أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 31 أكتوبر 2021

العرض المسرحي «فريدة»: عن الحياة وحلم انتصاراتها الزائف - محمد عبد الرحيم

مجلة الفنون المسرحية


العرض المسرحي «فريدة»: عن الحياة وحلم انتصاراتها الزائف

 على مسرح الطليعة في القاهرة، قاعة (صلاح عبد الصبور) يتم تقديم العرض المسرحي «فريدة» ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح المصري في دورته الرابعة عشرة. والنص مأخوذ عن النص المسرحي «أغنية البجعة» لأنطون تشيخوف، المكتوب عام 1887. وهو نص ينتمي إلى مسرحيات الفصل الواحد، وجاء عنوانه وفق أسطورة يونانية تقول، إن البجعة تغني أجمل أغانيها قبل موتها مباشرة. وهو هنا إحالة إلى حالة (البطل) الذي يسترجع حياته في لحظات زمنية متفرقة، هي مدّة العرض المسرحي. وإن كان تشيخوف قد جعل من شخصية العمل ممثلا اقترب من السبعين، غادرته الحياة قبل أن يُغادرها، ونظراً لطبيعة هذه المهنة، فإن الممثل يعيش حيوات لا تحصى، نتيجة تجسيده لشخصيات عديدة ومتباينة، لكن في النهاية يقابل حياته/نفسه في النهاية، وقد ضاع منه كل شيء.. تصفيق الجمهور، الشهرة، المال، الحب، وجوده نفسه، والذي أصبح لا يعرف بالضبط، هل كان يعيش هذه الشخصيات، أم أنها هي التي عاشت واقتاتت على أيامه التي أصبحت معدودة.
هذه الحالة تتماس وحالات أخرى كثيرة، دون الاقتصار على مهنة التمثيل، فالبعض تأتي لحظة ليواجه نفسه في صدق، محاولاً اكتشاف حياته، كيف كانت وكيف انتهت. هذا النص/الحالة التي كتبها تشيخوف قبل أكثر من مئة عام، لم تزل صالحة للعرض المسرحي وستظل.
عرض «فريدة» أداء عايدة فهمي، ديكور وإضاءة عمرو عبد الله.. موسيقى محمد حمدي رؤوف. تصميم ملابس شيماء عبد العزيز.. ماكياج روبي مهاب.. إعداد وإخراج أكرم مصطفى.

النص المسرحي

أدخل مُعد ومخرج العرض، عدة تعديلات على نص تشيخوف، بالاعتماد فقط على ممثل وحيد، ليجعل منه مونودراما، بخلاف النص الأصلي، الذي اعتمد على ممثلين.. الشخصية الرئيسية وأحد عمال المسرح القدامى، كذلك تم استبدال شخصية الرجل في النص بشخصية امرأة (ممثلة) في العرض المسرحي، الذي حمل اسمها.. (فريدة). وهنا تتم الاستعاضة عن شخصية أخرى، بمجرد صوت شخصية أخرى تتحدث عبر هاتف الممثلة، وتصبح هي أساس الإيقاع المسرحي وتحول حالات بطلته، بمعنى.. حقيقة ما تعيشه الآن، والماضي الرائع الذي تتخيله، وتحاول أن تحيا من خلاله ولو للحظات. فالشخصيات الأخرى، سواء الحقيقية كالصديقة أو عمال المسرح، أو المُتخيّلَة المخرج ومساعده، كلها عبارة عن أصوات، دون الحضور المادي لهم، ليصبح المسرح ساحة منفردة لفريدة وعالمها الزائل.

العرض المسرحي

يبدأ العرض باستيقاظ فريدة من بين كواليس المسرح، وقد تناساها العُمال، والساعة اقتربت من الثالثة صباحاً، وعن طريق اتصال هاتفي من صديقتها، التي لم ترها منذ ثلاثة أشهر، نعرف أن فريدة توسلت إلى المخرج لتحضر إحدى البروفات، لكنها ملّت واختبأت بين الكواليس متحسرة على ما فات من أمجادها على هذه الخشبة، التي تعرض الآن تفاهات من خلال ممثلين متوسطي أو عديمي الموهبة.
وفي صوت واهن وضعف جسماني، نعرف أن فريدة تعاني من عدة أمراض مزمنة، وأنها لم تزل تشرب الخمر، وتحذرها صديقتها بوجوب رحيلها عن المسرح وعودتها إلى البيت، خشية تفاقم حالتها الصحية. وتبدأ فريدة في أخذ جرعات من زجاجة الخمر الصغيرة التي لا تفارقها، ولتبدأ معها ذكرياتها مع المسرح، وأدوارها التي لا يتذكرها سواها، متنقلة بين عدة أدوار كلاسيكية ومصرية، فنراها تجسد مشاهد لـ»الليدي ماكبث|، «ميديا» «نعيمة» «عاهرة» و»نزيلة مستشفى للأمراض العقلية» تحاول إقناع الجميع بأنها في حالة عقلية سليمة، وأنها ستمتثل لأوامر الجميع، فقط.. تريد العودة إلى بيتها. هذه العودة التي لن تحدث، مهما تذللت المرأة، سواء لطبيبة المستشفى أو مخرج العرض الوهميين، حتى تصل إلى بيتها/المسرح/حياتها الحقيقية. وتتواتر الحالة ما بين صوت صديقتها على الهاتف، وما تؤدية من شخصيات، حتى يتم اكتشاف وجودها داخل المسرح، وفي هذا الوقت المتأخر، ليدخل صوت غاضب مندد بوجود أحد في الداخل، لتقر المرأة بأنها غفت غير متعمدة، وتطلب منه متوسلة إيجاد عربة تعود بها إلى البيت، فالوقت متأخر، وهي خائفة. ثم تغادر المسرح مُلملِمَة أغراضها كيفما اتفق، الجاكيت، الشال، الحقيبة الشخصية، وكلها ملوثة بالتراب العالق على الأشياء، وكأنها ذاهبة إلى قبرها.

فريدة

رغم تماسك النص المسرحي بعد تعديلات النص الأصلي، إلا أن العرض يقوم بالكامل على الممثل، خاصة أنه استعراض للمهارة والقدرة على تنوع الحالات النفسية، بداية من الأداء المختلف، والتنوع الصوتي والجسدي المصاحب لكل حالة. كذلك الانتقال من حالة الضعف والوهن (الواقع) كلما جاء الصوت في الهاتف، مؤكداً حقيقة وضع المرأة وحالتها الصحية، وبين القوة والحيوية (الحلم الزائف) عندما تؤدي فريدة شخصياتها السابقة على المسرح. هذا التنوع الأدائي جاء دون تكلف أو اصطناع، ودون الوقوع في فخ التراجيديا، بل تم تقديم ذلك في حالة من الاستخفاف بالواقع، وأن حالة الحلم ـ مهما كانت نتائجها ـ جديرة بأن تُعاش، رغم لحظات الندم، ومهما كان ثمنها، حتى لو كانت الحياة نفسها.

العرض المسرحي «فريدة»: عن الحياة وحلم انتصاراتها الزائف
----------------------------------
المصدر :القاهرة ـ القدس العربي

الخيال والتلقي / د.جمال ياقوت

مجلة الفنون المسرحية 


الخيال والتلقي

بعد كل ماسبق، أعتقد أننا ندرك قيمة الخيال لجميع المشاركين في العرض المسرحي، من المخرج للمؤلف للممثلين لمصممي العناصر المرئية والمسموعة، كل هؤلاء يعملون خيالهم من أجل تحقيق الدهشة التي تثير ذهن المتلقي وتجعله أسيرًا لما يجري على خشبة المسرح من أحداث، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يمكن أن يثير مشهد مسرحي خيال المتلقي؟ إن الإجابة السهلة السريعة على هذا السؤال هي بالطبع نعم، يمكن أن يحدث ذلك، ولكن التدقيق في الأمر يستلزم إجابة أخرى مفادها أن المشهد لابد وأن يثير خيال المتلقي، والمشهد الذي لا يحقق هذه الإثارة هو مشهد خارج إطار الدراما كما يجب أن تكون، ولا يجب أن يستمر وجوده بالعرض لأن الأصل في العرض المسرحي هو الإيهام بأن كل ما يجري على خشبة المسرح هو حقيقة، لأن العرض المسرحي يقدم أفعالًا تحدث الآن في هذا المكان. ولكن هل تتساوى جميع الأشكال المسرحية في قدر إثارتها لخيال المتلقي؟
إذا ركزنا على العروض التي تسعى لتحقيق الإيهام المسرحي، فإننا يمكن أن نرسم خطًا أفقيًا يبدأ من الصفر وينتهي عند الرقم 10، وفي نقطة ما على هذا الخط ما بين الرقمين يمكن أن نضع العرض المسرحي واصفين قدر إثارته لخيال المتلقي. ولتبسيط الأمر، فإن هناك بعض المشاهد الطبيعية أو الواقعية التي تجعل المتلقي منخرطًا فيها، فهو يضحك لسعادة البطل وقد يبكي حزنًا على ما ألم بالبطلة من مصائب، الأمر هنا يثير العاطفة فينخرط المتلقي في الفعل، لكنه لا يرهق ذهنه في إعمال خياله، في حين أن عرضًا يتبنى الاتجاه التعبيري من الممكن أن يحث خيال المتلقى ويثيره بطريقة تجعله يرسم هو نفسه صورا ذهنية استجابة للمثيرات التي قدمها المشهد المسرحي، ففي المسرح الذهني الذي تتداخل فيه الأفكار وتستغرق وقتًا أطول لتفسيرها من قبل المتلقي سيكون عمل الخيال على أشده، فإذا ما طرح المشهد المسرحي فكرة مشفرة تستلزم عمل الذهن لفك طلاسمها؛ فإن خيال المتلقي عليه أن يبحث عن فك التشفير للرسالة التي تسلمها بالفعل في الوقت الذي يقوم الذهن ذاته باستلام رسالة أخرى تمهيدًا لفك شفراتها. إن وقت التداخل بين الرسالتين هو من الأوقات التي يتقد فيها خيال المتلقي على مستوى الكم والكيف، إذ يتحتم عليه القيام بمجموعة من العمليات الذهنية المعقدة في آن واحد،  تتراوح ما بين البحث عن تفسير وبين فك طلاسم التشفير. قد يكون النوع الأخير أكثر وضوحًا في المسرح الرمزي الذي يحتوي على رموز ودلالات وعلامات أيقونية غير مباشرة.
 
وبالرغم من أهمية فك الشفرات من خلال إعمال الخيال في عروض المسرح الذهني والرمزي، إلا أن أشد لحظات إعمال خيال التلقي تأتي في المشاهد التي تتسم بغياب التجسيد المادي، وهذا الغياب لا يخص غياب الشخصية المسرحية فقط ولكنه أيضًا يخص غياب العناصر المادية غير البشرية. ويعد نص/ عرض "مس جوليا" للكاتب السويدي "أوجست سترندبرج" من أكثر النصوص تأكيدًا لهذه الفكرة، هذا النص الذي صنفه سترندبرج على أنه "مأساة طبيعية"، ووصفه د. سيد الإمام على أنه واقعية رمزية، وقمت أنا بإخراجه بتقنية الميتاتياتر، مستخدمًا الكثير من التقنيات التعبيرية. ففي هذا النص تسيطر بعض الرموز على مجريات الأحداث وكلها رموز تؤكد دونية الطبقة التي ينتمي إليها جان، كما أنها تؤكد وضعيته الاجتماعية بوصفه خادم للكونت والد الآنسة جوليا، ويأتي على رأس هذه الرموز الجرس الذي يستدعي به الكونت الخادم جان، وحذاء الكونت منتصب القامة الذي ينتظر الخادم كي يلمعه قبل أن يرتديه الكونت، وكذلك جاكت الخادم الذي يخلع على جان طبقته، وتنحلع عنه الطبقة الدنيا إذا ما خلع هذا الجاكت، وبالرغم من أن هذه الرموز غائبة عن التجسيد المادي في النص حتى أن بعضها لم يظهر أكثر من مرة، إلا أن جميعها حاضر بقوة طوال العرض وخاصة في مناطق اشتعال الأحداث، حاضرة في خيال المتلقي عندما يتحدث عنها.
إن بعض العروض تقوم بدور عكسي فتحجر على خيال المتلقي، ولن انسى أبدًا عرض مسرح الشارع الذي كانت  تدور أحداثه في إحدى الحدائق العامة، وكنت أنا وقتها رئيسًا للجنة التحكيم، وهالني ما رأيت، في الحديقة التي يوجد بها عدد هائل من الأشجار رأيت شجرة مصنوعة من الأخشاب الرديئة موضوعة أمام شجرة طبيعية، وعندما سألت المخرج: لماذا لم تستخدم الشجرة الحقيقية؟ ... كان رده أن هذه الشجرة تم تصنيعها قبل تحديد مكان العرض، وكان لابد من استخدامها طالما خصصت ميزانية لإنتاجها، وإلا فسوف يحال مسؤول الإنتاج للتحقيق. إن هذه السلوكيات وما يشابهها كفيلة بأن تصيب خيال المتلقي بالعطب.
 
وفي عرض مكان مع الخنازير بني العرض في مناطق كثيرة منه على منطق إثارة خيال التلقي، وسوف نركز على ثلاثة مناطق لتوضيح البناء الأصلي في النص، والبناء الفكري للرؤية الإخراجية التي تستهدف إعمال خيال المتلقي:
 
تجسيد الخنازير
لجا الكثير من المخرجبن الذين تعرضوا لإخراج هذا النص إلى تجسيد الخنازير من خلال مجموعة من الممثلين الذين يجعلهم المخرج يسيرون على أربع، وفي بعض العروض أعمل المخرج خياله وجعل هؤلاء الممثلين يرتدون أقنعة للخنازير على وجوههم مصنوعة من الورق العادي أو الورق المقوى. الواقع أن مسألة الإيهام هي مسألة شديدة التعقيد، نعم، هناك عقد افتراضي مع المتلقي بأن يقبل كون الممثل ليس هو إنما هو الشخصية التي يجسدها، كما يتضمن عقد الإيهام أيضًا افتراضًا غير معلن وهو أن المتلقي يقنع نفسه بأن الأحداث التي تجري على خشبة المسرح هي أحداث حقيقية وتحدث هنا في هذا المكان والزمان مالم يفترض العرض نفسه أن بعض الأفعال تمت بالفعل ويتم تجسيدها الآن بمنطق الفلاش باك أو العودة لسرد أحداث تمت في الماضي. ولكن هل يعني ذلك أن المتلقي يسلم نفسه لفرضيات الإيهام ويلغي عقله تمامًا؟ ... الإجابة بالقطع لا ... إن عقل المتلقي يعمل طوال الوقت، وهو ليس بالسذاجة التي يفترضها بعض المخرجين، إن المتلقي البسيط سوف يرفض عقد الإيهام الافتراضي هذا إذا تعلق الأمر بمحاولة إقناع المتلقي أن هؤلاء البشر الذين يرتدون أقنعة ورقية سيئة الصنع هم خنازير، إن الفكرة يمكن أن تكون جيدة ويمكن أن يتقبلها المتلقي إذا ما تم تصنيع ماسك كامل بجودة فنية وخيال رائع، ولكن هذا الأمر يتطلب أموالًا طائلة، وبالتالي إذا لم تكن تستطيع توفير هذه الأموال فلا تدخل في مخاطرات إيهامية مع متلق على استعداد تام أن يمضي بعيدًا عن مسألة الإيهام تلك، وهو أيضًا على استعداد لأن يجد مئات الأسباب التي تجعله لا يصدق أن هذه الكائنات البشرية التي تتعثر في حركتها على أربع هم مجموعة من الخنازير وليسوا مجموعة من الممثلين الهواة قليلي الموهبة.
وما هو الحل؟
الحل يكمن في احترام عقلية المتلقي والإقرار بأن له الحق أيضًا في أن يعمل خياله تمامًا مثلما للمخرج والممثلين والمصممين المبدعين الحق في أن يعملوا خيالهم، ولكن كيف يمكن تحقيق هذه الفرضية؟ تتمحور الفكرة العامة حول خلق مجموعة من الصور المتحركة في ذهن المتلقي، لكن هذه الصور المتحركة لن تخلق بتعليمات من المخرج أو الممثل، يتطلب الأمر مجموعة من الأفعال الفنية التي يجب أن تتم بدقة متناهية، ولتوضيح الفكرة سوف نستخدم نموذجين تطبيقيين من عرض "مكان مع الخنازير"، وهما مشهدي التهام الخنزير للفراشة وقتل بطل العرض – بفيل - للخنزير بعد التهامه للفراشة. كان من الممكن تجسيد الأفعال الدرامية المتعلقة بالمشهدين تجسيدًا ماديًا، ولكنى آثرت – احترامًا للمقدرة التخيلية للمتلقي – أن يتم خلق وتجسيد المشهدين كاملين في ذهن المتلقي عن طريق استكمال نواقص الصورة المادية التي تجري على خشبة المسرح.
 
المشهد في نص العرض
بفيل​(بدهشة) ما هذا؟ ... فراشة ملونة ؟ أيمكن أن تكون حقيقة؟ (يضحك بصوت عال)  هل أنت الذى يضحك يا بفيل ايفانوفيتش؟ (يسأل نفسه محاولاً الاقتناع) نعم أنت الذى يضحك يا رفيق بفيل ... إنها حقيقة ... والفراشة حقيقة ... سأمسك بها (يسترسل في ضحكاته وهو يجري خلف الفراشة محاولاً الإمساك بها) براسكوفيا ... إننى أضحك (يمسك بحذائه الصوفي ويبحث عن الفراشة) يجب أن تخرجي من هنا أيتها المخلوقة الجميلة الملونة ... هذا المكان لا يتسع لجمالك ... أين تختبئين أيتها الصديقة الصغيرة؟ أين أنت؟ أرجوك ... (يبحث عنها) ... يا إلهى لا تموتي هنا ... دعينى أعيدك إلى عالمك الجميل ... إلى الزهور ونسائم الصيف ... إنى أتوسل إليك أن تحملي معك قبضة من روحي أو همسة من قلبي إلى ضوء الشمس (يبحث عنها) فلتكوني خلاصي أيتها الجميلة الملونة ... فلتكوني خلاصي ... (تقع عينه عليها وهي واقفة فوق خنزير فيتجمد في مكانه ثم يقترب منها بحرص محاولا أن يمسكها ... يتوقف فجأة وعيناه تمتلآن بالرعب ... وهو يتوقع كارثة) ... لا .... لا أرجوك ... ابتعد عنها أيها الخنزير العفن ... أيها الوحش القذر ...  لا ... لا تفعل (الخنزير يلتهم الفراشة ... يتجمد في مكانه ... ثم يعود بخطى متثاقلة ... فجأة يصرخ) قاتل ... قاتل (يخرج سكينًا ثم يدخل إلى مكان الخنازير ويقفز على الخنزير ويطعنه طعنات قاتلة ... يسمع صوت ضوضاء شديدة ... يخيم على المكان رائحة الموت ... يخرج بفيل ملطخًا بدماء الخنزير)
 
الخطوة الأول: وضع تخطيط لسياق المشهد
ما يراه الجمهور على خشبة المسرح هو المكان المخصص لإقامة بفيل داخل حظيرة الخنازير، في حين تعيش الخنازير في المكان المخصص لها داخل هذه الحظيرة، ومن المفترض أن تكون الفراشة قد دخلت للمكان من خلال نافذة الباب الصغيرة التي تتوسط الباب المؤدي إلى الخارج. إن مشاهد العرض المسرحي سوف تعمل بالتناوب على عاطفة المتلقي أحيانًا فيستغرق في معايشة ما يرى أمامه من أفعال، وبين عقله فيفكر فيما يقدم ويربطه بأمور أخرى خارج سياق العرض المسرحي، وما بين هذين العنصرين (العاطفة والعقل) يأتى الخيال كأحد أهم أدوات الاشتغال على العاطفة أو العقل. إن المشهد الذي بين أيدينا هو مشهد يتوجه مباشرة لعاطفة المتلقي، فهناك فراشة رقيقة جميلة دخلت مكان الخنازير الذي يتسم بالقذارة والوحشية ولا يتناسب مع رقتها، وبفيل الذي يكره الخنازير التي عاشرها لمدة عشر سنوات مكرهًا يدرك أن الفراشة لا يمكن أن تكون هنا رغم أنه أحب ألوانها التي أدخلت بعضًا من البهجة على قلبه، وبالتالي فإن بنية الأفعال التي يتضمنها هذا السياق المشهدي ستكون على النحو التالي:
1 فرحة بفيل برؤيته للفراشة ويعبر عن هذه الفرحة بعدم التصديق ثم بالضحك بصوت عال، ثم اتخاذه قرارًا بأن يمسك بها كي يسعد بالحديث إليها بوصفها كائنًا غريبًا عن جو المكان الذي يعيش فيه من عشر سنوات
2 يجرى وراءها في كل أرجاء المكان، وعندما يفشل في الإمساك بها، يتخذ قرارًا بالرقص معها، وينفذ قراره بأن يراقص الفراشة كحبيب يراقص حبيبته ... وترتسم السعادة على وجهه، وتنعكس على حركته التي أصبحت أكثر رشاقة، فيقفز في الهواء محاولًا تقليد الفراشة في حركاتها الرشيقة.
3 وفجأة تختفي الفراشة ويصاب بفيل بالقلق عليها، لأن البيئة غير ملائمة لها، وبالتالي فقد تموت في هذا المكان القذر، فيأخذ في البحث عنها في كل أرجاء المكان، ويرجوها أن تظهر وتخرج إلى العالم الفسيح حتى لا تموت في هذا المكان القذر، ويطلب منها أن تحمل قبضة من روحه إلى الخارج الذي يتمنى أن يعود إليه مستنشقًا الهواء النظيف الخالي من رائحة روث الخنازير.
4 يرى بفيل الفراشة داخل المكان المخصص للخنازير وهي تقف على أنف أحد الخنازير فيجن جنونه، ومحاولته يحاول إنقاذ الفراشة، لكن محاولاته تفشل ويقوم الخنزير بالتهام الفراشة.
5 هنا، يفقد بفيل السيطرة على مشاعره فيندفع بالسكين ويقتل الخنزير، وتتلطخ ملابسه بالدم.
 
الخطوة الثانية: بناء الأفعال الصوتية والحركية في ذهن الممثل
إن الخطوة الثانية بعد تخطيط السياق العام للمشهد، يتم فيها بناء الأفعال المتعلقة بهذا السياق في ذهن الممثل من خلال تقنيات تعمل على خياله، إحدى هذه التقنيات تعتمد على وضع عناصر مادية محل العناصر المتخيلة، ويتم التدريب من خلال الاستغناء التدريجي عن هذه العناصر المادية، كأن يقوم الممثل "ب" مثلاً بتجسيد دور معين ثم ينسحب من المشهد ويتخيله الممثل "أ" رجوعًا للأماكن التي كان يتواجد فيها الممثل "ب" الغائب، ولهذه الطريقة الكثير من المزايا وأهمها هي منطقية حركة عين وجسد الممثل مع العنصر المتحرك، وبعد عدد من التدريبات يتم استبعاد العنصر االبديل بعد أن تكون حركته قد حفرت في ذهن الممثل، ولكن من عيوب هذه الطريقة أنها تمثل دعوة لكسل خيال الممثل، وأنا أفضل الطريقة الثانية التي تعتمد على أن يتم زرع العنصر وحركته من البداية في خيال الممثل وبالتبعية المتلقي، ويتم تدريب الممثل على استزراع العناصر المتخيلة من خلال تكرار الأفعال وملاحظتها من خلال المخرج أو من ينوب عنه، والمراقبة هنا هي للتأكيد من منطقية حركة الجسد والعين، وتطبيقًا على المراحل الخمس لمشهد الفراشة فلسوف يتم بناء الأفعال في ذهن الممثل كما يلي:
1 ينظر بفيل في فضاء المكان عند نقطة محددة يختارها الممثل بالاشتراك مع المخرج، يحاول أن يستزرع الفراشة بجسدها الملون وحركة جناحيها على مراحل، يمكن أن تبدأ برؤية الفراشة في الواقع إن أمكن وفي حالة تعذر ذلك يمكن مشاهدة صورتها المطبوعة على ورقة أو جهاز كومبيوتر أو جهاز تليفون، كما يمكن أن يشاهد صورة الفراشة المتحركة من خلال فيديو قصير، والتدقيق فيها بتركيز شديد لمدة ثلاث دقائق، بعدها يغلق الممثل عينيه ويحاول تكوين صورة الفراشة في الظلام وعيناه مغلقتان تمامًا، وبعد قليل سيرى الفراشة متجسدة أمامه. بعد رؤيته لها، يثبت في مكانه، ويوجه نظره إليها وهو سعيد بهذا المخلوق الملون الجميل ويعبر عن هذه الفرحة بالضحك بصوت عال، ولأن الفراشة تتحرك، فعليه أن يرسم خطوطًا لحركتها، بحيث تكون هذه الحركة ثابته ومرتبطة بذات الأفعال حتى لا يقوم الممثل بعمل مشهد مغاير كل يوم. ثم يقوم باتخاذ قرارًا بأن يمسك بها كي يسعد بالحديث إليها بوصفها كائن غريب عن جو المكان الذي يعيش فيه من عشر سنوات،
2 يتحرك بفيل ببطء، ثم يجري وراء الفراشة محاولًا الإمساك بها، وحتى يقنع المتلقي بهذه الأفعال ويعايشها لابد أن تبنى على المنطق من حيث زوايا الرؤية واتجاه الجسم ومدى ارتباطهما بحركة الفراشة المتخيلة، ويجب أن يصنع الممثل محطات للوقوف بين أماكن الجري، وعندما يفشل في الإمساك بها، يتحذ قرارًا بالرقص معها، وينفذ قراره بأن يراقص الفراشة كحبيب يراقص حبيبته، هنا على مصمم الرقصات أن يضع تصميمًا لرقصة بين كائنين متباينين في الحجم والموقع الجغرافي، فبفيل يحتل مكان رأسي في حدود المترين، وبعرض نصف متر تقريبًا، أما الفراشة فحيزها المتخيل في ارتفاع حوالي المترين ويمكن أن ترتفع أو تنخفض في حدود النصف متر، وهي كذلك تشغل حيزًا صغيرًا جداً من الفراغ مقارنة بحيز الممثل. ترتسم السعادة على وجه بفيل خلال الرقصة التي يجب أن تبنى على منطق حركي سليم يحافظ على الزوايا والاتجاهات وحركة العينين، مع مرور الوقت، تصبح حركة بفيل أكثر رشاقة، فيقفز في الهواء محاولًا تقليد الفراشة في حركاتها الخفيفة السريعة، وينتقل من مكان لآخر وهو يحافظ على بنية العلاقة من حيث الموقع والحجم.
3 تختفي الفراشة، ويأخذ في البحث عنها في كل أرجاء المكان، وهنا يجب أن يتبع منهج البحث عنها نفس المنهج السابق، يحدد الممثل نقاط مكانية يمسحها بعينيه، ولكن الاختلاف هنا يكمن في أن حركة البحث عن الفراشة هي حركة بطيئة، يمكن أن يصاحبها بعض التردد، أي أن بفيل يمكن أن يتوجه لنقطة مكانية محددة، ثم يغادرها، ويمكن أن يعود إليها في الحال لاعتقاده بأن الفراشة موجودة في هذه النقطة وهو لم يرها، إن التحرك البطيء المتردد سيكون هو السمة المميزة لرحلة البحث عن الفراشة، وسوف يتوقف بفيل في محطات متعددة وهو شارد الذهن يفكر في مصير الفراشة، لكنها وقفات قصيرة سريعة لا تخل بإيقاع المشهد المسرحي، إنه الآن يبحث عن الفراشة ولا يجدها في خياله، ولكن في المستوى الثاني من خياله يمكن أن يشاهد الفراشة وهي تعاني محاولة الخروج من حظيرة الخنازير ولا تستطيع لسبب بعيد عن السبب الذي سيتحقق على أرض الواقع بعد قليل وهو أن الخنزير سوف يلتهمها، يمكن أن يشاهد الفراشة وهي تغرق في وعاء للمياه، أو أنها اندست في روث الخنازير، لابد أن يراها تعاني حتى ترتسم صور حقيقية في مخيلته.
4 وفي خضم بحث بفيل عن الفراشة، وتوقعه لمعاناتها، يراها وهي تقف على أنف أحد الخنازير فيجن جنونه، هنا لابد أن يجتهد الممثل كي يرى الفراشة واقفة بالفعل على أنف الخنزير، إن الفراشة والخنزير غير متجسدتين في الواقع لذا فإن صناعة وجودهما المتخيل ليس بالأمر السهل، إن التخيل هنا مركب ويتطلب تكوين صورٍ ذهنية مركبة لخنزير يتأهب لالتهام الفراشة التي تقف مسالمة على أنفه، إن التمهيد لعملية الالتهام تكاد تكون أهم من لحظة الالتهام ذاتهاـ سوف يقسم الممثل هذه العملية لعدد من المراحل المتتالية، فهو في البداية سوف يقطع رحلة بحثه عن الفراشة بأن يجدها واقفة على أنف الخنزير، فيصاب بالصدمة التي تفقده القدرة على التفكير، سوف يرى كادرًا واحًدا ثابتًا، برواز واحد فيه وجه الخنزير وعلى أنفه تقف الفراشة، هو الآن يريد أن يجعلها تتحرك، ولكن حركته تجاه الخنزير يمكن أن يعجل بالتهامها، الأمر يشبه حقل الألغام، فالفراشة لغم يقف على فم الخنزير، وحركة بفيل يمكن أن تفجر هذا اللغم، لذا فإن الخطوة التالية تتضمن أن يمضي بفيل بحرص شديد، وترقب حذر، ثم يتعثر في شئ ما، فيحدث جلبة وهو ما يدفع الفراشة للتحرك فيباغتها الخنزير ويلتهمها.
- تتسمر قدما بفيل في الأرض للحظة، ولكن سرعان ما ينطلق كالروح، يأتي بالسكين، وبمنتهى القسوة يقذفها في صدر الخنزير الذي يخر صريعًا. ويدخل إليه ويسحب السكين من جسده ويسدد إليه طعنات أخرى يفرغ من خلالها طاقة الغضب التي انتابته، وتتلطخ ملابسه بالدم الذي نراه عندما يخرج من مكان الخنازير.
الخطوة الثالثة: نقل تجسيد الأفعال صوتيًا وحركيًا لذهن المتلقي من خلال توجيهه لنقل الصور المتحركة في ذهنه
إن قيام الممثل بالأفعال السابقة بدقة، من شأنه أن ينقلها مباشرة لذهن المتلقي، هذا النقل يحتاج بعض الشروط كي يتم بنجاح:
- أن يحافظ الممثل على منطقية الأبعاد الجغرافية من خلال حركة الجسد، فلا يمكن أن ينظر الممثل للفراشة على بعد رأسي معين وفجأة يتحول نظره إلى منطقة الجمهور مثلاً، أو إلى الكواليس، ينبغي أن يحرك جسده في الاتجاهات التي يمكن أن يصدق الجمهور أن الفراشة قد ذهبت إليها بالفعل....
- المحافظة على زوايا الحركة وهو ما يعني أن الزوايا تكون منطقية حتى لو كانت غير متوقعة، منطقية الزوايا مع منطقية الأبعاد الجغرافية يحقق الوحدة العضوية ويؤدي إلى أن يقوم المتلقي بتنشيط خياله وتتبع الفراشة مع الممثل. وهو ما يتأكد من خلال التواصل بالعين بين الممثل وبين العناصر المتحركة في الخيال.
- إن النجاح في إيصال الصور الذهنية التي كونها الممثل في مخيلته، إلى ذهن المتلقي هو الفعل الذي يبرهن على نجاح المسرح في إعمال خيال المتلقي، وهو نوع مهم جداً من متعة المشاهدة الحية للمسرح، وهو الذي يميز المسرح عن السينما والفيديو الذين يمكن أن يخلقا هذه الصور الخيالية بصور موازية بمنتهى السهولة واليسر

إلهام شاهين رئيس لجنة تحكيم مسابقة العروض الكبرى بمهرجان شرم الشيخ المسرحي

مجلة الفنون المسرحية 



إلهام شاهين رئيس لجنة تحكيم مسابقة العروض الكبرى بمهرجان شرم الشيخ المسرحي

تشارك النجمة إلهام شاهين لأول مرة كرئيس لجنة تحكيم مسابقة العروض المسرحية الكبري بمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي برئاسة الفنان مازن الغرباوي ، وتضم لجنة التحكيم أيضا كل من : الفنان والنجم داوود حسين من الكويت ، الفنان كاكوموتو أتوسوشي KAKUMOTO ATSUSH ) ( من اليابان ،الفنانة سيسيا باباثا ناسويSISSY PAPATHANASIOU من اليونان ، والفنان ادمون اكسوماري EDMOND XHUMARI من البانيا . ويشارك في مسابقة العروض الكبرى 6 عروض مسرحية هي : العرض الإيطالي the last flower للمخرج Fabio omodie ، والعرض التونسي ربع وقت للمخرجة سيرين قنون ، والعرض العراقي بوق اسرافيل للمخرج على دعيم ، والعرض المشترك بين بولندا + أمريكا + إنجلترا tram للمخرج Ian aslup ، العرض الجورجي pirosmani للمخرج Elene Matskhonashivil ، والعرض المصري رصد خان للمخرج كريم حمدي . يذكر أن المهرجان يكرم 9 شخصيات مسرحية ما بين المصرية والعربية والدولية فخلال حفل الافتتاح ستكرم سيدة المسرح العربى سميحة أيوب من مصر، كما سيتم تكريم داود حسين من الكويت، وتكريم محمد سيف الأفخم من الإمارات باعتباره الشخصية المسرحية العربية، وكذلك تكريم مارك بيسون من "بلجيكا" باعتباره الشخصية المسرحية الدولية. يذكر أن مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يرأسه شرفيا النجمة الكبيرة سميحة أيوب ، ورئيس اللجنة العليا الفنان الكبير محمد صبحي ويقام تحت رعاية الفنانة الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة واللواء أركان حرب خالد فودة محافظ جنوب سيناء، وستنطلق الدورة السادسة من المهرجان في الفترة ما بين 6 إلى 11 نوفمبر المقبل بمدينة شرم الشيخ.


الخميس، 28 أكتوبر 2021

مفهوم المسـرح المدرسـي و منهجه

مجلة الفنون المسرحية


مفهوم المسـرح المدرسـي و منهجه

الباحث: مجيد عبد الواحد النجار

لقد اخذ المسـرح المدرسي مجال اكبر في تفكير المعنيين من تربويين، ومسرحين، وباحثين من اجل وضع تعريفا او وصفا لهذا الجنس من المسـرح، وذلك للأهمية الكبرى والتأثير على تعليم الطالب وزيادة معرفته، فقد عرفه (جينليس)"ذلك النشاط المسـرحي الذي كان في الواقع جزء من المسـرح التعليمي ويستهدف الاطفال الذين يقومون بالتمثيل"(1)، وهنا يؤكد لنا جينليس ما ذهبنا اليه سابقا استقلالية المسرح المدرسي استقلالية كاملة عن مسرح الطفل ، باعتباره جزء من العملية التعليمية ، كما اشار على ان ليس مسرح تعليمي ،وليس هو العملية التعليمية لوحده ، كما يعتقد البعض ، وهذا يدفعنا للتأكيد على ان المسرح المدرسي يستعمل داخل حدود المدرسة باعتباره وسيلة للتعليم ، حاله حال الوسائل التعليمية الاخرى ، التي تستعمل لتدريس مادة(العلوم ، او الجغرافية ، او الرياضيات او ....) اما الاستاذ سالم اكويندي فعرف المسرح المدرسي بانه "مسـرح تربوي تعليمي يتم في الوسط المدرسـي سواء أكان مادة دراسـية (...)ام مادة تنشيطية حيث تحرر الممارسة المسـرحية من طابع الدرس النظامي))(2)،وهنا يؤكد لنا كويندي هو الاخر مكان العروض المسرحي للمسرح المدرسي ، ويؤكد كذلك ان المدرسة هي المكان الوحيد الذي تقدم فيه هذه العروض ، لكننا  نختلف معه ان المسرح المدرسي لكونه معني بمادة الدرس -حصراً- لذلك ليس من الواجب تقديم هذه العروض للترفيه فقط ، اي ليس من الضرورة التفكير ان نقدم مسرح مدرسي ترفيهي ، لأنه بالأساس واثناء تقديمنا للعرض من اجل تقديم مادة الدرس يكون الترفيه ، اما من خلال الممارسة او من خلال مضمون النص ، لماذا؟ لان هناك مادة اخرى مخصصة للترفيه ولاكتشاف طاقات التلاميذ وهذه المادة مثبته في برنامج الفصل الدراسي لكل مرحله وحسب مستويات التلاميذ ، اسم هذه المادة (التربية الفنية) وهذه المادة ممكن ان يستفاد منها معلم (التربية الفنية) – وهو معلم متخصص في شؤن الفن- في مجالات الرسم والنحت والموسيقى ، كما ان هذه المادة  مقسمة حسب مستويات التلاميذ والمراحل الدراسية ، فالمراحل الثلاث الاولى لها (حصتين) في الاسبوع ، والمراحل الثلاث الاخرى لها(حصة)واحدة في الاسبوع ، وطبعا هذه الحصص تختلف حسب توجيهات الكوادر التعليمية ، او حسب التعليمات الوزارية – وهذه هي المادة التنشيطية التي عناها مويندي حسب اعتقادي ، وهذه المادة التنشيطية ، ممكن ان تكون عن طريق مسرح الطفل حيث يختار المخرج النص المسرحي الذي يلائم اعمار التلاميذ وامكانياتهم على تنفيذه ، وهذا النوع من النشاطات بالإمكان عرضها خارج نطاق المدرسة كونها نشاط مدرسي وليس صفي/ منهجي ، وهنا يختلف العرض عن العرض الاول بكونه عرض للمتعة، والترفيه، والتعليم، ومن الممكن الاستفادة من نصوص مسرحية مكتوبة للمناسبة او عمل خيالي او مكتوب عن قصة او رواية ، حيث يكون هذا العرض عرض ملتزم بقوانين المسرح وعناصره ، التي يجب ان تتوفر بالشكل المقبول على اقل تقدير ،  وهنا لا اقصد بعناصر العرض المسرحي المعمول بها في مسرح الكبار او (مسرح المحترفين)، بل تستعمل هذه العناصر بالشكل الممكن وحسب الظروف التي تحيط بالمدرسة او معلم المادة ،بشرط التمسك بكل التعليمات التي تخص مسرح الطفل او مسرح الدمى او اي نوع من المسارح الرسمية ، او الجادة . اذن المسـرح المدرسـي هو اداة وسيطة ، او وسيلة كما ذكرنا تهدف الى تعليم التلميذ وتربيته وفق التعليمات والقرارات التي تعمل بها وزارة التربية او المديريات العامة للتربية ،وليس وفق اشتراطات المسرح ، وتأكيد هذه التعليمات من خلال متابعة المشرفين التربويين المعنين لهذه الوسيلة ، وليس تحت أشراف أساتذة ونقاد المسرح الاحترافي او الاكاديمي ، من أجل الوقوف على تنفيذها بأفضل شكل ، ومراقبتها بعدم الانزياح باتجاه مسارح الطفل او مسرح الكبار ، وهنا اريد القول ان الاحتفاظ بمنهجية المسرح المدرسي وأهدافه مسؤولية كبيرة على عاتق المسؤولين التربويين ، لان القائم بالفعل المسرحي لمجرد انزياح بسيط له باتجاه مسرح الطفل سيغير من أهدافه الرئيسية ، لذلك المراقبة والمتابعة واجبة ، من اجل جعله نشاطا ترفيها تعليميا ، يتعلم التلميذ بواسطة ومن خلاله جميع المواد الدراسية المقررة له في الفصل الدراسي ،والمحافظة على جماليات العرض وذلك لتعليم التلاميذ كيف يمكن ان نستخدم الاشياء من اجل الوصول الى الهدف المنشود.
ومن هذا المنطلق يعتبر المسـرح المدرسـي مسـرح (تربوي تعليمي) يهدف الى تهذيب ذائقة المتعلم وترفيهه ،اذن الطالب هو الاساس في المسـرح المدرسـي ان كان مشاركا او مستمعا لذلك هو مسـرح ينتمي الى المدرسة بحكم المكان والمشاركين فيه من معلمين وتلاميذ ، والموضوعات التي يتناولها والاهداف السامية التي ينطلق هذا المسرح لتحقيقها ، فهي مثار اهتمام المعنيين التربويين ، والتربويين الفنيين المختصين في مجال الفنون المسرحية . ومن هذه المنطلقات التعليمية والتربوية عرف البعض هذا المسـرح (مسـرحا تربويا) وما تقام من عروض مسـرحية داخل المدرسة تعتبر هي الاخرى مسـرحيات (تربوية) ولهذا اعتبر المسرح المدرسي بالإضافة كونه وسيلة تعليمية هو جنس ادبي ، فيه جميع عناصر كتابة النص المسرحي ، من حبكة وصراع وشخصيات ،لكنه يختلف عن العروض الاخرى  في مكان العرض وزمانه ، والغرض من تقديمه ، فالعرض لا يحتاج هنا الى مناسبة من اجل عرضها بل يحتاج الى زمن محاضرة مقررة في جدول الحصص.
ومهما تعددت الآراء والأفكار يبقى المسـرح ابو الفنون يهتم في تربية ألفرد، وتعليمة، وتسليته، ان كان مشتغلا به، ام متفرجا.
لقد تنافس الباحثون والمنظرون والعاملون في المسـرح المدرسـي، في وضع مفهوم محدد للمسـرح المدرسـي ،وتعددت آرائهم بتعدد مكانهم من العمل فمن كان داخل السلك التعليمي يختلف بنظريته  عن المسـرح المدرسـي عن الذين يمارسون المسـرح المدرسـي من خلال مسـرح ألطفل، وهؤلاء "يعتبرون المسـرح المدرسـي من اهم انواع مسارح ألطفل، وخصوصيته تكمن في ان الاطفال يساهمون في تخضيره ويمثلون فيه"(3)، - المعروف عن مسـرحيات الاطفال كانت تقدم منذ زمن بعيد في اعياد الميلاد وفي الحفلات الكبيرة التي تقام في الهواء الطلق، اي في الحدائق والمتنزهات ، دون الحاجة الى خشبة مسرح او اضاءة او حتى الموسيقى لان الممثل هو من كان يقوم بفعل المؤثرات من اصوات حيوانات او انفجارات او اصوات الطيور ....- ونحن نقول ان المسرح المدرسي هو امتداد لمسرح الطفل ، ونعترف ان المسرح المدرسي انطلق من  مسرح الطفل ، لكن اختار له اهداف اختص هو بها واختار له مكان يختلف عن مكان تقديم عروض مسرح الطفل ، كما نشير الى ان هذا المسرح يساهم به التلميذ مساهمة كبيرة، ، في التحضير والتقديم ، وليس الموهوب في فنون المسرح، كما لا يمكن ان يؤدي شخصياته الكبار ، كما معمول في مسرح الطفل ويختلف عن مسرح الطفل بان جميع من في الفصل الدراسي يشاركون في العرض ممثلين ومتفرجين ، والخاصية لهذا المسرح ، ممكن ان يعاد نفس العرض بمجموعة من طلبة اخرين ، اي من كان متفرجا سيقوم هو بالتمثيل ومن كان ممثلا سيأخذ مكان المتفرج وهكذا يكون معلم المادة قد اشرك الجميع في العمل/مادة الدرس ، وحتى نكون منصفين في الطرح ولكي لا نبخس الناس اشيائهم فنقول ان مسرح الطفل انطلق من مسـرح الكبار، والتي بدأت عروضه- مسـرح الطفل – في الحدائق العامة والمتنزهات، لاعتقاد القائمين عليه بأهميته للطفل من الناحية التعليمية والترفيهية- علما ان الكنسـية كانت قد استخدمت مسـرح الطفل لتعليم التعاليم المسـيحية داخل الكنيسة – بعدها وللاهتمام الكبير من قبل المعنيين بمسـرح الطفل، بدأت أهميته تتضح اكثر داخل المدارس في تربية وتعليم التلميذ القيم والأخلاق، وبعضا من الأمور الدينية والترفيه، ونتيجة للفوائد الكبيرة التي قدمها مسـرح الطفل للتلاميذ داخل المدراس، وأنبثق المسـرح المدرسـي ليكون وسـيلة تعليمية للمواد الدراسـية من خلال مسـرحتها وبنائها بناء دراميا.. وهي على ما اضن تجربة قام بها احد المعلمين داخل المدراس بتحويل مادة الدرس الى نص مسرحي ، ليكون بديل عن النص المؤلف عن قصة ، او من خيال المؤلف ، وقد نجحت التجربة بعد ان وجد تفاعل التلاميذ داخل الصف وحفظ مادة الدرس بوقت يفوق الوقت المعتاد لو استمع لمادة الدرس بتقديمها بالطريقة الكلاسيكية.
لقد امتاز المسـرح المدرسـي بخصائص تميزه عن غيره من المسارح المخصصة للطفل من اهمها ،"اختيار نص مسـرحي ملائم للفترة العمرية، التي بالنتيجة تحدد المرحلة الدراسية التي يقدم فيها العرض ، من خلال مادة الدرس المتفق عليها (مدرسيا) ضمن برنامجها المقرر من قبل الوزارة ، ويمكن ان يكون هذا النص تأليفاً فرديا من قبل المدرس او التلميذ او جماعيا يشارك فيه المدرس مع التلاميذ، او نصا ارتجاليا او نصا ما خوذا من المقرر او المنهاج الدراسـي"(4)، ما يميز المسرح المدرسي عن غيره من المسارح هو الالتزام بالمواد الدراسية ، بعيد عن النصوص المسرحية المتخيلة ، بل بعيدا حتى من اقتباس فكرة نص من رواية او قصة ، ان مهمة المسرح المدرسي الاساسية هي تحويل المواد الدراسية الى نص مسرحي ، بغض النظر عن كيفية تأليفه – اقصد ممكن ان يكون مسرحا غنائيا ، او مسرحا شعريا - او من الذي يقوم بتأليفه ، ولكن لو كان هذا التأليف جماعيا بين التلاميذ تكون رسالته اكبر وتضاف الى مميزاته ميزة مهمة وكبيرة ، نتيجتها تعليم التلاميذ على كيفية كتابة النص المسرحية ، وبالتالي تعليمه كيف يعد او يألف نصاً مسرحياً من خلال قصة او رواية، ويجب حصـر فضاءات المسـرح المدرسـي في البنايات التالية: الصف، والساحة، وقاعة الانشطة، والحديقة المدرسـية .
كما اود هنا ان أؤشـر على تداول مصطلح خاطئ يطلق على درس التربية الفنية في بعض المدراس بأنه نشاط (لا صفي) ونحن نعتقد ان المقصود بـ (لاصفي) ان المواد الفنية مثل المسـرح لا يمكن اعطائه داخل الصف فقط، بل يجب ان يأخذ مجال اوسع يصل الى الساحة، او قاعة العروض المسـرحية، او الى (ستيج) قد صنع من الرحلات او من الطابوق داخل حدود بناية المدرسة لهذا الغرض، ولهذا قلنا ،  واتفقنا مع من يطالب بان تنحصر عروض المسرح المدرسي داخل فضاءات المؤسسة التربوية – رياض الاطفال، او مدرسة ابتدائية، او ثانوية - ، من اجل اعطاء المادة الدراسية خارج سياقاتها الكلاسيكية المعمول بها في تدريس المواد المقررة الاخرى مثل (الرياضيات، او التاريخ ،او الجغرافية او.....) اذن ما نراه ان مصطلح نشاط (لا صفي) لا يعني ان يبدأ العمل به بعد انتهاء الدوام الرسمي ،كما يفسره او يعتقد البعض من الاسرة التعليمية ، وألا ما جدوى وضع درس (المادة الفنية) في الجدول؟ وما جدوى اصـرار المشـرفين في زياراتهم الميدانية ، وتأكيدهم بل والمطالبة  على ان تكون هذه المادة وسط المواد العلمية؟. اليس من اجل الترفيه وتغيير مزاج التلميذ الذي بدأ بدراسة المواد العلمية؟ لأن من المهام الاساسية لدرس التربية الفنية، هي الترفيه عن نفسية التلاميذ والتعبير عن مكنوناتهم الداخلية، اتمنى هنا ان اكون قد اتحدث بنفس السياق عن المسرح المدرسي واهميته داخل المدرسة ، بوصفة وسيلة تعليمة او ترفيهية ، لان علاقة هذا المسرح بالمؤسسة التربية علاقة تكاملية ، بغض النظر عن مكان العرض ، على شرط ان يكون داخل حدود بناية المدرسة ، فان فائدة سوف تعم الجميع تلاميذ ومعلمين ، كما لا ننسى ان هذا المسرح يحتضن بداخله الفنون الترفيهية الاخرى من موسيقى ، ورسم ، وحركات ايقاعية ، ومهارات يدوية مختلفة ، تطور من لديه الموهبة ، وتكتشف من خلاله المواهب الغير مكتشفة. 

1) ا.د. كريم حميدي الربيعي، المسـرح التربوي وسـيلة من وسائل التعليم في رياض الاطفال، (الطبعة الاولى، مكتب الفنون ولآداب للطباعة والنشـر والتوزيع، العراق / البصـرة )، 2014 ).
2)بلا، بلا،WWW. STANTIMES. COM.
3) د ماري الياس ود. حنان قصاب حسن، المعجم المسـرحي،(مكتبة لبنان ناشـرون، بيروت، 2006).
4)بلا،(ما هو المسـرح المدرسـي)،www.stantimes.com.

الأربعاء، 27 أكتوبر 2021

الممثل والخيال / د.جمال ياقوت

مجلة الفنون المسرحية 
الممثل والخيال

إن الخيال هو جوهر عمل الممثل، فهو الذي يساعده على تفسير المواقف الدرامية من خلال بناء حياة كاملة للشخصية في مخيلته، وبناءً على هذا التفسير يحدد منهج الأداء التمثيلي،  إن العرض المسرحي يبدأ وينتهي في خلال ساعتين أو ثلاثة على الأكثر، ويجسد الممثل تاريخًا كاملًا للشخصية من خلال ربط المعطيات المتاحة بمعطيات أخرى يكونها في خياله، الأمر لا يتوقف عند استكمال الظروف المعطاة، وبناء تاريخ اجتماعي وفكري ونفسي للشخصية، إن استخدام الخيال يصل لأهميته الكبرى في تحقيق حالة الصدق الفني، إن قيام بعض الممثلين برسم ملامح على وجوههم للتعبير عن الحالة الشعورية للمشهد هو تصرف يؤدى في الغالب لتصدير حالة شعورية غير حقيقية لن يصدقها الجمهور، خاصة إذا ما تلازم رسم الملامح مع حركات جسدية تتسم بالميكانيكية، وأداء صوتي مزيف، إن الحل يكمن في الخيال، فالممثل الموهوب هو الذي يستطيع أن يحول الأداء التمثيلي إلى نتيجة وليس وسيلة، وبمعنى أدق لا يجب أن يسعى الممثل لاتخاذ الأداء التمثيلي كوسيلة ينقل بها كلمات النص، ولكن يتحتم عليه أن يجعل من هذا الأداء نتيجة حتمية للمشهد الذي كونه في مخيلته فيأتي الأداء فطريًا يخلو من الزيف وبالتالي يصدقه الجمهور، ولتوضيح هذه الفرضيات سوف أعرض تجربتين من مسرحيتين مختلفتين قمت بإخراجهما:
-  التجربة الأولى كانت في مشهد من مسرحية بيت دمية للكاتب النرويجي "هينرك إبسن"  ... 
كروجشتاد ثقى أننى لو فقدت مركزي في البنك فستفقدين مركزك أنت أيضًا. (ينحنى لها و يخرج من الصالة  وتظل نورا مستغرقه في أفكارها بعض الوقت ثم تهز رأسها)  
نورا  كلام فارغ (تشغل نفسها بترتيب الأطفال)  ... مستحيل  ... لقد فعلت ما فعلت بدافع من الحب 
الأولاد  هل خرج الضيف؟
نورا  نعم ...  ولكن لا تخبروا أحدا بمجيء الضيف الغريب ... هه؟ ولا حتى بابا 
الأولاد  حاضر ... هل نعود إلى اللعب؟
نورا  ليس الآن 
الأولاد  ولكن وعدتنا يا ماما
نورا  لدى أعمال كثيرة جدًا هيّا إلى غرفتكم ... هيّا  (تتوجه إلى الشجرة) .. شمعة هنا ... وقليل من الورد هنا ... يا لجرأة الرجل ... كلام فارغ ... الحكاية في منتهى البساطة ... ستبدو الشجرة آية في الروعة سأبذل قصارى جهدي في سبيل رضاك يا تورفالد سأغني وأرقص من أجلك يا تورفالد"
إن جوهر هذا المشهد يقوم على الخيال، فـ "كروجشتاد" خرج من بيت نورا وهو ينوي أن يكشف لزوجها "هيلمر" أمر تزويرها للكمبيالة، وهو ما يتعارض بقوة مع المبادئ التي طالما أعلنها هيلمر، من هنا فإن كروجشتاد يمضي ويترك نورا في حالة نفسية سيئة. إنها مترددة بين أن تصدق أن هناك مشكلة حقيقية تواجه استقرار بيتها، وأن تأخذ الأمر ببساطة، وبالتالي جاءت الأفعال في النص على مسارين أحدهما تريد به نورا طمأنة نفسها، فهي تطلب من الخادمة شجرة الكريسماس لتزيينها، وهو ما يعني التركيز في عالم من البهجة (الحكاية في منتهى البساطة – كلام فارغ – سأغني وأرقص من أجلك يا تورفالد)، أما المسار الآخر فيتمثل في حالة القلق التي انتابت نورا من جراء قلقها من رد فعل هيلمر على التزوير والاقتراض. على الجانب الآخر، كان الأطفال ينتظرون وفاء الأم بوعدها لاستكمال اللعب في ليلة الكريسماس، إلا أن الأمور كلها تعقدت، والجو النفسي العام أصيب بالتوتر البالغ، هذا هو حال النص كما كتبه "هينرك إبسن"، فماذا فعل الإخراج؟
إن التصوير التخيلي كان هو البطل في هذا المشهد، فلا يمكن أن تعبر الممثلة عن تلك الآلام التي تعتصرها دون أن تكون في مخيلتها مجموعة من الصور الثابتة والمتحركة لكل فعل من الأفعال التي تجري بين أسطر النص، خاصة أن الإخراج كان تفسيريًا يتفق مع النص ويحاول استخدام عناصر العرض لتأكيد هذه الأفكار المتفق عليها. كان لابد من تأكيد حالة التماوج بين القلق والاطمئنان، فبعد أن يغادر "كروجشتاد" البيت، تقف نورا مشدوهة للحظات، كانت الممثلة هنا ترسم في مخيلتها صورًا للأحداث التالية، كانت تدريبات التمثيل تقضي بأن يتماوج خيال الممثلة بين منطقتين؛ إحداهما على اليسار وفيها كادر يتحرك في داخله هيلمر وهو يقرأ خطاب كروجشتاد، وبالتأكيد سوف ترى نورا في هذا الكادر قمة الغضب الذي ينتاب هيلمر، ثم تنتقل إلى الجانب الأيمن حيث تشاهد نفسها وهي ترتدي الفستان الذي صنعته بمدخراتها خصيصًا ليوم الكريسماس، سوف تتأمله، وترتسم البسمة على وجنتيها من فرط إعجابها بنفسها، وبالتالي رؤية صورتها في عيني زوجها، ثم سرعان ما تعود إلى الكادر الأيسر لترى هيلمر منفعلًا بعد أن يفض الخطاب، ثم يتوجه إليها وهو يعنفها، وقد تتطور الأمور فيصفعها على وجهها، وسريعًا تعود للكادر الأيمن فترى نفسها وهي ترقص بصحبة زوجها في احتفالات الكريسماس، كما تراه وهو يبث إليها كلمات الغرام، ويتبادلان لمسات رومانسية حانية. إن رسم الصور في الكادرين بهذا التتابع يستتبعه بالضرورة تأثيرًا مباشرًا على أفعال الممثلة على خشبة المسرح، فالتناقض بين الصورتين يأتي بانفعالات تلقائية من الممثلة تترجم في صورة أفعال درامية يراها الجمهور. إن استخدام التصوير التخيلي هنا يساعد الممثل على بناء الأفعال الداخلية بالشكل الذي تتصاعد فيه بنية هذه الأفعال حتى تترجم إلى أفعال خارجية يؤمن بها الممثل فيصدقها الجمهور. 

الأمر ذاته ينطبق على مشهد من القرد كثيف الشعر:
يانك تقول إن البنات في انتظارك ؟ ...  كلام فارغ  ... هن لا ينتظرن أحدًا ... هن على استعداد لخيانتك في مقابل شلن ...  هن خائنات ... كلهن خائنات .
 إن يانك هنا يرد على منطق بادي ... الرجل العجوز الذي يحلم بأن يعود ليرى حبيبته التي تنتظره على الشاطئ وقد بنت بيتهما المشترك، إن منطق يانك يعاكس منطق بادي، وهذا المنطق المعاكس لابد وأنه قد بني على تجربة حياتية وليس مجرد فلسفة أو ما شابه، إن يانك وقاد من الطبقة الدنيا، لا يتحدث إلا من واقع تجربة، لذا، فإن الخيال هنا في هذا المشهد لابد أن يلعب دورًا كبيرًا في تحديد طريقة الأداء التمثيلي، كانت التدريبات مع الممثل تقضي بأن يكون يانك صورًا تدعم الأفكار التي ينادي بها، إن يانك يؤمن بأنه لا توجد فتيات ينتظرن الرجل لأنهن خائنات، وهذه الفكرة التي تحتوي بالقطع على تعميم مخل، متغلغلة في أعماق يانك، لذا، كان لابد من أن يتم بناء ظروف لم يتحها النص، فطرحت – بوصفي مخرجًا – مجموعة من الأسئلة على الممثل - بوصفه يانك
- هل مررت بتجارب عاطفية كثيرة جعلتك تؤمن بأن جميع النساء خائنات؟ .. أم أنك تصدر حكمك من مجرد تجربة واحدة؟
- لا يمكن أن يحكم الشخص على أمر من مجرد تجربة واحدة، فقد تكون التجربة عارضة، لقد مررت بتجارب كثيرة آخرها كان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير
- لماذا؟
- لأنني صدقت أنها تحبني إلى حد الجنون؟، كما أنني صدقت أنني المرادف الوحيد لكلمة رجل، لم يخطر ببالي أبدًا أنها يمكن أن ترى أي ملمح للرجولة في أي شخص آخر
- وما الذي جعلك تغير موقفك؟
- خانتني
- كيف
- غالبية الأوقات أكون في البحر ، أحيانًا نظل في البحر لشهور طويلة، كانت دائمًا تنتظرني لأنني كنت أعلم زمن الرحلة مسبقًا، قررت أن أفاجئها يومًا، أخبرتها أنني سأعود بعد شهرين، وعدت بعد أسبوعين، ووجدتها في حضن شخص آخر ....
- من كان هذا الرجل؟
- لا تسمه رجلًا ... 
- من كان هذا الشخص؟
- وهل ستحدث كينونته أي فارق؟ .. كان شخصًا ... آخر ... آخر ...
- هل تعتقد أنها عرفت شخصًا آخر غير هذا الآخر؟
- عرفت أشخاصًا ... فالمرأة لا تخطئ أبدًا مرة واحدة 
- وماذا فعلت هي؟
- ألقت باللوم على لأنني أتركها وحيدة لفترات طويلة ... وهي لا تستطيع أن تعيش بلا رجل ...
- وماذا فعلت أنت
- كنت كمن أصابه الشلل ... لم أقو على الحراك ... فهربا معًا ... وابتلعهما الظلام
هذا المشهد التخيلي كان الأساس الذي تأسس عليه الأداء التمثيلي، فوفقًا للاتفاق مع الممثل يقوم برسم كادر في الفراغ يقوم مقام شاشة السينما، وبداخله يكون مجموعة من كادرات الصور الثابتة والمتحركة والأصوات والمؤثرات الصوتية والبصرية التي تجسد الحوار السابق، إن هذا التصوير التخيلي يساعد الممثل في أن يؤمن بكل كلمة ينطقها وبالتالي يصدق الجمهور أن رأي يانك هو رأي مدعوم بتجرة حياتية، وأثناء أداء الممثل للمشهد خاصة في لحظة قوله إن النساء كلهن خائنات يتحتم عليه أن يرى لحظة الخيانة بكل تفاصيلها التي كونها الممثل في الكادر المشار إليه، هنا يخلق الفعل الداخلي الذي يمثل مبرر الفعل الخارجي الذي يأتي صادقًا لأن الممثل عاش اللحظة بصدق وآمن بها بفضل تقنية التصوير التخيلي التي تعتمد كلية على الخيال. 

مصممو العناصر المرئية
يبدأ عمل المصمم من إدراك الرؤية الإخراجية. ففي المرحلة التخطيطية يعمل المخرج على أن تصل رؤيته الإخراجية إلى جميع المصممين المبدعين،  ويجب أن نعلم هنا أن خيال المخرج له حدود يقف عندها وخيال المصمم له حدود أخرى، فخيال المخرج فيما يتعلق برؤيته الإخراجية هو خيال عام يختص بالأمور الكلية على مستوى الصوت والصورة، فعندما يتناقش المخرج مع مصمم الإضاءة مثلًا فهو لا يتحدث عن تفاصيل تخص نوعيات الأجهزة وأماكنها وألوانها وزواياها، إنه فقط يتحدث عن جو عام يراه هو وحده في خياله، أما مصمم الإضاءة فيلتقط هذا الجو العام ويترجمه إلى تفاصيل تقنية قابلة للتنفيذ المادي، فيقرر نوعيات الأجهزة ومساقطها وقوتها واتساع بؤرتها وألوانها، ويشارك المخرح بالقطع في توقيتات التنفيذ لكل حركة إضاءة. ولكن على الجانب الآخر يمكن أن يعمل خيال المخرج في تفصيلة دقيقة في الإضاءة، هذه التفصيلة تكون مرتبطة بالغالب بتفصيلة مهمة تتعلق برؤية المخرج، فمثلاً في عرض "القصة المزدوجة للدكتور بالمي"، كانت خشبة المسرح مقسمة لمنطقة علوية في النصف الخلفي لخشبة المسرح، وهي المنطقة المخصصة للبوليس ومنطقة سفلية يمينها عيادة الطبيب، ويسارها منزل الضابط دانييل، كان الدكتور بالمي يتحدث مع دانييل عن حادثة تتعلق بتعذيب أحد المساجين السياسيين، وفي معرض حديث دانييل عن واقعة التعذيب يذكر اسم ب"بابا"، وهو الأمر الذي يستوقف الدكتور بالمي فيتساءل متعجبًا: 
بالمي بابا؟!!!!
دانييل مساعد وزير الداخلية ورئيسي في العمل
وقد رأيت هنا أن يكون هناك حركة إضاءة محددة التفاصيل، إن باولوس يجلس على مكتبه في المستوى العلوي يرتدي نظارة القراءة ويتفحص ملفات المتهمين، وعندما يعرفه دانييل يسقط شعاع ضوء على وجه باولوس لمدة زمنية لا تتجاوز المدة الزمنية التي يستغرقها دانييل في جملته التعريفية، هذا النوع من حركات الإضاءة لا يملك فيها مصمم الإضاءة أي تصور، على الجانب الآخر يطلب المخرج من مصمم الديكور طلبات عامة، ففي القرد كثيف الشعر طلبت من مصمم الديكور أن تجري المشاهد في سفينة تمثل عالم يانك، ولكن المصمم هو من حدد شكل السفينة وحجمها وتفاصيل سطحها وباطنها واتجاهها، وفي بيت الدمية طلبت أن تكون الأحداث في منزل شفاف مصنوع من الزجاج دلالة على هشاشته من حيث المضمون وحتى أتمكن من إظهار صندوق البريد وممرات المنزل لوجود أحداث تفرضها الرؤية الإخراحية في هاتين المنطقتين، لكن مهندس الديكور هو من أعمل خياله لتحديد طبيعة المواد المستخدمة وطريقة تنفيذها، والحال نفسه ينطبق على جميع العناصر المرئية والمسموعة.

مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يختار 14 عرضا مسرحيا دوليا للتسابق في دورته (28) و " ديفليه " و" الجوزاء" يمثلان مصر في المسابقة الرسمية

مجلة الفنون المسرحية 

فتح باب الترشيح للمشاركة في مهرجان المونودراما النسائي

مجلة الفنون المسرحية 
فتح باب الترشيح للمشاركة في مهرجان المونودراما النسائي

جمعية الستار للابداع المسرحي  لولاية الوادي الجزائر
المهرجان المونودراما النسائي
إعلان عن فتح باب الترشيح للمشاركة في المهرجان 
تعلن جمعية الستار للإبداع المسرحي عن فتح باب الترشيح للمشاركـة في الطبعة الثانية للمهرجان المونودراما النسائي دورة المرحومة عائشه عجوري (الاسم الفني كلتوم)ابتداء من 26 أكتوبر الى غاية 20 نوفمبر 2021 فعلى الفرق  الراغبة في الترشح سحب استمارات المشاركة من صفحة الجمعية على الفايس بوك ـ جمعية الستار للإبداع المسرحي ـ مدعومة بمايلي :
طلب المشاركة في المهرجان 
مقاطع فديو من العرض وصور مأخوذة من أطوار المونودراما المرشحة 
أفيش العرض و المطوية 
بطاقة تقنية عن المسرحية 
لائحة تضم الأسماء الكاملة للمشاركين و مهامهم في العروض المرشحة
تلتزم إدارة المهرجان بتوفير الإيواء والإطعام و التنقلات داخل المدينة و جميع شروط راحة
ملاحظة :
لا يتجاوز عدد الفرق 3 أفراد


البريدالالكترونيnabil.mes3i.ahmed@gmail.com
الهاتف " 00213550822039- 00213666808876

الثلاثاء، 26 أكتوبر 2021

الخيال ونوع المخرج / د.جمال ياقوت

مجلة الفنون المسرحية 


الخيال ونوع المخرج

هناك أنواع ثلاثة من المخرجين، يتباينون في طرق وقدر استخدامهم للخيال:
1 المخرج المترجم
هو مخرج يقوم بالنواحي الإجرائية فقط لا غير، إنه يختار النص والممثلين والفنيين وغيرهم من العناصر البشرية التي يحتاجها العرض المسرحي، ويرسم أيضًا خطوطًا للحركة، ونادرًا ما يناقش الممثل في تفسير الشخصية. ذلك لأنه هو شخصيًا ليس لديه أي تفسير لأية شخصية، وبالتالي فهو لا يملك تصورًا محددًا عن منهج الأداء التمثيلي، ولا الصورة التي ينبغي أن يكون عليها ديكور العرض، والإضاءة والموسيقى، وكافة العناصر الأخرى، هو تابع أمين لمجريات النص المسرحي في كل جوانبه بما فيها الأفكار، هذا المخرج غالبًا ما يكون طيب القلب، ضعيف الشخصية، عديم الخيال، من هنا يأتي العرض نقلاً حرفيًا لأفكار المؤلف، ذلك لأن هذا المخرج ينظر إلى النص على أنه شيء مقدس لا يجوز المساس به، إنه يتبنى عقيدة "المؤلف الإله" الذي لا يجوز المساس بما يكتبه، من واقع المقولة الشهيرة Take it, or leave it وهو ما يعني أن المخرج إما أن يقبل النص فيخرجه دون المساس به بالحذف أو بالإضافة، أو لا يقبله. كما أن هذا النوع من المخرجين غالبًا لا يكون له موقف من العالم والأحداث التي تجري من حوله، لذا فهو قادر على أن يضع يده على أي نص ويقرر إخراجه على الفور، بل يمكنه أن يحدد موعد افتتاح العرض قبل أن يشرع حتى في قراءة النص.
إن هذا النوع من المخرجين قلما يستخدم خياله، إنه نوع إجرائي بامتياز، لا يعير مسألة الجودة أي اهتمام، ولا يهتم كذلك بإثارة دهشة المتلقي، وهو ما لا يضمن تقديم نص يتسم بالروح، ونادرًا ما يتفاعل الجمهور مع عرض يتولى إخراجه مخرج من هذا النوع، إنه مخرج ميكانيكي لا تشاهد إبداعًا في أعماله بقدر ما تشاهد صورًا وأصواتًا آلية تتخلى عن الروح الحية التي يتميز بها فن العرض المسرحي... الخلاصة أن هذا النوع من المخرجين نادرًا ما يعمل خياله، إن وجد في الأصل هذا الخيال.
 
2 المخرج المفسِّر
هو مخرج صاحب رؤية، لا يُخرج إلا النص الذي يتفاعل معه، ولديه وجهة نظر محددة يريد أن يطرحها مع النص، إنه غالبًا ما يتفق مع أفكار النص بصورة كبيرة. من هنا، فهو يطرح هذه الأفكار بتفسيراته الخاصة التي تتفق وموقفه الأيديولوجي، وهو هنا يسخِّر جميع عناصر العرض لتأكيد هذه الأفكار،  إنه يؤمن بمقولة إن "ما لا يؤخذ كله لا يترك كله"، فمن الممكن أن يتفق مع الكثير من أفكار النص، ولكنه في الوقت ذاته قد لا يتفق مع بعض هذه الأفكار، لذا فهو قادر على تأكيد الأفكار التي يتفق معها، وفي الوقت ذاته هو قادر على إعادة صياغة الأفكار التي تتعارض مع فلسفته، بحيث يطرح عرضه كلاً منسجماً من حيث الأفكار ومن حيث العناصر الفنية والمعادلات الموضوعية التي تعبر عن هذه الأفكار. وهو مخرج يحسن استخدام خياله، إن جوهر عمله ينصب على ابتكار وسائل تثير الدهشة من خلال استخدامه لعناصر العرض من أجل تأكيد تفسيراته للقيم الفكرية التي يحملها النص المسرحي، وهنا يحضرني مشهد من عرض "بيت الدمية" الذي أخرجته عام 2006.
بعد تهديد كروجشتاد لنورا بفضح أمر تزويرها عند زوجها، تنتابها حيرة شديدة وتتراوح حالتها المزاجية بين القلق المضطرب تارة ومحاولة طمأنة نفسها تارة أخرى فتقرر أن ترقص حتي تبعث بالطمأنينة في نفسها وتتحرك في رشاقة ومرح وتتجه صوب الشجرة لتزينها لكنها تتوقف فجأة عندما تستحضر في مخيلتها صورة بيتها ركامًا بعد بوح كروجشتاد بالسر لزوجها إن هو نفذ تهديده، ثم تطرد الفكرة من رأسها و تقرر أن ترقص وتغني من أجل تورفالد وتتراقص فرحًا كالفراشة، لكنها سرعان ما تتذكر الخراب الآتي علي يد كروجشتاد فتتوقف عن الرقص بقصور ذاتي متهدل يكشف حالة القلق المضطرم داخلها .... ثم تنتابها حالات من الهلاوس والتخيلات التي تتجسد من خلال الصور الذهنية الثابتة والمتحركة التي تصنعها الممثلة في رأسها، فيمثل أمامها كروجشتاد يأتي للمنزل لكي يقص على هيلمر قصة القرض والتزوير فتهرع نحو الباب في خطوات سريعة لكنها تتبين أن كروجشتاد لم يأت إلا في ذهنها فقط فتعود أدراجها إلى داخل المنزل لكنها سرعان ما تهاجمها صورته مقتحمًا المنزل فتهرع ليتبين لها أنه مجرد حلم يقظة وتعود مرة أخرى وفي المرة الثالثة تتحقق التخيلات ويمثل أمامها كروجشتاد.
يحضر كروجشتاد للمنزل كي يضع الخطاب في صندوق البريد ويخرج من الصالة أمامنا ونراه متجهًا إلى الصندوق ليودع الخطاب به. تسمع أصوات موسيقى باعثة على الهلع والاضطراب، الإضاءة تخفت وتحيط المكان بظلمة مكئبة، يضاء مصباح داخل صندوق البريد يعزله عن العالم المحيط به ويرفع درجة تباينه مع البيئة المحيطة فنرى الصندوق شفافًا جليًا ونرى الخطاب الذي يلقيه كروجشتاد والذي يحمل فضيحة نورا أمام زوجها وهو يتهاوى داخل الصندوق ونكاد نسمع صوت ارتطامه بباقي الخطابات، لحظات من التوتر الشديد تنتاب نورا بعد مشاهدتها لهذه التفاصيل تتحرك بحذر صوب الصندوق، تسيطر على رأسها فكرة واحدة وهي أن مشكلتها متعلقة بهذا الخطاب وستحل هذه المشكلة لو تمكنت من سحب الخطاب من الصندوق..في حركات تعبيرية راقصة تتردد وتدور حول نفسها حتى تصاب بالدوار فتقع على الكرسي الموجود بالصالة، ثم تحسم أمرها وترفع رأسها وتنهض وتنزع دبوسًا من شعرها وتتجه صوب الصندوق فتعبر باب الصالة إلى الردهة في رقصة سمتها الأساسية هي الخوف والتردد، وتستخدم دبوس الشعر وتتمكن من فتح الصندوق والحصول على الخطاب وتمزيقه وبذا تنتهي مشكلتها وكأن المشكلة ستنتهي لو اختفى هذا الخطاب وتلقي بالخطاب عاليًا وتهبط على رأسها آلاف الخطابات وكأن كل المشاكل التي تواجهها نورا في حياتها متعلقة بخطابات وقد استطاعت هي أن تحصل على هذه الخطابات وتمزقها وترقص فرحًا وتتبدل الإضاءة الخافتة إلى ألوان زاهية جميلة مفرحة وتملأ نورا المكان بالضحك والرقص على أنغام الموسيقى الصاخبة الراقصة فالخطابات الممزقة لازالت تتساقط من السماء مع الثلج الذي بدأ يتساقط على جدران البيت وتدخل نورا برقصتها إلى الصالة ومازالت السماء تمطر خطابات ممزقة مع الثلج ومازالت الموسيقى مبهجة جميلة حتى تصل نورا إلى نفس الكرسي وتقع عليه من شدة الفرح وإرهاق الرقص لترفع رأسها فتجد أن خطاب كروجشتاد مازال قابعًا في صندوق البريد يشع منه بريق يتحدى الاستقرار الذي تنعم به مع هيلمر وتدرك أن كل ما فات لم يكن سوى حلم لما تتمناه وهو بعيد كل البعد عن الواقع المر الذي تعيشه.
إن الخيال هنا مركب، ويمكن أن نطلق عليه الخيال داخل الخيال، فالخيال الأول هو خيال المخرج الذي قاده لتقديم فكرة حلم نورا، وفي سياق العرض فإن هذه الفكرة تولدت داخل ذهن الشخصية، فخيال الشخصية – الذي قاده المخرج – أدى بها إلى أن تقرر في لحظة الحلم أن تكسر قفل الصندوق وتستولي على الخطاب الذي تحول من مجرد خطاب إلى رمز يرادف كلمة مشكلة، وبالتالي فبمجرد أن مزقته نورا انهالت العشرات من الخطابات الأخرى الممزقة التي هبطت من السماء وكأن جميع مشاكل نورا اختزلت في خطابات بتمزيقها تحل المشاكل.
3 المخرج المفكك
قد يختلف هذا النوع من المخرجين مع غالبية الأفكار التي يطرحها النص، وبالرغم من ذلك تراه منفعلاً بهذه الأفكار إلى الحد الذي يجعله راغبًا في التعارض معها، إنه قادر على هدم الفكرة الرئيسة التي يطرحها النص ويعيد طرحها في ثوب جديد من بنات أفكاره، هذا المخرج له موقف واضح من الحياة، ومن العالم الذي يعيش فيه، وهذا الموقف لا يأتي من فراغ، لكنه يستند إلى فلسفة يؤمن بها، هذه الفلسفة هي التي تحدد مسار عمله الإخراجي، وبالتالي فهي التي تحدد الآلية التي يعد بها نص العرض، كما تحدد الطريقة التي يستخدم بها عناصر العرض لكي يعبر عن الأفكار التي يسعى لطرحها. إنه مخرج لا تنقصه الجرأة للقيام بأي عمل في سبيل التعبير عن فكرة ما، يمكنه أن يختلف مع بنية النص فيعيد تصوير حياة النص وبناء حواراته من جديد، ومن السهل جدًا أن يقوم هذا المخرج بحذف بعض الشخصيات الثانوية، أو بدمجها معًا في شخصية واحدة أو أكثر، كما أنه لا تنقصه الجرأة للقيام بحذف واحدة أو أكثر من الشخصيات الرئيسة.
وقد يكون المخرج المفكك هو أكثر أنواع المخرجين استخدامًا للخيال لأنه يخرج عادة عن الأطر التي يطرحها النص المسرحي ويتعارض معها، وهو ما يحتاج إلى خلق مجموعة من الصور والأصوات التي تعبر عن الأفكار الجديدة التي يريد أن يطرحها المخرج.
وقد يكون مشهد النهاية في عرض "القرد كثيف الشعر" من المشاهد التي قمت فيها بإعادة تصوير شخصية يانك تفكيكيًا من خلال تلك النهاية، فـ "يوجين أنيل" ينهي نصه الأصلي بموت “يانك” لمخالفته ناموس الطبيعة؛ أما العرض الذي أخرجته عام 2009، فقد أنهيته برقصة تؤكد سعادة “يانك” بالحفاظ على انتمائه لطبقته لتحقيق السلام الاجتماعي. وهو ما يتواءم مع رسالة العرض التي تؤكد أن “يانك” رغم مظهر اهتمامه بقوته البدنية فإنه رجل صاحب منظومة فكرية قادته في النهاية لهذا الحل غير المتوقع للحفاظ على انتمائه، ومن ثم الحفاظ على أمن المجتمع.
 
وفي النهاية لا يمكن أن نقوم بتصنيف جميع المخرجين بين الأنواع الثلاثة المذكورة بصورة فاصلة، فالعرض الواحد يمكن أن يحمل سمات المخرجين الثلاثة، لكن مع تكرار أعمال المخرج الواحد، يمكن أن نراه مترجمًا، أو مفسرًا، أو مفككًا في مجمل أعماله، وإذا كان من السهل أن نميز المخرج المترجم من العرض الأول، فإن التداخل بين المخرج المفسر والمفكك لا يسهل فصله من خلال عرض واحد، وأحيانًا لا يهم هذا الفصل، لأن كل المخرجين لديهم خيال كبير، ولديهم موقف واضح من العالم والأحداث، ولديهم عقل مبتكر قادر على توظيف عناصر العرض المسرحي على مستوى الصوت والصورة لخدمة الأفكار التي يبغون طرحها من خلال العرض

لجنة المشاهدة لمهرجان مسرح الصوامت الدولي بنسخته الاولى تعلن عن العروض المشاركة

مجلة الفنون المسرحية


لجنة المشاهدة لمهرجان مسرح الصوامت الدولي بنسخته الاولى تعلن عن العروض المشاركة 

بإسم لجنة المشاهدة لمهرجان مسرح الصوامت الدولي بنسخته الاولى نعلن عن العروض المقبولة للمشاركة في المهرجان وبعد مشاهدة العروض المسرحية التي وصلت الى ادارة المهرجان 

تم اختيار العروض الاتية :

١- مسرحية السبعة ـ الاردن 
٢- مسرحية الرسام ـ ليبيا
٣- مسرحية التحام ـ ديالى 
٤-  مسرحية الحنين ـ النجف 
٥- مسرحية محطات الساخنة ـ البصرة
٦- مسرحية عامل النظافة ـ بابل
٧- مسرحية هه را ـ السليمانية
٨- مسرحية شكار ـ ايران 
٩- مسرحية مي ـ ايران 

لجنة المشاهدة :

د.أمير هشام 
كه زيزة عمر 
كاظم نصار 
منعم سعيد 
د. وعد  الهاجري

الأحد، 24 أكتوبر 2021

مهرجان بغداد الدولي للمسرح يطلق استمارة التسجيل في الورش المسرحية (الجسد في المسرح ) بأشراف الفنان التونسي خالد بو زيد

مجلة الفنون المسرحية 
مهرجان بغداد الدولي للمسرح  يطلق استمارة التسجيل في الورش المسرحية (الجسد في المسرح ) بأشراف  الفنان التونسي خالد بو زيد  


أطلقت دائرة السينما والمسرح ورشة مسرحية بعنوان (الجسد في المسرح) بقيادة الفنان التونسي (خالد ابو زيد) والتي ستقام  في (دائرة السينما والمسرح ) ضمن انشطة فعاليات مهرجان بغداد الدولي للمسرح (الدورة الثانية) ويتم التقديم على الورشة من تاريخ 20  ولغاية 26 / 11 / 2021 وعلى الفنانين المسرحيين الشباب من كلا الجنسين الراغبين بالمشاركة في الورشة  تسجيل  اسمائهم  من خلال ملأ الاستمارة 
على الرابط أدناه  واخر موعد للتقديم 1 / 11 / 2021 


وارسالها على العنوان الاتي : baghdadintfestivaltheater2@gmail.com 
07702664080 مدير المهرجان

الجمعة، 22 أكتوبر 2021

«الأشكال الدراميّة» في المسرح الجزائري

مجلة الفنون المسرحية


«الأشكال الدراميّة» في المسرح الجزائري

د. معراج أحمد الندوي أستاذ بجامعة عالية كولكاتا - الهند

«الأشكال الدرامية في المسرع العربي الجزائري».. هذا هو العنوان الذي اختاره باحث تحت إشرافي لأطروحة الدكتوراه.. لقد أعجبني العنوان كثيراً، وفكرت عن الجديد في الموضوع، وحاولت تكوين رؤية حول مصطلح «الدراما»، ومن بين أدوات البحر التي لجأت إليها هو «غوغل» باعتباره أشهر محركات البحث، ليس هذا فقط بل إنه أصبح جزءاً من حياتنا اليومية.

وانتهيت بعد بحث، إلى النتيجة الآتية: لم تعرف المعاجم العربية كلمة «الدَّراما» ولا الدراميّة المشتقة منها، بل الكلمة أصلها اليوناني، ويشير إلى الفعل كعنوان معين للون من الفنون، فالدراما كفنّ من فنون التعبير، ترتبط بقدرة الإنسان منذ بدء الخليقة على التعبير عن نفسه، وعن مكنونات بيئته الطبيعية والاجتماعية.

والدراما أيضاً فن مسرحيّ يهدف إلى تصوير الحياة أو الشخصية أو سرد القصة، التي عادةً ما تنطوي على الصراعات والعواطف من خلال الحدث والحوار المُصمّم عادةً للأداء المسرحي.

وقد كانت البدايات الأولى الساذجة للدراما في مصر القديمة، ثم نضجت الأعمال الدرامية في الهند والصين واليابان، وكانت تمثل الإرهاصات الأولى للأعمال الدرامية الكبيرة في بلاد اليونان القديمة.

والدراما الحقيقية توجد في المسرحيّة التي تعالج مشكلات المجتمع بصورة كاملة، لأن المسرح ليس مجرد وضع الكاميرا أمام الطبيعة، بل هو عرض لحكاية رمزية ذات مغزى أخلاقي عن الصراع بين إرادة الإسنان وبيئته.

والفنون الدرامية عموماً غايتها الترفيه عن الجمهور، لكن الترفيه لا يعني التسلية فحسب بل هو إشباع الحواس، أي إدخال السرور الى النفس، وكذلك الإشباع الذهني، وفي الوقت نفسه، يمكنها أن تُرفِّه عن المشاهدين من خلال إثارة انفعالات أخرى، كالخوف والشفقة.

وبالعودة إلى الموضوع الذي أشرت إليه في بداية المقال، فإن المسرح الجزائري حاول أن يعكس الواقع الاجتماعي، ويستوحي أحواله الآنية، وينطلق من الواقع الراهن ليبلورها فنيّاً دراميّاً ومسرحيّاً من أجل تقديم صورة الإنسان والمجتمع كما كانت في الواقع، وهذا اللجوء إلى الواقع كان نتيجة حتميَّة لرصد أحوال الطبقة الكادحة والعاملة في البيئة الجزائرية.

ومن أهم المسرحيات التي كشفت أحوال المجتمع والتغلب على تناقصاته من خلال فكرة تحرير الإنسان اجتماعيّاً روحيّاً، نجد مسرحيَّة «الهارب» للروائي «طاهر وطار» التي ألَّفها في عام 1961، حيث تُمثِّل هذه المسرحية حالات: الجنون، والإحساس بالقلق، والألم، وإفلاس الفكر، والشعور بالعجز أمام التحديات الجديدة الواقعية، التي لا تقدم من غير أن تتناول الموضوع الخطير الذي يتعلق بانتقال الرجل العامل إلى الوعي السياسي، وإلى فهم قيمته التاريخية، بل وتوسيع حدود الشخصية وتغير بنائها الداخلي، ولا تؤكد فيها على الحقيقة الروحية للفرد، بل على تاريخ النمو الأيديولوجي للجماهير الواسعة.

في الأشكال الدرامية الجزائرية ظهرت لمسات جماليّة وذوقّية خرجت من حدود الحاجة اليوميَّة، بما فيها تلك المتعلقة بالظواهر شبه الدرامية.

من ناحية أخرى، تجلَّت الظواهر الدراميَّة في المجتمع الجزائري بأشكال تثير الدهشة من خلال الأفراح والمآتم، وحلقات الذكر، والمناسبات الدينيَّة حيث برزت أيضاً من صور العادات والتقاليد المختلفة كمولد الأطفال، ومواسم الحصاد وظاهرة التجمع في الأسواق، وغيرها من الأماكن، ثمّ تطورت لتصبح أشكالاً دراميّة تتسم بالاحتفالية.

لقد اتّخذت الدراما أشكالا مختلفة من عصر إلى عصر، تناسباً مع التطور الطبيعي للمجتمع، ومع ما ينتج عن هذه الحركات الاجتماعية من فكر وقيم، وإن مبدأ الحياة الاجتماعية في التصور الواقعي الدرامي يعني تأثر الإنسان بالظروف الاجتماعية والوسط المحيط والأخلاق السائدة، لكن المضمون التاريخي الملموس تغير مع حركة التاريخ وتطور الفكر الاجتماعي.

مسرحية طرطوف في مسارح ستوكهولم / عصمان فارس

مجلة الفنون المسرحية 
مسرحية طرطوف في مسارح ستوكهولم 

شاهدت مسرحية طرطوف لمخرجين كبار في المسرح  السويدي، كان العرض الاول في مسرح مدينة ستوكهولم على المسرح الكبير والمخرج تومي بركرين، والعرض الثاني لنفس المسرحية في المسرح الملكي دراماتن وعلى المسرح الكبير، والمخرج ستيفان فالديمار برؤية اخراجية مختلفة. المخرج تومي بركرين الكوميديا الساخرة لموليير عن المخادع طرطوف العرض الأول على مسرح مدينة ستوكهولم المسرح الكبير، طرطوف هو منافق عاش في عائلة ثرية للغاية، من خلال تقديم نفسه كرجل غير أناني وبسيط. إنه يعشق صديقه الجديد ووعده بابنته الصغيرة. نعم شكرا لك يقول طرطوف. لكن في الحقيقة إنها زوجة أورجون الجميلة إلمير التي يتوق إليها.
حقق المخرج تومي بركرين نجاحًا كبيرًا في مسرح مدينة ستوكهولم، مع إنتاجات مشهورة في انتظار جودو، والعديد من المسرحيات لهارولد بينتر. الآن عاد مع كلاسيكيات موليير الكوميديا طرطوف حول المعايير المزدوجة المخيفة والحالية باستمرار، المسرحية تجري أحداتها في باريس. ينتمي المصرفي اورجون تمثيل دان اكبوري إلى واحد من أثرياء المدينة يعيش وعائلته في رفاهية، الأطفال مدللون وزوجته الجميلة الشابة الجديدة المير (ميرجا توريستدت) كذلك مدبرة المنزل دورين تمثيل كونيلا نيروس تقدم الحلويات والشمبانيا يوميا. عندما يجد كل من طرطوف (يوهان رابايوس) وأورجون بعضهما البعض في صحتك اورجون. مع هذا الرجل البسيط المثالي في المنزل، يأمل اورجون أن يتمكن أخيرًا من وضعه، توقف عن عيش الأسرة المثير للاشمئزاز المسرف. وخطط طرطوف لا تعرف حدودًا. ستكون أموال اورجون ملكًا له بالإضافة إلى سعادته، السيدة المير الشيء الوحيد الذي يقف في الطريق هو عدم رضا أفراد الأسرة الآخرين عن الشخص الجديد.
ابن داميس (هنريك جوهانسون) الابنة ماريان (ماري روبرتسون)، الزوجة المير وليس أقلها مدبرة المنزل دورين تدرك في وقت مبكر أن طرطوف مخادع وتفعل كل ما في وسعها فتح عيون أورجون، تم تصميم المجموعة بواسطة انا اسب، التي حصلت على عدد من الجوائز لعملها بما في ذلك جائزة الأوسكار من أجل سينوغرافيا فيلم إنغمار بيرجمان فاني وألكساندر. عملت آنا في مسرح مدينة ستوكهولم عام ١٩٩٤ مع مسرحية القرار وظهرت لأول مرة في مسرح المدينة أعمال إيفار كروجر المذهلة، في عام ١٩٦٩بالنسبة لميرجا توريستدت تمثل دور المير سيكون أول ظهور لها على مسرح المدينة شوهدت آخر مرة في فرانسواز سوجان سلوت في السويد في دراماتن. يقوم هنريك يوهانسون بدوره مع طرطوف لاول مرة على مسرح المدينة، شوهد هنريك آخر مرة في دراما التلفزيون السويدي، حيث قام بتمثيل الحياة في فاجر فيك الدور الرئيسي محامي: يوهان كارلسون.
في أدوار أخرى، جونفور بونتين، نيكلاس فالك ريتشارد فورسغرين، آكي لوندكفيست جاكوب إيكلوند سارة الزمردي وكارين مالم طرطوف المخادع اللامع، يخدع المال بقوله إنه نبيل وصالح وأن كل ما يريده هو أن يكون مخلصًا لإلهه. يخدع طريقه إلى الأسرة بسحر الأب بأخلاقه النبيلة طرطوف هو المثالي ونقطة البداية لكوميديا سياسية تدور حول واحدة من أكبر عمليات الاحتيال في عصرنا فاسق ومخادع؛ مهنتهم في التقوى لتفترس الآخرين. عمل موليير جزءًا من التسلسل الهرمي للكنيسة الرومانية الكاثوليكية الفرنسية، وأعضاء من المجتمع الفرنسي من الطبقة العليا ومنظمة سرية غير قانونية تسمى ساينت سكرمينت. تم قطع شعبية طرطوف عندما أصدر رئيس أساقفة باريس بيريفيكس مرسومًا يهدد فيه بالحرمان الكنسي لأي شخص شاهد المسرحية أو أداؤها أو قرأها. حاول موليير تهدئة مسؤولي الكنيسة من خلال إعادة كتابة مسرحيته ليبدو أكثر علمانية وأقل انتقادًا للدين، لكن رئيس الأساقفة والمسؤولين البارزين الآخرين لم يتزحزحوا. كانت النسخة الثانية المنقحة من المسرحية تسمى لمبيستور وكان لها شخصية رئيسية اسمها بانولبى بدلاً من طرطوف، وكان العرض الوحيد الذي حدث في مسرح بليس رويال في عام ١٩٦٧ على الفور في اليوم التالي نظرًا لأن الملك كان بعيدًا عن باريس فقد قام غيوم دي لاموينيون، أول رئيس لمجلس نواب باريس بمراقبة العروض العامة حتى طوال صراع مولي يدعم الكاتب المسرحي.

 
من الممكن أنه بدون دعم الملك، ربما يكون موليير قد تعرض الكنيسة استمر لويس الرابع عشر للحرمان الكنسي. على الرغم من حظر العروض العامة للمسرحية، فقد حدثت عروض خاصة للأرستقراطية الفرنسية. في عام ١٩٦٩ بعد أن فقد منتقدو موليير الكثير من نفوذهم. على الرغم من أن طرطوف تم استقباله جيدًا من قبل الجمهور وحتى من قبل لويس الرابع عشر، فقد أثار على الفور صراعًا بين العديد من المجموعات المختلفة التي شعرت بالإهانة من تصوير المسرحية لشخص كان متدينًا ظاهريًا ولكنه في الأساس مرتزق . ستجعل الجمهور يعتقد أنهم سيتصرفون كما فعل طرطوف يتناقض هذا القسم من الرسالة مع الأخير من خلال وصف كيف أن أفعال طرطوف تستحق السخرية ، في جوهرها كوميدي ، وبالتالي فهي ليست بأي حال من الأحوال تأييدًا الكوميدي لمعرفة الكوميديا يجب أن نعرف العقلاني، أن نرى من أين يتكون العقل التناقض هو قلب الكوميديا. ويترتب على ذلك أن كل الكذب، التنكر الغش الإخفاء، كل التناقض في الواقع بين الأفعال التي تنطلق من مصدر واحد كل هذا في جوهره فكاهي. تهكم بلا رحمة الكنيسة الكاثوليكية ورجال دينها.عائلة اورجون متوترة لأن اورجون ووالدته قد وقعا تحت تأثير طرطوف، يتظاهر طرطوف ويتحدث بسلطة إلهية، ولا تخدع تصرفات طرطوف بقية أفراد الأسرة أو أصدقائهم؛ يكرهونه. تشعر ماريان بالضيق الشديد من هذا الخبر، ويدرك باقي أفراد العائلة مدى عمق طرطوف في دمج نفسه في العائلة في محاولة لإظهار اورجون مدى فظاعة طرطوف حقًا، ابتكرت العائلة مخططًا لإيقاع طرطوف بالاعتراف لإلمير (زوجة اورجون ) برغبته فيها. بصفته رجلًا تقيًا وضيفًا لا ينبغي أن يكون لديه مثل هذه المشاعر تجاه سيدة المنزل، وتأمل العائلة أنه بعد هذا الاعتراف، سيرمي اورجون بطرطوف خارج المنزل. في الواقع، يحاول طرطوف إغواء الميرا، أورجون مقتنع بأن داميس كان يكذب ويطرده من المنزل. حتى أن طرطوف جعل اورجون يأمر بذلك لتعليم داميس درسًا. كهدية لطرطوف وعقاب إضافي لداميس وبقية عائلته يوقع اورجون على جميع ممتلكاته الدنيوية إلى طرطوف، تتولى الميرا المسؤولية مرة أخرى وتتحدى اورجون لتكون شاهدة على اجتماع بين هي وطرطوف . عندما قام طرطوف بتجريم نفسه بشكل يفوق كل مساعدة ويقترب بشكل خطير من انتهاك الميرا، يخرج اورجون من تحت الطاولة ويأمر طرطوف بالخروج من منزله يظهر السيد لويال برسالة من طرطوف والمحكمة نفسها - يجب عليهم الخروج من المنزل، أصبحت مقتنعة بحلول هذا الوقت من ازدواجية طرطوف، لم يكد يرحل السيد لويال حتى اندفع فاليرى مع الأخبار التي تفيد بأن طرطوف قد شجب اورجون لمساعدة خائن من خلال الاحتفاظ برسائل الإدانة وأن اورجون على وشك أن يتم القبض عليه. قبل أن يتمكن اورجون من الفرار، يصل طرطوف مع ضابط .
يوضح الضابط أن الملك المستنير لويس الرابع عشر - قد سمع بالظلم الذي يحدث في المنزل، وقد فزعته خيانة طرطوف تجاه أورغون وأمر باعتقال طرطوف؛ اتضح أن طرطوف لديه تاريخ إجرامي طويل وغالبًا ما غيّر اسمه لتجنب القبض عليه كمكافأة على خدمات اورجون، لا يغفر الملك له فقط للاحتفاظ بالخطابات، بل يبطل أيضًا الفعل الذي منح طرطوف حيازة المنزل وجميع الممتلكات. تنتهي الدراما بشكل جيد ويعلن اورجون عن حفل زفاف فا ليرى وماريانا القادم. تعتبر النهاية الملتوية المفاجئة ويوهان رابيوس طرطوف رجل مقدس متعصب بابتسامة ذئب، هو هنا متمرّد مجرم أكثر منه منافق خالص. حظره قبل سنوات فقط تم عرضه مرة أخرى ثم أعيد كتابته جزئيًا تحت إشراف ستافان فالديمار هولم في دراماتن المسرح الملكي، سيكون ااخراجآ مختلفًا عما اعتدنا رؤيته في المسارح السويدية. يعتقد ستافان فالديمار أنه النص الأصلي، دون التغييرات القسرية التي تتطلبها الرقابة. فإنه سوف يكون على ما يرام، سيكون أفضل بكثير مما يحصل عليه طرطوف عادة. إن أخلاقيات الحواس في النسخة المعدلة المعاد كتابتها تشيد حقًا بالمبدأ القائل: بأن الطبقة العليا الصغيرة يجب أن يكون لها الحق في الاحتفاظ بكل شيء، وأن تكون أكثر ثراءً من الآخرين، ولا يطلب استبدال كل ممتلكاته بنفسه. ماغنوس إيرنر محق تمامًا في دور طرطوف لديه كاريزما رجل بسيط هذه هي الطريقة التي يشعر الكثيرون أنه يتعين عليهم اتباعها للحصول على المنافع الاجتماعية. العرض ساعتان وربع مع استراحة بينهما. تتناول مسرحية "طرطوف" نقائص الإنسانية وعيوبها، وتعالج مشكلة اجتماعية خطيرة، وهي مشكلة النفاق والتستر بستار الدين، حيث تتناول أولئك الذين يتظاهرون بالتقوى والفضيلة. ولكنه لا يريد لهم أن يفاخروا بتقواهم، موليير لا يريد لرجال الدين أن يتدخلوا في ما لا يعنيهم.

هكذا عروض مسرحية كانت قبل جائحة كورونا وكانت الحياة طبيعية وبدون عقد وعزلة قسرية.

مسرحية طرطوف

تأليف :جان بابتيست. موليير

العرض الأول على المسرح الرئيسي الكبير

ترجمة :هانز ألفريدسون ، ألان بيرجستراند

إخراج :تومي بركرين

سينوغرافيا :آنا اسب

الازياء : ماريا جابر

الاضاءة : الاريك ليليستيرنا

الاقنعة : أولريكا ريتر

تمثيل الادوار

طرطوف :جوهان رابايوس

اورغون :دان اكبري

مدام بير:نيل جانفور بونتين

كليانت: نيكلاس فالك

فالير: ريتشارد فورسغرين

داميس :هنريك جوهانسون

السيد لويال : اوكى لوند كفيست

دورين_: جونيلا نيروس

المير :ميرجا توريستدت

ماريان :ماري روبرتسون

شرطة: جاكوب اكلوند

بيجا :سارة زمارودي

بيغا كارين مالم
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption