حفل اختتام «أيام المسرح الحر لعبد الوهاب الجملي»
مدونة مجلة الفنون المسرحية
حفل اختتام «أيام المسرح الحر لعبد الوهاب الجملي»
صالح الفالح :«بإمكان المسرحي أن يدافع عن القيم الانسانية في إطار من التسلية والمتعة»
نزل الستار ليل الأحد على الدورة الثالثة من تظاهرة " أيام المسرح الحر لعبد الوهاب الجملي " التي نظمتها جمعية أيام المسرح الحر بالتعاون مع المندوبية الجهوية للثقافة بتونس وبدعم من وزارة الثقافة أيام 16 إلى 20 افريل الجاري بقاعة الفن الرابع وقد اشتمل حفل الاختتام على جزأين خصص الأول لعرض مسرحية "الماكرون" للمخرج صالح الفالح والجزء الثاني لعرض "أسرار" لمجموعة "نفس" لروضة بن عبد الله .
"الماكرون " طرح من خلالها صالح الفالح أمام جمهور ملأ قاعة الفن الرابع وكان اغلبه من المسرحيين مجموعة أسئلة مثل كيف للفن أن يحيا بين الناس وأهله في الجوع والخصاصة؟ وهل بإمكان التجربة أن تتجذّر في مجتمع مازال يعاني مشكلة الخبز؟ وهل بإمكاننا ان نذهب بعيدا عن حدود الذات لنلامس لحظة لحظة مسرحية سحرية وحرة؟ وفي تصريح خص به "الصباح" بعد العرض قال الفالح : " انه على المسرحي ان يكون حمال مشروع وليس فقط منفذا لمشروع الآخرين . هذا المشروع يمكن ان يكون حضاريا ثقافيا وان يدافع عن القيم الإنسانية الكبرى في إطار من التسلية والمتعة.
وانه على المسرحي ان يتفاعل مع النصوص التي يتعامل معها وينزلها منزلة الواقع ."
التزام بالفن والحب والحياة
وصالح الفالح من الأصوات المسرحية التونسية الملتزمة بالفن والحب والحياة سبق له أن اخرج ثلاثة أعمال مسرحية هي" الطارق " و" البستك الزينة " و"رسالة إلى أمي" ومسرحية "الماكرون" وتناول فيها إشكالية المثقف والسلطة ومعاناة المسرحي في تونس من خلال علاقة كاتب مسرحي شارك في احتجاجات الرديف 2008 وسجن تاركا وراءه صديقة مثقفة ومشروعا مسرحيا لم يكتمل حاول بعد ان حررته الثورة ان يعاود الاجتماع بأصدقائه وهم مجموعة من الشباب في الثلاثين من العمر جمعهم النضال وهاجس الإبداع وحب الكتابة والمسرح.
خمسة ممثلين هم قيس عويديدي، وليد عبد السلام، شكيب الرمضاني، إيناس الشعباني ومريم القبودي ملؤوا الركح حركة وراوحوا بين الجد والهزل والدعوة للفعل والتفاني في العمل وقدموا مسرحا جادا وتنافذوا مع المتلقي وشدوا انتباهه فتفاعل بالتصفيق حتى قبل ان تتوجه البطلة بخطاب مباشر للجمهور لتقنعه بان المسرح يتناول كل المواضيع الحارقة في تونس وان المسرحي ليس في برج عاجي وانه فرد من المجتمع ولا يعيش بعيدا عن مشاغل أهله وان الذين يقومون بعكس ذلك ليسوا فنانين حقيقيين وإنما هم مرتزقة الثقافة أو مثقفو السلطة .. خطاب مباشر كان من المفروض ان يتم تناوله فنيا حتى لا تمجه الأذن وحتى تبقى للمسرحية نفس القيمة حتى وان تغير الوضع في البلاد فكل شيء يبلى إلا الفن وكل الخطب المباشرة تفقد قيمتها مع مرور الوقت إلا إذا أدرجت الرسالة التي يتضمنها الخطاب في لوحات فنية وانصهرت صلب المشاهد وما يتبادله الممثلون على الركح من حوار..
ماركيز، الفالح والعتروس.. تحية وتكريم
بعد العرض المسرحي وبعد أن قرأ محمد علي المداني نصا لغبريال غارسيا ماركيز الذي فارق الحياة مؤخرا تم تكريم عدد من المبدعين الذين شاركوا في إنجاح التظاهرة ومن بينهم المخرج صالح الفالح ومصمم الإضاءة صبري العتروس الذي صنع ربيع التياترو في المشتل حسب ما صرح به الممثل جمال المداني أثناء تكريمه وقد تمنى جمال أيضا لو حضر المسرحي توفيق الجبالي هذا التكريم...
برنامج "أيام المسرح الحر لعبد الوهاب الجملي" اشتمل على كل الفنون تقريبا؛ سينما، معارض، مسرح، موسيقى وغناء. وقد أمنت الفقرة الأخيرة من حفل اختتامه الفنانة روضة عبد الله التي قدمت ومجموعة " نفس" عرض "أسرار" وهو حسب تقديم الفنانة :" مشروع فني يطمح إلى التجذر في التربة التونسية الأصلية والانفتاح على المخزون الموسيقي المغاربي وهو امتداد لنفس الجهد الذي أثرت فيه أجيال متعاقبة من الموسيقيين المعروفين والمجهولين الذين صاغوا هويتنا.
قدرات صوتية لافتة
خلال السهرة قدمت روضة عبد الله مختارات غنائية بعضها شكل علامات بارزة في الذاكرة الغنائية التونسية وبعضها الآخر من تلحينها وكلماتها، غنت من كلمات الجليدي العويني وتلحينها "نحب نغني نحب نقول نحب نفوت حدود الصوت" و"بين البارح واليوم" و"يا الورقة" و من التراث "شيعت عيني" و"جمل اللي يهدر" و"نجوم الليل" و"نبكي على لصحاب كيف نسوني" و"ما بين الوديان" و"ساعات" وهذه الأخيرة من كلماتها وتلحينها، أغان أداؤها صعب قابلها الجمهور بالتصفيق الحار وقد كان عدد من أساتذة روضة وزملائها من الموسيقيين في القاعة ولم يكفوا عن تشجيعها والتصفيق لها وقد وصل انتشاء الجمهور حده عندما انسابت من حنجرتها وصوتها الشجي المصقول تلك النغمات المغاربية الأصيلة وذاك المالوف الجزائري والمغربي وتفاعل مع طبوعها وإيقاعاتها.
روضة بن عبد الله أثبتت ليلتها أنها من أهم الأصوات التونسية والعربية وأنها تحتكم إلى ثقافة موسيقية عالية (تعزف على العود والبزق ) لا فقط لأنها تدرس بالمعهد العالي للموسيقى وإنما أيضا لأنها تتلمذت واشتغلت مع قامات مثل رضا الشمك، نوفل بن عيسى وزهير قوجة . وهي صاحبة مشروع متكامل تنحته خطوة خطوة بكل ثقة في النفس وتصر على اللون الغنائي الذي اقتنعت به واختارته بعيدا عن عالم العرابن وموسيقى الأعراس الذي يستنزف قوة وموهبة الفنان ولا يترك له بصمة في الذاكرة الغنائية التونسية .
علياء بن نحيلة
الصباح التونسية
0 التعليقات:
إرسال تعليق