سوء تفاهم.. مسرحية ترصد صخرة الإنسان المغلقة للعالم الوجودي
مجلة الفنون المسرحية
سوء تفاهم.. مسرحية ترصد صخرة الإنسان المغلقة للعالم الوجودي
سوء تفاهم.. مسرحية ترصد صخرة الإنسان المغلقة للعالم الوجودي
تعد مسرحية "سوء تفاهم" أحد روائع المسرح العالمي، للروائي والكاتب المسرحي الفرنسي - الجزائري ألبير كامو، الذي حلت ذكرى وفاته السبت الماضي ، وهو أحد رموز الفلسفة الوجودية، وصديق الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر، الذي ينسب له تأسيس مذهب الوجودية الفلسفي، قدمت الإذاعة المصرية هذا العمل ضمن البرنامج الثقافي، ترجمة إدوارد الخراط، وشارك في بطولة المسرحية علوية جميل، ثناء جميل، صلاح سرحان، نادية رفيق، عبدالعزيز خورشيد، وإخراج محمود مرسي.
يقول كامو: "ماذا فعلت؟ سواء أنني أخذت فكرة وقعت عليها في شوارع هذا العصر الذي نعيش فيه"؛ الفكرة الذي وقع عليها المؤلف هنا في شوارع هذا العصر هي "العبث"، وكذلك العصر الذي نعيش فيه قد صبغ عليه آية تكريمه فقد نال كامو جائزة نوبل في 1957، وهو لم يستكمل الرابعة والأربعين من عمره؛ مهما كان موقفنا الفكري والخلقي من هذه المسألة، فلا شك أنها جديرة بالبحث والتأمل، وتنبغي لنا المعرفة في مصر قبل هذا البحث والتأمل عن مهام هذا العصر الذي نعيش فيه ومن هو كامو.
نلتمس في هذا المسرحية التي تدور فكرتها المحورية حول تساؤله ما هو "العبث"، فقد يبدو غريبا أن العبث عنده ليس إلا اسم لسوء التفاهم، ويرى أنه يملك مفتاح موقف الإنسان كله من هذا العالم، والكون الذي يعيش فيه الإنسان هو عالم سخيف غير معقول، ويقول كامو: "إن العالم في حد ذاته ليس معقول ذلك كل ما يمكن أن يُقال، ومهما جاهدت أن أفهم الأشياء تأكد استقلالها عني ولا مبالاتها الجذرية بمصيري، وأقداري، وغايتي الخاصة، وتأكدت غربتها عني، وجهلها بي، وإنكارها لوجودي"؛ يؤكد لنا المؤلف أن الإحساس الوجودي الذي وقع عليه في شوارع عصره، أنه إحساس نابع بلا شك من قلق هذا العصر، وأزمته التي لا شك فيها أيا كان فهمنا لهذه الأزمة.
قد يبدو هذا العالم الوجودي صخرة مغلقة متحجرة لا سبيل إلى فهمها، أي غريبة عن هذا الإنسان الذي يعيش في قلبها، كل اندفاع حساس نحو الفهم وتبرير هذا الوجود بينها سوء تفاهم لا يمكن أن يحل بين الكون والإنسان تعارض بين الغرابة الصخرية لهذا الكون هذه اللامبالاة التي تقف فيها هذه الأشياء جامدة مقفلة على أسرارها وبين الطوق المنفعل عند الإنسان للفهم والوضوح.
يرى كامو أن كثافة هذا العالم وغرابته واستعصائه على الفهم وانفلاته من الإدراك هو "العبث"، والمعروف عن العبث هو أن يقف الإنسان وجها لوجه أمام ما هو غير معقول في هذا العالم الوجودي، والعالم كله شيء غير معقول بينما تؤرق للإنسان رغبة جامحة لتعقل والفهم، ومن الحنين للفهم ومن التقائهما ينبثق العبث، ولكن ليس نهاية الموقف الإنساني عند كامو بل بداية له، كما يجد الرد عليه في المواجهة وليس الفرار، أي ما يسمى بالكرامة الإنسانية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق