أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأربعاء، 25 مارس 2015

"الاغتصاب" لسعدالله ونوس: نحن مناضلون ولسنا قتلة

مجلة الفنون المسرحية

"الاغتصاب" لسعدالله ونوس: نحن مناضلون ولسنا قتلة

محمد أشرف نذر

ما أن بدأت مسرحية "الاغتصاب"، حتّى شعر الحضور بأن المشاهد التمثيلية التي يرونها ليست سوى محاكاة لواقع مرير يجب أن يصل للجميع، فيبدأ التمرد الفردي الذي يراه الكاتب المسرحي السوري الراحل سعد الله ونّوس الوسيلة الأنسب للانتقال الى الوعي الجماعي. لعلّ الفارق الوحيد، رغم احتراف الممثلين، هو أنّ الألم الكبير الذي ظهر على خشبة المسرح يبقى ضئيلاً في مقارنته بألم الفلسطينيين.

وقد استوحى ونوس، وهو مؤسس المسرح العالي في دمشق، موضوع مسرحيته من مسرحية للكاتب المسرحي الإسباني أنطونيو بويرو باييخو بعنوان "الحياة المزدوجة للطبيب فالمي" في العام 1989. قام ونوس بنقل هذه الحكاية لتصوّر الضفة الغربية في زمن الانتفاضة الفلسطينية الأولى حين نزل مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال إلى الشوارع للاحتجاج على الاحتلال الإسرائيلي، ما أدى إلى احتجاز وتعذيب وقتل ما يزيد عن ألف فلسطيني، إلى ان وقّعت معاهدة أوسلو في العام 1993. النص المسرحي الذي يعالج اشكالية الصراع العربي الاسرائيلي، من منظور ثقافي، أستعيد هذه المرة من قبل المخرجة سحر عساف، حيث عرضت المسرحية، أمس، على مسرح "أيروين" في "الجامعة اللبنانية الأميركية"، لتستمر العروض إلى 28 من الشهر الجاري. على ان هذه المسرحية حصيلة تعاون بين مسرحيين محترفين وطلاب مشاركين في ورشة عمل عن الانتاج المسرحي في "الجامعة الأميركية" في بيروت.

سلاسة الانتقال من مشهد الى آخر عبّدت الطريق أمام فهم واقع وجود قصتين لعائلتين تعيش كل منهما واقعاً مجتمعياً مختلفاً. الأول لعائلة دلال الفلسطينية، وهي الضحية، والآخر لعائلة اسحق الاسرائيلي، العسكري. تربط الأحداث بين الأسرتين حين يعترف اسحق للدكتور النفسي منحون بأنّه اعتدى على دلال واغتصبها بوحشية أمام زوجها المعتقل للضغط عليه. منحون الاسرائيلي المعادي لنهج الصهيونية أراده ونّوس أن يكون ركناً أساسياً في المسرحية من خلال ظهوره المتكرّر، ليظهر التضعضع الداخلي والجدل الكبير الذي يعيشه الاسرائيليون في انقسامهم بين معتدل ومتطرف لتحقيق "وعد الله". الوعد المنصوص عليه في التاريخ الديني المزيف بات نزعة امبريالية بحتة تسعى للاستيلاء على الجيل الجديد وتطويعه لتحقيق أهداف التوسع والعدوان في نظر "اسحق"، وهذا ما أفقده الحس الانساني تجاه الآخر في البداية، وأدى، في النهاية، الى مقتله على يد زملائه. 

"اذا سلخت جلد شجر الزيتون، سترى عرق اجدادي يسري فيه، من عكا لحيفا وصولاً الى الجليل لكل حبة تراب على أرض فلسطين". يستشهد زوج دلال بعد هذه الكلمات، نتيجة التعذيب في المعتقل، فالاسرائيليون وصفوا العرب بالقردة التي لن تجد محامين دوليين يدافعون عنها. ثم تظهر امرأة حكيمة وأخت شهيد، لتصوّب مسار دلال التي أرادت تحقيق انتقام شخصي بقولها "الأرض لا تتسع لنا ولهم، الأرض أضيق من القبر إذا لم يزولوا، إما نحن وإما هم". فقالت لها المرأة: "نحن مناضلون ولسنا قتلة، وقضية الشهيد لفلسطين وليست لك وحدك". دلال بعدما تعرضت له، أرادت الالتحاق بالمقاومة لتتخلص من رائحة مغتصبيها، التي لا يطهرها، في نظرها، غير الاستشهاد والتناثر ذرات على أرض الوطن.



0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption