«أيام الشارقة المسرحية».. عروض فنية وتجارب إبداعية
مجلة الفنون المسرحية
«أيام الشارقة المسرحية».. عروض فنية وتجارب إبداعية
محمد عبدالسميع (الشارقة)
بمشاركة 11 عرضاً مسرحياً إماراتياً، وحضور 300 ضيف ومشارك من مختلف أنحاء الوطن العربي، تنطلق اليوم بقصر الثقافة بالشارقة فعاليات الدورة الـ31 من «أيام الشارقة المسرحية»، برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
وتشارك 7 عروض في المسابقة الرسمية، هي: «سجن القردان»، من تأليف علي جمال، وإخراج عبدالرحمن الملا «كلباء للفنون الشعبية والمسرح»، و«لامع بلا ألوان»، من تأليف سامي إبراهيم، وإخراج إبراهيم سالم «المسرح الحديث»، و«صهيل الطين» من تأليف إسماعيل عبدالله، وإخراج مهند كريم «جمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح»، و«غرب» من تأليف عبدالله صالح، وإخراج محمد سعيد السلطي «مسرح دبي الوطني»، و«أشوفك» من تأليف إسماعيل عبدالله، وإخراج حسن رجب «مسرح أم القيوين الوطني»، و«شوارع خلفية» من تأليف إسماعيل عبدالله، وإخراج إلهام محمد «مسرح خورفكان للفنون»، و«رحل النهار» من تأليف إسماعيل عبدالله، وإخراج محمد العامري، «مسرح الشارقة الوطني».
وعلى هامش التظاهرة، يتم تقديم 4 عروض، هي: «جمر القلوب» من تأليف محمد المهندس، وإخراج سعيد الهرش «مسرح الفجيرة»، و«الياثوم» من تأليف سالم الحتاوي، وإخراج حمد عبدالرزاق «مسرح ياس»، و«حرامي الفريج» من تأليف أحمد الماجد، وإخراج بلال عبدالله «مسرح دبي الأهلي»، و«طار وطاح» من تأليف مرعي الحليان، وإخراج أحمد الأنصاري «مسرح رأس الخيمة الوطني».
وتُنظّم سهرات فنيّة، وندوات ونشاطات ذات علاقة بالمسرح، هي: لقاء مع مدير «أيام الشارقة المسرحية» أحمد بورحيمة، يوم السبت 19 مارس، وشهادة إبداعية بعنوان «تجربتي المسرحية» يقدمها الفنان السوري أسعد فضة، ومحاضرة «المسرح الإماراتي بين اليوم والغد»، للدكتور حبيب غلوم، ومحاضرة «المسرح الإماراتي بين الحاضر والمستقبل» للفنان مرعي الحليان، بالإضافة إلى ندوة «المرأة العربية وتحديات مهنة الإخراج المسرحي»، وورشة «ذاكرة المؤلف ودورها في تطوير قدراته الأدائيّة» يقدمها عماد المي، وورشة «ثقافة الممثل: مصادرها وتأثيراتها» يقدمها شادي الوالي، وندوة «ترجمة النفس وما الأثر الثقافي لسير رواد المسرح العربي»، وفعالية الملتقى الفكري الذي يقام تحت عنوان: «المسرح.. نافذة أمل».
شخصية مكرمة
وفي هذه الدورة تكرّم «أيام الشارقة المسرحية» الفنان الإماراتي بلال عبدالله، كشخصيّة محليّة مُكرّمة، تقديراً لمجمل ما قدمه من عطاء فني طوال العقود الثلاثة الماضية، واحتفاءً بحضوره المبدع والمتجدد في التمثيل المسرحي.
وبلال عبدالله من مواليد مدينة دبي (1966)، وهو ممثل ومخرج ومؤلف في المسرح والإذاعة والتلفزيون، وقد برز للمرة الأولى في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، وأول مشاركة تمثيليَّة رسميَّة له جاءت عبر دور محدود في مسرحيَّة «المخدوع» (1987) من تأليف عيسى سلطان لوتاه، وأعدها للمسرح ضاعن جمعة، وأخرجها أحمد الأنصاري، وقدمت في الدورة الثانية من مهرجان المسرح الخليجي للشباب، الذي أقيم في الشارقة، وفي عام 1988 فاز بأول جائزة له عن مشاركته بالتمثيل في مسرحيَّة «أغنية الأخرس» من تأليف وإخراج د. حبيب غلوم، التي قدمت في الدورة الثالثة من المهرجان ذاته.
ثم توجه بلال إلى مسرح الطفل، وظهر إلى جانب مجموعة من الممثلين البارزين خلال تلك الفترة في مسرحيَّة «بطوط الشجاع» (1989) من تأليف علي الشرقاوي، وإخراج حسن رجب، وإنتاج مسرح الشارقة الوطني، وفي عام 1992 سجل بلال حضوراً متميزاً في مسرحيَّة «جميلة» من تأليف وإخراج جمال مطر، وفاز عام 1998 بجائزة التمثيل عن دوره في مسرحيَّة «عرسان عرايس»، من تأليف وإخراج عمر غباش، حين قدمت في الدورة الثامنة لأيام الشارقة المسرحيَّة.
وفي السنوات التالية استمرت تجاربه التمثيليَّة عبر مجموعة واسعة من العروض المسرحيَّة، للكبار والصغار، حيث تُوّج بجائزة التمثيل (دور ثان) في أيام الشارقة المسرحيَّة، حين شارك (2001) في مسرحية «بيت القصيد» من تأليف عبدالله صالح وإخراج أحمد الأنصاري، وفاز بجائزة التمثيل (دور أول) في المهرجان ذاته (2005) عن دوره في مسرحيَّة «تخاريف حصان»، من تأليف وإخراج الكويتي ناصر كرماني.
وفي العقدين الأخيرين، شارك بلال بالتمثيل في عدد من العروض المسرحيَّة التي قدمت في أيام الشارقة المسرحيَّة، مثل «قرموشة» (2011) من إخراج أحمد الأنصاري، و«مساء الورد» (2013) للمخرج العراقي محمود أبو العباس.
أما على صعيد الإخراج فكانت مسرحيَّة «لا حيلة» (2008) تأليف سعيد إسماعيل، أولى تجاربه، ثم «الجنرال بلول» (2010)، و«وين الشنطة» (2012) التي قدمها في السعوديَّة، وكذلك مسرحيَّة «جني وعطبة» (2017) التي قدمها في سلطنة عمان، وهذه المسرحيات الثلاث الأخيرة من نوع المسرح الجماهيري. وفي مجال التأليف صدرت للفنان بلال مجموعة نصوص مسرحيَّة موجهة للأطفال، تحت عنوان «أحلام الزهور» من منشورات دائرة الثقافة في الشارقة 2014.
وفي إطار تكريمه، تُعقد ندوة حول مسيرته مع التمثيل، كما سيصدر كتاب يعكس جانباً من سيرته مع المسرح، ويتضمن شهادات لمعاصريه من المسرحيين المحليين والعرب حول تجربته الفنيَّة المستمرة.
تكريم النبهان
كما يقام حفل تكريم جائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي، إذ يُكرم في هذه الدورة الفنان الكويتي جاسم النبهان، حيث أكّد مدير أيام الشارقة المسرحية أحمد بورحيمة أنّ النبهان قدم أعمالاً مسرحية هادفة في مضامينها، ثرية في أساليبها، أحبها جمهور المسرح المتنوع، وتفاعل مع نهجها في تناول قضايا المجتمع وهموم الناس، بالفكر المستنير والحس الراشد والشكل الفني الممتع والجاذب لكل الفئات، كما رسّخ النبهان بالصبر والاجتهاد والإيمان بالذات تجربة إبداعية فريدة، تكاملت فيها خبراته التمثيلية والإخراجية، ومثلت همزة وصل لأجيال من فناني دولة الكويت.
والنبهان هو ممثل ومخرج مسرحي وتلفزيوني رائد، تعلّم التمثيل في المعهد المسرحي الذي أسسه الفنان المصري الراحل زكي طليمات في الكويت، مطلع ستينيات القرن الماضي، وانتسب إلى فرقة المسرح الشعبي في الكويت عام 1964، وأول مشاركة تمثيليَّة له مع الفرقة كانت في مسرحيَّة «الجنون فنون» من تأليف عبد الرحمن الضويحي، وإخراج خالد الصقعبي، ثم شارك في مسرحيَّة «يمهل ولا يهمل» (1966) التي كتبها صالح موسى وأخرجها عبدالرحمن الضويحي، ويردّ النبهان شهرته كممثل إلى بطولته مسرحيَّة «العلامة هدهد» عام 1970 من تأليف صالح موسى، إخراج إبراهيم الصلال، وفي الفترة من (1979 - 1982)، توجه النبهان إلى الإخراج المسرحي، حيث قدم على التوالي مسرحيَّة «العاجل يقول أنا»، تأليف فوزي الغريب، ثم مسرحيَّة «3 في 3»، تأليف رضا علي حسين، و«زوجة من سوق المناخ»، تأليف إبراهيم العواد.
وخاض النبهان خلال عقد الثمانينيات جملة من التجارب التمثيليَّة فيما يعرف بـ«المسرح الخاص»، لاسيما مع فرقة المسرح الكوميدي الكويتي، في أعمال مثل «دقت الساعة»، و«حامي الديار»، تأليف مشترك لسعد الفرج وعبد الأمير التركي، وإخراج الأخير. كما شارك النبهان بالتمثيل في أعمال مسرحيَّة وجدت رواجاً عربياً خلال فترة السبعينيات، وهي من إخراج بعض أساتذة معهد الكويت المسرحي، مثل سعد أردش الذي قدمه في مسرحيَّة «رسائل قاضي إشبيلية» (1975)، وكذلك المخرج أحمد عبدالحليم الذي عهد إليه بدور أساسي في مسرحيَّة «مغامرة المملوك الجابر» (1976) التي يعدها النبهان من أهم تجاربه الأدائيَّة.
وفي عام 2009 شارك النبهان بالتمثيل إلى جانب 25 ممثلاً وممثلة من ثقافات متعددة، في مسرحيَّة «ريتشادر الثالث.. مأساة معربة»، للمخرج الكويتي سليمان البسام، التي عرضت في بلدان عربيَّة وغربيَّة عدة، ومن بين أحدث العروض التي شارك فيها بالتمثيل مسرحيَّة «دربج خضر» (2018)، من تأليف وإخراج خالد الراشد.
حكاية جديدة
وحول «أيام الشارقة المسرحية»، أعرب الفنان عبدالله صالح عن سعادته لهذه التظاهرة المسرحية المهمة، التي كان لها الفضل في تطوير مستواه والأخذ بيده وتحسين أدواته في مجال المسرح، معتبراً نفسه أحد أبناء «الأيام». ومن ناحية أخرى أكّد صالح أنّ الجمهور الإماراتي والعربي أيضاً ينظر للمسرح الإماراتي نظرة احترام وتقدير، مشيراً إلى أنّ جائحة «كورونا» كان لها تأثيرها السيئ على المسرح مثل كلّ الفنون والتظاهرات الثقافية بشكل عام، ولذلك فإنّ انطلاق الدورة الحادية والثلاثين هو تعبير عن كسر حدّة التوقف وإعلان مفرح باستمرار دورات المسرح القادمة.
وعن تجربته، قال صالح إنّ المسرح في الشارقة الذي يحظى بدعم كبير من صاحب السمو حاكم الشارقة، كان سبباً في مشاركته من خلال مسرحيّته التي استغرق وقتاً طويلاً في كتابتها، حيث تأثّر بالكاتب المغربي حسن هموش، في مسرحية «ضيف الغفلة»، فأعاد صياغة الفكرة في حكاية جديدة أطلق عليها «غرب»، وتقرأ بشكل كوميدي كيف يكون الشخص الغريب مقحماً على حياة عائلة في محاولة للهيمنة والسيطرة، ولذلك فهي محاولة لكشف نوازع هؤلاء الأغراب ومدى تأثيرهم ومعرفة نواياهم في إسقاطات يحملها شكل الكوميديا السوداء على المسرح، مؤكداً توافق الرؤية بينه وبين المخرج في هذا العمل الذي يسعد أن يقدمه في عروض الأيام المسرحية بالشارقة في دورتها الحالية.
«صهيل الطين».. الجلاد والضحيّة
من العروض المشاركة في المسابقة الرسمية مسرحية «صهيل الطين»، من تأليف إسماعيل عبدالله وإخراج مهند كريم «جمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح»، وتأتي قوّة هذا العرض في أنّه يختبر الذات في المواجهة وعنفوان الإحساس أمام التحجّر أو اللاشعور، من خلال فكرة الجلاد والضحيّة، والسيطرة التقليدية، من خلال شخصيتين على المسرح هما الأب والبنت التي تحاول الخروج من السيطرة والقبضة الأبوية، حين تكون رغبة الأب في نحت الطين بعد تجميعه ليصبح بشراً متحجراً. فهذا العرض هو بمثابة صرخة أمام قمع طويل في حلم نحو تمثال من طين وماء، وفي ذلك مخالفة صريحة لحلم الأب في الحصول على تمثال من طين ونار، فتكون المواجهة والإصرار في أن تصنع البنت تمثالها الخاص بها، وتكون الصدمة عبر خروجها عليه وعلى إرادته، فيكون مصيره أنّه ينزلق إلى النار التي يشوي بها التماثيل، بعد محاولات منه لرمي البنت في هذه النار لتتحجّر وتتخلّد، وبذلك تأتي روعة المسرحية في فكرتها وتجسيدها وقدرة الكاتب إسماعيل عبدالله على الإمساك بزمام الثيمة والاشتغال الواعي على فلسفة النص.
جائزة التأليف المسرحي
فاز بجائزة الشارقة للتأليف المسرحي 2021- 2022 في النصوص المسرحية للكبار بالمركز الأول الكاتب العماني أسامة بن زايد عن نصّه «اللعب على حافة الشطرنج»، وحاز المركز الثاني الكاتب العُماني بدر الحمداني عن نصّه «فراشات»، وحصد المركز الثالث الكاتب السعودي ياسر بن يحيى عن نصّه «أسطورة المقام».
«لامع بلا ألوان»
من جهته، رأى المخرج إبراهيم سالم أنّ أيام الشارقة المسرحيّة هي فعل مسرحي لا يقف فقط عند فترة انعقاده، بل هو عمل مؤثر في العديد من التجارب المقبلة والسابقة، فهي ستارة مسرحية مهمة ترفع كلّ عام لخلق فضاءات من الإبداع والتميّز، لترفد المسرح بالعديد من الأفكار والأعمال طوال العام، فتكون الدورة الجديدة في هذه التظاهرة القويّة مهيأةً لتحمل هذه الأعمال وتكرسها، فالمسرح كما يؤكد الفنان سالم ينطلق من رسالة نبيلة، وظلّ شاهداً على حياة الناس وتفاصيلهم اليومية، وقضاياهم التي يعيشونها، إضافةً إلى أنّه يسهم بشكل قوي في التعبير عن الأحلام والرؤى والطموحات المجتمعية، كما أنّ له دوراً كبيراً في تثقيف الشعوب وتنويرها، إلى جانب الترفيه والمتعة بطبيعة الحال.
وعن مشاركته في «الأيام» قال الفنان سالم إنّه يشارك مخرجاً لمسرحية «لامع بلا ألوان»، وهي من تأليف سامي إبراهيم، كعمل كوميدي يعالج موضوع التقاعد والتكاسل عن تحقيق الطموح بانتظار أن يأتي إلينا، إذ يدور العمل حول فكرة فنان مسرحي متقاعد ينتظر مكالمة مهمّة تغيّر حياته، في حين أنّ عليه أن يسعى لتحقيق أهدافه وأحلامه وألا يعيش مع الوهـم في انتظار النجاح.
----------------------------------
المصدر : الآتحاد
0 التعليقات:
إرسال تعليق