أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الاثنين، 17 نوفمبر 2014

أحمد شريجي ينال الدكتوراه بامتياز عن 'اشتغال العلامة ثقافيا في العرض المسرحي'، ويعتبر ان العلامات المسرحية تحمل خصوصية ثقافية محلية.

مدونة مجلة الفنون المسرحية

أحمد شريجي ينال الدكتوراه بامتياز عن 'اشتغال العلامة ثقافيا في العرض المسرحي'، ويعتبر ان العلامات المسرحية تحمل خصوصية ثقافية محلية.

لاول مرة اللجنة العلمية توصي بطباعة اطروحة
اعتبر المخرج المسرحي العراقي احمد شريجي الزيدي في أطروحته "اشتغال العلامة ثقافيا في العرض المسرحي" التي حصل فيها على درجة الدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف ان العلامة المسرحية تعرف العديد من التحولات في ترحالها من جهة الى اخرى، وكشف عن دلالتها الاجتماعية والثقافية.
وافاد المخرج المسرحي العراقي في أطروحته ان العلامات المسرحية مثل الموسيقى، واللغة والأزياء، والديكور تحمل خصوصية ثقافية محلية وتؤدي وظيفة قصدية في العرض المسرحي بغية ترسيخ البعد الثقافي له.
والعلامات المسرحية تكتسب معناها من خلال تداولها اليومي داخل المجتمع الذي تنتمي إليها.
وحصل أحمد شريجي الزيدي على درجة الدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف عن أطروحته "اشتغال العلامة ثقافيا في العرض المسرحي"، وقد جرت المناقشة أخيرا بكلية الاداب والعلوم الانسانية/ جامعة ابن طفيل ـ المملكة المغربية.
وقد أوصت اللجنة العلمية بطبع الدراسة علما أنه لأول مرة تعطى هذه الميزة لأطروحة دكتوراه في الجامعة، وذلك لأهمية البحث وريادته والذي يعتبر إضافة مهمة في الأدب المقارن من جهة وسيميولوجيا العرض المسرحي من جهة أخرى.
والأطروحة تنفتح على الثقافة الأوربية الهولاندية، والثقافة العربية "العراق والكويت".
وبما أن لكل مجتمع ثقافته الخاصة، لجأت إلى نماذج مختارة قدمت داخل الثقافتين العربية والهولندية من خلال نصين: الأول عراقي وهو "في أعالي الحب" للمؤلف فلاح شاكر، وقد تُرجم إلى الهولندية وقدمه المخرج Egon Van Enk، كما قدم في العراق من إخراج فاضل خليل، ونص عالمي وهو "رتشارد الثالث" للإنكليزي وليم شكسبير، وقدمه في الكويت والمنطقة العربية وفي العديد من العواصم الأوربية المخرج الكويتي سليمان البسام.
أما في هولندا فقدمه المخرج Mathijs Rümke. ومن ثم رصدت الأطروحة كيفية انتقال العلامات من نسق ثقافي إلى نسق ثقافي اخر، وقصدية اشتغالها الدلالي داخل الثقافة المنتجة لها، وماذا يتبقى من هذه القصدية التركيبية عندما ينتقل ذات العرض الى ثقافة اخرى.
وتتضمن الأطروحة خمسة فصول، بالإضافة إلى مدخل وخاتمة وملحق، في المقدمة كشف الباحث الأسباب التي دعت إلى اختيار الموضوع والمنهج المتبع في الدراسة.
وفي الفصل الأول الذي عنونه بـ "الثقافة، من المفهوم إلى النص" حدد فيه مفهوم الثقافة، ومحدداتها، وخصائصها من جهة، وعلاقة الثقافة بالبنيوية استنادا إلى رؤى كلود ليفي سترواس، ورولان بارت مع التشديد على زمن العلامة وثقافتها وبيئتها من جهة ثانية. كما ركز اهتمامه في سيميوطيقيا الثقافة على مدرسة موسكو ­ تارتو والمدرسة الإيطالية.
وفي الفصل الثاني المعنون بـ"نظريات السيميولوجيا"، توقف الباحث وقفة متأنية وفاحصة عند مفهوم العلامة عند فرديناند دي سوسير، وتشارلز سوندرس بورس، والمدارس اللغوية وخاصة: مدرسة موسكو، ومدرسة براغ اللغوية، والمدرسة الأميركية اللغوية، ومدرسة كوبنهاكن اللغوية، ومدرسة باريس السيميائية.
وفي الفصل الثالث الذي عنوانه: "السيميولوجيا والعرض المسرحي"، حاول التعرف على سيميولوجيا العرض المسرحي، من خلال دراسة العلامة في المسرح، والنص الجنين، ونص العرض الجنين، ونص المتفرج الجنين، كما حرص على دراسة أنظمة علامات النص.
أما الفصل الرابع الذي اتخذ طابعا تطبيقيا فعنونه الباحث بـ: "مسرحية "في أعالي الحب" اشتغال العلامة بين ثقافتين العراقية والهولندية"، من خلال نص قُدم داخل الثقافتين: العراقية والهولندية.
وفي الفصل التطبيقي كشف الباحث عن ثقافة العرض المسرحي العراقي "في أعالي الحب" وما تضمنته علاماته من دلالات، وما لحقه من تغير استوجبته عملية انتقاله الى سياق ثقافي مغاير، وهو السياق الغربي الهولندي تحديدا.
وفي الفصل الخامس والأخير "مسرحية رتشارد الثالث" بين ثقافتين" تناول الباحث بالدراسة والتحليل نصا عالميا قُدم في الثقافة العربية ­الكويت­ والثقافة الغربية ­هولندا­.
فبعد أن أبرز ثقافة النص وعلاماته، انتقل إلى دراسة ثقافة العرض المسرحي الكويتي: "رتشارد الثالث: مأساة عربية"، ثم العرض المسرحي الهولندي "رتشارد الثالث"، بغية الوقوف عند مختلف التحولات التي تعرفها العلامة المسرحية في ترحالها من جهة، والكشف عن دلالتها الاجتماعية والثقافية من جهة ثانية.
ويقول د.أحمد شريجي "يميل العرض في المسرح الحديث إلى قراءة النص الدرامي قراءة جديدة ومغايرة، إذ يخضع لعملية إزاحة قصدية لمجمل علاماته وإشاراته الثقافية والاجتماعية والبيئية، ليحمل علامات ثقافة صناع العرض بناء على مقترحات النص الجنين ونص العرض الجنين، كما في القراءة المغايرة لنص العراقي فلاح شاكر "في أعالي الحب".
وأحدث المخرج الهولندي تغييرات جوهرية على العناصر التي تنتمي إلى ثقافة المجتمع العراقي داخل النص، بدءا بالعنوان وانتهاء بجنس الشخصيات.
المسرحية تنتمي إلى ثقافتها البيئية والاجتماعية
وقد تطلب ذلك استبدال البعد الثقافي لنص فلاح شاكر بثقافة هولندية. فإذا كان نص شاكر محملا بعلامات، وإشارات ثقافية واجتماعية وبيئية وعقائدية تخلو من الدلالة داخل الثقافة الهولندية، فإن انتقاله استوجب تحوير العديد من علاماته، حتى يرتبط العرض المسرحي بمرجعية ثقافية تمنحه خصوبته الدلالية".
ويضيف د.شريجي موضحا "رغم أن العرض المسرحي عابر للثقافات، انطلاقا من انفتاح علاماته على أكثر من ثقافة مما يمنحه سمة الكونية، فإن العلامات المسرحية لا تكتسب معناها ولا تؤدي وظيفتها الاشتغالية إلا إذا أدرجت في سياق ثقافي محدد. فالعلامات المسرحية، مثل: الموسيقى، والأزياء، والديكور، والضوء، تحمل خصوصية ثقافية محلية، وذات وظيفة اجتماعية، وتؤدي وظيفة قصدية في العرض المسرحي، بغية ترسيخ البعد الثقافي للعرض المسرحي.
فالبذلة العسكرية في العرض العراقي "في أعالي الحب"، والتنورات الاسكتلندية القصيرة في العرض الهولندي "رتشارد الثالث"، والكوفية والعقال في العرض الكويتي "رتشارد الثالث: مأساة عربية"، كلها علامات أضفت على العروض المسرحية خصوصية ثقافية.
وينتمي العرض المسرحي إلى ثقافته البيئية والاجتماعية، من خلال القصدية الدلالية التي تضطلع بها علاماته الدرامية، وهي في مجملها علامات أيقونية، تكتسب معناها من خلال تداولها اليومي داخل المجتمع الذي تنتمي إليها.
فالزي الاجتماعي والعلامات السمعية مثل: الأغاني، ودعاء القبر، والآذان، وتلاوة القرآن، والموال، إلخ، علامات أيقونية، تقرأ بقصديتها الاشتغالية داخل ثقافتها المنتجة، ويصعب قراءتها في ثقافة أخرى بالقصدية ذاتها".
وقد خلصت أطروحة د.شريجي إلى جملة من الاستنتاجات التي توصل إليها من خلال التحليل، منها ان عناصر العرض المسرحي تاتي ضمن بنية متماسكة، لتؤسس شبكة علائقية يتعذر معها عزل عنصر عن آخر. ونلقى هذه الخاصية في اللغة وخاصة عند جاكبسون الذي أكد على أن نمط الأصوات علائقي من حيث تأسيسها الأول، إذ تحدد العلاقة بين الأصوات المعنى وتنتجه.
وقال الباحث "نرى بأن هذه الآلية الاشتغالية، يخضع لها العرض المسرحي من خلال الشبكة العلائقية التي تربط بين عناصره المسرحية "النص، الممثل، الضوء، الديكور، الأزياء، الموسيقى، الماكياج، الإكسسوار".
ويمكننا الحديث عن بنيوية العرض المسرحي، على الأقل في مراحل تشكل العرض، وعند خروجه إلى المتفرج يصبح الحديث عن العرض سيميولوجيا.
واضاف "لعل ما يعزز رأينا هو أن السيميولوجيا ولدت من رحم البنيوية. فالعرض المسرحي في مراحل تشكله الأولى "نص جنين، نص عرض جنين،..." يخضع لآلية بنيوية ممنهجة، تعتمد الهدم، والبناء، والاستبدال، والتحوير بهدف تحديد معاني العلامات اللغوية أو البصرية".
ومن جانب آخر، فإن السيميولوجيا لا تُبنى على نظام التعارض كما هو الحال في البنيوية. وحسب جاكبسون، فإن كل عنصر يشكل نظاما لغويا يبنى على التعارض بين متناقضين منطقيين، فوجود معنى الوسم يقابله عدم الوسم، وكذلك الثوابت والمتغيرات وهما سمة أساسية في مستويات اللغة، ومن هنا تنبع إمكانية تطبيق التصورات البنيوية داخل العرض المسرحي وإخضاعه لإجراءاتها.
واعتبر أن النص الدرامي صفة اجتماعية على غرار اللغة، فإنه يسعى إلى عزل التعارضات الموسومة وغير الموسومة، أي: ترميز العلامات اللغوية والبصرية ضمن سياق محدد مسبقاً. وبالتالي يكون النص الدرامي، بوصفه عينة اجتماعيا، هو الثابت، مقابل اتصاف العرض المسرحي بالتغير.
وضع النص الدرامي العراقي "في أعالي الحب" والإنكليزي "رتشارد الثالث" إلى قراءة جديدة، عبر بناء عرض مسرحي نهج سياسية الهدم والبناء، حتى يتناسب العرض مع ثقافة الجمهور المستهدف.
ولذلك، يمكننا الحديث عن بنيوية العرض المسرحي، وليس سيميولوجيته على اعتبار أنه يخضع للثنائيات الألسنية.
وهكذا تستحدث بنيات سطحية وعميقة، وهي بنيات مغايرة لثقافة النص الدرامي في أغلب الأحيان.
ويبدأ الاشتغال السيميولوجي لحظة تقديم العرض المسرحي على الجمهور المستهدف الذي يحاول تفكيك الشفرات والعلامات التي أنتجتها العملية البنائية.
وتشكل العادات، والسلوك، واللغة مثلثا ثقافيا مجتمعيا. ويضم كل عنصر من هذه العناصر أنساقا متعددة، وعلامات، وإشارات، ورموز ترسخت نتيجة الممارسة والتداول اليوميين.
وليس بالضرورة أن تحمل هذه العلامات هوية ثقافية موحدة، إذ تتسم بطابعها التعددي، كما في العراق مثلا، حيث ثقافة إقليم كردستان، والثقافة الأمازيغية في المغرب... كما أن الوحدة اللغوية لا تعني الاتفاق الثقافي على مستوى العادات والتقاليد والسلوك، والعلامات الاجتماعية، إذ نلفي اختلافات على مستوى الملفوظ ووظيفة المفردة بين البلدان العربية.
فاللباس العربي "العقال والكوفية..." داخل منطقة الخليج، يمثل علامة ثقافية قائمة بذاتها، وتحيل من دون جهد تأويلي على مرجعية ثقافية معينة، والشيء ذاته بالنسبة للهجة. بيد أن اللباس العربي يمثل أيضا علامة تمايز طبقي واجتماعي بين الشخصيات العامة والأميرية، فاللباس الأميري يختلف من حيث الشكل الخارجي "العقال المربع المذهب" عن غيره.
ويمكن التعرف داخل الثقافة الخليجية على مرجعية الشخصية من خلال الزي أو صيغة وضع الكوفية على الرأس، كما في التقاليد العمانية، مما يمكن من الاستدلال على المرجعية الثقافية والاجتماعية.
وفي العرض المسرحي علامات لغوية وبصرية، وتشكل عناصر النص الثقافي هويته الثقافية والبيئية من خلال علاقاتها الترابطية. ويعمل صناع العرض على ترسيخ البعد الثقافي داخل أنظمة العرض اللغوية والبصرية والسمعية، ما دام العرض يستهدف جمهورا ينتمي إلى الثقافة نفسها.
ولذلك فإن العملية الاشتغالية في العرض المسرحي تعتمد ثنائية الهدم والبناء، والتركيب والاستبدال لكي تتوافق مع قصدية التوظيف. وتتحقق القراءة الجديدة للنص الدرامي، بوساطة الثنائية النصية التالية:
النص الجنين: ويعمل على إزاحة ثقافة النص الدرامي ومرجعيته الزمانية والثقافية والتاريخية، وعلاماته الدلالية والعقائدية، والرجوع إلى مصادر تشكله.
ومن ثم رسم خريطة ثقافية جديدة لمنظومته اللغوية والبصرية، كما في القراءة الهولندية لنص فلاح شاكر "في أعالي الحب".
فقد غيرت القراءة الجديدة العنوان، لأنه يحمل دلالة شعرية وشاعرية داخل الثقافة العراقية. وهي دلالة الغياب القسري للفرد العراقي في زمن الحرب العراقية الإيرانية.
ولأن هذه الدلالة لا تحيل على شيء داخل الثقافة الهولندية، فقد أضحى للعرض عنواناً جديداً وهو: "الجني". وبالتالي أسس النص الجنين شكل العرض، من خلال ثقافة البحر التي تميز المجتمع الهولندي لارتباطه الجغرافي ببحر الشمال.
فقد شكل البحر والساحل شكل العرض الجديد لنص فلاح شاكر. والأمر نفسه بالنسبة للقراءة الكويتية لنص الإنكليزي وليم شكسبير "رتشارد الثالث"، فقد تغير العنوان إلى مأساة عربية، لكي يتوافق مع الواقع العربي رغم احتفاظ الشخصيات بأسمائها الشكسبيرية. بينما اتخذ العرض الهولندي للنص ذاته بعدا مغايرا، انطلق من ثقافة جيلية غاضبة تمثلت في موسيقى الروك ببعدها الثوري الاحتجاجي.
وبالتالي أسس النص الجنين مرجعية العرض الثقافية والاجتماعية، وقد تعزز الاختيار الثقافي من خلال تغيير الملفوظ إلى لهجة بيئية محلية، كما في عرض سليمان البسام، من أجل توافق عناصر العرض اللغوية والبصرية والسمعية، وهو ما ساهم بشكل فعال في فك التداخل بين ثقافة النص وثقافة العرض.

القاهرة – من محمد الحمامصي
ميدل ايست اونلاين

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption