أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 20 أغسطس 2017

الظاهرة النثرية في أدبنا الحديث

مجلة الفنون المسرحية

الظاهرة النثرية في أدبنا الحديث


د. إبراهيم خليل -  الدستور 

ظهر النثر الأدبي في الأردن، وتطوَّر مع ظهور الصحف، ومن أبرزها صحيفة الجزيرة لتيسير ظبيان، وصحيفة الأردن. فمن المعروف أن رواد القصة، والرواية، في الأردن، ومنهم، على سبيل المثال لا الحصر، تيسير ظبيان، وميشيل الحاج، وأديب رمضان، وعيسى الناعوري(1918- 1985)، وعبد الحليم عباس (1913- 1979)، وشكري شعشاعة (1890- 1963)، ومحمد أديب العامري(1907- 1978)، ومحمود سيف الدين الإيراني (1914- 1974)، وغيرهم.. كانوا يجمعون إلى اهتماماتهم الأدبية الكتابة في الصحف على نحو شبه ثابت. وقد استوحوا مادة كتاباتهم القصصية من واقع الحياة اليومية.  فعبد الحليم عباس كتب روايته الأولى فتاة من دير ياسين ليروي قصة شابين فرقتهما النكبة. وتشاءُ المصادفاتُ أنْ يعاني بطلا الرواية « بيت وراءَ الحدود « لعيسى الناعوري 1959 من تلك المأساة، ومن هاتيك الفرقة التي بدَّدت شمل الحبيبين، وقد واصل الناعوري كتابة الرواية فنشر عددا من الروايات كانت الأخيرة منها بعنوان ليلة في القطار1974 . أما شكري شعشاعة فقد قدم لنا نموذجا يشبه الأيام في روايته السيرة  « ذكريات « وأخرى تشبه رواية زينب لمحمد حسين هيكل 1914 في روايته « في طريق الزمان» ، ولو أن رواية شعشاعة تبرأ من شائبة السيرة التي علقت برواية هيكل المذكورة. وعلى هذه الطريق سار حسني فريز في روايته» مغامرات تائبة « التي نشر بعدها روايات أخرى كالعطر والتراب، ورواية حب من الفيحاء، ورواية في ظلال الزيزفون.. وعندما ننظر في رواية تيسير سبول « أنت منذ اليوم « 1968 نجده يستخدم في خطابه السردي تقنيات سردية حديثة كتيار الوعي، والتناص، فضلا عن الرمز ببعض الاقتباسات من التراث التاريخي(محمد بن القاسم) وما لقيه من عقوبة من الخليفة نظرا لتجاوزه الأوامر ففتح من البلدان أكثر مما هو مسموح به لدى البلاط. وفي موازاة ذلك نجد أمين شنار في روايته « الكابوس» 1968يدعو لتحرير العقل العربي من الأفكار الخاطئة السائدة. وهي دعوة غلب عليها النظرُ الديني والبناء الرمزي.  أما سالم النحاس في « أوراق عاقر « 1968 فيرمز لما حدث في حزيران يونيو 1967 بحريق يشبُّ فجأة في فندق يقيم فيه الراوي- بطل الرواية- ليعاني بعد ذلك من حروق يُنقل على إثرها للمشفى. إلى جانب ذلك ثمة رموز أخرى تشتبك بهذا، فالزوج والزوجة في الرواية يتمنيان الخصوبة والإنجاب، ويترددان إلى طبيب بغية تحقيق هذه الغاية، إلا أن الحريق بما تبعه أحبط أحلامهما هذه، وبدلا من يرزقا بالمولود المنتظر أصيبا بخيبة مريرة كخيبة العرب الذين انتظروا طويلا  بدء الحرب المذكورة ليروا نصرا مؤزرا يفرحون به، فإذا بالنكسة تحبط تلك الأحلام، وتضع حدًا لهاتيك الآمال. 
 النهوض الروائي
وقد توالت بعيد ذلك رواياتٌ تسلط الأضواء على معاناة الشخوص، كرواية الضحك، ورواية سلطانة، والبكاء على الأطلال لغالب هلسا. ورواية وتشرق غرْبًا للكاتبة ليلى الأطرش، التي تلتها رواية امرأة للفصول الخمسة، ورواية ليلتان وظل امرأة، ثم رواية صهيل المسافات، فمرافئ الوهم، ورغبات ذاك الخريف، فرواية أبناء الريح، ورواية ترانيم الغواية. وقد تناولت الأطرش في رواياتها تلك عددًا من مواجع الإنسان العربي، ذكرا وأنثى، من غير تفريق. ففي  الرواية الأولى، مثلا، وقفت بنا إزاء النكبة، ثم ما تلاها من حوادث من أبرزها العدوان الثلاثي على مصر سنة1956 فالنكسة 1967 وما تلاها من تصاعد المقاومة التي نهضت فيها بطلة الرواية هند النجار بدور مهم دخلت بسببه السجن السياسي، وتم تحريرها في تبادل أسرى إلخ.. وعرضت فيها أيضًا للعلاقات بين المرأة والرجل، بصرف النظر عن الدين أو المذهب، ما دام النشاط السياسي المشترك يجمع ولا يفرق. وتطرقت إلى العمل الفلسطيني في امرأة للفصول الخمسة، ولموقف المرأة من ذلك، وإلى المشكلات الأسرية في ليلتان وظل امرأة، وإلى إشكالات نفسية ونسوية في مرافئ الوهم، ومعضلة المثقف العربي في صهيل المسافات، لا سيما إذا كان ذا نشاط سياسيّ في مجتمع تهيمن عليه العشائرية، والبداوة، والتخلف الحضاري بالمعنى الدقيق لكلمة تخلف. ولم تبخل الكاتبة على المهمَّشين، المسحوقين، من اللقطاء، وخريجي دور رعاية الأيتام، فكتبت رواية أبناء الريح من هذا الوحي. 
 طفرة الرواية 
ومن أراد أن يعرض للنثر الروائي، فلا بد أن يتتبَّع ذلك في رواية العودة من الشمال لفؤاد القسوس، وروايات مؤنس الرزاز: أحياء في البحر الميت، واعترافات كاتم صوت، ومتاهة الأعراب.. والذاكرة المستباحة وسلطان النوم وليلة عسل وجمعة القفاري.. . وجمال ناجي في الطريق إلى بلحارث، والحياة على ذمة الموت، ومخلفات الزوابع الأخيرة، وغريب النهر، وعندما تشيخ الذئاب، وموسم الحوريات، وهزاع البراري في تراب الغريب، وأعالي الخوف، بعد الغربان، وحواء مرة أخرى، وسليمان قوابعة.. وزياد قاسم الذي أغنى المكتبة بعدَدٍ من الروايات التي ترصد التحولات الكبرى في المجتمع، وعثمان مشاورة؛ في «مقهى البازلاء « وطاهر العدوان الذي نشرت له ثلاث روايات؛ الأولى وجه الزمان، والثانية حائط الصفصاف، وهما روايتان ترصدان التحولات المطردة في المجتمع الأردني، وأثر النكبة الفلسطينية في هذه التحوُّلات، وأما االثالثة « أنوار» فليست بقوة الروايتين السابقتين. وقد لوحظ، في أواخر القرن الماضي، تزايد ملحوظ في إصدارات الروائيِّين، مما حدا ببعض المتابعين، ممن يولونَ البعد الكمي أهمية أكبر من البعد النوعي، للوقوع في وهم الإحصاء، وتعداد الإصدارات. وتوجُّه بعض كتاب القصة، في ظاهرة أخرى لافتة، إلى الرواية: إلياس فركوح، وهاشم غرايبة، وقاسم توفيق، ومفلح العدوان، ومحمود الريماوي، وجمال أبو حمدان، وسامية العطعوط..وعصام الموسى.. ومنال حمدي.. مثلما تحول بعض الشعراء لكتابة الرواية؛ كإبراهيم نصرالله، وأمجد ناصر، وجلال برجس، وجهاد أبو حشيش. وبعض الروايات التي كتبها هؤلاء الشعراء تغلبُ عليها لغة الشعر، لا لغة النثر القصصي، أو الروائي، فنجد الرموز تشيع في العناوين، مثل: ذئب الماء، أفاعي النار، شرفة الهاوية، أو ذئب الله، وشرفة في قفص إلخ.. وهذا ينم على أن الكاتب الشاعر لم يستطع التخلص من هيمنة الشعر على روايته، وإذا مضى القارئ في متابعة قراءة الرواية اكتشف الكثير من الأحاجي، والألغاز، التي تشبه الطلاسم، مما يبعد الكتابة عن طبيعة الرواية، ويجعلها نصًا هجينًا تختلط فيه أجناس أدبيّة متباعدة. 
 روائيات
ومن الكاتبات اللائي كتبْن الرواية، علاوة على من ذُكرن: سميحة خريس، ورفقة دودين، وسَحَر ملص، وغصون رحال، وفيروز التميمي، وجهاد الرَجبي، ونرمينة الرفاعي، وفادية الفقير، التي نُشرت لها روايات عدة بالإنجليزية، فازتْ إحداهنَّ بجائزة بريطانية، وهي رواية My Name Is Salma وتعد مساهماتهنَّ مؤشرًا على اتساع هامش التقبُّل الشعبي لهذا الفنّ الذي كانَ، إلى زمنٍ قريبٍ، فنًا مرْفوضًا غيرَ مقبول.   
 في القصّة
أما القصة القصيرة، فقد بدأتْ في الأردن على يدي محمد صبحي أبو غنيمة، صاحب « أغاني الليل « المطبوعة بدمشق1922. واغتنت على أيدي كثيرين، منهم عيسى الناعوري(خلّ السيف يقول) و(أقاصيص أردنية )، و(حكايات جديدة)، ومحمود سيف الدين الإيراني (متى ينتهي الليل)، و(ما أقل الثمن)، و(أصابع في الظلام) وغيرها، وحسني فريز(قصص من بلدي) وأمين فارس ملحس (1923- 1983) صاحب مجموعة « من وحي الواقع « وأبو مصطف وقصص أخرى» 1952. وساعدت المجلات على زيادة الاهتمام بهذا النوع الأدبي، نشرًا ونقدًا، لا سيما الرائد، والاثنين، والأفق الجديد، و صوت الجيل، و أفكار، والمهد، وعمّان، وتايكي. علاوة على الملاحق الثقافية للصحف اليومية في الدستور، والرأي، وسابقاً في الجهاد، وفلسطين، والدفاع، وعمان المساء، والصباح، والصحفي، وأخبار الأسبوع، وصوت الشعب، والعرب اليوم. فبرز عدَدٌ من كتاب القصة في « الأفق الجديد « على سبيل المثال، وممَّن يشار إليهم بالبنان فخري قعوار الذي مرت قصصه بمراحل عدة انتقل فيها من السرد الذي يحاكي فيه الحياة الواقعية إلى السرد الغرائبي، متكئًا على الأسطورة، أو الخرافة، أو النموذج التاريخي، الذي يحيلنا فيه لشخصيَّةٍ من التراث. أما جمال أبو حمدان فقد نشر في وقت مبكّر « أحزان كثيرة وثلاثة غزلان» عن دار مواقف ببيروت 1970، وهي قصصٌ توضع على قدم المساواة مع أعمال البارزين من كتاب القصة في الوطن العربي.
 أثر القاصّ 
ومما يجب التنويه إليه، أن لهذه المجموعة أثرًا كبيرًا في القصة الأردنية القصيرة، يعزى ذلك إلى الطرائق الفنية التي جاء فيها بما يشهد على ابتكاره. فهو، من الانطباع الأول، يكتب القصة ذات الحكاية المُكثفة التي يستعيرُ بعض حوادثها من الماضي، أو من التاريخ القديم، أو من الخرافات، والأساطير، كما في « سبارتاكوس « أو « أبو ذر الغفاري « أو « من هنا طريق قيس» وغيرها من قصص، وربما لجأ إلى ما يسمّيه المحدثون اليوم التناصّ الأسْطوري، أوالديني، كما في قصَّتهِ « أحزانٌ كثيرة وثلاثة غزلان « التي تقنّعتْ فيها شخصياتُ القصّة بشخصية زليخة تارَة، وشخصية يوسف تارة، مع أنّه يُسلط الضوءَ على وضْع سياسي راهن،  وهو ما تبع نكسة 5 حزيران 1967 من ردود فعل تعرَّض لها جنديٌ عائد من ساحة القتال. وقصَصُه، على الرغم مما فيها من قِصَر، لا تخلو من المسْحة الدرامية، التي تضع القارئ في جو يشبه الجو المسرحي، ومن ذلك، على سبيل المثال، قصته « سيف الملك المنذر بن ماء السماء» وكذلك قصّة الخلخال في « أمس الغد» التي أعاد الكاتب مسرحتها في نص درامي بعنوان (مكاور) صدر في كتاب مستقل 2017.
ولا تفوتنا الإشارة لكتّاب آخرين منهم: هاشم غرايبة صاحب «بيت الأسرار»، وهند ابو الشعر التي غلب على قصصها المبكرة « شقوق في كف خضرة « 1982 الاهتمام بالمرأة، ولجأت إلى الرموز البسيطة المعبرة عن الواقع تعبيرًا لا يصعب فهمه في « المجابهة «، و» في الوشم «، وفي «حين تصبح الذاكرة وطنا»، وفي « مارشات عسكرية « وغيرها من المجموعات التي ينطوي عليها مجلد الأعمال الكاملة، وما تلاه. ومن كتاب القصَّة أيضًا إبراهيم العبسين وعدي مدانات وبسمة النسور، ومحمد طملية، وبدر عبد الحق، ومحمود الريماوي، الذي يغني القصَّة مع كل جديد يكتبه، وسامية العطعوط، وسحَر ملص، وفايز محمود، ونايف النوايسة، وفؤاد القسوس، وعصام الموسى، وخليل قنديل، وحنان بيروتي، ومحمّد سناجلة، وجواهر رفايعة، ومحمد خليل، وجمال القيسي، ورمزي الغزوي، وخلود جرادة، وأميمَة ناصر، وبسمة النمري، ويوسف ضمرة، وسليمان الأزرعي، ومخلد بركات، وجعفر العقيلي، وخليل قنديل وهشام بستاني.. وآخرون. ويذكر أن الروائي غالب هلسا بدأ مسيرته الإبداعية بكتابة القصة القصة القصيرة، تشهد على ذلك مجموعتاه: وديع والقديسة ميلادة وآخرون(1968) وزنوج وبدو وفلاحون(1974). 
 الحبَّة والقبَّة
وفي العقدين الأخيرين ظهرت موجة جديدة من كتاب ما يسمّى «القصة القصيرة جدًا» أو القصَّة الومْضة، أو التوقيع، تشبيهًا لها بتوقيعات الخلفاء التي قلما تدرج في نوع من أنواع الأدب. وهي تميل ميلا شديدًا للتكثيف على حساب التقاليد المعروفة لهذا الفن. ومن كتاب هذا اللون بسمة النسور وذكريات حرب وتبارك الياسين وجلنار زين وهاني أبو نعيم ومهند العزب ومحمد جميل خضر وجمعة شنب، وسامية العطعوط في آخر أعمالها، وخالد سامح وبسمة النمري في أعمالها الأخيرة. غير أن هذا النوع لا يجد ما تجده القصَّة القصيرة من اسْتحسان لدى النقاد المهتمّين بالسرد القصصي. كونه يقتصرُ، في الكثير من نماذجه، على مُلحة من المُلح، أو نادرة من النوادر المبتكرة التي تكاد تقول، أو لا تقول، شيئا. وقد أساءَ إلى هذا الشكل الهجين تنافسُ الكتّاب على منْ يستطيع أن يقلل حجم القصة أكثر من غيره، حتى تفاخَرَ بعضهم على غيره بأنه يكتب القصة من ستّ كلمات، فيتحداه آخر بكتابة قصة من ثلاث كلمات. وهذا في رأينا لا يسيءُ لفن القصة وحْدَه، بل ينحدر بهيبة الأدب. وبصَرْفُ النظر عن موقفنا من هذا اللون، فإن القصة القصيرة جدًا – بصفةٍ شبه عامَّة إلا منْ استثناءات- لا يمكن لها أن تكون مَوْضوعًا للدراسة، إلا إذا كنا نعتزم العمل بالمثل القائل: يجعلُ من الحبَّة قُبَّة.
 المَسْرح
ولئن كانت القصة، والرواية، لا تحتاجُان إلا لكاتبٍ موهوب، وقارئ، وناشر، كي تظهر وتزدهر، فإن المسرحية، شعرًا كانت أم نثرا، تحتاجُ إلى جانب الكاتب، فريقا من الممثلين، ومخرجًا، ومصمِّما للديكور، والمناظر، ومشرفا للمسرح، ومنتجا يموّل المشروع (العرض) وموسيقيا يؤلف الموسيقى التصويرية المرافقة، وخبيرًا في الماكياج، وجمهورًا، ومبنىً تتوافر فيه المعدّات المناسبة كالإضاءة، والستارة، ومكبرات الصوت إلخ.. وهذا العدد من الفنيين ينبغي له أن يعمل في إطار من التناغم والتنسيق. ولهذا لا نعْجب إذا وجدنا من يقول من الباحثين إن المسرح تأخر ظهوره في الأردن كثيرا عن ظهوره في بلاد أخرى كمصر، ولبنان، والعراق. فأول عمل مسرحي جرى تقديمه في الأردن يعود إلى العام 1918 مقابل أول عمل مسرحي عُرض بلبنان يعود إلى سنة 1846. ويذكر في هذا المقام الأب أنطون الحيحي الذي قيل الكثير عن تأليفه نصوصًا مسرحية أخرجها بنفسه، وأدى بعض الأدوار البارزة فيها، مثلما نُسب إلى الشاعر فؤاد الخطيب كتابته أول نص مسرحي نثري تاريخي بعنوان فتح الأندلس. وتتابعت المحاولات بعد ذلك في إربد، وبيت ساحور، والقدس، ومأدبا. ومن النصوص النثرية التي قدمت: مسرحية ابن وائل، والسموأل، ووفاء العرب، وصلاح الدين الأيوبي، والرشيد والبرامكة، ومن المسرحيات المعرَّبة التي جرى تقديمها مسرحية يوليوس قيصر، وتاجر البندقية، وكلتاهما لوليم شكسبير. مثلما قُدمت مسرحية في سبيل التاج للفرنسي فرانسوا كوبيه. 
وممن نشطوا في الكتابة للمسرح: روكس العزيزي، وصلاح أبو زيد، ومحمد المحيسن، الذي قدمت له مسرحية نثرية بعنوان الأسير عام 1946. وعبد الوهاب أبو السعود الذي كتبَ مسرحية نثرية بعنوان (الوطن) 1946 وعباس علام، وعبد الغني الريماوي. على أن المسرح لم يقتصر في هذه الحقبة على النثر، فقد نُسبت لحسني فريز محاولة مسرحية شعرية بعنوان (الطوفان) وهي ليست مسرحية بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة، وإنما مجموعة من المقطوعات الغنائية التي ينتظمها موضوع واحد، هو عشق آلهة الهواء المرأة إينو. وأما النصوص المسرحية النثرية بعد العام 1948 فكانت تقدم في مهرجانات الاصطياف في رام الله، والبيرة، وفيها عُرضت محاولات لعبد اللطيف البرغوثي، وهدية عبد الهادي (لقاء) 1965. وبعد ذلك جاء ظهورُ « فرقة المسْرح الجامعي « في الأردنية، ليضع الحلول المُمكنة لغياب الفرق، وتوافر الأجهزة، والمُعدّات التقنية. 
وشهد مدرج سمير الرفاعي بواكير العروض المسرحية الجادّة، بعد أن انضمَّ لهذا الفريق المخرج المحترف هاني صنوبر، ولمع في هذا الفريق عدد من الممثلين، مثل: قمر الصفدي، وصلاح أبو هنود، وحسن أبو شعيرة، وجودت صالح، وبهاء أبو طه، ومحمود أبو غريب، وغيرهم.  وشاهد الجُمْهورُ لأول مرة مسرحيات جادة مثل « أفول القمر» لشتاينبك، وبيْت الدمية لهنريك إبسن، وثمن الحرية للإسباني روبيلوس، ومسرحية السلاح والإنسان لجورج برناردشو، وغيرها من عيون المسرح العالمي ومن هذه العناوين يتضح افتقار الفرقة للنص المسرحي المحلي.
 أسرة المسرح الأردني
وفي المقابل أنشأت دائرة الثقافة والفنون بوزارة الإعلام فرقة مسرحية أخرى باسم «أسرة المسرح الأردني « وانتعش المسرح، إذ اتخذ المسرحيون من أعمال بعض الكتاب المحلِّيين نصوصًا أخضعت للإخراج، ومنها مسرحية « المفتاح « لجمال أبو حمدان، التي عرضت في مهرجان دمشق الدولي، وكذلك مسرحية « الجراد « للكاتب نفسه، وزرقاء اليمامة، وحكاية شهرزاد في الليلة الثانية بعد الألف، وليلة دفن الممثلة جيم وغيرها. وعرضت أيضا مسرحيات من تأليف محمود الزيودي رسالة من جبل النار، والضباع، ومسرحية عبد الرحيم عمر خالدة، ومسرحية وجه بملايين العيون، ومحمود سيف الدين الإيراني الذي حول إحدى قصص مجموعته الأخيرة « أصابع في الظلام « إلى مسرحية بعنوان (الأقنعة) التي عُرضت في مهرجان دمشق الدولي (1974) وعلى خشبة مسرح النادي الأرثذوكسي بعمان. وتواصلت العروض المسرحية، وتعدَّدت الفرق، فظهرت فرق لمسرح الطفل، والمسرح التجريبي، والكوميدي، والفوانيس، وممن نشطوا في مجال للمسرح فؤاد الشوملي، ومصطفى صالح، وعبد الجبار أبو غربية، وعبد اللطيف شما، وليلى الأطرش، وهزاع البراري، الذي أسهم بعدد من النصوص فاز واحدٌ منها بجائزة.. 
 السيرة
يضافُ لهذه الفنون النثرية فن آخر هو السيرة، وحظ السيرة في أدبنا قليل، فمن أوائل من كتبوا السيرة شكري شعشاعة في الكتاب المذكور آنفا (ذكريات) يضاف إليه ما كتبه عيسى الناعوري في الشريط الأسود، وما كتبه سليمان الموسى في ثمانون، وما كتبه أمجد ناصر في كتابين له أولهما بعنوان خبط أجنحة في سماوات بعيدة، والثاني عن بيروت. وهناك كتب أخرى مثل: على جناح الطير لسميحة خريس، والسيرة الطائرة. ونثر السيرة يشبه النثر الروائي حينًا، وفي أحيان يتحول إلى توثيق لا حظ فيه للأدبيَّة. ورب سائل يسأل: ما الذي يختلف فيه نثر هذه الفنون بعضه عن بعض؟ جوابًا عن هذا يمكن القول- في الحدود التي تسمح بها هذه المقاربة الوجيزة – إن النثر القصصي في القصير منه يختلف قليلا عن النثر الروائي، ففي القصة القصيرة نستمع لصوت القاص غالبًا، ولهذا يتسع النثرُ الأقصوصي لمزيد من الاختيارات الأسلوبية، والمَجازيّة، والتراكيب التي تضع النثر في مستوى جمالي يقترب فيه القاص من شعرية السرد، لكن الرواية تعتمد في شعريتها على الاقتراب من لغة الحياة اليومة، لهذا لا نستمعُ فيها لصوت المؤلف وحْدَه، وإنما نستمعُ- في رأي باختين- لأصوات متعددة، هي أصوات الشخوص، وتبعا لذلك نتوقَّع في الرواية حواراتٍ بلهجات ليست متعددة حسب وإنما مختلفة، ومن هنا تعزى بلاغة الرواية لقوانين مباينة لقوانين تراعيها وتلتزم بها فنون الشعر، وإذا لاحظنا في النثر الروائي غلبة هذه القوانين (الشعرية) تأكد لنا الانطباع عن أنّ الرواية كتبت بطريقة مفتعلة، منفصلة، عن الواقع الذي تحاكيه. والحوار – الذي هو المادة الأساسية للمسرح النثري- ينبغي له، هو الآخر، أنْ يقترب بنا من عالم الشخوص (الممثلين) وإلا بدت لنا المسرحية كالمسلسلات المكسيكية المُدبْلجة بالفصحى، بعيدةً جدًا عن الواقع، حيث الخادمة أو المربية أو الطفل يتكلمون بحذلقة، وبتقعُّر، يعلو كثيرًا على فصاحة الفراهيدي، ونحويَّة سيبويه.

السبت، 19 أغسطس 2017

بلاغ مشترك بين وزارة الثقافة والاتصال والتعاضدية الوطنية للفنانين

مجلة الفنون المسرحية

بلاغ مشترك بين وزارة الثقافة والاتصال والتعاضدية الوطنية للفنانين


على إثر اللقاء الذي جمع بين وزير الثقافة والاتصال السيد محمد الأعرج ووفد عن التعاضدية الوطنية للفنانين برئاسة الرئيس السيد الحاج يونس صبيحة يوم الأربعاء 16 غشت 2017، أصدر الطرفان بلاغا مشتركا فيما يلي نصه :

استقبل السيد وزير الثقافة والاتصال، الأستاذ محمد الأعرج، وفدا عن التعاضدية الوطنية للفنانين يوم الأربعاء 16 غشت 2017، يتكون من السادة:
الحاج يونس/ رئيس التعاضدية، الحسين الشعبي/ نائب الرئيس، إبراهيم مصدق/ الكاتب العام، بوشعيب الراضي/ أمين المال؛ إدريس السبتي/ نائب أمين المال؛ ومحمد قاوتي/ المدير العام الرئيس المؤسس للتعاضدية..
في بداية اللقاء رحب السيد الوزير بوفد التعاضدية الوطنية للفنانين شاكرا لهم العمل الإنساني النبيل الذي يقومون به، منوها بما حققته التعاضدية من منجزات ومكاسب، مشيدا بطبيعة الشراكة التي تربط وزارة الثقافة والاتصال بالتعاضدية منذ تأسيسها إلى اليوم، معربا عن استعداد وزارته لتطوير هذه الشراكة وتنميتها وعزم الوزارة على مواصلة الدعم العمومي الذي تخصصه الوزارة بقطاعيها (الثقافة والاتصال).. بعد ذلك تناول الكلمة، باسم وفد التعاضدية، السيد رئيس التعاضدية الذي توجه في البداية بالشكر والتقدير للسيد الوزير على تفضله باقتبال وفد التعاضدية الوطنية للفنانين معربا له عن امتنان التعاضدية لما عبر عنه السيد الوزير من استعداد لتنمية وتطوير سبل التعاون والشراكة، ثم أعطى الكلمة للسيد المدير العام الذي أثنى بدوره على نوعية العلاقة الطيبة التي تربط بين الوزارة والتعاضدية في إطار من الشراكة الناجعة والنافعة، بعد ذلك تلا السيد المدير العام على مسامع السيد الوزير مذكرة إحاطة أعدها مكتب التعاضدية لتسليمها للسيد الوزير تعنى أساسا بـ “أمر آليات الخدمات الاجتماعية لفائدة فناني وتقنيي وإداريي الأعمال الفنية”.
وتناولت هذه المذكرة ثلاثة محاور كما يلي:
1 –   جرد كرونولوجي لمسارات التعاضدية الوطنية للفنانين منذ تأسيسها سنة 2008 إلى اليوم. وأهم منجزاتها وطبيعة أهدافها، وتوعية خدماتها وحصيلتها المالية معززة بالبيانات والأرقام الضرورية.

2 – مقاربة استشرافية لآفاق التعاضدية في علاقتها بمستجدات الوضع التشريعي بالبلاد لا سيما ما يتعلق بقانون الفنان والمهن الفنية، ومشروع التغطية الصحية لفائدة المهن الخاصة والمستقلة.. وتشمل هذه المقاربة:
أ‌-  تتبيث خدمات التغطية الصحية الأساسية للفنانين؛
ب‌-  تنويع الخدمات بخلق تغطية صحية تكميلية للفنانين؛
ج‌-   مشروع تأسيس وتمويل وتدبير صناديق التعاون المتبادل بخصوص أخطار الشيخوخة والزمانة والحوادث والوفيات لفائدة الفنانين وذويهم؛

3 –  النظر في إمكانية الرفع من قيمة الدعم العمومي الذي تخصصه الوزارة بقطاعيها للتعاضدية الوطنية للفنانين، بما في ذلك تخصيص دعم استثنائي مكرس لمشروع التغطية الصحية التكميلية للفنانين لمواكبة التحولات المقبلة.
بعد ذلك عبر السيد وزير الثقافة والاتصال عن شكره وامتنانه لوفد التعاضدية الذي أعد هذه المذكرة بمهنية عالية وبوضوح في المسعى والأهداف والوسائل، معربا عن استعداد وزارة الثقافة والاتصال للتجاوب الإيجابي مع الحاجيات المعبر عنها، والتفكير بجدية في إمكانية الرفع من الغلاف المالي المخصص لدعم التعاضدية الوطنية للفنانين وإعمال التفكير المشترك في إطار المقاربة التشاركية التي تنهجها الوزارة من أجل تتبيث وترسيخ آليات جديدة للحماية الاجتماعية للفنانين.. وتعهد السيد الوزير بعقد جلسات عمل لتدقيق واستكمال هذه المشاريع في غضون شهر شتنبر القادم.

فتح باب التقدم للمشاركة بالورش الفنية لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر و التجريبى

مجلة الفنون المسرحية

 فتح باب التقدم للمشاركة بالورش الفنية لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر و التجريبى

يعلن مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر و التجريبى عن فتح باب التقدم للمشاركة بالورش الفنية للمهرجان , ابتداء من اليوم السبت ١٨ أغسطس ، للتقدم يرجى ملء استمارة المشاركة على الرابط التالى:

و إعادة إرسالها على البريد الاليكترونى الخاص بالمهرجان workshopcifcet24@gmail.com
و ذلك فى موعد أقصاه الأثنين 4 سبتمبر ٢٠١٧
ملحوظة :
يجوز لكل راغب في المشاركة التقدم لورشتين كحد أقصى ، على أن تقوم إدارة المهرجان باختياره للمشاركة في ورشة واحدة فقط .



مهرجان القاهرة الدولي
للمسرح المعاصر والتجريبي
القاهرة سبتمبر ٢٠١٧

نموذج طلب مشاركة الورش الفنية

آخر موعد للتقدم 4 سبتمبر 2017

 

الاسم :

النوع:
تاريخ الميلاد:

العنوان :

الهاتف:

البريد الالكتروني:

الوظيفة :
المهارات اللغوية:
الخبرات السابقة فى مجال الورش المتقدم إليها :

- يرجى ذكر اسم الورشة المراد التقدم إليها:

-         ورشة جماليات التدفق " هيثم عاصم ألمانيا / مصر"
-          ورشة الاضاءة المسرحية " منى كنيعو - لبنان"
-          ورشة المسرح الوثائقى " دينيس بوتكس أمريكا"
-          ورشة دراسة المشهد " جيلز فورمان بريطانيا"
-          محاضرة فى الكتابة المسرحية " فيمى أوشيفسان – نيجيريا "
-          محاضرة فى الاخراج المسرحى " مين جين خواى الصين"
-          ورشة الموسيقى و الرقص المسرحى " نيكولاس كانتيللون سويسرا"
-          ورشة العيادة المسرحية " جبار خماط العراق"

الورش المراد التقدم إليها " بحد أقصى ورشتين"
1-
2-

ملحوظة :
-  ترسل الاستمارة و صورة حديثة فى موعد أقصاه 4 سيتمبر 2017  على البريد الاليكترونى:       
workshopcifcet24@gmail.com

-الورش مجانية، يجور لكل راغب فى المشاركة التقدم لورشتين كحد أقصى ، على أن تقوم إدارة المهرجان باختياره للمشاركة فى ورشة واحدة فقط.





فتح باب المشاركة في مهرجان " أجيال " الوطني للمسرح

الجمعة، 18 أغسطس 2017

النظرية الشعرية بين نص المؤلف ونص المخرج

مجلة الفنون المسرحية


النظرية الشعرية
بين نص المؤلف ونص المخرج

لبروزيين عبيد

إن الحديث عن الجدلية القائمة بين نص المؤلف الدرامي ونص المخرج المسرحي، هو في حقيقة الأمر، حديثٌ نسبيا، مقارنة بتاريخ المسرح العريق، لأن وظيفة المخرج لم تظهر إلا في القرن الثامن عشر مع الدوق ساكس منينجن، ومنذ ذلك الحين، أصبح المخرج يضطلع بدور كبير في تشكيل معالم العروض المسرحية، حيث يعبر عن تصوراته وتوجهاته في الرؤية الإخراجية التي تكوّن، عادة، رؤيته للعالم. 
وأمام المكانة المهمة التي أصبح المخرج يحظى بها في المسرح الحديث والمعاصر، ستقوم الدراسات المسرحية باستثمار السيميائيات في دراسة الجانب الفرجوي، أو ما يسمى بالنص الفرجوي، والمقصود عوالم الخشبة المسرحية وما تزخر به من رؤية إخراجية، وديكور، وسينوغرافيا، وإضاءة، وتمثيل. وهكذا أصبحت مكونات العرض المسرحي معطى للقراءة والتأويل، بعد أن كان النص الدرامي مركز العمل المسرحي، فانتقلنا من هيمنة خطاب المؤلف إلى هيمنة خطاب المخرج.
المسرح بهذا المعنى، فن أدبي وفرجوي بامتياز، لأنه يتكون من نص المؤلف ونص المخرج، أي الرؤية الإخراجية للعرض المسرحي، وبهذا يتم الانتقال من الخطاب الأدبي إلى خطاب الفرجة، أو من النص الدرامي إلى خطاب الركح، الذي يوظف علامات لغوية وغير لغوية des signe non verbaux لبناء معالم العمل المسرحي، ولكن هذا الانتقال الذي يرتبط بتنويع طرق التعبير، طرح إشكالات نقدية كثيرة، لأن نص المؤلف، باعتباره نصا أدبيا، تحكمه العديد من القواعد، والتي تتأطر تحت نظرية الأجناس الأدبية، فجمالية النص الدرامي ترتبط بمقومات الجنس أو النوع، والقصد بنيته التي تميزه عن باقي الأجناس الأدبية الأخرى، لذلك يمكن القول إن النص الدرامي، وبانتسابه إلى الأدب، لا يمكن تحديد مقوماته الجمالية إلا بربطه بنظرية الأدب، وبالتالي، سيصبح عمل الناقد المسرحي هو دراسة الأدبية أو الشعرية، وذلك بالتركيز على الخصائص النوعية التي تشكل فرادة المسرحية مثل الانزياحات اللغوية، وتوظيف الزمان والمكان، والشخصيات، والصراع الدرامي، والإرشادات المسرحية...إلخ، بينما يستدعي العرض المسرحي، تصورا شموليا يشكل قالبا يستحضر المؤلف والمخرج والممثل والسينوغراف، وكل هذا خاضع لتصور المخرج المسرحي، لأنه يتحكم في جميع مكونات العرض المسرحي، وهنا سينصب دور الناقد على مفهوم التمسرح Théâtralité، من خلال السيميائيات ونظرية التلقي، أو غيرها من المقاربات التي يمكن أن توظف لدراسة الفرجة المسرحية.
وليس الأمر بالبساطة التي قد يبدو عليه، بل إن اختلاف الوسائل العديدة في المسرح، أدت إلى صراع بين سلطة المؤلف وسلطة المخرج، فألفت العديد من الكتب لتوضيح دور كل منهما، غير أن ما يهمنا هنا، ليس رصد هذا الصراع، بل التركيز على جماليات النص الدرامي في علاقته بشعرية العرض المسرحي، وهو الذي يعكس رؤى مختلفة، تبتدئ برؤيا المؤلف وتنتهي برؤيا المخرج، لذلك، فهما يتكاملان في تشكيل العمل المسرحي، وإن كان هذا لا يعني أن كلا منهما لم يستطع تحقيق استقلاليته الخاصة. وإجمالا، إن شعرية النص الدرامي، كنتاج خالص للمؤلف، يحتكم إلى الخصائص المميزة لهذا النوع الأدبي، وبالتالي فإن جماليته، ترتبط ببنيته، وشكله العام، وطريقة مقاربته، بينما يرتبط العرض بمؤثثات الركح في علاقته بالنظريات المسرحية. 
إن الفصل بين النص الدرامي والعرض المسرحي، أو بين نص المؤلف والمخرج، هو من بين المزالق الكبيرة التي وقع فيها المسرح الحديث والمعاصر، ذلك أن كلا منهما يكمّل الآخر، فكل قارئ لأي عمل أدبي، يعد مخرجا بالضرورة، لأنه يستعمل خياله لتأويل الرموز اللغوية ليبين أفكار النص، فيرسم في أخيلته، ما يتوهم أنه يقرأه، وبالتالي فكل مؤلف مخرج وكل مخرج مؤلف بعديّ.
إن اعتبار النص الدرامي نصا أدبيا، يجعله يحتكم لشروط النتاج الأدبي، وإلى تطور النظريات الأدبية والمناهج النقدية، منذ الشكلانيين الروس إلى ما بعد البنيوية، وهذا يجعلنا نعود إلى ياكوبسون الذي يعتبر الأدبية بأنها هي "التي تجعل من إنتاج ما إنتاجا أدبيا" ، وهذا يعني مراعاة عناصر المسرحية ذات الخصائص الأدبية، وذلك بالتركيز على الانزياحات اللغوية، وبنية النص الدرامي (الشخصيات، الزمان المكان، الصراع...)، وطريقة توظيف هذه العناصر هي التي تجعل النص الدرامي إنتاجا أدبيا.
والعناية بهذه العناصر الأدبية، أيضا، من طرف النقاد والدارسين للمسرح، جعل المؤلف يهيمن –ردحا طويلا من الزمن- على العمل المسرحي ككل، قبل أن نصل إلى عصر سماه رولان بارت في إحدى مقالاته بعصر الصورة، حيث هيمنت الوسائل البصرية على المجتمعات الحديثة، وأصبحت وسيلة للمعرفة، وشكلت وعي الإنسان بنفسه وبالواقع، لذلك، يعد البصريّ والمشاهد من سيمات العصر الحديث، خصوصا بعد توالي ظهور النظريات الأدبية، ومن هنا أصبح المسرح يولي عناية خاصة بالجوانب البصرية في العروض، حيث دخل عوالم التجريب لتظهر سلطة المخرج من جديد، وما أقصده بسلطة المخرج، هو دوره في رسم معالم العرض المسرحي، وليست السلطة بمعنى السيطرة والهيمنة. وحتى الذين يتحدثون عن الصراع في المسرح، هم في حقيقة الأمر، لا يميزون بين التأليف والإخراج بكونهما مهنة، وبين كونهما إبداعا يستقل كل واحد عن الاخر بطرائق التعبير، وانتساب الأول إلى نظرية الأدب والثاني إلى نظرية الفرجة. 
 تقوم حقيقة الصراع بين المؤلف والمخرج عندما قام هذا الأخير بتقليص الملفوظ الحواري على خشبة المسرح، واعتنى بالجماليات البصرية من خلال تجريب طرق جديدة في التعبير، تعتمد بالأساس على توظيف التكنولوجيا والاكتشافات العلمية، وهكذا "نخلص إلى أن التجريب في المسرح الغربي كان هو أسلوب البحث عن حداثة مسرحية تبتعد عن السلطة الأحادية للنص، وترتمي في أحضان جمالية فضائية" .
لقد فتح التجريب افاقا واسعة للمخرج ليبني رؤيته الجمالية على مكونات بصرية، واتسع دوره ليتجاوز الترجمة الحرفية للنص الدرامي، بل أصبحت اللغة الملفوظة فوق خشبة المسرح تتراجع عن مكانتها الرئيسة، وتقلصت هيمنتها الطويلة في المسرح الكلاسيكي، حيث ظهر مايرخولد وكروتوفسكي وأرطو وغيرهم، يدعون إلى اعتماد لغة الجسد والتركيز على اللغة البصرية، خصوصا بعد تأثرهم بالمسرح الشرقي فـ"لإيجاد التأثير الذي كان يرغب فيه أرتو، سعي إلى لغة مسرحية تقوم أولا على الحركة والصوت، وهو بالنسبة لفكرته عن الحركة يدين بالفضل إلى إدراكه لكنه المسرح الشرقي" .
لقد استطاعت التجارب المسرحية الحديثة والمعاصرة، الحد من سلطة المؤلف، بل جعلت أمثال رينيه ويليك، وأوستن وارين في كتابهما "نظرية الأدب" يقران على أن "المسرحية مازالت كما كانت بين الإغريق فنا مختلطا، أدبيا بشكل مركزي ولا شك، لكنه يشتبك أيضا بالعرض يستفيد من مهارة الممثل والمخرج وصانع الأزياء ومهندس الكهرباء"  وهكذا كان المسرح فنا مختلطا باحتوائه أجناسا أدبية مختلفة، وأشكالا فرجوية متعددة. إن النص الدرامي بهذا المعنى، نص مسرحي بامتياز، أي أنه نص أدبي وفرجوي، وهذا يعني أنه فن مختلط، حيث يحتوي على خصائص أدبية وفرجوية في الان نفسه، وكل تصور حول الظاهرة المسرحية يستبعد جانبا من هذه الجوانب يعد تصورا ناقصا.
إن الخروج من هذا المأزق، يستوجب إقامة تصور شامل حول الظاهرة المسرحية باستحضار أبعادها المتعددة، وهو ما نلمسه، حتى الآن على الأقل، في النظرية الشعرية باعتبارها نظرية عامة للأدب والفرجة، وهي قادرة على أن تكشف الخصائص الجمالية والفنية لخطاب المؤلف والمخرج معا، لأن ما يهمنا هنا، ليس رصد الصراع التاريخي بينهما، وهيمنة خطاب على آخر، بقدر ما نصبو إلى الوقوف عند الخصائص النوعية لكل منهما.
تثير النظرية الشعرية العديد من الإشكالات الإبستيمية والإيتيمولوجية، الأولى تتعلق بتاريخ الأدب والفرجة، وما حققاه من تراكم كمي، والثانية ترتبط بالأصل اللسني للكلمة، فهو بمعنى من المعاني، يبحث عن مميزات وخصوصيات الخطاب الأدبي والفرجوي على حد سواء. لكن المسرح - ولكونه فنا بصريا بامتياز- يحتوي في بنيته التعبيرية المركبة أكثر من خطاب، يتجاوز من خلاله النص الدرامي إلى العلامات الركحية التي تشكل العمل المسرحي، وهذا ما يجعل من الشعرية نظرية قادرة على استنطاق النص والعرض على ضوء المناهج النقدية الحديثة.
والشعرية في علاقتها بالمسرح، لا بد لها من رصد الخصائص الفنية للنص الدرامي، الأمر الذي لا يتحقق إلا من خلال وضعه في سياق تطور نظرية الأدب، والوظائف التي تحكمه، فهو يضطلع "بثلاث وظائف: وظيفة درامية، وظيفة شعرية، وظيفة تواصلية، بالنسبة للوظيفة الدرامية، إن النص المسرحي هو أولا الذي يحمل الفعل  l’actionوأحيانا يفسره. إن الحوار محمل بمعلومات واضحة أو مضمرة تتعلق بجريان الفعل أو الحدث. لكن –هذه الوظيفة الثانية- للنص المسرحي وظيفة شعرية، ذلك أنه يستعمل مثل أي نص أدبي، كل الحيل أو المهارات الكتابية، استعارات Métaphores كتابات   Métonymies وهو بذلك يستجيب لغاية جمالية" . 
إن هذه الوظائف الثلاث، هي التي تجعل النص الدرامي نصا أدبيا قابلا للدراسة الأدبية، ولكن التركيز على الوظيفة الثانية، أي الوظيفة الشعرية، تجعل الشعرية قادرة على رصد المقولات الجمالية للنص الدرامي. أما بالنسبة للعرض، فإن الشعرية تركز على دراسة العلامات غير اللغوية من قبيل الحركات والإيماءات والديكور والإضاءة وغيرها من العناصر الركحية الأخرى. 


«لا بيرل» عرض ترفيهي يفوق بجمالياته الخيال ..الدهشة والإبهار في تفاصيل سينوغرافيا الإضاءة والحركة والأداء

مجلة الفنون المسرحية

«لا بيرل» عرض ترفيهي يفوق بجمالياته الخيال ..الدهشة والإبهار في تفاصيل سينوغرافيا الإضاءة والحركة والأداء

رشا المالح - البيان

عاش الإعلاميون والمعنيون بفنون الأداء والموسيقى والمسرح أول أمس، في عالم مبهر من الجماليات التي حلقت بهم إلى عوالم تفوق الخيال من خلال عدد من مشاهد عرض مسرح «لا بيرل» العالمي الجديد في فندق «دبليو» بمجمع الحبتور سيتي قبالة «قناة دبي المائية».

وتبدأ لحظات الإبهار لدى الوصول إلى المدخل الخارجي للمسرح الأشبه بشاشة ضخمة تعرض مقتطفات من العرض، ما يوحي للزائر كما لو أنه في مدينة «لاس فيغاس» المشعة بالأنوار البديعة.

جمالية المكان

وبعد طول انتظار، دخل الحضور قاعة المسرح التي أنستهم عالمهم الخارجي بجمال تصميمها الذي تتوسطه بركة مياه تحيط بها أرضية مزينة بالزخارف وجدران متعددة الشرفات بزاوية 270 درجة، وتختلف عن المفهوم التقليدي في تصميمها، حيث يتوسط المسرح الذي يحيط به الجمهور بمنسوب أعلى وبشكل دائري، ليتوزع 1.300 مقعد على 14 صفا. وليشكل قرب الصفوف جزءاً من متعة المشاهدة والتفاعل عن قرب مع العرض.

وسبق تقديم فقرات من العرض، كلمة المخرج العالمي «فرانكو دراغون» الذي قدم عروضاً عالمية لسنوات على مسارح لاس فيغاس. واستهل كلمته بالتعبير عن إعجابه بحماس القائمين على المشروع من مجموعة الحبتور وحرصهم على ريادة دبي في تقديم الأجمل والأفضل على المستوى العالمي. وتحدث بعدها عن أهمية دور العروض الترفيهية التي تنسي المشاهد العالم الخارجي وهمومه إلى حين، ليعيش في حلم جميل يمنحه التجدد والحيوية.

حالة ذهول

وما إن بدأ العرض حتى هيمنت على الحضور حالة من الذهول بين جمالية سينوغرافيا الإضاءة وما تعرضه الشاشات عن عوالم الكرة الأرضية والموسيقى، ليتوج ذهولهم بشلالات المياه التي كانت تتدفق من أعلى جدار المسرح وبمستويات مختلفة لتفيض بركة السباحة وتغمر المياه أرضية المسرح المشعة ببريق تشكيلات الإضاءة.

تشكيلات فنية

وما إن تتشبع النفس بجماليات المشهد حتى تنزل من السقف أعمدة مضيئة تأخذ المجاميع التي تشكل جزءاً من فريق مسرح الحياة إلى الأعلى على أنغام موسيقى هادئة تتسارع وتيرتها بنزول مجموعة جديدة من الأعلى لتؤدي حركات بهلوانية وبتشكيلات فنية في فضاء المكان لترتفع بقفزاتها إلى الأعلى بمسافة 25 متراً ونزولا إلى المسرح لتتراشق قطرات المياه من حولهم، ولتختتم الفقرات بقفزهم في بركة السباحة وخروجهم بتشكيل فني جمع أعضاء الفريق الذين قابلهم الحضور بتصفيق حماسي.

خصوصية

تتجاوز عروض «لا بيرل» الترفيهية على مدار العام 450 عرضاً، وقاعة المسرح مجهزة بأحدث التقنيات المبتكرة. وتتجلى خصوصية تجهيزات المسرح في استيعابه 2.7 مليون ليتر من المياه، والتحول بلمح البصر من منصة العرض إلى بركة. علماً أن العروض تبدأ من أول شهر سبتمبر المقبل بواقع عرضين في معظم الأيام.


نقاد: "ترام الرمل" مسرحية غير تقليدية تمزج الشعر بالمسرح وتحتفي بالمكان والقضايا المعاصرة

الخميس، 17 أغسطس 2017

مسرحيات صلاح عبد الصبور الشعرية..(حدود الريادة والكم الشعري..)

مجلة الفنون المسرحية

مسرحيات صلاح عبد الصبور الشعرية..(حدود الريادة والكم الشعري..)


ريسان الخزعلي - ملاحق المدى 

لم يلتفت  الشعراء الرواد في العراق (السياب، نازك الملائكة، عبد الوهاب البياتي،  بلند الحيدري) الى كتابة المسرحية الشعرية لاسباب يبررها الانشغال في موضوع  التجديد الذي شكلوا علاماته الاساسية، ومع تصاعد زخم اندفاعهم الشعري  المعروف لم يتوفر أي منهم على كتابة مسرحية شعرية خالصة..الا ان اهتماماً  لاحقاً قد حصل...حيث كتب البياتي (محاكمة في نيسابور)


 غير ان هذه المسرحية لم تكن ذات بناء درامي ملموس، كما حصل في النسيج الشعري عند بلند الحيدري وذلك باعتماد تنويعات درامية في بعض قصائد (اغاني الحارس المتعب) وبوضوح كمي/ فني في (حوار عبر الابعاد الثلاثة)..ومثل هذه الاشتغالات لم تؤشر اتجاهاً في كتابة مسرحية شعرية عراقية وبقيت في حدودها المتحققة.
ومن شعراء الجيل اللاحق للرواد.. اهتم الشاعر (سعدي يوسف) في كتابة المسرحية الشعرية وبمساحة ضيقة تقع ضمن مجاميعه الشعرية (قصائد مرئية، نهايات الشمال الافريقي) وغيرها. وللشاعر (خالد الشواف) اسهاماته المعروفة في هذا المجال غير انها لم تكن ذات فاعلية فنية مؤثرة تكسبها التوصيف الدرامي الكامل.و كما ان شعراء عراقيين من الاجيال اللاحقة قد كتبوا في المسرح الشعري وعلى فترات متباعدة غير ان هذه الكتابات ظلت هي الاخرى في حدودها المتحققة ولم تشر الى اتجاه واضح لاسباب متعددة منها..تجريبية المحاولات وتشعب عناصر التأسيس الفني المتشكلة من مدرسيات ومنهجيات مختلفة، اضافة لابتعاد المخرجين المسرحيين العراقيين عن اظهار هذه المحاولات على منصات المسرح لاسباب مجهولة وغامضة، لا نعرف عنها شيئاً البتة!
ومن الشعراء العرب في كتابة المسرحية الشعرية الخالصة..هناك تجربة الشاعر يوسف الخال في مسرحية (هيروديا) وهي تجربة فنية متميزة..حيث كتبت عام 1954 باستعادة تاريخية معروفة الجذور، كما ان تجارب الشاعر (ادونيس) في كتابه (المسرح والمرايا) هي الاخرى تشكل استدراكاً اضافياً نوعياً في كتابة المسرحية الشعرية الخالصة وللعديد من الشعراء العرب اسهامات متنوعة في هذا الحقل الابداعي غير ان اياً منهم لم يتواصل في تأسيس مشروعه، وبقيت المحاولات تراوح في انتشار محدود..حيث سرعان ما يعود الشاعر الى هاجسه الشعري الألصق بتجربته ويعتد بأن (القصيدة) هي الرهان الاكيد في مضمار الكتابة الشعرية.
غير ان اهتمام الشاعر (صلاح عبد الصبور) كان هو الاوضح والارسخ في تاسيس كتابة مسرحية شعرية وبانفرادات فنية وجمالية وسمت تجربته التي اضاء حدودها في كتابه (حياتي في الشعر)... ويمكن تلمس هذا الرسوخ حتى في الرنين الايقاعي لعبارة (حياتي في الشعر) وليس حياتي مع الشعر.
ان مسرحيات صلاح عبد الصبور تقوم على فهم متجذر لفاعلية وجدوى المسرح في الشعر والحياة، وليس تنويعاً آنياً في الكتابة الشعرية.. وهكذا تنوع (الصراع) ايضاً في مسرحياته بحيث لم يعد هنالك تشابهاً مكروراً في طبيعة الصراع من مسرحية الى اخرى...، وحتى قراءة الشاعر عبد الصبور للشعر العربي القديم قد جاءت قراءة مسرحية هي الاخرى في كتابه (قراءة جديدة لشعرنا القديم) وعلى خلاف مع الكثير من القراءات الشعرية. ان الالتفات لكتابة المسرحية الشعرية قد جاء مبكراً وبتواز مع الاصدار الشعري.. حيث اصدر الشاعر مجموعته الشعرية الاولى عام 1957 ومسرحيته الشعرية الاولى (مأساة الحلاج) عام 1964 ثم توالت الاصدارات بالتناوب كما سنوضحها احصائياً في الفقرات اللاحقة للتدليل على جذور في كتابة المسرحية الشعرية الخالصة على مستوى الكم والنوع وتراجع في (الكم) الشعري مقارنة بما يليه حيث انتصفت الكتابة المسرحية نشاطه الشعري وشغلته بهم فني-درامي شعري- يكمل التجربة الشعرية كوحدة متجانسة وليس تنويعاً لاحقاً يقترن بصفة الاضافة التكميلية.

صلاح عبد الصبور..المجاميع الشعرية..
1- الناس في بلادي.. 1957م.
2- اقول لكم...1961م.
3- احلام الفارس القديم..1964م.
4- تأملات في زمن جريح...1970م.
5- شجر الليل...1973م.
6- الابحار في الذاكرة...1980م.

صلاح عبد الصبور..المسرحيات الشعرية,,,
1- مأساة الحلاج...1964م.
2- مسافر ليل...1970م.
3- الاميرة تنتظر...1970م.
4- ليلى والمجنون...1971م.
5- بعد ان يموت الملك...1972م.

ويتحليل احصائي نستطيع تلمس (كثافة) كتابة المسرحية الشعرية مقارنة بكثافة كتابة المجموعة الشعرية لنجد الترابط الابداعي-رغم الانتصاف الذي اشرت اليه- في فهم الشاعر صلاح عبد الصبور المتناوب بين كتابة الشعر والمسرحية الشعرية على حد سواء.

ان مثل هذا التحليل نجده مبرراً كافياً لوصف تجربة عبد الصبور بالريادة في المسرح الشعري العربي بعد اضافة العناصر الفنية (الجمالية) وتنوع الصراع في مجمل ابداعه في المسرح الشعري..فمن (ماساة الحلاج) ودراميتها المتحققة اساساً في التاريخ وقد اضفى عليها الكثير شعرياً الى الاخريات (مسافر ليل، ليلى والمجنون، الاميرة تنتظر، بعد ان يموت الملك)، حيث يكون التأمل الشعري -الدرامي (صفة عالية) في الوجود ومصير الانسان المجهول، برع عبد الصبور في تأسيس كتابة مسرحية شعرية مثلت تفرده وانفراده في هذا الابداع.

ان (الدراما) وبإضافة نوعية وادراك فني تتسلل الى معظم قصائد الشاعر عبد الصبور التي تقيم تاسيسها على الحوار، وتعدد الاصوات، مما يجعل الانتباه جازماً بان المسرح الشعري لب (القضية) التي تشغل الشاعر في تأكيد خصوصيته الابداعية. وبذلك تكون مسرحيات هذا الشاعر بين حدود الريادة والكم الشعري اشارة عالية التردد في الشعرية العربية وبأطياف متسقة الالوان، يشع فيها المسرحي والشعري..ولنكرر قوله..(ويبدو جسمها الذهبي متكئاً على الصحراء، يكون الشاهدان عليكما، النجم والانداء، ويبقى الحب للاباء موصولاً).

انه المسرح..انه الحياة..انه الحب الموصول بين ماضي تحقق وحاضر يطمح في ان يتحقق ومستقبل في نية ان يقدم نفسه ممسرحاً...هكذا عللت الوجود مسرحياً..يا صلاح!!

الإعلان عن الأبحاث المشاركة في المؤتمر الفكري لمهرجان المسرح العربي الدورة العاشرة سيتم نهاية شهر أغسطس الحالي

مجلة الفنون المسرحية

الإعلان عن الأبحاث المشاركة في المؤتمر الفكري لمهرجان المسرح العربي الدورة العاشرة سيتم نهاية شهر أغسطس الحالي


أعلنت الهيئة العربية للمسرح بأن الأبحاث المشاركة في المؤتمر الفكري لمهرجان المسرح العربي الدورة العاشرة والتي ستقام في تونس 10- 16يناير 2018
سيتم نهاية شهر أغسطس الحالي .

قابيل وهابيل في عمان

مجلة الفنون المسرحية

قابيل وهابيل في عمان

عواد علي - العرب 


'القبو' عرض مسرحي تشيلي يروي قصة أسرة تقرر العزلة عن المجتمع والحياة المعاصرة طيلة ألف يوم.

تستحضر مسرحية “القبو”، لفرقة كيوربولمايت التشيلية، التي حصلت على جائزة أفضل عرض مسرحي متكامل في مهرجان المسرح الحر في الأردن، قصة “قابيل وهابيل” بمقاربة درامية معاصرة ذات منحى بصري يقوم على الأداء الجسدي، مستغنية عن الحوار إلا في الحدود الدنيا. وسبق للعرض الذي أداه كل من مايرا كاودرا وبنجامين جورونو وبابلو جويرا وباولا هوفمان وكارلوس سانشيز أن قُدّم في الدورة الثالثة والعشرين لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي العام الماضي.

تمثّل شخصيات العرض أسرة محافظة مؤلَّفة من أم وأب وأبنائهما الثلاثة (ولدان وصبية). يشعر الوالدان بالخيبة من البيئة التي يعيشان فيها وعدم قدرتهما على مسايرة قيمها، فيقرران الانعزال عن المجتمع بالانتقال إلى قبو محصن لتعيش فيه الأسرة حياة أفضل بعيدا عن المجتمع طوال ألف يوم. لكن مخرجة العرض باولا كالديرون افتتحت العرض بمشهد ثابت يستمر بضع دقائق تظهر فيه الشخصيات الخمس مرتدية كمامات وألبسة واقية من الغازات يوحي للمتلقين أن الأسرة لجأت إلى القبو هربا من كارثة أقرب ما تكون إلى ضربة كيميائية تعرضت لها المدينة. ثم يتضح أن ذلك المشهد كان كناية عن الوباء الأخلاقي الذي أصاب المجتمع من وجهة نظر الوالدين اللذين لا يشير العرض إلى سبب تزمتهما الأخلاقي وقد يُعزى إلى دافع ديني (بيوريتاني).

الوالدان داخل القبو يسيطران على أبنائهما ويتحكمان في كل صغيرة وكبيرة من عاداتهم وطبائعهم الشخصية، مثل طريقة الأكل والنوم والاستيقاظ وغسل الأسنان. وبينما يستغرق الأب في قراءة جريدة قديمة تنهمك الأم بتفاصيل الحياة اليومية في القبو على نحو مبالغ فيه تعويضا عن حرمانها من التعبير عن مشاعرها
يسيطر الوالدان داخل القبو على أبنائهما ويتحكمان في كل صغيرة وكبيرة من عاداتهم وطبائعهم الشخصية، مثل طريقة الأكل والنوم والاستيقاظ وغسل الأسنان. وبينما يستغرق الأب في قراءة جريدة قديمة تنهمك الأم بتفاصيل الحياة اليومية في القبو على نحو مبالغ فيه تعويضا عن حرمانها من التعبير عن مشاعرها.

كلاهما تغمره برودة عاطفية وجنسية، وحينما يحاولان أن يلتقيا جسدياً يضيق بهما المكان ويخشيان من رؤية الأبناء لهما أثناء الليل حتى وهما ينتحيان ركنا معزولا في المستوى العلوي المكشوف عند مدخل القبو.

وبمرور الوقت الطويل ينتاب الأبناء الملل من رتابة أيامهم المتشابهة في القبو ويُصابون باضطراب نفسي وتصبح حياتهم لا تطاق، فيسلكون سلوكات غريبة تزعزع استقرار الأسرة وتثير حفيظة الوالدين اللذين كان جل همهما الحيلولة دون انجراف أبنائهما مع أخلاق البيئة التي أدارا ظهرهما لها، فإذا بهم يسيرون في مجراها وكأنها طبع غريزي وليست “مفهوما” اجتماعيا متغيّرا أو سلوكا مكتسبا، حيث تنشأ علاقة حب محرّمة بين أحد الشقيقين وشقيقته من جراء الكبت والعزلة المفروضة التي توقظ الجنون وينتج عنها تفسخ يصعب السيطرة عليه.

وهي إشارة إلى أن الأُسر المنغلقة تعزز هذه العلاقة المتأججة في أعماق اللاشعور، ذلك لأن الفرد لا يجد إشباعا لعاطفته ورغبته الدفينة خارجيا، فيلجأ إلى داخل الأسرة. وتفتح هذه العلاقة الباب لدورة جديدة من الحياة تملأها الفوضى والصراع بين الشقيقين وشقيقتهما من جهة، وبينهما وبين الأب والأم من جهة أخرى.

لكن الشقيق يتزوج من شقيقته بعد موت الشقيق الثاني خلال الصراع ويأخذان دور الأب والأم في “القبو”. وفي ذلك استعارة رمزية للصراع بين “قابيل” و”هابيل” الذي يُعدّ تمثيلا للصراع التاريخي بين الحالة البدائيّة الغريزيّة للإنسان والنظم الأخلاقيّة والدينيّة التي تكوّنت في مرحلة التحول إلى الحضارة وسعت لتأطير هذه الحالة والسيطرة عليها.

شكّلت المخرجة باولا كالديرون فضاء العرض بسينوغرافيا ذات مستويين علوي يمثّل مدخل القبو المسيّج في عمق المسرح وسفلي يمثّل أرضية القبو التي تحتل وسط المسرح، ويوصل بينهما درج خشبي، وثمة طاولة في مقدمة المسرح. واكتفت باستخدام إكسسوارات بسيطة مثل الصحون والحقائب الحافظة للطعام وسطل صغير.

وتمكنت من توظيف هذا الفضاء توظيفا مبهرا حركت فيه الممثلين بأداء جسدي بليغ في إيماءاته وتنوعه وإيقاعه المنضبط وهدوئه وتناغمه ورشاقته حتى في لحظات الصراع المتأججة داخليا من دون أيّ توتر أو انفعال خارجي. وقد دعمت هذا الأداء المدهش إضاءة وموسيقى جمعتا بين المنحى الجمالي والدلالي المعبّر عن الجو الخانق الذي ينزع الإنسان من فطرته السليمة ويرغمه على تكوين علاقات مشوهة.


المسرح الجامعي العربي يشكو نخبويته المفرطة

مجلة الفنون المسرحية



    المسرح الجامعي العربي يشكو نخبويته المفرطة

     فيصل عبدالحسن  - العرب 



    منذ سنوات والنقاش يدور بين المهتمين حول أسباب انحسار الجمهور العربي عن ارتياد المسارح في الوطن العربي، وأرجعوا هذا التدهور في العلاقة بين الجمهور والمسرح إلى افتقار العديد من المدارس في الوطن العربي إلى مسرح مدرسي، والمعروف أنّ المسرح المدرسي يربي الأجيال الجديدة على حب المسرح، ويخلق ثقافة مسرحية لديهم، ويهيئ مواهب غضة تتبوأ في المستقبل خشبات المسارح لتقدم إبداعها المسرحي، فهل يعبّر هذا المسرح عن هموم الشارع العربي؟

    أزمة حرية ونص بالضرورة

    من أشد المعضلات التي يواجهها مسرح اليوم في الوطن العربي تخلف المسرح الجامعي الذي يعد الحصيلة النهائية لما يقدمه المسرح المدرسي من مواهب للجامعات المختلفة، “العرب” استطلعت رأي بعض المثقفين والمسرحيين العرب حول أهمية المسرح الجامعي من عدمها في وقتنا الراهن، ومدى قربه أو ابتعاده عن مشاغل الناس.

    وهنا يقول الباحث والمخرج المسرحي العراقي حسن السوداني المقيم في السويد حول هذا “تخيلوا معي! هنا في أُوروبا حيث أعيش أدير الرأس بين البناء والإنسان، فأجد تناسقا عجيبا، فالحرص على الشارع والحائط والحديقة وعلى التمثال واللوحة لا يحدّه حدّ، وأتساءل كيف وصلوا إلى هذا الإتقان في التطور الأنيق؟ فيتردد قول جوليان هلتون في رأسي: قام رجال الكنيسة في العصور الوسطى بدعم مسرحيات الأسرار والأخلاق كوسيلة لإدماج رسالة الكتاب المقدس، ولهذا السبب احتل النشاط المسرحي المدرسي مكانا رئيسيا في مناهج التعليم في عصر النهضة”.

    ويضيف حسن “وتخيلوا معي أيضا كم سامي عبدالحميد ويوسف العاني وبدري حسون فريد وجواد سليم وفائق حسن وكاظم حيدر وفاضل خليل وعزيز خيون ومحمود أبوالعباس.. إلخ بين طلبة جامعتنا اليوم يبحثون عن فرصة، ليكونوا نجوما في سماواتنا الإبداعية، تخيلوا معي كم نقتل سنويا من تلك المواهب في جامعاتنا، ولا نوفر لها الفرصة للسطوع، المسرح الجامعي هو عجلة قيادة السفينة التي تحدد مسارات الجمال، وتعبر به إلى شاطئ التحضر، وإذا بقي المسرح العربي من دون أن يرفد بأجيال جديدة، فموته مسألة وقت فقط”.


    الفرجة الإلكترونية

    يشير عبدالوهاب الرامي، أستاذ في المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، إلى أسباب أخرى، فيقول “يشكو المسرح العربي عامة من مزاحمة وسائل الاتصال الجماهيرية الجديدة، باعتباره الشكل التقليدي لفنون التجسيد، والتشخيص والرواية، وما يمكن ملاحظته هو أنّ المسرح، بكل صنوفه، لم ينغرس في ثقافة المواطنين قبل أن تزحف عليه الأشكال الجديدة للفرجة الإلكترونية، والمسرح ليس فنا للفرجة فقط، بل هو من مقومات تربية النشء، خاصة أنّه يتيح على مستوى المدرسة والجامعة الارتقاء بآليات التعبير، وتحقيق الذات المنشغلة بهواجس المجتمع والحياة عامة”.


    جمال أمين الحسيني: بعودة مسرح الشارع يذهب المسرح إلى الجمهور، وليس العكس
    ويستطرد الرامي “وما دامت المدرسة في الدول العربية لا تهتم بالفن المسرحي كوعاء تعبيري، تماما كما هو الحال بالنسبة للموسيقى والرقص والرسم والرياضة، فإنّ المواطن لن يعبأ في ما بعد بأبي الفنون، لوجود بدائل تغنيه عن الاستمتاع بحميمية الفرجة المباشرة على الخشبة، ويمكن للمسرح الجامعي أن يشكل حلقة وسيطة لإعادة الاعتبار لهذا الفن الراسخ في القدم، لكن على أساس أن يكون جاذبا لعدد كبير من المبدعين الطلاب وغير الطلاب، وذلك من خلال شراكات متعددة”.


    أزمة جمهور

    تحدث الباحث الفني والمخرج السينمائي العراقي جمال أمين الحسيني، المقيم ببريطانيا، عن الوجه الآخر لمشاكل المسرح العربي فقال  “المسرح الجامعي ونوادي السينما يعتبران، وباقي الفنون من أهم وسائل التنوير في المجتمع، لما تتوفر عليه هذه الفنون من ثقافة ضرورية للطلبة الدارسين للعلوم والآداب، والجامعات من أهم الأماكن التي يجب أن تتوفر بها الفرق المسرحية ونوادي السينما، لأسباب مهمة جدا، لعل أهمها الجانب المعرفي، ولما تخلقه من متعة لمتابعيها”.

    ويضيف جمال “إنّ إيجاد الفرق المسرحية ونوادي السينما يساعد على إيجاد عرف اجتماعي، وهو الذهاب إلى المسرح والسينما، والتعوّد على اقتطاع وقت من حياة الشاب كي يذهب إلى المسرح والسينما، فالذهاب إلى السينما والمسرح يحتاج وقتا، وتوفر هذه العروض في قاعات الجامعة قريبا من مختبرات العلم يعطي دفعة نفسية ومتعة بصرية تساعد الطالب على التخلص من الضغط النفسي الذي يمر به. والسينما والمسرح من الفنون الشعبية نظرا لسحرهما وتأثيرهما المباشر على المتلقي، ويبدو أنّه في الدول العربية، عدا مصر، أصبح المسرح يقدّم إلى جمهور نخبوي، وهذا ضد المراد.. أنا أدعو إلى عودة مسرح الشارع والمقهى والمسرح الفقير كي نتمكن من إرجاع الجمهور إلى المسرح، ولكن بطريقة عكسية؛ أن يذهب المسرح إلى الجمهور، ولا يبقى أسيرا لقاعات العروض النخبوية، كما أنّ وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت لا يقللان من أهمية وجود دور العرض السينمائي والمسرحي”.

    وقال الناقد الفني المغربي عبدالله الشاهد ” موضحا الجانب السياسي في الموضوع “يبقى المسرح الجامعي أحد الأنماط المسرحية التي لم تنل حظها من الاهتمام التحليلي والنقدي في عالمنا العربي، ولعل هذا الإجحاف إن صح التعبير ليس راجعا إلى ضعف هذا اللون الإبداعي الذي ظل حاضرا بالجامعات العربية، مشكلا أحد مصادر إشعاعها الثقافي والفني، حيث ازدهرت هذه الحركة المسرحية في المشرق العربي خلال ستينات القرن الماضي، وكان القطاع الطلابي بمثابة الفئة العريضة لجمهور هذا المسرح الذي كان آلية من آليات محاكمة الوضع السياسي والاجتماعي العربي، مما جعله محط أنظار الأجهزة الأمنية، وظهور عدة محاولات لتحجيم المسرح الجامعي من النواحي الفنية والتربوية المحضة في محاولة لجعله نسخة من المسرح المدرسي”.


    عبدالله الشاهد: أزمة المسرح الجامعي، هي جزء من أزمة المسرح العربي بشكل عام
    ويضيف الناقد الفني عبدالله الشاهد “لعل أزمة المسرح الجامعي جزء من أزمة المسرح العربي بشكل عام، إنّها أزمة حرية أولا ونص بالضرورة، وأخيرا أزمة جمهور ارتمى في أحضان الجرعات السريعة التي يوفرها التلفون والهاتف الذكي، مما أدى إلى ظهور أجيال جديدة بعيدة عن الطقوس الفنية والثقافية للزمن الستيني الجميل، حيث كانت المسارح قبلة النخب المثقفة والناس البسطاء معا”.

    وتذكر الفنانة المغربية سناء الإدريسي (21 سنة)، وهي ممثلة في المسرح الجامعي، أن “فرص الموهوبين في المعاهد والجامعات العربية والمغربية محدودة بمناسبات محددة، منها حفلات التخرج السنوي”.

    وتستطرد الإدريسي “للأسف، لا يتم تدريب الموهوب بالتمثيل أو الإخراج أو الإضاءة والسينوغرافيا أو المؤثرات الصوتية تدريبا مهنيا، بل يقوم الموهوب بتعليم نفسه بنفسه، وهذا بالطبع يؤثر على عطائه”.

    وتضيف سناء “هذه المسرحيات تجد فيها الخلط بين مدارس مسرحية لا يمكن أن تتفق في عرض واحد كمسرح العبث ليوجين يونسكو والمسرح الملحمي البريختي، وكل هذا الخلط ناشئ للأسف من عدم خبرة الفنان الجامعي، وقراءاته المشوشة لمختلف المدارس المسرحية، وهذا ما تراه يظهر واضحا في العروض المسرحية بمعظم الجامعات والمعاهد المغربية، فهجر الجمهور المسرح”.

    تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption