نقاط التحول في النص المسرحي "الأزمة" أنموذجاً
مجلة الفنون المسرحية
نقاط التحول في النص المسرحي "الأزمة" أنموذجاً
نقاط التحول في النص المسرحي "الأزمة" أنموذجاً
زياد حلو جادالله
الخلاصة
الأزمة الدرامية إحدى أهم نقاط التحول التي يمر عبرها النص المسرحي باعتباره هو نتيجة ضمنية للتغيير وتكون نقاط التحول في النص المسرحي من خلال وصول الأحداث عن طريق تحريك الفعل الدرامي إلى نقطة معينة، وأي دفع باتجاه هذه النقطة يحدث تغيير في مسار الفعل وكذلك في سلوك الشخصية ومن هنا فإن البحث يهدف إلى تعرّف أبعاد التحول الدرامي داخل النص المسرحي من خلال الأزمة حيث تم البحث من خلال الإطار المنهجي الذي تضمن المشكلة والحدود والأهمية وإنتهاءً بتحديد المصطلحات وتعريفها. وجاء الفصل الثاني الذي تناول الإطار النظري في مبحثين، المبحث الأول: القيم الدراماتيكية في النص المسرحي، والمبحث الثاني: مفهوم التحول في النص
المسرحي وكذلك التحول بفعل الأزمة وخرج الباحث بعدة مؤشرات، وجاء الفصل الثالث الذي تضمن إجراءات البحث حيث خرج الباحث بعد تحليل العينات بمجموعة منن النتائج أبرزها:
1. القيم الدراماتيكية في هذه النصوص هي العامل الرئيس في تكوين حدة الصراع والأزمة.
2. تعتمد هذه النصوص على وجود علاقة جدلية هذه الثنائية هي التي تحرك الفعل والأحداث باتجاه الأزمة وصولاً إلى التأزم ثم الحل.
الفصل الأول : الإطار المنهجي
مشكلة البحث
أحتل النص المسرحي وبناءه الدرامي مكانة متميزة في عملية الإبداع الفني، استوجبت وجود تقنية متينة في خلق المتغيرات والمراحل التي تتشكل من خلالها بنيه هذا النص في شكله الفني ومضمونة الفكري وبما يتناسب والتجربة الإنسانية التي تميّز عصرٍ ما، كما أن التطور الحاصل في القيم الدراماتيكية للنص من شأنه أن ينتج مجموعة من الصراعات والأزمات تفرزها أحداث المسرحية يظهر بعدها ذلك التحول في مسار الشخصية ومجرى حياتها.
وتبرز الأزمة في النص المسرحي كونها أحدى النقاط الأساسية في عملية التحوّل الدرامي إذ يصل الحدث إلى نقطة معينة تستوجب تحولاً من حالة تكون عليها الأحداث في النص إلى حالة أخرى تناقضها وتختلف عنها، وهذه النتيجة المشروطة يتم خلالها تغيير في مجرى الحدث ومساره.
أن حتمية التحول في النص تنطلق من مبدأ الوجود الحتمي للبناء الدرامي المتكامل ليكون أكثر تنسيقاً في خطابه الحكائي، ولضرورة تفعيل حركية المشهد وتطوره وربطه بالمشاهد التي تليه للوصول إلى عملية خلق العلاقة المنطقية بين أجزاء النص وأحداثه ككل.
وفي ضوء ما سبق تنحصر مشكلة البحث في دراسة الموضوع عبر الإجابة عن التساؤل الآتي: ما هي وظيفة الأزمة في التحول الدرامي للنص المسرحي ؟
أهمية البحث والحاجة إليه:
تتجلى أهمية البحث من خلال.
1-تسليط الضوء على إليه التحول في الأزمة داخل النص المسرحي وبما يتناسب ومتطلبات التغيير في المتن الحكائي
2- أما الحاجة إلى البحث تكمن في محاولة الإفادة من نتائج البحث للعاملين في الحقل المسرحي عموماً والتأليف خصوصاً لإلقاء الضوء على عملية التحول في النص المسرحي بفعل الأزمة.
هدف البحث:
يهدف البحث إلى:
تعرّف أبعاد التحول الدرامي للأزمة داخل إحداث النص.
حدود البحث:
حدود زمانية: نصوص مسرحية مابين 2000-2010.
حدود مكانية: مدينة الموصل.
حدود موضوعية: الأزمة في النص المسرحي.
تحديد المصطلحات:
التحول يعرفه أرسطو في كتابة فن الشعر بأنه (انقلاب الفعل إلى ضدهِ، تبعاً للضرورة والاحتمال)(1). والتحول (هو الانقلاب الذي يحدث في الشخصية المسرحية ناتجاً عن تكشف في أبعاد الإحداث عند تعرفها على الحقيقة التراجيدية فيحدث انقلاب في سلوك الشخصية ناتجاً عن تكشف أبعاد الإحداث)(2). ويعرفه ميرشت بأنه: (التحول من حالة تكون عليهما الأشياء في المسرحية إلى ما هو ضدها، ولا بد إن يحدث هذا التحول المفاجئ كنتيجة محتملة أو ضرورية لتسلسل أحداث المسرحية)(3).
ويعرفها علوش بأنها:
الأزمة: (مرحلة يشتد فيها الصراع إلى درجة يتحتم فيها الوصول إلى حل حاسم(4)
أما حسين رامز فيؤكد بأنها:
(النقطة التي يصل فيها توازن القوى إلى درجة من الإجهاد تؤدي إلى إحداث شرخ يسبب في تعديل وضع القوى وإظهار نمط جديد للعلاقات) (5)، ويتبنى الباحث هذا التعريف كونه أقرب لما ذهب إليه البحث
الفصل الثاني
المبحث الأول
القيم الدراميكية في النص المسرحي
تعد القيم الدراماتيكية من الركائز والمكونات الأساسية التي تكوّن وتشكل النص المسرحي ومن دون تلك القيم لا يمكن اعتبار المسرحية درامية وهذه القيم التي تشكل النص هي (الفكرة الأساسية، والشخصية المسرحية، الجو العام)(6). وهذه القيم لا تتواجد منفصلة عن بعضها البعض وإنما مجتمعة بحيث تصدر كل قيمة عن قيمة سابقة لها وتأخذ نفس الاهتمام لدى المؤلف، من هنا (فلا المقدمة المنطقية ولا أي جزء أخر من أجزاء المسرحية يصح أن تكون له حياته المستقلة المنبعثة من ذاتها دون سائر الأجزاء الأخرى، بل يجب أن تمتزج سائر الأجزاء لتبدو كلاّ منسجماً وفي توازن تام، ولا ينبغي أن ينال أي جزء من أجزاء العمل المسرحي نصيباً من الأهمية أكثر مما تناله الأجزاء الأخرى) (7)ودراسة هذه القيم المنفصلة لا يعني أن كل قيمة مستقلة عن الأخرى، بل مرتبطة ببعضها بوظيفة إدرامية وسوف يقدم الباحث دراسة تفصيلية لكل قيمة منهال لتوضيح دورها في المتن الحكائي للنص المسرحي:
الفكرة الأساسية (البذرة)
يقوم كل نص مسرحي على فكرة رئيسة تكون هي المنطلق العام للمسرحية ويحاول الكاتب أن يبرهن على تلك الفكرة بالأحداث والشخوص ويبرهن على صحتها (لأن الفكرة عنصر أساسي في المسرحية تتضمن أفكار الفعل ومعناه العام ودلالته بعدها عنصر له صورة في كافة المسرحيات حتى تلك التي تبدو خالية من القصد)(8). الكاتب المسرحي يعتمد على البذرة أو الفكرة الأساسية لربط الشخصيات والأحداث وعكس وجهة نظره داخل النص المسرحي أذن فالفكرة الأساسية في المسرحية هي بداية العمل لذا فأن معظم المسرحيات العظيمة والتي نالت شهرة فأنها تستند إلى فكرة موضوعية فمثلاً المقدمة المنطقية لمسرحية روميو وجولييت هي فكرة خالدة أساسها الدعوة بوجوب انتصار الحب على الكراهية (9). وليس معنى ذلك أن يلتزم المؤلف المسرحي بأن يبدأ مسرحيةُ بمقدمة منطقية بل إمكانه أن يبدأ بشخصية من شخصيات المسرحية أو حادثة أو بفكرة بسيطة ثم تنمو هذه الفكرة أو الحادثة لتكشف عن الموضوع بأكمله مع نهاية المسرحية، ولابد لكل مسرحية جيدة من فكرة أساسية واضحة المعالم سليمة التكوين، مهما اختلفت الصياغة فأن الفكرة تبقى ثابتة بحيث لا يجري عليها أي تغيير باعتبار الفكرة أو البذرة هي التي تحدد نوع المسرحية. ومساحة الشخصية داخل الحدث من خلال رسم الخطوط العامة للشخصيات وكذلك الحوار ومجموعة المكونات الأخرى داخل النص
الشخصية الدرامية
تعد الشخصية المسرحية من العناصر الأساسية المكونة للمسرحية والوسيلة الأولى للكاتب المسرحي (لترجمة القصة المسرحية إلى حركة، فهذه الشخصيات بما تفعل وبما تظُهر داخلها من حياة مكونة من عواطف وأفكار وأحلام، وبما تشترك فيه من صراع، وبما تخلقه من مشاكل، تقدم لنا المادة الحيوية التي تقوم عليها المسرحية)(10) ، لذلك فأن الشخصية من مكونات العمل المسرحي المهمة جداً بحيث يعد لايوس ايجري بأن (كل نص أدبي عظيم هو ما ينبع من الشخصية، وشخصيات الكاتب البارع لا تليق أن يكون لها الأسبقية بمجرد ظل، بل لا بد من تحوير الموضوع وتشكيله حتى يناسب هذه الشخصيات)(11). ويرى روجر بسفيلد (إن المسرحيات التي ظفرت بالشهرة الحقيقية في جميع العصور تمتاز عادة بميزة خلق شخصياتها)(12). ولكي تكون الشخصية الدرامية حيوية وفعالة فلا بد لها من وجود متميز في الحركة المسرحية ويتحقق هذا التمايز وهذه الخصوصية إذا ما نجح الكاتب في وضع شخصياته في أماكنها وأزمنتها المناسبة وكذلك تجريدها من الأفكار والأفعال التي لا تنسجم وطبيعتها وقدرتها، فالإحساس بعظامية الشخصية وحيويتها يرجع في الغالب إلى استيفاءها المقومات الأساسية التي تنهض عليها إستراتيجية بناء الشخصية الإنسانية فالدوافع التي تحركها وعوامل نموها وأوجه التباين بينها وبين ما يحيطها من شخصيات تتحدد أساساً بما توافر لها من سمات عضوية وذهنية ونفسية موروثة ومكتسبة، وقد اصطلح على هذهِ السمات إبعاد الشخصية(13). أو المقومات التي يقسمها أيجري إلى ثلاثة أبعاد
البعد الطبيعي (الجسماني) ويخص طبيعة الشخصية من الناحية التشريحية والوارثية والبعد الأخر اجتماعي ويخص صفات الشخصية من الناحية البيئية والعلاقات الاجتماعية والوضع الاقتصادي والطبقي أما البعد النفسي فهو نتاج للبعدين السابقين ويخص صفات الشخصية من الناحية النفسية) (14)، ولهذه الإبعاد اتصالها الوثيق بدوافع الشخصية، فالشخصية القائمة على أساس البناء المحكم والمستوفي لمقوماتها بحيث تمتلك القدرة على توليد الفعل الدرامي لابد أن تكون دوافعها كافية ومنطقية ولها حياتها وأرادتها الخاصة وغالباً ما يتم تأويل دلالات ودوافع الشخصية على أساس بعد واحد أو أكثر من أبعادها الفسيلوجية أو الاجتماعية أو النفسية(15). ولذلك فقد تم تقسيم الشخصيات في المسرحية إلى صنفين
الصنف الأول، يتعلق بالشخصيات حسب وظيفتها ودورها الدرامي والثاني يتعلق بمدى أو درجة عمق الشخصيات وتطورها خلال إحداث المسرحية ويشتمل:
التصنيف الأول (الشخصية المحورية –الشخصية المضادة –الشخصية الكاشفة –الشخصية الناطقة باسم المؤلف) أما الصنف الثاني فيشمل (الشخصية المسطحة –الشخصية المجسمة)(16). لذا فأن للشخصية أهمية كبيرة في بلورة الصراع الذي هو جوهر المسرحية والشخصية المبنية بناء محكماً سيتولد عنها إحداث وصراعات تتناسب وجميع الأفعال والحوارات الصادرة عنها.
الحوار المسرحي:
يُعد الحوار ما يميز المسرحية عن سائر الإشكال الأدبية الأخرى إذ يميزها عن الرواية والملحمة وفنون الأدب الأخرى ويعد الحوار (الأداة الرئيسة التي يبرهن بها الكاتب عن مقدمته المنطقية، ويكشف بها عن شخصياته وبمضي بها في الصراع)(17). فالمسرحية لا تأخذ شكلها النهائي إلا عن طريق الحوار، فهو نمط تواصل، حيث يتبادل وبتعاقب مجموعة أشخاص على ألإرسال والتلقي(18). والحوار الدرامي كلام ذو حساسية مفرطة، دائم التحول والتغيير والاختلاف (كما يكون أشدها تأثيراً التقاليد المهيمنة في سياق العصر الذي كتبت فيه)(19). فبدأ الشعر الدرامي يختفي من الأدب المسرحي العالمي تدريجياً حتى أصبح النثر هو المهيمن مع ظهور الواقعية، ومن خصائص الحوار (أن تبدو كل كلمة وكأنها مدفوعة إلى الانطلاق مما سبقها، لذلك فأن الحوار يعد أحياناً نوع من أنواع الصراع(يفسر طبيعة الموقف)(20). ويعد الحوار المظهر الحاوي لجميع مقومات المسرحية وغايتها فعن طريقه تتحقق الصلة بين المسرح والمتلقي وللحوار المسرحي وظائف يقوم بها في النص (إذ إنّ البناء الدرامي ينمو والمواقف تتشكل من خلال تفاعل الإحداث والشخصيات، فأن الحوار هو وسيلة هذا التفاعل وهو الأداة التي تتواصل عن طريقها شخصيات المسرحية وتقوم مقام المؤلف في الرواية في سرد الإحداث وتحليل المواقف والكشف عن نوازع الشخصيات)(21). ولهذا يُعد الحوار المسرحي جزءاً من البناء إذ يعبر به الكاتب عن فكرته ويكشف به عن الإحداث فكل كلمة في الحوار لها معنى يكشف حقيقة معينة باعتباره أداة التخاطب ولابد أن يكون دقيقاً بحيث تؤدي كل كلمة وظيفة درامية ولكي تبقى للحوار وظيفته فأن الكاتب المسرحي يسعى باستمرار إلى تكوين متين لعناصر حوارهِ من بلاغة وإيجاز وتكثيف ليحقق أقصى طاقاته في التعبير وتحافظ على تدفق تيار التوتر وازديادها باستمرار وبكثافة عالية(22).
والحوار المسرحي أياً كانت وسيلتهُ يؤدي إلى ثلاث وظائف (السير بالعقدة وتقدمها أو تدرجها وتسلسلها والكشف عن الشخصيات ويساعد المسرحية من الناحية الفنية والتقنية)(23). أي أن للحوار المسرحي وظيفة ظمنية يؤديها تكمن في تطوير الحبكة والصراع والشخصية ورسم الجو النفسي العام للمسرحية.
الجو النفسي العام:
يعد الجو النفسي العام في المسرحية من القيم الدراميكية الذي يعبر عنه أحياناً (بالمناخ النفسي العام) وهو شعور يستوعبه القارئ من جراء عملية التلقي لنص مسرحي فيؤثر في حالته النفسية والعقلية والوجدانية، من خلال ما يتلقى من الانطباعات والتأثيرات في لحظة تلو الأخرى(24). فالجو العام إذن هو شيء يتصل بعملية الإحساس والتلقي وهناك العديد من المكونات لهذا الجو في النص المسرحي فالجو العام يعطينا نوع من الشعور بما سيحدث وهو يدفع بالحبكة إلى الأمام ويخلق التأزم ويلقي المزيد من الأضواء على طبائع الشخصيات الفاعلة في الحدث وكذلك المتعة من خلال سحره وتدفقه وحيوته(25).، لذا فأن الحوار يعد أهم مكونات الجو النفسي العام وكذلك العقدة والأزمة بأعتبار الجو العام هو شيء يدخل ضمن المكونات الكلية، فمن طريق العقدة والأزمة نستطيع تلمس الجو العام وكذلك كانت العقدة بسيطة أو مركبة تثير القارئ من خلال دفعها للحدث نحو الأزمة ومن ثم إلى الذروة والذي أطلق عليهِ أرسطو (ذلك الجزء الوسيط، وهو أصعب أجزاء المسرحية وهو الذي يطور العناصر التي طرحها تمهيد المسرحية القارئ، ونجد من ناحية البناء أن سبب تطوير الحبكة هي العقدة والأزمة)(26). ومن خلالهما يخلق الجو العام عن طريق الفعل الصادر عن الشخصية بما تتضمنه من أفعال وردود أفعال تجاه فعل معين حيث ينعكس على الحالة النفسية لتلك الشخصية وينبغي على كاتب النص المسرحي أن يجعل القارئ يشعر أن الأفعال التي تصدر عن الشخصيات أنما تصدر منطقياً وبطريقة طبيعية بناءاً على أفعال سابقة لها(27). وهذه المكونات جميعها تبرز الفكرة الأساسية للمسرحية أي أن الكاتب يقدم فكرته عن طريق حوار وعقده وشخصيته وللفكرة الرئيسية دور في تكوين الجو العام في المسرحية باعتبار الفكرة هي التي تحدد صنف المسرحية تراجيديا أو كوميديا، وكما هو معرف فأن (للتراجيديا القدرة بإثارتها لمشاعر الشفقة والخوف أو الرعب، على تطهير المتلقي من العواطف بمعنى ذلك من الابتهاج الذي تشير قراءة أو مشاهدة هذه الانفعالات)(28).، هذا الشحن والتفريغ العاطفي الذي تثيرهُ المسرحية ما هو إلا نتيجة طبيعية يتلقاها المتلقي عن طريق الجو العام وهناك أيضاً مكملات لهذا الجو كالزمان والمكان
المبحث الثاني
أولاً: مفهوم التحول في النص المسرحي
أن التحول الدرامي في النص المسرحي، هو مرور النص بعدة مراحل كل مرحلة يتولد عنها مرحلة أخرى بفعل السبب والنتيجة حيث يوجد في نهاية كل حدث نقطة معينة بعدها يصل الحدث إلى مرحلة جديدة أصطلح على تسميتها بنقطة التحول، والمقصود بهذا التحول هو الانتقال من حالة تكون عليها الأشياء إلى حالة تكون ربما على النقيض تماماً، هذا التحول يكون في مجرى الحدث وفي مواقف الشخصيات تجاه ذلك الحدث، ففي مسرحية (اوديب لسفوكلس)، (حيث يأتي الرسول إلى أوديب يريد أن يشرح صدره وليبدد مخاوفه بالنسبة لامهِ، فاذا به يكشف عن سر مولده)(29). ويكون تعرف اوديب لقضية مولده أثراً كبيراً في سير المسرحية حيث تنقلب الاشياء إلى النقيض تماماً في حياة أوديب وكذلك في مجرى الحدث دافعاً التطور الدرامي المسرحي إلى نقطة أخرى لذلك فأن نقطة التحول (من ناحية البناء في المسرحية فهي في المأساة اللحظة التي يرى فيها البطل لأول مرة هزيمته المحتومة والتي لا يتقبلها عن طيب خاطر، وهي في الملهاة ذاك المشهد الذي يبدأ فيه الأمل يداعب خيال البطل في النصر النهائي)(30). لذا فأن معظم الباحثين يؤكدون على تقسيم المسرحية إلى مراحل عديدة أو نقاط تحول، من بداية الفعل أو ما يسمى بالمعلومات ونقطة انطلاق الحدث ويبدأ الحدث الصاعد مروراً بعدة أزمات ومن ثم الذروة وبعدها يأتي الحل كنتيجة منطقية، ولكل مرحلة من هذه المراحل ما يميزها عن المراحل السابقة لها والمرحلة اللاحقة لها أيضاً(31). فالعملية متداخلة بعض الشيء فالصراع هو ضرورة ضمنية متداخلة مع نقطة انطلاق الحدث فالأزمة ثم الذروة، ولكي يكون الصراع درامياً مؤثراً في التراجيديا ينبغي أن تكون الإرادتان المتناحرتان متعادلتين من ناحية القوة، أما في الكوميديا فتكون القوة غير متكافئة لإثارة الضحك من المفارقة التي تتولد من الصراع الغير متكافئ (32). ويرى بعض النقاد أنه ليس هناك. ثمة فارق بين الأزمة والذروة (فهم يؤكدون أن المسرحية يمكن أن تحتوي على الكثير من الأزمات الصغرى والذرى الصغرى، لكنها لا ينبغي أن تشتمل المسرحية على أكثر من أزمة كبرى واحدة أيضاً بل هناك من استعمل اللفظتين فيجعلهما لفظتين مترادفتين تحملان معنى واحد)(33). ولكننا نؤكد على وجود بعض الفوارق الجوهرية الموجودة بين مصطلحين فالبطل في أثناء صراعاته ضد العقبات التي يتصدى لها يجتاز سلسلة من الأزمات لكل منها ذروة تعرف من خلالها النتيجة التي وصل إليها البطل في تلك الأزمة باعتبار أن كل الأزمات التي تصادف البطل تدخل ضمن ما يسمى بالفعل الصاعد حتى الوصول إلى أعلى نقطة بعدها لا بد من هبوط الفعل فكل فعل يأتي بعدهُ (الفعل الهابط) فهو ذروة المسرحية وبعدها يأتي الحل الذي هو النتيجة الفعلية والحتمية لسياق الحدث، وإذا أردنا أن نحدد نقطة تحول معينة لا بد من فهم المسرحية، لأن نقطة التحول تقع في لحظة حاسمة وهي المشهد الذي يظل عالقاً في الذهن بحيث يوجهه الكاتب اهتمام خاص إلى المشاهد المسرحية التي تتدرج إلى نقطة التحول وكذلك يوجهه اهتمام القارئ إلى المشهد التي تنطلق منه هذه النقطة، وفي الأغلب أن تكون نقطة التحول لها علاقة مباشرة بالشخصية الرئيسة وأن تكون النتيجة المنطقية للحدث المتصاعد وأن تؤدي مباشر إلى الذروة(34). لذا فأن بعض الباحثين والنقاد يصورون نقطة التحول كما في الشكل التالي الذي يوضح موقع نقطة التحول(35).
نقطة التحول
شكل رقم (1)
نلاحظ في الشكل أعلاه أن نقطة التحول حسب ملتون ماركس واقعة بين الحدث المتصاعد وبين الحدث المتهاوي بأعتبار أن نقطة التحول تغير مجرى الأحداث كلياً لأنها نقطة حاسمة تتحول فيها الشخصية من الشقاء إلى السعادة ومن الجهل إلى المعرفة بسبب إزاحة الستار عن الأشياء الغامضة بالنسبة للبطل في المسرحية وهذا ما أصطلح على تسمية عند أرسطو بالتحول والتعرف بأعتبار شرط التحول يجب أن يقترن ويكون مصحوب بالتعرف. والتعرف هو أساس في التحول وأعتبار أرسطو مسرحية (أوديب) هي النموذج من خلال تغير مجرى الأحداث في هذه المسرحية وجاء هذا التحول من خلال معرفة أوديب بأنه قاتل أباه ومتزوج من أمه (36).، بينما نجد كتاب المسرح الحديث يفتتحون مسرحياتهم دون أن يتابعوا تطور الحدث إلى نهايته بل يبقى الحدث معلقاً ويتركون للقاريء فرصة تصور النهاية وفق تفسيراتهم الخاصة للحدث (37) ،بحيث تعالج المسرحية الحدث المتصاعد وينتهي بعد نقطة التحول بقليل فتكون الذروة قريبة من هذه النقطة.
ثانياً: التحول الدرامي بفعل الأزمة:
يوجد في كل نص مسرحي سلسلة من الأحداث المنطقية تسمى بالأزمات تقودنا عبر الحدث الصاعد إلى الأزمة(38). وقد تحتوي المسرحية عدة أزمات تكون في النهاية ذروة التأزم وتشير بعض الدراسات إلى شمولية كلمة أزمة بأعتبارها تعبير أشمل وأعم من كلمة الصراع بأعتبارنا نصادف الكثير من الصراعات لا تقودنا بالضرورة إلى أزمة، وأي صراع يفشل في أن ينتهي إلى أزمة فهو صراع غير درامي لذلك فأننا نلاحظ في التراجيديا اليونانية بأن الأزمة تكون في أقصى نقطة يتم الوصول إليها عادةٍ عن طريق موت البطل من خلال الطرف الأخر للصراع أو قتله لنفسهِ اعترافاً منهُ بالهزيمة((39). لأن الأزمة تعتبر أخطر موقف دراماتيكي في النص المسرحي بعدّها اللحظة التي تثبت فيها القوة المسيطرة تفوقها على القوة الخاسرة في طرفي الصراع بحيث تصل الأحداث إلى نقطة يجب أن تتغير بعدها الأمور لأنها نتيجة حتمية للحدث الصاعد وتؤدي إلى أزمة (40) 0
أن تطور المسرحية يسير ضمن سلسلة من مراكز الشد العاطفي والتوتر تؤدي إلى ترقب من قبل المتلقي لمعرفة مايصل إليه الحدث بعد هذه الأزمة (فالأزمات هي مواقف تنطوي عادةٍ على تضارب واختلال في العواطف وعلى عدد من ردود الفعل المرتقبة تجاه موقف معين ومهما كانت الأزمة صغيرة فأنها كالعرض التمهيدي تشتمل على أجتذاب الاهتمام وتعميق الترقب)(42). ففي مسرحية بيت الدمية تظهر الأزمة الرئيسة حينما يجد هالمر خطاب كروجيستاد ويقف منه على الحقيقة فتثار العديد من الأسئلة حول ما يقرره تجاه ما يحدث وهل سيساعد نورا أم لا؟، بعدها يصبح تغير مجرى الاحداث وميول الشخصيات حالة لابد منها فالشخصيات يصدر عنها احداث تؤدي الى ازمة ويحاول دون وقوع تلك الاحداث ومنعها من الوصول الى ذروة، بل تعمد الشخصيات على تشكيل احداث جديدة في سبيل الوصول الى مخرج هو الذي يخلق تطورات تعجل بالازمة ففي مسرحية (اوديب ملكاً) يكون الوباء في المدينة هو البداية الحقيقية للأزمة يحاول (اوديب) ان يقف دون انتشار هذا الوباء لكن دون جدوى فتحدث ازمات عديدة حتى نقطة الوصول الى الكارثة مما جعل العديد من الدراسات تختلف فيما بينها حول موقع الازمة فارسطو يرى ان موقع الازمة بين الذروة ونقطة انطلاق الحدث وكما في المخطط التالي(43).
شكل رقم (2)
موقع الازمة، (البناء الارسطي)
ولكن اياً كان موقع الازمة فاننا نجدها في نقطة معينة(44) بحيث تدفع بالحدث نحو التغير كما يطرأ التغير ايضاً على علاقات الشخصيات مع بعضها ومع الحدث بغض النظر عن موقع الازمة من المسرحية بينما يرى آخرون الوجود الأمثل للأزمة يأتي بعد العرض التمهيدي للحدث في بداية النص(45).
يتداخل مع المرحلة التالية من الحدث وهي الأزمات ومن ثم تفاقم الأزمات في المرحلة اللاحقة فتفرز النتائج وجميع هذه الدورة من الأزمات تدخل ضمنياً داخل الحدث المستمر، وكذلك لابد للكاتب المسرحي أن يجعل هناك موقف يتطلب أن تتصدى له الشخصية والأزمة في أبسط أنواعها في المسرحيات العاطفية، وعندما يكون شاب يقع في غرام فتاة معينة يقف والد الفتاة موقف المعارضة ذروة ويكون سبب المعارضة لأن عائلة الفتاة تفضل عليه شاباً أخر فهذه أزمة وعندما تقرر الفتاة مثلاً الهرب مع الحبيب فهذه ذروة، وأياً كانت النتيجة من هذا الهرب فهو الحل أو النتيجة الطبيعية، أي أن الموقف قد تفجر وافرز شيء خارج إطار الأعراف والتقاليد، إذن فإن (معنى الموقف يكمن في درجة ونوع الإرادة الواعية المبذولة.. وبالتالي تؤدي إلى ما يسمى بالأزمة أو (الإنفجار الدرامي) فهي نتيجة: إي بسبب تخلخل التوازن بين قوة الإرادة وقوة الحاجة الإجتماعية) (46)ومن خلال خلق التوازن بين القوى داخل النص المسرحي سيؤدي إلى إفراز حالات ومواقف جديدة تخلق تحولاً كاملاً في الشخصيات والأحداث بفعل الأزمة.
مؤشرات الإطار النظري
1. نقاط التحول تكون عادة داخل اطار القيم الدراماتيكية باعتبارها تشمل جميع أجزاء ومكونات النص المسرحي.
2. يحدث التحول بفعل الأزمة في العديد من النصوص داخل الشخصية الرئسية، وعندها تغير الشخصية الرئيسة مسارها لتكون نقطة التحول تابعة لتغير الشخصية.
3. يكون التحول الدرامي أحياناً في أزمة تدخل ضمن اطار الفكرة أي تكون الازمة داخل فكرة المسرحية العامة فالفكرة تتضمن جميع الازمات .
4. يكون الحوار احد الاسباب الرئيسة لخلق العديد من الازمات، وتحدث هذه الازمة احياناً بفعل حوار معين .
5. تنعكس جميع الازمات داخل الشخصية والحوار والفكرة على الجو العام باعتباره نتاج نفسي جراء تلقي ازمة معينة .
6. يكون التحول من خلال وقوف الشخصية موقف معين تجاه شخصيات معينة او مواقف معينة مما يدفع بالحدث إلى مساحة جديد وازمة اخرى حتى تكون هي نقطة تحول.
7. تتضمن المسرحية العديد من الازمات التي تدفع بالحدث الى نقطة تحول جديدة تسمى ذروة التأزم.
8. تبدأ الازمة بعد اللحظة التي يتضح فيها ان هناك قوة مسيطرة وقوة خاسرة.
الفصل الثالث
إجراءات البحث
مجتمع البحث
يشتمل مجتمع البحث نصوص لمؤلفين في الموصل والتي تمثل الحدود المكانية للبحث
عينة البحث
تم اختيار العينات بطريقة قصدية لتوافراها منشورة ومطبوعة وهي تدخل ضمن حدود البحث.
أداة البحث
أ. اعتماد الباحث على النصوص المسرحية في التحليل.
ب. الاستفادة من مؤشرات الاطار النظري.
ج. ما كتب عنها في المجلات والصحف.
منهج البحث
اعتمد الباحث المنهج الوصفي في تحليل عيناته
تحليل العينات
اعتمد الباحث تحليل ثلاث نصوص مسرحية لثلاثة مؤلفين كعينة للبحث وهي
1. مسرحية (ساعة الميدان الكبير) للمؤلف ناهض الرمضاني
2. مسرحية (الضباب يقظ) للمؤلف بيات مرعي
3. مسرحية (الخفاشة) للمؤلف حسين رحيم
العينة الأولى: مسرحية ساعة الميدان الكبير (47)
فكرة النص
تتمحور فكرة النص حول فقدان الناس للنظام بشكل عام وكذلك المواعيد والمواقيت وانطلق المؤلف في ثيمته من خلال وجود ساعة كبيرة لأحدى الميادين العامة في أحدى المدن وكانت هذه الساعة هي الساعة الوحيدة في هذه المدينة لأن الدولة كانت تمنع المواطنين من اقتناء ساعات شخصية باعتبار الوقت وتنظيمه هو من اختصاص الدولة، وكالعادة كان الناس يتجمعون في الميدان بالقرب من
الساعة وكلما اعلنت الساعة خلال دقاتها وقت معين انطلق الاشخاص الى عملهم في هذا اليوم وكان يتجمع في هذا الميدان نساء ورجال وعمال وفئات أخرى من الشعب واذا ً بإحدى الشخصيات تعلن بان الساعة متوقفة عند الثالثة فجراً والعقارب في مكانها لاتتحرك وما ان يعلن هذا الخبر بصوت عالٍ حتى تتجمع شرائح المجتمع ويطالبون الشخص الذي أعلن بأن الساعة لا تعمل أن لا يتسرع في الحكم والبعض يحذره باعتبار الساعة هي تمثل النظام أو الوالي وتبدأ الفوضى في المدينة حتى يأتي شخص ويحاول توثيق الحادثة عن طريق التقاط صورة فوتوغرافية كي يستند إلى أدلة واضحة وبعد المشاورات اتفق الناس بأن يجعلوا مواقيتهم على حسب التوقيت الجديد الذي تعلنهُ الساعة وبذلك سوف يتجنب الناس الوقوع بأي مشاكل وتتفاوت الاقتراحات فيقترح شخص بأن يكون أذان الصلاة هو الوقت الذي يحدد الناس فيه مواعيدهم، فتبدأ هنا فوضى جديدة فالناس تذهب إلى الدوائر ليلاً والتلاميذ يذهبون إلى المدرسة وزملائهم يخرجون وهكذا وبعد هذهِ الفوضى والقلق حتى يدخل رجل ويعلن بأن المشكلة بسيطة جداً بأن يأتوا بشخص يصلح الساعة فتأتي الشرطة وتعتقل ذلك الشخص باعتباره يحرض ضد نظام الدولة ويحاول أن يضع كل شيء في مكانه المناسب وبعد التعذيب يخرج هذا الشخص من السجن ويقود تجمع في ذلك الميدان ويرحب الناس بأداء هذا الرجل الذي يجبر النظام بأن يحاول تصليح الساعة من خلال مجيء الوالي.
تحليل النص:
ينطلق المؤلف ناهض الرمضاني في نصه (ساعة الميدان الكبير) من خلال توقف عامل الزمن وما يحدثه من فوضى، لأنه هذهِ الساعة هي التي تسير مصالح الناس في المواقيت المحددة وقد جسد هذهِ الفكرة العديد من الشخصيات العامة وأبرزهم الاسكافي وعامل المقهى والمرأة المحجبة والرجل القصير والرجل الذي يرتدي القبعة والمثقف والضابط والمحقق وغيرهم وأراد من جهة أن يرمز لحالة الاستسلام بالنسبة لأبناء المدينة والخوف من إيصال صوتهم للدولة بأن الساعة متوقفة عن العمل، يبدأ الحدث بالتحرك من نقطة معينة هي نقطة (انطلاق الحدث) وهي اللحظة التي يعلن فيها (الاسكافي) بأن الساعة متوقفة عن العمل بعد هذه النقطة مباشرةٍ يبدأ الناس بالتجمع في هذا الميدان.
هذه النقطة كانت السبب الباعث لعدة نقاط أخرى في النص، والأحداث كان لها أثراً كبيراً وخصوصاً على الجو النفسي العام للمسرحية، ولكل شخصية تصور معين حول هذه القضية ثم يحدث تغيير كبير في جميع الناس الموجودين في هذا الميدان، هذا التغيير يحصل من توالد أسئلة حول من هو المسئول وأي وزارة هي المسئولة عن الساعة وتثار هذه الأسئلة مع خوف ولكن بشكل عام يوجه الناس انتقاد للحكومة المتمثلة بالوالي وخصوصاً بعد القرار المجحف حول منع استخدام الساعات من قبل المواطنين، أي أن هناك تحول في التفكير الجمعي، ويصل الناس من السخط إلى أن يدخل شخص (لابس القبعة) الذي يقترح بأن يكون التوقيت الجديد للساعة هو الحل، هنا تبدأ أزمة حول كيف سينتظم الطلاب في المدارس وكيف يتم الاتفاق على مواقيت الصلاة تظهر أزمة جديدة واكبر من سابقتها، وبعد الأزمة العارمة والفوضى وارتفاع الضجيج (يدخل قصير القامة) ومعهُ مصور كي يلتقط صورة (فوتوغرافية) للساعة كي يتأكد بأن الناس في هذا الميدان غير مصابين بحالة من الوهم الجماعي والصورة هنا تعتبر وثيقة يصل الناس من خلالها إلى مرحلة من الاستياء وتقارب الآراء ويصف البعض على لسان (المرأة المحجبة) بأن توقف الساعة ربما كان خاضعاً لمؤامرة خارجية هذه الآراء جاءت كتعبير عن حالة الاستياء والفوضى للأجواء حتى تأتي لحظة تسمى قمة التأزم وهي اللحظة التي يدخل فيها (الرجل المثقف) ويصرح أمام جمع من الناس بأن الساعة بحاجة إلى ساعاتي، وما إن يكمل حديثه حتى تأتي الشرطة ويبدأ الحدث والأزمة يأخذ منحى جديد وهو الآلية التي يعذب فيها هذا الرجل عن طريق الضابط والمحقق وكلما عذبوه بالة التعذيب معينة يخبرهم عن منشأ صناعة هذهِ الآلة وهي انكليزية أو فرنسية أمريكية حتى يصاب الضابط والمحقق بدهشة كبيرة بينما أراد المؤلف أن يجعل القارئ يشعر بأن هذا الشخص ربما لا يكون اعتقالهُ وتعذيبهُ للمرة الأولى وإلا فمن أين لهُ معرفة كل آلات التعذيب بينما التأزم يتصاعد شيئاً فشيئاً، حتى تأتي نقطة الذروة وهي أعلى نقطة تصل إليها الأزمة من خلال دفع الأزمة إلى مرحلة جديدة وهي النقطة التي يرن فيها جرس الهاتف يجيب المحقق على هذهِ المكالمة بشيء من الحذر والخوف ويبدأ بالاعتذار من (الرجل المثقف) ويفك قيدهُ، وبعدها يظهر هذا الرجل أمام حشد من الناس يشجعهم بالثورة والتضحية ويردد معهم بعض الشعارات التي تجبر الوالي إلى التدخل لإصلاح الساحة ويعلو الضجيج والصيحات ويستمر(الرجل المثقف) بالحديث أمام الحشد حتى نهاية المسرحية، ويمكن القول بأن المؤلف هنا اختار قضية الساعة كشيء من فرض السلطة من قبل الدول وكان يلمح من خلال الشخص المثقف إلى الخلاص وهو في الثقافة والعلم والرفض وعدم الرضوخ والاستكانة
العينة الثانية: مسرحية (الضباب يقظ) بيات مرعي(48)
فكرة النص
تبدأ ثيمة المسرحية في طرح المؤلف لموضوع التقاء المتناقضات من خلال ما يجري بين أي قطبين متناقضين ثم طرح الفكرة عن طريق شخصيتين الأولى وهي (ساعي البريد) عبارة عن إنسان مخلص لعمله وهو يحمل الرسائل من دائرة البريد إلى أصحابها وهذه الشخصية أراد بها المؤلف أن يرمز للحياة وكيف إن الإنسان يحاول أن يكمل عمله دون أن يعرف متى وأين ستنتهي به الحياة وطرحها عن طريق نسيان هذه (الساعي) لإحدى الرسائل المستعجلة ولإخلاصه وتفانيه في عمله قرر أن يسلمها إلى صاحبها ليلاً وعدم تأجيله عملية التسليم ولم يكن يعلم بأنها الرسالة الأخيرة أما الشخصية الثانية فهي (خطاف) الذي يرمز في هذه المسرحية (ملك الموت) قابض الأرواح والذي كان في انتظار هذا الشخص كي يقظ روحه في المقبرة، دون أن يعرف (ساعي البريد) بأن هذا هو ملك الموت وتستمر هذه العلاقة الجدلية بين رجل يطلب الحياة ويدافع عنها وبين مخلوق أخر مكلف بإنهاء حياة الأخرين دون إن تأخذه شفقة أو رحمة، يلمح هنا (خطاف) لساعي البريد بأنه هو الذي خطف أرواح العديد من الناس على مر العصور من خلال الإشارة إلى قبر (أفلاطون وبتهوفن) وغيره من الناس العظماء، لكن ساعي البريد لم يأخذ الموضوع بمأخذ الجد حتى تنتهي المسرحية بموت (ساعي البريد) وباعتبار الإنسان لا يعرف في أي مكان سيموت رغم محاولة (ساعي البريد) جاهداً مغادرة المقبرة لكن يمنعه (خطاف) من المغادرة بواسطة الخوض بأحداث جانبية أحياناً ومنعه بالقوة أحياناً أخرى حتى يصل الأجل إلى الوقت المعين وينتهي كل شيء برغم محاولة ساعي البريد الاشتباك والصراع مع خطاف بكل ما يملك من قوة لكنه يموت وتنتهي المسرحية .
تحليل النص
لخلق عملية التحول في النص اعتمد المؤلف على شخصيتين رئيستين لبدء اللعبة فيظهر (ساعي البريد) بحياة طبيعية إلى أن يمر بنقاط
تحول تكون الأولى ومنها بداية انطلاق الحدث وهي الأزمة الأولى، عندما يصل إلى البيت وهو متعب من العمل خلال النهار وهي عملية شاقه في توزيع الرسائل إلى الأشخاص، فتبدأ الأزمة عندما يتفحص (ساعي البريد) صندوق الرسائل ويتضح له بأنه لم ينجز عمله هذا اليوم على أتم وجه، لأنه لم يسلم إحدى الرسائل التي كتب عليها مستعجل جداً وإصراره الذهاب ليلاً سالكاً هذا الطريق ليوصل الرسالة إلى صاحبها وبمروره بالمقبرة تبدأ نقطة التحول في النص لأن (خطاف) كان ينتظر (ساعي البريد) عندما يحاول ساعي البريد أن يغادر المقبرة ولكن خطاف يسخر منه ويلمح بأنه لا يستطيع العودة إلى منزله، هذه الأزمة مهمة وتأتي أهميتها لأن (ساعي البريد) يخبر (خطاف) بأنه يحاول إيصال الرسالة لأن موضوعها لا يحتمل التأجيل (حياة أو موت) لذا يسلك طريق المقبرة لأنه الأقرب للوصول إلى بيته، يبدأ بعدها الحوار بين (خطاف) و (ساعي البريد) ليأخذ منحى جديد وهو كلام (خطاف) الواضح والصريح ولكن ساعي البريد لم يفهم شيئاً وأخرها كان وصفه لنفسه بأنه بلا مشاعر ولا أحاسيس ولا قلب وصداقته مع الناس تستمر لحظات فقط، وبعدها يحاول خطاف أن يضع يديه على عنق (ساعي البريد) يحاول قتله، فيدافع ساعي البريد عن نفسه متسائلاً عن السبب الذي يحاول لأجله (خطاف) أن يرتكب هذه الجريمة.
على أثرها يبدأ (ساعي البريد) بالكلام في حادثة معينة ثم يتوقف ثم يكمل له (خطاف) بقية الحكاية في تلك اللحظة يدرك (ساعي البريد) أو يشك بأنه أمام مخلوق خارق المعرفة والإدراك لتظهر هنا إحدى الأزمات التي مرت بها شخصية (ساعي البريد) وهي أن المؤلف وضع لملك الموت صفات بشرية جعلت ساعي البريد لا يتعامل معها بكثير من الرعب منذ البداية بل بدأت تنكشف من خلال اعتقاد ساعي البريد بأن هذا الشخص الذي في المقبرة هو مجرم أو مختل وخصوصاً بعدما ذكر له الحادثة والذي يبدأ بعدها بذكر الموت وطريقة موت البشر بين الدهس ولسعات العقارب والغرق والحرق كثيراً وبعدها يذكر (ساعي البريد) لخطاف بأنه لا يشبه البشر وإن رسالته الأخيرة كانت أصعب رسالة في حياته والسبب سيعود بأنه التقى بهذا الغريب الأطوار.
يبدأ التحول في الحالة النفسية لساعي البريد والذي يبدو خائفاً وخصوصاً عندما يعلم بأن هذا الرجل لا يحترم الموتى والكلام من الموتى وكذلك من خلال التأكيد بأن هذه الرسالة حقاً هي الأخيرة فيحاول ساعي البريد جاهداً أن يعرف لماذا هي الأخيرة، لنصل إلى قمة التأزم أو الذروة وهي اللحظة التي يمسك (خطاف) (بساعي البريد) ليتصارعان محاولاً الأخيرالدفاع عن نفسه حتى يدرك ساعي البريد بأن نهايته بدأ تلوح له بوضوح حتى تنتهي هذه الأزمة أو (الذروة) بانهزام أحد طرفي المعادلة وفي هذه الحالة يستسلم ساعي البريد للموت وتتساقط منه مجموعة من الرسائل ويسقط إلى الأرض ميتاً وتنتهي المسرحية.
العينة الثالثة: مسرحية (الخفاشة) حسين رحيم
تدور أحداث المسرحية في مدينة تعيش وتنعم في سلام تام وأمن واطمئنان، حيث استطاعت هذه المدينة أن تتخلص من جميع الناس السيئون بطريقة أو بأخرى، وكان هناك عائلة تعيش في هذه المدينة حيث انعكس الأمن والاستقرار من المدينة إلى العائلة حيث كانت هذه العائلة تتكون من (رائد) الأب وابنه (رعد) وزوجة ابنه (رباب). وفي إحدى الأيام يزج الابن (رعد) في السجن بسبب ارتكابه جريمة قتل عمد لكل من أبيه وزوجته ويبدأ الإدعاء العام يدينه ويطالب المحكمة بإنزال أقصى عقوبة بهذا المتهم، ويبدأ المتهم (رعد) بسرد قصته على إسماع المحكمة ويبرر أسباب قتله لزوجته لأنه بدأ يلاحظ عليها تغيير في ذلك اليوم الذي توفيت فيه امرأة سيئة السلوك وبعد أيام تجري أحداث مشابهة لموت هذه المرأة هكذا تمر الأحداث حيث يعتقد الناس بأن هذا الموت هو مقدر فقط للناس السيئون ويبدأ (رعد) يتابع سلوك زوجته إلا أن يدرك بأنها هي من يفعل هذه الجريمة تعطشاً لسفك الدماء وبعد اكتشاف الحالة يحاول هو ووالده (رائد) منعها دون جدوى حتى يأتي في أحد الأيام ويجد والده الضحية ويقرر (رعد) بأن يجعلها الأخيرة، حيث يقتلها فوراً، وهناك عدت مفارقات وأحداث من خلال هذا التحول في شخصية زوجته التي تصاب بمرض اشبه بالغيبوبة يفقدها إنسانيتها حتى تنكشف في النهاية براءة المتهم.
وتقدم هذه الفكرة من خلال مشاهد من الذاكرة خلال فترة حجز المتهم (رعد) في السجن إذ يقوم باسترجاع كل الأحداث في سلسلة واحدة إلى أن يتوصل إلى الحقيقة.
تحليل النص
نص الخفاشة قائم على ثيمة الشك المطلق من خلال شك الرجل بزوجته في قضية معينة أو اليقين في قضية أخرى حيث انطلق المؤلف من خلال قضية ارتكاب جرائم قتل في مدينة معينة ومن خلال مشاهد من ذاكرة شخصية البطل (رعد) الزوج السجين الذي أجبرته الظروف أن يكون قاتل ويمر هذا النص بالعديد من الأزمات والتي شكلت نقاط تحول داخل الحدث الدرامي وكذلك تغير في موقف الشخصيات ففي البداية تكون هنالك العديد من الأصوات في شارع عام حيث يعلن عن وجود جريمة قتل بشعة ويبدأ الناس بشراء الصحف فتبدأ نقطة انطلاق الحدث من خلال هذه المقدمة نلاحظ بعدها بان الزوج (رعد) مقيد في سلاسل داخل قاعة المحكمة وهو ممتنع عن الكلام تماماً باعتبار إن كل شيء محسوم إلى أن تصل الأحداث إلى نقطة معينة فيقرر بأن يوضح كل التباسات القضية ليبدأ بعدها القاضي بقراءة قرار النطق بالحكم حيث يتوقف المتهم (رعد) ويقرر الكلام حيث يبدأ، بالتفاصيل من بداية القضية عندما بدأت زوجته بجلب طائر (الخفاش) وبدأت بالمقارنة بين الإنسان ووحشيته والحيوان وطيبته ووصف الإنسان بأنه أبشع كل المخلوقات حيث يشير استغراب الزوج (رعد والأب) من هذه المقارنة وبعد قليل يطالعنا رعد حين يسأل عن زوجته لكن يجيب الأب بأنها في محضر عزاء جارتهم التي توفيت صباحاً بظروف غامضة من هنا
ينطلق الحدث ليصل إلى أزمة بسيطة وبعد أيام من وفاة امرأة أخرى وبعد أيام أخرى يكون انطلاق الشك من خلال الخبر الذي نشر في الجريدة التي تصف بأن النساء اللواتي متن في هذا الأسبوع فقد قتلوا في عملية منظمة وبنفس الطريقة هذا الخبر يتلقاه رعد كالصاعقة ويغير مجرى التفكير حيث يبدوا عليه الانزعاج واضحاً ويخبرأباه بأن النسوة الضحايا كن في زيارة لزوجته قبل أسبوع وهذا الشيء لهُ علاقة في الجريمة أي لا بدأ أن تكون لزوجته يد في هذه الجريمة حتى ولو وصف مقتل تلك النسوة (بداء الخطايا) هذه المقالة المنشورة جعلت الشك يتمركز في رعد ويدقق في كل شيء حتى يدفعهُ قوة الشك إلى أن يفتش في غرفة زوجته ويجد منديلا ملطخ بالدم حيث يعتبره دليلاً مادياً على اشتراك زوجتهُ (رباب) بما يحدث ثم تتوضح أمور كثيرة عن القضية حيث تلاحظ رباب الحديث الجانبي المستمر بين (رائد ورعد) وانقطاع هذا الحديث بشكل مستمر حال دخولها وبعد فحص المنديل يظهر عليه بأنهُ يحتوي على دم لأكثر من شخص أي أن شخصية (رعد) غيرت مسارها بعد حادثة المنديل وكذلك (رباب) بدأت تلاحظ هذا التغيير على وجهيهما، وبعدها يبدأ التحول واضحاً بعد أن تدرك (رباب) بأن المنديل هو موجود عند زوجها حتى يفاتحها بموضوع المنديل فتحاول نكران القضية بالكامل، بعدها يتجه الموضوع باتجاه محاولة وجود دليل أخر غير المنديل حيث يجلبان قنينة مليئة بالدم بعدها يتفقدان القنينة وإذا هي بحوزة (رباب) ويبدوا عليها الانهيار النفسي الكامل حيث تصف الدم بأن أروع سائل وجد في الكون حيث الرائحة والطعم اللذيذ حتى تصل إلى حالة أشبه بالغيبوبة الكاملة وبعدها تبدأ بالهذيان بعدها يندفع الشك نحو اليقين والحدث من مرحلة إلى أخرى حيث وصل الصراع إلى أزمة وهي هل أن (رباب) هي من قام بهذه الجرائم وتثار العديد من الأسئلة التي قدمها المؤلف عن طريق المنافشة بين (رائد ورعد) حتى تأتي اللحظة التي تعترف فيها رباب بأن قضية القتل قضية خارج إرادتها ويحاولان منعها من خلال حبسها في غرفة وحراسته باب الغرفة بشكل مستمر حتى تصل بنا إلى العديد من الأزمات التي تدفع نحو مزيد من التأزم وهي اللحظة التي تنقض فيها(رباب) نحو(رائد) والد زوجها لتقتلهُ وبعدها يدخل (رائد) ويحاول أن يثأر لأبيه ولكل الضحايا حيث تأتي قمة التأزم أو الذروة بعدها يبدأ الانحدار في الإحداث حيث يقتل الزوج زوجتهُ ويسلم نفسه للشرطة وينتهي كل شيء من خلال هذا الإجراء الذي تم خلالهُ اغتيال الأب الذي يعتبر قمة التأزم والذي دفع فيه الحدث إلى أزمة أخرى وهي قتل الزوجة الذي جاء بمثابة الحل النهائي لجميع التعقيدات والأزمات الموجودة، حيث بدأت رباب ترى في الأفق نهايتها بعد قتل (رائد) والد زوجها بشكل مباشر وبهذا تنتهي المسرحية.
الفصل الرابع
النتائج ومناقشتها
1. القيمة الدرامتيكية في هذه النصوص المسرحية هي العامل الرئيسي في تكوين هذا الصراع والأزمة وقمة التأزم أو ما يسمى بالذروة أي أن الأزمة تكون منعكسة على سيطرة الجو العام في بعض النصوص أو في الحوار كما في بعض الأزمات وعلى الشخصية في أحيان أخرى لذلك فالأزمة تبرز عن طريق إحدى هذه القيم الدراماتيكية.
2. يعتمد مؤلف نص مسرحية (ساحة الميدان الكبير) على انطلاق الأزمة الأولى في النص عن طريق الإعلان بأن (الساعة متوقفة) هذا الإعلان تولد عنه فوضى انعكست على شحن الجو النفسي العام بشيء من الخوف والكبت أدت إلى حدوث العديد من الأزمات كانت أخرها وأكبرها هي عند إعلان شخص أن الساعة بحاجة إلى (ساعاتي) وكان يرمز المؤلف من خلال هذه الشخصية على التحريض على الثورة من خلال الدعوة إلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، إذ كانت هذه الشخصية تعرف ما ستؤول إليه الأحداث والصراعات والأزمات بعد ذلك.
3. في نص مسرحية (الضباب يقظ) نلاحظ الصراعات من خلال وجود طرفي المعادلة منذ البداية، إذ يطرح المؤلف الموضوع عن طريق (صراع الحياة مع الموت) وهذه الأطراف غير متكافئة لأن النصر هو حليف الموت في نهاية المطاف، ولكن هذا الصراع هو الذي كان يولد الأزمة من البداية فهذه المسرحية تحتمل أزمة تنتهي بانهزام الحياة أمام الموت، برز كما فعلنا عن طريق الشخصيات وجاءت العوامل الأخرى مساعدة في خلق هذا الصراع كالزمن الذي كان ليلاً في هذه المسرحية وعلى المكان الذي جاء مقبرة في النص، أي أن المؤلف ناقش قضية القدر في هذه المسرحية ومن المعلوم أن قدر الإنسان مشروط في الزمان والمكان المحددين لموت أي إنسان، جاءت الأزمة كنتيجة طبيعية لصراع المتناقضات أو الأضداد.
4. اعتماد المؤلف في مسرحية (الخفاشة) على أزمة الشك المطلق والتي أدت في النهاية للوصول إلى اليقين، وطرحها في البداية عن طريق الغموض في الأحداث وهيمنت الحوار على خلق الصراع وتولد الأزمة، ابتداءٍ من نقطة انطلاق الحدث وعن طريق الشك بأن الزوجة لها علاقة بمجموعة الصراع وصولاً إلى اليقين. وهو وجود الابن بالقرب من الجثة (جثة الأب) التي تنشأ قمة التأزم والتي تؤدي إلى الذروة من خلال الأزمة الناشئة بين الزوج والزوجة وتنتهي الأزمة بموت الزوجة، والتي عالجها المؤلف من خلال وجود أزمة واحدة في هذا النص هذه الأزمة بدأت تكبر كلما وجد الزوج دليلاً جديداً يضاف إلى الأدلة الأخرى، فإن الأزمة تكبر حيث أن الأزمة تنعكس على التنافر بين الزوج والزوجة.
5. النصوص المسرحية (ساحة الميدان الكبير والضباب يقظ والخفاشة) اعتمدوا فيها المؤلفين على وجود علاقة جدلية، جاءت عن طريق ثنائيات ففي كل نص هناك ثنائية هي التي تحرك الصراع وتولد الأزمة وتحدث ما يسمى بنقطة التحول.
فالثنائية في نص (ساحة الميدان الكبير) ثنائية (الفوضى والنظام) وفي مسرحية (الضباب يقظ) فإن الثنائية المهيمنة على الصراع (الحياة والموت) وفي النص الأخر (الخفاشة) فإن ثنائية (الشك واليقين) هي محور الأزمة.
هذه الأزمات هي التي جعلت النص يتم فيه التحول في العينة الأولى فإن نقطة التحول جاءت بفعل الأزمة حيث تحول المجتمع (من الخضوع للسلطة إلى الثورة) وفي العينات فإن نقطة التحول جاءت بفعل الأزمة من الخضوع للموت إلى الدفاع عن الحياة بغض النظر عن النهاية وفي العينة الثالثة فإن نقطة التحول جاءت بفعل الأزمة من خلال (تغيير المعادلة من الشك المطلق إلى اليقين المطلق).
الاستنتاجات
بعد التحليل واستعراض النتائج مع مؤشرات الاطرار النظري استنتج الباحث ما يلي:
1. القيم الدرامتيكية هي العامل الرئيسي الذي يحدد جميع الأفكار والأحداث والصراعات والأزمات وكذلك يحتوي على نقاط التحول.
2. يكون الاعتماد في النصوص المسرحية على الشخصية التي تنطلق منها نقاط التحول والأزمات وتنعكس عليها.
3. اعتماد النص المسرحي على ثنائية هي التي تحرك الفعل والأزمة لذلك جاءت النصوص معتمدة على ثنائيات هي التي دفعت إلى التغيير الذي انعكس على نقاط التحول.
4. يحدث التغيير بفعل الأزمة في النص المسرحي باعتبار الأزمة نقطة يلتقي فيها طرفي النزاع بصراعات تحسم الأمور لصالح إحدى هذه الأطراف.
5. تكون الأحداث هادئة وتأتي الأزمة باعتبارها ثورة فلابد من التغيير في سلوك الشخصيات وفي مجرى الأحداث تنعكس على الجو العام في المسرحية.
6. ينطلق النص المسرحي من فكرة رئيسية تحتوي جميع الأفكار والأحداث ونقاط التحول.
7. في النص المسرحي توجد العديد من الأزمات تنتهي بأزمة وتولد أزمة أحياناً وفي أحيان اخرى تكون هناك أزمة واحدة تكبر هذه الأزمة وتتفاقم كلما أضيف لها حدث أو حوار أو أزمة جديدة .
الهوامس
( ) أرسطو: فن الشعر: ترجمة عبد الرحمن بدوي، دار الثقافة بيروت ص32 .
(2) أرسطو: فن الشعر: تر، إبراهيم حمادة، الانجلو المصرية، القاهرة، ص122.
(3) مولوين، مرشنت، الكوميديا والترابيديا، ترجمة، علي الراعي سلسلة عالم المعرفة، الكويت ص233.
(4) علوش، سعيد: معجم المصطلحات الادبية المعاصرة: دار الكتاب اللبناني، ص36.
(5) حسين رامز: الدراما بين النظرية والتطبيق المؤسسة العربية للدراسات والنشر ط 1973. بيروت ص484.
(6) ينظر: سامي عبد الحميد وبدري حسون فريد: الإخراجي المسرحي منشورات جامعة بغداد ص77 .
(7) عثمان عبد المعطي عثمان: عناصر الرؤية عند المخرج المسرحي، الهيئة المعرية العامة للكتاب، 1996 ص37.
(8) ينظر: الزيدي عبد المرسل، محاضرات في نظرية الدراما، كلية الفنون الجميلة، بغداد، قاعة جعفر السعدي للدراسات العليا، 2004.
(9) عثمان عبد المعطي: مصدر سابق: ص25.
(10) الراعي، علي: فن المسرحية، سلسلة كتب للجمع العدد (146) دار التحرير 1959 ص57.
(11) أيجري، لايوس فن الكتابة المسرحية، ترجمة ديني خشبة مكتبة الانجلو المصرية، ص190.
(12) روجر بسفيسلد: فن الكاتب المسرحي، ترجمة دريني خشبه، مكتبة نهضة مصر –الفجالة – القاهرة 1964 ص56 .
(13) ينظر: أيجري، لايوس: فن الكتابة المسرحية، مصدر سابق ص108،102.
(14) مبارك، نشأت: الشخصية في النص المسرحي: بحث منشور في مجلة الاكاديمي العدد44 سنة 2006 ص216 ص217.
(15) ينظر: عواد علي، إستراتيجية التشخيص في النص المسرحي، مجلة الاقلام عدد1989،3.
(16) ينظر: مبارك نشأت: مصدر سابق ص219-221 .
(17) أيجري لايوس: فن كتابة المسرحية، مصدر سابق ص410.
(18) ينظر: علوش سعيد، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، مصدر سابق: ص78.
(19) محمود عبد الوهاب: الحوار في الخطاب المسرحي مجلة الوقف الثقافي عدد(10)سنة 1997 ص48.
(20) داوسن: الدراما والدرامي، ترجمة: عبد الواحد لؤلؤة، سلسلة موسوعة المصطلح النقدي (11)، وزارة الثقافة والإعلام، 1981: ص39.
(21) داوسن: الدراما والدرامي مصدر سابق: ص33.
(22) شذى سالم: التكوين الدرامي للنص المسرحي العراقي، رسالة ماجستير (غير منشورة) جامعة بغداد كلية الفنون الجميلة، 1997 ص37.
(23) روجر بسفليد: فن الكاتب المسرحي، ترجمة دريني خشبة مكتبة نهضة مصر الفجالة القاهرة 1964 ص31.
(24) ينظر: سامي عبد الجميد، بدري حسون فريد: الإخراج المسرحي، مصدر سابق ص180.
(25) ينظر: عثمان عبد المعطي: عناصر الرؤية عند المخرج المسرحي مصدر سابق ص68.
(26) ميلبت: فن المسرحية ترجمة صدقي حطاب، دار الثقافة بيروت ص414.
(27) ينظر: عثمان عبد المعطي: مصدر سابق ص60 .
(28) مولوين، ميرشنت: الكوميديا، والتراجيديا، ترجمة علي احمد محمود ص214.
(29) مولوين، ميرشنت: الكوميديا والتراجيديا، مصدر سابق ص233.
(30) ميليت: فن المسرحية، ترجمة صدقي خطاب / مصدر سابق ص243.
(31) ينظر: الزيدي، عبد المرسل: محاضرات في نظرية الدراما، مصدر سابق.
(32) ينظر، الزيدي، مصدر سابق.
(33) عثمان عبد المعطي ؛ عناصر الرؤية المخرج المسرحي ص57 .
(34) ملتون، ماركس: المسرحية كيف ندرسها ونتذوقها، ترجمة: فريد مندور، دار الكتب العربي ص106.
(35) ملتون ماركس: مصدر سابق ص107.
(36) ينظر: التكريتي، د.جميل نصيف، قراءة وتأملات في المسرح الإغريقي، دار الحرية للطباعة –بغداد 1986 ص108.
(37) ينظر: شذى سالم: التكوين الدرامي في النص المسرحي العراقي، مصدر سابق ص20.
(38) ينظر: حسين رامز: الدرامايين النظرية والتطبيق، مصدر سابق، ص484.
(39) ينظر: الزيدي عبد المرسل مصدر سابق.
(40) ينظر: ملتون ماركس، مصدر سابق ص101.
(41) ينظر: ميليت، فن المسرحية، مصدر سابق ص419.
(42) ينظر: حسين رامز رضا: الدرامايين النظرية والتطبيق مصدر سابق ص483.
(43) الزيدي عبد المرسل ؟: مصدر سابق.
(44) ينظر: شذى سالم: التكوين الدرامي، مصدر سابق، ص20.
(45) حسين رامز رضا: الدراما بين النظرية والتطبيق، مصدر سابق، ص483.
(46) مسرحية للمؤلف ناقض الرمضاني، نص مكتوب على الآلة الكاتبة.
(47) بيات مرعي: هذيانات، السلسلة الأدبية، مديرية النشاط المدرسي، نينوى، 2009.
( (48) حسين رحيم، الأخوة ياسين وأخريات: العلا للطباعة والنشر، الموصل، 2010 .
المصادر والمراجع
1. أرسطو: فن الشعر، ترجمة، عبد الرحمن بدوي، دار الثقافة، بيروت.
2. أرسطو: فن الشعر، ترجمة، إبراهيم حمادة، الأنجلو مصرية، القاهرة.
3. مولوين، ميرشنت: الكوميديا والتراجيديا، ترجمة، علي الراعي، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 1979.
4. علوش، سعيد: معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة: دار الكتب اللبناني، بيروت.
5. حسين رامز رضا: الدراما بين النظرية والتطبيق، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1973، بيروت.
6. سامي عبد الحميد وبدوي حسون فريد: مبادئ الإخراج المسرحي؛ منشورات جامعة بغداد.
7. الزيدي، عبد المرسل: محاضرات في نظريات الدراما، كلية الفنون الجميلة- جامعة بغداد، قاعة جعفر السعدي للدراسات العليا، 2004.
8. عثمان عبد المعطي: عناصر الرؤيا عند المخرج المسرحي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1996.
9. الراعي، علي: فن المسرحية، سلسلة الكتب للجميع العدد (146) دار التحرير، 1959.
10. ايجري لايوس: فن كتابة المسرحية، ترجمة، ديني خشبة، مكتبة الأنجلو المصرية.
11. روجربسفليد: فن الكاتب المسرحي، ترجمة، ديني خشبة، مكتبة نهضة مصر الفجالة- القاهرة، 1964.
12. مبارك، نشأت: الشخصية في النص المسرحي: مجلة الأكاديمي جامعة بغداد، كلية الفنون الجميلة، العدد (44) لسنة 2006.
13. عواد علي: ستراتيجية التشخيص في النص المسرحي، مجلة الأقلام العدد (1)، 1989.
14. محمود عبد الوهاب: الحوار في الخطاب المسرحي، مجلة الموقف الثقافي، العدد (10) لسنة 1997.
15. داوسن: الدراما والدرامي، ترجمة، عبد الواحد لؤلؤة، سلسلة موسوعة المصطلح النقدي (11) وزارة الثقافة والإعلام، دار الرشيد، 1981.
16. شذى سالم: التكوين الدرامي للنص المسرحي العراقي، رسالة ماجستير (غير منشورة)، جامعة بغداد، كلية الفنون الجميلة، 1997.
17. ملتون ماركس: المسرحية كيف ندرسها ونتذوقها، دار الكتاب العربي.
18. التكريتي، جميل نصيف: قراءة وتأملات في المسرح الإغريقي، دار الحرية للطباعة- بغداد، 1986.
19. ميليت: فن المسرحية، ترجمة: صدقي حطاب، مراجعة: د. محمود السمرة، دار الثقافة بيروت.
20. ناهض الرمضاني: ميدان الساحة الكبير، مسرحية مطبوعة على الآلة الكاتبة بتاريخ2003، الموصل.
21. بيات مرعي: هذيانات، السلسلة الأدبية، مديرية النشاط المدرسي، نينوى 2009.
22. حسين رحيم: مسرحية الأخوة ياسين وأخريات العلا للطباعة والنشر، الموصل 2010.
0 التعليقات:
إرسال تعليق