أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

السبت، 23 ديسمبر 2017

٦٥ عرضا مسرحيا وعربيا وأجنبيا تحت الاختيار لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب في دورته الثالثة

مجلة الفنون المسرحية


٦٥ عرضا مسرحيا وعربيا وأجنبيا تحت الاختيار لمهرجان شرم الشيخ الدولي لمسرح الشباب في دورته الثالثة    

علا احمد حلمي 

تقام الدورة الثالثة ل مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي  في شهر ابريل المقبل
واختارت اللجنة العليا للمهرجان ٨ مسرحيين ليختاروا افضل العروض التي تقدمت لهم  من بين  ٦٥  عرضا مابين 
عروض مصرية وعربية واجنبية  لتقديمها  في الدورة الثالثة لمهرجان مسرح الشباب  المقام في مدينة السلام شرم الشيخ بمصر 
وصرح المخرج مازن الغرباوي رئيس المهرجان  انه سيتم اختيار افضل العروض التي قدمت لإدارة المهرجان من خلال لجنة المشاهدة والتي تضم ٨  مسرحيين  الناقد ابراهيم الحسيني  والفنانة يلوي محمدعلي والفنان محمد مهران  
ود. عبير فوزي  الاستاذة بمعهد  الفنون المسرحية  و  د. ايمن الشيوي والمهندس  محمد هاشم والمخرج سامح مجاهد 
ومن الجدير بالذكر  ان مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يقام تحت رعاية الكاتب الكبير  حلمي نمنم  وزير 
الثقافة  والمهندس خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة واللواء أركان حرب خالد فودة محافظ جنوب سيناء  وهيئة تنشيط السياحة 
نظرا  لدور  المهرجان المميز  في اثراء  الحركة المسرحية في مصر  وايضا لمكانة  مهرجان المسرح الشبابي  المميزة 
علي خريطة  المهرجانات  الدولية المتخصصة  .

الجمعة، 22 ديسمبر 2017

تحت رعاية صاحب السمو حاكم الشارقة انطلاق مهرجان الإمارات لمسرح الطفل في دورته الـ 13

مجلة الفنون المسرحية
  
تحت رعاية صاحب السمو حاكم الشارقة انطلاق مهرجان الإمارات لمسرح الطفل في دورته الـ 13


الشارقة 24:


انطلقت مساء الخميس، في قصر الثقافة بالشارقة، فعاليات وعروض مهرجان الإمارات لمسرح الطفل في دورته الثالثة عشرة، وجرى خلال حفل الافتتاح تكريم الفنانة الإماراتية القديرة مريم سلطان، بالإضافة إلى تكريم المغفور له بإذن الله الفنان الفلسطيني ذيب داؤود وفرقة مسرح الشارقة الوطني.

تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبحضور سعادة عبدالله العويس رئيس دائرة الثقافة بالشارقة، وسعادة إسماعيل عبدالله رئيس جمعية المسرحين رئيس المهرجان، انطلقت مساء أمس الخميس، فعاليات وعروض مهرجان الإمارات لمسرح الطفل في دورته الثالثة عشرة، من على قاعة قصر الثقافة بالشارقة، والتي استهلت بالسلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، ثم عرض فلم وثائقي عن دورات المهرجان منذ انطلاقته في العام 2005 وحتى دورته الأخيرة، كما تضمن الفيلم عرضاً لشخصيتي المهرجان الفنانة الإماراتية القديرة مريم سلطان، التي حظيت بالتكريم في حفل الافتتاح، بالإضافة إلى تكريم المغفور له بإذن الله الفنان الفلسطيني ذيب داؤود والذي تولت والدته الحضور وتسلم درع المهرجان. 

وتم خلال حفل الافتتاح تكريم فرقة مسرح الشارقة الوطني، باعتبارها الفرقة الفائزة بجائزة جمعية المسرحيين للفرق المسرحية المتميزة في دورتها الأولى التي أطلقت في هذا العام عن منجز الفرق خلال العام 2016، ضمن استراتيجية جمعية المسرحيين في تكريم وتحفيز الفرق المسرحية المحلية وتقديراً للجهد الكبير والعطاء الواضح الذي تقدمه الفرق المحلية داخل الدولة وخارجها. 

كما شهد حفل الافتتاح استعراض وتقديم لجنة التحكيم والتي تشكلت من كل من الحسن النفالي ومصطفى رشيد وعبد الله مسعود وهيفاء حسين وعبد الرحمن الملا، بالإضافة إلى لجنة تحكيم الأطفال التي تشكلت من الأطفال: العنود طارق المازمي، وأمل جاسم المشيري، ونورة نبيل الحوسني. 

وفي ختام الحفل الذي حضره جمهور غفير من الأطفال وعوائلهم الكريمة، قدمت فرقة المسرح الحديث بالشارقة، أول عروض دورة هذا العام من المهرجان وهي مسرحية "الجائزة" من تأليف أحمد الماجد وإخراج عمر الملا. 

تدور أحداث المسرحية في بيئة الحشرات، وتتركز حول بيئتي الفراشات والعناكب، من خلال جائزة تنافست الفئتين حولها تذهب للبيئة الأنظف والاجمل، الفراشات الذين يتمثل فيهم جانب الخير، والعناكب التي لا تنفك عن لعب أدوار الشر في علاقاتها مع باقي الحشرات، من خلال شخصية "عنكب"، وشخصية "عنعن" المركبة بين الخير والشر، بعد أن سلك دروب صديقه "عنكب" حتى عاد إلى رشده وسلك طريق النور، وساعد الفراشات في القضاء على الشر المتمثل بشخصية "عنكب". 

وفي المقابل، تستعد الفراشات لقدوم فراشة جديدة تولد من الشرنقة، حيث يفقدونها بسبب تدخل شخصية "فروش" فيما لا يعنيه، واستغلال "عنكب" دخول الفراشة الصغيرة عن غير قصد إلى حديقة العناكب، من أجل إيقاد نار الفتنة بين البيئتين والتي أخمدتها المحبة والتعاون بينهما، وإبعاد الشرير "عنكب" عن الحديقة بواسطة "حرشوف" القوي، و"حرير" المحبة للخير، و"رفيف" الطيبة، بالإضافة إلى "عنكوبة" و"عنعن" و "كنعون" العناكب التي كشفت لعبة "عنكب" وطردته من الحديقة إلى غير رجعة، وسط ذلك كله تأتي شخصية "هبهوب" مكملة للخطوط الرئيسية للنص، باعتبارها الشخصية الخفية، أو الضمير الغائب والذي يظهر عند الحاجة ليعيد المخلوقات إلى رشدها، وبوصلة ذلك كله شخصية "دعسوق" حارس الحديقة الذي وضع الجائزة من أجل التنافس عليها وتحسين أوضاع الحدائق التي تعيش فيها الحشرات، والذين يتخلون عنها جميعا ويرفضونها ويفضلون عليها المحبة والتعاون والأخوة بينهم من أجل أن تعود حديقتهم أغنى وأجمل وأفضل. 

المخرج الشاب عمر الملا، الحاصل على جائزة أفضل إخراج في الدورة السابقة من هذا المهرجان، تمكن ببراعة من توظيف عناصر الإضاءة والصوت والملابس والديكور توظيفاً جمالياً استخدمه في إثراء الحدث، كما تمكن من كسر حالة الرتابة في بعض المشاهد بواسطة الموسيقى والمؤثرات الصوتية والرقصات الاستعراضية التي جاءت في خدمة العرض، ورفعت من إيقاعه وخلقت حالة من التجاوب والتواصل بين العرض وبين الجمهور. 

كما أفلح النص في مدّ الشخصيات بأسباب تطورها، وخلق حالة من الصراع الدرامي المتصاعد الذي وصل إلى ذروته في المشهد الأخير، وصولاً إلى النهاية بانتصار الخير على الشر، والتي انشرحت لها صدور جمهور الأطفال. 

كما تميز العرض بالأداء التمثيلي العالي والمنضبط من قبل الممثلين سالم القرص، وأحمد ناصر، ونيفين ماضي وفيصل علي وخليفة البحري وبدرية العلي وطلال محمود وباسل التميمي وعفراء المهيري وعبد الله محمد وخالد أحمد وصالح أصغر الذين شاركوا في هذا العرض.

روح عبد الله شقرون ترفرف في أربعينية "فارس الإذاعة وأسد المسرح"

الجعايبي وبكار يفتتحان مهرجان المسرح العربي بتونس

مجلة الفنون المسرحية

الجعايبي وبكار يفتتحان مهرجان المسرح العربي بتونس

 العرب 

أكثر من 600 فنانة وفنان عربي من مبدعين وباحثين وإعلاميين وضيوف يشاركون في المهرجان الذي سيتضمن 22 عرضا مسرحيا من 17 دولة عربية.
تنطلق في تونس من 10 إلى 16 يناير 2018 الدورة العاشرة لمهرجان المسرح العربي، الذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح، وسيكون عرض الافتتاح مسرحية “الخوف” للفاضل الجعايبي وجليلة بكار من تونس.

أعلنت ذلك الهيئة في مؤتمر صحافي عقدته في مقرها بالشارقة مؤخرا، بحضور أمينها العام الكاتب المسرحي الإماراتي إسماعيل عبدالله.

وقالت الهيئة إن برنامج المهرجان سيتضمن 22 عرضا مسرحيا من 17 دولة عربية اختيرت من أصل 136 عرضا شاهدتها لجنة الاختيار، وشكلت حصيلة التصفية ما قبل النهائية.

تُقدَّم العروض المشاركة في مسارين، يتمثل الأول في عروض مهرجان المسرح العربي بدورته العاشرة، وهي مسرحيات “داريو فو اختطاف”، للمخرج أيمن زيدان من سوريا، “الخادمتان” للمخرج جواد الأسدي من المغرب، “ألهاكم التكاثر” للمخرج نجيب خلف الله من تونس، “أوركسترا” للمخرجة مجد القصص من الأردن، “ثلاثين وأنا حاير فيك” للمخرج توفيق الجبالي من تونس، “حرب طروادة” للمخرج روجيه عساف من لبنان.

كما تشارك ضمن عروض المسار الأول مسرحيات “حضرة حرة” للمخرج السوري محمد ديبان، “الخوف” للمخرج الفاضل الجعايبي من تونس، “طوفان” للمخرج بوكثير دومة من تونس، “عطسة” للمخرج عبدالله التركماني من الكويت، و”في قلب بغداد” للمخرج مهند هادي من العراق.

أما المسار الثاني لعروض المهرجان فيتمثل في العروض المتنافسة على النسخة السابعة من جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عرض مسرحي لهذه الدورة، وهي مسرحيات “الجلسة” للمخرج مناضل عنتر من مصر، “الرهوط أو تمارين في المواطنة” للمخرج عماد المي من تونس، “الشمع” للمخرج جعفر القاسمي من تونس، “تشابك” للمخرج أحمد الأحمري من السعودية، “رائحة حرب” للمخرج عماد محمد من العراق، “شواهد ليل” للمخرج خليل نصيرات من الأردن، “صولو” للمخرج محمد الحر من المغرب، “غصة عبور” للمخرج محمد العامري من الإمارات، “فريدوم هاوس” للمخرج الشاذلي العرفاوي من تونس، “ما بقات هدرة” للمخرج محمد شرشال من الجزائر، و”هن” للمخرجة آنا عكاش من سوريا.

وقد وعد الأمين العام للهيئة، خلال المؤتمر، المسرحيين العرب والجمهور التونسي بتنوع في الأشكال المسرحية والأجيال والتجارب التي ستغني الدورة العاشرة، مؤكدا أنها ستكون دورة نوعية من حيث الاختيارات، تحقق فيها المجايلة بين أسماء مسرحية رائدة وأسماء مخضرمة وأسماء شابة، كما تشهد تنوعا وغنى في الأشكال والمضامين وتوسعا جغرافيا في مصادر التنافس، انسجاما مع الشعار الناظم لمهرجان المسرح العربي “نحو مسرح جديد ومتجدد”.

وأضاف عبدالله أن الهيئة تعتز بتنوع الطيف المسرحي الطامح للمشاركة، وتشيد بمستوى العروض الذي يسجل تميّزا ملحوظا على صعيد الحرفية المسرحية وجرأة الأشكال والحلول، وتحيي المسرحيين العرب في المهجر.

وسيشهد المهرجان أيضا إعلان أسماء الفائزين بالنسخة الثانية من مسابقة البحث العلمي 2017، التي تخصصها الهيئة للباحثين الشباب حتى سن الخامسة والثلاثين، وقد جاءت هذا العام بعنوان “الخطاب المسرحي بين المخرج والمؤلف”، وشكلت الهيئة لجنة تحكيم لهذه النسخة تكوّنت من: جان داوود من لبنان، وطارق العذاري من العراق، ومحمد عبازة من تونس.

وتهدف المسابقة إلى الارتقاء بالبحث العلمي في المسرح، ومنح الفرصة للباحثين الشباب وفتح فضاءات جديدة أمام أفكارهم ورؤاهم، واكتشاف الأصوات الجديدة في البحث والدراسات المسرحية، وإثراء المحتوى العلمي للمسرح العربي، ومحتواه البحثي على شبكة المعلومات.

ويشارك في هذه التظاهرة، ما يزيد عن 600 فنانة وفنان عربي من مبدعين وباحثين وإعلاميين وضيوف يمثّلون الدول العربية.

وإضافة إلى العروض المقدمة ضمن المسارين اللذين يقترحهما المهرجان، يشارك على هامش المهرجان عرضان مسرحيان لمهجري العراق بالسويد ومهجري سوريا وفلسطين في ألمانيا إلى جانب عرضين من تونس يمثلان المسرح

التأليف الجماعي يجدد روح المغامرة في المسرح العالمي

مجلة الفنون المسرحية

التأليف الجماعي يجدد روح المغامرة في المسرح العالمي

أبو بكر العيادي - العرب 

ما يلفت الانتباه في العروض المسرحية العالمية لعام 2017 الذي شارف على الانتهاء، برغم العروض المتعددة في مسارح باريس والمدن الفرنسية الأخرى، تضاؤل عدد المتخصصين في التأليف المسرحي، ما يدفع الفِرق إلى الاتكاء على الرصيد الكلاسيكي، القديم والحديث، أو التأليف الجماعي أو تحويل نصوص سردية لكتاب معروفين، وقد ركزنا في هذه الورقة على التجارب التي تميزت بالقطع مع السائد وروح المغامرة، لارتياد أساليب مسرحية جديدة، تعتمد على الكتابة الركحية وجدة الإخراج.

لا يزال شكسبير وموليير وراسين وكورناي وسواهم من الكلاسيكيين حاضرين كالعادة في المسرح العالمي لسنة 2017، إلى جانب أسماء أخرى ذات تجربة متميزة كالفرنسيين جان أنوي وبرنار ماري كولتيس وياسمين رضا وإريك مانويل شميت، والألماني جورج بوشنر، والنمساوي توماس برنار، والروماني يونسكو، والأيرلندي بيكيت.

ولكن تواصلت ظاهرة تحويل نصوص سردية إلى أعمال مسرحية، كـ”غرام سوان” لمارسيل بروست، و”نوفيتشنتو” للإيطالي أليسّندرو باريكو، وخاصة النمساوي ستيفان زفايغ الذي اختيرت أغلب قصصه لتقدم في شكل أعمال مسرحية أمثال “لاعب الشطرنج”، و”رسالة من مجهولة”، و”الخوف”، و”أربع وعشرون ساعة من حياة امرأة”، أما العروض الباقية فكانت من تأليف المخرجين أنفسهم مثل “بين الجدران” لألكسيس ميشاليك، و”نوتة نشاز” لديدييه كارون، و”حالة مارتن بيش” لجاك موجنو.


أعمال فرنسية

“بين الجدران” لألكسيس ميشاليك هي مسرحية تدور أحداثها في زنزانة، عن مخرج يأتي إلى السجن لتقديم درس في المسرح، ولكن ليس بطريقة عمودية، بل بإتاحة الفرصة للسجناء كي يتحدثوا عن أسباب اعتقالهم، وعلاقتهم بالزمن، وبالفضاء الذي يفصلهم عمّن هم خارجَه، ولكنه لم يجد في انتظاره غير سجينين.

ويبدأ الدرس بكيفية يتباين فيها سلوك المخرج من جهة نقده للمسرح المتعالي على الجمهور مع سلوك السجينين المتنطع، ورغم ما شاب خطاب الرجلين من تهور واستهتار، يشرع في استدراجهما للحديث عن ماضيهما والأسباب التي أدّت بهما إلى الانحراف حتى حوكِما وسُجنا، ثم تتعدّد الشخصيات المروي عنها، وتتناسل الحكايات، لتشكل حكاية متكاملة تنبض بالحياة، على خشبة عارية هي أرضية الزنزانة.


العالم ومآسيه يجتمعان في "غرفة في الهند"

وهو الأسلوب الذي توخاه ميشاليك في أعماله السابقة، فالحكايات عنده تتوالى دون أن تلتزم بخطية زمنية، بل يعتريها دائما تشابك وتضافر وارتداد، في كتابة سينمائية يخطها خيال مجنّح، فهو يجرب الكتابة الركحية ليحملنا إلى ما نحسبه حدّا فاصلا بين الحياة والمسرح والحال أنهما متنافذان، ويخلخل الجدران التي نخالها منيعة، فإذا هي بفضل الخيال سهلة الاختراق.

وفي “غرفة في الهند” تَعرض أريان منوشكين لمآسي البشر في سوريا والعراق وأفغانستان وسواها من البلدان التي تمزق أوصالها النزاعات، ومعاناة النساء والأطفال بوصفهم أبرز ضحايا الحروب، وانبهار الشباب بدعاية داعش، وكيفية تجنيدهم كي يكونوا قنابل متفجرة.

ومنوشكين، إذ تستدعي العالم كله إلى تلك الغرفة، لا تكف عن التذكير بأنها لن تقدر على الإحاطة بكل المشاكل الراهنة، والتي لا تخص العالم الثالث وحده، بل هي حاضرة حتى في العالم المتحضّر، كانتخاب ترامب رئيسا، ولا وجود لحلول لها، وغاية ما تقوم به هو التوسّل بالفن لمقاربة القضايا الراهنة.

ورغم أن أحداث المسرحية تدور في غرفة، فلها من السعة ما يجعلها فضاء يتحرّك فيه حوالي أربعين ممثلا، وتمتزج فيه الألوان بالأنغام الهندية، والصور المبثوثة عن الحياة في الهند، والمواكبة للمواضيع المطروحة.

أما “النار بالنار” الذي قدمه جيراردو مافاي في مونولوج مزدوج، فهو عمل ينقل شهادة أب ينساب خطابه على وتيرة سريعة كأن دافعا من أعماقه يحثه على تدارك الصمت الذي ربّى فيه ابنته.

وفي موازاة ذلك يندّ صوت ابنته أداما، وقد غدت مراهقة، لكي تروي ما الذي دفعها إلى حرق ردهة عمارة، هي تتكلم بلغة الضواحي الباريسية، لغة ذات بنية وقاموس ينتهكان السائد، فتتجلى المفارقة بين لغة الأب الفار من جحيم الحروب الأفريقية، ولغة البنت التي نشأت في بيئة أوروبية، كدليل على الهوة العميقة التي تفصل جيلين، وإشارة إلى أسباب صعوبة تواصل أداما مع أبيها، والصعوبة التي يلقاها هو في نقل ماضٍ أليم فقد فيه زوجته.


"حوار" مسرحية صاغها الصحافي الفرنسي نيكولا تريون انطلاقا من حوارات لأعلام بارزين


واختار مافاي أن يدرج هذه المسرحية ضمن ثلاثيته عن الاستهلاك، تلك التي تضع موضع مساءلة الميكانيزمات العبثية لمنظومة طفيليّة استحوذت على حياة الناس، مثلما يدرج حكاية أداما وأبيها ضمن ظرف اجتماعي اقتصادي رأسمالي يحوّل الفرد الذي يعاني الوحدة والاجتثاث من تربته إلى مستهلك مثالي ويد عاملة زهيدة الأجر، ويرى في الحريق الذي أضرمته أداما عملَ قطيعةٍ ضروريّا، بل مقاومة لمنظومة من السياسيين الفاسدين، والصحف المحكومة بعالم المال.

وتأتي مسرحية “حوار” التي صاغها نيكولا تريون، الصحافي بجريدة “لوموند” انطلاقا من حوارات لأعلام بارزين في دنيا السياسة والأدب والفن والمسرح، وحتى لأناس عاديين، ليقترح نظرات متقاطعة إلى مجريات عصرنا وتحولاته.

وقد اختار الحوار لأنه نقاش مخصوص يتوجه إلى جمهور من القراء أو المستمعين أو المشاهدين، ورغم بساطته الظاهرة، لا يدري المستجوِبُ والمستجوَبُ إلى أين سيقودهما، فهو حديث لا يقول فيه الطرفان حقّا ما يجول بخاطريهما في الغالب.

ثمة أشياء لا يجدر أن يُسأل عنها المرء، وأشياء أخرى لا يبوح بها إن سُئل، فقد يكون الجواب أحيانا مرهونا بمركز المستجوَب الاجتماعي، الذي لا يسمح له بأجوبة عفوية، لأنه قد يؤخذ بجريرة قوله، والغاية هنا إبراز حقائق ومقولات تقطع مع الابتذال والامتثالية، فالحوار، منذ ابتكار الصحافة، اتخذ أشكالا تتراوح بين التواطؤ والمجاملة، وبين المشاكسة والاتهام.

وفي المقابل، قدمت نتالي بياس في 2017 عرضا فرجويا شاملا حمل عنوان “صخب الأشجار التي تقع”، فهو ليس رقصا خالصا، رغم المهارات الجسدية التي أظهرها الممثلون، ولا مسرحا خالصا برغم أدائهم لمقاطع من مسرح مارغريت دورا، وغرتروده شتاين، وشكسبير، وقصيد للهنود الحمر، وآخر لجاك بريل باللغة الهولندية، بل هي لوحات فنية متشابكة، ذلك أن المخرجة، وهي فنانة تشكيلية ومتخصصة في فن السينوغرافيا أيضا، ركّزت على الناحيتين السمعية والبصرية، رغبة منها في إضفاء نفَس شاعري يجمع بين الموسيقى، حتى الصاخب منها كالموسيقى “التكنو”، والحزين كتلك التي رافقت مأتما جنائزيا، وبين الظواهر الطبيعية كالمطر وتكسر الأشجار وسقوطها على الأرض.

والغاية الأساسية من العرض خلقُ مناخ عام تختلط فيه الأحلام بالكوابيس، ويستخلص منه المتفرج متعة عابرة، أو دائمة إذا استطاع أن ينفذ إلى مرامي هذا العمل الغريب لتأويله وفق مرجعيته الخاصة، ذلك أن نتالي بياس داومت الاشتغال على ثيمة الجماعة، إخوة أم زمرة، والصعوبة التي تواجهها في أن تحيا حياتها وتعبر عن مشاغلها، وعلاقة أفرادها بعضهم ببعض، وعلاقة الفرد بالطبيعة، بطريقة تعتمد على التعبير الجسدي والمواقف الهزلية.


أعمال أجنبية

هي ثلاثية عنوانها “واحد، اثنان، ثلاثة” لماني سليمانلو الإيراني الأصل، الكندي الجنسية، تناول في جزئها الأول مسيرته كمهاجر هارب من نظام ملالي طهران، وعالج في جزئها الثاني العلاقة بين الأصيل والوافد، على خلفية الجدل حول الهجرة كخطر على الهوية، ثم وسّع الحقل في الجزء الثالث حينما دُعي إلى فرنسا بعد الأعمال الإرهابية التي تعرضت لها وتصاعد الجدل عن الهوية.


ميلو رو يقترح تراجيديا بوليفونية في "إمبراطورية"

وانتخب سليمانلو 38 متدخلا من أصول مختلفة اقترح عليهم “استجوابا عن الهوية”، واستنادا إلى إجاباتهم، صاغ المسرحية والدراماتورجيا، فكان الممثلون طوال ثلاثة أسابيع يتناوبون على التدرب عليها، مع هامش للارتجال يخصّ تساؤلاتهم حول المجتمع الذي يعيشون فيه، ووضع النساء في عيون الإسلام الراديكالي.

وفي خط متصل، وبعد أن كشف السويسري ميلو رو في مسرحيته المعنونة بـ”الحرب الأهلية” عن التحاق شبان أوروبيين بالجهاد، في جو يشهد صعود التيارات الراديكالية، و”عصور الظلام” التي تحدث فيها عن حرب البلقان وتمزّق يوغسلافيا، يعود في الجزء الثالث: “إمبراطورية”، إلى أسس الحضارات المتوسطية القديمة ليصوغ تراجيديا على النمط الإغريقي، يصوّر من خلالها بوسائل العصر أوروبا كأرض ضيافة وتبادل.

وانطلاقا من ذكريات عائلية، مأساوية في الغالب، يروي اليوناني أكيلاس كراسيزيس والرومانية مايا مورغنشتيرن والسوريان رامي مخلوف ورامو عليّ، مدعمين بالوثائق والصور وأشرطة الفيديو، مسيرة حياتهم المتقلبة والمنفى الذي اختاروه راغبين أو راهبين، والاضطهاد والقهر والتيه والضياع في المنافي. مسرح لا يتخلى عن مهمته كعامل محفّز للزمن الحاضر وهادٍ للمستقبل، فالمواضيع المطروقة تحتوي على رهانات سياسية ووجودية، وتصدعات اجتماعية، أي أنها ذاتية وكونية في الوقت نفسه.

في المقابل، تسير مسرحية الألماني بوتو شتراوس “الزمن والغرفة” في نسق محموم لا يكاد المتفرج يمسك بأطرافه، وكأنه أمام شاشة سمارتفون تتعدّد فيها المشاهد في وقت قياسي، وتلتقي الشخصيات أو تتنافر، وتتقارب أو تتصادم، وتتجاذب أو تتدافع دون سابق تخطيط مثل هباءات متموّجة داخل حقل مغناطيسي.

وقد اختار بوتو شتراوس أن يحطم أسس البنية الكلاسيكية (تصعيد، ذروة، حدث مفاجئ، انفراج، مع الحفاظ على وحدة الزمن والفعل)، ليتّبع مسارا لا يخضع لخطية متواصلة، ويفتح على عدة احتمالات كالتأويلات والأحلام والسير الذاتية مع تشكيلات تفرضها الصدفة وحدها.

وعُرفت البرازيلية كريستيان جاتاهي بأسلوب يقوم على الربط بين المسرح والسينما، بين الواقع والتخييل، ومساءلة العلاقات التي تصل الممثل بالشخصية التي يتقمصها، وبعد سترندبرغ وتشيخوف، اختارت عملاقا آخر هو السينمائي الفرنسي جان رونوار في فيلمه “قانون اللعبة”، وقامت بإلغاء الحواجز بين الأجناس الفنية لتضع الممثلين في قلب عمليات الربط، كتعميق حقل الرؤية، وتقريب الكاميرا لالتقاط الانفعالات وأثر المباغتات على وجوه الممثلين، لخلق تناسق درامي وحيوية شكلية أقرب إلى الفانتازيا، على غرار رونوار الذي صرح عام 1939 أن ممثليه كانوا يرقصون فوق بركان.

وقد حرصت المخرجة على تنزيل الأحداث في سياق التحوّلات المجتمعية الراهنة، فجاءت الحوارات ناطقة بلغة اليوم، والشخصيات حاملة لملامح اللحظة، ورغم محافظتها على الحوارات الأصلية، حاولت أن تجعل عملها أكثر التصاقا بالمرحلة الراهنة، للتحذير ممّا يتهدّد الإنسانية.

المعرفة والفلسفة والمسرح / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية

المعرفة والفلسفة  والمسرح  / محسن النصار 

 فالفلسفة والمسرح وليدا النظم الديمقراطية  التي أسهمت في خلق حرية الفكر و الإبداع في شتى المجالات. إن الفن  المسرحي هو أحد أشكال الوعي الاجتماعي وهو أيضا حاجة جمالية لا تجد نفسها إلا داخل الفلسفة، تقدم أفكارها للمسرح وتوصف الفلسفة أحيانا بأنها "التفكير في التفكير"، أي التفكير في طبيعة التفكير والتأمل والتدبر، كما تعرف الفلسفة بأنها محاولة الإجابة عن الأسئلة الأساسية التي يطرحها الوجود والكون. وكان شهدت الفلسفة تطورات عديدة مهمة، فمن الإغريق الذين أسّسوا قواعد الفلسفة الأساسية كعلم يحاول بناء نظرة شموليّة للكون ضمن إطار النظرة الواقعية، إلى الفلاسفة المسلمين الذين تفاعلوا مع الإرث اليوناني دامجين إياه مع التجربة ومحولين الفلسفة الواقعية إلى فلسفة ٱسمية، إلى فلسفة العلم والتجربة في عصر النهضة ثم الفلسفات الوجودية والإنسانية ومذاهب الحداثة ومابعد الحداثة والعدمية حيث  كانت منبعا مهما  في نظريات  المسرح((النظرية هي الإطار المنهجي الفكري النظري المحدد لجوهر خاصية موضوعية لبلورة ماهية النوع وفلسفة وجوده كظاهرة بالكيفية التي هو عليها وسببية وجوده على تلك الكيفية ؛ مع ترسيم حدود تلك الظاهرة علي هيئة اصطلاحية ذات مفهوم محكم منضبط الحدود تؤكد خواص الموضوع وتثبت أسسه وأغراضه ؛ بحيث تشكل النظرية قاعدة جديدة مؤسسة في مجال التخصص النوعي ؛ تعد إضافة إبستمولوجية لاتجاه علمي أو لنوع أدبي أو فني ، أو لنشاط فكري أو علمي مبتكر تأصل وأصبح ظاهرة جديدة مكتشفة عبر تراكمات تطور ذلك النشاط ؛ لتصبح مرجع قياس منهجي يقاس عليها في تنظيم استمرارية تلك الحركة من عصر إلي عصر ؛ وفق الحاجة إلى الموضوعات الفرعية ذات الصلة بالنظرية نفسها . ومن أمثلتها :
- نظرية المحاكاة عند أرسطو.))(1)

فالحس الجمالي والبصري والإيقاع الزمني والمساحة المكانية  والحركة هي المحرك الأساسي في تكوين الصورة الجمالية في العرض المسرحي ((لكل مادة صورة ولكل صورة مادة مكونة منها هذه الصورة، يقول أرسطو: ((إن المادة والصورة شيئان لا ينفصلان فحسب، بل كل منهما يعتمد على الآخر فالعلاقة بينهما كالعلاقة بين الروح والجسد فلن تغدو مادة ما على شكل ما دون صورة ما ولن تغدو صورة ما لم يكن هناك مادة بشكل ما))(2) وبذلك يمكن التأكيد بان المسرح هو المادة المتكونه من  المؤلف والمخرج والممثل كمضون  وأما الشكل فهو العناصر المسرحية المتعلقة بالديكور, والأضاءة , والموسيقى , والأزياء , والمكياج ,  لأنتاج الحس الجمالي والبصري لصورة المعبرة عن الفكرة الفلسفية لمضمون في العرض المسرحي  ، وقد اهتم المسرح المعاصر كثيرا في بناء الصورة المسرحية المؤثرة   من خلال التجاب في المختبر العملي المسرحي ,لأيجاد  تنوع في الأداء والتشكيل الحركي لدعم  وتكوين عناصر بصرية  وتأطيرها بالتجريب المسرحي ا. ومن أهم هؤلاء المخرجين الذين أعطوا أهمية كبرى لتشكيل الصورة المسرحية حركيا  المخرج الروسي ماييرخولد الذي اعتبر ((أن الكلمات ليست كل شيء، ولا تقول كل شيء، ويجب أن يستكمل المعنى بالحركة التشكيلية الجسدية، بشرط ألا تكون هذه الحركة ترجمة للكلمات: إن حقيقة العلاقات بين الأشخاص، تقررها الاشارات، والاوضاع، والنظرات، ولحظات الصمت...أما الإيقاع، فيجب ألا يكون واحدا بالنسبة للصوت والحركة))(3) والفنان المسرحي المثالي الحقيقي هو الذي يجيد الرقص والتعبير الصامت (الميم) والبهلوانية وغيرها من القدرات والمهارات. وأكد ماييرخولد بعد ذلك على التدريب الفيزيقي لجسم الممثل وصوته وحركته. وتتركز حصيلة شغل ماييرخولد في اهتمامه بالتكنيك كأساس في العملية المسرحية لخلق صورا مسرحية جمالية معبرة . ونجد هذا الاهتمام أيضا لدى ألكسندر تايروف. فالمسرح عند هذا المخرج الروسي:” يتحدد بمعارضته لتقليد الحياة. ولا ينبغي كما يقول أن يكون عين الكاميرا، وهو فن قائم بذاته وله نظامه وتكنيكه الخاص. وفي رأي تايروف أن فن البانتوميم يعتبر من أنقى الأشكال المسرحية، وهو في هذه النقطة يلتقي مع مايير خولد. والممثل عند تايروف يرتكز عمله على الجسم والإشارة، وتشكل حركاته أهمية أكبر من التركيز على الإلقاء الذي كان يخضع في تصوره للأصول الموسيقية والإيقاعية”ويقدم لاوتو الذي اعتبر أن الفنان المثالي الحقيقي هو الذي يجيد الرقص والتعبير الصامت (الميم) والبهلوانية وغيرها من القدرات والمهارات. هذا، ويعد جاك كوپوه من أهم المخرجين الفرنسيين الذين نهجوا منهج الاعتدال والتعقل في مجابهة الواقعية التفصيلية. وقد دخل عالم المسرح من باب الصحافة وعتبة النقد الأدبي، وكان إخراجه يعطي نوع من الاهتمام بالصورة المسرحية  المعبرة، والاشتغال على الفضاء الفارغ على مستوى الديكور والسينوغرافيا. ووظف بيتر بروك في إخراجه لكثير من عروضه المسرحية في بناء صوري  لمشاهد درامية معينة داخل عروضه المسرحية التي استعمل فيها منهجا يعتمد على توظيف مجموعة من التقنيات الإخراجية التي استلهمها من مخرجين آخرين تناصا وتضمينا وتجريبا. ومن هنا، فقد " أفاض بروك في إخراجه عرض مارا صاد عن رؤية متعددة التفاصيل، فالشخصيات تستخدم الماكياج بمعيار مبالغ فيه إلى جانب المبالغة في التشويهات الخلقية والجسدية مع تقديم مشاهد تعبيرية صامتة(ميم) وإضافات صوتية وحركات تعبيرية وضوئية في اعطاء صورا مسرحية . وكل ذلك يختبره بروك لتحقيق أهدافه الفنية التي تمثلت في امتزاج التناغم البريختي مع قسوة آرتو الأمر الذي أثار كيان النقاد في العالم، فهو قد استفزهم وخدرهم وسحرهم"وينطلق كوردون گريگ في كتابه" فن المسرح" من أن جذور المسرح تعود إلى الرقص والحركات الصامتة، وقد رفض فلسفة الواقعية كثيرا. وفي المقابل، كان يدعو إلى المسرح الشامل، وخاصة المسرح الذي ينبني على المسرحية الصامتة، و شعر العرض المسرحي الجامع بين طقوس الكلمة والحركة… وبالتالي، يتحدد المسرح الشامل لدى گريگ في الحدث والكلمات والخط واللون والكتلة والإيقاع في تكوين الصورة المسرحية جماليا

و((تعددت النظريات حسبما تعددت الظواهر والأنواع في كل المجالات تفاعلا مع مستجدات الجدل التاريخي المادي ؛ بما في ذلك الظواهر المسرحية في تنوعاتها المختلفة مابين النص الدرامي والعرض المسرحي وفنون التمثيل وفنون العرض المسرحي ومجالات التلقي ومجالات النقد .
وفيما يتعلق بنظرية الإبداع نجد من بينها ما يؤسس لماهية موضوعه اعتمادا على المحاكاة سواء أكانت محاكاة الطبيعة  طبيعة الفعل، أو طبيعة الفكرة المطلقة أو مجارة لها.))(4)

إن المعرفة والفلسفة والمسرح  نشأت وتطورت عبر حتمية تكاملية المجتمع لذلك فإن المعرفة  مهدت  في منهجيتها الفكرية والفلسفية والجمالية للمسرح كي يعبر بشكل بصري عن التصورات والأسس الفكرية الفلسفية والمشكلات الاجتماعية للإنسان
قبل نشوء الفلسفة شكلت الأسطورة إحدى أسس حضارات اليونان والمسرح ارتبط بتــكامل نشوء المدينة الــيونانية تـــماما كمـــا
تطورت الفلسفة بظهور الذاتية الواعية إن الفلسفة والمسرح أسهما في خلق حرية الفكر وتجريبية الإبداع في شتى المجالات.

إفالمعرفة   هي  أحد أشكال الوعي المعرفي و الجمالي  تجد نفسها  داخل المسرح ، فالمسرح  
يقدم  مواضيع فكرية وفلسفية  عن الحياة وعن البيئة المحيطة بالإنسان التي تتطلب منه استيعابها على اعتبار أنها تعبر عن الخبرة الإنسانية وعن تراكم التجارب التي استوعبها الإنسان .
 ((من جهة أخرى يعرف هنري كوهيي فلسفة المسرح بتمييزها عن عدة مفاهيم خصوصا عن الشعرية وعن الجمالية الدرامية: "هذه، مع ذلك، شيء آخر غير علم نفس الدراماتورج أو الممثل. إنها لا تختلط لا مع فن شعري ولا حتى مع جمالية. فهي تطرح مشاكلها مرة رافضة كل الأبحاث حول تكون الأعمال، وكل النقاشات حول القواعد، وكل جدل حول الجميل: إنها تمسك بالمسرح وتصفه باعتباره جوهرا.غايتها هي طبعا تحديد ما هو جوهري بالنسبة إليه.إن موضوع فلسفة المسرح هو روح هذا الفن مع ما لهذه الكلمة من معنى مزدوج يشمل المبدأ الروحي والنفس الحيوية. إن تعريف ما هو المسرح مع تحديد ما ليس هو، وتحليل بنيته، وقول في أي ظروف يوجد وفي أي ظروف يتخلى عن الوجود، ونقل دلالته للإنسان الذي يريده والذي يبدعه، هو البرنامج".
تتحدد فلسفة المسرح عند هنري كوهيي، وهي تستلهم بيركسون Bergson وجابرييل مارسيل Gabriel Marcel وخصوصا التصور البيركسوني للحدس الجمالي، في منتصف طريق الأصالة والمعاصرة، الجمالية الدرامية والميتافيزيقا، الحتمية والوجودية، الوضعية والتصوف. ورغم أن هنري كوهيي يدافع عن نفسه بكونه يتبنى وجهة نظر أرسطية ("أرسطو المتجاوز")، فإن مقولات التحليل: الفعل، والحبكةّ ، والوحدة، والتراجيدي، والكوميدي، والشخصيات والأجناس، مقولات كلاسيكية. وعلى العكس فإن المصادرةpostulat في الواقع معاصرة وترتكز على معرفة البعد المشهدي للمسرح: "خلق العمل المسرحي ليؤدى. الغاية المقصودة بهذه الكلمة هي انتظار الجمهور، لأن العمل المسرحي لن يكون تماما هو نفسه إلا بحضور هذا الجمهور: "تتأسس فلسفة المسرح على أعمال، ممارسات، جماهير. ويبدأ جوهر المسرح L’Essence du théâtre بأربع شهادات، شهادات أربعة مخرجين من كارطيلCartel: بيطويف Pitoeff، دولان Dullin، جوفيط Jouvet وباتي Baty. وقد أعطيت الكلمة كذلك في الحال للمنجزين الذين يخطط كل واحد منهم فلسفته الشخصية للمسرح. فلويس جوفيط Louis Jouvet مثلا الذي يحلم بجمالية تختلط فيها الوضعية والتصوف يرى أنه: "عند "إحياء" جمالية درامية قد تُضلنا الكلمة ولا تضلنا البنية. إنها تقول حصرا وتماما ما لديها لتقول. لهذا أحلم أحيانا، على غرار كيفييCuvier، أن أستطيع دراسة الفن المسرحي، في بضعة أيام، انطلاقا من معماريته، وإيجاد الوظيفة الأسخيلوسية eschylienne بناء على هيكل ديونيزوس Dionysos أو ابيدور Epidaure، تلك الوظيفة التي نجدها لدى شكسبير في آثار هذا الحيوان المنقرض الذي اسمه مسرح "الكلوب"، أو لدى موليير من خلال فضاء فرساي حيث قدم عروضه المسرحية. وبإيجاز يمكنني من خلال حجرة، تماما مثل فقرة من هيكل، إقامة الجسد الكبير الحي من ماض غريب ))(5)"
ويجب على الممثل أن يخلق شخصيته من خلال الكشف عن روحه الإنسانية عبر تجسيدها على نحو طبيعي على خشبة المسرح في شكل فني للكشف عن العالم الداخلي للإنسان، لذلك يجب الجمع بين العمل الجسدي والنشاط العقلي فهذا الأخير يتطلب أقصى حد من الهدوء العضلي وهذا معناه أن الممثل حينما ينجح في تركيز انتباهه على الموضوع المطلوب يختفي التوتر العضلي الزائد، إن الغرض هو أن نكشف عن العالم السيكولوجي المعقد للممثل فكلما تحكمنا في النشاط العصبي كلما استعد الجسم كله لأنه مرتبط بالإحساس بقوته الكاملة واستعداده للخروج من حالة السكون للقيام بأية مهمة عضلية، فسيطرة الممثل على جسمه أمر ضروري ومؤكد للانسجام مع عمله وهذه الأمور لا يمكن أن تنجح إلا بإتقان الممثل لفن الإلقاء وتشكيل كلامه على نحو جيد وواضح لإيصال المعنى، الفلسفي  المؤثر.

المصادر :
----------------------------
 (1)أنظر : أبو الحسن سلام – نظرية المسرح – قراءة وقراءة مضادة - الحوار المتمدن-العدد: 4592 - 2014 / 10 / 3
 (2)أنظر : أ.د.عقيل مهدي - كتاب السؤال الجمالي - سلسلة عشتار الثقافية- اصدار جمعية التشكيليين العراقيين-بغداد 2007. ص 120
 (3) أنظر :سعد أردش -كتاب المخرج في المسرح المعاصر - سلسة عالم المعرفة 19 الكويت , ص234
 (4)أبو الحسن سلام - نظرية المسرح - قراءة وقراءة مضادة - الحوار المتمدن-العدد: 4592 - 2014 / 10 / 3
(5) أنظر : الفصل الثالث من القسم الأول من كتاب ( الجمالية المسرحية ) تاليف : كاثرين نوكريت ترجمة: م. أحمد حسيني - منشور على موقع مجلة الفنون المسرحية  12-6- 2012

المعرفة وعلاقتها بالفنون بصفة عامة / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية



المعرفة  وعلاقتها بالفنون بصفة عامة / محسن النصار 


وتميل معظم النظريات إلى أن المعرفة في  الفنون  ضرب من الإلهام، وأن الفنان انسان غير عادي يمتلك الموهبة والأبداع والمشاعر والأحاسيس والعاطفة المؤثرة لذلك نجد بأن موهبته خاصة تمتلك الأبداع سر وسحر وأعجاب.
((لكن " الانتباه الاستطيقي " لايتحقق - وحده- كي نتذوق القيمة الكاملة للاثر إلا بالانتباه الكامل الى تفاصيلة , و" الانتباه" يخلق , او هو بالفعل قيمة معقدة وغامضة ازاء النص او النصب او التمثال او اللوحة. فامتلاك هذا " الوعي " بهذه التفاصيل وقيمتها الفنية والابداعية وعلاقاتها ونسيجها الداخلي هو الذي يجعل عملية التمفصل مع الاثر للوصول الى خطابه هو " التمييرdiscrimination " , والواقع ان الناس كثيرا ما يفقدون قدرا كبيرا من تجربة الفن , ليس فقط لان انتباههم ضعيف بل لانهم يعجزون عن " رؤية " كل ماله اهمية في الاثر الابداعي , وادراك حركية افعاله ..)) (1) وكان مثل هذا الظن بين العوامل التي دعت العرب، في القديم، إلى القول إن لكل شاعر شيطاناً يلهمه ما ينطق به من الشعر. وكان الكثير من الفنانين في عصر النهضة وما قبله يرون أن أعمالهم تتحقق بوحي إلهي.سيرورة , وبذلك فأن المعرفة في الفنون يكون بناءها الأساسي الأبداع و(ما المقصود بالأبداع وصولا الى تأطير مفهومة الابداع الفني يعرف شتاين Stein الأبداع بأنه "عملية ينتج عنها عمل جديد يرضي جماعة ما ،او تقبله على انه مفيد" ويعرفه سيمبسون Simpson بأنه
"المبادرة التي يبديها الشخص بقدرته على الانشقاق من التسلسل العادي في التفكير الى مخالف كلية " ويعرفه كلوبفر Klopferبأنه ((استعداد الفرد لتكامل القيم والحوافز الاولية Archaic بداخل تنظيم الذات والقيم الشعورية ,وكذلك تكامل الخبرة الداخلية مع الواقع الخارجي ومتطلباته ))(2)
ويتناول كاغان في الجزء الاول من كتابه "سيرورة الأبداع الفني يتحدث فيه كاغان عن الفنان (المرسل)، المحور الاساسي الذي تبدأ سيرورة الابداع من عنده، ويتناول عناصر وشروط الابداع لديه التي تمهد لولادة الافكار وهي: شخصية الفنان، الموهبة الفنية، التجربة الحياتية، التأملات في هذه التجربة، حيث انتاجه الابداعي هو ثمرة كل هذا، مع التركيز على اهمية معرفة وتجربة الحياة، فاي عمل ابداعي هو في نهاية المطاف ليس الا انعكاسا لهذه التجربة، وكلما كان الفنان على معرفة واسعة و فهم عميق بالحياة، كلما كان قادر من خلال ابداعه على اعادة صياغة العلاقات الواقعية الحياتية، وكلما ابدعت موهبته بنجاح.
لكن موهبة الفنان ليست العنصر الوحيد الذي يعتمد عليه نجاح الفنان، انما هناك ايضا عوامل اخرى منها:
اولا: منهج الفنان الابداعي الذي هو الجسر بين موهبة الفنان وتأملاته الحياتيه، فيتناول الكاتب عناصر المنهج الابداعي الاربعة: المعرفي، التقيمي، البنائي، والاشاري، ودورها في العمل الفني الذي يتكون بواسطة الصلة المتبادلة بين هذه العناصر.
ثانيا: المهارة وهي الوسيلة اللازمة لبناء العمل الفني، فتتحول من خلالها الاحتمالات الابداعية الكامنة الى تجسيم مادي، وهي من تظهر اذا كانت الفكرة الفنية المعنية قد تحققت ام لم تتحقق، وبما ان المهارة في الفن هي قوة ثانية مع الموهبة فيعرض كاغان وظائفها واختلافها عن الموهبة , يذكر زكريا إبراهيم في كتابه «مشكلة الفن» أن غوته Goethe يذهب إلى أن كل أثر ينتجه فنّ رفيع، وكل نظرة نفّاذة، وكل فكرة خصبة تنطوي على جدّة وثراء، لابد من أن تفلت من كل سيطرة بشرية، وأن تعلو على شتى القوى الأرضية، وأن كل إنسان مبدع أسير لشيطان يتملكه ,والإبداع في الفن يقابل المقدرة على إيجاد معنى جديد أو حلول جديدة لموضوع ما، أو إيجاد شكل فني مبتكر، أو إنه، كما يذكر شتولْنِتْز Stolnitz معالجة بارعة لوسيط من أجل تحقيق هدف ما.
وبذلك فأن المعرفة في المفهوم الفلسفي والأنتربولوجي والعملي هي نواة الابداع الذي يستند على  عملية عقلية تعتمد على مجموعة من القدرات تتميز بعدد من الخصائص والتي تشكل إضافة جديدة للمعرفة البشرية في ميدان الفن
والفنان المبدع يتمتع بتكوين نفسي متفرد وقدرات تخيلية وانفعالية خاصة تكسبه سمة الإبداع الفني التي تميزه من الصانع العادي.
(( ويتفق تورانس وجماعته على على تعريف الابداعية بأنها عملية يصبح الفرد بها حساسا للمشكلات والنواقص والفجوات في المعرفة والعناصر المفقودة وغيرها .اي تشخيص الصعوبة والبحث عن الحلول وعمل التخمينات وصياغة الفرضيات بخصوص النواقص واختبار الفرضيات وتعديلها أو اعادة اختبارها والوصول اخيرا الى النتائج)) (3) وكثيراً ما تسمّى هذه السمة «موهبة»، وهي على درجات ويسمي بعضهم الدرجة العالية منها باسم «العبقرية» , يذهب كروتشه Croce إلى أن الفن حَدْس أو هو معرفة حَدْسية، وهو حَدْس فني أو حَدْس شاعري جمالي تكون المكانة الأولى فيه للمخيلة في حين تكون المكانة الأولى للعقل ومحاكماته في المعرفة المنطقية. ومن خصائص الحدس الفني أنه مقترن بالتعبير سواء بالكلمات أم بالأنغام أم بالألوان. فالكلمة وسيلة الشاعر، والنغم وسيلة الموسيقي، واللون والأشكال وسيلة المصور. ويذكر كروتشه كذلك أنه لا يمكن تصور حدس من دون تعبير، وأننا لا نعرف إلا أشكال الحدس التي تمثّلت في التعبير: فالفكر لا يكون فكراً إلا إذا اكتسى بالكلمات، والتخيل الموسيقي لا يكون إلا إذا تجلّى بالأنغام، ولا يعني ذلك أن الكلمات يجب أن تلفظ بالضرورة بصوت مرتفع، وأن الموسيقى 
يجب أن تعزف، وأن الصورة يجب أن تثبت على اللوحة. وعلى هذا فإن كروتشه يعتقد أن الحدس والتعبير أمران متلازمان في داخل الفنان في عملية الإبداع حتى قبل تجسيدهما في وسط مسموع أو مرئي أو مقروء، وأن من البساطة بمكان تصديق أولئك المصورين أو الموسيقيين أو الشعراء الذين يدّعون بأن رؤوسهم مليئة بالإبداعات الفنية ولكنهم لا يتمكنون من ترجمتها في قوالب تدركها حواسنا، لقصور في التقنيات التي يمكن أن تستوعب أفكارهم، مع أن تلك التقنيات ذاتها استوعبت إبداعات هوميروسHomer وفيدياس Pheidias ,
((ففي كتابه (تأملات في الشعر) في العام 1735 قدم (باومجارتن) (1671-1713) (مفهوماً جديداً سماه (الاستطيقيا) والذي يبحث فيه عن قضية (الجمال والقبح) من النواحي الإبداعية والنقدية, إذ ميز (باومجارتن) بين مفهومي (الاستطيقيا) و (المنطق) بناءً على فكرة مهمة مفادها أن قياسات التعبير الفني تعرف وفق تأثيرها الحسي وليس بمنطقيتها, فالحكم المنطقي, أو البناء المنطقي للفن ليس له أساس قوي قدر البناء الحسي, الذاتي, فالاستطيقيا استمد من كلمة يونانية تعني (الإدراك الحسي) وهو ما يمثل لدى (باومجارتن) نوعاً من الغموض, لأن الجميل عنده يتوفر في الأشياء أو الأجزاء الغامضة من الوعي ))(4)

ولعل من المفيد والأساس، في فهم ظاهرة الإبداع، العودة إلى ما يقوله الفنانون أنفسهم عن عملية الإبداع الفني بما لهم من خبرة مباشرة. إنهم يتحدثون مراراً وتكراراً عما يمكن تسميته «لا إرادية» الإبداع، أو «خروج المرء عن نفسه». إنهم يشعرون بأنهم لا يتحكمون في نمو العقل أو صوغه عن وعي في القالب الذي يريدون، بل يشعرون بأنهم مدفوعون بقوى ليس في مقدورهم التحكم بها: فالقدرة الخلاقة لا تخضع لإرادة الفنّان. بل تسيطر على إرادته. ويذكر شتولنتز أن نيتشه Nietzsche يعبر عن ذلك بقوله عن الفنان إنه تجسيد لقوى عليا وناطق باسمها ووسيط لها، إنه يسمع ولا يبحث عن المصدر، ويأخذ ولا يسأل من الذي يعطي، والفكرة تومض لديه كالبرق وكأنها شيء لا مفرّ منه , فهل يعني الشرح السابق للإبداع الفني أن الفكرة الإبداعية تنبثق كاملة في ذهن الفنان أو مخيلته ولا يكون أمامه سوى تجسيدها بالألوان أو الأصوات أو الكلمات؟ في الإجابة عن هذا السؤال وجهات نظر عدة , يقول بيكاسو Picasso إن من أغرب الأمور أن نلاحظ أن الصورة لا تتغير تغيراً أساسياً، وأن التصور الأول يبقى على حاله تقريباً إلا أننا نلاحظ أن هذا المعنى الذي يبدو في كلام بيكاسو لا يبرز التهيئة الطويلة الزمن التي مرّ بها هو، والدراسات الكثيرة التي قام بها، والتعديلات المتعاقبة التي أجراها من أجل إنجاز لوحته الكبرى «غويرنيكا» Guernica. والأمر ذاته يلاحظ في أعمال واحد من أعلام عصر النهضة الإيطالية هو رافايلّو Raffaello الذي كان ينفذ لوحاته الجدارية الرائعة في غرف الفاتيكان بسرعة مذهلة بعد أن يكون قد هيّأ لها دراسات متعددة بدقة وتأمل عميقين , وهناك مثل آخر يتعلق بالمقطوعات التي ألّفها شوبان Chopinللبيانو والتي تُعطي إحساساً واهماً بالتلقائية التامة والإبداع المنطلق بيسر,غير أن جورج صاند G. Sand تخبرنا كيف كان شوبان يحبس نفسه في غرفته أياماً كاملة وهو يبكي أو يمشي ويكسر أقلامه ويعيد سطراً في المدوّنة الموسيقية ويكرره مئات المرّات. إلا أن جورج صاند ذاتها تروي في مناسبة ثانية، أن الإبداع عند شوبان كان تلقائياً سحرياً، وأنه كان يجده من دون أن يلتمسه، بل من دون أن يتوقعه، وكأنما هو معجزة كانت تتحقق كاملة فجأة ,هناك من الباحثين من يعتقد أن الإبداع الفني ينشأ لدى أشخاص لهم تكوين فزيولوجي معيّن، أو أنهم مصابون بأمراض عقلية أو غيرها. ويحاول هؤلاء الباحثون البرهان على أن العبقرية مرتبطة بحالات خاصة، ويأتون بأمثلة عن فنانين وأدباء مشهورين كانوا مصابين بعاهات مختلفة مثل بتهوفن Beethoven وفان كوخVan Gogh ودستويفسكي Dostoyevsky . إلا أن كثيرين غيرهم من العباقرة تمتعوا بصحة جسدية وعقلية ممتازة الأمر الذي يعارض التعميم الأول ويلغيه , ثم إن هناك من يربط بين العبقرية والانفعالية لدى الفنان. ولكن من اللازم اتخاذ موقف الحذر من هذه الفكرة لأن صفة الانفعالية ربما كانت صحيحة لدى الفنانين الإبداعيين الذين أبدعوا فناً يغلب عليه الطابع الانفعالي. ولكن ذلك لا يمكن أن يكون قاعدة في فنّ يسوده التنظيم العقلاني والتحكم الشديد بالانفعالات كما يرى في الفنون الاتباعية وفنون النقش والزخرفة العربية التي تعتمد أسساً هندسية وعقلانية في غالب الأحيان , ولكن، كيف تتم العملية الإبداعية؟ يذهب كروتشه إلى أن الفن، كما سلف، حدس مقترن بالتعبير. فحدس الموسيقي نموذج من الأصوات المتناغمة، وحدس المثّال صورة من الكتل والحجوم المتناسقة. وهذا الحدس ينشأ في داخل الفنان قبل أن يجسده في صيغته الملموسة , ويستشهد كروتشه بقول ميكلا نجلوMichelangelo «إن المرء لا يرسم بيده بل بفكره»، ثم يقول عن نفسه: «أنا لا أنحت تمثال الملاك، فهو موجود ضمن الكتلة، أما ما أقوم به فهو إزالة طبقات الرخام من حوله».وهذا القول يذكر بكلمة ليوناردو دافنشي Leonardo Da vinci «التصوير موضوع فكري». والشواهد عديدة على أن عملية الإبداع تتم، في كثير من الأحيان، في ذهن الفنان بوضوح يقل أو يكثر. وفي جملة ما قاله موتسارت Mozart عن نفسه إنه يؤلف سمفونيته قبل أن يدونها, يستخلص من نظرية كروتشه أن العملية الإبداعية تتم وتكتمل في مخيلة الفنان ولا يبقى أمامه سوى نقلها وتثبيتها في الوسيط المادي.
(( وبالانتقال للفلاسفة المعاصرين نجد أن الفيلسوف الأمريكي جورج سانتيان (1863-1953)( (يرى أن الجمال لا يوجد مستقلاً عن إحساس الإنسان,فأن القول بأن هنالك جمالاً لم يدرك بمعنى أن ليس هنالك شعور ناتج عن الإحساس بالأشياء لأن الإحساس بالجمال يختلف عن بقية الإحساسات الأخرى, لأنه إحساس مصحوب بادراك وبأحكام نقدية وتفضيلات, فالأشياء تصبح ذات قيمة فنية وجمالية لأننا نفضلها ونشعر بلذتها ))(5)

 ويرى غيره من المفكرين والفنانين أنه لابد للفنان من أن يجسد حدسه التخيّلي فيزيائياً، ولا يمكن لعملية الإبداع أن تكتمل إلا بعد تعامل فعلي مع الوسيط. لذلك تظل رؤية الفنان ناقصة إلى أن تتجسد في ذلك الوسيط بعد أن تمر في التقنيات الفنية فتنمو وتتطور وتأخذ شكلها الفني الثابت,  نحوفلسفة الجمال:(( وتعني "... ما يتطابق مع بعض معايير التوازن والمرونة والتناغم المدوزن،والكمال في نوعه ، ومع صفات وكيفيات أخرى ، مماثلة".))(6)
وفي قول لشتولنتز عن الهدف الذي يسعى إليه الفنّان أنه كثيراً ما يكون غامضاً في البدء، وأن شكل العمل الفني وطابعه التعبيري وتفاصيله الخاصة لا تتضح إلا بعملية الإبداع،((اما كلفورد فإنه يميز بين نوعين من التفكير , التفكير المتشابه Convergent thinking وهو الذي تتحد فية عمليات التفكير بطبيعة المعلومات المتوفرة .والتفكير المتباين Divergent thinking وهو البحث عن معلومات لها صلة ضعيفة بما هو متوفر من معلومات .وهذان النوعان من التفكير يعتبران – لدى كلفورد – محور العمليات التي يتم بواسطتها التفكير . وهو يرى ان التفكير المتباين هو الذي يشير الى الابداعية .ويقصد بالتفكير المتباين ان يذهب التفكير في اتجاهات مختلفة ويتضمن التفكير المتباين عمليات عقلية فرعية هي : طلاقة الكلمات Word Fluency , والطلا قة الترابطية Associational fluency , والطلاقة التفكيرية Ideational fluency , والطلاقة التعبيرية Expressional fluency ,والمرونة التكيفية Adaptive flexibility, واعادة التعريف Redefinition , والاصالة Originality))(39)
وأن الفنان كثيراً ما يجرب حلولاً متباينة ثم يرفضها قبل أن يبدأ هدفه باتخاذ صورة محددة في ذهنه، وأن من الممكن أن نقول عن الفنان إنه لا يعرف هدفه المعرفة الواضحة إلا بعد أن ينتهي ويضع أدواته جانباً. ويذكر ما يشبه قول تشارلي تشابلن Charlie Chaplin : «قبل أن أعرف إلى أين أنا ذاهب، ينبغي أن أصل إلى هناك». وهكذا يتضح ما للوسيط المادي من شأن بارز في عملية الإبداع، وأنه هو الذي يوحي للفنان بأفكار لم تتهيأ في ذهنه مسبقاً. إن الأصوات والألوان غنية بأسباب التداعي والتعبير التي يستطيع الفنان استغلالها. ثم إن الألفاظ تتداعى مع القوافي وتوحي بأفكار جديدة. وفي جملة ما يذكر عن ماتيس Matisse قوله: عندما أضع لوناً أحمر على اللوحة البيضاء، فإنه يستدعي بالضرورة لوناً معيناً إلى جابنا وهناك عوامل عدة لها أثر بارز في الإبداع، وقلّ أن تكون وليدة المصادفة أو ابنة اللحظة. ولابد من التسليم بأن لدى الفنان برنامجاً معيناً على الغالب يريد تحقيقه في عالم يسمح للتجربة بأن تنقحه وتعدل فيه عن طريق المنجزات الفنية الأخرى. إن لكل عمل فني ماضياً ومستقبلاً، ولا بد له من أن يخضع لطائفة من المؤثرات قد لا يشعر الفنان بها. ولكن الأثر الفني يتمتع حتماً بشيء يميزه من غيره مثل إضافة عناصر إلى أسلوب سابق، أو حذف عناصر من تكوين سابق، أو القيام بمعالجة مباينة لمفاهيم قديمة، أو تبني طرائق مستوحاة من أعماق التاريخ، أو غير ذلك مما يصعب حصره.
وكلفورد يميز بين الجهد الابداعي)) Creative potential والانتاج الابداعي Creative production .فالانتاج الابداعي , بالمعنى الشائع , وهو ذلك الجانب الذي يمس الذوق العام للجمهور , لان انتاج الشخص الخلاق يأخذ عادة الشكل الظاهر للعمل الابداعي , الشعر , الرواية , القطعة الموسيقية , والتصوير ...اما الجهد الابداعي فهو – طبقا لكلفورد – استعداد الفرد لانتاج افكار أو نواتج سايكولوجية جديدة , بما فيها انتاج الافكار القديمة في ارتباطات جديدة ))(7)
فإذا جمعنا بين القول إن الفنان كائن غير عادي والقول بالآثار العميقة للبيئة في تكوينه، انتهينا إلى أن الظاهرة الإبداعية أقرب إلى الحوار والتفاعل بين الأوضاع الثقافية الاجتماعية السائدة في المجتمع والتكوين النفسي للفرد المبدع، وأن الفن مجرد تعبير عن التكوين الشخصي، وليس مجرد التعبير عن القيم والمثل الاجتماعية، بل هو نتيجة تبادل التأثير والتفاعل بين الجهتين. على أن من اللازم القول إن موهبة الإبداع لدى الفنان تمر، كما يمر الإنسان في حياته، بمرحلة مبكرة فيها الكثير من التعثر في أغلب الحالات، تنمو على مراحل حتى تصل إلى ذروة النضج. وقد يتبين في لوحات رامبراندنت Rembrandt الكثيرة التي صور فيها ملامحه الشخصية منذ شبابه وحتى شيخوخته أنه إلى جانب اختلاف ملامح الفنان على مر السنين، هناك تطور ونضج في الأداء والتعبير..
وإن المقارنة بين الصورتين الأولى التي تعود إلى مطلع شبابه عام 1629، والثانية التي تمثله في شيخوخته عام 1658، تظهر ذلك العمق الذي بلغ في اللوحة الأخيرة روعة نادرة المثال في تاريخ الإبداع الفني ويؤكد(( كلود آدريان هلفيتيوس أحد أعظم النظريين الدراميين التي تجسد كلماته متطلبات الجماليات الجديدة حين يقول : إن على البطل الدرامي أن يتحدث على خشبة المسرح في صراحة عن موقفه وموقف مجتمعه .فالأنسان لايبدع الإ ماتقع علية عيناه ))(8)  ومهما تعددت النظريات واختلفت الآراء في شأن الإبداع الفني، فإن من الحق القول: إن الإبداع يتجلى في تلك الروائع التي خلفها الفنانون والأدباء، والتي أغنت التراث الإنساني.

المصادر :
---------------------------
 (1)محمد الجزائري – كتاب خطاب الابداع الجوهر –المتحرك –الجمالي ص200وص201 اصدار دار الشؤون الثقافية بغداد - 1993

 (2)أنظر : قاسم حسين صالح - كتاب الابداع في الفن - ص 14اصدار دار الرشيد للنشر - العراق - سلسلة دراسات (276) 1981- ص 14

(3)أنظر :  نفس المصدر  - ص14 وص15
 (4)محسن محمد عطية, مفاهيم في الفن والجمال, ط1, (القاهرة: مكتبة علا, 2005), ص71

 (5)أنظر : أميرة حلمي مطر, مقدمة في علم الجمال وفلسفة الفن, ط3, (القاهرة: دار غريب للطباعة والنشر, 1997), ص(18)
15.
  (6)أنظر : لالاند ، اندريه . موسوعة لالاند الفلسفية ، المجلد الاول ، تعريب : خليل احمد خليل ، اشراف : احمد عويدات ،( بيروت-باريس: منشورات عويدات 1996م)،ص132
 (7)أنظر :قاسم حسين صالح - كتاب الابداع في الفن - صدار دار الرشيد للنشر - العراق - سلسلة دراسات (276) 1981-ص15
نفس المصدر ص15
 (8)أنظر : د. كمال عيد - علم الجمال المسرحي - الموسوعة الصغيرة - اصدار دار الشؤون
 الثقافية - العراق الطبعة الأولى لسنة 1990- ص 131



الخميس، 21 ديسمبر 2017

مسرحية «الرحمة».. نص فلسفي صعب فك رموزه المخرج بإتقان

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية «الرحمة».. نص فلسفي صعب فك رموزه المخرج بإتقان


عبدالمحسن الشمري- القبس 


نجاح أي عرض مسرحي يستند بالدرجة الأولى إلى الاختيار الواعي للنص المسرحي، وهذا الاختيار يكون وراءه مخرج مدرك لأبعاد المعاني التي يحملها النص، وقادر على تحويل حواراته إلى فعل نابض على خشبة المسرح من خلال عدة أدوات، تبدأ باختيار الممثلين الذين يجسدون شخصيات النص، مرورا بالديكور والإضاءة والمؤثرات الفنية من صوت وإضاءة وأزياء وسواها، تجتمع لتقدم رؤية المخرج.
هذا الأمر ينطبق تماما على عرض «الرحمة» الذي قدمته مساء أمس فرقة المسرح الكويتي على مسرح الدسمة، مختتمة عروض المسابقة الرسمية لمهرجان الكويت المسرحي في دورته الثامنة عشرة التي تختتم فعالياته يوم الجمعة المقبل بإعلان الجوائز، ولا نعتقد أن معظم جوائز المهرجان ستبتعد عن هذا العرض، وربما يحصد جائزة أفضل عرض وأفضل ممثل أول وأفضل سينوغرافيا وغيرها من جوائز.

النص أولاً

اختار المخرج الدكتور مبارك المزعل نص «الرحمة» للكاتب عبدالأمير شمخي، وهو ليس غريبا على المسرح في الكويت وتحديدا فرقة المسرح الكويتي التي حصدت العديد من الجوائز بنصوص للمؤلف شمخي.
الدكتور مبارك المزعل اختار نص «الرحمة» وهو يدرك تماما أنه أمام نص صعب يستفز المخرج، ويحتاج إلى أدوات عدة كي يقترب من جمهور الصالة، والنص الذي نحن أمامه تكمن صعوبته أولا في أنه يحتاج إلى جمهور معين يفك رموزه، وهنا راهن المزعل على النجاح بعد ان استهوى لعبة التحدي، وأرى أنه نجح تماما في تحديه.
النص يطرح العديد من التساؤلات حول الشخصية المحورية فيه، والتساؤل الاصعب ماذا يعني المؤلف بالشخصيات التي ظهرت كظلال لثلاثة؟ ولماذا هي ثلاثة؟ وماذا يعني بالمرأة وصرخة الطفل؟ وماذا؟ وماذا؟ وماذا؟

لعبة جديدة

والسؤال الأهم في النص: هل تخلى المؤلف عن لعبته التي كررها في عدة أعمال بإدانة الطاغية؟ وهل نحن أمام طاغية من نوع آخر؟
الشخصية الرئيسية في النص لرجل أناني عاجز لا قدرة له على مواجهة الحياة، وليست لديه قدرة على حماية زوجته ولا نفسه. شخص مهزوم، وهذا الشخص المهزوم نراه في العديد من الأماكن، يعيش بيننا ولا يحس به أي أحد، حتى أنه يموت من دون أن يترك أي أثر.
إنها لعبة مسرحية محكمة تستفز المتابع وتجعله ينتظر نهايات هذا الرجل الذي تطارده ظلاله، والنص أشار إلى ثلاثة ظلال ضمن رحلة هذا الرجل المنهزم الأناني الذي لم يفعل أي شيء في حياته، واعتقد أن المؤلف يريد القول إن هناك العديد من صور الظلال التي تطارد الإنسان ولا يمكن له التخلص منها إطلاقا، ليس ظلا واحدا ولا اثنين ولا ثلاثة، بل الكثير الكثير.
وفي مثل هذا النص يحتاج الناقد إلى التوقف عند كل جملة أو حوار في النص، لأن المؤلف لم يضعها عبثا، بل كان لكل عبارة وحوار معناه.
أعتقد أن المؤلف قدم لنا صورة أخرى مختلفة لنوع آخر من الشخصيات، بعيدة عن صورة الطاغية الذي يفرض رأيه وجبروته على شعبه، فنحن أمام شخص مهزوز مهمش يعيش في ضياع لا يمكن له الدفاع عن أقرب الناس إليه.

قراءة مخرج

أشرنا إلى ان الدكتور مبارك المزعل كان مدركا تماما لصعوبة النص الذي أمامه، ولكنه امتلك رؤية واضحة وفق أسلوب منهجي لتفسير حوارات واحداث النص، واقترب كثيرا منه، ولعل اختيار السينوغرافيا كانت أحد الحلول، ولأول مرة يقدم الفنان فيصل العبيد رؤية في السينوغرافيا لا تعتمد على الابهار، بل اعتمد على لغة الالوان، خاصة اللون الازرق الفاتح ليلعب لعبة المتعة والجذب لجمهور الصالة، ساهمت في ذلك القراءة الواعية لمهندس الازياء فهد المذن الذي اعتمد على الاسلوب السهل الممتنع في تقديمه لأزياء تحاكي مفردات النص، إلى جانب التناسق الواضح والانسجام بين المؤثرات الموسيقية للفنان خميس الخميسي، والإضاءة المعبرة للفنان عبدالله النصار.
هذه الرؤية تكاملت إلى حد بعيد مع الأداء الراقي لفريق التمثيل، الذي قدم تناغما في الفعل والحركة على خشبة المسرح، حول العرض إلى متعة على الرغم من صعوبة النص وصعوبة حواراته، كل ذلك لأن المخرج أدرك كل المواقع التي يمكن له أن يلعب فيها من خلال تفسيره للنص.
أداء متناغم ومميز لفريق العمل، خاصة الفنان الموهوب علي الحسيني الذي تحمل العبء الأكبر على خشبة المسرح، وكان زملاؤه الآخرون في الموعد وهم سماح التي تزداد ثباتا على خشبة المسرح يوما بعد آخر، مرورا بالأسماء الأخرى إبراهيم الشيخلي، سعود بو عبيد، عبدالله الحسن، مهدي القصاب.
العرض المسرحي حمل أسماء أخرى فاعلة، مثل موسى بهمن مساعد المخرج، وخالد المفيدي في التدقيق اللغوي، وأيضا الفنان فيصل العبيد المشرف الفني.

رسالة اليوم المسرح العربي 10 / 1/ 2018 -الفنان والكاتب السوري فرحان بلبل : نريد أن تُقفَلَ مخافر الشرطة في عقول المبدعين.

مجلة الفنون المسرحية




رسالة اليوم المسرح العربي

10 / 1/ 2018

نريد أن تُقفَلَ مخافر الشرطة في عقول المبدعين.



       فرحان بلبل – سوريا


بداية أشكر مجلس الأمناء في الهيئة العربية للمسرح على اختياره لي لإلقاء كلمة يوم المسرح العربي. وأتمنى أن يتبنى المسرحيون العرب هذا اليوم في كل أقطارهم. فيحتفلون به معاً. ويلقون كلمته معاً. وبذلك يصبح هذا اليوم عربياً بامتياز. فهو فخرٌ للمسرحيين العرب، ونافذةُ ضوء للمستقبل.

وقد عملت في المسرح أكثر من أربعين عاماً. وكان لي فيه مجموعة قواعد سرت عليها طوال هذه المدة. وهي أن يعالج المسرح هموم وقضايا عصره، وأن يتوجه إلى الجمهور العريض في شرائحه كافة، وأن يكون ممتعاً مثيراً فاتناً. ولهذا كانت فرقتنا المسرحية تجوب أنحاء سورية شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، وتقدم المسرحية الواحدة مرات كثيرة كانت تصل أحياناً إلى ثمانين أو مائة مرة. وكما اهتممت بالمسرح السوري فقد اهتممت بالمسرح العربي. فأدركت أكثر خصائصه وميزاته وعيوبه. ووجدت أنه يتنوَّع في أقطاره تنوع الإبداعات الخاصة بكل قطر، ويتمتع بخصائص واحدة رغم كل التباينات والتناقضات فيه. ومن هنا أصل إلى السؤال الأهم الذي يليق بهذا اليوم وهو:

         هل المسرح العربي المعاصر بخير؟

         لقد عرف العرب المسرح – كما هو مُتَداول في كتب النقد – منذ ما يزيد قليلاً عن قرن ونصف قرن. لكنهم خلال هذه المدة القصيرة أتقنوه وتفننوا فيه كتابة وإخراجاً وتمثيلاً، كما أتقنوا بقية أشغاله المتممة له. وما كاد القرن العشرون ينتهي حتى كان المسرح في جميع الأقطار العربية – على تفاوت بسيط بينها – قد توغَّل في حياة الناس. فأمتعهم وثقَّفهم وناقش معهم أخطر قضاياهم. فكانت ليالي العرب مع المسرح سمراً ومتعة وثقافة. وكان له في كل قطر طعوم وألوان. ومدارس واتجاهات. فإذا جمعت هذه الطعوم المختلفة وتلك المدارس المتعددة إلى بعضها البعض، تبين لك أن المسرح العربي صار واحداً من أغنى المسارح في العالم.

         لكنه منذ أواخر القرن العشرين حتى اليوم صار مضطرباً ضائعاً لا يعرف ماذا يجب أن يقول. ويتخبط في أشكاله  فلا يعرف كيف يتقنها. وهذا ما جعله عاجزاً عن تأدية مهمته الاجتماعية والفنية والجمالية التي كان يقوم بها. وعجزُه هذا جعل جمهوره منفضاً عنه. فلم يعد يحظى اليوم إلا بنخبة ثقافية أو شبه ثقافية دون أن يحظى بجماهيرية واسعة كانت له في الكثير من مراحله.

         واضطراب المسرح العربي اليوم وضياعه نتيجة حتمية لأوضاع الوطن العربي الذي يعيش اليوم تمزقاً في بعض أقطاره، وتحمحماً مكبوحاً برغبة التغيير الاجتماعي في بعض أقطاره، وضبابيةً في النظرة إلى المستقبل في كل أقطاره. ولعل المسرح السوري اليوم يشكل النموذج الأوضح لكل الاضطراب الناتج عن التمزق. فهو متوقف في بعض مدنه. وهو ضعيف في بعض مدنه. وهو مكبوح مقيد في كل مدنه. فيكاد يكون ممسوح الملامح في تلك الأرض التي دفعت بالمسرح العربي من قبل خطوات إلى الأمام.

         وبهذه المناسبة أتمنى من الشعوب العربية أن تقف مع الشعب السوري في محنته التي ينزف دمَه فيها وهو الذي وقف معها في مِحَنِها. إن لم يكن ذلك بدافع رد الجميل، فبدافع أخوة الدم واللغة والمصير.

         إن هذا الضياع والاضطراب وغموض النظرة إلى المستقبل أوجاع يعاني منها كل المسرحيين العرب. وأظن أنها ستزداد إيلاماً ودفعاً إلى كثير من اليأس والإحباط.  

وهذا يعني أن المسرح العربي ليس بخير.

لكن الضياع والاضطراب وغموض النظرة إلى المستقبل – والحياة تفرض ذلك – ستكون مخاضاً موجعاً وطويلاً لانبثاق عصر مسرحي عربي جديد. وسوف يكون هذا المسرح الجديد شيئاً مختلفاً عما نعرف، ومستفيداً من تجربة المسرح العربي الطويلة في شتى أقطاره مما نعرف. لأنه سوف يستوعبها ويتتلمذ عليها ويعيدها إلينا خلقاً جديداً يدخل بالمسرح العربي في مرحلة جديدة.

إلا أن هذه الولادة الجديدة لن تتحقق مهما طال الزمن إذا لم يكن المسرح العربي حراً في قول ما يريد، وفي انتقاء الأشكال التي يريد.

لقد مكر المسرحيون العرب في الالتفاف على تقييد حرياتهم، وتلاعبوا على الرقيب الصارم في عهود الاستعمار وفي العهود التالية له. فقالوا ما يمكنهم قوله وأبدعوا الإبداع كله بهذا الالتفاف. ورغم مكرهم في التحايل على قيودهم فقد بدؤوا ينادون بالتخلص منها للوصول إلى التمتع بحرية القول والفعل منذ الدورة الأولى لمهرجان دمشق المسرحي عام 1969 وفي دوراته التالية. لكن أحداً لم يستجب لهم. فاستمروا في إبداعهم رغم كل القيود المفروضة عليهم.

فهل سيفيدهم التحايل على الرقابة اليوم وهم بانتظار انبثاق الميلاد المسرحي الجديد؟

يمكننا أن نجزم أنه بعد هذا الانهيار العربي الكاسح لن يكون إجبار المسرحيين العرب على التحايل على الرقابة إلا تحجيماً وإعاقةً لقدرة المسرحي العربي. لأنه سيكون عجزاً وليس إبداعاً. سيكون هروباً ولن يكون مجابهة.

ولهذا.

نريد أن يكون المسرح العربي حراً.

نريد أن تُقفَلَ مخافر الشرطة في عقول المبدعين.

نريد أن تتحطم القيود المفروضة على ألسنة المسرحيين وعلى أفكارهم.

نريد أن يزول الخوف من قلوبهم عندما يفكرون.

 فهل يستطيع المسرحيون العرب اليوم انتزاعها بأنفسهم والدنيا جحيمٌ من حولهم؟

إن هذه المطالب ليست فنية وفكرية فحسب، بل هي إنسانية تحفظ للمسرحي العربي كرامته حتى يستوي بها مبدعاً. وإن المطالبة بها والدفاع عنها والإصرار عليها هي التي تعطي احتفالنا بيوم المسرح العربي قيمته. فهو يوم لحرية التفكير ولحرية المطالبة بكسر كل القيود.

         وكل عام وأنتم بخير.





ملحق .

السيرة الذاتية المختصرة للفنان و الكاتب فرحان بلبل.

من مواليد مدينة حمص – سورية عام 1937.
تخرج من جامعة دمشق عام 1960 قسم اللغة العربية وآدابها.
عضو اتحاد الكتاب العرب منذ عام 1971.
– بدأ العمل في المسرح منذ عام 1968 في الأندية الفنية في مدينة حمص.

– في عام 1973 ساهم في تأسيس (فرقة المسرح العمالي) ضمن اتحاد عمال حمص. وبذلك كانت هذه الفرقة رائدة في ميدان المسرح العمالي في سورية وفي الوطن العربي. ومايزال مديرها حتى الآن.

– أبرز ما أنجزه مع فرقة المسرح العمالي – طوال أكثر من أربعين عاماً – أن عروضها كانت تقدم في العديد من المدن السورية. وأحياناً كانت المسرحية الواحدة تعرض قريباً من مائة مرة.

– في أكثر العروض في المدن والقرى والتجمعات العمالية والفلاحية كانت تجري مناقشة العرض المسرحي. وبذلك ساهمت الفرقة في نشر الثقافة المسرحية. وأحياناً يكون ذلك في أماكن لا يمكن لأحد أن يتخيل إمكانية تقديم عرض مسرحي.

– شارك في لجان تحكيم عدد كبير من المهرجانات المسرحية السورية والعربية. كما دُعِيَ إلى عدد كبير من المهرجانات المسرحية العربية ضيفاً ومحاضراً.

– كتب في النقد المسرحي عدداً كبيراً من المقالات والدراسات في الصحف والمجلات المختصة وما يزال.  وأصدر في ميدان النقد المسرحي ثلاثة عشر كتاباً منها (المسرح العربي المعاصر في مواجهة الحياة) و(مراجعات في المسرح العربي منذ النشأة حتى اليوم) و(المسرح السوري في مائة عام 1847- 1946) و (المسرح التجريبي الحديث عالمياً وعربياً) و(من التقليد إلى التجديد في الأدب المسرحي السوري) و(أحزان الشعر العربي الحديث بين حزيران 1967 وتشرين 1973) و (مسرحنا العربي واقعُه وآفاقه). و(قضايا وشؤون مسرحية) و(أوراق غير متناثرة)

– منذ عام 1986 حتى عام 2011 عمل في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق أستاذاً لمادة الإلقاء المسرحي. وكتب كتابه (أصول الإلقاء والإلقاء المسرحي).

– مجموع النصوص التي كتبها 33 مسرحية  منها ستة نصوص للأطفال. والنصوص التي أعدَّها فأعاد تأليفها 6 مسرحيات. وجميع هذه المسرحيات مطبوعة في سورية ولبنان ومصر ودولة الإمارات العربية.

– قُدِّمت مسرحياته في عدد كبير من أقطار الوطن العربي لأكثر من مرة وماتزال.

– مجموع المسرحيات التي أخرجها 33عملاً مسرحياً. والمسرحيات التي قدمتها الفرقة تجاوزت 40 عرضاً مسرحياً.

– تولى رئاسة تحرير مجلة (الحياة المسرحية) التي تصدرها وزارة الثقافة السورية عام 2005.

-كرَّمه مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 1995ضمن عشرة من أهم المسرحيين في العالم.

-كرمته مديرية الثقافة في حلب عام 1997.

-كرمه اتحاد الكتاب العرب في سورية عام 2001.

-كرمته نقابة الفنانين السورية ضمن مهرجان حمص المسرحي السادس عشر عام 2003

-كرَّمته وزارة الثقافة في سورية عام 2004 ضمن مهرجان دمشق للفنون المسرحية الثاني عشر عام 2004

– كرمه اتحاد عمال حمص عام 2006 ضمن احتفاله بالذكرى الثالثة والثلاثين لتأسيس فرقة المسرح العمالي.

– كرمته مدينة الحسكة السورية عام 2006 ضمن مهرجان المدينة الثقافي.

-كرمه الاتحاد الوطني لطلبة سورية في مهرجان المسرح الجامعي الحادي والعشرين عام 2007.

-كرمته جمعية (أصدقاء حمص) عام 2009.

-كرمه الاتحاد العام لنقابات العمال ضمن الدورة العشرين لمهرجان المسرح العمالي المركزي عام 2009

-كرمته نقابة المعلمين السورية ضمن احتفالها باليوم العالمي للغة العربية في شهر آذار – مارس -2010

-كرمته رابطة الخريجين الجامعيين في حمص عام 2010

-كرمته جامعة حلب في شهر تشرين الثاني – نوفمبر – عام 2010 ضمن فعاليات الندوة الدولية للنقد التطبيقي.

-كرمته الهيئة العربية للمسرح عام 2014 ضمن تكريمها لإثنين و عشرين من كتاب المسرح العربي، خلال الدورة السادسة من مهرجان المسرح العربي، التي نظمت في الشارقة – دولة الإمارات العربية.



[1] بدأت الهيئة العربية للمسرح بالاحتفال باليوم العربي للمسرح، إعتباراً من 10 يناير 2008، و هو اليوم الرسمي لتأسيس الهيئة، و قد ألقى كلمة اليوم العربي للمسرح عام 2008 د. يعقوب الشدراوي – لبنان، 2009 أ . سميحة أيوب – مصر، 2010 أ . عز الدين المدني – تونس، 2011 أ . يوسف العاني – العراق، 2012 أ . سعاد عبد الله – الكويت، 2013 أ . ثريا جبران – المغرب، 2014 صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، 2015 د. يوسف عايدابي – السودان، 2016 أ . زيناتي قدسية – فلسطين، 2017 أ . حاتم السيد – الأردن.





مسرح عربي يخاطب الجمهور الفرنسي ويعرفه على متغيرات المنطقة

مجلة الفنون المسرحية


مسرح عربي يخاطب الجمهور الفرنسي ويعرفه على متغيرات المنطقة

 عمار المأمون - العرب


'زيغ زاغ' عرض يضيء على جريمة استعمارية نسيت منذ مئة عام، و'في عدالة الأسماك' يعالج العلاقة بين المذنبين والضحايا على الصعيد العالمي.

مازالت العاصمة الفرنسيّة باريس حاضنة ثقافية لأهم العروض المسرحيّة سواء العالميّة منها أو تلك المنتجة محليا، لتشكّل فضاء مسرحيا غنيا يستقطب الفنانين والمؤدين من كل مكان، إذ تنتقل الفرق المسرحيّة بعروضها بين أنحاء العالم لتحط في مسارح باريس التي تستقبل مختلف أنواع الفنون المسرحية والأدائية، وهذا العام كان الحضور العربي مميّزا ومتنوعا، خصوصا السوري منه، لتكون المسارح خشبات للصراع واكتشاف التناقضات والأحداث التي تعصف بالمنطقة العربية، خاصة بعد سبع سنوات من بداية الربيع العربي.

وشهد "المسرح الجديد" في مونتروي عرض "زيغ زاغ" للمصرية ليلى سليمان، فالعرض الذي ينتمي إلى الصيغة الوثائقية يعتمد على وثائق وجدتها سليمان في أرشيف وزارة الخارجية البريطانية والتي تعود إلى عام 1919 أثناء الثورة على الاحتلال الإنكليزي، هذه الوثائق تحكي كيف قام الجنود الإنكليز باغتصاب النساء في قرية قرب الجيزة في مصر، وفي العرض نرى أربع ممثلات يؤدين أدوار النساء اللاتي تعرضن للاغتصاب ليحكين قصصهنّ ويطالبن بالعدالة من أولئك الذين انتهكوا أجسادهنّ، فالعرض يضيء على جريمة استعمارية نسيت منذ مئة عام، ويشير إلى ما حدث في مصر وما تعرضت له النساء أثناء الثورة المصرية.

كما شهد مسرح “التارماك” عرض “في عدالة الأسماك” من تأليف وإخراج الفرنسي هنري جولز جوليان وأداء كل من الممثلة السورية ناندا محمد والموسيقيّ دايفيد تشايسا، وفيه تطرح أمامنا محمد تساؤلات عن الضحايا والقتلة، ومن يمكن أن نلومه على ما يحدث من حولنا من مآس، فالعرض يسائل سكان الدول الأوروبية أو دول اللجوء بوصفهم مذنبين نوعا ما، كونهم جزءا من أنظمة تحميهم وتوّفر سلمهم وحاجاتهم، وفي ذات الوقت هذه الأنظمة تسلب الآخرين حقوقهم وتهجرّهم عن بيوتهم.

عرض "ما يهمنا" يطرح إشكالية الحجاب ودلالاتها الثقافية والسياسية في محاولة لكسر الصورة المرتبطة به كوسيلة للهيمنة على جسد المرأة
ولا يزال التوأمان السوريان محمد وأحمد ملص يتنقلان بعرضهما “اللاجئان” في أنحاء فرنسا، العرض الذي حضر في باريس في مسرح “بيكسل” مستوحى من نص “المهاجران” للبولندي سلافوي مروجيك، حيث يتناول الأخوان الصعوبات التي يواجهها اللاجئون في فرنسا سواء على صعيد اللغة أو على صعيد الحياة اليومية والمؤسسات البيروقراطيّة، إلى جانب معاناتهما الشخصية المرتبطة بإيجاد الحب وتدبّر أمرهما في ظل مدينة مُتسارعة كباريس يمكن أن تدهس المرء عند أي زلّة.

أما مسرح “الإيشانجور” فقد شهد عرض “ما يهمنا” للمخرجة الفرانكوفونية مريم المرزوقي، وفيه تعتمد على نصوص لعدد من المؤلفين في سبيل طرح إشكالية الحجاب ودلالاتها الثقافية والسياسية في محاولة لكسر الصورة المرتبطة به كوسيلة للهيمنة على جسد المرأة، عبر طرح أمثلة أخرى ترى فيه وسيلة للمقاومة كما حصل في الجزائر أثناء الاستعمار الفرنسي، إذ تحاول نزع الحجاب من السياق التقليدي وإضفاء دلالات مختلفة لا ترتبط فقط بالدين الإسلامي، وتدعو إلى تحرير الأنثى من القيود الاستهلاكية والدينية والنظر إلى جسدها بعيدا عن مفاهيم العيب والحرام.

أما مسرح المدينة فشهد العرض الراقص “ديسبلاسم“ الذي صمم رقصاته السوريّ مثقال الزغيّر، وفيه نشاهد ثلاثة راقصين على الخشبة يختبرون وضعيات الجسد السوري ضمن سياقات الحرب والهجرة والثورة، لنرى تكوينات جسدية مستمدّة من التراث الشعبي السوري ومن الاحتجاجات التي بدأت عام 2011، إلى جانب اختبار الجسد في وضعيات القيد وكيف يمكن له الانفكاك منه.

كما شهد مسرح “بليجني” في ضواحي باريس عرض “فوق الصفر” أداء فرقة كون المسرحية، والذي صمم رقصاته وأخرجه السوري أسامة حلال، وفيه نشاهد لوحات يتداخل فيها الأداء المسرحي مع الرقص لرسم فضاءات الحرب والثورة والقمع الجسدي، فالعرض يتناول مفاهيم العنف والخوف وتأثيرها المباشر على الحميمي واليومي، لا فقط ما يدور في الفضاء العام وما نراه في الساحات العامة.

من زواية أخرى يحضر الحدث السوري بصورة خصوصية ضمن البعض من العروض، وهذا ما حدث في مسرح “الأوديون” ضمن عرضين يستندان إلى نصوص تشيخوف، وهما “النورس” العام الماضي للألماني أوستر ماير والثاني هذا العام في عرض “الشقيات الثلاث” لسايمون ستون، إذ تحضر موضوعة اللاجئين السوريين ومساعدتهم في المخيمات على ألسنة الشخصيات التي تثرثر والتي تحاول أن تجد معنى لحياتها، إذ ترى هذه الشخصيات في المأساة التي تحدث “بعيدا” وسيلة لتقطيع الوقت وكسر الصمت.

والبعض منهم يتورط أكثر ويقرّر الذهاب كما في عرض “ستون”، وكأن كل من يحاول أن يغسل ذنوبه يتّجه إلى المخيمات، ليقضي بضعة أسابيع تتخلّلها صور ومنظمات وتوزيع مساعدات، ثم عودة لمساحات الأمان الأوروبية، وكأن هذه المخيمات هي مطهر للإنسان الأبيض من ذنوبه، ووهم بأن الخروج من مساحات الأمان نحو جغرافيات اللامكان تلك، دليل على التورّط في ما يحدث في العالم، ليعود هذا “المتورّط” إلى مساحاته، إلى بيته الريفي وهمومه وثرثرته ليروي لمن حوله ما رآه هناك كما في “الشقيات الثلاث”، وكأنه يمتلك وساما إنسانويّا، إذ تحضر “المخيمات” بوصفها فضاءات لـ”غسل” الذنوب يدخله ا “الآمنون” للقضاء على القلق الذي تزرعه وسائل الإعلام والقوى السياسية.

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption