أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الخميس، 28 مايو 2015

مشاركة مصرية هزيلة وسرقات علمية في مؤتمر الرقابة والمسرح

مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني
unnamed

طغت أصداء فضيحة السرقات العلمية، على فعاليات مؤتمر القاهرة الثقافي الدولي في دورته الثانية التي جاءت تحت عنوان الرقابة والمسرح، وهي القضية التي فجرها الدكتور سيد علي إسماعيل، أستاذ الأدب المسرحي بكلية الآداب جامعة حلوان، حول سرقة بحثين تم تقديمهما في جلسة اليوم الأول للمؤتمر التي حملت عنوان “دور الرقابة بين الماضي والمستقبل”. وكانت تلك الأبحاث مأخوذة نصًا من كتاباته المنشورة والمتعلقة بالرقابة والمسرح.
والمثير أن أحد الباحثين المتهمين، هو رئيس الرقابة على المصنفات الفنية الدكتور عبد الستار فتحي، إذ اتهمه «إسماعيل» بسرقة أجزاء من مقالات نشرها بجريدة الجمهورية، قبل ثلاث سنوات، في سلسلة بعنوان “أسرار الرقابة”.
unnamed (1) 

كما اتهم «إسماعيل» الباحثة وسام نصر الله، مخرجة تليفزيونية، بنقل أهم فقرات بحثها من كتابيه «الرقابة والمسرح المرفوض» المنشور عام 1997و «وثائق المسرح المصري» المنشور منذ ثلاثة أشهر.
ورغم أن «إسماعيل» أبلغ رئيس المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، ومقرر المؤتمر، بشكواه التي دعمها بصور ضوئية من الأجزاء المنقولة من أبحاثه المنشورة، مطالبًا بعدم التستر على السرقات العلمية، إلا أن «نجاتي» تجاهل شكواه، واستكمل إجراءات تكريم باحثيه خلال ختام المؤتمر، كأن شيئا لم يحدث.
الطريف أن «نجاتي» صرح أن من أهداف المؤتمر تقديم صورة مغايرة عن مصر للعالم، بخلاف صورة الدولة القمعية والعسكرية التي تعمل ضد حرية الرأى التي يتم ترويجها في الخارج من خلال استضافة مؤتمر عالمي حول إحدى القضايا الشائكة عالميًا فيما يخص الإبداع.
المشاركة البحثية المصرية جاءت مخالفة لكل التوقعات، فلم تتم استضافة الباحثين أصحاب الكتابات الهامة عن الرقابة، وعلى رأسهم سيد علي اسماعيل، صاحب الكتاب الأهم حول “الرقابة والمسرح المرفوض”، والذي استند إليه الباحثان الذان اتهمها بسرقته دون ذكر المصدر كما يستند عليه باحثون آخرون كمرجع في مناقشة قضايا الرقابة ومنهم الدكتورة هادية عبدالفتاح، التي شاركت ببحث في المؤتمر وحرصت علي تسجيل المصادر بدقة ومنها ذات الكتاب الذي تجاهل الآخرون ذكره في مصادرهم.
unnamed (2)
لا تفسير لأخطاء كهذه في مؤتمر علمي يفترض أن يتم تدقيق أبحاثه التي سيتم اعتمادها وطباعتها كأحد وثائق المركز القومي للمسرح، إلا أن الجريمة الكبري في المؤتمر كانت غياب تجارب المبدعين المصريين الذين خاضوا صراعات مع الرقابة، كتابًا أومخرجين، لتشهد جلسات المؤتمر عرض تجارب جادة لبنانية وتونسية وسودانية، قدمها أصحابها، وهو ما دفع الناقد جرجس شكري، للتساؤل حول معايير اختيار المشاركة المصرية بالمؤتمر، وانتقد غياب المبدعين الكبار أصحاب التجربة الطويلة في الصراع مع الرقابة، أمثال يسري الجندي وأبوالعلا السلاموني ولينين الرملي، أو أبحاث عن تجاربهم، وغياب المبدعين الشباب الذين واجهوا رقابة على أعمالهم، أمثال ليلي سليمان وطارق الدويري، الذي صارع خمس سنوات لتقديم عرضه “المحاكمة”، عن نص ميراث الريح، حتى ظفر بعرضه العام الماضي.
وقال «شكري» في مداخلته أن الرقابة نسبية ومتغيرة، وفق الأحداث السياسية، أو المسؤولين عن المؤسسات الرقابية، قائلًا: إن عرض المحاكمة لم يكن ليخرج للنور لولا ضعوط المسرحيين، والظرف السياسي الذي كانت تعيشه مصر حينها.
وانتقد الباحث محمود كحيلة استمرار العمل بقانون 220 لسنة 1976، الخاص بعدم التعرض للأديان السماوية فى النصوص المسرحية أو للرسول، والصحابة والأنبياء، وقال إن سبب سن القانون يرجع إلى الأزمة التي تسبب بها ترشيح مخرج تركي للفنان يوسف وهبي، لتقديم فيلم عن النبى محمد، ووقتها تعرض المشروع لهجوم شديد. ورأى أن المبدعين من جانبهم طوروا أدوات مختلفة لمواجهة الرقابة ركزت على استخدام التراث والرمز لمواجهة قضايا الواقع دون التعرض للمنع.
ووصفت المخرجة اللبنانية لينا أبيض، أن إجراءات الموافقة الرقابية على النصوص المسرحية من الآمن العام بـ”عملية مريرة ومهينة للمبدع”، وقدمت نماذج من مواجهات مسرحيين لبنانيين مع الرقابة، ومنهم نضال الأشقر، جاك مارون وللباحثة. وقالت إن مقص الرقيب علم المبدعين أن تكون لديهم رقابتهم الذاتية حتى لا تتعرض نصوصهم للتدخل الغاشم من موظفي الأمن، لتضاف الرقابة الذاتية لمنظومة السلطات الرقابية المفروضة اجتماعيًا على الإبداع العربي، وهي الجمهور، والسلطة الدينية، والرقابة “الرقيقة” من الأصدقاء، ووصاية الممثلين على الأعمال التي يشاركون بها، ورقابة المخرجين الذاتية.
فيما أشارت المخرجة اللبنانية الكبيرة نضال الأشقر إلى دور الهاجس الأمني والسياسي وإلى تناقضات مواقف الرقابة في لبنان، التي تغاضت عن عرض مسرحي فيه عري كامل في السنوات الأخيرة، فيما حاصر الأمن العام في نهاية الستينات مسرحًا يقدم عرضا ببيروت عن القضية الفلسطينية.
وتوقفت الباحثة اللبنانية جولنار واكيم، مستشارة هيئة كاريتاس عند الثمن الباهظ الذي دفعه مبدعو أمريكا اللاتينية بسبب الانقلابات السياسية، وتفاوت نسب حرية الإبداع في المجتمعات التي خاضت حراكًا اجتماعيًا وسياسيًا عامًا، وأشارت إلى تجربة انتفاضة المسرحيين في الأرجنتين ضد الرقابة في 1980، في مهرجان ضم 25 عرضًا مسرحيًا، استمرت رغم قيام النظام بحرق مسرح البيكاترو، الذي قدمت فيه العروض، مشيرة إلى استمرار الصراع بين الإبداع والرقابة الحكومية، إلا أنها أوضحت أن الرقابة في أمريكا اللاتينية ظلت رقابة سلطة، ولم تتحول إلى رقابة مجتمعية باسم الدين كما هو الحال في مجتمعاتنا العربية.
unnamed (3)
وتناول مارفن كارلسون، أستاذ دراسات الشرق الأوسط والأدب المقارن، أمريكا، في بحثه أعمال المخرجة التونسية الكبيرة جليلة بكار، صاحبة أول فرقة مسرحية مستقلة في تونس، وتجربتها مع الرقابة، خاصة في عرضها “خمسون” في 2006، الذي منعته الرقابة وكان له صدي عالمي، مستعرضا تجربتها الفنية في تناول قضايا سياسية واجتماعية خلال حكم بن علي، ورصد ارتفاع سقف الحريات في تونس بعد ثورتها.
في المقابل، حذرت المخرجة التونسية الشابة مريم السالمي من أشكال رقابية جديدة، رغم الحراك بعد الثورة. وقالت: الرقابة ليست حكرًا على الأنظمة الديكتاتورية، نلمسها أيضا في المجتمعات الديمقراطية”. وقدمت نماذجًا لمبدعين أوربيين تعرضوا لمحاكمات بسبب إبداعهم. ونبهت إلى “تحول الرقابة المسرحية من المؤسسات، إلى  مجموعات ضغط فكرية، مثل المد الأصولي”. ورأت أن “مهمة المسرح المقدسة هي الإخلال بالنظام العام وإقلاق السلطات المختلفة ومواجهتها إبداعيا”.
 المقاومة بالابداع
وتناول باحثون أشكال مختلفة من مقاومة الرقابة، حيث قدم الدكتور الأسعد الجموسى، أستاذ الأدب المقارن بجامعة صفاقس، ورئيس أيام قرطاج المسرحية بتونس، بحثًا حول “الإبداع كشكل من أشكال مقاومة الرقابة”، تناول فيه دور موليير في الحركة المسرحية في فرنسا خلال القرن الـ 17 في إطار الثورة الثقافية في أوربا، وتركيز مسرحيات موليير على كسر كل قيم السلطة وقتها، الملك والكنيسة والثقافة الأبوية، بإسلوبه الساخر، خاصة مسرحيته طرطوف التي انتقد فيها جماعة دينية شبه سرية “جماعة القديس الصالح”، كانت تدافع عن منظومة التقاليد الاجتماعية والكنسية، وانحيازه لحقوق المرآة في كل نصوصه.
وتناول الباحث أحمد عادل القضابي تجربة نوادى المسرح بهيئة قصور الثقافة ودورها فى نشر الثقافة ومقاومة الرقابة، مذكرا بأنها تأسست عام1983، لكنها انحرفت في العقدين الآخيرين عن أهدافها وركزت على الجانب الانتاجي، رغم أنها لم تكن ملزمة بعرض أعمالها على الرقابة، بعد تعهد مبدعيها، كتابة بمسؤوليتهم عما يقدمونه، لتفادي الوقت الطويل الذي تستغرقه للمرور من لجان القراءة الرقابية. واستطرد: التحول للاهتمام بالانتاج، خلق رقابة جديدة للمهرجانات، حيث سعي المخرجون لتقديم أعمال تحظى برضا النقاد.
وأشار الناقد محمد مسعد، إلى تجربته في اختيار وتحكيم العروض في النوادي، معترفًا بأنه شارك في رفض أحد العروض قبل سنوات لتناوله المثلية الجنسية، خوفًا من ردة فعل سلبية ضد المسرح وتجربة النوادي. وانتقدت الدكتورة نهاد صليحة موقف من نصبوا أنفسهم أوصياء على الإبداع، مشيدة بتجارب المسرح المستقل التي صارعت طويلًا لتقديم رؤي تخترق سقف التابوهات الرقابية.
وعلى الجانب الآخر، قدمت أطروحات مدافعة عن الرقابة، من باحثين مصريين، مثل دكتورة أميمة جادة، الباحثة بالمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية، بعنوان “حتمية الرقابة على المسرح المدرسي” والذي دعت فيه لمزيد من الرقابة الرسمية والمجتمعية في ظل تحديات العولمة وهو ما فجر اعتراضات باقي المشاركين في المؤتمر باعتبارها هدمًا لدور الإبداع في رفع سقف الحريات، وتعظيم دور المسرح في تدعيم حرية التفكير.

انتصار صالح - البديل 

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption