الروائي اليوناني نيقولاس كازانتزاكيس بين المسيح يصلب من جديد --- و زوربا اليوناني / جوزيف الفارس
مجلة الفنون المسرحيةالروائي اليوناني نيقولاس كازانتزاكيس بين المسيح يصلب من جديد --- و زوربا اليوناني / جوزيف الفارس
( يقول الكاتب والفيلسوف اليوناني نيكوس كازانتزاكيس :
علينا جميعا ان نتخلى عن الامل , لاننا غالبا ما نخسره , ونخسر معه الرغبة في المحاولة من جديد , السعي المضني , والبحث المستمر بغض النظر عن النتائج سلبية كانت ام ايجابية , هو ما يجب ان نصبو اليه دائما , حتى نستمر في المضي قدما )
المقدمة :
حينما اشرقت شمس صباح يوم ولدت في مدينة الموصل , وقتها استبشر اهلي , والدتي ووالدي وشقيقاتي خيرا بولادتي والذي رسم الفرحة على وجوه جميع من شاركوا اهلي بفرحتهم , والسبب كونني ولدت على راس تسع بنات , يعني بالشعبي الدارج ( اجا على راس تسع بنات ) , وصادف في ذالك اليوم ان هناك فرح لزواج احد الاقرباء , فلما سمعوا بخبر ولادتي عندها اصبح الفرح فرحين كون المولود ولد , وجعلوا يصرخون ويهتفون ( توما اجاله ولد توما اجاله ولد ) , وهذه عقلية اهل ذالك الزمان والذين توارثوا هذا الشعور المفرح عن اسلافهم وذويهم , وتواصلت هذه المشاعر مع مرور الزمن , اعتقادا منهم بان الاناث هن من يتسببون في العديد من المشاكل الاسروية والاجتماعية , اضافة الى ان الفتات لا يدوم استقرارها عند والديها , بقدر ما ستكون في يوم ما زوجة لاحد الشبان وبعدها ستنتقل الى دارها الجديد مع زوجها واسرته .
اما الذكور اي ( الولد ) وبموجب اعتقاد اهل ذالك الزمان انه وكما يقول المثل الشعبي الدارج ( الولد حزام ظهر ابوه ) لانه حينما يكبرسيكون معيلا لوالديه , وهكذا ومن خلال هذا الاعتقاد والتفكير الاجتماعي والذي كان سائدا انذاك , وضمن مرحلة الاربعينيات شاعت مثل هذه الظاهرة , والمتعارف عليه انذاك ان الطفل المولود حديثا لا يعلم شيئا عن ولادته وعن اهله وعن ذويه وعن بيئته وقوميته وديانته المتوارثة والتي ينشأ على التاثر بها وكما هي العادة عند العديد من الكتاب والمثقفين والادباء والذين يتاثرون بالبيئة الاجتماعية وبالمرحلة التي يمرون بها , ان كانت مرحلة ثقافية او سياسية او دينية .
هذه المقدمة اسوقها كعرض استهلالي لما وجدته عند الكثير من الادباء والفنانين والسياسيين , والذين فيما بعد اصبح لهم شأنا في الحياة الاجتماعية والدينية والسياسية والثقافية , وهم لم يكن لديهم علما عما سيضمره المستقبل عن شهرة لهم .
وعندما كبرت ونشأت , وكما هو الحال عند معظم شباب تلك المرحلة , اي مرحلة الاربعينيات , تاثرت باصحابي واصدقائي , وبهواياتهم الثقافية والفنية والادبية وغيرها , عندها ساقني هذا التاثير الى نهج منهجهم الثقافي والفني والادبي , فبدأت ا كتسب من الكتب والقصص والروايات الادبية ثقافة اثرت بمستقبلي الثقافي , ولهذا تاثرت بالمناهج الثقافية والفنية , واصبحت اطالع مختلف الكتب والتي كانت تقع بين يديا من التي كنت ابتاعها من المكتبات , او تلك التي كنت استعيرها من صديقي مهدي ابو صالح , ولاسيما القصص البوليسية والتي تتحدث عن الجرائم لكونها تتناول مواضيعها باسلوب يعتمد على الاثارة والتشويق كقصص ارسين لوبين , والكاتبة اجاثا كرستي , وغيرها من الروايات والقصص المثيرة والتي كانت تشدني بتفاصيل احداثها المشوقة .
اضافة الى مشاهداتي للعروض السينمائية والتي لعبت دورا في مسيرتي الفنية وجعلتني اعيش احلاما لاحاكي من خلالها ابطالها من الفنانين العالميين والعرب , انما وللحقيقة تقال , لم اكن اعلم ماسيظمره لي المستقبل نتيجة تاثري بالكتاب العالميين والعرب , وكذالك لم اكن اعلم عن مسيرتي الفنية والتي جعلتني احد رواد المسيرة الفنية في العراق نتيجة متابعاتي لمشاهدة الافلام السينمائية والبرامج التلفزيونية , والاستماع الى البرامج الاذاعية , فلقد احببت المطالعة لمختلف الكتب والمؤلفات والتي لعبت دورا في تنمية شخصيتي , وصقل مواهبي , واكتسابي الثقافة التي اهلتني ان اكون بمثل ما انا عليه من الثقافة المتواضعة والتي اكتسبتها من الخبرة والتجربة لاساهم من خلالها في خلق مسيرة فنية وثقافية في وطني , ولهذا قد تاثرت وبما كنت اقرأ من المسرحيات العالمية والعربية , واكتسب منها خبرة وتجربة وثقافة زادتني من هذه التجربة المتواضعة لاكون وكما كان بقية زملائي من الفنانين مساهمين ومجددين في مسيرة الفن العراقي .
لقد اطلعت على نصوص عادل كاظم , ومحي الدين زنكنه , وطه سالم , ويوسف العاني , اضافة الى اكتسابي خبرة وثقافة من الاساتذة الرواد منهم ابراهيم جلال , وجاسم العبودي , وجعفر السعدي , وبهنام ميخائيل , وبنيت اساسا ليعلو عليه بناء ثقافتي وتجربتي الفنية , ومن ثم اطلعت على كتابات تشيخوف , وشكسبير , وموليير , وابسن , والبير كامو , وبرنادشو , وكذالك تتلمذت على يد الاستاذ المرحوم بهنام ميخائيل ومدرسة ستانسلافسكي , وبرشت , وقارنت مابين المدرستين , واسلوب كل منهما في التطبيق العملي , وشاركت في العديد من الاعمال المسرحية منها : عدو الشعب , ويوليوس قيصر , وهاملت , والعادلون , وتاثرت وبما كانت تطرحه نصوصهم , انما للحقيقة انا تاثرت بثلاث مسرحيات , اولهما مسرحية عدو الشعب اخراج بدري حسون فريد , ومسرحية الحصار ايضا اخراج بدري حسون فريد , ومسرحية المسيح يصلب من جديد من تاليف كازانتزاكيس والتي اخرجها المرحوم د . عوني كرومي --- لقد اطلعت على اسلوب كتابة هذا الكاتب ( كازانتزاكيس ) وكيفية طرحه للمضمون وبما يتناسب مع تفكيره وتاثيراته الدينية والاجتماعية .
لقد ساقني الاعجاب للاطلاع على مدرسة هذا الكاتب العبقري , وعن اعماله الروائية والمسرحية والتي ابهرت مخرجي السينما العالمية , متمخضة عن فيلم زوربا اليوناني والمسيح يصلب من جديد .
لقد ولد هذا الكاتب العبقري في اليونان , ونشأ على فلسفة تاريخ حضارتها وكتابها من اسخيلوس ويوربيدس وسوفوكليس , وتاثر بثقافة ما طرحه المسرح اليوناني وعباقرة عصره من المرحلة التاريخية المتقدمة من مرحلته الحياتية , واضاف من خبرته وثقافته على ما اكتسبه , ليخرج للعالم نصوصا فيها من التجديد والتحديث والتطوير , اضافة الى ارائه الخاصة واجتهاداته الشخصية وافكاره التي اكتسبها من ضمن مرحلته السياسية , مضيفا لها مايملكه من الثقافة الحياتية والعقائدية , انه مسيحي المنشأ , انما هو انسان روحيا , يناشد الروح ويناجيها , شاكيا لها معاناته من مراحل الحياة القاسية والتي يعيش تناقضاتها الفكرية والعفائدية , انه مجدد لهيكلية اسلوب الكتابة , ورساما حاذقا لمعالم شخوصه التي يبنيها ومن خلال الافكار الايجابية والمتناقضة مع العقائد الدينية , يؤمن بالانسان الذي يكتسب تجاربه من الحياة , ويتاثر وبما حوله من البيئة والمجتمع , ويقارن مع نتائج بحوثه الذي توصل اليها , من وجهة نظره , هي الحقيقة الجوهرية والمضمون الذي يخدم الانسان في حياته , انه يتعلم من الامي جهله , ومن العبقري علمه , ويجانس مابين الاثنين ليخدم ومن خلال ما يتوصل اليه مجتمعه , لم يكن ينحاز لمجتمع واحد , بقدر ما يؤمن بان على الانسان ان يحب الحرية ومن خلال تواجده في اية بقعة من بقاع الارض , ولهذا نراه يتاثر بالماركسية ’ وبالافكار اللينينية , وبالوجودية , ويستخرج منهم مدرسة يجسد فيها افكاره وتاثراته , لقد تنبأ كل من كان يراقب طفولته بمستقبل له شان في تاثيراته الادبية على العالم اجمع .
كان يراقب والدته والمتواجدة دوما امام ناظريه وهي منهمكة بحياكة جواريب له ولاخوته , او انها مشغولة في تهيأة الطعام لهم , اما عن والده , فهو كان مكرسا حياته خارج العائلة .
كانت حياته مليئة بالفرح والسرور مع ابناء قريته وهم مجتمعين في غرف بعض الدور الصغيرة , يتسامرون باحاديث الساعة والماضي من مراحل حياتهم , وعلى اصوات المطر والرعد والبرق , كانت قريتهم جميلة جدا , مليئة باشجار الفواكه والاثمار , بحيث لعبت دورا كبيرا في حياته البيئية .
لقد كان كزانتزاكيس يراقب الناس وينتقد اعمالهم ومعتقداتهم والتي كانوا يجاهرون بها ومن دون التمسك بها والتعامل من خلالها في حياتهم اليومية , ولهذا ترسبت وتراكمت هذه التاثيرات ونتج عنها نصوص كتاباته والتي ابهرت الادباء وعالم هوليود , ويكفي ان كبار الممثلين من ابطال هوليود شاركوا في تمثيل رواياته من امثال مارلون براندو وانطوني كوين في باتا وزوربا اليوناني , والتي انطلقت السينما العالمية بهذين الفلمين واللذان اعجبتا النقاد والصحافة , لقد اراد في رواية زوربا اليوناني ان يترجم حالة من الواقع مؤكدا على ان الحياة متوقف تطويرها على الايادي العاملة ولا سيما في البناء الاقتصادي والعمراني , وكذالك على المفكرين و المثقفين والذين يقودون هذه الطبقة العاملة من اجل البناء والاعمار , فالعامل ( انطوني كوين ) في فيلم زوربا اليوناني رغبته في محاولة اعادة بناء المنجم والذي كان يملكه والد صديقه المثقف , والذي التقى به في سفرة الى كريت القرية المراد تعميرها وانتقاد رجال الدين والذين لم يكن هدفهم الا الاستناد على بعض ماورد في الكتاب المقدس لينثروها على ابناء القرية لاستغلالهم , انما زوربا اليوناني الذي وقف ضدهم مناصرا للفقراء ومحررا لهم من استعباد رجال الدين لهم .
لقد عاش زوربا اليوناني الحياة المبنية على الحرية , ولهذا كان يشتاق لاستنشاق الهواء والرقص في الهواء الطلق لينطلق برقصته المشهورة زوربا , على انغام الموسيقى والتي بقيت متعلقة في اذهان المشاهدين للفيلم .
لقد رسم كازاندزاكي شخوصه من واقع الحياة المؤمن بها , وتجلت افكاره من خلال شخصية عامل المنجم ( انطوني كوين ) والاستاذ المثقف صديقه , حيث شرعا بمساعدة عمال كريت وحثهم على مقاومة الذل والهوان , والتي كانوا يتلقونها من رهبان دير كريت , من خلال استغلالهم الشعائر الدينية لمصالحهم الخاصة , لقد حارب الاجتهادات الخاصة , والتي ليست من جوهر الكتاب المقدس , ولا هي تخدم الانسان المؤمن الحقيقي , لقد كانت اعمال رجال الدين في اليونان , ضمن تلك المرحلة , تعتمد على طقوس دينية دنيوية , بحيث اصبحت كتقاليد وعادات يؤدونها ضمن المناسبات الدينية , انما مثل هذه العادات والتقاليد , لم تكن تنطلي على هذا الذي كان يراقب وعن كثب كل تحركاتهم هذه , والتي ادخلت على العبادة وهي اجتهادات شخصية , لم تكن مذكورة في الكتاب المقدس .
كان كازاندزانكي له عالمه الخاص , يبنيه من واقع مجتمعه , ومن اطلاعاته على معظم الكتب القديمة منها والحديثة , ولهذا تراه يثور ثورة عارمة في مسرحية ( المسيح يصلب من جديد ) , هذه المسرحية الذي ينتقد ايضا ومن خلال احداثها رجال الدين والذين لا يطبقون تعاليم السيد المسيح والمبنية على المحبة والتاخي , التعاليم التي حارب من خلالها الفساد والزنى والقتل والسرقة , منتقدا الحروب ومناصرا ومن خلال تعاليمه السلام .
لقد تدهورت اوضاع الانسان , بعدما حكمت الكنيسة ردحا من الزمن بتعليمات اجتهادية , لا تمت الى حقيقة الدين الجوهري , ولقد اكد هذا العبقري كازاندزانكيس في مسرحية ( المسيح يصلب من جديد ) والتي سطر من خلال احداثها ملحمة النقد والتجديد , وبموجب رؤياه التي استخلصها من روح وجوهر تعاليم السيد المسيح .
تبدأ المسرحية بعرض استهلالي , وعلى عادة كنيسة القرية في احتفالها السنوي بمناسبة عيد القيامة , حيث يبدأ الكاهن بتوزيع ادوار المسرحية المختارة على من يتاهلون بتجسيد الادوار الايجابية وكل منهم وبموجب استحقاقه الايماني , ليجسدوا احداث الالام , فمنهم من اخذوا ادوار التلاميذ, ومنهم من اخذ دور يهوذا الاسخريوطي , واخر اخذ دور المسيح , واحداهن من العنصر النسوي اخذت دور كاترينة الزانية , والتي جسدتها بابداع واتقان الفنانة مريم الفارس حينما عرضت من على مسرح بغداد من اخراج د- عوني كرومي .
لقد نسج المؤلف اليوناني احداث المسرحية باتقان , حيث جسد تلك الاحداث من خلال رؤيته والتي تتمثل , بان المجتمع له تاثيرات سلبية وايجابية على افراده , حينما صنع يهوذا الاسخريوطي والذي جسد شخصيته الفنان المبدع عزيز خيون , حينما وقف في وسط الجموع وهو يصرخ باعلى صوته : انتم صنعتم مني يهوذا , وهذا مايؤكده كازاندزانكي في فكره وعقيدته , حيث يؤمن بان المجتمع هو الذي يصنع الخير والشر وبتاثير من لهم سلطة متنفذة عليهم , والعديد من افراد هذا المجتمع يقعون ضحية هذه السلطة ظلما , وكما حدث مع كاترينا الزانية حينما اراد المجتمع ان ينفذ حكم الموت عليها برميها بالحجارة , وانما الذي وقف بحزم وشدة امام هذا القرار هو من قام بتجسيد شخصية السيد المسيح قائلا ( من منكم بلا خطيئة فاليرجمها باول حجر ) هذه المقولة والحكمة والتي نطق بها السيد المسيح جعلت جميع من اراد تنفيذ حكم الموت ان تسقط الحجارة من ايديهم ويولون هاربين , ولم ينفذ حكم الموت بحق كاترينة , وهذا مايؤكده كازاندزاكيس في هذه المسرحية , انه يؤمن بان المجتمع في بعض قراراته المجحفة هو الذي يحكم على افراده بعقوبة على جرم لم يرتكبها .
ومن جانب اخر اراد هذا الكاتب العبقري تطبيق ( اذاكنت مسيحيا مؤمنا , فترجم ايمانك المسيحي بافعالك ) في مشهد جميل بنى هذا الكاتب احداث مشهده بصراع متنامي , فيه من الاثارة والشد عندما خلق صراع بين كاهن القرية , وكاهن اخر , اراد اللجوء الى القرية ومع رعيته , انما لقي معارضة من قبل كاهن القرية على قبول لجوئه الى قريته , لقد اراد كازاندزانكيس ان يجسد سلبيات اعمال بعض الكهنة وخلق نموذج حقيقيا وواقعيا كمثل كاهن القرية والذي رفض احتواء الكاهن الاخر مع رعيته وبالرغم من انهم مسيحيين مظطهدين من قبل بعض الاعداء والذين هربوا ومن خلال الضغط مما اظطروا الى طلب اللجوء الى هذه القرية, الا ان كاهنها رفظ لجوئهم .
اراد هذا الكاتب ان يعلن وعن طريق مسرحية المسيح يصلب من جديد , بان السيد المسيح مازال حيا على هذه الارض , وانه في كل يوم يصلب صلبا جديدا ومن خلال رفض بعض رعاياه من المؤمنين للبعض الاخر , وهو الذي قال : ( لقد وجدتموني عريانا فلم تكسوني , ووجدتموني جوعانا فلم تطعموني , ووجدتموني مريضا فلم تزوروني , فسالوه التلاميذ مستفسرين , متى يامعلم رأيناك على مثل هذا الحال ولم نقدم لك المساعدة ؟ فاجابهم , الذي لا تقدموه لاخوتي من المؤمنين هو نفسه الذي تفعلونه بي ) .
ان هذا الكاتب اليوناني العبقري , لم يكن ملحدا , بل مؤمنا , وعن حق , انما كان معجب بالافكار اليسارية , لقد كان معجبا ب ستالين , وب لينين , وانما اعجابه هذا لا ينفي رغبته في التغيير والتطوير من اجل خدمة الانسان وقضيته اينما كان متواجدا من هذا العالم الواسع .
فهو الذي قال ( دع الناس مطمئنين , لا تفتح اعينهم , واذا فتحت اعينهم , فما الذي سيرونه ؟ بؤسهم ؟ دعهم اذن مستمرين في احلامهم , الا اذا كان لديك عندما يفتحون اعينهم عالما افضل من عالم الظلمات الذي يعيشون فيه الان , فلك الحق ان تفعل .
ان هذا العبقري الروائي اليوناني نيقولا كازاندزاكيس , استطاع ان يرسم معالم شخصيات رواياته بحكمة , وبشكل حقيقي , وبعيدا عن الزيف , بقدر ماكان يرغب تقريب الواقع باحداثه الحقيقية , وكما جسدها زوربا اليوناني , وشخصية الكابتن ميخايليس في روايته ( الحرية او الموت ) .
لقد ولد هذا العبقري نيكوس عام 1883 واشتهر بروايته زوربا اليوناني والتي انتجت سينمائيا مع المخرج مايكل كاكويانيس , حيث ظهرت عبقريته الادبية في روايته الثانية حينما انتج له فيلما اخر عن روايته الجديدة الاغواء الاخر للسيد المسيح للمخرج مارتن سكورسيزي , لقد تاثر هذا الكاتب العبقري بالاديب والشاعر الالماني نيتشه , حيث ظهرت تاثيرات هذا الشاعر على افكار كازانديزاكي , وجعله يغير نظرته الى الدين والاله , وبالرغم من ان كازاندزانكيس لم يكن ينتقد الدين بقدر ماكان ينتقد رجال الدين , والذين اتخذوه غطاءا وستارا لتمرير ماربهم ومصالحهم الشخصية , لقد اصبح هذا الكاتب ومن خلال افكاره اليسارية زعيما لحزب يساري , وذالك في عام 1945 حيث دخل في العام نفسه الى الحكومة اليونانية وزيرا بدون حقيبة , الا انه استقال منها في عام 1946 , وشجعته جمعية الكتاب اليونانيون للحصول على جائزة نوبل للاداب سنة 1957 الا انه خسر الجائزة لالبير كامو بفارق صوت واحد .
هذا العبقري اليوناني اصيب بمرض سرطان الدم , ولم يمهله هذا المرض , حيث توفي , وهكذا خسرت اليونان اديبا وكاتبا وفيلسوفا , الا ان الكنيسة الارثوذوكسية رفضت دفنه في مقابرها , حبث انه دفن في جدار المحيط بمدينة هيراكليون بالقرب من بوابة خانيا , وهكذا ترك هذا العبقري ارثا ادبيا مازال الادباء والشعراء يترنمون به , الا وهو زوربا اليوناني .
0 التعليقات:
إرسال تعليق