أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

‏إظهار الرسائل ذات التسميات بحوث ودراسات مسرحية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات بحوث ودراسات مسرحية. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 18 يونيو 2017

إعلان الفائزين بجائزة يوسف عيدابي للبحث المسرحي الأربعاء

مجلة الفنون المسرحية

إعلان الفائزين بجائزة يوسف عيدابي للبحث المسرحي الأربعاء

تُعلَن يوم الأربعاء المقبل في الخرطوم نتيجة الدورة الأولى من جائزة «الدكتور يوسف عيدابي للبحث المسرحي» التي تنظمها مجموعة من المسرحيين السودانيين المقيمين في الشارقة، بالتعاون مع «منبر تجارب» في المسرح القومي السوداني.
وتأسَّست الجائزة، باعتبارها جائزة مستقلة للبحث العلمي، لتكون بمثابة برنامجٍ مسرحيٍّ سنويٍّ ينتقي ويَعْرِض ويناقش وينشر ويوثق الأبحاث والدراسات الجديدة المتعلِّقة بالمشهد المسرحيِّ السودانيِّ وفقَ المعايير العلميَّة الدقيقة والرصينة. و تأتي نتيجة لندوة مسرحية دورية ظلت تنظمها المجموعة المؤسسة لها منذ عامين في المسرح القومي في أم درمان.
وارتأت مجموعة المسرحيين المؤسِّسة لهذه المسابقة، أن تطلق عليها اسم «جائزة الدكتور يوسف عيدابي للبحث المسرحي»، تعبيراً عن امتنانها وتقديرها لجهود المسرحي القدير، الدكتور يوسف عيدابي، التي أثرت حركة المسرح، محليَّاً وعربيَّاً.

تسعى الجائزة إلى تحقيق ثلاثة أهداف، خلال السنوات المقبلة، وهي: تفعيل حركة البحث في الوسط المسرحي السوداني، وتسليط الضوء على الجهود البحثيَّة المتميزة والاحتفاء بأصحابها، وتأسيس مكتبة للدراسات والأبحاث تضيء على مسارات ومحطّات وقضايا المسرح السوداني.

وفي هذا الصدد قال الدكتور يوسف عيدابي: «إن الحركة المسرحية السودانية تكاد تكون إلى حد كبير غير معروفة بالنسبة للوطن العربي على الرغم من قدمها، إضافة إلى ضعف وصولها إلى المجتمع السوداني نفسه، فلا توثيق لهذا المسرح وإبداعاته، ولابحوث ودراسات متعمقة في تجاربه، على الرغم من وجود عدد كبير من الكتّاب والمسرحيين ومن الأشكال التنظيمية غير الحكومية، وهذا لا يتوقف على المسرح بل يمتد إلى الشأن الثقافي السوداني عامة، لذا ارتأينا أن نؤسس لجائزة تسعى لتوفير أبحاث ودراسات مسرحية سودانية تعيد صلات الحركة مع الجمهور».

وأضاف: «تأتي هذه الجائزة على شكل مبادرة مثل المسرح الفقير، من دون دعم جهات حكومية، وتسعى لتغطية وسد فراغ في المكتبة المسرحية السودانية».
وأشار الفنان المسرحي الرشيد أحمد عيسى، رئيس مجلس أمناء الجائزة، إلى أن حركة البحث المسرحي عرفت تطورات عديدة خلال السنوات القليلة الماضية وخصوصاً بين خريجي كليات الدراسات العليا في جامعتي السودان والخرطوم، لذا فإن الجائزة تطمح إلى أن تكون منصة أو فضاءً لكل أولئك الباحثين، تشاركهم أشغالهم وأسئلتهم وتختبر أفكارهم وتطلعاتهم.

وأعرب عيسى عن أمله في أن يسهم برنامج الجائزة في الكشف عن المزيد من الأقلام البحثية الجديدة، وأن يضيء على القضايا والموضوعات الحيوية في المجال المسرحي السوداني الذي يعاني من العديد من الإشكاليات خصوصاً في جوانب التوثيق والنشر والنقد.
وأضاف أن اللجنة المنظمة ستبذل كل جهدها حتى تضمن للأبحاث الفائزة النشر والتوزيع والأصداء الإعلامية، محلياً وعربياً؛ ودعا روابط وأندية وجمعيات المسرح في الخرطوم وبقية المدن وفي المهجر، إلى المشاركة في المسابقة التي تعدّ الأولى من نوعها محلياً، لتغطية النقص الواضح في مكتبة البحث المسرحي السوداني.
الجائزة مفتوحة لمساهمات وحوافز الخيرين والمهتمين بتطوير الحركة المسرحيَّة السودانيَّة، داخل وخارج السودان شريطة ألاّ يؤثر ذلك على قيم الجائزة من حيث الاستقلالية والشفافية والنزاهة.

ولا تحدِّد الجائزة موضوعاً معيناً، أو ثيمة ما للتنافس أو التسابق، ولكنها تشترط أن يكون البحث متعلقاً بموضوع أو قضيَّة أو إشكاليَّة تخص الحركة المسرحيَّة السودانيَّة، في ماضيها وراهنها، توثيقاً وتحقيقاً ودرساً وفق المناهج العلمية وأساليب البحث المعتمدة.
وتُخصِّص أمانة الجائزة لجنةً مُحكَّمة للفرز بين الأبحاث استناداً إلى أسس المعايير العلميَّة في الكتابة البحثيَّة، وترجِّح بينها على أُسس مثل: الجدة والابتكاريَّة والأهميَّة، ويضم مجلس أمناء الجائزة في الدورات الثلاث الأولى، إلى جانب الرشيد أحمد عيسى، المخرج حاتم محمد علي وهو الأمين العام، إضافة إلى الدكتور شمس الدين يونس، والناقد السر السيد، والباحثة سلوى عثمان.

الخليجية

الاثنين، 12 يونيو 2017

دراسة في " جماليات نصوص الخيال العلمي المسرحية "

الخميس، 8 يونيو 2017

دراسة في "الاعداد التربوي والفني للممثل عند المخرج بدري حسون فريد "

الأربعاء، 7 يونيو 2017

مسرح جان بول سارتر

مجلة الفنون المسرحية


مسرح جان بول سارتر

1-    مقدمة عن الوجودية

2-    فلسفة سارتر

3-    الموقف الأدبي

4-    مسرح المواقف عند سارتر

5-    العلاقة بين المسرح والموقف

6-    البطل في مسرحيات سارتر ((الذاتيه عند البطل), (المشكلة الأخلاقية لديه), (مشكلة الحرية عنده), (الالتزام عند بطل سارتر))

7-    تطبيق على مسرحية ((الشيطان والإله الطيب)) سارتر وفكرة الخير والشر. ملخص المسرحية

8-    الشيطان والإله الطيب في الميزان.

مقدمة عن الوجودية: تمتاز الوجودية كما يبدو لنا من التسمية نفسها, بميلها إلى الوجود فهي لا تبالي بماهيات الأشياء وجواهرها, كما لا تبالي بما يسمى بالوجود الممكن, والصور الذهنية المجردة. إن غرضها الأساسي هو كل موجود إنها فلسفة الأشياء الملموسة, الأشياء التي تقع عليها أنظارنا, وتلمسها أيدينا. أو نتصل بها بنوع من الاتصال المادي.

وقد جرت العادة أن إدراكنا للأشخاص يكون على أساس ما يملكون من صفات مشتركه عامه والتي بها يحققون كل نموذج من نماذجهم. أما الصفات الخاصة لكل منهم فليس مما نَأبَهُ له.

والوجودية تعارض هذه العادة معارضة شديدة. وتنادي بأن نكتشف حياتنا الداخلية الخاصه وجزرها قبل أن يدخل فيها العقل الانساني. منطقاً لم يكن فيها من قبل. إنها تريد كما قال كيركجارد (1813- 1875) وإليه ترجع بذور الوجودية: ((أن تتيح للأفكار امكانية الظهور بينما تكون محتفظة بحرارتها الأساسية الأولى))

والوجودية تؤمن بسبق الوجود وعلى الماهية وهذا فارق جوهري بين الوجوديين والسابقين عليهم من الفلاسفة.

والوجود: هو نوع من الحضور الفعلي في العالم

والماهية: هي مجموعة من الخصائص الثابته. وهذا يعني أن الإنسان يكون أولاً, ثم يتحقق وجوده ويصبح بعد ذلك هذا أو ذاك.

وقد نمّى آراء كيركجارد الفيلسوفان الألمانيان ((هيدجر)) و((كارل يسبرز)) ثم انتشر المذهب, ودخل مجال الأدب وعبر عن روح العصر وخاصة على يد فلاسفة فرنسيين على رأسهم ((جبرييل مارسيل)) ثم سارتر.

ونترك هؤلاء لنتكلم قليلاً عن فلسفة سارتر قبل الدخول إلى مسرح سارتر:

فلسفة سارتر: تتصف وجودية سارتر بصفة الالحاد وتعرف بالوجودية الملحدة. وذلك نتيجه عدم إيمانه بوجود الله وتمرده عليه. والتمرد لم ينتج عن نزوع عقلاني, بل صدر عن الإرادة التي رفضت الايمان بالله. والرفض يفترض وجود المرفوض, إذن الله موجود.

لكن إرادة سارتر ترفضه, لأنه كما يقول لم يقدم للإنسانية حفاظاً وضماناً من المحنات التي لاقتها خلال الحربين العالميتين الطاحنتين.

إذن إلحاد سارتر وجماعته. إلحاد هجومي. لا يأبه لبراهين العقل العقلانيه. وإلحادهم هذا تعبير عن وضع شاذ. عن حاله في النفس غير عاديه ونستطيع أن نقول التعبير عن حاله مريضه. فالواقع أن الالحاد غير ممكن كمبدأ مطلق. غير ممكن عقلاً وفؤاداً.

ويقول سارتر: ليس مهماً أن تؤمن بوجود خالق. والمشكلة ليست مشكلة وجوده أو عدمه. إنما المشكله هي الإنسان, الإنسان الذي يجب أن يجد نفسه الضائعة, وأن يقتنع باستحالة وجود قوة غير قوته تستطيع أن تحرره.

والباحث في فلسفة سارتر تطالعه بعض الاصطلاحات:

الوجود, الماهيه, الموقف, الاختيار, المسؤولية, القلق, الحرية, الذاتية, الالتزام.

وتفسير هذه المصطلحات كالآتي:

يقول سارتر: ((الانسان يوجد أولاً غير محدد بصفة ثم يلقي بنفسه في المستقبل وذلك بالأفعال التي يؤديها. ولهذا فإن الانسان أولاً مشروع وتصميم يحيا حياة ذاتية, ولا شيء يوجد قبل هذا المشروع, بل الإنسان هو الذي يصمم مستقبله. وما دام الإنسان مشروعاً وتصميماً يضعه لنفسه فإنه بالضرورة مسؤول عما يكون عليه. ولا تقتصر هذه المسؤولية عليه وحده بوصفه فرداً, بل تمتد إلى الناس جميعاً. فباختيارنا لصورة أنفسنا تشكل في الوقت نفسه صورة الإنسان.

وهذه المسؤوليه الكبيرة التي تمس الناس جميعاً لا بد أن تثير في الإنسان القلق البالغ. إذ كيف لا أكون مهموماً والقرار الذي اتخذته – وإن بدا في الظاهر أنه قرار شخصي – إنما هو قرار يمس جميع البشر؟

وهناك نتيجه تسبق الوجود على الماهيه عند سارتر هي الحرية.

فمادام الإنسان في بدء وجوده ليس شيئاً وما دام هو الذي سيصمم نفسه فهو لا بد حر, بل هو الحرية نفسها. وبهذه الحرية يخلق الانسان نفسه بنفسه.

ولهذا كان تمجيد الفعل من المبادئ الرئيسية في المذهب الوجودي. حتى قيل أن وجود الإنسان هو ما يفعله. وسارتر أكد في جميع أعماله على الحرية. ونادى بالالتزام في فلسفته وطالب بها معظم أبطاله. ونتج عن ذلك مسرح خاص بسارتر هو مسرح المواقف. وفيما يلي سأتكلم عن الموقف الأدبي ومقوماته. ثم أتعرّض إلى مشكلة الحرية عند سارتر والتزاماته. جاعلاً من هذا الأضواء التي أستطيع أن أنير بواسطتها مسرح سارتر وأرى أبطاله بوضوح على خشبة المسرح.

الموقف الأدبي: أصبح الموقف من الاصطلاحات الفلسفية في العصر الحديث. ومعناه علاقة الكائن الحي ببيئته وبالآخرين في وقت ومكان محددين, وهو كشف الانسان عما يحيط به من أشياء ومخلوقات, بوصفها وسائل أو عوائق في سبيل طريقه. ولا سبيل إلى اتخاذ موقف إلا بمشروع يقوم به الفرد مرتبطاً بما يحيط به من عوامل يتجاوزها بمشروعه إلى غاية له يحاول بها التغيير من حالته الحاضره – وهذه العوائق مهما كانت درجة تعويقها هي التي تحدد مشروعه وتكشِف عن حريته. ويجب أن تتحدد هذه الحرية بتلك العوامل, فيجب ألا تبلغ الحرية في مشروعها درجة الوهم, وألا تضعف إلى درجة السلبية فتقف دون التفكير في تغيير الحالة الراهنه.

فالموقف يتألف من عوائق ومن مقاومه لها في وقت معاً. وبه يكون الإنسان في تغير دائب تبعاً لمشروعه وما يبذله من جهد فيه, وفيه يتحقق وجود المرء عن طريق العمل والصراع, بوجوده في حالة ما وتجاوزه هذه الحالة في آن. فما الوجود الإنساني المشروع سوى وجود في موقف.

وتلك هي المعاني التي تربط الموقف في المسرحية بالموقف في الحياة. فلكل مسرحية موقف أو عدة مواقف. فالبنية الفنية فيها ذات مغزى عام محدد المعالم هو العالم الغني الذي ترتبط به الشخصيات. وهذا هو الموقف العام. ولا يتحدد هذا الموقف حق التحديد إلا على أساس القوى الوظيفية لكل شخص من الأشخاص في المسرحية, وفي سلوكه الخاص تجاه هذا الموقف. وهذه الفوى الوظيفية المتصارعة يتمثل فيها موقف كل شخص على حده. وهذا هو الموقف الخاص. ولا يمكن فهمه حق الفهم إلا في ضوء الموقف العام.

ففكرة الخير والشر في مسرحية الشيطان والاله الطيب التي سنتعرض لها بالدراسة في هذا البحث. الخير والشر كما يراهما سارتر واقعان متحركان نسبيان بالنظر لكل وضع خاص ومن المستحيل تحديدها مسبقاً في قانون. ومهاجمته للفكرة التي تقول إن هناك خيراً مطلقاً محدداً وشراً مطلقاً محدداً وإيمان غوتز بطل المسرحية بالفكرة الثانية عن الخير والشر ومحاولته تحقيق فكرة الخير مع أناس هم أنفسهم ليست لديهم الفكرة السليمة عن الخير. وهذا الاعتقاد الخاطئ من البطل جعله منزعجاً شاعراً بالضياع ويقدم جدوى الناس والله إلى أن يتجرد من إيمانه الخاطئ في آخر المسرحية.

وهذا هو الموقف العام الذي يتمثل فيه دور وظيفة كل شخصية من شخصيات المسرحية وما دار فيها بينهم من صراع.

وموقف المسرحية يختلف عن موضوعها. إذ الموضوع هو المادة التي تتنوع أشكالها على يد الكتاب, في حين يكتسب الموقف العام طابعاً محدداً في المسرحية به تتجاوز مجرد المشابهه السطحية في الموضوع مع مسرحيات أخرى. وقد تتشابه المسرحيات في مواقفها العامة, فيكون هذا التشابه رباطاً فنياً أقوى من مجرد هذا التشابه السطحي في الموضوع.

فمثلاً إذا أخذنا فكرة الخير والشر كوجه شبه بين مسرحيته الشيطان والإله الطيب لسارتر, ومسرحية ((الهالك لنقص إيمانه)) للكاتب المسرحي الاسباني ((تيرسو دومولينا)) (وسنتكلم عن المسرحية عندما نتعرض لمسرحية الشيطان والإله الطيب بالتحليل) كان هذا الشبه سطحياً, لأن فكرة الخير والشر مختلفتان في المسرحيتين السابقتين. تبعاً لاختلاف الموقف العام فيهما.

وإذا أردنا تحديد الموقف العام في المسرحية على نحو ما هو في الحياة أي نوع من الصلات بين مجموعة من الناس حول موضوع مختلف نظرتهم فيه فينشأ من هذا الاختلاف نوع من الصراع ينتهي من وجهة نظر المؤلف إلى نتيجة ذات مغزى.

وعلى هذا الأساس فإن الموقف العام بهذا المعنى في المسرحية يستلزم وجود قوه إنسانية تتجه بجهدها نحو غاية خاصة (شخصية بطل المسرحية) إلى جانب شخصية البطل تقدم قوة أخرى منافسة لها ومن هنا ينشأ الصراع وتتمثل هذه القوه بشخص أو عدة أشخاص أو عوائق طبيعية او اجتماعية تتراءى ظلالها من وراء الحوار. ثم هناك قوة ثالثة تمثل الخير المطلوب وهي القطب الذي يدور حوله الصراع. يضاف إلى ذلك قوة رابعه هي القوة التي يطلب لها الخير المنشود. والقوة الخامسة هي التي تمزق الموقف وتميل كفته إلى ناحية من النواحي. وقد تتمثل في البطل نفسه أو الشخصية الممثله للخير المنشود. وتأتي بأضعف صورها من خارج المسرحية كتدخل الآلهة في المسرحيات اليونانية. وأخيراً تأتي قوة الأعوان أو المساعدين. وقد تتمثل في أشخاص ينضمون إلى أية شخصية من الشخصيات السابقة.

هذا هو الموقف الأدبي الذي شاع استعماله في القرن العشرين.

فماذا كانت نظرة سارتر إلى الموقف وعلاقته بالمسرح؟.

مسرح المواقف عند سارتر:

يقول سارتر: ((كان المسرح فيما مضى مسرح تحليل نفسي للشخصيات. فكانت تعرض على المسرح شخصيات تزيد في تعقيدها أو تنقص. ولكنها تعرض عرضاً تاماً في حياتها.

ولم يكن للموقف دور إلا في وضع هذه الأشخاص في صراع بعضها مع بعض. مع بيان كيف يتم التحوير في حياة كل شخصية بتأثير الشخصيات الأخرى فيها. كينه حصل تغيير في هذا الميدان. فقد رجع كثير من المؤلفين إلى مسرح المواقف ولم يبق مجال لمسرح تحليل الشخصيات. فلأبطال حرّيات أخذت في الفخ. مثلنا جميعاً. فما المخرج؟ ولن تكون كل شخصية شيئاً سوى اختيارها مخرجاً لها. ولن تساوي أكثر من المخرج الذي تختار. ونتمنى أن يصير الأدب كله خلقياً وجدلياً مثل هذا المسرح الجديد. أي يصير أدباً خلقياً لا أدب وعظ.

وليوضح هذا الأدب في بساطه – أن الإنسان قيمه. وأن المسائل التي يضعها لنفسه دائماً خلقية, وعلى الأخص ليبين لنا الأدب في كل امرئ الانسان المبتكر.

وكل موقف – في معنى من معانيه – بمثابة مصيدة فئران: جدران في كل مكان. فقد عبرت من قبل تعبيراً قاصراً. فليس من مخارج يختار منها. فالمخرج شيء يبتكر.

وكل امرئ يبتكر نفسه بابتكاره لمخرجه الخاص, فعلى المرء أن يبتكر كل يوم))

العلاقة بين المسرح والموقف:

يقول سارتر في ذلك: ((إذا كان حقاً أن الانسان حر في موقف خاص وأنه يختار نفسه عن حرية في موقف خاص. وأنه يختار نفسه في الموقف وعن طريق الموقف. إذن علينا أن نعرض في المسرح مواقف بسيطة وانسانية, وحريات تختار نفسها في مواقف. وأبلغ ما يعرضه المسرح تأثيراً هو عرض شخصية في طريق تكوين نفسها بنفسها في لحظة الاختيار عن قرار حر يرتبط به نوع من الخلق والحياة. وبما أنه لا وجود لمسرح إلا إذا تحققت وحدة جميع المتفرجين, فعلى المرء أن يبحث عن مواقف جد عامه بحيث تكون مشتركة بين الجميع.

ولدينا مسائلنا: مسألة الغابة والوسائل, ومشروعية العنف, ومسألة نتائج العمل, ومسألة علاقات الشخص بالجماعة, وعلاقات المشروع الفردي بالقيم التاريخية الثابته, ومئات من الأمور الأخرى. ويبدو لي أن واجب المؤلف المسرحي أن يختار من بين هذه المواقف الجدية الذي يعبر أكثر من سواه عما يشغله من مسائل, ويقدمه إلى الجمهور بوصفه مسألة معروضة على بعض الحريات.))

على الرغم من أن سارتر يرغب في مجابهة المواقف الأشد حلكة لأنه يرى في ذلك أنه يستطيع التحكم فيها. يرى مع ذلك أن تكافح الحرية في سبيل نجاتها من مأزقها باختيار بما يتفق والإرادة الخيره فالمواقف عنده اختيار للحريات. وهذه الحريات قوى متعالية بقول سارتر: ((في بعض المواقف لا مكان إلا لتبادل حدين أحدهما الموت. ويجب أن يتصرف المرء بحيث يستطيع الانسان في كل حاله أن يختار الحياة.





الأخلاق عند بطل سارتر أو البطل الوجودي:

مر معنا سابقاً أثناء الكلام عن الموقف كلام سارتر: ((نتمنى أي يصير الأدب أدباً خلقياً لا أدب وعظ. ويجب أن يوضح أن الإنسان قيمة. وأن المسائل التي يضعها لنفسه دائماً خلقيه فما هي هذه الأخلاق التي يدعو إليها سارتر, والتي يتحدد سلوك الإنسان على أساسها؟.

يقول سارتر: ((لو كان الوجود يسبق الماهيه. فلن يستطيع الإنسان أن يشرح سلوك المرء بالرجوع إلى طبيعة إنسانية معطاه ونوعيه, بمعنى آخر ليست هناك تحدديه, الإنسان حر, الإنسان هو الحرية))

ثم استنتج سارتر من ذلك:

((أنني لا أستطيع أن أبحث في داخلي عن دافع حقيقي شرعي للسلوك ولا أستطيع أن أتوقع من بعض الأخلاق صيغة تمكنني من السلوك. ومن ثم ينحدر هذا العالم بما فيه إلى جيبي, وإذا حدث أنني أخترت فعلاً ما وفضلته على فعل آخر فإنني سأختار نفسي في كلا الحالتين. وفي اختيار أنفسنا نفسر العالم على اعتباره صورة ما نحن عليه: قيمة الأشياء والأدوار التي ألعبها في حياتي وعلاقتي بها وتخطيط صورتي واختياري.))

وهنا يبدو أن سارتر يهتم بالفعالية الغريزية لا الارادة لأنه يجعلني ألقي نفسي لمكوناتي الذاتية ورغباتي الغريزية الشخصية للغاية.

ويذكر سارتر: ((إذا أنا اعتبرت فعلاً ما فعلاً خيراً فأنا فحسب الذي يختار أن يقول إنه خير وليس شراً.))

فالإنسان السرتري يبدو كما يصفه (البريس): انسان متحلل دائماً من كل إلزام قبلي وهو لا يقبل أي تصوير مسبق ولا أي نموذج وهو أبداً متدفق غير مشدود إلى ماضي.

قد تكون نظرية سارتر الأخلاقية تدعو إلى إعطاء معنى دينامي لكلمة قيمة وإلى معارضة فكرة الحضارة القائمة على شكل متجمد من الخبرات المكتسبة لكن هناك فرق بين أن أرخص القيم البالية التي تعوق تقدمي لأبدع قيماً آخرى متطورة في وسط اجتماعي وبين أن أرفض كل القيم وأنزع عن الانسان قوامه الاجتماعي والانساني بحجة نبذ القيم البالية كما فعل سارتر.

والفليسوف الوجودي[1] يرى أن ((المشكلة الخلقية)) هي أولاً وبالذات مشكلة شخصية تتصف بالطابع التاريخي الدرامي الذي تتصف به أي خبرة أخرى معاشه. ومهما فعل فيلسوف الأخلاق التقليدية أو عالم الاجتماع الوضعي فإنه لن يستطيع أن يضع نفسه موضع الشخص الذي يجد نفسه ملزماً بأن يفصل في مشكلة حياته.

وأفضال الفلسفة الوجودية على الأخلاق أنها تلحّ على ما للعامل التاريخي الدرامي من أهمية كبرى في كل أخلاق فردية. فالوجوديون يؤكدون أن الفرد لا يحيا في عالم مجرد من كل سياق تاريخي, بل إنما هو يفصل في مصيره الشخصي وسط ظروف لا سبيل إلى تحديدها بدقة. وحين يحقق الفرد فعلاً أخلاقياً. فإنه إنما يقوم بضرب من المخاطره في الحاضر والمستقبل مستخدماً ما لديه من حرية في تحقيق بعض إمكانياته وليست الحرية التي يتحدث عنها هؤلاء من قبيل ((الاستقلال الذاتي)), الذي تحدث عنه((كانت)) وإنما هي حرية موجود مجاهد يعمل في مشقة وصراع وتوتر ويصارع نفسه والعالم والآخرين وإذا كانت الحرية عند ((كانت)) ترادف ((العقل المنتصر)) الذي استطاع أن يسيطر على ذاته وعلى الكون. فإن الحرية عند الوجوديين تساوي الذات المجاهدة التي تجد نفسها فريسة لنفسها وللعالم, فتحاول جهد طاقتها أن تحقق حياتها بوصفها صنيعة يدها.

ويقول الفيلسوف الوجودي المعاصر "جورج جدورف": إن الأخلاق الوجودية تقوم على الإعتراف بأولوية ضمير المتكلم, وتدعو إلى تأسيس السلوك على أساس الحرية الشخصية. وليست الحرية في نظر الفيلسوف الوجودي حقيقة جاهزة ومعده من ذي قبل أو مجرد معطى من معطيات الحس. بل هي كسب يحصل كل يوم دون أن يستحيل يوماً إلى حصيلة ثابتة, ومعنى هذا أن الحرية الخلقية هي سعي شاق من أجل الانتقال من مملكة ((الطبيعة)) إلى مملكة ((الأخلاق)) ولكن الحرية لابد من أن تظل ناقصه غير مكتمله. لأنها دائماً في صيرورة مستمرة فضلاً عن أنها مزعزعه تفتقر باستمرار إلى المزيد من الاستقرار. ومع ذلك فإن هذه الصيروره, نفسها هي التي تضفي على وجودنا كل ما له من معنى, كما أن ذلك التزعزع إنما هو الذي يكشف عما لدينا من امكانيات لا بد من العمل على تحقيقها.*

ولعل هذا ما أرادت سيمون دي بوفوار أن تعبر عنه حينما كتبت تقول: إن الحرية لتبدو لنا دائماً على صورة حركة تحرر, وحينما يريد الانسان أن يحقق النجاة (أو الخلاص) لوجوده وهو وحده الذي يستطيع أن يقوم بهذا الفعل . فلا بد له من أن يسمو بما لديه من تلقائية أصلية إلى مستوى الحرية الخلقية وذلك بأن يتخذ من نفسه غاية يعمل على الكشف عما تنطوي عليه من مضمون خاص فريد من نوعه))

هذه هي الدائرة الخلقية التي يستعملها أبطال سارتر كحلبة لصراعاتهم مع أنفسهم ومع الغير لتحقيق ذواتهم من خلال المشاريع التي يضعونها لحياتهم بمحض اختيارهم وحريتهم.

الالتزام في مسرح سارتر:

الالتزام هو تحديد الإنسان علاقاته بالأخرين وبالأشياء حسب ما يمنحهم من معنى.

ونحن ملتزمون قبل أن نلتزم ما دام ليس للإنسان حسن اختيار مولده من أسرة معينة أو بيئة معينه أو بقوى عقلية وجسدية محدودة. ولذا علينا أن نختار في هذه الحدود التزامنا الذي هو نتيجة الالتزام غير الاختياري. والا أمّحى وجودنا.

والظروف المعقدة التي يوجد فيها الإنسان سواء كانت حتمية نهائية لا اختيار للمرء فيها من قبل. كعوامل الوراثة والبيئة والصفات الخلقية أم اختيارية يلتزم بها المرء لتحقيق وجوده فيما يتاح له من إمكانيات ليست نهائية. هي التي تؤلف ما يدعوه الوجوديون الموقف.

والالتزم في موقف يستتبع إدراك قيم إنسانية واجتماعية بها يتجاوز المرء موقفه لتغييره إلى ما هو خير ولايتحقق ذلك إلا بإحاطة الفرد بسلسلة من الأسباب والملابسات الخاصة التي تستشف منها صورة حريته الانسانية. ولهذا يسمى أدب سارتر أدب الالتزام أو أدب الموقف. وفيها يحدد الكاتب موقفه من مسائل عصره تحديداً تاماً. إذ لا قيمة مؤثرة للمبادئ التجريدية في ذاتها دون ربطها بملابساتها ودون تخصيصها بموقف معين. لأن تلك المبادئ في ذاتها هزيله والوعي الحي للكاتب يحتم اشتراكه في مسائل قومه ومسائل العالم من حوله قاصداً إلى تطويره وخلقه خلقاً جديداً. وفي أدب الوجوديين لا قيمة للشكل من حيث هو شكل. إذ أن الاسلوب وسيلة لا غاية فلا قيمة لجمال ليس له مضمون اجتماعي ملتزم, ولا فصل في ذلك بين الشكل والمضمون. ومتى لم يتوافر كلاهما في العمل الأدبي فهو سيء في أية حال من أحواله. وقد استثنى سارتر فنون الشعر والنحت والتصوير والموسيقى من الالتزام لأن صورها الفنية غير صالحة للالتزام في ذاتها.

يقول سارتر: ((الرواية فعل, والروائي ليس له الحق أن يتخلى عن المعركة ويستقر آمناً على جبل كالمتفرج)).

حرية البطل عند سارتر:

في جميع مسرحيات سارتر نجد أن موضوع الحرية هو الشاغل الوحيد لسارتر. فقد نجد موضوعاً آخر بارزاً على خشبة المسرح لكن الموضوع الأساسي الذي يختفي خلق الأحداث والأفكار. إنما هو موضوع الحرية.

ويقول سارتر في هذا: ((نريد أن نضع على المسرح مواقف معينة تلقي الضوء على المظاهر الرئيسية لوضع الإنسان حتى يشارك النظارة في الاختيار الحر الذي يقوم به الإنسان في تلك المواقف.))

والبطل الوجودي لا بد أن يكون حراً. ولكي يكون حراً يجب أن يفلت من أية تحددية سواء كانت هذه التحددية وراثية أم اجتماعية ويجب أن يكون ممنوحاً كل حرية وأن تنبثق الحرية من داخله ومن أعماقه.

ويقول سارتر في حديث صحفي له عن ميل زولا: ((كل واحد من شخصياتي بعد أن يفعل أي شيء تظل عنده امكانية أن يفعل أي شيء آخر. أما عند زولا فكل شيء يخضع لتحددية محكمه. إن مؤلفاته كتبت في الماضي بينما شخصياتي لها المستقبل.))

والوجودي يقول: إن الجبان يصنع نفسه بجبن, والبطل يصنع نفسه بطولياً. وبأن هناك امكانية للجبان أن يتخلى عن جبنه وللبطل ألا يصبح بطلاً))

وهذا عين ما أكده كامد بقوله:

((الأبطال إنما يتكلمون لغتنا, ولهم ضعفنا وقوتنا, وعالمهم ليس أجمل من عالمنا ولا أكثر إضاءة. لكنهم على الأقل يتابعون مصائرهم إلى النهاية الأليمة))

ولكن لنتساءل قليلاً. هل بطل سارتر حر حقيقة؟. هل يتمتع بالحرية التي يتفلسف بها سارتر؟.

عندما سنتعرض لمسرحيته الشيطان والإله الطيب بالتحليل. نجد أن بطل سارتر رغم وعيه واستنارته لايستطيع أن يبحث عن أحاسيس جديدة في مكان آخر غير ذلك الذي عرفه أو أقام فيه. رغم وجود هذه الأحاسيس بوضوح في مكان آخر.

ثم ألا نجد أحياناً أن الحرية عند بعض أبطال سارتر هي عبارة عن طلاء خارجي فقط.؟ وأن سارتر يقف لشخصياته بالمرصاد يحرك بيديه خيوط حياتهم. أليس في هذا قتل لهذه الشخصيات.؟

لقد صدق ((سان جوست)) إذ قال: ((بنفس الحجارة تستطيع أن تبني للحرية معبداً أو قبراً))

لقد أعطى سارتر أبطاله صدفة الإله.

الشيطان والإله الطيب:

إن الرواية الوجودية في صميمها كما تقول سيمون دي بوفوار تعبير عن البعد الميتافيزيقي الذي يتحرك عبره الوجود البشري. وهذا البعد الميتافيزيقي ينكشف في الرواية الوجودية من خلال مواقف متعارضة. وأحداث شائكه. ومشاعر متناقضة. نستطيع أن نحكم على رواية أنها رواية سارترية. بينما لا يمكننا أن نقول عن رواية أنها ارسطوطالية (ارسطوطاليس) أو اسبينوزيه (اسبينوزا) أو ليبنتسيه (ليبنتس) وذلك لأن الفلسفة الوجودية لسارتر تؤكد بكل قوه ما للتجربة من طابع ذاتي, جزئي, عيني, درامي, تاريخي, زماني.

وعبث الحياة, وصراع الحريات, وجزع الموجود البشري من الموت. وحنينه إلى المطلق. إلخ ...

وعندما يعبر سارتر عن هذه المواقف الميتافيزيقيه في روايته فإنه لا يقسرها على الأحداث قسراً. كما أنه لايسقطها على الشخصيات اسقاطاً. بل هو يضعها في سياقها الواقعي الجزئي. ويدعها تنطق بلغتها الخاصة. ومن هنا فإن أبطال سارتر ليسوا بالضرورة فلاسفة أو مفكرين. أو أهل جدل بل هم أولاً وبالذات موجودات بشرية تواجه مصيرها, ويعل كل منها على تعميق كل قضية تعترضه, مدركاً في الوقت نفسه أنه ((ملتزم)) أمام نفسه وأمام العالم, وأمام الآخرين.





سارتر وفكرة الخير والشر:

إن موضوع مسرحية سارتر الشيطان والإله الطيب يدور حول فكرة سارتر عن الخير والشر. هل هما نسبيان؟. هل يمكن تحديدها في قانون؟. هل الأخلاق مجموعة من القوالب الجامدة؟ هل هناك خيراً مطلقاً محدداً؟ وشراً مطلقاً محدداً؟ وإذا كان هناك إله فهل يملك شيئاً يقدمه للإنسانية؟ وإذا لم يستطع الإنسان أن يقيم صلات خيره وروابط انسانية بينه وبين المجتمع. فماذا تكون النتيجه؟ كل هذه الأفكار يعالجها سارتر في مسرحيته وسنتعرض لها بالتحليل والنقد بعد أن نفرغ من دراسة المسرحية دراسة وافيه. وقبل أن أبدأ بدراسة المسرحية أريد أن أقول أن فكرة الخير والشر فكرة قديمة جداً رافقت الإنسانية في تطورها حتى يومنا هذا.

وقد تعرض لها كثير من الأدباء نذكر منهم على سبيل المثال الكاتب المسرحي الانجليزي مارلو في مسرحية فاوست. فقد جسد مارلو الخير والشر في صورة إله للخير وإله للشر. يحاول كل منهما أن يجتذب فاوست إلى جانبه.

ولكن من الكتاب الذين تعرضوا لموضوع فكرة الخير والشر وعالجوها مسرحياً في القرن السابع عشر بنفس الحس المبسط الجدلي المبالغ فيه سارتر هو الكاتب المسرحي الاسباني (تيرسو دومولينا) Tirso de Molina

فمسرحية ((الهالك لنقص إيمانه)) والتي لم يحكم عليها بالإلحاد تشبه إلى حد ما مسرحية سارتر هذه. ومسرحية تيرسو دومولينا تتلخص بأن ناسكاً ولصاً يتاح لهما أن يلتقيا بسبب عيشهما معاً في الجبل, والناسك يعتقد, شأنه شأن غوتز في المرحلة الثانية من المسرحية عندما يصبح كاهناً أن هناك فكرة جامدة عن ((الخير)) ولذلك نراه يعيش في الوحدة والصوم والتقشف ولكنه لا يفعل ذلك حباً بالله. إنه يفعله خشية أن يهلك, ولأنه بدلاً من أن يحب الله ويعيش, يبدع فكرة نظرية وفارغه من الخير تدخل بين الله وبينه. أما جاره اللص. وهو يشبه إلى حد بعيد غوتز الأول الذي يرتكب الشر (والواقع أن غوتز في مسرحية سارتر يلعب بالتتالي الدورين اللذين ينسبهما تيرسو دومولينا إلى اللص والناسك) فهو لا يعيش عيشة مثالية. ولكنه يحافظ عبر أخطاه على حبه لله وإيمانه بنجاته, وقد استشعر الناسك اليأس من هذا النتاقض. فما كان منه إلا أن أصبح لصاً هو نفسه ليأسر ذلك اللص, ويعلقه إلى شجرة. فيتهدده بالموت الفوري, وهو يسائله فيما إذ لم يكن يخشى الهلاك. وأخيراً يحكم الناسك على نفسه بالهلاك والتعذيب خشية أن يحكم عليه بالهلاك لأنه استبدل بالله نظرية عن الخير. بينما نجا اللص. وهكذا يرد تيرسو دومولينا إلى النعيم اللاهوتي فكرة الخير المتحجرة التي يتهم سارتر المسيحيه بها.

ملخص مسرحية الشيطان والإله الطيب:

اختار سارتر لحوادث مسرحيته الحقبة الحائرة من أواخر القرون الوسطى التي تتجلى فيها غليانات الاصلاح وثورات الفلاحين على الظلم والاقطاع وتحكم رجال الدين.

وحوادث المسرحية تدور في مدينة ((وورمز)) إحدى مدن ألمانيا التي ترزح تحت وطأة حكم رجال الدين ورئيسهم ذلك الأسقف الجشع الذي يستعبد شعبها باسم الدين. ويدجل عليهم تدجيل الحواه ولكن سرعان ما ضاق الشعب درعاً بدجل رجال الدين فثاروا عليهم بقيادة الخباز (ناستي). وفي نفس الوقت كان في خدمة رجال الدين غوتز وأخوه كوتراد وهما يترأسان عصابة من اللصوص وقطاعي الطرق. ولكن غوتز هذا انقلبَ ضد رجال الدين وقتل أخاه لأنه لم يوافقه في الرأي وهو الآن يحاصر المدينة ((وورمز)) وبعد ثورة الشعب على الكاهن واقتحامهم مخازن الحبوب. سلم الكاهن لأحد قساوسته ويدعى (هنريش) مفتاح المدينة وطلب منه الذهاب إلى غوتز للتفاوض معه وتسليمه المفتاحِ ليدخلَ المدينة بشرط أن يبقي على حياة رجال الدين ولا يصيبهم بسوء.

ويذهب هنريش إلى غوتز كي يسلمه مفاتيح المدينة وعندما يرى أفواه جنوده التي تنطق بالشر يجذع ويغير رأيه. ولكنه يضطر إلى تسليمه مفاتيح المدينة أخيراً ثم يذهب الخباز ناستي إلى غوتز للتفاوض معه أيضاً والاتفاق على خطة يمكن بواسطتها السير بالمدينة نحو الخير والكمال. ويلتقي ناستي بغوتز ويخبره غوتز أن مفاتيح المدينة في حوذته ويعرف ناستي أن القس هنريش هو الذي سلمه مفاتيح المدينة. فيعاتبه على فعلته هذه ولكن ما الفائدة فقد سبق السيف العزل. ويحاول هنريش أن يصلح غلطته. فماذا يفعل؟ ليس أمامَه إلا أن يقنعَ غوتز بمنطق القس الداهية أن يفعلَ الخير ويقلعَ عن فجوره وشره وهكذا يُدخلُ هنريش في روع غوتز أنَ الخير مستحيل على هذه الأرض. وإنه الله الذي أراد ذلك ويتحداه لو استطاع أن يعمل الخير على هذه الأرض. فيقبل غوتز التحدي. ولكنه لا يقبله هكذا وهو الوجودي الذي لا يؤمن إلا بما هو صادر عن نفسه فيأخذ النرد ويلقي به على الأرض ويقول لهنريش إني أوافق على أن أغير نفسي فيما لو خسرت أما إذا كسبت فسأبقى كما أنا. ويخسر غوتز. وها هو يقلب سترته وينقلب من رجل شرير فاجر إلى قديس صالح. فبعد أن دخل المدينة وزع املاكَه وأملاك أخيه على الفلاحين فماذا كانت النتيجة.؟

كانت النتيجة أن رجال الاقطاع ثاروا عليه وأوسعوه ضرباً وركلاً.

ولكنه لم يرضَ أن يرفع يدَه في وجه واحدٍ منهم وهو الذي آل على نفسه أن يعمل الخير لمدى سنة ويوم. وزيادة على ذلك إن الفلاحين أنفسهم رفضوا أن يأخذوا أراضيه وناستي نفسُه الذي نصحه بأن يقتل الاقطاعيين المستغلين ويرسل بالكهنة إلى روما وينصر الفقراء يطلب منه الآن أن يحتفظ بأراضيه لنفسه.

وها هو غوتز الطيب الخير مكروهاً من قبل الفلاحين والفقراء والأغنياء. فماذا يعمل؟ إنه لم ينجح في أن يكون خيراً محبوباً. وما هو السبب في ذلك؟ (سنتكلم عن كل هذا عندما نتعرض للمسرحية بالنقد أخيراً) فما كان منه إلا أن ارتد إلى طبيعته الأولى وهو ينادي سأصبح جزاراً وجلاداً. وسأكون وحيداً مع هذه السماء الفارغة فوق رأسي لأنه ليس هناك وسيلة لأن أكون مع الجميع. هناك هذه الحرب التي يجب أن تقوم وسأقيمُها.

هذا هو ملخص المسرحية. وفيما يلي سنتعرض للمسرحية بالدراسة.

دراسة الشخصيات:

غوتز: بطل المسرحية ابن حرام. وهو رئيس عصابة في خدمة أساقفة المانيا الاقطاعية, إنه يستشعر الذل من مولده المشكوك فيه فهو لا يأتي إلا الشر بفرح وفخر.

وهو شرير وفاجر إلى أبعد درجة.

وها هو يقول عن نفسه: إنني عميل مزدوج في الولاده. لقد أعطت أمي نفسها لثرثار, وأنا مكون من نصفين لا يلتئمان. كل منهما يثير رعب الآخر. كل الأولاد الشرعين يستطيعون التمتع على الأرض دون أن يدفعوا الثمن. ليس أنت يا هنريش ولا أنا.

إن الله يراني أيها القسيس, ويعرف أنني قتلت أخي ولكن ماذا يستطيع ضدي. لقد ارتكبت افظع الجرائم وإله العدالة لا يستطيع معاقبتي.

هذا جانب من شخصية غوتز. وهو الآن في موقف يجب أن نعترف أن غوتز فيه يعتقد بأن الشر شيء مطلق. وهذا هو العرض الأول للمسرحية. وحدث ذات مساء طغت فيه الخيانة والرذيلة على المعسكر الذي كان يرأسه غوتز أن سألت الفتاة التي تتبعه ((لماذا يفعل الشر؟

غوتز: لأن الخير سبق وعمل.

كاترين: ومن الذي فعله؟

غوتز: أبونا الرب. أما أنا. فإني أخترع.

وهكذا فإن غوتز سيظل يؤمن بهذه الفكرة الخاطئه عن الخير إلى أن ينتقل إلى موقف آخر في المسرحية تخلقه الظروف النابعه من تصرفاته بحرية تامة.

وما هو الآن إلا عبارة عن حرية أخذت في الفخ وعليه أن يجد مخرجاً له. ولن يكون شيئاً إلا اختياره لمخرجه.

وفي موقف غوتز الأول من المسرحية كانت علاقته مع القس هنريش والخباز ناستي وآخرين لا نتعرض لهم لعدم أهميتهم.

والقس هنريش من طبقة الفقراء التحق بالكنيسة لكنه غير راض عن تصرفات رجال الدين مع أفراد الشعب وقد وقف في كثير من الأحيان في صفهم ضد الكنيسة, ولكن عندما تشتد الأزمة بين الكنيسة والشعب يتذكر واجبه الديني ويقف مع الكنيسة وهكذا كان موقفه أثناء ثورة الشعب على الكنيسة وضربهم للكاهن.

وناستي قائد الفقراء والفلاحين. وقد اطلق عليه سارتر الخباز رمزاً للقمة العيش التي يجاهد كي يحصل عليها هؤلاء الفقراء المساكين من مغتصبيها رجال الدين والاقطاعيين. والرمز واضح ما دام قائد الثورة رجل يحترف مهنة الخباز.

ناستي هذا ناقم على رجال الدين والكنيسة ورأيه في الكنيسة كما يقوله هو للكاهن:

كنيستك ليست إلا مومساً تبيع حسناتها للأغنياء.

ثم اسمعه يخاطب الثوار:

أيها الأخوة. لا ضرورة للكهنة, الناس يستطيعون التعميد كل الناس يستطيعون الغفران, كل الناس أنبياء. أو أن الله غير موجود.

وعندما يقول له القس هنريش إنك تهرق دم الكنيسة.

يجيبه: إنني لا أعرف إلا كنيسة واحدة: المجتمع البشري. هو يجاهد في سبيل تحقيق مبادئه وهذه المبادئ هي:

غوتز: (لناستي عندما جاء للتفاوض معه) ماذا تقترح علي:

ناستي: استولي على المدينة. أذبح الأغنياء والكهنة. أعطها للفقراء, وأقم جيشاً من الفلاحين. واطرد المطران منها.

غوتز: (مندهشاً) تريد أن أتحالف مع الفقراء؟ وماذا ستفعل بالبورجوازيين

ناستي: نستولي على ثرواتهم لالباس العراة وإشباع الجياع

غوتز: وبالكهنة؟

ناستي: نرسلهم إلى روما

غوتز: وبالنبلاء؟

ناستي: نقطع روؤسهم

غوتز: ثم نطرد المطران, وبعد ذلك يجيء وقت بناء مدينة الله, ولكن على أية أسس.

ناستي: كل الناس متساوون وأخوة

غوتز: وإذا كان لا يروق لي أن أكون مساو لك.

ناستي ما هو الذي يروق لك

غوتز: كل ما تريدون تدميره: التماثيل. الترف. الحرب.

وهذه هي المبادئ التي يعمل ناستي على تحقيقها أما غوتز فهو إنسان وحشي عبد لغرائزه الفطرية لا يقيم وزناً للمبادئ أو الأخلاق أو العرف أو التقاليد. فتراه يعامل المرأة التي تعاشره كعشيقة معاملة حيوانية ويقذف بها إلى جنوده عندما يملها.

وهو لا يسمح لنفسه أن يكون هناك إنسان يقف في وجهه ويعتبر أن الناس حواجز يجب إزالتها. ولا يقبل عدواً له إلا الله.

غوتز: وإن الله هو العدو الوحيد الجدير بي. هناك الله وأنا والأشباح. وإنه الله من سَأَصلُبَهُ هذه الليلة ستشتعل هذه المدينة والله يعلم ذلك. وعندئدٍ أعرف أنني وحش تام الصفاء وأنني لا أستطيع أن أكون مخلوقاً غير نفسي.))

ثم ينتقل سارتر بأبطاله إلى موقف آخر جديد كل الجده عن الموقف السابق. فقد قرر غوتز أن يصبح شخصاً آخر عندما وجد نفسه أمام تحدي كاهن ينفي أن الخير ممكن وقوعه على هذه الأرض.

هنريش: إننا لا نستطيع أن نفعل إلا الشر.

غوتز: هل هذا ثابت.؟

هنريش: الله نفسه أراد أن يكون الخير محالاً على هذه الأرض

غوتز: إذن فالجميع يفعلون الشر؟

هنريش: الجميع

غوتز: ولم يفعل أحد الخير بعد؟

هنريش: لم يفعله أحد.

غوتز: حسن. أنا أراهنك أن أفعله. لقد كنت مجرماً. وأنا أتغير إنني أقلب سترتي. وأراهن أني سأكون قديساً.)).

وفعلاً يخلع غوتز ثوب الكبرياء والغطرسة والشر والوحشية وينقلب إلى قديس مسكين طيب لا يفعل إلا الخير. ولكن بعد أن خسر بلعب النرد كما ذكرنا سابقاً لكي لا يكون الأمر صادر عن أحد غيره ولكي يكون هو السؤول الوحيد عن تصرفه هذا.

وبالفعل يدخل غوتز المدينة وبدلاً من أن يحرق المدينة كما كان قراره سابقاً. فقد وزع أملاكه وأملاك أخيه كونراد على الفلاحين.

فهبت ((بارونات)) المدينة في وجهه وها هم في ساحة عامة من المدينة هذا يضربه من جهة والثاني يركله من الجهة الآخرى وهو الانسان الوديع المتسامح الذي ينصحهم بأن لا يضربوه كي لا يتسخوا ولا يسمح له أن ترتفع في وجه واحد منهم.

ولم لا. فمادام اتخذ قراراً وهو بكامل حريته فعليه أن يلتزم بهذا القرار ولا يخرج عنه إلا عندما يوضع في موقف آخر فهو لن يتخلى عن توزيع أملاكه على الفقراء مهما كانت النتيجة.

لكن صورته القديمة لا تزال تتراءى حتى الآن أمام أعين الفلاحين الذي يريد أن يوزع عليهم أملاكه. ولا يزالوا على جحودهم وانكارهم التي بذروها في عقولهم رجال الدين. فها هم يرفضون أن يأخذوا أملاك غوتز ويصفونه بالخيانة. وها هو يستعطف الفلاحين باسم الدين أن يقبلوا عطاياه.

غوتز: لماذا خلقنا الله على صورته؟ إذا كان الله كله كرم وحب يجب أن يكون خليقته الانسان كرماً وحباً يا أخوتي استحلفكم بالله اقبلوا عطيتي وصداقتي. إنني لا أطلب منكم أبداً الاعتراف بالجميل. أريد فقط أن لا تحكموا على حبي كأنه رذيله وأن لا تلوموني على هداياي كأنها جرائم.

الفلاحين: أذهب إلى الشيطان فإنك خائن.

إذن لم ينفع طريق الخير الذي سار فيه غوتز إنه طريق طويل مظلم كله عثرات لم يجلب عليه سوى الذل والعذاب

إذن فليخرج غوتز من هذا الطريق المظلم وننتقل إلى موقف آخر في المسرحية.

لقد ترك طريق الخير وها هو يقول لهنريش

غوتز: سأعيد كل شيء.

هنريش: ستعيد ماذا

غوتز: الحياة.

هنريش: لن تعيد أي شيء. (يرتمي عليه)

غوتز: اتركني بحق السماء. حسن إذا كان لا بد من موت أحدنا فليكن أنت. (يطعنه)

إنك ميت, ومع ذلك سيبقى العالم ممتلئاً كالسابق لن يفتقدك أحد. لقد انتهت مهزلة الخير بجريمة قتل. لا بأس.

ويأتي ناستي إلى غوتز يطلب منه أن يقودهم لبناء مدينة الشمس. لكن غوتز يرفض القيادة ويقبل أن يكون كأي جندي بسيط في معسكر ناستي. ويحتج رجال ناستي ولا يقبلون أن يكون غوتز قائدهم. فما يكون من غوتز إلا أن يتقدم من رئيسهم قائلاً:

لقد عينني ناستي رئيساً وقائداً فهل تطيعني.

الرئيس: بل أفضل الموت.

غوتز: ( يطعنه) مت إذن يا أخي. هيا يا ناستي سأكون جلاداً وجزاراً

ناستي: غوتز

غوتز: لا تخف, لن أتوسّع. سأخيفهم لأنني لا أملك وسيلة أخرى لحبهم, سآمرهم لأنه ليس هناك وسيلة أخرى لأُطيع, سأكون وحيداً مع هذه السماء الفارغه فوق رأسي لأنه ليس هناك وسيلة لأن أكون مع الجميع. هناك هذه الحرب التي يجب أن تقوم وسأقيمها.

نقد المسرحية:

لنبدأ أولاً ببطل المسرحية غوتز وهو الممثل لجميع أفكار سارتر في المسرحية.

كان غوتز كما وجدنا في أول المسرحية شريراً أفاقاً. لكنه انقلب إلى قديس طيب طاهر وترك طريق الشر ليسير في طريق الخير. لكنه لم ينجح فلماذا؟

ظل غوتز كما وجدنا طيلة الفترة الأولى من المسرحية منزعجاً بفكرة الخير والشر المطلق.

لكنه لم ينجح بتطبيقه لمبادئ الخير في موقفه الثاني من المسرحية لأنه تعلق ((بخير نظري)) بدلاً من أن يحدد الخير وفق الظروف وعندها اكتشف أن الخير ليس فكرة نظرية جامدة ولكنه واقع محسوس. إن سارتر يعتقد أن الخير ولشر نسبيان بالنظر لكل وضع خاص ومن المستحيل تحديدهما مسبقاً في قانون ويتهم الدين بأنه يفرض فكرةً ناجِزه مصنوعة عن الخير, وهي مفهوم غير كامل.

وما دام الأمر كذلك. فلماذا نقل لنا سارتر بطله من حالته الأولى إلى قديس وجعله يطبق الخير كفكرة ناجزه مصنوعه. ثم إذا كنت أنا شريراً جانحاً فلكي أصبح خيراً وأسير في الطريق المستقيم يجب علي أن أرتدي ثياب الكهنة وأصبح سلبياً لا نفع لي أتلقى الاهانات وسخافات البشر بكل ذل وخنوع.؟

إن سارتر يريد للعمل الأخلاقي أن يكون اختياراً لا مجرد طاعه ومن أجل هذا يؤثر أن يضع أشخاصه في هذه الحالات المتطرفة حيث لا تجدي القواعد الاعتيادية فتيلاً أي أن يفضح حقيقتهم.

ثم أنه من الخطأ كل الخطأ أن نقول أنه لا سبيل لأن نكون مع الآخرين وسنبقى تحت هذه السماء الفارغه نحن والله والأشباح. ومن هنا جاء نقد بعض المفكرين لفلسفة سارتر من أنها دعوى إلى الخمول واليأس وتقوية الروح الفردية الحالمة التي تبتعد عن المجتمع ومشاكله الراهنه.

واكتفائها بتصوير مظاهر الحياة الحقيرة من جبنٍ وفسقٍ وميوعه وعدم إيمانها بالتعاون الاجتماعي. وخلوها من المواقف الجدية الانسانية في الحياة. وأنها أداة للتفسخ الاجتماعي لأنها تحول دون أن يصدر أي من الناس حكماً على تصرفات الآخرين. بحيث يكون كل فرد عالماً قائماً بذاته. في مجتمع يحتاج إلى التعاون الجماعي والمسؤولية المشتركة المتبادلة

لقد اعطت الوجودية انصارها غرور الإله وعجزت عن أن تمنحهم قدرة الإله على الإبداع والخلق والايجابية في البناء والتنظيم.

ثم إذا كان سارتر يريد بناء مدينة الشمس. فهل يتم ذلك عن طريق الحرب أم السلم. أعتقد أن الحرب لم تكن في يوم من الأيام كفيلة بأن تكون دعامة لبناء مدينة الشمس ولماذا يريد أن يكون قائدنا إليها رجلاً أفاقاً شريراً لا يعرف له منبتاً ولا أصلاً؟ جوابي على ذلك أن سارتر مخطئ في هذا كل الخطأ.

وإننا نجد في الرواية تبذّل جنسي وإسفاف خلقي وذلك في علاقة غوتز بعشيقاته, ثم بعرضه غلاماً أو جندياً ألمانياً على الصيرفي ليقيم معه علاقة جنسية.

وفيها من الألفاظ الحُوشيّه المبتذله ما يخجل الانسان من نطقه مثل قوله لعشيقته.

أريدك أن تكوني حيوانه لأعتليك كالحيوان. إلخ ...

وهذا نتيجة للانهيار الخلقي الذي يعانيه المجتمع الاوروبي بعد الحرب نتيجة لتحرر المجتمع والتفكك الاجتماعي. وهناك كثير من المواقف الجنسية في روايات سارتر وليس من الغريب أيضاً أن تنطوي روايات سارتر على كثير من المواقف الجنسية. لأن شخصياته نماذج انسانية متوترة تتمتع بالصدق والصراحه والجرأة الخلقية كما أن سارتر قد اهتم بتحليل الدلالة الانسانية للجنس في كتابه الوجود والعدم.

وفي نهاية حديثي أقول: إن ما يميز مسرحيات سارتر هو الصدق الفني. والعمق الفلسفي.

وأحب أن أقول أن تحليله خطأ.

لأنه يبين لنا أن الحب في صميمه هو مجرد سعي نحو امتلاك حرية الآخر. والواقع أن ما نشتهيه ليس هو جسد الآخر أو لذتنا الخاصة. بل هو الآخر نفسه ولعل هذا هو السبب في أن العاشق قد يلتجئ إلى المداعبات الحسية حتى يُحيل نفسه إلى جسم يمكن أن يتحد به مع جسم الآخر. ولكن كل هذه المحاولات لا بد أن تبدء بالفشل. لأن الغاية نفسها هنا ضرب من المحال.

وهكذا يخلص سارتر إلى القول بأنه لا موضع للحديث عن مشاركه أو محبة أو تآزر بين الذوات. لأن حضور الذات أمام الغير هو بمثابة سقوط أصلي.

ولأن الخطيئة الأولى إن هي إلا ظهوري في عالم وجد فيه الآخرون.

وفي النهاية على الرغم من بعض الاسفاف في آراء سارتر أقول بكل صدق:

إن روايات سارتر تمتاز بالصدق الفني, والعمق الفلسفي, والسبب في ذلك هو ((التوازن)) العجيب بين تصوير المناظر وتسجيل الأحاسيس. بين عرض الأحداث وتحليل العواطف, بين اللقطات الموضوعية والملاحظات الذاتية, بين تسلسل المواقف وتناغم البواعث.

[1] المشكلة الخلقية عند الفيلسوف الوجودي د. زكريا ابراهيم.

----------------------------------------------------------------
المصدر : http://assaad-feddah.com

الثلاثاء، 30 مايو 2017

صامتٌ وصائتٌ: صباح الأنباري وأديب كمال الدّين؛ قراءةٌ في تجربتهِما الإبداعيّة

مجلة الفنون المسرحية

صامتٌ وصائتٌ: صباح الأنباري وأديب كمال الدّين؛ قراءةٌ في تجربتهِما الإبداعيّة

د. أسماء غريب


(1)
باب السّؤال

       لا أحبُّ هذا الشّيخَ "غوغل"؛ لمْ يَتْرُكْ شيئاً إلَّا وكشفَ عنهُ، وكلُّ ما يُكْشَفُ يَفقِدُ شهيّةَ السّؤالِ ومُتعَةَ الجوابِ، ويُصبحُ باهتاً لا معنى لهُ. والعقلُ منذُ ظهور هذا العمِّ "عارفاً" في حياتنَا أصبحَ في سباتٍ عميق، لأنّ ما يُفصِحُ عنهُ، يُلْهِي عنِ المعرفة الحقّة بلْ يُلْغِيها، وأقصِدُ المعرفةَ التي مركزُها القلبُ؛ هذه المشكاةُ الكبيرة التي فقدَ الإنسانُ التواصلَ معَهَا وبِها منذ زمن بعيدٍ. لذا، فإنّهُ حينما طرقَ حرفُ الأنباريّ بابَ أبجديّتي، نأيتُ بنفسِي عن هذا العَمّ، وعُدتُ إليَّ أتحسَّسُ سراديبَ الرّوح، وأسألُها مَن يكونُ هذا الحرفُ يا ترى؟ وأذكرُ آنذاكَ أنّهُ لمْ يَكُنْ في حَوْزَتِي سِوى كتابٍ واحدٍ منْ تأليفهِ، وأعني بهِ ((إشكالية الغياب في حروفيّة أديب كمال الدّين)) (1). وهذا وحده لمْ يكنْ كافياً للانطلاق في رحلة البحث الحقّة. أيْ نعم، ظهرَ لي الرّجل فيهِ بِاسْمِ النّاقد وحاولتُ ما أمكنَ أنْ ألتقطَ العديدَ من الإشاراتِ المتناثرةِ هنا وهناك بين الصّفحاتِ من الغلاف إلى الغلاف، بما فيها تلكَ التي لها علاقة وشيجةٌ بمُثلّث الصّداقة المتينة التي تجمع بين كلٍّ من كاتب الدّراسة، وسعد محمد رحيم المُقدِّمِ لهَا بحرف المحبّة، ثمّ أديب كمال الدّين؛ الحرفَ موضوع الدّرس والتحليل. وهُو المثلّث الذي رأيتُ فيه التّزاوُجَ بين مثلثاث أخَرَ، هي مثلثُ الوطن بكلّ تجليّاته المتشظّية بين الحلّة وبعقوبة وبغداد واستراليا، ومثلّث الحرب والحصار والموت، ثم مثلثُ الشّتات والهجرة. وهي وحدها هذه المثلّثات كانت كفيلةً بأن تُشْعِلَ بين جوانحي فتيلَ السّؤال: من هو حقّاً صباح الأنباري ضمنَ كلِّ هذا؟ أهُو النّاقدُ فقط، أمْ ثمّةَ أشياء أخرى يجبُ إضافتها إلى حصيلة ما باحَ لي بهِ كتابُه النّقدي عن أديب كمال الدّين.
إنَّ طريقةَ كتابتهِ النّقدية عن أديب هي أقربُ إلى عيْنِ مُصوّرٍ فوتوغرافيّ تتقصّى التفاصيلَ الدقيقةَ في كلِّ مشهد من مشاهد حياته، لا سيما مشهد الموت بكلّ مافيه من حركةٍ وشخصيّات متعددة الظّهور بأشكال وصور مختلفةٍ ومتنوعة، فهلْ كانَ صباح الأنباريّ مصوّراً في حياته؟ ثم ما قصّةُ هذا اللّقب، هل هو منَ الأنبار مثلاً؟ ليس في الكتاب شيءٌ يدلّني على ذلكَ، وليس أمامي سوى أن أبحث عن ماهو صورة فيه، وهنا لا تطالعُني سوى صورةِ أديب كمال الدّين في الوجه الأماميّ للغلاف، وصورة صباح الأنباري في الغلافِ الخلفيِّ.

(2)
الغلاف كعتبةٍ نصّية

قلّة هُم أولئك الّذين يتوقّفون عندَ العتبات، وقلّة أولئك الّذين يرون فيها المفتاحَ الرئيسَ لكلِّ شيءٍ. أجل، الغلافُ كما باب المنزل، إذا لم تقفْ أمامهُ وتعرِف كيفَ تحاذيه أو تطرقهُ، فلا شيء يمكنُ أن يظهر لكَ منهُ. وقديماً كانتْ دور الطّباعة تولي عنايةً واهتماماً بالِغيْن بالأغلفةِ، وتحرصُ على صناعتها بشكلٍ بديعٍ وراقٍ، واليوم وإنِ اختلفتْ معايير المقاربة، إلّا أنهُ مازالت هناك إمكانية للاعتمادِ على الغلافِ كعتبة رئيسةٍ لقراءة نصّ ما كيفَما كان جنسُهُ الأدبيّ أو العلميّ. وبما أنّنِي دخلتُ تجربةَ صباح الأنباريّ من كتابه عن حروفيّة الشّاعر أديب كمال الدين، فإنّي أرى أنهُ من الحصافة بما كان العودة إلى صورتَي الغلافِ؛ الأماميّ والخلفيّ منه:
-      صورة أديب كمال الدّين
هذه الصّورة أعرفُها جيّداً؛ لقد أخِذَتْ في 17 آذار 2012 بهولندا على قاعة جامعة لاهاي، حينما استدعتْ مؤسسةُ (أوطان) الشّاعرَ ونظّمتْ من أجله أمسيةً ثقافيّةً أدراها الروائيُّ محمود النّجار، قرأ فيها أديب مختاراتٍ من قصائدِه باللُّغَتين العربيّة والإنجليزيّة، وأذكرُ أنّها كانتْ (بغداد بثياب الدّم)، و(اذهبوا للجحيم)، ثم (شجرة الثّعابين)، و(محاولة في أنا النقطة)، وغيرها من القصائد. لكنّ ما يُلْفِتُ النّظرَ في الصّورة هو الجديد الّذي أدخلهُ عليها الشّاعرُ نفسه: لقد حوّلها إلى صورة فنّية تشكيليّة عبر تقنيات الفوتوشوب، ثم حرصَ على أنْ تأتي بشكلٍ متشظٍّ، وتعمّدَ شَطْرَ الجُزْءِ الأعلى من الرّأسِ، مع التّركيز على حركةِ اليدِ الّتِي تحملُ الوجهَ، ونظرةِ العين الممتلئةِ أسىً وحسرةً، والممزوجة في الوقت ذاته ببُعْدِ رؤيةٍ يسبرُ أغوار الآخر الجالسِ قبالةَ الشّاعر.
إنني أمام العنصر الرئيس إذن في هذه الصورة: التشظّي، وأقولُ الرئيس لأنه هو ذاته العنصر الّذي رأيتُه أيضاً في صورة الأنباريّ. كيف ذلك؟ هذا ما سأسعى لشرحه بعد لحظاتٍ.
-      صورة الأنباريّ
هناك خلفية مائيّة لمنظر طبيعيّ يوجدُ على الأرجح في مكان إقامته الحالية وأعني به استراليا، ثمّ هناكَ جسدُ الشّاعر الذي يطغى على الصورة ويغطّيها، ولعل أوّل ما يثير الانتباه هو حركةُ الرأس الملتفتةِ إلى الجهةِ الأخرى مع الإبقاء على الجسدِ (الصّدر) ثابتاً. وبما أننِي هنا بصدد الحديث عن جسد هذا المبدع فإنّ الّذي ظهر لي منهُ في الصّورة يوحي بجسدٍ قدْ يكونُ لرجلٍ عسكريّ أوْ لراقصِ باليه، أو لهُمَا معاً، وإنْ كانَ الأمرُ يبدو فيه مُفارقة غريبة، ولكن لا ضير، فالأنباريّ كما الحرف والحياة، يجمعُ الشّيءَ وضدّهُ. أمّا عن عنصر التشظّي فهو موجودٌ في نظرته الموجَّهَة إلى ما يدور في رأسهِ أثناء لحظاتِ التقاط الصّورة: تبقى استراليا خلفَ ظهره، ويبقى العراقُ بكلّ حمولاته الحياتيّة أمام عينيهِ يستمدُّ منهُ قوتَ القلبِ والقدرة على المضيّ قدماً في الحياة.
من يعملُ في حقل الكتابة يعلمُ جيّداً أنَّ صُور الأغلفة ولوحاتها لا تُختارُ بشكلٍ عبثيّ، ولا تُتْرَكُ للصّدفة أبداً، إنّها الحبلى دائماً بالخطابات والإشاراتِ والمفاتيح، وهذا الغلافُ الذي بين يديّ يقول لي: ثمة علاقةٌ وشيجة بين الدّارسِ والمدروس، ثمّة ماضٍ، وحاضر ومستقبل، وثمة وئامٌ وتفاهم وانسجام لأنّهُمَا معاً يحاولان أن يجمعا أجزاءَ الزّمن المتشظّية، وخلقَ لوحةٍ فسيفسائيّةٍ جديدة قوامُها الحرفُ والإبداعُ الملتزمُ الرّصينُ.
ما من شكٍّ أنّ ثيمةَ أو موضوعةَ الانشطار هذه والتشظّي قد شدّتني إلى أبعد الحدود، لدرجة أنني لمْ أشأ التّوقفَ فقط عند الجانب النّقدي من شخصيّة الأنباريّ، وإنّما حاولتُ الغوصَ في جوانب أخرى من حياته الفكريّة معتمدةً على ما تلقّيْتُ من إشارات سابقةٍ عن الموت والموتى، وعنِ الحرب والحصار وما إليهمَا، وقبل أنْ أبادر إلى فتح باب السّؤال مرّة أخرى، جاءني الجوابُ من الأنباريّ نفسه حينما أرسلَ لي كتاباً كان قد سبق ونشرَهُ في دمشق وأعني به ((كتاب الصّوامت)) (2)، وأذكر أنّ النّسخة آنذاك كانت رقميّةً، أدخلتُهاَ إلى قارئيّ الإلكترونيّ، وقبل أن أبدأ في قراءَتها انتبهتُ إلى أنّها كانت بدون غلافٍ، فطلبتُ بعد ذلك الحصول على النّسخة الورقيّة، وما هي إلّا أشهر قليلة جدّا من الانتظار أو ربّما أقلّ، حتّى كان بين يديّ الكتابُ، وفقط في تلكَ اللّحْظَةِ عرفتُ سببَ ذاك الهاتفِ الذي كان يحثُّنِي على طلبِ النّسْخَةِ الورقيّةِ!
استقبلتُ الكتابَ بكلِّ محبّةٍ وبهجة، وأذكرُ أنّ أوّل ما شدّ انتباهي كانَ لونُ العنوان وطريقة نقشِه فوق الغلاف بشكلٍ بارز، لدرجة أنّني بتُّ أكرّرُ عملية تمرير أصابعِي فوق أحرفه المرّةَ تلو الأخرى لأتحسّسَ هذا النتوءَ متسائلةً عن سببه قائلةً: أيّ خطاب أحمر هذا الّذي يريدُ إيصاله الأنباريّ لنا؟ وبينما أحرفُ السّؤال ترنّ بداخلي بقوّة وعمقٍ، إذا بعينيَّ تقعانِ على لوحة الغلاف لأجدَني أدخل في دوّامة جديدة من الأسئلة المتلاحقة: ماهذهِ الدّوائرُ والأشكال الهندسيّة المتداخلة؟ لكأنّ الأمرَ فيه ما يشبهُ الحلم، أو الرّؤيا: نعم، هذا كتاب للرؤيا والرّؤى، ولن أفتحهُ الآنَ، فمازالت ثمة العديدُ من الأشياء التي تستمرُّ في التّوارد على قلبي من هذا الغلاف، وإنني أسمع فوقَه وقعَ خطوات رجال قادمين منهُ إليّ، رجال أعرفُ أسماءهم جيّداً، وأخصّ بالذّكر أبا حيّان التوحيديّ، وكذلك فاسيلي كانديسكي! آه يا إلهي، ما هذه الحمولات الثقيلة الوزن وكيفَ سأقاربها؟ أليسَ عليّ أن أعرف أوّلا لماذا هي هذه الأسماءُ هنا، وما الذي جعلها تلتقي فوق سطح هذا الغلاف العجيب الغريب؟
       إنّه السّؤالُ الّذي ظلَّ معلّقا لثلاثِ سنوات تقريباً، ذلك لأنني لمْ أُرِدْ فتحَ الكتاب كي أجد الجوابَ مباشرةً، ولمْ أشأ أنْ أضع أيّ اسم من هذين الاسمين في محرّك "غوغل" كي أبحث عنهمَا، فما زلتُ أعتبر هذا الماردَ سببَ كَسَلِ وركودِ عقل البحّاثة والنّقاد؛ لقد أصبحَ كلّ شيء في متناول اليد، يكفي أنْ تفركَ بأصابعكَ ظهر فأرة الحاسوب، ليأتيك "غوغل" هاتفاً: ((لبّيكَ وسعديْكَ، كلُّ شيءٍ بين يديكَ)). ولأنّني مستغنية عن خدمة هذا المارد العنكبوتيّ، أحببتُ أنْ أصلَ إلى الأجوبة بنفسي، وأحفّزَ ذهني على العمل والبحثِ أكثر وأكثر، لذا حرصتُ على أنْ أضع ((كتاب الصّوامت)) فوق طاولة مكتبي حتّى لا تغادراهُ عينيّ، ويا لجمالِ ما ظلّ يصلُ منه إليّ!
(3)
ما بعد الامتلاء
وبعدَ أن بلغ الامتلاءُ ذروتَهُ، قرَّرْتُ أن أحملَ قلمي وأكتب عنهُ، فكانتِ البدايةُ من خلال جوابي عن كلّ ما سبقَ وطرحتُهُ من أسئلةٍ سأجردُ بعضها كما يلي:
-       الأنباريّ والتّوحيديّ أيّة علاقةٍ هذه؟
هذا السّؤالُ نبعَ بداخلي من طبيعةِ عنوان الكتاب، وطريقةِ صياغته. لقد وجدتُ فيهما معاً مسحةً تراثية ذكّرتْنِي بكتاب آخر هو لأبي حيّان التوحيديّ ومسكويه، وأعني بهِ (الهوامل والشوامل) (3)، إذْ ليسَ التشابُهُ في صيغة الجمعِ فقط (صوامت / هوامل / شوامل) وإنما أيضا في تركيبة العنوان؛ ففي الوقتِ الّذي كان من الممكن أن يكتفيَ الأنباريُّ بكلمة (الصوامت) فقط كعنوان لنتاجهِ هذا، نجده أضاف إليها مُصطلحَ (كتاب)، ممّا أضفى عليها موسيقى لفظيّة تُذكِّرُ بكتُب الأجداد وتراثهم. لكن ماذا إذا فتحنا الكتابيْن معاً، هوامل وشواملَ التوحيدي، وصوامتَ الأنباريّ؟
لا يساورني شكٌّ في أنّ هناك نقاط مشتركة بين الاثنين كثيرة، أوّلها خفّة ورشاقة اللّفظ والتّعبير، وثانيهَا وحدة الهدفِ والمطلب، فإذا كان التوحيديّ في كتابه طبيباً للرّوح يدلُّ القارئَ عبر مسائله على مواطن الخلل، ويُجيبهُ وصاحبَه مسكويه عن العديدِ من الأسئلة التي تهمُّ سلوكياتِ النّفس البشرية، فإنّ الأنباريّ أيضا كرّس حرفَهُ للغوصِ في خبايا النّفس، والسّعي ما أمكنَ إلى تحريرها من قيودها وأحزانها وآلامِها عبر قوّةِ البوح والتّعبير الجسديّ والحروفيّ فوق خشبة الحياة. ويبقى هناكَ عنصر ثالثٌ يجمع بين الكاتبين لا أعتقد أنّهُ أقلّ أهمية عن سابقيْه، وأعني به مدى التّشابُه في السيرة الحياتيّة لكلاهُما، فذاك تجرّع منْ مرارة التجارب والأوجاع ما لا يطيق قلبٌ ولا صدر على تحمّلها، والأنباريّ كذلكَ (4) فهُوَ الّذي عملَ جاهداً مثل صاحبه في المنشأ والموطن على أنْ يستمدّ من ويلات الحياة غذاءاً للرّوح، ومادّةً للكفاح والتفكير بهدف الوصول إلى نوع من توازن النّفسِ في دنيا اللّامعقولُ فيها والعبثُ هُما عينُ العقلِ ومنطقُه الأكبر!
لكنْ هناك شيء لا بدّ من إضافتهِ عن علاقة هذينِ المفكّرين ببعضهما البعض، وأقصدُ تأثُّرَ اللّاحق بالسّابق، أو بمعنى آخر نهلَ الابن مِنْ معين الجدِّ، وهذا لاحظته بشكلٍ أوضح في نصّ مسرحيّ صامتٍ سأتحدّثُ عنهُ لاحقاً، وقدْ أهداه الأنباريّ إلى صديقه الشّاعر أديب كمال الدّين، التّوحيديَ النّفسِ والرّوح هُو الآخر.
-      لماذا فاسيلي كانديسكي؟
لأنه بكلّ بساطة كما الأنباريّ أمير الرّوح، هو مجدّدٌ والأنباريّ أيضاً، هُو أتى بنظريات غيّرتْ نظرةَ العالم إلى الفنّ التشكيليّ، والأنباريّ كذلك طرق أبواباً لم يطرقها قبله أحد في مجال المسرح والإخراج والتصوير، والأهمُّ في هذا وذاكَ أنّ الأنباريّ أفادَ كثيرا من تجربة فاسيلي كانديسكي، وهذا ظهرَ جليّا منذ أول عتبة لكتاب الصّوامت حينما اعتمدَ كصورة للغلاف واحدة من لوحات عديدة أبدعها هذا الفنان التجريديّ الروسيّ، الشيء الذي جعلني أشعرُ بأنّ ألوان الغلاف مجتمعةً أصبحتْ ذات طعم ورائحةٍ وصوتٍ، فلونُ العنوان الأحمر مثلاً أيقظ فيّ الإحساس بالدّفئ والألم في الآن ذاته، ليس لأنه مرتبط بلون الدّم، ولكن لخصائصه المتعلقة بما يُحْدِثُهُ داخلَ القلبِ من حديثٍ داخليّ له صوت وإيقاع عميقيْن يجعلانِ من الغلاف برمّته آلة بيانو صاخبة؛ الألوانُ فيها هي المفاتيح، وعينُ المُتلقّي هي المطرقةُ الّتِي تضربُ على أوتار الرّوح فتجعلهَا ترى في اللون الرّملي الفاتح (أرضية الغلاف) إشراقاً وإشعاعاً، وفي الأزرق (اسم الكاتب) هدوءاً وغوصاً والتفافاً حول النّفس، وفي لوحة فاسيلي مسرحاً قائماً بذاته، تتحركُ فيه الألوان كما تتحرّكُ الشخصياتُ فوق خشبة الحياة.

(4)
ودخلتُ بيتَ الصّوامت

لستُ أدري لليوم كمْ من الشّهور والأيّام مرّت بالتّحديد وأنا غارقة في قراءة الأنباريّ من خلال عناصر خارجية و"عتباتيّة" دلّتني عليه كناقد أولا، ثمّ كرجلٍ متعمّق في أسرار اللّون وموسيقاهُ ثانيا، لكنّي أعلمُ جيّداً كمْ كانت مهمّةً تلك اللحظةُ التي فتحتُ فيها (كتاب الصّوامتِ) بعد سفرٍ مضنٍ طويل لأكتشفَ صحّة ما توصّلتُ إليه من نتائج قبل أن يظهر لي الأنباريّ بصورةٍ كاملةٍ ومكتملةٍ: فهو في كتابه هذا رجل المسرح المُجدّد بامتياز: إنه صاحبُ "الصّوامت" التي هي بصمتُه المميّزة في الكتابة المسرحيّة من خلال تفعيل جنس أدبيّ جديد يستمدُّ قوّتَهُ من فن البانتومايم، مع الحرص على أن يتضمّن هذا النّوع من الكتابة مزيجاً بين فنَّي القصة والمسرح، وبين عنصرَي الأسطورة والثرات، ثم الحكاية المعاصِرة، دون إهمال إشكاليّة الانفتاح على رؤى إخراجيّة مختلفة تتيحُ التخاطبَ مع العالم بلغة كونيّة يفهمها الجميع بعد أن يصبحَ النصّ المكتوبُ منقولاً على خشبة المسرح.
ما من شكٍّ أنّ المسرحية الصّامتة لها لغتُها، لغة على الممثل المسرحيّ أن يؤدّيها بجسده بشكل خلّاق يعتمدُ على إتقان كلّ أنواع الأداء الإيمائيّ والحركيّ الجسديّ حتّى يحدثَ الامتلاءُ، ويصبحَ الصّامتُ ناطقاً. ولعلّ هذا هو ما لاحظتُه بالضّبط، وأنا أقرأ نصوصَ الأنباري الّتي رصّها الواحدة تلو الأخرى بعنايةٍ شديدة في كتابه بعد أن أفاضَ جمعٌ من النّقَدة في الحديث عن تجربته التجديديّة والتعريف بها (5)، بشكل عَمَّقَ وطوّرَ نظرتي وفكرتي عن أدب الأنباريّ المسرحيّ، الشّيء الّذي دفعني إلى مغادرتها والمضيّ قدماً في البحث عن نصوص أخرى، أجدُ فيها بعضا من آثار أبي حيّان التوحيدي، ولم أتوقّف إلّا بعد أن وجدتُ ضالّتي أمام عتبة الباب نفسه الذي قادني إلى صباح الأنباري، وأعني به باب أديب كمال الدّين!




(5)
ما بعد (كتاب الصّوامت)؛
قراءة في مسرحية (الموت بين يديّ القصيدة)

إنّني هنا أمام حرفيْنِ؛ أحدهما أراهُ صامتاً وهو صباح الأنباريّ، والثاني صائتاً هو أديب كمال الدين، وبينهما حرفٌ ثالث ينطقُ تارة ويصمتُ تارات أُخَرَ، وأعني به أبا حيّان التوحيديّ، وهو الأصلُ والنّبع والمصدر، وأقول هذا لأنّني أراه اللحظةَ يقودني إلى إشاراته الإلهية لأقرأَ على ضوئها كلمةَ الإهداء التي افتتح بها الأنباريُّ نصّ (الموت بين يديّ القصيدة) قائلاً: ((مسرحية صامتة مهداة لصديقي الشاعر أديب كمال الدين بمناسبة إشاراته الصائتة))، فعن أيّة إشارات يتحدثُ صباح؟ ولماذا نعتها يا ترى بالصّائتة؟
هذان السُّؤالان لا يمكنُ الإجابة عنهُما إلّا عبر تتبُّع تواريخ إصدارات كِلا المُبدعيْن، فإذا كانَ صباح قد كتبَ نصّه الصّامت هذا سنة 2014، ونشرهُ على صفحات العدد 61 من جريدة تاتو (6)، فإن أديب كمال الدّين نشرَ في السنة ذاتها ديوانا بعنوان (إشارات الألف)، وعليه فإنّ الإشارات التي يتحدّثُ عنها صباح الأنباريّ في إهدائه هي نفسُها إشارات الألف، وهي نفسها التي ستقودني إلى ديوان آخر للشّاعر، وأعني به (جيم) الّذي صدر سنة 1989 (7)، وأوّل نصّ فيه يحملُ عنوانَ (إشارات التّوحيدي). سؤالي الآن: ما الّذي جعل الشّاعرَ يعودُ للتوحيديّ من جديد بعد خمس وعشرين سنة مضت، وما الّذي دفع بالأنباريّ إلى إحياء فكر هذا الفيلسوف العارف في نصوصه الصّامتة، وبالذّات في نصّ (الموت بين يديّ القصيدة)؟
إنّ من يتصفّح ديوانيْ (جيم) و(إشارات الألف)، سيجدُ ولا حتمَ الجواب: فالأمر فيه إعادةُ قراءة لفكر التوحيديّ بحرف التّجديد، مع الحفاظ على بعض الموضوعات التي طُرحت سابقاً في (جيم) مع صياغتها بشكلٍ جديد في ديوان (إشارات الألف)، وهي الموضوعات أو الثّيمات التي أجردها كما يلي:





يظهُر أديب كمال الدّين في مختلف إشاراته كعارف مستغرق بالكلّية في المطلق، ولأنه يصلُ في تجلّياته إلى حالة يصعبُ معها التعبير عن كشوفات الحُجُب، فإنه يحاوُل أن يُوصلَ خطابَهُ بلغة مخصوصة، هي لغة الإشارة والرمز الموجّهة للخاصّة، وخاصّة الخاصّة، والبعيدة بالتالي عن فضول الجهلاء، ولأنّ إشاراته فيها الكثيرُ من التّلويح والإيماءات إلى أسرار معيّنة عبر الإخبار من غير الاستعانة بتعبير اللّسان للطافة المعاني، فإنه يبدو أمراً طبيعيا أن يكون صباح الأنباري أوّل الملتقطين لإشارات صاحبه في الحرف، وكيف لا يكون أوّلهم وهو المُنَظِّر التجديديّ لما سأسمّيه بمسرح الإشارة القائمِ على أسس الإبداع الأدبيّ الصّامت، والذي في إطاره ومن خلاله، حاول أن يجعلَ من إشارات أديب كمال الدين نصّا مسرحيّاً صامتاً قابلاً للعرض بكلّ ما يحويه من عناصر مسرحية كاملة بدءاً من فعلِ الكتابة ووصولاً إلى إخراجه وأدائه فوق الخشبة.
وصباح الأنباريّ في كتابته لنصّه (الموت بين يدي القصيدة)، استخدمَ تقنية التناصّ الإشاريّ منطلقاً من النصّ الأديبيّ (8) وهي التقنية نفسها التي لجأ إليها أديب كمال الدّين فجاءت بعض قصائد (إشارات الألف) متناصّة مع بعض نصوص ديوان (جيم) (9)، وكذا مع نصوص أبي حيّان التّوحيدي، والتي جاء التناصّ فيها ضِدّياً.
ومن يتأمّلُ إشارات الفجر والشّكوى والموت سيجدُ ما يؤكّد هذا القول، ذلك أنّ أديب كمال الدين لا ينتقلُ من سؤالٍ ما في إشارة معيّنة، إلّا وتجدُ الجواب عنه في إشارات أخرى متوزّعة بين الدّيوانين سواء أتعلّق الأمر بديوان (جيم) أو بديوان (إشارات الألف).
أمّا فيما يتعلّقُ بالتناصّ الضِدّي مع إشارات التوحيديّ، فإنّي أعني به ذاكَ العملَ الحفرّيَّ الذي قام به أديب كمال الدّين حينما كان في شبابه مرابضاً أمام عتبة الحرف التوحيديّ، والذي أسفر في سنوات متقدّمة من عمره عن قصائدَ حبلى بردود تابثة عمّا سبقَ وطرحَهُ أبو حيّان من أسئلة أو إشكاليات في كتابه (الإشارات الإلهية).
فإذا كان التوحيديّ يقولُ على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: ((مطرت السّماء فلم تبتلّ بقطرةٍ من قطراتها، وهبّت ريح الولاية فلم تعبق بنسيم من نسماتها، وغنّت ضمائر الحكمة فلم تطرب على لحن من ألحانها، وجليت عرائس الهدى فلم تتشبّث بذيل من أذيال واحدة منها، فيا جافي الطّبع ويا قاسي القلب، ويا سيّء الاختيار: كيف يطمعُ الطّامعُ في رشدكَ وهذا نظرُكَ لنفسِكَ؟)) (10) فإنّ أديب كمال الدين يجيبهُ قائلاً في إشارته التالية:
((إلهي،
انهمرَ مطرُكَ وبرقُك
فبلّلا ثيابي وجسدي وروحي.
ونظرتُ إلى غيمتِكَ التي ملأت السماء
بعينين تفيضان دمعاً.
نعم،
أردتُ أنْ أجيبَ على مطرِكَ بدموعي،
وعلى رسالتِكَ المبلّلةِ برسالةٍ أكثر بَلَلاً،
وعلى إشارتِكَ المليئةِ ببرقِكَ الهائل
بإشارتي المليئةِ بظلامي العظيم)) (11).
وهي ذاتها الإشارةُ التي انطلق منها صباح الأنباريّ من أجل تأسيس صرح نصّه المسرحيّ الصامت الموسوم بـ (الموت بين يدي القصيدة)، مستخدماً في عمله هذا عدّة تقنيات فنّية أذكرُ منها على التوالي: الضوآنية، التشظّي المرآتيّ (12)، ثمّ تقنية الصّوت الموسيقيّ. وهي كلّها تقنيات مرتبطة ببعضها البعض، ولا يمكنها أن تعمل أبدا في البعد عن النصّ الأصليّ، الذي هو ديوان (إشارات الألف) باعتباره المادّة الخامّ التي منها تخلّقَ نصّ الأنباريّ كما هو واضح في مصامت النصّ الخمسة والتي تجلّت فيها العديد من قصائد أديب وإشاراته (13).
أمّا فيما يتعلّقُ بالضوآنية، فقد استخدمها الأنباريّ بشكل شلّاليّ تدفقيّ بحيثُ يتوقّفُ كلّ عنصر من عناصر الضّوء على باقي العناصر الأخرى، حتى تكونَ هناك أسبقية للكلّ على أجزائه، أيْ أنّ كلّ عنصر من عناصر الضّوء لا يتّخذُ معناه الحقيقيّ إلّا بالوضع الّذي يؤدّيه داخل المجموعة، التي هي هنا حزمة من أضواء مختلفة متدفّقة وهّاجة بشتّى الألوان، مع قدرتها على التوالد والتبرعم إلى حزمات ضوئية جديدة تتخلّقُ وتتحوّلُ إلى كائنات تستمدُّ حياتَها من الطّبيعة بكافّة عناصرها المُزهرة، مما جعل المكانَ الذي رسمه الأنباريّ في نصّه يبدو كأنّه حلقة وصل بين الفضائين؛ الدّاخليّ والخارجيّ، وبين العناصر المكوّنة لهما وذلك بغرض تحويل الكلمة إلى رؤيا سارية المفعول في المكان والزمان.
وأمّا فيما يتعلّقُ بتقنية التشظّي المرآتيّ، فهذا أمرٌ له علاقة بالإشارة الأديبيّة نفسها التي ترىَ أنّ الوجوهَ لا تتعدّدُ إلّا بتعدّد المرايا، ولا تتجعّدُ إلا بتجعّدها ولا تُظلِمُ إلّا إذا أظلمتِ المرآةُ نفسها (14). ولمّا كانت مرآةُ العارفِ غير محدّبة ولا مقعّرة، ولا مُظلمة ولا صدئة، فإنها تُعَدُّ أقدرَ المرايا على أنْ تعْكِسَ جمالَ باطنِ الإنسان، ولمّا أرادَ صباح الأنباريّ أنْ يُعبِّرَ عنْ هذا الفعل الانعكاسيّ، حتّى يُظهرَ للقارئ والمتلقّي بشكل عامّ الكيفيةَ التي يحْدُثُ بها الوعيُ في السّلوكِ الصوفيّ، فإنهُ لمْ يجِدْ من وسيلةٍ لتحقيقِ ذلك سوى اللّجوء إلى عنصر المماثلة، لأنّ سبيلَ المغايرة مسدودٌ عليه في هذا الإطار، وعليهِ تُصْبحُ القصيدة هي المُجسِّدَةُ لحضورِ الضدّية الجنسانيّة في التّجربة الأديبيّة، حتى أنّها قد تُصْبِحُ بديلاً للضدّيّة الجنسانيّة المتعارف عليها عند أهل العرفان، والتي هي المرأة.
لا شيء عفويّ في نصّ الأنباريّ الصّامت، بل حتّى الموسيقى المستخدمة كتقنيّة بالغة العمق والتطوّر هي متشكّلة من جدلية الحركة والصّوت التي يقوم العرضُ بالجمع بين مختلف أطرافها من أجلِ تحقيق نوع من الحضور الجماليّ الجديد عبر علاقة جدلية مع حدود الخشبة، والمنظر المسرحيّ الذي يُجَسّدُ فعلَ ولادة القصيدة. ولادة لم يكُنْ للمتلقي أنْ يطَّلِعَ على تفاصيل إشاراتها، ومواطن الجمال فيها لو لم يجتمعْ في محراب الإبداعِ، هذا الصّامتُ وذاكَ الصّائتُ: صباح الأنباريّ، وأديب كمال الدّين.


الهوامش:
(1)            صباح الأنباري، إشكالية الغياب في حروفية أديب كمال الدّين، منشورات ضفاف، ط1، بيروت، لبنان، 2014.
(2)            صباح الأنباري، كتاب الصوامت، دار التكوين، ط1، دمشق، سورية، 2012.
(3)            أبو حيان التوحيدي ومسكويه، الهوامل والشوامل، الذخائر، القاهرة، مصر، 2001.
(4)            صالح الرزوق، سيرة كاتب ومدينة (لقاء مع صباح الأنباري)، تاريخ النشر والدار (لا يوجدان)، صص 13 /15.
(5)            أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر؛ عبد الفتاح رواس قلعة جي، ثم سعد محمد رحيم وتحسين كرمياني وعلي مزاحم عبّاس.
(6)            صباح الأنباريّ، الموت بين يديّ القصيدة، جريدة تاتو، العدد 61، السنة الخامسة، تمّوز 2014، صص 14/15.
انظر أيضا: صباح الأنباريّ، المجموعة المسرحية الكاملة، المجلّد الأول، المسرحيات الصّوامت، منشورات ضفاف، بيروت، لبنان، 2017، ص 225.
(7)            أديب كمال الدين، جيم، دار الشؤون الثقافية العامة ، ط 1، بغداد – 1989.
(8)            نسبة إلى أديب كمال الدّين.
(9)            انظر في ديوان (جيم): إشارة الشكوى، وفي ديوان (إشارات الألف)؛ إشارة لماذا؟.
وانظر في (إشارات الألف) إلى كلّ من (إشارة الحرمان) واربطها بـ (إشارة الشكوى) في الدّيوان نفسه.
(10)      أبو حيّان التوحيدي، الإشارات الإلهية، تحقيق د. وداد القاضي دار الثقافة، بيروت، لبنان، 1982، ص4.
(11)      أديب كمال الدين، إشارات الألف (إشارة الجواب)، ط1، منشورات ضفاف، بيروت، لبنان، 2014، ص 41.
(12)      نسبة إلى المرآة.
(13)      المصمت الأوّل، الإشارات التالية:
-       إشارة لا ولا ؛
-       إشارة الجواب؛
-       إشارة المرآة؛
-       إشارة أصابع الشّاعر؛
-       ثمّ إشارة من أنا.
المصمت الثاني ظهرت فيه:
-       إشارة نوح؛
-       وإشارة القاعة.
المصمَت الثالث:
-       إشارة رقصة الوحوش
المصمت الرّابع:
-        إشارة الموت.
المِصْمَتْ الخامس:
-       إشارة نهاية الحرب؛
-       وإشارة الشّمعة.
(14)      انظر غلاف كتاب صباح الأنباريّ (إشكالية الغياب في حروفية أديب كمال الدّين، منشورات ضفاف، ط1، بيروت، لبنان، 2014.

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption