أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

السبت، 12 أكتوبر 2019

اطلاق القدرات الإبداعية للشباب في ورش التأليف والإخراج بمهرجان الصعيد المسرحي بأسيوط

مجلة الفنون المسرحية


اطلاق القدرات الإبداعية للشباب في ورش التأليف والإخراج بمهرجان الصعيد المسرحي بأسيوط 

احمد مصطفى :

اختتمت مساء امس فعاليات الورش التدريبية التي تمت على مدار يومين ضمن فعاليات مهرجان الصعيد المسرحي الذي تنظمه جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين بالتعاون مع وزارة الثقافة وهيئة قصور الثقافة وبرعاية اللواء جمال نور الدين محافظ أسيوط وتتم بقصر ثقافة أسيوط، صرحت بذلك نوران فايد مدير جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين وقالت إن المهرجان تضمن ورشة للتأليف المسرحي قدمتها الكاتبة المسرحية رشا عبدالمنعم، وورشة للتمثيل والاخراج قدمها المخرج المسرحي الاستاذ طارق الدويري.
وأشارت إلى مشاركة نحو ٥٠ من شباب المسرحيين في الورش التدريبية التي شهدت اقبالا وتفاعلا واضحا من شباب الجنوب لتساهم بذلك في إطلاق القدرات الإبداعية وتنمية القدرات وصقل مهارات الشباب في التأليف والتمثيل والاخراج. 








ألف ساعة مسرح حصاد مهرجان الصعيد المسرحي الرابع بأسيوط

مجلة الفنون المسرحية

ألف ساعة مسرح حصاد مهرجان الصعيد المسرحي الرابع بأسيوط

احمد مصطفى :

تجاوز تعداد ساعات إعداد وتنفيذ العروض المسرحية المشاركة والمتنافسة في مهرجان الصعيد المسرحي الرابع نحو ألف ساعة مسرح كاملة تمت على مدار الثلاثة أشهر الماضية بواسطة شباب المسرحيين بالصعيد، صرح بذلك المخرج أسامة عبدالرؤوف المدير الفني لمهرجان الصعيد المسرحي الرابع وقال إن ذلك من واقع عمليات حسابية لتعداد الفرق المتقدمة للمشاركة والتي بلغت 30 فرقة مسرحية وتعداد ما تم تنفيذه وتجهيزه واستقر على 8 عروض مسرحية مشاركة خلال الفترة من 10 إلى 12 أكتوبر بقصر ثقافة مدينة أسيوط.

أشار المخرج أسامة عبدالرؤوف إلى أهمية ساعات العمل المسرحي الطويلة والممتدة سواء على شباب المسرحيين والمشاركين أو على الجمهور المتلقي وتأثيرها في تبديد مناخ التطرف والتعصب وإزالة وهم الحقيقة المطلقة وغرز مفاهيم قبول الآخر والتسامح وما غيرها من خلال عروض مسرحية تتناول القضايا الاجتماعية والإنسانية.
يذكر أن مهرجان الصعيد المسرحي للفرق الحرة في دورته الرابعة يحمل اسم "الفريد فرج" وبرئاسة الكاتب الكبير محمد سلماوي نائب رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين وهي الجمعية المنظمة للمهرجان وبالتعاون مع وزارة الثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة وبرعاية اللواء الوزير جمال نور الدين زكي محافظ أسيوط.
















مسرحية " عودة جحا " تأليف هشام شبر

مجلة الفنون المسرحية


الكاتب والفنان هشام شبر 

مسرحية " عودة جحا " تأليف هشام شبر

الجمعة، 11 أكتوبر 2019

"دائرة الطباشير القوقازية" في "نيويورك أبوظبي"

مسرحية (أورلاندو) لفرجينيا وولف: على مسرح الادويون في باريس

مجلة الفنون المسرحية



مسرحية (أورلاندو) لفرجينيا وولف: على مسرح الادويون في باريس

محمد سيف/باريس


تعيد المخرجة البريطانية (كاتي ميتشل) في هذا العرض، التفكير في المغامرات غير العادية لشخصية (أورلاندو)، التي تمثل إشكالية، في الأدب الروائي. إن الشخصية، مثلما تطالعنا الرواية، من بنات أفكار الكاتبة فرجينيا وولف. ولدت رجلا، وتحولت إلى امرأة، على متن رحلة الى تركيا، ذات صباح جميل من شهر مايو، فصارت مثل (كاتي ميتشل) التي تتأرجح بين المسرح والسينما. إن العرض بمثابة أرضية جميلة لهذه الرواية المحيرة، والتي تعلن من خلاله مخرجته، عن التزامها النسائي اكثر من محاولتها لإثباته. وهذا بحد ذاته ما يدعونا للتساؤل: هل ان هذه المخرجة البريطانية التي برزت في السنوات الأخيرة كشخصية مسرحية رئيسية على الساحة الأوروبية، لديها نمط أو نوع مسرحي خاص بها؟ لا سيما أنها تتساءل في أعمالها باستمرار عن وضع المرأة وتدين من خلالها العنف الذي تتعرض له. سواء كان الأمر يتعلق بعرضها (مرض وموت مارجريت دوراس) الذي قدمته على مسرح البوف دي نورد، أو عرض أسطورة (أورفيوس)، الذي يذهب إلى عالم الأرواح والجحيم ليحضر محبوبته (يوريديس)، على مسرح الكولين، وذلك باعتمادها على النسخة التي أعادة كتابتها المؤلفة النمساوية الفريد جيلينيك. فالمرأة في أعمال كاتي ميتشل، غالبا ما تكون في قلب اهتماماتها وقلقها المسرحي والإنساني. وشخصية أورلاندو، بالطبع، ليست استثناء.
يتم تحول شخصية أورلاندو من رجل إلى امرأة من دون ألم، ويكاد أن يكون هذا التحول مكتملا، وناجحا لدرجة أن الشخصية نفسها لا تشعر بالمفاجئة. وبطبيعة الحال، عندما يتغير جنسها، يتغير مستقبلها من دون شك، ولكن ليس شخصيتها. وبهذه الطريقة، يُستبدل اتفاقيا، الضمير (هو) على الفور، بالضمير (هي)، مما يُمكن الشخصية من العودة إلى ماضي حياتها دون عوائق، من خلال تسلسل شريط ذكرياتها. إن شخصية (أورلاندو)، عابرة للقرون، عاشت في عصر الملكة إليزابيت الأولى في بداية القرن التاسع، دون أن تتقدم في السن؛ إنها شخصية، لطيفة ولكنها في نفس الوقت معقدة، كانت رجلا ثم أصبحت امرأة؛ تعرف الأسرار، وتتقاسم نقاط الضعف في كلا الجنسين، تتغذى من ثنائية جنسها، ومن الماضي والحاضر، ومن توقها للحياة، ورغبتها في الوحدة والسعي وراء المجد من خلال الكتابة، وهي بالتالي، لديها أوجه عده.
تعتبر شخصية (أورلاندو) واحدة من أكثر الشخصيات غموضًا وإثارة للدهشة، والأكثر إغراءً جدًا، في الأدب الروائي. إنها نتاج خيال حر، تلعب مع وعلى جميع الحدود، تمارس الغواية، ليس لديها عمر محدد، تجذب النساء والرجال على حد سواء. ويمكن ان نقول عنها، عابرة للعصور. وتكاد ان تهرب أو بالأحرى تفلت كشخصية من جميع التصنيفات الاجتماعية، وقوانين الموت العادي، والقيود الجنسانية. استوحت الروائية فرجينيا وولف، قصتها من التاريخ المضطرب للشاعرة والروائية الأرستقراطية (فيتا ساكفيل ويست)، التي تنتمي عائلتها إلى اعلى الطبقات اللندنية النبيلة. تصور فرجينيا وولف في هذه الرواية، الأدب الإنكليزي الكلاسيكي، بشكل ساخر، من خلال استمتاعها بقص حياة شخصية (أورلاندو) المستحيلة، التي ولدت في عهد إليزابيت الأولى، في لندن الرطبة في القرن التاسع عشر، ليمتد وجودها إلى الوقت الذي يتم فيه نشر الرواية، في 11 أكتوبر 1928. وقد اعتمدت المخرجة (كاتي ميتشل) على فرقة (Schaubühne) المرموقة في مرافقة شخصية (أورلاندو) في رحلتها الطويلة، وشبابها الذي لا ينضب، الذي يمتد في هذا العرض، من عام 1928 إلى يومنا هذا. لقد أرادت هذه المخرجة في رؤيتها الإخراجية إعطاء هذا المتن الروائي، جسد مضحكا، وحساسا وقويا جدا، تعالج من خلاله القضايا الملحة للغاية المتعلقة بحقوق المرأة والعبور أو تحول الهوية وتغيرها. أليس هذا ما فعلته فرجينيا وولف، على وجه التحديد مع أورلاندو، عندما رسمت شخصية متعددة وتحت شكل حكاية خرافية؟؛ ثم أليس أن المذكر والمؤنث، مثلما تقول (ماري كلير باسكييه)، في المجلد الجماعي، الصادر عام 2014، عن دار نشر غاليمار الفرنسي: مقالات وروايات فرجينيا وولف، مجرد قطبين، وإن كل فنان عظيم هو ثنائي الجنس؛ وبالتالي، اليس هذا ما كانت تؤمن به وبقوة، فرجينيا وولف نفسها، ليس فقط من خلال حبها وعشقها، وإنما من خلال عملها ككاتبة أيضا؟
قامت المخرجة كاتي ميتشل بتكيف هذه الرواية الغريبة للغاية لجيل جديد من ممثلي فرقة Schaubühne البرلينية، وقد مزجت في عرضها الذي قدمته مؤخرا على مسرح الأوديون الباريسي، التمثيل الحي بالاصطناعي الفوري، بالسيرة المتخيلة لشخصية أورلاندو التي خلقتها فرجينيا وولف باعتبارها تحديا أدبيا. إن شخصية أورلاندو، في هذا العرض لا تموت، ونشاهدها وهي تقود سيارة بعد بضعة قرون في شوارع لندن، مثلما نراها وهي على متن طائرة، تغير جنسها بشكل غامض في الثلاثين من عمرها، بعد نوم طويل استمر سبعة أيام … نشاهد السيارة، والطائرة على شاشة خلفية معلقة في عمق أعلى خشبة المسرح، تم تصويرهما من قبل المخرجة، بالإضافة إلى العيديد من المشاهد الأخرى، كما هو الحال في مشهد شجر البلوط الذي يلهم الشاعر الذي هو أورلاندو. لم تكتف المخرجة هنا، كما هو الحال في كثير من الأحيان، بتصوير العرض الذي يتم عرضه على الهواء مباشرة، وإنما قامت بالتركيز على الكثير من التفاصيل من خلال اللقطات المقربة (الزوم)، والكشف عما يحدث في أروقة الكواليس، قدمت من خلاله تشريح رائع للأداء المسرحي والسينمائي معا. لا سيما ان هناك صور والأفلام قد تم تصويرها مسبقا، مما اعطى عمقا روائيا للتكيف المسرحي الذي اعتمدته المخرجة، وقد نشطتها أو بالأحرى أحيتها بلحظات محورية من الرواية، اشتبكت وتقاطعت، وتناسبت، في آن واحد بشكل جذاب ولطيف، مع لغة العرض البصرية، وخاصة في المشهد الذي تقرأ فيه الراوية أمام الميكرفون، وهي تطفو في الفضاء اللعبي، مقاطع طويلة من هذه القصة الغريبة التي تتحدث عن المتحولين جنسيا، عبر الفضاء والزمن.
إن خشبة المسرح، مثلما يطالعنا العرض، مجزأة بأماكن وأحداث مختلفة، شغلها باستمرار عشرات المصورين والتقنين، في وئام تام، خال من أي اضطراب: غرفة نوم، صالون طعام، مدفأة، وفضاء للمكياج والأزياء. وعلى أنغام خلفية موسيقية خافتة عميقة، يتتابع الممثلون من خلال أشرطة سينمائية تظهر بعضهم البعض في لقطات مقربة. بحيث كان الفيديو والمسرح في حركة ذهاب وإياب أضاءا العرض وأضافا، في أحيان كثيرة، حداثة إلى الخيال والكوميديا اللذين لجأت إليهما كاتي ميتشل في رؤيتها لمناخات الرواية. مستمدة ذلك من دون شك، من عوالم فرجينيا وولف، وتعلقها بالمسرح. وقد استولت هذه المخرجة، مثلما يبدو، هذا الشغف على أكمل وجه، وتجرأت على استحضار رواية تمتد أحداثها عبر الزمن، والفضاء، وقامت بتحديثها بشكل جيد عن طريق جعل بطلها (أورلاندو) يصبح بطلة سابقة دائما لوقتها؛ كائن عالمي، محايد، وشامل، يتحدث بدهاء، وفي ظروف غامضة، في آذان الجميع.
الدراماتورجيا والسينوغرافيا التي اعتمدتهما كاتي ميتشل تكادان ان كونا راديكاليين. لا سيما أن خشبة المسرح لم تعد مكانا للعب يتطور فيها وعليها الممثل وهو يتحدث بشكل مباشر وفوري ومجابه مع المتفرج. كان الممثلون يتوجهون بكلامهم إلى الكاميرات التي كانت تقوم بتصويرهم أثناء عملية منتجة الصور بشكل حي. مثلما كانت القصة المصورة صارمة ودقيقة للغاية ونابعة من قلب الحدث الذي يجري على المسرح بشكل مباشر. وهذا ما أتاح للممثلين ومساعدي الصوت، والمصورين، والمسؤولين عن الاكسسوارات، على بث ما يمثل من أحداث على الشاشة بشكل حي تقريبا. بحيث خلق تسلسل المشاهد المسرحية واللقطات وامتزاجها ببعضها البعض وهما بأن الفيلم الذي يعرض أمامنا قد تم تصويره من قبل، في الوقت الذي كان يمثل ويمتنج وينتج أثناء عملية التنفيذ، ببراعة تقنية مذهلة. خاصة وأن الجمال كان أنيقا والكوادر السيمائية دقيقة.
كان الممثلون، على خشبة المسرح يركضون وراء السيناريو، وإن (القص) في عملية المونتاج أصبح هو سيد اللعب، ولم تعد خشبة المسرح سوى وسيلة لدعم هذا التحدي التقني، الذي كان يمنعنا أو بالأحرى يحرمنا من مشاهدة ما يجري فوقها من أحداث بشكل كلي، إلا من خلال الشاشة. إن مشاركة ممثلين فرقة la Schauühne يمكن تصنيفه، إلى حد كبير، ككومبارس في مسرح مصور، -على طريقة كاتي ميتشل- الذي نادرا ما يعطى لهم فرصة الكلام بشكل مباشر إلى الجمهور. وعلى الرغم من التمكن والإتقان السينوغرافي والأدائي للممثلة (جيني كوينغ) والممثل الألماني (كونراد سينجر) وإدارتهما لشخصياتهما، اقتصر عمل مجموعة الممثلين بكليتهم تقريبا، على التوضيح الرئيسي لرواية فرجينيا وولف. وبين الصور المسجلة والمُصوَّرة على الهواء مباشرة، والمرتبطة مع بعضها البعض من خلال المونتاج الخام أحيانا، فإن الكل كان متعالقا مع الجمالية السينمائية الجديرة بمسلسل بريطاني في سنوات الثمانينات، ويكاد ان يكون بعيدا كل البعد عن طريقة عمل المخرجة (كاتي ميتشل) في مسرحية Schatten (Eurydike sagt)، التي قدمتها على مسرح الكولين الوطني، في عام 2018، الذي صورة فيه شخصية (يوريديس)، الأسطورية، كامرأة معاصرة تعيش في عصرنا الحالي، تحت نير وعبودية محبوبها (أرفيوس)، لأجل رسم صورة كاريكاتورية للرجل الذكوري المعروف باستيعابه الذاتي ورغبته في التملك؛ لقد صورة المخرجة رحلة (يوريديس) إلى عالم الموتى كهروب من الإهانة التي تعرضت لها على الأرض، وكوسيلة لاكتساب حريتها وتكريس نفسها للكتابة، بعيدا عن العالم. على عكس ما فعلت في عرض، Schatten (Eurydike sagt)، التي حولت فيه خشبة المسرح إلى استديو للتصوير، تتابع الكاميرات فريق عملها من الممثلين والمخرجين ومنشئي الصوت، في كل ركن من أركان المساحة التي صممتها. في تركيبة ابتكاري، كان بث الفيلم فيها مباشرا وتفاعلي مع اللعب الممزوج بما هو بصري، حلق عاليا، ومعرفيا، إلى حد كبير، بالكلمة، والكلام الخام الذي كان ملفتا للنظر. في حين أن شخصية (أورلاندو)، تصبح، في هذا العرض الذي نحن بصدد الحديث عنه، ومنذ الوهلة الأولى، بمثابة قفاز واقي لكاتي ميتشل.
أثبتت المخرجة البريطانية في الماضي، مرارًا وتكرارًا ذوقها للقضايا الجنسانية والأنواع التي غالباً ما تحب أن تطرق أبوابها. ففي أعقاب الفريد جيلينيك، وعملها على إعادة كتابة قصة (أورفيوس)، وعلاقته بمحبوبته (يورديس)، عرفت كاتي ميتشل، كيف تعوم بعكس التيار الأسطوري للأحداث، مثلما قامت تماما، بتحويل شخصية (السيدة)، في عمل (الخادمات) لجان جينيه، إلى رجل متخنث. فهي معتادة في اغلب أعمالها على التحيز الراديكالي، لكن يبدو أن هذه المرة شعرت بنوع من بالترهيب الغريب، فتركت نفسها عرضت للالتهام من قبل رواية فرجينيا ولف، دون القيام بأي مشاكسة مسرحية، إن صح التعبير.
كانت الرسومات الجدارية الحميمة والتاريخية التي رسمتها الروائية البريطانية فرجينيا وولف، من خلال السيرة الذاتية المحورة للشاعرة والروائية (فيتا ساكفيل ويست)، كافية لإعطاء المخرجة (كاتي ميتشل)، مقدار كبيرا من الحبوب القابلة للمضغ والعض، التي تجعلها على اتصال دائم مع القضايا الأكثر احتراقا. فهي تحكي على مدار أربعة قرون تقريبا، من أواخر القرن السادس عشر إلى بداية القرن العشرين، قصة شباب (أورلاندو)، الثنائي الجنس والحالم، الذي لم ينجح في العثور على مكانه في هذا المجتمع البطريركي، مما جعله يبحث فيه عن نفسه من خلال اللقاءات التي تبدو وكأنها هروب إلى الأمام. ومن رحلة إلى أخرى، ينام لعدة أيام، ويستيقظ ذات صباح قي جسد امرأة. لم يطرأ عليه أي تغير، ومع ذلك فإن مجتمع الذكوري يرسل له صور مختلفة ويمنحه مكانا مختلفا. وبين المرونة الرائعة والمحتوى الواقعي المفرط، نلاحظ ان فإن فرجينيا وولف، لم تعن كثيرا بشخصيتها، وإنما انصب جل اهتمامها على الشخصية التي خلقتها، ومغامرتها، وكيانها أكثر من سيكولوجيتها. في هذه الرواية الكبريتية التي تحاكي هذا الوقت، يحتل عنصر الروي دورا رئيسيا. بعيدا عن كونه حكواتيا بسيطا، فهو أيضا كان ممثلا، يضع نفسه على الخشبة ويقوم بتعليقات ساخرة بشكل منتظم إلى حد ما، على ما يجري حوله من أحداث.
لقد اختارت كاتي ميتشل هذه القواعد الأدبية الخاصة لتتولى أمرها بنفسها. ولكنها حبست الراوية كما في عملها (مرض وموت مارجريت دوراس) في شكل يشبه إلى حد كبير، جرت الراديو، وحملتها مسؤولية الكشف عن خيط القصة، كما لو لم يكن هناك ضرورة حقيقية للتكييف. إلا أن العملية في المسرح، تدار، دائما بشكل أصعب بكثير من الأدب. لا سيما ان كل شيء في هذا العرض، قد وضع، للأسف، من البداية على مسافة بعيدة من الجمهور، ولهذا جاء محفوفا بالمخاطر، وخاليا من القراءة الخاصة تقريبا، وليس فيه تحيزا واضحا، سواء للمسرح أو فن المسرحة.








--------------------------------------------------------------
المصدر : موقع مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي والمعاصر 

عرض أوبريت "الحضن العربي" ضمن فعاليات المنتدى الوزاري العربي الثالث للإسكان والتنمية الحضرية بدبي

الخميس، 10 أكتوبر 2019

المسرح العراقي بين التجريب والتحريض في مهرجان القاهرة التجريبي

مجلة الفنون المسرحية


المسرح العراقي بين التجريب والتحريض في مهرجان القاهرة التجريبي

أ. د. محمد كريم الساعدي : 


انطلقت المشاركة العراقية في مهرجان القاهرة التجريبي منذ دورته الأولى في عام 1988 ، حينما وجد المبدع العراقي ضرورة المشاركة في هذه التظاهرة الثقافية في عاصمة الابداع العربي القاهرة ،من خلال مهرجانها التخصصي الذي يعمل على أعطاء فرصة من اجل تقديم أعمال مسرحية تستند على فعل إبداعي يعمل على كسر القواعد التقليدية في المسرح ، وكذلك نشر ثقافة التبادل والاحتكاك الثقافي بالعالم الذي تطورت الظاهرة المسرحية لديه بفعل التقدم الحضاري الحاصل في الساحة المسرحية العالمية ، ومن أجل الأستفادة والتبادل الثقافي قدم العراق في المهرجان عدد من المسرحيات التي تراوحت ما بين 14 الى 16 عرضا مسرحي تقريباً وكان من أواخر العروض المسرحية ، مسرحية ( العربانة ) في الدورة 24 ، ومسرحية (رائحة الحرب ) في الدورة 25.

وفي هذا المقال سنتناول مسرحية (العربانة) كون مخرج مسرحية (العربانة) ومسرحية (رائحة الحرب) هو المخرج العراقي (عماد محمد) لذا فأن التجريب في المسرحيتين يتقاربان من حيث الفكر الاخراجي وتناوله للوضع العراقي من حيث فكرة التحريض لما وصلت اليه الثقافة العراقية على وفق التغيرات الاجتماعية والسياسية والتغيرات في جسد الثقافة العربية والعراقية في أطار تجريبي والخوض في الانساق الثقافية العراقية المستهدفة خصوصاً بعد ما حصل في العراق بعد عام 2003 ، وإمكانية التحريض الذي تناولته ضد ما اريد لهذه الثقافة المحلية من تغييرات جمة في عدد من البنى ومرتكزاتها في التاريخية والحضارية والأجتماعية وما تناولتها من ظواهر اسس لها في جسد الثقافة المحلية ، وكان هذا العرض يبغي ايضا المغايرة في الطرح الثقافي المغلف بالتجريب الابداعي في العرض المسرحي وخصوصاً إذا ما نظرنا الى ان المخرج عماد محمد قد حاول تثبيت رؤياه في التجريب مستنداً على أهم الطرائق المسرحية التي تستند الى الضوء والظل والحركة والموسيقى في أيقاع منضبط في تناول الأحداث المسرحية ، على أعتبار إن التجريب : ” فعل متوتر ، غير أنه في سيرورته المتوترة وحركيته  المتغيرة باستمرار يؤسس شكلا من أشكال الوعي الضدي الذي جعل من ذاته موضوعاً للتأمل والنقد والمساءلة .إن تأكيد ذات التجريب ، يتم من خلال الحضور الضدي. وغايته في ذلك ، أن يتحول ذاتياً من مستوى الضرورة الى مستوى الحرية. وإذا كلن فعل التجريب يقوم على الحرية فذلك لا يعني اقتران فعل التجريب بالعشوائية والعبثية بمعناها العام ، لأن الشروط التاريخية والخصوصيات الأجتماعية لها تأثير فاعل في الممارسات التجريبية “(د. عبد الرحمن بن ابراهيم : الحداثة والتجريب في المسرح ، ص120). إن الفعل التجريبي الذي أنطلق منه المخرج عماد محمد في تأسيس خطاب جمالي هو قائم على مبدأ الحرية المنضبطة في تقديم خصائص العرض المسرحي في مسرحية العربانة ,إذ يتناول هذا الفعل الجمالي في أطار تجريبي قائم على توظيف مفاهيم ثقافية محلية مع محاولات تبرير وجودها في أطار ثقافات أخرى حاولت محو وجودها في هذا الإطار المتجسد في صور الصراع بين الأنا والآخر ،هذا الآخر الذي تجسد في شخوص الهامش في مسرحية العربانة .

إن خطاب مسرحية (العربانة)، من تأليف حامد المالكي وأخراج عماد محمد ، على فك ارتباط التمثيل الثقافي مع الماضي الذي أعيد صياغته في خطاب أخر المتجدد في جسد الثقافة العربيةً اجتماعياً وسياسياً ، كون النص يتناول الجانب السياسي وأبعاده في تكوين الجغرافيا الثقافية التي رسمها التدخل في المنطقة والذي استند في تمثيله الثقافي والسياسي على مفاهيم الخضوع لمنطق القوة الذي ولد الاستلاب الثقافي لإرادة الشعوب العربية ، التي أسس لها خارطة طريق التي تسير فيها بلدان المنطقة وشعوبها على وفق منطق التقسيم والحروب والويلات.

إن فك الارتباط بالتمثيل الثقافي السلطوي وفضح ملامح هذا الخطاب جاء من خلال فكرة الخلاص من الآثار النفسية والثقافية التي انطبعت على جسد الثقافات العربية إذ تمثلت فكرة فك الارتباط مع الماضي والحاضر الثقافي لهذا التمثيل من خلال الخلاص والبراءة من الوضع القائم عن طريق حرق الجسد والذي تبناه المؤلف من فكرة (الربيع العربي) ، التي قامت على حرق جسد (محمد البوعزيزي) في تونس وتردد صداه في فكر المؤلف وذاكرته من خلال حرق (جسد حنون) بطال المسرحية ، فالبوعزيزي في الواقع و (حنون) في ثنايا النص المتخيل ، وهنا أراد أن يؤكد المؤلف بأن الحرق الجسدي (البوعزيزي) كان له ارتدادات على مستوى الفكر والثقافة والأدب العربي للخلاص من إرث الخضوع السياسي والثقافي في الواقع ، وكذلك لتفكيك السلطة وسيطرتها على هذا الجسد وتحريره من تمثيلها الثقافي.

إن فكرة اللقاء في العالم الآخر لكل من (البوعزيزي وحنون) جعل منهما شاهدين ومحرضين على ثقافة الهيمنة وما أنتجت من ثقافة قائمة على مفاهيم رفعها المحتل المباشر في العراق وإثارة غير المباشر في العالم العربي من خلال الحرية والديمقراطية التي تحولت إلى فوضى هدفها إرباك وزعزعة الثقافة الأصلانية عن مواقعها وتأكيد ثقافة السلطة مكانها فشعارات الحرية والديمقراطية كشف المؤلف زيفها في مشهد الانتخاب ووعود تغيير حياة (حنون) من الفقر والعوز وعربة خضار قديمة الى إلى حياة الرفاهية والسيارات المبردة التي تجعل من خضرواته طازجة.

إن بؤرة النص في (العربانة) تتشكل في صورة الصراع بين الرفض والخضوع الأول يمثله (حنون) في رفض الواقع المعاش والثاني تمثله زوجته التي تحاول أن تحافظ على حياتها وزوجها على الرغم من سواء أوضاعها المعيشية ، لأنها تعتقد بأن بقاء (حنون) يحفظ لها الاستمرار هي وعائلتها بالحياة ، وفي هذا المشهد يحاول حنون تأكد رفضه الذي يتطور إلى حرق جسده لكون طريقة العيش لا تتلاءم ، مع كونه إنسان يعيش في بلد غني بالنفط الذي فقد حتى رائحته ولا عاد يشتغل ليحرق جسده رمز الخضوع ، وهنا يعطي في هذا المشهد فكرة عن الاستغلال الاقتصادي الذي يمارسه الغربي في بلاده والذي استبدل حتى رائحة النفط وغير نكهتها كما فعل في الثقافة الأصلانية.

ينتقل المؤلف في نصه إلى فكرة الانشطار في الشخصية ويتحول (حنون) إلى ناقد لجسده الذي أصبح مكاناً نفذت من خلاله أجندات خارجية باسم الوطن في الأربعين سنة الماضية أي ما قبل 2003 ابتداءً من سبعينيات القرن الماضي في بداية تشكيل الحكم السابق الذي استمر حتى عام 2003 وسقوطه بالحرب الأمريكية على العراق ، وهنا يدين حنون السلطتين المحلية المتمثلة بـ(البعثية) والعالمية المتمثلة بأمريكا ووصفهما بالمسؤوليات عما يحدث في العراق ، وهذه الإدانة تأتي من تأكيده على (منكر ونكير) وتحويلهما من مستجوبين له إلى شاهدين على ما حدث في العراق وما زال يحدث فيه ، في هذا المشهد يعطي حنون ثلاثة أحداث من تاريخ العراق المعاصر ، فالأول هو حدث (المعلم) ، الذي يعدمه النظام السابق كون المعلم يدافع عن قضيته وعن درسه الأول (دار داران دور) ويقدم المؤلف استفهاماً من خلال شخصية (حنون) عن معنى الدار الذي يربطه بالوطن في إشارة عن كون الإرادة ليست بيد أبناء الوطن ، وهي علامة فاضحة للسلطة الكولونيالية المسيطرة على إرادة الشعوب ، وهنا يرمز لهذه الفكرة في كون الدار التي يسكنها مؤجرة ويربطها بكون الوطن ليس ملكه فهو يعيش في وطن مؤجر ، أما الحدث الثاني فهو عن (العريف) الذي يقضي عمره في خدمة الدكتاتورية وسلطتها ويردد شعاراتها (عاش البعث) ، والذي يدفع به إلى الموت على إيقاع أغنية (احنه مشينه للحرب) دون أن يعرف لماذا يقاتل ومن يقاتل في فوضى الحرب وويلاتها التي لا تفرق ، وهي إشارة إلى إشغال المنطقة في حروب من أجل أضعافها تحت شعارات واهية للاستفادة منها في جعل الشرق الأوسط مطحنة لحروب يكمن الغرب ورائها ، أما الحدث الثالث فهو الاستغلال السياسي الذي تطرق إليه البحث والوعود الزائفة التي قطعت لحنون قبل الانتخابات. أما المشهد الأخير فهو لقاء (حنون) مع (البوعزيزي) وتداولهما حال الثورات العربية والفوضى التي رافقتها وملامحها غير الواضحة الذي يحاول الخطاب الكولونيالي استغلالها لصالحه وأول صور الاستغلال عدم حصول المضحين ومنهم (البوعزيزي) على حقوقهم ، كما هو حال (حنون) في العراق.

إن موضوع مسرحية (العربانة) يبني درامياً في أحداث غير متسلسلة وهي تسير في مشاهد ثلاثة غير مرتبطة بعضها ببعض ، حتى أن قصتها الظاهرية تحمل في داخلها مستويات أخرى يمكن أن يتضح من خلالها نقد الخطاب ما بعد السلطوي لخطاب السلطة الحاكمة ومن ينوب عنها.

يتضمن خطاب نص مسرحية (العربانة) على مجموعة من النقاط التي تشكل صورة الخطاب السلطوي وهي :

فضح وتفكيك الخطاب السلطوي وسيطرته على الثقافة الأصلانية من خلال سيطرته على الجسد العربي ، ومحاولة إخضاعه واستغلاله ثقافياً.
تصدير ديمقراطية على المقاسات الغربية ، التي لا تتلاءم مع طبيعة وثقافة الشعوب العربية ومنها العراق ، ومحاولة تطبيقها بشكل مشوه مما أنتج استغلالاً ثقافياً وسياسياً في الساحة العراقية.
يركز النص على فضح وتفكيك السياسة الداعمة المتمثلة بالاحتلال الأمريكي ، وسيطرتها على الثقافة الاقتصادية على العراق والوطن العربي ، واحتكار ثرواته وحرمان شعبه من العيش برفاهية.
إدانة التدخل الداعم في تشكيل صورة الأنظمة التي تنفذ سياساتها في تفكيك ثقافة الشعوب وإدخالها في حروب مستمرة دون الوصول إلى نتائج محسومة مما يجعل بقاء المنطقة في صراع مستمر دون توقف ، وهذا ما يخدم تنفيذ الخطاب السلطة الكبرى المتمثلة بالداعم الخارجي فيها.
ينهض النص في خطابه ما بعد السلطوي في كشف العلائق السياسية التي أنتجها الصراع القائم بين الخطابين ويقدم النص دلالات مشتركة نتيجة لهذا الصراع وهي دلالات السلطة وما بعدها شكلت صورة الصراع الدرامي في النص المسرحي.
ويتمركز عرض مسرحية (العربانة) على مفهومي المناهضة والاستجواب الثقافيين للخطاب عند السلطة بصورته المباشرة ، أي الخطاب الأمريكي مثلاً بالاحتلال المباشر للعراق وغير المباشر من خلال من ينوب عنه في الساحة الثقافية العراقية والعربية ممثلة بالأنظمة الحاكمة ، إذ أنتجت هذه المناهضة فعل الحرق الجسدي عند (البوعزيزي) وما نتج عنه من ثورات (الربيع العربي) المناهض شعبياً للخطاب الأمريكي ومن ينوب عنه ، ومن هنا يبدأ خطاب مسرحية العربانة ذات الدلالات المستجوبة لما افرز في الساحة الثقافية العراقية والذي هو نتيجة مباشرة لفعل الاحتلال والسياسات السابقة قبل الاحتلال.

يبدأ العرض المسرحي في فضاء البث التلفزيوني ، وكأن المخرج أراد أن يشير إلى شكل العرض المسرحي من خلال العربانة وأداء (حنون) وزوجته وخلفية العرض المسرحي في شاشة العرض التلفزيون ذات الخطوط الطولية الملونة وفترات قطع البث المصاحبة لها جملة (إشارة ضعيفة أو غير موجودة) ، التي تتكرر في أغلب فترات العرض المسرحي لتعطي دلالات مصاحبة لبعض أفعال الممثلين على خشبة المسرح.

يبدأ الصراع بين الخطابين السلطوي وما بعده صوتياً إذ يمثل صوت (حنون) الخطاب الثاني الرافض والداعي إلى التغيير وصوت زوجته التي تحاول أن تبقي الوضع ، كما هو عليه ، فصوت (حنون) يطلق كلمات الرفض الداعي إلى حرق الجسد والصوت المقابل (الزوجة) تدعوه إلى التعقل والاستمرار بالحياة ، بهذه البداية الصوتية يبدأ المشهد البصري في ادائين متصارعين وحركات جسدية يمثل كل منهما موقعة من الوضع القائم ، والذي يصاحبه نقد للوضع السياسي ، والبعض من شخوصه القائمة التي يصفها حنون ويصف ظهورها في محطات التلفزة والحصول على الاهتمام على الرغم من أنها لا تصلح بسبب أفعالها المشينة ، وصولاً إلى تأكيد حنون على المطالبة بفعل الحرق كي لا يكون أقل شأناً من (محمد البوعزيزي) في الرفض ، وهنا يؤدي حنون بطريقة دفعة للعربة وهي طريقة جنونية هستيرية للدلالة على أن الشخصية تعاني من صراع داخلي بين ما تريده من تغيير وبين الحاضر.

إن فضاء العرض المسرحي في مسرحية (العربانة) يقع هو الآخر في صراع ولاسيما في خلفية المسرح بين الوضع القائم الذي يرمز إليه بالخطوط الطولية الملونة ، التي تشير إلى أن الوضع السائد المرتب على وفق نظرة السابقة هي من تمثله هذه الألوان والخطوط وفكرة الرفض لها في إشارات قطع البث وصوت التشويش عليها في أحيان مختلفة تجعل منها مستوى آخر من الصراع في الفضاء المسرحي ذوات دلالات لنوعية الصراع المستمر ، حتى نهاية العرض المسرحي.

وفي تأكيد لرفض شخصية (حنون) للوضع الراهن بأن الصراع في داخله للخلاص من حياته لم يأتِ من فراغ بل ان الأخبار الصحفية التي لها أثر واضح في دعوته للتغيير ، وهنا ينتقل المشهد من الدعوة إلى الخلاص وحرق الجسد إلى ما يهدف إليه في فكرة الخلاص ، وهو الوضع العربي المربك الذي جعل من الشعوب تعيش في زمن التأزم والضياع ، ويدخل الأداء المسرحي في هذه الصورة الإعلامية حيز التنفيذ من خلال تحول الزوجة إلى مقدمة للأخبار وحنون هو المتصفح للصحف ، إذ تخرج الزوجة الصحيفة من داخل ثيابها وتحديداً من الثياب المغطية لمنطقة (الصدر) في إشارة إلى إن هذه الأخبار تشكل هماً ثقيلاً للإنسان العراقي. تقرأ الزوجة أربعة صحف مختلفة تتناقل أربعة أخبار عربية الأول يشير إلى الحالة المصرية وترشيح وزير الدفاع (السيسي) لرئاسة مصر في عودة لعسكرة الحكم في مصر ، والثاني ملايين المصريين يذهبون إلى صناديق الاقتراع في إشارة إلى خطوة التغيير في مصر ، والثالث الذي يعده حنون خبر ليس بجديد وهو أن (الفلسطينيين يموتون من الجوع بسبب الحصار الإسرائيلي) في تذكير بأزمة العرب المركزية ، التي غابت في ظل الربيع العربي وثوراته ،والخبر الرابع الذي يتناول التطرف بزيه الإسلامي من خلال خبر : (داعش توسع رقعة القتال  في سوريا شمالاً) وهو ما أريد أن يكون عليه صورة الإسلام ممثلة بتنظيم (داعش) ذات الصبغة التكفيرية ، وهنا إشارة إلى العمل على تحويل الإسلام من دين تسامح وسلام إلى دين قتل وإرهاب ، وهو ما يريده الخطاب الكولونيالي.

ولم يكتف المخرج من خلال استخدام الصحف وأخبارها في أداء تمثلي ناقد ورافض لما وصل إليه الوضع الثقافي العربي ، بل أكد أيضاً على هذا الوضع الفوضوي من خلال تجسيد التأزم في الوضع العربي عامة والعراقي خاصة عن طريق الفعل الأدائي الذي رمز به (حنون) الى العمل الفضائي في الساحة العربية ، إذ يتناول في هذا المشهد ثلاث فضائيات ذات توجهات مختلفة، تؤدي الزوجة فيها دور المقدم ، وكذلك تقدم إشارات صوتية عن موسيقى كل قناة ومن ثم تنتقل إلى تقديم خبر وحسب اهتمام القناة وسياساتها ،فالجزيرة التي تهتم بالوضع المصري تقدم خبر عن ثورة الثلاثين من يوليو ، والعربية تقدم خبراً باللهجة الشامية عن الحرب الأهلية في سوريا ، والثالثة الحرة يظهر فيها اسم المراسلة من قلب العاصمة الأمريكية ، في الأخبار الثلاثة يتخذ (حنون) وزوجته موقفاً معيناً وتشكيلاً جسدياً مصاحباً لهذا الموقف ، ففي الأولى يرفض (حنون) إكمال الخبر لكون المحطة بأخبارها لم تقف مع العراقيين لهذا يرفضها ، وفي الثانية يرفض الاستماع إليها بحجة إن مراسلتها العراقية(أطوار بهجت)  قتلت وهي تمارس عملها الإعلامية ، والثالث يأتي الرفض لها بأداء انفعالي  لكونها أمريكية وهو يكره كل شيء أمريكي ، وهنا يخرج (حنون) المخفي في أداء مقصود لأن المكروه ليست القناة بل خلقية القناة السياسية والثقافية ، وهي أمريكا صاحبة خطاب السيطرة، أي من خلال التمويه والتنكر في أداء تمثيلي ضد جزء معين يظهر كرهه للكل ، إذ يقابل صورة الرفض ما بعد الكولونيالي الأداء الخاضع للصورة الكولونيالية والممثلة بالزوجة بفعل أدائي سريع وممنهج وموجه نحو مصدر الصوت وإسكاته ولفظ ثلاث كلمات للرفض ، الأولى باللهجة المصرية ، والثانية بالعراقي ، والثالثة باللغة الانكليزية (Shut your month) وإعادة (حنون) إلى وضعه الخاضع ، وجعله ينام لكنه يحاول في منامه أن يخرج المخفي والمغيب من خلال حلمه عن العاجل وترديد جملة (الشعب يريد) في إشارة إلى الربيع العربي والرفض العربي للخضوع.

ويبدأ مشهد آخر وهو مشهد خروج الروح حيث يظهر خلف عربة (حنون) شخص يرتدي ملابس سوداء ويغطي رأسه برداء اسود يرمي بجسد (حنون) من أعلى العربة ثم يدفع العربة لتقف على جسده لتشكل صورة التابوت ، وهنا ينتقل (حنون) في هذا المشهد من أعلى الأرض إلى أسفلها ويرافقه في الشاشة الخلفية ظهور صور مختلفة لحنون مع صوت انقطاع البث للإشارة على توقف القلب ، وبعد ذهاب الشخص الذي يقبض روح (حنون) ، يبدأ (حنون) وهو في داخل التابوت (تحت العربة) بحركات هستيرية وكأنه يحاول الخروج والسؤال يوجه إليه من كل اتجاه (من أنت؟) وهو يحاول الخروج والإجابة على السؤال لكنه يقع في دائرة السؤال نفسه ويسأل (من أنا ؟) وبعدها يستذكر بأنه أراد أن يحرق نفسه بنفط معار من الجيران لتقليد (محمد البوعزيزي) وفي طريقة أدائية يمسك بثيابه ويشمها ويتساءل لماذا لا أشم رائحة النفط ، وهنا في أداء تمويه عم سؤاله إلى الذي سرق النفط في إشارة إلى محتكري النفط العربي وللشركات الاستعمارية المسيطرة على الاقتصاد العالمي ، إذ يقول : أي أنت ارجع لي نفطي على الأقل رائحته ، في بلاد النفط تحرم حتى من رائحته (النفط) ، ويعود بعد ذلك الخروج من الشخصية إلى البحث عن (حنون) الميت وتأكيد موته وينادي على زوجته (مات زوجك قبل إن يرى وطنه خالي من العربات) في إشارة أخرى إلى عربات الاحتلال.

ينتقل بعدها الأداء التمثيلي إلى مشهد الصلاة ويردد مع الأذان كلمات تنتقد الواقع الثقافي والسياسي الجديد إذ يقول في الأولى الله أكبر قد قامت الصلاة وما قامت الحياة في بلدي الذي يقاس على مدى ونوعية صلاته ، وفي الثانية يقول اشهد أن لا اله إلا الله وأستغفرك ربي لا تتخلى عنا نحن الفقراء في بلاد النفط ، والثالثة يقول فيها اشهد انك يا محمد (ص) يا سيدي يا رسول الله.. كيف صبرت يا سيدي ومولاي على لصوص بلادي يسرقون القداسة ويرتدون أقنعة تخفي خلفها السكاكين في إشارة إلى الموت والصراع الطائفي الذي أنتج في العهد الجديد والذي يتلاءم مع سياسات الخطاب الكولونيالي ، وهذه المقاطع الثلاثة يؤديها (حنون) بطريقة القراءة الحسينية لإشراك الطقس الحسيني التراثي في أداء الممثل ، وتقطع هذه القدسية في الأداء الجسدي والصوتي حركات الزوجة المصاحبة لأغنية عراقية تدل على السمر لكونها تأتي لتوقظ (حنون) من نومه ، إذ تجلس فوق العربة و(حنون) تحتها في تابوته ، وبعد أن تتأكد من انه ميت تبدأ بأداء حركات عزائية عراقية من خلال طقس (لطم) على الموتى والمصاحبة لها بعض المقاطع الصوتية باللهجة الشعبية العراقية حيث تتقدم إلى أمام المسرح و(حنون) خلفها وحينما تنتهي من أداء المقطع الصوتي تتبادل الأمكنة مع (حنون) ، حيث تستمر هي في الخلف بالحركات الأدائية وحنون يعلق على المقاطع الصوتية ويتكرر هذا الفعل الأدائي ثلاث مرات ، ففي المقطع الأول يعلق (حنون) بأنه فقير ولا احد يسأل عليه، ثم يسرد قصته في الماضي  وعمره الذي ضاع بين (الخنادق والبنادق) ، وفي الثانية يقول : من يسأل عن حفنة السنين ضيعتها حياة الجنرالات والانكسارات ، أما في الثالثة يسرد حكايته مع الطيبة والسذاجة التي أوصلته إلى ما هو عليه فهو ليس لديه أعمام يسألون عنه ولا إخوة يقفون معه ، بعد ذلك تدخل إيقاعات خليجية لتدلل على أن أخوته (العرب) قد تخلوا عنه وتصاحبها طريقة الرقص البحرية.

ثم يبدأ مشهد عرض الملفات الثلاثة واستجواب شخصيتي (منكر ونكير) له ويصاحب هذا المشهد استخدام الدخان والشاشة الخلفية تعرض مشهد السماء الملبدة بالغيوم ، إذ يضعون كل من (منكر ونكير) سجلين في يدي (حنون) ويتقدمان إلى أمام المسرح ثم ينسحبان إلى جانبي المسرح وتبدأ الشاشة الخلفية بعرض المشاهد الثلاثة ، فالأول يبدأ بعرض قصة حنون مع معلمه الأول ، وهذا المشهد يدخل فيه الخطاب ما بعد الكولونيالي من خلال الإشارة إلى الكلمات المتقطعة والأداء القلق الذي يستخدم معه قطعة مستطيل مغطاة بقطعة قماش ابيض لاستخدامها كسبورة في الدرس الذي يتناول فيه (حنون) موضوعة الدار والدور وترديده لكلمات القصيدة التي تقول (عش هكذا في علو أيها العلم فأننا بك بعد الله نعتصم) إلى مقطع (إن احترمت فان الشعب محترم ، وان احتقرت فأن الشعب محتقر) ،وكذلك فأن (حنون) يرفع قطعة المستطيل إلى الأعلى وتحويله من سبورة في بعض المقاطع إلى علم ، ويعود ليؤكد المعلم بحركات تقطع حوار (حنون) وتضع المستطيل أمامه بشكل طولي وطرح السؤال عن (ماذا نعني بالدار ؟) ويجيبه (حنون) نعني الوطن ويعيد السؤال المعلم ويأتي الجواب مرة أخرى من (حنون) بأن الدار وطن فأن كانت الدار مؤجرة يعني انك تعيش في وطن مؤجر في إشارة إلى أن الوطن الذي فقدت فيه رائحة النفط وسياساته ليست بيد أبنائه فهم لا يملكون أرضه فهو وطن مؤجر وصاحبه هو من يسير أموره السياسية والثقافية وهذه إشارة أخرى لتدخل اليد الداعمة من الخارج في تشكيل صورة الوطن الجديدة ، ويؤكد هذا المعنى (حنون)  ، ومن ثم يرفض الإستمرار فيه من خلال مشهد (خيال الظل) الذي يؤديه (حنون) و (المعلم) الذي يطالبه بكتابة جملة (القناعة كنز لا يفنى) والتي يرفضها (حنون) ويخرج من مشهد خيال الظل إلى خارجه إذ يعترض بأنهم يريدوننا أن نقتنع بهذه التفاهات التي يسمونها حياة ، والخروج من هذا المشهد له دلالة ما بعد كولونيالية برفض أن يكون جزءاً من الصورة الجديدة وفضائها الكولونيالي. ويستمر أداء (حنون) الرافض لدعوات المعلم بالسكوت حتى لا يعرض نفسه إلى الخطر ، لكن (المعلم) ينتهي به المطاف في مقبرة جماعية ويخاطبه حنون بكلمات (موت هكذا في علو أيه المعلم ، فأننا بعدك باسم الله نقتل).

أما في الملف الثاني فينتقل المشهد بـ(حنون) إلى ويلات الحروب التي خاضها ، إذ يبدأ المشهد بعلاقته مع العريف الذي يردد شعارات التدريب في إيقاع صوتي مصاحبة لصوت الصافرة و(حنون) يرقص على إيقاعها ، وكأنه طائر مذبوح يرسل إلى المحرقة في طريقة أدائية تقدم إليه الملابس العسكري التي يجبر على لبسها من قبل العريف ، ويسرد (حنون) في هذا المشهد الويلات التي يتعرض لها أبناء الوطن ويؤكد بأنه ليس في الحرب منتصر وان المستفيد هو سائق الأجرة الذي ينقل النعوش إلى الأمهات ، وكذلك النجار الذي يصنع النعوش ، ومن ثم يطلب من (حنون) أن يموت في سبيل الوطن ويرد (حنون) لماذا لا نعيش من أجل الوطن؟ ويوجه العريف سؤال آخر لـ(حنون) لماذا لا تموت في سبيل الله ؟ ويرد السؤال (حنون) بالقول ، هل يحتاج الله إلى موتي كي يعبد ؟)  ويبدأ الغضب على العريف الذي يمسك (حنون) من قميصه ونطاقه من الخلف ويحركه أمامه مثل دمية وهو يوجه إلى الموت على أنغام موسيقى أنشودة (احنه مشينه للحرب) وفي إيقاع (مارش) يؤدي (حنون) والعريف السير نحو الحرب ونحو الموت ، وتنتهي بموت العريف الذي ضحى بحياته من أجل رفعة الجنرالات ولم تبقى من (حنون) سوى ملابسه العسكرية التي يعلقها على أعواد عربته التي هي شاهدة على مأساته.

وفي الملف الثالث مشهد انتهاء الحرب وفرح (حنون) ورقصه على إيقاعين مختلفين الأول مصاحب لآلة المزمار في دلالة على مناطق شمال وغرب العراق ، والثانية على آلة (الخشبة) للدلالة على شرق وجنوب العراق ، ويقطع هذا الفرح بانتهاء الحرب شخص يمثل المرحلة الجديدة وهو يتكلم باللغة الانكليزية ويخضع (حنون) لتفتيش من قبله في عرض يؤكد على إعادة مأساة سجن أبو غريب وتعامل الأمريكان مع العراقيين في طرق التفتيش والتحقيق، وفي نهاية كل مشهد تفتيش يلتقط مع (حنون) صورة في إشارة إلى أن في ظاهرة الحدث شيء وفي باطنه شيء آخر كون هذه العلاقة بنيت بين الطرفين على وفق منطق القوة ، وعلى وفق هذه العلاقة يطلب من (حنون) أن يدخل في لعبة جديدة هي عبارة عن صندوق وله فتحة من الأعلى ، ولها قوانين محددة هي في أن تدخل إصبعك في مكان فيه لون بنفسجي وهنا يرمز إليه (حنون) بأغنية (البنفسج) العراقية التي يؤديها مع الشخص الجديد وهي إشارة إلى الانتخابات ثم يطلب من حنون إلى وضع ورقة في الصندوق ، وهنا يسأل حنون (ماذا استفيد أنا من هذه اللعبة ؟) ويأتيه الجواب (بأني أنا سوف احكم وأنت ستكون محكوم) ويردد هذه العبارة بصوت عالٍ وهستيري فيه أمر لـ(حنون) بالقبول بالأمر الواقع مقابل إعطاء وعود بحياة مرفهة ، وبعد ذلك يتم التنصل من الوعود التي قطعت له ، وهنا يحاول أن يلحق بالشخص صاحب الوعود الذي يخرج من المسرح ويتبعه حنون بعربته.

تظهر في خلفية المسرح ملفات حنون الثلاثة وتعود العربة إلى المسرح ولكن الذي يسحبها هو (محمد البوعزيزي) الذي يرتدي اللباس التونسي وغطاء الرأس الذي يلبس في تونس لتدخل مرة أخرى شخصيتاً (منكر ونكير) وهما يضعان سجلي (حنون) في يد (البوعزيزي) في إشارة لتشابه الملفات ، ثم يضع (البوعزيزي) الملفات في العربة ، يخرج من المسرح وتظهر في الشاشة مشهد سينمائي يدور فيه حوار بين (حنون) و (البوعزيزي) حول الأوضاع العربية إذ يشير (حنون) إلى إن الأوضاع تحولت إلى فوضى وقتل إذ يقول: (أردنا خبزاً لنعيش فأعطونا رغيف معجون بالدم بأسم الشعارات المزيفة) ، وكان جواب (البوعزيزي) هو أيضاً لم يحصل على حقوقه اتجاه من أذلوه وحرق نفسه بسبب ذلك وصادروا عربته وحرق نفسه لذلك ، ويتفقان (حنون) و (البوعزيزي) على ان الحرية والديمقراطية زائفة في البلاد العربية ،حيث يدور هذا الحوار في (دولاب الهواء) في إشارة لكونهما في عالم أخر ، وفي نهاية حديثهما ينادي (حنون) على زوجته بأن لا توقف صوت العربة، لأنها تمثل الأصالة وإيقافها يعني القضاء على أصالة هذا البلد ،والتي تعد جزءاً مهماً من تراثه ،وتظهر الزوجة في أداء جسدي ،وإيقاع حركي سريع تحاول فيه تحريك عجلتين في جانبي المسرح وتمسك بالحبل وتقدم وسط الجمهور في إشارة إلى تحميل رسالة حنون من المسرح إلى الجمهور من أجل المحافظة على أصالة وتراث الوطن، وتظهر الزوجة وهي تسحب العربة في شوارع بغداد في الشاشة الخلفية وتنظر إلى المكان الذي كان يقف فيه تمثل رئيس النظام السابق وترى فيه (حنون وعربته) وكأنها تحلم بأن يخلد المواطن في هذا المكان، وفجأة ينقطع البث في إشارة إلى نهاية الحلم.

إن خطاب مسرحية (العربانة) يدخل في صورة البحث عن البديل الثقافي والاختلاف الثقافي الذي هو في مقابل التمثيل الثقافي الكولونيالي وإرادته في الساحة الثقافية العراقية ، فصراع (حنون) وتأكيده على الخلاص من الجسد المسيس والخاضع وسرده للأحداث الذي عمل المخرج على إثارة تساؤلات عن أزمة الهوية التي عانى (حنون) لأنه رافض الانتماء الكولونيالي بصورة المختلفة سواء كان بأدوات محلية كما في شخصيتي العريف والسياسي أم بأدوات مباشرة ممثلة في الاحتلال الأمريكي للعراق.

-------------------------------
المصدر : موقع الفرجة 

أسيوط تحتضن 130 مسرحي بمهرجان الصعيد المسرحي الرابع

مجلة الفنون المسرحية

أسيوط تحتضن 130 مسرحي بمهرجان الصعيد المسرحي الرابع

احمد مصطفى :

استقبلت لجان مهرجان الصعيد المسرحي الرابع الذي تنظمه جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين نحو 130 مسرحي منهم نحو 100 مسرحي من شباب فرق المسرح الحر بالصعيد إلى جانب نحو 30 خبير في مجال المسرح من القاهرة ومحافظات أخرى.

يشير المخرج أسامة عبدالرؤوف المدير الفني للمهرجان الذي يتم بالتعاون مع وزارة الثقافة وتقام فعالياته في قصر ثقافة أسيوط إلى عرض مسرحية "الإنسان الطيب" لفرقة خربشة ومسرحية "غرفة بلا نوافذ" لفرقة كواليس مساء الخميس، بينما تعرض مسرحية "طرح افتراضي" لفرقة اناكوندا ومسرحية "دائرة الهوامش" لفرقة فاتنازيا ومسرحية "تغريبة" لفرقة ابداع البحر الأحمر مساء الجمعة في حين تعرض مسرحية "أوضة الفيران" لفرقة تياترو الوادي وفرقة العرايس لفرقة ويكيبديا مساء السبت وجميع العروض على مسرح قصر ثقافة أسيوط.

تتنافس العروض المشاركة على مسابقة المهرجان الرسمية التي تتضمن أفضل عرض في في ثلاث مراكز هي الأول والثاني والثاني بالإضافة إلى أفضل تمثيل وإخراج بينما يكرم المهرجان هذا العام المخرج الكبير حسن الجريتلي الذي يتم تنصيبه كضيف شرف للمهرجان والذي يتم برئاسة الكاتب الكبير محمد سلماوي بينما تحمل اسم دورة المهرجان لهذا العام الكاتب الكبير الراحل "ألفريد فرج".

حـربائيـة في مهــرجان هـــواة المسرح بالمغـرب !!

مجلة الفنون المسرحية

  حـربائيـة في مهــرجان هـــواة المسرح بالمغـرب !!
    
 نــجــيـب طـــلال

قـبل الـوقــفــة :
نشيربأن أية إضافة نوعية في المشهد المسرحي والفني  فهي ضرورية ومحمودة  ومبارك بتفعيلها؛ لأن المهرجانات والتظاهرات الفنية والثقافية ، تقليد سائد في كل دول العالم .ويساهم في الحراك المسرحي نفسه ترسيخ هذا الفن الانساني الذي يفوق الطاقة الانسانية اعتبار أن التفاعلات  الابداعية والثقافية  بين الفاعلين فيما بينهم وبين المنفعلين والمهتمين جزءا لا يتجزأ من الحراك الاقتصادي والاجتماعي محليا وجهويا وعالميا. لكن الإشكالية كم كانت لدينا من مكاسب  وضاعت على أيدي وتصرفات المسرحيين أنفسهم .وفي سياق هذا نؤكد كما اكدنا مرات ومرات بأننا لا نحمل تصورا سوداويا لمجريات ما يقع في المشهد المسرحي المغربي؛ ولا نمتلك تموقفات عَـدائية أو سياسيـة تجاه أي جهة أو هَـيئة ؛ بقدرما نسعى اسهاما  تقديم صورة لما يقع وتحليل مظاهر الخلل الذي أصاب الجسد الفني والإبداعي . ولاسيما أنه الآن يلاحظ وبشكل جلي بأن  الأغلبية التزمت صمت العاجزين في الكتابة وإبداء الرأي؛ لسبب بسيط ؛ أنها انخرطت بوعي أو دونه في لعبة السمسرة  والانتهازية الفاضحة ؛ فابتلينا بشكل فاضح بمرتزقة المسرح ؛ الذين نجدهم في كل المواقع  يشرعون وفي التظاهرات يتكلمون زورا وتشويهـا للتاريخ الإبداعي وتزوير عطاء وتضحيات فعاليته . هؤلاء  نؤكد أن الساحة المسرحية طفحت بهم وأمست كسرطان يتحرك بين شرايين المشهد ؛ ففي الوﻻئم والجنائز وحتى في اﻷعْـراس والحفلات منوجـدون بالـقوة أو مدسوسين ! نتيجة التحولات التي أفرزت تأسيس نقابات مسرحية وإعْـلان ( الاحتراف) بدون شروط ومقـومات الاحتراف. وطبيعي أن يكـون الصراع والـجَـدل البناء وليس المجاني والاعتباطي ، وطبيعي أن يكون الوجه الآخر والكتابة المضادة ؛ من أجل خلق موازنة في تشريح الحالة أو الظاهرة التي انصب عليها القول والدعاية ؛ لأن الكتابة الأحادية والرواية الصادرة من معمعان أصحاب القرار؛ غير معمول فيها كتدوين للتاريخ وليست سندا للتأريخ . وبالتالي فأي تظاهـرة معرضة للنقد والتشريح ؛ شريطة المصداقية والموضوعية؛ لتحقيق الصوت الحقيقي الذي يسعى قـَدر المستطاع أن يشخص الهنات والسلبيات ؛ وإن كان يعلم مسبقا أن سيحارب وسيقصى بجهد الوجوه الخفية التي تسخرالمطبلين والمتملقين كواجهة لمحاربة صوت الحقيقة ، إما بطمسها أو تزويرها والبحث عن نقط الضعف لشويه صاحبها أو إقصائه من المشهد كلية :وبما أن كتابة الحقيقة أمر صعب، لأنها تضطهد في كل مكان، تعتقد الأغلبية أن كتابة الحقيقة أو كتمانها هي مسألة ضمير، واعتقادها هـذا ، أمر يحتاج لجرأة فقط (1) والتي تفرضها الاختيارات الثقافية والفكرية لمواجهة الانعكاسات السلبية والدنيئة التي تنغـرس ليست بقدرة قادر بل بأيادي الغثيان  - اللوبي-  الذي يهدف للمنافع والمصالح الشخصية؛ إذ في بعض الأحيان يجمعهم الفساد أو الخط الحـزبي وتارة ضعف الشخصية والجهل المركب ؛ من هنا يتأطرون كحربائيين وكائنات مشوهة التي تتـفنن في التملق وممارسة ( السُّخـْرة ) في الليالي وإخضاعهم للترويض لتشويه الأهْـداف ولباس الأقنعة بكل ألوانها ، صانعين مضحكات على ذواتهم ومسخـرة لتصرفاتهم في المشهد الثقافي عموما . 
وقـــــفــــــة :
قبيل انطلاق ما يسمى بمهرجان [ مسرح الهواة ] بمدينة -  آسـفي  -  في [ دورته الثانية ]  تحت إشراف وزارة الثقافة الاتصال والهيئة العَـربية للمسرح ؛ نظم مسرحِـيو المدينة  وقفة احتجاجية ضد ما أسمـوه بالإقصاء والتهميش في حـقهم . ورغـم أن الوقفة كانت ضعـيفة من حيث العـدد والسـند ؛ لكنها أعطت مؤشرات لا تخلو من تساؤلات وتأملات مثل : لماذا لم يحضر وزير الثقافة للافتتاح؟ هل هناك مهام أهم من مهرجان المسرح الذي هو تحْـت إشرافه ؟ هل تلافيا للأحراج كمسؤول دبلوماسي أمام رئاسة الهيئة العربية للمسرح ؟ أم أنه لا يهمه المسرح الهاوي ؟ وهـذا مستبعد  لأن القرينة أنه حضر في الدورة الأولى(2018) التي نظمت بمراكش.
كشفت الوقفة أن المسرحيين بكل أصنافهم وأطيافهم ؛ يعيشون لذاتهم وليس لغيرهم؛ نظرا للامبالاة لما يجري وكيف جرى ؛ بحـيث لم يسرق سمعي بين جموع الشباب والكهول أن أحـدا طرح سؤالا عفويا أو فتح هامشا للنـقاش عَـن أسباب هاته الوقفة المسفيوية ؛ علما أن الوقفة بدورها تفرض سؤالا مباشرا عليها هل من حقها أن تكون أم لا ؟ وبالعودة للبيان الذي نشروه (2) يشير بصريح العبارة: ندين بشدة الطريقة التي تم اعتمادها في الإعـداد للمهرجان والتهميش والإقصاء الذي طال الفاعلين في الحركة المسرحية من جمعيات ونقابات مسرحية وممارسين. إذ نعتبر الخطوة التي اتخذتها وزارة الثقافة والهيئة العَـربية للمسرح ومهندسيها هي ضرب للديمقراطية التشاركية وتعامل غير سليم يميل إلى نبذ مجهودات كل المكونات المسرحية بالمدينة وهـذا ما نرفضه جملة وتفصيلا (3) هنا السؤال الجوهري الذي لم يستطع حتى المحتجون الإجابة عنه من خلال تصريحاتهم عبر قنوات ( اليوتيوب ) من أقصاءهم ومن مارس التهميش في حقهم هل المجلس البلدي أم الوزارة أم الهيئة أم أطراف مسكوت عنها في الهندسة واستراتيجية الاختراق؟ ولماذا لم تتحرك النقابات المسرحية ؛ مادامت مطروحة  في البيان؛ هل الأمر لا يعنيها مادام (هـو) مهرجان لما يسمى ( الهواة) ؟ لكن الحيرة الواردة لماذا بعض أعضائها انوجدوا في فضائه ودواليبه وساهموا بشكل أو آخـرفي محاولة إنجاحه؛ ولم يعط النتائج المتوقعة ورغم ذلك نالوا حقهم من( الدولار) لأن هناك اتفاقيات مع الهيئة العربية للمسرح  ! مما تم إغفال طرح المقتضيات القانونية والتنظيمية  ولو بسؤال كترويج : هل الجمعيات المشاركة في مهرجان الهواة- الدورة (2) تابعة: لوزارة الثقافة والاتصال؟ أم لوزارة الشبيبة والرياضة ؟ أم للهيئة العربية للمسرح ؟ أم للنقابة الوطنية للمسرح؟ أم لوزارة السياحة ؟ أم للمجالس البلدية ؟ أم لأحزاب سياسية ؟ (4) وفي نفس الحدث لا أحد تساءل عـن دخول الهيئة العربية للمسرح على خـط المسرح المغربي ؛ ولماذا أمست تحَـوم على مسرح ( الهواة ) هنا في المغرب/ موريطانيا / فلسطين/ الجزائر/ الأردن/هل لأن الكل أصبح بقدرة قادرتابعا لـها ؛ باخسا تمواقفاته وإرادته وشخصيته ؟ أم كما أشار أحدهم: هل انطفئت شمعة الهيئة العربية للمسرح ...؟؟ إذن مالي أرى الجوقة قـد خفت صوتها بعد أن كان صادحا ...!! عجبي(5) فهاته التدوينة وإن كانت لها قيمتها في محاولة الفـهم . فلا مناص :في هذا العصر، عصر التعقيدات والتغييرات الكبيرة، بحاجة لمعرفة المادية الديالكتيكية والاقتصاد والتاريخ. ويمكن الحصول على هذه المعرفة من الكتب وعن طريق المشاركة العملية، هـذا إذا توفرت الجدية الضرورية (6) لكي يمكن فهم ما يجري في الساحة المسرحية. وبالتالي فالمسرحييون المحتجون هل هم هواة أو محترفين ؟ فمن الطبيعي أن أغلبية المسرحيين المغاربة ( هـواة ) مع وقف التنفيذ  ومتطاولين على [ الاحتراف ] البعيد كليا عن المنظور اللوجستيكي والقانوني؛ وبناء على هاته الحقيقة المتجلية في الساحة المسرحية فاحتجاهم مقبول ؛ لكن السؤال لماذا لم تنخرط معهم جمعية – جسور- في الوقفة الاحتجاجية ؛ هل لأنهم مستفيدين من قاعة ( دار الثقافة ) بمنطقة [ كاوكي] أم أنهم محترفون؟ فإن أشرنا بأنهم كذلك سنكون أمام خلل في الجهاز المفاهيمي؛ لكن حضورهم في المهرجان شيء طبيعي؛ لمحاولة تكسير وتشويه الصراع بين الأطراف ؛ لأن المضحك بعض من المحتجين التحقوا لمشاهدة العروض المسرحية وإن كان البيان يؤكد: كما نرفض أيضا أشكال التبخيس؛ وأساليب النيابة عنا بالوكالة ولو من باب التحجير من طرف هيئات وغرباء لا علاقة لهم بهموم الفعل المسرحي بآسفي. إن اختياراتنا التاريخية (...) لا تتلخص في مهرجان عابر بصفقات عابرة. وإنما تنبني على بعْـد استراتيجي...(7) تموقف ورقي ليس إلا ؛ وهذا يذكرني بالعديد من الأحـداث والوقفات الاحتجاجية في مسرح الهواة ؛ والتي لم يترها من يتكلمون عن تاريخ المسرح المغربي؛ ولن يستطيعوا لأن أغلب الذين يتحدثون  بدون خجل  عن الهوية / الهواية/ الاحتراف/ التوثيق/ التأريخ/.../ كانوا أعضاء في دواليب ودهاليز[ الجامعة الوطنية لمسرح الهواة ] ويطبخون الطبخات مع الإدارة ؛ وهم الذين أهدروا دم مسرح الهواة ليصبح مبثورالامتداد التاريخي؛ والعطاء الإشراقي . ليعاد لدرجة الصفربصيغة بئيسة على يَـد وزارة الثقافة التي كانت سابقا وفي عهد وزيرها - سعيد بلبشير- (1981-1985) يحاول تبني ملف ( الهواة ) لكن كانت هنالك أطراف حربائية مدسوسة . منهم من يرفض تسليم ملف مسرح الهواة من هنا كطرف أول؛ وهناك من يمانع ويعارض إمساكه هناك في كطرف ثاني؛ ليظل المسرح بقرة حلوب عندهم. وبالتالي فأغرب احتجاج قامت به عناصر وجمعيات من – الدارالبيضاء- تحديدا ضد انوجاد جمعية  دكالة في مهرجان الفنون الدرامية الذي نظمته الجامعة الوطنية لمسرح الهواة سنة (1992) بالجديدة ؛ لكن رئاسة الجامعة  بمناوراتها وأساليبها هـدأت الأوزار بالأموال؛ وتم تمرير المهرجان في دورات أخرى  لتدعيم انوجاد جمعية – دكالة – أنذاك – باعتبارأن رؤية الجمعيات الكبرى التي كان يطلق جمعيات {السهول والوديان والجبال }في إطار الصراع السياسي أنذاك : كجمعية: رباط الفتح /أبي رقراق / البحر الأبيض المتوسط/ الأطلس الكبير/فاس سايس/ إيليغ/ أنكاد/.../ كانت تجد حضورها وقوتها في الأنشطة المسرحية وتنظيم تظاهرات فنية التي يغلب عليها طابع الشباب. حتى أنها كانت تنوب عن وزارة الشبيبة والرياضة .فلماذا هاته المرحلة ذات الاحتقان السياسي يقفز عليها الجميع وخاصة الذي يتحدثون عن التاريخ والتوثيق والـتأريخ المسرحي؟  بكل بساطة لأن تلك الجمعيات بسخاوتها وقوتها الاعتبارية ساهمت في تدجين العَـديد من المسرحيين؛ ودفعت بشكل أو آخر لإنجاز الملاحم الوطنية ؛ حتى أنه لم يعُـد لـِجُـل المبدعين تموقفات نبيلة وواضحة ورصينة لخدمة المسرح ولا شيء غير العطاء الفني والإبداعي. ولكن المؤسف أن هنالك مزايدات؛ ومن ضمنها ما ورد في البيان: نعلن للرأي العام  المحلي والوطني مقاطعتنا لهذا المهرجان في صيغته الحالية كجمعيات مسرحية ونتبرأ منه من منطلق غيرتنا على مسرح جيء به إلى مدينتنا (....) وقد تعرف الوقفة تمديدا طيلة أيام المهرجان في التوقيت المشار إليه أعلاه (8) وهـذا لم يتم فلماذا ؟ ولماذا قبلوا حوارا في الشارع العام مع [مدير إدارة المهرجانات] الذي مارس المواربة في حق المحتجين لحظة اختتام المهرجان؟ وهذا موضوع آخر سيناقش في ورقة أخـرى.

الإحـــالات :
1 ) خمس صعوبات لدى كتابة الحقيقة  لبرتولت بريشت ترجمة: نبيل حفار في مجلة أكسجين ع- 184 
      بتاريخ 6 /12/ 2015
2 ) نشر بتاريخ 23/09/2019 بتوقيع : فرقة نوارس المحيط للفنون الدرامية- محترف مسرح أسيف –   
     محترف الوفاء للإبداع – جمعية فضاءات الثقافة والفن.
3) الفقرة الثانية من البيان المنشور في المواقع الإلكترونية؛ ولم يوزع على المشاركين وغيرهم ؟
4 ) انظر للتعليقات حول هاته  التدوينة  في جداريتنا المؤرخة بتاريخ 30/09/2019
5) شطحة مسرحية تدوينة  حمد الرقعي الرقعي (دبي) بتاريخ 25/09/2019
6) خمس صعوبات لدى كتابة الحقيقة - لبريشت  - 
7) بيان إلى الرأي العام  المحلي والوطني في شأن المهرجان الوطني لمسرح الهواة - الفقرة - 5 –
8) نـــفــســهــا الفقرة - 6 /7 -



الثلاثاء، 8 أكتوبر 2019

عرض مسرحية " الخوف "لجليلة بكار والفاضل الجعايبي في المهرجان الدولي لمسرح متعدد الثقافات المعاصر

الخميس، 3 أكتوبر 2019

مسرحية "خاتون" على خشبة مسرح طهران

مجلة الفنون المسرحية


مسرحية "خاتون" على خشبة مسرح طهران

تتحدث رواية "خاتون" عن أحداث في الشام وعن شهادة السيدة "رقية"(عليها السلام) والتي حوّلها المخرج "حسين عالم بخش" إلى عرض مسرحي أقيم على خشبة مسرح "طهران".














----------------------------
المصدر : وكالة مهر للأنباء
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption