جمانة حداد ولينا أبيض في «مترو المدينة» «القفص» إن حكى.. أشياء لا تقال
مجلة الفنون المسرحية
«قفصنا مبيّن وقفصكن مخفي. هيدا الفرق الوحيد. نحنا عارفين نسمّيه وإنتو ما بدكن تسمّوه. بتخافوا إذا سمّيتوه يصير حقيقي. بس هوّي حقيقي شو ما عملتوا وكيف ما جرّبتوا تغمّضوا عيونكن وتنكروا وجودو. أنا بالقفص. إنتو بالقفص. كلنا بالقفص. عدّوا معي: قفص الدين. قفص الجنس. قفص السياسة. قفص المصاري. قفص الحبّ. قفص التقاليد. قفص الكذب. قفص الخوف. قفص العيب. قفص اللغة. قفص الطمع. قفص تطليعات الناس. قفص العمر. قفص الجمال. قفص الغرور. قفص المظاهر. قفص الضعف. قفص القوة. قفص الوحدة. قفص السلطة... قفاص جوّاتها قفاص وراها قفاص ما بتخلص، مصفوفة بين الرحم والتابوت... ما حلّنا نطلع منّا بقى؟»... من كتاب «قفص» للكاتبة جمانة حداد الصادر عام 2014 عن منشورات دار نوفل (هاشيت أنطوان). الكتاب نص مسرحي عملت على إعداده وإخراجه مسرحياً المخرجة لينا أبيض من إنتاج نور معتوق، وسيتسنى للجمهور متابعة «قفص» على خشبة «مترو المدينة» بدءاً من الخامس من أيلول مساء كل أحد واثنين..
خمس نساء موجودات في «قفص» في غرفة انتظار في عيادة طبيب نسائي، يفضفضن ويتشاركن قصصهن.. هنّ: لمى العزباء أو «العانس»، وزينة «المنقّبة»، وهبة «المومس»، ويارا «المثلية» وعبير «السمينة». تؤدي أدوارهن رندة كعدي، مارسيل أبو شقرا، دارين شمس الدين، ديما الأنصاري وميرا صيداوي. تصميم الملابس لشربل فغالي وتصميم الديكور لهنا فاخوري، والإضاءة من تصميم علاء ميناوي، وتصميم المطبوعات لدنيا ألكسندرا نصّار ونورا أندريا نصّار، صورة الملصق: هانيا شبلاق، وهندسة الصوت: باسل جوهرجي، ومساعدا الإخراج: هبة سليمان ومحمد ياسين.
ضحايا الخبث
في التعريف عن المسرحية يرد أنّ «البطلات الخمس هنّ ضحايا الخبث والجهل والجبن التي تنخر الكثيرين والكثيرات من أبناء مجتمعاتنا، وتنخر معها الكثير من البنى العقلية والمؤسسية والنقدية. ليس ثمة حاجة للبحث عميقاً لكي نجد قفص المرأة العربية: إنّه بين فخذيها. المجتمع يختصرها به ويسجنها فيه».
كانت حداد تبحث عن الوقت المناسب لعرض «قفص» معتبرة أنّ النص يمكن أن يساهم بقول أشياء لا تقال. وحول تصنيف الكتاب والمسرحية للراشدين تقول حداد «أنا مع تحديد الفئة العمرية لمتابعة الأعمال الفنية أو قراءتها. علينا توجيه الأفكار لمن يستوعبها تبعاً لفئته العمرية. مع العلم أنّ هناك من في الخمسين من عمره وهو غير راشد على سبيل المثال. أنا ضد الرقابة المسبقة، وأنتمي إلى جمعية ... التي تحارب هذا النوع من الرقابة».
الرجل أيضا
تضيف حداد أنّه تمّ تقسيم النص بما يتوافق مع متطلّبات عرضه مسرحياً، نافية أن تكون مسرحية نسائية فقط لا غير، «الرجل هو الحاضر الأكبر في المسرحية، وهو المخاطب، وكذلك المرأة هي المخاطبة. نحن مأسورون في أقفاص عدّة منها السلطة والمال، وأحياناً نفتح أبواب الأقفاص وندخلها طوعاً. ليس السجّان هو الرجل دوماً، فالظلم هو أول السجّانين وقلة الوعي تساهم في تعزيز أقفاصنا. الطبيب النسائي في المسرحية موجود بالصوت، وهناك مفاجآت عدّة في المسرحية. هناك ممثلون وليس فقط ممثلات. أشعر باعتزاز وحب لا يمكن وصفهما لفريق العمل ككل. بدأنا التحضير والتمرين منذ أكثر من شهرين ونحن على أتمّ الاستعداد للعرض، ويتخلّل العرض عدد من الأغنيات». تنفي حداد شعورها بالقلق قبل عرض مسرحيتها الأولى، «أشعر أنّ عينيّ تشعان حماسة وشغفاً. أنتظر الناس التي ستتابع «قفص». سأتابع المسرحية في كلّ عرض، لأستمد الطاقة من الناس».
لو خُيّرت حداد بالوقوف على خشبة المسرح لاختارت أداء شخصية المنقّبة، «كنت أحبّ المشاركة تمثيلاً. كل الشخصيات تعنيني وأشعر بهن، إنّما اخترت المنقّبة لأنها حاضرة بصوتها وكلامها فقط لا غير. وقد أشارك تمثيلاً في عمل لاحق».
نسألها إذا كانت كسرت أقفاصها، فتجيب «كل يوم لدينا حرب مع قفص ما، وصولاً إلى الحد الأدنى من الحرية. لا أحد يمكنه القول إنّه تحرّر من كل أقفاصه. المعركة مستمرة ما دمنا واعين لما يكبّلنا. خوض المعركة هو بحدّ ذاته فوز. الأهم هو تحديد القفص - العدو وتكرار المحاولة في القضاء عليه».
هل ستستمر حداد في الكتابة المسرحية؟ تجيب أنّها لا تخطّط قبل أن تنخرط في نوع كتابة معيّن، «أستسلم لمزاجي في الكتابة، بعض الأفكار تحتاج إلى منصة الشعر لتصل، وأخرى ترتفع عبر نص نثري، وهناك أفكار تحتاج نصاً مسرحياً. لا أحدّد نفسي بنوع كتابة معيّن لأستمر فيه. تهمني الكتابة بغية التعبير فقط لا غير».
-------------------------------------
المصدر : فاتن حموي - جريدة السفير
0 التعليقات:
إرسال تعليق