أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

السبت، 16 يونيو 2018

مهرجان دولي لمدارس المسرح والسيرك في فرنسا

مجلة الفنون المسرحية

مهرجان دولي لمدارس المسرح والسيرك في فرنسا

باريس -  العمانية:

يقام بمدينة «ليموج» الواقعة وسط غرب فرنسا المهرجان الدولي لمدارس المسرح والسيرك بحضور نحو 100 طالب كوميدي من مؤسسات في فرنسا وبوركينافاسو وسنغافورة والصين.
وتتضمن نشاطات المهرجان عرض قطع مسرحية أنتجها المشاركون ودراستها ونقاش مختلف نقاط قوتها وضعفها.
وقالت فيكتورين ساوادوغو من مدرسة «كانديما» في واغادوغو، عاصمة بوركينافاسو، إنها تطمح لأن تصبح كوميدية للتعبير عن نفسها وأنها تتمنى أن يتمكن أناس في العالم أجمع من معرفة قيمة المسرح ودوره في تشخيص ومعالجة مشاكل المجتمع.
من جانبها، قالت المخرجة البوركينابية أوديل سانكارا إن المسرح، حتى ولو كان يدرس بنفس الطريقة في بوركينافاسو وفرنسا والصين وسنغافورة، إلا أنه يتميز بخصوصيات معينة في كل واحد من هذه البلدان.
وأوضحت أن قوة المسرح تكمن في كونه يظل فنا عالميا ذا أسس موحدة تتأثر بالفضاء الجغرافي والثقافي والمعتقدات والقيم وطريقة رؤية العالم والتعامل معه في كل مجتمع على حدة.

الخطايا العشر مسلسل باحداث وشخصيات وافكار وحبكة ممسرحة

مجلة الفنون المسرحية

 الخطايا العشر مسلسل  باحداث وشخصيات وافكار  وحبكة ممسرحة

وضاء الحمداني 

نساء المسلسل نساء متنمرات ورجال المسلسل رجال ضعاف الشخصية والنفوس . المشهد الاول المسرحي عرس بثينة ووقوف اختها سارة مع امها بجنب البنت بثينة  التي  تخسر الكل بكلامها الجارح مع الكل , الا ان المشهد المثير للانتباه تكاتف الاختان والام
ورفض اللقاء مع الاب يذكرنا بمشهد مسرحية تشيخوف الاخوات الثلاث ومشهد مسرحيةبريشت الام شجاعة حيث الام وكاترينا ,  الان نحلل الشخصيات .
سعاد : امرأة متنمرة خائنة ترفض واقعها لكنها في النهاية تظهر شخصية طيبة القلب .
طيبة : امرأة اسمى على مسمى طيبة حنونة تربي  ابناءها بشرف .
سارة : اول ما تظهر متنمرة وهي مطلقة لكنها في الحقيقة طيبة وعطوفة وحنونة من الداخل 
رغم اصابتها بالسكر .
نورية : صديقة سارة وحبيبة اخيها عبد الله وهي امرأة كاذبة تبحث عن المصلحة في علاقاتها .هناء : امرأة متنمرة يظهر في فعلها الخبث وخصوصا مع عائلة طيبة وابناءها وهي امرأة خالية من المشاعر والعاطفة .
ليلي : امرأة متنمرة عديمة الشخصية غير متحكمة في افعالها تتحكم فيها هناء كلعبة تذكرنا بشخصية نورا في بيت الدمية تارة تكون لعبة وتارة ترفض واقعها فتصفق الباب وتترك زوجها.
منعم : الاب شخصية ضعيفة ينقاد وراء زوجته الاولى هناء ويكون بين يديها كطينة صلصال
تشكله هناء كيف تشاء .
ابراهيم : الابن الاكبر لطيبة شخص معتدل بارد متوازن في طبعه من الخارج لكنه عاطفي
حنون جدا من الداخل .
عبد الله : الابن الاصغر شخص متهور غير متوازن متعلم لكنه يعاشر الجهلاء فيتطبع بأطباع
الجهل والمقامرة في السباقات والحياة لكنه عاطفي تجاه امه واخواته ماعدا اخوه .
د.سلمان : شخصية ضعيفة لكنها متعلمة مثقفة تقنع جميع الناس الا اهله واقاربه يظهر خلاف مايبطن يصدق مايقال له دون ان يتحرى كامل الحقيقة من كل ابعادها المطلوبة .
عبسي : شخص معتدل متوازن عاطفي صديق مخلص وفي للاب منعم .
توفيق : اخو اماني زوجة سلمان شخص ضعيف الشخصية يتخلى عن اخته في اصعب المواقف 
واتفه الاسباب .
شخصية السفير اب سعاد : شخصية قوية رغم اعاقته بالجلوس على كرسي متحرك لكنه شخص قوي حكيم معتدل متوازن وعاطفي على كل اقاربه .
زيد : شخصية خائنة يحاول تبسيط الامور والافعال وان كانت غير مقبولة معجب بنفسه
واطلاقه الحكم التي تتماشى مع مصلحته والموقف الذي بتعرض له .
كريم : صديق ابراهيم شخص قوي متوازن عاطفي صديق مخلص وفي لصديقه محب لزوجته.
يوسف : زوج بثينة رجل ضعيف الشخصية لا يقدر ان يحكم زوجته وان يكون اسرة بضعفه
ولقوة شخصية زوجته بثينة . 
ان المسلسل باشخاصه واحداثه وافكاره وحبكته تحس بانها مسرحية اقرب للواقع وان الاحداث بشخوصها بانها شخصيات حية تعيش بيننا تمشي وتأكل وتتحرك بيننا فاظهر الممثلون براعة
فائقة في الواقعية في التمثيل والصدق في الاداء , وفي النهاية اود ان اضيف على شخصية 
عبد الله يذكرنا بمسرح العبث حينما حرق منزل ابوه الذي يرتكز هذا المسرح على العناصر الثلاث الانتحار القتل الاخطاء المؤلمة ويرى بان جميع البشر اعداءه وهم مستحقين للموت وان
السعادة لا تتحقق الا بالموت ما عدا اهله القريبين عليه فقط  كما يرى مسرح العبث ورائده كامو , ونقطة اخرى تصارع النساء حول زيد وابراهيم يذكرنا بمسرحية الاقوى لستريندبيرج
السويدي , المرأة المتنمرة امرأة صعبة الانقياد والترويض والتحكم  يتحكم فيها عوامل البيئة والواقع والاصدقاء والمجتمع .

الخميس، 14 يونيو 2018

الحصاد.. محاولة الارتكان للتراث العالمي

مجلة الفنون المسرحية

الحصاد.. محاولة الارتكان للتراث العالمي 


محمد النجار - جريدة مسرحنا


علي خشبة مسرح أوبرا ملك بالقاهرة وضمن فعاليات المهرجان الختامي لنوادي المسرح في نسخته السابعة والعشرين قدم فريق نادي مسرح سوهاج العرض المسرحي الحصاد والذي أثار جدلا مستحبا بين أوساط المتفرجين بدءا من الإعلان عنه في جدول المهرجان وحتي قبيل بدء العرض على خشبة المسرح ذلك أنه بداية عرض مسرحي قادم من صعيد مصر ويحمل توقيع فتاة )مؤلفا ومخرجا) - رضوى محمود – بل ومصممة للكريوجراف - مروة محمود – وفي هذا سعي نراه محمودا لتقلد المرأة في الصعيد وفي مصر بأثرها مكانة تستحقها في خريطة الإبداع المسرحي لأبناء الجنوب وبالعودة لاسم العرض ( الحصاد ) وبلد المنشأ ( سوهاج ) نجدنا بشكل فطري كونا أفقا لتوقع دلالات العرض المسرحي واطروحته الا ان كل التوقعات التي تم رسمها بخصوص العرض ذهبت سدي ذلك انه كالمعروف والمعتاد في تجارب  نوادي المسرح انها تجارب تحاول الخروج عن المألوف والمعتاد وتعلن بشكل اساسي عن اعتناق الحرية المطلقة في الطرح والاطروحة وبالعودة الي لحظات بدء العرض المسرحي ( الحصاد ) لنادي مسرح ( سوهاج ) والذي احتلت فيه المرأة مركز الصدارة والقيادة بل وتغلغل دورها ايضا علي مستوي التشخيص والتجسيد نجد اننا امام عرض مسرح مختلف ذلك اننا امام تكوين صخري يشبه الكهف طوال فترة التشخيص كاطار عام أطر الرؤية زمانا ومكانا تشكيلياً وافتراضيا وان تم الانتقال بالزمان والمكان باختلاف البؤر سواء كانت هذه البؤر ضوئية او باجساد الممثلين وحركة الكريوجراف والميزانسين فهو بالتبعية عرض بدأ من الكهف وعاد الي الكهف في شكل جلي واحتلت خشبة المسرح للعديد من الطاقات التشخيصية الحركية وتراجع الحوار المنطوق والملفوظ في اغلب لحظات العرض لدرجة اقرب الي الاختفاء لتحتل مكانه الحركة للتعبير عن الطرح الفكري والذي احتوي زخما وجوديا بطبيعة الحال ناتج عن الصراع الأبدي والمكرر بين الأبيض والأسود بثنائية الخير والشر التي احتلت فراغ خشبة المسرح طوال الوقت لتعلن عن أفكار مقولبة ومعلبة عن صراع الإنسان مع الآخر والسعي إلى الوصول إلى الأنا والأنا المثالية والابتعاد عن دلالات الانسحاق في الصراعات الأيدلوجية العديدة في الوقت الراهن والتي لم ينج منها أحد سواء من تمسك بمبادئه أو تخلى عنها على السواء .
جاء العرض رافضا الاستعانة بالتراث الزاخر والمتجدد لصعيد مصر ومعارضا ومشاكسا للرؤي الإبداعية العالمية المنشأ والتأثير بشكل راقص اقترب من فن الباليه حينا ومن التعبير الحركي في كل الأحيان ليعلن العرض عن ممثلة ومخرجة ومؤلفة مهمومة بقضايا وجودية مجردة أكثر من اهتمامها بقضايا الأصالة والتفرد بالانغماس في التراث المحلي فرأت بالضرورة أن الارتكان للتراث العالمي سيحقق لها رؤية الحقيقة بشكل أوضح وقول ما قد ينوء عن قوله وحمله الثقافة المحلية والإقليمية فاتجهت إلى قراءة ورؤية ثقافات الآخر وسماع موسيقاهم فاستفادت من درة الكلاسيكيات العالمية لفن البالية ( بحيرة البجع ) وأحال الصراع بين الفتاة مرتدية الملابس السوداء والفتاة مرتدية الملابس البيضاء إلى الصراع الأشهر في بحيرة البجع بين ( أوديت وأوديل ) واللافت للانتباه هو الاجتهاد الكبير الذي قامت به  أغلب الممثلات ( تحديدا ) في الإمساك بإيقاع النغم والحركة على الرغم  من ابتعادهم عن طبيعة هذه الأدوار ( ماديا ونفسيا ) فاهتمت  الكروجراف بتشكيلات اقتربت من تشكيلات الكورد باليه مع رقصات فردية وثنائية لصاحبات الرداء الأسود والأبيض.
هم مجموعة من الرجال والنساء في اللامكان يسعون إلى العمل والجد والاجتهاد لتوفير سبل العيش الكريم بالعمل ومع اقتراب الآخر ودعوته إليهم بالتكاسل والتراخي شرط سلبهم سبل الحياة وتحويلهم إلى تابعين له لا لغيره مع توفير الطعام لكل فم فرضخ البسطاء لسلب أدواتهم التي بها يكدون  ويشتغلون ليأكلوا وانتظروا المنح والعطايا من الآخر حتى إذا حاول أحدهم أن يبصرهم بخطأ تكاسلهم نهروه ولفظوه وسلبوه حياته وملابسهم فولد هذا الساعي إلى إنقاذ ذويه كطاغية ينكل بهم وسعى لاستقطاب الباليرينا ذات الرداء الأبيض وعذبها وحاول جعلها تابعه له لا للآخر المستبد بعد أن تحول هو الآخر إلى آخر وارتدي ملابسهم حتى جاء المدد والعون من الصالة بذاك الشاب المقنع الذي ما أن حاول إنقاذ فتاته ذات الملابس البيضاء ونجح تقريبا تظهر الباليرينا  ذات الملابس السوداء لتغويه فاغتوى واستقطبه فاستقطب وأصبح المقنع تابعا هو الآخر للآخر المستبعد وأهملت الفتاة البيضاء كل تلك الأحداث جسدت وشخصت بشكل حركي وعلق عليها تباعا رجل يجلس في كهفه معتنقا اليوجا منهجا مرتديا ملابس بيضاء ملمحا ويحاول أن يتعلم منه شاب دهن وجهه باللون الأسود والنص الثاني باللون الأسود ليتأرجح الشاب بين هذا وذلك وتعلن الأفكار الوجودية والآيديولوجية بشكل سردي مباشر عن طريقهم بشكل مدرسي معلنا عن الهشيم المتأرجح بين هذا وذاك وطارحا الفرضية الأكثر جدلا : هل التخلي عن الثقافة المحلية والانقياد للشكل الغربي مضمونا وفكرا هو الانسب؟ أم محاولة تطوير الخطاب المحلي للوصول إلى صيغة عالمية التأثير هو الأصلح ؟ 

الأربعاء، 13 يونيو 2018

المسرح والفلسفة وحدود الأداء

مجلة الفنون المسرحية


 المسرح والفلسفة  وحدود الأداء


ترجمة أحمد عبد الفتاح - جريدة مسرحنا 


    لقد كان مقدرا للفلسفة، وهي العلم الذي يهتم بالحقيقة والوجود وأسس المعرفة، أن تمقت المسرح، الذي يرتكز على الكذب والتظاهر والعوالم الزائفة. فلم تكن الهجمات الفلسفية على المسرح، لأنها صاحبت تاريخ الفلسفة منذ أفلاطون، متكررة فقط، بل كانت غير مفاجئة. وفي الوقت نفسه، دافع عن المسرح كثيرون من بينهم الكثير من كتاب المسرح من خلال ابتكار صورة ساخرة للفلاسفة فجسدوهم كحمقى ومشعوذين على خشبة المسرح، وهو التقليد الذي بدأ مع أرستوفانيس في مسرحية «السحب Clouds». وبالطبع يمكن اعتبار أفلاطون وأرستوفانيس ممثلين لعدم الثقة المتبادلة بين المسرح والفلسفة، عدم الثقة التي تم تعديلها من خلال التاريخ القياسي لكلا المجالين.
ولا بد من تحدي التعارض الموروث بين الفلسفة والمسرح، ويمكن أن يبدأ هذا التحدي من نشأته، بالإشارة إلى أن التعارض بين أفلاطون وأرستوفانيس يوجد في الواقع في داخل مجال المسرح، بين نوعي الدراما: حوار أفلاطون الفلسفي والكوميديا القديمة عند أرستوفانيس. وكلاهما ازدحم بالشخصيات المبتكرة التي تتكلم وتتفاعل في مختلف الظروف، وفي كل من الفرق بين الحجة المجردة والفعل التصويري scenic action المحسوس بشدة والموزع ببراعة. والشكل الدرامي الشائع المختار بواسطة هذين المؤلفين، ولو لم يكن مماثلا، فيمكن تناوله كنقطة انطلاق لاستنباط مغزى الدراما والمسرح بالنسبة لتاريخ الفلسفة – وبشكل معكوس، مغزى الفلسفة بالنسبة لتاريخ المسرح – الذي تم حجبه بواسطة الانقسام الظاهري بين المجالين. إذ يُنظر إلى الفلسفات المسرحية والمسرحيات الفلسفية باعتبارها ظواهر هامشية، عندما تُفهم على الإطلاق. ورغم ذلك، يؤكدون أنفسهم في تاريخ كلا المجالين مع بعض التكرار.
ويعد فريدريش نيتشه الفيلسوف الذي لم يبتكر فلسفة مسرحية فقط، بل تمكن أيضا من تقديم مجموعة من الأتباع، وهو تقليد كامل في الفلسفة المسرحية – وهو أمر نادر في تاريخ الفلسفة. فلم تدم عنايته بالفلسفة المسرحية وولعه بالمسرح طويلا، بداية من التراجيديا اليونانية وحتى فاجنر، رغم أن هذا الولع يمكن اعتباره أول مؤشر لمغزى المسرح في فكر نيتشة. والأقرب إلى جوهر أعماله هو اعتماده علي الشخصيات الخيالية والأقنعة مثل ديونيسيوس وزاردشت، ولكن أيضا نظريته الوهمية في القوى، التي تقوم علي مفهوم إجمالي للنزعة المسرحية. وعندما يتكلم نيتشة عن الأقنعة والأداء المسرحي والتجسيد فإنه يؤكد دائما أننا لا نفهم هذه النزعة المسرحية باعتبارها تشكيل ثانوي، وكأنه كانت هناك عوامل اكتسبت أقنعة لكي تخفي وجوهها الحقيقية. فلا توجد مقومات ثابتة وراء الفعل المسرحي، ولا يوجد ممثل بلا قناع وراء الشخصية، فقد أصبحت النزعة المسرحية هي الشرط الأساسي للحقيقة. والمسرحانية هنا في خدمة برنامج جوهري وتأسيسي مضاد: الجوهر والأرضية الصلبة – سواء كانت لغة متحولة أو مبادئ أخلاقية أو معرفة – المنتزع من تحت أقدام الفلسفة التأسيسية وازاحته لخشبة المسرح. والصادق مع مجمل المسرحانية، وهي مراحل علي طول الطريق.
فالنزعة التأسيسية المضادة أو الجوهرية المضادة هي التراث الذي يمنحه نيتشه لمختلف ورثته، بما في ذلك دراسة (جيل ديليوز (Giles Deleuze «التكرار والاختلاف Repitation and Difference»، وأيضا بيتر سلوتريك Peter Sloterdijk الذي يلقبه باسم «المفكر علي خشبة المسرح» في كتابه الذي يحمل نفس العنوان. ورغم ذلك، لم تٌستمد كل الفلسفة المسرحية في القرن العشرين من نيتشه مباشرة. فمثلا، حول والتر بنيامين دراسته للدراما التراجيدية الألمانية إلى تمرين فلسفي، واستخدم عدد من المنظرين، من بينهم فيليب لاكو - لابارث Philippe Lacoue - Labarthe وجان فرنسوا ليوتار Jean - Francois Lyotard، المفاهيم المسرحية في نظرياتهم أيضا. وبمجرد أن نلتفت إلى دور المسرحانية في فلسفة القرن التاسع عشر والقرن العشرين، نلاحظ رغم ذلك أن الفلسفة قبل نيتشة، بداية من هيجل مرورا بكيركيجارد وصولا إلى ماركس، تعتمد علي المجازات والمفاهيم المسرحية. وبعد قرون من الخصومة الواضحة، والتي تم التعبير عنها فيما يسمى التحيز المسرحي المضاد، يبدو أن المسرح والنظرية قد عادا مرة أخرى إلى أصلهما اليوناني المشترك وهو الفكر والفرجة.
وقد كان تلاقي المسرح والنظرية محسوسا في القرن العشرين في عدد من فروع العلم المختلفة. فدراسات في العلوم السياسية وعلم الاجتماع، مثل دراسة ريتشارد سانيت Richard Sannitt «سقوط الشخصية العامة the fall of the public man «تعامل مع المسرح باعتباره مثالا مفضلا لتكوين مجال العمل العام، بينما يستخدم ايرفنج جوفمان Erving Goffman في دراسة «تحليل الإطار» ما يسميه «الإطار المسرحي» كوسيلة لتنظير تنظيم الخبرة. علاوة علي ذلك، يجلب فيكتور تيرنر Victor Turner النماذج المسرحية إلى الانثروبولوجيا، أو بحسب الكيفية التي تنظر بها، يجلب الأنثروبولوجيا إلى دراسات المسرح.
ورغم ذلك، فان مجال الدراسة الذي يمثل عودة النظرية المسرحية واعتمدت عليه المجالات المسرحية الأخرى هو دراسات الأداء. فعلي الرغم من أن دراسات الأداء قد فصلت نفسها عن مفهوم المسرح، فمن الممكن أن يٌري الأداء باعتباره صيغة امتداد المسرحانية إلى مجالات أخرى. ولهذا السبب، سوف استخدمه لإثارة سؤال حدود المسرح في النظرية، وحدود مفهوم المسرحانية (أو الأداء) وهو ينظم
امتداد هذا المجال الشاب لمزيد من المجالات. ولعل كينيث بوركKenneth Burk هو الكاتب الذي يستدعي هذا الاستفسار والذي تتجاوز اهتماماته كل سلسلة دراسات الأداء بداية من المسرح الطقسي والأنثروبولوجيا وصولا إلى فلسفة اللغة وعلم الاجتماع، والذي يتم تناوله باعتباره أحد أسلاف دراسات الأداء. ولذلك، اقترح من خلال قراءة بورك التدقيق في مؤثرات المسرح داخل النظرية وهي تٌطبق علي سؤال حدود دراسات الأداء.
النزعة الدرامية عند كينيث بورك
يذكر العلم الناتج عن السرديات والأساطير التأسيسية المستوحاة دراسات الأداء في أعمال كينيث بورك، دون أن يكون قادرا علي تحديد مكانه في تشكيل المجال. فمثلا تناقش دراسة مارفن كارلسون «الأداء: مقدمة نقدية «إسهامات بورك في ثلاثة مجالات مركزية في نشأة دراسات الأداء: الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع، وأداء اللغة. ويشير مؤسسو دراسات الأداء في جامعة نيويورك، وهما فيكتور تيرنر وريتشارد شيشنر، إلى بورك بشكل متكرر. وأود أن اقترح أن مركزية بورك في دراسات الأداء تكمن في حقيقة أكنه أكثر من مجرد شخص طور الشكل في الفلسفة المسرحية وأعطاها اسمها: النزعة الدرامية Dramatism. واقترح أن نقرأ بورك علي أمل فهم أفضل للشروط التنظيمية والفلسفية التي أنشئت دراسات الأداء، لأنه من خلال التوصل إلى اتفاق مع ظهور النظرية المسرحية وفلسفتها نستطيع أن نفهم الفروض الفلسفية لهذا المجال.
تصف النزعة الدرامية عند بورك التوسع التدريجي في المسرحانية التي تبدأ بالاهتمام بالتراجيديا اليونانية، وتستمر مع نظرية مسرحية للغة وعلم اجتماع التفاعل الإنساني، وتتبلور في استخدام المسرحانية كمعيار نحكم به علي تاريخ الفلسفة نفسه. وتكرست الدراسة الأولي – وهي في شكل كتاب - إلى ما سماه بروك فيما بعد النزعة الدرامية، وهي «فلسفة الشكل الأدبي The philosophy of the literary form» (1941). وفي هذه الدراسة، وأثناء فصل «قراءة الشعر» يقاطع بورك نفسه لكي يلاحظ أن «المنظور العام الذي يتضافر مع منهج تحليلنا يمكن أن يتميز باختصار بأنه نظرية في الدراما «. ونظرية الدراما هذه ليست موجهة نحو تحليل مختلف الأشكال الدرامية أو مسرحيات العصور المختلفة، بل هي نظرية في نشأة الدراما. ويواصل بورك كلامه قائلا «نقترح تناول الدراما الطقسية باعتبارها الشكل الأصيل والمحور، مع كل صور الفعل الإنساني الأخرى التي تعٌامل كمتحدث يشع من هذا المحور «. ويصدق علي هذا الاهتمام بالأصول، الإشارات إلى ظهور الدراما اليونانية من أغنية الماعز التي امتدت إلى أشكال أخري من الطقوس، وهو اهتمام مدفوع بتأثير كتاب جيمس فرايزر «الغصن الذهبي The Golden Bough، (وقد التقط شيشنر فيما بعد هذا الخيط وقدم استجابته لفرايزر وللمسرح الطقسي). ورغم ذلك يدافع بورك عن طقوس الإخصاب ورقصات المطر باعتبار أنها كامنة في البنية الزراعية الفعالة. حتى القبيلة التي تعتمد علي الخرافات يجب أن يكون لديها عدة طرق ملائمة لتحديد العقبات والفرص الحقيقية في العالم، والا لن تستطيع أن تحافظ علي نفسها. ويقول بورك ذلك وكأنه عالم أنثروبولوجي مهتم بالصورة الوظيفية للطقس والمسرح الطقسي.
ورغم ذلك، يتضح بشكل متزايد أن بورك أقل اهتماما بطقوس قبائل بعينها من المخطط المستمد من علماء الأنثروبولوجيا الأوائل، مثل فرايزر، إذ يٌفترض أن تسمح له أنماط السلوك البشري العامة والطقوس في النهاية أن يحلل كل صور الفعل الإنساني. ولعل أحد نماذجه المفضلة هو الأضحية Scapegoat، التي تربط اهتمامه بالتراجيديا اليونانية بالتاريخ (قطع رؤوس الملوك) ويربطها بسوسيولوجيا مختلف الأنساق العقابية. ولن نندهش أن نسمع أن بورك في النهاية لم يهتم بالاعتراضات التي أثيرت ضد الملائمة التاريخية لنظريته في الطقس والمسرح الطقسي، لأن ما كان يسعي ورائه هو تحديد المتغيرات – مفردة أو مجموعة من الأحداثيات، تستخدم بشكل أفضل من أجل تكامل الظواهر المدروسة بواسطة العلوم الاجتماعية. ولذلك يتجرد بورك شيئا فشيئا من موضوعات التحليل الفورية، وهو الأصل الطقسي للتراجيديا اليونانية، وينتقل إلى نظرية عامة لا تنتهي فقط بضم كل التفاعلات الإنسانية ولكن أيضا دراسة الطبيعة أيضا. إذ يقول «الخطوط العريضة لوضعنا يمكن أن تكون مدونة كالتالي:(1) لدينا الدراما والمشهد الدرامي. والدراما تتجسد أمام خلفية. (2) وصف المشهد هو دور العلوم الفيزيقية، ووصف الدراما هو دور العلوم الاجتماعية. وفي مسار هذا التوسع المتطرف في «المحور الدرامي «يذكر بورك أولا في الهامش ما سماه فيما بعد خماسية الكاتب الدرامي، وهو المخطط المسرحي القابل للتطبيق العام.
وبالنسبة لمفكر تخطيطي مثل بورك، فان النقلة من أصل التراجيديا اليونانية إلى كل مجالات الفعل الإنساني ثم إلى العلوم الطبيعية تحتاج عددا من الخطوات الوسيطة. ويتحقق هذا التوسيط بتصنيف الفعل الرمزي الذي يتنبأ ويمضي إلى ما وراء نظرية أوستن في أفعال الكلام Speech acts التي دخلت إلى مفردات دراسات الأداء في الثمانينات. إذ تٌفهم نظرية اللغة باعتبارها فعلا رمزيا بالمقارنة إلى ما يسميه بورك الدلالي المثالي the semantic ideal. والدلالي المثالي هو صياغة أوستن لفعل الكلام الاستفزازي Constative speech act، ومحاولة استخدام اللغة كوسيلة تنظيمية للحقيقة. إذ يرى بورك أن هذه المثالية الدلالية التي قدمت بوضوح بواسطة فيلسوف حلقة فيينا رودولف كرناب Rudolf Carnap الذي سعي إلى اختزال اللغة إلى مجموعة من الجمل البديهية الأولية يمكن أن تٌستنتج منها بالمنطق. ويناقش بورك هذه المثالية لكي يوضح عنفها المعياري. ومن خلال توقعه لنقد أدورنو وهوركهايمر للمنطق الوسائلي، وهجوم فوكوه علي عقلانية التنوير، يوضح بورك أن الدلالي المثالي يمكن أن يستخدم للسيطرة علي البشر بطريقة مماثلة لترخيص السيارة، بسجل محفوظ في المركز الرئيس، ومثل معايير بيرتيليون Bertillon للمجرمين المشهورين. وبالطبع يشير بورك إلى زنزانة بينتام الدائرية كمثال لأنواع التأديب والعقاب الذي يمارسه الفهم الوضعي والتصنيفي للغة.
ولمعارضة الدلالي المثالي الذي يجعل من اللغة وسيلة للتوظيف مثل سجلات الشرطة، يقترح بورك نظرية في الفعل الرمزي تنطلق من أفعال الجسم البشري، حتى عندما يتعلق الأمر بتحليل القصائد. وفيما يبدو علي الأرجح أنها عبارته المشهورة، يقول بورك إن «الفعل الرمزي هو رقص التوجه... وفي هذا التكلف في القصيدة، قد يصبح الجسم في النهاية منغمسا. فتأكيد بورك علي النطق، ورغبته في ربط فعل الكلام بالجسم ككل، هو التصحيح للدلالي المثالي الذي حاول أن يعزل اللغة عن مشهد النطق وموقفه. وقد سبق أن قدم كل من أوستن وفيتجنشتاين أساسا مماثلا، بتأكيدهما أن اللغة تكون ذات اعتبار في لحظة التجسيد التي سماها أوستن الأدائية Performativity. ورغم ذلك، في حين يتوقف أوستن عند تصنيف مختلف مواقف النطق، ينقل بورك نظرية اللغة إلى مجال الشعر والفن عموما. ولعل اهتمامه بفهم أفضل للشعر الذي يعمل في كل فعل كلام ولكن فعل الكلام الذي يضعه في مقدمة أفعال الكلام الخاصة التي تسمى الشعر. فما معنى تأمل قصيدة في إطار رقص التوجه؟.
وهنا يقترب بورك من التقاليد التي تهتم بالربط بين الجسم واللغة علي الأخص، وتحديدا نظرية الإيماءة theory of gesture. فالإيماءة هي التصنيف الذي يربط تعبير الجسم بتعبير اللغة، وبذلك يعد بملء الفراغ الذي تركته نظريات اللغة التي تقوم علي الدلالي المثالي. فمثلا، يشير بورك إلى الناقد الأدبي ر.ب.بلاكمور R.P. Blackmur الذي استخدم مصطلح الإيماءة في قراءة الشعر. لخشيته أن تتحول الإيماءة إلى مصطلح مجازي، ينتقل بورك في النهاية إلى نظرية ريتشارد بياجيت في اللغة الإيمائية التي تقدم فهما حرفيا للغة الإيمائية باعتبارها تقوم علي اختيار مجموعة من الوحدات الصوتية. ويشارك كل من باجيت وبلاكمور في تقاليد طويلة لتنظير الأصل الإيمائي للغة (عند كودلاك وفيكو وهيردر ووربرتون ورسو) والتي كانت تستخدم غالبا بواسطة كتاب الحداثة لصياغة نقدهم للمجرد واللغة غير الإيمائية (بيكيت وجويس وهوفمنستال ومالارميه). والأهم، رغم ذلك، هو حقيقة أن تصنيف الإيماءة يربط اللغة والأدب بمجال المسرح، حيث كانت تستخدم بشكل موسع بواسطة منظري وممارسي المسرح، بداية من فاجنر ومايرهولد وصولا إلى بريخت وارتو. ولذلك يدفع بورك تحليل أفعال الكلام بدقة في التوجه الذي حاول أن يتجنبه أوستن لأنه اعتبره طفيلي وشاذ، وهو تحديدا المسرح والمسرحانية.
ولكن كيف تستخدم نظرية الفعل الإيمائي الرمزي لفهم كل أشكال التفاعل الإنساني؟. يبدأ بورك بشيء مماثل لتعريف ريتشارد شيشنر للأداء بأنه «السلوك الذي يمارس مرتين «. فلكي كل حركة تصبح إيماءة فيجب أن تكون تمثيلية Representative. وهذا يعني أنها يجب أن تتكرر. فمثلا عندما يضع شخص يده علي الطاولة تعد هذه حركة فريدة، وهي فعل حقيقي، ومع ذلك سمعت رساما تعجب من هذه اللحظة «هكذا... هو وضعك المميز. إذ يصبح الفعل الفريد إيماءة وملمح توجه، إذا كان يٌرى باعتباره جزء من سلسلة تكرارات. فالإيماءة أو التوجه تؤسس كذلك صلة بين مختلف أشكال الفعل الرمزي، بداية من الإيماءات التكرارية في الحياة العادية وصولا إلى نماذج الصور وتداعي المعاني المتكررة في القصائد.والخطوة الحاسة الأخيرة في امتداد المسرحانية إلى التصنيف الفلسفي حدثت بعد ذلك بعدة سنوات، ففي دراسته «قواعد الدوافع A Grammer of Motives» (1945)، يطور بورك منهجا لقراءة كل تاريخ الفلسفة في إطار مسرحي. ويمكننا أن نتناول هذا النص باعتباره بلورة لتحوله المسرحي، لأن كل تاريخ الفلسفة نفسه يٌري بأثر رجعي من خلال عدسات مسرحية. ومما لا شك فيه أن بورك يقدم ما أشار إليه، وهو تحديدا الخماسية الدرامية dramatist pentad التي تتكون من خمسة مصطلحات أو تصنيفات بداية من الممثل عند أرسطو، والواسطة والفعل والهدف والمشهد. تقدم أربعة من هذه المصطلحات – الممثل والطاقة والفعل والهدف - مختلف المنظورات علي الحدث (الفعل)، والتصنيف الدرامي الأولي، بينما يصف المصطلح الخامس – وهو المشهد – المكان أو المجال الذي يقع فيه الحدث. ورغم ذلك يبدو أن التخطيط الدرامي يتهيأ تجاه تحليل الدراما – يمكن أن نستخدمه كما فعل أرسطو، لكي يقول إن الحدث الدرامي أهم من العامل (أو الشخصية) – فليس مقصودا أن نحلل فعلا الدراما، التي لا يزال بورك يستشهد بها كثيرا، بل بالأحرى ما يمكن أن يسمى التاريخ المسرحي للفلسفة. ويكتب بورك مستعيرا ببراعة من الرياضة: «في هذا الفصل لن يكون هدفي فقط أن ألخص وأكتب عن فلسفات الماضي. فأنا أحاول بالأحرى أن أوضح كيف أن مصطلحات أساسية بعينها يمكن أن تستخدم «لتسمية المسرحيات» في أي فلسفة وكل فلسفة. وربما لا يوجد تعريف أفضل للتحول المسرحي من افتراض أن الفلسفات المختلفة هي ذاتها تقوم علي فهم مختلف للمسرحانية، التي تجد تحت كل نسق فلسفي مسرحية.
وبمجرد أن يتم تثبيت المسرحانية في قلب الفلسفة، يصنف بورك كل فيلسوف يستحق الذكر ويحلله – أفلاطون، وأرسطو، وهوبز، وسبينوزا، وبيركلي، وهيوم، وليبينتس، وكانت، وهيجل، وماركس، وجيمس سانتيانا، وقد تطول القائمة – والذي يتميز بأي مصطلح من المصطلحات الدرامية الخمسة. فهؤلاء الفلاسفة الذين تصدروا المشهد هم فلاسفة ماديين، والذين ركزوا علي العامل (الشخصية) فلاسفة مثاليين، والذين ركزوا علي القوة هم فلاسفة عمليين، والذين استثمروا في الهدف هم فلاسفة صوفيون، والذين اهتموا بالفعل هم فلاسفة واقعيون. وبهذه الطريقة يتم استنتاج الركيزة المسرحية لأي فكرة فلسفية وتترجم إلى الخماسي. فمثلا، تصبح فكرة الذات في المثالية العامل المسرحي، بينما تصبح الشروط المادية في الماركسية المشهد. ويمكن أن يستخدم هذا التمرين في الترجمة أيضا لابراز التناقض داخل نسق فلسفي بعينه. وفي قراءة للبيان الرسمي الشيوعي، مثلا، يوضح بورك أن هناك توتر بين تفضيل الشروط المادية، بمعنى المشهد، والأمل في الفعل الثوري الذي سوف ينقل المشهد. ولذلك لا تؤسس المصطلحات الدرامية الخمسة الإطار الذي يتضح فيه تاريخ الفلسفة فقط، بل أيضا يتوظف باعتباره تصنيفات تحليلية تبرز التناقضات والمناطق العمياء في كل فلسفة.
المسرح والجدل(الديلكتيك):
لأن نزعة بورك الدرامية توظف كنوع من الفلسفة الشارحة metaphilosophy، وهي نسق لتحليل تاريخ الأنساق الفلسفية، فلا بد أن نسأل من أين استمدت هذه الفلسفة نفسها. ويجيب بورك مباشرة بقوله: «العلاقة بين الدراما والجدل(الديلكتيك) واضحة، فقد كٌتبت جدليات أفلاطون بشكل ملائم بأسلوب الدراما الطقسية. ورغم ذلك، لم يكن المصدر الرئيس لما وراء تاريخ الفلسفة عند بورك هو نزعة أفلاطون الجدلية، بل جدليات هيجل. فما ورثه بورك من هيجل هو فهم التاريخ باعتباره عملية درامية. إذ تبدأ فلسفة التاريخ عند هيجل بالتأكيد علي أن تاريخ العالم يحدث وكأنه في المسرح وينتهي بتأمل تاريخ الروح في مختلف تمثيلاتها المسرحية (schauspiele). فتاريخ العالم يتوافق مع المسرح، وأن المراحل المختلفة في تاريخ العالم هي التغيرات الكبيرة في الشاهد والشخصيات. وفي سياق مماثل، يكتب بورك قائلا: «بمساواة الدرامي بالجدلي، نملك تلقائيا أيضا منظورنا لتحليل التاريخ، والذي هو عملية درامية أيضا تتعلق بالتعارض الجدلي «. وهنا نقترب من أحد الروابط الأساسية بين الفلسفة والمسرح، وتحديدا صلة القرابة بين الجدلية والدراما. فكلاهما يصران علي تعدد الأصوات، ويثق كلاهما أن هذه التعددية سوف تولد التحول والتغير: دراما التاريخ هي التحول الذي ينبع من مواجهة المواقف غير القابلة للاختزال. وبمساعدة بورك، نستطيع أن نفهم أن رؤية هيجل للفلسفة التي تتجاوز الفلسفة اليونانية تعني أن فلسفته الجدلية ليست إلا تجريدا عاما للمسرح الحواري. ومن خلال قراءة تاريخ الفلسفة بشكل درامي، أو باستخدام مصطلحه «درامي» يعيد الفلسفة الجدلية إلى المسرح التي كانت مستمدة منها أصلا.
علي الرغم من أن بورك يربط الفلسفة بالمسرح، فان أعماله تقدم تقلبا مميزا بين اهتمام بالمسرح وميل لاستنتاج مفهوم فلسفي من المسرح. فلا يبدو أن هناك دمج سهل للمسرح والنظرية، حتى بالنسبة لفلاسفة المسرح هؤلاء. وبشكل أو بآخر، يستمد كل منظري التحول المسرحي مجازاتهم وتشبيهاتهم الرئيسية من المسرح الفعلي. استمد هيجل مجازاته من التراجيديا اليونانية، واستمدها نيتشه من ريتشارد فاجنر، واستمدها بنيامين من الباروك، واستمدها ديليوز من ارتو. ورغم ذلك، عاجلا أم آجلا، فإنهم يتحولون جميعا بعيدا عن المسرح باعتباره موضوع الاستفسار الأولي. فلم يكن عمل نيتشه المبكر حول نشأة التراجيديا نصا في مجال تاريخ المسرح، بل نصا فلسفيا تصادف أن يأخذ شكل التاريخ الإسقاطي والتأملي لتاريخ التراجيديا. وقد تأكد هذه الرؤية في حقيقة أن نيتشه انقلب علي فاجنر فيما بعد وضد المسرح أيضا، رافضا لفاجنر باستخدام مفردات مسرحية مضادة. وبالمثل كان لدراسة والتر بنيامين للمسرح في عصر الباروك هدفها النهائي في المقدمة الفلسفية الطويلة لهذا العمل، التي اقتبست من هذه الدراسة مفردات الحداثة المسرحية. علاوة علي ذلك لم يكن ديليوز يهتم كثيرا بالمسرح كمفهوم تأملي للمسرح الذي وجده في كتابات ارتو النظرية والتصريحات، والتي كانت هي نفسها في حالة تعارض مع كل الممارسة المسرحية الموجودة بالفعل.
ويبدي بورك رغم ذلك مزيدا من الاهتمام بالمسرح أكثر من هؤلاء الفلاسفة المسرحيين، ويقتبس بهوس متكرر من تاريخ الأدب الدرامي، بما في ذلك الدراما اليونانية وشكسبير وابسن. وعلي الرغم من هذه المعرفة العميقة والاهتمام بالدراما والمسرح، لم تقدم نصوص بورك نفسها كدراسات في النقد المسرحي والدرامي. إذ يفهم بورك هذا التفاعل، الذي يربط الفلسفة بالمسرح، والذي يفصلهما في نفس الوقت: «كل فلسفة من ناحية أو أخرى هي خطوة بعيدا عن الدراما. ورغم ذلك، لكي نفهم بنيته، يجب أن نتذكر دائما أنها، علي نفس المنوال خطوة بعيدا عن الدراما «. ويمكننا أن ندفع هذه الحركة المزدوجة من التجاذب والتنافر إلى أبعد من ذلك. فكلما اقتربت الفلسفة من المسرح، كان لا بد لها أن تبعد نفسها عنه لحمايتها من أن تصبح لا شيء إلا شكلا مختلفا للمسرح.
ويمكننا في هذه المرحلة أن نفهم أن استخدام نيتشه للمسرح لا يصف تحولا للفلسفة عن التحيز ضد المسرح إلى حب مكتشف حديثا له. فما يسمى تحيز أفلاطون المضاد للمسرح وتحول نيتشه تجاه المسرح هما استجابتان مختلفتان للمصاهرة المستمرة بين المسرح والنظرية التي كانت جزء من الفلسفة منذ بداية المسرحيات الفلسفية لأفلاطون. ولم تصف أعمال نيتشه تحولا كبيرا للفلسفة تجاه المسرح كموضوع للدراسة – منذ كتاب فن الشعر لأرسطو – بل كصيغة ومنهج لممارسة الفلسفة. ويمكننا بالطبع أن نجد لحظات الانجذاب إلى المسرح في النزعة الفلسفية للمسرحانية المضادة philosophical antitheatricalism، مثلما يمكن أن نجد لحظات لنقد المسرح في تحول نيتشة المسرحي. فلا يوجد فيلسوف كان فكره مرتبطا بالإشارات إلى المسرحيات والبديهيات المسرحية المجردة أكثر من بورك، ولذلك لا أحد من الذين لاحظوا بدقة أكثر إيماءة الجاذبية والنتافر بين الفلسفة والمسرح.
ويبدو أن التوتر بين المسرح كموضوع للدراسة وكنموذج تنظيري، ونقد المسرح الذي يصاحب تاريخ الفلسفة المسرحية، يفسر علاقة التشابه المستمرة بين دراسات الأداء ودراسات المسرح. وعلى الرغم من التحليلات التي أقيمت باسم دراسات الأداء استمرت في اهتمامها في الكثير من أشكال المسرح – المسرح غير التقليدي والمسرح الطقسي – فقد فصلت دراسات الأداء نفسها عن المسرح باعتباره موضوع تحليلها الأساسي أو المركزي. ويمكننا رغم ذلك أن نقول إن مصطلح الأداء قد صيغ لتعريف المجال الجديد بأنه شيء يرتبط بالمسرح ويستبعد منه في نفس الوقت. وهذا التقارب والتباعد الآني له نتائج مهمة، وهو تحديدا أن دراسات الأداء لن تستطيع أن تعرّف نفسها من خلال موضوع دراستها. ورغم ذلك، فان ما يعٌرف دراسات الأداء هو مصطلح ومنهج التحليل الذي يقوم علي مفهوم السلوك الممارس مرتين، المستمد في النهاية من التمثيل رغم أنه ليس مقصورا علي هذا المفهوم. إذ يميل وصف دراسات الأداء في اتجاه نموذج إضافي، لأن دراسات الأداء تشارك في موضوعات تحليلها مع كل تلك المجالات التي يقال إنها ترتبط بها: علم الاجتماع والأنثروبولوجيا واللسانيات والدراسات الأدبية والفلسفة، وحتى الاقتصاد والتكنولوجيا. فما يقدم هوية دراسات الأداء في هذا المجال المتنازع عليه لموضوعات التحليل هو بالضبط ما يسميه بورك النزعة الدرامية: إحساس بالإمكانيات الطموحة ومسرحانية أساسية لكل شيء. فكيف يمكن أن نبدأ في تأمل مثل هذه الحدود التي لا تعتمد علي تعيين حدود موضوعات الدراسة بل تعتمد علي افتراضات الأداء نفسه؟.
وفي البحث عن هذا التحديد الوظيفي، نستطيع أن نعود مرة أخرى إلى أعمال بورك، لأنه في ثنايا نظريته في النزعة الدرامية يميز حدود ما يسميه النزعة الدرامية، وما يمكن أن يمتد، رغم ذلك، لكي يضم الأداء أيضا. ولأن الوحدة الأساسية في تحليله هي الحدث، ولأن الوحدة الأساسية في الحدث هي الجسم البشري في حالة حركة هادفة، فان النزعة الدرامية هي تخطيط يعتمد علي العامل البشري، والطاقة الإنسانية والفعل البشري والهدف البشري. وهذا بالطبع ما يجب أن نتوقعه من المنهج الفلسفي المستمد من المسرح، والذي هو شكل فني يعتمد علي المؤدي البشري الحي. ونتيجة هذا الشكل من الفلسفة المسرحية هو التطور المستمر للشخصيات أو النماذج داخل فلسفة، وهو ميل إلى التشخيص personification. ويمكن أن نفهم هذا الميل التشخيصي حرفيا، لأنه عند تقديم أفكار كثير من الفلاسفة الجدليين أو الدراميين يعتمد بقوة علي النماذج أو الشخصيات الخيالية أو التاريخية ومن بينهم أفلاطون وسقراط ونابليون منوجهة نظر هيجل وزرادشت من وجهة نظر نيتشه. فعندما تعتمد الفلسفة علي التشخيص، فان الخطر الذي يتربص في الخلفية هو المجاز والشخصية (المتكلم البديل)، وتشخيص الكينونات المجردة. فهل يجب أن نفهم سقراط باعتباره صورة لمعلم لأفلاطون أو باعتباره تشخيص للفلسفة؟. وهل زرادشت نيتشه هو نموذج للإنسان الأعلي أم منفصل عنه (أم شخصية غيرملموسة منسوبة إلى نيتشه)؟.
وأجادل بأن الاعتماد علي التشخيص يؤسس حدودا للفلسفة المسرحية. وأحد طرق قياس هذا الحد هو النظر إلى تاريخ المسرح نفسه. ففي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، جاء اعتماد المسرح علي الممثلين البشر والتشخيص في إطار زيادة الفحص الدقيق. وقد حاول عدد كبير من منظري وممارسي الطليعة والطليعة المبكرة، بداية من ادوارد جوردون كريج وفيسفولد مييرهولد وصولا إلى أوسكار شليمر وتادويش كانتور أن لا يشخصوا المسرح لكي يتخلصوا من اعتماده علي النموذج البشري. وتعلم الممثلون أن يقلدوا العرائس والأشياء والآلات عندما لا يتم استبدلهم تماما بالجمادات. وتاريخ عدم التشخيص هذا في تاريخ المسرح ترك الفلسفة المسرحية كما هي. إذ يقدم نيتشه وبنيامين وديليوز ولاكان صياغات للتحول المسرحي التي تشك في البشري والشخصي والمشخص. وفي نفس الوقت، واجهت صعوبات كبيرة. حتى عندما تم استبعاد الممثلين من المسرح واستبدلوا بالأشياء، كان يعاد تشخيص هذه الأشياء من خلال فهمها لبدائل للبشر الذين ظلوا متعلقين بهم. بالإضافة إلى ذلك، مثلما أن التمرد ضد التشخيص في المسرح هو مشروع يعاني من التعقيدات، فكذلك الحال مع محاولة التخلص من الميل إلى التشخيص من الفلسفة الدرامية. فقد كانت النزعة الدرامية عند بورك راسخة في مشكلة التشخيص وعدم التشخيص هذه. والأهم أن بورك لاحظ أن مشكلة التشخيص ارتبطت بشكل حميم بمنهجه المسرحي أو الدرامي نفسه. ففي حين يرتبط أربعة من مصطلحاته، وهم تحديدا، الفعل والحدث والطاقة والهدف، بالعنصر البشري وكذلك الميل التتشخيصي للنزعة الدرامية، فان المصطلح الخامس، وهو المشهد يتجاوز التشخيص. إذ يمكن أن يٌرى باعتباره نوع من الحد الداخلي للتشخيص الذي يبدو أنه جزء لا غنى عنه من المسرح والفلسفة المسرحية. ورغم ذلك، فان مشكلة الحد الداخلي هي أنه لا يمثل غير الشخصي الا باعتباره حدا للشخصي: فهو لا يمكن أن يسمي غير الشخصي إلا في إطار الأساس أو المشهد الذي تتجلي فيه الدراما الذاتية لأفعال البشر، والأحداث والطاقات. ولذلك يقدم بورك الاكتشاف المذهل التالي: «لذلك لدينا نوعين من المشاهد: أحدهما يسمي وظيفة داخل الخماسي، والثاني يسمى وظيفة خارج الخماسي، لأن مصطلح شديد العمومية مثل النزعة الدرامية يستدعي اللا درامي non - dramatist باعتباره نقيضه السياقي الوحيد. وحقيقة أن أحد هذين الاستخدامين يسمو بالآخر يمكن إخفائها بحقيقة أننا من خلال استطاعتنا أن نشير إما إلى جميعهم بنفس كلمة مشهد «. إذ يقود تأمل حدود تشخيص الخماسي بورك إلى مصطلح يتحدد من خلال وقوعه خارج النزعة الدرامية تماما، وهو تحديدا «اللا درامي». والشيء الممتع والمزعج في ما يتعلق بتحديد مفهوم اللا درامي، رغم ذلك، هو أنه لا يوجد فقط خارج حدود النزعة الدرامية، بل أنه في نفس الوقت جزء من النزعة الدرامية. ونتيجة هذا الحد المزدوج، ويدرك ذلك بورك بوضوح، هو لاشيء أقل من انهيار النزعة الدرامية: «في حالة الخماسي الذي قدمناه، فبعد أن أكدنا، علي سبيل المثال، علي الحاجة إلى توظيف كل المصطلحات الخمسة في مفردات دائرية الدوافع، لخصنا موقفنا بأنه درامي – وعندئذ اكتشفنا فجأة أن مصطلحنا قد انهار في عنوان جديد وأن له نقيض لادرامي باعتباره أساسه المنطقي. «
ويمكن أن تظل النزعة الدرامية نسقا أنيقا مغلق ذاتيا لأن اللا درامي قد دخل من خلال حصان طروادة المزدوج المشهد. فقد يظهر المشهد خارج الخماسي بأنه مشهد ثاني فحسب، ولكن هذا التناظر مضلل، المشهد من خارج الخماسي لا يشبه المشهد من داخله، مع أنه السياق أو النظير التي يتيح للمشهد من داخل الخماسي أن يظهر بما هو كذلك (كمشهد). واعتماد المشهد هذا علي شيء لم يعد يسمى ببساطة مشهد يقاطع العمل الأنيق للنزعة الدرامية لأنه يحمل حدودها إلى داخل قلبها.
ويستنتج بورك خلاصة من الانهيار الذي أجبرعلي ملاحظته في خماسيته الدرامية: الدرامي نفس يجب أن يكون هو نفسه له أساس في اللادرامي..ولذلك هناك نقطة يتحدد فيها منظور الكاتب الدرامي في إطار نقيضه السياقي، إذ يجب أن يمحو ذاته في فعل النطق نفسه.
وفي نهاية نزعته الدرامية يعلن بورك كذلك نوعا من الطمأنة الذاتية للنزعة الدرامية، من خلال ما يسميه «ذوبان الدراما dissolution of drama. وهذا الذوبان لا يعني أن خماسيته الدرامية خاطئة، فهي تعني فقط أنه من خلال التعامل معها ,لا يستطيع تجاهل أن الخماسي هو عملية انهيار، وأنه يجب أن يمحو ذاته في لحظة النطق”.
يمكن أن يٌفهم النقد الذاتي باعتباره ذريعة تعي النزعة الدرامية حدوده، ولا سيما ميلها إلى تجسيد غير المجسد، وهو ما سماه بورك في مناسبات متفاوتة تفعيل المشهد agentification of the scene. لأن اللا شخصي منفصل جذريا عن الانقسام بين الممثل والمشهد، فهو يقع خارج المسرح وخارج الخماسي. وبالطبع يعتمد الخماسي علي هذا اللا شخصي الذي يوجد بعيدا. وهذا المشهد الذي لا يرتبط بأي مشهد هو حد النزعة الدرامية ويدعونا بورك إلى ألا ننسى هذا الحد، حتى لو كان هذا يعني أننا يجب أن نكون دائما داخل عملية محو النزعة الدرامية. وطبقا لهذا الخط الفكري، لن تكون النزعة الدرامية محدودة بالمعنى المكاني، وكأنما كان هناك مجال واحد يمكن تطبيقه تماما عليها ومجال ثان يجب أن تبقي بعيدة عنه. فحدود الدرامية بالأحرى هي حدود منهجية ووظيفية، ونتيجة لذلك، لا يمكن أن تطبق الدرامية بشكل مريح علي أي شيء، ولا حتى المسرح. لذلك تحتاج الممارسة الأمينة للنزعة الدرامية فعل دائم من المقاطعة والتحديد الذاتي.
ويمكن أن نخلص إلى بعض النتائج من نقد بورك الذاتي القوي. إذ لا يتنبأ هنا بعدة ملامح في دراسات الأداء ويؤسس علاقة بين الفلسفة المسرحية ودراسات الأداء. بل انه يحدد لنا حتمية تأمل حدود النزعة الدرامية، التي يمكن أن نتناولها كنقطة انطلاق لتأمل حدود الأداء. وقد بدأ عدد من العلماء العمل في هذا الاتجاه. ومن بينهم جانيل رينيه Janelle Renelt وجوزيف روشJoseph Roach في كتابهما «النظرية النقدية والأداء Critical Theory and Performance» 1992، وجوديث باتلر Judith Butler في كتابها «الأجسام هي المهمة: حول الحدود المنطقية للجنسBodies that matter: the discursive limits of sex» 1993، وكتاب (بيجي فيلان Peggy Phelan) «غير الملحوظ: سياسات الأداءThe unmarked: the politics of performance «1993، وكتاب فيليب أوسلاندر Philip Auslander «الحيوية: الأداء في عالم وسائطي Liveness: performance in a mediatized world» 1999، وكتاب جون ماكينزي Jon Mckenie» أن تؤدي أو شيء آخر: من النظام إلى الأداء Perform or else: from discipline to performance» 2001. وبمختلف الوسائل، تمثل هذه النصوص روحا جديدة في النقاش المنهجي، وتأخذ علي عاتقها النصوص الكلاسيكية في هذا المجال وتحتاج أطر تنظيرية جديدة.
وهي الروح التي أثير بها سؤال حدود الأداء. فإذا تناولنا ريادة بورك، وفكرنا أن حدود الأداء لا يمكن أن تتضمن بالضرورة علي تحديدا لأهداف التحليل التي يجب أن تطبق عليها حدود الأداء نفسها. إنها تتضمن بالأحرى نقدا بالمعنى المنسوب إلى كانت، وهو تأمل حدود مفهوم الأداء (أو المسرحانية) نفسه. فمن أجل هذا المشروع، يمكن أن نحتاج أن نطور مصطلحا مضادا للأداء، مصطلحا يلعب دور المصطلح الثاني، الخارجي بشكل متطرف، ومفهوم المشهد في تأملات بورك. فما هو مشهد الأداء، وما هو مشهد ذلك المشهد، الذي يساعد تفاعل المشهد والأداء بدون أن يكون منه؟. ما الذي يمكن أن تشبهه دراسات الأداء والذي يمكن أن يمحو ذاته في لحظة نطقه والذي من شأنه أن يرسم اللا أدائي المتطرف في قلب الأداء؟
 - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 
 مارتن بوشنر Martin Puchner: يعمل أستاذا للأدب الإنجليزي والأدب المقارن بحامعة كولومبيا بالولايات المتحدة الأمريكية. ومن أبرز أعماله: “رهاب خشبة المسرح: الحداثة والمسرحانية المضادة والدراما Stage Fright: modernism، antitheatricality and drama”.
 وهذه الدراسة من كتاب “فلسفة الأداء المسرحي: التقاطع بين المسرح والأداء والفلسفة” الذي صدر عن جامعة ميتشجان عام 2009. وهي تقع في الفصل الثاني (الصفحات41 - 54).
 تأليف : مارتن بوشنر

قراءة نقدية في مسرحيتين لإبراهيم الحــُسيني

مجلة الفنون المسرحية

 قراءة نقدية في مسرحيتين لإبراهيم الحــُسيني  

محسن العزب - جريدة مسرحنا 

أولاً : مسرحية الغواية :
 منذ أول مسرحية مطبوعة للمؤلف المسرحي الشاب / إبراهيم الحـُسيني، وهي مسرحية “ الغواية، والتي فازت بجائزة محمد تيمور الأدبية لعام 1998، وطبعتها الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2002، ومؤلفنا يختط لنفسه منهجاً محدداً وواضحاً لا يحيد عنه، الا وهو : “ مسرح الصورة التعبيرية “ ...
وفيما بين “ الغواية “، ومسرحيته الأخيرة المطبوعة “ جنة الحشاشين “، والتي صدرت عن دار “ ميريت “ للنشر عام 2008، نجد أنفسنا أمام كاتب مسرحي موهوب، يـُكـرّس موهبته تلك في الكتابة المسرحية لهذا النوع من المسرح / مسرح الصورة التعبيرية، لدرجة أنه في هذا النوع من الكتابة، نجده يكتب إرشاداته المسرحية بدقة متناهية، كذلك انتقالاته التعبيرية / الصورية بين مونولوج درامي وآخر في نفس المشهد الواحد، ... إنه نوع من الكتابة المسرحية راجع بالضرورة إلى موهبة الكاتب أولاً، ثم إلى دراسته المتعمقة للدراما في المعهد العالي للفنون المسرحية ثانياً، ثم ممارسته للنقد المسرحي في الكثير من نوافذنا الإعلامية المهتمة بالمسرح ثالثاً، ومحاولاته الجادة في كتابة السيناريو أخيراً ...
إن إبراهيم الحـُسيني كمؤلف مسرحي ــ ظهرت له بعض العروض المسرحية من تأليفه سواء على خشبات مسارح الدولة أو على بعض مسارح الثقافة الجماهيرية ــ لا يترك مساحة فنية واحدة للمخرج الذي سيتصدى لإخراج عمل من تأليفه، وسيجد هذا المخرج صعوبة بالغة في إخراج هذا العمل وهذه الرؤية المكتوبة على الورق إلى النور، ومن الممكن أن تخرج هذه التجربة أو تلك إلى النور كما تصـوّرها مؤلفها إبراهيم الحـُسيني، وسيتحـوّل هذا المخرج إلى مخرج منفذ للورق الذي يعمل عليه، ولن ينجو هذا المخرج من هذا المأزق الفني إلاّ في حالة واحدة ووحيدة، وهي إذا كان متمتعاً بخيال فني مفتوح كخيال مؤلفه، وسيظهر هذا العمل أو ذلك في أبهى صوره الفنية، لتداخل الخيالين الفنيين : تأليفاً وإخراجاً مع بعضهما البعض ...
ففي مسرحية “ الغواية “ للحسينى نلحظ أن مؤلفنا غير مهتم بالبناء الدرامي الشكلي المتعارف عليه، من تقسيم عمله إلى فصول ثلاثة أو مشاهد مرقمة لفصوله الأربعة كما هومعتاد، إنه يؤسس مسارا خاصا به، فالفصل الأول معنـوّن بـ “ فصل الفـُرجة “، والفصل الثاني مـُعنـوّن بـ “ فصل النفي “، والثالث معنـوّن بـ “ فصل الثورة “، أما الرابع والأخير فمـعنـوّن بـ “ فصل الغواية “، إنه يعطى لكل فصل عنوانا معبرا عن أحداثة،وكأنه بهذا يوزع دلالات مسرحيته على هذة الفصول عبر حواراتها الغنية وإرشاداتها المؤسسة لعنصر الصورة التعبيرية، نجدة مثلا فى أول فصول مسرحيته، والمـُسمى بـ “ فصل الفـُرجة “ يصف في إرشاداته ما ستكون عليه خشبة المسرح، بدراية ودُربة عالية الجودة الفنية، إنطلاقاً من إلمامه الكامل بالعملية المسرحية ذاتها، وتحديداً على أنه ومنذ بداياته وهو يحلم بأن مسرحه سيكون هكذا، مسرحاً للصورة التعبيرية، كما لاحظ وأكـّد على ذلك د. محسن مصيلحي في مقدمته النقدية لهذه المسرحية ...
تأمل إذا وصف المؤلف لبداية مسرحيته، وجزء من الحوار الاستهلالي ـ لترى معي، أنك بإزاء مؤلف مسرحي يكتب المسرح بروحه لا بقلمه :
( موسيقى بطيئة ... أقرب إلى الإيقاع الجنائزي ... في العمق جـُمجمة بشرية كبيرة تشبه في أطرافها إناءً فرعونيا قديماً ... الجـُمجمة مـُحاطة بمجموعة سلالم حلزونية متداخلة كالمتاهة ... من داخل الجـُمجمة تظهر إضاءة خضراء مختلطة بومضات فلاشر بطيئة يصحبها تصاعد دخان يتكاثف بالتدريج ... يظهر من خلال ذلك مجموعة من الأشباح تتصارع للخروج من داخل الجمجمة ...، ... )...وهكذا

ثم يبدأ بعد ذلك الوصف حواره الدرامي، لنرى أنه لا يـُقدم مسرحية وحسب، إنما يـُقدم حياة كاملة إلا قليل على المسرح، فهو يـُقدم ويـّعالج قضايا حياتية كبيرة، وقيـّم ومباديء تكاد تكون قد اختفت وتاهت وسط زحام واقعنا المـُعاش، كالشرف والأمانة، وذلك دون الوقوع في فخ المباشرة الفجة، وعبر تقديمه أيضاً لأنماط بشرية “ دون تسمية “ تابع الحوار الإستهلالى :
بائع 1 : روبابيكيا ...
بائع 2 : روبابيكيا قديمة للبيع ...
بائع 1 : بيانو قديم ... جرامفون ... لمبة جاز ... خلخال ... طيب واحد أفندي بطربوش ...
بائع 2 : للبيع ...
بائع 1 : موظف مابيرتشيش ...
بائع 2 : للبيع ...
بائع 1 : عيل صغيـّر بيحب أبوه وأمه وبلده وماببيكدبش ...
بائع 2 : للبيع ...
......... وهكذا، يأخذنا المؤلف إلى أحداثه دون أن يـُشعرنا بزمن أو مكان ما، ويـُحيلنا إلى واقعنا المصري والعربي المـُعاصرين على حدٍ سواء، دون أدنى مباشرة أو ابتذال، مـُحدثاً فينا نوعاً من السخرية المـُـرّة على ما يحدث في واقعنا من أزمات أخلاقية ومجتمعية، ... إنه يـُناقش قضية “ العولمة “ أو “ الكوكبة “ و “ القرية الكونية الكبيرة “ بطريقته التعبيرية تلك، ... فهو يفترض أن “ العولمة “ والقطب العالمي الواحد المتمثل في “ أمريكا “ قد نالت من قيمنا النبيلة، حتى أن هذه القيم قد انقرضت ولم يعد لها وجود في هذا العالم الدرامي ومن ثم الواقعى على حـدٍ سواء ...تابع الحوار :
رجل 1 : ( للبائعين ) انتوا عــُبط ...؟!
البائعان : ( معاً ) إحنا بندوّر بجد ...
رجل 2: تبقوا عـُبط ... وعليا النعمة عـُبط ... انتوا عارفين إحنا سنة كام دلوقتي ... فوقوا ... إحنا سنة 2000 ... يعني كل حاجة اتغيـّرت ...
رجل 1 : صح ... ومابقاش فيه حد بيلف في الشوارع زيكوا كده، ويدوّر على حاجات انقرضت من زمان ...”
إن إبراهيم الحـُسيني ــ كمؤلف شاب ــ يـُقدم لنا في مسرحيته “ الغواية “ منطقاً مقلوباً، فالقيم النبيلة المتعارف عليها، هي في نظره، القيم الخطأ، لأن القيم المنحطة قد حلت محلها، وأصبحت هي السائدة في المجتمعات المنهارة بفضل “ العولمة “ ...، ومن ثم يستحدث المؤلف موقفاً مفترضاً خيالياً وتعبيرياً في الوقت ذاته، ويـُسميه “ المتحف “، متحفاً للذين ظلوا متمسكين بقيمهم النبيلة، وبمرور الأحداث يتحول “ المتحف “ إلى مـُسمى آخر هو “ جزيرة الرفض “، والتي يجب على من يدخلها أو يسكنها أن يحفظ كتاب تعاليمها ... في إشارة صريحة إلى “ العولمة “ ...
وفى هذا المتحف الذى يقيمة الكاتب، نلحظ أن منهجه في “ مسرح الصورة التعبيرية “ يتضح أكثر فأكثر، فالمتحف مليء بكل ما هو قديم من تماثيل شمعية، كانت فيما سبق من أحداث هي نفسها الأشباح التي ظهرت من داخل الجمجمة الكبيرة، كما أن “ المتحف “ به ساعة مائية لمعرفة الوقت، ويكتظ أيضا بمجموعة من الأقفاص تحوي بداخلها مجموعة من البشر مازالوا متمسكين ومحافظين على قيمهم النبيلة، إنها سلسلة من الصور المتجاورة ودوال من الرموز الدالة...
 وفي واحد من المشاهد الفانتازية، يأتي المؤلف بسائح أجنبي ومعه مرشد سياحي، بالتأكيد هذا الأخيرـ المرشد ـ ينتمي إلى المجتمع الذي يـُسقط عليه المؤلف أحداثه، وهو المجتمع العربي ...
سائح 1 : هايل ... إحنا بنحب بلدكم قوي ...
المرشد : ودلوقتي ... خلصنا من الأنتيكات والعملات القديمة ... واللي بيعود تاريخها لأبعد من تلات تلاف سنة قبل الميلاد ... ونيجي دلوقتي لأحداث خاصة في متحفنا ( يـُشير للأقفاص الموجود بها البشر ) ... وهي عبارة عن بعض النماذج البشرية التي بدأت في الانقراض أو انقرضت بالفعل من المجتمع، ومتحف في ظل النظام العولمي الجديد كان له السبق على كل متاحف العالم، في إنه قدر يقتني أكبر كمية منها .......”
 ويبدأ المرشد السياحي في عرض النماذج البشرية، فها هي “ ست شريفة “ معروضة داخل قفص، وها هو “ رجل صادق “، وآخر “ رجل أمين لا يسرق ولا يرتشي “، ورابع زوجته خانته وتم طرده من وظيفته، لأنهم اكتشفوا أن هناك فائضاً في الميزانية، وآخر يسرق ويرتشي، لكنه اكتشف عدم جدوى ذلك، فتقرر وضعه هنا داخل تلك الأقفاص، لأنه قد حاد عن الطريق الصحيح من وجهة نظرهم ...
 ومع تأكيد المؤلف على توضيح المنطق المقلوب في عالمه الدرامي هذا، يأتي نائب حاكم المدينة كي يأمر بغلق المتحف البشري هذا ــ من خلال بيان لحاكم المدينة ــ يتم فيه نفي هذه المجموعة البشرية إلى “ جزيرة الرفض “ حتى يتم ــ وكما جاء في البيان ــ “ تأهيلهم ليصبحوا قادرين وصالحين للعيش معنا داخل هذا المجتمع ...” 
وكما فعل بنا المؤلف في فصله الأول “ فصل الفـُرجة “ من توصيف دقيق لمنظره المسرحي وما شابه، يفعل بنا في فصله الثاني “ فصل النفي “، حتى نستشعر أننا بإزاء جزيرة حقيقية، فصوت الريح والماء يتناهى إلينا ... و ...و...، حتى الملابس، كان له رأيا فيها، فاللون الأزرق مثلا هو لون الملابس العسكرية لحراس الجزيرة وقد يعنى ذلك شيئا ما، وقد خصص المؤلف هذا الفصل لمجموعة الممارسات التعذيبية النفسية لهؤلاء الحراس ومن ورائهم والتى تقع على مجموعة المنفيين،
فها هو أحد حـُرّاس “ جزيرة الرفض “ يأتي بـ “ مازن “ الذي كان فيما مضى مثقفاً وكاتبا ، ليجعله أراجوزاً، أو حكاءا للحواديت رغما عنه، فيضطر “ مازن “ للحكي خوفاً من التعذيب ... وفي حكي المؤلف على لسان “ مازن “، خاصةً في حكايتة عن الرجلين والمرأة، نجد أن الفعل الدرامي لديه، في حالة استمرار وديمومة لا تنتهى، فها هو “ مازن “ في أحد حكاياته يقول :
“مازن : [ يبـدأ في الحـكي، ومع بدء الحـكي تتلاشى البقع الضوئية بالتدريج ويتم تجسيد ما يُحكى ... ] كان فيه يا سيـدي بشر وناس كتير أول ما اتخـلقـوا كـانـوا متسـاوييـن وطـول بعـض ... [ يظهــر ثلاثـة (رجـــلان وامـرأة ) يقـفـون بجــوار بعـضهـم صفـاً واحـداً ويجـسـدون كـل مـــا يُـقـال .. ] وكـانوا كمان بيحـبـوا بعـض ... فـجــأة اكـتشــف كـل واحـــد منهــم رغـبـاتـه الخـاصـة وحـُب الامتـلاك جـواه .... دارت بينهـم خـناقـة ؛ كـل واحــد عـاوز ياخـد البنـت ليـه لـوحـده ... وزادت الخـناقـة، وزادت ... زادت ودهـسوا البنت وسطيهـم، وعـلى بال ما فـاقـوا من الخـناقـة لقـيوا البنت ماتت ... بكوا ... وزاد بُـكاهم أكتر من الأول عشان دي كانت تاني بنت تموت وهمه بيتخانقوا .... [ تـُضاء بـؤرة ضـوئيـة عـلى الجـانب الآخـر من المسـرح لنجـد فتاة أخـرى جـثـة هـامـدة ... ] ومن اللحـظة دي كـرهـوا بعـض، وبقى كل واحد منهم يتنكر في زي وحش مخيف عشان يخوف التاني منه ... مرة يكون الزي ده هو قـوته، ومـرة ذكاؤه، ومرة سلاح جديد اكتشفه، ومرة فكرة جديدة أو فلوس أو أي ثـروة تمكـنه من السيطرة على عدوه .... وكانت حشايش الغابة وزهورها وشجـرهـا وحـيـوانتهـا تتـأذى كـل يـوم الصبـح بمنـظـر الخـناقـة ومنظر الدم ... ولغـاية دلـوقـتي لسه الخـناقـة شغــالـة ...”
والمتأمل للحكايه يجد فيها سردا لفكرة ظهور الحرب فى التاريخ و ما يتبع ذلك من قتل للبراءة، وفي نفس إطار المنطق المقلوب، وكمحاولة أخرى من الكاتب لللتأكيد على غرس مفهوم “ العولمة “ في الواقعين : الفني والحياتي، يأتي لنا المؤلف وعلى لسان “ رئيس الحرس “ بهذا الحوار :
“ القـُبطان : ( بغيظ ) بقول أيه أحوال الجزيرة ...؟!
رئيس الحرس : ( منتبهاً ) آه ... آسف ... ( يـُشير بيده لأحد الحـُرّاس فيجري مسرعاً خارجاً ليأتي بمجلد ضخم ) ... أحوال الجزيرة طبقاً لكتاب التعاليم بفصوله المختلفة، تسير على ما يـُرام، كل فصل بيطبق زي ما هو منصوص عليه بالظبط في الكتاب ... برنامج التأهيل بنفذه بشقيه ... شق نزع المعلومات والاعتقادات القديمة، وشق إحلال معلومات واعتقادات جديدة مكانها ... أما برامج المعيشة من إقامة وطعام وملبس وفـُسح و ... فهي مـُطبقة بالحرف الواحد، احتراماً لحقوق الإنسان، وزي ما حضرتك أوصيت في الزيارة الكريمة إللي فاتت بخصوص توجيه الأحلام وجهة مفيدة، تم حقن أطعمة وأجساد المؤهلين للحياة بما يقوم بذلك، وتم التأكد لنا من فعالية هذه الحـُقن، فبمراقبة أحلامهم اتضح لنا أنها تسير في الخط الذي نريد ...”
وكأن المؤلف وبطرحه الفكري هذا، يجعل من “ المتحف البشري “، ومن “ جزيرة الرفض “ مـُعادلاً موضوعياً لما تفعله أمريكا بمعتقليها في سجن “ جوانتانامو “ العالمي ...إنه إستشراف كاتب لما ستؤول إليه مجريات الأمور السياسيه فى العالم خاصة وأن المسرحية مكتوبة فى عام 1998م..
ومع تقدم الأحداث، يأتي لنا المؤلف بشاب ثوري اسمه “ رفيق “، ويا له من اسم له دلالته القوية والمباشرة التي تحيلك إلى فكر وأيدلوجية الاشتراكيين والشيوعيين الذين كانوا يمثلون قبل العقد التسعيني القوة الثانية الكـُبرى في العالم، وذلك قبل انهيار الاتحاد السوفييتي في العام تسعين من القرن الماضي، وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية بزعامتها كقـوّة واحدة وحيدة لهذا العالم ...
وها هو الشاب “ رفيق “ ـ كما ينص الكاتب ـ “ معلقا من ذراعية فى سقف المسرح تتدلى من رقبته سلسلة حديدية، تنتهي من أسفل بكـُرة حديدية تهتز بواسطة أحد الحـُرّاس كبندول ساعة، كلما اهتزت، يدق الجرس المـُعلق في الحلقة الدائرية حول رقبته ...
رفيق : ( يصرخ كلما دقّ الجرس ) الزهق والإحساس بالاستبداد هـُمه بداية الثورة ...”
 إن إبراهيم الحـُسيني كمؤلف يـُحرك مصير شخصياته على المسرح كيفما يـُريد، ويكتب المسرح كيفما يـُريد أيضاً، وعلى حسب منهجه الذي اتبعه منذ البداية، وهو منهج : الصورة التعبيرية ... فها هو المسرح مـُضاء تماماً، ثم يقوم بإظلامه، ويـُضيء بؤرة “ رفيق “ المـُعلق في سقف المسرح ...
“رفيق : لو ها تعيش ... أفضل ليك تعيش وراسك مرفوعة ... لو اتحنيت للريح عشان تعدي ... يبقى خليك محني على طول ... بس لازم تعرف إنك بكده ميـّت حيّ، ولو كنت حيّ ....”
 إنه ــ أي المؤلف ــ وعلى لسان شخصياته يـُمهد للثورة ... فها هو فهمي “ رجل الأعمال “ والذي يشبههه المؤلف ب سيزيف “حامل الصخرة “ يقول :
“فهمي : ضهري اتحنى م الصخرة ...... وحاسس إنه لو شالها تاني ها يتقطم، أنا مش ضلع في ثورة ... أنا حاسس إني أنا الثورة ... “
وها هما البائعان اللذان جعلهما المؤلف، ومنذ نهاية فصله الأول عجوزان، يـُرددان في نهاية فصله الثاني نفس ما ردداه في نهاية فصله الأول :
“ العجوزان : نبحث عن إنسان ... يعرف كيف يكون للرفض معنى حقيقي للثورة، ويـُدرك أبعاد العالم، ويقدر أن يـُعطي طفلاً صغيراً رغيف خبز وحلماً جميلاً ... ويـُعلمه كيف يـُحب الله والأرض التي نبتّ فيها، وأن يتعهد بالسـُقيا حبـَّها وحـُبها ... نبحث ... نبحث ... نبحث ... ( يتلاشى الصوت تدريجياً حتى ينتهي تماماً ) ...” 
إنها مجموعات متراكبة من الرموز والإشارات يحركها الحسينى بمهارة وينشأ عبر تجاورها منظومته النصية الخاصة،تلك المفتوحة على الواقع، ومثلما وصف المؤلف بداية فصليه السابقين وصفاً مسرحياً دقيقاً، يصف بداية فصله الثالث “ فصل الثورة “ بنفس الدقة والعمق والدراية التي عهدناها منه ...، ثم يبدأ هذا الفصل بإنقلاب داخلي بين أفراد قيادة “ جزيرة الرفض “ ...، فها هي “ ونس “ زوجة رئيس الحرس ومحظية القبطان في الوقت نفسه، تنقلب على زوجها وتأمر الحرس بإقتيادة إلى السجن ووضعه مكان الشاب “ رفيق “، والإتيان ب “رفيق “ إلى الساحة كبديل له، ثم ترتدي هي ــ أي ونس ــ زي رئيس الحرس ...، وتبدأ “ ونس “ في إقناع المنفيين / الثوار وعن طريق “رفيق “ نفسه بأنها معهم وليست ضدهم، خاصةً “ نورا “ و “ نائلة “، وتقدم لهم مبراراتها النفسية التي تجعلها معهم وليست ضدهم كما يظهر من حوارها التالى :
“ونـــس : نورا ... أنا مش في حاجة إني أقول أنا معاكم، وأنا في حقيقة أمري ضدكم، أنا اتهنت كتير من القبطان ورجالته، وحتى من جوزي إللي بيقدمني في ورق سوليفان هدية جميلة للقبطان، وإللي أعلى منه علشان يفضل في منصبه، خلاّني كرهته وكرهت نفسي ...”
بعد ذلك يبدأ المؤلف في تغيير مسار شخصياته، فـ “ نائلة “ التي كانت فيما مضى تـُحب الشاب “ إساف “، نجدها تقع في غرام الشاب / المـُخلـّص / الثوري / رفيق ... و ...، إلى أن يتفقون فيما بينهم ــ رغم تناقضاتهم الكثيرة ــ على تشكيل وأقامة “ دولة الرفض “ في نفس المكان على “ جزيرة الرفض “ ...
“الجميع : فلتسقط دولة الكـُره والاستبداد والغـُربة، دولة الدعارة والسرقة والكذب ... دولة الفـُرجة والنفي والغواية ... ولتحيا دولة الرفض ... والثورة والحرية ... ( يكررون الجملة عـدّة مرات ) ...”
وفي موضع آخر وبالقرب من نهاية “ فصل الثورة “ يرددون جميعا : “ يسقط كتاب التعاليم ...”
وبمجرد بداية الفصل الرابع والأخير “ فصل الغواية “ تأتي إلى الجزيرة الهيئة الدولية للاشراف على تخطيط وتنظيم المدن برئاسة “ إبراهام زيفاجو “، ومعه نائبه “ ديفيد كاري “، ومندوبيّ : الثقافة والصحة،،الزراعة،... هذا هو ظاهر الهيئة الدولية، أما باطنها، فهو الاحتلال الجديد ... فهاهو مازن / الشاعر / الروائي / المثقف ... ( يدخل وعلى وجهه علامات الدهشة والاستغراب ) ليعلن للجميع :
“مازن : إلحقوا ... دول جايبين معاهم أسلحة وقنابل، ومعدات حرب كثيرة ... مش ممكن يكونوا جايين للسلام وتأسيس دولة، والكلام الفارغ ده ... دول ليهم هدف معين ...
فهمي : هدف معين ...!! تقصد أيه ...؟!
سالم : احتلال جديد ... مفهومة ... ومش عايزه توضيح ... “
... إنها معالجة القضايا العالمية الكبيرة في المسرح المصري، يأتي بها إبراهيم الحـُسيني إلينا، لكني أجدني أختلف معه في الترتيب البنائي / الشكلي لفصوله الأربعة، فبدلاً من نهايته لمسرحيته بفصل الغواية الرابع والأخير، قد يكون من الطبيعي أن تكون النهاية بالفصل الثالث المعنون بـ “ فصل الثورة “ ...، فطالما أننا بصدد مسرح، فالثورة هي النهاية وليست الغواية، الثورة هي الأمل في المستقبل سواء في المسرح أو في الحياة، وقد يكون للحسينى رأيا آخر فى أن الغواية ـ غواية الأشخاص والمجتمعات ـ هى التى تعبر عن الراهن وكذا المستقبل ...
والتأمل لشخصيات إبراهيم الحـُسيني الدرامية يجدها تـُقاوم بالفن، الموسيقى، الغناء، الحجة والبرهان، من أمثال : إساف، فهمي، وسالم / المحامي، وأخيراً مازن / المثقف، إلى أن يتم زرع الشقاق بينهم، فتصبح مثلا “ نورا “ خائنة في نظرهم، لأنها أفشت أسراراً تخص دولتهم الوليدة، وذلك لصالح الوفد الأجنبي ورئيسه “ زيفاجو “، كما أنها تشككهم في خيانة الشاب الثوري “ رفيق “ لهم ولمبادئهم أيضاً ...
“نورا : ( وهي تتألم ) اسمعوني ... ساكتين ليه ...؟! أرجوكم ... دول بيتخلصوا مني عشان اكتشفت حقيقتهم ...
رفــيـق : مش قادر أصدق ...
نورا : انت تسكت خالص ... قناع ملاك وقلب شيطان ...
ونــس : الخاين لازم يموت بالرصاص ...”
تتفشى إذا الخيانة والتأليب والقتل وتفوح رائحته بين المجموعة، بتحريض من رئيس الوفد “ زيفاجو “ ورئيسة الحرس “ ونس “، لنرى “ إساف “ الشاب الصغير / الفنان يقتل حبيبته السابقة “ نائلة “ وتنتابه حالة جنون وهذيان، ... أما “ سالم “ المحامي فنراه يرتدي ملابس بيضاء شفافة وحذاء أبيض بلون الجسد في إشارة من المؤلف إلى تغيير جلده بالإرتداد إلى الماضى السحيق ليصبح معبرا عن التاريخ والنبوءة أكثر مما يعبر عن كونه شخصية درامية : 
“ سالم : وفيهم من سيصلب لأنه فقد نسخته من كتاب التعاليم الكبير ...
( يدور فهمي ومازن داخل المكان بحثاً عن نسختيهما من كتاب التعاليم، فلا يجدا إلا نسخة واحدة يمسكاناها معاً ...
فهمي : ( متلعثماً ) مازن ... هيه دي نسختلك ...؟!
مازن : ( متلعثماً هو الآخر ) بيتهيألي ... أنا فاكر إني حطيت نسختي هنا ...
فهمي : أنا كمان فاكر إني حطيتها برضه هنا ...
( يمسح كلٍ منهما العرق المتصبب منه، فإذا به يلوث وجهه، فدفتي الكتاب مدهونتان بخليط من الألوان، مما يصل بهما إلى التشويه الكامل ... ) “
... إنه الخلط وعدم التمييز والتداخل بين الأشياء والوجوه والأفكار، وكل شيء ما من شأنه أن يجعل الإنسان مـُشوهاً ومـُشوشاً ... و ... و ... إلى أن يدخل رئيس الحرس القديم وزوج “ ونس “ ليخطف منهما الكتاب مـُدعياً أنه كتابه هو، أو بالأحرى نسخته المفقودة منه ... وبهذا الخلط وعدم الفهم، ودخول الشخصيات إلى دوائرها اللانهائية، يـُنهي المؤلف مسرحيته كما بدأها، وذلك على لساني العجوزين / البائعين، واللذين يـُحملهما مقولتيه : الفكرية والفلسفية، مستغلا بذلك تقنية “ الجروتسك “ الدرامية، وهي المبالغة الكاريكاتورية المعنية بالتضخيم في كل شيء ؛ من أداء وصورة مسرحية، وصولاً إلى التأكيد على منهجه الذي اتبعه من البداية، فها هي أصوات العجوزين / البائعين في مونولوجهما تتناهى إلينا جنباً إلى جنب مع الصورة المسرحية ومجموعة أخرى من الأصوات آتية من فضاء المسرح، نجدها جميعا تردد مع قفل الستارة : 
“ ص 1 : روبابيكيا ...
ص 2 : عرب للبيع ...
ص 3 : ناس بجد للبيع ...
ص 4 : تاريخ قديم للبيع ...
ص 5 : وتاريخ جديد برضه للبيع ...
ص 6 : وطن حقيقي للبيع ...
ص 7 : جنة تايهه مننا للبيع ...
ص 8 : طب نار بس بتاعتنا ... للبيع ...
ص 9 : كله للبيع ...”

تتمة

بهدف إحياء التراث : ناشئة الشارقة يتدربون على الارتجال ومسرحة الحكاية الشعبية

مجلة الفنون المسرحية

بهدف إحياء التراث : ناشئة الشارقة يتدربون على الارتجال ومسرحة الحكاية الشعبية

   سامح بدر


بدأت في مركز ناشئة خورفكان فعاليات ورشة "الارتجال ومسرحة القصص والحكايات الشعبية"، التي يقدمها المخرج والممثل المسرحي الفنان هامي بكار، لمنتسبي مراكز  ناشئة الشارقة في المنطقة الشرقية، ضمن برنامج الفنون المسرحية الذي تنظمه ناشئة الشارقة التابعة لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين للعام الجاري 2018 ضمن خطتها الطموحة لتعزيز مهارات أبنائها في مختلف ألوان الفنون المسرحية بمستوياتها المتقدمة.

وتهدف الورشة إلى تطوير قدرات الناشئة في الارتجال، إضافة إلى إحياء التراث الشعبي الإماراتي الأصيل وربط الأبناء بتراث الأجداد وماضيهم العريق من خلال محور مسرحة القصص والحكايا الشعبية.

ويتجسد الإطار العام لبرنامج الورشة التدريبي التي يشرف على تنفيذها الفاتح حميدة إداري برامج مسرحية في مراكز ناشئة الشارقة بالمنطقة الشرقية، في فن الأداء والتمثيلي المسرحي، ويتم التركيز على التأليف والتوليف المسرحي والارتجال، وكيفية بناء القصة المسرحية المرتجلة، إضافة إلى مهارات بناء القصة المسرحية المقتبسة من القصص والحكايات الشعبية، وتُعد الورشة برنامجاً مسرحياً شاملاً لإعداد الممثل والمخرج ومصممي الديكور والإضاءة.

وقال الفنان هامي بكار: سيتم التركيز من خلال الورشة على تعليم الناشئة تقنيات العصف الذهني لدى الممثل حول بناء النص المسرحي من بدايته وحتى النهاية، وتطوير مهاراتهم في البحث عن طرق بديلة وأساليب مختلفة لخدمة مايقدمون من أعمال مسرحية، إضافة إلى إكساب الناشئة مهارات صياغة الأفكار في النص المسرحي غير الورقي الذي يتم ارتجاله وفقاً لأفكار وآراء الممثل.

وسيتعرف الناشئة خلال الورشة التي انطلقت الأسبوع الماضي وتستمر لمدة شهر تقريباً، على سيكولوجية فنون الأداء عبر التطرق إلى المذاهب والمدارس المسرحية، للخروج من الصندوق وكسر القواعد المتعارف عليها لتحقيق التفاعل المنشود مع الجمهور، فضلاً عن إطلاق العنان لمخيلة الممثل والمخرج للوصول إلى حالة الإبداع المسرحي.

ويخوض الناشئة تجربة الفوضى المسرحية المنظمة عبر عدة مستويات بداية من السينوغرافيا، ومروراً بالديكور والمؤثرات الصوتية، وصولاً إلى التقنيات المسرحية من حيث هندسة الصوت وتصميم الإضاءة وكيفية تنفيذها.

ويتدرب الناشئة المشاركون في الورشة على تطوير أدوات الممثل الإبداعية التي تشمل الصوت، الجسد، والأداء وذلك من خلال عدة تمارين مسرحية أكاديمية متخصصة، بهدف إعداد الناشئ مسرحياً والوصول به إلى أرقى مستويات الاحتراف والإبداع المسرحي.

ويتوج برنامج عمل الورشة بعرضين مسرحيين للناشئة بعد تمكينهم من الأدوات التي تساعدهم في صياغة أفكارهم وترجمتها في أعمال مسرحية 



الاثنين، 11 يونيو 2018

مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بتنظيم مهرجانات وطنية للمسرح في كل الدول العربية، مبادرة ذات رؤية استراتيجية تنموية

مجلة الفنون المسرحية






مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بتنظيم مهرجانات وطنية 

للمسرح في كل الدول العربية، مبادرة ذات رؤية استراتيجية تنموية.

بفضل المبادرة التي انطلقت في 23 مارس 2018، سبعة مهرجانات وطنية وثلاثة مراكز للفنون الأدائية.

المبادرة حفزت بعض الدول لإعادة إحياء مواسمها المسرحية المحلية.

عندما أمر صاحب السمو أن يبدأ العمل فور ان يترجل عن خشبة المسرح، كان ذلك إيذانا بعمل لا يعرف الكلل.

إن مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي التي أطلقها في 23 مارس 2018 وكلّف الهيئة العربية للمسرح بتنفيذها، والتي تقضي بالعمل على تنظيم مهرجانات وطنية للمسرح في الدول العربية التي لا توجد فيها مهرجانات للمسرح المحلي، معراج جديد للتنمية المسرحية في الوطن العربي، وقد لاقت صدى عالياً باعتبارها بارقة أمل لأربعة عشر بلداً عربياً لا تنظم مهرجانات محلية لأسباب مختلفة.
عملت الهيئة العربية للمسرح من ذلك اليوم وعلى مدار الأشهر الثلاثة ليكون التنفيذ بمستوى التكليف والتشريف الذي نالته، فقامت الأمانة العامة بدراسة وافية في ظل قاعدة المعلومات والعلاقات والاتصال الذي تتوفر عليه الهيئة، وخرجت بخطة تنقسم إلى مراحل، المرحلة الأولى تشمل العمل مع الدول التي تحتاج لتنظيم مهرجانات وطنية. المرحلة الثانية العمل مع الدول التي تنظم مهرجانات وطنية، المرحلة الثالثة توحيد الجهود والرؤى بين كافة المهرجانات الوطنية في الوطن العربي، لتحقيق النهوض الشامل.
حازت الخطة مباركة صاحب السمو لها وانطلق العمل الميداني، وقام الأمين العام الأستاذ اسماعيل عبد الله ووفد الهيئة، بزيارة العديد من الدول العربية، تم خلالها التباحث ووضع الاتفاقات ومذكرات التفاهم، مع وزارات وجمعيات ونقابات واتحادات، لسبعةمهرجانات وطنية للمسرح وثلاثة مراكز لفنون الأداء .
المهرجانات:                                               
1.      مهرجان فلسطين الوطني للمسرح. بالتعاون مع وزارة الثقافة الفلسطينية. 25 أكتوبر – 3 نوفمبر 2018. رام الله.
2.      المهرجان الوطني للمسرح الموريتاني. بالتعاون مع وزارة الثقافة والصناعة التقليدية. 16 -22 أكتوبر 2018. نواكشوط.
3.      مهرجان اليمن الوطني للمسرح. بالتعاون مع وزارة الثقافة اليمنية. ما بين 25 أكتوبر – 7 نوفمبر 2018. عدن.
4.      مهرجان رم للمسرح الأردني. بالتعاون مع نقابة الفنانين ووزارة الثقافة. 1 – 7 أكتوبر 2018. عمّان.
5.      مهرجان لبنان الوطني للمسرح. بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية. 16 -26 نوفمبر 2018. بيروت.
6.      المهرجان الوطني للمسرح السعودي. بالتعاون مع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون. 21 – 27 نوفمبر 2018. الرياض.
7.      المهرجان الوطني لهواة المسرح. بالتعاون مع وزارة الثقافةوالاتصال المغربية. 28 سبتمبر – 5 أكتوبر 2018. مراكش.
مراكز للفنون الأدائية:
ستنطلق برامج التدريب في ثلاث دول:
1.      مركز الفنون الأدائية الموريتاني – نواكشوط. بالتعاون مع وزارة الثقافة والصناعة التقليدية.
2.      مركز الفنون الأدائية اليمني – عدن. بالتعاون مع وزارة الثقافة اليمينة.
3.      مركز الفنون الأدائية الفلسطيني – رام الله. بالتعاون مع وزارة الثقافة الفلسطينية.
من ناحية ثانية، نَشَطَت المبادرة بعض الدول التي التفتت إلى أهمية إعادة بعث مهرجاناتها المحلية المتوقفة، وسوف تكون الهيئة إلى جانبها بالتعاون الخلاق.
هذا وقد راعت الهيئة العربية للمسرح في اتفاقاتها المختلفة مع الشريك المنفذ في الدولة المحددة إلى آليات تخدم المشهد المسرحي فيها، آخذة بعين الاعتبار الخصوصيات التي تكتنف هذا المشهد، لكنها حرصت في كل اتفاقاتها على ما يلي.
·       أن يكون الحدث جامعاً وموحداً ويشكل حصيلة حصاد حقيقي.
·       أن يشكل الحدث مناسبة لترسيخ قيم مسرحية لدى المشتغلين في المسرح ولدى المجتمع عامة.
لذا فإن نظاماً موحداً للجوائز قد وضع لكل هذه المهرجانات، كما ستقوم الهيئة بتصميم أيقونة موحدة للفائزين بكل هذه المهرجانات.

الأمين العام اسماعيل عبد الله قال : لقد قوبلت المبادرة في هذه الدول وأوساط المسرحيين فيها بكل الاحترام والتقدير، لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي وللهيئة العربية لمسرح، سواء بسواء من الأطراف الرسمية والأهلية، الإداريةوالفنية، كما كانت محط اهتمام الصحافة ووسائل الإعلام.
إن المهرجانات الوطنية سوف تساهم إلى جانب تنمية الحركة المسرحية في بلدانها، وكذلك فإنها ستحسن من معايير تنظيم المهرجانات حيث تستفيد من تجربة الهيئة في التنظيم والإدارة الفنية والمالية مع ضمان النتائج الأفضل.
لذا فإننا متفائلون أن كافة الدول العربية ستكون قد فعلت مهرجاناتها الوطنية مع نهاية 2019، حيث سننتقل مع هذه المهرجانات إلى مرحلة من التنظيم والتعاون بينها جميعاً.
أما مراكز الفنون الأدائية، فإن الدول ستقدم مواقع المراكز، فيما ستتولى الهيئة البرامج التدريبية فيها حيث تكون هذه المراكز نقاط ارتكاز لتنمية المسرح المدرسي وكذلك فنون العرائس إلى جانب الدورات المتخصصة في فنون العرض عامة والمسرحي خاصة.
وأضاف اسماعيل عبد الله: إن الهيئة العربية للمسرح التي أرادها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي بيتاً للمسرحيين العرب، تدشن بهذه الخطوات عشريتها الثانية مسلحة بالرؤى الصائبة وثقة ودعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، والتفاف المسرحيين العرب حول سارية المسرح العربي من أجل غد أفضل لأمتنا.




تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption