«الميجا ـ ميوزيكال» أخر صيحات المسرح العالمى
مجلة الفنون المسرحية
لقد مر المسرح فى العالم منذ بداياته بمراحل عديدة, وخضع لظروف سياسية وأخرى اقتصادية, أثرت بلا شك على شكل المسرح وعلى نوعية عروضه. ولكن هذا الساحر العجوز لم يستسلم لتلك الظروف وإنما ظل يقاوم من أجل البقاء,على الرغم من تطور الوسائط المتعددة للفنون الأخرى, التى كانت تحارب بشدة من أجل الظهور والاستمرار.
فظهر المسرح مرتديا أثوابا جديدة اعتبرها كثير من رجال المسرح دخيلة على هذا الفن ذى القواعد الأرسطية الجامدة, بينما اعتبرها آخرون بمثابة الحل الجديد للبقاء. وكان هنا نداء بأن ينشأ مسرح جديد,سواء على مستوى النص أو مستوى العرض,لينتهى بنا المطاف إلى مسرح «الميجا–ميوزيكال».وهو شكل جديد وضخم من المسرح الموسيقي,يعتمد على الإبهار والاستعراضات الضخمة والإمكانيات الجسدية التمثيلية.فانجذبت مسارح العالم خاصة فى أوروبا وأمريكا إلى هذه النوعية من العروض بداية من منتصف القرن المنصرم فى محاولة لإثبات أن المسرح مازال ينبض بالحياة وأنه قادر على التجديد والبقاء والتحدي. فرفض المسرحيون الجدد المسرح التقليدى الذى يعتمد على الحدوتة وعلى التعليم المباشر، وأن الجماهير بحاجة إلى الأعمال الاستعراضية المبهرة بالاستعانة بالممثل الشامل صاحب القدرات الخاصة والفريدة,لكى يكون بهلواناً, راقصاً, ممثلاً صامتاً جاعلاً من جسده المرن لغة عالمية. فضلاً عن تقنيات الإخراج المسرحى الحديثة التى تساعد على إيجاد هذه النوعية من العروض الجديدة. فاتجهت مسارح مثل «البرودواي» بالولايات المتحدة الأمريكية,ومسارح «الويست إند» بإنجلترا إلى مقاومة ظاهرة انصراف الجمهور عن العروض المسرحية بتحويل كلاسيكيات الأدب العالمى وإعادة إنتاجها إلى أعمال مسرحية استعراضية ضخمة يستمر عرضها على الجمهور عشرات الأعوام لما لها من إقبال جماهيري.لتظهر لنا أخيراً مؤسسة «والت ديزنى للعروض المسرحية» والتى قدمت نوعية جديدة من العروض.فأصبح المسرح المعاصر الآن يعتمد فى تقديمه على عناصر مسرحية تساعد على إثراء الصورة الفنية وعلى إبهار المشاهدين.
إن هذا المسرح لا يعتمد على الممثل النجم أو القفشات والإيحاءات التى أسقطت ثقافة الفن المسرحى داخل مجتمعنا فى هوة سحيقة أبعدته عن أن يستمر فى أن يكون فنا يسعى إليه الجمهور الذى يعرف ما هو المسرح , فالحاجة الآن لهذا النوع من الفنون هى حاجة ملحة وضرورية ليس فى مصر فحسب وإنما فى الوطن العربي.
----------------------------------------------------------------
المصدر : د. محمد عبد الرحمن الشافعي - الأهرام
0 التعليقات:
إرسال تعليق