دراسة في "الفضاء الجمالي للتقنيات الحديثة في العرض المسرحي العراقي "
مجلة الفنون المسرحية
شيماء حسين طاهر
الملخص
يتأسس فضاء العرض المسرحي من عدة مكونات حاسمة وأساسية تبدأ بالنص ــ مهما كان ــ سواء أكان مكتوباً أم غير مكتوب،بمعنى أن يقوم المخرج بإعداده عبر تمارين العرض المسرحي,والذي يعتمد عناصر العرض,الديكور,والموسيقى,والماكياج,والضوء,واللون,والكتلة,والحجم,والخط,والفراغ,إلى مكونات العرض السمعية والبصرية الاخرى,والتي تشكل فضاء السينوغرافيا و خطاب العرض, فضلاً عن الأدوات والمواد المستخدمة في تلك العناصر والتي جعلت من العرض المسرحي اليوم عرضاً أكثر آلقاً وجمالاً وإبهاراً, وهي قادمة من فضاء التكنولوجيا إلى فضاء العرض المسرحي عبر استثمارها بالشكل الأمثل من قبل العاملين في المسرح لتشكيل فضاء عرض مسرحي أكثر جمالية وأكثر تأثيراً وإمتاعاً للمتلقي.
ووفق هذا فقد حاء البحث بأربعة فصول,ففي الفصل الأول,بحثت الاطار المنهجي,و قد احتوى مشكلة البحث وتساءلها (هل دعمت التقنية الحديثة العرض المسرحي وأضفت له جماليات تشكيلية سمعية/بصرية ؟) .
ثم أهمية البحث والحاجة إليه وهدف البحث المتضمن (التعرف على الفضاء الجمالي للتقنية الحديثة في العرض المسرحي العراقي) وبعدها حدود البحث وتحديد المصطلحات.
أما الإطار الثاني (الإطار النظري) فقد احتوى على مبحثين هما:
1- العلاقة الترابطية للجمال في الفلسفة والفن.
2- التقنية الحديثة وممكناتها الجمالية المضافة في العرض المسرحي العراقي.
ثم خَلُصَ الفصل إلى المؤشرات التي أسفر عنها.
وأما الفصل الثاني فقد احتوى على إجراءات البحث ومجتمع وعينة البحث.المتضمنة عرضين مسرحيين هما:(عرض مغامرة وعرض هامش).وتضمن الفصل الرابع النتائج والاستنتاجات, ثم المصادر والمراجع.
والله ولي التوفيق
الكلمات المفتاحية:الفضاء، الجمال،التقنية.
الباحثة
Abstract
The space of the theatrical show consists of many crucial and primary components start with the text whatever be, either written or not written , the director prepared it through some exercises in the theatrical show, who depends on the theatre's elements which are decor, music, makeup, light, color, mass, size, line and space ..etc. to all audible and optic elements of the theatre's components that compose the sonography of theatre that represent the theatre speech, in addition to the tools and materials used in these elements that have the favor in making the theatre more impressive ,affecting , beautiful, fascinating and acceptable , they all come from the space of technology to the space of the theatrical show through best reciting by workers in theatre to compose theatrical show space more pretty, convincing and more affecting on the viewers.
The research falls into four chapters, the methodically first chapter included the problem of the research which is represented by the question( Does the new technology support the theatrical show and added new aesthetic audible and optic features to it?),then importance, need to the research and the aim of the research which is represented by" identifying the aesthetic space of the recent technique in the Iraqi theatrical show. Then comes the parameters of the research, specifying terms of research,
In the second chapter,we discussed the theoretical frame and contained two sections:
1- Correlation of beauty in both of philosophy and art.
2- Modern technology and its aesthetic capacities added to the Iraqi theatrical show.
Then second chapter led for the indications that resulted from it.
In the third chapter, we discussed the procedures of research, society and sample of research that included showing two plays (The Universal Adventure , The Margin).
In the fourth chapter we find the results and conclusions, finally references and sources.
Key words: space, beauty, technology.
الفصل الاول
ــ مشكلة البحث:يتشكل عصرنا الراهن هذا على وفق تطورات شملت الحياة كلها،وفي كل اجزاء يومياتنا،وهو ما لا يمكن ان نغفله او نتجاهله،لان العلم والتطور يفرض وجوده دائماً على الانسان وذلك لأنه صنيعة الانسان للإنسان،ومن اجل خدمة هذا الانسان،فالتطور الحضاري الحاصل اليوم جاء كما هو معروف نتيجة تضافر جهود العقل البشري وعبر عصور من التجربة الانسانية وتحولاتها،لهذا نجد اليوم ان ما يميز عصرنا الراهن مجموعة كبيرة من الاسس التي تبنى على اساس تقريب المتباعد من الفكر والسلوك الانساني، تقريب المتناقضات ليحتويها فضاء كوني واحد يقبل التعددية في كل شيء، بسبب تطورات العلم والمعرفة،لاسيما الانترنيت وأجهزة الحاسوب والفضاء الرقمي والميديات واجهزة الضوء والصوت ومواد الماكياج، فضلا عما يدخل بمكونات اخرى للفضاء السينوغرافي في العرض، بل وفي الاداء المسرحي للممثل والمخرج الذي اصبح يعتمد الجسد كأداة بوح يتوقف عليها تشكلات العرض والصورة المسرحية، بعد ان كان الحوار هو الماثل والحاضر والذي يتقدم الصورة والشكل لانه يحتويها داخل المفردات والحوارات ولا يشتظهرها وتتحول الى اداء وفعل .
تتكاتف التقنيات المسرحية مع بعضها لرفد العرض المسرحي بمجموعة من الاسس التي تعمل على وصوله الى المتلقي بشكل يحاول ان يتكامل شيئا فشيئا،فكل التقنيين العاملين في العرض المسرحي يتنافسون من اجل دعم العرض المسرحي بكل الامكانيات التي يمتلكونها،وهذه الحال تكون متماشية مع امكانات كل عصر من العصور وصولا الى عصرنا الراهن،عصر الامكانات الكبيرة في كل المناحي الحياتية التي تسعى لإضفاء الجمال على كل الاشياء في الحياة الراهنة،عصر التكنولوجيا والتطور التقني،عصر الصورة التي تعد من اهم اجزاء العرض المسرحي اليوم،الصورة التي تشكلها الاضاءة والموسيقى والمعمار والماكياج والزى المسرحي،فإذا ما دخلت هذه التقنيات التكنولوجيه في الجمال المسرحي ضمن الموسيقى بأجهزتها المتطورة بشكل هائل وتقنيات الضوء الليزرية وتقانات الصورة والميديات وغيرها،وذلك ما له علاقة وطيدة بتشكلات العرض وفضاءاته المتغيرة.
لذا تضع الباحثة تساؤل المشكلة في ما يلي:(هل دعمت التقنية الحديثة العرض المسرحي واضفت له جماليات تشكيلية سمعية/ بصري ؟)
أهمية البحث والحاجة اليه:
ــــ تسليط الضوء على اهمية التقنية الحديثة وحضورها في العرض المسرحي العراقي.
ـــــ يُمكِنّ المخرجين من ترصين أداء العرض المسرحي في كليات الفنون الجميلة
ــــ معرفة الفرق بين استخدامات التقنية الحديثة والقديمة وتطوراتها .
ــــ توجيه العاملين في المسرح الى تقديم عروض مسرحية حديثة بااطلاعهم على اهميتها .
هدف البحث:يسعى البحث الحالي الى تعرف (الفضاء الجمالي للتقنيات الحديثة في العرض المسرحي العراقي )
حدود البحث :
الزمنية: 2010 ـــــ 2015
المكانية :بابل
الموضوعية : العروض المسرحية التي ادخلت فيها التقنية الحديثة حصريا .
- تحديد المصطلحات:
فضاء:
أ - لغة:جمع، مصدر فَضَا فضاء: مَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرْضِ ( ) وفضاء شاسع يُحلقُ فِي الفضاء: فِي الْجَوِّ، أَيْ مَا يَعْلُو الأَرْضَ ،وَطَفِقَ يُحَدِّقُ فِي فضاء المدينة اي: مِسَاحَتُهَا وَالْمَدَى الْوَاسِعُ الْمُحِيطُ بِهَا
- ﺍﻟﻤﺩﻯ ﺍﻟﻭﺍﺴﻊ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺒﺎﻷﺭﺽ. (ﺼﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻭﻥ ﺍﻟﻌﻴﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ)
- ﺍﻟﻤﻨﺯل: ﺍﻟﺴﺎﺤﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﻨﺯل.
- ﻓﺴﺤﺔ. ﻓﺭﺍﻍ، ﺨلاء .( )
ب: اصطلاحا
الفضاء:المكان أو الامكنة التي تقع فيها المواقف والاحداث المعروضة (الاطار، فضاء السرد) ( ).
الفضاء:المسافة والامتداد اللامحدود، وكذلك بمعنى الفسحة الفاصلة بالمفهوم المكاني والزماني للكلمة.
الفضاء:وعاء يضم عناصر ترتبط بعضها ببعض بعلاقة مكانية وزمانية( ).
-التعريف الاجرائي:فضاء:هو الفسحة او المجال الذي الذي يحتوي جماليات خطاب العرض المسرحي ومكوناته السمعية والبصرية كافة بهدف ابهار المتلقي وامتاعه البصري والفكري .
تحديد المصطلحات:
فضاء
أ- لغةُ:فضاء: جمع, مصدر فَضَاْ
فضاء:ما اتسع من الأرض, وفضاء شاسع يُلحقُ في الفضاء: الجو, أي ما يعلو الأرض, وطفق يحدق في فضاء المدينة أي:مساحتها والمدى الواسع المحيط بها.( )
فضاء:المدى الواسع المحيط بالأرض. مسحه, فراغ, خلاء.( )
ب- اصطلاحاً:فضاء: المكان والأمكنة التي تقع فيها المواقف والأحداث المعروضة (الإطار, فضاء السرد ).( )
فضاء:المسافة والامتداد اللا محدود, وكذلك بمعنى الفسحة الفاصلة بالمفهوم المكاني والزماني للكلمة, وعاء يضم عناصر ترتبط ببعض بعضاً بعلاقة مكانية وزمانية.( )
التعريف الإجرائي:هو المجال الذي تتشكل فيه رؤيا المخرج المسرحي ويكون حاوياً على الخطاب المسرحي بكل مكوناته الجمالية.
الجمال
أ- لغةً:الجمال: لفظٌٌ مأخوذ من (جَمُلَ, جمالاً) أي حَسُنَ خلقاً وخُلقاً, فهو جميل وهي جميلة.الجمال:جَملّهُ, بمعنى صيره جميلاً.( )
ب- اصطلاحاً:الجمالية: حالة من الترابط الخيالي للعواطف عندما تتحد مع الفكر أو الحس عندما يتحد مع الرؤية.( )
الجمالية: هي ملامسة داخلية للظاهرة المسرحية من حيث مكوناتها التي تصاغ وفق قوانين واليات اشتغال خاصة, تتعدد بتعدد التجارب المسرحية.( )الجمالية: نزعة مثالية تبحث في الخلفيات التشكيلية للإنتاج الأدبي والفني وتختزل جميع عناصر الفن في جمالياته.( )
التعريف الإجرائي:هي آلية إخراج صورة العرض المسرحي الكلية عبر نسقية جمالية رفيعة ومثيرة ومبهرة للمتلقي.
التقنية:
لغةً: بمعنى (أتقنه) : احكمه، وفي التنزيل العزيز ( صُنْعَ اللهِ اْلذِي اُتْقنَ كُلَّ شَئٍ) ( )
اصطلاحاً:عرفها (عبد الحميد) بأنها (طريقة الاجراءات الضرورية لتنفيذ العملية الفنية او طريقة تنفيذها )(7)
التعريف الإجرائي:هي الوسائل المعتمدة في تشكيلات العرض المسرحي السمعية والبصرية والتي بواسطتها يتم الحصول على جماليات مضافة لفضاء العرض.
الفصل الثاني
المبحث الاول:مفهوم الجمال في فلسفيا
المبحث الثاني:التقنية الحديثة وممكناتها الجمالية المضافة في العرض
المبحث الأول
ــــ العلاقة الترابطية للجمال في الفلسفة والفن:قد يبدو الحديث عن المفاهيم الجمالية أمرا لا يشكل (في الدراسات الأكاديمية) فتحاً جديداً,وذلك بسبب تواجده في الكثير من دراساتها النظرية،إلا أن الحال ربما يبدو مختلفاً هنا بكونه يشكل محاولة إلى ولوج عالم الجمال ليس من اجل الجمال ومعرفته, بل من اجل الخوض في ما يعمل الجمال على تفعيله عبر تقنية جديدة من خلال التماهي والانسجام والترابط,من اجل إنشاء صورة معبرة قائمة على ممكنات فنية فكرية واعية هدفها إنشاء خطاب صوري جمالي واضح ويحمل قيمه ومعانيه, فالجمال هنا ليس هو الهدف بل ما وراء فعل الجمال المتداخل مع التطورات العلمية الحديثة لهذا فأن الخوض في موضوع الجمال يشكل السّلم الذي يمكن ارتقاؤه للوصول إلى ماهية وفعل الحضور لمعاصر بما هو جديد في الصورة المسرحية الفنية.
ولذلك فأن تتبع مفاهيم الجمال يعد أمراً مفروغاً منه لكونه يمثل إضافة لمفهوماتنا الجمالية والفنية, وهنا نجد أن رأي أرسطو في الجمال من زاوية معينة يشير إلى وجهة نظر كبيرة جداً, فهو يرى أن الجمال يعني وجوداً لموجود وليس الجمال بوصفه وجوداً ذاتياً أو متلقياً بذاته,وأن سمة الجميل لدى أرسطو هي التحول وليس إثبات لأنه يقر بحركية المثال المتشاركة مع الواقع وجدله, إلا أن أفلاطون يرى أن الصورة العقلية هي أساس الجمال الفني ويعتمد الجمال على المضامين الروحية المتصلة بالحق والخير,وقد مكنت التأثيرات الفكرية للفلسفة الجمالية لدى الإغريق حتى الفلاسفة المحدثين من أمثال (ديكارت), فأسست النزعة العقلية وموضوعية الجمال متجلية من خلال تنظيراتهم.( )
في حين اشتغل ديكارت (1566-1650م) وربط بين العقلي والحسي داعياً إلى اللا مغالاة في اللذة الفنية, وهو ينكر حالة اللذة الباطنية العميقة التي تبتعد عن مشاركة الحس فيها, فالمراحل الجمالية لديه تمر بمرحلتين هما مرحلة الحس والثانية مرحلة الذهن,والأخيرة لا تكون بدون آليات الحس السابقة لها, ومن جانب آخر فقد عَدّ أن الفعل هو أساس العلم والمعرفة وهو المحرك للعالم لأنه جامع للذين ينتمون لثقافات مختلفة.( )
وفي الفلسفة الحسية التجريبية, يرى ادموند بيرك (1729-1697) أن الإحساس هو المصدر الوحيد للمعرفة, والجمال هو ما يشعرنا بالسرور,الذي يتصف بخصائص الرقة والتنوع والرشاقة.( )
ترى الباحثة: إن المفاهيم الجمالية في الفلسفة تختلف من فيلسوف إلى آخر بحسب العصر الذي يعيش فيه وبحسب طبيعة الحياة ومفاهيمها الاجتماعية والفكرية, فالنظرة إلى الجمال يرتبط عند ديكارت بالانفتاح الحاصل في عصر النهضة وعصر التنوير, وهو يشير إلى التطور الفكري الذي لا يقل شأناً عن الآراء الأولى عند الإغريق, فإذا كان الجمال لدى الإغريق مرتبطاً بالحس واللذة, وانطلاقاً عن عقلية عصر النهضة فانه ارتبط بالعقل الذي أصبح منقذ للأشياء والعالم وهو من الأمور المميزة والمعروفة لعصر النهضة, لهذا فأن العقل اخذ يعمل كأداة لاحقة للحس وترصين مقاييسه الجمالية.
وانتقل الجمال إلى آلية مهمة في الحكم على الأشياء لدى كانت (1724-1804) الذي نظر إلى الجمال من وجهة نظر مغايرة تماماً, فهو الذي ابعد الذوق الجمالي عن أي دلالة, وعدّهُ معرفة فاختزل الحس المشترك إلى مبدأ ذاتي, فليس هناك مرتكز جمالي للحكم على الأشياء, لأن هذا الشيء يمكن إدراكه عبر اللذة التي تتعلق بالوعي القبلي الموجود في الوعي الذاتي وهو ما يعني أن الأشياء المثيرة لنا هي ما يلائم ملكاتنا المعرفية ويؤدي إلى إطلاقنا للحكم الجمالي والشعور الجمالي بالأشياء.( )
ويكون هذا بأن الجمال هو ما يحدث لذة ذاتية مباشرة ومجردة عن أي فروض أو مفاهيم محددة, ويتصف بالكلية والضرورة, فالذاتية الفردية ليست إلا مرحلة أولى في إدراك الجمال لدى (كانت) والتي من خلالها يصعد الحكم الذوقي إلى الشمولية,وأنه يؤدي الى الحكم على شيء ما بأنه قبيح أو جميل.( )
ترى الباحثة:ان مقاييس الحكم الجمالي لم تكن لتستقل ويكون لها جمالها الخاص بها, حتى ظهور (الاستطيقيا) التي شكلت تطوراً مهماً وحاسماً في مفاهيم علم الجمال, وأصبح ثمة مقاييس ودلائل تحاول أن تمنح الجمال مكانته وتحوله إلى علم ومعرفة فكرية قائمة على مجالات متعددة كالمعرفة العليا والمعرفة الدنيا أو المعرفة الحسية, والمعرفة العقلية.
ففي كتابه (تأملات في الشعر) في العام 1735 قدم (باومجارتن) (1671-1713) مفهوماً جديداً سماه (الاستطيقيا) والذي يبحث فيه عن قضية (الجمال والقبح) من النواحي الإبداعية والنقدية, إذ ميز (باومجارتن) بين مفهومي (الاستطيقيا) و (المنطق) بناءً على فكرة مهمة مفادها أن قياسات التعبير الفني تعرف وفق تأثيرها الحسي وليس بمنطقيتها, فالحكم المنطقي, أو البناء المنطقي للفن ليس له أساس قوي قدر البناء الحسي, الذاتي, فالاستطيقيا استمد من كلمة يونانية تعني (الإدراك الحسي) وهو ما يمثل لدى (باومجارتن) نوعاً من الغموض, لأن الجميل عنده يتوفر في الأشياء أو الأجزاء الغامضة من الوعي.( )
إلا أن الجميل عند (هيغل) يعني السطوع المحسوس للفكرة التي تعد محتوى أو معنى الفن, ولكن هيغل ينتقص من شأن الفن عندما وضعه دون مستوى الفكر, فهو يلتقي مع أفلاطون في فهمه للفن عامة وللجميل على وجه الخصوص بوصفه تجلياً للمثال.
ويمثل الجميل لدى شوبنهاور (1788-1860) موضوعاً للتكامل الجمالي, لأنه يعد الصورة والأشياء الجميلة هي تلك التي تعبر مع تفاوت بالدرجة عن الصورة, وبقدر درجة التعبير تكون درجة الكمال في الجمال, وللجميل قدرة على استثارة متعة الفرد.( )
وبالانتقال للفلاسفة المعاصرين نجد أن الفيلسوف الأمريكي جورج سانتيان (1863-1953) يرى أن الجمال لا يوجد مستقلاً عن إحساس الإنسان,فأن القول بأن هنالك جمالاً لم يدرك بمعنى أن ليس هنالك شعور ناتج عن الإحساس بالأشياء لأن الإحساس بالجمال يختلف عن بقية الإحساسات الأخرى, لأنه إحساس مصحوب بادراك وبأحكام نقدية وتفضيلات, فالأشياء تصبح ذات قيمة فنية وجمالية لأننا نفضلها ونشعر بلذتها.( )
ترى الباحثة:أن موضوع الجمال وعلاقته بالفن هو موضوع مرتبط بالإحساس والشعور وقدرة التذوق التي يمتلكها الفنان أو الإنسان في تعامله مع الأشياء سواء أكان في الطبيعة أم في الفن , وهو ما لوحظ في الآراء المطروحة في الصفحات السابقة, فأن الإحساس هو السند الرئيس الذي يعتمده الفنان والمتلقي في النظر الى الاشياء وتقبلها وفق مواصفاتها الجمالية واللا جمالية.
و هناك من الفلاسفة من ربط هذا الإحساس بالعقل (كديكارت),إلا أن الارتباط الأقوى بالجمال يبقى خاضعاً للإحساس الأكثر فاعلية في الحكم الجمال والذوق, فكانت على وفق تلك العلاقة بين الفن والجمال علاقة لا يمكن بأي شكل من الأشكال فك أواصرها أو أبعادها مطلقاً فالفن والجمال يسيران جنباً إلى جنب منذ بداية الحياة إلى اليوم وحتى المستقبل.
إن الفن هو الكيفية التي يتحقق عبر مجالها الحر الجمال, فالفن يعمل على إظهار الجميل كاتفاق بين الروح والمضمون,وبين الشكل الحسي لذلك المضمون أو الانسجام, بين ما هو خارجي وما هو داخلي.( )
ويعمل الفن أساساً على تناول الحياة وموضوعاتها وما يحيط بالمجتمع والفرد بروحيته,أي بروحية الفن, كشيء يثمّن لما فيه من جمال,وتنوع,وتشظي أيضاً,لذلك ومن اجل أن نحيا الحياة الجمالية,أو خلافهما (جمالية الحياة),علينا أن نعمل على تطوير جميع ما لدينا من مجالات وعي, وذكاء, وإدراك حسي,وقدرة استبطان.( )
أن الجمال عبر علاقته بالفن بكل أشكاله, في الرسم والنحت والمسرح والسينما وفن العمارة و الفنون الاخرى,لم يكن ظاهرة واحدة وبسيطة,بل الجمال مجموعة ظواهر مترابطة تعكس بمجموعها القناعة بأن الجمال يقدر وحده أن يمنح الفن قيمة ومعنى,ومن جانب آخر قد تضفي الجمالية قيمة على الشكل دون المضمون, إلا أن هناك رؤى جمالية للفن تؤكد تداخل المستوى المعرفي مع المستوى الجمالي إلى الحد الذي يصل إلى صعوبة الفصل بينهما فيندمج الشكل بالمادة في مجمل الانطباعات التي يتركها العمل الفني فينا.( )
ترى الباحثة:إن الترابط القوي بين الجمال والفن يشك انسجاماً واندماجاً في كل مكونات الجمال ومكونات الفن, فالجمال هو رداء يرتديه الفن ليكون مقبولاً ومتميزاً, ومرتبطاً بالإنسان الباحث عن السعادة والسمو والرقي والسرور والمتعة, وما يعني أن ذلك ينسحب أيضاً على عامل التلقي, فالقبيح يشعر إزاءه المتلقي بالانزعاج وعدم الرغبة في متابعته الأمر الذي ينسحب من جمالية الفن إلى جماليات التلقي, بمعنى أن عامل التلقي للفن يجب أن يكون مصحوباً بجمال التلقي نفسه, وبهذا تكون العملية برمتها خاضعة لهيمنة العنصر الجمالي.
إن جمالية التلقي تعمل على إعادة العلاقة بين العمل الفني والمتلقي, فالاستقبال نفسه الذي يحظى به العمل الفني يفترض حكم تقييمه جمالياً تم إصداره بالإحالة عن أعمال أخرى قُرئتْ سابقاً,وهو إشارة إلى ارتباط العمل الفني بأعمال أخرى بقته, وهنا لا يشكل التلقي قطيعة بين الماضي والحاضر أو بين العمل الفني وأعمال أخرى.( )
يكمن الجمال في التكوينات الفنية لأي عمل فني,لأنه اذا احتوى على المتطلبات الدرامية, كلما أصبح كثير الجمال, لذلك فالجمال يعد توأم الفن, وهما يتلاحقان ليعبرا عن حقيقية الواقع والوجود في حياة الإنسان, ومن هنا فأن الإحساس بالجمال من قبل المتلقي للعمل الفني والفنان نفسه قبل المتلقي يمثل حالة الوصول إلى قدرة إطلاق الحكم النقدي كل حسب وعيه وثقافته وتلقيه, وذلك باستحسان العمل الفني أو رفضه, عند مشاهدة صورة الجمال فيه أو مقارنتها بموجودات الطبيعة,وهو إحساس ناتج عن امتزاج بمشاعر أحياناً كالذكريات مثلاً, وأن كانت هذه الذكريات محببة لنا أم غير محببة,وتثير فينا الفرح والسرور إلى ذكريات تثير فينا الحزن والتعاسة.( )
وليس هذا فحسب, فأن ثمة وسيط في العملية الفنية الجمالية وهي أداة الفنان التي يستخدمها في بناء العمل الفني,وكل فن حسب أدواته الخاصة به فالراقص والممثل/ جسد,والمخرج فكر ورؤية إخراجية,والمصمم فكر وتخطيط ورسم, والرسام فرشاة ولون ولوحة, والمصدر الفوتوغرافي والسينمائي/ كاميرا, وهو ما يظهر العلاقة بين الفنان وأدائه وفكره وهي ذات أهمية كبرى في علم الجمال والقيم الجمالية.( )
فالفن أداة تعبيرية عن نشاط أنساني إبداعي, وهو علاقة بين الإنسان وواقعه والفنان ذلك الكائن الاجتماعي الذي يعمل على استيعاب مجتمعه بكل جوانبه عبر المسرح واللوحة التشكيلية والفلم السينمائي وما إلى ذلك من طرق تعبير,ولذلك نجد أثره الجمالي الإبداعي الذي يمنح الإنسان أهمية كبيرة تؤكد أهمية الفن,كما أن الفن تكمن أهميته بقاءه واستمراره ما يعني جمالياته الحاضرة والتي تجعل من الإنسان يستقبلها بشغف ويتثبت بها, لذلك نجد أن الكثير من النصوص المسرحية امتلكت جماليات وبناءات نصية جعلتها معاصرة رغم قدمها,وهنا لا ننسى مسرحيات شكسبير,وغوته, وأبسن, وبيكيت, والقائمة تطول ويصعب حصرها .( )
ومن هنا فأن العلاقة ما بين الفن والجمال تعكس تداخل واحد كل منها وانسجامها اللا متناهي,فالفنان في المسرح أو في غيره من الفنون لا يستطيع مواجهة متلقيه إلا بعُدته الجمالية والمعرفية , وإلا فأنه بدونها لا يشكل استمرارية في وجوده ولا وجود أعماله الفنية,لان من يقدم الحياة كما هي لا يقدم شيئاً, فالطبيعة موجودة ويسكنها الإنسان, لذلك يعمل الجمال في الفن عمل البوابة التي تفُتَح على عالم يمتلئ بالحيوية والنشاط والإبداع فإذا ما كان الفن هو المجال الجمالي والإبداعي,فأن المجتمع أو المتلقين سيشكلون حيزاً ارتدادياً يعكس طبيعة هذا الجمال والإبداع واليات تقبله أو رفضه.
وإذا ما نظرنا إلى العروض المسرحية القديمة والحديثة سنجد ثمة فارق إبداعي يمثل كل عصر مّر به المسرح, ومما لا شك فيه أن العرض المسرحي وفق طروحات مبدعين ومخرجين ومنظرين اخذ مديات أخرى في الجمال سابقاً وحديثاً,لأن العرض المسرحي سابقاً وكما هو معروف وبوجود نص يحفل بالكلمة كأساس لتشكيل خطاب العرض, أصبح اليوم لا يعتد كثيراً بالكلمة قدر اهتمامه بالصورة والتشكيل والمرئي,لهذا فأن كل القيم الجمالية التي طرحت بآراء الفلاسفة كانت تتساوق وأشكال الفن والمسرح منذ القدم إلى اليوم وبمعنى آخر,الفنان المسرحي سباق لاستلهام تلك المفاهيم الفلسفية وتماهيها في نصوصه المسرحية وعروضه, الأمر الذي جعله لا يحفل بالفن من غير الجمال,الجمال الذي يحرك الروح الساكن, وينشّط الخطاب الجامد ويبعث فيه الحياة والوجود.
المبحث الثاني/التقنيات الحديثة وممكناتها الجمالية المضافة في العرض المسرحي العراقي
شهد القرن العشرين كما هو واضح للجميع ثورات متنوعة على الصعد كافة والفكرية والتقنية,وأصبحنا نعيش عصر بسمات خاصة به هو العصر المتنوع وبتسميات متعددة, منها عصر الصورة, وعصر الاستهلاك, وعصر ما بعد الحداثة وعصر ما بعد الصناعة,إلى غيرها من التسميات التي تطبع عصرنا الراهن بالسرعة والتشظي والتنوع والتداخل الاجتماعي والفكري والفني,وهو ما أدى إلى أن يمتلك الإنسان والفنان على حد سواء وجهات نظر مختلفة عن العصور السابقة, بسبب التجديد والتحديث في الحياة وكذلك ما أضفته الآلة التكنولوجية على حياته والتطورات الصناعية, فأخذت الآلة تدخل في ابسط مفردات حياة الإنسان المعاصر أبتداءً من الجوال إلى الطائرة, فضلاً عن اختلاف كليات وجزئيات في الحياة, في المعمار وفي الفنون التشكيلية والمسرح والسينما وظهور مفاهيم ومصطلحات جديدة على الحياة,كالفن البيئي والأفلام السينمائية القصيرة جداً ومسرح الجسد والتشكيل والصورة.
هنالك العديد من العوامل التي ساعدت على ظهور تلك المفاهيم الجديدة, على صعيد التطور الحضاري, منها انتصار الرأسمالية بعد صراعها مع الاشتراكية, وحلول المجتمع ما بعد الصناعي الذي يعد مهماً في استثمار رأس المال,ثم بروز مفكرين في الوعي الإنساني في مجالات الفلسفة والأدب والفن والهندسة والسياسة والاقتصاد والاجتماع.
وهذا أدى إلى منح المجال أمام التلاحم الفكري بين الحضارات والمجتمعات الإنسانية وإزاحة الحدود بعد ظهور الكمبيوتر والفضاء الرقمي وأجهزة الموبايل والإعلام الجماهيري وبروز الثقافات الشعبية,والخلاص من التمركز (المركزيات) وإحلال ثقافة الهامش بدلاً عنها.( )
وهكذا,إذا كان المسرح السابق لعصرنا وأيامنا هذه مسرحاً درامياً عبر مجموعة من الكتاب ابتدء بما قبل شكسبير ومروراً به إلى أبسن وبرنارد شو وتيشخوف والقائمة تطول إلى مخرجين من أمثال الدوق مانينغة وستاسلافكي ولي ستراسبورغ وغيرهم,فأن المسرح الراهن هو مسرح قد لا يحتوي على قيم العرض الدرامية ومراعاتها, ولقد بدا ذلك لدى (برشت) الكاتب والمنظر والمخرج الألماني,ثم ظهرت العديد من المسارح التي تعمل على تغيير الشكل وصورة العرض المسرحي والمسرح الفقير, والمسرح الوثائقي,والمسرح المفتوح, ومسرح الشمس, والمسرح البديل, وكل ذلك من اجل الخلاص من قيود المسرح وقوانينه التي لا تمنح الفضاء الكافي من الحرية, فأدى ذلك إلى ظهور مخرجين كان همهم الكبير تقديم عرض مسرحي ينشد المغايرة والإبداع فضلاً عما سبق ذكرهم فهم على سبيل المثال لا الحصر,انطونين ارتو وبيتر بروك وريتشار فورمان وديلسون.( )
وبذلك فأن التحديث في العرض المسرحي اخذ بعداً آخر, وانتقل من سكونه ومألوفية الأداء إلى حراك إبداعي يسعى إلى فعل تنافسي يبث الحياة ويثير تساؤلات المتلقي في العرض المسرحي,ويجب أن لا نغفل أسس التحديث العربية العراقية التي سعى إليها مخرجون ومفكرون مسرحيون عرب,فقد عمد قاسم محمد إلى اعتماد شكل العرض التراثي في مسرحية (بغداد الأزل بين الجد والهزل) وفي تونس وجد عز الدين المدني تجربة (الاستطراد) والمسرح الاحتفالي في المغرب على يد عبد الكريم رشيد والطيب الصديق, ومسرح (الكراكوز) لعبد الرحمن كاكي, والحكواتي في لبنان لروجيه عساف, وفي الأردن مسرح (الفوانيس) لخالد الطريفي,ومسرح السامر في مصر ليوسف إدريس, وهي محاولات حثيثة للخروج بعرض مسرحي يعتمد الذائقة الفكرية والتراثية الأصيلة للعرب وهي كانت بمثابة الشرارة للتجديد والتحديث وصولاً إلى المسرح العربي العراقي الراهن, ودخوله إلى فضاءات استثمار التكنولوجيا الداعمة لخطاب العرض.( )
وبذلك نجد أن العرض المسرحي الراهن ووفق كل ممتلكاته لاسيما في العرض المسرحي العراقي اليوم المتأثر بالطروحات العرضية للمسرح العالمي والفضاء المفتوح في التبادل اللا محدود في الخبرات وما وفرته فرصة الانتقال والاطلاع, من جانب وما وفرته الميديات وفضاء الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي في الاطلاع على التجارب المسرحية العالمية عبر (You Tube) ومكانات أُخر,ساعد كثيراً على أن يأخذ العرض المسرحي العراقي, ساعد كثيراً على أن يأخذ العرض المسرحي العراقي أبعاداً أخرى وينتقل من صرامة الأسس الدرامية إلى التشظي في القصة والأحداث التي غيرت أجزاءها, وكولاجية الزمن المسرحي الحاوي على قصص كثيرة في العرض الواحد واعتماد الصورة والجسد أكثر من المنطوق الحواري,وفي كثير من العروض من أهمها عرض مسرحية (بروفة في جهنم) للمخرج العراقي هادي المهدي,ومسرحية (كاسب) للمخرج مهند هادي ومسرحية (أحلام كارتون) للمخرج كاظم النصار,وعدد غير قليل من العروض المسرحية العراقية التي حفلت بالطرح الجديد للعرض المسرحي الراهن,فأن الثقافة والمسرح دائماً يرتبط بحالة المجتمع ومدى تطوره وتطور الفضاء الاقتصادي والتقني الذي سينعكس حتى على تطور المسرح.( )
ومما لا شك فيه حول مسألة صياغة المنجز الفني والجمالي في تطور العرض المسرحي وجماليته, فأن التحولات والتطورات في البنى الاجتماعية والاقتصادية في حقول التكنولوجيا والعلم نسبق التغير والتحول في مجال الفكر والوعي والثقافة, ما يجعل منصات حافلة بتلك التقنيات وذلك تأتي من عوامل عدة أهمها, أن المسرح حاضنة سريعة لكل ما هو جديد ومتطور, فضلاً عن رغبة العاملين في المسرح إلى ترصين أشكال عروضهم المسرحية وإلباسها حلة جمالية جاذبة ومحركة للوعي البصري لدى المتلقين.( )
ترى الباحثة: إن المنجز المسرحي على وفق ذلك سيأخذ طريقة في التأثير والتأثر, التأثير في آلية تلقي العرض من قبل المشاهدين والتأثير بكل ما هو جديد وتقني,فالتعامل مع مكونات العرض المسرحي ستكون أقوى تأثيراً وأكثر جاذبية وجمال بفعل ما تقدمه الصناعات المتطورة, وآلية بث العرض المسرحي في قاعة العرض أو عبر فضاء الانترنيت أو القنوات الفضائية الرقمية,ما جعل الاشتغال في العرض المسرحي قائماً وفق تلك الأسس, فالعرض المسرحي ليس محصوراً بقاعة العرض وحكراً عليها, بل يمكن تصديره إلى ابعد مكان بالعالم وهذا الرأي يتوائم مع الفكرة التي طرحها (ديفيد هارفي) المفكر الأمريكي (ما بعد الحداثوي).
يرى ديفيد هارفي,أن تأثير وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية والطيران النفاث لنقل البضائع وتوسيع الطرق, والنقل عبر المحيطات والسكك الحديد, وتطوير أسواق البضائع والاستهلاك, والمصارف الالكترونية, ونظم الإنتاج المواكبة,وقد دخلنا أخيراً لما يدعوه (هارفي) ضغط الزمان والمكان,وهو ما يعطي فجأة شعوراً بأن العالم اصغر وتصبح آفاق الزمن التي بإمكاننا أن نفكر عندها بشان العمل الاجتماعي أشد قصراً,فقد أعطى التشظي والآنية فرصاً كثيرة لاستكشاف بيئات وتكنولوجيا ملائمة لمنتجات جديدة وهو ما يعني انقلاباً تصبح فيه الثقافة, ,هي القوة المحركة للتاريخ وليس الاقتصاد.( )
فإذا كان ديفيد هارفي يشمل الحياة الاجتماعية بكلتيها على امتداد الزمان والمكان باختصاراته فأن هذه التطورات قد أثرت في شكل العرض المسرحي وتشكلاته من ناحية الزمان والمكان عبر الخروج من دائرة الضيق والعلبة الايطالية وحلبة المسرح الإغريقي الدائرية أو النصف دائرية, إلى فضاء أوسع وزمان أجمل,وهي اضفاءات جمالية رائعة جعلت من المخرج العالمي أن ينتفض على الشكل المألوف من أمثال كروتوفسكي واريان منوشكين وريتشارد فورمان وروبرت ويلسون,وفي العراق نجد في أعمال المسرحين ما يؤكد تلك الحقائق الجمالية المضافة بفعل إمكانات الضوء والصوت وتقنيات العمارة المسرحية وتقنيات الممثل الجسدية, بحيث وجد المخرج المسرحي العراقي نفسه حراً في فضاء مسرحي واسع يشمل الصالة والممرات فضلاً عن توظيف الأمكنة المغايرة والابتعاد عن عبودية النص ونقل أفكارهم كما هو,بل عمد المخرج إلى تأسيس وتأليف نص العرض كما فعل المخرج صلاح القصب وشفيق المهدي وناهي عبد الأمير وغيرهم.( )
إن الجماليات المتاحة بفعل التكنولوجيا الحديثة كثيرة وداعمة لتشكيل عرض مسرحي يمنح المتلقي فسحة كبيرة في التنقل بين الصورة والأحداث المتباعدة والتي تعمل التكنولوجيا على لملمتها ليكون العرض المسرحي يختصر فيه الزمان إلى أزمنة متعددة, ويختصر فيه المكان إلى أمكنة متباعدة وهو من أهم سمات العرض المسرحي الراهن سواء اكان في العالم أم في الوطن العربي أم في العراق مع عدم إغفال من يتمسك بالمسرح التقليدي ذي الإمكانات المحدودة والتي لا زالت تحفل بالمركزيات وبالمواضيع ذات الخطوط الدراسية الساكنة, إلا أن فعل التكنولوجيا الجمالي هنا قد قارب بين السينما والمسرح,وبين الإضاءة الليزيرية, واللون,لون الملابس والديكورات عبر تقنية نافذة وفاعلة ومبهرة, وتشترك السينما مع المسرح في أوجه العرض وفي حاجتها لإثارة الجمهور وفي روحيتها, حيث تتلاءم روحياً مع روح المسرح.( )
وفي تشكيل فضاء العرض المسرحي (السينوغرافيا) في المسرح العراقي, منذ عقد الثمانينات إلى اليوم بعدما أصبح العراق يمتلك إمكانات مسارح هائلة وعلى مستوى الشرق الأوسط مسارح بتقنيات عالية منحت المخرجين طرق اشتغال واسعة وجمالية, فالديكورات المعلقة والإضاءة الحديثة المركزة, والخشبة الدوارة في المسرح الوطني, والألوان الزاهية التعبيرية, فضلاً عن استخدامها (الداتو شو) السينمائية داخل عروض المخرجين العراقيين, لاسيما بعد التسعينات وما بعد (2003),كلها تقنيات أضفت روح الجمال والروعة على العروض وجعلت منها عروضاً مبهرة أخذت مكانتها المهمة في العراق والوطن العربي, من خلال لفت الأنظار إليها عبر الاستخدام المنبثق عن أفكار ورؤى جديدة, وأصبح ثمة تشابك بين عمل المخرج والمصمم السنوغرافي لإبراز صورة موحدة للعرض المسرحي ذات أبعاد جمالية عالية المستوى.( )
ترى الباحثة:إن التقنيات الحديثة بكل مكوناتها في الضوء واللون والصوت وأدوات الماكياج بموادها الحديثة والمختلفة عن مواد الماكياج القديمة ذات المشاكل على البشرة, أدت إلى تكوين فضاء عرض مسرحي بتشكيلاته الفنية إلى تنافس مكونات السينوغرافيا لتوحيد صورة العرض الجمالية, فكلما كانت تلك المواد ذات جاذبية واثر كلما كانت أكثر تعبيراً وتجسيداً للفعل المسرحي داخل فضاء الصورة الجمالية, لذلك فأن ثمة هيمنة جمالية دفعت بالعروض المسرحية إلى تقديم كل ما هو أنساني واسع,وليس أنساني محلي بحت مغلق,بل منحت العرض مناخات تعبيرية واسعة تهتم بالإنسان في كل زمان ومكان,بمعنى أنها تعبر عن الإنسان,ليس الكائن الاجتماعي بحدود المجتمع, بل تنطلق من هذا الإنسان المحلي إلى الإنسان الكوني, العالمي,معتمدة لغة الصورة, والإشارة, وتفعيل إمكانات الجسد الذي يملكه المحلي والعالمي لذلك فأن هذه اللغة يمكن أن تكون مفهومة لدى الجميع, لأنها تقدم صور بالعرض الذي يسعى لأن يكون إنسانياً كونياً, وليس إنسانياً محلياً, بفعل ممكنات التكنولوجيا وتقاناتها الكبيرة.
وبالنظر لتجارب المخرجين العراقيين, سواء الرواد منهم من أمثال قاسم محمد وصلاح القصب وسامي عبد الحميد وسعدون العبيد وعوني كرومي ومخرجين آخرين أم من المخرجين الشباب كاظم النصار وعماد محمد وجواد الحسب,حاتم عودة, صادق مرزوق, هادي المهدي, علي رضا, احمد محمد عبد الأمير وزينة كفاح, فأنهم جميعاً إلى جانب مخرجين آخرين يطول ذكرهم قد قدموا عروضاً مرهونة بزمنه وهم على العكس ممن سبقوهم حيث لم تكن لديهم الإمكانات التي توفرت الآن في أيامنا هذه مما أكد دور التقنية المتوفرة اليوم في إظهار جمال العرض بشكل أبهى,وهو ما يؤشر تقدماً كبيراً في أسلوب استخدام المناظر المسرحية وعامل تبشير في ظهور اتجاهات جديدة في المسرح العراقي لذلك فقد امتلك المخرج العراقي بفضل التقانات الحديثة إمكانية القدرة على تشكيل المنظر جمالياً لأن عطاءه هنا يكون عطاءً مدروساً وواعياً وعلمياً وجمالياً.( )
إن العروض المسرحية التي ساعدت التكنولوجيا الحديثة في تقديمها, لم يكن لينسى العاملين في المسرح أن العرض بجماليته هو الأساس, وهو الهدف,وأن التكنولوجيا وسيلة وليست هي الغاية,لذلك فقد وعى المخرج المسرحي العراقي وباقي العاملين, أن التمتع بجمالية العرض المسرحي يمثل خاصية غريزية, ويقتضي قدراً من الفهم والاستيعاب لمكونات العرض ذاته, التي أصبحت أكثر فاعلية بفضل تطورات التكنولوجيا الحديثة التي دعمت الجوانب الجمالية في سينوغرافيا العرض المسرحي العراقي,فمسألة جمالية العرض المسرحي تفوقت على قدرة الإمكانات التي توفرها التقنية المستخدمة, و أنها مسالة جمالية ذاتية, وأن الإحساس يرتبط بالجمال عبر الاستعداد الذاتي والناحية السايكولوجية لدى المتلقي فلا يكون بمقدوره إلا بمقدوره الاستمتاع بمعطيات التقنيات الحديثة ومعطيات العرض المسرحي عبر حواسه المدركة.( )
يتميز المسرح اليوم بميزة التقانة التكنولوجية التي استوعبها العاملون في المسرح في كل العالم وفي العراق على وجه الخصوص, فالعناصر البصرية ذات الجماليات العالية التي وفرتها التقنية الحديثة,تسهم بصورة واضحة في الانطباع الجمالي الذي يستشعره الجمهور,ففي المسرح لا يمكن فصل الجانب التعبيري عن الجانب الجمالي, لأن الأساس الذي يستند إلى الجانب التعبيري تسعى لتقديم صور جمالية لنص العرض,أكان مكتوب أم غير مكتوب والأخير هو نص المخرج أو نص العرض المبتكر, ومن النص إلى الصوت والموسيقى والديكور والأزياء والإضاءة والتعبيرات الحركية والجسدية, فأن جميع هذه العناصر المدعمة تكنولوجياً تمتلك أبعادها التشكيلية والجمالية المميزة لها,فالجمال التقني يتعاضد مع جمال تلك العناصر لتشكل توحداً جمالياً يخدم العرض المتلقي في آن معاً.( )
إن المفردات المكونة للعرض المسرحي وفي العروض الاخرى سواء اكانت عالمية ام عربية تحاسب كجزء من لوحة تشكيلية لها دلالاتها وعمقها التاريخي والإنساني,وهي تفرض بفعل جماليتها وتقاناتها, تفرض هيمنتها على المتلقي, وتفرض شروطها وأنساقها التكوينية والمساحية واللونية والكتلوية,كي تصبح اشتغالاتها مندمجة متماهية في باقي اشتغالات العرض المسرحي فكل مفردة من مفردات العرض تندمج في هارمونية اوركسترالية,بحيث يمكن القول أن المرجعيات الجمالية والفكرية هي من أَلهَم الإنسان الذي من وعيه بها تترشح السينوغرافيا الموحدة للعرض يجب أن ترتقي لتحقيق رسالة العمل المسرحي.( )
ترى الباحثة:على وفق ذلك يمكن تثبت أهمية التقنيات المسرحية عبر جماليات التشكيل للمنظر المسرحي وارتباطهما بسينوغرافيا العرض,إلا أن التكنولوجيا وتقناتها لا تقود العرض المسرحي إلى الجمال إذا لم تقف خلفها شخصية ذات وعي كبير بآلية عمل تلك التقنية من اجل توظيفها بالشكل الذي يخدم ويطور العملية المسرحية داخل العرض المسرحي وخطابه, فدور المخرج في بناء فكرة إخراجية ورؤية تعرف عبر عقلية كيف توظف المتاح من التقنية فضلاً عن دور المصمم والسينوغرافي,لذلك فأن ما ينتج من جمال العرض المسرحي وتقنياته المستخدمة ناتج عن وعي العاملين والمسؤولين عن العملية المسرحية.
يمثل العرض المسرحي لوحة متناسقة متحركة,وان عين المتلقي تهرع منذ البدء صوب التكوينات المنظورة كي تشع جمالياً عقب تأمل حثيث لمفردات الإنشاء المشهدي وهو ما يجعل من الصعب تصور العرض المسرحي من دون الطاقة الجمالية الكامنة والمضافة بفعل التقنية الحديثة في المدرك التشكيلي المتحرك.( )
وهذا ما أدركه المخرج العراقي منذ ثمانينات القرن الماضي, فقد أراد المخرج العراقي إرسال رسالة بصرية من استخدامه لمنظومات علاماتية جمالية متكاملة بمساعدة التقانات الحديثة, وهذا لا يعني أن المسرح العراقي لم يقدم عروض امتازت بالجمال والروعة قبل التطورات التكنولوجية الحديثة, بل أن هذه التقانات أدت إلى فاعلية نابضة في المشهد المسرحي العراقي الحديث,وهو ما نجده في عروض صلاح القصب (حفلة الماس والحلم الضوئي),ولدى عوني كرومي في (تساؤلات مسرحية) وعماد محمد في (البيادق) وحسنين مانع في مسرحية (أوكسجين) ومهند هادي في (حظر تجوال) واحمد محمد عبد الأمير في مسرحية (كرستال) ودكتورة زينة كفاح في مسرحية (هامش),وهي عروض اعتمدت التقنية الصورية الناتجة عن فضاء تكنولوجي,عبر استخدام تقنيات الصوت,أو الضوء,أو الشاشة السينمائية,أو تقنات اللون الحديثة.( )
إن العروض المسرحية ليس في العراق فحسب شهدت تطوراً كبيراً باستخدامها للتكنولوجيا وبشكل يشير إلى تطورها السريع,فالتكنولوجيا لم تدخل اليوم إلى المسرح بمفهومها العام,فهي موجودة منذ زمن بيسكاتور وراينهارت عبر استخدام السينما في المسرح,وهي من جانب آخر لا تقتصر على المسرح الجاد/التجريبي,فقد نجد في عروض المسرح التجاري ما يشير إلى استخدام تقانات مسرحية هائلة لاسيما مسارح الولايات المتحدة الأمريكية (برودواي),ومسارح (الويست- إند) وقد تسللت عبر الإضاءة الليزيرية ولعل أفضل استخدام ناجح للتكنولوجيا جاء في عرض اندرو لويد ويبر (ذات الرداء الأبيض) بلندن.( )
لكن هل يعني تواجد التكنولوجيا ضياعاً لتقنيات أخرى كالزمن والمكان وتأثيثه على المسرح والذي ربما ما زال باقياً بسبب استخدام شاشة عرض تذهب بنا بعيداً جداً وفي أفاق يصعب تقديمها على المسرح, وبالتأكيد سيكون الجواب, لا, لأن على المخرج أو المصمم أن يستخدم التكنولوجيا لخدمة أهداف فكرية جمالية تشكيلة تسعى إلى تقديم عرض مسرحي متميز يخرج من فضاء المألوف إلى فضاء الإبهار والجذب,وهذه الحقيقة قد يعيها كل مخرج مسرحي يحث الخطأ نحو الإبداع والتجدد,لاسيما المسرح العراقي بمخرجيه ومفكريه السباقين في استثمار السبل والتقنيات كافة ليكون المسرح العراقي مسرحاً حاضراً على الدوام في الرقعة المسرحية العالمية والعربية, وأفضل مثال على ذلك مشاركات العروض المسرحية العراقية وحضورها الفاعل في كافة المحافل والمهرجانات العربية والدولية كافة, ما يعني أن ثمة تطور مستمر برغم كل شيء للعرض المسرحي العراقي.
المؤشرات التي أسفر عنها الإطار النظري
1- يعتمد الجمال المضامين الروحية المتصلة بالحق والخير والجمال.
2- قياسات التعبير الفني تدرك بالحواس وليس المنطق ووفقه تتشكل الصورة المسرحية للعرض.
3- يرتبط الفن بالإحساس والشعور وهو الأساس بين المتلقي والعرض المسرحي جمالياً.
4- يعمل الفن على استظهار الجمال وهو انسجام ما بين الشكل والمضمون, ويرتبط الجمال بالشكل أكثر من المضمون.
5- للمتلقي جمالياته الخاصة به فالمتعة والسرور وتفعيل الإحساس ناتج عن الصورة الجميلة والقبيح مرفوض وغير مستساغ.
6- للتصورات الحديثة في السياسة والاقتصاد والاستهلاك اثر مباشر في ظهور تقنيات حديثة متطورة, كالأقمار الصناعية والبث الرقمي والانترنيت والحواسيب والميديات.
7- الحراك بدل السكون الذي كان سائداً في العرض المسرحي أساسها التقنية الحديثة وعصر التقنية .
8- امتاز المسرح اليوم بمزية التقانة الحديثة التي استوعبها العاملون في المسرح في كل العالم.
9- حاول المسرحيون العرب تحديث فضاء العرض المسرحي بتقنيات قديمة/ الطراز وتقنيات حديثة السينما/ الصوت, الضوء, كالاحتفالية مسرح الحكواتي, مسرح التراث وغيرها.
10- بفعل التقنية الحديثة وجد المخرج المسرحي العراقي حريته في فضاءات مسرحية تشمل الخشبة والصالة, إلى فضاءات خارجها عبر أمكنة مغايرة.
11- امتلك المخرج العراقي بفضل التقنية الحديثة المتوافرة قدرة في تشكيل المنظر بطريقة أكثر جمالية وفق وعي ودراسة إمكانات التقنية الحديثة.
12- حقق العرض المسرحي العراقي عبر إدراكه لتطورات المسرح العالمي اليوم حضوراً دولياً مائزاً ومهماً.
مجتمع البحث:
ت اسم المسرحية المخرج سنة العرض
1 مغامرة كونية عباس رهك 2012
2 ني عراقي عباس التاجر 2013
3 مونودراما شاكر عبد العظيم 2013
4 للعيش صلاحية علي رضا 2014
5 سري للغاية علي رضا 2014
6 منورين ثائر هادي جبارة 2013
7 الضفة الأخرى مهند ناهض 2013
8 ما حل حسن الغيني 2013
9 هامش زينة كفاح 2015
عينة البحث:حددت الباحثة عينة البحث من مسرحتين هما:
1- مغامرة كونية.
2- هامش.
وذلك بطريقة العينة القصدية بناءً على المسوغات التالية:
1- مثلت العينتان مجتمع البحث وأهميته وأهدافه.
2- ثمة اشتراطات واضحة فيها لاستخدامات التقنية الحديثة وفضائها الجمالي,وكانت أساس منطلقات العرضين.
3- حضور التقنية الحديثة وجمالياتها بشكل فاعل.
4- مشاهدة الباحثة للعروض (عينة البحث) وتوافر الدراسات عنها.
منهج البحث:اعتمدت الباحثة المنهج الوصفي (تحليل المضمون) في دراستها لموضوع (الفضاء الجمالي للتقنية الحديثة في العرض المسرحي العراقي)
أداة البحث: سعت الباحثة إلى اعتماد ما أسفر عنه الإطار النظري من مؤشرات في تحليل عينة البحث.
تحليل العينة:
عينة رقم (1):
مغامرة كونية
اعداد واخراج:عباس رهك
العرض:محطة قطارات الحلة
ذلك الفضاء الشاسع بكل ممتلكاته،وبكل محتوياته التي تمتد مع الافق ومن الارض الى الغيوم المتناثرة في سماء المدينة العريقة/بابل،قطارين مستعدان للدخول للعرض المسرحي الذي شكل فضاء المحطة بكليته سينوغرافيته،سياجات المحطة المتشابكة،الاضاءة القوية ذات القدرات العالية في اضاءة أمكنة مفتوحة،اعمدة الكهرباء بمصابيحها،بل واكثر من ذلك في هذا العرض حاول المخرج توظيف كل امكانات الفضاء/المحطة وكل مرافق المحطة غرف المحطة وأسطح بناياتها،أماكن جلوس المسافرين،أعمدة الإشارة الضوئية،العربات،مركبات القطار،الاشياء المعطلة،صناديق الازبال والحاويات،سكك الحديد،قطاران تحركا في نهاية العرض بشكل متقاطع ذهابا وإيابا،ممكنات التقنية الحديثة (تلفزيونات،ستلايتات – حواسوب ، واجهزة اخرى ).
1- لقد اراد المخرج ان يقدم مغامرة عرض مسرحي مغاير بكل ما اوتي من امكانية تقنية حديثة،فضائيون ينزلون من الفضاء،اشخاص يأتون من البدو،لغات متعددة،كلمات وتأتآت مبهة،صراع الانسان الكوني مع محيطه.وهنا نجد ثمة تشظيات كبيرة ، وعوالم متداخلة منذ البدء،البدايات الاولى للانسان وتعامله مع السحر والطبيعة،الى الانسان الذي اخذ بالتعلم شيئا فشيئا حتى تداخلت المجتمعات فيما بينها،وصولا الى عصرنا الراهن،عصر التكنولوجيا والصورة والاستهلاك الذي اخذ يغير موازين وقيم وعادات ومفاهيم،ليس ثمة قصة او خط درامي نستطيع ان نمسك به خيط الحكاية او القصة،انه عالم صورة في وصورة بفعل الفضاء التكنولوجي وعبر كل المفردات التكنولةجية التي اضفت لفضاءات العرض ابعاد جمالية،جعلت من فضاءه الجمالي فضاءا مفتوحا على تأويلات وقراءات غير متوقفه ولا منتهية،وهنا يعمل الفن على استظهار الجمال وهو انسجام ما بين الشكل والمضمون,فكان الجمال هنا ينحاز الى الشكل اكثر من المضمون بسبب من ان مضمون العمل كان مضمونا يتوزع على عصور الانسان كافة وهو ما لايمكن حصره في قصة او حكاية او متن متصاعد كما في العروض الاخرى.ما ادى الى تفعيل عناصر الجمال في التلقي ،فكان للمتلقي جمالياته الخاصة به عبر الاثارة، فالمتعة،فالسرور وكان الاحساس هنا فاعلا وملاحقا لتطورات الصورة داخل المحطة وهو ما نتج عن صورة جميلة،ويجب الاشارة هنا الى ان الحراك كان بديل السكونية التي كانت ستسود وللا الفضاء المفتوح و التقنية الحديثة،وهو ما يشير الى سعي المخرج المسرحي العراقي الى استيعاب التقنية الحديثة في العرض المسرحي لذلك يشكل هذا انتماءا حقيقيا لهذا المسرح الذي اتسم اليوم بسمة الحراك والشكل والصورة والتقنية الحديثة المستعملة كوسيلة مهمة من وسائل تغيير الشكل المسرحي في العرض .
لقد حاولت رؤية العرض التي انتها المخرج ان تمزج وتقارب بين عوالم متباعدة وتقريبها ومن ثم تقديمها في عرض مسرحي تقني يحتويها جميعا،فنجد ثمة فضائيين،وبالمقابل نجد هنود حمر،وافارقة واسيويين ونجد اعرابا واقواما تنحدر من عمق الصحراء العربية ومن عمق التاريخ،نجد صراعا ما بين التكنولوجيا والانسان،وفي محاولة لرغبة الانسان بالرجوع الى بداياته الاولى البريئة من عمر البشرية، حياة التصالح والانسجام والتناغم واللا حروب،قام مجموعة من مجاميع الممثلين بكسر التلفزيون عبر تحطيمه بالارض،وتحطيم اجهزة حاسوب،الا ان التكنولوجيا لا يمكن ان تنتهي بهذا الفعل،ما جعل المخرج يخرق فضاء العرض بقطارين يمران بشكل متعاكس، قطاران بكل ما يشيران اله من عالم تكنولوجي سعى الى سحق بدائية الانسان، والخلاص من كل ما يعيق تطوره التقني،لذلك كانت التكنولوجيا حاضرة بكل شيء،وبكل ما تم ذكره من مفردات عرض، وكانت الموسيقى هنا وليدة التكنولوجيا حيث صوت لمذياع يبث اغاني عراقية ومنها ما هو تراثي عبر مكبرات صوت تكنولوجيه ضخمة حاولت ان تصل الى ابعد مديات فضاء المحطة الكبير،فضلا عن الضوء ذي المدى البعيد،والأخذ بعين الاعتبار بشكل لا يقبل الشك ما كانت عليه فاعلية الماكياج والزي من صناعة اشخاص من عصور مختلفة ومتباعدة ، وشخصيات مختلفة من بيئات معاصرة.
كان العرض تكنولوجيا بكل امتياز لأنه بالأساس اعتمد فضاء جماليا تكنولوجيا موازيا لكل الافكار التي قدمت في العرض.
عينة رقم (2):(هامش)
تأليف وإخراج: د.زينة كفاح
العرض: كلية الفنون الجميلة
الإنسان المعاصر هو المنطلق لتأسيس هذا العرض,الإنسان في كل بقاع العالم وليس في العراق فحسب, وإنسان هذا العرض عراقي,عالمي,وقد قذف في ترسانة تكنولوجية رهيبة,عبر كل الامتدادات التي تعمل على إزاحة عاملي الزمان والمكان,وما يعانيه الإنسان المعاصر من القهر والدمار بسبب الحرب وسياسات محبي الحروب,بسبب امتلاك الحكومات للأسلحة المتطورة, وبسبب رغبتها في الاستعمار والاستيطان ونهب الثروات والسيطرة على منابع الاقتصاد العالمي في ظل هيمنة العولمة والخصخصة.
لذلك نجد عرض مسرحية (هامش) يعمل على ضرب أبجديات العروض المسرحية ابتداءً من النص ولا يحتفي بمتحفيه النص في تصاعده الدرامي,فالعرض يعلن عن انه عرض أدائي يعتمد فضاءات الصورة والتشكيل وليس الكلمة والحوار وتناميها الدرامي الغائبان عنه.
يبدأ العرض وقد وضعت ثلاث شاشات تعرض كل شاشة صوراً أو أحداث تختلف عن الأخرى, وفي وقت واحد, وتعرض الشاشة الأولى صوراً ولقطات عديدة ومتسارعة لأناس من مختلف المجتمعات,وهي إشارة إلى تقديم فضاء عالمي واسع تحمله هذه الشاشة,وفي الشاشة التي في وسط المسرح نشرة الشمس على الكرة الأرضية التي تدور متسارعة مستعرضة الكثير من مناطق العالم,وفي الشاشة الثالثة نجد تلك المكننة الرهيبة التي تعمل على خرم النفايات والسيارات القديمة,وتنتقل الشاشات بحرية لتستعرض الجياع والمشردين,وتستعرض المترقب والبرجوازيين,قتلى الحروب,أطفال مشردين,عوالم متباعدة فيها ما يؤلم, وما يبهر,حتى ظهور (الانيميشن) وهو يصور (دودة) برأس الممثل (حسين الدرويش) التي تسير محاولة الخلاص من أقدام المارة التي يمكن أن تسحقها دون أن تشعر بها.
بفعل التقنية الحديثة وجد المخرج المسرحي العراقي حريته في فضاءات مسرحية تشمل الخشبة والصالة, إلى فضاءات خارجها عبر أمكنة لم يستطع فضاء الخشبة احتواءها بسبب تباعدها في الزمان والمكان في أن واحد.لهذا فقد امتلك المخرج العراقي بفضل التقنية الحديثة المتوافرة قدرة في تشكيل المنظر بطريقة أكثر جمالية ناتج عن وعي وفهم ودراسة إمكانات التقنية الحديثة وقدراتها التوصيلية .
وبظهور الممثل (الجسد) يبدأ بفعل جسدي الخوف بمجموعة صراعات مع الأخر ومع السلطة ويسير باتجاه إثبات أحقيته في الوجود لكنه يفشل بفعل الآلة المقيتة للسلطة التي تسعى لسحقه وبالفعل تطأه بثقلها وهو يسعى لمقاومتها والخلاص منها.
لقد كان للتكنولوجيا جمالياتها التي رفعت من مستوى العرض وجعلت منه ذا أفق تعبيري مفتوح وغير متناه, وليس خاضع لخشبة في الزمان والمكان,إذ أن الشاشات نقلتها إلى كل الكرة الأرضية بكل قاراتها وان كان ذلك بشكل سريع جداً لكن على مستوى الجمال فقد منحتنا أفقاً جمالياً من خلال الامتداد في الفضاء وقدراته التعبيرية الواسعة فجاءت الصورة تصدح بالجمال رغم أن الجوع كان قبيحاً في صوره ولا إنسانياً جعل منا نتألم, فضلاً عن استعراض الصواريخ,والسفن والسيارات والطائرات,والغيوم,والحدائق,والبيوت,والمدن,الشوارع,في أفق سينمائي مدرك ومدروس,ثم الفلم القصير (الانيمشن) وما لهُ من تأثيرات جمالية بصرية حولت الكائن الإنساني إلى دوده يمكن أن تذوي وتتلاشى بفعل أقدام الآخرين. ولذلك ووفق هذا العرض نجد ان العرض المسرحي العراقي حقق عبر إدراكه لتطورات المسرح العالمي اليوم مكانة تفقت من الوعي الحثيث لتلك الامكانات الكبيرة .
وهنا يمكن توكيد أن تقنيات العرض التكنولوجي في استخدام (الداتا شو) وكذلك أجهزة الموسيقى المتطورة والتي كانت تستلم الصوت عبر جهاز (الحاسوب) المرئي أمام المتلقين, والإضاءة الباهرة التي وزعت في جميع مناطق فضاء الخشبة إذ نجد أن الضوء كان عاملاً متحركاً ومؤدياً يوازي أداء الممثل,لأنه كان يمثل ردة فعل على تحركات الممثل,فكان يتحاور مع أداء العناصر الأخرى,فضلاً عن الموسيقى المتطورة والتي كان للأجهزة الحديثة دور كبير في استظهار جمالياتها وفضاءها,إذ كانت إلى جانب الضوء العناصر الاخرى تشكل فعلاً أدائياً متصاعداً ومجسماً وموزعاً بطريقة احترافية, أضفت جمالاً سمعياً وجذاباً حرك إحساساتنا لتتناغم معه كما جاء الملبس ولونه الأسود معبراً عن روحية الأداء التمثيلي للإنسان المهمش,الإنسان الذي يشعر بضياعه الإنساني, يضاف لذلك فعل الماكياج على وجه وجسد الممثل الذي جزء الفعل الصوري ومنحنا وجهاً وجسداً معبرين بامتياز الفعل اللوني على الوجه لمادة الماكياج,التي جعلت من جسد الممثل نابضاً بالحيوية, بحيث كان أداء الماكياج وأداء جسد الممثل من الجمال ما أدى إلى تقوية صورة العرض المسرحي وسينوغرافيته الساعية لعرض متكامل تتجسد في جماليات تكنولوجية, أو بفعل التكنولوجيا المستخدمة.
لأنها بإزاحة أجهزة (الداتا شو) وعروض السينما عليها, وتقنية الصوت والضوء المتطورة لكان العرض عادياً وسيضطر الإخراج والتأليف إلى القول أو الاعتماد على الجسد فقط,ما يعني ضياع الكثير من جمالياته ومحاولة تعويضها بجماليات قد لا تصل إلى مستوى الأداء التكنولوجي الذي يقدم لنا اختزالات كبيرة في الزمان والمكان كما حصل بالفعل في (هامش).
لقد كان عرض مسرحية (هامش) عرضاً جمالياً بكل مكوناته واعتماده على التكنولوجيا وتقنياتها الداعمة لتشكلاته الصورية والحركية, فقدم فضاءً سينوغرافياً ناطقاً, ومؤثراً,وفاعلاً بلا أدنى شك, وما يؤكده هذه الحقيقة, هو عامل المتلقي فضلاً عن الآراء النقدية التي قيلت بحق استخداماته التقنية التي منحت العرض بعداً جمالياً, وفضاءً جمال من خلال وجود وعي ودراية لآلية استثمار التقنية الحديثة.
النتائج:
1- عمد المخرج المسرحي العراقي إلى استظهار جماليات عرضه مستثمراً ما منحته إياه الثقافة الحديثة (مغامرة كونية).
2- قدم عرض (مغامرة كونية) بناءً على ما متوفر من تقنية صوتية وامكانات تكنولوجية عديدة/تلفزيونات/ حواسيب/قطارات مسافرين /اضوية عالية المستوى،اجهزة صوتية ضخمة .
3- تم تفعيل الضوء التقني في مسرحية (مغامرة كونية) عبر تغير ألوانه إلى أداء درامي متصاعد وجمالي.
4- عملت التقنية المستخدمة في عرض (مغامرة كونية) على تقديم عرض غير مألوف قدم جماليات متنوعة في كل تقنية مستخدمة فيه.
5- الإنسان في كل العصور/الانسان الكوني،هو المكون الجمالي وأساس موضوعة عرض مسرحية (هامش), إنسان عراقي,عربي, عالمي.
6- استخدم عرض (هامش) التقنية واعتمدها كأساس للخطاب الجمالي للعرض.
7- وجود السينما بشاشات ثلاث, قدم اختصاراً للزمان والمكان, وفضاءً جمالياً غير متناه.
8- استخدام تقنية (الانيميشن) إضفاءً جمالياً وفرته تقنية الحاسوب واعتمده العرض كأساس ومنطلق للعرض (هامش).
9- لتقنية الصوت في (هامش) أدائها الجمالي المثير كأداة تعبيرية جمالية فاعلة كفعل الممثل تماماً.
10- تقنية الإضاءة والماكياج وألوانها المستخدمة أثرت أثراً جمالياً في إيصال خطاب الصورة المسرحية في (هامش) وأهداف العرض الإنسانية.
الاستنتاجات
1- التنظيرات الفلسفية حددت مسارات الجمال عبر العصور وإدراكه من خلال طروحات الفلاسفة.
2- الجمال قديم قدم الإنسان,جمال الطبيعة,جمال الروح, جمال الأشياء.
3- الجمال الناتج بفعل التقنية,جمال يضاف للعرض المسرحي.
4- الحواس أساس التفاعل مع الجمال بكل أشكاله.
5- للشكل والمضمون وانسجامهما أثراً جمالياً مهماً.
6- اتسام عصرنا بمسميات مميزة له, عصر السرعة,الصورة, التكنولوجيا,الاتصال الجماهيري,كان له أثره على الفن المسرحي في كل العالم.
7- التقنية الحديثة منحت العرض المسرحي حراكه التشكيلي الصوري,الجمالي.
8- الخروج على العلبة الايطالية والحلبة الإغريقية,والعرض في بيئات مختلفة زاد في جماليات أمكنة العروض وجمالياتها.
9- امتازت العروض المسرحية (مغامرة كونية،هامش) بميزة استيعاب التقنية الحديثة.
10- بوجود التقنية الحديثة, اختلف استخدام الصوت والضوء واللون والسينما وملحقات العرض الأخرى وفق جماليات عالية.
11- تحقق وفق التقنية الحديثة وجماليتها إمكانات المخرج في تحقيق رؤياه الإخراجية بشكل تكاملي جمالي (مغامرة كونية،هامش) .
المصادر
1- محمد أبي بكر الرازي, مختار الصحاح, (بيروت: مكتبة لبنان, 1986)
2- يوسف محمد رضا, معجم العربية الكلاسيكية والمعاصرة, (بيروت: مكتبة لبنان, 2006)
3- جيرالد برنس, قانون السرديات, تر:السيد أمام, ط1,(القاهرة: ميريت للنشر والتوزيع, 2003)
4- ماري الياس وحنان قصاب, المعجم المسرحي, ط1,(بيروت: مكتبة لبنان ناشرون, 1997)
5- الأب لويس اليسوعي, المنجد في الآداب والعلوم, ط5, (بيروت: المطبعة الكاثوليكية, 1956).
6- محسن محمد عطية, التحليل الجمالي للفن,(القاهرة: عالم الكتب,2003).
7- عبد المجيد شكير,الجماليات المسرحية (التطور التاريخي والتصورات النظرية),ط1,(دمشق:دار الطليعة الجديدة, 2005).
8- سعيد علوش,المصطلحات الأدبية المعاصرة, (الدار البيضاء:المكتبة الجامعية, 1984).
9- ابراهيم مصطفى واخرون،المعجم الوسيط،ج1،ط3، (طهران:مؤسسة الصادق ، د.ت)
10- فؤاد إفرام البستاني،منجد الطلاب، ط2،(بيروت :دار المشرق،1977)
11- باسم الاعسم,الجميل والجليل في الدراما, ط1, (الشارقة: دائرة الثقافة والإعلام, 2002)
12- ماري الياس وحنان القصاب,المعجم المسرحي, ط1, (لبنان:ناشرون, 1997)
13- عامر صباح المرزوك,الخطاب الجمالي (جدلية الفكر والفن),ط1, بغداد: مكتبة عدنان, 2014)
14- هـ.ج.غادامير, الحقيقة والمنهج, تر:حسن ناظم, ط1, (طرابلس:دار اويا, 2007)
15- عبد الكريم هلال خالد, أسس النقد الجمالي في تاريخ الفلسفة, ط1,(بنغازي: جامعة قاريونس, 2003)
16- محسن محمد عطية,مفاهيم في الفن والجمال, ط1,(القاهرة: مكتبة علا, 2005)
17- باسم الاعسم, الجميل والجليل في الدراما, م. س.
18- أميرة حلمي مطر, مقدمة في علم الجمال وفلسفة الفن, ط3,(القاهرة: دار غريب للطباعة والنشر, 1997)
19- عبد الكريم هلال خالد, أسس النقد الجمالي في تاريخ الفلسفة, م.س
20- عبد الواحد لؤلؤة, الجمالية, موسوعة المصطلح النقدي,(بغداد: دار الحرية للطباعة, 1978)
21- عبد الواحد لؤلؤة, الجمالية, موسوعة المصطلح النقدي,(بغداد: دار الحرية للطباعة, 1978)
22- سلام الأوسي,جماليات فلسفة الدهشة في الشعر العربي المعاصر,ط1,(بغداد:منشورات جار القمر, 2005)
23- هانز روبرت ياوس,جمالية المتلقي,تر:رشيد بن حدو, ط1,(القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة,2004)
24- علاء مشذوب عبود,جدلية العلاقة بين الفن والجمال, جريدة الصباح, العدد (1625), 15/2/2012,
25- أميرة حلمي مطر,مقدمة في علم الجمال وفلسفة الفن, م. س
26- غادة المقدم عدره, فلسفة النظريات الجمالية, ط1, (لبنان: جروس برس, 1996)
27- شاكر عبد العظيم,تمظهرات ما بعد الحداثة في نصوص خزعل الماجدي المسرحية,رسالة ماجستير غير منشورة, مقدمة إلى مجلس كلية الفنون الجميلة, جامعة بابل
28- نهاد صليحة,المسرح بين الفن والفكر, ط1,(بغداد:دار الشؤون الثقافية العامة, 1985)
29- شفاء العمري,التجريب المسرحي في الألفية الثالثة, مجلة دجلة, العدد (22),(بغداد: وزارة الثقافة,2006)
30- عبد الجبار العتابي,مسرح المستقبل,مسرح ما بعد التغيير,جريدة المؤتمر,العدد (2983), 5/حزيران/2014.
31- عدنان منشد,المخرج المسرحي وتكنولوجيا العرض, جريدة الاتحاد, العدد (1240), 2/أيلول/2012.
32- ( ) تيونز روبيرتس وايمي هايت,من الحداثة إلى العولمة, تر:سمر الشيشكلي,سلسلة عالم المعرفة, العدد (310),(الكويت:المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب),ديسمبر 2004
33- ياسين النصير,أسئلة الحداثة في المسرح, ط1, (السليمانية:فرقة مسرح سالار, 2008)
34- سامي عبد الحميد,قديم المسرح جديده وجديد المسرح قديمه, ط1,(بغداد:مهرجان بغداد الدولي للمسرح/1, 2011)
35- جبار جودي,جماليات السينوغرافيا في العرض المسرحي, ط1,(بغداد:مهرجان بغداد لمسرح الشباب العربي, 2012)
36- يوسف رشيد,الإنشاء المسرحي وعناصره, ط1,(بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة, 2012)
37- باسم الاعسم, مقاربات في الخطاب المسرحي,ط1, (دمشق:دار الينابيع, 2010).
38- عبد الرزاق معاد,السنوغرافيا في مسرح القرن العشرين وارتباطها بفنون التصوير واتجاهاتها, مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية, المجلد (31),العدد (1), 2009
39- طارق العذاري,تطب السينوغرافيا (بين العملية والعشوائية في العرض المسرحي المعاصر), مجلة الخشبة, العدد (1),السنة الأولى, ربيع 2003,(بغداد: مركز روابط للفنون الأدائية)
40- باسم الاعسم,الثابت والمتحرك في الخطاب المسرحي,ط1,(دمشق:تموز للطباعة والنشر والتوزيع, 2011)
41- احمد شرجي,المسرح العربي من الاستعارة إلى التقليد,ط (بغداد: مكتبة عدنان, 2012)
42- رياض عصمت,رؤى في المسرح العالمي والعربي, (دمشق: دار الفكر, 2007)
0 التعليقات:
إرسال تعليق