المسرح التونسي في 2014: إنتاجات فنية طغى عليها جانب الكم على الكيف...
مدونة مجلة الفنون المسرحية
الأمين النهدي يعود للركح والفاضل الجعايبي يثير جدلا - بروز فضاء التياترو بالعاصمة كمنتج وحاضن للأعمال المسرحية
عاشت الساحة المسرحية في سنة 2014 على وقع الانتاجات الفنية الجديدة واعتصام بعض أبنائها ورحيل آخرين عن الحياة فيما لم تحقق المهرجانات المسرحية الجهوية الكثير خاصة مع غياب أيام قرطاج المسرحية لهذا الموسم.
وظلت مدينة الثقافة خلال هذه السنة كما الأعوام الماضية، هاجس المسرحيين الأول حيث عبّر أغلبهم وفي مختلف تصريحاتهم عن أملهم أن يحتفي الموسم القادم بافتتاح هذا المكسب الثقافي، الذي قد يوفر لهم فضاءات لانجاز أعمالهم خاصة في ظل غياب مراكز عمومية للتمارين المسرحية تفي بحاجة جل المسرحيين.
الانتاجات المسرحية لسنة 2014 كانت متنوعة بين أعمال مقتبسة وأخرى من نصوص مخرجيها وبعضها في نمط الوان مان شو وغلب على أكثرها الجانب الكوميدي الساخر والناقد للوضع السياسي الراهن ومن بين هذه الانتاجات الجديدة نذكر «العساس» لمنير العرقي و»رونديفو» لغازي الزغباني و»السقيفة» لحافظ خليفة و»شريفة عفيفة» لمنال عبد القوي وحنان الشقراني و»جمرة الهواء» للطفي العكرمي.
وما يلاحظ أيضا في هذه الانتاجات تسرعها في تقديم العروض على حساب تحضير العمل بعمق ممّا يغلب جانب الكم على حساب الجودة الفنية والتقنية ولعّل عودة الفنان الكوميدي الأمين النهدي للمسرح تعتبر الحدث الأبرز في عالم الوان مان شو بعمله الجديد «ليلة على دليلة» الذي قام بجولة في مختلف المهرجانات الصيفية الدولية في تونس.
وضع المسرح الوطني كان دوما محل جدل واهتمام أهل القطاع غير أنه في هذه السنة شهد منعرجا مهما بعد تعيين الفاضل الجعايبي على رأس إدارته حيث أحدث هذا القرار جدلا بين المسرحيين بعضهم أعلن عن رأيه الرافض صراحة والبعض الآخر تركه للكواليس فيما كانت خيارات الجعايبي على مستوى إدارة المسرح الوطني واستغنائه عن عدد من الفاعلين فيه وانتداب آخرين يعتبرهم أكثر كفاءة سببا من أسباب اضراب أعوان المسرح الوطني تحت راية الاتحاد العام التونسي للشغل... وضع المسرح الوطني وبنهاية 2014 مازال ضبابيا فالفاضل الجعايبي ظل يعمل بصمت في تكوين ممثلين جدد في مدرسة الممثل، التي يشرف عليها المسرح الوطني كما يسعى لتطوير قاعة الفن الرابع حتى تتمتع بمقاييس عالمية في مجال العرض ولعّل الموسم الثقافي لسنة 2015 والذي تنظم خلاله أيام قرطاج المسرحية قد يوضح هذه الحالة الضبابية للمسرح الوطني ويمدنا بثمار ادارة الفاضل الجعايبي لهذا الهيكل الثقافي العمومي..
أغلب المهرجانات كانت جهوية تتكرر خلالها جل العروض المسرحية (للكبار والأطفال) ولم تحقق الاختلاف والتميز خلال هذا الموسم ولعّل عدم استقرار البلاد وغياب مشروع ثقافي يوحد وجهات النظر ورؤى أهل القطاع انعكس بوضوح على المشهد المسرحي، الذي لم يبرز خلاله دوليا سوى الملتقى العربي لفنون الدمى وخيال الظل في دورته الثانية وهو مهرجان تنظمه الهيئة العربية للمسرح لا بلادنا واختارت أن تكون تونس البلد المنظم لسنة 2014.
اللحظات المؤلمة في المسرح التونسي لهذا الموسم كانت الأبقى في ذاكرة هذا الحصاد حيث رحل عدد من المسرحيين ممن يحظون بمحبة جمهورهم وزملائهم من أهل القطاع وهم الفنان عبد المجيد الأكحل والمسرحي الطيب الوسلاتي والمسرحي محمد فوزي رواشد بعد عطاء كبير للفن والركح لم يمنحهم الكثير من العيش الكريم ومتعة الحياة في وطن لا يقدم لمبدعيه سوى شهادة تقدير..
وحتى لا يكون مصيرها كغيرها من المسرحيين فاجأت الممثلة نجوى ميلاد الساحة المسرحية قبل أشهر قليلة من نهاية العام بقرارها الدخول في اضراب جوع احتاجاجا على وضعها المهني والاجتماعي والبطالة، التي تعانيها رغم وجود أماكن شاغرة في فضاءات عديدة تابعة لقطاع المسرح وانتهى هذا الخيار بتدخل من وزير الثقافة ووعد بتشغيلها في احدى دور الثقافة بالعاصمة..
ورغم رفض الكثير من المسرحيين انتهاج طريق الاضراب ووضع حالتهم الاجتماعية (رغم تواضعها في أغلب الحالات) في واجهة مطالبهم ونزوعهم للكفاح من أجل تقديم فن يرتقي لتطلعات الجمهور إلا أن عوائق عديدة تقف حاجزا أمام أحلامهم الفنية أبرزها الجانب القانوني للقطاع وكراس شروط إنشاء الشركات المسرحية الخاصة وغياب الفضاءات..
ختام سنة 2014 كان سعيدا لعدد من المسرحيين منهم وليد الدغسني، الذي سيمثل تونس بأحدث مسرحياته «الماكينة» في مهرجان الهيئة العربية للمسرح والتي اختارت أفضل تسع مسرحيات عربية يفوز أفضلها بالجائزة الكبرى للقاسمي أمّا أكثر الفضاءات المسرحية الخاصة انتاجا وإشعاعا وتميزا فهي منظورنا فهو فضاء «التايترو» للثنائي توفيق الجبالي وزينب فرحات حيث نظما خلال موسم 2014 عددا من التظاهرات الناجحة والأعمال المميزة على غرار «كلام الليل صفر فاصل» و»الخلوة2» إلى جانب احتضانه للعروض الأولى لأغلب المسرحيات حديثة الانتاجات واهتمامه بمختلف التعبيرات والأشكال الفنية الكلاسيكية والحديثة.
نجلاء قموع
الصباح التونسية
0 التعليقات:
إرسال تعليق