مسلم وبين رسل أمير المؤمنين ورأيتم مدى أخلاص قائدكم إلى درجة أن يعرض فيها أمير المؤمنين من أجلكم ، ولكن حذار لا نريد أن يعرف الجيش بهذا ، لا نريد أن يعرف أن أمير المؤمين يعامل المخلصين له والمتفانين في خدمته بالشك فيهم والارتياب في سرائرهم ، لا نريد للجيش أن يعرف كل هذا ، فأنتم تعلمون مدى تمسك الجيش بقائده الذي قادة ويقوده من نصر إلى نصر ..أتفهمون قصدي ؟ ( يلتفت إلى أبي مسلم ) والان لنترك القائد المظفر ليستريح ...تفضلوا أيها القادة .
أبو مسلم : ( حزينا ) أين تلك الرسالة يا نيزك ؟
نيزك : ( يشير تحت قدميه ) إنها تحت قدميك لقد ألقيتَها على الأرض .
أبو مسلم : ( ينظر أسفل قدميه ) لم ألقها على الأرض ...ولكنني أعطيتها لك .
نيزك : ( ينحني يلتقط الرسالة ويناولها له ) ربما تكون قد سقطت مني .  
أبو مسلم : ( شاردا ) أبقها معك .
نيزك : ( ملتفتا إلى أبي نصر ) مالي أراك صامتا ...أليس لك رأي فيما يحدث ؟
أبونصر : ( واضعا يده فوق رأسه ) إن ذلك الرجل لذو مكر شديد ، إنه على خلاف ما كنا نظن ، ليس الأمر أمر أموال أو غنائم ....أتفكر فيما أفكر فيه يا نيزك 
نيزك : ( مبهوتا ) إذن الأمر في غاية الخطورة .
أبو مسلم : ( متوترا) أخبراني عما تفكران فيه ...ماالذي يقصده أبو جعفر المنصور .
نيزك : ( محدثا أبا نصر ) دعنا لا نشطط في تفكيرنا إلى تلك الدرجة فإن الأمر ....
أبو مسلم : ( متوترا ومنفعلا  ) بربكما أخبراني ما هذا الأمر الخطير .
أبو نصر : ( يتقدم من أبي مسلم ) هب أنك أطعت أمر أمير المؤمنين، واسترجعت الغنائم والأموال من الجيش والقواد ما يحدث .
أبو مسلم : (مفكرا )قد يتذمر الجيش و...
أبو نصر : بل سيغضب الجيش غضبا شديدا . ..إن جيشا غاضبا لهو الشر المستطير . 
أبومسلم : نعم ، هوذا ..سلني أنا عن غضبة الجيوش . 
أبونصر : وإذا لم تطع أمر أمير المؤمنين ؟ 
نيزك : سيغضب أمير المؤمنين على هذا الذي دأب على طاعته .
أبو نصر : إذن وضعك أمير المؤمنين بين أمرين : إما أن تغضب الجيش أو تغضبه هو 
نيزك : وعلى أي  أمر من الأمرين ..فقد وجد المبرر لأبعادك وعزلك .
أبو مسلم : ( واقفا وقد وضع يده على مقبض سيفه ) هل جننتما ؟ كيف تفكران ؟ ولماذا يريد عزلي وإبعادي ...وبعد أن مهدت له طريق خلافته و ...
أبو نصر : ( مقاطعا ) هو ذا ....فقد أديت له مطلبه ..ولم يعد في حاجة إليك . 
نيزك : ثم إنك لأقوى رجل في الدولة .
أبو نصر : وأنت تعلم أن السلطان لا يمقت شيئا قدر مقته من يضارعه في القوة والبأس .
أبو مسلم : ( يتوقد غضبا ، يسير إلى منتصف القاعة ) والله إن نكث فإنما ينكث على نفسه ...والذي زرع أمرهم  لقادر على أن ينزعه .
أبو نصر : بل ننتظر .
أبو مسلم : ( غاضبا ) ننتظر ماذا ؟ 
أبونصر : لنعرف ما خطوته القادمة . 
أبومسلم : ( يحدث نفسه ) عجبا !! أصرت في حرب مع هذا الرجل ..ما كنت أظن أن يصير الأمر بيني وبينه إلى هذا ( يلتفت إليهما ) أم أن كل هذا من خيالكم وأوهامي ؟ ألا يمكن أن يكون كل هذا محض خيال وأوهام ؟ 
نيزك :(يرفع رسالة  امير المؤمنين ) وتلك الرسالة ....محض خيال وأوهام ...إن الرجل جاد في عزلك وإبعادك .
أبونصر : لننتظر لنرى عما يسفر عنه الغد ..وإن كان الأمر مثلما نحسب ...لتعد إلى خراسان ..وهناك لن يستطيع أن يمد يده وإن مدها لتقطعنها .
أبو مسلم : نعم ، إن خراسان لخير لي ...ما أقربك إلى قلبي يا خراسان .

                                   ( ستار) 




المشهد الثاني  :
في قصر الهاشمية ،أمير المؤمنين ووزيره أبوأيوب يتحاوران .

أمير المؤمنين : إذن جاهر الخراساني بعصياني .
أبو أيوب : أليس هذا ما كنا نتوقعه ؟ 
أمير المؤمين : كنت أتمنى ألا يفعلها .
أبوأيوب : لقد ركبه الغرور والعُجب يا مولاي .
أمير المؤمنين : ( ينهض يسير خطوات ، ثم يعود ممسكا بجانب من كرسي العرش ) لكم أنا 
ضنين بالخراساني على المصير الذي ينتظره ، فإني أهدم ركنا شديدا في دولتنا ، ولكنني أهدم ذلك الركن لأبقي على بقية الأركان . 
أبو أيوب : ولكن هناك أمرا يحيرني  .
أمير المؤمنين : ( يجلس على كرسيه ) ما هو ؟
أبو أيوب : الخرساني بعيد عن أيدينا الآن ، ولا نأمن ماذا سيفعل ولابد وأنه عرف بغضبك عليه بعدما صدر منه ما صدر ...ولوذهب إلى خراسان فلن نستطيع أن نقف أمامه .
أمير المؤمنين : لن يذهب إلى خراسان . 
أبو أيوب : إذن سترسل إليه جيشا ينازله .
أمير المؤمنين: لن أرسل له جيشا ..فأين الجيش الذي يقف أمام الخراساني ؟
أبو أيوب : ( يقترب عدة خطوات وجلة من الخليفة ) إذن كيف ؟!
أمير المؤمنين : ( يرفع إصبعه  يشير إلى إلى المكان الذي يقف فيه الوزير ) سيأتي الخرساني هنا بقدميه . 
أبو أيوب : ( مندهشا ) يأتي هنا !! 
أمير المؤمنين: ( ضاحكا ) لا تخف يا أبا أيوب .
أبو أيوب : يا مولاي لست بالخائف ..ولكن ..
أمير المؤمين : (مقاطعا ) الليلة لا تأو إلى فراشك قبل أن تكتب رسالة إلى ( أبي داود ) خليفة الخراساني على خراسان ، وتخبره أننا خولناه أمر خراسان دون أبي مسلم ، وعليه أن يمنع أبا مسلم من دخول خراسان بأمرنا ، وأخرى إلى ( أبي إسحاق )رئيس حرس الخراساني فكما تعلم أن للجيش قوادا يكرهون الخراساني ، فأرسل إليهم الرسل والرسائل لنضمن ولاءهم معنا ، وهم في حل من طاعة الخراساني إذا ما أمرهم .
أبو أيوب : ( مبهوتا ) ثم أي يا مولاي .. 
              [ يعلن الحاجب عن وصول أبو حميد المروزي ] 
أبو حميد : ( يتقدم من الخليفة ) سلام الله على أمير المؤمين ، لقد أرسلتم في استدعائي اليوم .
أمير المؤمنين : يا أبا حميد لقد أخترتك لتلك المهمة معتمدا على ما لديك من ذكاء وحسن تصرف وطول معرفة بمن سأرسلك إليه . 
أبو حيمد : (ينحني ) أنا طوع أمير المؤمنين ..ولكن ما تلك المهمة ؟وإلى من سأذهب ؟
أمير المؤمنين : ( يلتقط  نصلا  بجواره ويمس به على عنقه ) ستذهب إلى أبي مسلم الخراساني ومعك نفر ممن تثق بهم ، ولتبذل جهدك لتقنعه بالمجئ إلى هنا .
أبو حميد : بأي الطرق يا مولاي ؟ إنه ليس بالرجل الذي يُخدع . 
أمير المؤمنين : ( مفكرا ) مرغبا أولا ..وإذا وجدت منه التمرد فكن مرهبا ..وأخبرة بطريق غير صريح بأن لن يهد أ لي بال حتى آتي به ولو خاض البحر لخضته وراءه ولا تزدعن ذلك .
أبو حميد : متى أذهب إليه ؟
أمير المؤمين : انتظر يوما وأرحل في الثاني .
أبو حميد : سمعا وطاعة .
أمير المؤمنين : لك أن تنصرف الآن .
أبو أيوب : هل سينجح في إقناع الخراساني بالمجئ ؟ 
أمير المؤمنين : ( يغرز النصل بقوة في المنضدة الخشبية بجواره ) اقتنع الخراساني أم لم يقتنع سيأتي إلى هنا بقدميه .
أبو أيوب : لم أعلم أن الأمر بمثل تلك الخطورة إلا الآن ..ولكن أصدقك القول ...إن كل تلك الأمور التي فكرتَ فيها لم تخطر لي على بال . 
أمير المؤمنين : ( ينهض يسير خطوات نحو ركن في القاعة يمد يده يمسك بعض اللفائف الورقية ويشير بها إلى وزيره ) لأنك لست مكاني ...ولا تحمل ما أحمله ..يا أبا أيوب أن ما نفعله من خير أو شر ينتقل أثره إلى الناس ولا فكاك لهم منه ، وإنهم ليستنزلون الرحمة والسكينة إذا ما فعلناه كان خيرا، ويستمطرون اللعنة والنقمة إن ما فعلناه كان شرا ، وإن الله ليستجيب لهم ، فليس بين الله وأمة محمد صلى الله عليه وسلم حجاب ..فهي خير أمة ...ولا راد لدعوة الأخيار فيها ، والله أنني لأضن بالنوم حتى لا أغفل عن أمر من أمور المسلمين .
أبو أيوب : وفقك الله لما فيه خير الأمة .
أمير المؤمنين : والآن اذهب لتملي الرسائل على كاتبك ولترسلها مع أول نور من أنوار الفجر 
...وليعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . 

(  ستار ) 




المشهد الثالث  :
في منزل الخرساني (بحلوان) ، وفي قاعة واسعة من قاعات المنزل ابو مسلم الخرساني ، يذهب ويجيء ، يظهر عليه الاضطراب ، غفل عن ارتداء ملابسه الرسمية بوصفه قائد أعلى للجيوش العباسية ، يجلس في القاعة معه أصدقاؤه ( نيزك ) وأبو نصر ومالك بن الهيثم و ( منوشهر ) أحد قواد جيشه يسودالقاعة توتر وكآبة . 
أبو مسلم: (يلتقط بعض الرسائل يطالعها ، يقبض عليها بقوة ويلقيها أمامه على الأرض 
غاضبا  ) أيمكن أن يحدث هذا ؟! أتمنع خراسان عني وأُمنع من الذهاب إليها ...وممن ؟ من ( أبي داود) و (  أبي إسحاق) من هذين !! ( يسحق الرسائل بقدميه ) وددت لو أنني كنت سحقتهما سحقا قبل أن يأتي يوم يوجهان لي مثل هذا الكلام ..إن قدميهما كانت ترتعش وأسنانهما تصطك حينما كانا يقفان أمامي خوفا ورهبة ، ( يذهب ويجيء ) رفعتهما إلى أعلى مكانة  فإذا بهما يوجهان الطعنات إلى صدري ، وليت الأمر اقتصر على ذلك ( يتجه إلى القائد منوشهر ) بل تأتي أنت وتخبرني بالمصيبة الكبرى ..إن الجيش لم يعد جيشي ...فإذا أوامري ترد ولا تنفذ ، وانقسم القواد ما بين معارض لي ومؤيد ،وتخبرني ألا أمان على إذا خرجت إليهم .
منوشهر : لو شئت أمرتني بقتل كل من يجهر بالمعارضة والعصيان .
أبومسلم : ( يتهاوى على كرسيه ) تقتل !! تقتل نصف القوادوعلام تبقي بعد ذلك ، أيمكن أن يحدث كلهذا في تلك المدة الوجيزة ، تضيق على الأرض ، وكنت بالأمس أطوي الأرض طيا ، الإنسان لعبة في يد القدر ..يحلق بنا إلى الآفاق ثم يهوي بنا إلى الأعماق المظلمة ، يغرينا لنتقدم ونسرع الخطى ثم يطبق علينا ...إذن لعنت الدنيا ولعنمن خدع بها . ( يقف ..يسير بضع خطوات ..يدور حول نفسه ) ولكن كما هي العادة ..لا نستيقظ إلا متأخرين لنجد ما شيدناه وبنيناه حطاما وركاما ...أين أنت أيها الجواد الجامح ؟ أين انت أيها السيف الباتر ؟ أين انت أيها المارد المتعطش إلى النصر الطامح إلى الظفر ...( يرفع ذراعيه إلى أعلى ) لقد انساب كل شيء من بين أصابعي كقبضة من رمال الصحراء .
نيزك : ( يتقدم منه ) يمكنك أن تفعل الكثير و ...
أبو مسلم : ( مقاطعا ) نعم ، أخبرني ...أخبرونني كلكلم ما على أن أفعله ؟ كنتم معي في كل خطوة خطوتها ...أخبرونني الآن ..ما هو خطئي إن كنت قد أخطأت بعدهذا العمر الطويل ، وتلك التجارب العريضة ( مطرقا ) والله ما أخطأت ...والله ما أخطات . 
أبونصر : تستطيع أن تدخل خراسان خفية ، ومن هناك ندبر أمورنا. 
أبو مسلم : ( رافعا رأسه ) أتريد أن أهرب وأسير متخفيا ...أأظننت بي الخوف ...والله لو كان كما تقول لأمرتك أن تخمد خنجرك هذا في صدري ..إن الموت لأهون من أن أخطو خطوة لأرتد بها على عقبي .
نيزك : ليس هذا بالهرب ...ولكن ريثما تهدأ الأمور ونلم شتات أنفسنا ، وهناك في خراسان أعواننا لن  يدخروا جهدا لمساعدتنا .
أبو مسلم : ماقدر الله سيكون ..ولم تحمني البلاد في يوم من الأيام ..بل كنت أنا الحامي لها .
أبو نصر : ( ينهض ويدور في القاعة ) إذن ماذا ستفعل ؟ 
أبو مسلم : سأفعل ما لا ينزل الخراساني من عليائه حتى ولو تقابلت مع الموت وجها لوجه ..لقد نجح أن يغلق في وجهي جميع الأبواب ...لك الله يا أبا جعفر .
[ يدخل الحارس ويعلن عن وصول رسل أمير المؤمنين ..يدخل أبو حميد المروروزي .ووراءه سالم بن قتيبة ويزيد بن أسيد ]
أبومسلم : ( مندهشا ) خير الذي جاء بكم إلينا ..تفضلوا .
أبو حميد : خير إن شاء الله ..لقد أرسلنا أمير المؤمنين لأمرين : الأول إزالة الجفوة التي بينكماو ....
أبو مسلم : ( مقاطعا) ألا يعرف أمير المؤمنين سبب الجفوة ؟!
أبو حميد : ( ناظرا إلى نيزك وأبي نصر) إنه يعلم أن ألسنة السوء قد أحاطت بك ، تريد أن تغري العداوة بينكوبين أمير المؤمنين .
نيزك : ( محتدا ) والله ما نحن إلا ألسنة خير ونصح .
أبوحميد : ما قصدت أحدا بالذات ..ولكن هذا ما وصل إلى علم أمير المؤمنين 
أبو مسلم : ( مشيرا إلى نيزك بالصمت ) مهلا ..ولكن ماذا سيجني هؤلاء...هذا إذا كان لهم وجود . 
أبوحميد :إن كل ذي نعمة محسود..ولقد صار لكشأن عظيم في دولتنا .
يزيد بن أسيد : وهذا وحده كفيل بأن يجعل القلوب تغلي حقدا وحسدا عليك .
سالم بن قتيبة : وتسعي جاهدة بأن تزيل تلك النعمة .
أبو حميد : ولم تجد طريقا أقرب وأسرع إلى ذلك إلا بأن تغري العداوة .
سالم بن قتيبة : وإن كانوا قدنجحوا في إلقاء شيء من الجفوة لديك . 
يزيد بن أسيد : فإن أمير المؤمنين لأكبر من أن يهتم بتلك السفاسف .
أبومسلم : ( مخاطبا أبوحميد ) والأمر الثاني الذي أرسلك من أجله  الخليفة 
أبو حميد : إن أمير المؤمنين يريدك أن تحل عليه في المدائن عاجلا . 
أبومسلم : ( متعجبا ) لم ؟!
أبوحميد : لا أدري ..ولكنني أظن لمناقشتك فيبعض الأمور الهامة .
أبومسلم : ولماذا لم يرسل خطابا ..أو يرسلما يريده معك ؟
أبوحميد :هناك أمور لا تحتملها الرسائل ...ولا يجدي فيها سوى الحديث وجها لوجه ....ربما هناك مكافأة لك..أو منصب جديد ..ما بينك وبين أمير المؤمنين ..أظن لا أنا ولا أمثالي يحق لهم التدخل فيه . 
أبومسلم :(واقفا) يا أبا حميد ...أخبر أمير المؤمنين أن الخراساني لم يعد الرجل الذي يبيع نفسه لقاء  كلمة أو منصب في تلك الدولة ، لقد أضعت عمري في خدمتهم، ولم أجن شيئا ... والآن أنا سيد نفسي ولست تابعا لأحد ..ولن أعود إلى ماكنت عليه من طاعة تحلل ما يحلله بنو العباس وتحرم ما يحرمونه ..لقد ارتكبت الكثير من الفظائع لوجه بني العباس ...وعسى الله أن يغفر لي .
أبو حميد : ( يتقدم نحوه ) يا أبا مسلم لا تشق العصا على أمير المؤمين ..فليس في العصيان سوى الندم والخسارة. 
أبو مسلم : ( محتدا ) ماهذا الذي أسمعه ؟! ماذا حدث الكل ينصحونني ( أبو إسحاق ) و( أبو داود) والآن أنت  ...نعم ، ألستُ المذنب ..ألست أنا خصم أمير المؤمنين ...فأنا الملعون ..أنا المنبوذ ...ولم لا ..أليست بيده الموازين ينصف من يشاء ويظلم من يشاء ....ولكن لتخبره أني لم أعد أخشى أحدا أخبره بذلك .
أبو حميد : ( يقترب منه ويحدق في عينيه ) كنت أول من أطاع بني العباس فلا تكن أول من يشاقق .
أبو مسلم : ( ساخرا ) ومن أنت حتى تحذرني وتهددني ؟
أبو حميد : لست سوى رسول أمير المؤمنين. 
أبو مسلم : ( يشير إليه باستهزاء) نعم ، فأنت لست سوى رسول أمير المؤمنين ...مكلف بأن تبلغني رسالة ..وقد بلغتها وأديت ما عليك ...فتفضل .صحبتك السلامة أنت ومن معك .
[ ينصرف رسل أمير المؤمنين ]
نيزك : ( يقترب من أبي مسلم ويمسك يده ) ماذا أنت فاعل الآن ؟ 
أبو مسلم : ( يجذب يده )لا أدري ...أول مرة أحس أنني عاجز ...عاجز تماما .
نيزك : لا تذهب فإنه يدبر لك أمرا .
أبو نصر : ( مفكرا ) ربما يريده ليوجهه إلى معركة أخرى ..فقدخرج عليه بعض العلويين .
نيزك : إن كلام رسوله لا يبشر بالخير فلا تذهب 
أبو نصر : بل ليذهب ليرى.
أبو مسلم : ( يلوح بيده ) أيا ما كان الأمر ...فلامناص من الذهاب ..إنه الطريق الوحيد المفتوح أمامي  ..وهو الطريق الذي أسير فيه بدون أن أشعر بالذل والمهانة ...ربما تكون جفوة وتزول ، وما أراني إلا متوهما في ذلك ...أيها الحارس ...إلى بقميصي وسيفي .
[ يدخل الحارس ومعه القميص والسيف وأثناء سيره يسقط السيف فينكسر إلى نصفين ]
أبو مسلم : ( مندهشا يتناول السيف المكسور من على الأرض ) عجبا !! أكسر السيف ؟ لقد خضت به عشرات المعارك فلم ينكسر ...أينكسر هنا .
نيزك : ( يتدارك الأمر ) أيها الحارس ..أحضر سيفا آخر .
أبونصر : (يمسك بمقبض السيف المكسور .يتأمله ) إنه معك منذ وقت بعيد .
أبو مسلم : نعم ، وكنت أشعر بنوع من الصداقة والحب نحوه ...عجبا للأقدار .
نيزك : ولكن أين أنت ذاهب الآن ؟
أبو مسلم : ( يرتدي قميصه ويتقلد السيف الذي أحضره الحارس) إلى مصيري ..إلى أمير المؤمنين ...ألديك حل آخر .
أبو نصر : هذا هو الرأي الصائب ...اذهب لترى .
نيزك : إذن عليك بسيفك ...إذا وجدت  نية الغدر فاقتله وبايع بعد ذلك لمن شئت ..وستجد الكثيرين يضعون يدهم في يدك...ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله .
أبو مسلم : ( ساخرا ) أقتله ؟! بم ؟ بسيفي الذي انكسر ...أم بذلك السيف الذي لم اختبره بعد .
نيزك : إما تقتله أو يقتلك .
أبومسلم : ( يشد على يده ) يا صاح ..إنني لا أخشى الموت بقدر ما أخشى ما بعده ...ليقضى الله أمرا كان مفعولا . 
( ستار )



المشهد الرابع  :
المدائن : إحدى قاعات القصر الفسيحة ، ينفذ ضوء الصباح من النوافذ والكوات فيضيء أرضية القاعة المفروشة بالسجاد الفاخر ، ويلقي ببعض ظلاله على الجدران التي ينسدل عليها الستائر الحريرية ، وبعض الرايات  السوداء تتصدر جدران القاعة . وفي المنتصف درجتان تؤديان إلى العرش وبجانبه منضدة عليها بعض لفائف الرسائل  ..يدخل أمير المؤمنين ، وعليه بردته ، يسير بتمهل ، يصعد الدرجتين ويجلس على كرسي العرش ، وأصابعه تتخلل شعر لحيته .
يدخل الحاجب ويعلن عن وصول قائد الجيوش العباسية إبي مسلم الخراساني 
الخراساني:( يحدق في عين أمير المؤمنين ) سلاماللهعلىأميرالمؤمنين .
أمير المؤمنين : ( يشير له ) تفضلياأبامسلم...أنلتَقدراكافيامنالنوم؟
الخراساني :( يجلس) أحمدالله ....وإنكنتأرقتُبعضالوقت .
أمير المؤمنين : قليلونمنيستريحونفيتلكالحياة ..ولكمتمنيتأنأغمضعينيفيأولالليلولاأفتحهماإلافيآخره ..ولكنطوارقالهمتحولبينيوبينماأتمناه . 
أبومسلم : أبعداللهالهموالغمعنكم ...ولكنأيالأمورالتيأهمتكمإلىهذاالقدر؟
أمير المؤمنين : ( ينهضويلتقطبعضالرسائل ) الأموركثيرة ...ولكنأكثرالأمورالتيأهمتنا( يشيرإليه ) ...هوأمركأنت .
أبومسلم : ( مندهشا) أمريأنا !! كيف؟! 
أمير المؤمنين : لقدتغيرتكثيراعنذيقبل ...والمشكلةليستفيتغيرالإنسانولكنفيمايتبعذلك ...فمنيتغيرلابدوأنيسعىفيتغييرماأمامهوماحوله ( يدقالمنضدةدقاتمتواصلة ) وهناتكمنالمشكلة .
أبومسلم : (مندهشا ) أنالاأفهمشيئا !!
أمير المؤمنين : ياأبامسلم ..لقدنقضتذلكالعهدالذيقطعتهعلىنفسكأمامنا ..عهدأنتدينبالولاءوالطاعةلناوأنتنصردولتنا ...فأبدلتبالطاعةعصياناوبالنصرةخذلانا .
أبومسلم : ( يقف ) إذناليوميومالحساب .
أمير المؤمنين : وفيمتظننيقددعوتك؟
أبومسلم : عجزيعنمعرفةالسببهوالذيجاءبيإلىهنا ( يسيربعضخطواتمواجهاأمير المؤمنين) والآنتنتظرمنىأنأدفععننفسيتلكالتهملأبرئنفسي ...ولكنلتعلمنأنيللآنلمأنقضماقطعتعلىنفسيمنعهد ..فإنكانهناكنقض ..فأنتمأولمننقضوبدلوغير .
أمير المؤمنين : ( مندهشا ) أنحنأولمننقضوبدلوغير؟( مشيراإلىصدره ) نحن؟! 
أبومسلم : أنسيتأنالعهدكتببمدادالثقةعلىورقالوفاءوختمبخاتمالصدق ..فإذابكتمحوحروفالعهدبالشكوتحرقورقهفينيرانه ...لقدوضعتمكلأموردولتكمفييديواستأمنتمونيعلىدماءالمسلمين،وأطلقتميديفيكلشيءبدونرقيب ...وقدأديتواجبيوكلمنفيالدولةيشهدبذلك ..فهاهيالدعائمراسخة،وهاهيالراياتمرفوعة،وهاهمخونةالدولةمدحورون ..فإذابكتحطمجدرانالثقةوترسلإلىمنيحصيعلىالأموالوالغنائم .
أمير المؤمنين : لميكنهذامسوغالعصيانكوتمردكياأبامسلم ..وكأنككنتتبحثعنسببلتخرجعلينا .
أبومسلم : أكنتُمجبراعلىطاعتكم ...ثمأبعدقضاءذلكالعمرالطويلفيالدعوةلكم ..أقدمفيالنهايةعلىعصيانكم؟! ألمتسألنفسك ...لماذاأخرجعليكم ..وماالذيأريدأنأحققه ...إنكلأموردولتكمفييديهاتينو ...
أمير المؤمنين : وهذاماأغراكبالعصيان.
أبومسلم : ( يقتربمنه ) تلكأباطيلوإفتراءات .
أمير المؤمنين : أليسكلأموردولتنافييديكهاتين ...وظننتأنكوصلتإلىأهدافكفأمتطيتخيولالغروروالكبرياء .. وخلعترداءالطاعةلترتديرداءالعصيان ..فإذاأوامريترد ...ورسائلىإليكتداسيالأقدامعلىالملأ ( يتقدمأبوجعفرويتقهقرأبومسلم) وتسخربيوتتشدقبحديثيعلىمسمعمنرسليوأصدقائك( يعودإلىعرشه ) ياأبامسلم ..لابقاءلدولتنا ...إمانحنأوأنت ...وقدأخترتُأنتبقىدولتنا .
أبومسلم : ( متلفتاحوله،ينقلنظرهبين الخليفة والحارسينوسيفهمايلمع ) أتقتلني؟! أتقتلمنأنتمدينلهبهذاالعرشالذيتجلسعليهالآن؟! أتقتلمنأفنىعمرهفيخدمتك؟! أتقتلمنباعكلشيءمنأجلكموأجلدولتكم؟أهذاالجزاءالذيتجزينيعلىماقدمت؟ !
إذاكانتالموازينقداختلتوالقوانينقدقلبتوالضمائرقدخربتوالذممقدبيعت ..فإنهذالدليلعلىبراءتي ..وإذاكانسيفالغدروالحقدهومايوجهإلىفإنيأفتحصدريلكم ( يستديرإلىالحارسينويتقدممنهمافيتراجعانخطواتللخلف ) هاثم( يستديرإلىأبيجعفر ) مرهماأنيغمداسيفهمافيهذاالصدرالذييكنلكمالإخلاصوالحبوالتفاني ..( يشيرإلىعنقه ) أوليقطعاهذاالعنقالذيعاشدهرابينسيوفأعدائكملترتفعأعناقراياتكم...( يشيرإلىذراعه ) أوليقطعاهذاالذراعالذيبنىصرحدولتكم ..وليمزقاهذاالجسدويلقياأجزاءهفيكلبقعةمنالبقاعالتيشهدتانتصاراتيلكموليهرقادميالذياشتعلبالغيرةعلىشعاركم ...وليشهدالعالمكلهعلىالرجلالذيقدمالخيرفقطعتيده .. ودافععنكمبسيفهوردكيدأعدائكمفكانجزاؤهأنأغمدتمسيوفكمفيقلبه . 
أمير المؤمنين : ياأبامسلم ..كلمافعلتهكانبقوتنا ...وليسالفضلللسيفوإنمالليدالتيتمسكالسيف .
أبومسلم : حتىلوكنتسيفا ..أيحقلكأنتكسره؟بعدأنأنجاكمماكانيحيقبك ..وحفظكمماكانمقبلاعليك؟
أمير المؤمنين : لاحافظإلاالله ..وماضيعكإلاهذاالمنوالذيلمتتركأذناإلاوسكبتهفيها حتىزينلكشيطانكأنكالأحقوالأولىبهذاالأمردوننا .
أبومسلم : إنكمضيعحقي ..ولعناللهقوماضاعالحقبينهم ...وعنقريبستشتعلالنيرانلتأتيعلىتلكالأمةوتبددهاشيعاوأحزابا ..تائهةفيليلسرمديلاتجدلهاهادياولامرشدا ..وسيأتييومتذوقفيهتلكالأمةماأذقتهللآخرين ..وأنتياأباجعفر ..فإنيأصدعبهاأمامكلتعلمأنيلاأخافك ...فإنكظالم ...إنكظالممضيعالحق ( يقتربمنالخليفة ) ضيعكاللهكماضيعتني .
أمير المؤمنين : أكونظالمالتلكالأمةإنتركتكحيابعداليوم...ولنتشتعلنيرانكلتحرقتلكالأمةالتيأحياهاالله ( يخاطبالحارسين ) اجهزاعليهثكلتكماأمهاتكما ..اقتلاه ...
{ يجهزالحارسانعلىأبيمسلموهومستسلمتمامالسيفهما }
أبومسلم : ( يسقطمضرجافيدمائه ) ضيعكاللهكماضيعتني ....ضيعكاللهكماضيعتني ....ضيعمكماللهكماضيعتموني .
                                     ( ستار النهاية   ) 


الفهرس
الشخصيات................................................................2
الفصل الأول ................................................................4
الفصل الثاني ..............................................................32
الفصل الثالث ...............................................................56
ســــيرة ذاتـــيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة


سيرة ذاتية للكاتب 
الاسم : محمود محمد محمود القلينى
      عضو اتحاد الكتاب بالقاهرة – عضوية عاملة رقم   1977 
الهاتف : 0020453320039 
النقال  : 00201061414124 
البريد الالكتروني :elkellenymahmoud@yahoo.com
الوظيفة : مدير عام بالتربية والتعليم سابقا .
العنوان : دمنهور البحيرة - جمهورية مصر العربية 
الأعمال المنـــــــــــــــــــــشــورة : 
1- إنهم يذهبون  :                   قصص قصيرة              دار الشعب بالقاهرة –1982
2- الدجال والشيطان :              روايـــــــــــــــة              مركزمعروف بالأسكندرية –1985
3- إخناتون والكهنة :               مسرحيـــــــــــة             الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة-1995
4- محنة الإمام أحمد بن حنبل:   مسرحيـــــــــــة             الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة 1997
5- مصرع الخراسانى :         مسرحيـــــــــــة          الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة2002 
6- غائب لا يعود :                مسرحيــــــــــــة            الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة 7
7- الفكر الإسلامى ومستجدات العصر:       كتاب            المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة 2005    
8--عش حياتك سعيدا :                        كتاب                     مكتبة بستان المعرفة بكفر الدوار – 2005
9-- النساء فقدن عروشهن :                كتاب                     مكتبة العلم والإيمان بالمنصورة 2006
10- العمرية - فى رحاب عمر بن الخطاب: كتاب                    دار العلم والإيمان بدسوق 2007
11- أمير الصحافة العربية :                   كتاب                   مكتبة بستان المعرفة بكفر الدوار2009 
12- شخصية موسى النبى :                   كتاب                    مكتبة بستان المعرفة2011 
13– الإسكندرية عناقيد العشق والغضب:  رواية                    مكتبة بستان المعرفة 2011 
14- الثورة في وجدان المصريين:           كتاب                    مكتبة بستان المعرفة 2012
15- الباحثون عن الله:                         كتاب                     دار العلم والإيمان بدسوق2013
16- الخروج من الجلد:                       رواية                     مكتبة بستان المعرفة2013
17- بلد راكبها عفريت :                     مسرحية                  الهيئة العامة لقصور الثقافة 2010
18- شخصية المسيح        كتاب                   مكتبة بستان المعرفة بكفر الدوار 2014
19- شخصية النبي محمد  كتاب                 دار العلم والإيمان بدسوق 2014
20- الجنوب الهادي    رواية       الهيئة العامة لقصور الثقافة 2014
21- قيم ومعايير في أدب يوسف إدريس .  دار العلم والإيمان بدسوق . 2015
22- الذاتية في أدب المازني .              دار العلم والإيمان بدسوق .2015
23- في أدب الطفل ..المسرح .            دار العلم والإيمان بدسوق .2015
24- الخليل – عليه السلام – رحلة في المكان سياحة في الزمان  - دار العلم والإيمان بدسوق 2018

الجوائــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــز :
1- جائزة التأليف المسرحى من المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عن مسرحية محنة الإمام أحمد 
2- جائزة التأليف المسرحى من المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عن مسرحية إخناتون والكهنة 
3- جائزة التأليف المسرحى من المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عن مسرحية مصرع الخراسانى 
4- جائزة الدراسات النقدية من المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عن دراسة بعنوان ( الذاتية والقيم الوجودية فى أدب إبراهيم عبد القادر المازنى )
5- جائزة الدراسات النقدية من المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عن دراسة بعنوان ( قيم ومعايير فى أدب يوسف إدريس ) 
6- جائزة المقالة النقدية من المجلس الأعلى للثقافة عن دراسة على قصة ( الطريق ) لنجيب محفوظ 
7- جائزة من نادى أبها بالمملكة العربية السعودية عن مسرحية محنة الإمام أحمد بن حنبل 1417هــ
8- جائزة من نادى القصة بالقاهرة عن رواية بعنوان ( قوس قزح ) 2001
9- جائزة الهيئة العربية للمسرح بالشارقة الدورة التاسعة 1916عن نص مسرحي بعنوان ( غائب لا يعود ) 

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption