الإنتاج التركيبي للصورة عند صلاح القصب / د. البروفسور حسين التكمه جي
مجلة الفنون المسرحية
الإنتاج التركيبي للصورة عند صلاح القصب
في لقاء صحفي مع الدكتور صلاح القصب حول مفهوم المسرح الرقمي واليات انتاج الصورة الرقمية , يطرح القصب وجهة نظر اخراجية وعلمية جديدة , أرى انها بديلا علميا لما آلت إلية الصورة في مسرح ما بعد الحداثة , وانهاء ما تم تثويره من مفاهيم تراوح في محلها دون ان تتقدم خطوة واسعة لمفهوم المسرح الرقمي , يطالعنا القصب بوجهة نظر جديدة هي من مخاصب مسرح الصورة والتي شكلت بدورها في المسرح المعاصر توجها فكريا وفلسفيا وجماليا ودراميا شكل قفزة كبيرة في توطينها للخطاب البصري .
حينما ترك القصب (وهو الأهم ) لقوة الخيال الخصب والمخيلة الهيمنة على الصورة لتوكيد شعر الفضاء المسرحي بالمونتاج , مستنفرا بالخيال المولد للاستدعاء الاف الصور المتراكبة ضمن حاضن المونتاج الصوري لمقطع او مقطعين صغيرين من أي نص درامي , محاولا اخضاع وتوظيف كل التقنيات الرقمية المنتجة والمنتخبة من الآلات في محاولة اجبارها عقليا وذهنيا باستجابتها لإنتاج صور متداخلة ومتراكبة لمشهد واحد ضمن محاضن رؤية فلسفية ونقدية وجمالية , لاستظهار أكثر من معنى لفهم المشهد من أوجه متعددة , بإعادة حفر واستنهاض الذاكرة التأملية الخصبة في مونتاج صوري متراكب محاولا استظهار قيمها الداخلية وثيماتها المدفونة والمدججة بالمعاني غير الظاهرة وفق نظام التراكم الكمي والنوعي للصورة التي تنهال متجددة لرسم أفكار ورؤى جديدة لذات المشهد , حينها يمكن قراءة الصورة من أوجه متعددة في أن واحد تحت زمن العرض المسرحي , ولعل هذا الاتجاه الذي يدعو الية القصب قد استند بالأساس الى شعر الخيال الخصب التي تخفيه الذاكرة الإبداعية دون سيطرة الآلة التعسفية مهما كانت , حيث يمكن حتى لعناصر الصورة المرئية ان تتحرك اميبياً لكن بصيغ صورية متجددة وليس أعادة اجترار للصورة او تهشيمها بقدر ما هو اعادة تحميل الصورة اكثر من معنى استدلالي أو رمزي او علاماتي في الوقت ذاته , وذلك ما ينبغي لمسرح ما بعد الحداثة الركون اليه بدلا من فوضى الأساليب التي دمرت الصورة والغت الخطاب النصي بتحويله لخطاب بصري متشظي لا يستند الا على الحكم الجمالي سيما ان الحكم الجمالي لا يقوم إلا على الحسي والفكري والفلسفي معا ,ان الصورة في مسرح ما بعد الحداثة تدعو الى موت الصورة او انتحارها بدلا من ان تعيد تراكيبها الجديدة بمعاني حياتية وشعرية جديدة كما يدعو لها القصب بدلا من موت المؤلف ,فللصورة الف معنى حينما تثور مخاصب جوهرها الفكري الذي يوالد ذاته من ذاته ضمن صيغ المونتاج التركيبي .
0 التعليقات:
إرسال تعليق