أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأربعاء، 13 يونيو 2018

بهدف إحياء التراث : ناشئة الشارقة يتدربون على الارتجال ومسرحة الحكاية الشعبية

مجلة الفنون المسرحية

بهدف إحياء التراث : ناشئة الشارقة يتدربون على الارتجال ومسرحة الحكاية الشعبية

   سامح بدر


بدأت في مركز ناشئة خورفكان فعاليات ورشة "الارتجال ومسرحة القصص والحكايات الشعبية"، التي يقدمها المخرج والممثل المسرحي الفنان هامي بكار، لمنتسبي مراكز  ناشئة الشارقة في المنطقة الشرقية، ضمن برنامج الفنون المسرحية الذي تنظمه ناشئة الشارقة التابعة لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين للعام الجاري 2018 ضمن خطتها الطموحة لتعزيز مهارات أبنائها في مختلف ألوان الفنون المسرحية بمستوياتها المتقدمة.

وتهدف الورشة إلى تطوير قدرات الناشئة في الارتجال، إضافة إلى إحياء التراث الشعبي الإماراتي الأصيل وربط الأبناء بتراث الأجداد وماضيهم العريق من خلال محور مسرحة القصص والحكايا الشعبية.

ويتجسد الإطار العام لبرنامج الورشة التدريبي التي يشرف على تنفيذها الفاتح حميدة إداري برامج مسرحية في مراكز ناشئة الشارقة بالمنطقة الشرقية، في فن الأداء والتمثيلي المسرحي، ويتم التركيز على التأليف والتوليف المسرحي والارتجال، وكيفية بناء القصة المسرحية المرتجلة، إضافة إلى مهارات بناء القصة المسرحية المقتبسة من القصص والحكايات الشعبية، وتُعد الورشة برنامجاً مسرحياً شاملاً لإعداد الممثل والمخرج ومصممي الديكور والإضاءة.

وقال الفنان هامي بكار: سيتم التركيز من خلال الورشة على تعليم الناشئة تقنيات العصف الذهني لدى الممثل حول بناء النص المسرحي من بدايته وحتى النهاية، وتطوير مهاراتهم في البحث عن طرق بديلة وأساليب مختلفة لخدمة مايقدمون من أعمال مسرحية، إضافة إلى إكساب الناشئة مهارات صياغة الأفكار في النص المسرحي غير الورقي الذي يتم ارتجاله وفقاً لأفكار وآراء الممثل.

وسيتعرف الناشئة خلال الورشة التي انطلقت الأسبوع الماضي وتستمر لمدة شهر تقريباً، على سيكولوجية فنون الأداء عبر التطرق إلى المذاهب والمدارس المسرحية، للخروج من الصندوق وكسر القواعد المتعارف عليها لتحقيق التفاعل المنشود مع الجمهور، فضلاً عن إطلاق العنان لمخيلة الممثل والمخرج للوصول إلى حالة الإبداع المسرحي.

ويخوض الناشئة تجربة الفوضى المسرحية المنظمة عبر عدة مستويات بداية من السينوغرافيا، ومروراً بالديكور والمؤثرات الصوتية، وصولاً إلى التقنيات المسرحية من حيث هندسة الصوت وتصميم الإضاءة وكيفية تنفيذها.

ويتدرب الناشئة المشاركون في الورشة على تطوير أدوات الممثل الإبداعية التي تشمل الصوت، الجسد، والأداء وذلك من خلال عدة تمارين مسرحية أكاديمية متخصصة، بهدف إعداد الناشئ مسرحياً والوصول به إلى أرقى مستويات الاحتراف والإبداع المسرحي.

ويتوج برنامج عمل الورشة بعرضين مسرحيين للناشئة بعد تمكينهم من الأدوات التي تساعدهم في صياغة أفكارهم وترجمتها في أعمال مسرحية 



الاثنين، 11 يونيو 2018

مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بتنظيم مهرجانات وطنية للمسرح في كل الدول العربية، مبادرة ذات رؤية استراتيجية تنموية

مجلة الفنون المسرحية






مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بتنظيم مهرجانات وطنية 

للمسرح في كل الدول العربية، مبادرة ذات رؤية استراتيجية تنموية.

بفضل المبادرة التي انطلقت في 23 مارس 2018، سبعة مهرجانات وطنية وثلاثة مراكز للفنون الأدائية.

المبادرة حفزت بعض الدول لإعادة إحياء مواسمها المسرحية المحلية.

عندما أمر صاحب السمو أن يبدأ العمل فور ان يترجل عن خشبة المسرح، كان ذلك إيذانا بعمل لا يعرف الكلل.

إن مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي التي أطلقها في 23 مارس 2018 وكلّف الهيئة العربية للمسرح بتنفيذها، والتي تقضي بالعمل على تنظيم مهرجانات وطنية للمسرح في الدول العربية التي لا توجد فيها مهرجانات للمسرح المحلي، معراج جديد للتنمية المسرحية في الوطن العربي، وقد لاقت صدى عالياً باعتبارها بارقة أمل لأربعة عشر بلداً عربياً لا تنظم مهرجانات محلية لأسباب مختلفة.
عملت الهيئة العربية للمسرح من ذلك اليوم وعلى مدار الأشهر الثلاثة ليكون التنفيذ بمستوى التكليف والتشريف الذي نالته، فقامت الأمانة العامة بدراسة وافية في ظل قاعدة المعلومات والعلاقات والاتصال الذي تتوفر عليه الهيئة، وخرجت بخطة تنقسم إلى مراحل، المرحلة الأولى تشمل العمل مع الدول التي تحتاج لتنظيم مهرجانات وطنية. المرحلة الثانية العمل مع الدول التي تنظم مهرجانات وطنية، المرحلة الثالثة توحيد الجهود والرؤى بين كافة المهرجانات الوطنية في الوطن العربي، لتحقيق النهوض الشامل.
حازت الخطة مباركة صاحب السمو لها وانطلق العمل الميداني، وقام الأمين العام الأستاذ اسماعيل عبد الله ووفد الهيئة، بزيارة العديد من الدول العربية، تم خلالها التباحث ووضع الاتفاقات ومذكرات التفاهم، مع وزارات وجمعيات ونقابات واتحادات، لسبعةمهرجانات وطنية للمسرح وثلاثة مراكز لفنون الأداء .
المهرجانات:                                               
1.      مهرجان فلسطين الوطني للمسرح. بالتعاون مع وزارة الثقافة الفلسطينية. 25 أكتوبر – 3 نوفمبر 2018. رام الله.
2.      المهرجان الوطني للمسرح الموريتاني. بالتعاون مع وزارة الثقافة والصناعة التقليدية. 16 -22 أكتوبر 2018. نواكشوط.
3.      مهرجان اليمن الوطني للمسرح. بالتعاون مع وزارة الثقافة اليمنية. ما بين 25 أكتوبر – 7 نوفمبر 2018. عدن.
4.      مهرجان رم للمسرح الأردني. بالتعاون مع نقابة الفنانين ووزارة الثقافة. 1 – 7 أكتوبر 2018. عمّان.
5.      مهرجان لبنان الوطني للمسرح. بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية. 16 -26 نوفمبر 2018. بيروت.
6.      المهرجان الوطني للمسرح السعودي. بالتعاون مع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون. 21 – 27 نوفمبر 2018. الرياض.
7.      المهرجان الوطني لهواة المسرح. بالتعاون مع وزارة الثقافةوالاتصال المغربية. 28 سبتمبر – 5 أكتوبر 2018. مراكش.
مراكز للفنون الأدائية:
ستنطلق برامج التدريب في ثلاث دول:
1.      مركز الفنون الأدائية الموريتاني – نواكشوط. بالتعاون مع وزارة الثقافة والصناعة التقليدية.
2.      مركز الفنون الأدائية اليمني – عدن. بالتعاون مع وزارة الثقافة اليمينة.
3.      مركز الفنون الأدائية الفلسطيني – رام الله. بالتعاون مع وزارة الثقافة الفلسطينية.
من ناحية ثانية، نَشَطَت المبادرة بعض الدول التي التفتت إلى أهمية إعادة بعث مهرجاناتها المحلية المتوقفة، وسوف تكون الهيئة إلى جانبها بالتعاون الخلاق.
هذا وقد راعت الهيئة العربية للمسرح في اتفاقاتها المختلفة مع الشريك المنفذ في الدولة المحددة إلى آليات تخدم المشهد المسرحي فيها، آخذة بعين الاعتبار الخصوصيات التي تكتنف هذا المشهد، لكنها حرصت في كل اتفاقاتها على ما يلي.
·       أن يكون الحدث جامعاً وموحداً ويشكل حصيلة حصاد حقيقي.
·       أن يشكل الحدث مناسبة لترسيخ قيم مسرحية لدى المشتغلين في المسرح ولدى المجتمع عامة.
لذا فإن نظاماً موحداً للجوائز قد وضع لكل هذه المهرجانات، كما ستقوم الهيئة بتصميم أيقونة موحدة للفائزين بكل هذه المهرجانات.

الأمين العام اسماعيل عبد الله قال : لقد قوبلت المبادرة في هذه الدول وأوساط المسرحيين فيها بكل الاحترام والتقدير، لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي وللهيئة العربية لمسرح، سواء بسواء من الأطراف الرسمية والأهلية، الإداريةوالفنية، كما كانت محط اهتمام الصحافة ووسائل الإعلام.
إن المهرجانات الوطنية سوف تساهم إلى جانب تنمية الحركة المسرحية في بلدانها، وكذلك فإنها ستحسن من معايير تنظيم المهرجانات حيث تستفيد من تجربة الهيئة في التنظيم والإدارة الفنية والمالية مع ضمان النتائج الأفضل.
لذا فإننا متفائلون أن كافة الدول العربية ستكون قد فعلت مهرجاناتها الوطنية مع نهاية 2019، حيث سننتقل مع هذه المهرجانات إلى مرحلة من التنظيم والتعاون بينها جميعاً.
أما مراكز الفنون الأدائية، فإن الدول ستقدم مواقع المراكز، فيما ستتولى الهيئة البرامج التدريبية فيها حيث تكون هذه المراكز نقاط ارتكاز لتنمية المسرح المدرسي وكذلك فنون العرائس إلى جانب الدورات المتخصصة في فنون العرض عامة والمسرحي خاصة.
وأضاف اسماعيل عبد الله: إن الهيئة العربية للمسرح التي أرادها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بيتاً للمسرحيين العرب، تدشن بهذه الخطوات عشريتها الثانية مسلحة بالرؤى الصائبة وثقة ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، والتفاف المسرحيين العرب حول سارية المسرح العربي من أجل غد أفضل لأمتنا.




الأحد، 10 يونيو 2018

"آليات الممثل في ملء فراغات الأداء في العرض المسرحي – نماذج منتخبة من المسرح العراقي " في اطروحة دكتوراه

السبت، 9 يونيو 2018

عرض مسرحية (حين سقط المشبك) قي قسم الفنون المسرحية لكلية الفنون الجميلة بغداد

مجلة الفنون المسرحية

 عرض  مسرحية (حين سقط المشبك) قي قسم الفنون المسرحية  لكلية الفنون الجميلة بغداد

كلية الفنون الجمبلة  بغداد

برعاية عمادة كلية الفنون الجميلة  قسم الفنون المسرحية في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد  وعلى قاعة مسرح الرواد  تم عرض مسرحية  (حين سقط المشبك) نص واخراج وتمثيل الدكتور جبار خماط حسن.ومن تمثيل الطلبة اسراء رفعت عبد الرسول حسن، دراماتورج الدكتورة سافرة ناجي، وتصميم الاضاءة لكرار كاظم والمؤثرات السمعية سيف الياس.
وتم في العرض المسرحي تقديم مقولات فلسفية عميقة تنبثق من تمفصلات الواقع وقضاياه وقد حاول المخرج ايصال رؤيته الفنية والجمالية من خلال العمل بثلاث شخصيات  امتازت بالمرونة الادائية العالية والصوت الجهوري (( القرار)) الذي ينم عن تدريب متواصل ودراية علمية بأصول فن الالقاء المسرحي  والتي تدل على عناية الممثل بأدواته التي تمكنه من الاداء بأحترافية عالية 




الجمعة، 8 يونيو 2018

قابيل وهابيل يكتبان سيـناريو جديدا في عرض "دراما"

جمعية فرقة شروق المسرحية تؤكد : مباركتها لجميع المسرحيين الموريتانيين على الخطوة الكبيرة لإطلاق مهرجان وطني للمسرح، وإنشاء مركز لفنون الأداء

مجلة الفنون المسرحية

 جمعية فرقة شروق المسرحية تؤكد : مباركتها لجميع المسرحيين الموريتانيين على الخطوة الكبيرة لإطلاق مهرجان وطني للمسرح، وإنشاء مركز لفنون الأداء


بيان 

تابعت جمعية فرقة شروق المسرحية منذ مدة المباحثات الثنائية التي أجرتها وزارة الثقافة والصناعة التقليدية مع وفد الهيئة العربية للمسرح من أجل تطوير المسرح الموريتاني وتكوين كوادره، والتي أثمرت العديد من النجاحات، منها نية تنظيم مهرجان وطني للمسرح، وإنشاء مركز لفنون الأداء.
وإذ ذاك كله من التطورات التاريخية في مجال المسرح الموريتاني تؤكد شروق المسرحية على ما يلي:
1 – مباركتها لجميع المسرحيين الموريتانيين على الخطوة الكبيرة لإطلاق مهرجان وطني للمسرح، وإنشاء مركز لفنون الأداء.
2 – شكرها الجزيل لمعالي وزير الثقافة والصناعة التقليدية الدكتور محمد الأمين ولد الشيخ على الاهتمام بهموم المسرحيين الموريتانيين، والبحث عن سبل تطوير الفن المسرحي، ووسائله.
3 – امتنانها للهيئة العربية للمسرح، ولسمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، رئيس الهيئة، على ما يولي من اهتمام للمسرح العربي والموريتاني بشكل خاص.
4 – استعدادها للمشاركة الفاعلة في طرح الاستراتيجيات والبرامج والمقترحات الخاصة بتنفيذ المشروعين المهرجان، والمركز.
5 – تمسكنا بالعمل تحت يافطة اتحاد المسرحيين الموريتانيين بوصفه الإطار الناظم لجميع الجمعيات والفرق المسرحية.
6 - مطالبتها بدعم اتحاد المسرحيين الموريتانيين من قبل وزارة الثقافة والصناعة التقليدية، والهيئة العربية للمسرح، ليقتدر على أداء مهماته الموكلة إليه.
وفي الأخير تهنئ جمعية فرقة شروق المسرحية كافة الشعب الموريتاني على تحقق الحلم في وجود مسرح وطني، ومركز يعهد إليه تكوين المسرحيين.
نائب الرئيس، مسؤول الإعلام
المختار محمد يحيى 

نواكشوط، بتاريخ: 
الخميس 07 / 06 / 2018

الخميس، 7 يونيو 2018

عقد مؤتمر صحفي للهيئة العربية للمسرح يوم اﻷحد 10يونيو 2018

مجلة الفنون المسرحية

تتشرف الهيئة العربية للمسرح بدعوتكم لحضور وتغطية المؤتمر الصحفي الذي يعقده اﻷمين العام اﻷستاذ إسماعيل العبدالله حول برنامج المرحلة اﻷولى من تنفيذ مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بتنظيم مهرجانات وطنية للمسرح في الدول العربيةوانشاء مراكز للفنون الأدائية وذلك في تمام الساعة العاشرة مساء يوم اﻷحد 10يونيو 2018 في مقر اﻷمانة العامة - الشارقة 
والساعة الحادية عشر مساءا بتوقيت القدس

الأربعاء، 6 يونيو 2018

احلام عرب ..نؤطر فضاء لندن بجمال المسرح العراقي

مجلة الفنون المسرحية

احلام عرب ..نؤطر فضاء لندن بجمال المسرح العراقي

سمير خليل - الصباح الجديد 

مع حاجة المسرح العراقي لإبداعات حواء، وقلة العنصر النسوي، فإن مجموعة من الفنانات واجهن كل الصعوبات، وارتقين خشبة المسرح واطرنها بفيض الالق والتوهج.
احلام عرب واحدة من فناناتنا المسرحيات الملتزمات، والتي تمتلك تاريخا زاخرا بالأعمال الرصينة، وخلال دراستها في معهد الفنون الجميلة وبعد تخرجها منه عام 9179 قدمت احلام عرب العديد من الاعمال المسرحية التي تنوعت اساليبها ومضامينها، ولديها كذلك تجربة غنية في مسرح الطفل.
اعتمدت على موهبتها وثقافتها ونهلها من خبرة اساتذة المسرح العراقي وكبار محترفيه، إضافة الى انها قدمت موهبة واعدة في المسرح هي ابنتها لبوة صالح.
ضيفتنا احلام عرب اضطرتها الظروف لمغادرة العراق واختارت مدينة الضباب لندن لتكون محطة لها، وكان اخر اعمالها المسرحية في العراق هو مسرحية (زيارة السيدة العجوز ) للكاتب السويسري الالماني فردريش دورنمات، التي اعدها الاستاذ سامي عبد الحميد باللهجة العراقية تحت عنوان (الزيارة ).
في غربتها لم تجلس حبيسة المكان، بل واصلت عطاءها من خلال تشكيل فريق مسرحي يقدم اعمالا مسرحية متنوعة، بإمكانات محدودة، وتجاوزت ذلك لتجارب سينمائية، كل هذا ومازالت تحن لبيتها الازلي العراق ومسرحه المحتضر.
احلام عرب فتحت قريحتها  في هذا الحوار، وتقول :
«هاجس المسرح يرافقني اينما تواجدت وان نسيت هناك من يذكرني به دائما، اول مسرحية قدمتها في لندن كانت مسرحية (من يشتري) في الكوفي جلري عام 2000و التي كتبها الزميل الفنان عدنان شلاش، وكانت مونودراما ( شخص واحد )، جسدت بطولتها ابنتي لبوة كأول تجربة اقدمها في لندن واشار لها الكثير، هذا العمل سبق ان قدم في منتدى المسرح في العراق، بعدها اقترحت ابنتي لبوة او بالأحرى «تبرعت بي» لفرقة شانو الاستعراضية الكردية، فقد كانت تنظم لهم التمرين على الدبكات الكردية، وعندما ارادوا تقديم اعمال درامية عرضت ابنتي ان اقدم لهم المساعدة، برغم انني لا اجيد الكردية، واغلبهم لا يتكلمون عربي، فكانت الإنجليزية والترجمة هي الحل، وكان ثمرة هذا التعاون مسرحية ( حقل الحياة) باللغة الكردية لفرقه شانو. العمل الثالث هو مسرحية (ديمقراطية ونص) للكاتبة حميدة العربي، وقدمناه لمده ثلاثة ايام على المسرح البولندي باسم مسرح النهرين عام 2007 وكانت اثر عودتي من بغداد، وانتشار الطائفية فيها بشكل مرعب، تعاونت مع الأديبة حميدة العربي، وتكفلنا بكل شيء مع مساعدة من الجالية العراقية في لندن لتقديم المسرحية، ولم نحصل على اي دعم مادي والدعم الوحيد كان من قبل قناة الشرقية لبث اعلان العمل، مقابل تسجيل المسرحية وعرضها مرة واحدة في قناتهم، واعطائنا نسخة منها.
ايجار المسرح ومتطلباته تكفلنا به انا و حميدة، وكنا نتمرن في مطعم مهجور معروض للبيع هو مطعم عراقي وصاحبه عراقي ايضا هو السيد عبد الباسط هاشم، وهذا يحسب تعاونا طيبا للجالية العراقية في لندن وكان الفريق يتكفل بطعامه وتنقلاته، وبرغم كل هذا فقد لاقت المسرحية اقبالا كبيرا خاصة بعد موقف المنتدى العراقي بنشر اعلانات مستمرة للجالية العراقية، وكان يمكن ان يستمر العرض لولا الظروف الخاصة بكل واحد منا. المسرحية الرابعة كانت (ايام الاسبوع الثمانية) للشاعر صلاح حسن، وقدمت على مدى ثلاثة ايام على مسرح الكوك بت في لندن عام 2008 تحت اسم فرقه نيسابا، والتجمع كان في غالبيته من الشباب، وعشنا المعاناة نفسها، التي واجهناها في تجربة (ديمقراطية ونص) ان لم تكن أسوأ، فقد بيع المطعم الذي كنا نتمرن فيه، واضطررنا ان نواصل تدريباتنا في بيت، عبارة عن سرداب مهجور، نضطر للخروج بعد كل مشهد لنستنشق الهواء النقي، إضافة الى شقتي الصغيرة التي تحولت الى مشغل. والدعم الذي حصلنا عليه هذه المرة كان بواسطة الناشطة والأديبة سراب شكري العقيدي، والتي عرضت علينا المساعدة فطلبنا منها ان تتكفل بإيجار المسرح كون بطاقتنا رمزية، لا تكفي لتسديد الطلبات.
ثم عودة للتعاون مجددا مع الكاتبة والمسرحية حميدة العربي ومسرحية (احنا السبب)، وهذه المرة تبرع لنا المنتدى العراقي في لندن بمقر عمله الصغير بعد انتهاء الدوام لنجري التمارين المسرحية.
وقدم العمل تحت اسم (تجمع سوية) عام 2017 وسط استحسان واقبال كبيرين وقد كتبت الصحافة والاصدقاء والجمهور عنه بشكل يثلج الصدر. هذه الاعمال المسرحية جميعها قدمت بجهد فردي، لا تقف خلفه اي جهة رسمية او حكومية، ولا دعم سوى ما ذكرته من مبادرات طوعية من ابناء الجالية العراقية، وكما ذكرت لا ارض صلبة نقف عليها لحد الان، ولا يمكن مقارنه تجاربي بما يجري على ارض الوطن ففي الاقل هناك يمكننا الحصول على اماكن للتمرين او العرض».

*وماذا عن النصوص والعاملين معك؟
«جميع النصوص عراقية باستثناء التجربة مع فرقه شانو الكردية التي كانت بلهجتهم، فريق العمل اغلبهم من العراق، وهناك فنانون عرب، في تجربة (ايام الاسبوع)، اضافة لإخوة عرب من مصر والمغرب والسودان، وفي تجربتنا الأخيرة (احنا السبب) شارك معنا ممثل من الصومال، وممثلةه من انجلترا».
احلام عرب تذكر ان التواصل مع المسرح الأم في العراق معدوم، وتأمل ان يتم هذا التواصل مستقبلا وتضيف: « امكانية مشاهدة أحد عروضنا في بغداد مع الاسف صعب، بسبب عدد الفريق الكبير المشارك، فأي عمل من اعمالي لا يقل عدد العاملين فيه عن ثلاثين، والعمل الاخير تجاوز الاربعين مع المجاميع والإدارة، وكلهم كانوا ابطالا للمسرحية، ولا أحب ان اسافر من دونهم، ويمكن ان يكون هذا أحد الاسباب الرئيسة لصعوبة المشاركة في اي مهرجان او مناسبة «.

* والتمثيل؟ ماذا عنه؟ هل انت الآن مخرجة فقط؟
« كلا ،قدمت قصائد ممسرحة باللغتين العربية والانجليزية للشاعر عدنان الصائغ( من يستطيع تسلق السماء )، والتي قدمناها في اقدم متحف للآثار هو (اشمولين) في مدينة اوكسفورد العريقة، كما قدمناها ايضا في مالمو السويدية، ومسرحية (الاستيقاظ ) وهي مونودراما ترجمتها واخرجتها ومثلتها باللغتين العربية والانجليزية، إضافة الى تجارب تمثيلية في السينما، وبعد ان اكملت دورة في تعلم مبادئ الاخراج تحت اشراف الزميل السينمائي العراقي المغترب جمال امين، شاركت في فيلم تشكيلي مع الفنان جلال علوان، بعنوان (بيت من لحم ودم)، اضافة الى فيلم روائي طويل باللغة الانجليزية هو (ميزو كافيه) للمخرج السينمائي الدكتور جعفر عبد الحميد، وتجربة اخرى في فيلم قصير هو (ت – ب ) مع ممثلين انجليز، وبمشاركة عراقية وجنسيات الفريق متنوعة، واكتملت مراحل تصوير الفيلم وبانتظار عرضه».
اخيرا أعربت ضيفتنا عن امتنانها وسعادتها بالعمل مع فنانين تحمل لهم كل المودة والامتنان مثل الفنانة حميدة العربي، والملحن الموسيقي نامق اديب، والفنان غالب جواد، كذلك لديها تعاون مع فناني التشكيل التشكيلي الرائد فيصل لعيبي، وصادق طعمة، وجلال علوان، ومخرجي السينما جمال امين، والدكتور جعفر عبد الحميد، والمسرحيين المبدعين بحر كاظم، وسلمان رحيم، وحسن الجراح، واخرين.

أمسية مسرحية توعوية رمضانية حول مناهضة العنف وزواج الأطفال " أمني.. مستقبلنا"

الهيئة العربية للمسرح تدشن مرحلة مسرحية جديدة في موريتانيا. الدورة الأولى من المهرجان الوطني للمسرح الموريتاني في أكتوبر. مركز الفنون الأدائية منطلق لتنمية المسرح المدرسي وفنون العرائس وخدمة الفرق المشاركة في المهرجان.

مجلة الفنون المسرحية

الهيئة العربية للمسرح تدشن مرحلة مسرحية جديدة في موريتانيا.

الدورة الأولى من المهرجان الوطني للمسرح الموريتاني في أكتوبر.

مركز الفنون الأدائية منطلق لتنمية المسرح المدرسي وفنون العرائس وخدمة الفرق المشاركة في المهرجان.



تم في نواكشوط العاصمة الموريتانية، توقيع اتفاقيتين للتعاون بين وزارة الثقافة والصناعة التقليدية بموريتانيا والهيئة العربية للمسرح تهم الأولى تنظيم الدورة الأولى من “المهرجان الوطني للمسرح الموريتاني” والتي ستعقد في الفترة من 23 إلى 28 أكتوبر 2018. وتخص الثانية إحداث مركز للفنون الأدائية.

يأتي الاتفاق الأول تنفيذاً لمبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى لاتحاد الإمارات العربية المتحدة، حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، بتنظيم مهرجانات مسرحية تعنى بالمسرح المحلي في الدول العربية، وفي إطار التكامل مع الجهود التي تبذلها الحكومة الموريتانية ممثلة بوزارة الثقافة والصناعة التقليدية من أجل تنمية وتطوير العمل الثقافي عامة والمسرحي خصوصا ،وفي إطار تفعيل الاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية التي أعدتها الهيئة العربية للمسرح والرامية إلى تنمية وتطوير الفن المسرحي بالوطن العربي والتي أقرها مجلس وزراء الثقافة العرب بالرياض سنة 2015، وانطلاقا من مخرجات الاجتماعات التي تمت بنواكشوط أبريل الماضي بين وفد الهيئة العربية للمسرح مع كافة المسؤولين بوزارة الثقافة والصناعة التقليدية من جهة، وبين وفد الهيئة ومسؤولي جمعية واتحاد المسرحيين الموريتانيين من جهة ثانية.

هذا وقد شكل وزير الثقافة والصناعة التقليدية الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتاني لجنة عليا للمهرجان تتكون من السادة اوليد الناس ولد هنون رئيس اللجنة  ويبه ولد شيخنا نائب رئيس اللجنة وعدنان بيروك المنسق التنفيذي للمهرجان وبابا ولدميني مدير الدورة الأولى للمهرجان والتقي ولد عبد الحي منسق مركز الفنون الأدائية. سوف تقوم هذه اللجنة بوضع اللائحة الداخلية المنظمة للمهرجان، وسيفتح الباب أمام الفرق والأندية والجمعيات الموريتانية للمشاركة في هذا المهرجان بعد اجتياز مراحل عدة تشمل التدريب والتهيئة ومن ثم ستخضع كافة طلبات المشاركة للمفاضلة واختيار أفضل العروض للتنافس، حيث لن يقل عددها عن ستة عروض ولن يزيد عن عشرة، هذا وستمنح الهيئة العربية للمسرح مجموعة جوائز باسمها وايقونة للفائزين في المهرجان

أما الأتفاقية الثانية فتتعلق بإنشاء “مركز الفنون الأدائية” بمدينة نواكشوط، والذي سوف تتولى فيه وزارة الثقافة والصناعات التقليدية بموريتانيا التأهيل المعماري للفضاء الذي سيحتضن المركز، فيما ستقوم الهيئة بتوفير البرامج التدريبية والمؤطرين من الموريتانيين والعرب، حيث ستكرس المرحلة الأولى من عمل المركز لتنظيم ورش لصالح الفرق والمجموعات التي ستشارك في الدورة الأولى من المهرجان الوطني للمسرح الموريتاني؛ هذا وسيكون المركز منطلقاً لتنمية المسرح المدرسي وفنون العرائس، والمسرح الموريتاني بشكل عام.

الدكتور محمد الأمين ولد الشيخ وزير الثقافة والصناعة التقليدية الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية عبر عن شكره وتقديره لمبادرات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، تلك المبادرات التي تعتبر السبب الرئيس في استنبات المسرح بموريتانيا، مؤكداً أن وزارة الثقافة والصناعة التقليدية تؤمن بأن تأهيل الإنسان، وتنمية مهاراته وقدراته، هو جزء من التنمية البشرية التي تشكل الأساس لتنمية المجتمع الموريتاني.

من جانبه صرح الأمين العام للهيئة العربية للمسرح اسماعيل عبد الله، بإن نجاح تجربة الهيئة في مشاريعها لتنمية المسرح في موريتانيا، تعتبر نموذجاً لجدية وفعالية التعاون بين الهيئة والمؤسسات الموريتانية، وهي هدية لصاحب الفضل والمبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، لافتاً الانتباه إلى أن قطار المهرجانات التي ترعاها مبادرة صاحب السمو انطلق بالفعل.

في ذات الإطار أشار الأمين العام اسماعيل عبدالله أن الهيئة قد وضعت منظومة موحدة لجوائز هذه المهرجانات، كما ستكون الأيقونة الخاصة بالفوز موحدة في هذه المهرجانات.

هذا وقد تشكل وفد الهيئة العربية للمسرح من الحسن النفالي عضو مجلس الأمناء، مسؤول الإدارة والتنظيم، و غنام غنام مسؤول النشر والإعلام، حيث عقد الوفد على هامش هذه الزيارة لقاءات أخرى مع وزير الشباب والرياضة الموريتاني، ومسؤولين من وزارة التربية الوطنية تم خلالها الاتفاق على خطوات ومشاريع سترى النور قريباً.


المسرح بوصفه وسيلةً لتأمل حيوات الناس

مجلة الفنون المسرحية

المسرح بوصفه وسيلةً لتأمل حيوات الناس


 عادل العامل - المدى 


يمكن للمسرح أن يكوّن مفاهيم متماسكة وحقيقية للناس. فهو يستطيع أن يستخدم جمهوره فكرياً وعاطفياً، أن يجعله حساساً إزاء القضايا، والفِكَر، والحالات البشرية المصورة، ويُحدث صلةً شخصيةً مع الأحداث والشخصيات التي على خشبة المسرح. وقد يمضي المسرح المستند على الجماعة خطوةً أبعد؛ فحين تكون المسرحية ذات علاقة على نحو مباشر بحيوات أفراد الجمهور وانشغالاتهم، تبدأ هناك عمليةٌ يمكنها أن تؤدي إلى فهمٍ وتغييرٍ أعمق، حيث يتعرف أفراد الجمهور على الشخصيات ومعضلاتها ويتماهون مع الأشخاص الموصوفين. ولأنهم يستطيعون أن يتفرجوا أكثر مما يعيشوا التجربة، فإنهم يجسدون المشكلات أيضاً، وبعملهم هذا يبدأون بأن يكونوا قادرين على التفكير نقدياً بشأن الحلول الممكنة أو الأفعال البديلة وبذلك يمتلكون القدرة على التغيير. 
وأنا هنا أتفحص الحاجة إلى التغيير الاجتماعي إضافةً إلى تأثير المسرح على المجتمع. وسوف أستكشف استخدامات المسرح كوسيلة للتغيير، إلى جنب التركيز على مسرح أوغستو بول إذ أن طرقه قد استُخدمت كأداة للتغيير. وهو القائل، " إن المسرح شكل من أشكال المعرفة؛ وينبغي ويمكن أن يكون أيضاً وسيلة لتحويل المجتمع. وبإمكان المسرح أن يساعدنا على بناء مستقبلنا، وليس انتظاره فقط." 
أحد أكثر التعريفات إيجازاً للتغيير الاجتماعي أنه " التعديل المهم للتركيبة الاجتماعية والنماذج الثقافية عبر الزمن." وهذه التركيبة الاجتماعية مكونة من "شبكة متواصلة من العلاقات الاجتماعية." وقد صار فيها التفاعل بين الناس أو الجماعات حافلاً بالتكرار. ويمكن للتغيرات الناتجة أن تؤثر في كل شيء، من السكان إلى الاقتصاد، حيث أن التصنيع والمعايير والقيَم الثقافية المتحولة عوامل قوية أيضاً للتغيير الاجتماعي. وبكلمات أخرى فإن التغيير الاجتماعي هو تحوّل في الثقافة والبنية الاجتماعية على مر الزمن. 
وهناك أسباب متنوعة للتغيير الاجتماعي. أحدها الثقافة التي هي نظام يفقد ويكتسب عناصر على نحوٍ ثابتٍ. كما أن القيَم، والمعتقدات، والإيديولوجيات قد شكّلت بالتأكيد اتجاهات التغيير الاجتماعي في العالم الحديث، مثل القومية، والرأسمالية، وغيرهما.
ويمكن للتغيير أن يقع من خلال تأثير عوامل بيئية كالمجاعة.
وتقوم التحولات العالمية في النفع الاقتصادي أو السياسي، كالعولمة، التي هي أحد العوامل الأساسية في مجتمعنا الحديث بالتأثير في الاقتصاد العالمي، والبنى السياسية، والثقافة، إلخ. كما يمكن أن يحصل التغيير من حركة اجتماعية ينظم فيها الناس معاً لسبب أو دافع مشترك.
وتُعد وسائل الإعلام الجماهيرية عاملاً حيوياً في تسريع التغيير الاجتماعي. فهي تسمح بالانتشار السريع للأفكار، جاعلةً هذا يتجلى بوضوح في مختلف نواحي البيت الخاصة والاسترخائية، حيث يكون الجمهور في أكثر حالاته تقبلاً لما يصل إليه. 
وهكذا فإن التغيير الاجتماعي يحدث لعدة أسباب تعني أن هناك على الدوام مطلباً للتغيير، سواء كان ذلك عن طريق أفراد أو من خلال قوى أكبر تؤدي بالجماعة البشرية في بعض الأحوال إلى تغيير شامل. ويعتبر المسرح وسيلةً لتأمل حيوات الناس وإعادة خلق ذلك ببصيرة أعمق، ويمكن أن يكون أداةً لفهم مشكلات المجتمع الحقيقية والمساهمة في إيجاد حلٍّ لها في إطار محاولته من أجل التغيير.


الدائرة الجهنمية المقفلة

مجلة الفنون المسرحية

الدائرة الجهنمية المقفلة


 د . عقيل مهدي يوسف - المدى 


في محاولة قصدية ينزاح فيها العرض عن المعيارية الجمالية التقليدية في اعتماده اسلوب (فن الفكرة) conceptual art الذي يكرس مفاهيم ما بعد الحداثة التي انجز فيها المخرج (سنان) رسالته الاكاديمية ، متبنيناً في خطته أيضاً ما اعتمده (دوشامب) من معدات جاهزة الصنع بشكل مسبق قبل الولوج الى (البروفة) التي تأتي لاحقاً لاستكمال تدريب الممثل على اداء دوره فوق الخشبة ، وما تستلزمه الضرورة التقنية الخارجية ، التي باتت أشبه (بالواسطة) منها (بالهدف) الذي كان لدى سواه من المخرجين السابقين حيث ينبع من معطيات (البروفة) ومعاناتها اليومية . لقد انفرد المخرج في اقتراح انسقة العرض وتجميع مكوناته النابعة من رؤيته المتعالية عن المسار الاخراجي المألوف .. في مشهد استهلالي تتلاحق صور إعلانية لنسوة غربيات ورجال في شرائح فلمية على خلفية المسرح وتجلس مجموعة تعدادها سبعة من البشر على كراسٍ بخطوط مستقيمة متراتبة الواحد بعد الآخر ، ولكن سرعان ما يدهمها التشظي ، لتعاود ثانية وثالثة ..في ترتيب نسقها ، بدائرية تكرارية للرجوع الى نقطة ثبات البداية الأزلية في محورها البصري التأسيسي الواحد ، نرى السكون والصمت المطبق يريم على وضعيات المجموعة الجامدة التي تلتفت بأيقاع بطيء الى الجمهور وتتكرر الحالة نفسها لمرات ومرات ، فالعرض يتبنى أنسقة مكانية وزمانية متضافرة تراهن على حركات مجسدة وتحيلنا الى تجريدات زمنية ذاكرة الشخوص كل على انفراد ، إذ تتحرك الكراسي في داخل القطار فيتزحزح المكان المغلق منفتحا على سيولة من التشكلات التي تختار لنفسها مواقع توظفها الشخصيات بطرائق متنوعة الاستخدام ، ويتصدر رنين التلفون وهو حجر الزاوية في جذب الشخصيات التي يدمغها تباعاً ، بجريمة الارهاب بكلمة :((مطلوب) وكأن شرطة (الانتربول) تترصدهم لتقدمهم الى العدالة وهنا وعبر مشاهد مختلفة تنشطر ذات الممثل الى شخصيتين ، فهذا او هذه التي تجلس كما يفعل البشر الاسوياء يضمرون في بواطنهم شخصيات ثانية سرعان ما تنفجر صواعقها بكل ما تحمله من حمولات لا شعورية ، وكأنها اشبه بشواظ بركانية لترتد على نفسها او تطال الاخرين من غير رحمة او منطق مقبول ، بمثل هذه العجائبية وبغية إثارة المتفرج وجذب اهتمامه ، تتراكم الغرائب غير المتوقعة ، وتصبح بمثابة (لغز) يحفز المتلقي على ايجاد دليل لحله او الاجابة عنه ..، هنا تتدفق الحركة في وحدة تصميمية في نسق من ثنائية الانفتاح والانغلاق ، وبرتابة بنائية تمهد لطوفان قادم يكتسح الحواجز والسدود. هذا التنوع الحركي يضفي حيوية للشكل في تكرار التكوين والحفاظ على الحجوم والازياء وما تلعبه السينوغرافيا من تاتيرات بصرية صادمة تارة وسلسة تارة اخرى .حيث تنحصر الحركة بأتجاه( كابينة التلفون) او موقع (المرحاض) او (الشاشة) تؤديها المجموعة والافراد ويتم تحريكها بهياج هستيري مرتعش ومروع ، أب مع ابنه(الداعشي) الذي يحمل جنسية عراقية يشكو من مركب نقص جراء سفالته في قتل ابناء جلدته ، فيشعر بعفن فعلته الشنيعة التي تلاحقه ، ويريد التطهر بالماء لكن من دون جدوى ، واخرى فرنسية ترسم دون قيد من رقابة ، وآخر يتلو آيات قرآنية وهو مصري وتونسي ليبرالي ، ومغربي صوفي ، وسورية وهي فتاة مستباحة من قبل الدواعش، وبمثل هذه الصورة (البانورامية ) يجتمع مشرق العرب بمغربه ، يحاول العرض تعريتهم ليفضح السرائر وما يختفي فيها ، من وراء المظاهر ، وما يحملونه من أدوات كالحقائب والآلات وما يكتسون به من ملابس ثقيلة حالما يتجردون منها تظهر عوراتهم ، سيما ما يخص المراة المستباحة ، التي تتعرى بصخب وعنف لتقدم مشهد الاغتصاب بجرأة نادرة في مسرحنا وهي تصد مجاميع ضارية من وحوش الارهاب الداعشي . تزامنية احداث العرض تنبع من بقعة في قطار مهتز تنبثق منه مثل فقاعات ، ذكريات المسافرين بعيداً عن أوطانهم الغائبة ، والمغيبة في توهان مستمر ، ومواقف ملتبسة ، وحرائق منبعثة من ربيع عربي مغدور هنا ، ومؤمل هناك ، لذلك باتت حبكة العرض البنائية ، تستمد نسغها من موقف ايديولوجي صارخ يدمغ طبائع الشخصيات ويحدد مواقفها من الحدث المسرحي ومثل هذا الطرح يثير اشكالات فكرية (راديكالية)تبعا لانماط التلقي لاختلاف المنطلقات ، ووجهات النظر، والاهداف بينها، ولكن يبقى القطار منقطعاً عن الشارع في هذا الفضاء الخاص بلا أدنى اتصال بفضاء عام بصري او حركي مع المدنية التي يطمح الناس في بلداننا العربية الى تكريسها بلا رهانات أجنبية خاسرة وحواضن مريبة هدامة ، لذا يحاول العرض من داخل مكوناته أن يلوي الخطوط وتنتفض على سكونيتها بأتجاهات عمودية وخطية مائلة وصاعدة ونازلة، ومتراكبة ومتداخلة تتقافز عليها ، كائنات متروكة في أرض يباب أو في غابة وحشية معتمة لتفضح الاحتشام بالعري في زمن القتلة الدمويين المستترين، لتمتد السلالم الى الجدار الحاجز أمام أنظار المتفرجين ، بأسلوب (مايرهولد) الذي يركز على (بايوميكانيكية) الجسد في المشي على جدران عمودية ، وليست أفقية منبسطة ،هذا ماأسسه العرض ، سواء في تحول وضعيات الممثلين او اختلاف مواضعهم وترددهم ما بين الاحتشام والعري وهم يعيشون في حالات قلقة مضطربة متزامنة ومتسلسلة ما بين خط ارضي واخر سماوي وهم يفقدون سويتهم في جو هستيري وتشنج مقصود مابين كائنات حرة معاصرة ووحوش سلفية سرقت الحرية من بين يدي الانسان ، لتحوله الى (شئ) فاقدا لخصائصه البشرية ، وتعزله رهن عبودية دائمة وتقذفه في عوالم من العتمة والظلال الأبدية ، راهن العرض على أن يخلق انطباعاً هستيرياً لدى الممثل وبالتالي يكرسه لدى المتفرج عسى أن يهز سكونه وعجزه السلبي هزاً ، ويفتح له ثغرة مشرقة في مخاضات مستقبل منظور ، من خلال وريقات نظرة يانعة وعطرة في فن التمثيل كما في وطنية (نظيرجواد) أو في تقمص ليبرالي معمق بأداء (علاء قحطان)، أو الورع الديني لدى (ياسر قاسم) أو في لغة (اشتي حديد) الفرنسية ورائحة الاداء الزكي (وسام عدنان) وبالأخص في جرأة ابداعية عند (اسراء العبيدي) الممثلة الواعدة ، هذا الأثر هو ما حاكته أنامل المخرج سنان من خيوط نص د.عواطف ،بأحتدام انفعالي واهتياج فني في لعبة أخراجية تسعى لان تترك انطباعاً خاصاً ، ومعادلاً موضوعياً ، مع واقع ينهد الى تغيير تضاريسه الجامدة ، في نسق حركي بناء يتنفس هواء العصر وروح الحداثة ، ويخرج من سبات القرون الآفلة .


الاثنين، 4 يونيو 2018

المسرحي العربي المعاصر

مجلة الفنون المسرحية
عرض خريف إخراج أسماء هوري (المغرب)

المسرحي العربي المعاصر

نوال بنبراهيم - الجديد 


لقد سجلت بعض عروض المسرح العربي المعاصر تطورا ملحوظا في العقد الأول من الألفية الثالثة بسبب مجموعة من العوامل، أبرزها تفاعلها مع الفنون المجاورة الأخرى مثل فن الأداء، وانفتاحها على الوسائط التكنولوجية، فأبدعت حساسية جديدة أعادت النظر في النص المسرحي وأداء الممثل والسينوغرافيا وأساليب الإخراج والعلاقة مع الجمهور. هذا من جهة، ومن جهة أخرى أدركت أن المسرح العربي في حاجة إلى تحديث فرجته أكثر من حاجته إلى الحنين للماضي أو الدفاع عن الهوية والموروث الثقافي والاجتماعي والقيمي في وجه زحف الحداثة، أو التأرجح المأساوي بين إنجازات الآخر وإمكانية إثبات الذات.

وعليه، فقد واكب الشباب العربي تغييرات المسرح الغربي ومستجداته واقترحوا تجارب مسرحية قوبلت أحيانا بالتشجيع والحفاوة، وأحيانا أخرى بالرفض والإقصاء، منها: المسرح الوسائطي، المسرح السردي، مسرح المواقع الأثرية، مسرح الشارع، المسرح الاستيعادي…
تسعى هذه المداخلة إلى قراءة بعض هذه التجارب والوقوف على مساهمتها في إحداث تغيير الفرجة المسرحية العربية المعاصرة من حيث علاقة النص المسرحي بالعرض ومن حيث أثر الأسلوب الإخراجي في تغيير الأبنية الفنية والجمالية.

لقد شكلت فترة الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي منعطفا فرجويا في المسرح العربي على مستوى التأليف وصناعة الفرجة من خلال الانفتاح على الفرجة التقليدية وتكييف تقنياتها مع الفن المسرحي. ونعيش حاليا منعطفا فرجويا آخر في السنوات الأخيرة مع بعض العروض التي تتميز بخاصية أساسية وهي عدم تركيزها على النص الدرامي من حيث هو وسيط يوجه الحدث المسرحي، بل يحضر كمادة تتفاعل مع فنون الإنجاز فوق الخشبة. لذلك قدمت دراماتورجيا بصرية موسومة بجمالية مكثفة. وأخرج المخرجون عروضا بصرية تعرض صورا لا نجد لها أجوبة جاهزة تعتمد على لغة الحوار البصري ولغة تداعي الأنساق البصرية في الفضاء، وتتجاوز القواعد المتعارف عليها لأنها تعتمد على الفنون المجاورة وتركز على الأداء.

لقد سطر المسرح العربي منعطفا فرجويا جديدا بفضل اجتهادات المبدعين على مستوى التأليف والإخراج والسينوغرافيا والأداء حيث ينقب عن طرائق بديلة لصناعة الفرجة. غير أن التجارب المتحدث عنها لا تختزل المسرح العربي المعاصر، بل هي جزء من توجهاته ومقارباته وحساسياته المتنوعة، لأننا نجد عروضا مسرحية متشبثة بالتصوّر المسرحي التقليدي، في حين ابتكرت عروض أخرى تصورات مختلفة ومقاربات تعتمد اختيارات أدائية وتقنية ووسائطية.


النص المسرحي وتحدياته

يبدو ذلك من خلال ابتعاد المسرح العربي المعاصر على الارتكاز على النص الدرامي بالشكل التقليدي وعلى فكرة ترجمة المخرج للنص على الخشبة، بل أصبحت الفرجة المسرحية منفتحة على كل الافتراضات انطلاقا من الانفتاح على فنون الأداء؛ الغناء والموسيقى والرقص والتشكيل… وانفتاحها كذلك على الوسائط الحديثة.

استثمرت المسرحيات الحكي بشكله المتقطع والمتشرذم وجعلته يذوب في حكايا غامضة حيث نجد حكاية داخل حكاية أخرى، أو حكاية تقابل أخرى وتناقضها لتترك المتفرج تائها بين أجزاء الحكايا المفككة حيث يتداخل الواقع والحلم وتجلياته، كما تقدم أحداثا جزئية ومفككة. لهذا لا نجد بداية ووسطا ونهاية بالمفهوم المتعارف عليه سابقا، كما يصعب الحديث عن شخصية بعينها داخل المسرحية، فكل شخصية لها رؤيتها الخاصة تدور في نطاقها تسرد حياتها ومعاناتها وتعبر عن حالة فردية، وإن كانت في بنيتها العميقة تحيل على شريحة كبيرة من الناس.

مارس مؤلفو هذه المسرحيات حرية في القفز من فضاء إلى آخر ومن زمان إلى آخر، فكل القفزات الفضائية والزمانية صارت ممكنة، وهو الأمر الذي سهل التلاقي والاستمرارية، حيث كانوا متأثرين بالسينما ومونتاجها، ومعتمدين على كولاجات تجمع الماضي بالحاضر، والخيالي بالواقعي، لأنها لا تبحث عن تركيب جمالي شامل، بل تراهن على التجزئة واجتهاد المتفرج في تلقي الإرساليات لأنها لا تقدم عملا مسرحيا متكاملا.

وعليه ظهر المسرح السردي مثلا “دموع بالكحول” و”خريف” لفرقة أنفاس، و”نزف” لفرقة مسرح لأجل سكان الجبال، و”شجر مرّ” لفرقة أفروديت، و”حادة” لفرقة دابا تياتر.


نجد في المسرح السردي سردا خاصا وحالة فردية حيث يسرد المؤدي حياته ومعاناته من أزمة معينة وحالة نفسية مثل نص “خريف” لفاطمة الهوري، غير أن هذه المعاناة قد توجد لدى شريحة كبيرة من الناس. إنه يحكي معاناة امرأة من مرض السرطان، ويكشف لنا يوميات مريضة؛ آلامها، أحزانها، نظرة الآخرين إليها، تشرذمها، وأحاسيسها الهشة. إن الحوار في هذا النص نقدي حيث لا نجد مفهوم الحوار لصالح الحدث، بل هو انتقاد للحدث لأنه مفتوح على مجموعة من السنن، فهو ذو طبيعة إخبارية وليس إيهاميا.

مسرح المونولوج حيث يكون الحوار بين الذات والذات، ذاكرة شخصية أو وساطة داخلية بين الشخصية وذكرياتها. والنص ليس نهائيا، بل يظل مفتوحا على أفكار جديدة ورؤى أخرى وفنون أخرى خاصة وأن التقنيات التيكنولوجية تسمح بممارسة التقطيع والكولاج، والتفكيك وإعادة التركيب، فمثلا عرض “نزف” يحكي حكاية امرأة تعيش حياتها كنزيف ليس بمعناه البيولوجي بل الوجودي، فتصوّر مقاطع من حياتها وذكرياتها وتعتمد الانعكاس الذاتي وتوظيف الوسائط.

دراماتورجيا المتفرج تركز على حوار المتفرج، حيث تنظم حلقات نقاشية مع الجمهور حول موضوع معين، فيتمّ استدعاء الفنانين والممثلين والجمهور إلى نقاشه، وتكون أفكارها نقطة انطلاق العرض، مثلا تجربة فرقة دابا تياتر مع جواد السنني وفرقة أكواريوم مع نعيمة زيطان تنظمان حلقات نقاشية مستقلة حول محور معين مثلا “العنف”، تليها كتابة نصوص مسرحية.


الإخراج والنص في المسرح العربي المعاصر

تعاظم دور المخرج وسار يمارس نوعا من الحرية عندما دخل تجربة التأليف الثاني المعتمدة على مقارباته التقنية والبصرية والأدائية والوسائطية بحيث لم يعد يكتف بعملية التنسيق بين مختلف الإنجازات التي تخص العرض، بل صار مبدعا يمارس التأليف أو الدراماتورجيا ابتداء من النص إلى الإنجاز لذلك صار يبحث عن نصوص إبداعية أخرى يعرضها إلى جانب النص المسرحي سواء كانت رواية، قصة، شعرا، موسيقى، تشكيلا، أو أداء.


المخرج الدراماتورج

لقد اعتمد العديد من المخرجين على نصوص معدة دراماتورجيا تتلاءم واللحظة التاريخية وأفق تلقي المتفرج المعاصر واختيارات المخرج. فأعطى المسرح المعاصر دفعة جديدة من المخرجين الدراماتورجيين، يعدّون حسب تصورهم نصوصا للدراما أو نصوصا ركحية لأنهم لا يراهنون على عروض تقدم نصوصا درامية، بل على عروض أدائية لا يشكل النص إلا جزءا بسيطا؛ حوارات قصيرة، شذرات، مونولوج، وسرد.

يستثمرون المسرح السردي الذي يوظف عدة حكايا، فيذوب المسرح في حكايا غامضة لا تتبع تسلسلا معينا بل تتقابل، تتعارض، حكاية داخل أخرى، ومسرحية صغيرة داخل أخرى. مثل “سكيزوفرينيا” هو نص معدّ عن شهادة لأم عزباء، و”فيول أون سين أيضا” إعداد دراماتورجي لمجموعة من الشهادات تعتمد على السرد حيث توجد عدة مونولوجات في العمل الواحد إذ لا تلتقي الشخصيات إلا في مواقف عابرة (Fugitivement)، لأن العرض يقترح عدة وجهات نظر حول الواقع، وحيث لا تبدو حكاية كل شخصية إلا من خلال تقاطع وجهات النظر هاته. تلغي هذه المونولوجات المواقف الدرامية واللحظات القوية، فهو ليس بالحوار ولا يشبه السرد، حيث أن المؤدي الذي يسرد يحيا ثانية (Revit) كلّ ما عاشه ويبرز وجهة نظره. قد تعتمد الحوارات لكنها تكون قصيرة تتلوها مونولوجات منسابة طويلة حيث يتحدث المؤدي إلى حدّ انقطاع التنفس (L’essoufflement) ودون أن يتوجه إلى متحدث.

أيضا يعرض عرض “تمارين في التسامح” عدة قصص أو عدة أحداث متشظية وغير مكتملة ولا يمكنها أن تلتحم. ارتكز المخرج في تكوين نص العرض على أخذ أجزاء من نص تمارين في التسامح لعبداللطيف اللعبي وبعض أشعاره أعدها الدراماتورج والمخرج محمود الشاهدي للخشبة فقدم مسرحية خاصة لم تعتمد على النص الأصلي كأساس، بل على كتابة ركحية جديدة تموضعت بين نص تمارين في التسامح وأشعار عبداللطيف اللعبي وبين الكتابة الدراماتورجية التي أصبح عليها النص فوق الخشبة حيث مارس المخرج نوعا من الحرية.

لقد حاول المخرجون التدخل في النص الأصلي بتفكيكه والاقتطاع منه والإضافة إليه والاستعاضة أحيانا كثيرة عن الكلمة بالفعل البصري (الأداء والصورة في نظام تداخلي) والتركيز على الموسيقى والجوقة وعلى الغناء من أجل التخلص من وطأة الكلمة وتفكيك الحوارات. إنها طريقة جديدة للحديث عن العالم المعاصر عبر تقديم معلومات سريعة ومجزّأة متأثرا بجمالية السينما وب (Zapping) والمسرح داخل المسرح وتقنية الاسترجاع.


المخرج والأداء

ابتعدت بعض العروض المسرحية العربية المعاصرة عن مفاهيم مثل الممثل النجم، الممثل والتقمص، الممثل والاندماج، لأن الاشتغال الأساسي لدى المخرج هو إيصال أفكار ومعان، إرساليات أو تأويلات خاصة. لهذا نجده أصبح يختار إما: ممثلين محترفين، أو يمزج بين الممثلين المحترفين وغير المحترفين، أو ممثلين شباب مبتدئين (مثلا عرض الزومبي من مصر اعتمد على الطلبة)، أو على مؤدين لم يسبق لهم أن مارسوا التمثيل مثل عرض أخذ الكلمة (Prise de parole) الذي استقدم مغنية قامت بالتمثيل لأول مرة، أو عرض “حومة” من تونس إخراج حافظ خليفة وتجسيد عناصر المدرسة الوطنية للسيرك الفني التابعة للمسرح الوطني، الذي وظف مؤدي السيرك وهو عرض حركي ومشهدي ارتكز على السيرك وعنى بطقوس وعادات الحياة الاجتماعية للمدينة العتيقة، أو على مؤدي الرقص في عرض المسرح الراقص التونسي “صالة” كوريغرافيا وإخراج عماد جمعة، ويحكي عن الفوضى واليأس والعنف وعن الأوضاع المعيشية بعد الثورة.


أنواع الأداء المعتمد

إن الحضور الجسدي للممثل من العناصر الأساسية في الأدائية، رغم أن الجسد غير حاضر على المستوى الحسي والإيروتيكي والتشكيلي فحسب، إنه مكان لمعان عديدة جدا، إنه أساس لغة مفتوحة.

إذا كانت الحركة في العروض التقليدية تفسر الكلمة وتحاول جاهدة أن تكون طبيعية، فإنها في المسرح المعاصر تكون مفسرة للفعل. يركز المخرج على العمل الجماعي في الأداء من أجل أن يسلب المخرج الممثل النجومية، ويعتمد على الأداء التحويلي؛ بمعنى يقفز المؤدي من أسلوب أداء إلى أسلوب آخر، ومن فن إلى آخر، كوسيلة لإيصال الفكرة، فيتعدد اللعب والأداء من حركة وإيماءة ورقص وغناء وأكروبات، إلى بناء نظام تواصلي جديد مع الجمهور.

ويتعامل المخرج مع الممثل كوحدة تقنية؛ أولا: يطلب من الممثل أن يركز على أدائه وحضوره كجسد مؤدّ بدلا من التركيز على الدور أو الحالة النفسية. ويُخضع أداءه إلى تصوره (المخرج) الخاص فيقترح قطع الحركة المستمرة لمنع تدفقها والابتعاد عن الاندماج، إذ يبقى المؤدّي حاضرا بجسده واعيا به وواعيا بالأداء الذي يؤدّيه؛ يعي أنه منفصل عن النص وأنه يقترح بناء معنى.

وثانيا: يدمجه في الوسائط فيقطع أداءه ويطلب من الممثل وقفات مفاجئة تشكل بياضات سردية، ويمارس على أدائه التقطيع، بل أحيانا يكون هذا التقطيع أساس الأداء الذي يخضع لهندسة يمليها المخرج حتى يقوم بالمونتاج الذي يرغب فيه. إنه يتعامل مع المؤدي كنظام علامة، يمكن تركيبه مع أنظمة العلامات المختلفة الموجودة فوق الخشبة الفضاء والضوء والصورة والصوت، حيث كل هذه الأنظمة تضع المعنى.

وينزاح نظام العرض عن إرسال الكلمة بالطريقة التقليدية ويوظف جماليات صوتية لفظية خاصة، ويشتغل بالأصوات المتزامنة؛ الصمت، والتشويش، وأصوات من دون معنى، والصراخ. كما يشتغل بالمعالجة الإلكترونية من أجل تفخيم الإلقاء أو تكسيره أو تكراره مبتعدا عن الإلقاء التقليدي الذي يعتمد على الأسلوب الواقعي.


الإضاءة

يركز العرض المعاصر على الإضاءة من أجل خلق لغة سردية مختلفة، فيوظف المخرج كل القفزات الفضائية والزمانية، بحيث لم يعد محدودا في إكراهات الديكور التقليدي، مثلا يهتم المراني حسن في عرض “ليام أ ليام” بالإضاءة التفاعلية ويستعملها كصورة وإيقاع، فانتبه إلى اللون والسرعة والكثافة والشكل والسرد، وأثثت الإضاءة الفضاء.

إن اشتغاله على الإضاءة في مسرحيته يدخل في صميم العملية الدراماتورجية والإخراجية، ذلك أنه اعتمد عليها بشكل كبير في التأثيث الجمالي والحسي والنفسي لخلق الأجواء المناسبة واستحضار الأحاسيس المرغوبة فيها لتعزيز القوة التشخيصية الصادقة عند الممثل وتفاعلهما المتبادل ومدى تأثيرهما على المتلقي. فبالإضافة إلى قطع الديكور يتشكل الفضاء من كابلات مضيئة بواسطة مستطيلين يتوسطهما فضاء ثالث. كما خلق فضاءات من الإضاءة تعتمد على شبكات من الخيوط الضوئية تتشكل كمقصورات ضوئية يتم اللعب بداخلها -وعلى الخصوص المشاهد المسترجعة- كأننا في رقعة للشطرنج وبيادقها الممثلون الذين يصنعون تشكيلات جمالية داخل الرقع المتكونة من الإضاءة وكذلك من عدة سجادات دائرية بيضاء اللون بحجم الشبكات الضوئية وعددها.


الإيقاع

من الملفت أن المخرج أصبح يركز على إيقاع الحركة والموسيقى والغناء والصورة أكثر من اهتمامه بإيقاع الكلمة لأنه يهتم بالنظم البصرية، مثلا استغل عرض “ترينكا” للمؤلف سعيد أبرنوص وإخراج أمين غوادة بمنهج الكوميديا ديلارتي، الأسلبة، والكروتيسك الذي نهل آلياته من الإنسان المغربي بمنطقة الريف الذي يمتلك طريقة خاصة في السخرية والمبالغة، وينتبه للحركة والإيماءة، بحيث يطلب من الممثل إيماءة بعينها، تكرار بعض الحركات أو الإيماءات فتصبح أساسا لاشتغاله ولإيقاع عرضه.

واعتمد المخرج على إيقاع الرقص في عرض “خريف” والاستغناء عن الكلمة في بعض المشاهد، فاستطاع خلق إيقاع مختلف وإنتاج مدلولات متعددة، الشيء ذاته في العرض المسرحي الراقص “صالة” من تونس.

ويركز على الإيقاع البصري، مثلا عرض “نزف” وظف جهازا مبرمجا أظهر الصور على الشاشة المتواجدة في يمين الخشبة بتقنية عالية جمعت بين الفيلم السينمائي والعاكس الثابت مع الممثلة فوق الخشبة فقدمت هذه الصور أحاسيس الشخصية، أفكارها، أحلامها، رؤاها، دواخلها، وصورت العالم الخارجي كما تراه الشخصية. حاولت أن تعكس ما يدور في ذهن الشخصية بشكل تقني خصه لنسق إيقاعي.

ثم يركز على إيقاع الموسيقى الذي يشكل جوهر عروض “اللعب” و “بين بين” و”أخذ الكلمة” (Prise de parole) لمحمود الشاهدي حيث هيمنت الموسيقى والغناء على الفعل والخشبة. ويبدو أن المخرج فكر في الموسيقى أولا قبل التفكير في عناصر الإنجاز الأخرى، فلعبت دورا أساسيا في تشكيل المعنى ولم تكن تابعة للإلقاء فحسب.

وأخيرا يمكن القول إن بعض عروض المسرح العربي المعاصر فتحت الأفق لوسيط جمالي مركب من اللغة الحرفية والصوتية والبصرية والسمعية والتشكيلية، ورصدت الحركة والصمت، وانتفت فيها المركزية والحدود الفاصلة للفنون: الموسيقى والرقص والتشكيل والكلمة، حيث أصبحت الحرية فعلا يمارس وشرطا أوليا في الإبداع والمعرفة.
عرض نزف أداء وإخراج فاطمة عطيف (تونس)

الهوية الضائعة ..المسرح العربي بين الكلاسيكية والحداثة

مجلة الفنون المسرحية
عرض 'العاديات' تأليف وإخراج خليل نصيرات (الأردن)

الهوية الضائعة ..المسرح العربي بين الكلاسيكية والحداثة

هشام زين الدين - الجديد 

يقول يوسف إدريس في مقدمة الطبعة الثامنة لمسرحية “الفرافير” 1988: وأنت تقرأ هذه المقدمة التي كتبتها لن تحس بالاستغراب لكثير ممّا جاء فيها وكأنها أراء سبق أن قرأتها أو سمعت بها، لكنها لم تكن كذلك عام 1964، كانت شيئا جديدا تماما على المسرح العربي كله وكان مجرد المناداة بها عملا جريئا يستحق من الكاتب قطع رقبته، والآن يبدو كل شيء عاديا وليس بالمستغرب، ذلك أن هذا الرأي كان جريئا وسرعان ما أخذ ينتشر.
منذ انطلاقته الأولى على يد الرائد المسرحي اللبناني مارون النقاش، وخلال أكثر من قرن ونصف القرن من وجوده، انشغل المسرح العربي نظريا وعمليا بالبحث عن هويته الخاصة، المتميّزة عن غيره من مسارح الأمم. بدأت عملية البحث هذه من خلال تظهير بعض العناصر الفرجوية والاحتفالية من تاريخ الشعوب العربية الأدبي أو القصصي أو الديني أو غيره، فاستخرجت أو استلهمت العناصر التي تحتمل التوليف وإعادة التركيب والمسرحة على وجه الخصوص، أو تلك التي يمكن إلباسها اللباس المسرحي في الشكل بالحد الأدنى.

وكانت قد بدأت عملية البحث هذه منذ المسرحية الثانية للرائد مارون النقاش “أبوالحسن المغفّل أو هارون الرشيد” التي استلهم موضوعها وأحداثها من حكاية بعنوان “النائم واليقظان” التي وردت في كتاب ألف ليلة وليلة حيث برّر النقاش سبب اختياره لها بقوله إنها “أحب من مسرحيته الأولى أي ‘البخيل’ عند قومه وعشيرته”.

خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين لم تنقطع المحاولات التي اتخذت أشكالا متعدّدة غلب عليها الطابع الأدبي الشكلاني، والتي لم تتمكن من الغوص في جوهر الهوية المسرحية ومكوناتها الدرامية المطلوبة، فبقيت مجرّد إرهاصات غير مكتملة، تم الاعتراف لها بشرف المحاولة ولم تحصد نصر الإنجاز.

في النصف الثاني من القرن العشرين شهدت حركة البحث هذه زحمة مبادرات أفرزت تحولا نوعيا كبيرا، لجهة ظهور مجموعة من المقترحات المسرحية المشغولة أدائيا وبصريا، والمدعمة بمراجع نظرية حول مسألة الهوية. تميّزت هذه المقترحات عن سابقاتها باعتمادها عناصر درامية محتملة في عملية المسرحة كأساس يبنى عليه الشكل الجديد المقترح. نستعرض سريعا أهم هذه المحاولات التي اقتربت من الصيغة المسرحية بنسب متفاوتة في ما بينها، بغض النظر عن مدى اقترابها أو ابتعادها عن تحقيق الهدف المنشود، أي الهوية المسرحية.

في هذا السياق جاءت صرخة يوسف إدريس تحت عنوان “نحو مسرح مصري” عام 1964، حيث استند إلى أسس استلهمها من مسرح السامر المصري بهدف خلق مسرح عربي أصيل، وقد شكلت هذه الصرخة تعبيرا صادقا عن الروح الطامحة للانعتاق من التبعية للغرب ثقافيا، ثم تبعتها دعوة توفيق الحكيم في “قالبنا المسرحي” عام 1966 إلى مسرح الفرجة. وفي سوريا أطلق سعدالله ونوس مقترحه في “بيانات لمسرح عربي جديد” حيث دعا إلى مسرح التسييس، ولا ننس دعوات عبدالكريم برشيد إلى المسرح الاحتفالي، والفريد فرج إلى مسرح السيرة والحكايات، وروجيه عساف إلى مسرح الحكواتي وعلي الراعي إلى المسرح الارتجالي وغيرها من الدعوات محدودة الأثر.

وعلى الرغم من الأهمية التجريبية والبحثية والجمالية لهذه الطروحات والمقترحات التي استفادت منها الحركة المسرحية العربية دون أدنى شك، كونها شكّلت محفزا ومحركا للإبداع والخلق الذاتي بعيدا عن الاقتباس والنقل على صعد الإخراج والتمثيل والكتابة والعلاقة مع الجمهور، إلا أنها في المحصلة النهائية انتهت إلى فشل في تحقيق الهدف الكبير الذي وجدت لأجله، ولم تتمكن أي منها من خرق الإطار العام للنشاط المسرحي العربي الذي استمرّ محكوما، ولا يزال، بالقوانين والشروط التي اصطلح على تسميتها بالـ”غربية” للمسرح، وهنا لا بد من محاولة استكشاف موضوعية للأسباب التي أدت إلى هذا الفشل.

يقول الشاعر أدونيس في معرض تحليله للأسباب الكامنة وراء الفشل في الوصول إلى خلق هوية عربية للمسرح “إن مفهوم المسرح ومقوماته في تناقض واضح مع الثقافة الدينية للمجتمع العربي لأن المسرح قائم على الصراع، بينما الثقافة الدينية في المجتمعات العربية تتسم بالبنية الخالية من الصراع، لأنها تقوم على الإيمان المطلق الذي لا يفسح في المجال للتساؤل، وكيف يمكن أن يزدهر المسرح في ثقافة لا يكون الإنسان في مركزها؟ فالإنسان في المسرح هو مركز الكون لكن الله هو مركز الكون في الثقافة الدينية للإنسان العربي. واللغة العربية هي لغة بيان وفصاحة أو لغة وحي وإنشاء وتمجيد، بينما اللغة المسرحية هي لغة التوتر والتناقض والقلق والصراع، وهي “لغة الحركة” بحسب أدونيس.

يلتقي هذا التحليل مع آراء مجموعة كبيرة من الباحثين والمنظرين في فن المسرح وفي المسألة الثقافية بشكل عام، ومن الطبيعي أن يكون لهذه الأسباب حجم تأثير لا يستهان به، تضاف إليها أسباب جوهرية تتعلّق بمكونات الهوية العربية السياسية والتاريخية والثقافية والاقتصادية التي تعاني من حالة تشرذم وضبابية ولم يتم التوافق على توصيفها حتى يومنا هذا، لذلك نجد أن البحث عن هوية للمسرح العربي في غير محله وفي غير زمانه كونه ينطلق من أساس وهمي غير موجود في الواقع- أي الهوية العربية- إلا في أحلام الشعوب التي يملك كل منها هويته الخاصة بكل ما تعنيه كلمة هوية من أبعاد قومية وثقافية وعرقية واجتماعية. وأستعير هنا رأي الناقد المسرحي المغربي عبدالرحمن بن زيدان حيث يقول “إن المسرح العربي مسارح، والكتابة فيه وحوله كتابات، وأسلوب الإخراج أساليب، ولغة المسرح لغات وعلامات ودلالات، لأن مشارب الثقافة المسرحية العربية متنوعة المصادر، متباينة المنطلقات”.

التباين في المنطلقات والتنوّع في المصادر يدلان بوضوح على عدم وجود أساس موضوعي لهوية عربية جامعة ومتينة يمكن أن يقوم عليها البنيان المسرحي العربي، فاللغة الفصحى الجامعة التي لا يتكلمها أي مواطن عربي بعفوية، تقابلها لهجات عربية متنوعة يصعب فهمها من غير أهلها في الغالب، والرغبة أو الحلم بالوحدة عند معظم الشعوب العربية يقابلهما على أرض الواقع السياسي تباعد وتنافر وخصومة تصل إلى حدود العداء أحيانا، والتناقض الاقتصادي الهائل بين دول فاحشة الثراء وأخرى غارقة في فقر مدقع، ودول قطعت أشواطا في التحرر الاجتماعي وأخرى لا تزال تتخبط في وحول الجهل والتخلف. كل ذلك يدعونا إلى التفكّر والنظر في مرآة الحقيقة والتساؤل: عن أي هوية قومية نتكلم؟ وتاليا عن أي هوية مسرحية عربية نبحث؟

وهنا لا بد من الاعتراف وبجرأة، أننا وبالرغم من كل محاولات التأصيل التي شهدناها في البلدان العربية، ومع الاعتراف المتكرر بأهميتها التجريبية، كنّا ندور في فلك منجزات المسرح الغربي الذي حاولنا التمّيز عنه. فالنصوص والمدارس والنظريات والتجارب المسرحية التي تعلم منها المسرحيون العرب في معظمها غربية – أوروبية، والمعاهد والجامعات التي أعدت وأسهمت في تكوين غالبية الكادر المسرحي العربي هي غربية – أوروبية، حتى ريبرتوار العروض المسرحية على خشبات المسارح العربية كان يستند في معظمه إلى نصوص غربية – أوروبية. وفي هذا السياق يقول المسرحي السوري فرحان بلبل إن “المسرح العربي ومنذ ولادته كان يركض لاهثا وراء المسرح الغربي، وكتُب النقد الأدبي العربي مليئة بكيفية تعلّم العرب لفن المسرح ونقلهم لا لقواعده فحسب بل ولمختلف مدارسه واتجاهاته وكثيرا ما كانت المدرسة المسرحية الغربية تعيش عند العرب بعد أن تنتهي موجتها وتأثيرها في الغرب”. بمعنى آخر لقد استخدم المسرح العربي الأدوات والمراجع والمعارف والخبرات الغربية – الأوروبية في بحثه عن هويته الخاصة لكي يثبت تميّزه عن هذا الغرب، وفي هذه المعادلة التباس وعشوائية كبيران.

إن إقرارنا بصعوبة الوصول إلى الهوية المسرحية العربية الواحدة التي تجمع ضمن إطارها الحركات المسرحية العربية، يفتح باب النقاش للإجابة على سؤال: أي مسرح نريد اليوم في زمن العولمة؟ لندخل من خلاله إلى دور المسرح وجدواه بالنسبة للإنسان العربي المعاصر، آخذين بعين الاعتبار تطور هذا الفن عالميا، وانتقاله عبر مراحل تاريخية من الكلاسيكية والرومانسية إلى الواقعية وتردداتها غير الواقعية وصولا إلى الحداثة وما بعد الحداثة، أين نحن من حركة التطور هذه؟ وهل مسرحنا الراهن يعكس تطلعاتنا الاجتماعية والفكرية والجمالية والفنية والتعبيرية؟ واستطرادا، هل ينعكس فقدان الهوية المسرحية الخاصة بنا على مستوى مواكبتنا لمراحل تطور المسرح العالمي؟

للإجابة على هذه التساؤلات لا بد من تحديد موقع المسرح العربي اليوم على سلم حركة تطور المسرح العالمي، فهل نحن مواكبون لهذه الحركة أم متخلفون عنها؟ هل دخلنا في مرحلتي الحداثة وما بعدها فعلا أم لا نزال غارقين في الكلاسيكية والرومانسية والواقعية التي أصبحت من الماضي؟ والجواب المستند إلى الواقع هو جواب مركب، أي نعم ولا في نفس الوقت.

يلاحظ المتابع للمهرجانات والعروض المسرحية العربية اختلافا كبيرا في نوعية العروض وانتماءاتها الفنية والجمالية ومدى مواكبتها لمستجدات التطور المسرحي عالميا، ما يؤشر على حالة من التخبط وانعدام الوضوح في الرؤية عند المسرحيين العرب، ففيما يجهد بعضهم في البحث عن آفاق جديدة في التعبير مستخدما الأساليب الحديثة خارج القيود الكلاسيكية السائدة، نجد البعض الآخر غارقا في التقليد محافظا على صيغ مسرحية تخطاها الزمن. والمثير للدهشة أن هذين النموذجين يتعايشان جنبا إلى جنب في نفس المجتمع والمدينة والمسرح أحيانا. وهنا قد يقول قائل إن هذا التنوع يشكل حالة من الغنى الثقافي، وإن حرية التعبير تكفل لأي مسرحي تقديم رؤيته الخاصة للجمهور حتى ولو كانت تقليدية وفي هذا جزء من الحقيقة، لكننا من زاوية نظر مخالفة لهذا الرأي نقول إن وظيفة المسرح ودوره الاجتماعي والفني والثقافي والجمالي في حياة المجتمعات، ووظيفة الفن عموما، تفرض على المسرحيين التطلع إلى الأمام وفتح آفاق معرفية وفكرية وتعبيرية جديدة غالبا ما تقوم على تكسير الأنماط والثوابت السائدة التي تعيق تطور هذه المجتمعات. ومن هنا كان دور المسرح طليعيا في كل الأزمنة والأمكنة، خصوصا في زمننا الحاضر المحكوم بالعولمة التي فتحت حدود التواصل والتفاعل بين الشعوب والأمم على مصراعيها، ولم يعد بمقدور أي طرف الانغلاق على نفسه ودفن رأسه في الرمال والتخلف عن مواكبة العصر في شتى الميادين.

إن صيرورة التاريخ والتطور لا ترحم المتخلفين عن اللحاق بها، والمسرح العربي ومنذ تأسيسه كان في مقدمة الفنون التي انقلبت على التقليد ودخلت في محاولات التحديث، وفي هذا السياق يقول الناقد اللبناني بول شاؤول “المسرح عندنا هو أول الحداثة، والمفارقة اللافتة في الظاهرة المسرحية المبكرة (والمقصود هنا ظاهرة مارون النقاش) تكمن في أن المسرح كان من الإشارات التجديدية الأولى قبل الشعر والرواية والفن التشكيلي، علما بأن المسرح كنوع مستقل بلا تراث عندنا والأنواع الأخرى تكاد تكون راسخة في التراث العربي”. إنها حقيقة تاريخية لا يجوز إهمالها بل يجب البناء عليها لتأكيد الدور الطليعي للمسرح في حياتنا، وذلك من خلال مواكبة تطورات الحداثة في المسرح وتعميم ثقافتها ونشر معارفها وتقنياتها، والدخول في تجارب ما بعد الحداثة من دون تردد، وتحفيز الأجيال المسرحية الجديدة في الجامعات وفي الفرق المسرحية المحترفة والهاوية على الخوض في تجارب مسرحية حديثة والخروج من التقليد ومن المعالجات الدرامية الكلاسيكية التي يمكن أن تبقى كخيار جمالي يستخدمه المسرحي عند الضرورة وكجزء من العملية الإبداعية. فالكلاسيكية كمادة نصية أو كعنصر جمالي قد تكون مطلوبة لا بل ضرورية أحيانا، لكن المهم كيف نقدمها لجمهور اليوم، والمؤكد أننا لا يمكننا تقديمها بأسلوب أو معالجة كلاسيكيين، وأستذكر في هذا السياق مسرحية “هاملت” التي قدمها المخرج الكبير انغمار برغمان في موسكو في نهاية الثمانينات والتي أحدثت صدمة “حداثية” إن صح التعبير في نفوس وعقول الجمهور الروسي الذي لم يكن قد تخطى الحصرية الستانسلافسكية الواقعية بعد، وذلك عندما تشقّق جدار كبير في خلفية المسرح ودخل منه هاملت ورفاقه في بداية المسرحية بلباس مغنّي “الروك أند رول” يحمل كل منهم راديو كاسيت على كتفه وموسيقى الروك العصرية تصدح منه.

في الخلاصة لكل جيل مسرحي همومه وتطلعاته ورؤياه التي تعبر عن زمنه والتي تختلف عما سبقه من أجيال، وعندما تعيد الأجيال الجديدة إنتاج الأفكار الإنسانية ذاتها بالأساليب والمعالجات نفسها تتوقف حركة التطور والارتقاء، إنها دعوة إلى الخروج من الثوابت الكلاسيكية ومن الواقعية ومن المدارس الجامدة في المسرح العربي والانطلاق نحو الفضاء الواسع في التعبير ومواكبة المنجزات المسرحية المتجددة والمتغيرة باستمرار من دون أي تردد أو خوف، إنها دعوة إلى ممارسة الدور الحقيقي الطليعي للمسرح في حياتنا، وإلى تغيير السائد من أجل تطويره، لكي يكون مسرحنا انعكاسا لصورتنا الحقيقية كما نريدها نحن وليس كما يريدها لنا الآخر كائنا من كان.

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption