أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 23 أبريل 2017

حادثة آرثر ميلر في لندن مسرحية كلاسيكية كأنها كتبت اليوم

مجلة الفنون المسرحية

حادثة آرثر ميلر في لندن مسرحية كلاسيكية كأنها كتبت اليوم

هالة صلاح الدين

'حادثة في فيشي' ليست مجرد مسرحية عن تضحية غريب من أجل غريب. تلك عدسة مكبرة على شر متضخم يُهلك بلا شفيع.

يعرض مسرح فينبورو اللندني مسرحية “حادثة في فيشي” (1964) للكاتب الأميركي آرثر ميلر أعظم كتاب المسرح في القرن العشرين. امتدت مسيرة ميلر قرابة سبعة عقود كتب فيها العشرات من المسرحيات، ومن أجودها “كل أبنائي” و”موت بائع متجول” و”البوتقة”. ومع صعود اليمين المتطرف على جانبي الأطلنطي، الرئيس الشعبوي ترامب من جانب والمعارضة القومية الأيديولوجية في أوروبا من جانب آخر، يستجيب مسرح الهامش البريطاني بعرض نص تأثر بالفاشية في الحرب العالمية الثانية واستلهمه ميلر من أحداث حقيقية بمدينة فيشي الفرنسية.

حين عُرضَت المسرحية للمرة الأولى وسمتها جريدة نيويورك تايمز “كواحدة من أهم المسرحيات في عصرنا”. والمسرحية المكوَّنة من فصل واحد لا تنبري للدفاع عن عرق معين وإنما عن إنسانية مشتركة حصرتها زنزانة التطرف والاضطهاد، إنسانية تغلبت على أبشع نوازعها من تطاحن وتَرَدٍّ.

والهاربون من التردي هم ثلاثة عشر ممثلا قادمون من مختلف مشارب الحياة، اكتظت بهم خشبة المسرح اكتظاظاً وأثقلوا ميزانية شركة الإنتاج.في حجرة الاعتقال بمركز الشرطة عام 1942، نتعرف على رجلين لا يمسكان عن السجال هما الممثل بريندان أورورك في دور كهربائي شيوعي معنيّ بالسياسية، والممثل جيثين أولدمان في دور طبيب نفسي. ومعهما ممثل وغجري ورجل أعمال وصبي يطغى عليه الرعب بلا مسوغ، ويهودي عجوز يتشبث بوسادة من الريش بساعدين كليلين، وأمير نمساوي خفيض النبرة يعشق الموسيقى ويحاول حماية فنانين يستهدفهم الرايخ، ورسَّام سرعان ما يكوِّن العداوات بهذره الهستيري عن مخاوف يعايشها الجميع، ولكن بصمت، مما يجعلنا نتذكر المواجهات في مسرح كافكا.

الجزء الأول من المسرحية قوي الحبكة، وفيه يرسم ميلر صورة مرعبة لعملية يؤدلج فيها المذعورون علامات التحذير لكارثة وشيكة. فترة من التقلقل الحقيقي، يصير الشخصي سياسياً بقوة الظرف، لا الإرادة
لم يكونوا جميعاً يهوداً، إذ لم يخترهم نظام الرايخ لدينهم فحسب وإنما لاختلافهم السياسي مع المحتل. وقد تخيل ميلر أعداء للسلطة بلا أسماء تميزهم. كلهم ينتظرون الفحص على يد ضباط يتظاهرون بتحقيق العدالة، فحص الأوراق وفحص القضبان! لا بد للألماني البيروقراطي من التثبت، فالتثبت في مكاتب الدول العتيقة مرادفٌ لليقين والواقع والحق. وهكذا ينزع عن اليهودي ملابسه حتى التجرد بحثاً عن إمارة الختان.


سخرة متعلمة

لا أحد يبلغ الرجال بسبب القبض عليهم أو بميعاد المغادرة. تمنّوا في البداية لو يقتصر الأمر على فحص أوراقهم الثبوتية ثم إطلاق سراحهم. تسري شائعات بمعسكرات عمل إلزامية في بولندا. ينبذ أسيران الفكرة، رافضين تصديق أن الشعب الألماني “المتعلم تعليماً عالياً” قد يدعم هذه السخرة.

قليلٌ منهم خرجوا إلى الشوارع ولا أحد يعلم مآل الباقين. حرص المخرج البريطاني فيل ويلموت على إقحام عدة خُطَب للمغالاة في مصيرهم وتحويله قسراً إلى مأساة يهودية كونية. وعلى عكس نية المخرج بالتأكيد، لاح النازيون كشخصيات كاريكاتورية مسلية، هم ضباط موهومون بالروتين الحكومي، رجال أبرد من الثلج، ولكنّهم غير مقْنِعين كخطر يتهدد العالم. وأكثر ما يضحكنا هو بيروقراطية الألمان وعشقهم للأرقام.

لا نقترح هنا أن يقص المخرج ويلزق نص ميلر الأصل، فالمساحة حرة للتطوير والتجديد، وهنا تكمن عظمة مسرح ميلر. ولكن يتجلى لنا أنه قصد حشر سلطة ما في حلوقنا، سلطة اللوم التي تُفتّت الذنب وتلصقه بالبشرية، ويتساوى في ذلك لوم المذنب ولوم البريء.


يمبوس أبيض

كان الديكور مثالياً لاستجواب لا يتوانى عن الفتك بمن لا تسعفه الحياة لأن يكون أغلبية.يزعجنا إحساس باليَمْبوس أو الأعراف بين جدران شديدة البياض صارخته، لا يزوّقها أيّ شيء عدا مقعد أبيض في الزنزانة الضيقة. نشعر برهاب الاحتجاز الخانق، فالمسرح يشْبه علبة مفتوحة من جانب واحد، من جانبنا، والمتفرج هو المتنفس الوحيد لهؤلاء الأشخاص. ها هي أصوات أبواب تنفتح وتنغلق بعصبية في خلفية المسرح، فترتجف أوصال المحتجزين ويتنامى إحساسنا بالقهر.

الجزء الأول من المسرحية قوي الحبكة، وفيه يرسم ميلر صورة مرعبة لعملية يؤدلج فيها المذعورون علامات التحذير لكارثة وشيكة. فترةٌ من التقلقل الحقيقي، يصير الشخصي سياسياً بقوة الظرف، لا الإرادة. وفي النهاية يتصالح المحجوزون مع مصيبة حاقت بهم، ومثلهم مثل الأميركيين، يسارعون بلوم أنفسهم بدلاً من لوم النظام على ما ألمّ بهم من بلوى. أجاد الممثلون لعب أدوارهم، وحتى الصامتون منهم أضافوا إلى العرض مسحة من الغموض. ونجح المخرج في القبض على شعور بالهوية في خضم تاريخ يبث دماء من الجهل والتضليل
                            الممثلون ارتدوا ملابس تعود إلى زمن الحرب العالمية الأولى

إن هذه التحفة المسرحية ليست طّرفة تاريخية خرجتْ من رحم التجربة اليهودية للكاتب ذاته لتنقلب كنزاً مدفوناً لا يتذكره المسرحيون. والدليل أن المسارح اللندنية لم تنتجها منذ خمسين عاماً. ومؤخراً فقط واتت المخرج الشجاعة فقرر استخراجها من تحت التراب. ولعل عيبها الأساسي هو أن المخرج حوَّرها وحاد بها عن مسارها ليبالغ في دور الضحية في التاريخ اليهودي.

ولكن فيما عدا خُطَب رديئة ألقاها النازيون حيناً بعد حين بدا الحوار جذاباً ضاجاً بالحيوية وحرص ألا يضيع وقت المتفرج في الحواشي والاستطراد. لا تنقص المسرحية واقعة مفتعلة أو “نهاية مسرحية” طالما انتقدها العارفون بالمسرح. نكاد لا نصدق الإيماءة النبيلة التي يبْديها غريبٌ مسيحي أنقذ حياة رجل يهودي. فقد منح الغريب الأرستقراطي أحد الرجال اليهود أوراقه الخاصة ليتمكن اليهودي من الإفلات بحياته.


شر تافه

كان ميلر قد كتب المسرحية أثناء محاكمة الضابط النازي أدولف أيخمان بتهمة قتل اليهود. ومع أنه لا يستشهد صراحةً بمقالة المنظرة السياسية حنا آرندت “تفاهة الشر”، تؤكد المسرحية على فكرة أن الشر طاقة تافهة. لا ينتقد ميلر فرداً بذاته بل منهجاً فكرياً لا يلعب بورقة معاداة السامية. لا يقْدم الضباط على أيّ شيء بمبادرة شخصية منهم، لا نية لديهم لفعل الشر أو الخير. صاحب الأمر والنهي هو القائد الأعلى وما هم إلا مطيعون للأوامر.

لذا قد يرتكب الشر نكرات بلا غايات شيطانية كما تقول حنا آرندت. ويوافقها ميلر في تصويره لشخصيات نازية تتسم بالتفاهة والسطحية، وتستجيب بشكل آلي إلى قياداتها العليا. الفارق هو أم ميلر يضع هذا التناقض الأخلاقي في إطار فلسفي، مشدداً من جديد على أن الشر قد يبدر ممن ليس لديه دافع أو مصلحة أو قناعة. الشر على يد مَن بمقدوره فعل الخير. فرد عادي تماماً، مثلنا جميعاً، يقترف جريمة كبرى.

إن محاولة الفهم لا تعني المغفرة كما يعتقد ميلر. الكاتب اليهودي الكبير ليس كارهاً لذاته أو مدافعاً عن النازية. لا يحتقر أهله ولا يريد في الوقت ذاته تطهيراً سهلاً كما في حالة ويلي لومان بطل مسرحية “موت بائع متجول”. ليس العرق هو ما يؤرق ميلر، بل التطهير المجتمعي للمنبوذين من أيّ عرق.
                                     عدسة مكبرة على شر متضخم


ويبدو لنا أن المخرج اقتطع من سياق المسرحية الأصلية عدة مشاهد تؤيد هذه الفكرة واستبدلها بمشاهد تستعدي الأعراق الأخرى وتثير الحفيظة بين أهلها. تتطاير من رائحة النص الأصلي الواقعية في التناول، شر لا يوصف تم توصيفه، أمَّا هنا في هذه المسرحية يتحدث ممثل أو اثنان بلا رابط أو كابح عن مظلومية متخيلة على نحو مستفز.


لوم الغريب

مع أن الممثلين ارتدوا ملابس تعود إلى الحرب العالمية الثانية، خلت المسرحية من أيّ دلائل تاريخية عن الفترة ذاتها. يقال إن ميلر تعمّد هذا ليضفي عليها أبدية لا تستكين إلى التأويل الوقتي. كما أن غياب هذه العلامات أسهم في التشديد على أوجه التشابه بين الأنظمة الاستبدادية من دول شرق أوروبا في الحرب الباردة وصولاً إلى دكتاتوريات العهد الحالي. يقول أحد الأبطال “تعرف؟ اليهود ليسوا عرقاً. فبوسعهم أن يشبهوا أيّ أحد.”

إن “حادثة في فيشي” ليست مجرد مسرحية عن تضحية غريب من أجل غريب. تلك عدسة مكبرة على شر متضخم يُهلك بلا شفيع. يقع في قلوبنا إحساس حزين بأن التاريخ قد يعيد نفسه بشتى الطرق، ومع مختلف الأعراق والقوميات. وهذه الرؤية للتطهير العرقي تلازمها حالة من الكساد الأخلاقي تجعله من السهل تجاهلها أو الالتفات حولها.

ولا شك أن هذه القصة التحذيرية لا تزال تنبض بالحياة في العصر الحالي. هنا تعطيلٌ لحيوات المختلف منا، وهناك لومٌ للغريب على ما تهشم من مجتمعاتنا، أفكار لا صلاحية لها، فاعلة ومتجددة بيننا بتفاصيل مزعزِعة وآسرة تستقر في ضمير اليوم.

-------------------------------------------
المصدر : جريدة العرب 

"المسرح وإشكالياته" بمعرض الكتاب الثانى في الأقصر

المسرح الكويتي يفتقد للجرأة

مجلة الفنون المسرحية

المسرح الكويتي يفتقد للجرأة

استضاف برنامج «هذا الصباح» أمس الفنان الكويتي محمد المنصور حيث تطرق الفنان صاحب المشوار الفني الطويل للعديد من المحاور والموضوعات المهمة خلال تلك الاستضافة.
وبدأ المنصور حديثه بالمسرح الكويتي وسبب تراجع خشبة المسرح الكويتي فيما تعرضه من أعمال للجمهور الكويتي والخليجي والعربي بشكل عام بعدما كانت الأعمال المسرحية الكويتية تنافس إلى حد ما المسرحيات المصرية.
وبرر المنصور هذا الأمر قائلاً: صراحة المسرح الكويتي منذ منتصف الستينيات وحتى منتصف الثمانينيات كان في أوج قوته وازدهاره لأنه كان ملامسا للواقع والآن، أصبحت الحياة مثل المثلث متساوي الأضلاع فأحيانا تكون القاعدة اقتصادية واحيانا تكون القاعدة سياسية وتكون الأضلاع الأخرى مساندة لها.
وعن الخروج من تلك الحالة قال: نخرج من تلك الدائرة عندما تدرك وتؤمن السلطات في كل مكان مدى الضغوطات الخارجية التي تأتي إلى مجتمعاتنا، وفي السابق كان المسرحي الكويتي مزدهراً لأنه كان لدينا الجرأة، وأقصد هنا الجرأة الفكرية والأدبية، جرأة نتكلم فيها عن عطاءات المجتمع وكيف أن نحاكي المجتمع؟، لأن الفنان يعتبر انعكاسا للصورة التي يعيشها داخل المجتمع ولابد أن يتأثر به ويؤثر فيه ويرتقي به.
وبسؤاله عن الفن العربي والمسلسلات العربية ومنافستها للدراما التركية فقال: نحن جزء من هذا العالم، وفي الماضي حصدنا على جوائز عالمية منذ عشرات السنين ومازلنا نعمل ونبدع.
وعن زيارة للقدس في مايو الماضي قال المنصور: كانت زيارة ممتعة جدًا مع أهالينا في دولة فلسطين وكنت قد دعيت من قبلهم لأن الكويت كانت ضيف شرف في معرض الكتاب الفلسطيني، والحمد لله كنت واحدا من ضيوف الشرف هناك والتقيت باخواننا واشقائنا هناك ودخلنا عن طريق الأردن والملك حسين، وكان شعوري لا يوصف بزيارة هذا المكان المقدس وأرى هذه الأماكن الإسلامية والتاريخية العظيمة، وأتمنى أن يزور هذه الأماكن كل مسلم في كل مكان في الأرض.
يذكر أن الفقرة الصباحية من داخل مقهى الجزيرة بالحي الثقافي «كتارا» تقدمها منال الهريسي، والفنان محمد المنصور ينتمي لأسرة فنية حيث أن أشقائه منصور وحسين ممثلان والمخرج عبد العزيز، بالإضافة إلى كونه ممثلا فإنه أيضًا قام لأكثر من مرة بتقديم برامج تليفزيونية من بينها برنامج «تو الليل» على قناة الوطن، حاصل على دبلوم الموسيقى من «معهد المعلمين» عام 1969، كما حصل على الدبلوم التليفزيوني التعليمي في تخصص الإعداد والإخراج من «معهد سيدو» في إنجلترا عام 1971، وفي عام 1972 حصل على شهادة البكالوريوس من «المعهد العالي للفنون المسرحية» في الكويت، وفي 1995 حصل على شهادة الماجستير من «أكاديمية الفنون» في القاهرة، قدم عشرات الأعمال الناجحة المهمة من بينها مسلسل «الحب اللي كان» و«بركان ناعم» و«دارت الأيام» و«نيران» و«بيت بلا أبواب» و«قلوب لا تتوب» ومن المسرحيات قدم «تنزيلات» و«دقت الساعة» و«جنون البشر» ومن الأفلام «ظلال الصمت» و«هروب» و«لعبة الكراسي».

-------------------------------------------------------------------
المصدر : محمد مطر - الوطن 

ربيع المسرح المحترف في صفاقس: الشارع يعيش المسرح

مجلة الفنون المسرحية

ربيع المسرح المحترف في صفاقس: الشارع يعيش المسرح

تنطلق يوم غد بعاصمة الجنوب صفاقس الدورة الثانية عشرة لتظاهرة ربيع المسرح المحترف التي ينظمها مركز الفنون الركحية والدرامية بصفاقس وتتواصل الى غاية يوم 27 أفريل الجاري.

البداية ستكون من الشارع، الشارع الذي يعيش أحداث يومية لو وضعت على الركح لأصبحت اعمالا مبهرة لها جمهورها، في صفاقس الشارع يعيش المسرح وهو عنوان عرض الافتتاح بشارع الهادي شاكر وسط المدينة وامام المسرح البلدي.
الشارع يعيش المسرح من الساعة الثالثة بعد الزوال إلى حدود الساعة السابعة مساء تنشيط خارجي ، عربة ضخمة تحمل شعار المسرح (قناع ضاحك وقناع باك ) تتجلى من خلالها مشاعر وأحاسيس يحملها المبدع . عربة تشق الطريق الى الأمام تحمل معاني التقدم والسعي إلى ماهو أفضل ، ربما تحكي حكايات احلام المسرحيين، احلام ولدت معهم ولاتزال تنمو وان قست الظروف وشح الدعم تظلّ ضحكة القناع الضاحك تصاحبهم ولازالوا يسعون لتقديم اعمال مسرحية ستبقى في الذاكرة.

عروض مسرحية متنوعة متتالية وسط الشارع أين تنتصب أركاح مختلفة الأحجام متقابلة تزخر بعروض مسرحية تتنوع بين الرقص المسرحي والعروض العرائسية .

الشارع يعيش مسرح بعيدا عن التهريج العشوائي ، العروض مسرحية بامتياز ، المسرح يخرج للجمهور يتصالح معهه ليستقبله في مرحلة ثانية بالقاعات.

اما عروض القاعات فتتوزع على فضاءين اثنين هما مركز الفنون الركحية والدرامية و المركب الثقافي محمد الجموسي كل يوم بداية من الساعة السابعة مساء و تكون فاتحة المهرجان في مركز الفنون الركحية مع مسرحية «القراج» لشركة جوكر للانتاج اخراج امير عيوني، تمثيل كل من رفيق واردة، كريم عاشور ، أمير بالأسود، صابرين عباس وحامد مصمودي .

وتدور أحداث المسرحية في مستودع متداعي للسقوط يعيش فيه شخص متهم بنشاطه السياسي وكان سجينا مما تسبب له في اختلال نفسي يلتقي مع جندي فار من وظيفته بعد أن قتل زميله خطأ فأدمن الكحول ويلتحق بهم ثالث يبحث عن ابنته التي لا يعرف عنها شيء ثم تحدث نقلة في الأحداث بظهور شخص ثري يقدم لشراء القاراج وتحويله إلى متجر لكن تظهر فتاة فتصبح محور الحكاية يعجب بها الجميع لنتبين أنها ابنة الرجل الذي يبحث عن ابنته لكن بعد أن تكون قد حدثت الفاجعة ...صراع مرير بين الشخوص حيث تحمل كل شخصية جراحا عميقة تتعمق ولا تنفرج.

و يكون الموعد الجمعة 21 أفريل مع مسرحية «نهير خريف» انتاج شركة خديجة و السبت 22افريل مسرحية «الصحافي» اما الاثنين 24افريل فلقاء مع مسرحية «حديث الجبال» لمركز الفنون الركحية والدرامية بقفصة، عمل للمخرج هادي عباس وتمثيل مجموعة من افضل الممثلين بقفصة، يغوص في يوميات وحكايات المهمشين سكان الجبال وعلاقتهم بالأرض والجبل والدولة، عمل يقدم قبح الدولة امام نضال السكان وتمسكهم بارضهم وان قست وضنّت بخيراتها.

فضاء العروض الثاني هو المركب الثقافي محمد الجموسي ويحتضن عروض «رحلة الى الخيال» السبت 22افريل و «كوشمار» الثلاثاء 25افريل و «بين البينين» العمل الجديد لمركز الفنون الركحية والدرامية بصفاقس اما الاختاتم فيكون مع مسرحية «مبني للمجهول» لمسرح الارض.

من 20الى 27افريل تتنفس صفاقس المسرح، شوارعها و فضاءاتها تلتقي بمجموعة من العروض المسرحية الناقدة للواقع والمشهد الاجتماعي والسياسي.

-------------------------------------------------
المصدر : مفيدة خليل - المغرب 

نتائج مسابقة عروض المونودراما الدورة الثالثة من المهرجان الدولي للمونودراما

مجلة الفنون المسرحية

نتائج مسابقة عروض المونودراما الدورة  الثالثة من المهرجان الدولي للمونودراما

اختتمت  مساء اليوم السبت فعاليات حفل اختتام الدورة الثالثة من المهرجان الدولي للمونودراما بسيدي بوزيد بتتويج المركب الثقافي الجامعي بسيدي بوزيد بالركح البرنزي  عن عرض 7 من 16 لتونس للمخرج عبد الفتاح الكامل و الممثلة مريم بالقاضي. واسند الركح الفضي  لباتنة بوعقال من الجزائر عن عرض " الخامسة " .وفازت دولة الكويت بالركح الذهبي عن عرض سبيليات اسماعيل للمخرج رسول الصغير .
وكان قد انطلق   المهرجان الدولي الجامعي للمونودراما بدورتة الثالثة بمدينة سيدي بوزيد , وحتضن فعالياته المركز الجامعي للتنشيط الثقافي والرياضي بسيدي بوزيد من 19 الى غاية 22 افريل الجاري.
وقد شارك في حفل الافتتاح العديد من الفرق الموسيقية التي اثثت فقرات متنوعة بساحة الشهيد محمد البوعزيزي وسط المدينة وبحضور عدد من ضيوف مجموعة من الدول العربية كالسعودية والكويت والجزائر. ويذكر أن الدورة الثالثة تحمل اسم دورة الجزائر بما انها هي ضيف شرف الدورة.

وكانت نتائج مسابقة عروض المونودراما  في حفل اختتام فعاليات الدورة الثالثة من المهرجان الدولي للمونودراما بسيدي بوزيد
22 أبريل نيسان  2017
-------------------------
جائزة أفضل توظيف موسيقي لمسرحية سبيليات اسماعيل اخراج رسول الصغير 
جائزة أفضل ممثلة واعدة مناصفة لثلاث ممثلات : مريم بالقاضي و أسماء بن بكري وروعة حسين وهن من تونس
جائزة أفضل ممثل واعد ل محمد الصليمي من السعودية 
جائزة أفضل ممثلة مناصفة لكل من : شيرين حجي من الكويت وسمية بو ناب وإقبال راشدي من الجزائر ونسرين دوزي من تونس
جائزة الجمهور مسرحية اللقيطة السوداء / تونس
جائزة المهرجان البرونزية مسرحية سبعة من 16 لتونس
جائزة المهرجان الفضية لمسرحية الخامسة من الجزائر
جائزة المهرجان الذهبية مسرحية سبيليات اسماعيل للمخرج العراقي رسول الصغير تقديم أكاديمية لوياك للفنون الأدائية من دولة الكويت
وتم حجب جوائز الإخراج والسينوغرافيا والتمثيل الرجالي .


المسرح السوري يجذب الأتراك ويحرّك الأجواء الفنية في أورفة

مجلة الفنون المسرحية

المسرح السوري يجذب الأتراك ويحرّك الأجواء الفنية في أورفة

أورفة – برهان عثمان


شهد العرض  المسرحي في ولاية أورفة التركية نشاطًا ملحوظًا منذ أكثر من ثلاث سنوات، مع استقرار عدد كبير من اللاجئين السوريين الذين أسهموا في تحريك عجلة النشاط الثقافي والفني بمختلف أنواعه ومنها العمل المسرحي، الذي كان يعتبر ظاهرة نادرة في الولايات الجنوبية من تركيا بشكل عام، وأورفة خاصةً.

هذه الولايات تميل أكثر إلى النشاط الموسيقي والغنائي، لغياب كوادر مسرحية ذات خبرة، كما يقول أنس الحميد لعنب بلدي، وهو أحد المهتمين بالعمل الفني والنشاط المسرحي في أورفة، ويضيف أن العمل المسرحي هو رسالة متكاملة ثقافيًا وفنيًا وفكريًا ويشكل مرآة تعبر عن الأوضاع الفنية والإنسانية، وقد عرفت سوريا تطورًا ملحوظًا في الحركة الفنية والدرامية والمسرحية ما مكنها من بناء قاعدة فنية وكوادر مبدعة في التأليف والإخراج والتمثيل، انتقل العديد منهم إلى دول اللجوء حاملين معهم ثقافتهم وشغفهم الفني، في محاولةٍ لإنشاء بيئة جديدة تعبّر عن همومهم من خلال أعمال فنية متنوعة وفي مقدمتها المسرح.

ولاقت عدٌد من الفرق الفنية السورية، التي قدمّت أعمالًا مسرحية في أورفة، قبولًا واستحسانًا شعبيًا في أوساط السوريين والأتراك.

فنٌّ في مجتمع لا ينطق بالعربية

يقول محمد السطام، وهو ممثل ومخرج مسرحي، “في مجتمع لا ينطق بالعربية، هناك فرق بين أن تكون في دولة ناشطة فنيًا وفيها أرضية فنية وكادرٌ فاعلٌ تستطيع أن تنشط معه عن طريق علاقاتك وخبرتك في هذا المجال، وبين أن تكون في دولة غير ناشطة فنيًا، كالحال في أروفة، وحينها ستكون غير قادر على الاستمرار ولا تستفيد شيئًا سواء من ناحية الخبرة أو من ناحية العمل”.

أما بالنسبة للسوريين فيرى السطام أنهم يواجهون العديد من المشاكل التي تعيق استمرار نشاطاتهم على خشبة المسرح، وخاصة في تأمين التمويل لتغطية النفقات وإيجاد المكان المناسب للتدريب والعرض، ويقول “مصروفاتنا باتت تقتصر على الأشياء الضرورية، ما أفقدنا الكثير من الأدوات والملابس والديكور المسرحي والتقنيات الإلكترونية في الصوت والإضاءة والحركة التي باتت جزءًا مهمًا من الأعمال المسرحية’’.

ورغم المصاعب التي يعاني منها المسرح إلا أنه مايزال يتمتع بحاضنة شعبية وجمهور نهم ومتلهف لحضور كل عمل جديد، ويؤكّد السطام أن الأعمال المسرحية السورية تشهد حضور شرائح واسعة من السوريين والأتراك وخاصة العرب الأتراك الذين يفتقدون مثل هذه النشاطات التي تقدم بلغتهم الأم، إلا أن هذا لا ينفي أن تقديم الأعمال السورية باللغة العربية مايزال يشكل حاجزًا أمام الوصول إلى أبناء المنطقة، وخاصةً غير الناطقين بالعربية من الكرد والأتراك.

الفن يجب أن يكون، بحسب السطام، “فسحة للراحة وواحة للسلام ومنبرًا ثقافيًا يوصل الأفكار للناس في وسط صحراء الكراهية والجهل التي تحيط بنا”، ولذا فإنه يعمل هذه الأيام على تصوير برنامج كاميرا خفية، محاولًا زرع الابتسامة بين الناس خاصة في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها العالم، ويخرج فيلمًا قصيرًا يتمنى أن يبدأ تنفيذه بعد أيام.

الرقصة الأخيرة.. آخر العروض

مسرحية “الرقصة الأخيرة” هي إحدى المسرحيات السورية التي عرضت عدة مرات، وستدخل في إحدى المسابقات التركية للأعمال المسرحية، وقد تم عرضها مؤخرًا على مسرح “شاعر نبي” في أورفة بالتعاون مع عدة هيئات شبابية تركية، وقدمتها “فرقة سعد الله ونوس” المسرحية، التي تأسست في مدينة أورفة عام 2016.

وتتحدث عن صديقين يزوران إحدى المقابر لكي يسهروا فيها، لكنهما ينصدمان بنهوض الموتى من قبورهم، ويبدأ الأموات بندبهما ولومهما على الحال الذي وصل العالم إليه وما اقترفه الصديقان من حروب، ويستمر الحديث بينهم وسط جو من الخوف والرعب.

دليار، أحد الممثلين في مسرحية الرقصة الأخيرة يقول لعنب بلدي أن المسرحية “صورة مصغرة عن الحياة التي يعيشها السوري الآن، كما أنها تجسد المعاناة الإنسانية بصورة عامة”.

ويرى دليار أن الفن في علاقة تفاعلية طردية مع الواقع بطبيعته فهو يتأثر بالواقع ليؤثر عليه بعد ذلك، من خلال تجسيده وتصويره عبر صور ولوحات تعكس الواقع وتعالجه وتقترح له الحلول عبر رسائل تبقى عالقة في ذهن المشاهد.

وتظهر مسرحية الرقصة الأخيرة شخصية الهازم والمهزوم في وطنه، الذي مع خسارته مايزال قويًا ولديه الشجاعة والجرأة ليتحرك وسط القبور باحثًا عن متنفس ليعبر به عن ذاته وعن مكوناته، وعن هذا العنف وسط هذا الدمار الهائل، فيدعو أحد أصدقائه الأعزاء للاحتفال بعيد ميلاده في مكان موحش وخالٍ إلا من الموتى الذين لن ينهضوا، سهرة لم تكتمل بسبب قيام الموتى من قبورهم واستحضارهم لذكريات موتهم بكل تفاصيلها الموجعة والمفرحة.

تأنيب الأموات للصديقين يدور حول أن الأحياء هم سبب هذا الدمار، وبالتالي يجد الصديقان نفسيهما متهمين في محكمة شهودها وقضاتها والمدّعون فيها من الموتى الأحياء، لتنتهي المسرحية بالدعوة إلى الحياة والسلام والأمل.

-------------------------------------------------
المصدر : عنب بلدي 

«مزيد من الكلام» رؤية مسرحية مغايرة لصالح كرامة

مجلة الفنون المسرحية

«مزيد من الكلام» رؤية مسرحية مغايرة لصالح كرامة

 حظيت باستحسان الجمهور «من دون خشبة»

قدمت فرقة مسرح أبوظبي، مساء أول أمس، تجربة مختلفة خاضها المسرح الإماراتي باستضافة مسرحية «مزيد من الكلام» للكاتب والمخرج الإماراتي صالح كرامة، وذلك من دون خشبة، في المقر المؤقت لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع دبي، الذي لا يمتلك قاعة عرض مسرحية بالأساس، إذ تقدم المسرحية رؤية مغايرة بين الارتباط بالأرض أو الرحيل، وتابعها الحضور على بعد أمتار قليلة، والذين أعاد تداخلهم مع مشهدية العرض تقاليد مسرح الشارع، بكل ما يحيل إليه من تفاعل مباشر بين الممثلين والجمهور.

جماليات

أكدت الشاعرة الهنوف محمد، أن العرض تميز بجماليات فنية، وجاء بلغة شعرية عالية، وهي إحدى سمات العديد من مسرحيات صالح كرامة، الذي ينوع بإبهار بين إبداعه في كتابة النصوص المسرحية وإخراجها، في حين تبقى الأعمال التي يمزج عبرها بين الفنين بمثابة أكثر الأعمال إظهاراً لبصمته وخصوصية إبداعه المسرحي

وتدور أحداث «مزيد من الكلام» حول حلم فياض الذي حرص على حبس مجموعة من الحيوانات المفترسة كي لا تؤذي أحداً من أهالي المنطقة، في مقابل تذمر خادمه سندس، وتمرده على فعل فياض بالحيوانات، في حين ينتقل الصراع الأبدي بين أبي نوفل الذي يترقب بفارغ الصبر عودة ابنه، ليرى حفيده بدر الذي أسماه باسم جده الشجاع، ولكن هذا الحلم لم يطل كثيراً حينما يقرر ابنه الرحيل مع زوجته التي ترفض البقاء في هذه الأرض وتحمل ابنها «بدر» معها، وهنا يخذل نوفل حلم أبيه مرة أخرى، ويغادر مع زوجته، ليحرم أباه منه ومن حفيده.


وحظي العمل بشكل ملحوظ بتفاعل واستحسان الجمهور الذي دخل عقب عرضه في نقاش حول ما يطرحه العمل من رؤية مغايرة بين الارتباط بالأرض أو الرحيل، وبين الصحراء والبحر، وبين الجدب وانتظار هطول المطر، وأيضاً انتظار القادم من المجهول، فعبر التنقل بين المستوى الداخلي تارة والخارجي تارة لشخصيات العمل وظف صالح كرامة لغته المتفردة في حوارات تتصاعد مع الأحداث، وصراعات أخرى تغوص في أعماق شخصياته ودواخلها.

من جانبها، اعتبرت رئيس الهيئة الإدارية لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع دبي، الشاعرة الهنوف محمد، أن العرض بمثابة خطوة أولى للتعاون بين فرع الاتحاد بدبي ومسرح أبوظبي، مشيرة إلى جماليات سلامة اللغة، خصوصاً في العرض المسرحي الذي جاء بلغة شعرية عالية، وهي إحدى سمات العديد من مسرحيات صالح كرامة، الذي ينوع بإبهار بين إبداعه في كتابة النصوص المسرحية وإخراجها، في حين تبقى الأعمال التي يمزج عبرها بين الفنين بمثابة أكثر الأعمال إظهاراً لبصمته وخصوصية إبداعه المسرحي.

------------------------------------------------------
المصدر : محمد عبدالمقصود - الأمارات اليوم 

المسرح المعاصر والتقنيات الحديثة

مجلة الفنون المسرحية

المسرح المعاصر والتقنيات الحديثة

د.فاضل الجاف 

شهد المسرح الحديث في العقود الاخيرة تطورا كبيرا في مجال التكنولوجيا، وقد شمل هذا التطور ميادين معمار المسرح والسينيوغرافيا(الفضاء والمناظر المسرحية) والضؤ والصوت والازياء.
 ومما لاشك فيه ان هذا التطور أدى بشكل مباشرالى خلق آفاق جديدة امام المخرجين والمؤلفين والممثلين بإكتشاف سبل وأدوات وإمكانيات جديدة في التجسيد الإبداعي والخلق الفني، ناهيك عن تحسين ظروف التلقي، حيث أصبح بإمكان المتلقي أن يشاهد العرض في ظروف انسانية أفضل في ظل إمكانيات وتجهيزات حديثه على كل الاصعدة: الصوت والصورة والمسافة والراحة، مما يتناسب وروح العصر.

 وتجدر الاشارة الى ان هذا التطور لم ينبثق فجاءة في هذه المرحلة من تاريخ المسرح، فالتكنولوجيا المسرحية، كانت قائمة منذ العصر الاغريقي، بماكنتها البسيطة وحلولها السهلة في تجسيد مشاهد المسرحية، وقد تطورت هذه التكنولوجيا على مرّ العصور المسرحية.
 لكن التكنولوجيا المسرحية قديما كانت في مجملها سهل التنفيذ وذات وظيفة مجازية في معظم الأحيان.
 ويدرج بعض الباحثين التقنيات التكنولوجية التي شهدها المسرح في العصور الاولى من تطوره، ضمن التقنيات السهلة او البسيطة، اما ماجرى من تطور تكنولوجي للمسرح الحديث فيندرج ضمن النوع المعقد ذي سرعة وإيقاع شديدين، حتى انه بات من الصعب مواكبته من قبل المسارح ذات الامكانات المتواضعة.

فمثلا في مجال الصوت والمؤثرات الصوتية كان صوت الرعد ينفذ حتى الخمسينات من القرن المنصرم بإستخدام صفيحة معدنية، وصوت حافر الخيل كان ينفذ عن طريق إستخدام قشرة جوز الهند الجافة. وكانت ثمة ماكنة بسيطة تستخدم لإحداث صوت الرياح بفعل قماش من الخيش. أما صوت سقوط المطر فقد كان يتم عن طريق تحريك البازلاء الجافة في أنابيب. أما ما حدث من تطور في مجال الصوت والمؤثرات الصوتية في العقود الاخيرة، خصوصا بعد ظهور الكومبيوتر فتعد قفزة لم يشهدها تطور المسرح من قبل كما ونوعا وسرعة.

ومن الباحثين من يطلق على التطور الحاصل في مجال تقنيات المسرح ثورة داخل ثورة المسرح الحديث، ثورة مهّد لها روّاد المسرح الحديث من أمثال مييرهولد، كريغ، آبيا ونيهر ببدايات وإنجازات متمثلة بالخطوات الاولى في تغيير بنية المسرح معمارا وفضاء وأضاءة و تقنيات في الصوت. 
 كانت تصورات الرواد حول تغيير المسرح تغييرا جذريا تبدو حينها ضربا من الحلم والرؤى المستقبلية، لكن رؤى الرواد وتصوراتهم كشفت امام المسرح المعاصر عن آفاق وأفضية شاسعة ربما لم يكن تصورها سهلا إلا لمخيلة مبدعين من امثال مييرهولد وكريغ وآبيا.

ويمكن القول ان هذا التطور الهائل الذي بلغ أوجّه في المسرح الموسيقي والأوبرا وعروض الرقص، خلَقت لغة مسرحية جديدة لغة مسرح الحداثة وما بعد الحداثة، كما هي تتجلى واضحة في اعمال كبار مخرجي عصرنا، من أمثال جورجيو ستريهلر وروبرت ويلسون وروبرت ليباج. أعمال تحقق فيه الكثير من أحلام رواد المسرح الحديث الاوائل.
وكانت التكنولوجيا الأداة الرئيسة لتحقيق الحلم الفني، ومنفذا لرؤى مخيلة الفنان المسرحي.

ومما يجدر الإشارة اليه هو ان تطور التقنيات في المسرح الحديث إستمد دوافعه وجذوره أساسا من المخرج ومخيلته وسعيه الى تجسيد رؤاه وأحلامه. فالتصورات الجديدة لإستخدام التكنولوجيا في المسرح وتطويعه في مجالات مختلفة، برزت وتبلوّرت ببروز المخرج كصاحب مهنة مستقلة ومهمة في العملية الإبداعية.

 فالمخرجين الأوائل مييرهولد، كريغ، رينهاردت فعَلوا ونشَطوا دور السينوغراف والمصمم المعماري و مصصم الانارة ومهندس الصوت، وبدأ التقنيون يتبأون لأول مرة مكانة مهمة في ثورة المسرح. 
ولعل من الصواب القول بأن أول قفزة في سياق التطوّر التكنولوجي بعد اختراع قوة الكهرباء كانت البنائية، التي استوجبت هندسة أخرى في الفضاء المسرحي والمعمار والماكنة المسرحية. ان التطوّر الحاصل في هيكل التقنيات المسرحية لهي إمتداد لإنجازات البنائيين في مجال إستخدام البنى الكبيرة والماكنة المعقدة على المسرح وبتقنيات غاية في البراعة والإتقان. تقنيات دخلت كجزء حيوي ضمن هيكل العرض المسرحي  وليس بخاف فإن البنائية إنبثقت في المسرح كثمرة للجهد المشترك بين المخرج والفنان المعماري. وعليه فإن الأنجازات في مجال التكنولوجيا المسرحية ما هي إلا تحقيق لرؤى وتصورات الاوائل من المخرجين والرساميين والمهندسين وتعاونهم في عمل مشترك لتطوير مسرح العصر الحديث.

يقول كريستوفر بو في كتابه العرض المسرحي والتكنولوجيا كان كريغ يريد لمناظره المسرحية ان تتحرك كالصوت، مثلما الموسيقى تتحرك.
ويذكر ايضا ان احد مصصمي المناظر المسرحية في فرنسا كتب بعد لقائه كريغ في رسالة الى مدير مسرحه عام1910 يقول:
"إن كريغ يريد لمناظره ان تتطور مع سير المسرحية، لا أعرف كيف يمكن ان يتم تنفيذ مثل هذه الفكرة. ولكن الفكرة بحد ذاتها تعد من الدرجة الاولى. فلو تم تحقيق ذلك لغدا ثورة في مجال السينوغرافيا".

إن كريغ كان فنانا يدرك ضرورة الخيال وضرورة إدراك كون التكنولوجيا المسرحية  إمتدادا للخيال المسرحي ذاته. فأستخدامه عند مييرهولد وطرق الاستفادة منها كان جزء من العملية المسرحية والابداع الفني.
 ولعل المخرج البريطاني بيتر هول احسن من يعبّر عن الحذر من إستخدام الماكنة في المسرح من أجل الاستخدام فقط، فهو يقول: إن المسرح يحبّذ التناقض وعليه فإن الماكنة في المسرح تجب ان تستخدم كقيمة مجازية.

رؤى وأحلام دافينشي في المسرح البصري
كان اكبر الحالمين بالحلول التكنولوجية المبتكرة، هو الرسام والنحات الايطالي ليوناردو دافينشي الذي على يده حصل أهم تطوّر في تأريخ التقنيات المسرحية.

كان نموذج دافينشي لأوبرا أورفيوس تطورا هائلا في مجال الأوبرا. فقد صمم دافينشي العديد من الماكنات المسرحية في ميلانو. وكان أهم تصميم جديد له هو تصميمه خشبة مسرح تقدم عليها لأوبرا أسطورة أورفيوس 1518.

كان تصميم المنظر معقدا جدا في حينة، فقد أحتوى المنظر قبة تمثل قبة الكنيسة، تتفتح شيئا فشيئا على شكل جبل، لتكشف عن مشهد آخر، ثم تسحب الجبال عن المسرح من الجانبين. الى جانب هذا كان المشهد الأكثر غرابة هو المشهد الذي كان يرفع من تحت الارض كمصعد الى مستوى المسرح.
ماذا لو عاش دافينشي في عصر مييرهولد و كريغ!،لكانت إنجازاتة بلغت العصر الحديث بفاعلية خارقة.
 ففي الخمسينات من القرن المنصرم فقط بدأت المسارح تستخدم الاصوات المسجلة على الاسطوانات الكبيرة، وقد كان الاعتراض على أستخدام الصوت المسجّل شديدا في حينه.

إن المسرح البريطاني يعد من أهم المسارح الذي أختبر وحقق مختلف التقنيات الحديثة، وكان الى جانب المسرح الاميركي السبّاق في التجريب على كافة أنماط التقنيات الحديثة، فعروض الويست إيند وعروض برودواي حملت في مجال التقنيات الحديثة دهشة وانبهارا لمشاهدها لم يكن متاحا قبل ذلك. وكانت العروض الموسيقية لمسرحيات من أمثال الشعر 1957 و مسرحية يا لها من حياة حلوة 1963 السبَاقة في كشوفاتها التقنية.
وعلى الرغم من ان المسرح البريطاني لم يشهد نهضة تقنية تستحق الاشارة الى نهاية حرب العالمية الثانية، لكن بعد ذلك استمد كبار المصمين في المسرح والأوبرا الإلهام في خلق وإبتكار تقنيات جديدة أستخدمت من قبل المخرجين الشباب في الستينات من أمثال بيتر هول وتريفور نان وجون كاريد.

رواد التكنولوجيا في المسرح المعاصر


يوسف سفابودا:1920- 2002
المصمم التشيكي سفابودا صمّم و اخرج أكثر من 700 عمل مسرحي، منهدس معماري اصلا، مخترع المصباح السحري على المسرح، مؤسس الستائر المتعددة أو المضاعفة، إلى جانب عدد من التقنيات البصرية والسمعية.
نجح سفابودا في جعل الضؤ وسيلة مادية ملموسة، ذا قصد نحتي تجسيدي، وذلك بإستخدام العاكسات (بروجيكشن).
لقد نجح سفابودا في خلق تشكيلات مسرحية على شكل مونتاج مؤلف من الممثلين و الصورة المنبعثة من العاكسة، لينتج بذلك مشهدا ملئيا بالحيوية.
لم يكن هدف سفابودا في عمله يقتصر فقط على خلق صورة مسرحية كإنعكاس للضؤ المنبعث من العاكسة، بل كان نجح في خلق مشاهد نحتية مجسّدة، مفعمة بالحيوية والعنفوان الدرامي.

ومن التقنيات المهمة التي أبتكرها سفابودا إستخدام المكعبات في صف واحد، على شكل جدار، وفي كل مكعب كان ثمة بروجكتور يعكس الصورة على النظارة بهدف خلق عمل حي متحرك لفن العرض.
كان هدف سفابودا يتلخص في السينوغرافيا الحية والتي هي الاخرى الى جانب الضؤ والموسيقى يجب ان تشارك في الفعل المسرحي، أو أن تكون في حركة دائمة ولا ينبغي أن تقتصر الحركة على الممثلين فقط.
لعلنا لا نجانب الصواب إذا اعتبرنا سفابودا أهم مبدع ورائد ومطبق، بعد آبيا في مجال استخدام الضؤ وفي إبتكاره مفهوم السايكوبلاستيك وهو مفهوم يعتمد التقنيات العلمية الحديثة في تجسيد العلاقة بين الابعاد الثلاثة للفضاء المسرحي، وعلاقتها بالحالة النفسية والشعورية وبالنظارة في نفس الوقت. وفي رأيه ان مهمة السينوغراف تكمن في أستخدام هذه العناصر مجتمعة في وحدة واحدة، في بعد رابع يسميه الزمن- الفضاء، بما أن الحركة على المسرح تتطلب فضاء وزمنا.
إن منجزات سفابودا في مجال إستخدام التقنيات الحديثة في مجال ربط الفضاء الدرامي والزمن الدرامي والإيقاع الدرامي والضؤ الدرامي تعتبر من أهم إنجازات النصف الثاني من قرن العشرين.

روبرت ولسون

 إن المخرج الاميركي روبرت ولسون منهدس معماري ومصمم ديكور في المقام الأول، فهو عمله في الاخراج من التكوين المعماري والبصري للعرض قبل كل شيء ويساعده في تنفيذ ذلك خلفيته الثقافية كمعماري، ودرايته الواسعة في إستخدام التقنيات الحديثة، بالإضافة الى إعتماده على فريق كبير من أمهر التقنين في مختلف التقنيات المطلوبة في العرض المسرح … وإذا وضعنا جانب الانتقادات الموجهة إليه في هذا الصدد والتي تتلخص بطغيان الجانب البصري في عروضه على حساب النص والمضمون، فإن لروبرت ولسون طريقة متميزة ولغة فنية خاصة به فهو يقول : 
إنني أفكر في إعدادي الصور و التصاميم والرسوم البيانية، لكن ليس الهدف من الصور تصوير النص. وقد اعتاد ولسون على النقد المألوف الذي مفاده كيف يقوم المخرج برسم العرض قبل أن يلتقي بالممثلين، أو كيف يتم رسم الصورة والميزانسين دون وجود الممثل، وفي هذا الصدد يقول :

إنه مسألة تنظيم معماري في الزمن والفضاء، ولا يهم إن كان هناك ممثلون أو لا! فالضوء يتحرك، والأدوات المستعملة على المسرح تتحرك، إنها مسألة التوقيت، إنه البنيان (البناء) في الفضاء، لذلك أعتقد، إنه المعمار، أي بناء الشيء، سواء كان ذلك عند موزارت أو فاغنر أو شكسبير، باختصار إنه الأداء على أسس الرقص، دون الاكتراث بالبناء الأدبي للنص، فالقيمة البصرية تحل محل القيمة الأدبية دائماً. وعليه فإن الغرض القائم جمالياً لا يمس من قبل الجمهور، ولسون يحتفظ بخط البروسينيوم والمعمار التقليدي للمسرح ويسعى أن يقيم المتفرج علمه المسرحي هناك على مسافة.

 يبدأ ولسون عادة تمارينه بتنظيم ورشات عمل مع ممثليه لإلغاء المهمة الشفوية للعمل المسرحي، وغالباً ما تحدد متطلبات عمل الورشة باحتياجات الممثلين الفردية، لكن الورشة تحتوي دائماً على حركات جسدية عامة، يؤديها الجميع للعمل المسرحي.

وبرغم الخطوط العامة والسمات المشتركة لأسلوب ولسون، فإنه دائماً يبتكر شكلاً متميزا غير مألوف للعرض. ففي مسرحية "ماكنة هاملت" لهنري ميللر القصيرة، كان المؤلف قد خطط للعرض كي لا يتجاوز 15 دقيقة، لكن العرض في معالجة ولسون استغرق ساعتين ونصف، حيث وزع حوار المسرحية على الممثلين بشكل عشوائي، مما أعطى للعرض طابعاً سريالياً صرفاً. 
تشكل الموسيقى في الغالب عنصراً مهماً في العرض من البداية وحتى النهاية، ثم هناك الكلمات التي تدخل العرض بشكل متقطع.

إن السينوغرافيا في عرض ولسون المذكور تتضمن، بالإضافة إلى الهيكل المعماري، الصور المرسومة على الستائر، السلايدات المنفذة بدقة، بحيث تدخل البناء المعماري في إيقاع واحد مع الموسيقى والأداء المؤسلب المتأثر بروح المسرح المشرقي (نو الياباني).

روبرت ليباج
يتمتع المخرج الكندي روبرت ليباج، الملقب بساحر المسرح، بشهرة عالمية واسعة وحضور دائم في معظم المهرجانات المسرحية. ويحتل اسمه حالياً مكانة مرموقة بين أسماء أهم خمسة مخرجين مسرحيين بعد جيل بيتر بروك، وهم الأمريكي روبرت ويلسون، والألماني بيتر شتاين، والروسي ليف دودون، والفرنسية أريانا منوتشكين.
ويشارك هذا المخرج، الذي ولد في مدينة كوبيك عام 1957 ودرس المسرح فيها قبل أن ينتقل إلى فرنسا، الأمريكي روبرت ولسون في ريادة ما يسمى بالمسرح البصري.

ولعل الاستشهاد برأي المخرج الإنكليزي المعروف ريتشارد إر يساعدنا في الدخول إلى عالم ليباج المسرحي، وفهم أسلوبه الإخراجي، فهو يقول: "إن ليباج يحوّل المكان العام إلى مكان سحري، والمكان السحري إلى مكان واقعي سهل المنال، وليباج ممون أحلام، والأمر المحفّز بالنسبة إليّ أنه يعمل بلغة ومفردات تنتمي إلى لغة العرض".

 يقول ليباج ان التطور التقني جعل من المسرح يعيش عصر نهضة جديدة، فبالنسبة اليه ساعده هذا التطور في خلق الشكل المطلوب على المسرح، وفي تجسيد التصور الاخراجي بمساحة واسعة من الحرية.
تتسم أعمال ليباج المنجزة أسلوبه الإخراجي أفضل من تلك الأعمال التي يقدمها على المسارح الأوروبية كمخرج ضيف، حيث يعمل مع ممثلين من مدارس تأهيلية مختلفة، ضمن عقود مع مؤسسات مسرحية وتحت ظروف فنية مختلفة. 
وفي حين تتمتع "إكس ماشينا" بوحدة فنية في الأسلوب ومنهج صارم في التدريب والمران والعمل الدؤوب في الابتكار، يتم خلالها إنتاج أعمال مسرحية مدهشة بغية عرضها في المهرجانات العالمية وهي في أوج تكاملها. 

الصياغات السينوغرافية
في لعبة الحلم لأوغست سترندبرغ، تجري مشاهد المسرحية في مكعب مثبت على ركيزة، يدور المكعب لينتقل الممثلون من سطح إلى آخر حسب توالي المشاهد بطريقة مسرحية رشيقة، وكأنهم يعانون من ضغط هائل، ولا منفذ أمامهم سوى الحلم، بينما يتجلى البحر تحتهم على شكل مساحة مائية يشرف عليها المكعب المأهول بسكانه. وفي "حلم ليلة منتصف صيف" يحوّل ليباج الغابة الشكسبيرية إلى ساحة شاسعة من الوحل والمياه، تتمرغ فيها أجساد الممثلين ببدائية وعنفوان. 
ويهتم ليباج باللغة وأصواتها، ففي عروضه التي يعدها لفرقة "إكس ماشينا" يستخدم لغات عدة حسب انتقال المشاهد، ويكرر هذا الاهتمام في النصوص التي يكتبها بنفسه، حيث أن الجرس الموسيقي والتنويع الصوتي للغات المختلفة يضيفان على العرض شعراً إيقاعياً مثيراً، ويخلقان تأثيراً يضاهي التأثيرات البصرية.

الخلاصة

إن التتقينات الحديثة تمثل في جوهرها تحقيقا لخيالات ورؤى المسرحيين الاوائل ممن كانوا يسعون الى تجديد المسرح شكلا ومضمونا.
على المخرج ان يكون مطّلعا على المنجزات العملية في عصره، ويكون على وعي بانجازات الباحثين في مختلف مجالات العلوم. ان المخرج والتتقنين في عصرنا الحالي لايمكن أن يعيشوا بمعزل عن التطور العلمي والتكنولوجيا الذي غزت ميادين الحياة. وكلما كان إطلاع المخرج عميقا وشاملا كلما اصبح بمقدوره ان يجسّد أفكارة وتصوراته وحلوله الإخراجية بسهولة وبسبل فنية مدهشة و ساحرة. وكلما كان المسرح بمعزل عن التقنيات الحديثة أو غافلا عنها كلما أكتنفت لغة العرض صعوبات في التنفيذ والتحقيق.

ان لغة العرض شهدت تطورا كبير، لم يكن ليدور في خلد الرواد الاوائل من المجددين، فقد ادهشني عرض في الرقص على أحد مسارح ستوكهولم كان ينقل أجزاء مكملة من نفس العرض على مسرح في امستردام بتقنية بارعة و في مونتاج مبهر حيث ان المشهد الذي كان يجري أداءه على مسرح أمستردام، كان يشكَل جزاء حيا من عرض استوكهولم.

ولا يمكن إنكار حقيقة وجود مخرجين مبدعيين عملوا ويعملون بمنأى عن إستخدام التكنولوجيا المعقدة، الى هذا الصنف ينتمي على سبيل المثال، كروتوفسكي وبرووك في العصرالراهن، لكن تجاوز بعض المخرجين في اوربا التكنولوجيا والعمل بمبدأ الحد الادنى في العرض المسرحي لا يعني بالضرورة، الطلاق النهائي مع التكنولوجيا، فحتى في هذه الحال نرى ان كل شئ بإستثناء لغة العرض القائمة على الفضاء الفارغ عند برووك مثلا مرتبط إرتباطا وثيقا بالتطور التكنولوجي الحاصل في ميادين التقنيات المسموعة والمرئية، ناهيك عن مجالات التسويق والاتصال بالنظارة وبمختلف مسارح العالم وقطاعات الثقافة.
ففي آخر عرض شهدته لبيتر برووك في ستوكهولم في خريف عام المنصرم، شهدت كيف ان العرض البسيط العاري من كل التقنيات و باللغة الفرنسية، تصاحبه شاشة الترجمةـ فلم تعد اللغة حاجزا كبيرا أمام العرض المسرحي بفضل تقنيات الترجمة.

ومن الواضح ان الانتاج المسرحي بإعتماده على تقنيات الكومبيوتر قطع شوطا كبيرا في التنفيذ المتقن والسريع. في، حيث يتم برمجة المشاهد والضوء والموسيقى والصوت بطريقة يسيرة، مما يسهل إنتاج المسرحيات الطويلة الصعبة التنفيذ بأسابيع معدودة من المران والتدريب.
لعل إستخدام الكومبيوتر في مجالات الانتاج يعتبر اهم خطوة بعد اكتشاف الطاقة الكهربائية. فقد أصبح بإمكان فنان السينيوغرافيا ان يجسد نموذجه على شاشة الكومبيوتر وان يدخل عليه الممثلين وهم يتحركون وإختبار مدى إمكانية تغيير وتبديل المناظر عمليا،كي يصل الى نتيجة مضمونة قبل تنفيذ النموذج على الخشبة، والشئ نفسه ينطبق على الضؤ. اما بالنسبة لمصمم الازياء فقد حقق الكومبيوتر نجاحا في هذا المجال ايضا حيث يستخدم فنان الازياء صورة الممثل نفسه ليجرب معه مختلف أنواع الازياء وصولا الى الزي المناسب.

المسرح العربي والتكنولوجيا

وأمام هذا التطور الهائل الذي يشهده المسرح في الميدان التكنولوجي، نجد أن المسرح العربي يعاني قصورا كبيرا في استخدام التقنيات الحديثة وفي ندرة عدد تقنيين أكفاء، وان هذا القصور يشمل معظم ميادين المعمار والفضاء وهندسة الضؤ والصوت. ومما لاشك فيه ان القصور يشّكل أيضا نقطة مهمة في إنحسار المسرح العربي وتخلفه عن الركب المسرحي العالمي.

ان المسرح العربي بأمس الحاجة الى إعداد وتهيأة تقنيين أكفاء وجود التقنين في مختلف مجالات المسرح قبل إقناء الاجهزة والمعدات التقنية، فإن ذلك سيعطي للمسرح العربي زخما في طريق التطور والازدهار. ان الكليات ومعاهد المسرح في العالم العربي يجب ان تأخذ على عاتقها مهمة تدريس التكنولوجيا الحديثة في مناهج تدريس السينوغرافيا والضؤ والصوت والازياء

ومن جهة ثانية لا ينبغي أن نغفل دور التخلف التكنولوجي في المسرح العربي على إنحسار الجمهور الذي لا يمكن ان يعتاد على متابعة العرض المسرحي في صالات متهرئة وبتقنيات بالية.

يعيش المخرج في المسرح العربي في حالة تصادم دائم مع الخشبة، لكونها غير مجهزة بالتقنيات المطلوبة، وعليه فهي لا يمكن ان تستجيب لمتطلباته، وان كان مجهزا بالتقنيات فهناك غياب اوشحة في التقنين الاكفاء الذي بإمكانهم ان يقدموا للمخرج وللعرض ابعادا وجلولا إبداعية تضفي على العرض جوانب إضافات فنية لا تقل عن إبداع المخرج والممثل والمؤلف. 
 فإبداعات المخرج مهما كان بارعا، لايمكن ان تجسّد تجسيدا فنيا دقيقا متقنا الا بوجود الفنان التقني الذي بإمكانه ان يفتح بوجه المخرج أفاقا لا يمكن أن يتصوره أحيانا.

ان لغة العرض قائم في وظيفته ودلالاته في جزء كبير منه على العلاقة الابداعية والحرفية القائمة بين المخرج والتقنين، وهي علاقة مازالت ضعيفة في المسرح العربي، ان لم تكن معدومة في الكثير من العروض المسرحية.
 فالمخرج العربي مازال يجد نفسه وحيدا في العملية الابداعية و في إنتاج العرض، بينما نجد ان هذه العلاقة على درجة كبيرة من المتانة والحميمية في المسرح الغربي والشرقي معا، حيث ان فناني السينوغرافيا والضؤ والصوت يتفننون في خلق وتجسيد رؤى المخرج الفنية، بل فهم يعملون معا في انتاج العرض، إن الكلية في العمل الابداعي هي سمة المسرح المعاصر، هذه السمة مازالت ضعيفة، ان لم تكن معدومة في المسرح العربي.

ونتيجة لذلك نرى ان المخرج في المسرح العربي بشكل عام محروم من إبداعات الفنانين التقنيين، و لا يزال غير قادر على التعامل معهم  بلغة فنية قائمة على الحرفية وإحترام إبداع وعطاء الاخر، بغية الوصول الى عرض متكامل. وعليه فإن العروض المتكاملة تقنيا نادرة في المسرح العربي.

إن المسرح العربي لايزال يعتمد في لغة العرض على عطاءات المؤلف ثم المخرج وأخيرا الممثل. أما التقني فما زال دوره محدودا أو بعيدا عن الحرفية. بينما التكنولوجيا في المسرح المعاصر قطعت شوطا في كشف الحالة الانسانية في الدراما وتجسيد الدوافع الانسانية بأساليب حديثة، مسموعة ومرئية، فالتكنولوجيا الحديثة تمنح المؤلف المسرحي والممثل إمكانيات هائلة في تجسيد ما يدور في مخيلة المؤلف المسرحي شريطة ان يكون على دراية ووعي بذلك. وحتي في مجالات التجريب، فإن ما يسمى في المسرحي العربي تجريبا، خصوصا في مجال المسرح البصري على سبيل المثال، الذي هو اكثر المسارح اعتمادا على التقنيات الحديثة، فقد أكل الدهر عليه وشرب منذ الخمسينات في اوربا.
وأخيرا فان التكنولوجيا في المسرح لا يمكن ان يكتب لها النجاح من دون تقنيين مؤهلين تأهيلا تاما، ومن دون ممارستها بصورة مبدعة، ومن دون ان يتوفر لها المعمار المسرحي المناسب.

ملاحظة:
- استقيت معلوماتي عن سفابودا من كتاب العرض المسرحي والتكنولوجيا، كريستوفر بو. باللغة الانكليزية.
- المعلومات عن كريغ مستمدة من كتاب نهوض المسرح الحديث، غوستا بيرغمان، باللغة السويدية. 
- الفقرات الخاصة بالمخرجين ويلسون وليباج، مقتبس من كتاب المسرح السويدي، اراء وأفكار، د. فاضل الجاف، باللغة العربية

------------------------------------------
المصدر أيلاف 

المسرح - ذائقة الوطن

مجلة الفنون المسرحية
عبدالإله فهد السناني

المسرح - ذائقة الوطن


تسجل البدايات الأولى لنشأة المسرح في حضارة الإغريق والرومان، فقد كان هو الوسيلة الوحيدة للتعبير الفني امتدادا للنشاط في حلبات المصارعة والسباقات. واستمر أبو الفنون في قدرته على المواءمة بين عناصر فنية متعددة منذ ذلك الزمن البعيد إلى يومنا الحاضر.
وفي تاريخنا الإسلامي فقد شهد هذا النوع من الفنون بداياته في حقبة الخلافة العباسية، وعُرف حينها بفن خيال الظل، حيث كانت قصور الخلافة فضاء لتبادل الثقافة والمعرفة مع البلدان الواقعة تحت سلطة الخلافة، إضافة إلى البلاد الأجنبية المجاورة، لتتطور بعدها فنون شتى بدأت بشكل بدائي في شوارع بغداد، مثل حلقات القصاصين، وقد اتصف الفن الروائي وقتها بكونه ارتجاليا تماشيا مع النمط الأدبي السائد وفيه الشعر شأن أصيل.
اليوم، ونحن على أعتاب مرحلة جديدة من الإثراء الثقافي ضمن أهداف رؤية المملكة 2030، فإننا نشهد ولادة مختلفة للمسرح السعودي تنطلق استنادا على حراكه المعاصر في بلادنا، لينطلق بثقة، وطموحات مستنيرة تسعى لترسيخ ثقافة المسرح كما ترتأي له طموحات الشباب وعزيمة الرواد.
لقد انطلقنا في مسرح التلفزيون لنواكب رؤية وثّابة نحو التغيير والتجديد واضعين نصب أعيننا بأن نكون حاضنين للإبداع، صناعا للفن المسرحي القادر على إيصال رسالة مجتمع الثراء الحضاري السعودي للذات والآخر، متفقين على أن المسرح هو عنصر رئيس للتواصل بين الناس، ورافدا اقتصاديا فاعلا يرتكز على توظيف القدرات الذاتية، بالإضافة إلى تأسيس شراكات مع القطاع الخاص المتخصص، وإﺗﺎﺣﺔ تسويق وترويج منتجات مسرح التلفزيون السعودي تحقيقا لنماء هذا القطاع الحيوي بما فيه من دعم للمواهب الشابة تأسيسا لحاضنة مهنية للقدرات الطموحة الجادة مطعمة بالخبرات الوطنية المتراكمة التي اثبتت قدراتها الإبداعية خلال العقود الماضية.
وحيث إننا في إدارة مسرح التلفزيون نصبو إلى إﺣﯾﺎء اﻟﺗراث اﻟﻣﺳرﺣﻲ السعودي وﺗوﺛﯾق حراكه، وﺣﻔظ اﻟﻌروض اﻟﻣﺳرﺣﯾﺔ، فقد وضعنا نصب أعيننا على أن يتم تجهيز مسرح التلفزيون بالكامل لاستقطاب العروض المسرحية، وعروض الأوبرا الموسيقية، لاسيما أنه قد تم تأسيس الفرقة الوطنية السعودية للموسيقى والذي من شأنه نشر الحضور وتطوير الموسيقى المحلية عبر تواصلها مع الفرق العربية والعالمية والعمل على عقد الشراكات والاتفاقات الثنائية التي هي في مراحل متقدمة من الإعداد ترقبا لإنجازها.
إن برامج أعمال مسرح التلفزيون السعودي لن تتوقف على إعادة نشاط مسرح وطني كان له دور ريادي مستنير، حيث احتضن منذ ثلاثة عقود نخبة من الفنانين السعوديين الشباب الذين حققوا النجومية والانتشار في السعودية وخارجها، بل إن أولوياته أن ينجز المشاريع التي خطط لها بشكل استراتيجي، وأن يحقق طموح اﻟرﯾﺎدة اﻟﻔﻧﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ والمساهمة الفاعلة في ﺑﻧﺎء ﻣﺟﺗﻣﻊ ﺣﯾوي قادر على التجديد والابتكار وأن يكون مسرح التلفزيون حياً وحاضراً بفعالية في مشهد حياة المجتمع السعودي ينثر عبق وثراء حضارته الغائرة في عمق تأريخ الوجود الإنساني.
استناداً على ما تقدم، فإننا نعلن أن مشاريع تطوير مسرح التلفزيون السعودي التي تهنأ بالدعم والمؤازرة من جهاز وزارة الثقافة والإعلام السعودية، وعلى رأسها وزيرها الشاب الطموح الدكتور/عادل الطريفي، تأتي امتدادا لعطاءات دولة البناء السعودية التي أنتجت أجيالا يكمن في وجدانها قيمة الثقافة وجمال الحياة، وفيها الفنون ترتقي بالذائقة. كما أن استراتيجية التطوير هذه تقوم على عناصر فاعلة في صناعة الثقافة المسرحية، وهي على سبيل المثال لا الحصر:
ﻣﺳرح اﻟﺗﻠﻔزﯾون
ﺳﯾﻧﻣﺎ اﻟﺗﻠﻔزﯾون الوطنية 
أروﻛﺳﺗرا ﻣوﺳﯾﻘﯾﺔ
اﻷﻓﻼم اﻟوﺛﺎﺋﯾﻘﺔ
ﺷﺑﺎب ﺷﺑﺎب
اﻟﻣﺧﺗﺑر اﻟﻣﺳرﺣﻲ
اﻟﻣﺳرح اﻷﺻﯾل
ﻓﻲ ﻣدرﺳﺗﻲ ﻣﺳرح
اﻟﻌروض اﻟﺣﯾﺔ
ﻟﯾﺎل ﺗﻠﻔزﯾوﻧﯾﺔ
ﻣﮭرﺟﺎﻧﺎت ﺗﻠﻔزﯾوﻧية
مهرجانات فلكلورية.
* مستشار وزير الثقافة والإعلام 
والمشرف العام على مسرح التلفزيون

السبت، 22 أبريل 2017

إقبال كبير على مسرحية "بياض الثلج" ضمن فعاليات مهرجان "الشارقة القرائي"

المسرح الجوال بالعراق.. محاولات لإحياء مسرح الطفل

مجلة الفنون المسرحية

المسرح الجوال بالعراق.. محاولات لإحياء مسرح الطفل

في تجربة هي الأولى من نوعها على مستوى العراق، تسعى فرقة "المسرح الجوال" إلى إعادة الاعتبار لفن المسرح في حياة الأطفال عبر تقديم عروض في أماكن عامة من أجل تحقيق مزيد من التفاعل وزرع بعض القيم التربوية في حياة الطفل العراقي.
ويقول عضو الفرقة سعد شعبان إنهم يقيمون نشاطاتهم بالمدارس ورياض الأطفال وملاجئ الأيتام ومخيمات النازحين، ويتنقلون عبر سيارتهم -التي تتحول إلى منصة للعروض- بأحياء بغداد وضواحيها، وقد استطاعوا أن يجذبوا اهتمام الكثير من الأطفال، في وقت تطغى فيه الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي على اهتماماتهم.
ولا يقتصر عمل الفرقة على تقديم أعمالها الفنية، بل يتعداه إلى اكتشاف المواهب ورعايتها وضمها إلى الفرقة إن كانت مناسبة، كما تسعى أيضا إلى تسجيل حضورها في حياة الأطفال النازحين، حيث قدمت عملا يناقش مأساتهم حمل اسم "طيور مهجرة" وعرض في أكثر من مكان ببغداد، بالإضافة إلى الوجود المستمر بالأحياء الشعبية الفقيرة وتجمعات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويؤكد شعبان  أن الأعمال التي يقدمونها بجهود فردية، ولا يتلقون دعما من أية جهة حكومية أو أهلية، كما أن معظم نشاطاتهم مجانية، باستثناء العروض التي يقدمونها بالمدارس الأهلية.
                            شعبان: لا نتلقى دعما من أحد ومعظم عروضنا مجانية


مسرح مدرسي

وفي إحدى دور الأيتام وسط بغداد، جلس عشرات الأطفال لحضور مسرحية "سر العنقود" والتي حاول القائمون على الفرقة من خلالها تقديم بعض النصائح للطفل في التعامل مع الآخرين.
ويقول حسين فاضل -وهو أحد نزلاء هذه الدار- إنها المرة الأولى التي يشاهد فيها عملا مسرحيا بشكل مباشر، وقد شجعه ذلك على التفكير بدراسة المسرح مستقبلا، ويقول زميله محمد جبار إنهم محرومون من مثل هذه العروض وإن النشاطات التي يشاركون فيها خالية من المرح ويغلب عليها "الكآبة" على خلاف ما شاهدوه في هذا العمل.
وينتقد كثيرون دور وزارة التربية التي يغيب المسرح وباقي الفنون عن مناهجها -باستثناء الرسم- مما أدى إلى ضمور الاهتمام لدى الطفل بهذه الفنون وتراجع في الإقبال عليها خلال السنوات الماضية.
لكن المتحدث باسم الوزارة إبراهيم سبتي قال للجزيرة نت إن لديهم مسرحا مدرسيا تشرف عليه جهة متخصصة تعرف بـ "مديرية النشاط المدرسي" وهناك مشرفون يرشحون الطلبة للمشاركة بالنشاطات الفنية، حيث يقام مهرجان سنوي للمسرح المدرسي تشترك فيه كل المديريات العامة للتربية ويقام في البصرة، ويتم منح جوائز حكومية عن أفضل مخرج ونص وممثل.
ويضيف سبتي أن لدى الوزارة فرقة مسرحية مدرسية تشترك في مسابقات عربية ودولية، وتقدم عروضها في المناطق البعيدة والنائية كذلك.

أزمة مناهج
وقد تراجع دور المسرح العراقي بالسنوات الأخيرة، وتعرض لنكسات كبيرة -كما يرى نقاد فنيون- بسبب انتشار ظاهرة "المسرح التجاري" الذي يقدم أعمالا لا تراعي الذوق العام ولا تلائم التقاليد العائلية سعيا وراء الربح المادي السريع.
ويرى المسرحي والناقد الفني عمر ضياء الدين القيسي أن أغلب الجيل الجديد من المسرحيين تنقصهم الثقافة العامة، والتعرض لهموم المجتمع أو الأطفال، باستثناء تجارب يتيمة هنا وهناك، مضيفا أن أغلب الفضائيات ومواقع التواصل العراقية سطحية الرؤى والطروحات، وتروج للعروض التجارية "الرخيصة" والخالية من المضمون.
ووفق القيسي فإن الخلل الكبير يبدأ من المدارس، حيث إن مادة التربية الفنية بدأت بالتلاشي والانحسار، واستبدلت بمواد علمية، على العكس من الفترات السابقة التي كانت تقام فيها نشاطات وعروض مسرحية وأوبريتات منوعة موجهة تركز على تقديم قيم إيجابية للطفل وتربطه بتاريخ بلده وحاضره بشكل كبير.
ويقترح الناقد الفني أن تعيد الوزارة النظر في تعاطيها مع الفنون عبر إقامة احتفالات متنوعة تتضمن تقديم عروض مسرحية وموسيقى وغناء رصين ومعارض تشكيلية، وإعادة افتتاح مراكز الشباب بالمناطق الحضرية والريفية، وتدريس بعض المواضيع عن علم الجمال والاجتماع والأدب والثقافة، مع استضافة دورية لأساتذة ومتخصصين بالمجال الفني عموما ومسرح الطفل بشكل خاص.

-------------------------------------------
المصدر : الجزيرة

مسرحية " الشيطان والعذراء " تأليف احمد ابراهيم الدسوقى

المسرح العالمي ضرورة والمسرح العربي ترف لا غير

مجلة الفنون المسرحية

المسرح العالمي ضرورة والمسرح العربي ترف لا غير


عماد المي 

بات المسرح اليوم أكثر الفنون انفتاحا على عالم التقنية والأدب ومواكبا لما يطرأ فيهما، ولما يطرأ حتى على الفكر العالمي، محاولا بذلك تجديد مشاربه وحتى طروحاته وتقنياته، حيث لم يعد حكرا على الخشبة أو الممثل أو الخرافة وغيرها من ركائزه التي وسّع في تشكّلاتها هذا الفن العريق. ومن بين المسرحيين الساعين إلى التغيير المخرج التونسي علي اليحياوي الذي كان لـ”العرب” هذا الحوار معه حول راهن المسرح التونسي والعربي والعالمي:

في بداية الحديث مع المخرج علي اليحياوي، سألناه لماذا بقي مدة عشر سنوات لم يقدم شيئا بعد تقديمه لمسرحية “حذاء زهران” العرض الموجه للأطفال سنة 1996، ليعود سنة 2005 من خلال عمل مسرحي للكبار بعنوان “سباحة حرة”.

يوضح اليحياوي غيابه ذاكرا أن الأسباب كانت موضوعية جدا؛ إذ يقول “نظرا إلى تواجدي بحكم المهنة كأستاذ مسرح بمحافظة قبلّي لم أجد فضاء وظروفا مشجعة للقيام بتجربة احترافية كما أن المتطلبات البسيطة للإبداع لم تتوفر حيث كنت تقريبا الأستاذ الوحيد للمسرح في المحافظة، ومع توافد بعض الرفاق الأساتذة إلى الجهة كأساتذة مباشرين لتدريس مادة المسرح توفّرت لنا الفرصة لنجتمع حول مشروع ‘سباحة حرة’، وكانت ظروف إنتاجه خاصة جدا أي بمبادرة مادية وفنية من قبل المجموعة المشاركة”.

الذاكرة والحداثة

علي اليحياوي يرتكز في اشتغاله على الحفر في الذاكرة الإنسانية وعلى دقة منابع الاستلهام وكونيتها وطرافتها
استفسرنا اليحياوي عن تغييره لمساره المسرحي من عالم الأطفال إلى عالم الكبار، وعن رهانات اشتغاله، ليوضح بأنه يعتقد أنه ليست هنالك حدود أو اختصاصات يلتزم بها المبدع أو المخرج المسرحي، ويقول “أنا لست مختصا أو مكلفا بنمط أو شكل مسرحي محدد. أنا تحركني رغبات فنية مرتبطة بالزمان والمكان؛ فللمبدع مجال وحدود خاصة به يتحرك داخلها ورهاناتها واضحة بالنسبة إليه في نشاطه الإبداعي والفني. وأنا مشروعي أساسا في علاقة بالمكان بمعنى الجمهور والذاكرة الجمعية وما تحركه فيّ كإنسان وفنان، وهو نوع من الجدل المشاكس بيني وبين هذه الذاكرة التي انتميت إليها جسديا وروحيا وما زلت أنتمي”.

ويضيف اليحياوي “السؤال الجوهري الذي كان يحركني هو ‘كيف أستدعي هذه الذاكرة إلى المسرح بعمقها الوجداني والإنساني دون السقوط في السطحية والفولكلورية؟ ومن هذا المنطلق توجهت إلى غابريال غارسيا ماركيز وإبراهيم الكوني وجورج بوشنر، لإعادة تفكيك هذه الذاكرة وتجربتها على المحك الإنساني، فكل هؤلاء بصموا الذاكرة الإنسانية بالمخزون التخيلي المحلي، فتوصلت إلى أنه ليس ثمة مسافة بين الأدب الكولومبي وأدب الطوارق والأدب الألماني والذاكرة المحلية التي أنتمي إليها رغم التباعد في الزمان والمكان. الفرق يكمن فقط في تلك اللحظة الشعرية التي يمتلكها كل فنان؛ فكل يعبر بطريقته وبخصوصياته الثقافية، لكن في النهاية يبلغ الفنان الجاد والصادق مصاف الإنساني والكوني”.

يرتكز اليحياوي في اشتغاله على الحفر في الذاكرة الإنسانية وعلى دقة منابع الاستلهام وكونيتها وطرافتها. ومن ناحية أخرى يرتكز على المقاربة الجمالية حيث كان هاجسه دائما هو خلق فرجة مسرحية شعبية. نسأل المخرج هنا عن قصده من قوله “فرجة مسرحية شعبية”، ليجيبنا بأنه على مستوى شكل الفرجة التجأ إلى أشكال وأنماط السرد الشفوي الشعبية من ذاكرة الرواة المتجولين.


علي اليحياوي: تحركني رغبات فنية مرتبطة بالزمان والمكان
يستشهد هنا بمسرحيته “نوارة الملح” التي كان فيها هذا السرد هو الخيط الدرامي الأساسي الرابط للأحداث والأزمنة، فالعلاقة بين المتقبل والعرض انبنت، كما يقول، على الرواية الشفوية. وهذا الشكل له عمقه المتجذر في الذاكرة الشعبية التونسية، ولكن في مشروعه لم يكتف اليحياوي باستدعائه كما هو، بل اشتغل عليه من حيث الشعرية والغنائية والأداء، فقدمه بشكل فرجوي سحري عبر سفر من الذاكرة البعيدة إلى الحاضر في شكل فرجوي حديث.

كذلك استفاد علي اليحياوي من أهم التعبيرات المسرحية الشعبية العالمية منها الأقنعة المشتغل عليها في الكوميديا ديلارتي الإيطالية والرقص وفن السيرك لصياغة وحدة فرجوية مشهدية، لا تكتفي بالملفوظ بل تعمل على الانتقال بالمتقبل من اللحظة الواقعية التي يعرفها إلى اللحظة السحرية، فهذه المسافة التخيلية، كما يراها، هي ذات البعد الأسطوري المشبع بالذاكرة البعيدة وهي المحرك الأساسي لمعنى مسرح شعبي متجذر وحديث في الآن ذاته.

يهتم علي اليحياوي بالحفر في الذاكرة والاشتغال على مادتها، نسأله هنا عما تغير في الإنسان اليوم لينتهج هو طريق الذاكرة في عمله المسرحي، ليقول “بحكم اشتغالنا في محافظة مدنين بالجنوب التونسي، نسعى إلى تأسيس قاعدة فنية بجهتنا وأساس هذه القاعدة هو الجمهور، فهو الذي يرسخ التجربة المسرحية أو يرفضها. فكان السعي إلى الذاكرة المحلية بتعبيراتها المختلفة من شعر ورواية ومظاهر احتفالية نستلهم منها عناصر الفرجة المسرحية حتى تكون هذه التجربة متأصلة في محيطها المكاني”.

ويضيف “وبذلك تحول مشهد الصيد الأسطوري بين الإنسان والحيوان إلى مشهد واقعي بين الإنسان والإنسان، وأصبح الإنسان اليوم يعاني تشظيّا في الذاكرة. نحن هنا للتذكير والدعوة للعودة إلى الإنسانية الصرفة للإنسان الحق. فالذاكرة هي ذلك الوعاء الوجداني الجمعي الإنساني المشترك وليست مجرد قيم محلية جامدة، وليس هناك أفضل من المسرح كتمرين على الذاكرة بأشكالها المتعددة والمتنوعة”.


تجربة ديمقراطية

علي اليحياوي باعتباره فنانا بجهة الجنوب التونسي تحركه مسؤولية إنتاج الخصوصية الثقافية المحلية بمعانيها الرمزية والجمالية، لذلك التجأ إلى الذاكرة من هذا الباب. غير أن هذا لا يعني التفرد بشكل مسرحي واحد فلتطوير التجربة وإثرائها التجأوا إلى أشكال مسرحية أخرى أهمها ما يقوم به أنور الشعافي من اشتغال بالتجريب المسرحي، فالتعدد في الذوق والشكل والمضمون والكيف من شأنه أن يخلق تجربة مسرحية أكثر ديمقراطية وانفتاحا. يقدم لنا اليحياوي عمله المسرحي الأخير “ريونو سيتي”، وهي مسرحيته الثالثة في مشروعه المتواصل، بمضمون حديث ومعاصر، حيث طرح من خلالها ظاهرة الهامش الاجتماعي والتهميش المتعمّد المسلّط على الإنسان اليوم.

علي اليحياوي استفاد من أهم التعبيرات المسرحية الشعبية العالمية منها الأقنعة المشتغل عليها في الكوميديا ديلارتي الإيطالية والرقص وفن السيرك لصياغة وحدة فرجوية مشهدية
يحدثنا علي اليحياوي في جانب آخر عن رأيه في المسرح اليوم سواء منه التونسي أو العربي أو العالمي عموما، يقول “المسرح التونسي في رأيي يشكو من قلّة التنوع في الشكل والطرح؛ إذ حكم المسرحَ التونسيَّ نوعٌ من الدكتاتورية الجمالية. فقليلة هي المحاولات التي خرجت عن النسق العام للمشهد المسرحي التونسي، فالأغلبية تراوح مكانها في المقترح البريشتي السائد منذ السبعينات من القرن العشرين، وكذلك ارتبطت أغلب العروض المسرحية التونسية بالعلبة الإيطالية. ورغم ما حدث في البلاد من زلزال اجتماعي ضد النمط في رمزيته السياسية وخروج بعض الحركات الإبداعية للشارع، فإن جذوتها سرعان ما تلاشت وعدنا إلى سقف المسرح وحيطانه”.

ويتابع المخرج “هذا ينطبق أيضا على المسرح العربي الذي ما زالت تحكمه النزعة الأدبية ذات البعد التاريخي والتراثي؛ إذ لم يغادر النص والمنطوق إلى أشكال تعبيرية أخرى بخلاف المسارح العالمية التي نراها هنا وهناك قد قطعت مع شكل الفرجة التقليدي إلى دراما حديثة وما بعد حديثة، منفتحة على أشكال التعبير شبه المسرحية كالرقص والصورة. فالمشكلة تكمن في الذهنية المبدعة التي ظلت تحكمنا باعتبارنا مبدعين. والتخلص من هذه الذهنية مقرون بعلاقة المجتمع وعلاقة المثقف بالسلطة وحضور الفن المسرحي في هذا المجتمع ومدى فعاليته، فالمسرح العالمي ضرورة بينما المسرح عندنا ترف لا غير”. يختتم اليحياوي حديثه لـ”العرب” برسالة إلى المسرحيين التونسيين يقول فيها “على المسرحيين التونسيين إعادة النظر في المهنة برمتها، فما نراه اليوم من تشتت وعدم وضوح تصورنا للمهنة من شأنه أن يعرضها للاندثار”.

--------------------------------------------
المصدر : جريدة العرب 

المسرح المونودرامي في المغرب

مجلة الفنون المسرحية

المسرح المونودرامي في المغرب

 من التجارب المسرحية اللافتة عربيا تجربة المسرحي المغربي عبد الحق الزروالي، الزروالي اقتحم ميدانا صعبا في المسرح هو المونودراما أو المسرح الفردي الذي يعتمد على ممثل واحد طيلة العرض وعبر 26 مسرحية قدمها خلال تجربته الفنية المتميزة برزت موهبة الزروالي وقدراته الفنية في هذا اللون المسرحي الصعب، عبد السلام رزاق من المغرب وإطلالة على عالم هذا الفنان.
”المسرح المونودرامي أو مسرح الممثل الواحد لا يهتم كثيرا بعدد الممثلين وأحجام الديكور وإنما بالتجربة الحميمية للممثل في علاقته مع الجمهور عبر قناة الكلمة الصادقة”
عبد السلام رزاق: في زمن تراجعت فيه حظوة المسرح أمام الوسائل التعبيرية الحديثة ما يزال الفنان المسرحي المغربي عبد الحق الزروالي مُصِر على اختياراته المسرحية منذ السبعينيات والقائمة على الإخلاص للمسرح المونودرامي، فالمسرح المونودرامي أو مسرح الممثل الواحد برأي الزروالي لا يهتم كثيرا بعدد الممثلين وأحجام الديكور وإنما بالتجربة الحميمية للمثل في علاقته مع الجمهور عبر قناة الكلمة الصادقة.
عبد الحق الزروالي: مش شغل على اعتبار أن المسرح الفردي هو أسلوب وهو اختيار عنده نسبة من الاضطرارية اللي هي اختزال في عدد الممثلين وبحكم الإكراه زي الوضع اللي كان يعيشه المسرح ولكننا لم نطرح المسارح الفردية كبديل بالمرة لذلك فهو تكملة وهو إضافة مستعصية وإلا لو كانت سهلة فبالتأكيد أن هناك ستجد في كل قطر عربي مجموعة من الأسماء التي تتمنى أو تحاول ولكنها لا تستطيع أن تقدم أكثر من عمل أو عملين وبعدها يكون مصيرها التوقف.
عبد السلام الرزاق: ورغم إصرار الزروالي على أن المسرح الفردي لا يقدم نفسه كبديل للمسرح التجريبي أو التجاري فإنه نجح في تقديم 26 مسرحية ذات مواضيع مختلفة سعى من خلالها حسب قوله إلى الرقي بثقافة المشاهدة لدى المتلقي والعودة بالمسرح إلى أصالته الأولى في زمن العولمة.
عبد الحق الزروالي: يجب أن نفهم المسألة في بعدها الكوني ومن ثم أنا أراهن الآن على أن المسرح في ظل كينونته الحالية لم يعد يتوفر على تلك الهالة وتلك الرمزية وتلك الأسطورية التي كانت تُعطى للمسرح، الجمهور الحالي أصبح أسير تقنية السينما، تقنية التليفزيون تقنية الفنون الاستعراضية القائمة على فكرة الإبهار.
عبد السلام الرزاق: ورغم نخبوية المسرح الفردي في المغرب فإن عبد الحق الزروالي وعبر تجربته المسرحية الطويلة التي امتدت لأزيد من أربعة عقود كاملة استطاع أن يؤسس مسارا إبداعيا خاصا به سُمِع صداه في أكثر من عاصمة عربية.. ولأن المسرحيين في العالم العربي برأي عبد الحق الزروالي قد استنفذوا جميع المواضيع القومية والعاطفية والاجتماعية فإن مسرحيته الأخيرة -كدت أراه- جاءت لإثارة السؤال الوجودي الأول عن علاقة الإنسان بالقدر وبحثه الدؤوب عن الممكن والكائن في عالم تسوده علاقة استهلاكية زائلة.

------------------------------------------------------
المصدر : توفيق طه - الجزيرة 

الجمعة، 21 أبريل 2017

التجريب المسرحي وما بعد الحداثة

مجلة الفنون المسرحية


التجريب المسرحي وما بعد الحداثة

 رافق التجريب المسرحي، بمفهومه العام، فن المسرح منذ نشأته في الحضارات القديمة؛ فالممثل اليوناني ثيسبس، الذي طور الأناشيد الديثرامبية -تلك التي كان المنشدون في الاحتفالات الدينية الطقسية يمجدون بها الإله ديونيسوس- إلى عرض مسرحي "مونودرامي"، من خلال عربته الجوالة، كان مجرباً.
والشاعر الدرامي أسخيلوس، الذي أضاف ممثلاً ثانياً، وطوّر الفعل الدرامي، كان مجرباً.
وسوفوكليس، الذي أضاف ممثلاً ثالثاً، كان مجرباً، لأنه عمّق عناصر البناء الدرامي، ووسع آفاق العرض المسرحي.
وكان ممثلو "الكوميديا دي لارتي" الإيطاليين مجربين، لأنهم أطلقوا للممثلين حرية الخلق والابتكار، وقدموا أسلوباً جديداً في العرض "الملهاوي". وكانت طريقة فرقة "الدوق جورج الثاني" المعروف بـ"دوق ساكس مينينغن"، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، طريقةً تجريبيةً في وقتها، لأنها تجاوزت أحلام السابقين حينما حاولت البحث عن حل للتناقض بين المناظر المرسومة، وحركة الممثل الحي داخلها، وألغت فكرة الممثل البطل، أو النجم، تلك الفكرة التي أفسدت مسيرة المسرح الأوروبي، وشوّهته نصاً وعرضاً ما بين منتصف القرن الثاني عشر ومنتصف القرن التاسع عشر، ووضعت، للمرة الأولى، البطل في مسرحية اليوم في دور ثانوي في مسرحية الغد.
أما التجريب المسرحي، بمفهومه الخاص، فقد تكوّن في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات العشرين، وارتبط بمفهوم الحداثة، بوصفها فعالية تقترن بالابتكار والتجديد، ونقض المألوف، وكسر المسلمات، وهدم الأنموذج علي صعيد الرؤية والتقنية. وقد عدّ برشت، في محاضرة له بعنوان "في المسرح التجريبي"، ألقاها في أواخر الثلاثينات، أن كل مسرح غير أرسطي هو مسرح تجريبي، بيد أن عدداً من الدارسين الغربيين يرى أن ليلة العاشر من كانون الأول، قبيل انتهاء القرن التاسع عشر بأربعة أعوام، على مسرح "الأوفر" بباريس، كانت ليلة تاريخية، إذ إنها وجهت فوهة المدافع الثقيلة إلى نبض أرسطو، والبناء الذي شيده للدراما، حينما عرض "ألفريد جاري" مسرحية "الملك أوبو"، التي قال عنها الروائي الفرنسي أندريه جيد: "إنها الشيء الخارق للعادة الذي لم يرَ المسرح مثله منذ وقت طويل"، ووصفها الشاعر والكاتب المسرحي الإيرلندي و. ب. ييتس بأنها "علامة تنهي مرحلة كاملة في الفن". وقد كان هذا العرض بالفعل ثورة مسرحية كبيرة تمخضت عنها الاتجاهات التجريبية في المسرح العالمي، كالتعبيرية، والسريالية، والطليعية.
إذا كان التجريب المسرحي في بدايته قد طال الشكل، فإن سمته الأساسية في مرحلة الستينات والسبعينات من القرن الماضي، تجلّت في محاولة الانفتاح بالمسرح على بقية الفنون، وفي خلق علاقة مختلفة مع المتلقين، وتوسيع هامشه. وبذلك أخذ التجريب منحى جمالياً فنياً ومنحى أيديولوجياً. وارتبطت حركة التجريب في المسرح بتطور العلوم الإنسانية وتأثيرها على مناهج قراءة المسرح.
وتكشف الدراسات الحديثة أن هذه الحركة توجهت إلى إعادة النظر في موقع الممثل في العملية المسرحية وبشكل أدائه، بل إن بعض تياراتها أراد إلغاء الممثل، بوصفه إنساناً، وعدّه آلةً، أو دميةً خارقةً يتحكم بها المخرج كما يشاء، أو تغييبه وتقليص وجوده في فضاء العرض. وفي ردة فعل لاحقة على ذلك، عاد الممثل ليصبح الوسيط الأول في عملية التواصل مع المتلقي، والعنصر الأساسي في تشكّل العرض المسرحي.
كما حاولت هذه الحركة إعادة النظر في شكل المكان المسرحي، والخروج من العمارة المسرحية التقليدية إلى أماكن أخرى، والاهتمام بموقع المتلقي من العرض، وبالعلاقة بين الخشبة والصالة، والإفادة من التقنيات المتطورة في مجال الصوت والإضاءة، واستخدامهما بمنحى درامي، والتعامل مع النص المسرحي بوصفه محض عنصر من عناصر العرض يمكن العصف به، أو اختزاله، أو تفتيته، أو تحويله من خطاب أدبي إلى خطاب بصري.
لقد شهدت الممارسة المسرحية في النصف الثاني من القرن العشرين تغيرات جذرية رافقت الانتقال من عصر "الحداثة" إلى عصر "ما بعد الحداثة". وتجلت هذه التغيرات في ظهور مفهوم "المسرح ما بعد الحداثي"، الذي ثار على المسرح الحديث (أو الحداثي) المناهض لمسرح الماضي القريب، في محاولة لتجاوزه وتأسيس قواعده العقلاتية الخاصة، واكتشاف شروطه الفنية المتفردة التي تؤسس شرعيته.
من أبرز تيارات "المسرح ما بعد الحداثي" ما اصطلح عليه بـ"المسرح ما بعد الدرامي" (post-dramatic theater)، في منحاه العام، وتفرعاته العديدة مثل "مسرح الهيستيريا الوجودي" الذي أسسه ريتشارد فورمان في حي سوهو بنيويورك، وغايته مسرحة عمليات التفكير في مجموعة من الصور عالية التعقيد لإنتاج مسرح تجريبي/ تجريدي يقوم المشاهد فيه بممارسة الاستغراق الذهني وسط هستيريا وجودية تطلقها الصور المتلاحقة، في حين يقف الممثلون مجرد متحدثين خلف إطارات لايصال الافكار!
العرض المسرحي ما بعد الدرامي، شيء يحدث بصورة دائمة من دون نهاية، ويتأرجح دائماً بين الحضور والغياب، وبين الزعزعة والتكريس، ويتبلور في شكل تساؤلات تشكك في كل الحدود والممكنات، بل يهدد الشروط التي يضعها هو نفسه لتحققها وتعريفها. إنه يتحقق في صورة سلسلة من المراوغات القلقة المتقلبة للتعريفات والقواعد، على حد تعبير الناقد الأميركي مايكل فريد، وعدم استقرار أو ثبات المعنى، وفي تدعيم عوامل الاختلاف والتناقض.
من خلال متابعتنا للمسرح العربي، مشاهدةً وقراءةً، خلال ثلاثة عقود، نجد أن العروض التجريبية الناضجة للمخرجين العرب تتركز في عدد محدود من البلدان العربية، التي ظهرت فيها تجارب مهمة حمل بعضها منحى حداثياً، ولامس بعضها الآخر أفق ما بعد الحداثة.
وتجلت مظاهر ذلك التحول في تغيير بنية الخطاب المسرحي التقليدي، وابتكار أشكال ورؤى وتقنيات أدائية جديدة على المسرح العربي، خصوصاً تلك التجارب التي توجهت إلى الإعلاء من سلطة "التلقي" برؤية معاصرة، مجردةً النصوص التي اشتغلت عليها من سياقاتها الأدبية، ومُقْصيةً مبدأ المماثلة، ومحاوِلةً الاقتراب إلى صياغات تشكيلية، بصرية للخطاب المسرحي، وإطلاق العنان للتخييل الحر، والانزياح عن الإطار المرجعي، إذا جاز لنا أن نستعير هذا المصطلح من نقد الشعر، وإضفاء منحى تركيبي غامض على شبكة العلاقات بين الشخصيات والمَشاهد والثيمات وعناصر التعبير الجسدي، بجعلها تتداخل بعضها مع بعض، بحيث يجد المتلقي نفسه أمام دهشة والالتباس يرغمانه على المشاركة في إنتاج البنية الدلالية للعرض المسرحي، أو تأويله.

-----------------------------------------
المصدر : عواد علي  - الراي 

"سابينس": خروج تونسي على النص الفرنكفوني

مسلسل FRIENDS إلى المسرح

مجلة الفنون المسرحية

مسلسل FRIENDS إلى المسرح

“FRIENDS” المسلسل الشهير الذي لاقى رواجاً هائلاً في السنين الماضية سيعود إلى الساحة ولكن على شكل مسرحيّةٍ ستُعرض على مسرح ترياد “The Triad Theatre ” في مدينة نيويورك الأمريكية.
صنّاع المسرحيات الموسيقية Bayside، 90210، Katdashians و Full House يعدون بأن يكون FRIENDS عرضاً كوميدياً وواعداً.
ولم يُعلَن حتى الآن موعد العرض، إلّا أن التذاكر ستُعرض للبيع ابتداءً من شهر حزيران المقبل.
والعرض سيكون من كتابة بوب وتوبلي ماكسميث Bob and Tobly McSmith.
ومن الأغاني التي ستُعرض خلالها هي ” The Only Coffee Shop in New York City “، ” 45 Grove Street – How Can We Afford This Place? ” و ” We Were on a Break “.

----------------------------------------------
المصدر : http://russia-now.com

صدور كتاب " الرؤية السياسية في المسرح الخليجي دراسة نصية "

دراسة في "عتبات البنيوية التكوينية ونقاط انطلاقها "

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption