الفنانة المسرحية لطيفة القفصي : حصاد نصف قرن من المسرح... لنحبّ بعضنا أكثر ونحبّ وطننا ونحافظ عليه
مجلة الفنون المسرحية
الفنانة المسرحية لطيفة القفصي : حصاد نصف قرن من المسرح... لنحبّ بعضنا أكثر ونحبّ وطننا ونحافظ عليه
الفنانة المسرحية لطيفة القفصي : حصاد نصف قرن من المسرح... لنحبّ بعضنا أكثر ونحبّ وطننا ونحافظ عليه
تتميز الحركة المسرحية بجهة قفصة، بالثراء والتنوع، وتعدد المشاريع والتجارب، والأسماء الهامة، التي نحتت مستقبل هذا القطاع، جيلا بعد جيل، عبر مختلف الأجيال والمدارس، والتيارات المسرحية التي جعلت من الجهة منارة للمسرح، منذ ثلاثينات القرن الماضي إلي يومنا هذا.
ومن هذه الأسماء، الفنانة المبدعة لطيفة القفصي التي عانقت خشبة المسرح لمدة حوالي نصف قرن، وقدمت عديد الأعمال المسرحية، والتلفزية الهامة، عرفها الجمهور من أولى أعمالها عن دورها: «باكة» في مسرحية «حمة الجريدي» والان «جمعة» أم الفاهم في سيتكوم «نسيبتي العزيزة» التقتها «المغرب» على هامش فعاليات النسخة الخامسة لمهرجان قفصة للفرجة الحية، والذي سيتم من خلاله تكريمها، اعترافا بما قدمته للمسرح، في الحوار التالي:
• هل يمكن ان نتعرّف اكثر على لطيفة القفصي؟
لطيفة القفصي، فنانة مسرحية، وعلاقتي بالمسرح تناهز النصف قرن، اكتسبت خبرتي من مشاريع التكوين داخل تونس، وخارجها لا سيما في مجال الإضاءة، لأتمكن من القراءة فوق الركح. مررت خلال مسيرتي بعديد التجارب والأعمال المسرحية والتلفزية، وايضا السينمائية، وكانت اغلبها أعمالا ناجحة، ما عدا البعض القليل، لاسيما الأعمال التلفزية التي لم تلق الرواج الكافي. وأكثر ما اكتسبته طيلة هذا المشوار، هو حب الناس وتقديرهم. والاعتراف بما قدمته للمسرح.
• إذا، التحاقك بفرقة مسرح الجنوب بقفصة، لم يكن وليد صدفة، ولا تطفلا على المسرح، كما يفعل البعض اليوم؟
كما أشرت في البداية، فقد التحقت بفرقة مسرح الجنوب بقفصة، بزاد معرفي محترم، وكان ذلك سنة 1974. بمعية الفنان المسرحي عبد القادر مقداد، والمرحوم محمد الطاهر السوفي، ولزهر مسعاوي والمنصف بلدي ومحمد ساسي القطاري، والفاضل قلنزة، ومصطفى قضاعي، وغيرهم... واشتركنا في انجاز مسرحية «حمة الجريدي» التي لاقت نجاحا هاما، ولا تزال حاضرة الى الان. ثم تتالت الاعمال الاخرى، ومنها: «الدنيا حكايات» و»البرني والعطراء»، و»عمار بالزور»، و»الجراد»، و»العريش، والقائمة طويلة، وكنا حينها نتقاضى 20 د. شهريا، والكاشي 500 مليم، ورغم ذلك، تمكنا من تقديم مسرح جيد حظي باعجاب الجماهير عبر مختلف جهاد البلاد.
• رغم صعوبة العمل انذاك، فإن فرقة مسرح الجنوب، قدمت اعمالا مسرحية، ناجحة، فما السر في ذلك؟
كل ما في الأمر، أن مختلف تلك الأعمال، كان منطلقها الواقع، والمشاغل اليومية للمواطن، فهي تعالج همومه، وتبلغ صوته، وتقول ما لا يقدر أن يصرح به، أضف إلى ذلك صدق الأداء، والإحساس الصادق للممثلين رغم صعوبة العمل. فقد قدمننا العروض في الأسواق، والمدارس، والشوارع وحتى في معصرة للزيت، ولم نرفض طلب الجماهير في أي شبر من ربوع الوطن وكنت شخصيا ارتدي زي التمثيل فوق ملابسي، لعدم وجود فضاءات خاصة بالممثلين. ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في إنجاح الأعمال. صغر السن والإيمان برسالة المسرح، وهو ما أكسب الفرقة تلك الشهرة.
وإحقاقا للحق، فان الرئيس الراحل المرحوم الحبيب بورقيبة، عمل على تقليص هذه الصعوبات، ببعث المعهد الأعلى للفن المسرحي، بمقتضى أمر صدر يوم 16 فيفري 1986 بالرائد الرسمي، إلى جانب ضبط الأعمال المسرحية الدرامية، وإسناد بطاقات الاحتراف، وسحب التغطية الاجتماعية على العاملين في القطاع.
• الفنان المبدع، عبد القادر مقداد، اقترن اسمه بفرقة مسرح الجنوب طويلا، فكيف كان التعامل معه؟
حين التحقت بفرقة مسرح الجنوب، كان عمري 16 سنة، ومعه تعلمت المسرح، وكغيري من الممثلين، كان يعاملنا بندية، ونشاركه في ورشة كتابة النص، والإخراج، والإضاءة، فعبد القادر مقداد كان على درجة عالية من الذكاء، من خلال طريقة طرحه للمواضيع، التي سرعان ما يتفاعل معها الجمهور، وهي خصال لا نجدها عند البعض الأخر، كما حرص على تعليمنا ابجديات العمل المسرحي، وبالتالي يعود له الفضل في تكوين عديد الأجيال المسرحية، مما جعلنا نتفق على تسمية تلك المرحلة «بالمدرسة المقدادية» التي حملت بصمات عصرها، وهموم ومشاغل أجيالها.
• ماهي أهم الذكريات، التي لا تزال عالقة بذهن الفنانة لطيفة القفصي بعد المسيرة المطولة، والحافلة بالأعمال المختلفة... ؟
في الواقع لكل عمل ذكريات بحلوها ومرها، ولكل هذه الذكريات قيمة في حياتي، ورغم أن هذه المسيرة كانت وردية في اغلب مراحلها إلا أنه تعذر علي الزواج، وحرمت من الأمومة، ولكن اللحمة التي كانت تجمعنا كفرقة مسرحية، خففت عني هواجس هذه النقيصة ومن الذكريات الأليمة أيضا مخلفات الحادث، وأثاره على ساقي، والذي تعرضنا له سنة 1983، بعد عرض مسرحي في «بلاريجيا» وكنت رفقة الفنان عبد القادر مقداد، والمرحوم محمد الطاهر السوفي، وسائق السيارة وكنا في طريقنا إلى تونس العاصمة، وأيضا حادثة، منع مسرحية «عمار بالزور» من مواصلة العرض تلفزيا، بعد أن صورها لطفي البحري وإقالة مدير التلفزة، من طرف وسيلة بورقيبة، ثم منع عرض مسرحية «العريش» وتوقيف الفنان عبد القادر مقداد بوزارة الداخلية، وتجميد نشاط الفرقة لمدة اشهر، غير ان تاريخ 7 نوفمبر 1987، انقذنا من تلك المظلمة لنعود الى سالف نشاطنا. وكان سببها أيضا منصور السخيري.
• من فرقة مسرح الجنوب، الى مركز الفنون الدرامية، ما الذي تغير، والى اي اتجاه سار هذا التغيير إن وجد؟
في الواقع ما حدث هو أن خلية الفرقة بقيت بالمركز، ولم نستفد كثيرا كممثلين، فلا ترسيم، ولا قانون أساسي لهذه المراكز، فأنا شخصيا تبلغ منحة تقاعدي 301 دينارا، بعد مسيرة حوالي نصف قرن من العمل، وإعاقة في ساقي، ما تغير أيضا انفتاح المركز على محيطه واستقطاب الكفاءات الشابة، إلى جانب الرسكلة والتكوين واليوم اثمن هذه البادرة الرائدة، والمتمثلة في تكريمي من طرف مركز الفنون الدرامية بقفصة، وفي اطار فعاليات مهرجان الفرجة الحية وبالتالي فللفرقة خصوصياتها، وللمركز افاقه واختصاصه وهما يلتقيان من اجل المسرح، والمسرحيين، ومن حيث الاعمال شاركت مع مركز قفصة في مسرحية «نوارة الملح» التي تكونت على اثرها علاقة وطيدة مع المخرج علي اليحياوي، والذي انتقل الى مركز الفنون الدرامية بمدنين، ومعه شاركت في مسرحية «كعب الغزال» و»رايون سيتي» وانا احظى بالتقدير والاحترام في كلا المركزين...
• شاركت في عديد الأعمال التلفزية، ومنها سيتكوم «نسيبتي العزيزة» فهل انت مقتنعة بالأدوار التي قمت بها، وهل سنراك في التلفزة خلال شهر رمضان؟
مشاركاتي التلفزية متعددة، أولها كان سنة 1987، في مسلسل «ابحث معنا» ثم مسلسل «الدوار»، و«الخطاب عالباب»، و«العاصفة»، و«الحصاد»، و«أخوة وزمان»، و«منامة عروسية»، وبعض الاعمال الاخرى التي لم تحقق النجاح المطلوب وهي: طاولة وكراسي، ووردة وكتاب، ثم شكل سيتكوم «نسيبتي العزيزة» نقلة نوعية بالنسبة لي، واعتز بمشاركتي التمثيل مع المرحوم سفيان الشعري، الذي عرفت فيه الانسان الصادق والنقي، فهو دائم الابتسامة والمرح، والتواضع، رغم تالقه في ادواره، واكتسابه شهرة هامة. وسيكون لي موعد خلال شهر رمضان مع المتفرجين من خلال الجزء السابع «لنسيبتي العزيزة» الذي سيتميز بديكور جديد، وعديد المفاجآت....
• كيف يمكن أن نختم هذا اللقاء؟
بتوجيه رسالة الى كل التونسيين من الشمال الى الجنوب، لنحب بعضنا اكثر، ونحب بلادنا، ونحافظ عليها، ونعمل جميعا من اجل سلامتها وحمايتها، وحين يتعلق الامر بالمصالحة لا بد ان ننظر اليها من مختلف الزوايا، ونستفيد من ايجابياتها، ونتعض من سلبياتها.
-------------------------------------------------
المصدر : حاورها محمود الأحمدي - المغرب
0 التعليقات:
إرسال تعليق