أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 25 ديسمبر 2016

أعضاء لجنة تحكيم العروض التي تأهلت للجائزة في مهرجان المسرح العربي دورة الجزائر

مجلة الفنون المسرحية


أعضاء لجنة تحكيم العروض التي تأهلت للجائزة في مهرجان المسرح العربي دورة الجزائر

اختارت الهيئة العربية للمسرح لجنة التحكيم للدورة التاسعة من مهرجان المسرح العربي - دورة عز الدين مجوبي في الجزائر (وهران و مستغانم) من 10 إلى 19 يناير 2017
واللجنة تتكون من المسرحيين العرب ذوي الخبرة و الإبداع، و قد حرصت على أن يكونوا من دول لا فرق لها في التنافس على جائزة القاسمي، لذا تكونت اللجنة من:
1. د . يوسف عايدابي – السودان / رئيساً.
2. أ . رندا أسمر – لبنان.
3. د . عجاج سليم – سوريا.
4. أ . فتحي عبد الرحمن – فلسطين.
5. أ . يوسف الحمدان - البحرين


الهيئة العربية للمسرح : البيان الصحفي الخاص .. بالمؤتمر الصحفي المنعقد في الشارقة يوم الأحد 25 ديسمبر 2016.

مجلة الفنون المسرحية

الهيئة العربية للمسرح : البيان الصحفي الخاص .. بالمؤتمر الصحفي المنعقد في الشارقة يوم الأحد 25 ديسمبر 2016.

مهرجان المسرح العربي الدورة التاسعة(دورة عز الدين مجوبي)
أضخم و أوسع برنامج يشهده  المهرجان.
وهران و مستغانم تتقاسمان احتضان المهرجان.
 عقد الأمين العام للهيئة العربية للمسرح الأستاذ اسماعيل عبد الله في مقر الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح بالشارقة مؤتمراً صحفياً حول الدورة التاسعة من مهرجان المسرح العربي (دورة عز الدين مجوبي) بحضور مندوبي الصحافة المحلية و تلفزيون الشارقة، أعلن فيه  برنامج الدورة و تفاصيله، و قدم بانوراما شاملة  عن المهرجان .
 علامات من الدورة التاسعة:
ـ 550 فناناً مشاركا من الجزائر و باقي الوطن العربي يرسمون لوحة واقع المنتج المسرحي العربي.
ـ تكريم 15 فنانة وفناناً من الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني.
ـ 28 عرضاً مسرحياَ، ثمانية تتنافس على جائزة القاسمي و 8 في مسار المهرجان و أربعة في المسار الثالث و 8 من العروض الجامعية.
ـ 11 ورشة تدريب، أربع منها خصصت لتنمية تجارب مسرحية لافتة في بعض الدول العربية.
ـ مهرجان للمسرح الجامعي ضمن فعاليات مهرجان المسرح العربي.
ـ 105 مشاركين في المؤتمر الفكري.
ـ 33 مشاركاً في تأطير الورش و الندوات النقدية التطبيقية.
ـ مناظرة ريادة النص المسرحي العربي تحسم في هذه الدورة بندوة محكمة.
ـ 3 ندوات محكمة لتحديد ترتيب الفائزين في مسابقات البحث و تأليف النص.
ـ ورشة لإعداد القراءات النقدية للعروض قبل المهرجان يشارك بها مجموعة من الأكاديميين الجزائريين من أجل تقديم القراءات النقدية بشكل أكثر منهجية.
المهرجان الأكبر  في المسرح العربي يبلغ التاسعة في الجزائر.


بهدي توجيهات و ثاقب نظر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، يمضي  مهرجان المسرح العربي إلى محطته التاسعة بكل الإصرار على تحقيق الأهداف التي يحملها و تحملها استراتيجيات الهيئة للمسرح العربي و تنميته، فبعد القاهرة عام 2009، وتونس عام 2010، وبيروت عام 2011 و عمّان عام 2012 و الدوحة عام 2013 و الشارقة عام 2014 و الرباط عام 2015، و الكويت عام 2017، ها هو المهرجان يتوج هذا التجوال العربي في الجزائر و بالتحديد في ولايتي وهران و مستغانم، بالتعاون المثمر مع الديوان الوطني للثقافة و الإعلام و بإشراف من وزارة الثقافة و وزيرها الشاعر عز الدين ميهوبي و بدعم كبير من واليي ولايتي وهران و مستغانم و بتتويج سامٍ برعاية السيد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة للمهرجان، و بحضور غير مسبوق لكل هذا البهاء المسرحي العربي و ناسه و مبدعيه في أضخم و أوسع برنامج عمل تشهده دورات المهرجان منذ انطلاقته، و بأوسع مشاركة.
لن يفوت المتأمل لبرنامج هذه الدورة التطور و التوسع اللافتين في صياغة هذه الدور، و هي أمور ما كانت لتكون أو تتم لولا أن في الجزائر ما يغري بذلك و أكثر، ففيها الرؤية الاستراتيجية الحاسمة لمعنى المسرح في صياغة الحياة و المستقبل و الإنسان، فيها الفهم العميق لمعنى أن يحضر المسرح العربي بأبهى ما أنتج ليكون ضيف الجزائر، ليلعب دوراً في تأكيد اللحمة الثقافية بين جزائر الإبداع و جسد الأمة الممتد من المحيط إلى الخليج، فيها تلك الإرادة و الهمة و العزيمة على جعل الدورة التاسعة فارقة مسرحية بطعم الجزائر وروح شعبها المناضل.
المسرح مدرسة للأخلاق و الحرية
التاسعة من عمر المهرجان، تزهو في في ظلال خمس و خمسين سنة من الحرية و التضحية التي ما توقفت من أجل وطن عزيز يصدر للدنيا محيي الدين بشطارزي، و ولد عبد الرحمن كاكي، مصطفى كاتب، عبد القادر علولة، عز الدين مجوبي، امحمد بن قطاف، كاتب ياسين و آسيا جبار، إنه وطن كتبه الطاهر وطار، محمد ديب، مالك بن نبي، مولود فرعون، أحمد رضا حوحو، مولود معمري،  طاهر جاووت و مالك حداد، و تزهر إبداعاته على إيقاع الكرامة و الحرية، و تحيي أرضاً مجبولة بتضحيات مليون و نصف المليون، استشهدوا لكي تكون الجزائر حرة.
من هنا جاءت روح تسمية الدورة باسم واحد من شهداء المسرح الجزائري “عز الدين مجوبي” تكريساً لاحترام نضالات المسرحيين و تضحياتهم و الدور الذي يلعبه المسرح في التغيير و تهيئة مناخ الحرية.
يكرم المهرجان كوكبة من أعضاء الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، تلك الفرقة التي أسسها المسرحي الجزائري الرائد مصطفى كاتب عام 1958 لتكون الرسول الفني لشعب الجزائر الذي يخوض حرب استقلاله، حيث بقي من تلك الفرقة 15 فنانة و فناناً، سيكون لنا الشرف بتكريمهم، فالمسرح مدرسة للأخلاق و الحرية كما جاء في رسالة اليوم العربي للمسرح عام 2014 و التي كتبها و ألقاها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.
المشاركة الواسعة في المهرجان، مشاركة عملية و فاعلة.
سيشارك في هذا المهرجان من المسرحيين حوالي 550 فناناً من الجزائر و الوطن العربي، منهم 267 من المشاركين في العروض المسرحية، و 120 في المؤتمر الفكري، و 70 في الورش و الندوات النقدية و كذلك التحكيم.
المؤتمر الفكري والمنحى الجديد.
تحت عنوان (العبور إلى المستقبل بين الريادة والقطيعة المعرفية) يأتي  المؤتمر الفكري في هذه الدورة ساخناً بالمعنى المعرفي و العلمي، فقد خطونا باتجاه ندوات فكرية تفاعلية و تطبيقية إذ يقدم المؤتمر الفكري على مدار تسعة أيام ما يلي :
ـ ندوتان تطبيقيتان استذكاريتان لشهيدي المسرح الجزائري عز الدين مجوبي، و عبد القادر علولة، حيث تعقد كل ندوة منهما مرتين في وهران و مستغانم.
ـ مناظرة علمية حول ريادة النص المسرحي العربي بين مارون النقاش و ابراهيم دانينوس، حيث يقدم المتناظران د. سيد علي اسماعيل من مصر، و مخلوف بوكروح من الجزائر، و كانت الندوة قد عقدت جولتها الأولى في الشارقة إبان الدورة السادسة، و سيتم الحسم في المناظرة بوجود لجنة تحكيم و خبراء.
هذا المناخ العلمي الشفاف و العميق إنسحب أيضاً على ثلاث ندوات يتم فيها حسم الفائزين و ترتيبهم في ثلاث مسابقات نظمتها الهيئة عام 2016 و هي :
ـ مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للكبار.
ـ مسابقة تأليف النص المسرحي الموجه للأطفال.
ـ المسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي (المخصصة للباحثين الشباب) حت سن الخامسة و الثلاثين.
كما سيشهد المؤتمرالندوة التطبيقية العلمية حول فن الإيماء و ندرته في المسرح العربي، حيث سيتم تطبيق التمارين مع كافة الحضور.
إضافة إلى ندوات ستنظم في جامعة مستغانم حول النقد و الصور الجمالية في المسرح لفائدة طلبة كلية الآداب و الفنون و طلبة الدراسات العليا فيها.
فعاليات و تواصل دولي في المهرجان
سيشهد المهرجان ملتقى خاصاً بالمهرجانات الضيفة و توقيع تفاهمات مع الفيدرالية الدولية للتمثيل، و إعلاناً عن حزمة نشاطات تنظم بالاشتراك مع ديوان الثقافة و جهات عديدة في الجزائرعلى مدار العام 2017، إلى جانب اجتماع مسرحي مغاربي سينتج عنه خطة عمل مشتركة لصالح المسرح العربي.
رسالة اليوم العربي للمسرح يلقيها الفنان الأردني حاتم السيد.
يحتفي المهرجان في يوم افتتاحه باليوم العربي للمسرح من خلال إلقاء الفنان الأردني حاتم السيد لرسالة هذا اليوم الذي يصادف العاشر من يناير من كل عام.

الجدية و الشفافية رسخا الثقة بالمهرجان.
المهرجان و من خلال الجدية و الشفافية في التحضير و التنفيذ و النتائج أصبح الموعد الأهم على خارطة المهرجانات العربية، سواء على الصعيد الرسمي أو الأهلي من مؤسسات و أفراد، و قد توج ذلك من خلال الشكر الذي نص عليه بيان وزراء الثقافة العرب الذي عقد في تونس مؤخراً و الذي وجه الشكر للمغرب لاحتضانها الدورة السابعة و للكويت لاحتضانها الدورة الثامنة مما يؤشر أن المهرجان قد بات موقع ثقة و اعتزاز.

8 مسرحيات تتنافس على4 جوائز في مهرجان الفرق المسرحية

مجلة الفنون المسرحية

8 مسرحيات تتنافس على4 جوائز في مهرجان الفرق المسرحية

أعلنت إدارة مهرجان الفرق المسرحية في دورته الرابعة والذي تنظمه الهيئة العامة للرياضة، أنه تم اعتماد 8 عروض مسرحية للمشاركة في المنافسة على جوائز المهرجان الذي سيقام على مسرح الكلية التقنية بحي الريان، وتشمل أفضل عرض مسرحي وأفضل ممثل وأفضل إخراج وأفضل سينوغرافيا.

وتتضمن العروض مسرحية “اليوم الأخير” من مكتب هيئة الرياضة بمدينة الرياض، من تأليف فايز الجريسي وإخراج بندر الحازمي، ومسرحية “خلف السور” من مكتب الهيئة بمدينة الدمام، وهي من تأليف أسعد العلايلي وإخراج فيصل بوحشي، كما تشارك مسرحية “غارة” من مكتب الهيئة بجدة، للمؤلف علي البدور وإخراج سلطان الغامدي، وتشارك مسرحية “سرير الأمنيات” لمكتب هيئة الرياضة بجازان من تأليف عزيز بحيص وإخراج خالد دحلان، وتتضمن العروض مسرحية “شطرنج” لمكتب هيئة الرياضة بنجران من تأليف وإخراج عبدالله الشماخ، وكذلك مسرحية “محاكمة” من مكتب حائل تأليف وإخراج خالد الحربي، ومسرحية ” ليس إلا ” من إعداد وإخراج علي الغوينم من مكتب الأحساء، ، وأخيرا مسرحية “ساعة في التوقيف” من مكتب الهيئة بالخرج من تأليف سعد المدهش وإخراج فهد المرزوق.

وأوضحت إدارة المهرجان أن هذه العروض ستخضع لتقييم لجنة تحكيم تتكون من الكاتب المسرحي والأديب عبدالعزيز الصقعبي رئيسا وعضوية الدكتور نايف خلف والفنان عبدالعزيز السكيرين، حمن خلالها اختيار الفائزين وتسليمهم جوائزهم، فيما سيكون المؤلف المسرحي مشعل الرشيد المعقب الرئيسي على العروض.

وأعلنت إدارة المهرجان عن وجود مسابقة للفرق المسرحية المدرسية الثانوية بعنوان (مسرح الفتيان) تضم 8 فرق ايضا، تنطلق منافساتها في الفترة الصباحية على مسرح مدارس التربية النموذجية، ويقوم بالتنسيق لها المخرج المسرحي أحمد الدغيشم.

يذكر أن فعاليات المهرجان تنطلق يوم الثلاثاء المقبل الموافق 28 ربيع الأول وتستمر على مدى 8 أيام، وسيكون الحضور لها مجاني، وتشمل دورة “تقنيات التمثيل” ويقدمها نوح الجمعان على مسرح بيوت الشباب، والمقهى الثقافي في الخيمة الثقافية وغيرها من الفعاليات المتنوعة.

-------------------------------------------------------
المصدر : الرياض - المواطن

"مقامات بديع الزمان الهمذاني": إشارات تراثية للحاضر

مجلة الفنون المسرحية

"مقامات بديع الزمان الهمذاني": إشارات تراثية للحاضر

تعتبر "مقامات بديع الزمان الهمذاني" علامة من علامات المسرح المغربي المعاصر، وهي التي أعاد صياغتها مسرحياً الفنان المغربي الراحل الطيب الصديقي (1938-2016) ضمن مجموعة أعمال أخرى تنهل من التراث مثل "ديوان سيدي عبد الرحمان المجذوب"، و"الإمتاع والمؤانسة"، و"الفيل والسراويل"، و"قفطان الحب المرصّع بالهوى"، "وخلقنا لنتفاهم"، و" الحراز" وغيرها.
كان مشروع الصديقي هو أن يزاوج بين المسرح العالمي والتراث الشعبي المغربي من جهة، وأن يدمج أشكالاً ثقافية شعبية مغربية كالحلقة والبساط في الفن المسرحي بمعاييره المعاصرة من أخرى.

شهد "مسرح محمد الخامس" في الرباط مؤخراً أولى عروض مسرحية "مقامات بديع الزمان الهمذاني" من إخراج محمد زهير وسينوغرافيا عثمان خلوفي، والتي تعود إلى تصوّر الصديقي دون أن تكرّره. المسرحية المعروفة محليّاً وعربياً استقطبت رغم ذلك جمهوراً كثيفاً.

اختيار زهير العودة إلى "مقامات بديع الزمان الهمذاني" يبدو تحدّياً فنياً وجمالياً، نجح في كسبه إلى حد كبير، فقد قدّم - خلال ساعة ونصف - عرضاً حافلاً بالفرجة والراهنية، من خلال لوحات نجحت في الانتقال من العربية الفصحى، التي ميّزت مسرحية الطيب الصديقي، إلى العامية (العربية) المغربية بسلاسة عضوية، كما تناغمت فنون البساط والحلقة والغناء الشعبي مع مواقف ساخرة وفكاهية عربية قديمة مع شخصيات أبو الفتح الإسكندري وعيسى بن هشام وغيرهما، وهي شخصيات جسّدها كلٌ من مصطفى الهواري وعادل أبا تراب وزهير بنجدي ونعمان جمال وجليلة تلمسني وجميلة الهوني وإيمان الرغاي.

تطرح علينا الكثير من المقامات المختارة للمسرحية أسئلة الراهن، فالمقامة الخمرية مثلاً تسلّط الضوء على إحدى المفارقات التي يعيشها المجتمع في ظلّ قانون يبيح الخمر "لغير المسلمين" فقط. وتعرّج مقامات أخرى على آفات التسوّل والاحتيال وسوء استغلال السلطة دون أن تسقط في المباشرتية أو الوعظية. كل ذلك ضمن قالب حديث ومشوّق، جعل من "المقامات" التي كتبت منذ قرون مثل المقامة الأصفهانية والساسانية والمجاعية ذات قدرة على أن تضع الواقع المغربي الحالي على المحك.

دون تكلّف أو تغريب، بدا أن ثمة انتقالاً لغوياً سلساً من عمل بديع الزمان الهمذاني إلى الطيب الصديقي وصولاً إلى محمد زهير رغم الاختلافات الجوهرية بين النصوص الثلاثة. ولعل هذا العمل المسرحي يجيب بشكل مباشر على القائلين بأن العامية المغربية مقطوعة عن العربية الفصحى.

تجيب المسرحية، أيضاً، على سؤال يتكرّر منذ عدّة سنوات في المغرب: هل يوجد اليوم مسرح غير المسرح التجاري؟ وكأنها تردّ بالإيجاب. ففي المغرب، تأسّس في العقد السابق مسرح رائد، ما على المسرحيين المغاربة اليوم سوى العودة إلى ريبرتواره ومن ثمّ استئناف مشروعه الفنّي.

-------------------------------------------------
المصدر : الوحدة 

السبت، 24 ديسمبر 2016

لماذا أكره المسرح؟

مجلة الفنون المسرحية

خافيير مارياس

طلب مني بعض القراء أن أفسر تعليقا عارضا أدليت به قبل شهر أو نحو ذلك في مقالة لي، إذ ذكرت بين الأعمال الأدبية الأثيرة لديّ «الكوميديانات الهمج Barbarous Comedies » لفالي إنكلان Valle-Inclán  مضيفا قولي: «برغم أنني أكره المسرح». وسوف أحاول الإيضاح، ولكنني لن أوضح ببساطة إلا هوسا شخصيا لديّ. فلست أزعم أنني على صواب أو أن لدي أي حجج موضوعية أقدمها، ولا أن لدي أملا بالطبع في إقناع أحد. فرجاءً استمروا في التردد على المسرح.
أعتقد أن السبب الرئيسي في بغضي للمسرح هو السينما. فمن قضى طفولته مثلي على ذلك الفن التمثيلي، يبدو ما تقدمه خشبة المسرح له فقيرا نسبيا ومفتعلا ومفتقرا إلى الإقناع. في السينما تتوافر لك كل زاوية نظر ممكنة، أي زاوية نظر المشاهد، وأيضا زوايا نظر الشخصيات، بل وزوايا نظر الطائرة والصقر والثعبان، في حقيقة الأمر، ترى الحدث والممثلين عن بعد وعن قرب، في غموضهم غائمين وفي حركتهم، وما من مشكلة طبعا في التنقل عبر الزمان والمكان. ترى كلا من داخل غرفة وسفينة تضربها عاصفة، وتقتنص أدقّ تعبيرات الممثلين وما يرتسم على وجوههم، تشهد الماضي والحاضر بل والمستقبل المتخيَّل، ويتسنى لك القفز من سيناريو إلى ثان بل وإلى ثالث. أما في المسرح فلا يتغير منظورك مطلقا: تبقى الشخصيات على مسافة ثابتة منا، ولا تكاد ترى وجوههم، والإحساس الدائم لدينا هو إحساس العجز. ولا أستطيع أن أصرف عن نفسي الأثر المنفر الناجم عن فقر المناظر. يضايقني وضوح الديكور، فالأبواب بادية الزيف، وحينما يفتح أحد صنبورا لا يخرج منه ماء بالضرورة.
وليت الأمر يقتصر على ذلك. ليته يقتصر على النقائص التقنية في المسرح التقليدي، مسرح الماضي، إذن لأمكنني تجاهلها والقبول بقواعد اللعبة وأعرافها.
المشكلة الكبرى لديّ هي أن مسرح العصر الذي أعيش فيه لا يكف عن محاولة أن يكون «ابتكاريا» و«حديثا». وغالبا ما تتألف الابتكارية والحداثة المفترضتان من مثل هذه المسرات: لو أن العمل كلاسيكي فإنك في الغالب لا تراه مطلقا، بل ترى نسخة منه أو تناولا له أو معالجة شخص معاصر لئيم يكدس النقود كلها في جيبه بما أن سوفوكليس وشكسبير ولوب دي فيجا وموليير وجولدوني وجميع أولئك النجوم لا ينعمون بحقوق الملكية الفكرية.
ثم إن هذه المعالجات جميعا لا تزيد عن تدمير للعمل الكلاسيكي: فتهمل الشعر إن كانت المسرحية شعرية، أو تلبس يوليوس قيصر ومارك أنطونيو وبروتوس سترات وربطات أعناق، أو تلبسهم لبس النازيين، أو تجعلهم يسيرون طوال العرض عرايا (وإن تكن لدينا أيضا صرعة إلباس الجميع أجولة مقيتة فيبدون جميعا متماثلين)، وهناك من يؤثرون أن يجعلوا الشخصيات تتقافز على مسرح خاو تماما، صارخين بأعلى أصواتهم، أو على خشبة مزودة بمنحدر أو خيمة أو شبكة يتدلون منها. وعادة ما يطالب الممثلون بأن يكونوا إما «طبيعيين تماما» أو «مصطنعين تماما»، وفي الحالتين تكون النتيجة واحدة، وهي تحديدا عجزهم التام عن نطق الكلمات بحيث تصل إلى أسماع الجمهور على نحو يثير اهتمامه، فينتهي حال هذا الجمهور ملهيا عن عواءات الممثلين وسكتاتهم المفتعلة وأغنياتهم أو ابتهالاتهم العصية على أي فهم (أو حريصين على حماية أنفسهم، إذ غالبا ما يرمي الممثلون الماء على الجمهور أو حتى الألعاب النارية) فلا ينتبهون إلى ما يحاول الممثلون توصيله لهم لفظيا. في مسارح أيامنا، يكاد يكون من المستحيل، بغض النظر عن وجود علاقة أو انتفائها، أن تهرب من (أ) الرقص الهستيري عديم المعنى ربما لإمتاع الجمهور بشيء من «الحركة الجسدية» و(ب) ما يشبه ذلك من مشاهد غائمة «همجية» أو قروسطية مع نوع ما من العربدة الفجة أو ربما الشنق أو أكل لحوم البشر، أو ما يقع عليه الاختيار مما لا يكون فيه إمتاع أو يبدو قابلا ولو قليلا للتصديق و(ج) الشقلبة والدوران وإقحام شيء من فن المايم ولا يوجد ما أشمئز منه اشمئزازي من المايم والشقلبة (وأرجو أن لا أحتاج إلى إيضاح أسباب ذلك). أما الكلمات، في المقابل، فيبدو أنها تختفي تدريجيا، ففي ظل كل هذا العمل الجسدي والقطع من النصوص وغزارة الشخصيات البلهاء (وهي من بقايا إرث كاتبي وبطلي صمويل بيكيت)، تبدو الكلمات أقل الأجزاء أهمية.
ولا بد أن يكون لدينا وسط سعيد بيم الإنتاج الكسول البليد العتيق في لا بيرير بويج (الذي يبدو أنه المسؤول عن المسرح الأسباني Teatro Español  في مدريد منذ عقود)، وبين محترفي الابتكار السطحيين الهزليين.
على أي حال، لو أن لدي ساعتي فراغ، فإن آخر ما يمكن أن أفكر فيه هو الذهاب للجلوس ومشاهدة بعض الأجولة القبيحة والخيام والمنحدرات وبعض الممثلين الموهومين الضعفاء وهم يدعون الجنون ويجرون على الخشبة متصايحين راقصين مغمغمين. وستفهمون لماذا يصعب كثيرا على مثلي أن يصدق أي شيء مما يأتي ضمن هذه الحزمة. وإذا كنت لا أصدقه، فما الذي يجلسني أمامه لساعتين في الظلام؟ لكنني طبعا أقرأ مسرحيات بين الحين والآخر، وأجد في قراءتها متعة عظيمة، ولا أجد أي غضاضة في ذلك.

• خافيير مارياس من أهم الروائيين المعاصرين في أسبانيا، ترجمت أعماله إلى أكثر من أربعين لغة بينها العربية، وهذه المقالة مترجمة عن ترجمة مارجريت جول كوستا إلى الإنجليزية التي نشرت أخيرا في ذيثري بيني ريفيو.

--------------------------------------------------------------------
المصدر : ترجمة: أحمد شافعي - عمان

افتتاح الدورة الأولى من "الحرية الدولي المسرحي" وإعلان جوائز الدورة المحلية الرابعة بالإسكندرية

مؤسسة فنون الثقافية العربية وتكريم نخبة من المبدعين

مجلة الفنون المسرحية

مؤسسة فنون الثقافية العربية وتكريم نخبة من المبدعين 

أعلنت مؤسسة فنون الثقافية العربية في بيان لها جاء فية : إنطلاقا من مشروعنا الثقافي والوطني في دعم الابداع والمبدعين تقيم مؤسسة فنون الثقافية العربية كرنفالها السنوي في مهرجان فني وتكريم نخبة من مبدعي الوطن الفنانين والاعلاميين المغتربين في وطننا العربي دعما واحتفاءا بمنجزهم الإبداعي على الساحة الثقافية العربية الجمعة 30- 12- 2016 وعلى قاعة النخب في المتنبي الساعة التاسعة والنصف صباحا .

المسرح المصري يتوارى وراء ركام نصوص بسيطة

مجلة الفنون المسرحية

المسرح المصري يتوارى وراء ركام نصوص بسيطة

فجوة شاسعة تفصل بصرامة ووضوح ما بين واقع المسرح العربي، والمصري على وجه الخصوص، الذي لا يزال مشغولا بنصوص مسرحية زاخرة بتفاهات مضحكة تنُم عن سذاجة فكرية وغياب لنص مسرحي مؤثر، وبين ما هو مأمول منه في أن يعبر عن وجدان شعب في لحظات فارقة ومصيرية كتلك التي نحياها في الوقت الراهن.

في السنوات الأخيرة، طفت على سطح المسرح المصري ظاهرة “مسارح الفضائيات” التي اتخذت من تجربة الفنان أشرف عبدالباقي في”تياترو مصر” الذي تحول في ما بعد إلى اسم “مسرح مصر” أثرا تقتفيه، ليشهد في عام 2016 عددا من التجارب المسرحية في هذا الإطار، منها “تياترو الوطن”، و”مسرح النهار”، وهي تجارب لمسارح الفضائيات حققت انتشارا واسعا وقبولا جماهيريا وسط انتقادات من نقاد مسرحيين كونها تعتمد على الاسكتشات المضحكة، ولا تمت لفكرة المسرح بأي صلة.

وعرف هذا العام عودة لمهرجان القاهرة للمسرح المعاصر والتجريبي في دورته الثالثة والعشرين، بعد توقف دام خمس سنوات، وهو مهرجان مسرحي دولي تقيمه وزارة الثقافة المصرية، وشاركت في دورته 17 عرضا عالميا و13 عرضا مصريا، كما شهدت هذه الدورة تجربة خاصة في تقديم عرض مسرحي بعنوان “العطر” شاركت فيه مجموعة من الفنانين من الصم والبكم.

ومن جهة أخرى، أقيمت فعاليات الدورة التاسعة من المهرجان القومي للمسرح بمشاركة ما يقرب من 36 عرضا من عدة محافظات مصرية، للمنافسة على الجوائز التي خصصت لها ميزانية تقارب 340 ألف جنيه مصري (حوالي 30 ألف دولار).

وشهد المسرح المصري خلال العام عددا من العروض البارزة، مثل “ليلة من ألف ليلة” بطولة الفنان يحيى الفخراني، و”أهلا رمضان” للفنان الشاب محمد رمضان، و”حوش بديعة” للفنانة انتصار، وغير ذلك من العروض التي اعتبرها البعض دلالة على انتعاشة مسرحية خلال العام، فيما اعتبرها آخرون كما سيئا لا يدلل بالضرورة على تطور في حال المسرح المصري الذي بات يعاني من نصوص ركيكة أو إهمال بيّن.


عام مسرحي حزين

يتحدث الناقد المسرحي عمرو دوارة عن حال المسرح خلال هذا العام، قائلا “لا أجد وصفا أدق من وصف عام 2016 مسرحيا سوى أنه عام مسرحي حزين، وذلك بالرغم من أنه قد شهد بعض الومضات المضيئة التي أسعدتنا كمسرحيين ولعل من أهمها عودة “مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي” بعد توقف لمدة خمس سنوات، واستمرار انتظام كل من “مهرجان المسرح العربي” الذي تنظمه “الجمعية المصرية لهواة المسرح” برعاية وزارة الثقافة، و”المهرجان القومي للمسرح المصري”، فضلا عن عودة مشاركة النجوم سواء بمسارح الدولة أو فرق القطاع الخاص وتحقيق عروضهم لأرقام ضخمة مثل يحيى الفخراني بالقطاع العام (المسرح القومي)، ومحمد رمضان بالقطاع الخاص، وعودة ظهور لافتة كامل العدد لأيام وأسابيع متتالية، وذلك ليس بالنسبة إلى الفرق الاحترافية وعروض النجوم فقط، بل وأيضا بالنسبة إلى فرق الدولة التجريبية وبعض عروض الهواة (من أهمها عرض “روح” بمسرح الطليعة)، بالإضافة إلى تعاظم دور فرق الهواة ومشاركتهم الفعالة في الحركة المسرحية، واعتماد الكثير من التجارب المتميزة بمسارح الدولة على فرق الهواة ونجومهم، وحصولهم أيضا على المراكز الأولى “بالمهرجان القومي للمسرح المصري”، ومن بين هذه العروض “الرمادي”، “الزومبي والخطايا العشر” من إنتاج “مركز الهناجر”، و”القروش الثلاثة” من إنتاج “جامعة طنطا”.


عودة مسرح القطاع الخاص بمسرحية "أهلا رمضان"
ويضيف دوارة “أما دواعي الحزن والأسى هذا العام فهي كثيرة ويمكن إجمالها في عدم قيام المسرح بدوره المنشود؛ إذ لم تحقق الكثير من الأنشطة والفعاليات المسرحية الأهداف المنشودة منها، وبالتالي فقد كانت نتائجها، وكما يقال في الأمثال العربية -ضجيجا بلا طحن-، حيث تضاعف عدد العروض التجريبية الصغيرة التي فشلت في تحقيق تواصلها مع الجمهور، كما تضاعف عدد المهرجانات المسرحية وتداخلت مواعيدها، وأصبحت أغلبها مجرد أنشطة احتفالية ودعائية سنوية، فضلا عن انحسار، بل واختفاء مشاركات فرق القطاع الخاص”.

ومنذ ثورة يناير 2011، انحسرت تقريبا عروض الفرق الخاصة كرد فعل تلقائي لارتفاع أسعار التذاكر كضرورة منطقية لتحقيق متطلبات العروض ومن أهمها ميزانيات الدعاية الضخمة وأجور النجوم، واستمر هذا الوضع أيضا عام 2016، فلم يتم من خلال الفرق الخاصة سوى تقديم عرضين كبيرين وهما “حارة العوالم” لفيفي عبده، و”أهلا رمضان” لمحمد رمضان، وللأسف لم يشارك هذا العام أيضا كبار نجوم المسرح وفي مقدمتهم عادل إمام ومحمد صبحي وسمير غانم، وكذلك نجوم الجيل التالي محمد هنيدي وأحمد آدم ومحمد سعد.

ويتحدث دوارة عن انهيار القيم الفنية بمسارح الفضائيات، قائلا “هي ظاهرة خطيرة تحتاج إلى التوقف أمامها والتصدي لها، تلك التي قدمتها بعض القنوات الفضائية الخاصة خلال هذا العام سواء تحت مسمى ‘تياترو مصر’ أو ‘مسرح مصر’، أو ‘مسرح النهار’، والحقيقة أن عروض كل منها لا تنتمي إلى ‘مصر’ ولا إلى فن ‘المسرح’، فهي ردة فنية وعودة إلى الاسكتشات التي كانت تقدم بالصالات أو إلى ‘النمر’ الضاحكة التي كانت تقدم بين المسرحيات في أوائل القرن العشرين، وللأسف فقد حققت هذه العروض رواجا تجاريا هذا العام، كما حققت الشهرة لبعض المهرجين الجدد الذين أسرفوا في الارتجال وفي تقديم الكوميديا المبتذلة، تلك التي قد تتضمن أيضا بعض الإيحاءات الجنسية”.

ويختم دوارة حديثه عما يدعو إلى الحزن خلال العام قائلا “رحلت عن عالمنا هذا العام نخبة متميزة من رموز الفن المسرحي بمختلف مجالات التأليف والإخراج والتمثيل بمصر، وهم المخرج محمود الألفي، وكل من المؤلفين: يسري الإبياري، فكري النقاش، أسامة نورالدين، ومجموعة من الممثلين الفنانين: حمدي أحمد، سيد زيان، محمود عبدالعزيز، محمد كامل، وائل نور، ممدوح عبدالعليم، حمدي السخاوي ونيفين رامز”.

ومن جانبه، يلفت الناقد المسرحي محمد الروبي إلى أن هذا العام شهد عددا من الأحداث الهامة في الساحة المسرحية المصرية، وكانت على رأسها إعادة ترميم وتطوير مسرح المعهد العالي للفنون المسرحية، وتدعيمه بأحدث الأجهزة التكنولوجية، وأيضا إقامة مهرجان نوادي المسرح التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة وهو من المهرجانات المسرحية الهامة في مصر، باعتباره يعتمد على الشباب وعلى فكرة الحرية في الكتابة وإقامة عروض بتكلفة قليلة، وقد أقيم مهرجان هذا العام بمدينة الإسماعيلية، كما أقيم ولأول مرة مهرجان نقابة المهن التمثيلية لشباب أعضائها.

أيضا شهد هذا العام عودة لمسرح القطاع الخاص، وإن كان بمسرحية وحيدة هي “أهلا رمضان” من بطولة الفنان الشاب محمد رمضان، وكتابة وليد يوسف، وإخراج الفنان خالد جلال.

وهكذا يكون عام 2016 عام المسرح بامتياز، بحسب الروبي، لتعدد فعالياته المسرحية، لكن وعلى جانب آخر، شهد هذا العام بعض المشكلات التي حاصرت المسرح، وكان على رأسها إغلاق عدد كبير من دور العرض التابعة للدولة في إطار خطة تجديدها وترميمها، الأمر الذي أعاق الكثير من الفعاليات الأخرى وتأجيل عدد كبير من المسرحيات التي كان يفترض أن تقدم هذا العام.

وشهد العام كذلك مأساة مسرحية كبيرة تمثلت في هدم إحدى أقدم دور العرض، وهي دار “الشاطبي” بمدينة الإسكندرية، الأمر الذي أغضب المسرحيين، خاصة بعد علمهم بأن الهدم كان لصالح إقامة منشأة تجارية كبرى.

يقول الناقد والكاتب المسرحي علاء الجابر “مستوى العروض المسرحية متذبذب من موسم/مهرجان إلى آخر، وفي المقابل هناك تجارب مميزة لا يمكن التغاضي عنها، وبالتالي أستطيع أن أقول إن هناك مخرجين ومؤلفين متطورين، ولا أستطيع أن أقول إن هناك حركة مسرحية متطورة، لأن الفعل التراكمي هو الذي يؤدي إلى التطور، في حين أن الحركة المسرحية بشكل عام تنضم إليها الكثير من الأسماء الجديدة التي لم يسبق لها الاشتغال من قبل”.


الفعل التراكمي

عن أبرز المشكلات التي عانى منها المسرح، يلفت الجابر إلى أنه رغم أن كثرة المهرجانات تنعش الحركة المسرحية، إلاّ أن نتائجها مازالت دون المستوى لأن الكثير من تلك المهرجانات يغلب عليها الاستعراض وعدم الاحترافية وسيطرة الكثير من ضيوف الفيسبوك والشو الذين يتنقلون بينها دون أي تأثير أو أثر، لا للمهرجان ولا لمحبي المسرح.

ومن أبرز الإشكاليات أيضا؛ ضعف دور العرض المسرحي من النواحي التقنية والفنية في أغلب الدول العربية، فأغلب تلك الدور متهالكة وفقيرة وقميئة، إلاّ ما ندر، وكذلك بالنسبة إلى مسرح الطفل، حيث يفتقر للاهتمام والدعم ، ودور العرض لا تتناسب ومعطيات هذا المسرح، وأهمية الفئة الموجه إليها.


يحيى الفخراني في"ليلة من ألف ليلة"
وأخيرا يعد توقف مجلة “المسرح المصرية” من أسوأ أحداث العام المسرحية، فقد كانت رئة المسرح والمسرحيين في مصر والوطن العربي، وللأسف تم قتلها بصورة لا تليق بمشوارها الطويل وتاريخها العريق ودون إيجاد أي بديل حتى اليوم.

وفي السياق ذاته، تقول الناقدة المسرحية جهاد عزالدين إنه “على مستوى العروض والكتابات المسرحية خلال عام 2016، يمكننا رصد التطور الذي شهده المسرح في مصر؛ فالمسرح القومي تدب فيه الروح من جديد ويتم افتتاحه مرة أخرى بعد فترة طويلة من التوقف –بسبب التجديدات الحتمية- وتصدح سماؤه بالعرض المسرحي ‘ليلة من ألف ليلة’ للنجم يحيى الفخراني، أيضا في شهر رمضان، نجد خشبة القومي تتألق بالأمسية الدينية ‘في مديح المحبة’ بطولة خالد الذهبي وسوسن بدر وبهاء ثروت وإخراج محمد الخولي، وتفتح أبواب المسرح للجمهور بالمجان”.

وتضيف “مسرح الطليعة كان له نصيب الأسد في التطور والازدهار اللذين بدآ يدبان في أوصال المسرح المصري من جديد، ففي بداية العام شهد الطليعة مشروعا جديدا -رغم قِدم فكرته- وهو (صالون الطليعة الثقافي) برعاية مدير المسرح آنذاك المخرج محمد الخولي، حيث كان يُقام في المسرح صالون ثقافي كبير في الثلاثاء من كل أسبوع –وهو يوم إجازة المسرح- وكان رواد الصالون كوكبة من الأدباء والمثقفين والفنانين والنقاد، فضلا عن شرائح مختلفة من الجمهور الذي كان يحرص على حضور هذا الصالون والاستمتاع بكل ما يقدم فيه من عروض مسرحية ومناقشات وندوات مهمة تثري الشأن الفكري والثقافي”.

ومع ذلك، تسترسل عزالدين متأسفة “صدر القرار بوقف الصالون الثقافي ومنع إقامة الصالونات الثقافية في مسارح الدولة باستثناء صالون المسرح القومي الذي يكتفي فقط بقراءة بعض النصوص المسرحية كلما تسنى ذلك، أيضا شهد مسرح الطليعة تنفيذ عرض مسرحي غاية في الشجاعة والجرأة وهو مسرحية ‘العطر’، ليكون العطر هو أول مسرحية خاصة بالصم والبكم تعرض على مسرح من مسارح الدولة، وقد شهدت المسرحية نجاحا كبيرا على مستوى الكتابة والتمثيل والإخراج، وتناقش المسرحية هموم تلك الفئة (الصم والبكم) وحقهم في أن يعيشوا حياة طبيعية كبقية الناس، وهي خطوة شجاعة وجريئة جدا تحسب للمسرح المصري بوجه عام، وأعتبرها بداية جادة لظهور فئة جديدة من الممثلين الموهوبين على الساحة”.

كما ترى عزالدين أن الحالة الاقتصادية في مصر تعد سببا مباشرا في قلة الإقبال الجماهيري على المسرح، فسعر التذكرة الواحدة ربما يقدر عليه البعض، وإن خرج لمشاهدة عرض مسرحي، فستمنعه الحالة الاقتصادية من الخروج لمشاهدة بقية العروض، ومن هذا المنطلق، ظهرت فكرة “كارنيه المسرح” لتحل هذه المشكلة، ويمكن للجميع الحصول على “الكارنيه” بسعر رمزي من البيت الفني للمسرح لحضور كافة العروض المسرحية في مسارح الدولة على مدار العام، بموجب عرض واحد لكل مسرحية، ويتم استثناء ذوي الاحتياجات الخاصة، ويسمح لهم بدخول كافة العروض مجانا.

أما عن أبرز المشكلات التي عانى منها المسرح، فلخصتها عزالدين في عدم وجود رؤية حقيقية تعمل على تطوير المسرح بشكل عام، مع غياب الثقافة الجماهيرية التي كان من الممكن أن تحل محلها فكرة “الصالون الثقافي”، وعدم رعاية الدولة للمسرح بالشكل الأمثل، كما كان يحدث سابقا، وعدم بناء مسارح جديدة في المدن والمحافظات، إذ تقول “بالعكس، فالاتجاه الملحوظ الآن هو هدم المسارح العريقة، وعدم الاهتمام بالفرق المستقلة التي تمتلئ بالموهوبين والمتحمسين من جيل الشباب الذي من المفترض أن تأتي النهضة على أكتافه”.

“لم يحدث جديد يذكر في المسرح المصري خلال العام، ولا أتوقع أي ازدهار أو تطور على المدى القريب مع خضوع المسرح لأنظمة بيروقراطية على صعيد المسارح الحكومية، وحتى المسارح الحرة مازالت ترسخ للتفاهة والفن الرديء وهمها الأول هو البحث عن الجمهور”، هكذا قيم الناقد المسرحي عبدالغني داود السنة المسرحية المصرية.

ويضيف “لم ألمح خلال العام أي تطورات على مستوى الكتابة أو العروض المسرحية، بل على العكس هناك الكثير من الانحدار في مستوى الكتابة والعروض المسرحية، وهو ما رسخت له بقوة مسارح الفضائيات التي انتشرت في الفترة الأخيرة والتي لا تمت للمسرح بأي صلة”.

ويختم داود حديثه، قائلا “ليس هناك ما يدعو إلى التفاؤل في مستقبل المسرح، خاصة مع عدم توفر مناخ الحرية للتفكير، وإن كان ثمة مسرحيون حقيقيون يحاولون التغلب على العقبات التي تواجه أي مسرحي حقيقي في مصر أو العالم العربي”.

----------------------------------------------------------
المصدر : حنان عقيل - جريدة العرب

المسرح العربي: وفرة إنتاجية يقابلها فقر إبداعي

مجلة الفنون المسرحية


المسرح العربي: وفرة إنتاجية يقابلها فقر إبداعي

عانى المسرح العربي في العام 2016 الكثير من الإخفاقات وطاله الترهل في العديد من المجالات، خاصة في مجال الإخراج الذي يتعلق به قدر المسرح اليوم ومسرح الغد إلى درجة كبيرة، حيث بدا أن معظم المخرجين تنقصهم الموهبة والحس الجمالي والمخيلة الإبداعية التي يتوقف عليها الابتكار والإبهار في صياغة العرض المسرحي الناجح.

لم نشهد خلال العام 2016 الآيل إلى الأفول سوى أعمال قليلة للمسرحيين العرب الكبار، فيما اتسمت معظم تجارب المخرجين الجدد بالضعف والتسطيح والافتقار إلى الكثير من جماليات المسرح وعناصره الإبداعية، عدا بعض التجارب القليلة.

فمن بين ما يزيد عن 600 عرض مسرحي قُدّم على امتداد العالم العربي، من المغرب إلى الخليج، خلال مهرجانات محلية وإقليمية وعربية ودولية ومواسم مسرحية، لا يستوقفنا منها سوى 20 أو 30 عرضا في أفضل الأحوال، فماذا يعني ذلك؟

إنه يعني من دون شك أن التردي الذي يعيشه العالم العربي، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، يكتسح مسرحه أيضا رغم وجود نماذج حاولت الإفلات منه.

ومن جانب آخر لا يزال المسرح الجاد في العالم العربي مطلبا نخبويا لفئة محدودة، وعاجزا عن فرض حضوره كحاجة ثقافية حتى في أوساط المثقفين، والدليل على ذلك أن أغلب عروضه تُقدّم في المهرجانات فقط، باستثناء القليل منها الذي يُعرض للجمهور أياما أو أسابيع في بعض الدول التي يوجد فيها حراك مسرحي متواصل على مدار العام مثل مصر وتونس ولبنان.

شكّلت عودة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي في دورته الثالثة والعشرين، بعد انقطاع دام 5 سنوات، أهم حدث في ما يتعلق بالمهرجانات، وقد تضمنت فعاليات هذه الدورة التي رأسها المخرج والكاتب المسرحي سامح مهران، عروضا عربية وأجنبية وندوة فكرية توزعت على 4 محاور “المسرح وقضايا تكفير التفكير”، “التجريب وتثوير الأبنية الجمالية”، “القضايا العربية في فضاء المسرح الغربي” و”الحركة النقدية والمسرح المقاوم”، شارك فيها نقاد وباحثون من مصر وسوريا والعراق وتونس والمغرب والأردن والجزائر والبحرين والكويت وعُمان والسودان، وآخرون مقيمون في أوروبا.

ورغم أهمية عودة هذا المهرجان، فإن أغلب العروض المصرية والعربية والأجنبية التي بلغ عددها 28 عرضا، لم تكن ذات مستوى يتناسب ومكانة المهرجان، وقد ألقي اللوم على لجنة المشاهدة التي اختارت العروض.

وشهد العام 2016 نحو 50 مهرجانا مسرحيا محليا وإقليميا وعربيا ودوليا، أبرزها إلى جانب مهرجان القاهرة: الدورة الثامنة لمهرجان المسرح العربي في الكويت، والدورة الثامنة عشرة لمهرجان قرطاج المسرحي، ومهرجان المسرح العربي في صفاقس، والدورة الثانية عشرة لمهرجان طنجة الدولي للفنون المشهدية، والدورة الحادية عشرة لمهرجان فاس الدولي للمسرح الاحترافي، ومهرجان المسرح الدولي في الجزائر، والدورة السادسة والعشرون لأيام الشارقة المسرحية.

وفي مهرجان المسرح العربي للهيئة العربية تنافست على جائزة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي هذا العام ثمانية عروض، هي “التلفة” لفرقة “أكواريوم” المغربية من إخراج نعيمة زيطان، و”زيد انزيدك” لمسرح “باتنة” الجزائري من إخراج فوزي بن إبراهيم، و”ك أو” للمسرح الوطني التونسي من إخراج نعمان حمدة، و”سيد الوقت” لمسرح الغد المصري من إخراج ناصر عبدالمنعم، و”مدينة في ثلاثة فصول” للمسرح القومي السوري من إخراج عروة العربي، و”مكاشفات” للفرقة الوطنية العراقية من إخراج غانم حميد، و”صدى الصمت” لفرقة المسرح الكويتي من إخراج فيصل العميري، و”لا تقصص رؤياك” لمسرح الشارقة الوطني من إخراج محمد العامري.

وقد فاز بالجائزة عرض “صدى الصمت”، وهو من تأليف الكاتب العراقي الراحل قاسم مطرود.

وشاركت في مهرجان قرطاج لهذا العام عروض مسرحية من نحو 25 دولة عربية وأجنبية بينها: سوريا والعراق والإمارات ومصر والجزائر والمغرب ولبنان والكويت والسودان وتوغو والكاميرون ورواندا ومالي وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وبلجيكا والمكسيك وفنزويلا.

وتمثّلت العروض العربية بـ”روميو وجولييت” و”عروق الرمل” و”الشقف” من تونس، و”حلم” من سوريا، و”زي الناس” و”يا سم” من مصر، و”حروب” من العراق، و”عنبرة” من لبنان.

ونُظّمت على هامش المهرجان ندوة بعنوان “شكسبير بلا حدود” بدعم من المجلس الثقافي البريطاني في تونس، شارك فيها باحثون ونقاد ومخرجون عرب وغربيون، للبحث في تأثير الكاتب الإنكليزي في المسرح العربي والأفريقي تزامنا مع إحياء الذكرى الـ400 لوفاته.


مجلة "الجديد" الثقافية اللندنية أصدرت عددا خاصا بالمسرح تحت عنوان جامع "الكتابة المسرحية: أصوات المجتمع"، احتوى على 17 نصا مسرحيا لكتاب عرب

عروض متميزة

من بين المئات من العروض التي قُدّمت في العام 2016 تمكن الإشارة إلى مجموعة من العروض المتميزة، في مقدمتها عرض “المجنون” للمخرج التونسي توفيق الجبالي، تليها بضع تجارب مختارة من أعمال شكسبير للثالوث اللبناني: المخرج جلال خوري والممثلان ميراي معلوف ورفعت طربية، و”صدى الصمت” للكويتي فيصل العمير، و”بينما كنت أنتظر” للسوري عمر أبوسعدة، و”حروب” للعراقي إبراهيم حنون، و”الحب في زمن الحرب” للأردنية مجد القصص، و”صفحة سبعة” للبنانيين عصام بوخالد وفادي أبوسمرا، و”لا تقصص رؤياك” للإماراتي محمد العامري، و”الشقف” للتونسية سيرين قنون والكندي اللبناني الأصل مجدي أبومطر، و”القلعة” للكويتي علي الحسيني، و”سيلفون” للعراقي مؤيد محمد، و”نوم الغزلان” للبنانية لينا أبيض، و”نهيّر خريف” للتونسي محمد علي سعيد، و”الحريق” للعراقي المقيم في فرنسا محمد سيف.

ومن العروض المتميزة أيضا نجد “كل شيء عن أبي” للمغربي بوسلهام الضعيف، و”ستربتيز” للعراقي علاء قحطان، ومونودراما “سلوان” للتونسية ليلى طوبال، و”حصان الدم” للعراقي جبار جودي، و”العرس الوحشي” للأردني عبدالكريم الجراح، و”شيطان البحر” للإماراتي أحمد الأنصاري، و”ظلال أنثى” للأردني إياد شطناوي، و”موسوساراما” للجزائري شوقي بوزيد، وعنبرة” للبنانية علية الخالدي، و”أنت لست غارا” للأردني أشرف طلفاح. وتضاف إلى هذه العروض أيضا بقية العروض التي تنافست على جائزة الدورة الثامنة لمهرجان المسرح العربي في الكويت.

وفي عرض “المجنون”، المكيّف عن كتاب “المجنون” الذي أصدره جبران خليل جبران سنة 1918، يروي المخرج التونسي توفيق الجبالي نظرة جبران للحياة، وهي نظرة حكيمة، زاهدة، متواضعة، ومتحررة من المواضيع الاجتماعية وذاهبة عكس تيار مياه القناعات الجامدة والنبوءات الكاذبة.

ويبدأ العرض بتلاوة نصوص حائرة تغوص في فلسفة الوجود وتتساءل عما هو جميل وقبيح، عن الحكمة والجنون، عن الإيمان والزندقة وما خفي من القول وما ظهر منه.

وتأتي هذه النصوص على لسان ثلاث فتيات بأيديهن صحف سلّطت عليها هالة من الضوء كإشارة أولى إلى النور الذي ينبعث من المعرفة، تأويل أو دلالة سرعان ما يأتي ما يقوّضهما.

وتشكّل حكايات قصيرة مجموعة من الإشارات يسمع منها المتلقي حكاية الرجل الذي تساءل عن وجود الآلهة من عدمها، فيتّهم بالزندقة ويرمى به خارج البلدة، وعن القبح والجمال حين التقيا على شاطئ البحر ونزلا للسباحة، فخرج القبح قبل الجمال واستولى على لباسه، ولما خرج الجمال من الماء لم يجد ثيابه، فلبس ثياب القبح لأن حياءه منعه من السير عاريا، كما تسمع حكاية مدهشة عن رجل يرثي كآبته الميتة ولا يفرح لولادة مسرّته.

وقدّم المخرج العراقي جبار جودي في عرضه “حصان الدم” مقاربة إخراجية تأويلية معاصرة لنص شكسبير الشهير “ماكبث”، فيجد المتلقي نفسه في العرض، بكل أجوائه ومفرداته وقسوته، أمام جريمة معاصرة، اغتيال سياسي على الطريقة المخابراتية الحديثة.

وبما أن مسرحية “مكبث” هي مسرحية الحلم والحقيقة، فإن المسافة التي تفصل الحلم عن الحقيقة هي مسافة ضبابية طيفية تهيم فيها شخصيات تلك المسرحية (مكبث، الليدي مكبث، بانكو، مكدف، دنكن) وتتسربل بطموحها الملطخ بتخبطها المستمر بأعمال وأخطاء قدرية فادحة وخطوط ماورائية متشابكة ومتوازية مع خط المسرحية الدرامي المتصاعد.

وانطلاقا من هذا المعنى الماورائي والروحاني انطلقت رؤية المخرج جبار جودي لتصور العوالم الطيفية التي تحركها قوى لا مرئية، وكأن المخرج حاور أرواح النص القادمة من عالم آخر، يضج بصراخ أطياف بشرية معذبة تحركها أحلامها وتطلعاتها التي دفنت في أراض قاحلة، بعد أن سحقها بحوافره المسننة حصان الدم، أو الطاغية بجموحه الفوضوي الخارج عن المعقول.

وأكّدت الكتابات النقدية عن العرض السوري “بينما كنت أنتظر” الذي كتبه محمد العطار وأخرجه عمر أبوسعدة، وعُرض في الدورة السبعين لمهرجان “أفينيو” في فرنسا، أنه عرض جدير بالاهتمام والتقدير، ينبئ عن كاتب مسرحي موهوب ومخرج يدرك أهمية لغة العرض المشهدية والحركية، استطاع أن يكشف ما ينطوي عليه النص من مستويات متعددة من حيث الدلالات والاستعارات.

أول ما يلفت انتباه المتلقي في العرض هو سرير مستشفى فارغ في المستوى الأرضي من الفضاء، يسع سوريا بأكملها وإلى جانبه أمّ سورية بملابس بيضاء تتماشى مع بياض السرير الذي يرقد عليه ابنها “تيم”، الغارق في غيبوبته، وما ينطوي عليه اللون من محو سعى العرض إلى الاشتغال عليه.


لبنانيون يستعيدون شكسبير في الذكرى 400 لرحيله
بينما تظهر في المستوى العلوي من الفضاء كلمات باللغتين الإنكليزية والفرنسية، تقول إن أحداث المسرحية تدور في دمشق بين عامي 2015 و2016، وعلى الجانب العلوي في يمين المسرح مائدة يجلس إليها شخص يقرأ اسمه “عمر”.

ويتضح للمتلقي في ما بعد أن “تيم” سبق أن عبر بسيارته حاجزا ما، فلاحقته سيارة وأوقفته وانهال عليه من فيها بالضرب المبرح، وها هو في المستشفى، ولن يفيق من غيبوبته حتى نهاية العرض.

ويرد عليه “عمر” راويا هو الآخر تعرضه لفعل مشابه حينما لاحقته المخابرات، وأخذته إلى أقبيتها الجهنّمية وجعلته في حالة غيبوبة مشابهة، لكن المخرج تجنّب وضع “عمر” على سرير في المستوى العلوي من الفضاء، وكأن سريرا واحدا يسع سوريا كلها، ولهذا حرص على إبقائه شاغرا معظم الوقت، بعدما أدى “عمر” دوره في رواية الأحداث المهمة لفهم ما جرى وما يجري.

وهكذا بلور التشابك في قصتي الشخصيتين ما آل إليه الوضع السوري بعد سنوات من اندلاع الثورة، وأتاح للعرض أن يجسد تلك المآلات ويعرّيها على الخشبة وينتقدها بلا هوادة.

واصلت الدوريات المسرحية كـ”المسرح العربي” عن الهيئة العربية للمسرح، و”كواليس” عن جمعية المسرحيين في الإمارات، و”الحياة المسرحية” السورية، و”دراسات الفرجة” عن المركز الدولي لدراسات الفرجة في طنجة المغربية، و”المسرح” عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، و”الخشبة” العراقية، صدورها رغم عدم انتظام بعضها أحيانا واضطرار هيئات تحريرها إلى إصدار أعداد مزدوجة لأسباب فنية.

كما أصدرت مجلة “الجديد” الثقافية اللندنية عددا خاصا بالمسرح تحت عنوان جامع “الكتابة المسرحية: أصوات المجتمع” احتوى على 17 نصا مسرحيا لكتاب عرب من مختلف الدول العربية.


إصدارات مسرحية

أصدرت دور النشر أكثر من 40 كتابا تتضمن نصوصا ودراسات ومقالات نقدية، منها “المنعطف السردي في المسرح” لمجموعة من الباحثين عن المركز الدولي لدراسات الفرجة، “المسرح والتخييل الحر” لعواد علي عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وكتابان لعصام أبوالقاسم، الأول بعنوان “المسرح والتواصل”، والثاني بعنوان “المسرح العربي وتحدّيات الراهن” عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة.

مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي يعود بعد انقطاع دام 5 سنوات، ليمثل حدث العام 2016
وصدر أيضا “المسرح الصامت بين المفهوم والتقنية” لأحمد محمد عبدالأمير عن دار الأيام في عمّان، و”موت وحياة المسرح” ليوسف الريحاني عن سلسلة “هامش” في تطوان المغربية، و”التوليد الدلالي للمخرج المؤلف في المسرح المعاصر– جواد الأسدي أنموذجا” لصميم حسب الله عن الهيئة العربية للمسرح، و”حوارات في المسرح العربي” لعبدالجبار خمران عن مؤسسة آفاق للدراسات والنشر والاتصال بمراكش و”المسرح في الإمارات: صورة الواقع وأسئلة المستقبل” ليوسف عيدابي عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة.

ونظمت الهيئة العربية للمسرح في العام 2016 مسابقتها الدورية للنصوص المسرحية بشقيها: النص الموجه للكبار والنص الموجه للأطفال، وتلقت الهيئة عددا كبيرا من المشاركات، تأهل منها 157 نصا للكبار و151 نصا للأطفال، وترشحت للتنافس 5 نصوص للكبار هي “أريد رأسي” لسعيد حامد شحاتة (مصر)، “آلهة العرب” للبوصيري عبدالله (ليبيا)، و”زمن اليباب” لهزاع البراري (الأردن)، و”غائب لا يعود” لمحمود محمد القليني (مصر)، و”مصرايم” لأسامة عبدالفتاح نورالدين (مصر).

كما ترشحت 4 نصوص للأطفال هي “جحا ديجيتال” لكنزة مباركي (الجزائر)، و”داريْن تبحث عن وطن” لمصطفى محمد عبدالفتاح (سوريا)، و”صفر واحد”” لدحو فروج (الجزائر)، و”صورة سيلفي” لمحمد محمد أحمد مستجاب (مصر).

وسيكون الحسم في تراتبية النص الأول والثاني والثالث خلال ندوة محكمة تنظم ضمن الدورة التاسعة لمهرجان المسرح العربي التي ستعقد في الجزائر من 10 إلى 19 يناير 2017، بحضور كتاب النصوص وأعضاء لجنتي التحكيم وجمهرة من النقاد والمسرحيين العرب.

وفي سياق محاولة مواصلة النقاش المرتبط بفنون الفرجة، الذي أطلقه المركز الدولي لدراسات الفرجة منذ أكثر من عقد من الزمن، نظمت ضمن فعاليات مهرجان طنجة الدولي للفنون المشهدية ندوة للبحث في موضوع “المنعطف السردي في المسرح: عودة فنون الحكي”، وجاء اقتراح هذا الموضوع للنقاش نظرا إلى ازدهار العروض السردية والمسرحيات التي ترتكز حول أسلوب المونولوغ في الآونة الأخيرة، حيث يعود السرد إلى المسرح، ويأخذ المونولوغ الأسبقية على الديالوغ، وهو ما قد يعيد التفكير في بنية الدراما، والنظر في ممكنات الفعل القصصي، والسعي إلى تحقيق علاقة جديدة بين السرد والتمثيل المسرحي.

وفقد المسرح العربي عام 2016 عددا من أبرز كتّابه ومخرجيه وممثليه يأتي في طليعتهم العراقي يوسف العاني، المغربي الطيب الصديقي، التونسي المنصف السويسي، اللبناني منير أبودبس، والمصري سيد زيان.

-------------------------------------------------------
المصدر  : عواد علي - جريدة العرب

الجمعة، 23 ديسمبر 2016

صدور كتاب "ميثم السّعدي وثنائية العرض المسرحي" أصدار2016

انطلاق مهرجان الإمارات لمسرح الطفل بالشارقة

مجلة الفنون المسرحية

انطلاق مهرجان الإمارات لمسرح الطفل بالشارقة
و"ملكة الثلج" أول عروضه


وسط حضور جماهيري كثيف، انطلقت مساء أمس الخميس بقصر الثقافة في الشارقة الدورة الثانية عشرة من مهرجان الإمارات لمسرح الطفل، وأعلن في البداية عن أسماء أعضاء لجنة التحكيم التي يترأسها إبراهيم سالم، وتضم في عضويتها كلاً من حميد سمبيج وخالد البناي وياسر سيف وفيصل الدرمكي.

وسوف تعكف اللجنة خلال أيام المهرجان على النظر في ستة عروض هي التي قبلت في منافسات هذا العام وهي: "ملكة الثلج" لجمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح، من إعداد جمال الصقر وإخراج مبارك ماشي، ومسرحية "بابا بارني" لمسرح دبي الأهلي من تأليف عبد الله صالح وإخراج عبد الله بن لندن، ومسرحية "مغامرات كتاب" لمسرح رأس الخيمة الوطني، من تأليف حميد فارس وإخراج محمد حاجي، ومسرحية "طرزان" للمسرح الحديث بالشارقة، تأليف سلطان بن دافون وإخراج عمر الملا، ومسرحية "سارة والغراب الجاهل" لمسرح دبي الشعبي تأليف أحمد الماجد وإخراج محمد سعيد السلطي، ومسرحية "سلوم والبوكيمون" لمسرح الفجيرة، تأليف مها حميد وإخراج صابر رجب.

وكرّم إسماعيل عبد الله رئيس مجلس إدارة جمعية المسرحيين الإماراتيين، رئيس المهرجان، حبيب غلوم مدير المهرجان، شخصية المهرجان لهذا العام، مع الفنان الممثل عبد الله مسعود.

ملكة الثلج 

عرضت مسرحية "ملكة الثلج" لجمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح، من إعداد جمال الصقر وإخراج مبارك ماشي. ووظف فيها مبارك ماشي كل إمكانياته الإخراجية والسينوغرافية، لكي يقدم عرضاً باهراً، وكان أهم ما فعله هو استعانته طيلة العرض بالشاشة التي تبث مشاهد من مكان الحدث، فمشهد القصر من الداخل لم يكن ممكناً لولا شاشة العرض تلك، فأثناء أحاديث الفتاتين ألسه وآنا، كان عمق الصورة على الشاشة يجعلهما تلعبان وتتحدثان داخل قصر، وهكذا في المشاهد الأخرى، كانت الشاشة منسجمة مع الأحداث مدمجة فيها، وكانت أيضاً الأغاني والرقص موظفة بشكل يتناسب مع الأحداث.



-------------------------------------------
المصدر : الشارقة 24

إعلان الفائزين بجوائز الدورة الـ17 لمهرجان الكويت المسرحى

مجلة الفنون المسرحية

اختتمت مساء الأربعاء الدورة الـ17 لمهرجان الكويت المسرحى، بعد 7 ليال مسرحية بإعلان الفائزين بجوائزه إلى جانب تقديم عرض مسرحى ختامى.
وقدم الجوائز ممثل وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب ورئيس المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب الشيخ سلمان صباح سالم الحمود الصباح الأمين العام للمجلس الوطنى للثقافة المهندس على اليوحة والأمين العام المساعد لقطاع الفنون بالمجلس الدكتور بدر الدويش ومدير المهرجان فالح المطيرى وأعضاء لجنة التحكيم فى المهرجان.
وقد حصل فريق مسرحية "العائلة الحزينة" لفرقة المسرح العربى على الجائزة الكبرى كأفضل عرض متكامل كما كان للفريق النصيب الأكبر فى عدد الجوائز حيث حصد ست جوائز من أصل 13 جائزة.
ونال الفنان بدر سالمين جائزة أفضل مؤثرات صوتية فى تلك المسرحية فى حين نالت الفنانة فاطمة الصفى جائزة أفضل ممثلة دور أول فى تلك المسرحية.
كما حصلت الفنانة سارة رشاد على جائزة أفضل ممثلة فى دور ثان فى مسرحية العائلة الحزينة وحصل على جائزة افضل ممثل دور ثان الفنان خالد المظفر عن أدائه فى المسرحية نفسها.
ونال جائزة أفضل مخرج مسرحى المخرج عبدالعزيز صفر عن مسرحية العائلة الحزينة أيضا وتحمل هذه الجائزة اسم الفنان المرحوم منصور المنصور التى قدمها الفنان حسين المنصور للفائز.
وقد حصل فريق مسرحية "من قال ماذا؟" لفرقة المسرح الكويتى على جوائز عدة فقد نال الفنان فيصل العبيد جائزتى أفضل إضاءة وأفضل ديكور مسرحى عن هذه المسرحية.
كما نال الفنان سامى بلال جائزة أفضل مؤلف مسرحى عن المسرحية ذاتها أيضا فى حين حصل على جائزة "الراحل كنعان حمد" وهى جائزة أفضل ممثل دور أول الفنان على الحسينى عن أدائه فى المسرحية نفسها وقدمها له الفنان القدير عبدالمجيد قاسم.
وفازت بجائزة أفضل ممثلة واعدة الفنانة نورا محمد وجائزة أفضل ممثل واعد للفنان مشارى المجيبل عن أدائهما فى مسرحية "نحلم" لفرقة المسرح العربى وذهبت جائزة أفضل أزياء للفنان فهد المذن عن مسرحية "مواطن" لفرقة مسرح الشباب.
وتخللت المهرجان الذى بدأ فى 12 ديسمبر الجارى سبعة عروض مسرحية هى مسرحية "كمبوشة" لفرقة المسرح الشعبى ومسرحية "من قال هذا؟" لفرقة المسرح الكويتى ومسرحية "العائلة الحزينة" لفرقة مسرح الخليج العربى كما عرضت شركة "المهندز" للإنتاج الفنى مسرحية "زنابيل تل الطين."

المسرح العالمي ينتصر للطروحات الحداثية بتقنيات سينمائية

مجلة الفنون المسرحية
"رافعة الأطباق " بطلان غائبان عن نفسيهما وعن العالم 

المسرح العالمي ينتصر للطروحات الحداثية بتقنيات سينمائية


شهد عام 2016 المسرحي في فرنسا عروضا متنوعة تلبي كافة الأذواق، منها الكلاسيكي الذي يستند إلى الأسماء الكوميدية والتراجيدية الكبرى كموليير وراسين وكورناي وشكسبير، ومنها المعاصر الذي صار في عداد الكلاسيكيات كأعمال تشيخوف وأوسكار وايلد ويونسكو وصامويل بيكيت ونورمان ميلر وتينيسي ويليامز، ومنها ما استند إلى نصوص سردية لكتاب كبار كفلوبير وستيفان زفايغ وجول رونار، إلى جانب عودة قوية لمسرح الفودفيل، سواء باستحضار أعمال الكلاسيكيين كجورج فايدو وأوجين لابيش وساشا غيتري، أو بأعمال مستجدة تنهل من النبع نفسه، لجيل من المؤلفين الجدد أمثال فلوريان زيلر وجان ديل وجيرالد سيبليراس وكلووي لامبير.
حفلت السنة المسرحية الفرنسية في 2016 بالعديد من الأعمال الكلاسيكية وأخرى مستجدة، إلاّ أننا اخترنا في هذه الورقة التوقف عند الأعمال الراسخة ذات الطرح الحداثي، والأعمال التي شكلت إضافة جادة، سواء من جهة نص الانطلاق، أو من جهة الابتكار في الإخراج، أو من كليهما.
أسماء مكرسة
في مسرحية “سبلنديدز” التي تكشف بطريقة موحية خبايا الحياة داخل السجون، بدا جان جينيه (1910/1986) متأثرا بالأفلام البوليسية الأميركية الكلاسيكية، حيث يمتزج الحب بالعنف، والتنافس بالغيرة، والمكابرة بالتحدي، ويكون السلاح فيصلا في الحرب التي تضع وجها لوجه الخارجين عن القانون والبوليس، وعادة ما تُجمّل النهاية المحتومة، إما ببطولة ملحمية، وإما باقتناع أحد ممثلي القانون بمشروعية تمرد من يعتبرهم المجتمع منحرفين، وغالبا ما ينظر إلى أولئك الخارجين عن القانون من زاوية تجلب التعاطف نحوهم، لا سيما إذا كانوا حسان الخلقة أو ذوي بنية جسدية لافتة.
تحتوي المسرحية على كل العناصر التي تجعل منها فيلما بوليسيا: الأسلحة، والكلام المتبادل، والعضلات المفتولة، والوشم الذي يغطي الأجساد، والشرطي المتسلل بينهم خفية، والأخبار التي يبثها الراديو عنهم وعن الشرطة التي تطوق المكان بكل العتاد اللازم، هي دراما إذن تقوم على التوتر والانتظار، انتظار هجوم محتوم، خصوصا بعد أن قتل المنحرفون الرهينة.
في هذا الزمن المعلّق، تدور أحداث المسرحية فيبدو الأبطال ميتين في وجه من الوجوه، لأنهم وضعوا أنفسهم داخل سجن ليس دونه إلاّ الموت، بل هو الموت نفسه في نظر جينيه. اختار المخرج أرتير نوزيسيال بهذا العمل الذي لم يعرض سوى مرة واحدة عام 1995، تكريم روح جينيه، وشفعه بعمل ثان بمثابة المقدمة، وهو شريط قصير صامت بالأسود والأبيض بعنوان “أنشودة حب” كان جينيه أعده عام 1950، لكونه يصوّر حياة المساجين وأنواع الكبت التي يعانونها، ما جعله محظورا على من هم دون سنّ الـ16.
ومن ثمّ كانت الشاشة قائمة في مقدمة الخشبة، ما جعلها تسد الأفق، وتمنع المتفرج من تبيّن ما وراءها من ديكور، وقد أرادها المخرج دلالة على انغلاق السجين داخل زنزانة، حيث لا يجد له من منفذ لاختراق جدرانها سوى التخيل، وهو ما عاشه جينيه نفسه، إذ استطاع بفضل مخيلته أن يتجاوز قضبان حبسه إلى عوالم متخيلة، ليصوغ أعمالا خلّدت ذكراه.
“الشريط الأخير” أو “شريط كراب الأخير” في الأصل الإنكليزي، مسرحية كتبها بيكيت (1906/1989) في نطاق اشتغاله على استقطابية الكتابة الدرامية، بين مسرحيات كوريغرافية تتجسد فيها الحركة وحدها وسط غياب كلي للمنطوق، وتمثيليات إذاعية تعتمد على الكلمات فقط ولا وجود فيها للحركة، فكانت هذه المسرحية مزاوجة بين ذينك القطبين ضمن عمل واحد، ولو أن الاقتصاد في الكلام وفي الحركة يطغى عليها.
وقد نهض بأدائهاعملاقان من عمالقة المسرح في أوروبا، هما المخرج الألماني بيتر شتاين والممثل الفرنسي جاك فيبر، اختار شتاين أن يكون كراب حاضرا على الخشبة قبل دخول الجمهور إلى القاعة، في هيئة تذكّر بفلاديمير وإستراغون في مسرحية “في انتظار غودو”، سواء من جهة لباسه أو من جهة بعض حركاته، وإن بدا الحيز الزمني هنا أكثر واقعية. وكراب، كما يقدمه لنا بيكيت، عجوز وحيد أشعث الشعر مشوش الهندام متهالك على مكتبه، على يمينه آلة تسجيل، وعلى يساره مكبّر صوت، ينتظر الظلمة كي يقوّم جذعه وينهض لتسجيل “الشريط الأخير” مثلما اعتاد أن يفعل في عيد مولده كل عام.
وتلك طريقة لمحاورة الرجل الذي كان، واستعادة النسخة الصوتية الأصلية لحياة طافحة بالآمال الخائبة، والعلاقات الغرامية البائدة، والإشراقات الخاطئة، وقد نجح المخرج في إيجاد توتر دائم بين الحاضر والماضي، بين صوت العجوز الحيّ وصوت الشاب المسجّل، وحركات الممثل المضحكة وزمجرته وأنينه.
ساعده بقدر كبير أداء الممثل
القدير جاك فيبر، الذي استطاع أن ينقل غموض ذلك الرجل العجوز وهو يواجه أحلامه الماضية، ووحدته التي تسير بنفسها إلى النهاية، في تكشيرته وتذمره وأنّاته وحسراته التي تأتي في الغالب في شكل تلميح يدركه المتفرج الفطن، فيحس بألمه ويتعاطف معه.
وتأتي “رافعة الأطباق” لهارولد بنتر (1930/2008) مسرحية بنيت على غرار أفلام الرعب والجاسوسية، بطلاها رجلان يلفهما الغموض، لا نعرف عنهما إلاّ أن الأول يدعى بن والثاني يدعى غوس، ولا ندري هل هما حارسا دهليز أم حارسان ليليّان أم قاتلان مأجوران.
ولا نستدل على المكان الذي يوجدان فيه، فهو فضاء مغلق به سريران بسيطان، قد يكون غرفة فندق، أو قاعة تابعة لمطعم تحت الأرض، يقبع فيه هذان الرجلان ليهرفا بكلام مشوش عن أمور الحياة المعتادة، والثابت أنهما في حالة انتظار.
يفلح المؤلف في خلق جوّ مشحون بالترقب، على غرار مسرح بيكيت، ولكن دون القوة التراجيدية والميتافيزيقية التي تطبع مسرحية “في انتظار غودو”، فالوقت هنا أيضا يمضي، ولكن حركة الرجلين تبدو معلّقة في معنى لا يتحقق، فلا مكان هنا لغوص في نفسية هذا الفرد أو ذاك، إذ يكتفي بينتر بخلق جو ضبابي ملؤه الضجر والفراغ.
البطلان هنا غائبان عن نفسيهما وعن العالم، عاجزان عن مواجهة خطر لا يدركان كنهه، ويبلغ التوتر ذروته بظهور رافعة أطباق، كشخصية ثالثة خطرة وبلا وجه، وإذا سلطة لا مرئية ممثلة في هذه الآلة التي تبعث إليهما بطلبات أطعمة عبر هاتف داخلي.
وقد نجح جاك بوديه ومكسيم لومبار في نقل ملامح هذه الفئة من الناس التي تبث الرعب في النفوس: فهي محدودة الذكاء، محرومة من الشك الوجودي، لا تملك إلاّ طبعا فظا، يحتد عند أول إحساس بالاعتراض على ما تقترح، ولو في أمور تافهة، ولكنها يمكن أن تكون خطرة إذا ما جُعلت لخدمة أيديولوجيا أو قضية إجرامية أو إرهابية.
في هذه المسرحية يضعنا بنتر أمام عبثية وضعية لا تنفك تتأزم عبر مواقف هزلية وأخرى سوريالية، ويزداد التوتر حدة بظهور رافعة الأطباق المفاجئ وصوت الهاتف الداخلي الذي يصدر أوامر غامضة، كناية تراجيدية عن سلطة بلا وجه.
يقول المخرج كريستوف غاند “النفوذ في قلب الحدث: قائد لا يُرى يعطي أوامر غريبة يرمز لها برافعة أطباق، تبدو ذات سلطة لا تناقش، هذه الشخصية الثالثة غير المنتظرة تكسر قواعد صحبتهما، فتبدو مهمتهما، وهي غاية وجودها في ذلك الفضاء المغلق، تقودهما نحو نهاية يجهلانها، رغم أنها في نظرهما محتومة، المسرحية في رأيي رمز غير زمني لنزع الطابع الإنساني عن السلطة”.
تجارب فرنسية جريئة
كيف يمكن أن نجعل من سجين لم يمارس التمثيل قط ممثلا كفؤا؟ وكيف يمكن لممثل قاتل أن ينهض بالمهمة؟ وكيف يمكن أن يتم ذلك داخل زنزانة تضمّ ثلاثة مساجين يعانون ما يعاني أمثالهم في مثل تلك الظروف التي تفقد الإنسان إنسانيته، فضلا عن ولعه بالفنّ؟ إمكانات مثلت المحاور الرئيسية لعمل مسرحي خارج عن المألوف عنوانه “تمثيل”، صاغه وأخرجه غزافييه دورانجيه الذي جمع بين التأليف والإخراج المسرحي والإخراج السينمائي والتلفزيوني، فضلا عن كتابة السيناريو والفيديو كليب.
وخلاصته أن أحد السجناء طلب من رفيقه في الزنزانة، الذي كان ممثلا ومخرجا قبل أن يسجن عن جريمة قتل، أن يجعل منه ممثلا، فلا تلبث الزنزانة أن تتحول إلى ورشة للإنتاج الدرامي، قطباها رجل مسرح يتحدث عن شكسبير وتشيخوف وستانيسليفسكي وأورسن ويلز، ومبتدئ لا يملك من الثقافة المسرحية أدنى زاد، ولا يطمح إلاّ في أن يصبح نجما من نجوم هوليوود.

ثم يبدأ العرض الحيّ خلف الحاجز البلوري، وينتقل مباشرة عبر تصويره بالكاميرا إلى الشاشة، أي أن المتفرج الجالس أمام الحاجز يشاهد الممثلين على الخشبة وعلى الشاشة في الآن نفسه.
الجديد في هذه التقنية أن كل شيء مباشر، التمثيل والتصوير والمونتاج وميكساج الصوت والموسيقى، أي أن الممثلين يؤدون أدوارهم أمام الجمهور وأمام الكاميرا في الوقت ذاته، وكما في السينما، تتركز الكاميرا على وجه أو وضعية أو حوار، فيما يظل الأشخاص الآخرون يؤدون أدوارهم خارج الحقل، وما يخامر أذهان بعضهم أحيانا يرد في شكل صوت خارج مجال العدسة.
ولا يلبث المتفرج أن يلفي نفسه أمام جوّ خانق، يتبدى خلاله صراع صامت بين مختلف العاملين بالمؤسسة، حيث يحاول كل واحد أن يسحب البساط إليه، بالنميمة والعرقلة والتزلف، وتتجلى موازين القوى في أجلى مظاهرها بين من يخول له مركزه التعالي على زملائه ومخاطبتهم بجفاء، ومن يحتم عليه مركزه الوضيع التخاذل والتصاغر أمام من هم فوقه مرتبة.
والغاية هنا غايتان، غاية مؤسسة لا همّ لها إلاّ الكسب، لا تتردد في إعادة الهيكلة حفاظا على قدرة التنافس في السوق، وغاية موظفين همهم الوحيد المحافظة على مورد رزق، واستعمال كل الوسائل، حتى غير الأخلاقية منها، لتجنب الطرد، والطمع في الترقي ولو على حساب زميل.
في “إدمون” يستحضر المؤلف والمخرج المسرحي اللامع، ألكسيس مشاليك، ظروف تأليف إدمون روستان (1868 /1918) مسرحيته الشعرية الشهيرة “سيرانو دو برجوراك”، خلال بضعة أيام، تلك المسرحية التي تعهد في مطلع ديسمبر 1897 بإعدادها لأعياد آخر العام نفسه، ولم يكن في ذهنه عنها سوى العنوان، أي أن المتفرج يشاهد مسرحيتين؛ الأولى تنطلق من وقائع حقيقية بطلها إدمون رسوتان، ولم يتعدّ وقتها الثلاثين، مع زوجته روزموند وولديه، والثانية متخيلة بطلها سيرانو الذي يقال إنه شخص حقيقي عاش في القرن الـ17، وحبه العميق لروكزان، ذلك الحب الذي بدا مستحيلا بسبب شوهة خلقية في أنف سيرانو، وتعلق روكزان برجل آخر دونه ثقافة وصدقا في العواطف.
والانتقال بين الواقع والمتخيل يجري على نسق سريع، ما يجعل الأحداث تختلط، وتتمازج بشكل يسمو بها إلى مناطق الحلم.
“إدمون” هي إخراج مسرحي حديث لإخراج مسرحي كلاسيكي، تتناوب فيه المشاهد بين مسرحية “إدمون” وبين مسرحية “سيرانو” التي يؤديها الممثلون أمامنا، أي أنه مسرح داخل المسرح، عالجه ميشاليك بمهارة عبر إيقاع مدروس، يتوخى المشاهد القصيرة، والخطابات الموجزة، والإيحاءات الدالة، وتغيير الديكور في لمح البصر، مضفيا على العرض روحا مرحة من خلال مواقف مضحكة، كفواصل بين زخم من الأحداث والشخصيات قد يتيه فيه المتفرج.
وكما هو الشأن في مسرحيتيه السابقتين “حلقة المخادعين” و”حامل الحكاية”، يعتمد ميشاليك على إخراج أقرب إلى التقنيات السينمائية، من جهة تعدد تغيير الديكور في أوقات قياسية، واستعمال المؤثرات الصوتية والخدع السينمائية والموسيقى التصويرية.
---------------------------------------------
المصدر : أبو بكر العيادي - العرب
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption