أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الخميس، 7 مايو 2015

" كاليغولا " .. و تعظيم الذات المؤدي للعنف..أسئلةٌ عن الحالة الإنسانية و الغاية من الوجود الإنساني

مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

" كاليغولا " .. و تعظيم الذات المؤدي للعنف..أسئلةٌ عن الحالة الإنسانية و الغاية من الوجود الإنساني
تبدأ مسرحية " كاليغولا " للمخرج الهندي بيبلاب باندييوبدايا برقصة ناعمة و بطيئة، يتحرك فيها امبراطور روما، كاليغولا، مع اخته و عشيقته دروسيلا، و الموسيقى الساحرة تحيط بهما في عالمهما الخاص. و مع أن هناك آخرين على المسرح، فإن كاليغولا و دروسيلا يبدوان منفردين تقريباً، لوحدهما. و كان سيبدو جميلاً، لو أن كل حركة لم تكن يقطعها نوع من نغمة تهديد تتحدث عن شيءٍ ما أكثر قتامة من الرقصة البسيطة، كما يقول سواتي دفتور في عرضه هذا.
و قد قامت فرقة براتشيو المسرحية، و قاعدتها في كلكتا، بأداء " كاليغولا "، التي هي في الأصل من تأليف الكاتب الفرنسي ألبير كامو، و هي مسرحية مشهورة الآن، و بطلها معروف كواحد استنفده نوع ملتوٍ من تعظيم الذات و الكبرياء. و يحتفظ هذا التكييف البنغالي للمسرحية بوضعها العابس بصورة حسنة، مقدماً إياها من خلال أدواتٍ عديدة ــ رجال مشوهين مقنَّعين، و نوع من العتمة الباهتة، و إضاءة غامضة تلعب بالظلال و تغري بنوع من الجو المشؤوم، و أخيراً كاليغولا نفسه.
و يحس غوتام هولدر، الذي يقوم بدور كاليغولا، بعدم الارتياح لمشاهدته. فهناك نوع من الغرابة أكبر مما تتّسم به الحياة بالنسبة له و هو أمر مقنع و مقلق معاً. فحين تبدأ المسرحية، يغمره اليأس و الرفض، عاجزاً عن تقبل موت دروسيلا. و غالباً ما يصيبه ذلك بالهلوسة و يقوم بزيارة قبرها، لكن يأسه يعظّم من شخصيته بدلاً من تقليصها. و يمضي عبر المسرحية مخلّفاً وراءه سلسلة من العذاب، و الاغتصاب، و العنف، و الموت. و يؤدي عقله المضطرب ألعاباً قاسية مع رجاله الرفيعي الشأن و زوجته كاسونيا. و مع كل مشهد يصبح كاليغولا أكثر توحشاً، و من المستحيل أن يصرف المرء النظر عنه.
و في مسرحيته هذه، يثير كامو أسئلةً تتعلق بالحالة الإنسانية و الغاية النهائية من الوجود الإنساني. و يتمعن النص الذي كيّفه بانديوبادهايا في هذه الأسئلة أيضاً، و تقوم كل شخصية بمعركتها الخاصة. و تصبح المسرحية سلسلة من الصور، النوافذ التي توفر لك من خلالها لمحاتٍ عن المسلك الذي اختاره كاليغولا نفسه. فهو يُظهر، حتى في جنونه، سلوكاً ليس بالغرابة التي يبدو بها. إنه يُطلق آهات الألم و المعاناة بأسلوب منتظم تقريباً؛ فحين يُطلب منه التعامل مع الخزينة بأهمية، يأمر أتباعه جميعاً بالتنازل عن أملاكهم للدولة. و يتوجب على زوجات أشرافه الجلوس في المواخير، و يغتال رجاله و آباءهم. فيكوّن له أعداءً و هو يعرف أن يفعل ذلك. فهناك سمة من تدمير الذات بأفعاله، و يعرف كاليغولا أنه قد اختار الطريق الخطأ، الذي لا يوفر أية أجوبة. إنه يتساءل، عبر مناقشات و حوارات داخلية طويلة، عن معنى الحياة، و عدم اكتمال الإنسان المحتَّم و موته. و يظل إحباطه و تعطشه للدم ينمو، مطلقاً المزيد من الرعب. ومع تقدم المسرحية، تتضح نهايتها، و أيضاً النهاية التي اختارها كاليغولا لنفسه من خلال أفعاله.
و أخيراً، فإن " كاليغولا " المخرج بانديوبادهايا مسرحية كثيفة.وهي مفعمة بالانفعال و التوتر. ويستنفدها أحياناً العبوس أو الشر تقريباً. و في الوقت الذي يعطي فيه الممثل هولدر شخصيته حق قدرها على الأرجح ، فإن هناك نقاطاً يزيد أيضاً من دراماتيكيتها، و يحوّل كاليغولا، من رجلٍ من لحم و دم، إلى كاريكاتير خاص به. عندئذٍ تُصبح المسرحية كثيراً ما هي عليه في الواقع ــ عابسة جداً، و دراماتيكيةً جداً، و كثيفة جداً.


ترجمة عادل العامل 


عن / The Hindu

المدى 

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption