أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 5 يونيو 2022

رسالة ماجستير في «الشخصية الثائرة في المسرح الشعري المصري بين صلاح عبد الصبور ونجيب سرور (نماذج مختارة)»

مجلة الفنون المسرحية 



«الشخصية الثائرة في المسرح الشعري المصري بين صلاح عبد الصبور ونجيب سرور (نماذج مختارة)» 

ياسمين عباس -  مسرحنا


تم مناقشة رسالة الماجستير بعنوان «الشخصية الثائرة في المسرح الشعري المصري بين صلاح عبد الصبور ونجيب سرور (نماذج مختارة)» مقدمة من الباحث سعيد حامد عبد السلام شحاته، وذلك بقسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة القاهرة، وتضم لجنة المناقشة الدكتور تامر محمد فايز (مشرفًا)، والدكتور سامي سليمان أحمد (عضوًا)، والدكتور سيد علي إسماعيل (عضوًا ورئيسًا). والتي منحت الباحث من بعد حوارات نقاشية انتظمت وفق شروط ومعايير أكاديمية درجة الماجستير.
تتناول هذه الدراسة سمات الشخصية الثائرة في المسرح الشعري المصري، وأثر هذه الشخصية على تطور الفعل الدرامي داخل النص المسرحي، كما تسعى إلى التعرف على أثر المجتمع في البناء النفسي لهذه الشخصية من خلال تسليط الضوء على الحركة السياسية والاجتماعية التي ألمّت بمجتمع الشاعر أثناء كتابة مسرحياته محلّ الدراسة، ليتمكن الباحث من تقديم رؤية نقدية لبعض النماذج المختارة التي تتوافق مع خط سير البحث، في الفترة التاريخية من (1952م) حتى (1973م)، وقد تم اختيار هذه الفترة لأهمية التحولات الجذرية التي طرأت على المجتمع (محل الدراسة) في هذه الأثناء، كما تم اختيار الشاعرين؛ صلاح عبدالصبور، ونجيب سرور، لدراسة نماذج مختارة من مسرحهما، نظرًا لتفاعلهما مع أحداث مجتمعهما السياسية والاجتماعية، سواءً بشكل مباشر كما فعل نجيب سرور في مسرحه الشعري، أو من خلال الإسقاط التاريخي كما فعل صلاح عبدالصبور في مسرحه الشعري. 
‏ مشكلة الدراسة: 
الدراما الشعرية مبعثها في هذه الأثناء –الفترة المحددة للدراسة- هو الثورة، ويظهر ذلك جليًّا في مسرح الشاعرين (صلاح عبدالصبور- نجيب سرور) وقد تعامل معظم النقاد مع كل شاعر على حدة لتسليط الضوء على الجوانب الفنية لمسرحه، لكن لم يتم طرح قضية الثورة وسمات الشخصية الثائرة بشكل تفصيلي في دراسة تعكس أثر هذه الشخصية في المسرح الشعري لهذه الحقبة. 
فهذه المرحلة بما فيها من تحولات كانت مرحلة لها تأثيرها على المسرح المصري، حيث ألقت هذه التحولات بظلالها على شخصياته، لذا كانت لكل شخصية لغتها الخاصة التي أثرت بدورها على تلقي النص المسرحي كنص أدبي، وتلقيه كتمثيلية تؤدى من خلال ممثلين على خشبة المسرح، هذه اللغة غلب عليها طابع الحدة في بعض الأحايين، وهذا ما تم تسليط الضوء عليه في النماذج المختارة من مسرحيات الشاعرين (صلاح عبدالصبور ونجيب سرور)؛ إلى جانب التركيز أيضًا على سمات هذه الشخصيات سواء كانت شخصيات يحركها الوازع الديني كـ الحلاج، عند صلاح عبدالصبور، أو شخصيات يسيطر عليها الطابع الاجتماعي كـ ياسين وبهية عند نجيب سرور، أو أشخاص يحركها الطابع السياسي كـ شخصية سعيد والأستاذ في مسرحية (ليلى والمجنون) لصلاح عبدالصبور وشخصية أمين وحمدي وعطية في مسرح نجيب سرور.
تساؤلات الدراسة: 
- ما المسرح الشعري الثوري، وما آليات كتابته؟ 
- كيف أثر الوعي المجتمعي على المسرح الشعري المصري في فترة الدراسة المحددة؟ 
- ماذا تعني الشخصية الثورية لهذا المسرح في المرحلة المستهدفة من الدراسة؟ 
- ما العلاقة بين المقاصد الواعية للأديب والدلالة الموضوعية لأعماله؟
- ما أهم السمات المميزة للتجارب المسرحية في هذه الفترة؟
- ما الهدف من استخدام القناع من قبل الكاتب المسرحي في مسرحيته الثورية؟ 
- هل تمكن الشاعر المسرحي من إيصال هدفه بواسطة الرمز؛ أم أنه كان بحاجة ملحّة للتخلي عن الرمزية من أجل تواصل أكثر مع المتلقي العادي؟ 
- ما المستهدف من الاتكاء على الرمز الديني في مسرح هذه الفترة؟ 
أهمية الدراسة: 
تبحث هذه الدراسة النقاط التالية للوقوف على أهمية كل نقطة من هذه النقاط على حدة: 
- المسرح الشعري وأثره في المجتمع وتأثره به. 
- البحث حول الشخصية الثائرة وأهمية طرحها في مسرح هذه الفترة.
- التعرف على الخطاب السياسي بعد الثورة وأثناء الهزيمة وبعدها وانعكاسه على الكتابة المسرحية خاصة المسرح الشعري. 
- تحليل القناع الديني والقناع السياسي والقناع الشعبي ومدلول كل قناع، والإسقاط على الفترة الزمنية التي كتب فيها، وهدف كل كاتب من هذا التقنّع. 
أهداف الدراسة: 
- التركيز على النقاط المضيئة التي طرأت على المسرح الشعري المصري بعد ثورة 1952، ومدى تطور الكتابة المسرحية وتأثرها بالثقافات المختلفة لهذه المرحلة..
- قراءة الوعي الفعلي الذي أثر على أحداث المسرح الشعري في هذه الأثناء، للوصول إلى الوعي الممكن الذي يبحث عنه الشاعر من خلال رؤيته المسرحية.
-عقد مقارنة على مستوى البنية الشكلية بين (صلاح عبدالصبور) و(نجيب سرور) للوصول إلى مسعى الدراسة وكشف ماهية الشخصية الثورية من خلال التعرف على نقاط الاختلاف والاتفاق في مسرحهما الشعري وأثر المجتمع فيه.
- الخلفيات الثقافية والسياسية والاجتماعية وأثرها على فلسفة الشاعر في أسلوب طرحه وتشكيل شخصياته الثائرة.
- أنواع القناع وكيفية طرح الأزمة المجتمعية التي يتناولها كل شاعر وإدارتها في مسرحه. 
-عقد مقارنة بين اللغة المسرحية التي استخدمها الشاعران لرسم شخصية الثوري داخل الإطار المجتمعي الذي يحياه.
- محاولة قراءة مفهوم المسرح الشعري بشكل جديد؛ عبر ربطه بتلك الأحداث التي أنتجته وعبّر عنها. 
حدود الدراسة: 
- قامت الدراسة بإلقاء الضوء على بعض المسرحيات التي تتفق وموضوعها وفترتها الزمنية، لكل من: 
* الشاعر صلاح عبد الصبور: 
-مأساة الحلاج، صدرت عام 1966.
- مسافر ليل، صدرت عام 1968.
-ليلى والمجنون، صدرت عام 1970.
* الشاعر نجيب سرور: 
- ياسين وبهية، صدرت عام 1964. 
-آه يا ليل يا قمر، صدرت عام 1966. 
-قولوا لعين الشمس، صدرت عام 1972. 
وقد تم اختيار هذه النماذج لتوفر السمات المراد التركيز عليها في شخصية البطل الثائر بها، سواء كانت ثورة هذا البطل –محل الدراسة- دينية أم اجتماعية، فهذه المسرحيات يحركها الرفض الذي يشعل جذوة الثورة داخل نفس البطل الباحث عن الذات والمتطلع للعدالة والحرية والتخلص من قيود الظلم المجتمعي الذي يمارس عليه بشكل لا تحتمله نفس ثائرة.
الخاتمة
قام هذا البحث الذي جاء تحت عنوان (الشخصية الثائرة في المسرح الشعري المصري، بين صلاح عبدالصبور ونجيب سرور) بالتركيز على مفهوم الدراما، وأثر هذا المفهوم على الوجدان الجمعي داخل المجتمعات العربية، خاصة المجتمع المصري، وكيفية عزوف هذا الوجدان عنه في بداياته، ثم تفاعله معه بعد أن تم الترسيخ له من قبل الكتاب والمهتمين وتماسه مع الواقع المصري وأزماته، كما قام بإلقاء الضوء على العلاقة بين الثورية والمسرح الشعري، والثورة المستمرة لهذا اللون المسرحي على التقليدي والعادي، حتى على نفسه، فالمسرح الشعري مسرح ثوري، لا يتوقف عند شكل معين، ثابت، أو قالب واحد جامد، أو فكرة لا تقبل التغيير، فأفكاره متجددة كقالبه وطريقة تناوله وكيفية طرحه لأزمات مجتمعه.
ومن أهم نتائجه أنه قام بـ: 
- التعريف بالشخصية، وأهميتها داخل بنية النص المسرحي، ودورها الفعال في تحريك الحدث، وتنامي الصراع، وعلاقتها بالواقع، ودوافعها، ودلاليتها، وعلاقتها بالأخلاق من وجهة النظر الأرسطية. 
- إبراز الدور المسرحي في المجتمع المصري بعد الثورة، ومدى استجابة المجتمع لهذا الدور، وكيفية تأثير هذا المسرح –مسرح ما بعد الثورة- في فكر المجتمع، وتخليه عن رمزيته للوصول إلى الطبقات السحيقة التي دخلت هذا المسرح بالجلابيب. 
- التعامل مع النص عند صلاح عبدالصبور بصفته بنية مولدة من رحم القهر والتسلط والكبت وكبح جماح الحرية وكسر الأقلام وسجن الآراء البناءة، وحرق كل ما هو جميل، مما يؤدي إلى احتراق كل جميل في نفس الشخصية الفاعلة في النص نتيجة ما يحدث في العالم المحيط، أو ما حدث في المجتمع الذي خرجت من عباءته بنية النص.
- التأكيد على أن السجن برزخ قاتل للحرية، وهو مصير كل صاحب ضمير حر من قبل السلطة الباطشة، وهذا ما حدث مع سعيد في مسرحية ليلى والمجنون، حيث يظهر في المنظر الأخير «سعيد/ الشعب وقد أصابه الذهول والانكسار والإحباط في السجن، يناجي القادم من بعده ويستحلفه بكل طبقات الشعب الكادح، وبكل حضاراته القديمة والحديثة ألا يبطئ، ويذكره أن يحمل سيفه، فالكلمات لم تعد قادرة على الفعل في هذا الزمن»( )، كما كان صلب الحلاج بعد تعذيبه والتنكيل به في مأساة الحلاج وتزييف وعي العامة وقتل السجين الثاني من أساليب الخلاص السلطوي، لا الخلاص الثوري، وهذا ما حدث في مسرحية مسافر ليل حين قتل المسافر/ الشعب بهذه الطريقة وحمله الراوي/ المثقف خوفًا من عامل التذاكر/ السلطة. 
- التركيز على أن الشخصية الثائرة في ثلاثية نجيب سرور جاءت للتعبير عن طبقات الشعب المصري السحيقة، فقد عبر عنها في (ياسين وبهية) بالفلاح، وفي (آه يا ليل يا قمر) بالعامل، وفي (قولوا لعين الشمس) بالبنّاء والعسكري والفنان.
- كشف حجم المعاناة التي يعانيها أبطال نجيب سرور داخل هذا السياق المليء بالفساد، حيث اعتمد في ثلاثيته على سلبية المجتمع وفساده ليتخذ من الحشيش والخمر أدوات هروب تغيب العقل وينتظر الخلاص الذي يأتي على يد القناصة دائمًا.
- التأكيد على أن الشخصية الثائرة شخصية متمردة، يراها المجتمع أملاً في بعض الأحيان، وتراها السلطة ضجيجًا يجب التخلص منه، لذا تنتهي هذه الشخصية نهاية مأساوية في كل الظروف، وهذا ما أكد عليه مسرح صلاح عبدالصبور ومسرح نجيب سرور.
- إبراز أهمية اللغة في المسرح والتركيز على رمزيتها، فهي إحدى أدوات الشاعر أو الكاتب المهمة لصياغة أفكاره إلى كلمات وعبارات.
- التأكيد على دور اللغة الفعال في المسرح بشكل عام، والمسرح الشعري بشكل خاص.
- إبراز الفروق بين اللغة على لسان الشخصية الثائرة واللغة على لسان الشخصية العادية.
- تناول دور المؤلف في تشكيل الشخصية الثائرة، وحرصه على اختيار ألفاظها بعناية شديدة، فالشخصية الثائرة، شخصية لها موقفها من الحياة، ولغتها لغة خاصة، مبنية على ثقافة خاصة.

المنفى والفنان الجزء الأوّل / حازم كمال الدين

مجلة الفنون المسرحية
 

المنفى والفنان الجزء الأوّل

في المنفى.. لا وطن لك سوى نفسك! 

اللا أب!

لقد قرر المنفى مصيري!

لقد قرر المنفى مسار عملي المسرحي!

فلو لم يقتلعني المنفى من العراق لكنت الآن مقلّدا للمسرح الأوربي لا أكثر!

لقد فرض عليّ أن أخوض في لجج الأصالة، وأجبرني على البحث عما أضعت: أرض الوطن، ودرجة الحرارة، والمناخ، والجسد، والصوت، والأحاسيس.. والحنين.

لقد قرر المنفى مصيري!

رحلتي الأولى اتّجهت إلى معهد الفنون الجميلة عام 1970.

في تلك الأيام نصح أحد الأساتذة لجنة اختبار المرشحين للقبول برفضي في امتحان الدخول للمعهد. وهو بتلك النصيحة أراد الحفاظ على علاقاتنا الأسريّة. فالتمثيل بالنسبة لقوم مثل عائلتي كان يقارن بفن الدعارة، ودراستي فن التمثيل كانت تعني النفي خارج الأسرة والقطيعة معها.

رحلتي الثانية ابتدأت عام 1974.

حين تجاوز الطفل الذي هو أنا سنّ البلوغ وقرّر اختيار القطيعة مع العائلة، حفرت خطواتي طريقها إلى أكاديمية الفنون الجميلة، وتوغّلت في الطريق إلى فرقة المسرح الفني الحديث، ثمّ المنفى.

رحلتي الثالثة انغرست مع المرحوم إبراهيم جلال عام 1977.

إبّان التمارين على مسرحية (رحلة في الصحون الطائرة) أشهرت القطيعة مع أكاديمية الفنون الجميلة ومع فرقة المسرح الفني الحديث. ذلك أنّي تعلمت من إبراهيم جلال، خلال پروڤات على مسرحية واحدة، ما لم أتعلمه لسنوات ثلاث في (الأكاديمية) و (المسرح الفني الحديث)!

والآن، بعد كل ذلك الزمن، حينما أنظر لمعنى القطيعة، لا أجد مصطلحا بديلاً عنها سوى (المنفى). فالمنفى هو اللاّ عودة، أو استحالة العودة. وأنا لم أعد إلى العائلة، ولا الأكاديمية.. ولا العراق!

هل كانت قطيعتي الجسدية والمعرفية أمر حتمي؟

في المنفى اختطت قطعيتي وسائل البحث عن الجسد، عن الصوت، عن الأحاسيس، عن الإيمانات الحقيقية، لكنني لم أكن في قطيعة تامة. فقد بقيت متشبثاً بالنص الكبير، مأسوراً بتصميم الديكورات الواسعة، وغارقا بالموسيقى الكونية وشلالات الضوء.

شيئان كانا ينموان ببطء في الاتجاه الصحيح وهما معنى الرؤية الفنية، وجوهر العرض المسرحي.

لقد علمني المنفى أنّ العملية المسرحية ليست اتجاها مسرحيا واحدا، وأرشدني إلى ضرورة استقبال معارف مسرحية جديدة بالاحترام اللازم. أما عن جوهر العرض المسرحي، فقد بصّرني أن أعمل مع الممثل والمشاهد باعتبارهما مركز الحقيقة المسرحية، وهداني إلى حقيقة أنّ معرفتي المسرحية لا تنتمي لثقافتي الشرقية، فقد درست في العراق نسخة بسيطة من بريخت وأخرى مشوّهة عن ستانسلافسكي.

لقد رماني المنفى عام 1979 في بيروت، مع مسرحيين ممنوعين، يريدون أن يقدموا مسرحاً مهما كلّف الأمر وفي أيّ مكان: في غرف، أو في ملاجئ، أو تحت القصف.. لا يهم! فأولئك كانوا يرون في المسرح هواءهم وعقد حياتهم، وكانوا مؤمنين أنّ الممثل قادر على تحقيق حضوره أينما وقف.

بيروت كانت محطّتي الأولى في المنفى والمحطة الحاسمة.

هناك ابتدأت المجابهة الذاتية مع مفاهيمي المسرحية اللاّ أصيلة، أو المكتسبة، حتى أجبرتني أن أبحث عن نفسي، لا كما أرادت (الثقافة والأعراف والتربية) لي أن أكون، وإنّما كما هي حقيقة نفسي.

في بيروت جابهت تقليديّة مفاهيمي المسرحية بجملة من الأسئلة من بينها:

هل المسرح محاكاة فعل أم أنّه فعل بحد ذاته؟ ما هو الإخراج في علاقته بالنص؟ تفسيرٌ للنص؟ تأويل له؟ تأليف جديد؟ أم علاقة أخرى؟ وبعلاقته بالتقنيات المسرحية، هل هو تجسيد لما يحدث في النص، بناء معارض له، موازي لما يحدث فيه، أم في علاقة هارمونية مع النص؟ وعلاقات التقنيات مع بعضها البعض، هل يحكمها مركز اسمه المخرج أو النص أو الحدث أم هل ثمّة علاقات داخلية تربط هذه العناصر مع بعضها البعض؟ وإذا كان الأمر كذلك فما هي هذه العلاقات؟ هل لها علاقة بالجذور أم بتطوّر تقنيات المسرح اليوم؟ ما هو دور النص في العرض Spectacle؟ العرض في خدمة النص المسرحي، أم النص في خدمة العرض، أم هل ثمّة علاقة ثالثة؟ ما هو الأساسي في العرض المسرحي؟ الحوارية Verbal؟ الصورية Visual؟ الجسدية Corporal؟ أم هذه العناصر جميعا؟ وما هي علاقة هذه العناصر ببعضها البعض، وكيف تجتمع؟ من خلال توليفها/تنسيقها؟ تفاعلها؟ أم لصقها (في كولاج) إلى جوار بعض؟ ما هو التمثيل؟ اندماج أم تشخيص أم مسافة من الشخصية أم شيء آخر؟ هل ثمّة حاجة حقيقية للديكور وللتقنيات في المسرح؟ هل ثمّة حاجة للنص المسرحي المكتوب على الورق؟ هل المسرح في خدمة (سينمن الأهداف؟ هل هو هدف بحد ذاته؟ هل هو وسيط؟ هل هو وسيلة أم غاية؟ ما هي علاقة المسرح بالتراث: عملية إسقاط على الواقع، أم تحليل ونقد للبنية التي أنتجت الواقع؟ هل علاقات هذه العناصر مع بعضها خارجية/شكلانية، أم داخلية/بنيوية؟

باختصار، لقد وضعتْ تلك السنوات في بيروت جلّ معرفتي المسرحية في سؤال، أو بالأحرى وضعتها في أسئلة أجبرتني على العزوف عن العمل في المسرح.

***

عمليا توقفت عن الإنتاج المسرحي منذ عام 1985 حتى 1990. ذلك التوقف كان رحلة قاسية في غابة نفسي. تأمل، ومراجعة، ونقد.. وإعادة ترتيب للذات.

لقد أجبرت نفسي أن أنظر في المرآة كل يوم، لا لأستمتع بملامح وجهي، وإنّما للبحث عن شخصي الذي أضعته تحت ركام كثير.

في بيروت عملت مع فرق مسرحية فلسطينية، ولبنانية، وعراقية. وبما أنّني كنت منفيا سياسيا اشتراكيا فقد كانت شريعتي الأولى هي بريخت.

كانت بيروت هي الاختبار الأوّل لرؤاي المسرحية، أو بالأحرى لمفاهيمي المسرحية، التي تجمعت بحكم الخبرة والدراسة. ذلك أنّي تعرّفتُ هناك على ستانسلافسكي، وجروتوفسكي، وآرتو.

في بيروت الحرب الأهلية لم يكن العقل من يلعب الدور الأوّل في البقاء على قيد الحياة وإنّما (قوة) الجسد و (مجسّات) الأحاسيس.

عندما تتعرض للقصف كل ساعة في بيروت 1982 تصبح الاتفاقات المسرحية غير الأساسية ثقلا على كاهل المسرحي والمتلقي والرسالة، وتغدو كل بهرجة بمثابة انشغال بما هو ثانوي. في الحرب لا يمكنك أن تنشغل بما هو ثانوي. عليك أن تختزل وتكثّف إلى الحدود القصوى، وقد ترسل بالاتفاقات المسرحية إلى الجحيم إذا اقتضى الأمر. اتفاق مسرحي واحد يظلّ هاجسك الأبدي وسبب وجودك وهو عفوية وحميمية اللقاء مع الجمهور. رسالة (اللقاء) التي تؤكد للمسرحي وللجمهور أنّهما مازالا مفعمين بالوجد الذي لا يعرف أحد ماذا سيحدث بعده إذا ما انقضى!

 

الممثل

لاحقا، بعد الخروج السوريالي من بيروت، وبعد التجارب العملية المعلمية في بلجيكا والتأملات وغيرها اكتشفت أنّ ما توصلت إليه إبّان الحروب في بيروت يشكّل أساس المسرح على الرغم من تبسيطيته الظاهرية. فالممثل والمشاهد هما الجوهر.

أمّا على صعيد الممثل فيجب إعادة توظيب عمله لكي يشعر أنّه حي وفي حالة تواصل دائمة مع المشاهد، ولكي يكون في علاقة منزّهة عن (مقاصد) ما يحدث بعد العرض.

أمّا إعادة التوظيب هذه فهي مؤسسة على تفكيك وتركيب عناصر ثلاثة أو حيوات ثلاث مرتبطة ومنفصلة عن بعضها البعض ويتكون منها الكائن الإنساني. أعني بها العقل والعاطفة والجسد.

ومنذ تلك الأيام أصبحتُ أؤمن أنّ التمارين الأولى للسلطة أو التسلط بدأت منذ أن بدأ الدماغ يعقلن: فالعقلنة تمارس الهيمنة، وتسيطر تدريجيا على الإحساس، ثم تستعبده متواطئة مع المجتمع والتاريخ والأعراف. ومن خلال تواطؤ العقلنة مع الإحساس يمارس الاثنان قمعا منظّما على حياة الجسد.

إنّ الجسد الذي يمتلك من الطاقات ما هو خارج سلطة العقلنة والعاطفة، ويتجاوز قدرته الذاتية كما في الطقوس، لا يستطيع أن يمارس كينونته خارج كونه (أداة) بيد العقلنة أو العاطفة.

لذلك ولكي يتحرر الجسد من عبوديته ينبغي إلغاء السلطة الأولى، سلطة العقلنة، وبناء علاقة تكافؤ وصراع غير متسلطة معه. وهذا لا يتم إلاّ من خلال تحرير الإحساس كمرحلة في هذا الطريق.

ولكي نحرّر الإحساس ونربطه بطريقة متوازنة مع الجسد ينبغي إخراج الصوت عن مدلوله أو مداليله اللغوية، وإلغاء اللباس الميت للجسد؛ حركته اليومية المؤدبة.

ولأجل الوصول إلى هذا الهدف، اعتمدتُ منهج (المعاناة) أسلوبا للعرض المسرحي، الأمر الذي دفع منطلقاتي جميعا إلى التركيز على البحث الداخلي (العودة إلى الذات) وصولا إلى مركز الطاقة في الممثل، حيث أقضي فترة طويلة وأعبئ تمارين متنوعة تحثّ الممثل على ملامسة ذلك المركز (الذات). وعندما يعثر عليه أو يشعر به، أبدأ بالتعامل مع أدوات أخرى تقويّ المركز وتدفعه للحضور المجسَّد من خلال تطويره الداخلي وربطه بعلاقة فيما هو خارج الممثل.

***

في هذا السياق بدأ عملي يتنكّر للأساليب التي يرتديها الجسد اليومي أو الجسد المستخدم كوعاء لتجميع المعارف.

وفي هذه المرحلة لم أعد أعتبر (المشاهدين) مجموعة عناصر استقبال أستخدمها لإيصال فكرة، أو لإرضاء غروري، أو للبحث من خلالها عن الشهرة، أو أمارس عليها سلطة ما، أو أقول لها أو أعلّمها شيئا.

لا.

إنّ علاقة عملي المسرحي بالجمهور هي الأخرى علاقة امتداد، تواصل، ومجابهة. وهكذا، فإن العلاقة مع المشاهدين لا تتم إلاّ عبر اكتشاف المركز (مركزنا) ثم تقويته وتطويره حتى يصل مرحلة الاستعداد للوقوف وجها لوجه أمام العنصر الجديد: المشاهد.

أما في مرحلة التركيز على اتصال المركز (الذات) بما هو خارجها، فإنني أعمل مع جملة عناصر أهمها: الممثل الآخر، الفضاء المسرحي، والنص.

إن علاقة الممثل بما هو خارجه، في هذه المرحلة، هي علاقة شرطها الأساسي العري (كشف الذات) وملامحها الامتداد، والتواصل، والمجابهة. كما إنّ هدف هذه المرحلة يكمن في توحيد ذات الممثل العارية مع عناصر العمل المسرحي الأخرى لكي يصبح الجميع (ذاتا) واحدة لها مركزها الخاص الذي نوظّبه بحيث نتعامل مع عناصر جديدة خارج تلك الذات؛ أعني المشاهدين.

ولأجل الوصول إلى نتائج مرضية في هذا الصدد، نحاول جميعا أن نتعلم بجديّة كيف (ننسى ما تعلمناه) لكي نسمح للتجربة الجديدة أن تتغلغل في كياننا. ذلك أننا إذا ما استخدمنا معاييرنا التي تعلمناها لن نغتني إلاّ بعدم الفهم لسياق التجربة، مما يدفع إلى الملل والكراهية الناتجتين عن محاولة إجبار التجربة الدخول في آليّات تفكيرنا وليس في بنيتها الذاتية. لهذا فنحن نفترض أنّ من يأتي إلى المسرح عليه القدوم بقلب دافق ورأس لا تكبّله تصورات مسبقة عن أسلوب عمل أو عن زملاء آخرين أو عن نفسه أو عن حلول فنية معينة. نحن نبحث في عملنا عن أنفسنا في سياق صيرورة مراحل العمل المسرحي لأجل اكتشاف (الأنا) ولا نفعل ذلك في التمثيل، أو الحلول الأجمل، أو التساؤل عن الـ (كيف)، أو تساؤلات من مثل كيف ألعب الدور، كيف ألقي هذه الجملة، كيف يبدو شكلي من الخارج؟ بمعنى آخر نحن لا نبحث في تطبيق استخلاصات نظرية/أكاديمية على تجربتنا المسرحية، لأننا لا نبدأ من البعد النظري ولا ندرس مدى تحققه في التطبيق العملي. بالعكس. نحن نحاول أن نتعلم من خلال التجربة العملية. إنّ تجربة حالة محددة وإعادة اكتشافها وصقلها وبلورتها والسماح لها بالتغلغل عميقا في ذاتي، هو الذي يمنحني المعرفة. فأنا لا أدعي المعرفة قبل التجربة. أنا أؤمن وبشكل قاطع أنّ التجربة هي من يقودني إلى المعرفة.

في هذا السياق يتنكّر عملنا للأكليشيهات التي يرتديها الجسد اليومي أو الجسد المستخدم كوعاء لتجميع المعارف. كما ويرفض عملنا استخدام الحواس كمتنصّت أو كناقل للمعلومات عن العالم الخارجي. إنّ الحواس (النظر، السمع.. الخ) ليست مجرد وسائط نقل معلومات بالنسبة لطريقة عملنا. إنّها عناصر تواصل/توازن بين العالم خارج الذات وبين والذات. إنّ الإنسان الشرقي ذو طبيعة استقبالية أكثر مما هو ذو طبيعة إرسالية. فنحن كشرقيين نستمع ولا نتسمّع. والقرآن يحذّر من التنصت من وراء في الحجرات.

نحن لا نشغل أنفسنا بالمشاهدين، في هذا القسم من عملنا، ولا نثير تساؤلات من مثل كيف سيستقبل المشاهد ذلك الحدث؟ أو: هل هذه المعالجة واضحة بالنسبة له؟ أو: أليس هذا معقّد عليه؟ إنّ مثل هذه الأسئلة وأسئلة كثيرة في ذات الاتجاه تُخرج عملنا من سياقه (مبدأ المعاناة) لتضعه في سياق آخر (مبدأ العرض) الذي يشترط أوّلاً كيفية إيصال المادة المسرحية إلى المشاهدين من قبلنا نحن الذين لا نعتبر في نهاية المطاف، بالنسبة لهذا الأسلوب، أكثر من ناقلي معلومة، أو مروّجي أفكار، أو أدوات تُستخدم لإيصال مقولات محددة.

نحن لا نمثل شخصية (نندمج فيها أو نحافظ على مسافة محددة بيننا وبينها). إنّ هذين المفهومين يدفعان الممثل للبحث خارج ذاته عن ملامح شخصية ما (تاريخها، أبعادها) وبالتالي تطويع الممثل لارتداء تلك الملامح أو دفعه للاندماج في كيان مؤسس خارج ذاته. إنّ هذا، مرة أخرى، استخدام للممثل هدفه محاكاة الحالة الداخلية للشخصية المسرحية.

نحن نبحث في إطار آخر يدفعنا لأن نتعامل مع الشخصية المسرحية باعتبارها ملامح موجودة في الذات لكنّها غائبة عنا بسبب القمع الواعي أو اللاّ واعي الذي نمارسه عليها أو بسبب إهمالنا لها أو لأسباب أخرى. بحثنا هنا يريد تحطيم القيود أو العوائق التي تمنع ظهور ما هو كامن فينا. كذلك نتعامل مع الشخصية المسرحية (في أحيان أخرى ولأغراض محددة) باعتبارها مشرطا يقودنا إلى ذواتنا، يكشف لنا من نحن بالضبط، ما الذي تخفيه أرواحنا، وأين تكمن العوائق التي لا تسمح لنا بالإجابة عن سؤال؛ من نحن؟

إنّ النزعات الشريرة، مثلا، موجودة داخل كيان كل ممثل، وما عملية الإلغاء لتلك النزعات أو محاربتها رغبة في انتصار الخير، إلاّ شكل من أشكال العوائق التي تعيق الممثل من أن يكون كما هو مكوّنا وحدته الكلية. إنّ كشف الحالة الداخلية للممثل والتطهّر منها هي بالضبط ما نعنيه بإزالة العوائق. ذلك أنّ إماطة اللثام عن عناصر يريد الممثل أن يخفيها هو ما يدفعه للاعتراف بوجودها وبوعيها، وللتحرر أو التطهر منها.

نحن لا نمثل الشخصية المسرحية. نحن نبحث عن ملامح الشخصية في دواخلنا، أو في طيّات تجاربنا الشخصية. ونحن نبحث ذلك بمستويات عدّة لا تقتصر على بعد واحد؛ البعد المرئي. نحن نعمد إلى التأويل، والبنيوية، ونعمد للبحث في الأبعاد المرئية وغير المرئية. وأخطر ما في عملنا هو تفسير كلماتنا ومهماتنا ببعد واحد، أو إعطاء صفة القطعية على تفسير محدد.

كذلك نحن لا نبحث في كيفية إلقاء الحوار. نحن نبحث عن تغلغل الحوار إلى الداخل (مراكزه الجسدية) ومن ثم نبحث عن انطلاقه إلى الخارج. ولهذا فنحن لا نشخص الحوار. نحن نحسّه من الداخل. عموما، إنّ التشخيص بالنسبة لنا هو إعادة أو تكرار لحالة واحدة أكثر من مرة وعلى أكثر من بعد. ونحن نعتبر هذا هدرا للطاقة بدلا من توزيعها بشكل يمنح الكلام أبعادا أخرى، إضافة إلى أنّنا نرى في التشخيص اتهاما للمشاهد بأنه قاصر عن استيعاب شيء ما إلاّ بعد تكراره.

نحن لا نبحث في عملنا عن نتائج. النتائج لا تشغلنا لأنها تحصيل حاصل. نحن نبحث بصدق عن الطريق إلى أنفسنا. ومثل هذا البحث يشبه إلى حد بعيد مغامرة الدخول إلى غابة كثيفة الأدغال ومليئة بالوحوش. نحن نركّز أولا على مدخل الغابة. وفي الطريق، نثبّت لأنفسنا علامات بحيث لا نضيع، إذا ما حدث لنا حادث ما (ضعف التركيز، أو تعقّد وتشابك المهمات). إننا نعتبر معرفة الطريق وإضاءته بالعلامات هو ضمان السلامة إذا ما ضللنا الطريق في غابة البحث عن الذات.

بمعنى آخر إننا نؤكد دائما على العودة إلى القواعد الأساسية كلّما اكتنف بحثنا الغموض. 


حيوية الممثل

هذه الطريقة من العمل تشترط أيضا على الممثل أن يتعامل مع الفضاء ومعطيات العرض المسرحي الأخرى بعفوية وتلقائية وعمق أدواته الجسد والإحساس والخيال والتجربة. إنّه لمن واجبه الفني والإبداعي أن يكيّف نفسه في كل عرض لكي يلتقي مشاهدا جديدا وأدوات مختلفة وكأنّه يصنع العرض للمرة الأولى.

إنّها تشترط أيضا أن يكون متحسّبا طوال الوقت لكل صغيرة وكبيرة في المعطيات الجديدة الحبلى بدلالات جديدة للعرض. أيّ أنّ عليه التصدي للتعامل مع كل ما هو غير متوقع بما في ذلك الأخطاء الناتجة عن تغييرات اللحظة الأخيرة والتي يجب عليه أن يستوعبها ويحتويها ويعيد إنتاجها وكأنّها جزء أصيل من العرض.

نعم.

تنتاب عملنا الكثير من لحظات فقدان البوصلة الناتجة عن اللقاء الحيوي التفاعلي مع عناصر عرض متغيرة لكنها ذات مكانة موازية للممثل.

يحدث مثلا أن ينسى الممثل أو يتشتت تركيزه. في مثل تلك الحالة يقود الممثل العملية الإبداعية إلى منحى جديد عماده الارتجال الآنيّ.

ذات مرة نسي توني دو ماير الحوار فابتكر عملية بحث (حرفية) عن النص بين الجمهور وراح يقلّب عنه تحت سجاجيد جلس عليها الجمهور وخلف الستائر وظلّ يبحث حتى أُصيب المشاهد بالحيرة: فهل ما يجري تمثيل أم حقيقة؟ هل عليه أن يساعد الممثل في إعادة ربط الحكاية أم هل سيبدو متدخلا في مجريات أحداث محددة مسبقا؟ ثمّة مشاهد أشار إلى قفل الحكاية فتحول بالطبع إلى عنصر فاعل في العرض وليس مجرد متلقي. في تلك اللحظة أعاد توني دو ماير ترتيب الحكاية مع المشاهد في حوار صار مشهدا جديدا.

في أحد مشاهد مسرحية (شجرة الأحزان) لعبت تانيا پوپه دور شهرزاد، وقد كان زيّها المسرحي عبارة عن كفن طوله 60 مترا ينفرش على الأرض بطريقة حلزونية ويجلس فوقه المشاهدون بينما هي تجلس في مركز الحلزون. كان المشهد يعنى بمحاولة هروب شهرزاد من ملاحقة مجموعة رجال يريدون اغتصابها، بيد أنّها تقع في النهاية بين أيديهم.

قفزت (شهرزاد) وسط الجمهور في محاولة للهرب من الرجال.

تانيا پوپه، ونتيجة تغييرات اللحظة الأخيرة والطريقة التي انفرش فيها الكفن في ذلك الفضاء الجديد، لم توفق في القفزة، فتمزق كفنها وسقطت عارية وسط الجمهور. في تلك اللحظة فقد المشاهد دوره كمتلقي محايد. واحد أراد أن يساعدها فأمسك بفخذها. آخر أراد أن يجنّبها السقوط فتلقّفها في حضنه. البعض أرادوا أن يبتعدوا فتسبّبوا بفوضى ظلّت تترافس تانيا وسطها. الملفت للانتباه هو أنّ مجموعة المشاهدين البعيدين عن شهرزاد رأوا في ما حدث مشهدا يصوّر اغتصاب شهرزاد. بعض المشاهدين أدرك اللعبة متأخرا، ولكن بعد أن أصبح ممثلا شريكا في الاغتصاب المسرحي. لقد حدث كل ذلك لأنّ تانيا پوپه تعاملت عبر الارتجال مع الجمهور باعتباره شخصيات مسرحية.

 

التباس اللقاء مع الآخر

 

أنا هو الأنا المتخيّل عن نفسي!

هذه المنطلقات، أو قل المتن الأوّل من العرض المسرحي أصبح واضحا لي (نوعا ما) من خلال التجربة. بيد أنّ هذه الخبرة جعلتني أغترب عن نفسي أكثر من اغترابي في المنفى. أين مفاهيمي القديمة، أين حجر الأساس في هويتي المسرحية الذي تعلمته في أكاديمية الفنون الجميلة وفرقة المسرح الفني الحديث؟ أين شلالات الضوء وكارمينا بورانا وتشايكوفيسكي والستائر الشفافة الساقطة من عليّ لتؤثث ظلالا وأشباحا وسحرا مطلقا؟ لم يبق لي بعد بيروت الحرب الأهلية سوى المشاهد وسوى حازم كمال الدين (الممثل المخرج المؤلف) ومشروع حربي المفتوحة ضد اغترابي.

أصبح ابتعادي عن جذوري المسرحية أمرا واقعا، واتضّح أنّ ابتعادي أمسى اقترابا من أصول أخرى، من جذور نسغها فيّ أنا؛ في جسدي، في ذاكرتي، في طفولتي، في ملامحي الغائبة عني، في صيرورتي ثمّ تمردي على ما هو سائد.

جسدي قادني إلى الطاقة اللا لغوية والتابو بأنواعه، والذاكرة قادتني إلى الحنين! أما الطفولة فقد أحالتني إلى حضن أمي وحكايات ما قبل النوم. وأما الملامح الغائبة عني فشجعتني على نبش قبور الموروث القديم والطقوس الإسلامية، التي رضعتها وتعاليت عليها واعتبرتها أثرا أصوليا أو لا حضاريا. الصيرورة جرأتني على النظر إلى هويتي البيولوجية والأخلاقية، صوب ما هو غائب عن الوعي أو مغيّب، إلى ما هو شرير داخل نفسي، وإشهاره على المسرح بهدف تحويله إلى طاقة إيجابية، بمعنى أنّي اختبرتُ العملية المسرحية كمعطى علاجي نفسي. وبعد هذا وذاك التمرّد الذي ساقني إلى مناكفة الغرب (كديدني طوال عقود عمري الخمسة) والإصرار على التنقيب عن هويتي في طيّات نفسي وتأويل كل ما تعلمت باتجاه تعميق ذلك البحث، لا تمريغ هويتي بالوحل أو العدم.

هذا الاقتراب أدخلني فضاءات تفكيك (لا أوربي) للموروث الشرقي، وتركيبه (أوربيّا) في هياكل وبنى عملي. فانفتحت أمامي، بشكل مباشر وغير مباشر، كهوف التاريخ والتراث الذي لم يدوّن بعضه إلاّ تحت سطح جلودنا وفي (التكايا). وجدت إرثا شفاهيا طقسيا حيّا يلتقي بالغرب بنفس قوة الافتراق عنه. فاقتربت بدوري وابتعدت بنفس القوة، واقتربت وابتعدت.. لكنّني لم أحسم أمري. لقد كان التجاذب بين الاقتراب والابتعاد يعود بشكل رئيسي إلى أنّني لم أكن أريد أن أختار، ولم أكن أريد أن أرى الأشياء كمفكر (فيلسوف، منظّر...) لقد أخذت على نفسي أن أكون رجلا عاديا ولد في مكان ويتوجب عليه أن يقضي حياته في مكان آخر. وهذا ما فرض عليّ البحث في كيفية الدفاع عن أصالة ذاك الذي ولد هناك، وتكييف ما موجود هنا لتشييد مسيرة فنية قابلة للحياة.

***

 أوغلت في الغابات والمتاهات: هنا أسئلةٌ، وهناك بحثٌ عن وشائج فنية، وعن لغة وذاكرة جمعية. وبعد إحباط وإصرار أُسقط بيدي واعترفتُ بحقيقة أنّنا لا نتحدث لغة مشتركة، رغم اعتقادنا المعاكس والمدبّج بشعارات الشمولية، والعولمة، والذاكرة الجمعية.

أوغلت أكثر فوجدت حتى أنّ بعض المصطلحات المتشابهة إنّما هي متناقضة في الجوهر:

وجدت أنّ مفهوم (العاهرة) في الغرب يقترب من الأداء الاجتماعي المحترم (يشابه عمل المساعدة الاجتماعية) وهو ما يصطدم مع مفهومنا عن المومس (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ). اصطدمت كذلك بالقتل وهو يأخذ صفة الرحمة (الموت الرحيم) لا قول (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ).

بعدها واجهتُ تباين (الأساس الميثولوجي) بيننا والمتمثل بثقافة الشعور المسيحي بالذنب الغربية مقابل ثقافة العيب العربية. ونظرت إلى (الخنزير) الذي حرّم الله لأرى أنّه كائن محترم. بل وجدت أنّ العمل الإبداعي مؤسس غربيا باعتباره (سلعة) product للاستهلاك، بينما يتّخذ الخلق في الشرق صفة الهبة والثواب (الفعل المنزّه عن الغرض) أو التعبّد وأشكال القرابين الرامية للتطهر والوجد والتوحّد؛ تجويد، أذان، طقوس صوفية، تعازي، حكواتي.. إلخ.

عالمان أو كودتان يا ما وضعاني في أتون تساؤلات عن ماهية الطريق:

هل يجب أن أذوّب كودتي لكي أقترب من كودة الآخر وننسجم؟ ألا مناص إلاّ من قبول الغرب باعتباره مركز العالم، وما تبقّى (وأنا منه) ليس سوى هامش على مشروع تهجين الغرب؟ هل يتوجّب تكسير رأسي لتكون العقلانية هي الحقيقة المركزية الوحيدة؟ هل لزامٌ عليّ إقرار أنّ البشرية مؤسسة كما كتب ديكارت (أنا أفكّر إذن أنا موجود) أو (في البدء كانت الكلمة)؟ وهل عليّ الخضوع وترتيب بيت نفسي لإقرار المعلوماتية باعتبارها الأسلوب الأمثل للتطور المعرفي وأدثّر (الفعل والتفاعل) وأضعهما في قفّة أدفعها لتخوض أمواج بحر متلاطم؟

وبمقابل كل هذه الأسئلة سؤال مركزي مقلوب: هل الشرق / أنا / الحسيّة /ا لجسدية هي الخلاص؟

كنتُ انفصلتُ عن ستانسلافسكي وبريخت وولجت مسرح الطقوس والينابيع مفتونا ومتيقنا أنّ هذا الاتجاه هو صاحب مفاتيح التوازن النفسي المناسب لي.

وهكذا ثلاث سنوات من (الحيوية الحركية)، و (الپلاستيكس)، والفعل الجسدي، والطريق السلبي، والبحوث في الصوت وأساليب الارتجال. وبعد تلك المتابعة اليومية العملية لمنهجي جروتوفسكي وأتيان دكرو عبر مريديهم رينا ميريسكا، ويان روتس، ولودو ڤان باسل، فزّت الاسئلة من نومها العميق فأحالت الليالي إلى أرق لا فكاك منه.

لقد كانت أسئلة كثيرة منها: هل منهج جروتوفسكي هو التوازن المطلوب لي؟ أين أنا، الشرقي، مما درست وأدرس في الينابيع، وفي الطقوس، وفي التوحّد والوجد؟ أليست وجهة نظره بحثٌ أوربيّ ينظر إلى الشرق من الخارج رغم محاولاته الصادقة أن يغوص في الشرق؟ هل ثمّة وئام حقيقي بيني وبين الكودات التي كنتُ أتعلّمها كل يوم؟

أسئلة توطّنت نفسي لأعوام ثلاثة ودفعتني إلى تفحّص الآخر الذي أعاد إنتاجي وقرّر أن أعيد إنتاج نفسي بناء على ما رسمه عني لأصبح أنا هو الأنا المتخيّل عن نفسي!


السبت، 4 يونيو 2022

الفنان والناقد المسرحي العراقي د. محمد سيف: المسرح لا يمكن أن يفقد براءته، ولكن أغلب العاملين فيه.. قد غادرتهم البراءة، مثلما تغادر المرأة أنوثتها.

مجلة الفنون المسرحية


"أي أمل هذا الذي لا زلنا محكومين به أيها السيد المبجل"


الفنان والناقد المسرحي العراقي د. محمد سيف:

المسرح لا يمكن أن يفقد براءته، ولكن أغلب العاملين فيه.. قد غادرتهم البراءة، مثلما تغادر المرأة أنوثتها.


حاوره : هايل علي المذابي



في ذات حوار معه قال الدكتور العراقي والفنان والناقد المسرحي محمد سيف، حين سئل عن تقديم نفسه بنبذة عن سيرته ان الحديث عن الأخرين ونتاجهم، الفني والأدبي، بالنسبة له، أسهل بكثير من الحديث عن نفسه، ولهذا السبب لم يكتب حتى الآن سيرة ذاتية قادرة على إعطاء صورة حقيقية عنه وعن عمله. ويعزو السبب في ذلك لان أكثر السير الذاتية تتشابه، وربما أيضا من الصعب اختصار المرء لنفسه ببضعة سطور تكون قراءتها في أغلب الأحيان مملة، رغم ذلك فهذا تعريف بسيط به وبمسيرته العملية والفنية نمهد بها لحوارنا معه:

محمد سيف مخرج، ممثل، دراماتورج، ناقد، وباحث مسرحي عراقي، مقيم في باريس منذ عام 1984، دكتوراه في المسرح والعلوم الاجتماعية من جامعة السوربون 7، ماجستير العلوم المعمقة، والبكالوريوس من جامعة السوربون1، دبلوم مدرسة جاك لوكوك العالمية للتمثيل، دبلوم معهد الفنون الجميلة في بغداد، حاليا المدير الفني لفرقة مسرح (الكلام العابر) في باريس. بالإضافة إلى عمله، كرئيس تحرير لمجلة دراسات الفرجة الفصلية الأكاديمية المحكمة، التي تصدر عن المركز الدولي لدراسات الفرجة.

أخرج للمسرح: مسرحية (الجمجمة) للكاتب التركي لناظم حكمت، مسرحية (الصبي المشاكس) إعداد عن قصة لتشيكوف لمنتدى المسرح في العراق، مسرحية (الدموع المرة لبيتر فونكونت)، للمؤلف الألماني فاسبندر، لمسرح بير فرينيه الفرنسي، مسرحية (المتروكة) إعداد وبتصرف عن نص لماكس ميري، لمسرح لونيل الفرنسي، أخرج مسرحيتي (التوقيف، وورود الجيرانيوم)، للكاتبة الفرنسية، أفيلي سترا، ومسرحية (كالرياح تذهب وتجيء) تأليف كوليت اشتيرن، لمسرح الباستيل الصغير. أخرج أيضا، سلسلة ممسرحة من القصص المستوحاة من ألف ليلة وليلة لمسرح بول ايلوار. وقدم مسرحية (المراسل) تأليفا وإخراجا، على مسرح الشعب في ستوكهولم/السويد. قدمت نص (أربع ساعات في صبرا وشاتيلا) لجان جينيه، على مسرح معهد العالم العربي في فرنسا بعد ان قدمها في تونس برفقة الفنان المنصف السويسي ومنية الورتاني. ثم قدم توليف مسرحي شعري، بعنوان: غريب كالبحر، لمهرجان طنجة المشهدية في المغرب ومسارح أخرى في باريس؛ الخطبة الأخيرة للهندي الأحمر، للشاعر محمود درويش. لافتتاح مهرجان هنوفر الألماني واختتام مهرجان طنجة المشهدية. ومن أعماله الأخيرة إخراج مسرحية (الحريق) لمؤلفها قاسم محمد، التي قدمت على مسرح القصبة في مدينة طنجة المغربية، ومسرح بيت الفنون في مدينة بوردو الفرنسية.

المؤلفات المسرحية: مسرحية البحث عن السيد كلكامش، ابكي فالعالم وادٍ من الدموع، الزوج الأبدي، إعداد عن رواية دوستويفسكي، المراسل الحربي، وثلاثة عناوين لمسرحيات ثلاثة، التي طبعت في دار نشر دار المصادر في بغداد، وكتب للأطفال، الأمير أحمد والساحرات، ومسرحية الملك الأمي.

في الدراسات المسرحية كتب: الطفل والتعبير المسرحي، نشر في دار سحر/تونس؛ أفكار وتطبيقات تعارض التقاليد، وزارة الثقافة لإمارة الشارقة؛ مسرح ما بعد الدراما، كتاب مشترك، وكتاب دراماتورجية العمل المسرحي والمتفرج بالاشتراك مع الدكتور الباحث خالد أمين، هذا بالإضافة إلى كتب مشتركة أخرى: تحولات الفرجة فرجة التحولات، الدراماتورجيا الجديدة، الفرجة والمجال العمومي، وجميعها من إصدارا المركز الدولي لدراسات الفرجة.

في الترجمة كتاب: الضجر هو الشيطان لبيتر بروك، نشر من قبل وزارة الثقافة والأعلام في إمارة الشارقة، بنسياننا شكسبير يمكن العثور عليه ثانية، كتاب يجمع كتابين في كتاب، صدر عن دار نشر عدنان /العراق، كتاب شعرية الجسد لجاك لوكوك، (ترجمة وتقديم وتعليق)، عن دار نشر مؤسسة الصادق الثقافية، في مدينة بابل العراق، وترجمة كتاب أرسطو مصاص دماء المسرح الغربي، للكاتبة الفرنسية فلورنس دوبون، في صدد التحضير للطبع. هذا بالإضافة إلى نشر العديد من البحوث والدراسات والمقالات النقدية في المسرح والرواية والفن التشكيلية في مجلة نزوى العمانية، مجلة فنون، الأقلام والطليعة الأدبية، في العراق. مثلما نشرت وبشكل دوري العديد من المقالات النقدية حول تجارب مسرحية عالمية وعربية: القدس العربي، الزمان، النهار اللبنانية، وبيان اليوم المغربية، بالإضافة إلى المواقع الإليكترونية مؤخرا. وبعد هذا العرض لموجز سيرته الفنية والإبداعية لنذهب إلى الحوار:


 

*برأيك: المسرح أداة ترفيه وامتاع، أم أداة مقاومة وصناعة وعي أم كلاهما؟  


**المسرح بكل اقتضاب وبساطة، هو فن الترفيه بامتياز، والأكثر اكتمالا، لأنه يربط متعة النص مع متعة لعب الممثلين ومتعة الديكورات، وإلخ. تمهيدا للشرح، نستعين بيوجين يونسكو، الذي يقول: أنا لا أقوم أو اعمل الأدب، وإنما أفعل شيئاً مختلفاً. انا أمارس المسرح. ومن خلال هذه الملاحظ الصائبة والاستفزازية، نؤكد على خصوصية تجعل من هذا النوع (إشكاليًة) ترفيهية كاملة جداً، شرط أن تكون خصوصيتها نوعاً "مزدوجاً أو مضاعفاً" يمزج بين النص والتمثيل، وكل عنصر من هذين العنصرين يأتي بمتعة مميزة وتكميلية. بلا شك أن قراءة نص مسرحي بحد ذاته متعة، لكن مشاهدته على المسرح تؤدي إلى المزيد من المتع لأن العرض يعطي النص أبعاده الكاملة. التجربتان يكملان ويثريان بعضهما البعض من أجل إسعاد الجمهور. ومع ذلك، هل المسرح مجرد "ترفيه"؟ إن موليير مثلا أو بريخت، اللذين كان هدفهما إمتاع وتسلية جمهورهما، كان هدفهما أيضًا جعلهم يفكرون؛ وكانوا مؤلفو المآسي التراجيدية يريدون إثارة المشاعر في صفوف المتفرجين لكنهم أيضًا كانوا يستثمرون الفضيلة التطهرية لأعمالهم. المسرح هو نوع كامل لأنه يُعلم ويُثير الاعجاب ويُجذب في نفس الوقت.

هل المسرح أداة مقاومة وصناعة وعي أو كلاهما؟ بلا شك لا يمكننا الاجابة بلا، وفي نفس الوقت، أجد في هذا السؤال مناسبة للحديث عن الديمقراطية التي لا تدار في الشوارع. والأمر هنا يتعلق من دون شك بالنقاش والتداول اللذان كانا موجودان منذ النشأة الأولى للمسرح، في قلب وروح الثقافة اليونانية، الثقافة التي كانت تُغنى وتُرقص، والتي استندت أيضاً على فكرة الحوار. هذه الفكرة التي رصدها اسخيلوس، من خلال طرحه السؤال التالي: كيف يمكننا تحسين حالة المسرح اليوناني، ويجيب على سؤاله: من خلال شخص يتحدث وجوقة؟ ولهذا أضاف شخصاً لكي يحصل على محاثة!

ما نوع الثقافة التي يُعدها أو يهيئها الغرب؟ وهو يصدر الديمقراطية بأكثر الطرق روعة (إلى العراق، مثلا) ــ ولكن هذه الصورة للديمقراطية لها حدودها. أي نوع من الديمقراطية التي يمكن ترسيخها؟ إن الساسة، الذين أعلنوا حربا لا حدود لها على الإرهاب، كتبوا سيناريو محكوم عليه بالفشل مسبقاً. وهنا نتساءل: هل من الممكن أن يكتب المواطن سيناريو آخر؟ لخلق ثقافة ديمقراطية أصيلة قادرة على ترسيخ فروعها وتطويرها؟ لقد قال الإغريق أن كل ثقافة هي سياسية، والثقافة هي ما نشترك فيه، ونخلق من خلاله مجتمعًا، لذا فهي بالطبع نشاط سياسي. هذه هي المهمة الحقيقية التي تقع على عاتق الفنانين اليوم. ولكن ماذا نقول للأشخاص الذين لا يريدون السماح لنا بالحصول على قوة أخذ الكلام في المسرح؟ وفي الوقت نفسه، لا يمكن إظهار أو إثبات فكرة المساواة هذه التي أشرنا إليها ضمنياً من خلال تساؤلنا إلا ثقافياً. إذ لا توجد مساواة سياسية واقتصادية واجتماعية: غير ذلك، فنحن متساوون في الفنون والثقافة. لقد كانت عبارة "متساوون أمام القانون" (في قلب الديمقراطية الأثينية)، وهذا ما يتوجب علينا إثباته في الفنون أو العمل عليه. لأنه من ذلك فقط، سوف تتجسد ديمقراطية الثقافية، وحقيقة المساواة التي يمكننا إظهارها أو صناعتها على خشبة المسرح. وليس من خلال قوة الكلام فحسب التي لا يمكن ترجمتها هنا إلى سلطة، لان المسرح لا يملك سلطة، وهذا ما ينقصه، ولكن من هذا النقص الموجود تنبعث قوته، وطاقته وحيويته، وهنا تكمن المفارقة. فالمسرح يكمن في لحظة العرض تماماً. وهذه هي قوته وليس سلطته. ومن خلال هذه العلاقة يستمد المسرح وجوده وحقيقته التي ساعدته على البقاء والخلود عبر العصور والثقافات. وإنه على الرغم من الوهم الذي يتخلله، في الغالب، له جذور حقيقية عميقة، وهذا ما يربطنا بالأشياء الأساسية ويحررنا من المظاهر.


*كفنان مسرحي، ما هي الغايات التي يريدها الفنان المسرحي من المسرح في مثل هذا الزمن؟


** بلا شك، كل من يختصر المسرح إلى أداة "سياسية" يرتكب خطأ فادحاً، لأن السياسة تشكل عنصر من عناصره وليس كله. ولهذا، علينا ان نعتبر أنفسنا محظوظون حقا لأن الفنانين يقدمون لنا ما لا يستطيع الساسة تقديمه لنا اليوم: الخيال الذي يثير أسئلة أكثر مما يجيب عليها، ورؤى للمستقبل تغير من الواقع وتمنح الحياة والأمل. لكن الادعاء بأن المسرح لا علاقة له بالسياسة هو خطأ اختزالي مماثل. إن عدم وجود رؤية كبيرة لمجتمع الغد يجعل مسؤولية الفنانين والمسرحيين ساحقة ومضاعفة. إن ما حدث لنا ولعالمنا، في الفترة القريبة، بسبب وباء كورونا من تمزقات وتوترات في الزمكان، قد إثر بلا شك على تصوراتنا للمسرح، إذ فرض عليها نوعا من الحبس، والحيرة، والتردد، والانفصال، والانقطاع مع ما كانت تتواصل معه بانفتاح وتأمل ومسألة دائمة. فعندما ينتشر فيروس في مدينة من المدن، فإنه حتما يؤثر على جميع الأنظمة التي تديرها، ويُحدث فيها شروخا وتوترات، وهذا بحد ذاته ما يثير ويزعزع استقرار معاييرنا وكذلك عاداتنا اليومية. ومع إعلان حالة الطوارئ، تكثفت محاولة معالجته، من خلال إلغاء التجمعات وإغلاق المدارس والجامعات والحدود، وكذلك فرضت على حريتنا القيود، إذ إن فرض الإقامة الجبرية علينا قد ساهم في تغير نظرتنا للفضاء من خلال جعله أكثر تقيدا وحصرا وأكثر إكراها. وهكذا، أصبحت مساحاتنا الحضرية أكثر إثارة للقلق من أي مساحات أخرى، مما أدى إلى إطلاق إنذار كئيب، وولد حقبة من الشك، لا سيما أن الزمكانية قد تغيرت بشكل عميق، وباتت الأماكن محظورة، والفترات غير محددة أو غير مؤكدة. وبهذه الطريقة، تغيرت طرق عيشنا وسبل وجودنا فيهما، وأغلقت المسارح، وأخليت الخشبات من الممثلين، والقاعات من الجمهور الذي تتحول حشوده فيها إلى شخص واحد، وتوقفت العروض، وأصبح غلق المسرح بمثابة واجب، وعدم تجمهر الجمهور ضرورة، والكلام مع الآخر مباشرة ممنوع، أو من خلال قناع طبي واقي وليس مسرحي؟ كيف استطعنا تحمل كل هذا الإقصاء؟ كيف تمكنا من إطاعة قسوة الجفاء هذه، ونحن نعرف أن المسرح تواصل وعلاقات حميمية، وتبادل في الأمكنة، والمعرفة والثقافة ولحظات تؤرخ للانعتاق من الرعب الذي يحاصرنا من كل الجهات؟ ولهذا سأحاول الإجابة على هذا السؤال من خلال طرح بعض الأسئلة التي تتعلق في مستقل المسرح في الوطن العربي: وأولها، تبدأ، هل سيكون هناك انتعاش محتمل بعد هذا الوباء، الذي جعل من مراجعتنا لأنفسنا وقراءة واقعنا المسرحي ببعض من التأمل قليلا، أكثر من ضرورة؟ كيف سنعيش ذلك مسرحيا؟ كيف سنعبر عنه أو نعالجه؟ لا سيما أننا لا نعلم فيما إذا كان العالم سيعود إلى صوابه أم لا بشكل حتمي بعد هذا الانقطاع والتقاطع مع نفسه؟ هل سنتمكن من العيش من خلال المسرح بشكل مختلف ونعيد التفكير فيه، كما يجب؟ وهل سنقدر على الابتعاد قليلا، عن موضة الاستسهال، التي مورست فترة الوباء؟ ونخص هنا بالتحديد المهرجانات، والورشات الإليكترونية، بشتى أنواعها، التي صارت تزخ علينا مثل وابل من المطر، علماً أن المسرح، كما نعلم، لم يمت لكي نستمر في أحياء ذكراه بهذا الكم الهائل من الصور والمحاضرات والورشات والمهرجانات الافتراضية، وإذا كان المسرح قد هُددّ بالموت، شأنه شأن الحياة، فهذا الأمر كان مؤقتا ولابد ان يزول بزوال شبح الوباء، إذ لا يمكننا استبدال علاقة المسرح بالإنسان بالوسائط، لأننا، وبكل بساطة، لا يمكننا تقبيل امرأة من خلف زجاج. ولهذا، ومع نقطة التحول هذه، في النظرة والمقاربة لعلاقة المسرح بالحياة، كيف سيخلق الفنانون سلوكيات جديدة في اعمالهم وينشئون علاقات أخرى مع الجمهور؟ وهل ما تعلموه من هذه المعاملة الفنية التي فرضت عليهم قسرا بسبب الوباء، سوف تمكنهم من المساهمة في تطوير قدرات الأفراد وتنشيط تفكيرهم النقدي؟ أعتقد ان الهدف من هذه الأسئلة: يمكن ان يعطينا فكرة عن الطريقة والكيفية التي يجب أن ينظر الفنانون والبحاثين، ومنظمين المهرجانات، من خلالها إلى مستقبل المسرح وحاجة الجمهور اليه؟ وأن يسجلوا ملاحظاتهم وتحليلاتهم لمستقبل المسرح بعد هذه الكبوة التي دمرت العالم باسره وليس المسرح فحسب؟ إذ يتوجب علينا من الآن وصاعداً أن نحاكي ما حدث جماليا وفكريا وحتى سياسيا، من خلال تصورات يمكننا من خلالها أن نؤسس إلى مقاربات مسرحية جديدة، تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا بأرض الواقع، وتبتعد ولو قليلا عن تكرار ما يقال في الدرس الأكاديمي في جامعاتنا، لأن كل ما قيل في مؤتمراتنا المسرحية السابقة، قد قيل من قبل بصيغ أفضل بكثير من تلك التي نشكلها ونعجنها وننظر إلى أنفسنا من خلالها أولاً قبل أن يقرئها القارئ أو يفهمها. وهذا يعني، يجب أن ننفتح على المستقبل وليس على الماضي؛ ننفتح على آفاق جديدة وبلا حدود، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بالقراءات التحليلية العلمية والواقعية لواقع الحال. لقد جعلتنا كورونا للأسف، ان نفتتنّ بالرعب إلى حد ما، ولكن مع ذلك لا يمكننا التوقف عند هذا الحد عندما نحاول فهمه فهماً تاماً كلحظة مأساوية نعيشها جميعاً بنوع من الانتظار وعدم التوقع. يقول الفيلسوف وصاحب الفكر التجريبي فرنسيس بيكون أنني أرسم الصرخة وليس الرعب، وهذا ما يجب ان نعمله في رسمنا لمآسي اعمالنا المسرحية مستقبلاً، أن نرسم الصرخة ولكن أيضاً مظهر الرعب والدهشة المرتبطة به، وليس فقط الفعل ورد الفعل، لأن عرض مآسي حياتنا الحالية سيُظهر حتما التهديد وانهيار المحاولات اللغوية والعقلية من اجل التغلب على الرعب ربما، اكثر بكثير من الرعب نفسه.


* أيهما يصنع الآخر برأيك، الفرجة تصنع الواقع أم الواقع يصنع الفرجة؟


**اعتقد أن كليهما يصنع بعضهما الاخر، لأنهما يشكلان امتداداً ويعكسان بعضهما البعض، لا سيما أن المسرح بمثابة استعارة للعالم واكتشاف الحقيقة والحياة. لقد ظهر المسرح في اليونان القديمة خلال الأعياد التي أقيمت على شرف الإله ديونيسوس. فهو نوع تم تطويره بطرق متنوعة عبر العصور. وإذا ما قمنا بمقارنته بالرواية أو الشعر، فسنلاحظ أنه الوحيد الذي يتم تمثيله. وهكذا يرى الجمهور شخصيات مقنعة تتطور على المسرح من خلال حبكته. وإذا ما سألنا أنفسنا فيما إذا كان المسرح هو انعكاس للواقع، فسنجد هناك تناقض في هذا الافتراض لأن هذا النوع خيالي بداهة. وخلافا لما قد يعتقده بعض المتفرجين، يمكن للمسرح أن يكون انعكاسا للواقع، لأنه يعمق هذا الأخير ليفهمه المتفرج. صحيح أن بعض القواعد في المسرح تجعله يبتعد عن الواقع، ولكن هناك بعض آخر أيضا، على العكس من ذلك، تجعله يقترب منه كقاعدة الاحتمال. فالمسرح يُظهر لنا بشرًا بلحم ودم، أحياء، قريبون منا، حقيقيون، يعيشون أمام أعيننا قصصًا يمكن أن تكون شبيهة بقصصنا. يشاركوننا مشاعرهم وضحكاتهم وغضبهم ونكساتهم. ومن السهل، في أفضل الأوقات، أن ننسى أنه مجرد عرض وأن نتماهى معه. إنه عالم كل شيء فيه ممكن، عالم يجعلنا لا نتفاجأ عند رؤية تماثيل تتحرك وتتكلم، رجال يتحولون إلى وحوش، جثث تصبح ضخمة لدرجة انها تغزو الشقة، كما في مسرحية (وحيد القرن) ليونسكو. إنه عالم من الوهم، ومثلما يقول شكسبير (العالم كله عبارة عن مسرح)، وهذا ما يذكرنا، بالوهم الذي نعيشه، وبوهم العالم الذي يحيط بنا، وبوهم مشاعرنا، وبوهم الآخرين. لذلك، فإن المسرح عالم من الوهم، وبهذه الطريقة فهو يمثل أو يعكس وهم العالم. لكن الوهم غالبا ما يقود إلى الحقيقة. ومن مفارقاته، أن وراء كل أقنعته، وتنكراته، ومؤثراته البصرية، وهذه الأوهام، هناك الحقيقة التي ستكشف عنها شخصياته، إنه استعارة للعالم واكتشاف الحقيقة والحياة.


* فرضية "نحن محكومون بالأمل" هل تؤيدها أم تدينها، لأن ما يجعلنا الأمل نحلم به كل يوم لا يلبث أن يتحول من حلم إلى كابوس، فالأوضاع من سوء إلى اسوأ، ما هي رؤيتك؟


**اجيب على هذا السؤال من خلال مقطع من مقاطع مسرحيتي التي كتبتها مؤخرا تحت عنوان (هذه ظلالي التي تفترش الأرض) والتي استحضر فيها شخصية الكبير والجليل سعد الله ونوس، صاحب هذا المقول:

"أي أمل هذا الذي لا زلنا محكومين به أيها السيد المبجل، هل نسيت أن حياتك انتهت على سرير مستشفى بعيد عن الوطن الذي غنيت له أجمل النصوص؟ الأمل، يا سيدي الجليل، لا يعيد الأشياء إلى نصابها، لا يبني المدن التي دكتها المدافع وحولتها إلى حطام، ولا يشفي النفوس المريضة التي صنعتها الحروب، ولا العاهات التي تزينت فيها الشوارع، ولا يعيد كرامة النساء والأطفال الذين صاروا يستجدون المارة على ناصيات الطرق في العواصم الغربية. في ظل هذا الدمار العظيم، بات الأمل، نوعا من التمني المفلس، قشة نتعلق بها لاعتقادنا أننا سوف نخرج بفضلها من أنفاق عتمتنا الطويلة، وسجوننا الذاتية التي كبلنا فيها الأهل والأغراب معا، ومع ذلك فكل شيء يبدو غير واضح، رغم الوضوح الكبير، رغم الجراح التي لا تريد أن تندمل، وملامح الهاوية التي يهيئونا لها بشكل تدريجي، مثل خراف الأضاحي التي تتنظر حلول عيد نحرها. ومع ذلك، فكل ما يحدث أو حدث مجرد بداية، أو بالأحرى مجرد تمرين على مسرحية مجهولة هوية مؤلفها، لا تنتمي إلى المسرح الحديث في شيء، وإنما إلى مجاهيل عهود مظلمة صارت تمارس علينا غوايتها وتأثيرها، لا نعرف فيها البداية من النهاية، أما الوسط فأنصاف حلول مؤقتة يحقنونا بها بجرعات تشغلنا عن أنفسنا لحين ما تجهز الجرعة الأخيرة.


*سؤال أخير: أين فقد المسرح براءته؟


**لا اعتقد أن المسرح يمكن أن يفقد براءته، ولكن أغلب العاملين فيه، والذي يحاولون أن يكونوا أوصياء عليه، قد غادرتهم البراءة، مثلما تغادر المرأة أنوثتها. وهذه في رأيي أهم وأعقد المشاكل في المسرح العربي. وهي قابلة للحل والتجاوز.


الممثلة اللبنانية رندة أسمر: ممثلو التلفزيون يحتاجون إلى الخبرة المسرحية

مجلة الفنون المسرحية
في مونودراما "فيفا لاديفا" 


الممثلة اللبنانية رندة أسمر: ممثلو التلفزيون يحتاجون إلى الخبرة المسرحية

هيام بنوت

جاءت إلى الدراما من الاختصاص الجامعي والخبرة الثقافية

بين التمثيل على الخشبة وأمام الكاميرا السينمائية والتلفزيونية والتعليم الجامعي وإدارتها لمهرجان "ربيع بيروت" الذي تنظمه مؤسسة سمير قصير، تجد الفنانة رندة أسمر نفسها مكتفية مادياً ومعنوياً، وأنها ليست مجبرة على الوجود تلفزيونياً خصوصاً في ظل انعدام الفرص والأدوار المهمة التي تتناسب مع مكانتها الفنية.

لمع اسمها في المسرح ولعبت أهم الأدوار مع كبار مخرجي المسرح أمثال ريمون جبارة وجواد الأسدي وشكيب خوري ومنير أبو دبس وغيرهم. شاركت في عروض مسرحية في دول عربية وأوروبية وتم تكريمها في بعض المهرجانات، من بينها "هيئة المسرح العربي" في الشارقة عام 2012 بمناسبة يوم المرأة العالمي. وعلى الرغم من مشاركتها في أدوار أساسية في التلفزيون والسينما، فهي منكفئة عنهما، وكان آخر أفلامها "طيارة من ورق" عام 2009 مع المخرجة الراحلة رندة الشهال، وآخر مسلسلاتها "الشقيقتان" عام 2016.

أدوار البطولة

بداية تتحدث أسمر عما إذا كان عملها تحت إدارة كبار المخرجين، على الرغم من أهميته، شكل عائقاً أمامها في مرحلة لاحقة وجعلها متطلبة أكثر فنياً، تقول: "تعاملي مع هذه الأسماء لم يكن له أي انعكاسات سلبية، بل أنا كنت محظوظة أكثر من غيري الذين لم تتح أمامهم الفرصة للعمل مع تلك الأسماء. منذ صغري اختارني هؤلاء الكبار للعمل معهم، وأسندوا إلي أدوار البطولة وقدمنا أعمالاً راقية وناجحة وشاركنا في مهرجانات دولية، وحصدنا الجوائز. في الأساس كان يهمني أن أشتغل في مستوى معين، ولم يجبرني المال على القبول بأي دور. وأنا أشفق على الجيل الجديد من الفنانين، لأن هناك فئة منهم تريد المستوى الفني العالي، لكنّ القطاعين المسرحي والتلفزيوني لا يوفران لهم احتياجاتهم. كمسيرة وكاسم محترم في العالم العربي في مجال المسرح أنا راضية جداً، ولم أشكُ يوماً، لأنني لم أعتمد على المهنة، بل كان إلى جانب عملي في التمثيل، مهنة أخرى أعتاش منها، فأنا أدرّس في الجامعة وأشغل حالياً منصب مديرة مهرجان ربيع بيروت في مؤسسة سمير قصير، وقبلها كنت مديرة تنفيذية في مسرح المدينة. أنا لم أكتف بأن أكون ممثلة، كي لا أشكو دائماً، بل فضلت أن أعيش بكرامة وأن أقوم بالأعمال التي أقتنع بها".

وعن سبب ابتعادها عن الدراما التلفزيونية، توضح: "أنا أطلب النص أولاً لأنه الأساس، من بعده يهمني المخرج ومن ثم الممثلون المشاركون في العمل. وإذا توفرت هذه العوامل مع الإنتاج الجيد، لا يمكن أن أرفض العمل. الدراما تمر بظروف صعبة والتصوير يحتاج إلى كثير من الوقت والطاقة، وتصح عليه مقولة: اترك كل شيء واتبعني. في "الشقيقتان" شاركت بدور صغير جداً، كي لا يُقال أنني متطلبة، لكن التجربة كانت صعبة، حيث تمّ التصوير في بيوت الناس وفي مناطق نائية جداً. وفي هذه المرحلة من عمري ومن بعد خبرتي وتجربتي، لا يمكنني أن أصرف طاقة على عمل لا يؤمن لي على الأقل مدخولاً معنوياً".

تقارن أسمر بين تجربتها وتجارب ممثلين يشبهونها بالقيمة والخبرة لكنهم رضخوا لمتطلبات الدراما التلفزيونية، تقول: "هم اليوم في مرحلة من حياتهم يستطيعون فيها التفرغ للدراما التلفزيونية. هم يتصلون بالممثل قبل يوم واحد من أجل التصوير، وهذا يعني أنه يجب أن يتجرّد من كل شيء وأن ينتظر الأوردر، وأنا لا أستطيع أن أفعل ذلك، بسبب انشغالي بالتعليم في الجامعة وعملي في مؤسسة سمير قصير وارتباطاتي العائلية. ولا يمكنني أن أنتظر اتصالاً كي أهرع إلى التصوير، خصوصاً وأنني أعتمد النظام والتخطيط ولا أحب العشوائية. إلى ذلك لا يوجد دور مغر يستحق التضحية ويمكن أن يترك بصمة، وآخر دور لعبته وكان مغرياً فعلاً هو شخصية كريمة في مسلسل "ياسمينا". حتى الكُتاب يقولون لي عندما ألتقي بهم (لا يوجد لدينا دور يستحق قيمتك)، وهذا يعني أنهم لا يرشحونني لدور يعتبرون أن قيمتي أكبر منه. أما أصدقائي في المهنة فيقولون لي "نحن نقبل بأي دور لأننا مجبرون على العمل من أجل المال". وأنا أشعر أنني محظوظة، مع أنني تعبت على نفسي من ناحية أخرى لكوني اشتغلت في مهنة أخرى، وهذا الأمر يمكنني من رفض الأدوار التي لا تعجبني".

صحن من فضة

وعما إذا كانت تشعر بوجود هوة بين جيلها الفني والجيل الفني الجديد الذي لم تتوفر له فرص جيلها، تجيب: "لم تسمح لهم أوضاع لبنان بظروف مشابهة لظروفنا، عدا عن أن جيلنا اشتغل في المسرح والتلفزيون خلال الحرب وعرف قيمة العمل والتعب. نحن لم تصلنا الأدوار على صحن من فضة ولم نصبح فجأة نجوماً ونلعب أدوار البطولة. حالياً هم يعيشون مرحلة كيفية تعلم من يعمل في المهنة وكيفية تأمين أنفسهم، ونحن سبقناهم إلى ذلك، لذا نحن أكثر قدرة منهم على التحمل نتيجة خبرتنا في العذاب. إلى ذلك، نحن لم يكن وسيلة للوصول إلى الثقافة، لكننا اشتغلنا على أنفسنا. مثلاً، أنا لم أكن أفوّت مناسبة في المركز الثقافي الفرنسي، رغم الحرب، لكي أواكب الجديد. هذا الجيل "معتّر"، يتعلم قليلاً من نتفليكس، والبهرجة والأسماء الكبيرة لن تستمر لأنها مجرد موجات، ولم يعد هناك أسماء بقيمة أنطوان كرباج وإيلي صنيفر أو غيرهما ممن تركوا بصمة في الدراما اللبنانية. الكل صاروا أبطالاً وضيوف شرف وأصحاب إطلالات خاصة وكلهم متشابهون. وأنا أجنّ عندما أشاهد جنريك المسلسلات، حتى سلم القيم اختلف".

ورداً على سؤال حول ما إذا كان زملاؤها المسرحيون الذين اتجهوا نحو التلفزيون خانوا المسرح؟ ترد أسمر "بل أنا أفرح لمشاركتهم في الدراما لكونهم يمنحونها ثقلاً. العام الماضي، شاهدنا نقولا دانيال وجوليا قصار وعايدة صبرا في عمل لكارين رزق الله، وهم بوجودهم رفعوا قيمته، بينما الاستعانة بغيرهم كمن يُسمع درسه أمام الكاميرا. بفضل تلك الأسماء يتعرف الناس على نوع آخر من التمثيل، لأن كثيرين لا يعرفوننا بل يكتفون بمشاهدة بعض المسرحيات الكوميدية. قبل أن أولد وحتى اليوم، جمهور المسرح قليل جداً، لأنه لا يوجد لدى الناس فضول لمعرفة ما لا يعرفونه، بل يفرحون ويتابعون ما يعرفونه، ولا يهمهم معرفة ماذا يحصل في العالم، إلى أين يمكن أن يذهب العقل بالتفكير، الحياة، الموت، الحب، الفقر... المجتمع متعب جداً والمسرح يرجعه إلى ذاته ويواسيه، وآخر مسرحياتي "لعل وعسى" التي قدمتها مع حنان الحاج علي للمخرجة كريستيل خضر، وهنا أريد أن أؤكد مجدداً أنني لست فنانة متطلبة ولا أرفض العمل مع شخص لديه القدرة، حققت نجاحاً باهراً، ونحن سوف نقوم بجولة لعرضها في عدد من المدن الفرنسية".

وأشارت أسمر إلى أنها كونت ثنائياً ناجحاً جداً مع الممثلة حنان الحاج علي مع أنهما مختلفتان تماماً، موضحة: "كل واحدة منا عاشت خلال الحرب في ناحية مختلفة من المدينة، كما أن تجربتينا مختلفتان. فهي عاشت تجربة الحكواتي وأنا عشت تجارب مختلفة مع شكيب خوري وريمون جبارة ومنير بو دبس، كما أن كل واحدة منا جاءت من خلفية مختلفة، وما يجمع بيننا هو البلد ووجعه وخيبات أمله. والمسرحية تنتهي ببارقة أمل بأننا مستمرون طالما نحن على قيد الحياة".

لا أقاطع

في المقابل، تنفي أسمر مقاطعتها للسينما، وتقول: "أنا لا أقاطع بل أدرس العروض ثم أقرر. لكن أين هي الأفلام التي أنتجت منذ فيلم "طيارة من ورق" وحتى اليوم". ولأن هناك أفلاماً لبنانية تفوز بجوائز عالمية، تعلق "هذا الأمر يحصل حالياً ولكن في فترة "طيارة من ورق" كان يُنتج فيلم واحد أو فيلمان أو ثلاثة أفلام سنوياً. وهذا العدد يقلل الفرص أمام الممثل للمشاركة فيها، خصوصاً أنهم ينصحون المخرجين الذين يعيشون في الخارج باسم معين، فيتعاملون معه في كل أفلامهم. في السينما، تتكرر الوجوه نفسها تماماً كما يحصل في المسلسلات، فهم يعتبرون "أن الطبخة جاهزة" وينأون بأنفسهم عن البحث عن وجوه جديدة. وعدم إدخال عناصر جديدة تضيف نكهة مختلفة إلى الدراما يحول دون تطورها، وعندها يتحول الفن إلى معمل ولا يعود هناك خلق وإبداع".

---------------------------------------
المصدر : independentarabia

المسرحي جوزيف بو نصار: المخرج المسرحي الطليعي جاء إلى الدراما ورسخ حضوراً متميزاً

مجلة الفنون المسرحية


المسرحي جوزيف بو نصار: المخرج المسرحي الطليعي جاء إلى الدراما ورسخ حضوراً متميزاً
التمثيل فن صعب ويجب عدم التهاون معه

هيام بنوت  - 

جوزيف بو نصار ممثل وكاتب ومخرج مسرحي، بدأ مسيرته الفنية مع رائد المسرح اللبناني المعاصر، منير أبو دبس، قبل أن يسافر إلى بولندا لتعلم أصول الفن على يد المخرج العالمي غروتوفسكي، ثم انتقل مدينة باريس، والتحق بمسارحها واكتسب المزيد من الخبرات والمعلومات. وبعد عودته إلى بيروت أسس فرقة مسرحية خاصة به قدمت مجموعة من الأعمال حصدت نجاحاً كبيراً.

أسباب مادية

وكما كل المسرحيين تمسّك بو نصار بالمسرح، وما لبث أن انتقل بعد تردد إلى التلفزيون، كما يقول ويوضح، "اليوم، تنفذ الدراما المشتركة والمحلية في العالم العربي بمواصفات جيدة جداً لأن المنصات تطلب أعمالاً ذات قيمة فنية عالية. وقد ترددت كثيراً قبل العمل في التلفزيون، خصوصاً أنني عملت لسنوات طويلة في المسرح والسينما، وكنت شبه رافض للعمل فيه، لكن قبل عدة سنوات وافقت كما معظم ممثلي جيلي الفني، على العمل في التلفزيون، ولطالما كانت الأعمال التجارية التافهة موجودة، ولكن عددها تراجع نتيجة ارتفاع سقف الأعمال المحلية والمشتركة. جئت إلى التلفزيون مع المخرج المسرحي شكيب خوري الذي تخرج من إحدى جامعات لندن، وقدمنا عملاً من بطولتي ومنى طايع ومنير معاصري بإمكانات عالية جداً. أما ظهوري الثاني فكان من خلال مسلسل "العاصفة تهب مرتين" للكاتب شكري أنيس فاخوري الذي حقق نجاحاً شعبياً كبيراً. صحيح أنني شاركت في الكثير من الأعمال التلفزيونية، ولكنني لم أقبل يوماً بعمل دون المستوى، لأنني أعرف كيف أختار المسلسلات، ولا أجد نفسي مجبراً على القبول بأي عمل، وفي الأساس أنا عملت في الصحافة 25 عاماً كي لا أضطر القبول بأدوار غير راضٍ عنها لأسباب مادية".

يؤكد بو نصار أن عمله في التلفزيون لم يفقده الشغف بالمسرح الذي بدأ مساره الفني من خلاله عندما اشتغل مع منير أبو دبس في مدرسة "المسرح الحديث"، وعن هذه المرحلة يقول، "درست وشاركت لمدة ست سنوات في أعمال أبو دبس المسرحية، ومن بعدها قصدت محترف غروتوفسكي في بولندا، وكان من أهم المخرجين ومدربي الممثلين في العالم، ثم اشتغلت في فرنسا لمدة 5 سنوات في المسرح قبل أن أعود إلى لبنان وأؤسس فرقة مسرحية ومسرحاً يتسع لـ90 مقعداً. وقدمنا أعمالاً مسرحية عالمية مهمة جداً بعد ترجمتها إلى العربية، كما قدمت كمخرج وممثل أعمالاً كثيرة على أهم المسارح في لبنان. شغفي بالمسرح لم يخف أبداً، ولكن المراحل المرعبة التي عشناها في لبنان بسبب الحروب أثرت علينا وعلى إخلاصنا له، هذا عدا الضائقة الاقتصادية التي بدأت قبل 7 سنوات، ولم يعد بإمكاننا تحمل خسارة عملنا المسرحي. صحيح أننا لم نكن نريد أن نعتاش من وراء المسرح، إلا أننا في الوقت نفسه لم نكن نريد أن يكون سبباً في خسارتنا، كما أن الدولة "يتمت" المسرحي اللبناني ولم تقدم له المساعدة، مع أن 90 في المئة من الدول التي زُرتها أو أعرفها أو اشتغلت فيها، ومن ضمنها الدول العربية، تخصص ميزانية للمسرحيين لكي يتمكنوا من الاستمرار في حال وقعوا في الخسارة. نحن "تساقطنا" الواحد تلو الآخر لأننا لم نعد نملك القدرة على الاحتمال".

خبرة المخرج

في المقابل، يؤكد بو نصار أنه لا يفتقد لعمله كمخرج، ويقول: "لا أريد القول إنني أتعدى على المخرج، ولكنني أدير نفسي كممثل. اللذة التي أشعر بها في المسرح بإعطاء القيمة للدور أمارسها على نفسي، وأنا أتناقش مع المخرج دائماً في أدواري وأصل بها إلى أماكن متقدمة من خلال خبرتي كمخرج". وفي ظل الإقبال على التعامل مع المخرجين الشباب، من يدير الآخر: الممثل المخضرم أم المخرج؟ يرد: "يوجد جامعات في لبنان تعلم الإخراج ومن بين 10 طلاب يدرسون المواد نفسها مع الأساتذة أنفسهم، يمكن أن يكون هناك مخرجان عبقريان والباقون عاديون، والسبب يعود إلى الموهبة والعلم. وأنا أسلم نفسي في عملي الجديد للمخرج التونسي الشاب مجدي السميري الذي لا يتجاوز ستة وثلاثين عاماً، وأنا أكبره بثلاثين عاماً ويوجد مثله في لبنان 3 أو 4 مخرجين. لا توجد معادلة واحدة تسري على كل المخرجين، والموهبة والثقافة هما اللتان تميزان مخرجاً عن آخر".

هل يرى بو نصار أن الفن يتحول إلى مهنة بالنسبة إلى الفنان نتيجة الظروف الاقتصادية الضاغطة؟ يجيب، "التمثيل هو شغف وعندما يتحول هذا الشعف إلى جني للمال فقط فإنه يصبح مهنة، ويبدأ بالانتهاء، ولكن طالما أن فرح العمل وحب المهنة موجودان فإنه يصبح رسالة".

وهل يبقى هذا الشغف موجوداً عندما يشارك الممثل في 7 أعمال سنوياً، وهل ترضي جميعها قناعاته؟ يقول بو نصار: "لا يمكن إدراجي مع هذا النوع من الممثلين. شخصياً، لا يمكن أن أصور عملين في وقت واحد، وعندما أنتهي من تصوير عمل ما، فإنني أنتظر العمل الذي يرضيني وأشتغل عليه من الألف إلى الياء. وبعد إنجاز تصويره أنتظر فترة من الزمن لكي أتثقف وأشاهد أفلاماً عالمية وأستمع للموسيقى لكي أشعر بأنني قادر على العطاء أكثر، لكنّ هناك ممثلين يقبلون بأكثر من عمل في وقت واحد ويقدمون أدواراً متشابهة ولا يبتعدون عن الشاشة، حتى إن الناس يملون منهم، وهؤلاء لهم أسبابهم وآراؤهم".

عمر الشريف وأحمد مظهر

هل يرى بو نصار أن الممثل العربي قادر على منافسة النجوم العالميين بأدائه، وخصوصاً الممثلين الذين يعتبرهم البعض مثلاً أعلى لهم كروبرت دي نيرو وآل باتشينو، وغيرهما. يقول بو نصار، "هم موجودون اليوم وفي الماضي كانوا موجودين أيضاً، ولكن بنسب متفاوتة. فإذا كان هناك 100 ممثل رائع في أميركا، فإنه يوجد 3 ممثلين رائعين في العالم العربي، لكنهم في الغرب معروفون أكثر بسبب وفرة إنتاجاتهم. في أي بلد في العالم كمصر والهند واليابان والصين وأوروبا يوجد ممثلون قادرون على منافسة الممثلين العالميين الهوليووديين. وعربياً، يلفتني أحمد مظهر، فهو ممثل رائع ولا شيء يمنع من أن يكون عالمياً، وهناك أيضاً شكري سرحان، ولكنني لا أقول إنهما أهم من عمر الشريف، بل هو مثلهما، ولكنه وصل إلى العالمية".

ومع أن جوزيف بو نصار نوع في أدواره وفي الشخصيات التي قدمها، هل أسره شكله في أدوار الشر أكثر من سواها؟ يجيب: "ربما! ويعود السبب إلى ملامحي وقوة حضوري وصوتي القاسي والعميق والمسيطر، ومجموعة من العوامل الأخرى، ولكن إلى جانب هذه الأدوار التي أحببتها ولعبتها من قلبي، لعبت أيضاً أدواراً منوعة في المسرح والسينما والتلفزيون، تنوعت بين الكوميدي والهادئ والحنون. وأعتقد أن أول ما يجب أن يفعله الممثل الواعي الذي يحب مهنته هو الموافقة على الدور الذي يحبه، ومن ثم يشتغل عليه مهما كان نوعه. وهناك الذريعة اليي تعطي سبباً لكل المشاهد والتصرفات التي يقوم بها الممثل. يجب على الممثل أن يدرس الدور جيداً ويتعب عليه. لا أحب الممثلين الذين يمثلون فقط من دون التعب على الدور. المهنة صعبة جداً ولا يكفي الوقوف أمام الكاميرا ووضع الميكاب لكي نبدو وسيمين وظرفاء. وبالنسبة لي الممثل كالطبيب ويمكن لأي خطأ أن يقضي عليه".

انتهى بو نصار في سبتمبر (أيلول) الماضي من تصوير مسلسل لبناني - سوري أردني مشترك بعنوان "السجين"، وهو من إنتاج شركة "جينوميديا". ويتابع حالياً تصوير مسلسل "من... إلى" للمخرج مجدي السميري، ويضم عدداً كبيراً من الممثلين، وهو من إنتاج شركة "الصباح"، على أن يباشر خلال الفترة المقبلة تصوير مسلسل جديد. ويعتبر أن المنصات خدمت الدراما لأنها تطلب كمية وفيرة من المسلسلات المحلية والمشتركة المنفذة بشكل جيد جداً، بحيث يستغرق تصوير الحلقة 4 أيام، كما أنها شرعت أبواب العمل أمام الممثلين والمخرجين والكتاب والتقنين. ويوضح أن قطاع التمثيل لم يتأثر بتردي الأزمة الاقتصادية العالمية، وإن جائحة كورونا أبطأت عجلة الإنتاجات قليلاً، ولكنها لم توقفها، عدا عن أنها شجعت المنتجين على المغامرة من خلال زيادة عدد أعمالهم.
-------------------------------------------------
المصدر : independentarabia

الجمعة، 3 يونيو 2022

مونودراما " الأمُ الثَّكْلَى" تأليف محمود القليني

مجلة الفنون المسرحية

الخميس، 2 يونيو 2022

مسرح تافوكت في جولة مسرحية وفنية كبرى بأوروبا وإفريقيا

مجلة الفنون المسرحية


مسرح تافوكت في جولة مسرحية وفنية كبرى بأوروبا وإفريقيا
نسرين الناجي _  390

بدعم من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج – قطاع المغاربة المقيمين بالخارج، يقوم فضاء تافوكت للإبداع بجولة بكل من إسبانيا، فرنسا وإيطاليا ودول أوروبية أخرى خلال شهر يونيو 2022 لينتقل بعد ذلك إلى السنغال.

وسيكون للجالية المغربية موعد مع عروض مسرحية "أفرزيز" التي أنجزت في إطار دعم توطين وزارة الثقافة المغربية للفرق المسرحية، وبشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

وبالموازاة مع ذلك، سيقدم مسرح تافوكت عروضا لفائدة أطفال مغاربة العالم من خلال الأوبريت الغنائية أركانة Argana Opérette متبوعة بلقاءات مع الأطفال، علاوة على تقديم مجموعة من الحفلات الموسيقية المتنوعة، كما عمل فضاء تافوكت للإبداع في إطار الأعمال الاجتماعية على برمجة مسرحية وموسيقية خاصة لفائدة النزلاء المغاربة بمركز سجن بونينت لالييدا بمنطقة كتالونيا الإسبانية.

وبهذا، سيكون للجمهور لقاء مع فناني وعروض وحفلات مسرح تافوكت بإسبانيا يوم 03 يونيو 2022 بالمركز الثقافي لمدينة إلفندريل، ويوم 04 يونيو 2022 بالمركز الثقافي لمدينة تاراغونا، ويوم 05 يونيو بالمركز الثقافي لمدينة لالييدا، ويوم 07 يونيو بمسرح سجن بونينت لالييدا، ثم بفرنسا يومي السبت 11 والأحد 12 يونيو بالعاصمة باريس، ويوم السبت 18 يونيو بمدينة ستراسبورغ، ويوم الأحد 19 يونيو بمدينة نانسي، وبإيطاليا يوم الجمعة 24 يونيو بمدينة فيرونا، ويوم السبت 25 يونيو بمدينة بادوفا، والأحد 26 يونيو بمدينة بولونيا، كما سيتخلل البرنامج عروض أخرى بكل من لوكسمبورغ وبلجيكا وألمانيا وسويسرا في طور البرمجة مع مجموعة من الشركاء.
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption