أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 13 مارس 2016

ضمن مهرجان ربيع الثقافة، عروض مسرح "إيميج" تنطلق في الصالة الثقافية

مجلة الفنون المسرحية
انطلقت يوم الجمعة الموافق 11 مارس 2016م عروض مسرح إيميج، الذي يأتي إلى مملكة البحرين ضمن مهرجان ربيع الثقافة الحادي عشر، حيث استقبلت الصالة الثقافية أولى عروضه بحضور جمهور كبير من محبي المسرح والفنون الاستعراضية. وما زال مسرح إيميج يملك في جعبته المزيد، حيث سيقدم يوم غد السبت الموافق 12 مارس 2016م عرضه الثاني في الصالة الثقافية في تمام الساعة 5:00 مساء. وتدعو هيئة البحرين للثقافة والآثار جميع محبي فنون المسرح والاستعراض لحضور ثاني عروض مسرح إيميج، حيث الدعوة عامة والحد الأدنى للعمر 6 سنوات.

واستمتع حضور العرض اليوم بالفنون التي يقدمها مسرح إيميج، كالمسرح الأسود والتمثيل الإيمائي والرقص المعتمد على التقاليد التشيكية العريقة، هذا إضافة إلى مشاهدتهم لمقاطع كوميدية أبدعتها الفرقة الاستعراضية ذات الصيت العالمي. وفي ختام العرض قدّم مسرح إيميج ورشة عمل شارك فيه الأطفال والحضور في تعلم بعض الأسرار المسرحية الخاصة التي أضفت على الفعالية روح المشاركة والتعلم. ويقدم مهرجان ربيع الثقافة خلال موسمه الحالي العديد من العروض المسرحية والاستعراضية. فالصالة الثقافية تستضيف يوم 17 مارس حفلا يقدم العرض المصري "الليلة الكبيرة" . ويوم 27 مارس تستقبل الصالة العرض المسرحي الألماني "فندق باراديسو". أما يوم 19 أبريل فتستضيف الصالة كذلك مسرحية للكاتب البحريني عقيل سوار ومن إخراج المخرج أحمد الصايغ ومن إنتاج هيئة البحرين للثقافة والآثار بعنوان "الطفاطيف".

وتأتي فنون الاستعراض كذلك إلى قلعة عراد لتبدأ مع عرض "كاش" يوم 11 مارس لفرقة أكرم خان. كما سيقدم ثلاثة وعشرون موسيقيا من عشر دول يتحدثون لغات مختلفة من فرقة أوركيسترا دي بياتزا فيتوريو يوم 17 مارس عرضا على مسرح قلعة عراد يجسد أوبرا كارمن لجورج بيزيه. كما ستحتضن قلعة عراد يوم 7 أبريل عرض "فلون" المسرحي.

أما نادي الخريجين فيستضيف يوم 18 مارس عرض "حكاية تيدلر وغيرها". وسيقدم عرض مسرحي أخر في نادي الخريجين كذلك يوم 8 أبريل بإخراج بحريني بعنوان "فوضى في المدينة". ويمكن الحصول على المزيد من التفاصيل حو مهرجان ربيع الثقافة عبر زيارة المواقع الإلكتروني للمهرجان www.springofculture.org

------------------------------------
المصدر: هيئة البحرين للثقافة والاثار

روناك شوقي تبحث عن المسرح العراقي الجديد .. في المهجر

مجلة الفنون المسرحية

تحتل المخرجة والممثلة المسرحية العراقية روناك شوقي (من مواليد بغداد عام 1953) مكانة خاصة بين الفنانين المسرحيين العراقيين  حيث تواصل بدأب وبنكران ذات العمل المسرحي في خارج وطنها وأسست استديو الممثل في لندن لهذا الغرض.

تحتل المخرجة والممثلة المسرحية العراقية روناك شوقي (من مواليد بغداد عام 1953) مكانة خاصة بين الفنانين المسرحيين العراقيين  حيث تواصل بدأب وبنكران ذات العمل المسرحي في خارج وطنها وأسست استديو الممثل في لندن لهذا الغرض.

موسوعة المسرح العراقي في كربلاء

مجلة الفنون المسرحية

كتاب صادر  عن دار الهنا للعمارة والفنون في بغداد وبالتعاون مع مؤسسة اتجاهات الثقافية  للباحث المسرحي عبد الرزاق عبد الكريم وحمل عنوان موسوعة المسرح العراقي في كربلاء - فرقة مسرح كربلاء الفني وهو الجزء الاول من سبعة اجزاء ستصدر تباعا.. 
و  الكتاب  يقع في 218 صفحة تناول بحث وارشيف لفرقة مسرح كربلاء الفني منذ تأسيسها بداية السبعينيات لغاية الوقت الحاضر وقد تضمنت المسرحيات واماكن واوقات عروضها واسماء العاملين فيها من المخرجين والمؤلفين والممثلين والفنيين بالاضافة الى مانشر عن تلك المسرحيات من النقد والمقابلات في معظم الدوريات والصحف والمجلات العراقية والعربية
والمؤلف من مواليد 1947 وهو باحث في شأن المسرح العراقي في كربلاء نشر العديد من المقالات والبحوث عن المسرح... مارس العمل الفني المسرحي منذ العام 1965 مع مجموعة الفنان الراحل عزي الوهاب ثم شكل مجموعة مع الفنان الراحل نعمة ابو سبع والذي توجت بتأسيس فرقة مسرح كربلاء الفني وفرقة كربلاء للتمثيل التابعة للمؤسسة العامة للسينما والمسرح اضافة الى المساهمة في معظم الاعمال المسرحية التي قدمت في كربلاء من خلال النشاط المدرسي ونقابة المعلمين ونقابة الفنانين وفرق المنظمات الطلابية والشبابية والعمالية
عضو نقابة الفنانين العراقين منذ تأسيسها بداية سبعينيات القرن الماضي وعضو مؤتمرها الاول المنعقد في البصرة واحد مؤسسي فرع نقابة الفنانين في كربلاء اضافة الى مساهمته في تأسيس فرقة مسرح كربلاء الفني ورئيسها في الوقت الحاضر والمبادر في تأسيس فرقة كربلاء للتمثيل التابعة للمؤسسة العامة للسينما والمسرح هذا وان الموسوعة تتضمن حركة المسرح في كربلاء من بداية القرن العشرين الى نهايته وعروض فرقة كربلاء للتمثيل ودور الثقافة الجماهيرية والنشاط المدرسي التابع لمديرية التربية ونقابة الفنانين وعروض المسرح العمالي والفلاحي والنسوي مع ترجمات للمؤلفين والمخرجين ورواد حركة المسرح الكربلائي والعوائل الفنية

--------------------------------
المصدر :موقع نون  

14 عملاً في «أيام الشارقة المسرحية».. وتكريم السليطي وغباش

مجلة الفنون المسرحية


تنطلق في الشارقة، الخميس المقبل، النسخة الـ26 من «أيام الشارقة المسرحية»، برعاية وحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتستمر 10 أيام، وذلك بمشاركة 11 فرقة مسرحية محلية، ثماني فرق منها تتنافس على جوائز هذه التظاهرة الفنية والثقافية، وثلاث فرق تعرض أعمالها ضمن برنامج «خارج المسابقة»، إلى جانب ثلاثة عروض مسرحية أخرى، من بينها العرض الفائز بجائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، لأفضل عمل مسرحي عربي 2015، الذي نظمته الهيئة العربية للمسرح في دولة الكويت، في يناير الماضي، «صدى الصمت»، إضافة إلى عرضين من عروض الدورة الأخيرة من مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة، الذي تنظمه إدارة المسرح بالدائرة في الربع الأخير من كل عام في مدينة كلباء.
وقال رئيس دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، عبدالله محمد العويس، إن «أيام الشارقة المسرحية» تظاهرة مسرحية محلية وعربية أخذت على عاتقها الاهتمام بالنص المسرحي المحلي وبالمسرح المحلي، كالاهتمام بالنص المسرحي العربي وبالمسرح العربي.
وأكد العويس على أهمية «أيام الشارقة المسرحية» كونها ركيزة للحركة المسرحية منذ تنظيمها للدورة الأولى وحتى الآن، وذلك لما تكنزه من برامج فكرية، وندوات تطبيقية وورش عمل وإصدارات مسرحية، إضافة إلى دورها في إثراء التأليف المسرحي، وتوفير منافسات مسرحية للمبدعين الجدد في مجالي التمثيل والسينوغرافيا، وغيرهما من مفردات العمل المسرحي.
وتحدث العويس عن عودة كبار المسرحيين والمخرجين، مثل ناجي الحاي وحسن رجب، لافتاً إلى أنه سيتم تكريم الفنان القطري، غانم السليطي، بجائزة الشارقة للمسرح العربي في هذه الدورة، أما الشخصية المحلية المكرمة فهو الفنان عمر غباش.
14 عرضاً مسرحياً
وقال مدير إدارة المسرح في الدائرة المنسق العام لمهرجان أيام الشارقة المسرحية، أحمد بورحيمة، إن الدورة ستشهد مشاركة فرق مسرحية بعروض تتضمن 14 عرضاً، وعدد الفرق المسرحية التي تتكون من 11 فرقة مسرحية محلية، ثمانية داخل المسابقة وثلاثة خارج المسابقة.
وأشار بورحيمة إلى أن الفرق المشاركة في «الأيام المسرحية» هي «المسرح الكويتي، مسرح دبا الفجيرة، مسرح خورفكان للفنون، مسرح كلباء، مسرح أم القيوين، مسرح دبي الشعبي، مسرح دبي الأهلي، المسرح الحديث، جمعية دبا الحصن للمسرح، مسرح عيال زايد، مسرح الشارقة الوطني، مسرح الفجيرة، عروض مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة»، مشيراً إلى أنه يصاحب «أيام الشارقة المسرحية» معرض للكتاب المسرحي، ونشرة يومية.
الجديد في «الأيام»
لفت بورحيمة إلى أن هناك الكثير من الإضافات الجديدة في هذه الدورة، من بينها رفع قيمة الجائزة للفائزين الثلاثة، وتحولها من محلية إلى خليجية، مشيراً إلى أن هناك لائحة تنظيمية مختلفة تماماً عن اللائحة السابقة، حيث تم التشدد في بعض البنود كي تستمر الأيام في ألقها، ومن أجل أن تستمر الأيام في تجويد شروط المشاركة، ستكون مخاطبة اللجنة العليا للأيام في منتصف ديسمبر من كل عام، وذلك من أجل من يريد المشاركة، وستكون هناك زيارتان، الأولى تحت عنوان «جولة صديقة»، حيث تناقش اللجنة مع الفرق المسرحية مختلف التفاصيل حول المشاركة، والثانية في منتصف فبراير تتعلق باختيار العرض للمشاركة.
فائزون
أعلن بورحيمة عن أسماء الفائزين بجائزة الشارقة للتأليف المسرحي التي كانت لهذه الدورة على المستوى الخليجي، والفائزون هم: المركز الأول: تغريد عبدالواحد الداوود من الكويت، عن نص «غصة عبور»، المركز الثاني: نعيم فتح مبروك بيت نور من سلطنة عمان، عن نص «أحلام ممنوعة»، المركز الثالث: حميد فارس من اخبار، عن نص «العجين»، لافتاً إلى أنه مع هذه الدورة أصبحت قيمة الجائزة للمركز الأول 100 ألف درهم، والمركز الثاني 50 ألف درهم، والثالث 25 ألف درهم.
100 ضيف عربي
دعت دائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة أكثر من 100 ضيف من الأقطار العربية لحضور فعاليات «الأيام»، بينهم مسرحيون ونجوم دراما وسينما ومديرو مهرجانات ومؤسسات مسرحية وإعلاميون، بالإضافة إلى 12 طالباً متميزاً من كليات ومعاهد المسرح العربي، كما دعت الدائرة العديد من الشخصيات السياسية والإعلامية والثقافية في الدولة لحضور حفل الافتتاح ومشاهدة العرض المسرحي الفائز بـ«جائزة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي لأفضل عرض عربي»، وهو بعنوان «صدى الصمت» من تأليف الكاتب العراقي، قاسم مطرود، وإخراج الكويتي فيصل العميري.

----------------------
المصدر - اليوم

السبت، 12 مارس 2016

المسرح العراقي الجديد يلتقط حركة الواقع ويبقى منفتحاً على التجريب / ا.د. قاسم مؤنس

مجلة الفنون المسرحية

         
         
  المسرح العراقي الجديد هو بالضرورة مسرح تجريبي يلتقط حركة الواقع ويبقى منفتحاً لكي يصل الى البنية الفنية الملائمة ، لهذا ظهرت بعض الفرق الخاصة التي من الممكن أن يكون لها أثراً في تركيبة المسرح العراقي إذ ماحظيت بالاهتمام والدعم ومن هذه الفرق ( مجموعة المختبر المسرحي ) قامت هذه المجموعة على هيئة إدارية معظم أفرادها من أساتذة الجامعة ولهم أعمال كبيرة في مجال المسرح العراقي والعربي ومن اجل ترسيخ القيم التربوية للمسرح العراقي الجديد ومن هنا تؤكد مجموعة المختبر المسرحي على اللغة المسرحية من أجل تمييزها عن اللغة الأدبية والابتعاد عن السقوط في التعليمية التي تعيد المسرح الى لغة البيان والفصاحة ومن أن تستوعب حركة الواقع العراقي أو ندفعه الى أن لايرى من هذه الحركية إلا مايتصل بحقل الصراع البشري، اعني الجانب السياسي المباشر التجريبي لهذه المجموعة .
أولاً- على مستوى اللغة المسرحية :-
 حيث تبقى طاقة تتفجر باتجاه الحجوم وطريق الاستمرار لمسرح عراقي ذي أبعاد متصلة مع واقع اليوم وحساسية مسرحية فنية متقدمة وصولاً الى مفهوم حديث في المسرح ولا يتحقق ذلك إلا من خلال إعادة النظر جذريا في الموروث من دون إعادة النظر في مفهوم اللغة ومفهوم الكلام من دون فهم جديد للإنسان العراقي ككائن خلاق يرفض ، يختار ويغير تبعاً لذلك تعمل مجموعة المختبر المسرحي على أن لا تعيد اللغة المسرحية المتلقي الى نشوة البيان والفصاحة ، وإنما تجعل منها لغة جسد وحركة وتساؤل ، إن الكلمة تعيد المتلقي الى الفكرة والجسد يعيد المتلقي الى الروحانية وبهذا يخاطب المتلقي حسياً وحركياً من خلال حياة واقعية .


ثانياً – على مستوى التمثيــل :-
 تعمل مجموعة المختبر المسرحي على وفق نظام الطاقم القائم على منظومة جسد الممثل لان الجسد ليس عضلات وعظام وجلدا وألياف فقط بل هو عبارة عن ترسانة كبيرة من الإيماءات والحركة اذا ما أحسن استخدامها وتدريبها أعطت نتائج هائلة من حيث إيصال الدلالي الى المتلقي ثم تأتي عناصر الخطاب البصري الأخرى وهي ساندة ومقوية لجسد الممثل ، حتى التمثيل ليس تصورياً بل هو تشخيص من جهة ومشاهدة جسدية لهذا التشخيص من جهة أخرى ، بمعنى آخر يقبل الجسد أن يعرض ذاته خلقاً وخُلقاً أمام جسد آخر يقبل أن ينظر إليه وفق درامية لاتمثل الفعل ولاتستعيده ولا تحاكيه ، وإنما تحياه وفق مبدأ التفكيك القائم على أساس الهدم والبناء الذي تكون فيه كل المراكز داخل منظومة الجسد مراكز غير مستقرة ، أي متغيرة متحولة متبدلة ، وليس هناك استقرار ثابت لمركز داخل منظومة الجسد أو داخل الخطاب البصري بشكل عام حتى المكان نفسه يتحول في البنية الدرامية الى شكل آخر للزمان أي يصبح امتداداً له من أجل أن تصبح منظومة الخطاب البصري قائمة على هدم وبناء في ( الآن ) و( ألهنا ) في الشكل والمضمون ( البنية المعمارية ) للتركيبة الداخلية للعرض المسرحي على وفق منهج يعتمد على القراءة واستجابتها المتعددة واللانهائية وفق لانهاية القراءة .

ثالثا- على مستوى الإخــراج :-
   اعتمدت مجموعة المختبر المسرحي لغة قابلة للتحليل والتأويل كغيرها من اللغات تقوم أساساً على علم العلامات من أجل التوصل والإقناع من خلال نوع من أنواع الاتصال بين خطاب العرض المتمثل بالمرسل والمتلقي يعتمد على خزين من العلامات والشفرات البصرية ، يقوم على العناصر البصرية مجتمعة حيث تتفاعل العناصر إخراجياً مع بعضها لبناء معمارية الخطاب البصري كلياً ، من خلال مفهوم شامل للممارسات الإخراجية التي لايمكن تحقيقها إلا من خلال الفضاء الذي يمتلئ بالصور البصرية والأصوات المتداخلة بعضها مع بعض من خلال حركة مكان فيزيقي ينتظر ملموس منا أن نملأه ونجعله يتحدث لغة ملموسة من خلال تغذية الفضاء وتأثيثه حتى يصبح ناطقاً بالآف العلامات والوسائل والشفرات المليئة بالرموز أي توصل الى لغة فيزيقية جديدة نابعة من العناصر المسرحية التي تعوض لغة الكلمة الصادرة عن النص كما في مسرحية ( علامة استفهام ) حيث جعل المخرج الممثل يشق الفضاء المسرحي متدفقاً من خلال الحركة .
 وان الفضاء المسرحي ممتلئ بعلب المشروبات الغازية والحناجر الصارخة والألحان الموسيقية الغريبة والغاز القادم من كل مكان إذ أعطى إيحاء من خلال الحركة بان الممثل قد انقسم على نفسه بعض منه في النور وبعض منه في الظلام مع وجود عشرات الأصوات المتداخلة والتعبيرات المرسومة من حركة الضوء على جسد الممثل حيث مثلت صورة مركبة للاوعي .
اعتمد العرض على الحركة الراقصة والتشكيل والإشارات والأناشيد والهياكل الهندسية مع خطوط المنظومة الضوئية الناطقة بدلالات لونية متعددة نابعة من تأويل المعنى للعرض المسرحي وقد تم توظيف كل وسيلة من الوسائل أما في ذاتها أو في تجانسها مع الوسائل الأخرى لتحيلنا الى أفكار لا الى كلمات كما هو الحال في المسرح التقليدي ، بل كانت كل عناصر الخطاب البصري تبحث عن تحقيق ابداعي تجريبي مبتكر والابتعاد عن الافكار الجاهزة والبحث بشكل مستمر عن الابداع الذي لايشيخ وعن الاصالة من خلال العرفة الكبيرة لواقع المجتمع العراقي . وقد قدم العمل المعاناة اليومية للشعب العراقي من خلال ادرامية لانتأسى على الممثل او المشاهد او الحدث ، بل نتأسى على الممثل والمشاهد في بؤرة الحدث ومداره .

----------------------------------
المصدر : كلية الفنون الجميلة

ما الــذي تركـــه المسـرح العراقــي في سنوات التسعينيــات؟ / عبد الخالق كيطان

مجلة الفنون المسرحية

*تيار المسرحية الاستهلاكية:

ويسميها كثيرون، المسرحية التجارية، على اننا نصر على كونها استهلاكية، لأن اكبر واعظم المسرحيات الجادة تكلف (انتاجا) ويقتضي الدخول لمشاهدتها (اموالا ـ ثمن التذكرة)، فالاصح ان تسمى الأولى استهلاكية، لأنها خالية من المضامين العميقة والأطر الجمالية الخلاقة.


يتفق الدارسون للمسرح العراقي على ان ظهور المسرحية الاستهلاكية قد تزامن وانطلاق الحرب العراقية الايرانية مطلع الثمانينيات، هذا تاريخيا، اما لماذا فالاجابة لا تستحق كثير عناء،  إذ ماذا تخلف الحرب غير الخراب؟...
والمسرحية الاستهلاكية هي خراب المسرح في العراق... كان المسرح المصري ـ مثلا ـ بعد حربي 67/ 73 قد شهد ولادة هذا النوع، الذي له جذوره في واقع المسرحي عموما وان اختلفت التسميات من : الملهى، الفاصل، المهزلة، الفارس، الترويح.. الخ، على ان النتيجة التي لا حياد عنها هو انه مسرح استهلاكي خال من روح وجوهر الفن.
بدأ هذا التيار في الانتشار على المسارح العراقية مع مسرحيات معدودة، ومع فنانين محدودين، الا ان المفاجأة تمثلت بازدحام الصالات التي تقدم هذه العروض القليلة آنذاك بالجمهور مع تناقص تدريجي في اعداد جمهور المسرحيات الجادة، وقد وفر ازدياد اعداد الجمهور او قلتهم على هذا العرض او ذاك ار تفاعا في دخول عناصر الفريق الاول وانخفاضا في دخول عناصر الفريق الثاني، من جهة، ومن جهة ثانية، فان تيار المسرحية الاستهلاكية بدأ يوفر لابطال عروضه نجومية ساحقة في الشارع العراقي على حساب ابطال المسرحيات الجادة، يساعدهم في صنع هذه النجومية الاعلانات الكثيرة جدا التي بدأ يبثها تلفزيون العراق لهذه المسرحيات مع مشاهدة كاملة منها لا تخلو في كثير من الاحيان من قبح وتشويه، فماذا كان يحصل حقيقة على خشبات المسارح اذا كان هذا حال الاعلان التلفزيوني؟
صناع هذه المسرحيات يدعون بانهم يقدمون فنا انتقاديا ودليلهم تفاعل الجمهور معهم، اما الواقفون ضد هذه المسرحيات فقد أصبحوا مجرد (معقدين) لايحبون الضحك والابتسام و (الفرفشة)، خاصة وقد اجتذبت هذه المسرحيات ومنتجوها بعض الفنانين الجادين اليها ممن اكلهم الجوع وشظب المعيشة، وهكذا اصبح المعارضون للمسرحيات الاستهلاكية ممن تحل عليهم اللعنة، فاصبح يوسف العاني وخليل شوقي وجعفر السعدي وبدري حسون فريد وسامي عبد الحميد وزكية الزيدي وازادوهي صاموئيل وغيرهم من رواد المسرح العراقي بين موقفين: اما الصمت بانتظار المعجزة واما المحاربة من خلال الصحافة، حيث لم يبادر هذا الرهط من اهل المسرح الحقيقي بانتاج مسرحيات محكمة تتبنى ذات الشعار الذي تبناه الاستهلاكيون وهو شعار: (المسرحية الكوميدية الشعبية الانتقادية الساخرة) واحيانا (المسرحية الغنائية الاستعراضية)، وكان شعار مفرغ من معناه في ظل هيمنة الخطاب السطحي لهذه العروض، وكان الرواد قد تعاملوا (في السبعينيات مثلا) مع ذات الشعار ولكن في عروض جمالية هادفة، اما عروضهم في الثمانينيات فكانت قليلة حد الندرة لم تستطع مقاومة المد الاستهلاكي.
ان انتقاد ظاهرة اجتماعية او سياسية او اقتصادية في المجتمع عبر عرض مسرحي لايعني مطلقا ان هذا العرض هو عرض انتقادي، العرض الانتقادي يتعلق بالاحرى ببنية عرض لها اصولها العلمية والدقيقة والتي لانجدها في العرض الاستهلاكي، حيث يضم هذا العرض الاخير قفشات محسوبة للاضحاك فقط اعتمادا على بنيات مركزية هي (السكير، الفلاح النازح من الجنوب، الراقصة، اللص، المعاق، والمشوه جسديا وخلقيا) في اطار ساذج وبليد يتبعه تجريح واضح بشريحة واسعة من ابناء المجتمع العراقي، كما يحدث مثلا مع شخصية الفلاح المتحدر من الجنوب عندما تضعه اغلب المسرحيات الاستهلاكية نموذجا للغباء ومصدرا للتندر والضحك عليه مما لم يحدث مع شخصيات اصولها تتحدر من ذات الاصول التي تحدرت منها السلطة الحاكمة في العراق، نعم الخوف من العقاب الحاد هو يدفع الى الابتعاد قدر الامكان عن رموز وجذور اهل السلطة الا انهم من جانب اخر اساءوا اساءة بالغة لأناس هم في الحقيقة من اشراف الناس، وهم من اهل الجنوب العراقي.

ماهي ركائز المسرحية الاستهلاكية؟
تتكون المسرحية الاستهلاكية من مجموعــــة فواصل/ مشاهد هزلية يوحدها اطار حكائي متخلف وساذج، ومركز الفواصل والاطار هو بطل المسرحية والذي عادة ما يكون واحدا من نجوم شباك التذاكر ،  حيث يتعالى صفير الجمهور وتصفيقهم حالما يظهر على المسرح (بالاحرى على خشبة المسرح الملهى، لأن هذا البطل المزعوم يماثل راقصة ملهى تفعل كل شيء من اجل اسعاد الجمهور الذي دفع نقوده لمشاهدتها!!) وبظهور البطل يبدأ فاصل مركزي في المسرحية (المسرحية الواحدة تحوي اكثر من فاصل مركزي) يتمثل باهانة الممثلين الاخرين ممن يقفون معه على الخشبة، وابداء بعض الحركات البذيئة بالجسد، ثم التلفظ بمفردات وقحة وغير اخلاقية، مع تماه واضح من قبل جمهور جاء ليضحك على هذا (البطل) الوهمي ، ويالها من مسخرة !! وقد دخلت مؤخرا انواع جديدة في موضة المسرحية الاستهلاكية، انواع تدعم وتعزز هذه الفواصل مثل (المطرب والراقصة)وغيرها، ولاتكاد تخرج مسرحية استهلاكية واحدة عن هذا التوصيف!!.
استطاع هذا التيار ان يرسخ نفسه بالرغم من الهجوم المتكرر والمستمر الذي تعرض ويتعرض له من على صفحات الجرائد والمجلات العراقية من قبل اقلام عراقية محترمة واخرى هاوية، حتى اصبحت ظاهرة مهاجمة عروض هذا التيار موضة هي الاخرى! ولكن هذا الهجوم  ـ عموما ـ كان كالنفخ في قربة مقطوعة ـ كما يقال ـ ذلك ان الامر قد عقد، وعلى اعلى المستويات، على استمرار هذا التيار لأن عروضه (تلهي) الجمهور ـ الشعب، ثم انه البديل الموضوعي عن الغاء ( البارات) و (الملاهي) العامة، وقد سطى هذا التيار، وبدعم عال، على اهم مسارح العاصمة، كما حدث أبان تشكيل ما يسمى بـ (التجميع الثقافي) عام 1993 عندما تم ولاول مرة في تاريخ المسرح العراقي تسليم مسرح الرشيد الحضاري لـ (يلعب عليه) واحد من (مهرجي) الزمان الرديء في مسرحية اذا اردت احترامها تقول عنها: تافهة!! وقد كان (رئيس التجمع الثقافي) قد اجتمع بالمسرحيين العراقيين (الجادين وغيرهم) في تلك الفترة وامر بشكل واضح لا لبس فيه باستمرار عروض هذا التيار وتقديم اكبر دعم ممكن لها، وهكذا توفرت الارضية الصلبة لازدهار المسرحية الاستهلاكية حيث امتدت ذراعها القوية لتخرب عقد التسعينيات عقب كارثة حرب الخليج الثانية بسيطرة مطلقة على المشهد من خلال اكثر من (25) مسرح يومي يقدم على مدار العام هذا النوع الرديء مقابل زواية واحدة او زاويتين للمسرح الملتزم!.
ومن المناسب هنا تثبيت واقعة ذات صلة بما ذهبنا اليه عندما (استغل) مجموعة من الشباب (سلطة) رئيس التجمع غير المحدودة فشكلوا فرقة مسرحية جادة اسموها (فرقة الرشيد) وقدموا باسمها عرضا مثيرا ولكنه عرض باطني! وكان ان حصد العرض جوائز احد المهرجانات المحلية، مما حدا بالتجمع الى الغاء فرقته الوليدة الجادة من اجل استمرار توحيد الدعم للمسرحيات الاستهلاكية التي لا باطنية فيها ولا تاويل... بل على العكس من ذلك تحقق لهم الشيء الكثير على طريق تخريب الثقافة العراقية والذوق العام...

فصل التسعينيات الحزين:
ذات يوم قال واحد من رواد المسرح العراقي لمجموعة من المسرحيين الشباب عندما سألوه عن حال المسرح الان، بانهم (يقصد الرعيل الاول من المسرحيين العراقيين) ناضلوا منذ الخمسينات والى اليوم لكي يستبدلوا كلمة (كاولي) بكلمة: فنان وهاهو (تلفزيون الشباب) ينسف هذه السنوات الطويلة ويعيدهم الى مجموعة (كاولية)!!، و(الكاولية) في اللهجة العراقية هم الغجر.
وهذه القصة ذات مغزى كبير في الثقافة العراقية اليوم، عندما اطلقت يد (عدي صدام حسين) فيها لتعيث خرابا على خراب، حدث ذلك منذ النصف الاول للتسعينيات، غادر العراق بعدها الفنان القدير خليل شوقي وبدري حسون فريد وعوني كرومي وسليم الجزائري وناجي عبد الامير وكريم رشيد وباسم قهار وهادي المهدي وعبد الامير شمخي وقاسم محمد وحكيم جاسم ومحمود ابو العباس وكريم جثير، كما خرج مجموعة من المسرحيين الاكاديميين تحت ستار العقود الدراسية مثل (شفيق مهدي، حسين الانصاري، عقيل مهدي يوسف، الخ) والقائمة تطول حقا، تلك الهجرة التي لم تستثن من الاختصاصات المسرحية اي اختصاص كما انها شملت فنانين رواد واخرين شباب مجرد عدهم الان يقع في ضروب المستحيل حيث توزعوا في شتى انحاء العالم ، وهذه الهجرة الضخمة التي قد ابتدأت بعد كارثة غزو دولة الكويت وحرب الخليج الثانية 1991 كانت قد بدأت شيئا فشيئا باسدال الستار على تاريخ عريق في المسرح حيث بدأ كل شيء غير ذي جدوى، ولنلاحظ ان رواد وكبار مخرجي المسرح في العراق قد بدأ اداؤهم يتذبذب ليصل احيانا الى حدود العادية بعد ان كانوا فرسان رهان هذا المسرح، وهذا التذبذب له اسبابه التي تنطلق من الازمة الفكرية والحضارية التي بدأت تحاصر المسرحيين عقب حرب الخليج الثانية فاي مسرح يصل الى مستوى كارثة بحجم كارثة العراق؟
هذا السؤال، وما تبعه من نتائج مسرحيات انتجها كبار مخرجي المسرح العراقي في النصف الاول من عقد التسعينيات، قد دفعت بهؤلاء الى اختيار طريق من اثنين الهجرة او الصمت:
جناح المشهد الثاني الذي كان يمثله الشباب، اندفع الى مغامرة تجريبية تهدف الى اثبات الحضور اولا، وان انطلقت تجارب هؤلاء من الواقع العراقي المأزوم، الا ان شدة الرقابة قد جعلتهم يلوذون خلف المدارس الحديثة بما توفره من تجريبية نظرية وعملية في الشكل خاصة، وبدأ بالتشكل جيل مسرحي جديد هو جيل التسعينيات (ذكرنا اسماء ابرزهم في فقرة سابقة) والملفت للنظر في تجارب هذه النخبة، عدا عن جراتها الواضحة التي عرضت اصحابها اكثر من مرة الى المساءلة، هو عدم استمرارهم اذ سرعان ما يهاجر هذا المخرج خارج العراق كما حصل مع (ناجي عبد الامير، باسم قهار، كريم رشيد، هادي المهدي، كريم جثير) او يتحول الى المسرحية (الجماهيرية) كما حصل مع (حيدر منعثر، غانم حميد، جبار المشهداني، عبد الوهاب عبد الرحمن، حسين علي هارف) او يترك الاخراج المسرحي لسبب او لآخر مثل (علي حسون المهنا، ناجي كاشي، محمد صبري صالح) او كانت تجاربه متقطعة لأسباب كثيرة مثل (حميد صابر، حنين مانع، محمد حسين حبيب، جبار خماط، احمد حسن موسى، جبار محيبس) ومنهم من توفي مبكراً مثل الفنانين (حامد خضر و محسن الشيخ) واستمر آخرون – وهم قلة حقا – المواصلة الحثيثة وكان ابرز هؤلاء الفنان كاظم النصار، كما لحقت بالاسماء السالفة مجموعة متناثرة من الاسماء التي ظهرت في النصف الثاني من هذا العقد تحاول شق طريقها في ظل الكثير من الموانع والمخاطر..
يلاحظ في تجربة المسرح العراقي الخاصة بعقد التسعينيات اولاً طغيان موجة الرداءة التي تمثلها المسرحية الاستهلاكية حيث امتدت لتشمل مسارح فرق مسرحية لم تكن في يوم من الايام ذات صلة بهذا النوع مثل الفرقة القومية للتمثيل ومسرح بغداد وغيرهما، كما ان هذه الموجة غزت مسارح/ بنايات لم يصعد اليها سابقاً مهرجو العقد التسعيني مثل مسارح الرشيد والوطني وبغداد والمنصور وغيرها، ولأنها موجة فجة هذه التي يشهدها – وللأسف – المسرح العراقي فلا مناص من اقصائها من هذا الحديث.
واذا ما انتقلنا الى الوجه الحقيقي في عقد تسعينيات المسرح في العراق، وهو ماحمل لواءه الشباب المسرحي وبعض الرواد والرموز، سنجد المؤشرات الآتية:
1. تكريس ظاهرة غياب النص المسرحي، والمحلي بشكل خاص، حيث بدأت موجة ضخمة من العروض المسرحية المعدة عن روايات أو قصائد او افلام او مسرحيات، في الوقت الذي ظل فيه الكتاب يوسف العاني وعادل كاظم ومحي الدين زنكنة وفؤآد التكرلي وجليل القيسي ويوسف الصائغ وسعدون العبيدي وعصام محمد وعزيز عبد الصاحب أمناء لمشاريعهم التأليفية التي قد نختلف في قراءتها، كما انجب عقد التسعينيات كتاباً آخرين كان لهم حضورهم في المشهد المسرحي بما قدموا من نصوص ومنهم (علي حسين وأحمد الصالح وفلاح شاكر ومثال غازي وعلي عبد النبي الزيدي وعبد الكريم السوداني ويعرب طلال وعبد الستار ناصر وشوقي كريم حسن ومحسن راضي وعواطف نعيم ومحمد الجوراني ووداد الجوراني وحنين مانع وخزعل الماجدي وعباس لطيف ومحمد صبري وغيرهم)..
2. الاعتماد على تقنيات بسيطة ومتواضعة في التقديم المسرحي، وهذا عائد الى الاقصاء القسري من قبل السلطة للمسرحيات التجريبية من بنايات المسارح ذات التقنيات العالية وحصرها في مسارح بلا تقنيات (منتدى المسرح بشكل خاص)، مع الاشارة هنا بأن ذلك الاقصاء لايتم عادة في اطار عقد مصرح به وانما هو عقد متعارف عليه دون ان يدوم، المهم، هكذا جاءت أغلب عروض مخرجي التسعينيات الشبابية فقيرة من ناحية الابهار الشكلي المعتمد على التقنيات ومعتمدة على مرتكزات جمالية تخص فن الممثل والتكوين والاكسسوار اليومي في انجازها..
3. ولضخامة الجوع، وتدني مستوى الاجور الممنوحة الى المسرحيين الجادين، فقد مالت ابرز تجارب هذا العقد الى الاعتماد على أقل عدد ممكن من الممثلين، كما ازدهرت مسرحيات (المونودراما) قليلة الكلفة انتاجياً.
4. وقد دفعت الرقابة المشددة على هذه العروض الى انتهاج صانعيها مناهج غرائبية في التقديم، وذات احالات بعيدة عن الهم العراقي وان اشتركت معه في قواسم يقصدها المخرجون تماماً، وكانت هذه مشكلة أتت نتائج عكسية بأبتعاد الجمهور عن هؤلاء لأنهم لم يفهموا المعاني الدقيقة التي تضمنتها تلك العروض.
5. ونتيجة لغلاء المعيشة الذي سببه الحصار، فقد انسحب الكثير من الممثلين تاركين المسرح ليلجأوا الى شاشات التلفزيون حيث يوفر القطاع الخاص في الانتاج الدرامي التلفزيوني بعض المال الذي يسهم في ابعاد شبح الجوع عن أهالي المسرحيين، وهنا لابد من الاشارة الى ان المسرح الاستهلاكي بأجوره المميزة عن المسرح الملتزم قد استقطب هو الآخر العديد من الممثلين الجيدين فيما فضل آخرون العمل في مهن بعيدة تماماً عن الفن المسرحي.
6. أفرزت عروض العقد التسعيني مواهب لايمكن اغفالها في التأليف والاخراج والتمثيل وعناصر العرض الأخرى، التي عملت وتعمل بالرغم من شتى المضايقات التي تتعرض لها وبالرغم أيضاً من شبح الجوع الذي يجتاح البلاد.
7. ومن المؤشرات اللافتة في مسرح التسعينيات دخول العديد من الممثلين المحترفين الى ميدان التأليف والاخراج لأسباب عديدة، أبرزها الهجرة التي طالت العديد من المخرجين المتمكنين، وعدم اقتناع هؤلاء الممثلين بطروحات ورؤى المخرجين العاملين وغيرها من الاسباب، ولعل أبرز هؤلاء الممثلين – المخرجين والمؤلفين أيضاً – عواطف نعيم، محمود أبو العباس، حكيم جاسم، حسين علي هارف، ناصر طه، هيثم عبد الرزاق، فلاح ابراهيم، رياض شهيد..

-----------------------------

المصدر : الستارة 

الجمعة، 11 مارس 2016

المكانية في مسرح الصورة .. فضاء مفتوح دائماً / ياسر البراك

مجلة الفنون المسرحية


العلامة الأبرز في تجارب المخرج الدكتور صلاح القصب هي إحتفاؤه بالمكان بإعتباره بؤرة مركزية تؤسس لأنساق التواصل البصرية ، فالقصب في جميع تجاربه يغادر المكان المؤسس الذي تقرّه رؤيا المؤلف في النص المسرحي لأنه يعتقد أن هذا المكان قد تم إستنفاده عبر القراءات المتكررة للنص ( القراءات الكلاسيكية على وجه الخصوص ) ، وبالتالي أصبح مكاناً مستباحاً أو مُنتهكاً ، وهذه المشاعيّة التي وصل لها المكان في نص المؤلف لا يمكن أن تحقق السرّية التي ينشدها القصب في مكان العرض المسرحي ، فالسرّية تمنح المكان نوعاً من الدهشة والسحر ، وهي صفات لا تتوفر إلا في المكان الوحشي غير المُنتهك ، والذي يحتفظ بعذريته الجمالية ، وهو ما يسعى إليه القصب عبر ما يسميه بـ ( المكان الإفتراضي ) الذي لا ينطلق من فراغ أو يتجرّد من مرجعية ما ، إنما ينطلق من النص نفسه ، حيث يختزن النص أمكنة سرّية عديدة تقوم كل رؤية مسرحية مبدعة بفض بكارة أحد تلك الأمكنة ، عندها تصبح الرؤيا الإخراجية لنص مسرحي ما نوعاً من البحث في مجاهيل المكان السرّية ، ويتأسس المكان لدى القصب من فضاء مفتوح دائماً ، وهذا الفضاء يعطي إحساساً للمتلقي بهيولية اللحظة المسرحية التي تمر أمامه ، تلك اللحظة المكوّنة من تراكم صوري مثير ومقلق لحاسة البصر لديه ، وقد يكون المكان مُضمّناً في حوار محدد أو في جملة شعرية أو حتى في ملاحظة من إرشادات المؤلف ، لكن القصب يقوم بتصدير هذا المكان إلى واجهة الرؤيا الإخراجية ليصبح مكانه الأثير الذي يُنشيء معمارية العرض المسرحي عبره ، ويأتي هذا التصدير ليمنح المكان إيقاعاً جديداً يتأسس عبر عناصر الخط واللون والكتلة وهي عناصر أساسية في تأسيس أي مكان مسرحي ، ولعلّ السمة الأبرز في عروض القصب وجود أكثر من مكان في آنٍ واحد لأنه يستثمر مساحات الفضاء المسرحي وفق رؤية تخيلية تجنح إلى تأثيث هذا الفضاء بعدد كبير من المفردات السينوغرافية       ( دوال ) خالقاً نوعاً من العلاقات النسقيّة بين تلك الدوال لتصبح عبارة عن منظومة سينوغرافية واحدة ، لكنها منظومة ديناميكية تتحرك مع إيقاع الصورة غير الثابتة ، وفي الوقت نفسه فان هذه الدوال لا تستسلم لحالتها الأيقونية بل تتحوّل مع سياق العرض إلى دلالات رمزية وإشارية فتمنح العرض بُعده السيميائي الذي تشتغل عليه الصورة المسرحية ، ويتم ذلك عبر وسيلتين أساسيتين ، الأولى : إستثمار تقنيات المسرح       ( التكنولوجية ) إلى أقصى حد ممكن في بناء الصورة المسرحية ، والثانية : تشغيل حواس الممثل في تعامله مع تلك الدوال لخلق تحولات دلالية تعمّق نسق المعنى بداخل العرض فيندمج الممثل مع المفردة مكوّناً إيقاع معمارية المكان ، وبما أن الصورة لدى القصب قلقة وغير مستقرّة فان المكان كذلك يستمد عدم الإستقرار والقلق من إنشائية الصورة نفسها ، ويتم ذلك عبر ما يسميه القصب بـ ( التشتيت البؤري ) وهو ما يعني أن نظر المتلقي لا يتركز على بؤر بصرية واحدة ، إنما هناك أكثر من بؤرة مركزية ضمن حدود المشهد الواحد ، ومع أن هذه الآلية قد تشتت إنتباه المتلقي التقليدي ، إلا أنها تجعله في حالة يقظة تامة ومستمرّة لأن فضوله سيقوده إلى محاولة الإمساك بجميع التفاصيل المشهدية التي تدور أمامه .

السمة الأخرى في مكانية عروض القصب هي إنشطار المكان إلى مستويين أساسيين أو لنقل عالمين ، الأول : يمثل وعي النص ويكون في مقدمة المسرح ، والثاني : هو اللاوعي الذي يشغل عمق المسرح ، في المستوى الأول نجد الشخصيات المركزية التي تشغل العرض ، بينما نجد في المستوى الثاني الشخصيّات الثانوية أو المجاميع ( الروابط ) وهي دوال بشرية أكثر من كونها شخصيات تمتلك سمات ذاتية كما هو الحال مع الشخصيات المركزية ، مع أن الشخصيّة - بصورة عامة - في مسرحيات القصب ليست شخصيّة بالمعنى المتعارف عليه ( النفسي ) ، إنما هي مجرّد ( علامة ) من علامات العرض ، لذلك نجد الممثل في مسرح القصب لا يهتم كثيراً بالأبعاد الثلاثة في إنتاج شخصيّته ( الفيزيقي / السايكلوجي / السوسيولوجي ) ، إنما يركز على أفعال الشخصيّة الخارجية ( السلوك العام ) وما تنتجه هذه الأفعال من دلالات تثري متن العرض من الناحية البصريّة ، وهذان المستويان لا ينفصلان أبداً إنما يتداخلان مع بعضهما ليولّدا معمارية المكان العامة لذلك نرى الشخصيات المركزية تغادر جغرافيتها المكانية في مقدمة المسرح إلى عمق الخشبة وكذلك تفعل المجاميع لتشغل حيزاً في مقدمة المسرح ، أي أن المكان في عروض القصب لا يتجزأ للإشارة إلى جغرافية الحدث ، بل هو دائماً مكان إفتراضي يشير لمعنى معيّن ضمن حدود الصورة المسرحية المُنتجة من قبل الممثل في علاقته مع جميع العناصر السينوغرافية ، كما أن السمة العامة لذلك المكان تكون مشابهة للمكان السريالي أو لنقل مطابقة لبنية الأحلام ، فهو على الرغم من إعتماده على مفردات واقعية ( دوال ) إلا أنه يُنتج أمكنة غير واقعية وتتسم بالغرائبية ونوع من الفانتازيا ، وهو ما يثير التساؤل والدهشة والسحر في نفس المتلقي ، لأن شبكة العلاقات المكانية يعيد القصب إنتاجها وفقاً لعلاقات جديدة غير متداولة ، وهذا ما يسبب صدمة مرجعية لدى المتلقي حينما يشعر أن ( بانيو ) الإستحمام الذي يدل على الحياة سرعان ما تحول إلى تابوت يدل على الموت ، أو أن قطعة القماش البيضاء التي تدل على الطهر والفرح تتحوّل إلى كفن يدل على جثة متفسخة وتراجيديا جنائزية ، وهذا التحوّل الدلالي في المكان هو جزء من إيقاعية الصورة المسرحية المتحرّكة دوماً .

وفي جميع تجارب القصب سواء تلك التي قام بتقديمها ضمن مسرح العلبة الإيطالية أو في المسرح الدائري ، أو في الهواء الطلق ( ساحة الأكاديمية وحدائقها ) نجد أن الخاصيّة المميزة لفضائه المسرحي هي الإنفتاح ، فالقصب يعمد دائماً إلى تشغيل المساحات الواسعة لخشبة المسرح ، إن كانت في مسرح العلبة ، أو المنحنيات الدائرية والمدرّجات المقوّسة في المسرح الدائري ، أو المسافات المتباعدة وتضاريس البناء المعماري والكتل الكونكريتية والنوافذ والأشجار في أماكن الهواء الطلق ، والشيء الأهم في تعامله مع كل تلك الحدود الجغرافية المختلفة في أبعادها المعمارية أنه يعيد تأثيث المكان بما يتوافق مع الرؤية الإخراجية مثل فرشه لمساحة التمثيل بمادة الرمل في أكثر من عرض ، وهذا التأثيث المكاني لا يغلق المكان مهما كثرت أو كبرت الكتل المساهمة في إنشاءه ، لأن تلك الكتل ( الممثل / المفردات ) في حركة دائمة ، وهذا يعني أن فضاء العرض في جميع الأمكنة التي يختارها القصب يكون مفتوحاً ، حتى تلك العروض التي قدمها على مسرح العلبة ، وهذا الإنفتاح يأتي عبر العلامة المنفتحة أصلاً ضمن نسقها المكاني والتي تتعدد دلالاتها بتعدد القراءات النابهة للمتلقين ، فالقصب يبتعد كثيراً عن الفضاءات المغلقة أو الضيّقة لأنه يعتقد أن مساحة الحدث هي مساحة الحلم ، والحلم كحالة بنيوية غير محدد بزمكانية معينة ، وما يعزز ذلك إستخدامه المتقن والدلالي لبقية مفردات الفضاء المسرحي ( الإضاءة / الأزياء / الإكسسوارات ) وهي مفردات تؤسس حضورها الجمالي عبر تعدد أنساقها المختلفة سواء عبر الكتلة أو الخط أو اللون لتحقق ما يسميه القصب بـ ( نسق الأنساق ) وهو العرض المسرحي المتكامل ، أو ما يسميها ألكسي بوبوف بـ ( التكاملية الفنية للعرض المسرحي ) ، فالإضاءة لديه حلمية ، شبحيّة ، دلالية أكثر من كونها كاشفة ، ومعتمة أكثر من سطوعها ، يلعب فيها اللون دور المركز ، ترتبط مع مفردات المكان بإيقاعية خاصة ، ووفق هندسة بصريّة تراعي كيمياء المزج اللوني بين لون وآخر ، وهي أحياناً سريعة خاطفة تتوافق مع إيقاعية الصورة المسرحية المتغيرة في زمان ومكان العرض ، تشد أجزاء الصورة لبعضها في نسق ضوئي يمثل وحدة سيمفونية متدفقة من الإنسجام الهارموني تشتبك فيها الألوان الحارة مع الباردة في حالة صراع ضدّي يكون إنعكاساً لمخزون الصراع في الصورة المسرحية ، ولطبيعة الموضوعات التي يتناولها القصب في مسرحه يعتمد تقنية العزل الضوئي للممثل أو الإخفاء الجزئي محاولاً توظيف ( الظلال ) كمعطى جمالي بداخل العرض ، الأمر نفسه ينطبق على الزّي المسرحي الذي يشير دائماً إلى الطبيعة الشعائرية للعرض - حسب تعبير آرتو - لذلك لا نجد ثمّة أردية واقعية أو محددة بفترة زمنية ، أو نمط إجتماعي معيّن ، إنما هي نتاج لطقس العرض نفسه وبُعده الشعائري ، لذلك نجده سواء في اللون أو التصميم يحمل نوعاً من الغرابة التي تؤهل المتلقي لقراءته قراءة مغايرة لوظيفة الزّي في الواقعة فهو تعبيري ودلالي ، أكثر من كونه يؤدي وظيفة نفعيّة / إستعماليّة .

------------------------------------
المصدر : النور

مسرح محي الدين زنكنه ـ مسرحية الفصل الواحد أنموذجا قراءة تقويمية / صباح الانباري

مجلة الفنون المسرحية


العنونة

   شاء الباحث غنام محمد خضر أن يبدأ عنوان كتابه بمفردة(مسرح)،وهي مفردة ذات دلالة عامة لا يغير من عموميتها إلصاقها باسم الكاتب المسرحي محي الدين زنكنه فهي تعني أن غناما سيتناول داخل متن كتابه مسرح محي الدين زنكنه بكليته ،المقروء منه والمنظور، لكنه خلافا لما أرادته العنونة اكتفى بالنصوص المقروءة حسب، مخالفا بذلك دلالة ثريا كتابه ومفتاح قارئه لمعرفة ما سيقرأ داخل الكتاب وهو الخطأ عينه الذي وقع فيه(البناء الدرامي).هذا من جهة، ومن جهة أخرى اختارت العنونة مسرحية الفصل الواحد لتكون أنموذجا والأدق هو أن يتم اختيار الأنموذج من جنس الشئ نفسه ولهذا نجد ضرورة استبدال مفردة(مسرح)بمفردة(مسرحيات)ليكون الأنموذج مختارا منها فيأخذ الكتاب والحالة هذه عنوانه الصحيح (مسرحيات محي الدين زنكنه ـ مسرحية الفصل الواحد أنموذجا).

على سبيل التقديم

ابتدأ د.فائق مصطفى تقديمه لكتاب غنام محمد خضر الموسوم بـ(محي الدين زنكنه ـ مسرحية الفصل الواحد أنموذجا)بإلقاء أضواء خاطفة على تاريخ المسرحية في العراق مؤكدا على أن البابليين عرفوا:

" نوعا من التمثيل المنظم في أعياد رأس السنة البابلية يدور على موت الإله (مردوك) ثم عودته ثانية الى الحياة"

 ليقفز من هذه الاحتفالية قفزة طويلة الى العهد العباسي الذي عرف كما يذكر

" فنونا مختلفة قامت على أكتاف بعض الرواد والقصاصين وتبلورت في ما يسمى (مسرح الحكواتي)"

 ومن اجل الدقة والموضوعية نقول أن ما اعتبره د.فائق مصطفى بدايات للمسرح في العراق لم تكن إلا نشاطات وطقوس وممارسات كرنفالية يمكن عدها ضمن الفعاليات والنشاطات والتظاهرات شبه المسرحية أو ما قبل المسرحية التي لم يتسن لها التحول بشكل طبيعي، أو بقفزة نوعية الى المسرح الدرامي فهي إذن نشاطات منقطعة الصلة بالمسرح،  وهي، وأشكال أخرى غيرها ـ لم يذكرها د. فائق مصطفى، وعدها، "شكلا من أشكال المسرح لأن المسرح ليس شكلا واحدا هو شكل المسرح الغربي "ـ ظلت ثابتة في قوالبها الجامدة وممثلة لمرحلتها كما أكد الباحثان د. جميل نصيف التكريتي في كتابه(المسرح العربي ريادة وتأسيس)، والأستاذ محمد غباشي الذي استنتج وجود "صعوبة منهجية في تسمية التظاهرات الدرامية السابقة مسرحاً بالمعنى المحدد للمسرح رغم احتواء بعضها على ألف باء المسرح  كالممثلين والجمهور والنص والملابس والديكور والأصح اعتبارها محاولات مسرحية أو أشكالا درامية فطرية كانت نتاج شروطها التاريخية ولم يكن بإمكانها أن تتحرر من بيئتها أو تتجاوز شروطها التاريخية لتصل الى المستوى الدرامي الذي بلغه المسرح الإغريقي مثلا "  وهنا لا نريد غمط جهد المبدعين من كتاب المسرح وناشطيه الذين قاموا بمحاولات كبيرة وجادة في تأصيل المسرح العربي كالمبدع الكبير قاسم محمد في تراثياته المسرحية والمبدع الكبير عبد الكريم برشيد في احتفالياته المسرحية. وذهب د.فائق الى أكثر من هذا حين أكد على أن:

" طائفة من النقاد والباحثين المبهورين بالحضارة الغربية لا يرون للمسرح إلا شكله الغربي، لهذا نجدهم ينكرون وجود المسرح في الثقافة الإسلامية القديمة"



 وهذا قول مجاف للحقيقة ولا يستند على أدلة واضحة إلا إذا اعتبرنا تلك التظاهرات مسرحا حقيقيا، وهي لم تكن كذلك لفطريتها وعدم تجاوزها لمرحلتها وعدم استجابتها للشروط التاريخية والاجتماعية التي أدت في بلدان أخرى الى ظهور المسرح وتناميه وتطوره. لقد نسي د.فائق مصطفى أن الإسلام لا يقوم على أساس وجود تناقضات بين إرادة الإنسان وإرادة الله كما هو حال الديانات القديمة وهذا يعد بحد ذاته سببا كبيرا حال دون ظهور المسرح في العصر الإسلامي كما أن الثقافة الإسلامية نظرت الى اغلب الفنون على أنها بدعة وضلالة مآلها النار وقد كانت التعزية الاستثناء الذي كسر القاعدة ،فيما بعد، مع أن التعزية حالها حال التظاهرات الدرامية الأخرى لم تتحول الى المسرح وظلت جذرا لم ينمو له ساق ولا أوراق، وهذا رأي تبناه الأستاذ سامي عبد الحميد في معرض تناوله لمسببات عدم ظهور المسرح وتطوره في الأدب العربي الى جانب رأيه أن الشعر الغنائي عند العرب قد استحوذ على مساحة كبيرة جدا من اهتماماتهم الفنية والأدبية حد أنهم لم يفكروا بفن آخر غيره كالمسرح على سبيل المثال.

وعلى سبيل التقديم أيضا يذكر د.فائق مصطفى أن:

 "القس حنا حبش الذي ألف ثلاث كوميديات يعود تاريخها الى عام 1880لاجل ذلك لقب برائد المسرح الحديث في العراق"

ولأن د. فائق لم يطلع على هذه النصوص الثلاثة لذا اعتبرها (كوميديات) فعلاً وفي حقيقة الأمر أن مؤلفها حنا حبش قد كتبها بشكل بعيد كل البعد عن الكوميديا ،ولكن أغلب الظن أنه تأثّر بكوميديات(موليير)معتقدا أن كل ما يكتب في المسرح يمكن أن تطلق عليه هذه التسمية، ولمزيد من المعلومات سأقوم بنشر صورة المخطوطة كاملة في موقعي الشخصي على الشبكة العنكبوتية، بعد ان نشرت المسرحية الأولى منها وهي بعنوان(كوميديا يوسف الحسن)في موقع(مسرحيون)، ليتسنى للدارسين والباحثين الإطلاع عليها واعتمادها كوثيقة ،لا غبار، عليها من وثائق المسرح العراقي.

ويختتم د.فائق مصطفى سبيل تقديمه مبينا أهمية كتاب(مسرح محي الدين زنكنه ـ مسرحية الفصل الواحد أنموذجا)في نقطتين:

" أما الأولى فتكمن في دراسته ومعالجته لنوع متميز من أنواع المسرحية ، اعني مسرحية الفصل الواحد التي تتناول موضوعات صغيرة تسهل معالجتها في زمن قصير وشخصيات وأمكنة محددة"

 وهذه لا تنطبق على أي من مسرحيات زنكنه ذات الفصل الواحد لان زنكنه لم يكتب في هذا النوع على وفق المنظور التقليدي لهذا النوع من المسرحيات، ففي مسرحياته ذات الفصل الواحد تتسع رقعة الزمان والمكان لتشتمل على أزمان أخرى وأمكنة أخرى وتنويعات مختلفة في وحدة الموضوع، وهذا حال المسرحيات المحدثة التي تتخطى حاجز الزمان والمكان عبر تقنيات الكتابة والإخراج. ثم أن موضوعاتها ليست صغيرة تسهل معالجتها في زمن قصير وان مراجعة سريعة لنصوصه ذوات الفصل الواحد تثبت ما ذهبنا اليه. إن زنكنه على وجه التحديد لا يطرق الموضوعات السهلة في نصوصه ولا يتقيد بقصر زمن النص حتى في مونودرامياته التي تتجاوز مساحة المونودراما واستطراداتها بقدر كبير جدا كما في مسرحيته(تكلم يا حجر).ولي أن اسأل د.فائق هنا عن سبب اعتباره مسرحية الفصل الواحد نوعا متميزا،وبماذا تتميز عن مسرحيات الفصلين أو الفصول الثلاثة غير ما ذكر من الوحدات الثلاث وسهولة تناول الموضوعات؟.



المقدمة  و التمهيد  

    نخرج من(على سبيل التقديم)لندخل في(مقدمة)الباحث غنام محمد خضر التي ابتدأها بتعريف المسرحية معتبرا إياها جنسا "من الأجناس الأدبية النثرية" ناسفاً بهذا الاعتبار المسرحيات الشعرية، التي ما يزال بعض كتابنا ينولون على منوالها حتى وقتنا هذا ومنهم،على سبيل المثال لا الحصر، الكاتب المسرحي علي عقله عرسان والكاتب المسرحي عبد الفتاح رواس قلعه جي ،الذي هجرها أخيرا، فضلا عن استبعاده أن تكون المسرحية جنسا فنيا تمّ تجنيسه أدبيا بمرور الوقت. ويتخذ الباحث من مسرحية الفصل الواحد أساسا تقييميا لدراسة مسرحيات زنكنه ولهذا رأيناه يؤكد على أن الانباري لم يتناول في كتابه(البناء الدرامي في مسرح محي الدين زنكنه)مسرحية الفصل الواحد، ويبدو لي أن غنام لم يطلع على(البناء الدرامي)بشكل دقيق وارتضى لنفسه أطلاق أحكام غير عادلة ولا صحيحة عن هذا الكتاب ولنا أن نسأله هنا: ماذا تعتبر مسرحية(السر)التي تناولتها في كتابك، وهي أول مسرحية تناولها(البناء الدرامي)بالنقد؟ وماذا تعتبر مسرحية(العلبة الحجرية) ومسرحية(لمن الزهور)ومسرحية(حكاية صديقين)ومسرحية(مساء السلامة)أليست هذه كلها مسرحيات فصل واحد؟أليست هذه خمس مسرحيات من مجموع ثمان تناولها(البناء الدرامي)؟.ولماذا ينبغي على(البناء الدرامي( أن يعلن انه تناول ذوات الفصل الواحد ليستأثر بميزة مزعومة في زمن لم تعد الفصول ميزة؟

 ولم يسلم من التقييم هذا طالب الماجستير وليد مانع داغر الجنابي إذ يقول غنام عن رسالته الموسومة بـ(البناء الفكري والفني في مسرحيات محي الدين زنكنه) أنها:

"لم تخصص للمسرحية ذات الفصل الواحد أيضا"

 ليستأثر بالسبق في تناولها مع أن زنكنه نفسه لم يفكر وهو ينجز مشروعه في كتابة أي نص أن يكون في فصل واحد أو أكثر من ذلك مؤمنا أن النص يفرض هذا عليه من داخله وان المعالجة هي التي تفرض أو تفترض مساحة النص.ويقول الأستاذ غنام عن(البناء الدرامي)أيضا انه:

" شكل خللا منهجيا إيراد معلومات كثيرة عن قصص زنكنه ورواياته، لأن الكتاب لا يدور على أدب زنكنه كله وإنما يدور على جانب منه فحسب هو ما يخص مسرحياته"

وهنا اسأل الباحث عن حجم المعلومات الكثيرة التي وردت في الكتاب وخصصت لقصص زنكنه ورواياته ولكي أوفر عليه الوقت والجهد أدون هذه الفقرة من كتاب (البناء الدرامي/سيرة قلم مداده نسغ الحياة) ص10:

"....وان هذه الشخصية الجديدة هي التي خلقت مجموعة(كتابات تطمح أن تكون قصصا)وسائر مسرحياته ورواياته " ثم أأكد على هذا من خلال تضمين ما ورد بهذا الصدد على لسان ناقدين هما الكبير علي جواد الطاهر والأستاذ حسب الله يحيى. وأسوق هذين السطرين من ص11 :

لقد حرم زنكنه،منذ طفولته، من حرية التعبير عن ذاته بسبب ظروف ذاتية وموضوعية، فمنح تلك الحرية لشخوص قصصه ورواياته ومسرحياته

ثم أقارن بين المسرحية عنده وبين القصة قائلا :

"أما في القصة فانه يقوم بتغليب قواعدها وشروطها..بمعنى انه يطوع عناصر الدراما لبلورة خطابه القصصي وبهذا تكون القصة،عنده، أكثر ميلا الى السردية منها الى الدراما كما في قصة(الشمس الشمس ،اضطراب في ألوان النهار)"

إن هذه الـ،(أما)تشير الى ما قلته عن المسرحية ولا مجال لذكره في هذه الصفحات . وفي معرض تناولي للحوار وردت الجمل الآتية:

"فنحن في القصة أو في المسرحية لا نحتاج الى أن نجعل الشخصية تقول كل شئ"

"إن الحوار في القصة القصيرة وحتى في الرواية لا ينبغي أن يأخذ إيقاعاً مغايراً لإيقاع السرد و إلا بدت القصة أو الرواية مليئة بالإيقاعات غير المتناغمة مع خطها العام"

وفي السياق نفسه أتناول واحدة من قصصه المسكونة بالدراما مستنتجا منها أن زنكنه

"يفهم ،وهذا مهم جدا الكيفيات التي تعمل على نقل هذه العناصر وتحويلها الى حيز آخر بغية تغليب حركية الفعل على سكونية السرد"

وأضرب مثالا تطبيقيا على هذا بقصة(السد..تحطم ثانية)والذي يوضح لمن يعيد النظر فيه أنه متخصص بالجانب الدرامي في هذه القصة ولم يتناولها بكونها قصة حسب وهذا كله يعني أنني لم أذكر مفردة قصة إلا لأبين علاقتها الدرامية بمسرحيات زنكنه. أما عن الرواية فقد وردت هذه الفقرة الختامية اليتيمة :

"إن زنكنه وعلى الرغم من كون المسرح هاجسه وشاغله الأول ،يدخر جزءً من طاقته الإبداعية لكتابة الرواية بين آونة وأخرى"

ثم اسمي الروايات التي كتبها وما كتب عنها وكل هذا ضمن موضوعة(سيرة مبدع مداده نسغ الحياة)فإذا كانت هذه المعلومات على الرغم من ارتباطها بالمنجز المسرحي فائضة من الناحية المنهجية كما يدعي مؤلف الكتاب فأولى بنا أن نغادر عقم المنهجيات وقيودها وسقمها ومحدداتها القسرية.

  

    وبعد المقدمة يأتي التمهيد لدراسة مسرحية الفصل الواحد من حيث طبيعتها وخصائصها، وفيه وجدت الباحث، وبسبب كون دراسته هذه هي في الأصل رسالة ماجستير أشرف عليها د.فائق مصطفى عام 2005،قد تعكّز كثيرا على مقولات نقاد المسرح ومنظريه، وهذا التزام منهجي ثقيل جعله ،على مدى خمس صفحات تمهيدية، يتعكّز على تنصيص خمس وعشرين مقولة ضاعت بينها مقولاته الخاصة وتحولت من وجهة النظر الخاصة الى مجرد آليات لعرض تلك المقولات. كما أن أغلبها تمت مناقشته وتحديثه من قبل نقاد محدثين ومنها،على سبيل المثال لا الحصر، اعتبار المسرحية ذات الفصل الواحد مجرد "تمثيلية قصيرة" في الوقت الذي صار مصطلح التمثيلية رهناً بجنس فني محدد لا يلتقي والمسرحية إلا في كونهما تعتمدان التمثيل والتشخيص حسب. ومن اجل الدقة والموضوعية نورد هنا الكيفية التي حدد على وفقها الكاتب تمهيده لمسرحية الفصل الواحد، وحجم الجهد الذي بذله من اجل ذلك.

بعد الفقرة الأولى مباشرة يقول الباحث:

(تتميز المسرحية ذات الفصل الواحد بـ)ثم يورد بعد الـ(بـ)تنصيصا من معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية و كما يأتي:

"الحادثة الفردية، أو الحوادث المركزة وبالتفاصيل القليلة ،والحوار الحي، والشخصيات المحدودة والذروة القريبة من النهاية، دون استراحة وتغيير كثير في المناظر . كما تتميز ـ وهذا مهم ـ بوحدة الأثر العام"

وفي الفقرة التي بعدها يقول :

(المسرحية ذات الفصل الواحد نوع من الكتابة النثرية)ثم يورد التنصيص الآتي من  مجلة الأديب :

"يماثل فن القصة القصيرة، ولا يختلف عنها إلا في كون القصة تعتمد السرد ، في حين تعتمد المسرحية على الدراما الجدلية"

اختصارا وعلى هذا المنوال يختتم الباحث تمهيده كما يأتي:

(أما النهاية فتحدد لنا مدى نجاح أو إخفاق المسرحية، وبما أن المسرحية ذات الفصل الواحد تركز على حالة إنسانية واحدة ، فالنهاية ينبغي أن)ويورد التنصيص الآتي:

"تكون قصيرة بل اقصر من البداية. وهي عادة ما تتكون من كلام أو اثنين أو أحيانا من حركة إيحائية تعبر بصورة مؤثرة عن ردود الفعل العاطفية للشخصيات"

لينهي استنتاجه الأخير قائلا:

(وبهذا نقول ان الحبكة في المسرحية ذات الفصل الواحد، إنما تجئ مختلفة عن حبكة المسرحيات الطويلة، من حيث القصر في سلسلة الأحداث وتطورها من البداية، ثم الذروة وحتى النهاية أو الانفراج.)

فإذا كانت الدراسة المنهجية تفرض على الطالب ركن وجهات نظره وراء كواليسها فان تقديم الدراسة بكتاب مطبوع مسألة لا تخضع لإرادة المنهجيات بل لما يريده الكاتب حسب. وكان الأجدر به أن يعيد كتابة تمهيده من جديد بعيدا عن الموجهات المنهجية الصارمة وقيودها الرسمية لنلمس جهده الشخصي وهذا هو الأكثر أهمية في التأليف.



الفصل الأول ـ المسرحية

        بعد التقديم والمقدمة والتمهيد يأتي الفصل الأول بعنوان(المسرحية)ليدخلنا الباحث في مدخل جديد، وما أكثر المداخل في كتابه، يتناول فيه هذه المرة تاريخ المسرحية في القرن الخامس(ق م)ويتوقف هذا التاريخ عند حدود معرفة الطليان بوحدتي الزمان والمكان. وبسرعة وعجالة يلقي الكاتب أضواءه الخجول على لغة المأساة وشخصياتها ثم يستنتج في نهاية مدخله القصير ما يأتي:

   "وبعد هذه النقاط التي حددها أرسطو من خلال تعريفه للمأساة أصبح هناك منهج يسير عليه كتاب المسرحية في بناء المسرحية، عرف باسم(البناء التقليدي للمسرحية أو البناء الارسطي"

ولا ندري لماذا اقتصر المدخل على القرن الخامس(ق م)حسب؟ وما علاقة ذلك القرن بمسرح محي الدين زنكنه ؟ وما حاجتنا لمدخل مثل هذا في كتاب مخصص لمسرحيات زنكنه؟ وهنا أعود لألقي تبعة هذا المدخل على كون الدراسة هي في الأصل رسالة ماجستير خضعت لإرادة المشرفين عليها ،والتزمت بالمحددات المنهجية للبحث حتى وإن كانت ،هذه المحددات، لا تؤدي وظيفة محددة.



المبحث الأول ـ الحبكة والصراع

  ومن مدخل(المسرحية)الى مدخل(الحبكة)وتعريفاتها المختلفة حيث يقوم الباحث بنقل تعريفات ووجهات نظر من سبقوه في العصور القديمة دون أن يخرج منها بتعريف ذي طبيعة استنتاجية. ومن تناوله للحبكة بشكل عام ينتقل الى الحبكة في مسرحيات محي الدين زنكنه، ويضرب مثالا على ذلك مسرحية(هو هي هو)ويقوم بشكل تطبيقي ،وللمرة الأولى، بتحديد مفاصل الحبكة ومساراتها وتصادم تلك المسارات في حبكة متماسكة مشتملة على قانون الوحدات الثلاث على حد قول الباحث. وفي النصف الثاني من مبحث الحبكة يتناول الباحث علاقة الموضوع بالحبكة فيقدم شرحا تقريريا لنص مسرحية(السر)ثم يعود ليعرض بعض جوانب النص(الموضوع)ليتوصل الى وجود علاقة وثيقة بينهما وكان الأفضل أن يوضح مسارات الحبكة فقط دون الدخول بتفاصيل الموضوع كي نرى الكيفية التي على وفقها تصادمت تلك المسارات داخل النص ،وكيف أن الحبكة حتمت ضرورة فرض هذا التصادم بشكل طبيعي.

  إن حبكة أي نص مسرحي جيد تعتمد على خبرة كاتبه فقط، وكاتب مثل زنكنه لا يحتاج الى أن يفكر بالحبكة ومساراتها كثيرا لأنه يتحكم بها من خلال خزينه التقني والمعرفي(الإبداعي).هنا يتخلص الباحث من الاستشهاد والتنصيص لينفرد صوته في الشرح والتحليل والتأويل.

وكما وضع الباحث مدخلا لمبحث الحبكة فانه فعل الشئ نفسه مع مبحث الصراع الذي قسمه على صراع خارجي وآخر داخلي .يقول مفتتحا المدخل أن:

"المسرحية جنس أدبي يقوم على الصراع"

وحقيقة الأمر أن المسرحية جنس فني، تكتب لتمثل من على خشبة المسرح،ولم تأخذ شكلها الأدبي المعروف إلا بعد أن قام برنادشو بكتابة مسرحياته كتابة أدبية بعد أن لاحظ أن فرصة مشاهدتها من على الخشبة وانتشارها فرصة ضئيلة. وفي تطور لاحق صار كتاب المسرحية يهتمون بالجانب الأدبي اهتماما متزايدا ًخاصة بعد أن صارت فرص القراءة أكثر من فرص المشاهدة، وقد أدى هذا الى كتابة مئات النصوص المسرحية القابلة للقراءة الأدبية من على الورق، والمشاهدة الحية من على خشبة المسرح. كما أدت هذه الأدبية الى وقوع عدد من كتاب المسرح في شركها الذي جعل أمر تنفيذ نصوصهم على الخشبة مستبعدا بشكل كبير.ويضرب الكاتب مثالا على الصراع الخارجي بمسرحية زنكنه(هو.هي .هو) زاعما أن القضية في حقيقتها هي:

"قضية الصراع بين الشك واليقين، أو الشرق والغرب ، أو الماضي والمستقبل"

وهذا زعم غير دقيق لأن قضية الصراع تدور ،فقط، حول مسألة الشك واليقين ولا علاقة للشرق والغرب بها لا من قريب ولا من بعيد، وليس ثمة ما يدل على غربية(جلال)وشرقية(دلير)فكلاهما يفهم الأمر بشكل متعقل وباتزان وواقعية.ولو استمر الكاتب على إبراز الصراع بهيئة هجوم ودفاع ،فقط، لكان قد حقق اقتراباً أكثر من جوهره الذي خطط له زنكنه بدربة ودراية عاليتين. وقد أحسن الباحث في تأويله لدلالة الزهور والأشجار وارتباطهما بحياة الشخصية لكنه يعود ليجعل المسألة ثانية بين الشرق والغرب إذ يقول أن:

"مريم تحلم بالانتماء الى الغرب، أما (دلير) فيتمسك بالشرق وبالماضي الأصيل ولهذا حصل افتراق بين مريم ودلير"

ان سلوك(مريم)وتصرفاتها المبنية على أساس سوء ظنها بالآخر، سواء أكان هذا الآخر زوجها السابق أو حبيبها اللاحق، وانطلاقا من حبها وتمسكها الجنوني غير المتوازن بابنتها(شلير)لا يعني إلا وجود خلل في حياتها أدى الى اضطراب شخصيتها والى عدم تمييزها بين أمرين أهونهما أكثراهما قسوة عليها. وهذا كله سلوك لا ينتمي في مظهره العام أو الخاص الى الغرب. وليست في النص ثمة أية إشارة الى هذا وفقط أراد الباحث التأويل بلا دليل سوى ما يراه أو ما يظنه مناسبا لهذه الحالة.لقد تذرع الكاتب ببنيتي "التحرر والاستقلال" للاستدلال على غربية (مريم) وكأن المرأة الشرقية لا تتحرر إلا على وفق الطريقة الغربية حسب، وهذا فهم غير منطقي ولا معقول وإسقاط،لا مبرر له،لسلوك مألوف على آخر غير مألوف إذا أخذنا واقع الشخصية ،داخل النص،بنظر الاعتبار.

ويذهب الباحث الى أبعد من هذا عندما يزعم أن(دلير)قد انتصر على(جلال)

"انه انتصار الماضي ضد الدخيل ومرض شلير هو مرض الواقع والانحدار الحاصل وكل مرض زائل إذا كان الماضي أصيلا"

وهذا تخبط في التفسير واضطراب في التأويل لأن جلالا ليس دخيلا على حياة دلير فالمرأة أحبته وأرادت أن يكون لها زوجا وأبا لابنتها وهو متفهم لهذه الحالة ولم يقحم نفسه في قضية البنت مع أبيها لأنه يفهم فهما موضوعيا أن الصغيرة هي ابنته من الناحية الشرعية والإنسانية وبالتالي مرض الطفلة لم يكن مرض الواقع لان الواقع عبر عن نفسه من خلال السلوك العام للشخصيات الثلاث وهذا كله ينفي مسألة الدخيل والأصيل نفيا تاما لان القضية تكمن في تراكمية الشكوك واضطراب اليقين والانزلاق وراء الوساوس والأوهام لامرأة متعلقة بطفلتها بعد ان حرمت نفسها من الرجل الذي كان الى جانبها على الدوام.

إن الصراع في هذه المسرحية،حسب ما أراه،يبدأ إشارياً من عنونتها(هو.هي.هو) فالشخصيات الثلاث غيّب زنكنه أسماءها من العنونة ،بشكل مقصود،محولاً إياها الى معادلة تشي بطبيعة الصراع الذي يواجهنا داخل متن المسرحية والذي تشكل (هي)بؤرته بينما يشكل(هو)و(هو)الآخر طرفيه.(هي)هدف الطرفين الذين يعملان من اجل الوصول إليه. وبين هذا وذاك تدخل (هي) في صراع معهما ليكون الصراع العام مركبا من الأطراف الثلاثة ومتداخلا بينهم ولا وجود لصراع الطرفين(هو)و(هو)مع بعضهما لوجود الفاصلة(هي)بينهما وبهذا يكون زنكنه قد عمل ،بخبرة لا تنقصه، على بيان مسار الصراع وشكله العام ابتداءً من ثريا نصه المسرحي وهذا أمر مهم للغاية.



أما بالنسبة للصراع الداخلي فيضرب الباحث مثالا على ذلك بمسرحيتي زنكنه (مع الفجر جاء، مع الفجر راح)و(العلبة الحجرية)وقد جاء تعليق الباحث على الصراع في هاتين المسرحيتين مقتضبا فتجنب بهذا الاقتضاب الوقوع بالأخطاء التقييمية. وهنا أود أن أشير الى ضرورة تصحيح اسم الناقد(ملفون ماكس)الذي ورد في التنصيص  المرقم(46)وصحيحه(ميلتون ماركس)كي يكون التنصيص دقيقا لا لبس فيه. وبهذا التصحيح نكون قد انتهينا من مطالعة المبحث الأول المتضمن على بنيتي الحبكة والصراع لننتقل الى المبحث الثاني المتضمن على الشخصيات الرئيسة والثانوية.



المبحث الثاني ـ الشخصيات

وفي مدخل هذا المبحث كما في المداخل السابقة يسقط الباحث ضحية أقوال نقاد المسرح ودارسيه فهو يربط الأقوال ببضع كلمات من عندياته وفي النتيجة يفقد المدخل هوية كاتبه،وتراني  أشدد على هذه النقطة المهمة لأنها وردت في كتاب مطبوع وتجاوزت كونها دراسة مقدمة لنيل شهادة الماجستير منذ عام 2005.ولا أظن الكاتب أدخل عليها التعديلات اللازمة والمتوائمة مع طبيعة الكتب النقدية المطبوعة.ومن الملاحظ أيضا أن الباحث اعتمد في تحديده للشخصية المقنعة بأبعادها الطبيعية والنفسية والاجتماعية على غيره من الكتاب ولم يأت بأي جديد في موضوعة الشخصية.ويقسم الباحث الوظائف على مجموعتين:

"أولا : الشخصيات الرئيسة

ثانيا : الشخصيات الثانوية"

في الشخصيات الرئيسة يتعكز الكاتب منذ البدء على ما قاله الأستاذ إبراهيم حمادة في وصفه الشخصية الرئيسة بأنها:

"الممثل الأول الذي كان يلعب الدور القيادي في الدراما الإغريقية ،ثم يلعب أدوارا أخرى في نفس المسرحية. أما الآن فهو الشخصية التي تلعب الدور الأساسي في المسرحية"

وهذا قول ضعيف لأن المسرحية الواحدة قد تتضمن على عدة شخصيات رئيسة  تتقاسم الأدوار الأساسية كما تتضمن على عدة شخصيات ثانوية تتقاسم الأدوار الثانوية وهذا التقسيم غير مقتصر على النص المكتوب حسب بل وعلى العرض أيضا لهذا لم أجد ضرورة لعبارة إبراهيم حمادة "المسرحية كنص مكتوب" ولعل جملة الباحث التي ذكرها بهذا الخصوص:

"كلما كانت الشخصيات متكافئة في القوة كان الصراع أقوى"

فيها ما يعزز فكرة وجود أكثر من شخصية رئيسة في المسرحية وقد يصل الأمر حد انتصار الشخصية الثانية(الشريرة)على الشخصية الأولى(الخيرة)وهذا النوع من الشخصيات هو الذي يستأثر بمساحات كبيرة في أغلب نصوص زنكنه باستثناء شخصياته المحورية.

وفي مفتتح حديث الباحث عن البطل الغائب يتعكز ثانية على ما قاله الأستاذ حمادة في الوقت الذي كان يمكن أن يكتفي بما قاله هو عن هذا البطل وهو قول واف وكاف حسب ما نراه. ويضرب مثالا على ذلك بمسرحية زنكنه(الأشواك)وبطلها الغائب(نوري)الذي اعتبره في الوقت نفسه بطلا محوريا من خلال تأثيره على سير أحداث المسرحية كلها وهذا استنتاج سليم.وعودة للشخصيات الأساسية نقول أن شخصية الدكتور،وشخصية صابر،وشخصية سهام هي في حقيقة الأمر شخصيات أساسية شكلت ثلاثة أقطاب متكافئة قادت المسرحية الى نهايتها.

وفي مفتتح حديثه عن البطل المثقف يتعكز على مقولة د.محمد عابد الجابري ويضيف من عندياته أنه:

"ينتمي الى الطبقة المثقفة في المجتمع كما يمثل تلك الطبقة من خلال طرح معاناتها ومشكلاتها"

وهنا سقط من حيث لا يدري بخطأ واضح عندما اعتبر أن المثقفين يشكلون طبقة واحدة لأنهم في حقيقة الأمر يمثلون فئة اجتماعية لا تكون متجانسة بالضرورة ولأن التجانس قانون الطبقات لذا من الخطـأ أن نطلق هذا المصطلح على أية فئة اجتماعية.ويضرب لنا مثالا على ذلك بمسرحية زنكنه(موت فنان)والفنان هنا ينظر الى الجمال نظرة مثالية خالصة أدت ،حال اكتشافه لما يسئ الى مثالية  وطهر الجمال،الى سقوطه ميتا، وبسقوطه تكون المثالية قد سقطت أيضا بينما ظل الواقع قائما. إن هذه المسرحية لا تعكس بالضرورة صراع القيم الجديدة مع القديمة كما زعم الباحث،على لسان غيره، وإنما تقوم على مصادمة بواعث شخصيتين مختلفتين الأولى تنطلق،في فهما لما يدور حولها،من سموها الذاتي ونبلها الأخلاقي،والثانية تنطلق من إحساسها بوطأة واقعها الاقتصادي القاسي عليها.ويستنتج الكاتب أن:

"التصارع بين القيم الشريفة والنبيلة والقيم غير الأخلاقية ،يعكس لنا وعي الكاتب لأزمات المجتمع"

وهذا استنتاج غير دقيق إذا أخذنا بنظر الاعتبار ظروف الشخصية الثانية والتي َتبيّن لنا من خلالها مسببات جنوح المرأة الى المقايضة  بجمالها.

وجريا على عادة الباحث نطالع،في مفتتح قوله عن الشخصية الثانوية تنصيصا يحدد دورها في المسرحية بأن:

"يكون ظهورها على خشبة المسرح أقل من ظهور الشخصية الرئيسة"

وهذا تحديد ضعيف ولا يصح مع بعض الأعمال المسرحية فلو أخذنا مسرحية زنكنه (الأشواك) مثالا لوجدنا أن الشخصية الثانوية (المرأة) قد ظهرت على خشبة المسرح في الوقت الذي لم تظهر فيه الشخصية الرئيسة (نوري) على خشبة المسرح إطلاقا.ويكمل تنصيصه القائل أن:

"الشخصية الثانوية ذات موقف ثابت لا يتغير مع تغير الأحداث،إذن فان الشخصية الثانوية تكون ملازمة لحالة واحدة"

وفي واقع الحال أن  حالة الشخصيات ،الرئيسة منها والثانوية، يتغير على وفق التغيرات التي تطرأ على أحداث المسرحية(تكتيكياً)ولا وجود لحالة ثابتة لا في الحياة ولا في المسرح. فالحياة على هذه الأرض ،كما قيل في الماضي، معناها التغير والكمال معناه كثرة التغير. 



المبحث الثالث ـ الحوار

في هذا المبحث يتخلى الباحث عن كتابة مدخل له خلافا لعادته التي سار عليها في المبحثين السابقين مستعيرا تعريف الحوار من الأستاذ عبد العزيز حمودة القائل ان الحوار هو:  

"أداة لتقديم حدث درامي الى الجمهور دون وسيط، هو الوعاء الذي يختاره، أو يرغم عليه الكاتب المسرحي لتقديم حدث درامي يصور صراعا إراديا بين ارادتين تحاول كل منهما كسر الأخرى وهزيمتها"

وبعد التعريف يستنتج ان:

"ما يميز المسرحية بوصفها – جنسا أدبيا – عن القصة والرواية هو الحوار لأن القصة والرواية تستخدمان الوصف والتحليل وهذا يكون عن طريق السرد، أما المسرحية فتعتمد اعتمادا كليا على الحوار"   

ضاربا عرض الحائط أن الرواية والقصة قد تستخدمان الحوار ،كما هو الحال في أغلب قصص وروايات زنكنه، بتقنية يقصد منها  إيصال أو توثيق مجريات حالة ما من حالات الشخصية المتحاورة.وإن كان ثمة فرق بين الحوارين فان ذلك الفرق يكمن في أن الحوار في القصة والرواية مقروء بينما يكون في المسرحية منطوقاً وهذا هو عين ما ذكرته في(البناء الدرامي)في الصفحة(13).ثم ينتقل بنا الى موضوعة الحوار في مسرحيات زنكنه ذات الفصل الواحد زاعما انه:

"جاء في أغلبها مطابقا لخصائص المسرحية ذات الفصل الواحد من حيث قصر الحوار وكثافته ثم من حيث وظائفه الدرامية"

ويضرب لنا مثلا على ذلك ما دار بين(الحارس)وبين(مسعود)من مسرحية(الشبيه) ناسيا أو متناسيا أن لمسعود هذا حوارات طويلة أو غير قصيرة كحواراته في الصفحة 242 و 243 الخ..وهذا يعني أن زنكنه لا يحدد استخدامه للحوار،طولا وقصرا،على وفق المحددات التقليدية لأنه يؤمن أن نصوصه تبتكر محدداتها الخاصة التي طالما حفزت في نفوس المخرجين،من أجيال مختلفة،رغبة العمل على إخراجها.ولا يقتصر هذا على مسرحيات زنكنه ذات الفصل الواحد حسب بل ويتعداه الى مسرحياته الطويلة أيضا.

وضمن موضوعة الحوار واللغة يتناول الباحث اللغة الفصيحة والعامية.وبعد طول شرح وكثرة تنصيص واستشهاد بنصوص يخرج بخلاصة مفادها أن:

النماذج التي استشهد بها كشفت عن أن لغة زنكنه جاءت خالية من التعقيدات والجمل الاعتراضية والشرطية الطويلة.وهنا أود أن أضيف أن زنكنه كتب واحدة من مسرحياته باللهجة العامية وهي مسرحية(الإجازة)التي قدمتها في بعقوبة فرقة نقابة الفنانين، وفي السليمانية فرقة المسرح الطليعي.

ويرى الباحث في موضوعة الحوار والصورة أن المؤلف المسرحي يمكن بوساطة الصورة أن:

"يعبر عن طبيعة الألفاظ،ويكشف عن علاقات جديدة كي تصبح اللغة مشخصة المعنى"

فالصورة عنده كما يقول جيرار جينيت:"هي أية هيئة تثيرها الكلمات الشعرية بالذهن شريطة أن تكون هذه الهيئة معبرة وموحية في آن"

ويضيف مستنتجاً:

"إذن يأتي استعمال الصورة الفنية في المسرحية النثرية ، وسيلة للإدراك العميق والمشاعر العميقة وتجسيد مواقف مهمة في المسرحية فتأتي الصور مكثفة لكنها تحمل معان عميقة"

أن الباحث هنا تناول صورة الملفوظ المسرحي ،فقط،من منطلق أدبي بحت،وأهمل الصورة المسرحية باعتبارها بنية أساسية من بنى النص المقروء والعرض المنظور وقدرة تلقيها ذهنيا في حالة القراءة وبصريا في حالة المشاهدة. هذه الصورة لا تثيرها(الكلمات الشعرية)أو(شاعرية الكلمات)لأنها تتشكل جماليا داخل منظومة العمل الدرامية نفسها،وعلى أساسها يمكن الوصول الى تفسير وتأويل ما تعرضه صور المسرحية ككل متكامل (جشتالت).ولا تخفى على أحد تجربة تناول الأعمال المسرحية نقديا من خلال منظومتها الصورية. الصورة إذن قيمة جمالية أو وحدة قيمية لمعرفة ما تروم إليه أية مسرحية متكاملة وهي ليست حكرا على مسرح دون آخر ،كمسرح الصورة على سبيل المثال،لأن القاعدة العامة فيها بنيت على أساس عدم وجود مسرح بلا صورة.



 الفصل الثاني ـ المسرحية التجريبية

   في مدخل)المسرحية التجريبية(قدم لنا الباحث تعريف النقاد،والمنظرين للمسرحية التجريبية وألقى الأضواء على تاريخها زاعما أنها:

"ظهرت حديثا على أيدي مجموعة من الكتاب الغرب أمثال بريخت، وبيراندللو، وبيكت وغيرهم "

ثم يستنتج بعد التعريف أننا:

"نستطيع القول ان التجريب يعني الاختلاف عن الأشكال والتقاليد المتوارثة"

وهذا الاستنتاج مأخوذ من كتاب هدى وصفي(التجريب في المسرح المصري).

وعلى النطاق العربي حصر التجريب أول الأمر بالرواية ثم بعد ذلك بالقصة القصيرة إبان ستينات القرن الماضي كما أشار الى ظهوره في المسرحية العربية والعراقية.ومن الأمور التي ساهمت في بلورة فكرة التجريب،على حد زعم الباحث،ترجمة العديد من المسرحيات التجريبية الغربية.

الباحث في هذا الفصل،كما في الفصل السابق،ظل معتمدا اعتمادا كبيرا على مقولات غيره،ولم يخرج من معمعة(العبث)باستنتاج خاص من عندياته.وقد استخدم ،كعادته،الكثير من المراجع والمصادر المهمة التي درست مسرح العبث بشكل تفصيلي والتي نقل عنها ولم يأخذ عصارتها أو يمزج تلك العصارة مع ما لديه من أفكار في الموضوع نفسه.ما يهمنا،في هذا المبحث،هو تعامله مع نص زنكنه الذي درسه كأنموذج متأثر بهذا التيار المسرحي إذ يقول:

"إننا لاحظنا كيف تأثر هذا الكاتب بمن سبقه من كتاب مسرح العبث وسار على نهجهم في مواضع عدة"

لاصقا بزنكنه تهمة التأثر والسير على نهج من سبقوه من كتاب مسرح العبث وكأن زنكنه كاتب مبتدئ مهيأ للتأثر بهذا المنهج أو ذاك فيسير،من حيث لا يدري،عليه،ومع كل ما لكتاب العبث من أهمية وقدرة عالية وشهرة واسعة ونجومية هائلة و..و ..الخ لا يمكن ان يسقط كاتب مثل زنكنه في مسقط التأثر بغيره. لنقل،بشكل سليم،انه أخذ من مسرح العبث ما يلائم نصه وتجربته الجديدة مطوعا إياه لخدمة نهجه الخاص وهذا هو ما فطن إليه ،قبلنا،الناقد الكبير ياسين النصير.وهذا هو عين ما فعله زنكنه مع المناهج الأخرى.إنه وهو يطوع هذه المناهج  لمشروعه الإبداعي،لا يريد أن يعلن عن نفسه ككاتب ضمن هذا المنهج أو ذاك لأن ما يفعله ،فقط، هو تطويعها  لمنهجه الذي عرف به ككاتب من طراز خاص.

لقد حاول الباحث في تناوله لنص زنكنه(صراخ الصمت الأخرس)أن يستدل على عبثيته من خلال الشخصيات ذاكرا أن زنكنه عمل على:

"أن لا يطلق عليهما أسماء معروفة ويكتفي في التمييز بينها بأن يعطي كلا منها رقما هي (الأول والثاني)،مجاريا بذلك العبثيين في تحويل الإنسان الى رقم" 

وهنا أود أن أوضح مسألتين: الأولى هي أن منح الشخصية رقما لا اسما ليس من باب تهميشها بل من اجل منحها صفة عامة فالأول هو كل شخص يحمل الصفات والمواصفات نفسها وكذلك الثاني والثالث..الخ وهذه الطريقة في التسمية غير مقتصرة على كتاب العبث دون غيرهم وسيجد الباحث،إن أراد،عشرات النصوص التي استخدمت الترقيم بدل الأسماء ولم تكن أيا منها مسرحية عبثية فضلا عن أن مسرحية(في انتظار غودو)،وهي الأشهر بين النصوص العبثية،لم تستخدم الترقيم بدل الأسماء إذ أطلق الكاتب على شخوص المسرحية أسماء من قبيل استراغون وفلاديمير.أما المسألة الثانية فتكمن في أن كتاب العبث واللامعقول لم يحولوا الشخوص الى مجرد أرقام بل وضّحوا أن الحياة ما بعد الحرب،في أوربا،هي التي حولت الإنسان الى رقم حسب.وكذلك الحال مع زنكنه الذي اسقط تبعة ذلك على مجمل الحياة الاجتماعية والاقتصادية المتردية في عالمنا العربي. في عالمنا ،دوما،ثمة عوامل مشتركة أو محبطات مشتركة كاليأس والسأم والضجر واللاجدوى والانتظار وان الكتابة عن أي من هذه المحبطات لا يعني تأثر كاتب ما بطرائق تناولها فألبير كامو ،على سبيل المثال لا الحصر،استنتج أن السأم هو "محصّلة لفعل الانتظار، وكلاهما نتاج واحد لانهيار العقل والجسد معاً سببه الروتين والعادة،"كما انه فطن الى لا جدوى الحياة فكتب واحدة من أهم أعماله (أسطورة سيزيف)فهل يعني هذا أن كاتبا مثل كامو قد تأثّر بغيره أو أثّر على غيره من كتاب العبث واللامعقول؟! التأثير يحدّث في حالة عدم اكتمال التجربة الإبداعية، وعدم بلوغها حد التفرد حسب.

وعودة الى نص زنكنه(صراخ الصمت الأخرس)نجد أنه اختار اللامعقول لأن ما يحدث على ارض الواقع العربي غير معقول بالمرة وغير إنساني وغير قابل للتصديق ومناقض تماما لما تروجه وسائل الإعلام في كل مكان.إن تلك الوسائل تقول بغنى الناس وتخمتهم، وفي واقع الحال أنهم يعانون من الجوع حد بحثهم عن اللقمة في المزابل.وتقول بسمو أنظمتنا عن الرذيلة وهي مغرقة في الرذائل وتقول بديمقراطيتها وهي مؤسسة على الخوف والترهيب.وربما هذا هو ما شجع مخرجا كبيرا كالراحل المبدع عوني كرومي على إخراج هذه المسرحية مبينا أن حجم المأساة التي يعيشها الناس في هذا الزمان أكبر من الحد المعقول.ولذلك نراه قد وضع على خشبة المسرح عشرات الأجهزة الإعلامية التي يتوسطها مقعد المرافق الصحية في إشارة الى ما تفعله تلك الوسائل بطرق قذرة جدا.ومن ثم فان المسرحية تلقي علينا أسئلتها الآتية :لماذا لا نكافح الجوع بدل ترك الجياع مجبرين على سرقة لقمة تفضي بهم الى قطع أيديهم ومن ثم أرجلهم؟ولماذا لا يمنح الجائع حق الجهر بجوعه؟ولماذا يخاف الناس البوح بمعاناتهم وهم يعيشون ضمن أنظمة تدعي الديمقراطية ولماذا..ولماذا..وتكثر الأسئلة وتتناسل من داخل النص الى خارجه لتشتمل على مفاصل أخرى من حياتنا المضجرة. ولكل هذا ومن اجله اختار زنكنه هذا الشكل ليصب فيه فكرته عن(صراخ الصمت الأخرس).



     في مبحث المونودراما يستعرض الباحث أصل المصطلح المشكّل من مفردتي mono و drama وأهم الترجمات له فمنهم من ترجمه على انه(دراما الممثل الواحد)  0ne man showومنهم من ترجمه على أنه(المسرح الفردي) mono actor ومنهم من استحدث تسمية عربية له بدمج مفردتي (مسرحية) و (وحيد) لتصبحا(مسرحيد).وعلى الرغم من اختلاف التسمية إلا أن المعنى المراد من وراء هذه التسميات هو المسرحية التي يقوم بتمثيلها ممثل واحد. ويتفق الباحث مع الرأي القائل:

" إن بذورها وجدت منذ الدراما الأولى، ونلمحها في المشاهد التي كان البطل فيها في المسرحيات اليونانية القديمة ينفرد بالحديث مدة طويلة بينما ينصت الجميع له في صمت حتى ينتهي"

إن هذه البذرة يجب أن لا نعوّل عليها كثيرا لأنها ليست سوى نشاط درامي سابق لجنس المونودراما، وإن الظروف التي أدت إلى ظهور الممثل في المسرح الإغريقي كانت نابعة من الحاجة الماسة إليه. حاجة لم تتوقف عند حدود الممثل الواحد بل تعدته إلى اثنين وثلاث حتى أخذت المسرحية شكلها التقليدي.كما أنها افتقدت إلى أهم ميزات المونودراما ألا وهي أزمة الشخصية الوحيدة،فالأزمة في النصوص الإغريقية يتداخل  فيها ما هو فردي مع ما هو جماعي ومن أمثلة ذلك مسرحية(اوديب ملكا)إذ تتداخل فيها أزمة اوديب(البحث عن السر)مع أزمة الشعب المنكوب(جراء ذلك السر).المسألة هنا أشبه بمن يريد أن يثبت أن المسرح عندنا تشكل من النشاطات ما قبل المسرحية التي تحدثنا عنها في الصفحات السابقة. وبغض النظر عن كل مميزات المونودراما الحديثة تبقى ميزة استبعادها القسري للآخر هي من أشد ما تؤاخذ عليه.وهي لهذا تحاول التخفيف من حدة هذه المؤاخذة عن طريق احضار الآخر أو ما يعوّض عنه داخلها كما هو الحال في مونودراما زنكنه الموسومة بـ(تكلم يا حجر)إذ تظهر على المسرح شخصيتان على الرغم من أن الشخصية الثانية تظل صامتة إلى نهاية المسرحية فضلا عن استخدامه للصوت الحي لشخصية نسمعها ولا تظهر على خشبة الأحداث. أما في مسرحية(مساء السلامة أيها الزنوج البيض)فان زنكنه يستخدم ما يعوّض عن الآخر كالحضور الافتراضي للزوجة وغيرها.ثم أن المسألة في النهاية ليست مسألة "خرق أحادية الصوت " حسب ،بل هي التعويض الفني عن الآخر الذي غيبه النص.

 في ختام هذا المبحث يستنتج الباحث:

"أن هاتين المسرحيتين متشابهتان من حيث الموضوع "

ولا أعرف من أين جاء الباحث بهذا الاستنتاج غير الدقيق فلا تشابه بين الموضوعين ولا تشابه حتى بين الفكرتين والشخصيتين.



وعلى المنوال نفسه يتناول الباحث موضوعة المسرح الملحمي بالشرح والاستشهاد ومن ثم الانتقال الى ملحمية مسرحيات زنكنه التي يضرب لنا مثالا عليها بمسرحية(حكاية صديقين)ثم ليختتم دراسته باستنتاج عام مسك الختام فيه دعوة وجهها للإفادة:

"من هذه المسرحيات في تدريس مادة (العربية العامة) المقررة في كليات جامعاتنا،كنصوص أدبية"

نتمنى أن نكون قد حققنا ،بهذه القراءة،إضاءة الجوانب التي خفي بعضها عن باحثنا المثابر غنام محمد خضر أو التي فاته ذكرها في زحمة عنوانات مباحثه وموضوعاتها الكثيرة.وأن نكون قد وفينا ولو بجزء يسير من استحقاق كبير لكاتبنا المبدع الكبير محي الدين زنكنه علينا: كمتابعين، ونقاد، ومبدعين.

"عرض كتاب "تعامل المخرج مع الممثل في المسرح العراقي - العراق

مجلة الفنون المسرحية

صدر للمخرج المسرحي الدكتور صبحي غضبان المسرحي كتاب (تعامل المخرج مع الممثل في المسرح العراقي)ضمن منشورات مديات الثقافية \دار الزيدي للنشر والتوزيع والإعلان وهو يتكون من فصل واحد ومدخل بحثي وتاريخي لسلوك المخرجين ابان عهود متأخرة حيث النشأة المسرحية الأولى في بلاد الإغريق والرومان حيث كان المؤلف هو من يجمع بين التأليف والإخراج ويقوم بمهمةالاخراج وصولا حتى عصر الكنيسة حيث يتبلور السلوك والتعامل المسرحي مع الممثل في أنماط مختلفة تبعا لتطور الحاجة والتقنية السائدة ضمن معطيات الظرف التاريخي ومن ثم يعرج الى العصر الحديث او بما يعرف بعصر النهضة وفي الفترة الشكسبيرية وموليرحيث يسند للممثل الأول في الفرقة المسرحية دور المخرج وفي العصر الحديث وعندما أخذت عناصر فنية متنفذة تأخذ دورها المهم في الإنتاج المسرحية, كان لابد من وجود فنان يستطيع أن ينظم(( العناصر)) وعملها لتنصهر في بودقة واحدة ويكون مسئولا عن نتائج العمل المسرحي وجودة العرض أمام الجمهور, وكان المخرج هو ذلك الشخص والذي لابد وان يختص بصفات وقدرات عديدة تؤهله لتولي تلك المسؤولية الجسيمة. ويذكر بان فرقة (مايننغن) التي كان يقودها الدوق جورج الثاني أمير دوقية مايننغن في بافاريا كانت من أول الفرق المسرحية التي مارس فيها المخرج دوره الفني المستقل..
ونتيجة لتبلور مهمات المخرج الفنية ظهرت نظريات مختلفة تتعلق بطبيعة الإنتاج المسرحي وأسلوبه,وقد ركزت تلك النظريات على نوعين رئيسين من الإنتاج بحسب (الكساندر باكشي): الأول الإنتاج ألتقديمي , والثاني الإنتاج التمثيلي, فالأول يشترط التقنيات التي تؤدي إلى الإيهام بالواقع الذي تعتمد عليه الصور المسرحية المتتابعة في العرض المسرحي فيظهر الإيهام بالواقع بحيث تكون الصور المسرحية صوراً مشابهة لما هو موجود في الواقع الحياتي أو في الطبيعة وقد شمل الأسلوبان المختلفان للإنتاج المسرحي جميع عناصر الإنتاج وبالدرجة الأولى التمثيل , ففي الإنتاج ألتقديمي ليس ضروريا أن يتقمص الممثل الشخصية الدرامية , ويلبس لبوسها , وبعكسه الإنتاج التمثيلي الذي يقتضي المحاكاة الكاملة وإقناع المتفرجين بان هذه الشخصية التي يراها على خشبة المسرح هي شبيهة في جميع صفاتها.. يسعى البحث إلى تعرف تعامل المخرج المسرحي مع الممثل في المسرح العراقي خلال التمارين وصولا إلى العرض المسرحي 2 - معرفة مدى قدرة المخرج المسرحي العراقي في التعامل مع الممثل المسرحي في العروض المسرحية العراقية , وما يحصل من هكذا تعامل من تواصل مع عناصر العرض المسرحي . رابعا: حدود البحث: يتحدد البحث بالحدود الآتية:
1 - الحد الموضوعي : دراسة تعامل المخرج مع الممثل العراقي خلال مرحلة التمارين والتركيز على خمسة مخرجين 1 - الحد ألزماني: 1980---- 2000 2 - الحد المكاني :عمل المخرجين العراقيين في مسارح مدينة بغداد. خامسا: تحديد المصطلحات تعامل: التعامل لغة كلمة مأخوذة عن الفعل (عامل ) ويقال (عامل معاملة أي (سامه بعمل ) ويقال (تعامل القوم) أي عامل بعضهم بعضاً(سام بعهم بعضاً بعمل) (1) والتعريف الإجرائي لكلمة (تعامل ) هو قيام شخص معين بعمل شخص آخر ' فيما يخص بهذا البحث يقصد بالكلمة قيام المخرج المسرحي بعمل ما يقدمه للممثل, وبحسب(الكسندر دين) فان كلمة تعامل تعني قيام المخرج بنقل جزء من أجزاء المسرحية وسماتها إلى الجمهور,والكتاب عموما فيه معلومات قيمة وتعريفية للمشتغلين في هذا المجال ويمكن اعتباره مرجعا مبسطا لطلبة الفنون المسرحية ودارسي التمثيل للاستفادة من معطياته.... والدكتور صبحي الخزعلي من مواليد قلعة صالح 1943مخرج مسرحي وتلفزيوني..دكتوراه أخراج .
اخرج للمسرح 22عملا مسرحيا عراقيا واخرج للتلفزيون 4 مسلسلات وكثير من البرامج التلفزيونية ،عمل في فضائيات العراقية،العراق \آفاق\الاتجاه وكذلك عمل في راديو الناس ألف العديد من المنشورات والنصوص والمسرحية واخرج برنامج عدسة الفن ثلاث سنوات
-----------------------------
المصدر : احمد جبار غرب - النور
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption