أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 27 فبراير 2022

الفنان المغربي خالد ديدان: استمرار المسرح يحتاج إلى إرادة سياسية وتشجيع وتأطير قانوني

مجلة الفنون المسرحية
 

الفنان المغربي خالد ديدان: استمرار المسرح يحتاج إلى إرادة سياسية وتشجيع وتأطير قانوني

عبد العزيز بنعبو

 وجوه عديدة في المسرح المغربي يتميز حضورها بنكهة خاصة ورؤية مغايرة نوعا ما تضيف الكثير للتنوع الإبداعي، من بينها الفنان المسرحي خالد ديدان، الذي راكم تجربة جميلة من خلال عروض مسرحية ومشاركته في بعض الأعمال الدرامية.

قبل مدة قصيرة، قام ديدان بإخراج العروض الدولية بالمنصة الرئيسية للمهرجان الدولي «مغرب الحكايات» الذي تنظمه جمعية «لقاءات للتربية والثقافات» كما انخرط كمؤلف في مشروع «مسرح المغرب» لقناة mbc5. وقدم مؤخرا مسرحية «يامنة والجيلالي» مؤلفا ومخرجا على السواء بدعم استثنائي من وزارة الثقافة. وبعدها ساهم في شراكة إنتاج مع مسرح محمد الخامس لمسرحية «زمانهن» من إخراج الفنان عبد الله ديدان.
أول أسئلة «القدس العربي» في حوار خالد ديدان، كان يتعلق بموضوع أثار الكثير من الانتباه مؤخرا، والذي تمثل في مبادرة التلفزيون المغربي ووزارة الثقافة المتعلقة بـ«المسرح يتحرك» وهل فعلا «المسرح يتحرك»؟
حسب الفنان فإن «توقيع الشراكة بين وزارة الثقافة والشباب والرياضة والتلفزيون المغربي في 29 حزيران/ يونيو الماضي لانتقاء 60 عملا مسرحيا لتبث على القنوات التلفزيونية والمنصة الرقمية لقطاع الثقافة، مبادرة حميدة لانتعاش القطاع المسرحي الذي عانى جراء الإجراءات الاحترازية منذ بداية انتشار وباء كوفيد».
وأضاف ديدان، «بناء عليها تحركت الفرق لجمع ملفات أعمالها ووضعها أو إرسالها لمديرية الفنون. هذه الحركية لم نشهدها منذ التراجع عن دعم المجال المسرحي لسنوات تجمع ما قبل الوباء وإبانه. اللهم إلا ما سمي بالدعم الاستثنائي إذ قدمت الفرق المسرحية عروضها في قاعات مقفلة».
أما بخصوص مبادرة «المسرح يتحرك» فيقول «أظن أنها ستكون صعبة على مستوى انتقاء العروض، خاصة على مستوى جودة وجدية ومطابقة لمعايير ما يصلح للتقديم على التلفزيون. إضافة إلى عدد الملفات التي يرغب أصحابها في الانخراط في هذه العملية مقارنة بالعدد المحصور في الاتفاقية والمحدد في 60 مسرحية».
وعبّر ديدان عن أمله في أن «لا يلي هذه العملية لغط وانتقادات من طرف الممارسين والفرق التي لم يحالفها الحظ. وليضع الجميع في الحسبان أن المبادرة مستمرة، وحتى نضمن استمرارها وجب أن نعد لها العدة على مستوى الأفكار والجماليات وعلى المستوى القانوني وألا تضيع شغيلة الميدان (المؤلفون والمؤدون والتقنيون) أمام ربح أصحاب الإطارات القانونية (شركات، تعاونيات، وكالات، مقاولات وجمعيات)».
الحديث عن مبادرة وزارة الثقافة والتلفزيون المغربي، صاحبه سؤال حول عدد المبادرات المطلوبة لإخراج المسرح المغربي من عنق الزجاجة.
حسب ديدان، فإن «السؤال قصير والإجابة عنه تمتد منذ بداية تسعينيات القرن الماضي إلى ما بعد الآن. فهناك مكتسبات لا نود أن تضيع، كما نأمل الكثير كي نستمر في مستوى يليق ببلادنا التي تشهد تطورا في جميع القطاعات برعاية الملك محمد السادس».
ووفقه فإنه «لاستمرارية ونجاح المسرح المغربي نحتاج إلى رعاية، وإرادة سياسية، وتشجيع ودعم، وتأطير قانوني».
وتابع قائلا إنه سيحاول «الإشارة إلى بعض النقاط جوابا على هذا السؤال وأرجئ الاستفاضة فيها إلى مناسبة أخرى. إذ أرى بكل تواضع كي يخرج المسرح المغربي من عنق الزجاجة كما جاء في سؤالكم يجب التركيز على هذه النقاط:
ـ العمل على القوانين التنظيمية التي يحتويها قانون الفنان وإخراجها إلى الوجود.
ـ البحث عن شبابيك جديدة للشراكة والدعم والترويج للمسرح غير قطاع وزارة الثقافة ومسرح محمد الخامس.
ـ تشجيع المؤسسات العمومية على التعامل مع المسرح كوسيلة تحسيسية.
ـ إدماج المسرح في المنظومة التعليمية.
ـ توسيع قاعدة توطين الفرق المسرحية.
ـ إحداث فرق مسرحية جهوية وشراكات جهوية.
ـ إحداث معاهد التكوين المسرحي.
ـ تحديث القاعات التي تهالكت وآليات الاشتغال بها واستكمال التي تعاني نقصا ما.
ـ الالتحام حول الإطارات القانونية المنظمة للمجال المسرحي الاحترافي لتمثيلية الحوار والمرافعة حول كل ما يخص الميدان المسرحي.
ـ الابتعاد عن عقلية التطوع وركوب التفكير المقاولاتي الفني.
موضوع آخر ما زال حاضرا بقوة الأزمة في يوميات المسرحيين المغاربة، وهو الجائحة بعد أن صارت سيدة كل اللحظات رغم تعب الناس منها إلا أنها تواصل جولاتها في بقاع الأرض غير عابئة بكل ذلك الكم الهائل من الامتعاض الذي يعلو وجه الجميع.
وكان هو موضوع سؤال «القدس العربي» حول الحال والأحوال مع المسرح واليومي المعيش، ورد عليه خالد ديدان بالقول، «إن قطاع المسرح يعاني جراء تداعيات كوفيد» وبَدَا لافتا استخدام كلمة «يعاني» بصيغة المضارع لا الماضي، لأن المعاناة ما زالت مستمرة.
وأضاف «أن أحوال المشتغلين في المسرح، مثل جميع من وجدوا أنفسهم بعيدا عن القطاعات المهيكلة» ويستطرد الفنان «أن الحياة تستمر رغم كل الصعوبات تحت شعار (المصيبة إذا عمت هانت)».
وأبرز أنه «مع إقفال أبواب قاعات العروض أقفل رزق الكثير من المشتغلين في الفرجات الحية وظهرت الهشاشة جلية في المعيش اليومي بالنسبة للأغلبية الساحقة المعتمدة على المسرح كمصدر وحيد للعيش».
وبحسرة، قال «كان الله في عون زملاء المهنة والرحمة لمن ماتوا. فبين انتظار فتح المسارح والخوف من مرور الموسم المسرحي فارغا، نحتاج إلى تطعيم القطاع بعدة جرعات».
وفيما يتعلق بالحديث عن تعرية الجائحة لأعطاب الفن في المغرب، وهو ما عبر عنه عدد من الفنانين المغاربة في حوارات سابقة مع «القدس العربي» أكد ديدان أن الفيروس وتداعياته «فعلت كل شيء بالكثير من الفئات المهنية وليس فقط الفنانين».
لكن ديدان توقف عند الفنانين، وقدم مشهدا واقعيا كالتالي، «حينما يرى الفنان المواطن بعض المواطنين غير الموظفين مصطفين أمام الشبابيك البنكية لاستخراج مساعدات مادية، يتحول بقدرة كورونا إلى متفرج على عرض لا يخصه. ويعي أنه معرض إلى الهشاشة أمام مالك المنزل والخضار والجزار والدكان والصيدلي وتعليم أبنائه. وحينما يواجه الفنان باستمرار إقفال فضاءات العروض التي يقدم فيها عمله يتحول إلى عنوان للهشاشة. شخصيا أنا مع الإجراءات الاحترازية مع فتح القاعات أمام الفرق الفنية والجمهور بنسبة مئوية محددة من مقاعدها إلى أن نتغلب جميعا على هذه الجائحة كي نحارب الهشاشة».
وبخصوص ما يحاول البعض تصويره، من كون أزمة المسرح والفن في المغرب بشكل عام هي أزمة إبداع، في حين هي أزمة هيكلة قانونية ومَأْسَسَة الميدان الفني وعدم ترك الفراغات التي تتسرب منها الأزمات الاجتماعية الخاصة بالفنانين، أشار ديدان إلى أنه «يصعب كثيرا أن نقرن فن المسرح المغربي بمصطلح (أزمة) أمام عدد كثير من الفرق المستفيدة من دعمه وترويجه وأمام العديد من الأسماء والأعمال التي حققت نجاحا في الوطن وخارجه».
فالمسرح المغربي، يضيف ديدان، «من هذا المنظور بخير، بفضل بعض الفرق ومن صمدوا على خشبته لسنوات ومن درسوه على الخصوص. وهو فرجة إبداعية متطورة تتحكم فيها رؤى المؤلف والمخرج ومشاركة كل الفاعلين في العمل المسرحي. وكمتفرج أعي تماما إما أن يعجبني العرض أو لا. كما هو حال الجالسين حولي. وليس بالضرورة أن تقدم الفرقة عرضا خاصا بي حتى تنال حكمي عليه بالجودة. ولكنني أحضره أولا من باب تشجيع التجربة والاكتشاف. أما حكمي على الشيء فهو رهين بذاتي، وهنا يكون حكما خاصا، أو بمعايير مكتوبة ومضبوطة أمام أعيني، وهنا يمكن أن يكون حكما عاما وبالدلائل التي اعتمدتها مما هو مكتوب ومعتمد لإصدار الحكم».
ويواصل قائلا «إن كانت الجودة حسب منظور البعض هو الجماهيرية فهناك من الفرق من تحقق ذلك. وإن كانت الجودة مرهونة بالجماليات فلنا في المشاركات ونتائج المهرجانات المسرحية الوطنية والعربية جواب».
وكلحظة غوص أخرى في مصطلح الأزمة قال ديدان، «إذا فهمت مصطلح الأزمة من زاوية المشاكل إليكم جوابي من منظوري المتواضع: أولا، يعيش المسرح المغربي عدة مشاكل سببها التعامل معه والنظر إليه كنشاط فقط، بيد أنه نشاط اقتصادي. ينال الدعم من الدولة لتأدية خدمة، ويشغل العديد من العاملين، ومتبوع بتأدية الضرائب. ومقابل ذلك وجب اتخاذ المبادرة من طرف المسؤولين عن الإطارات القانونية لجعله يرقى إلى مستوى المتفرج بإنتاج وتنفيذ إنتاج الأعمال المسرحية ذات الجودة والجدية لتحقيق الجماهيرية وفتح شباك التذاكر وليس الاعتماد على الدعوات من أجل ملء القاعات. لذلك وجب الحسم في الملفات القانونية لبعض الجمعيات التي تتحول بقدرة قادر من هاوية إلى محترفة مسترزقة من دعم الدولة للمجال.
ثانيا، دعم الدولة في المجال المسرحي فعلا يرتفع مقابل ارتفاع عدد الجمعيات، ما يؤثر سلبا على الشغيلة المحترفة فعليا أمام عدم تحديد أجورها، وعدم وجود عقد جماعي يؤطر عملها. لذلك وجب تشديد المراقبة على الجمعيات الملتحقة بركب احتراف المسرح، وحول النسبة المئوية في إشراك حاملي البطاقة المهنية طيلة الموسم المسرحي. ما يذهب بنا إلى إحداث هيئة يوكل إليها متابعة الإطارات التي تشغل أفرادا لا تتوفر فيهم الشروط القانونية للعمل الفني المسرحي أو تزيغ عن دون الحد الأدنى للأجور.
ثالثا، يجب أيضا على إطاراتنا المنظمة للميدان، وكذا الحاملة للمشاريع الفنية أن تبحث على شبابيك لترويج الأعمال المسرحية غير القطاع الوزاري للثقافة ومسرح محمد الخامس وبعض المساهمات المحتشمة من بعض المجالس البلدية ذات السمة السياسية لحزب السلطة في الدائرة الترابية».
من سؤال الأزمة إلى سؤال الجديد، حيث أكد خالد ديدان، أن رحى إنتاجه المسرحي لم تتوقف «قبل انتشار الوباء بفترة قصيرة أخرجت العروض الدولية بالمنصة الرئيسية لمهرجان مغرب الحكايات الذي تنظمه جمعية لقاءات للتربية والثقافات، ومباشرة انخرطت كمؤلف في مشروع مسرح المغرب للـ mbc5 إذ صور لي 16 عملا مسرحيا من تنفيذ إنتاج شركة أنسا. ثم قدمت مسرحية (يامنة والجيلالي) كمؤلف ومخرج على السواء بدعم استثنائي من وزارة الثقافة. وبعدها شراكة إنتاج مع مسرح محمد الخامس لمسرحية (زمانهن) من إخراج الفنان عبد الله ديدان وتنفيذ إنتاج شركة فلاش فيلم. وسترى النور قريبا (مسرحية سيدي قدور العلمي) إذ عملت على دراماتورجيا النص في إطار برنامج إحياء ريبرتوار المسرح المغربي من طرف مسرح محمد الخامس من إخراج الأستاذ حسن هموش وتنفيذ إنتاج فرقة مسرح المدينة».
مسك ختام الحوار مع الفنان خالد ديدان كان سؤال حول كيف يبدو له المشهد الفني عموما والمسرحي خصوصا بعد كل هذا النقاش التي تفاعل معه الجميع. حيث أكد أن «النقاش والانخراط فيه مسألة صحية، خصوصا إذا كان المتكلم يقول كلاما مفهوما والمستمع يعي المعنى وكلاهما يناقشان من أجل المصلحة المشتركة دون إعطاء فرصة تدخلٍ لمن لا يعي موضوع النقاش أو لا يلم بكل جوانبه».
وبالنسبة لديدان، «فمع استمرار إجراء إقفال فضاءات العروض الفنية (مسارح معارض) ومنع التظاهرات الفنية والثقافية الوطنية والدولية بالمغرب بسبب الوباء ستنتشر الهشاشة أكثر وأكثر بين المشتغلين في الميدان الفني عامة والمسرحي خاصة. والمسؤولية يجب أن يتحملها كل واحد من جانبه».
ويضيف: «كما أظن أن طريقة الاشتغال في المجال الفني في هذه الآونة وهذه الظروف مغامرة بالنسبة للملتحقين الجدد به من خريجي المعاهد وكذا حاملي المشاريع الفنية».
ثم يختم بالقول «على شغيلة المجال الفني وقفة تأمل لتطوير مُنتَجها وفق الظروف الراهنة والتي أظن أننا جميعا أخذنا منها درسا لن ننساه ووجب علينا تفادي كل سلبياتها».

---------------------------------------------------------------
المصدر : الرباط ـ القدس العربي

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption