مسرحية عن فنان تشكيلي ياباني
مجلة الفنون المسرحية
تسرد إحدى مسرحيات كتاب «نصوص من المسرح الياباني المعاصر» من تأليف «ياشيرو سيئتشي» وترجمة نجلاء فتحي حافظ، سيرة فنان تشكيلي ياباني هو «كاتسوشيكا هوكوساي» الذي ترك بصمة لم تقتصر على حدود اليابان فحسب، لكنها امتدت عبر العديد من الفنون التشكيلية في العالم، ما يجعل من السيرة الذاتية لبطل المسرحية انعكاساً لعصر تكونت فيه الطبقة المتوسطة (طبقة الساموراي) بكل ما يعتريها من تناقضات وإسهامات ملموسة في مجال الآداب والفنون، ويبرز قيمة هذا الإسهام الذي حملته على أعناقها هذه الطبقة، في تحديد الهوية بمكوناتها الثقافية والفنية واللغوية والعادات والتقاليد..
وقد برزت هذه الهوية في تجسيد الخصوصية الثقافية لليابان، النابعة من أعماق المكونات الاجتماعية والثقافية اليابانية، ما جعل الهوية تؤدي دوراً لا يمكن إنكاره في مجال التنوير، والإشعاعات الثقافية والفنية، التي تجاوزت حدود العصر وامتدت للعصور اللاحقة والتأثير الإيجابي الخلاق في الشخصية اليابانية، وقد عرض المؤلف الفكرة التي أراد أن يلقي الضوء عليها في فن من أبرز الفنون المعاصرة، وهو المسرح، بما يتيحه من مردود اجتماعي وثقافي، انعكس على أشخاص المسرحية، وقد استوحى الكاتب فكرته من أحداث حقيقية، دارت رحاها في الواقع الياباني، بكل ما يموج به من سلوكات اجتماعية وخصوصيات ثقافية، كشف النقاب عنها، وبلور أحداثها، التي يغوص فيها من خلال أحداث التاريخ السياسي، والمكون الاجتماعي والثقافي، الذي كان دائراً في سلوكات الناس في قالب درامي وفني، يعبر عن ملامح الشخصية اليابانية، ويكشف عن بعض خصائص الفنون وعادات وتقاليد وحياة الفنانين اليابانيين ومعاناتهم في تلك الفترة.
تقدم معالجة الكاتب نموذجاً، يكشف عن محاكاة وتماثل ثقافي واجتماعي بين البيئة اليابانية في عصره في أبعادها الاجتماعية التي تظهر في الجانب الروحاني والعادات والتقاليد، وصورة المرأة التي تحاكي إلى حد كبير طبيعة العادات والتقاليد واستلهام الدين والنظرة إلى المرأة في البيئة العربية، وعلى الرغم من وجود تشابه في مسار الحياة الاجتماعية والثقافية في كل من البيئة العربية واليابانية ، فإن هناك خصوصيات تتعلق بطبيعة الشخصية العربية ودور الدين الإسلامي بصفة خاصة والديانات السماوية بصفة عامة كأبرز مقوماتها، بالمقارنة بأبعاد الخصوصية الروحانية، وهو ما تمثله النظرة إلى المرأة في هذا السياق من حيث رفض شخصية المرأة اللعوب في البيئة العربية، واعتبار هذا المسلك من قبيل المسالك المرفوضة التي إن ظهرت في هذه البيئة فإنها تظهر على استحياء، وينتصر الكاتب العربي لانتصار القيم على السلوكات المنحرفة، وغلبة الخير على الشر كملمح أساسي من ملامح الفن العربي.
------------------------------------------
المصدر : الخليج
0 التعليقات:
إرسال تعليق