أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 30 أبريل 2017

بنية الصّراع المفتوح في مسرحية "جرصة"

المسرح.. بين الواقع وتحدّي الرّاهنية - حوار

مجلة الفنون المسرحية
 
المسرح.. بين الواقع وتحدّي الرّاهنية - حوار 

سامر اسماعيل: ليس هناك أزمة مسرح في سورية بل هناك أزمة تشخيص


عكست الأزمة على قطاع الثقافة في سورية أثراً سلبياً فنصف كتابها غادروا البلاد وآخرون اعتزلوا الكتابة وأُغلق عدد كبير من دور السينما والمراكز الثقافية والمسارح وأصبحت النشاطات الثقافية فقيرة بكل جوانبها في سورية.

وعن واقع المسرح في سورية تحدث الكاتب الصحفي سامر محمد اسماعيل من خلال حوار له :

- الدراما يجب أن تكون حاضرة وبقوة، وأخذ النص السينمائي أو المسرحي أو الأدبي إلى مناخات شعرية لا يعني إطلاقاً التخلي عن الدراما، سوفوكليس وشكسبير وراسين وأحمد شوقي وممدوح عدوان كانوا شعراء، لكنهم كتبوا للمسرح أهم التراجيديات وأجمل النصوص، ما قصدته تماماً من المستويات الشعرية للنص ليس إلغاء درامية النص، لكن الدراما هنا يجب أن تكون قادرة على فهم الكائن الإنساني في كنه وجوده، في علاقتنا مع الآخر، ولهذا ليس مطلوباً مسرحيات شعرية أو سينما شعرية، المطلوب هو قدرة النص على أن يكون جديداً في كل مرة تتم العودة إليه، وهذا بالضرورة يتطلب خبرة عالية في تطويع الحدث الدرامي بجعله حدثاً استثنائياً، حدثاً بعيداً عن المعالجة التلفزيونية، فالشخصية المكتوبة للمسرح والسينما يجب أن تكون شخصيات استثنائية، لا مجرد أدوار وظائفية.

 مسرحية "ليلي داخلي" التي قُدمت، أعتقد أولاً أن المشكلة هي في الفكرة القديمة عن الكتابة المسرحية التي عززتها النصوص المترجمة بشكل سيء ساهمت بنوع هذياني يلفه الهذر والإستهلال، البعض يظن أن كتابة مسرحية هي ذاتها كتابة نص مسرحي، وهذا سوء فهم مزمن، فكتابة المسرح تحتاج إلى دراية حقيقية بالفن المسرحي، لا كتابة نصوص أدبية جافة ومريضة، كتابة المسرح هي كتابة للخشبة، هي كتابة لا يمكن الخلاص لها إلا في زمن البروفة التي أقوم مع فرق العمل على إنجازها على خشبة مسرح القباني، زمن التخلص من النبرة الأدبية التي لا تمت للفن المسرحي بصلة، ولهذا تجد أن سعد الله ونوس مثلاً لم يكن يمانع في تعريض نصه للكثير من التعديلات وإعدادات المخرج وفريق العمل، النص المسرحي الأدبي لا علاقة له بنص الكتابة للممثل، هذا شيء آخر تماماً، ولهذا نحتاج اليوم في مسرحنا العربي إلى ما يشبه ورشات إبداعية، فرق مسرحية تعمل على تطوير مسوداتها للانتقال من الصيغة شبه الأدبية إلى تقديم نصوص ذات حمولات إخراجية حقيقية، فالنص المسرحي هو قبل كل شيء تصور دقيق للأفعال وللشخصيات وللفضاء، يتم تطويره من الكتابة الأدبية الخرساء إلى مادة درامية تضج بالصراع والحركة، حيث يساهم في ذلك كامل فريق العمل وفق مبدأ التأمل الجماعي نحو "الإنعتاق من الإلتصاق الأحمق بالنص" كما يسميها أنطونان آرتو.

في مسرحيتي "ليلي داخلي" قمتُ بإنجاز نص الرّاهن السوري عبر مسرحية ماركيز:

 النص الذي كتبه صاحب "مئة عام من العزلة" هو النص المسرحي الوحيد الذي أنجزه ماركيز للخشبة، لكنه نص رائع وخاص جداً، قمت بإعداده بما يتناسب مع الحدث السوري، ليكون بمثابة احتجاج علني على العنف، على القتل، على براعة النخب الإنتهازية عبر مونولوج تلقيه امرأة في عيد زواجها العاشر على زوجها المثقف، زوجها الذي ينتمي بقوة لعالم النخبة، والذي يمزج بخبث بين طبقة رجال الأعمال وصفقات البزنس وتبييض الأموال والنجومية التلفزيونية من جهة، وبين طبقة الإنتلجنسيا، هي خطبة لاذعة بلهجة شامية بيضاء، وقفة صراحة مع الذات السورية التي شبعت دماءً وفساداً وتهميشاً للآخر، وأوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم، ولذلك أحاول مع الممثلة روبين عيسى والروائي خليل صويلح تقديم مادة غنية على الخشبة عبر معطيات معاصرة يكون فيها المسرح وجهاً لوجه مع السينما والفيديو والفوتوغراف والإنترنت، عناصر متعددة أستخدمها هنا لتحقيق العرض، بعيداً عن استعمال هذه المعطيات كعناصر تزيينية، بل لتكون السينما والصورة في جوهر بينة العرض المسرحي.

- لطالما قلت أن المسرح هو الدراما:

 التلفزيون شيء آخر كونه يقدم دائماً بصيغ ترفيهية بغية اعتقال الناس في بيوتها، المسرح ظاهرة اجتماعية ووسيلة من وسائل الإتصال الجماهيري، وهذا الإتصال لا يمكن أن يتم إلا عبر هذا البرلمان الشعبي الحر، ليس هناك أزمة مسرح في سورية، بل هناك أزمة تشخيص أزمة، بمعنى ثمة تركيز إعلامي جاهل على أن موديل المسرح أو المشتغلين في المسرح في أزمة لا خلاص منها، وهذا عائد إلى شكل السلطة العربية وطريقتها في التعامل مع المسرح كفن يدعو للإجتماع والتجمع، أي للحوار، للجدل، للسؤال، وهذا ما تخاف منه السلطة وتدفعه دائماً إلى أن يكون على أنه في أزمة، هناك تجارب جديدة هامة في سوريا لم تلقى التشجيع الكافي، ثم أنه هناك تركيز على تقديم النصوص المترجمة دون الإلتفات إلى الراهن، ودون العمل على إعداد إنشاء درامي للنصوص المنقولة، وهذا بدوره يلغي أن الجمهور في النهاية كائن تاريخي وجغرافي، مما يدفع إلى "تطفيش" المتفرج، الجمهور بحاجة إلى أن يشاهد نفسه على الخشبة، يشاهد ما يعنيه لا أن يظل يشاهد عطيل يقتل ديزديمونة دون أن يتدخل ولو لمرة، بالله عليك كيف لجمهور سورية 2012 أن يتعاطف مع مسرحيات من عصر النهضة، المطلوب اليوم هو مسرح طازج وراهن يحاكي هموم الناس، يتكلم بلغتهم لا يتفاصح عليهم.

- هل ينضوي "ليلي داخلي" في سياق الأعمال المسرحية التي قدمتها مع اليوم:

 بعد انقضاء أكثر من خمسة عشر عاماً على فرقتي المسرحية "أنصار المسرح" التي كانت تجوب المحافظات السورية لتقديم عروضها في القرى النائية وعلى خشبات ومسارح المدن، أجد أن النقد المسرحي يوفر لي مساحة جديدة للتفكير؛ مساحة أظنها تنتهي اليوم إلى العودة إلى التأليف والإخراج المسرحي، خاصةً أنني أرى أن هناك مجالاً اليوم لبزوغ طليعة ثقافية جديدة في المسرح والسينما والشعر.. النقد المسرحي دائماً يعني لي كتابة للنص من جديد وتقديم رؤية إخراجية لما كان يمكن أن يكون عليه العرض الذي أنقده، إضافةً إلى أن معظم خريجي قسم النقد المسرحي ـ للأسف ـ  لم يتصدوا لهذه المهمة.. أنا لم أدرس النقد، كما تعرف، أنا خريج قسم الصحافة في جامعة دمشق، لكنني لا أجد مندوحة من تعزيز أي نشاط مسرحي سوري، فعلى مدى السنوات العشر الأخيرة تصدّيت لكتابة نصوص نقدية عن عشرات الأعمال المسرحية، في الوقت الذي كان فيه من يتخرّج في قسم النقد، أومعظمهم، يذهبون إلى كتابة التلفزيون.. حتى إن معظمهم لا يحضرون مسرحاً، فمعظمهم ـ للأسف ـ  دخل إلى المعهد ليشتغل في التلفزيون.. اليوم نحتاج إلى الكتابة ضد البروشور؛ إنها الكتابة المعقمة من التدليس؛ كتابة قادرة على مواكبة التجربة المسرحية السورية.

 لا أدّعي أنني أستطيع القيام بهذه المهمة بمفردي.. لكنني من خلال إشرافي على ملفّ المسرح في جريدة «شرفات الشام» التابعة لوزارة الثقافة، استطعت أن أجمع حولي العديد من الأقلام النقدية الجادة التي رافقتني منذ خمس سنوات في تحرير ملف المسرح بقصد مواكبة الحراك المسرحي السوري، ليس في دمشق وحدها؛ بل في كامل المحافظات السورية..حلمي اليوم هو طباعة كتابي عن المسرح السوري المعاصر، الذي يحمل عنوان "الكتابة ضد البروشور" هذا الكتاب الذي حققته عن حوالي ثلاثمئة عرض مسرحي سوري معاصر، بالإضافة إلى أرشيف خاص بصور هذه العروض.

 لقد استطعت مع فرقتي المسرحية الجديدة "تجمع أشجار المسرحي" أن نتفوق على الظروف القاهرة التي تمر بها سورية، فقدمنا المسرحية لثلاثة اسابيع متتالية على مسرح القباني بدمشق في آذار 2013  كما قدمناها على المسرح القومي في اللاذقية لمدة ستة أيام متتالية وبحضور جماهيري كبير ورُشح العرض للمشاركة في الدورة السادسة لمهرجان قرطاج المسرحي بتونس حيث قدمنا هناك عرضين: الأول بجنوب تونس في مدينة " مدنين" والثاني على مسرح الحمراء في العاصمة تونس حيث لاقى عرض "ليلي داخلي" احتفاءاً منقطع النظير من الجمهور التونسي الحبيب والذواق.
كل هذه المشاركات لهذا العرض لم تكن لولا إيمان فرقة أشجار أن المسرح عصي على الهزيمة وأنه يشكل إرادة السوريين وإصرارهم على الحياة.

---------------------------------------------------
المصدر :  هديل عدره - تحولات 


مسرحية حديث الجبال للهادي عباس في مهرجان مسرح التجريب: «يا جبل هزّ راسك وانفض الغربان إللّي سكنتك»

مجلة الفنون المسرحية

  للهادي عباس في مهرجان مسرح التجريب: «يا جبل هزّ راسك وانفض الغربان إللّي سكنتك»


هم الدرع الاول للدفاع عن الوطن، بعيدين هناك صامتين يعملون في صمت يعايشون بؤسهم ويتناسون تجاهل الدولة لهم، من شقائهم خلقوا بساطتهم للعيش

والمواصلة، وآخرون هم ايضا الدرع الأول للدفاع عنا منتشرين بين الجبال يريدون طرد الغربان منها حتى تعود اليها الحياة، بين الجبل والقوات العسكرية تدور احداث القصة، قصة تونسيين صادقين يدفعون دماءهم لنعيش.
ولان المسرح فن لتخليد الاحداث وحفظها كان اللقاء في المركب الثقافي بمدنين ضمن فعاليات الدورة الحادية والعشرين لمهرجان مسرح التجريب مع مسرحية «حديث الجبال» العمل الذي كرم سكان الهامش وكرم القوات الحاملة للسلاح عمل مليء بالشجن موجع يدفعك للسؤال والتفكير لم تاكل الدولة أبناءها؟ عمل قدمته كل من دليلة المفتاحي وايمان مماش ومحمد السعيدي وحسن ربح ولسعد حمدة ومساعد مخرج محمد علي احمد.

نحن الهامش، نحن الصدق والوطن

حجارة متناثرة على الركح أمكنة جرداء لا حياة فيها كانه جبل عرباطة، امراة وابنتها تجمعان الحطب، ظهر مقوّس، ملابس مهترئة وآهة تصدر من قلب مرهق ومثقل بالالام، الام جامعات الحطب و الاكليل الام نسوة يعش على الهامش، هي «هنية» امرأة لم تعرف الهناء يوما ترملت صغيرة وتحملت عبء تربية فتاتها الوحيدة، وابنتها «زهرة» ، زهرة لم تزهر يوما بسبب البطالة وسياسة الدولة فالفقراء لا يعملون والفقراء محرومون من أبسط الحقوق، كلتاهما تسند الاخرى منذ البدء، موسيقى الناي الحزينة تلف المكان وكانها صرخة زهرة تطلب الرحمة ممن لا يهدأ ولا ينام.

هو «ضو»»محمد السعيدي» شاب لم يعرف للضوء طريقا، درس الفلسفة حلم كغيره من شباب الوطن و لكن «اش تعمل الكبيرة في بلاد البيبان المسكرة؟»، افنى سنوات شبابه في الدراسة ثم ماذا؟ البطالة ولا شيء غيرها يجد نفسه في حضن من استوطنوا الجبال في غفلة من الجميع.

و اخر «مصباح» «لسعد حمدة» تونسي لم يكمل دراسته مقتنع بما حوله فقط يريد الزواج، يبدو ساذجا وغبيا ولكن حين طلب منه الارهابي طلبا توجه مباشرة الى الجندي، جميعهم يعيشون من الجبل وتحته جميعهم يحمونه من نفسه وممن يريدون افتكاكه منهم، تحت الجبل تدور أحداث المسرحية، نص موجع يتحدث عن علاقة سكان الجبل بموطنهم، اولئك المنسيين الذين يعيشون على الهامش، الذين نسيتهم الدولة ونسيتهم السلطة نجدهم أول المدافعين عن الوطن وما قرار «هنية» بإرسال ابنتها طعما للأمساك بالإرهابي الا دليل على وطنية سكان الهامش الذين كرمهم العمل وقدم صورة حقيقية عن دورهم في هذا الوطن لكسر تلك الصورة التي الفها المواطن في الدراما التونسية اين يكون ابن الريف مدعاة للسخرية، في حديث الجبال كرمهم مخرج العمل قدم صورة عن تضحياتهم وهم الذين تتذكرهم الدولة وقت الرخاء وتتناسهم في التنمية.
الى سكان الهامش كانت التحية الى سكان الارياف وجه الممثلون تحية صدق وهم الذين سيكتبون التاريخ الحقيقي لأنهم الاكثر شجاعة فالحياة كلمة وموقف و الجبناء لا يكتبون التاريخ ، التاريخ يكتبه من عشق الوطن وقاد ثورة الحق وأحب الفقراء.وهل هناك من يحب الفقير غير فقير مثله؟.

جنود الوطن، لكم التحية

كيف يقضي الجندي يومه؟ كيف يشعر وهو بعيد هناك وزوجته تحت فراش الموت؟ ما الذي يخالجه حين يرزق بطفل لا يشهد ولادته؟ ما احساسه حينما يجد نفسه مجبرا على الاختيار بين عائلته ووطنه؟ اسئلة كثيرة سلطت الضوء في مسرحية حديث الجبال على الجانب الانساني للجندي، فالجندي ليس حامل سلاح فقط، هو انسان يحب ويعشق ، يبكي ويفكر، يهمّ باحتضان أمه، ومغازلة زوجته، ولكن الواجب يجبره على البعد.

في المسرحية نجد الاضاءة خفيفة تغطي نصف الوجه وكأننا بالمخرج لا يريد كشف الحقيقة كاملة او يريد ان يخبئ دموع الجندي وخلجات روحه لنراه قويا ومبتسما دائما.

في حديث الجبال كرم جنود الوطن بعمل غاص في الجانب الانساني للجندي، ذاك المواطن الذي نراه صارما وحازما يصادم الموت وهو انسان عاشق يبكي لفقدان محبوبته، حديث الجبال كما قال مخرج العمل الهادي عباس تكريم للمؤسسة العسكرية انطلاقا من ملحمة بن قردان تلك الملحمة الي اثبت فيها الجندي التونسي انه يخير الشهادة على الانسحاب، ملحمة انتصرت فيها الوطنية وارادة الحياة على اسلحة الباحثين عن حور العين.

«الماجدات نساكم ....الشامخات نساكم»

هن الحياة، هن الحلم والأمل، هن الكادحات الصادقات، هن رمز الصبر والوطنية، في «حديث الجبال» حديث عن كادحات الوطن، امرأتان كانتا عنوانا للكدح، الأولى أم صادقة «دليلة مفتاحي» تجمع الحطب لتدرس ابنتها امرأة لم تتعلم ولكنها تعرف اهمية الثقافة في الحياة.
والثانية شابة في مقتبل العمر واسمها زهرة «ايمان مماش»حلمت كغيرها من اترابها بحياة اجمل ومنزل صغير يقيها القرّ والقيظ، درست وتخرجت من الجامعة ثم اضطرت لتجمع الحطب هي الاخرى، كلتاهما رمز للتضحية وكلتاهما قدمت صورة عن المرأة الصادقة المحبة لعملها وان كان ثمنه ملاليم قليلة.

«حديث الجبال» عمل عن المنسيين عن الصادقين المبعدين، اختار مخرجه أن يكون عمله موجها للجميع ولا يقتصر على النخبة فحسب، كما اختار أن تكون الرسالة الموجهة بصفة مباشرة بعيدا عن الترميز والتشفير، في نقل معاناة الأهالي في المناطق الوعرة، محملا الدولة مسؤولية تقصيرها تجاه هذه الشرائح الاجتماعية التي لم تقتصر معاناتها على الفقر والبطالة والتهميش، ليزيد الإرهاب في تعميق هذه المأساة، عمل كرّم ابناء الريف الذين كانوا ولازالوا سند الجبال.

لسعد حمدة: الممثل الاجمل

صارم حينا، مضحك حينا آخر، ابكى الجمهور وأضحكه، جعله يشفق عليه في شخصية الجندي ويتعاطف مع عبراته التي ملأت مقلتيه، وأضحكه في دور مصباح السكير الباحث عن انثى ليسكت نداء الجسد، لسعد حمدة الساخر الباكي كان عنوان نجاح مسرحية حديث الجبال، ممثل صادق ومبدع احبه جمهور مدنين وتفاعلوا مع ادائه المختلف عن ادواره الاخرى، لسعد حمدة استاذ التربية المسرحية هو مناضل ثقافي يعمل بصمت وتلاميذه الاكثر دراية بما يقدمه لهم من تظاهرات مسرحية ولقاءات لتطوير خبراتهم، لسعد حمدة الممثل الاجمل كان لصدقه الوقع الجميل عند جمهور مسرح التجريب.

ايمان مماش: الفراشة الثائرة

هادئة هي كنسمة صيفية، اما على الركح فلبؤة ثائرة وامراة لا تهادن، فراشة مركز الفنون الركحية والدرامية بقفصة، ايمان مماش كانت عنوانا للفتاة القوية في مسرحية «حديث الجبال»، قوة تشكلت في ملامح وجهها حين تخاطب رشاش الارهابي وتخبره عن تاريخ هذا الوطن، ايمان مماش الفراشة التي شاهدناها في مسرحية «النجدة» وغيرها من الاعمال بدت مميزة قادرة على شد انتباه المتفرج لصدقها في الاداء، الفراشة المتمردة الحالمة كانت عنوانا لارادة ابدية بالنجاح.


-------------------------------------------------
المصدر : مفيدة خليل - المغرب 

مسرح شكسبير اللندني يؤدي إلى روما

مجلة الفنون المسرحية

مسرح شكسبير اللندني يؤدي إلى روما

شكسبير يصور سواد الناس خرافاً، والزعيم الماكر ذئباً جائعاً للسيطرة بخطبة عصماء منمقة، ينقلب الناس على الجنرال بومبي ويبايعون قيصراً.

في عيد ميلاد شكسبير، الكاتب المسرحي الأعظم، يغدق مسرح شكسبير الملكي من ميزانيته على إنتاج مسرحيات شكسبير الرومانية جميعها، “يوليوس قيصر” و”أنطونيو وكليوباترة” أولا ثم “كوريولانوس” و”تيتوسأندرونيكوس” من بعدهما.

ترامب في السلطة فارضا شعبوية لن تداويها الديمقراطية؛ وبريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي مهددة بفوضى سياسية واقتصادية واجتماعية؛ وتعريف الصالح العالم يختلف الآن بين الحاكم والمحكوم اختلافا جذرياً. حقا آن الأوان لأقسى مسرحيات شكسبير دموية وأكثرها تشبعا بالسياسة، التراجيديا الملحمية “يوليوس قيصر” التي يتواصل عرضها حتى التاسع من سبتمبر المقبل في بلدة ستراتفورد-أبون-آيفون، مسقط رأس الكاتب.

في “يوليوس قيصر” ينفرط بلا كابح عقد السباق على حكم امبراطورية العالم. وتتردد في آذاننا البروباغندا السياسية بأطيافها، اليمين واليسار والوسط. وكلهم بلا استثناء يخاطبون الجموع طمعا في “أصواتهم”. يرتفع ستار العرض عن ثلاثة سياسيين عراة الصدور يجثمون على ثور هائل تحت أقدامهم. الثور يحتضر على أثر الضربات والرجال يقيمون الشعائر ويخضبون أجسادهم بدماء الجثة. من الذي يغتاله الساسة؟


ديمقراطية دامية

يؤوب قيصر من أتون الحرب، متوَّجا بهالة الانتصار. يختال أقوى رجل في العالم اختيالا، بيد واحدة يهيمن على منطقة تترامى من إسبانيا إلى بلاد الشام. وعلى خلفية من نشوة الغلبة، ينشب التمرد بين أروقة البرلمان. يوشي واش بأن قيصر، الإله الخالد حينذاك، يخطط لأن يتوج نفسه ملكا. هو في موقف القوة وله أن يستهزئ بالقواعد.

ولكن روما الجمهورية لم تشهد ملكا منذ خمسمئة عام. والحكم تتقاسمه ثلة من السياسيين بطريقة يمْكن وصفها اليوم “بالديمقراطية”.

الممثل البريطاني أندرو ودول يتقمص دور الطاغية المستبد تقمصاً مخيفاً يذكرنا بآكل لحوم البشر هانيبالليكتر في روايات توماس هاريس
يعتقد المخْلصون من الساسة والطامعون على حد سواء أن حاكما أوحد خطر على روما وشعبها. يتعالى صوت أحدهم، “لا سبيل إلا بتقاسم السلطة”. وهكذا تدب الوساوس بين أروقة القصور، ويصير التخلص من قيصر “الطَموح” هو الغاية والمبتغى لدرء الفوضى والشعبوية.

تتناهى إلينا كلمة “طَمُوح” وكأنها سبة في الجبين. كانت بالفعل سبة للرومان في هذا السياق السياسي. فكيف يطمح سياسي في استلاب شيء من شعب روما الحبيب؟ روما لم تركع من قبل، وكاسيوس الثوري الأصيل يندد، “الخطأ يا عزيزي بروتوس ليس في حظوظنا. ولكن في أنفسنا، في أننا تابعون”.

تتتابع المؤامرة المقاوِمة لصعود الدكتاتور ساعتين ونصف الساعة ونحن جالسون على أطراف المقاعد. ومعرفتنا بالحبكة لا تكبح إثارة تخللت إلينا مع كل جريمة قتل أو انتحار.


التلاعب بالحشود

ومثلما هو الحال دائما وأبدا، تتلون هذه الخيانة السياسية (أو التضحية السياسية، هي وجهات نظر لم يحسمها شكسبير) بلون الدماء. ثلاثون طعنة اخترقت جسد قيصر في البرلمان. يعاتب قيصر صديقه بروتوس ذلك العتاب الشهير، “حتى أنت يا بروتوس. اسْقُطْ إذن يا قيصر”. والأمر الأخير لنفسه يوحي بأن الخيانة أفقدته كل إرادة على الحياة.

يُغرق القتلة (أو الثوريون وفقا لانتمائك السياسي!) أنفسهم بالدماء حتى الأكواع في مشهد بدائي ينتمي إلى العصر الحجري. يسير المتآمرون في شوارع روما يتصايحون، “السلام، الحرية، الحرية”.

لم يضع الساسة في الحسبان أن أسوأ مخاوفهم قد تتحقق لتقتل أحلامهم في المهد. يشهد أنطونيو قائده يُذبح ذبحا، فلا يدخر حيلة للتلاعب بالحشود ليتمردوا، مرة ثالثة!

يتساءل المخرج آنجيس جاكسون في أحد حواراته الصحافية إن كان الانقلاب على الديمقراطية يبرر اغتيال القادة، “هل سيكون من المبرر أن تغتال المعارضة قائدا غربيا كترامب مثلا إن أساء استخدام سلطته؟” كما يعقِّب موقع “واتس أون ستيج” على المكيدة المسرحية بأن القوة الفجة للأداء والعرض الضخم لتراجيديا المؤامرة يجعلانها أكثر من مجرد استحضار للمكائد الترامبية.


لم يضع الساسة في الحسبان أن أسوأ مخاوفهم قد تتحقق لتقتل أحلامهم في المهد

الرجل سيد قدره

أدار المخرج دفة المسرحية بكفاءة منقطعة النظير. ولكننا لا نكاد نتذكر أن للعرض مخرجا. على ما في الأحداث من قوة وجمال، لم تختلف الوقائع كثيرا عن نص شكسبير. قد يُعتبر اختيارا آمنا إلا أنها كانت واحدة من حسنات العرض.

فقد لعلعت اللغة الشكسبيرية مع لعلعة أدوات الحرب. بعضها سلس، والبعض الآخر في حاجة إلى مترجم! الملابس رائعة من الدرجة الأولى، والديكور مبهر استلهمه المصمم من الساحات الرومانية العتيقة، وبدا جليلا حريا بالامبريالية في أبهى صورها. يطالعنا وجه روما الحضاري الآني، وفي الوقت ذاته أنقاضها المستقبلية وراء الأسوار.

يتساءل شكسبير عن معنى القيادة والرجولة. ما معنى أن تكون رجلا في عهد إليزابيث الأولى؟ عله المعنى نفسه في يومنا هذا. يلازم الرجولة النبل والشجاعة، وأحيانا العنف. يؤكد السيناتور بروتوس أن الرجال أسياد أقدارهم. في المسرحية صوتان نسائيان فقط لا غير، ولا سلطة سياسية أو حربية لهما.

يتقمص الممثل البريطاني أندرو ودول دور الطاغية المستبد تقمصا مخيفا يذكِّرنا بآكل لحوم البشر هانيبال ليكتر في روايات توماس هاريس. جاء الأداء منوما مغناطيسيا، بالكاد تستطيع أن ترفع عينيك عن الممثلين، والجائزة الكبرى ينالها جيمز كوريجان في دور أنطونيو وأليكس ولدمان في دور بروتوس.

كان أدهى ما في العرض هو التصوير الدقيق للانقسامات بين الطامحين للفوز بالعرش والانقلاب على الحاكم المطلق. رويدا رويدا تتكشف لنا ظلال من اللون الرمادي. وقوفنا ضد الدكتاتور لا يعني أننا لسنا دكتاتوريين. وقوفنا ضد الشر لا يعني أننا نمثِّل الخير. تُحلل المسرحية قيمة الأخلاق ودلالاتها الاجتماعية. بروتوس مثال للرجل الخلوق، ولكن ينتهي به الأمر قاتلا لصديق ورئيس دولة. المضحي في سبيل أهله هو في الواقع جزار.


لا خير في المدينة

هذه الفكرة الفلسفية حيرت الكثيرين، وقادت السياسيين في متاهات ومتاهات. نتخيل عالما طافحا بالشر من دون مسحة خير. عالم يتقاتل نصرة للإيذاء والفتك. مَن يقف ضد الآخر يطمح في المزيد في الطغيان ليس إلا، ولا نصير للشعب.

إن الديمقراطية في التحليل الأخير هي حكم الشعب. وبسهولة منقطعة النظير يتلاعب كل اتجاه من الاتجاهات السياسية الثلاثة، يمين ويسار ووسط، بالشعب الذي بدا أشبه بالغوغاء في المسرحية. أكان تحذيرا من شكسبير بأضرار السلطة الشعبية؟ هل يلهث العامة وراء يوتوبيا بعيدة المنال أم أنهم مغيبون بالفطرة؟
عودة الأوتوقراطية والثورات الأهلية وما أعقبها من فوضى ووحشية

يصور شكسبير سواد الناس خرافا، والزعيم الماكر ذئبا جائعا للسيطرة. بخطبة عصماء منمقة، ينقلب الناس على الجنرال بومبي ويبايعون قيصرا. وبخطبة مثلها ينقلبون على قيصر ويبايعون بروتوس، ومن بعده يجيء دور أنطونيو بخطبته الطنانة، “أصدقائي وأهل روما وأبناء بلدي”.

شعب ينحني مع الريح وتهزه النسمة. نرى رؤية العين كيف تتحول الديمقراطية إلى شعبوية. وتقلٌّب القوم بين المشهد والتالي مخيف فعلا. يداهمنا كل اتجاه سياسي بلغة ومنطق وتطرف خاص به، والأهم بمطامع لا تنقطع في العرش.

يوحي شكسبير بأن الحكم الأوحد ليس هو الشر المطبق. كيف وقيصر مهدور الدماء انتحب “حين بكى الفقراء”؟ الحق أن شعب روما لم يكترث على الإطلاق بفكرة الحرية. حين علموا كذِبا بأن قيصرا ترك لكل روماني 75 دراخمة في وصيته، هللوا وانقلبوا على الثورة في لحظات معدودات.

وهكذا يعري المشهد تلو المشهد حقيقة عصرنا هذا: عودة الأوتوقراطية والثورات الأهلية وما أعقبها من فوضى ووحشية. نريد أن تحيا روما بالطبع، ولكن هل من المجدي حقا أن تحيا روما أو “تموت حرة” كما هتف الثوريون؟ بين يدينا مسرحية معاصرة إلى حد الغرائبية.

ونترك للقارئ العربي تمييز الأحداث واستلهام العبرة، فالمسرحية ذاتها لم تنزلق في منزلق المجاز العاري. قد يستنكر البعض تقليدية العرض غير أن أفكاره النبوئية لن تخفى على أحد. لو عاش شكسبير إلى اليوم، لأتم أربعمئة وخمسين عاما. كل عام والكاتب العظيم بخير.

-----------------------------------------------
المصدر : هالة صلاح الدين - جريدة العرب 

كتاب يرصد دور الحبيب بورقيبة في نهضة المسرح التونسي

مجلة الفنون المسرحية

كتاب يرصد دور الحبيب بورقيبة في نهضة المسرح التونسي

يشير الكاتب عبد الحليم المسعودي أن بورقيبة كان يشيد في المقالات التي كان ينشرها في جريدة الحزب الحر الدستوري بالمسرحيات التي كانت تقدمها فرقة “المستقبل التمثيلي”.

في كتابه ”بورقيبة والمسرح- قراءة في أطياف بيان تأسيسي” يقدم الباحث التونسي عبدالحليم المسعودي عرضا مفصلا ودقيقا عن رؤية الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة للمسرح، وهو الذي حرص منذ بدايات تأسيس الجمهورية الأولى في أواسط الخمسينات من القرن الماضي، على جعل المسرح فنا تربويا، ووسيلة مهمة في بناء المجتمع الجديد اعتمادا على المقولة الشهيرة ”أعطوني مسرحا أعطيكم شعبا عظيما”.

وكان بورقيبة قد عشق المسرح وهو لا يزال تلميذا في المدرسة الصادقية. وكان يُقْبل بحماس على العروض التي تقدمها الفرق المسرحية التي تفاخر بالهوية الوطنية، وتنشر خطابا نضاليّا مناهضا للاستعمار.

في البعض من خطبه، تعرض بورقيبة لقصة غرامه بالمسرح، وبالممثلة اليهودية فائقة الجمال حبيبة مسيكة التي أحرقها أحد عشاقها مدفوعا بنار الغيرة في شتاء عام 1930.

وكان يفاخر بأنه تمكن من أن “يختطف قبلة المسك” من وجنتها وهي على الركح في مسرحية ”لوكراس بورجيا”.

وقد ازداد الحبيب بورقيبة عشقا لتلك الشابة ذات العينين الزرقاوين التي فتنت بيكاسو وكوكو شانال، عندما تحدّت السلطات الاستعمارية، وقدّمت عرضا مسرحيا بعنوان “شهداء الحرية” يتعرض لكفاح الهولنديين ضدّ الهيمنة الإسبانية.

في باريس التي استقر فيها من عام 1924 إلى عام 1927، لم يكن الحبيب بورقيبة المغرم بالأدب الفرنسي، والذي كان يحب أن يردّد عن ظهر قلب قصائد كبار الشعراء الفرنسيين من أمثال فيكتور هوغو، ولامرتين،

وألفريد دو فينييه، ينقطع عن التردد على المسارح الكبيرة، مُعتبرا المسرح “فنّا جميلا” يساعد على تهذيب الأذواق، ونشر القيم النبيلة.

وكان يبدي إعجابه برموز المسرح الفرنسي في ذلك الوقت من أمثال لوي جوفيه، وجاك كوبو، وشارل دولاّن، وجان لوي بارو. كما اكتسب معرفة عميقة بالمسرحيات الكلاسيكية الشهيرة التي ألفها موليير، وكورناي، وفيكتور هوغو، وادموند روستان وغيرهم.

المسرح كان وسيلة لتعميق الشعور بالهوية التونسية في زمن كانت النزعات العشائرية والقبلية لا تزال معششة في عقول الكثيرين
وعندما عاد إلى تونس، لم تمنعه نشاطاته السياسية، وتنقلاته في أرجاء البلاد بهدف بعث حزب وطني جديد من متابعة الحركة المسرحية، مقبلا بالخصوص على المسرحيات المحرضة على النضال الوطني، وعلى حثّ المجتمع على التخلص من الجهل والتقاليد البالية التي تعيق خروجه من الظلمات.

ويشير المسعودي في كتابه، الصادر عن دار”آفاق”، إلى أن بورقيبة كان يشيد في المقالات التي كان ينشرها في جريدة الحزب الحر الدستوري الذي أنشأه في مطلع الثلاثينات من القرن الماضي، بالمسرحيات التي كانت تقدمها فرقة “المستقبل التمثيلي”.

وتحت تأثير المسرح، كان بورقيبة الزعيم والمناضل الوطني يلجأ في الخطب التي كان يلقيها أمام الجماهير إلى الوسائل والتعابير المسرحية بهدف التأثير عليها. وحافظ على هذا الأسلوب المسرحي في الخطب التي ألقاها بعد الاستقلال. لذلك كان يبدو وهو يلقي خطبه وكأنه ممثل مسرحي بارع.

ويخصص عبدالحليم المسعودي الجزء الأكبر من كتابه الذي استند فيه إلى العديد من الوثائق السياسية والفكرية والأدبية والفلسفية، للخطاب الذي ألقاه الزعيم الحبيب بورقيبة في السابع من نوفمبر 1962، والذي أشار فيه إلى أن المسرح وسيلة أساسية لبناء المجتمع الجديد، و”نموذج صغير للوطن الذي يمثل رقعة فسيحة نتعايش في أرجائها”.

وعن ذاك الخطاب الشهير، كتب المسعودي يقول “خطاب بورقيبة فعل رياديّ. وهو خطاب أقل ما يوصف به أنه ‘بيان‘ أو ‘مانيفستو‘ مسرحي.

كما أنه بيان تأسيسي لمرحلة جديدة يكون فيها المسرح مبشرا ورائدا لقيم التنوير والتمدن والانفتاح على العالم”. وفي خطابه أظهر الزعيم بورقيبة أن للمسرح قدرة فائقة وعجيبة على تهيئة المجتمع لتقبل أفكاره الإصلاحية الداعية إلى حرية المرأة، والتصدي للتعصب الديني والعقائدي، ومقاومة الجهل والتخلف.

كما أن المسرح وسيلة لتعميق الشعور بالهوية التونسية في زمن كانت النزعات العشائرية والقبلية لا تزال معششة في عقول الكثير من التونسيين.

لذلك أطلق بورقيبة في خطابه المذكور الدعوة إلى أن يخرج المسرح من دائرة الهواية ليصبح احترافا قائلا “لا نقبل أن يترك أمر المسرح لمجرد الموهبة والهواية والاجتهاد الفردي، فالفن المسرحيّ يتطلب التعليم والتهذيب والدرس. وقد أنشئت من أجله الكليات لتدريب ذوي المواهب وإفادتهم بما سبقهم من تجارب”.

فتحت مدارس ومعاهد لتدريس المسرح. كما تكونت فرق مسرحية في عواصم الجهات. وكانت فرقة الكاف، عاصمة الشمال الغربي، أولى الفرق المسرحية التي لعبت دورا أساسيا في تطوير المسرح التونسي رغم الصعوبات والعراقيل التي واجهتها.

وفي مدينة قفصة الجنوبية، قام شبان متخرجون من معاهد المسرح في تونس، وفي بلدان أوروبية، بتأسيس فرقة مسرحية

مساهمة هي أيضا، وبقدر كبير، في تطوير المسرح على مستوى المضمون، وفن الإخراج. ويعود الفضل في ذلك إلى رجاء فرحات، وفاضل الجعايبي وفاضل الجزيري ورؤوف بن عمر.

وفي نهاية السبعينات من القرن الماضي، ظهرت مسرحيات تنتقد النظام السياسي في تونس. عندئذ أخذ بورقيبة يظهر نفورا واضحا من هذه المسرحيات. وأحيانا كان يجاهر برفضه المطلق لها، معتبرا إياها “تخريبية” و”عبثية”.

--------------------------------------------------

المصدر : حسونة المصباحي - جريدة العرب 

السبت، 29 أبريل 2017

مسرحية "محاكمة الحمير " كوميديا تأليف محمود القليني

فتح باب استقبال العروض المسرحية لمهرجان لبنان المسرحي الدولي من 19 ولغاية 23 أب 2017

مجلة الفنون المسرحية

فتح باب استقبال العروض المسرحية  لمهرجان لبنان المسرحي الدولي  من 19 ولغاية 23 أب 2017


مسرح إسطنبولي وجمعية تيرو للفنون تعلن عن إقامة "مهرجان لبنان المسرحي الدولي
وذلك من 19 الى 23 - 8 -2017 في كل من صور والنبطية وبيروت .
وأعلنت اللجنة المنظمة عن فتح باب إستقبال العروض المسرحية المحلية والعربية والأجنبية وذلك عبر إرسال ملف العرض " بطاقة المسرحية ومعلومات عن المخرج وصور من العرض المسرحي ومقطع فيديو من العرض " عبر إيميل المهرجان : tyroarts.association@gmail.com
وللاستعلام : 0096170903846

الجمعة، 28 أبريل 2017

مسرحية " فى انتظار معجزة " تاليف احمد ابراهيم الدسوقى

مجلة الفنون المسرحية

                       
      

المخرج فاتح سلماني يستعرض راهن المسرح ..بحث عن الجديد واستلهام من التراث القديم

مجلة الفنون المسرحية


المخرج فاتح سلماني يستعرض راهن المسرح ..بحث عن الجديد واستلهام من التراث القديم

أكد الفنان والمخرج المسرحي المتألق فاتح سلماني  أنه بصدد التحضير لعمل مسرحي بعنوان «زواج سعيد» من أداء الممثلة فاتن قصار من عنابة وسفيان فاطمي، سيتم عرضه خلال شهر رمضان في انتظار إخراج مسرحية للصغار «سفر في السنفرة»، تأليف سفيان فاطمي، وإنتاج جمعية «ميراج» بمدينة العلمة. كما سيتم فتح ورشة تكوينية في فن التمثيل أمام المواهب خلال شهر ماي القادم.

عبّر سلماني بالمناسبة عن مدى عشقه للخشبة؛ حيث اعتبرها قطعة من روحه، بفضلها تذوّق أعمال الكبار، أمثال القدير الراحل عز الدين مجوبي الذي تابع روائعه منها «العيطة» و«حافلة تسير» و«الشهداء يعودون هذا الأسبوع» للطاهر وطار، مؤكدا أنه لم يلتق مجوبي لكنه أخذ من عطائه الواسع ونفسه الإبداعي الذي أضاف لمشواره المسرحي رؤية فنية، ساعدته على اقتحام مجال التمثيل والإخراج من الباب الواسع.

أبدى المتحدث أيضا تعلقه بالراحل عبد القادر علولة  وبأعماله كـ «الأجواد»، وأعمال مسرحية من روائع المسرح الجزائري منها «اللثام» و«عالم البعوش»، و«الدبلوماسي»، و«الدالية» لمسرح باتنة، و«عرس الذيب»، «غسالة النوادر»، «ديوان العجب» لمسرح قسنطينة وغيرها.

تحدّث الممثل سلماني كثيرا عن تجربته المسرحية؛ حيث كانت البداية مع فرقة السلام بدار الشباب العلمة بسطيف، حيث اكتشف عالم الركح، ومن فرط حبه له تجاوز كل العقبات التي واجهته خلال مساره الفني، ليؤسس أول فرقة مسرحية سنة 1997، اسمها «ميراج»، تلاها تقديم أول عرض مسرحي له كمؤلف ومخرج وممثل في نفس الوقت بعنوان «عظام الرأس» التي شارك بها في المهرجان الوطني للفنون الدرامية في طبعته 28،ومهرجان الفنون الدرامية بالعلمة.

أكد فاتح سلماني أن هذا العمل المسرحي شجعه على كتابة «رقصة الموت» التي أشرف على إخراجها خلال سنة بمشاركة الممثلين لامية بوسكين والمكي جنبة وعبد المنعم بوضياف. وخلال سنة 2001 جسّد الممثل فاتح سلماني دور شخصية العاشق الذي يبحث عن الحب، ليكتشف أنه كان يصارع طواحين الريح بسيف خشبي؛ حيث لا مكان للحب والقيم في زمانه.

أكد المخرج أنه أعطى اهتماما لمسرح الطفل من خلال إنشاء مدرسة تكوينية في فن التمثيل خلال سنة 2003؛ حيث اكتشف المواهب ليتم صقلها وتحقيق حلمها في الصعود على الخشبة بمساعدة مختصين في الموسيقى والرسم، وبعدها تم إخراج أول عمل مسرحي للأطفال بعنوان «الشهيد المجهول» الحائز على جائزة أحسن ممثلة سنة 2004 بالمهرجان الوطني لمسرح الطفل بالعلمة، بالإضافة إلى إخراج عمل آخر للصغار بعنوان «من يلعب «حمار وأرنب؟»  من تأليف الأستاذ عبد العزيز شارف، والذي تحصّل على جائزة أحسن عرض متكامل بالمهرجان الوطني لمسرح الطفل بخنشلة سنة 2006 إلى جانب المشاركة بنفس المسرحية في تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية في 2007 بالمسرح الوطني وقاعة الموقار، وجولة فنية عبر ولايات الوطن.

تواصلت النجاحات والأعمال ليخرج الفنان سلماني عملا كبيرا عن الثورة الجزائرية، من تأليف الأستاذ عبد الوهاب تامهاشت، وعملا آخر قُدم سنة 2009.

ولم يغفل الممثل عن الحديث عن كل الأعمال التي أخرجها وتابعها، منها مسرحية «على الرصيف»، وهو ثنائي من تأليف الكاتب طارق عشبة من خنشلة، كذلك مسرحية للطفل «جحشون والأصدقاء المخادعون» و«صانع الدمى» و«عفريت في زجاجة» من تأليف الأديب العراقي عمار سيف، تلاه عمل مسرحي للكبار، تحصّل على جائزة لجنة التحكيم  تحت عنوان «سوصول» من تأليفه وإخراجه. وقد شارك مؤخرا في الأيام الوطنية الثانية للمسرح التجريبي في طبعة عربية.

في الأخير تحدّث المخرج المسرحي سلماني عن معاناة المسرح الجزائري من ندرة النصوص، خاصة تلك الموجهة للطفل، مضيفا أن هناك إرثا مسرحيا ثقيلا كان بإمكاننا استغلاله وإعادة بعثه من جديد وبصيغة جديدة، لكن ذلك لم يكن وحال دون تجسيده على أرض الواقع، مؤكدا أنه ليس ضد الاقتباس أو إعادة كتابة نص مسرحي، على غرار «بقرة اليتامى» و»الغولة»، لكن المهم يبقى في تحريك نبض النص واستغلال تقنيات حديثة.

------------------------------------------
المصدر : سميرة عوام - المساء 

الصّورة في المسرح – التشكيل السينوغرافي في المونودرام المسرحي “حمق سليم” لعبد القادر علّولة أنموذجاً

مجلة الفنون المسرحية


 الصّورة في المسرح – التشكيل السينوغرافي في المونودرام المسرحي “حمق سليم” لعبد القادر علّولة أنموذجاً 

د/ صورية غجاتي

مقدّمة:

تشتغل هذه الورقةُ النقدية على مفهوم الصّورة السينوغرافية في العرض المسرحي، بوصفها خطاباً بصرياً يقوم على مجموعة من العلامات المحمّلة بدلالات يستقبلها المتلقي ويقوم بفكّ شفراتها للوصول إلى فحوى خطابها الجزئي الذي يتضافر مع خطاب الممثّل لتحقيق الهدف العام من العرض المسرحي.وعلى هذا الأساس تشكّل مسار هذه الورقة من محطّتين اثنتين:إحداهما نظرية والأخرى إجرائية:

تحدّدت تضاريس المحطّة الأولى في النقاط الآتية:

أوّلاً: الصورة في المسرح:مقاربة نظرية.    

ثانياً: الصّورة السينوغرافية:

1/ السينوغرافيا: حدّ المصطلح وارتحالاته.                                                      

2/ مهام السينوغرافيا اليوم ورهانات المستقبل.

أما المحطة الثانية فقد كانت تحليلاً للتشكيل السينوغرافي في واحدٍ من العروض المونودرامية الجزائرية الشهيرة، وهي مونودرام ” حمق سليم ” للراحل عبد القادر علولة، وفق الخطوات التالية:    

ثالثاً: وسائل التشكيل السينوغرافي في مونودرام “حمق سليم”.        

1/ الأكسسوار/ Les Accessoires.  

2/ الملابس/Les Costumes.

 3/ الدّيكور- الإضاءة/ Le Décor-L’éclairage.

 أوّلاً/ الصورة في المسرح:مقاربة نظرية:

من المؤكّد أنّ العرض المسرحي لا يتكامل خطابه بالدلالة اللّغوية فقط، بل في تفاعله مع بقية العناصر المسرحية، وبين المتلقي الذي يتفاعل مع الحركية البصرية واللّغوية.وأيّ عمل مسرحي يحتاج إلى حركة مسرحية تنسجم وتتفاعل مع الألوان في تحليل الإبداعات التشكيلية وبناء الصّورة المرئية.فقواعد المنظور المسرحي تُعطى لتكوين الإيحاء بالمكان المتّسع داخل فراغ المسرح(2) وهو ما يشكّل “الصورة المسرحية” الكليّة.وإذا كانت الصّورة في مفهومها العام تمثيلٌ للواقع المرئي ذهنياً أوبصرياً، أو إدراكٌ مباشر للعالم الخارجي الموضوعي تجسيداً وحسّاً ورؤيةً(3).فإنّ الصورة المسرحية لا تخرج عن زاوية هذا المنظور؛ فهي «تقليصٌ لصورة الواقع على مستوى الحجم والمساحة واللّون والزاوية.ويعني هذا أنّ المسرح صورة مصغّرة للواقع أو الحياة، وتتداخل في هذه الصورة المكونات السمعية والمكونات البصرية غير اللفظية»(4).ووفْق هذا الطرح يُصبح «كلُّ شيء يُشكّل واقعاً على خشبة المسرح:نصّ الكاتب المسرحي، تمثيل الممثّل، والإضاءة المسرحية.كلّ هذه الأشياء، وفي جميع الحالات ترمز إلى أشياء أخرى.فيكون العرض المسرحي بهذا المعنى مجموعة إشارات»(5).وقد عبّر عن المعنى ذاته (O.zich/أوتكار زيش) في كتابه “علم جمال الفنّ الدرامي” بقوله:«هو فنّ الصور/images وهو كذلك من جميع النواحي على الإطلاق»(6).

تتكوّن الصورة المسرحية من مجموعة من الصور البصرية التخييلية المجسّمة وغير المجسّمة فوق خشبة الركح، منها:الصورة اللّغوية التي يمثّلها النصّ، وصورة الممثّل، والصورة الكوريغرافية، والصورة الأيقونية، والصورة الحركية، والصورة الضوئية، والصورة السينوغرافية، والصورة التشكيلية، والصورة اللونية، والصورة الفضائية، والصورة الموسيقية الإيقاعية، والصورة الرصدية(7).وفي هذا السياق أشار (T.kowzan/ تاديوز كاوزان) إلى وجود ثلاثة عشر شفرة، يُقلّص العالم الدرامي فيها وهي(8): “

“1- الكلمة،

2- النغمة(لهجة المتكلّم)،

3- الإيمائية(تعابير الوجه)،

4- الإيماءة،

5- الحركة،

6- الماكياج،

7- تسريح الشعر،

8- الملابس،

9- الإكسسوار،

10- الديكور،

11- الإضاءة،

12- الموسيقى،

13- الصّوت”.

وقد لاحظ (كاوزان) أنّ العلامات البصرية أكثر حضوراً في العرض المسرحي مقارنةً بالعلامات اللّسانية اللفظية؛ حيث قدّر عددها بتسع علامات من أصل ثلاثة عشر علامة.وتخضع هذه العلامات أو الشفرات إلى قانون التحوّل المستمر في العرض المسرحي، ومن ثمّ لا تُعدّ الصورة المسرحية هي الشكل البصري فحسب، بل هي تلك العلاقات والحوارية البصرية؛ العلاقات البصرية التي تجمع مكونات العرض الفنّي المسرحي ذاته، والحوارية البصرية بين هذه المكونات والممثلين والمتفرجين(9).

ونظراً لتعدّد الصور الفرعية التي يُشكّل تضافرها الصورة المسرحية الكلية، سوف نعمل من خلال هذه الورقة النقدية على التركيز على واحدة من أهم تلك الصور الفرعية التي عرفت إشكالات كثيرة على المستويين النظري والإجرائي وهي الصورة السينوغرافية.

ثانياً/ الصورة السينوغرافية.

   1-  السينوغرافيا :حدّ المصطلح وارتحالاته:

في البدء نُشير إلى أنّ قلّة البحوث والدراسات التي تُعنى بالسينوغرافيا على مستوى التداول والممارسة، سواء ما كان منها تأليفاً أو كان ترجمةً، قد فتح باب الالتباس والغموض والارتباك في فهم حدود هذا المصطلح، شأنه شأن غيره من المصطلحات الأدبية والفكرية والفنية الوافدة على ثقافتنا العربية.ولعلّ قلّة من المسرحيين في المغرب والجزائر وتونس قد أبانوا عن استيعابٍ واضح لهذا المفهوم نظرياً وإجرائياً لقربهم واحتكاكهم بالثقافة الغربية خاصّة الفرنسية.عدا هذا الاستثناء ظلّ مفهوم السينوغرافيا – عربياً- يفتقد إلى إضاءات عبر دراسات جادّة ترفع عنه اللّبس وضبابية الفهم، وتُصادر تلك المقالات المبتسرة الصادرة عن أقلامٍ غير متخصّصة في الصحافة الإلكترونية بالتحديد.

مصطلح السينوغرافيا من المصطلحات الحديثة في الخطاب المسرحي العربي بشقيه الإبداعي والنقدي؛ فقد بدأ تداوله من طرف المسرحيين العرب في ثمانينيات القرن الماضي.ولعلّ أوّل من استخدمه مسرحيو المغرب العربي بحكم اتّصالهم الوثيق بالثقافة الفرنسية.ثمّ بدأ استخدامه تدريجياً في أنحاء أخرى من العالم العربي(10).وقبل أن نقدّم إضاءة لهذا المصطلح ونقف عند حدود مفهومه.نحاول في البدء الكشف عن أصوله في المسرح وارتحالاته نحو مجالات أخرى عبر الأزمنة.

اشتُقّ مصطلح “سينوغرافيا” من الكلمة اليونانية”Skênographia” التي تمّ نحتها من كلمتين هما:” Skêne” وهي الخشبة، وكلمة”graphikos” وتعني تمثيل الشيء بخطوط وعلامات، ويُضاف في اللغة الإنجليزية إلى كلمة “سينوغرافيا” تعبير(Set Design) أي تصميم الخشبة(11). وفي العهد اليوناني اعتبَر(أرسطو/Aristote)(384- 322ق م) المناظر وتجهيزات الخشبة أحد المكوّنات الستّة للتراجيديا، وإن كانت أقلّها أهمية، حيث يقول في هذا الصدد: «صناعةُ المسرح هي أدخل في تهيئة المناظر من صناعة الشّعر(…) والمنظر، وإن كان ممّا يستهوي النفس فهو أقلّ الأجزاء صنعةً وأضعفها بالشّعر نسباً »(12).وفي القرن الخامس قبل الميلاد كانت هذه الكلمة تُحيل على معنى فنّ تزيين واجهة الجزء المخصّص للتمثيل بعوارض مرسومة تُمثّل مناظر طبيعية أو معمارية تدلّ على مكان الحدث(13).وفي عصر النهضة في إيطاليا صارت الكلمة مفردة من مفردات فنّ العمارة، ودلّت على “المنظور” وهو أحد الرسوم الثلاثة التي كانت تُقدّم للبنّاء قبل أن يشرع في البناء إلى جانب “المسقط” و”الواجهات”.وعندما أصبح تحقيق “المنظور” هو الأساس في تصميم الديكور المسرحي في عصر النهضة والقرن السابع عشر، انتقلت كلمة “سينوغرافيا” للدلالة على فنّ تحقيق المنظور بالرسم في ديكور المسرح واستُبدلت تدريجياً بكلمة “ديكور”(14).

توسّع مدلول الكلمة في العصر الحديث، وتجاوز دلالة مصطلح “الديكور”، فإذا كان مجال “الديكور” هو ما يوجد على الخشبة حصراً، فإنّ “السينوغرافيا” صارت تختصّ بالبحث في علاقة (الممثل والمتفرج) بالفضاء المسرحي، وعلاقة كلّ المفردات المسرحية ببعضها بما فيها الخشبة ومكان المتفرج(15).ومع منتصف القرن العشرين ظهر مفهوم “التجريب/Expérimentation” في مجال المسرح، و أفرز العديد من المفاهيم والأطروحات الجديدة حول تنظيم الفضاء المسرحي، قام بالتنظير لها مجدّدو القرن العشرين من أمثال (أدولف آبيا/A.Appia)(1862- 1928)، و(غوردن كريغ/ G.Craig)(1872- 1966)، ابتغاء إعداد الفضاء المسرحي وإعطائه مسحة تشكيلية.وهو ما غيّر النظرة إلى هذا المفهوم من مجرد عنصر مكمّل في العرض المسرحي إلى عنصر محرّك له، وحامل رئيس لدلالته.فتتوجّه السينوغرافيا – تبعاً لهذه الرؤية – من العناية بالتكوينات البصرية والعلاقات المكانية الناشئة في هذا الفضاء، والكُتل المتحركة فيه(الممثل، الضوء، اللّون، الديكور..)(16).

 وبهذا أصبح مصطلح “السينوغرافيا” يحيل على مفهوم « تنسيق الفضاء المسرحي والتحكّم في شكله، بهدف تحقيق أهداف العرض المسرحي الذي يُشكّل إطاره الذي تجري فيه الأحداث»(17).و هناك تحديد أكثر دقّة تمّ فيه مراعاة عنصر المتلقي في الدلالة المعاصرة لهذا المصطلح، وهو أنّ السينوغرافيا «عملية تشكيلٍ بصري/صوتي لساحة الأداء التي يُشارك المتلقي في تشكيلها بوجوده وخياله، فهي عملية إرسال مركّبة تُقابلها وتكمّلها عملية قراءة مركّبة يقوم بها المتلقي»(18).ويقوم مبدع هذه العملية (أي السينوغراف) باستثمار تقنيات الديكور، الإضاءة، الأزياء، اللّون، الفراغ، الحركة، الكتلة، الصوت،…ليُشكّل من معطياتها، وفق رؤية موحّدة، تكوينات بصرية- مشهدية تنطوي على علامات مكانية وزمانية ذات قدرة على التوليد الدلالي(19).

 يتّفق جلّ المهتمين بالمسرح على أنه يوجد مجالين للسينوغرافيا المسرحية هما(20):  

أ/ سينوغرافيا التقنيات:

ويتركّز اشتغالها في دراسة وتصميم واقتراح كلّ ماله علاقة بالمكان المسرحي.

ويمكن أن يكون السينوغراف في هذه الحالة مهندساً معمارياً ينصبّ عمله على:

- تحديد قياسات الخشبة وحجمها نسبةً إلى الصّالة انطلاقاً من نوعية العروض (مسرح، باليه، أوبرا…إلخ).

- تصميم العلاقة بين الصّالة والخشبة معمارياً وتقنياً بمراعاة بعض المعايير:كشروط الرؤية، وهندسة الصوت Acoustique، واختيار نوعية التجهيزات الصوتية والضوئية.

 - حساب قُدرة الصّالة على استيعاب عدد معيّن من المتفرّجين والقدرة على إخلاء الصّالة ضمن شروط السلامة.

 - تصميم أماكن الخدمة الملحقة بالمسرح والأماكن المخصّصة للممثلين والعاملين.

ب/ سينوغرافيا الديكور:

وهي أقرب إلى صلب العملية المسرحية، ويتركّز عملها على تصميم الديكور، وفي كثير من الأحيان تصميم الزيّ المسرحي والأكسسوار والأقنعة والمؤثرات الخاصة من إضاءة ومؤثرات سمعية.يعمل سينوغراف الديكور إلى جانب المخرج لكي يتحقق الانسجام في أسلوب العمل إجمالاً.وينصبّ عمله على معالجة الفضاء المسرحي بكلّ أبعاده (داخل/خارج) ومكوّناته (إضاءة وإكسسوار من جهة، والتكوين من خلال الخطوط والكُتل والفراغات والشكل واللّون والملمس من جهة أخرى.

2/ مهام السينوغرافيا اليوم ورهانات المستقبل:

إذا كانت الصورة السينوغرافية «ترتكز على تأثيث الفضاء سيميائياً وأيقونياً، وتحويله إلى تحفة تشكيلية بصرية لونية وجسدية وضوئية وإيقاعية.ومن هنا، فالصورة السينوغرافية هي صورة مشهدية كبرى تشمل على مجموعة من الصور المسرحية الفرعية كالصورة اللّونية(الأزياء، والماكياج، والتشكيل…).والصورة الضوئية(الإضاءة…).والصورة الإيقاعية الزمنية(الموسيقى…).والصورة الجسدية(الرّقص والكوريغرافيا، وحركات الجسد…).والصّورة الفضائية(تقسيم الخشبة وتوزيعها…)»(21).فإنّ وظيفتها الأساسية تنحصر في الوقت الراهن في «إعادة تشكيل الفضاء المسرحي، وإخفاء الحدود بين الركح والجمهور، ثمّ السعي إلى تأسيس علاقة مكانية وبصرية بين الدراما والمتلقي، والعمل على توسيع الصورة والمكان المسرحي التقليدي بالاتجاه نحو التراكيب والأشكال والأحجام المستقلة المتحركة التي تُسهم في التعبير الدرامي، فالتنوّع اللامحدود واللانهائي للعمل السينوغرافي انطلاقاً من الفراغ، هو تنويع صور الفراغ وتوسيع مجالات الحركة فيه، لأنّ كلّ شيء فيه يمكن هندسته وبناؤه»(22).

ووفقاً لهذا الطّرح تصبح الخطّة القبْلية التي كان يعمل وفقها الديكور قديماً مرفوضة بالنسبة للسينوغرافيا لأنها خطّة جاهزة تحيل على دلالة منتهية وتابعة لباقي الدلالات التي يعمل العرض المسرحي بكلّ مفرداته على خلقها وتوليدها ولا يُشرَكُ المتلقي في فعلها لأنه لم يكن حاضراً لحظة تصميمها؛ ذلك أنّ «البناء القبلي مرفوض، أما ما هو بعدي فهو فنون السينوغرافيا التي تصير بالنسبة للمتلقي إمكانات بصرية تخييلية ومتلفّظة تجعله يشتغل على ما يرى ويسمع ليملأ الفراغ بحيوية خياله»(23).هنا تتجلى الفروق الواضحة بين مفهوم”سينوغرافيا” ومفهوم “ديكور”؛ فإذا كان الديكور- في المسرح – في الماضي يقوم على استثمار إمكانيات الرّسم في تحقيق “الإيهام/Illution”.فإنّ فنّ السينوغرافيا اليوم يقوم على استثمار الفضاء المسرحي كفراغ من أجل إعطاء المسرح بُعداً شعرياً.وتطبيقاً لهذه الرؤية الجديدة، استثمر المخرج الروسي” ڤسيڤولود مييرخولد/V.Meyerhold”(1874- 1940) النظرية البنائية التي تقوم على استثمار تناغم الخطوط الأفقية والعمودية في فراغ الخشبة للتوصل إلى شكل عرض يقوم على رفض الإيهام.كما فتح الروسي “ألكسندر تايروڤ/A.Tairov”(1885- 1950) – بالتعاون مع الرسّامين في المسرح- الباب أمام توجّه جديد ظهر في ألمانيا وتجلى بأعمال مدرسة “الباوهاوس/Bauhaus”، التي عمل القسم المسرحي فيها على تطوير التجريب حول العلاقة بين الألوان والأشكال، وكان له الفضل في تطوير النظرة إلى سينوغرافيا المسرح(24).

 وفي السنوات الأخيرة اتّسع مجال السينوغرافيا عالمياً، فتجاوز نطاق المسرح إلى كلّ ما يدخل في إطار تصميم الفراغ وأساليب استثماره في المعارض والمتاحف والعروض المُبهرة والاحتفالات الجماهيرية مثل افتتاح الأولمبياد على سبيل المثال.أمّا في العالم العربي فمازالت السينوغرافيا كاختصاص مستقلّ معماري وتقني له علاقة بالمسرح، في خطواتها الأولى بل وتكاد تكون مجهولة(25).وليس من المبالغة في شيء أن نقول أنها مازالت في طور الحبو تحاول أن تتلمس طرق نهوضها في غمرة التنظيرات الغربية المتراكمة وما يعتورها من إشكالات.

تُراهن السينوغرافيا على «ترويج ثقافة بصرية لا كلامية، إنها رهاناتٌ مشروطة بـ “التحيين الإخراجي” وبإثراء الفضاء بتعدّد زوايا النظر والمشاهدة بعيداً عن “مادية النصّ”.إنها تريد أن تجعل العرض مسكوناً بالعديد من الإيحاءات التي تخترق فضاء الركح وجغرافيته باستحداث فضاءات أخرى داخل هذا الفضاء الهندسي وقد تراكبت فيه مجموعة من الأنظمة الإشارية»(26).

وسائل التشكيل السينوغرافي في مونودرام “حمق سليم”:

1- الإكسسوار/ Les Accessoires:

حدّد “باتريس بافيس/ Patrice Pavis” في معجمه المسرحي مصطلح “إكسسوار” بأنه مجموعة من أشياء ركحية يُحرّكها الممثلون أثناء العرض؛ بغض النظر عن الديكور والملابس(27).وفي كتاب “عالم المسرح/L’univers du Théâtre ” وضِع الإكسسوار في مرتبة وسطى بين الديكور والملابس، نظراً لمرونته وقابليته للتحوّل إلى حدّ الالتباس من خلال سياق اللّعب والاندماج في وضعية مغايرة لوضعيته الأصلية التي وضِع لها(28).

بقليل من التمعّن في هذا المونودرام نُدرك أنّ الإكسسوار قد حضر وبقوة كوسيلة استعانت بها السينوغرافيا في إيصال خطابها للمتلقي.فإذا كان “سليم” موظفاً إدارياً بسيطاً راح يُسجّل يومياته مع الوظيفة، والبيت، والشّارع.فإنّ (الجريدة، والسجّل، والقلم) كانت هي الإكسسوارات الضرورية المصاحبة لمثل هذا الدّور.وبما أنّ سليم الموظّف سيتحول لاحقاً إلى سليم الأوّل الملك صاحب الجلالة في نقلةٍ نوعية امتزجت فيها التراجيديا بالكوميديا، فإنّ هذه الإكسسوارات الثلاثة ستختفي وستظهر بدلاً منها قطعتان غريبتان، وتكمن غرابتهما في أنهما نُقلتا من وظيفةٍ إلى أخرى بعد إجراء بعض التعديلات عليها لتليقا بالدور الجديد.إنني أتحدّث هنا عن “حاملة الخبز” التي تحوّلت إلى ” تاج الملك”، و”البرنوس القديم” الذي صار رداءً ملكياً فاخراً يحمل خلفه رسمةَ تنّين كأيقونة دالّة على المُلك والإمبراطورية.

- هل كان سليم الذي وُصِف بالأحمق يطمح فعلاً في الحياة البرجوازية أو ما أسماه بـ “المرتبة العالية” ؟

- وما هي هذه المرتبة العالية إذا قرأناها في ضوء الإكسسوارات التي لحقت بالممثل لتدّل عليها:  (حاملة الخبز= التّاج)، (برنوس تقليدي= رداء ملَكي)؟

إنّ” المرتبة العالية ” التي كان سليم يطلُبها ليست سوى “الكرامة”، وهي مطلبٌ إنساني ليس هو الوحيد الذي كان ينشدها ولكنّ كثيرين سبقوه في طلبها وهم أولئك الذين وجدهم في استقباله في مستشفى المجانين !!                                                                      

ولتتحقّق كرامة الإنسان لدينا لا بدّ من توافر شرطان:                                      

الأوّل: هو الأمنُ الغذائي؛ أن لا نكونَ تابعينَ غذائياً فنكون عبيداً تابعين إيديولوجياً ثمّ إنسانياً، لذلكَ جعل سليم من “حاملة الخبز” تاجاً ملكياً ليقول لنا إنّ من يُحقّق كفايته وأمنه من الغذاء، فقد ملَك نفسه ولم يملكهُ غيرُه.                                                                    

الثاني: أن نتمسّك بمقوّمات أصالتنا دون أن نرفض الانفتاح والتطوّر، من هنا لم يجد سليم أفضل مُكمّلٍ لمُلكه وسيادته غير البرنوس القديم الذي كان بحاجةٍ إلى قليلٍ من التعديل ليكون مناسباً ولعلّ أهمّ تعديلٍ لحق به هو صورة التنّين التي رسمَها سليم على ظهره لتكتملَ فيه صفة “الملَكية/ الإمبراطورية”؛ فالأصالةُ ليست ضعفاً ولا انطواءً على الذات، بل هي قوّةُ الجمع بين الماضي والحاضر.

2- الملابس/Les Costumes:

لازمَ الممثّلَ لباسٌ واحدٌ تقريباً تميّز بالرّسمية وكان مناسباً لموظّف إداري، ولم يتغيّر إلا في المشاهد الأخيرة حين استُبدل بقميص المجانين.وقد شكّل “المعطف” قطعة لباسٍ مثيرة للانتباه؛ إذ كان بمثابة الرفيق الملازم للممثّل يتحرّك بتحرّكه ويستكين بسكونه، إلى الحدّ الذي جعلنا نعدّه تارةً لباساً ونراه تارةً أخرى قطعة إكسسوار نظراً لحمولته الدلالية وتميّزه بكثافة تعبيرية جعلتنا في كثيرٍ من الأحيان نعتبره ظلاً للممثّل أو مرافقاً له أو توأماً لصيقاً به.وهذه القدرة على “السميأة/ Sémiotisation” التي حظي بها المعطف، تشتغل بحضور الممثّل وبغيابه عندما يرتقي بوصفه شيئاً إلى مستوى الممثّل، في حين ينحدر هذا الأخير إلى درجة الصّفر من خلال محدودية الفعل وتكراره إلى حدّ التنميط كما ذهب إلى ذلك “يوري فيلتروسكي”(29).ويؤكّد في موضعٍ آخر من مقاله (الإنسان والموضوع في المسرح) بأنّ « الموضوع (الشيء) الذي لا حياة فيه يمكن أن يُدرَك كذاتٍ مؤديةٍ للفعل.كما يُمكن للكائن الحي أن يُدرَك كعنصرٍ معدوم للإرادة كليّاً»(30).وإن كنّا نعتقد بأنّ أداء “عبد القادر علّولة” لم يصل إلى درجة الصّفر، فإنّ المعطف قد اكتسب – في حضوره- طاقة إيحائية وقدرة على الارتقاء ليكون في درجة واحدة معه نظراً لقدرة علّولة البارعة في الاستحواذ على انتباهنا وشدّه نحو هذا المعطف.

شغَل هذا المعطف الأسود وضعيات عديدة متحركة وثابتة على مدار غالبية المَشَاهد؛ فتارةً يضعه سليم على كتفيه مرتدياً إيّاه ارتداءً كليّاً، وتارة أخرى يكتفي بإثباته على كتفيه دون أن يرتديه، وفي وضعيةٍ ثالثة يضعه على كتفه الأيمن، ورابعة على كتفه الأيسر، مرّةً يُمسك به بيديه الاثنتين، ومرةً يقبض عليه بيدٍ واحدة، ونادراً ما يُريحه برميه على كرسي مكتبه أو سرير غرفة نومه كجثّة هامدة تعبت من الحركة واستسلمت للراحة..وفي إحدى اللحظات الحاسمة والمضيئة في العرض المونودرامي وهي اللحظة التي تلمع فيها في ذهن سليم فكرة التمرّد على وضعه البسيط وطموحه في اعتلاء ما كان يُسميه ” المرتبة العالية “.يُقدِم على قلب هذا المعطف وارتدائه مقلوباً كترجمةٍ لرغبته في تحقيق فِعل انقلابي على مستوى ذاته التي تُمثّل كلّ ذاتٍ إنسانية متواضعة بسيطة، تعاني الفقر والقهر الاجتماعي والبيروقراطية القاتلة.هذا الانقلابُ الذي جاء رمزاً وجسّدَ فكرته سليم عبر المعطف، تحقّق مرةً أخرى على مستوى الحلم حين تحوّلت حاملةُ الخبز إلى تاجِ مُلْك، وظهر سليم ملكاً في لوحةٍ مستقبليةٍ انفتحت في تفاصيلها على دلالات المستحيل؛ حيث حُدّد تاريخ هذا الإنجاز في يومياته بــ 43 ديسمبر 2000.

هل كان حلماً مشروعاً رغم استحالة تحقيقه؟ أم كانَ لحظة جنون؟                                    

” نعم ” هي الإجابة المنطقية عن السؤالين معاً.لقد كان حلماً اعتمد على الخيال، وكان جنوناً تحرّر فيه العقلُ من قيود الواقع المؤسف والمخزي.ولعل إثبات هذا الجواب نجده في مقولة سليم:(النّاس تظنّ بلّي مُخّ الإنسان ساكن محبوس في الرّاس..هذا غلط..مخّ الإنسان رحّال جوّال مع الريّاح).   نعم إنها الحقيقة، يُمكن استعباد جسَد الإنسان لكنّ فكره يظلّ حرّاً مستعصياً عن التقييد.ولعلّ هذه الفكرة/ الحقيقة تتجلى أيضاً في كلام المجانين الذين سبقوا سليم إلى ” القصر الملَكي/ مستشفى المجانين”، فعندما جاء دوره استقبلوه بالترحيب هاتفين:(بَرْكانا..بَرْكانا من البَنان..حَلّوا البيبَان..خلّوا الصحّ يْبانْ)..هل كانوا فعلاً مجانين؟.فليكن لنأخذ الحكمةَ من أفواه المجانين.

3- الدّيكور- الإضاءة/ Le Décor-L’éclairage:

الدّيكور في مفهوم “باتريس بافيس” هو كلّ ما يوجد على الخشبة، ويُحدّد إطار الحركة بوسائل تصويرية بلاستيكية ومعمارية(31).ويعتقد هذا الناقد بأنّ مفهوم السينوغرافيا قد أصبح مفهوما بديلاً تمّ بواسطته تجاوز المعنى الضيّق للديكور الذي ارتبط عند العامة باللّوحة العُمق، أو المنظور/Perspective للإيهام بالواقعية كما هو الحال عند الطبيعية/Naturalisme(32).

تشكّلَ ديكور مونودرام “حمق سليم” من هندسةٍ غريبة وكان ثابتاً غير متغيّر طيلة مدّة العرض التي قاربت الثلاث ساعات؛ فقد حرص مصمّمه (بوخاري زروقي) على جعله في شكل غُرفٍ منفصلةٍ ومتجاورة، متباينة الحجم، بعضها وقع في اليمين والآخر في الشّمال، وارتبط الأعلى بالأسفل عبر سُلّمٍ كان رمزاً للطموح؛ حيث استعان به سليم في حركةٍ فاصلة لينتقل من الأسفل/ مرتبة موظّف بسيط، إلى الأعلى/ صاحب السموّ سليم الأوّل.وقد اتّسم هذا الديكور بالبدائية وكأننا قُبالة كهفٍ من كهوف العصر الحجري عملتْ يد الإنسان البدائي على تشكيل تفاصيله عبر حركةِ نحتٍ بسيطة، وهندسةٍ تقترب من الغرائبية؛ هذه الأخيرة التي عزّز حضورها إنطاقُ الحيوان، فقد تحوّلت الكلبة ” لُبانة ” إلى كائنٍ ناطق يُحبّ ويكتب رسائل، يُبدي رأيه ويُحلّل ويتساءل، ويتمتّع بحقوقٍ مفقودة عند البشر..كما زادت الموسيقى المصاحِبة من تعميق إحساسنا بالبدائية واستحضارنا للأجواء الغرائبية.

استُغِلَّ جزء من هذا الديكور كجدارية حملت كتابةً وصوراً، تمّ التركيز في كلّ مشهدٍ وعند الضرورة على واحدةٍ منها، ومن أمثلة هذه اللّوحات المصوّرة:(صورة الكلبة، قارورة العطر، عربة ملَكية بجياد، كرسي أثير…إلخ) وقد كانت رموزاً أحالت على الوسط البرجوازي الذي كانت تنتمي إليه رجاء.أما اللّوحات المكتوبة فقد حضر منها واحدة فقط كُتِب عليها بالفرنسية (Hopital Silence).وعلى العموم فقد تميّز ديكور العرض المونودرامي “حمق سليم” بالثبات الذي كان يوحي برتابة الحياة اليومية لموظّف مطحون اجتماعياً، ولم يأخذ هذا الديكور قيمته الإنتاجية الفاعلة إلا بتحرّكات الممثّل في إطاره، قائماً في كلّ مرّة بعملية تبئير لرقعةٍ مقصودةٍ منه.

أمّا الإضاءة فلم توظّف بدلالاتٍ جديدة غير وظيفتها الرئيسية في الفصل بين المَشاهد وتحديد تعاقب الزمن ( ليل – نهار).وقد كانت تُسند إليها في أحيانٍ قليلة وظيفة تبئير الممثّل في وضعٍ ما وفي مكان ما..ولعلّ المثال الوحيد الذي نسوقه في هذا المقام هو منظر تكبيل سليم في مستشفى الأمراض العقلية؛ حيث تعمل الإضاءة على تبئيره كشهيدٍ صُلب في سبيل كلمة الحقّ، ويسود الظلام كلّ ما يحيط به على فضاء الرّكح الذي لم يبق منه منفذاً للنور سوى نافذة صغيرة تُخفي خارجها نوراً أعاقهُ حجمها الصّغير وكثافة الظلام بالدّاخل من إضاءة الخشبة بصورة واضحة.  وبهذا الصّراع الصّامت بين بقعة الضوء المحدودة المساحة وسطوة كثافة الظلام، يتلقى المتفرّج إحساساً رهيباً بالوضع المؤسف الذي آل إليه سليم.وهو يردّد:(أمّي وْليدَك ضاعْ..رجاء لي بيه) طبعاً هي ليست رجاء علّولة زوجته الحقيقية في الواقع، ولا رجاء ابنة المدير في المونودراما، بل الأمل الذي كان ينشده ويرجوه في غدٍ و حياة أفضل.



الهوامش والإحالات:

(*) عبد القادر علّولة: حمق سليم (اقتباس حرّ وأداء وإخراج عبد القادر علولة).تسجيل تلفزيوني:بن براهم رشيد.

 Anne Ubersfeld :Lire le théâtre .paris ,édition sociales,1982,p37.(1)

(2) عامر موسى الربيعي: سينوغرافيا….تشكيل الصورة المسرحية.7/4/2007، جريدة الحوار المتمدّن.ع1878،.متاح على الموقع الإلكتروني//www.ahewar.org:httpm.

(3) قدور عبد الله ثاني: سيميائية الصورة.ط1، عمان- الأردن، مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع، 2007، ص24.

(4) جميل حمداوي: سيميوطيقا الصورة المسرحية، دراسات في المسرح. ، الرباط- المغرب، منشورات المعارف، 2013، ص93.

(5) مجموعة من المؤلفين: سيمياء براغ للمسرح، دراسات سيميائية.ترجمة وتقديم:أدمير كوريّة،  دمشق، منشورات وزارة الثقافة، 1997، ص97.

(6) المرجع نفسه.ص ن.

(7) جميل حمداوي: سيميوطيقا الصورة المسرحية.ص93.

(8) يُنظر مقالته الموسومة بـ ” ديناميكية الإشارة في المسرح” مترجماً ضمن كتاب: سيمياء براغ للمسرح، مرجع سابق، ص ص 97، 122.

(9) شاكر عبد الحميد:عصر الصورة.سلسلة عالم المعرفة، الكويت، المجلس الأعلى للثقافة والفنون، ع311، يناير2005، ص306.

(10) عواد علي:غواية المتخيّل المسرحي، مقاربات لشعرية النصّ والعرض والنقد.ط1، بيروت-الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، 1997، ص87.

(11) ماري إلياس، حنان قصاب حسن:المعجم المسرحي، مفاهيم ومصطلحات المسرح وفنون العرض.ط1، بيروت- لبنان، مكتبة لبنان ناشرون، 1997، ص265.

(12) يُنظر الفصل السادس من كتاب فنّ الشعر لأرسطو.

(13) ماري إلياس، حنان قصاب حسن:المعجم المسرحي.ص265.

(14) م ن، ص ن.

(15) م ن، ص266.

(16) مارسيل فريدفون: السينوغرافيا اليوم السينوغرافيا معالم على الطريق.ترجمة:إبراهيم حمادة وآخرون.وزارة الثقافة- مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، ص14.

(17) م ن، ص8.

(18) عبد الرحمن دسوقي: الوسائط الحديثة في سينوغرافيا المسرح.القاهرة، سلسلة دفاتر أكاديمية الفنون، 2005، ص17.

(19) عواد علي: غواية المتخيّل المسرحي.ص88.

(20) ماري إلياس، حنان قصاب حسن:المعجم المسرحي.ص266.

(21) جميل حمداوي:سيميوطيقا الصورة المسرحية.ص114.

(22) عبد الرحمن بن زيدان: التجريب في النقد والدراما.الرباط- المغرب، منشورات الزمن، ، 2001، ص104.

(23) م ن. ص ن.

(24) ماري إلياس، حنان قصاب حسن:المعجم المسرحي.ص266.

(25) م ن.ص267.

(26) عبد الرحمن بن زيدان:التجريب في النقد والدراما.ص101.

(27)Patrice Pavis :Dictionnaire Du Théâtre .Paris,Edition Sociales,1980    p :18.

(28) Girard Gilles/Oullet Réal/Rigault Cloude :L’univers du théâtre, Littératures modernes presses universitaires de France,edition 1978,

(29) عدد من المؤلفين: سيمياء براغ للمسرح.ص141.

(30) المرجع نفسه.ص139.

(31) Patrice Pavis :dictionnaire Du Théâtre .P :99

(32) Ibid.p :99

َ

َ(قُدّمت هذه الورقة النقدية كمداخلة في الملتقى الدولي “واقع الجماليات البصرية في الجزائر” المنعقد بكلية الفنون/جامعة مستغانم في 11/ 12 نوفمبر 2014)


------------------------------------------
المصدر : مجلة مسارب 

السينوغرافيا سيدة العرض.. المهنة المجهولة

مجلة الفنون المسرحية

السينوغرافيا سيدة العرض.. المهنة المجهولة


إن أهم ما يجذب عشاق الفن الرابع إلى متابعة العروض المسرحية، إضافة إلى تمكن الممثل المسرحي من أداء دوره وتقمص الشخصية بشكل جيد، وكذا الإخراج المميز للمسرحية والنص المتكامل، ما يطلق عليه “السينوغرافيا” التي يجهلها البعيدون عن الميدان، ولا يعرف الكثير منهم تسميتها وكيف يطلق عليها، والمشكّلة لمجموعة من العناصر المترابطة والمتناسقة فيما بينها، من الديكور والإضاءة والملابس والماكياج، وأحياناً كثيرة الحركة والإيماء، والتي تمثل الفن الذي يرسم أبعادا وزوايا الخريطة التي تحدد الحركة على الركح. هي أحد أهم عناصر العرض المسرحي، فلا يمكن لنا بأي حال من الأحوال أن نتحدث عن الإخراج أو مؤلف المسرحية دون الحديث 
عن المبدع على الخشبة
“السينوغرافي”.

 لم تكن السينوغرافيا خلال عصور طويلة فناً بالمعنى المفهوم كما هي عليه في وقتنا المعاصر، مثلها مثل أي فن أو ابتكار أو غيره، بقدر ما كانت حرفة فنية لها خصوصيتها ومواصفاتها، لذا كان الجمع بين وظيفتي “ميكانيكي المسرح” ومصمم المناظر “السينوغرافيا” في وظيفة واحدة شيئاً طبيعياً للغاية قديما، قبل أن تتطور وتستجيب للمتطلبات الجديدة للمسرح، وأيضاً للإمكانيات المتطورة لفن الرسم، وتصبح فنا قائما بذاته يعرف “السينوغرافيا”، وهو تصميم المناظر المسرحية أو الإطار المادي للعرض المسرحي.

وتعبير “السينوغرافيا” في المسرح يعني حرفياً الخط البياني للمنظر المسرحي، أما تعبيراً، فهو يعني فلسفة علم “المنظرية” الذي يبحث في ماهية كل ما على خشبة المسرح، وما يرافق فن التمثيل المسرحي من متطلبات ومساعدات تعمل في النهاية على إبراز العرض المسرحي كاملاً متناسقاً ومبهراً أمام الجماهير.

وتهدف السينوغرافيا حسب أصحابها إلى تطويع حركة الفنون التشكيلية والجميلة والتطبيقية، بما ضمته من فنون المعمار والمنظر والأزياء المسرحية وطرق استغلالها في الفضاء المسرحي اعتبارا لفن المنظور، ما أعطى وجهاً جديداً لتعامل كل هذه الفنون مع الكلمة والعبارة والمونولوج والحـــوار، ومع الدراما بصفة عامة، كما أنها تتفرع إلى عدة عناصر من المناظر، الأثاث، الإكسسوارات، الإضاءة، تصميم الملابس والماكياج، بحيث تبدو في النهاية منظومة مركبة ومعقدة ومؤثرة في الصورة النهائية للعرض المسرحي.

وتعد “السينوغرافيا” من أكثر عناصر العرض المسرحي استفادة من إنجازات التكنولوجيا الحديثة، وبدأت هذه الاستفادة بإحلال الكهرباء محل الإضاءة بالزيت، واستمرت وتصاعدت لتصل إلى مختلف التقنيات الحديثة التي أوشكت أن تحيل منصة المسرح إلى شاشة سينما، من خلال الملابس والمناظر والأضواء والماكياج التي هي جزء عضوي في تسلسل متراكم، حتى يكمل التأثير العام للتصميم الممثل في السينوغرافيا، مع اكتمال العرض، فالمنظر الذي يبدو ثابتاً في الواقع يتغير بتغير الملابس والأضواء ودخول الممثلين وخروجهم وحركتهم على الركح، وتتشكل وظيفتها في تدعيم وترسيخ إدراك المتفرج واستيعابه للعرض.

وللغوص أكثر في هذه المهنة الإبداعية الجمالية والمتعبة، حسب ما شاهدناه في جولاتنا المتواصلة للعديد المسارح على المستوى الوطني، سألنا العديد من الممثلين والمخرجين وكذا كتاب النصوص المسرحية وغيرهم من المبدعين في الفن الرابع، حول أبرز السينوغرافيين على المستوى الوطني وأكثرهم خبرة في الميدان وحنكة وتمرسا، فأجابونا بالعديد من الأسماء اللامعة، حاولنا الاتصال بعدد منهم، فتمكنا أخيرا من ضرب موعد مع السينوغرافي المخضرم عبد الرحمن زعبوبي الذي كان بصدد الانطلاقة في عمل جديد بالمسرح الجهوي لباتنة، وبصدر رحب استقبلنا بابتسامة لم تفارقه طيلة اللقاء.

السينوغرافي عبد الرحمان زعبوبي

“حاربنا طويلا لنوصل السينوغرافيا لما هي عليه اليوم”

 استهل عبد الرحمن زعبوبي، السينوغرافي المخضرم وصاحب العديد من الجوائز الوطنية والعربية والدولية، حديثه ببداياته الأولى في عالم السينوغرافيا التي لم يكن يدرك يوما أنها ستكون مهنته الأولى والأخيرة وعشقه الأبدي، قائلا إنه عندما كان يدرس في الطورين المتوسط والثانوي مارس المسرح الهاوي مع فرقة هواة، فكان يُحْضر أقمشة بيضاء من المنزل، ويقوم رفقة زملائه بصناعة خلفيات وديكور للمسرحيات، سواء في مؤسسته التربوية أو في المسرح الهاوي في بوقاعة بسطيف، دون علم منه بأن هذه الطريق التي سيسير عليها فيما بعد، مضيفا أنه بعد الثانوي، وقبل إعلان نتيجة البكالوريا عام 1987، قدم له صديق جريدة بها إعلان عن معهد في مجال التمثيل يليق به، وأنه قام وقتها بمراسلتهم، فاجتاز الامتحان بنجاح.

ويوم الامتحان من أجل الالتحاق بالمعهد العالي لمهن العرض والسمعي البصري في برج الكيفان بالعاصمة، كان قد سجل في مجال التمثيل، غير أنه بقي رفقة آخرين يوم الامتحان في ساحة المعهد لفترة من الزمن في انتظار دوره، فتوجه يومها مباشرة إلى الأستاذة غازولي للاستفسار عن الفروع الأخرى التي يمكنه التقدم لها، فأخبرته عن فرع “السينوغرافيا”، وأنه “يجب أن يكون لك معرفة بالديكور والرسم وغيره”، “وأنا كنت أمارس هذه الهوايات، مثل النحت والرسم، فاستهواني الأمر، وبالفعل أتذكر أني اتجهت إلى القسم.. لأتمدرس بعدها لمدة 5 سنوات كاملة بالمعهد، رأيت خلالها الجانب الآخر من السينوغرافيا، كالإنارة، والسينوغرافيا الصوتية.. وتعرفنا على هذا التخصص من خلال الدراسة، وكذا ما كنا نراه في ركح المسرح الوطني والموقار 
والأطلس، وكذا المعهد عن طريق الفيديو الذي يعود فيه الفضل إلى الأستاذ مجيد ناصري”.

“كانوا ينعتوننا بـ”الزواقين”، وأحد القامات الفنية لا يفرق بين السيناريست والسينوغرافي

أثناء فترة الدراسة وبعد التخرج، “عانينا الأمرّين من أجل محاولة إيصال مفهوم السينوغرافيا الحقيقي ودورها، سواء لمن هم في المجال أو غيرهم”، وتابع محدثنا أنه يذكر عندما كان عمال المسرح الوطني يسمونهم “الزواقين” أو “الديكوراتوري”، نسبة إلى الديكور، “كنا نتجادل ونتعارك معهم من أجل هذه النعوت، وتعبنا معهم من أجل إعطائها قيمتها، ولكي نوصل لهم المصطلح الصحيح من أجل التعامل اليومي للفنانين”.

ويضيف أن أحد القامات الفنية في الجزائر والتلفزيون الجزائري بصفة خاصة، “عندما قام أحدهم بتقديمي له قال لي: آه جيد ستساعدنا في كتابة السناريو”. وهنا نعرف أنهم لا علاقة لهم بهذا المجال وبالمفاهيم العصرية، ونحن السينوغرافيين من عرفنا بها للجمهور العريض والخاص على حد سواء.

“أول من عملت معه وأنا لا أزال طالبا بالمعهد كان المخرج المبدع عمر فطموش في حوالي 4 أعمال. ثم “مونودام”، “البسمة المجروحة” لمسرح سيدي بلعباس، ونلنا العديد من الجوائز الوطنية والعربية على هذه الأعمال المسرحية، كما أني اشتغلت مباشرة بعدها وأنا لا أزال طالبا دائما مع قامة من قامات وهرم من أهرامات المسرح الجزائري، وهو المرحوم عز الدين مجوبي في مسرحية عالم البعوش بمسرح باتنة، واشتغلت معه الند للند وأنا لا أزال طالبا، وأثبتنا وجودنا وثبتنا السينوغرافيا في الجزائر. وعند تخرجي من المعهد اشتغلت بالمسرح الوطني مع المخرج المرحوم العربي زكال بمسرحية شمس النهار، من تأليف الكاتب المصري المعروف توفيق الحكيم”.

ولم يخف السينوغرافي المخضرم زعبوبي، خلال سرد حكايته، “الحروب” التي خاضها رفقة السينوغرافيين الآخرين، سواء من جيله أو ممن سبقوه، خاصة من أجل فرضها كفن قائم بذاته له أسسه وضوابطه، سعيا منه لإيصال هذا النوع من الفنون إلى ما هو عليه اليوم، قائلا “العشرية السوداء لم تبعدني عن المجال بالرغم من قلة الإنتاج المسرحي أو توقفه تقريبا، وكذا اشتغالي كمستشار ثقافي بمديرية الثقافة لولاية سطيف مسقط رأسي في منتصف التسعينات، إلا أني قمت بالعمل في ما يقارب 7 ملاحم من كتابة وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، وهو ما دفع بي لعدم الابتعاد عن السينوغرافيا، وبقيت في ممارسة النشاط الفني ولو بصورة ليست كالسابق، بالرغم من الأوضاع الصعبة التي شهدتها البلاد في تلك الفترة، وأننا كنا نعاني من قلة الإنتاج”.

من التطبيق إلى الأستذة بالمعهد.. حكاية تحدي

“بدايتي مع التعليم بالمعهد كانت عام 2000، عندما كنا أنا والمخرج المبدع أحمد بن عيسى نستعد للعرض الشرفي لمسرحية الثمن بالمسرح الجهوي لباتنة، وجهت دعوة للدكتور المرحوم صالح لمباركية بصفته أول مدير لمعهد الفنون لبرج الكيفان، وكان برفقته كل من الأساتذة نوال إبراهيم والعقون مالك ومنصوري، ولدى مشاهدة العرض كان لديهم في ذلك الوقت مشكلة في التأطير، وكانوا يجلبون أساتذة معهد الرسم، في محاولة منهم لامتصاص غضب الطلبة الذين يحتجون في كل مرة ويرفضون الدراسة، لعدم وجود أساتذة في الميدان، وطلب مني وقتها المدير المرحوم أن أدرِّس بالمعهد فقبلت التحدي. وبالفعل نهاية 2000 باشرت عملي ودرَّست السنة الرابعة حينها، وعند مشاهدة أعمال الطلبة رأيت أنهم دون المستوى، وطلبت منهم أن يتحملوا عبء العمل فقبلوا، فكنت أُدخلهم الورشة يزاولون دراستهم بين النظري والتطبيقي بشكل متواصل وإلى غاية ساعات الصباح الأولى، مع منحهم بعض الوقت للراحة، وقد درسوا لمدة سنتين، وعلى الرغم من صرامتي فقد كان هناك تفاهم بيننا نظرا لقرب السن، وقد برز جيل جديد من السينوغرافيين الذين من شأنهم حمل المشعل، على غرار حمزة جاب الله ومراد بوشير وآخرين”.

على المخرج الخضوع للفضاءات والأجواء..

بنبرة صوت تصاعد توترها قال محدثنا إن على المخرج الخضوع للفضاءات والأجواء، وقال إنها ليست من عمل المخرج، “لك نظرتك ولي نظرتي، وأنا أهيئ لك الأجواء، وأنت اقتبس العرض على حسب الأجواء، وهي عملية جد بسيطة لكنهم لم يتقبلوها بعد، ولا تزال لهم العقلية المغلقة بأنه السيد الأول والأخير للعرض”.

فالمخرج هو الذي يتعامل مع الفضاء المقترح من طرف السينوغرافي وليس العكس، بمعنى أنه يخضع لأفكار السينوغرافي في العملية الإخراجية، وهي عناصر يحدّدها الفضاء، وهو من اختصاص “السينوغرافي” وليس “المخرج”، مضيفا “هذه الفلسفة أدت بي إلى بعض الصراعات مع عدد من المخرجين، وحتى أصدقائي منهم، أحسوا بأني أنافسهم على مكانة ما، الحمد لله لي مكانتي تحت الشمس ولا أتحدث عن نفسي، أنا أتحدث عن السينوغراف والمخرج”، واسترسل “عندما زار المشارقة الجزائر قالوا إن السينوغرافيا في الجزائر متقدمة بحوالي 50 سنة عن نظيرتها في المشرق العربي، وهذا فخر لنا، الدولة عندما استثمرت فينا لم تخسر”.

وفي ختام كلامه قال إنه يتمنى أن يعيدوا فرع السينوغرافيا للمعهد، “ولا يجب أن يوقفونا أو يعيدونا للخلف فقد قمنا بخطوة كبيرة في هذا المجال”.
 -------------------------------------------
المصدر : نوال مسلاتي - الخبر 
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption